أمل فوزي
السيدة آمنة بنت وهب الزهرية القرشية هي أمُ رَسول الإسلام مُحمد بن عبد الله –صلى الله عليه وسلم-، مات عنها زوجها عبد الله بن عبد المطلب والرسول لا يزال جنينًا في بطنها، وتوفيت والرسول مُحمَّد –صلى الله عليه وسلم- ابن ست سنوات، حيث توفيت السيدة آمنة بنت وهب نحو سنة 47 ق هـ الموافق 577م ودُفنت في الأبواء وهي موضع بين مكة والمدينة المنورة.
السيدة آمنة بنت وهب أم النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما ماتت كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعمر ست سنوات ، وقالت له إحدى عشرة كلمة لم ينسها طوال حياته، حيث إن السيدة آمنة بنت وهب - أم النبي صلى الله عليه وسلم-، أرادت أن تزور قبر زوجها عبد الله، ومعها النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان وقتها بعمر يناهز الست سنوات، لكن داهمها تعب مفاجئ في طريق العودة، وقالت له 11 كلمة ساعة احتضارها.
آخر وصية لأم النبي
السيدة آمنة بنت وهب أم النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت له في ساعة احتضارها: «ادنوا مني»، وعندما جثا على صدرها الشريف"، قالت له: «يا بُني.. كل جديد بال، وكل آت قريب، وكل حي ميت»، منوهًا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما نسيتها ما حييت»، وقولها يعني أنه لا شيء يدوم على حاله لا جديد يظل كما هو، ولا تدوم الأحوال فالأيام تتقلب، ولا شيء ينتهي، ويقول أنس: لقد رأيتني وعشرة آلاف فارس مقنع بالحديد يبكون لبكاء الرسول.
نسبها
آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أمها : برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
تندرج "آمنة بنت وهب " من بني زهرة بن كلاب وهم أحد بطون قريش ذات المكانة العظيمة فقد كان أبوها وهب بن عبد مناف سيد بني زهرة شرفا وحسبا، وكذلك نسبها من أمها، فهي ابنة برة بنت عبد العزى من بني عبد الدار بن قصي بن كلاب أحد بطون قريش.
نشأتها
نشأت في أسرة عريقة النسب، مشهود لها بالشرف والأدب، ورباها عمها وهيب بن عبد مناف، وكانت تعرف "بزهرة قريش" فهي بنت بني زهرة. وقيل إنها عندما خطبت لـعبد الله بن عبد المطلب كانت حينها أفضل فتاة في قريش نسبًا وموضعًا.
قصة فداء عبد الله
كان عبد المطلب قد نذر لله إن رزقه الله عشرة من الذكور لينحرن أحدهم شكرًا لله وتقربًا إليه. وقد صار لـعبد المطلب عشرة ذكور، وعزم على تنفيذ نذره، فأقرع بين أولاده ليعلم أيهم سينحر ، وخرج القدح على عبد الله بن عبد المطلب ، أحبهم إليه ، فأشار عليه وجوه القوم أن يفديه بعشرة من الإبل ، وقدم الإبل ثم أقرع بينها وبين ولده ، فخرج سهم عبد الله بن عبد المطلب ، فقالوا لعبد المطلب: زدها عشرًا ثم اقرع، ففعل، فخرج سهم عبد الله ، وظل يزيد في كل مرة عشرًا من الإبل حتى بلغت المائة، وعندما أقرع بينها وبين ولده، وقعت القرعة على الإبل ، فسرّ عبد المطلب بذلك سرورًا عظيمًا ونحر الإبل المائة فداء ولده.
زواج آمنة أم النبي
ذهب عبد المطلب بابنه عبد الله حتى أتى وهب بن عبد مناف ، وهو يومئذ سيد بني زهرة سنًا وشرفُا، فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهي يومئذ سيدة نساء قومها. ولما تزوجها عبد الله أقام عندها ثلاثة أيام، وكانت تلك العادة عندهم، وحملت آمنة بالنبي محمد.
