منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Empty
مُساهمةموضوع: شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم   شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Emptyالجمعة مارس 01, 2024 6:39 am

777
شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم

فى هذا الفصل نتناول بالشرح والاشارة الى بعض القصائد المختارة من دواوين الامام ومخطوطاته وما اكثرها وقد حاولنا قدر المستطاع ان لا نحيد عن النسق العزمى فى القصائد وان نحاول ان ندخل الى الفكر العزمى بما يتناسب مع العصر الذى نحن فيه من غير تبديل ولا تحريف وهى مهمة شاقة وعمل صعب , إذ كيف ندخل الى اعماق اعماق مدينة النظم الصوفى للامام ابى العزائم وهو الكنز الذى صعب على الكثيرين دخوله وااإبحار فيه .

إننا فى هذا الفصل التزمنا اربع مبادىء اساسية فى تناول شرح قصائد الامام ابى العزائم وهذه الاربع مبادىء كالآتى :

1- أن تكون جميع القصائد المختارة من القصائد المراجعة والمطبوعة من قبل (بقدر الامكان) حتى نلتزم بالامانة التاريخية فى تناول قصائد الامام , كما ان القصائد المختارة كانت من فترات زمنية مختلفة من حياة الامام فمنها قصائد البدايات من حياة الامام ومنها قصائد النهايات وهى فى اواخر حياة الامام ومكنها ما هو من مختلف فترات حياة الامام حتى تكون متنوعة ومتعددة .

2- أن تكون القصائد المختارة متنوعة المناسبات والموضوعات فمن قصائد الحضرة الى قصائد زيارات آل البيت الى قصائد التجليات وغيرها من الموضوعات .

3- أن يكون الشرح والتناول من قاموس الصوفية ومن مصطلحات الصوفية حتى نتعايش مع فكر الامام ومع معانى كلماته وصبغتها الصوفية .

4- آثرنا فى شرح قصائد الامام ان تكون باسلوب حديث بحيث نقدم الامام الى هذا الجيل بطريقة تقربه الى قلوبنا ولا تخل بالاصول والقواعد فى النظم والشعر كما لا تخل بقاموس الصوفية وقواعده .

قصيدة " روحى لقد سكرت "


روحى لقد سكرت لما لها ظهرت شمس الحقيقة با لانوار واتضحت
هامـت فقيدها ناسوتها فغد ت تومى الى اصلها حتى به لحقت
ومزقت عرضا فى السير عارضها فعا ينت حكما منه لها لمعت

تنورت عندما كشف الحجاب لها وميض أصلٍ سما منه لقدصد رت

حنـت اليه ومالت نحوه و عـلا غرامها و بما فيها لقد نطقت
وترجمت وهى فى بسـتان نشوتها وحالة السكر والاشواق قـد غلبت

طربت وغنت بألحانٍ مطلـسمةٍ تخفى على نسبةٍ بالعـقل قدعقلت

هذا الجمال تجلى وهى مـظـهره والنور منها لهاوالحجب قدكشفت

كيف التـستر والأشواق تدفـعنى وآية الحسن فى ذاتى به نسـخت

هـذى هى الراح منه قم لتشربها من غيرمزج بلا قدح سمت وصفت

قم يا مريد تناول منك مظهـرها و شم طيب شذاها عند ما مزجت

مفردات

*سكر الروح بالشهود

*شمس الحقيقة : الحقيقة المحمدية النورانية

*ناسوتها : الناسوت هو الجسد ورغائبه التى تحجب الر وح

*أصلها : اشارة الى الآية القرآنية "ونفخت فيه من روحى "

*عرضاْ : الشيئى العارض وهنا يرمز الى الجسد ورغائبه

* الحجاب : وهو حجاب الناسوت "الجسد " الذى يحجب الروح

*وميض اصلٍ : اى نفحات ومعانى الأصل الذى صدرت منه وهو

النفخة الالهية .

*نسبة بالعقل : اى القانون الذى يعقل به العقل وهو قانون محدود

*مظهره : مظهر الجمال هو الآيات والروح آية من هذه

الآيات ومحل لها

*الراح : اشارة الى الفيوضات الالهية عندما تفاض

على قلب المؤمن فتسمو روحه وتهيم فى الانوار

الالهية

*يا مريد : "المريد " هو كل من هجر الدنيا و أراد وجه

اللــه وهى فى الآية"يريدون وجهه "



الشـرح
يتغنى الامام ابو العزائم قائلا :

روحى لقد سكرت لما لها ظهرت شمس الحقيقة بالانوار واتضحت

يقول الامام ابو العزائم , ان الروح قد سكرت و لأن سكر الروح لا يكون الا بالشهودفان الروح قد سكرت عندما ظهرت لها الحـقيـقة المـحمدية النورانـية ، وظهور الحـقـيقة المحمدية يكون بـحـسن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم , فالعبد المـؤمن عندما يتبع سنة الرسـول صلى الله عليه وسلم فى كـل حركاته وسـكــناته يكون هذا العبد فى صورة نورانية مجملة بأنوار اتباع الرسول , يقول تعالى " قل ان كنتم تحبون الله فأتبعونى يحببكم الله "

هامت فقيدها ناسوتها فغدت تومى الى اصلها حتى به لحقت

ان الانسان عندما يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فى السر والعلن تظهر له حقيقة الانوارالمحمدية وتكون روحه فى حالة سكر من هذه الانوار وهنا تبدأ الروح فى الهيمان وهو انطلاق الروح فى عالم الانوار , ولكن هيهات للروح ان تنطلق وهناك قيد الناسوت وهو الجسد ،الذى يقيد الروح ويمنعها من الانطلاق , الا أن شدة هيمان الروح وتأثرها بالانوار المحمديةتجعلها تومئى اى تنظر وتتجه , وايماء الروح هنا يكون الى اصلها وهو النفخة الالهية النورانيةالتى من اجلها سجدت الملائكة لآدم قال تعالى " فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين "

ومزقت عرضا فى السير عارضها فعاينت حكما منها لها لمعت

والروح وهى فى حالة السكر من شدة الانوار تكون بايمائها والتحاقها بالاصل الذى جاءت منه وهو النفخة الالهية قد مزقت ذلك العارض الذى قيدها وهو قانون الجسد ومتطلباته , وهنا تبدأ الروح فى معاينة الحكم التى سوف تتجلى لها بعد أن تكون قد تحررت من سجن الجســد .

تـنورت عندماكشف الحجاب لها وميض أصل سما منه لقد صدرت

والروح عندما تـتحرر من قيود الجسد تدرك الكثير مـما كان غـامضـا عـنها,والادراك عـلم , والعـلم تنـوير , فالروح قـد تـنورت بـما أدركته وادراكها كان بـسـبـب كشف الحجا ب عـنهـا و الــحـجاب هـنا هو قيـود الجـسد و سبـب كشـف الحـجـاب ومـيض مـن أصــلهــاالذى مـنـه صــدرت وهـذا الاصـل هـو الـنـفـخــة الالـهـيــــة

حنـت الـيه ومـالت نـحوه وعــلا غـرامـها وبـما فيها لقد نطـقت

و الروح بعد أن كُشــف الـحـجاب عـنهـا و أدركـت مـا أدركـت مـن جــمــال الا صل الذى صـدرت عـنه , حـنـت الـى هـذا الأصـل و مـالـت نـحـوه وازداد الـتـشوق الـىأصـــلـها حـتى عـبرت عـن شـوقـها هـذا بـعبارات تليق بالـروح و بـلغة لا يستطيع اللسان بـها أن يبوح

و ترجمت وهى فـى بـستان نـشوتها وحالةالسـكر والأشواق قدغلبت

و تلـك اللـغـة الـتى عـبرت عـنـهـا الروح وهـى فـى حـالة النشوة وحـالـة السكـرالـنورانــىو الأشــواق , هــى لـغـة تــتـرجـم بـهـا الـروح عن كـل مـا تلاقيـه من أنوار و تـجـليات

طربـت وغنت بألـحان مـطلـسمة تـخفى على نسبة بالعقل قد عقلت

و هـذه الـترجـمــة الـتى ترجـمــتـهــا الـروح كــانــت تـعـبـيـرا عـن الـطــرب و الــغــنــــاء و الألــحــان الـتى لا يـسـتـطـيع الــجــسـد مـتابـعـتـها و لا يـسـتـطـيع الـعـقـل فــهـــــم أسـرارهــا حيـث أن قــانــون الـعــقل الذى يـعـقل بـه هو قانون مـحدود لا يسـتطيع الـعقل أن يتعداه

هـذا الـجـمال تـجلى وهى مظهره والنور منها لها والحُجب قد كشفت

ان هـذا الـجـمال الـذى تـجلى للـروح فـجـعـلـها فـى حـالـة مـن الـنـشوة و الـطـرب مـا هـو الا صـورة مـن صـور جـمـال الأنوار الالـهـية , كـمـا أن الروح هـى مـظـهــر مــن مــظاهـر هـذا الجـمـال النـورانـى , وتـكـون الـروح بانعـكاس هـذه الأنوار عليهاقدكُشفت لها الحجب و تحررت من هذه القيود التى تمنع انطلاقها

كيف التستر و الاشـواق تدفعنى واية الحسن فى ذاتى به نُسخت

و هنا يعود الامام ابو العزائم فـيتكلم بلسان الروح و الـجسد و يقو ل :كيف أسـتر حالىواشواقى تدفعنى الى هذا الـجمال النورانى الذىعاينتـه بعيون الروح , هذا الـجمال الذى نـسخ ومـحا كل جمال آخر قد أراه فى زاتى ,فهذا هو الـجمال الـحقيقى جـامـل الـعـبـد الـذى تـجـمل بـعبوديـته الـخالـصة

هذى هـى الـراح مـنه قم لتـشربها من غير مزج بلا قدح سمت وصفت

و الـعـبـوديـة الـخـالـصـة لـلـه هـى الـراح الـذى يـشـربـه الـعـبـد بـدون مـزج حـيـث لا يـوجـدغـيـر الـعـبوديـة مـن الـخلـق الـى الـخـالـق و غـيـر تـمـام الـتـنـزيـه لـلـخـالـق وتـمـام الأسـتـسلام لـلمـخـلـوق , وهـذه الـراح بـدون قـدح أى فـى كـل زمـان ومـكـان وحـال و آن و هـى أى الـعـبـوديـة الـخـالـصـة تـسـمـو بالـعـبد وتـرقـى بـه بـتـمـام اتـبـاعـه لـرسـو ل الـلـه صــلــى اللـه علــيــه و ســلــم .

قـم يا مريد تـناول مـنك مظـهرهـا وشـم طـيب شـذاها عـندما مزجت

و الـمـريـد الـذى لا يـرجـو الا وجـه الـلـه مـدعـوٌ لـكـى يـتـنـاول هـذه الـراح و هى" الـعـبـوديـة الـخالصة " لـلـه والـتـى مـظـهـرهـا هـو الـعـبد الـخـالـص كـلـيـةً لـلـه و هذه العبودية لا تـتـحقـق الا بإتـباع سـنـة رسـول الـلـه صـلـى الـلـه عـلـيـه و سـلـم و الـذى بأتـبـاعـه تـفـوح مـن الـعـبد طـيـب شـذا الـراح و يـكـون عـبـداً نـورانـيـاً مـمـن قـال الـلـه تـعـالـى فـيـهم " نـورهـم يـسـعـى بـيـن أيـديـهـم وبأيـمانـهم " صدق الله الـعـظـيـم

الـخـلاصـة :

يـقول الامام ابوالعزائم ان العبد بـحسن اتباعه لرسول الله يتجمل بأنوار هذا الأتباع فيذداد فيه الـجانب الروحى على الـجانب الـجسدى وتظهر عليه آيات الجمال الذى أودعه الله فيه عن طريق النفخة الالهية وكلما تحررت الروح من رغائب الجســد المادية وسمـا الانسان الىالكمالات العلية باتباع الرسول كلما تجمل بالجمال الحقيقى وهو العبودية الخالصة لله تعالى .

