[center]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألا ربَّ ذي عينين لا تنفعانه * وما تنفع العينان من قلبه أعمى!
سُبحانَ مَنْ لَمْ يَزَل كما كانَ وكما هو الآنَ*سُبحانَ مَن لايزالُ يكُونُ كما كانَ وكما هو الآنَ *سبحان من لايتغيَّرَ بذاتهِ ولا في صفاتهِ ولا في اسمائِهِ بحدوثِ الأكوانِ سُبحانَ الدَّائِمِ الباقي *سُبحانَ القائِمِ الدَّائِمِ *سُبحان الحيِّ الَّذي لايمُوتُ أبداً*سبحان الَّذي يُمِيتُ الخلائِقَ وهو الحيُّ الَّذي لايموتُ*سُبحانَ الأوَّلُ المُبْدىءُ*سُبحانَ الباقي المُفْني * سُبحانَ من تَسَمَّى قَبْلَ أن يُسَمَّى *سُبْحانَ العَلِيِّ الأعلى سُبحانهُ وتعالى* سُبحانَهُ سُبْحانَهُ*فَسُبْحانَ الَّذي بيدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شيْءٍ وإليهِ تُرجَعُونَ * أشْهَدُ أنَّ كُلَّ مَعبُودٍ من دُونِ عَرْشِكَ إلى قَرَارِ الأرضِينِ بَاطِلٌ غيرَ وجْهِكَ الْكَرِيمُ*إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ {109}
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ {110}
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ "{111}( المؤمنون) .
رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.
[size=24][color=#000000]اللهم صلِ وسلم على مولانا محمـدٍ وعلى آله عَددَ الأعدادِ كُلَّهامن حيثُ انتهاؤُها في عِلْمِكَ ومن حيثُ لاأعدادَ من حيثُ أحاطَتُكَ بما تعلمُ لِنَفْسِكَ من غيرِ انتهاءٍإنَّك على كُلِّ شيءٍ قدير.اعلم أنَّ ذاتَ أزَلِ الأزلِ مُقَدَّسةٌ عن قيد الظهورِ والبُطونِ ، وأنَّ اللهَ لغنيٌّ عـن العالمين ، والذَّاتُ المنزَّهةُ عن جميع الإعتبارات يَصعبُ وجدانـه بلا شكٍ ،فلو لم تَحْصَلُ معرفة تلك الذَّاتِ( تكونَ باطلاً بِلاَ إفْكٍ ) ، فلا بُـدَّ لكل سالك من جميـع الوجود أن يُوجَّهَ همَّتَهُ نحوه،ويُحَصًّلَ رأس مالِ الحقيقةِ من قبضة فيضه،ويعلمَ أنَّ الذَّاتَ المقدسةَ،وإن تعيَّنَ لكمال عظمته لم يتعيَّنَ الغيرُ بظهورهِ في عِزِّ ساحتهِ. فلما أراد أنْ يُظْهِرَ ذاتُهُ رفع سُرادِقاتِ جلالِ عظمتهِ ،وأظهرَهُ في حجاب جمال كبريائِهِ عِلْمَاً ووجوداً ونوراً وشهوداً،ويشعرُ بهِ(الكبرياءُ رِدائي والعظمةُ إزاري) فرأى في ظهورهِ جمال كبريائهِ مِثالاً لامِثْلَ لَهُ ( فَعَشِقَهُ ) ، فظهرتْ سابقة :( يُحِبُّهُمْ ) فزيَّنَ معشوقَهُ ( بالحلى والحُلَلِ المتلوِّنَةِ ) بالألوانِ المختلفةِ فصار معشوقاً بهِ بحيث ألقى عكسه في مرآة ( يُحِبُّونَهُ ) .فلما وصل إليه شاهد نفسه بِأهلِيَّتهِ فيصيرُ مُحِباً تارةً ومحبوباً أُخرى ، وظهر الحُبُّ فيهما في الخلوةِ والجلوةِ فشاهد في مرآة :(شَهِد اللهُ أنَّهُ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ ) [ أل عمران:18 ]صورة الخاصِّ والعامِّ بالإختصاصِ التَّامِّ وما شَهِدَ غيرَ مُشاهدةِ نفسِهِ في شيءٍ من المقاماتِ إنَّهُ (هُوَ يُبْدِىءُ ويُعِيدُ )!!!!!!!!!!!!! البروج:[ 13 ] نِعْمَ الْكَلاَم.فكذا السالك إذا صارَمُحْرِمَا في قُربًِ نفسهِ يُشاهدُ جمالَهُ بأنَّهُ مُصَوَّرٌ بِألوانِ الصَّفاتِ. فما دام ينفي أثَرَالرُّبوبِيَّةِ يُشاهدُ أثارَ الرُّبوبِيَّةِ:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاظِرٌ إلىَ رَبِّهاَ نَاظِرَةٌ)[القيامة:22 ـ23]فإذا ارتفعا يستولى عليه الوجود المطْلَقُ فيصيرُ النّاَظِرُ والمنظُورُ غائباً عنِ النَّظَرِ.وحينئذٍ يقول الناس لذلك الشخص:(شيء لله ...