وفاة زوجها
خرج عبد الله من مكة متوجهًا إلى غزة في الشام في قافلة بهدف التجارة بأموال قريش، وفي طريق عودتهم وأثناء مرورهم بالمدينة المنورة مرض عبد الله، فقرر البقاء عند أخواله من بني النّجّار على أمل اللحوق بالقافلة إلى مكة عندما يشفى من مرضه، فمكث عندهم شهرًا، وتوفي بعدها عن عمر 25 سنة، ودفن في دار تُسمّى "دار النابغة" (وهو رجل من بني عديّ بن النّجار)، وكانت زوجته آمنة بنت وهب يومئذٍ حامل بالنبي محمد لشهرين. وقد ترك عبد الله وراءه خمسة أجمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها "بركة" وكنيتها أم أيمن.
ولادتها للنبي
كانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها «إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي : «أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد، ثم سمّيه محمدًا». ، وبعد أن بقي محمد في بطن أمه تسعة أشهر كملًّا، وُلد في مكة في شعب أبي طالب، في الدار التي صارت تُعرف بدار "ابن يوسف"، وتولّت ولادته "الشِّفاء" أم عبد الرحمن بن عوف، وقد كان مولده يوم الاثنين، 8 ربيع الأول، أو 9 ربيع الأول أو 12 ربيع الأول (المشهور عند المسلمين)، من عام الفيل، بعدما حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، قيل بعده بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا (وهو المشهور).
وكانت آمنة تحدّث أنّها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم، ولمّا وضعته وقع إلى الأرض مستقبل القبلة رافعًا رأسه إلى السماء، مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها. وأنّها رأت حين ولدته كأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، قالت أمّ عثمان بن أبي العاص «حضرتُ ولادة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فرأيت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ»، وبعدما ولدته أرسلت إلى عبد المطلب تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل به الكعبة شاكرًا الله، وقال «ليكوننّ لابني هذا شأن»، واختار له اسم "محمّد" ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في تهامة فيكون ولدًا لهم. وقد علمت اليهود آنذاك بولادة محمد، يقول حسان بن ثابت «والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به».
ما روي في أحداث الولادة
وروي الخطيب البغدادي بسنده: أن آمنة قالت: «لما وضعت النبي –صلى الله عليه وسلم- رأيت سحابة عظيمة لها نور أسمع فيها صهيل الخيل وخفيقان الأجنحة وكلام الرجال حتي غشيته وغيبت عني فسمعت منادي ينادي طوفوا بمحمد في جميع الأرض وأعرضوه علي كل روحاني من الجن والإنس والملائكة والطيور والوحوش. وأعطوه خلق آدم ومعرفة شيث وشجاعة نوح وخلة إبراهيم ولسان إسماعيل ورضاء إسحاق وفصاحة صالح وحكمة لوط وبشري يعقوب وشدة موسي وصبر أيوب وطاعة يونس وجهاد يوشع وصوت داوود وجب دانيال ووقار إلياس وعصمة يحيي وزهد عيسي وأغمسوه في أخلاق النبيين.»
وفاتها
توفيت وهي بنت عشرين سنة، قد وافتها المنية قافلة من زيارتها لأقاربها بيثرب (المدينة المنورة حاليا) بالأبواء (وهي منطقة على بعد 190 كم عن مدينة جدة بالسعودية اليوم)، فلما بلغ الرسول محمد ست سنين خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار بيثرب تزورهم به، ومعه أم أيمن تحضنه، وهم على بعيرين، فنزلت به في دار النابغة عند قبر أبيه عبد الله بن عبد المطلب، فأقامت به عندهم شهرا، ثم رجعت به أمه إلى مكة فلما كانوا بالأبواء توفيت آمنة بنت وهب، وقبرها هناك، ورجعت به أم أيمن على البعيرين إلى مكة.