قصيدة " يانـسـيماً من رياضِ المصطفى "


يا نسيماً من رياضِ الـمصطفى جـددَّ البُشرى ووافـا بالـصفـا
أحـىَ روحى عِـندما مـرّ بها صرتُ حياًبعدَ مـوتى بالـجفـا


أَنتَ روحى بل وريحانى الذى يُـحي أثراً كانَ بالهجـرِ عـفا



أنتَ روح الـروحِ سِرُحـياتها وبكَ الكشفُ الصريح بـلاخفا



جِئتَ من طيبة تُحـي بالشـذا أَنفساً تاقت إلـى نَـيلِ الوفـا



لَووهبـتُ الـروحَ للبشرى لِما نِلـتهُ لَم أك ُ فيهـا مُـنصفا



أنتَ روحُ الروحِ نُورُسبيلهـا بِكَ قـد تُعطى المقامَ الأشرفـا



قـد سرى هذا الصِبا بِـعبـيرهِ فـصبا الـصبُ بهِ وإرتـشفا



نُورُ ذكرى مولد الـمخـتارِ مَن بـضِيـائِهِ آدمٌ قَد شُـرِفــا


الشرح

يا نسيمـاً من رياضِ الـمصطـفى جـددَّ الـبـشـرى ووافـا بالـصـفـا
يـتـغـنـى الإمـامُ "أبوالـعزائم" قـائلاً :

إنَّ نـسـيـمـاً عُـلوىَ الأريـجِ قــد هـبَّ مـن ريـــاضِ الـمـصـطـفـى صـلـى الـلـه عـليـهِ وسـلـم فـجـدد البـشـرى بـلـقـاءِالـمـصطـفـى صـلى الـلـهُ عـلـيـهِ وسـلـم ووافـا بالـصـفــاءِ الــنـفـسى الـذىلايـكـونُ إلا بِـحُـسـنِ إتـبـاعِ سُـنـةِ الـمـصـطـفى صلى الـلـهُ عليهِ وسـلـم, والـنسيمُ هـنـاهـو الأثـرُ الـذى يـجـدهُ الـمُـريـدُ الـسـالِـكَ طـريـقِ ربِّ الـعـالـمـيـن وريـاضُ الـمـصـطـفـى هـى سُـنــتـهُ صـلـى الـلـه عـلـبهِ وسلم فـكـأنَّ الأمـام يقـول أنـهُ بِـحُـسـنِ إتـبـاعـهِ لِـسُـنـةِ الـرسـول صلـى الـلـه علـيهِ وسلم يـتـلـقـى الـبُـشـرى وتـظـهـر عـلـيـهِ أنـوار الـصـفـاءِ والـوفـاءِ

أحـىَ روحى عِـندمـا مـرَّ بـهاصِرتُ حـيـاً بـعدَ مـوتى بـالـجـفـا

حـيـاةُ الـروحِ تـكـونُ برفعِ الـحُـجُـب عـن الأنـوارِ , أنـوارُ الإشـراقاتِ والتـجـلـيـات الـتـى يُـفـيـضـهـا اللـهُ سُـبـحـانـهُ عـلـى الـعـبـد عـنـد إتـبـاعـه لـرسـول الـلـه صـلى الـلـه عـلـيه وسـلـم . ومـوتُ الـعـبـد يـكـونُ بـجـفـائـهِ وبُـعـده عـن الأنـوارِ الـمـحـمـديـة الـمـتـمثــلة فتى سُـنـتـه صلـى الـلـه عـلـيه وسـلم وهـكـذا فـإنَّ الإمـام يـقـول أن الـروح قـد تـحـييَ عـنـدمـا يـتـلقـى الـعـبدنـسـيـم أنـوار الـعـتـرة الـمـحـمديـة وذلـك بـعـد أن كـان مـيـتـاً بـجـفـائـه عـن تـلـك الأنـوار وبُــعـدهِ عـنـهـا .

أنتَ روحـى بـل وريـحانى الـذى يُـحي أثـراً كانَ بالـهجـرِ عـفـا
إنَّ هـذا الـنـسـيـمَ الـمـحـمـدى الـنـورانـى هـو فـى حـقـيقـة الأمـر الـروح لـلـعـبدبـل والـريـحـان أى كـلُ مـا هـو نُـورانـى فـى الـعـبـد وهـذا الـنـسـيم الـذى هـو "الـروح" أى مـادة الـحـيـاة و"الـريـحـان" أى الأثـر النـورانـى لـلـحـيـاة هـو الـذى أحـيـا هـذى الأنـوار , وهـى أنـوار إتـبـاع الـمـصـطـفـى صـلى الـلـه عـلـيـه وسـلـم والتـى كـانـت كالأثـر بـعـد الـهـجـر , والـهـجـرُ هـو الـبــعـدُ عـن سُـنـتـةصـلـى الـلـه عـلـيه وسـلـم

أنـت راحُ الـروحِ سِـرُ حـياتـهـا وبِكَ الكـشفُ الـصريـحُ بلا خـفـا

يـكشِـفُ "الإمـامُ الـمزيـدُ عن هذا "الـنـسيم" والذى هـو "حُـسـنُ إتـبـاعِ الـمـصطـفى " صـلـى اللـه عـليه وسـلم فـيـقـول أنَّ هـذا الـنـسـيم هـو "راحٌ"لـلــروحِ , والـراحُ هـو الـدواءُ والـشـفـاءُ لـكـلِ عـلـيـل , وكـأن الـروحُ تـكـون كـالـمـريـض إذا مـا بَـعُـدَ الـعـبـدُ عـن سُـنـة الـمـصـطـفـى صـلى الـلـه عـليه وسلم وأنَّ إتـباعِ سُـنـتـهِ هـو الـدواءُ وسـرُ الـشـفـاءِ لـلــروح بتل أيـضـاً فـإن هـذا "الـنـسـيـم" هـو بـداية الـكـشــفِ الـصـريـحِ لـلـعـبـدِ , كـشـفُ الـحُـحُـبِ حـتـى يـكـونَ الـعـبـدُ عـبـداً نـورانـيـاً وذلك هـو أرقـى مـقـامـات الـعـبـوديـة لـلــه .
جِـئتَ مِـن "طَـيبَـةَ" تُحي بالـشذا أنـفـسـاً تـاقـت الى نـيل الوفـا هذا النسـيمُ قد هبَ من "طيبة" وهى "المدينة المنورة "وقدهبَ هذا النسيم بشذاهُ الطـيـب الذى يُـسعِدُ النـفوسُ التى ملأهـا الشوقُ وتاقت الى نيلِ الوفاءِ . والإمامُ هـنا يـتـكلـم بـلـسـانِ الـرمـز فطـيـبـة هـنـاهـى مـقـامُ حُـسـنُ الإتباعِ لسنة الـمصطفى" والـشذا " هو ذلك الأثرُالطـيب وتـلك النورانـية الـتـى يـتـجـمـل بـهـا الـعـبـد عـند إتـبـاعـهَِ سـنـة الـمـصـطـفـى صـلى الـلـه عليـه وسلم , وتـأكـيدُ الإمـامِ هـنـا هـو أنّ هـذا الأثـرُ وتـلـك الـنـورانـيـة لـن تـكـونَ إلا لِـمـن صَـدقَ الـنـيـة والـعـزم وإشـتـاقَ حـقـاً لـهـذه الأنـوار, وأنـهـا لـن تـكـون لـمـن تـكـاسـل ولـم يـصـدُق الـنـيـة


لو وهـبتُ ااـروحَ لـلـبشـرى لـِما نِـلتهُ لـم أكُ فـيهـا مُـنـصـفـا

يـتـكـلـم الأمـام أبوالـعزائم هـنـا بـلسان الـعبد الـذى يـتـجملُ بـحُـسـنِ إتـباع سـنـتــه صلى الـله عليه وسلم وجـاءتـه الـبـشـرى بـالـفـضلِ الـعـظـيم الـذى نـالـهُ فـيـقـولُ : أنـهُ لـو ضـحـى بـنـفـسـهِ فـراراً إلـى هـذهِ الـبـشـرى لـم يـكـن مـنـصـفـاً فـى إعـطـائـهـا الـحـق الـواجـب لـهـا , فـهـذهِ الـبـشـرى
هـى الـخـيـر الـدائـم والـنـعـيـم الـمـقـيـم وهـى غـايـة الـمـؤمـن الـذى يـسـلـك طـريـق رب الـعـالـمـيـن

أنـت روحُ الـروحِ نـورُ سـبـيلهـا بكَ قـد تُـعطى الـمقـام الأشـرفَ

إنَّ هـذا الـنـسـيـمُ الـعـلـوى الـذى هـو "حُـسـنُ إتـبـاعِ الـرسـول" هـو روحُ الـروح أى أصـل هـذه الـروح وسـرهـا وهـو أيـضـاً الـمـنار الـذى يُـحـددُ الطريـق ويُـضـئى الـسـبـيـلُ لـلــروحِ فـى طـريـقـهـا لأن تـنـكـشـف عـنـهـا الـحُـجُـب وتـصـلَ الـى أشـرف مـقـام وهـو مـقـام " الـلـه نـور الـسـمـوات والأرض " أى لاشـئى إلا الـلـه ولاشـئى إلا نـور الـلـه سـبـحـانـه وتـعـالـى.وهـنـا إشـارة جـمالـيـة يـؤكـدُ بـهـا الأمـامُ أن هـذا الـمـقـام لا يُـعـطـى إلا بـمـحـض مـن الـلـه ولـيـسَ نـتـيـجـة مـجـاهـدة مـن الـعـبـد وذلـك فـى إشـارةالأمـام " قـد تـعـطـى " وقـد هـنـا تُـفيـد جـواز الـعـطـاء وأن الـعـطـاء لا يـكـونإلا بـفـضـلٍ مـن الـلـه لـلعبد , جـعـلـنـا الـلـهُ مـن اهل الـفـضل مـنهُ سُـبحـانـه وتـعالى .

قد سرى هـذا الـصِـبا بـعبـيرهِ فـصـبا الـصبُ بـهِ وإرتـشـفـا

يُـؤكد الأمـام هـنا عـلى أنَّ نـفـحـاتُ الـخـيـرِ الألـهـىلاتـنـقـطـع ولـكـن الـعـبـد هـو الـذى يـجـبُ عـلـيهِ أن يـتـعـرضَ لـهـذا الـخـيـرحـتـى يـنـالـه مـنه الـكـثـيـر . وهـكـذا فـإن حُـسـن إتـبـاع الـرسـول صلىالـلـه عليه وسلم كـانَ مـثـل "ريـحُ الـصِـبـا" وهـى ريـحٌ خـفـيـفـة تـجـئـى بـعـبـيـرٍ أخـاذ , فـإذا تعرضَ الـعـبد لـها يـملـؤهُ الـشوقُ والـصبا فـيرتـشفُ مـن هـذاالـمـعـيـن الـذى لا يـنـضـب

إشـارة : هـذا الـبـيـتُ يُـعـتبرُ مـن أجـمـلِ الـصـورِ الـشـعـريـة الـتـى فـاضـت بـهـا شـفـافـيـة الأمـام ابى الـعـزائـم , فـيـشـبـهُ " حُـسـنُ إتـبـاعِ الـرسـولِ " صلىالـلهُ عليه وسلم بـريـحِ الـصِـبـا الـتـى يـمـلـؤهـا الـعـبـيـرُ الـفـواحُ وأن هـذه الـريـحُ دائـمـاً تـمـر عـلـى الـعـبـد الـذى إذا إرتـشـفَ مـنـهـا فـإنـه يـمتــلأ صـبـابـة وشـوقـاً ويـرتـشـفُ مـن الـمـعـيـن الـنـورانـى الـذى لايـنـضـب .

نورُ ذكرى مـولِدِ "الـمـخـتارِ"مـن بـضيائـهِ "آدمٌ" قــد شُـــرِفــا

وهـنـا يـخـتـتـمُ الأمـام ابوالـعزائـم الـقـصـيـدة بـهـذا الـبـيـتِ الـذى هـو أصـلـهـا وسـرهـا فـيـقـول , أن نـور ذكــرى مــولـد "الـمـخـتـار" صلى الـلـه عليه وسلم هـو ذلـك الـسـرُ الـذى نـتـكـلـم عـنـهُ والـذى يـجـبُ أن نـتـمـسـك بـه فـى كـل عـام عـنـدمـا تـهـل عـلـيـنـا أنـوار ربـيـعَ الـخـيـر فـنـجـدِدَ إتـبـاعـنـا لـسـنـة رسول الـلـه صـلى الـلـه عليه وسلم ونـجـدِدَ عـهـدنـا مـع رسـولِ الـلـه حتى نـتـحـقـق بالـجـمـالِ الـمـحـمـدى , ذلـك الـجـمـال الـنـورانـى الـذى بــضـيـائـه قـد شـرَّفَ الـلـهُ سـيـدنـا "آدم" عـند بـدء الـخـلـيـقـة والـذى يـسـبـبـه سـجدت الـمـلائـكـة لآدم اســتـجـابـة لأمـر الـلـه ســبحـانـه وتـعـالـى , الـلـهـم إجـعـلـنـا مـن أهـل شـفـاعـتـه صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم .

-: قصيدة " احنينُ أشباحٍ الى الـجنات :-

احـنيـنُ أشـباحٍ الى الـجنات ام ذا حـنين الـروحِ لـلجـلوات

ام ذاك نور الـحقِ بالقلب انـجلـى فـتجـملـت اوصـافـه بهبات

أم ذاك جمعُ الجمعِ فى حال الـصفا سِـرُ الـوصولِ لـمظهرِ الآيـات

ام ذاك نـور الفـرد لاح مـبشراً هـامت بـه الافـراد فى الـحانات

ام ذاك كـنزالـغيب فـُك فأشرقت أنوارهُ فـى صـورة الـمـشـكاة

حـاشـا وكتلا ذاك نـور نزاهـةٍ عن حـضرة الـمجلىلـسرِ الذات

أنـا لاأغـنىإن سـكرتُ وإنـمـا يـفنى المراد بـلحظةِ الـنظرات

ماالـخمرُماالأسرارُ عند شهودنـا مـا العرشُ مـاالكرسىُ بالجنات

عن حضرةِ الـمجلى جمالى ظاهرٌ عـالٍ عن الآيـاتِ والـهـيئات

انـا لوأغنى فى الـخـفا لتكلمت احجارُهـذا البيت عن كلماتى

قد أوبت قبلى لـمن هو عارفٌ تلك الجـبالُ بسرهـاالـحيطات

لكن أشـيربـفرق فرقٍ مـحرقٍ يدرى مـباديـه اولو الـهـمات

غيبٌ عن الأرواح فى كنزٍ علا ومـطلـسمٌ بالاسم بل بالـذات

الـشـرح



احـنيـنُ أشـباحٍ الى الـجنات ام ذا حـنين الـروحِ لـلـجـلوات

يـغـوصُ مـعـنـا الامـامُ ابوالـعزائم فـى بـحـرٍ مـن بـحــارِ الـشـوقِ لـيـخرج لـنـا جـواهـر الـمـعانى , فـيـتـكلم عـلى لـسـان حـال الـعبد الـمريد الـسالك طـريق رب الـعـالـمـين بـمـجاهـداتـه وبـما آتـهُ الـلـه مـن هـبـات الـقـرب ومـنـحِ الـتـجـلى فـيـتـساءل الـمريدُ عـن سـر هـذا الـحـنـيـن والـشوقِ الـدفـين الـذى مـلأ قـلـبهُ ووجـدانـه , هـل هـذا الـحـنـين هـو حـنـين الاشـباح أى حـنـيـن الـجـسـد الى الـجـنـات بـكل مـا فـيـهـا مـن نـعـيمٍ ومـلاذٍ
حـسـيـة تـتوافـق مـع الجـسد ومـتـطلباتـه أم أنَّ هـذا الـحـنـين هـو حـنـين الـحـقـيـقية الـروحـية الـنورانـيـة , والـحـقـيـقة الـروحـيـة هـنا هـى الـنـفـخـة الالـهـية فـى الانـسـان , ويـكـون الـتـساءل هـو هـل هـذا الـحـنـين هـو حـنـين الـجـسد الـى مـلـذات الـجـنةالـحتسـيـة أم هـو حـنـين الـروح الـى الـجـلـوات أى مـكـان الـتـجلـى وحـقـيـقـتـه

أم ذاكَ خـمرٌ مـن جـميلِ تـنـزلٍ طـابت بـهِ الأرواحُ بـالـنغمات

أم أنَّ هـذا الـحـنـيـن هـو صـورة مـن صـور الـتـنزلات الالـهـيةعـلـى الارواح, وهـذهالـتـنزلات الـجـمالـيـة تـكـونُ ذات تـأثـيرٍ نـورانـى عـلـى الارواح ويـكـون تـأثـيرهـا مـثـلُ تـأثـير الـخـمـر عـلـى الأشـباح فـكـما أنَّ الأشـبـاح أى الأجـسـام تـهـتزُ طـربـاً بـالـنـغـمـات فـإنَّ الأرواح تـهـتز طـربـاً بـالـتـنـزلات الألـهـيـة .

