2- أبو بكر الكتاني: هو محمد بن علي بن جعفر الكتاني ابو علي بن جعفر الكتاني
وكنيته أبو بكر أصله من بغداد محب الجنيد وأبا سعيد الخراز وأبا الحسين الزري
وأقام بمكة مجاورا بها إلى أن مات وقد سمي بالكتاني نسبة إلى الكتان وعمله ،
وكان الكتاني كثير السياحة والأسفار وهي صفة الأخيار السائحين في الأرض.
وكان الكتاني يكثر من ذكر القصص والحكايات التي تتصل بالحياة الروحية والأخلاقية عند الرسل والأنبياء
فسئل عن فائدة مذاكرة مثل هذه الحكايات فقال الحكايات جند من جنود الله يقوي بها أبدان المريدين
فقيل له : هل لهذا من شاهد؟ قال الله تعالى :” وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ” توفي بمكة سنة 322 هـ [6].
3- أبو القاسم الجنيد : هو ابو القاسم الجنيد بن محمد الخزاز كان أبوه يبيع الزجاج فلذلك كان يقول له القواريري
أصله من نهاوند ومنشؤه بالعراق وكان فقيها على مذهب أبي ثور وكان يفتي في حلقته بحضرته
وهو ابن عشرين سنة صحب خاله سري السقطي والحارث المحاسبي
قال عنه السبكي :” وهو سيل الطائفة ومقدم الجماعة وإمام أهل الخرقة وشيخ طريقة التصوف وعلم الأولياء في زمانه “.
لما صنف عبدالله بن سعيد بن كلاب كتابه رد فيه على جميع المذاهب
سأل عن شيخ الصوفية فقيل له الجنيد فسأله عن حقيقة مذهبه
فقال الجنيد :” مذهبنا إفراد القدم عن الحدث وهجران الإخوان والأوطان ونسيان ما يكون وما كان”[7].
كان يقول لو علمت أن لله علما تحت أديم السماء أشرف من هذا العلم( أي التصوف ) الذين تكلموا فيه مع أصحابه وإخواننا لسعيت إليه وقصدته “
. ولقد قيل عن الجنيد أنه رزق من الذكاء وصواب الجوابات في فنون العلم
ما لم ير في زمانه مثله عن أحد من قرنائه ولا ممن أرفع سنا منه
ممن كان ينسب منهم إلى العلم الباطن والعلم الظاهر في عفاف وعزوف عن الدنيا وأبنائها.
ومات الجنيد وهو يصلي سنة 297 هـ او 298 هـ بعد أن أوصى بدفن جميع ما هو منسوب إليه من علمه
فقيل ولما ذلك؟ فقال ” احببت أن لا يراني الله وقد تركت شيئا منسوبا إلي وعلم رسول الله بين ظهرانيهم”[8].
وأبو القاسم الجنيد قد وضع أهم أركان التصوف وهي ثلاثة: ذكر الله مع اجتماع الهمة عليه اولا
والحصول في حالة الوجد ثانيا والاتباع الدقيق لتعاليم الشرع ثالثا،
فالجنيد أول من نادى صراحة بالتمسك بالكتاب والسنة واتباع الشريعة في ميدان التصوف .
والجنيد يعتبر التصوف مبنيا على أخلاق ثمانية من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام السخاء
وهو لإبراهيم والرضا وهو لإسحاق والصبر هو لأيوب والإشارة هو لزكرياء والغربة وهو ليحيى
ولبس الصوف وهو لموسى والسياحة وهو لعيسى والفقر وهو لمحمد صلى الله عليه وسلم .
وقد كان في الغالب على تصوف الجنيد الكلام في التوحيد بل عن أشرف المجالس وأعلاها عنده [9].
المبحث الثالث : نماذج بعض النساء الصوفيات
برز من النساء المغربيات جملة غير قليلة ممن كان لهن حظ وافر في التصوف سلوكا ووعظا وإرشادا
وأنبت بينهن أخريات عرفن بالعلم والأدب ونظم الشعر.
والغريب أن الكتابات السرية في القصور الملكية كان يعهد بها على نساء القصر
مثل خناثة بنت بكار زوجة السلطان المولى إسماعيل التي كانت عالمة صالحة
والواقع ان المرأة كان لها دور في التوجيه منذ صدر الإسلام حيث ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة إلى المدينة
لتعليم الكتابة والقراءة واتخذ لذلك مدرسة ( دار مخرمة بن نوفل ) موظفا لهذه المهمة النساء خاصة.