{ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ }
{ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ } *
{ ياعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } *
{ الَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } *
{ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } *
{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ
وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } *
{ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } *
{ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } 67 ـ 73 الزخرف
الإشارة: كل خُلة وصحبة تنقطع يوم القيامة، إلاَّ خُلة المتحابين في الله،
وهم الذين ورد في الحديث:
أنهم يكونون في ظل العرش، والناس في حر الشمس، يغشى نورُهم الناسَ في المحشر،
يغبطهم النبيون والشهداء لمنزلتهم عند الله.
قيل: يا رسول الله، مَن هؤلاءِ؟ صفهم لنا لنعرفهم،
قال: " رجالٌ من قبائلَ شتى، يجتمعون على ذكر الله ".
وقد ورد فيهم أحاديث، منها:
حديث الموطأ، عن معاذ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" قال الله تعالى:
" وَجَبَتْ محَبتِّي للمُتَحَابِّين فِيَّ، والمُتَجالِسينَ فيّ، والمُتبَاذِلينَ فِيّ، والمُتَزَاوِرينَ فِيّ " ،
وفي رواية أبي مُسلم الخولاني: قال صلى الله عليه وسلم:
" المتحابُّون في الله على مَنَابرَ من نورٍ، في ظِلِّ العرشِ، يوم لا ظِلَّ إِلا ظِلُّه " ،
وفي حديث آخر: "
ما تحابّ اثنان في الله إلا وُضِعَ لهما كُرسِيّاً، فيجلِسَانِ عليه حتى يَفْرغَ من الحساب "
وقال صلى الله عليه وسلم:
" إنَّ المُتَحَابِّين في الله لَتَرى غُرفَهُم في الجنة كالكوكب الطَّالِعِ الشَّرقِي أو الغربي،
فيقال: مَن هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء المُتَحَابُّونَ في الله عزّ وجل ".
وفي رواية: " إنّ في الجنة غُرَفاً يُرى ظواهِرُها مِن بَوَاطِنِها،
وبَواطِنُها من ظَواهرها، أعدَّها الله للمُتحابِّين في الله، والمُتَزَاورِينَ فيه، والمُتباذِلين فيه "
وفي لفظ آخر: " إنَّ في الجنة لعُمُداً من ياقوتٍ، عليها غُرَفٌ من زَبَرْجد، لها أبواب مُفَتَّحَةٌ؛
تُضيء كما يُضيء الكوكب الدُّرِّي،
قلنا: يا رسول الله، مَن يَسْكُنُها؟
قال: المتحابُّون في الله، والمتباذِلُون في الله،
والمتلاقون في الله، مكتوب على وجوههم، هؤلاء المتحابون في الله "
وفي الأثر أيضاً: إذا كان يوم القيامة: نادى منادٍ:
أين المتحابون في الله؟ فيقوم ناس - وهم يسير - فَيَنْطَلِقُون إلى الجَنَّ سِرَاعاً،
فَتَتَلقَّاهم الملائكة: فيقولون:
رأيناكم سِراعاً إلى الجنة، فمَن أنتم؟ فيقولون: نحن المتَحَابُّون في الله؛
فيقولون: وما كان تحابُّكُم؟
فيقولون: كنَّا نتحاب في الله؛ ونتزاورُ في الله، ونتعاطف في الله، ونتباذل في الله،
فيُقال لهم: ادخلوا الجنة، فَنِعْمَ أَجْرُ العاملين. هـ.
من البدور السافرة. والتباذل: المواساة بالبذل.
وذكر في الإحياء شروط المتحابين في الله،
فقال رضي الله عنه: اعلم أن عقد الأخوة رابطة بين الشخصين،
كعقد النكاح بين الزوجين، ثم قال: فَلأخيك عليك حق في المال،
وفي النفس، وفي اللسان، وفي القلب. وبالعقو،
وبالدعاء، وذلك تجمعه ثمانية حقوق.
الحق الأول: في المال بالمواساة، وذلك على ثلاثة مراتب؛
أدناها: أن تُنزله منزلة عبدك وخادمك،
فتقوم بحاجاته بفضله مالك، فإذا سنحت له حاجة،
وعندك فضلة أعطيته ابتداءً، فإذا أحوجته إلى سؤال فهو غاية التقصير.
الثانية: أن تنزله منزلة نفسك، وترضى بمشاركته إياك في مالك، فتسمح له في مشاركته.
الثالثة - وهي العليا -:
أن تؤثره على نفسك، وتقدم حاجته على حاجتك،
وهي رتبة الصدّيقين، ومنتهى درجات المتحابين.
الحق الثاني: الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات، والقيام بها قبل السؤال،
وهذا أيضاً لها درجات كالمواساة، فأدناها: القيام بالحاجة عند السؤال،
ولكن مع البشاشة والاستبشار، وإظهار الفرح. وأوسطها:
أن تجعل حاجته كحاجتك، فتكون متفقداً لحاجته،
غير غافل عن أحواله، كما لا تغفل عن أحوال نفسك، وتغنيه عن السؤال.
وأعلاها: أن تؤثره على نفسك،
وتقدم حاجته على حاجتك، وتؤثره على نفسك، وأقاربك، وأولادك.