أم ذاك نورُ الـحقِ بـالـقلبِ إنـجلـى فـتجـملت أوصـافـهُ بـهباتِ

ويـسـتـمرُ الـتـسـاءل عـن هـذا الـحـنـيـن وهـل هـو نـتـيـجـة مـجـاهـدة مـن الـعـبد فـتـجـلـى بـقـلـبهِ نـور الـحـقِ سـبـحانـه وتـعـالـى وذلـك لأنَّ قـلـبَ الـمـؤمـن هـو عـرشُ الـرحـمـن , فـهـنا يـتـسـاءل الامـام هـل هـذا الـحـنـيـن هـو تـجـلـى نـور الـحـق عـلـى الـقـلـبِ فـتـجـمـل هـذا الـقـلـب بـهـبـات الـتـجـلـى .

أم ذاكَ جمعُ الـجمعِ فى حالِ الـصفا سـرُ الوصولِ لـمـظهرِ الآيـاتِ

ام أنَّ هـذا الـحـنـيـن هـو نـتـيـجة حـالـة " جـمع الـجـمع " وهـى لاتـكـون الا فـى تـمـام صـفـاءِ سـريـرة الـعـبـد عـنـدمـا يـكـون عـبـداً مـحـبـوباً لـلـهِ وذلـك سـر قـولـهِ فـى الـحـديـث الـقـدسـى " مـازالَ عـبـدى يـتـقـرب الـىَ بالـنـوافـل حـتـى احـبـه فـإذا أحـبـبـته كـنـتُ سـمـعه الـذى يـسـمـع بـه ويـده الـتى يـبـطـشُ بـهـا ونـوره الـذى يـبـصـر بـه " وهـذا الـمـقـام يـطـلـقُ عـلـيه مـقـام " جـمـع الـجـمـع " وفـيـه تـتـجـلـى لـلـعـبـد حـقيـقـة الأشـيـاء وأن كـل مـا فـى الـكون مـا هـو إلاصورة لـمـظـهـر الآيـات الـنـورانـيـة للـه سـبحانه وتـعالى.

أم ذاك نورُ الـفردِ لاحَ مـبشراً هـامت بـهِ الأفـرادُ فـى الـحاناتِ

ويـسـتكـملُ الأمـامُ ابـوالـعزائم تـسـاؤلاتـه عـن هـذا الـحـنـيـن فــيـقـول إن هـذا الـحنـيـن قـديـكـون نـور " الـفـرد " , والـفـرد هـنـا هـو أكـمـل صـورة عـبـديـة وهـو "الـمـصـطفى " صلى الله عليه وسلم وكـلُ مـن كـان عـلى طـريـقـه مـن كـمـل الأنـبـياءِ والـرسـل , ونـور الـفـرد هـنـا يـكـون كـالـبـشرى تـهـيـمُ بـه الأفـراد فـى كـل زمـانٍ ومـكـان ,وكـأن الأمـام يـسـأل هـل هـذا الـحـنـين هـو نـور " الأسـوة الـحـسـنـة " مـن رسـول الـلـه صلى الله عليه وسلم الـذى يـتـنـسـم عـبـيـره جـمـيـع الـخـلق وزلـك مـن قـولـه تـعـالـى " ولـكـم فـى رسـول الـلـه أسـوةٌ حـسـنـة "

أم ذاك سرُ الـلـهِ فى الأفقِ الـعلى يُـنبىبكشفَ حـجابِ مجلى الـذاتِ

وهـنـا يـسـتـكـمل الأمـام مـشـاعـره عـن هـذا الـحـنـيـن فـيـأتـى هـذا الـبـيـت مـكـملاً لـلـذىقـبـله ومـوضـحـاً أن هـذا الـحـنـيـن قـد يـكـون " سـر الـلـه فـى الأفـق الـعـلى " وسـر الـلـهفـى فـى الأفـق الـعـلى لا يـعـلـمـه إلا الـلـه ولـكـنـه يـكـشـف حـجـلبُ مـجـلـى الـذات لـلـمطـلوبـيـن لـرحـابـه جـلا وعـلا وهـذا الـحـجـاب هـو الـذى نـجـدهُ فـى فـى حـديـث رسـول الله عـنـدمـا سـألـه سـيـدنـا جـابر عـن أولِ مـا خـلـق الـلـه فـقـال لـه " خـلـق نـورنـيـيـك مـن نـوره يـاجـابـر " , وهـذا والـلـه اعـلـم هـو كـشـف حـجـاب مـجـلـى الـذات وهـنـا يـقـف الـقـلـم عـن مـعـانـى الـكـلام عـجـزاً عـن الإحـاطـة بـمـعـانـى هـذا الـبـيـت, وخـوفـاً مـن الـسـقـوظ فـى الأوهـام .

أم ذاك كـنزُ الـغـيب فُـكَ فأشرقت أنـواره فـى صـورة الـمشـكاةِ

وهـنـا يـصـل الـسـاؤل الـى مـنـتـهـاه والـى غـايـة امـره حـيـث يـتـسـاءل الأمـام هـل هـذا الـحـنـيـن هـو " كــنـز الـغـيـب " , وكـنـز الـغـيـب نـجـده فـى الـحـديـث الـقـدسـى " كـنـت
كـنـزاً مـخـفـيـاً فـأردتُ أن أُعـرَف فـخـلـقـُت الـخـلـق فـبـى عـرفـونـى " وكـأن الأمـام يـقـول أن هـذا الـحـنـيـن هـو مـن ارادة الـلـه فـى أن يُـعـرَف بـخـلـقـه فـشـرقُ أنـوارهُ سـبـحـانـه وتـعـالـى فـى صـورة مـقـربـة لـلـخـلـق فـى قـولـه تـعـالـى " مـثـلُ نـورهِ كـمـشـكـاةٍفـيـهـا مـصـبـاح "

حـاشا وكلا ذاك نـور نزاهـةٍ عن حضرة الـمجـلـى لـسرِ الـذاتِ
وهـنـا يـعـود الأمـام مـن سـيـاحـتـه الــروحـيـة وتــسـاؤلاتـه عـن الـحـنـيـن فـيـتـكـلـم بـلـسـان الـشـريـعـة بـعـد أن طـاف بـنـا فى رحاب الـحــقـيـقـة فـيقـول حـاشا لـلـه أن أسـتـطيعَ وصـف سر هـذا الـحـنيـن , إنـما مـا أسـتطـيـعُ قولـه هـو أن هـذا الـحـنـيـن كان لـنور الـله الـمنـزه عـن الأوصافِ والـشـبه , وهـو حـنـيـن نـاتجٌ عن " حـضـرة الـمـجـلـى " وهـو الـرسـول صلى الـله عليه وسلم , وكـأن الأمـام يـقـول أن كـل شـوقٍ وحـنـيـن لا يـكـون إلا لـلـنـورِ الألـهـى الـمـنـزه عـن الـشـبـه والـذى لا يـكـون الا بـإتـبـاع رسول الـلـه صلى الـله عليه وسلم .

انا لاأغـنى إن سكرتُ وإنـمـا يـفنى الـمـرادُ بـلظة الـنظراتِ

ويـسـتـمر الأمـام فـى تـأكـيـده أن كـل مـا تـسـاءل عـنـه فـى حـالـة الـسـكـر وهـى حـالـة الـهـيـمـان نـتـيـجـة جـواذب الأنـوار الألـهـيـة لاتـكـون الا إذا فـنـىَ الـعـبـدُ الـمـراد لـلـه فـى لـحـظـة مـن لـحـظـات الـعـنـايـة الألـهـية الـى تـمـلـؤهـا نـظـراتٍ مـن مـطـلـق الـرحـمـة ,وفـنـاءُ الـعـبـد الـمـراد لـلـه لا يكـون الا بـأن يـقـتـل نـفـسـه الأبـلـيـسـيـة فـتـتـجـلـى عـلـيـهانـوار الـرحـمـة الألـهـيـة .


ما الـخمرُ مـا الأسرارُ عـند شـهودنـا ماالعرشُ ماالكرسى بالـجـنـاتِ

وهـنـا يـشـرحُ الأمـام ابـوالـعزائـم الـحـقـيـقـة الأزلـيـة وهـى أن الـعـبـد إذا مـا تـجـلـى الـلـه لـه فـأشـهـدهتـجـلـيـات الأنـوار فـإن الـعـبـد لا يـرى الا نـور الـلـه بالـلـه فـلا خـمـر ولا أسـرار بـل إن الـعـرش والـكـرسـى فـى الـجـنـات لا يـراهـم الـعـبد لأنـه ةيـكـون مـنـشـغـلٌ كـلـيـة بالـنـور الـمـنزه لـلـه سـبـحـانـه وتـعـالـى .

عن حضرة الـمجلـى جمالى ظـاهـرٌ عالٍ عن الآيـات والهيئات

وهـنـا يـتـكـلـم الأمـام ابـوالـعزائـم عـلى لـسـان الـعـزة الألـهـية فـيقول أن الـجـمـال الألـهـي يـنـعـكس نـوره فى"حـضـرة الـمـجـلـى " وهـو ذات رسـول الـله صلىالله عليه وسلم , فـمـن أراد أن يـرى نـور الـلـه فـلـيـتبع الـمصطـفى صلى الله عليه وسلم و عـنـئـذ يـظهـر لـه الـجـمـال الألـهى فى مـفـامٍ عـالٍ عـن أي آيـة مـن الآيأت وأى شـكـلٍ مـن الأشـكال .

أنالوأغنـى فى الـخفا لـتكلمت أحـجارُ هذا الـبيـت عـن كـلـمـاتى

هـنـا يـنـبـه الأمـام ابـوالـعزائـم الـمـريـديـن الـسـالـكـيـن طـريـق الـلـه سـبـحتانـه وتـعـالـى أن هـذا الـطـريـق لا يـسـلـكـه ألا أولـو الـهـمـة مـن الـرجـال , وأنـه لـو تـكـلـم عـمـا كـشـفـه لـه الـلـه فـى طـريـقـه ومـجـاهـداتـه لـتـكـلـمت احـججـار هـذا البـيـت الـعـحـمـاءولـبـاحـت بـشـوقـهـا وهـيـكـانـهـا لـمـا رأتـه مـن الأنـوار .

قد أوبـت قبلى لمن هـو عـارفٌ تـلك الـجبال بـسرهاالـحيطاتِ

ويـسـتشـهد الأمـام عـلـىتـكـلم احـجـار الـبـيت بـأن الـجـبـال قـد أوبـت قـبـلـه لـسـيـدنـا داود وهـو يـرتـل اشـواقـه وأغـانـيـه فـى حـب الـلـه جـلا وعـلا فـيـقـول أن الـجـبـال قـد أوبـت لـداود وهـى مـا هـى الا أحـجـار عـجـمـاء .

لـكن أشـيرُ بـفرقِ فـرقٍ مـحرقٍ يدرى مـباديـه أُلو الـهـمـاتِ

فـى هـذا الـبـيـت يُـشـيـرُ الأمـام أبـو الـعزائـم الـى حـالـة "فـرق الـفـرق " وهـى رمـزٌ لـحـالـةتــجـمـل الـعـبـد بالـشـريـعـة , حـيـثُ أن هـى أن يـلـتزم الـعـبد بـقـانـون الـعـبـوديـة فـيـكـون فـى حـالـة " فـرق الـفـرق " وهـذه الـحـالـة هـى الـمـقـابـل لـحـالـة " جـمـع الـجـمع " وهـىمـقـام الـحـقـيـقـة , حـقـيـقـة أن الـلـه نـور الـسـمـوات والأرض , وكـأن الأمـام يـقـول أن الـعـبد مـهـمـا تـرقـى بـمـجـاهـداتـه وتـحـلـى بـهـبـات الـلـه لـه فـيـكـون فـى مـقـام الـحـقـيـقـة وهـو حـالـة " جـمـع الـجـمـع " لابـد لـه أن يـعـود الـى حـالـة " فـرق الـفـرق " وهـى مـقـام الـشـريـعـة حـتـى يـتـحـقـق فـيـه قـولـه سـبـحـلنـه وتـعـالـى " إيـاك نـعـبـد وايـاك نـسـتـعـيـن " , وحـالـة جـمـع الـجـمع مـا هـى الا رمـزٌ لـلـحـالـة الـتى يـتـجـمـل بـهـا الـعـبـد بالأنـوار الألـهـيـة حـيـث يـقـول الـلـه تـعـالـى " نـورهـم يـسـعـى بـيـن أيـديـهـم " وأمـا حـالـة " فـرق الـفـرق " مـا هـى الا رمـزٌ لـحـالـة مـجـاهـدات الـعـبـد فـى عـبـاداتـه الـمـختـلـفـة وهـى فـى قـولـه تـعـالـى " قـل إن صلاتـى ونـسكـى ومـحـياى ومـمـاتـى لـلـه رب الـعـالـمـيـن .