المدد يا سيدي الشيخ). فأن الإنسان الكامل مثل الشجرة والعَالَمُ لها كالأغصان ، فمن داوم على قراءة وذكر(لا إلهَ إلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ في كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ عَدَدَ مَا وَسِعَهُ عِلْمُ اللهِ). بأيِّ عدد لا يسبقه أحد. ثم إذا كَمُلَ العارف بأفعالِ الشريعـة وأوصاف الطريقـة وأحوال الحقيقةِ فيطلب أحوال نفسهِ،فمهما لم يُفتحُ لك، وما أخذت رأس مال الهويَّةِ من مخزن كنزِ الأنوار الإلهيَّةِ، وخزينةِ أسرارِ الرُّبوبيَّةِ التي هي مخزونةَ في مخزنِ القلب (على رغم كل حسود) لم يكنِ الحاصلُ حاصلاً،ولايكونُ شيءٌ واصلاً .فشمِّر لإستحصالِ رِبْـحِ نفسك،واغتنم بفناء( موتوا قبل أن تموتوا) لعلَّ وعسى أن يظهرَ لك من(الأنا)وجْهُ أنينِ الحسرةِ* لأنَّ العَدَمَ مرآةِ الوجودِ المطْلَق فيظهرُ منه عكسُ طَلْعَةِ الحَقِّ.فكلَّما تُحِصِّلُ شيئاً فذلك التَّحْصِيلُ ليس منك !! وما تَشَاءُونَ إلاَّ ان يشاء اللهُ!فهو المدرِكُ الحقيقيُّ ، فما تجدُ إلاَّ الواحدُ الحقيقيَّ،ولم تجدْ ؟ ؟ بل لم تُحَصِّلُ إلاَّ هُوَ لأَِنَّكَ عَيْنُ العكسِ وهُوَ نُورُ الْعَيْنِ * فابصر فيْ العينِ الذي هو للعينِ عَيْنُ العينِ ،وابصرْ في البصرِ بِبَصِيرةِ البصرِ فيأْخُذَ أزَلَ الأَزَلِ هذا الوُجُودَ لك ( كُلآًّ ) لأنَّ وُجُودَكَ ذَّنْبٌ لا يُقاسُ بهِ ذنْبٌ،فذنبك منك،بل أنتَ،وصرْتَ بهذا البلاء مشغوفاً مشغولاً ؛ومع انَّه تعالى غفر لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم ماتقدَّم من ذنبه وماتأخَّرقال اللهُ تعالى: ( فَاعْلَمْ أنَّهُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)[ محمد:19] فافهم واعتبر فاجعل أحاديثَ العشقِ والمحبةِ نَصْبَ عيْنيْكَ ثُمَّ أغْمِضْ عيْنَيْكَ لِيُرَى لَكَ وجْهُ جمالِ الفصلِ.فاجعل هذا الذكر وردك الدائم بايِّ عددٍ لأنَّ لكل شيءٍ مِصْقَلةٌ،ومِصْقَلَةُ القلب (لاإله إلاَّ اللهُ محمد رسول الله...الخ) لتصفى لك مرآة القلب ، وترتفع النِّقطةُ الوهْميَّةَ التي كانت على المرآةِ،فترى عين وجودك( عَيْنٌ ) ؛ فالَّلاهوتُ كِسْوةُ النَّاسوتِ وعكسُهُ عكسُهُ فإن فَتحَ العينِ عينُ الباطن كان الشهودُ جمالَهُ وإن غمَّضَ العينِ فهو جلالُهُ ، فكلُّ شَيْءٍ جلالُهُ وجمالُهُ،لأنَّ كُلَّ جُزءٍ أحاطَ به كُلُّهُ ، واستغرقَهُ أصْلُهُ( إنَّ اللهَ يأْمُرُكُمْ أن تُؤَدُّوا الأمانَاتِ إلىَ أهْلِهَا )[ النساء:58 ]فإنْ أطَعْتُم اللهَ وأدَّيْتُم مَا أمَرَكُم رَضِىَ الحبُّ عَنْكُم!!!فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُم ؟ ؟ ؟ *فليكن كلامك مع أصحابك عنِ المحبَّة . فالفاني فانٍ في الأزل * والباقي باقٍ لم يزل*
فأنتَ بابُ اللهِ،لأنَّ العَالَمَ عينُ آدمَ،وآدمُ ظُلُماتٌ فيها ماء الحياةِ،فمن وجدها، وجدها مَخْفِيَّاً لا بالإجهارِ( لاتُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصارَ)[ الأنعام:103 ] فَإنَّكَ إنْ تعلَمَ السوادَ نُورَالذَّاتِ،لأنَّ الظُلْمةَ فيها ماء الحياةِ. فالعَالَمُ إنسانٌ،والإنسانُ عَالَمٌ.فلم تجد البيانَ أجلى وأصفى من هذا التِّبْيانِ.فسبحان الذي لَبِسَ المَجْدَ وتَكَّرَمَ بِهِ. فيا ايُّها الغوَّاصُ إنْ أردت الدُّرَّةَ الفريدة التي لا قيمة لها فلا تنظرْ إلى بحر الشهادةِ لأنَّهُ زُجاجةُ السَّرابِ،وشعاعُهُ بك عِيانُ الزجاجةِ كأنَّهُ كوكبٌ دُرِّيٌّ عِبارةٌ عن هذه الزجاجةُ يُوقدَ من شجرةٍ مباركةٍ،إشارةً إلى القامةِ الإنسانيَّة،فكن ناظراً حُسْنَ نفسكَ وجمالَ ذاتِكَ فَنُورٌ على نُورٌ؛فاملىءِ الكأسَ إبتساماً وغراماً!!!.