غيبٌ عـن الأرواحِ فى كـنزٍ علا ومـطلـسمٌ بالأسم بـل بالـذاتِ

يـخـتـم الأمـام الـقـصـيـدة بـهـذا الـبـيت الـذى هـو فـى حـقـيـقـته اجـمـالٌ لـكـلِ مـا فُـصـلَ فـى الـقـصـيـدة فـيـقـول ان حـقـيـقـة الأنـوار الألـهـيـة هـى غـيـب حـتـى عـن الأرواح فـىكـنـز عـلا وهـى كـالأسـرار الـمـطـلـسـمـة سـواء فـى الآسـم او فـى حـقـيـقـة الـذات , وهـنـا نـشـيـر الـى الـمـقـولـة الأزلـيـة وهـى " أن الـعـبـد عـبـدٌ وان رقـى وأن الـرب رب وان نـزل " فالـعـبـد مـهـمـا رقـى واقـترب مـن الأنـوار الألـهـيـة فـهـو فـى غـايـته عـبـدٌ لـلـه تـعـالـى , وأن الـرب مـهـمـا تـفـضـل بـتـنـزلات انـواره عـلـى الـعـبـد فـلابـد مـن الـتـنـزيـه الـمـطـلـق لـه سـبـحـانـه وتـعـالـى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم   شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Emptyالجمعة مارس 01, 2024 6:42 am


555
قصيدة " الى من هجرتى ولمن حـنيـنى "


الـى مـن هـجـرتـى ولـمن حـنـيـنى     الـى مـرآى الـسـتُ نـمـا جـنـونـى

بـتـجــريـدى إلـيـهِ أفـرُ شــوقــاً      لـتـرآى وجـهـهُ عـلـنـاً عـُيـونـى

وأشـهـدُ نُــورَهُ يُـجـلـى أمـامــى       لـيـقـوى عِـنـدَ مـشـهَـدهُ يَـقـينـى

وبـينَ يـدىَّ يـسـعـى النورُ مِـنـهُ        ويـسعـى مـنـهُ جـهراً عن يَـمينى

ألـبـيـهِ سَـمـاعـاً حـيـنَ  يـدعــو        فَـأسـمَـعـهُ ألـبـى  بـالــشِـجونِ

فـروحـىتـشهدُ الـمجلى  وقـلـبى        يـرى الـحـقَ الـيقين  بلا ظُـنونـى  

إلى مَنْ هِـجرتىوحَـبيـبُ روحـى      لَـديـهِ أنـا إلـيه ِ نَـعـم  ســكـونــى

يُـرى فـى كُل  ِ شَـيئىٍ لـى ولـكن       أُهـاجِـرُ هِـجـرة  الـفـرد ِ الأمـيـنِ

لأدْخُـلَ فـى مَـقـامِ  خـليـلِ  ربـى          بروحىوالـجوارِحُ فىالـحصـونِ

وأشـهدَ غَـيبَ ملكوتٍ  ومُـلْكٍ           ونُـورُ الـمُـصـطــفى  فيهِ يـقينـى

أفِـرُ الـى جِـنانِ الـقـد سِ  منها         يُـقَـربُـنى بِـهِ  لِـكمـالِ  ديـنـى

أطـوفُ وحَـولَ مجـلاهُ   طوافى         ورسـمُ الـبـيت يُـمحـى باليقـيـنِ

وكيف َ ترى  عيون  الروح   كونا          وتـشهــد  حـسن  جـناتٍ  وعـيـنِ

ووجـهُ مـكون  الأكـوانِ حولى           يُـرى جـهراً لكل فــتـىً مـكـيـنِ

   الـشـرح

  الى مـن هـجرتـى ولـمن حـنـينى     الى مـرآى الـستُ نـما جنونـى
يـبدأُ الامـام ابوالـعزائـم رحـلة الـحـجِ وقـد ملأهُ الشوقُ والـحنين , فـترجم لـسـانحـالهِ عـن هـذا الـشوق وهـذا الـحنين فيقول وهـو يـسأل نـفـسـهُ الـى أى هـدفٍ يـكـونُ هـذا الـتـرحـال وهـذا الـحـنـيـن الـفـيـاض ؟  ثـم يـسـتمر الاسـتـفـسار فيقول الأمـام إنَّ هـذا الـترحـال وهـذا الـحـنـين قـد يـكـونـا الى مـقـام " ألـسـتُ " ذلـك الـمـقـام  الـذى شـهـدتـه الأرواح عـنـدمـا خـاطـبـها رب الـعـزة قـائـلاً " ألـسـتُ بـربـكـم قـالـوا بـلا "  وهـنـا يـتـعـجـبُ الأمـام قـائـلاً إنَّ هـذا لـجـنـونٌ زائـد لإنـهُ بـبـشـريـتـه وقـيـودهـا لا يـسـتـطيعُ الـوصـول الى مـقـام ألـسـتُ .

بـتـجريـدى إلـيـهِ أفـرُ شـوقـاً      لـتـرآى وجـهـهُ عـلنـاً عـُيـونـى

ثـم يـكـشـفُ الأمـام الـغـمـوضَ فـيـقـولُ أنـه بـتـجـريـدهِ مـن كـلِ مـا سـوى الـلـه وفـراره شـوقـاً مـن كـل مـا يـشـغـلهُ سـوف تـرأى انـوار وجـهـهِ سـبـحانه وتـعـالـى عـيـونُ الـروح عـلـنـاً , أى أنَّ الامـام يـقـول أنّ الـمـريد الـسـالك  طـريـق رب

العالمين عـنـدما يتجرد من نـفسـه       و شواغـلها ويـفر الى الـله فـرار

الـمـشـتاق فـإنه يـرى انـوار وجـهـهِ سـبـحـانـه وتـعـالـى عـلـنـاً بـعـيـون الـروح وذلـك بـدلـيل أن الأرواح قـد خـاطـبـهـا الـلـه سـبـحـانـه وتـعـالـى فـى مـقـام "الـسـت "

وأشـهـدُ نُـورَهُ يُـجلـى أمـمى       لـيـقوى عِـنـدَ مــشهَـدهُ يَـقـينـى

ويستمر الأمام  ابوالعزائم فى كشف ما يتفضل به الـلـه على العبد من نعم عندما يتـجـرد العبد من كل شـئىٍ فيقول الأمام أن تـجـلـى نـور الـلـه يشهده العبدُ ظاهـراً أمـامـه وأن هـذا الـتـجلى يـكـون تـثـيبتـاً لـفـؤاده ويقينه .
وتـجـلى نور الـلـه يـكون بإنـعـكاس آيـات الـجمال و الـبـسط لـلـعـبد
فى كل حـال , فـيرى الـعبد كل ما فـى الـكون جـمـيلاً , ويكون كـل حـالـه بـسـطـاً ورضـاً , الـلـهـم إجـعـلنـا مـن اهـل الـبسـط والـرضـا .

 وبـينَ يـدىَّ يـسـعـى النورُ مِـنهُ        ويـسعى مـنـهُ جـهراً عن يَـمينى

وهـذه الـنـعـم الـتى يـتـفـضـل بـهـا الـلـه عـلـى الـعـبـد  هـى تـحـقـيـق قـولالـلـه تـعـالـى " نـورهـم يـسـعـى بـيـن أيـديـهـم وبـأيـمـانـهـم "  

ألبـيهِ سَماعـاً حـينَ يـدعـو        فَـأسـمَـعـهُ ألـبى بـالـــشِـجـونِ

ويـكـمـل الأمـام ابو العزائم مـعـنـا مـظـاهـر الـنـعـم الألـهـيـة عـلـى الـعـبـدعـنـدمـا يـسـتـحـضـرُ الـلـهَ فـى كـل عـمـل يـقـوم به , وكـأنـه يـسـتـحـضـرُ سـمـاع دعـوة الـلـه لـه فيقـوم بـتـلـبـيـة الـدعـوة اسـتـحـضـاراً لـرب الـعـزة جـلا وعـلا , فـإنَّ الـعـبد بعد ذلك يـحـدثُ لـه الـحـضورَ الـحـقيـقـى مع الـلـه فـيـسمع سـمـاعـاً حـقـيـقياً دعـوة الـلـه لـه وهـنـا تـكـون الـتـلبيـة الـحـقـيـقـيـة الـتى لا تـكـون إلا بـالـشـجـون أى بـكل خـالـجـة مـن خـوالـجـه .

   فـروحـى تـشهدُ الـمجلى وقـلـبى        يـرى الـحـقَ الـيقينَ بلا ظُـنونـى    

وعندما يـحـدث الـحـضور الـحـقـيـقى مـع الـلـه تـكون الـروح قد شهدت الـمـجـلى أى تـجـليات الأنوار الألـهـية فى كل الـمـخـلوقات , ويكون القلب قـد رأى الـحـق الـيقـيـن بـلا ظـنـون و تـشـبـيـهـات
اشـارة : الروح عندما تنكشف لها الـحـجـب  وتـتـجـرد مـن قـيـود الـجـسـد تـرى الـمـجـلـى أى تـجـلـيات الأنـوار فـى الـكـائنات وأما القلب فـإنـه يذهـب عـنه الـريـن  ويـحـدث لـه رؤيـة الأشـياءبـحقيقتها بلا ظنون.

    إلى مَنْ هِـجرتى وحَـبيـبُ روحى       لَـديـهِ أنـا إلـيهِ نَـعـم ســكـونـى

يـقـف الأمام ابوالعزائم بـعد هـذه الـسياحـة الـنورانـية مـع الـنـفس ,فـيسأل سـؤالاً تـعـجبياً فـيقول "كيف يكون هـذا الـترحـال إذا كـنتُ أنـابـكُـليـتى مـع الـلـه , وأن الـلـه سـبـحـانه وتعالى الـذى أمـدنـى بـكل تلك الـنعم ومـن هـذه الـنعم أن يـكون تـمام الـسـكون والـطمأنـينة للروح فـى اللجـؤ الى الـله والـدخـول فـى حـظـيـرة أنـواره جـلا وعـلا .

   يُـرى فـى كُلِ شَـيئىٍ لى ولـكن        أُهـاجِـرُ هِـجرة الـفـردِ الأمـيـنِ

ورغـم أن نـور الـلـه فـى كـل مـكـان ويُـرى فـى كـل شـيئى الا أنَّ الأمام يقول أن الـعـبد يـجب عـليـه الـتـجـرد أى " الـهـجـرة " والـفـرار الـى الـلـهوذلك عـمـلاً بـسـنـة الـمـصـطـفـى صـلى الـلـه عليه وسلـم .

إشـارة : يـرمـز الأمـام فـى هـذه الـقـصيدة بـكـلمة " الـهـجـرة "  ويقصد والـلـه اعلـم بـها "الـتـجــرد " و " الـفـرار " الـى الـلـه سبـحانه وتعالى - وهـى إشـارة الى أن الـعـبد عنـدمـا يـنوى اداء الـحـج فـإنه يُـعـلن بـذلكالـتـجـرد مـن كـل مـا سـوى الـلـه والـفرار بـكـلـيـته الـى الـلـه .  

   لأدْخُـلَ فـى مَـقـامِ خـليـلِ ربـى         بروحى والـجوارِحُ فى الـحصـونِ

يعود بـنا الأمام الى اسـرار الـحـج و مـشاهـداتـه الـعـلـويـة فى رحـلة الـحـج فيقول أن أداء الـعـبد لـفريضة  الـحــج مـاهـو الا تـلبـية لـنـداء خـلـيـل الـلـه سيدنا "ابـراهـيم " حـيث أمـره الـلـه تـعـالى حـيـث قـال " وأذن فى الناس بالـحـج يـاتـوك رجـالاً وعـلى كـل ضـامـرٍ "   وتـلك الـتلبـيـة لا تتـحـقـقُ الا إذا تـحـلـى الـعـبد بـالـدخـول فى مـقـام الـخـليـل صـلـوات الـلـه عليه وسلم وذلـك بـأن تـسـمو فـيه الـروحـانـيـات وأن تـكـون جميع جـوارحـه فـىحـصنٍ مـنيعٍ مـن الـشـريـعـة وإتـباع اوامر الـلـه سبحانه وتعالى

   وأشـهدَ غَـيبَ ملكوتٍ  ومُـلْكٍ         ونُـورُ الـمُـصـطــفى فيهِ يـقينـى

وعـنـدمـا يـتـحـقـق لـلـعبد الـدخـول فى مـقـام الخـلـيل صـلوات الـلـه عـليه فـيكشـف لـه الـلـه بـعـضاً مـن غـيـب الـمـلـكـوت والـمـلك تـفـضلاً وجمالاًفـيـجب على الـعبد هـنا أن يـكون نـور الـمـصـطفى صلى الـلـه عليه وسلم هـو دلـيـله و قـائـده , ونـور الـمـصـطفى هـنا هـو إشـارة الى إتـباع الرسول فى كـل حـركـة وسـكـنة , فـإتـباع الــرسـول  صلى الـلـه عليه وسلم هـو الـحصن الـحـصين الـذى يـقـى الـعـبد مـن شـطـحات الكشف وأوهام النفس

  أفِـرُ الـى جِـنانِ الـقـد سِ  منها         يُــقَـربُـنى بِـهِ لِـكـمـالِ  ديـنـى

يـعـود بـنـا الأمام ابوالعزائم لـيـؤكـد حـقـيـقـة الـحـج وأنـه هـجـرة وفـرار الـى الـلـه تـعالـى , وأن الـلـه سـبـحانه وتـعالـى بـتـوفـيـقه لـلـعـبد فـى أداءِ" الـحـج " يـقربه بـذلك الى إتـمام كـمـال الـديـن .

  أطـوفُ وحَـولَ مجـلاهُ   طوافى         ورسـمُ الـبـيت يُـمحـى باليقـيـنِ

 وكيفَ  ترى عيون  الروح     كونا         وتـشهــد حـسن جـناتٍ وعـيـنِ

 ووجـهُ مـكون الأكـوانِ حولى        يُـرى جـهراً لكل فـــتــىً مـكـيـنِ

يُـنـهى الأمام ابوالعزائم الـقـصيدة بـهـذه الـثـلاثـة أبـيـاتٍ كـدلـيـل صـادقٍ عـلى مـوضـوع الـقـصيدة الـحـقيقى وهـو " هـل الـفرار الـىالـلـهِ فـى رحـلة الـحـج هـو إنـقـال مـن مـكـان الى مـكـان أم أن حـقـيـقـته أنـه فـرارالـى الـخـالـق جـلا وعـلا وأن ذلـك لا يـكـون الا  إذا إسـتـحـضـر الـعـبد الـلـه فـى كـل سـكـنـاتـه وحـركـاتـه , ويُـعـطى الأمام مـثـالاً على ذلك بـقـوله أنـه عـنـدمـا يـطـوف حـول الـبـيـت يـكـون هـذا الـطـواف بـحـقـيـقـته حـول مـجـلاهُ وأن كـل مـا عـدا الـلـه يـفـنـى ولا يـراه حـتـى أركـان الـبـيت الـعـتيـق وهـو الـكـعـبـة  , وذلـك  لأن الأنـسـان إذا مـا راى الأنـوار الألـهـيـة لا يـنـشـغـلُ نـظـره ُ بـرؤيـة أى نـعـيـم وجـمـال آخـر, وأن الـعـبد الـذى وفـقـه الـلـه بمـقـام " الـتـمـكـيـن " يـكـون فـى
حـضـور   دائمٍ مـع الـلـه وشـهـودٍ لـجـمـالـه سـبـحـانـه وتـعـالـى .


قصيدة  "تغنيتُ فى صومى"

تَغَنَيْتُ فى صَوْمى  أغَانـىَ تَشبيـهى     ولى فى صيامى مشْهـدُ الـتنزيـهِ

تَـشبـهتُ فى صومـى بعالـمِ  أولى    تجردتُ من سُفلىوقد  كنتُ فى التيهِ

أنامن؟ وفوق التربِ   هيكلىَ الدنى        أفى العالمِ الأعلى   وحالىَ  أخُـفيهِ

عجبتُ أرانـىَ صورةً لـجـمالـهِ        ورسمىَ من طينٍ  وحِسىَيـبـديـهِ

يُـظَلـلنى من نـورِ معنى صفاتهِ         ويُظهِرُنِى عبداً بـهِ  مـنهُ  يعليـهِ

تركتُ المبانىَ  أشرقَ الوجهُ بالضيا         تركتُ أنا حتى  دنا فى تـدلـيـهِ

أناعندها الإشـراقُ أجلى حقـيقتى         لـعالـمِ أعلى فى مقـامِ تـجليـهِ

خَـفيتُ ولولاالصومُ أثـبتَ رُتبتى       لأحرقتْ الـسُبـحاتُ ما  كُنتُ أدريـهِ

جـمعتُ بـصومى مشهدينِ تنازعا       لدى السلبِ والإيجابِ والصومُ يُفنـيهِ

فـلا أنـا فى صومى أنا بـتطورى       ولـكننى المصباحُ من غيرِ تـشبـيهِ

هو الصومُ بالـتشبيهِ يستُررتبتى         وفى حضرةِ التـنزيهِ إخفاءُ تـشبيهى

وكُلُ الـحقائقِ فى صيامى تُليحُ لى          غُيوباُ بـحقِ العـينِ لا الـتمويـهِ

جَـواذبُ حُبٍ فى صيامِ حقائقى          وصولـةُ حقٍ والضيا لـى يُـجلـيهِ

هوالصومُ تشبيهٌ هوالصومُ جذبةُ           ا لى الأجتلا والصائمُ  الحقُ  يُعطيهِ

فصومى أياروحىوسوحى تقربــاً         اليهِ بـتـقريبٍ   بـهِ لـكِ يـُجليهِ

وسُوحى بأعلى فى الصيامِ لتشهدى            جمالَ جـميلٍ فـى مقامِ تـجلـيهِ

ففى الصومِ تـُجلى لى الـمعانى جليةً         أنلْ عبـدكَ الـحُسـنى بفضلِكَ تُعليهِ

الشرح

تَغَنَيْتُ فى صَوْمى  أغَانـىَ تَشبيـهى      ولى فى صـيامـى مشْـهدُ التـنزيـهِ
يطوفُ بنا الإمامُ أبوالعزائم فى روضةٍ من رياضِ شهرِ رمضانَ الكريم شهرُ التجلياتِ , فيتغنى فى صومهِ بأغانى التشبيه , وأغانى التشبيه هى تلك الترانيمُ التى ترِدُ على قلبِ العبدِالمؤمنِ فى حالاتِ التجلياتِ الإلهية فيتشبهُ بالحالةِ النورانيةِ ويكونُ كما قال القرآنُ"نورُهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم", ولكن الإمامَ يُشيرُ الى أنّ أغانى التشبيه لابدّ وأن تكونَ مُقيدة بمشهد التنزيهِ الخالصِ(تنزيهُ الخالِقِ سبحانه وتعالى) , وهذا التنزيهُ يكونُ ظاهراً أثناء الصيامِ فالعبد عبداً وإن ارتقى بالصيامِ والربُ ربٌ وإن تجلى على عبده بالأنوارِ

تَـشبـهتُ فـى صومـى بعالـمِ  أولى      تجردتُ من سُفلىوقد كنتُ فى التيهِ

يكشِفُ لنا الإمامُ ابوالعزائمِ عن الكثيرِ من أغانى التشبيهِ فيقولُ أنه قد تشبه فى أثناء صومه بعالمه الأولى وذلك عند يوم "ألستُ" عندما كان فى فى الحالةالنورانية الروحانية عندما خاطب الـلـه سبحانه وتعالى بنى آدم قائلاً "ألستُ بربكم"وأجابَ الجميع "بلى" وهذا التشبه بالعالم الأولى لايكون إلاَّ   إذا تـجرد العبد من كلِ ما هو سُفلى أى كل ما هو مادى طينى , حيثُ أن الإنغماسِ فى المادياتِ  والشهوات ماهـو إلا التيهِ والضياعِ .

أنامن؟ وفوق التربِ هيكلىَ الدنى      أفى الـعـالــمِ الأعـلـى وحالـى َأخُـفيهِ

يغوصُ معنا الإمامُ ابوالعزائم ليُخرِجَ لنا الدُرَ الثمين فيسألُ نفسهُ بعدما تشبه بعالمهِ الأولى وتجرد عن كلِ ماهوسُفلى فيقولُ "من أنا؟ " أى ماذا يكون مقام العبد إذا ما فـرَّ من هيكلهِ الدنى أى الجسد الذى هو من تراب والى تراب حيثُ لايُقيدهُ شـيىء ,أى إنه قد فرَّ من هذا الهيكل الدنـى وطاف فى العالم الأعلى عالم الأنوار ويكون السؤال "من أكون إذا كان هيكلى ظاهراً طيناً تراباً ولكن حقيقتى تهيم فى العالم الأعلى رغم إخفائى لحالى ؟"

عجبتُ  أرانـى  صُـورةً لـجمالهِ     ورسمىَ مـن طينٍ وحِـسىَ يُـبديـهِ

يُكملُ معنا الإمامُ ابوالعزائم رحلتهُ النورانية فيتعجب من صورته الجمالية وهى صورة العبدِ المؤمنِ المُكَمل بالأنوارِ الإلهية بعدما تجرد من كلِ ما يُدنيهِ الى السُفليات الجسدية وذلك رغم أن رسـمهُ الطينى وحِسـه وجوارحه تُبـدى لـهُ ذلك.

يُـظَلـلنى من نـورِ مـعـنى صفاتهِ       ويُظـهِرُنـِى عبداً بـهِ منهُ يـُعلـيهِ

والعبدُ وهو فى الـحالة النورانية وذلك عندما يتجردُ عن رغباتِ الجسد ومتطلباتهِ فإن الـلـه سبحانه وتعالى يفيضُ عليهِ من نورِ معنى صفاتهِ فيتجلى ربهُ عليهِ بصفات الجمالِ من الرحمـة والبهاءِ فيظهرُ العبدُ فى الصورةِ العبدية الحـقة وهى أن يكونَ عبداً ربانـياً .

تركتُ المبانىَ أشرقَ الوجهُ بالضيا       تـركتُ أنا حتى دنا فـى تـدلـيـهِ

ويستمرُ الإمامُ فى شرحِ حالِ العبدِ عندما يتجردُ عن الـمبانى وهى كلُ ما سِوى الـلـهفإن أنوار الضياء تُشرِقُ عليهِ ثُم عندما يرقى العبدُ فيتجرد عن "الأنـا" أى أن يصلَ العبدُ المؤمنُ الى درجـةِ مـحـو الذاتِ كليـةً وبالتالى ينـمـحى الوجودَ كله فلا يكون هناك إلا الـلـه ونور الـلـه فى الكونِ وهنا يُشيـرُ الإمامُ الى الآية " ثم دنا فتدلى" أىعندما أُعْرِجَ برسولِ الـلـه صلى الـلـه عليهِ وسلم فى الأنوارِ القدسية وهى مقامُ     "قاب قوسينِ أو أدنى " .........وهُنا يُـمـسِكُ القـلمُ عن التعـبيرِ مـخافة التـحويرِ .

أناعندها الإشـراقُ أجلى حقيقتى       لـعـالمِ أعـلى فـى مقـامِ تـجـليهِ
تتوالى الـهاماتُ الإمامِ أبى العزائمِ فيكشِفُ لنا عن سـرٍ غامضٍ لا يُدرِكـهُ إلا من تـحقـقَ بـمـحوِ ذاتـهِ أى مـحـوِ " ألأنـا " فيـخبرنا أن الإشراقَ النورانى الربانى يُجـلى حـقيقـة العبد المؤمنِ فى العـالمِ الأعـلى عـالمِ الأنوارِ والـسبـحاتِ .

خَـفيتُ ولولاالصومُ أثـبتَ رُتبتى       لأحرقتْ الـسُبحاتُ ما كُنتُ أدريـــهِ

يقولُ الإمامُ ابولعزائم أنهُ لولا رحمـة الـاـه بنـا وإخفاءِ الحقيقة النورانية للعبد المؤمن بذلك الجسد الطينى , تلك الحقيقة النورانية التى أظهرها الصيامُ حيثُ أن الصيامَ هودرجة من درجات السمو الروحانى للعبد, فيقول الإمام أنه لولا هذا الإخفاء لأحرقت السبحات النورانية كل ما تـجلىبـهِ الـلـه على العبد من علومٍ وأسرار .

جمعتُ   بصومى  مشهدينِ   تنازعا       لدى السلبِ والإيجابِ والصوم  يُفنيهِ

فلا أنـا فى صومى أنا بـتطـورى      ولـكننى المصباحُ من غيـرِ تـشبـيهِ

هو الصومُ بالـتشبـيهِ يسـتُررتبتى      وفى حضرةِ التـنزيهِ إخفاءُ تشبـيهى

تتوالى إشارات الإلـهامِ الربانىعلى الإمام أبى العزائم فيغوص بنا فى بـحر الفيوضات ويكشف لنا عن حقيقة الصوم فيقولُ أن العبد المؤمن فى حالة الصوم يكون قد جمع مشهدين متقابلين , مشهدُ السلبِ أى حِرمانُ الجسدِ من الملذات المادية ومشهدُ الإيجابِ أى تفضلِ الـلـه بالأنوارِ على العبد المؤمن فى حالة الصيامِ .وهنا يقول الإمام أن العبد المؤمن وهو فى حالة الصوم لا يكونُ هو ذلك الجسد الذى يتقلبُ من حالة الى حالة ولكنه يكون هو المصباح الذى يُضيئ بنور الـلـه وذلك مع فارق التشبيه . ومعنى ذلك أن الصوم ما هو إلا إخفاءٌ وسترٌ للحالة النورانية للعبد وذلك بامتناعه عن الطعام والملذات وأن العبد عندما يرتقى فى صومه فإن هذا الإرتقاءُ ما هو إلا إخفا للإخفاء أى يكون العبد كليةً مع الـلـه .

 وكُلُ الـحقائقِ فى صيامى تُليحُ لى       غُـيوباُ بحـقِ الـعـينِ لا الـتمويـهِ

جَـواذبُ حُبٍ فى صيامِ حقائقى       وصولـةُ حقٍ والضيا لـى  يُـجلـيـهِ

هنا يُجملُ الإمامُ أبوالعزائم حقيقة الحقائق فى الصوم وهى أن العبد المؤمن فى حالة صومه تتجلى عليه الحقائق وكأنها تُرى بالعينِ وليس بالتمويه والتشبيه , وهذه الحقائق هى جواذبُ الحبِ فى صيام الحقائق وصولة الحق واجتلاء الضياء الربانى النورانى على قلب العبد المؤمن .