فيا ايُّها المُفلِسُ الأزليُّ والمُجرَّدُ الأبدي إفتح أُذنيك على ماسنقوله لك عن ذكرالفتنة التي تموج موج البحر الذي أخرجه البخاري ومسلم عن حذيفة قال:(كنا جلوسا عند عمر بن الخطاب فقال أيُّكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ؟ قال حذيفة :فقلتُ أنا فقال إنك لجرىء،قال: كيف سمعته يقول ؟ قلتُ سمعته يقول:فتنة الرجل في أهلهِ ومالـه وجـاره يكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.فقال عمر:ليس هذا أريد إنما أريد التي تموج موج البحر. قال:ما لك ولها ياأمير المؤمنين إنَّ بينك وبينها باباً مُغلَقاً،قال يُفتحُ الباب أو يكسر؟ قال: بل يُكسر. قال:ذلك أجدر أن لا يُغْلق،فقلتُ لحذيفة أكان عمر يعلم من الباب ؟ قال :نعم كما يعلم أنَّ دون غدٍ الليلة !!! إنَّي حدَّثته حديثاً ليس بالأغاليط،قال:فَهبنا أن نسأله من الباب. فقلنا لمسروق:سله فسأله،فقال : هُوَ عُمر ). اعلم أنَّ علوم القوم [أعني أهل الله] لن تنال إلاَّ بالصبروالفتوَّة ؛هذا إن كان للسالك قدم في الفتوَّةِ وتركَ الإنتصار والإنتقام ممن جنى عليه ،وعارضه بالعفوِمَعَ القدرة والصبر على الجناية، وترقَّى عن مقام النفس، وقابل نفس صاحبه بصفة الحلم ؟ ؟ إنكسر غضبه فَيَصْلَحُ.وأن لم يكن للسالك هذا المقام الشريف فسد حاله ويزيد وباله على وبال الجاني ،أما ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا لم يبقى منه شيء من نفسه سُمِّيَ : حبيب الله ؟ ؟ ؟بحيث لا يتحرَّك منه شعرة إلاَّ بِإمره ، لإستلاء سلطان التوحيد عليه ومحو صفاته في صفات الحق .فإذا استولى سلطان التوحيد في قلب الشيخ فقل عنئذٍ:(شيء لله ...المدد يا سيدي الشيخ )
سُبْحَانكَ اللهم وبِحَمْدِك على حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ*سُبْحَانَكَ اللهمَّ وبحمدِكَ على عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَيامن لَهُ لُطْفٌ خَفِيٌّ فالفتوَّة:رؤية محاسن العبيد والعمية عن مساويهم*أخرج الطبراني وأبو نعيم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الإيمان أن تعلمَ أنَّ اللهُ معك.هذه هي التوبة الحقيقِّة لِلأنسان كي يكون إنساناً!!!.وصلى اللهُ وسلم عليـه بجميعِ حقائِقِ الكمالِ والعظمةِ الجامعةِ لِلْجلالِ والجمالِ*صلاةً لايحْصُرُها الغُدُوِّ والآصالِ*وعلى جميعِ الآلِ والأصحابِ* وحسبُنا اللهُ ونِعْمَ الْوكيلُ*ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم* واُفَوِّضُ أمري إلى اللهِ إنَّ اللهَ بصيِرٌ بالعبادِ .والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.[color:cbdb=#000000:cbdb]سمير عبد الحي