هوالصومُ تشبيهٌ هوالصومُ جذبةُ          الـى الأجتلا والصائمُ الحقُ يُـعـطيهِ

فصومى أياروحى وسوحى تقربـاً       الـيهِ بــتقـريبٍ بـهِ لـكِ يـُجليهِ

وسُوحى بأعلى فى الصيام  ِ لتشهدى       جـمـالَ جـميـلٍ فـى مقامِ تـجليهِ

ففى الصومِ تـُجلى لى المعانى جليةً        أنلْ عبـدكَ الـحُسـنى بفضلِكَ  تُعليهِ

يختمُ الإمام ابوالعزائم هذه السياحة الصيامية فيوجِز معنى الصيام بأن الصيام ما هو إلا تشبيه , فالصائم يتشبه فى صيامه باصله النورانى  فيكون نورا بلا جسد وهنا اذا صدق الصائم فى صومه تحدث له الجذبة وهى جذبة الشوق التى بها يهيم الصائم حتى يتجلى عليه الـلـه بالأنوارِ وحينئذٍ يكون الصائم صائماًبالجسد وبالروحِ ويكون أقرب ما يكون الى الـلـه فى مقام التجلى ,  فاللهم أنلنا الحسنى بفضلك يا ارحم الراحمين , وامنحنا حسن اتباع رسولك سيدنا محمدٍ عليه الصلاة والسلام .

قـصـيدة  "سِـيـرتـى  سَـيْـرى "
سِيـرَتـى سَـيْـرى وسَـيرى سِـيرَتـى     فى بـقائى حـيثُ جَـمعـى حِـيرَتـى

حـيـرتـى  فـيهـا الـيقـيـن لأنـها       أثـبتـت عجـزي َفـصَحـت غَيْـرَتي

غَيْـبَـتـي فيـها  وجـودي  مُـثْـبَتٌ         بِإ نـمحاءِ" أنا" بـنورِ بَـصـيـرتـي

أَثْـبتتـنـي  حَـيْرتـي   َفـضْـلاً بـهِ        صـح و صـلي في إتـضاحِ سَريرتي

كُـنْتُ  رَسْـماً  بالـياً  و" أنـا" "أنـا"        صِـرتُ نـورًا كَـنـزَ غَـيبِ الصورةِ

صُورةٌ لاحــت بِـهـيْـكـلىَ الـذى         صَاغـهُ بِـيـديهِ  رمـزَ الـسـِدرةِ

سِــدرةٌ غُـشيـَت بِـظَـلِ صَـفـاتِه        صارت الـمـظـهرُآيُ الـقُــــدرةِ

قُــدرةٌ َقـد    َأعْــجـزت أرواحَـنا        نُـورُ مـقـتَـدِرٍ عـلا   عـن خِـبرةِ

أَشْــرَقَت آيــاتـُـهُ تُـبنـي بـمـا       أسـكرَ الـرُوحَ بِــصـافـي خـَمرةِ

خـمرةٌ يَـومَ  " ألـستُ"  حَـيرتْ          كُـلَ رُوحٍ مِـنْ تَـجلي الـحَـضرَةِ

لـم تَـغِب عَـن  رُوحِ صَبٍ سَـبَـقت          مِـْنهُ حُـسـناهُ لـهُ    بـالـخِيـرةِ

خِـيـرةٌ   سِرُ    الإرادَةِ  خَــصَصَت         مُـْفـرَداً صُوفـي   بـفضلِ  الـقُدرةِ

الـشـرَح

 سِيـرَتـى سَـيْـرى وسَـيـرى سِـيرَتـى     فى بـقائى حـيثُ جَـمعى حِـيـرَتى

فـى سِـيـاحةٍ مـن سِـيـاحاتِ الـروحِ فـى عَـالـمِ الأنـوارِ يَـبـوحُ لـنـا الإمـامُ ابوالـعزائم بالأسرار فَـيـتغـنى قـائـلاً "سِـيـرَتى سـيرى وسَـيـرى سِـيـرَتـى" أى أنَّ سِـيرةُ الإنـسـانِوهـى تَنـقُلِهِ مـن عـالمِ الـنـورِ الـى عـالـمِ الـذرِ يـومَ ألَـسـتُ الـى عـالـمِ الأشـبـاحِ فـى الـحـيـاةِ الـدُنـيـا ثُـمَ عَـودتَـهُ مَـرةً أُخـرى الـى حـيـثُ بَـدأ , هـذهِ الـسـيـرة تـكـون مـطـابـقـةً لـسـيره فـى حـياتـه الدُنـيـا مـن تَـنـقُـلٍ فـى مـقـامـاتـه  وفـى عـبـادتـه وعـلاقـته مـع الـلـهِ تـعـالـى  وحـيـثُ أنَّ أعـلا مقـام يـصِلُ الـيه الـعبد هـو مقام     " الـجـمع" حـيـث تجـتمعُ  إرادةُ الـعـبدِ مـع ارادة الـلـهِ فـيكـون الـعبـدٌُ بـكُـلـيـتهِ مـع الـلـه , ومـقـامُ الـجمـع هـذا يُـخـبرنـا الإمام ابوالعزائم  أن الـبـقـاءَ فـيـهِ يـجـعـلُ الـعبد يـعـيـشُ فـى حـالِ " الـحَـيـرة "  والـحَـيـرة هُـنـا مـن شِـدةِ الأنوارِ الإلـهـيـة الـتى تـسـطـعُ عـلى  الـعـبـد فـى مـقـامِ الـجـمـعِ .

حـيرتى  فـيـهـا الـيقـين لأنـهـا     أثـبـتـت عـجـزي َفـصَحـت غَيْـرَتي

وحـالُ "الـحـيرة" الـذى يَنـتابُ الـعـبدُ عـنـدما يَـتـعـايـش رُقـيـاًفـى مـقـام الـجـمـع يـكـون هـو تـمام الـيـقـين  والإثـباتِ بِـعـجـز هـذا الـعـبد وهـنا تـتـضَـحُ "الـغَـيـريـة "أى يَـثـبُتُ  للـعبـد أنـهُ فـى مـقـامِ الـجـمـعِ أى إجـتماعُ إرادة الـعبدِ مـع إرادة الـلـهِ ولـكـن مـع تـمامِ الـغيـرية فالـعبـدُ عبـدٌ وإن رقـى والـربُ ربٌ وإن نـزل .

غَيْـبَـتي فيــا وجـودي مُـثْـبَتٌ      بِإ نـمـحـاءِ" أنا" بـنـورِ بَـصـيرتـي
والغيبـةُ هُـنا هى فـناءُ العبدِ بكُليتهِ فى الأنوار الإلهـية ويكون وجودُ العبد مُثبتٌ بإنـمحاءِ" الأنا", والأنا هنا هـى البشرية والآدمية ومتطلباتهما بكل ما يربط العبد بعالم المخلوقات, وهذا الإنـمحاءِ او الفناء يكون بالبصيرة حيث لاوهم ولا خـيال .

أَثْـبتــتـنـي حَـيْرتـي َفـضْلاً بــهِ      صــح و صـلي في إتـضاحِ سَريرتي

يـعـودُ الإمامُ ابوالعزائم لـيؤكد مـعـنىً مـن مـعانـى الـتوحيد الكامل لـلـهِ وهـو أنَّ الإنسان إذا مـا وصـلَ الـى حـالِ  " الـحـيرة" يـكـون هـذا الـوصول  بـمـحضِ الـفـضلِ الإلـهى ولـيـس بـكـسبٍ أو بـعـملٍ وهـذا الـفـضل الإلـهى يـكون هـو الـضـمان للإنـسـان فـىأن صِـلةَ وصـله صـحـيـحـة  وذلك يـكـون بـنـقاءِ سـريـرتـه وصـحـة نـواياه .

كُـنْـتُ رَسْـماً بالياً و" أنـا" " أنـا"     صِـرتُ نـورًا كَـنـزَ  غَـيـبِ الصـورةِ

يـعـرِضُ عـلـينـا الإمـامُ ابو العزائم مـشـهداً يُـبـينُ حـالَ الإنـسـان قـبـلَ أن يـصـلَ الـى مــقام " الـجـمــعِ " , فـيـقول أن الإنـسانَ قـبلَ أن يـصـلَ إلى مـقامِ الـجـمعِ يـكون رسـمـاً بـالـياً جـسـداً بـلا روح , يـحـكـمـهُ الـجـسـد ومتـطــلبـاتـهِ , وهـو عـنـدما يصـلُ الـى مـقامِ " الـجـمعِ " يـكون قـد وصـلَ الـى الـحـالـة الـنـورانـية حـيـث يـقولُ الـلـه تـعالـى " نـورهـم يـسـعى بـيـن أيـديـهـم " وهـذا الـنور هـو الـكنز الـحقيقى الذى هو غيبٌ عن البصر لأنـه هـو الـصـورة الـنـورانـيةللإنـسـان الـمـجـمـل بالأنـو ار الإلـهـيـة .

صُــورةٌ لاحــتْ بِـهـيْـكـلىَ الـذى     صَاغـهُ بِيـديـهِ رمـزَ الـسـِـدرةِ

هـذه الـصورة الـنـورانيـة الـتـى لاحـت وظـهـرت فـى  هـيـكلِ الإنـسان أى الـجـسد ذلـك الـجـسـد الـذى كـان لـه شـرف كـبـيرٌ وهـو انَّّ الـلـه قـد صـاغـهُ بـيـديهِ , وذلـك الـجـسـد الـذى هـو مـحـلُ الأنـوارِ الإلـهية كـما كـانت الـسدرة "سدرة المنهتى "هى محلُ الأنـوار الألـهية قـال تـعالى " إذ يـغـشـى الـسدرة مـا يـغـشى "

سِــدرةٌ غُـشـيـَت بِـظَـلِ صَـفاتِـه      صـارت الـمـظـهرُآيُ الـقُـدرةِ

هـذهِ الـسـدرة الإلـهـيـة وهـى هـنـا إشـارة الـى الـهـيـكـلِ الإنـسانـى أى الـجـسـد وكـيـف أنَّ هـذا الـجـسـد قـد تـجـلـى الـلـه عـلـيهِ بـصـفـاتهِ نـن الـبـصـر والـسـمـعِ والـحـركـة حـتى كـان هـذا الـجـسـد هـو الـمـظـهـر لـكـلِ  آيـاتِ الـقـدرة الألـهـية

قُـدرةٌ َقــد َأعْــجـزت أرواحَـنـا      نُـورُ مـقـتَـدِرٍ عـلا عـن خِـبـرةِ

هـذهِ الـقـدرة  الإلـهـيـة بـكـلِ مـقـومـا تـهـا أعـجـزت الأرواح عـن أن تـصـلَ الـى حدودهاوذلـك لأنّ الـقدرة الإلـهيـة تعـلو عن أقـصى حدود الـعلم والخبرة للإنسـان.

أَشْــرَقَت آيــاتـُـهُ تُـنـبـي بــمـا      أسـكـرَ الرُوحَ بِـصافـي خـَمرةِ

يـفيضُ الإمام ابوالعزائم علينا مـن فيوضاته الإلـهـيـة فيـخـبـرنـا أنَّ إشـراقـات أنـوار الآيـاتِ الألـهـيـة مـا هـى إلا إشـاراتٌ نـورانـيـة أسـكـرت الـروحَ بـصـافـى الـخـمـرةِ .

خـمرةٌ يَـومَ " ألـستُ"  حَـيرتْ       كُـلَ رُوحٍ مِـنْ تَـجــلي الـحَـضرَةِ

هـذه الـخـمـرة الـصـافـيـة هـى خـمـرةُ الـتـجـلـى الـتى حـيـرت الأرواحَ عـنـدمـا تـجـلـى لـهـا الـفـتاحُ فـى يـومِ "ألـسـتُ" حـيـثُ قـال الـلـه تـعـالـى " ألـسـتُ بربـكـم " وقـالـت الأرواحُ " بـلـى " .

لـم تَـغِب عَـن رُوحِ صَبٍ سَـبَـقت      مِـْنهُ حُـسـنـاهُ لـهُ بـالـخِـــيـرةِ

إنّ هـذه الـخـمـرةُ الـصـافـيـة الـنـورانـيـة لـم تـغـب عـن روحِ كـلٍ مـن سـبـقـت لـه الـحُـسنى وذلـك هـو الـخـير والـخيرُ الـوحـيد الـذى يـنـالـه الإنـسـان فـى هـذه الـحـيـاة الـدنـيـا , وهـو الـخـير الـذى يـجـد ريـحـه كـلـما تـذكـر الـنـداء الإلـهـى " ألـسـتُ بـربـكـم "

خِـيرةٌ سِــرُ الإرادَةِ خَـصَـصَت      مُـْفرَداً صُـوفـي بـفـضلِ الـقُـدرةِ
ذلـك الـخـيرُ الذى كان سـبـبه هـو الإرادة الإلـهيـة التى إخـتصـت عـبـاداً ـافـاهـم الـلـه بـفـضـلـهِ لـيـكـونـوا قـنـاديـلَ نـورٍ لـلـبشـريـة جـمـعـاءَ وهـؤلاءِ هـم ورثـة الـرسـل  وأتـباع الـمـعـصـوم صـلـى الـلـهُ عـلـيـه وسـلـم الـذيـن سـاروا عـلـى سُـنته وإنـتـهـجـوا بـنـهـجـه ِصـلى الـلـه عـلـيهِ وسـلـم .

إشـارة :هـذهِ الـقـصـيـدة مـن قـصـائـد الـخُـلـوة لـلإمامِ أبى الـعـزائم , وقـصـائـد الـخُـلـوة لايـجـبُ أن نـتـناولـهـا إلاَّ بالإشـارة ولـيـسَ بـالـعـبـارة , ونـحـنُ هـنـا نـحـاول أن نـستــلــهـم الإشـارة فـعـفـواً إن خـانـتنـا الـعـبـارة , فالإمام ابوالـعزائم بـحـرٌ عـمـيـقٌ مـلـئىٌ بالأصـدافِ فـنـدعـو اللـه ان يُـجـنـبـنا الـمـيـلَ والإنـحـرافِ ..آمـيـن .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم   شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Emptyالجمعة مارس 01, 2024 6:43 am

555

قصيدة " بحالى ترنم "

بـجالى ترنم واخف بالـحالِ ًَصبوتى ودع عنكَ قولى ثم ذق بالاشارةِ
فلى عـندما ادنـو جمالٌ مقـدسٌ يُشاهـده من ذاقَ راحَ مُدامتى

وعند التدلى نور حالى غامضٌ وسدرة ذاتى جُمِلت بـحقيقتى

غشاها جمالُ القربِ نور تـحـقـقٍ مقامٌ عـلَّىٌ عن عيون البصيرةِ

إذا ما غشاها يُفـتحُ الكنزُ جـهرةً لـمن طـُلِبو منى لنيلِ شهادتى

فـلا سدرتى تبدو إذا ماتجـملت ولكن يلوح الحسنُ من كل وجهةِ

أرانى جمـالاً عن جميلٍ مُـقدَسٍ إذا ما غَشاها من ضِيا واحديةِِ

فيـتدلى لى بالحسن بعـد تحقـقى بأنوار ذاتٍ بعـد محو المعيـةِ

فـلا أنا مشهـودٌ ولا أنا غائـبٌ وضدانِ قدجُمِعا فذُق خَمرَ نَشوَتى

بـقـاءٌ فـناءٌ ثُمَّ عِـزٌ مـذلـة ٌ وثَلجٌ ونارٌ جُّمِعت فى حَقـيقـتى

ولى ساعةٌ ضاقت بهاالأرضُ والسما وعرشٌ وكُرسىٌ بل وأرجاءُ حيطةِ

أرانى مُحيطاً قـد وَسِعتُ كـمالـهُ فمن ذا يَسَعُنى غيرَ ربى بحيطتى

ظُهـورٌ بُطـونٌ واحـدٌ لاح نوره وأزلٌ وأبدٌ من يُرى غيرَ صورتى

تَجَمَّعت الأضـدادُ والحـقُ واحـدٌ يُشاهَدُ بالعينِ التى من حقيقتى

ألا غـنِ لى حتى أطـيبَ بذكـرهِ لديـها تَلقَّ من لآلي بـدايتـى

وكـرر على سَمعى حديثَ جـمالهِ وإنى لهُ صـبٌ مشوقٌ بصَبوتى

الشرح
"دع عنك قولى" " ذق بالإشارةِ" يبدأ الامامُ ابوالعزائم هذه القصيدة بهذا التنـبيه قائلاً إنك إذا أردت فهم مقالتى فيجبُ عليك ألا تلتصق باللفظ ولكن عليكَ بالمعنى والاشارة وذلك لأننا نغوص معاً فى بحر الأشواقِ حيث لا تستطيع الألفاظ أن تفى بالعبارة فكان لابد للاشارة أن تكون هى طوقُ النجاة لنا فى هذا البحرِ العظيم .

بحالى ترَنم واخـف بالحالِ صَبوتى ودع عنكَ قـولى ثمَ ذُق بالاشارةِ

يتغنى الامامُ ابوالعزائم وهو فى نشوة "حال القرب" فيتكلم بلسان العبد السالك طريقَ رب العالمين والذى ترجم لسانه بعبارات واشارات عن نعيم الجنة الآجلة التى يعيشها أهل القرب أهلُ الحقيقة فيقول بالحال الصادق تغنى وبالحال الصادق لا تحاول أن تُظهِرَ صبّوة الجمال واترك يا أخى الأقوال وتمسك بالاشارات ‍‍.

فلى عـندما ادنـو جمالٌ مقـدسٌ يُشاهـده من ذاقَ راحَ مُدامتى

هنا يكشِفُ الامامُ عن السرِ الذى جَعَلهُ لا يتمسك بالأقوال بل بالاشارات وهذا السرُ هو أن العبد الذى يسلك طريق رب العالمين عندما يتم له الفوز بالمقامِ المحمدى كما قال اللهُ تعالى " دنـا فتدلى " أى أن العبد عندما يدنو من الأنوار الالهية وذلك بحسن اتباعه سُنةَ رسول الله يكون لهذا العبدُ جمالٌ مقدسٌ يُعاينهُ كلُ من صار على دربه وذاق من مُدامة الحب الالهى .

وعند التدلى نور حالى غامضٌ وسدرة ذاتى جُمِلت بـحقيقتى

وكما كان دنو العبد هو إرتقاءٌ للانوار الالهية فإن الله يتدلى له بانوار الكشف التى يعجز عن فهم غوامضها الكثير , وكما أن العبد فى هذا المقام المحمدى بعد أن "دنا" من حظبرة الانوار وبعد أن تدلى الله له بالانوار يجد سِدرة ذاته قد تجملت بحقيقته وهذه الحقيقة هى حقيقة "ان لا اله الا الله وان محمدٌ رسول الله"

غشاها جمالُ القربِ نور تـحـقـقٍ مقامٌ عـلَّىٌ عن عيون البصيرةِ

و"سِدرة الذات " هنا هى إشارة الى الآية القرآنية فى سورة النجم " دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى فأوحى الى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى ولقد رآهُ نزلة أخرى عند سِدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى" أى أن العبد عندما يتبع سُنةَ رسول اللهخ صلى الله عليه وسلم يدنو من حظيرة انوار الله فيتدلى اللهُ له بمزيد من الانوار حتى يرقى الى سِدرة القرب والتى يغشاها نور جمال القرب نور التحقق بالعبودية لله وذلك النور تعجَزُ عيون البصيرة عن رؤيتهِ .

إذا ما غشاها يُفـتحُ الكنزُ جـهرةً لـمن طـُلِبو منى لنيلِ شهادتى

إن السِدرة هنا أى منتهى ما يصلُ الى العبد من الأنوار تكون هى بداية الفتح النورانى وهى الكنز الحقيقى كنز المعرفة والتحقق وهنا تكون المرتبة العليا حيث يطلب العبد شهادة الواصلين والصديقين وحسُن أولئك رفيقا .

فـلا سدرتى تبدو إذا ماتجـملت ولكن يلوح الحسنُ من كل وجهةِ

والسدرة هنا تذوب من شِدة الأنوار الألهية فى فيوضات من الأنوار وذلك تجملاً وكأن النورفى النور يُضيئىُ كل وُجهة حُسناً وجمالاً .

أرانى جمـالاً عن جميلٍ مُـقدَسٍ إذا ما غَشاها من ضِيا واحديةِِ

والعبدُ هنا يُرى فى صورة جمالية مقدسة وذلك لأن سدرته أى منتهى الأنوار التى يغشاها ضياء الواحدية أى ضياء تحقق العبد أنه "لا أله الا الله " وهذا هو شرط تجمل العبدِ بالانوار .

فيـتدلى لى بالحسن بعـد تحقـقى بأنوار ذاتٍ بعـد محو المعيـةِ

هنا يكشف الامام ابوالعزائم عن مزيد ٍ من اسرارِ "حالِ القرب" فيقولُ أن العبد السالك طريق رب العالمين عندما يدنو من الانوار الالهية ويصدُق النية ويصدق الافعال وذلك بحسن اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله يتدلى له بانوار الحُسن وذلك بعد التحقق والتثبت ثم بعد ذلك يتم له "حال المعية" فتنعكس انوار الذات الالهية على العبد وذلك زيادة فى القرب .

فـلا أنا مشهـودٌ ولا أنا غائـبٌ وضدانِ قدجُمِعا فذُق خَمرَ نَشوَتى

والعبد بعد تجمله بانوار المعية يكون غير مشهود وذلك لشدة انعكاس الانوار منه ولكنه ايذاص يكون غير غائب لضرورة الجسد ومتطلباته فيه وهكذا يكون قد جمع الضدين الوجود الجسدى والوجود الروحى النورانى ولا يستطيع الانسان فهم هذه الحالة إلا إذا ذاق خمر النشوة الروحانية .

بـقـاءٌ فـناءٌ ثُمَّ عِـزٌ مـذلـة ٌ وثَلجٌ ونارٌ جُّمِعت فى حَقـيقـتى
يكشف الامام ابوالعزائم حال النفس البشرية للعبد السالك طريق رب العالمين فعندما تتجلى عليهِ الأنوار يكون فى بقاءٍ مع الانوار وفناءٍ عن الماديات وعندما تقتضيه الضرورة البشرية يكون فى بقاءٍ مع الماديات وفناءٍ عن الانوار أى يتقلب بين عز الانوار وتجلياتها ومذلة الماديات وضروراتها ولشدة تباين الحال بين الأنوار والماديات كأنهُ يتقلب بين ثلجٍ ونار .

أرانى مُحيطاً قـد وَسِعتُ كـمالـهُ فمن ذا يَسَعُنى غيرَ ربى بحيطتى

والعبد فى هذه الحالة النورانية يُرى وكأنه محيطٌ من الانوار والجمالات القدسية غير أنه يجب أن يتحقق أن الله الواسع الكبير هو الذى يحيطه ويحتويه وذلك هو التسليم لعبوديته للخالق العظيم .

ظُهـورٌ بُطـونٌ واحـدٌ لاح نوره وأزلٌ وأبدٌ من يُرى غيرَ صورتى

تَجَمَّعت الأضـدادُ والحـقُ واحـدٌ يُشاهَدُ بالعينِ التى من حقيقتى

يكشف لنا الامام ابوالعزائم مزيداً من اسرار مثنوية العبد حيث يتقلب بين الظهور المادى وباطنية انواره وبين أزلية بداية الظهور وأبدية الوجود وهنا يكون قد جمع بين الأضداد ولكن هذه الاضداد لا تُثبتُ إلا أن الحق واحد وهوحقيقة أنه " لا اله الا الله " وهذه الحقيقة يُشاهدها كلُ من تحقق بحقيقة عبوديته لله سبحانه وتعالى .
ألا غـنِ لى حتى أطـيبَ بذكـرهِ لديـها تَلقَّ من لآلي بـدايتـى

وكـرر على سَمعى حديثَ جـمالهِ وإنى لهُ صـبٌ مشوقٌ بصَبوتى
يختمُ الامام ابوالعزائم هذه السياحة النورانية فيُخبرنا أن الذكر هو طريق تلقى الآلئى النورانية وأن تكرار هذا الذكر هو عين التحقق بالصبوة والشوق التى تلازمان العبد فى طريقه لرب العالمين .

قصيدة " سرُ عنديتى "

سـرُ عنديتى اتـحادُ شُهـودى نُورُ بدئى لدُن بمحـو وجـودى

كُنتُ بدءاً فى"عند" والوجهُ صَوبى قبـلُها فـى "لـدُن" تَـفريدى

فى " لـدُن" لم أكن وجوداً ولكـن مقتضى وصفهِ ومحـضُ الجودِ

ثُـمّ فـى "عندَ" أبرَزَتنى جمـالاً صوُرةٌ للجميلِ سِـرُوُجُـودى

أبـدعَ العـالمين عـُلواً وسُفـلاً صُورةٌ لى لدى بيانِ عُهُـودى

كُنتُ بدءاً غَيباً أطـوفُ بمجـلى فى مَقـامِ التفـريدِ لا التعـديدِ

أبرَزتـنى مجـلاهُ رمـزاً لكنـزٍ كَنزُ غَيبٍ يُفضكُ بعـد شُهودى

فَوقَ قـدرِ العُقولِ بـدءاً وخَتـماً ذاق راحـى الافـرادُ بالتوحيدِ

قـد تَسَـتَرتُ بالمـبانى وحالـى يَجذبُ الجِسمَ للـولى الحـميدِ

سَتـَرَتنى الآثـارُ قـدرى خـفىٌ نورُ قُدسٍ لم يُدرى بالتحديـد

نورُ قـُدسِ من فوق نَفخةَ قـُدسٍ وارِثٌ فى مكانـةش التـفريدِ

حَيَّر العـارفين حـالى ظُهـوراً كـيفَ تُجتلى بُـطومَهُ للمُريـدِ

الشرح

تجدُرُُ الاشارة هنا الى لطيفةٍ من لطائف الصوفية وهى أن الحقيقة الانسانية تكون فى حلقات وحلقات ففى البدء تكون الحقيقة الانسانية معايشة لأصلها النورانى وهوالنفخة الالهية وذلك هو حلقة ماقبل الخلق فتكونَ نورٌ يسبحُ فى نور وذلك تشبيها بمقام "اللدنية" في الحياة الدنيا ثم بعد ذلك تبدأ فى حلقة التسوية حيث تكون الحقيقة الانسانية روحاً وجسد وهنا تتشبه بمقام العندية ثم فى تبدأ فى حلقة الظهور البشرى وهو مشابه لمقام المعية و وهنا نرى ان تدرج ما قبل الخلق يكون تنازلى من لدنية الى عندية الى معية ولكنه فى الحياة الدنيا يكون تصاعدياً من معية الى عندية الى لدنية وفى هذه القصيدة يطوف بنا الامام فيربط بين هذه المقامات ويمزج بينهما فى صورة من ابداع الالهام وكأننا فى حلقات ما قبل الخلقو يعود الىمابعد الخلق ثم يختم القصيدة فى مزجٍ بين هذا وذاك .
سـرُ عنديتى اتـحادُ شُهـودى نُورُ بدئى لدُن بمحـو وجـودى

فى سياحة من سياحات الامام ابى العزائم وهو يغوص بنا فى بحر الأشواق ليُخرِج الدرَ الثمين فيتكلم بلسان الحقيقة الانسانية التى قال الله تعالى عنها مخاطباً ملائكته " بسم الله الرحمن الرحيم وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعلٌ فى الأرض خليفة"وهذا الخليفة هو الحقيقة الانسانية الذى يدور فى حلقات وحلقات من الارتقاء والسمو فيبدأ من مقام "المعية" مقام "إن الله معنا" الى مقام "العندية" مقام "فى مقعد صدق عند مليك مقتدر" الى مقام اللدنية مقام " كتابٌ أُحكِمت آياتُه ثم فُُِصلت من لدُن حكيم عليم" فيقول الامام ابوالعزائم أن سر مقام العندية هو اتحادُ الشهود أى لايرى العبد فى هذا المقام الا الله قال تعالى "واينما تولوا فثم وجه الله" كما أن مقام اللدنية لا يكون الا بمحو الوجود مقام "فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم" وهومقام حديث رسول الله "موتو قبل أن تموتوا"

كُنتُ بدءاً فى"عند" والوجهُ صَوبى قبـلُها فـى "لـدُن" تَـفريدى
هنا يفيضُ الامام ابوالعزائم من بحر فيضه فيشرح لنا المزيد عن مقامى "العندية" و " اللدنية" قائلاً أن العبد فى بداية طريقه عندما يصل الى مقام العندية يكون الوجه هو كل هدفه والوجه هنا اشارة الى انوار التجليات الربانية اى ان العبد فى مقام العندية يكون فى بحث وشوقٍ دائم الى وجه الله فى انوارخ وابداعه سبحانه وتعالى اما فى مقام اللدنية و "قبل" هنا تفيد سابقية مقام اللدنية فى الدرجة عن مقام المعية ولا تُعنى ان مقام اللدنية قبل مقام العندية , فالعبد فى مقام اللدنية يكون فى حالة من تفريد الله أى أنه يمتلأ شوقاً وحباً فى معنىً واحداً مفرَداً من معانى التجليات النورانيية الربانية وذلك إشفاقاص من الله سبحانه وتعالى رأفةً بالعبد من أن تحرقه انوار التجليات .

فى " لـدُن" لم أكن وجوداً ولكـن مقتضى وصفهِ ومحـضُ الجودِ

يفتَحُ لنا الامامُ ابوالعزائم خزائنه مماأفاض الله عليه فيزيدنا تفسيراً وشرحاً لمقام اللدنية قائلاً أن العبد فى مقام اللدنية لا وجود له أى لا وجود للهيكل وانما يصبح نوراً يطوف حول نور حيث لا وصف ولاموصوف وانما محض جودٍ من الله سبحانه وتعالى

ثُـمّ فـى "عندَ" أبرَزَتنى جمـالاً صوُرةٌ للجميلِ سِـرُوُجُـودى

"ثم" هنا لا تفيد التعقيب ولكنها بمعنى "أما" وكأن الامام يقول أما فى مقام العندية فإن العبد يكون معنىً جمالياً وهذا المعنى برز وظهر بصورة من صور العبد الربانى حيث جاء فى الحديث القدسى" مازال عبدى يتقرب الىَّ بالنوافل حتى احبه فإذا احببته كنت عينه التى يرى بها ويده التى يبطش بها ورجله الاتى يمشى بها ويكون عبداً ربانياً " .

أبـدعَ العـالمين عـُلواً وسُفـلاً صُورةٌ لى لدى بيانِ عُهُـودى
إن صورة العبد الربانى الذى اخذ يتقرب الى الله بالنوافل فى بيان عهوده وبيان العهود هنا هو تمسك العبد بصفات العبدية فالعبد عبدٌ وإن رقى والربُ ربٌ وإن تنزل , وهذه الصورة النورانية هى التى ابدعت العالمين العالم العلوى "الملائكة والعالم السفلى الجن

كُنتُ بدءاً غَيباً أطـوفُ بمجـلى فى مَقـامِ التفـريدِ لا التعـديدِ

أبرَزتـنى مجـلاهُ رمـزاً لكنـزٍ كَنزُ غَيبٍ يُفضكُ بعـد شُهودى

يطوف بنا يعود بنا الامام ابو العزائم فى رحلة الى ما قبل الخلق حيث الحقيقة الانسانية تكون غيبا يطوف بمجلى انوار الذات حيث يكون التفريد لله سبحانه وتعالى ولا تعديد فلا كون الا المكون ولا خلق الا الخالق سبحانه وتعالى , وعند مشيئته سبحانه لوجود الخليفة "خليفة الله فى الارض" الذى وجودهُ كان رمزاً لكنزٍ يمتلئىُ بالطيوب ولا يُفَكُ قِفلُ هذا الكنز الا بالشهود شهود العبد أنه لا اله الا الله .

فَوقَ قـدرِ العُقولِ بـدءاً وخَتـماً ذاق راحـى الافـرادُ بالتوحيدِ
يعود بنا الامام ابوالعزائم فيحلق فى ما بعد الخلق ويشير الى رحلة الخلق للحقيقة الانسانية وتطورها ذلك التطور الذى يُعتَبرَ أمرٌ فوق العقول حيث لا يستطيع العقلُ أن يدركَ هذه الرحلة من البدء الى الختم ولكن بنور التوحيد توحيد "لا اله الا الله" يمُنُ اللهُ على الفردِ بأن يزوقَ هذا الراح فيعرف حقيقة نفسه والذى أشار اليه الامام على كرم الله وجهه حين قال " عرفت نفسى فعرفتُ ربى " .

قـد تَسَـتَرتُ بالمـبانى وحالـى يَجذبُ الجِسمَ للـولى الحـميدِ

فالحقيقة الانسانية وهى فى حال ما بعد الخلق تكون قد تسترت بالمبانى أى بالجسم ومقتضياته ولكن "بالحال" وهو هنا تأثر الجسم بانوار التوحيد يكون هذا الجسم فى شوقٍ دائمٍ الى الله الولى الحميد .

سَتـَرَتنى الآثـارُ قـدرى خـفىٌ نورُ قُدسٍ لم يُدرى بالتحديـد

نورُ قـُدسِ من فوق نَفخةَ قـُدسٍ وارِثٌ فى مكانـةش التـفريدِ

والعبد وهو فى حال ما بعد الخلق يكون قد سترته اآثار وهى مقتضيات الجسم , والستر هنا هو إخفاء الحقيقة النورانية وهى قدرٌ خفى لايمكن تحديده ومعرفة انحائه وذلك النور هو من أصله من النفخة الالهية القدسية قال تعالى "فإذا سويته ونفختُ فى من روحى" والعبد فى طريقه الى الله يكون هو الخليفة فى الأرض أى الوارث مكانة التفريد وهى أعلا مقامات التوحيد .

حَيَّر العـارفين حـالى ظُهـوراً كـيفَ تُجتلى بُـطومَهُ للمُريـدِ

يختِمُ الامامُ ابوالعزائم هذه الرحلة التى مزج فيها بين ما قبل الخلق حيث الحقيقة الانسانية محضُ نور غيبٌ فى غيب الى ظهوره فى المعية الالهية حيث يكون خليفة الله فى الارض ثم ارتقائه فى طريقه الى الله بعد الخلق وكِأنه يُكملُ رحلة البدء والوجود فيقول الامام ابوالعزائم أن حال هذه العبد من صعودٍ وارتقاء قد حير العارفين الذين زاقوا انوار "لااله الا الله" والذين تجلت لهم هذه الانوارُ عندما أفردوا اللهُ فى طريقهم طريق المريدين لأنوار الله .


قصيدة " من الأزل المرموز "

من الأزلِ المرموز ِ شاهدتُ معناهُ وكنتُ بلا كونٍ أطوفُ بمجلاهُ
ومن قبل"كُن"روحى تُشاهِدُ وجههُ ويومَ ألستُ ذقتُ صافى مُحيَّاهُ

تجلى لـروحى فى الستُ منزهاً وأسمعنى بالقولِ أنى انا الـلهُ

ولاكونَ لى والوجهُ حَيطَةُ وِجهتى تَـنـَّزهَ عن كـمِ ضِياءُ سَناهُ

فكنتُ لهُ المِشكاةُ والزيتُ مشرقٌ بغيرِ مساسِ النارِ والكلُّ يُمناهُ

ويومَ ألستُ ذُقتُ صافى طَهورَهُ وقلت ُ"بلى" بالعزمِ بعدَ عَـطاهُ

تجـلى فـأشهَدَنى معانىَ آيــةٍ لروحى لدى التجريدِ سِـر ّهُداهُ

فصارت لىَ الأكوانُ لـوحاً مبيناً لأسرارِ عَظَموتٍ وواسعَ جَدواهُ

فلم تَحجُب ِ الأكوانُ نورَ جمالهِ وروحىَروحُ القُدسِ والجِسمُ مبناهُ

وجِسمى هوالمِشكاةُ والروحُ زيتُهُ أضاء بهِ المِصباحُ والنورُ معناهُ

تطورتُ من أزلٍ من العلمِ سابِحاً ومن "كُن" الى كون الصفا ورِضاهُ

ففى "كن" قد كنتُ نوراً مواجها ًً وفى الكونِ صِرتُ العبدَ نورَ عُلاهُ

وفى"هل أتى" الإيحاءُ سِرُ تَطَوُرى وربى لدى الجمعِ الحقيقى هو اللهُ

إلى اللهِ من نفسى أفـِرُ لأنـنى لهُ المَثلُ الأعلى إذا ذُقتَ فَحواهُ

وصَلى على سِـرِ الوجودِ محمدٍ تَفوزَ بِفَضلِ اللهِ بل و رِضاهُ

الشرح

فى هذه القصيدة الرمزية يعود بنا الامام ابى العزائم الى الأزل حيث زمان لا نستطيع الاحاطة به بدون الرمز والاشارة فطاقة الانسان العقلية المحدودة لا تستطيع ان تحيط بهذا الزمان الموغل فى القدم ولكن الامام ابا العزائم يطوف بالرمز ويشير الى المعنى كى نستطيع ان نحلق معه فى هذه السياحة الايمانية فيقول رضى الله عنه

من الأزلِ المرموز ِ شاهدتُ معناهُ وكنتُ بلا كونٍ أطوفُ بمجلاهُ

يعود بنا الامام ابو العزائم الى عالم الأزل فيتكلم بالرمز ويقول انه ترآى له صورة رمزية لحاله فى الأزل حيث كان فى عالم الأنوار قبل الكون نورا يطوف فى نورٍ وهى اشارة ان الكون كله قبل ان يخلق الله الخلق لم يكن هناك إلا نورٌ يطوف فى نور حيث لا شيىء غير الله سبحانه وتعالى ....

ومن قبل"كُن"روحى تُشاهِدُ وجههُ ويومَ ألستُ ذقتُ صافى مُحيَّاهُ

يقول الامام ابو العزائم أنه وقبل ان يخلق الله الخلق كان ( وهو هنا رمز للانسان خليفة الله فى الأرض) روحا تتجلى عليها الانوار الإلهية والاشارة هنا للخلق فى قول الامام "من قبل كن" وهى اشارة الى قوله تعالى " سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون" وفى يوم ألست وهى إشارة الى قوله سبحانه وتعالى عندما خاطب الارواح قائلا "ألستُ بربكم" وأجابت الأرواح " بلى " أى نعم والمعنى أن الامام يقول انه من بدء الخلق عند " كن" كان روحا تشهاد الانوار الالهية وفى يوم "ألستُ" اجاب ببلى أى بنعم وكان مع الذين كتب الله لهم ان يذوقوا صافى محيا الانوار الالهية .

تجلى لـروحى فى ألستُ منزهاً وأسمعنى بالقولِ أنى انا الـلهُ

ولاكونَ لى والوجهُ حَيطَةُ وِجهتى تَـنـَّزهَ عن كـمِ ضِياءُ سَناهُ

فكنتُ لهُ المِشكاةُ والزيتُ مشرقٌ بغيرِ مساسِ النارِ والكلُّ يُمناهُ

يشيرُ الامام ابو العزائم الى ان الحقيقة الانسانية الخالدة ومنذ أن قال الله تعالى للملائكة " إنى جاعل فى الأرض خليفة " كان هذا الخليفة وهو الانسان بكل صفاته البشرية والانسانية التى فاقت الملائكية مقاماً وقد تهبط الى مادون الشيطانية مكانا
أن هذا الانسان وعند تجلى الله له فى يوم "الست" هذا التجلى الذى كان منزها عن الحيطة تمام التنزيه كان هذا الانسان فى الحالة الروحية يسمع بالقول كلام المولى عز وجل بما يليق بتنزيه الله وبما يوافق الأرواح فى حال التلقى .

ويومَ ألستُ ذُقتُ صافى طَهورَهُ وقلت ُ"بلى" بالعزمِ بعدَ عَـطاهُ

تجـلى فـأشهَدَنى معانىَ آيــةٍ لروحى لدى التجريدِ سِـر ّهُداهُ

فصارت لىَ الأكوانُ لـوحاً مبيناً لأسرارِ عَظَموتٍ وواسعَ جَدواهُ



يستكمل معنا الامام ابو العزائم تلك الرحلة الرمزية النورانية حيث اللامكان واللا زمان فيقول ان هذا الانسان الذى خاطبه الله فى يوم الست والذى اجاب بنعم قد ذاق صافى طهور الوحدانية وفى يوم الست تجلى الله سبحانه وتعالى لعباده وهذا التجلى هو سرر اسرار العظمة الالهية .

فلم تَحجُب ِ الأكوانُ نورَ جمالهِ وروحىَروحُ القُدسِ والجِسمُ مبناهُ

وجِسمى هوالمِشكاةُ والروحُ زيتُهُ أضاء بهِ المِصباحُ والنورُ معناهُ

تطورتُ من أزلٍ من العلمِ سابِحاً ومن "كُن" الى كون الصفا ورِضاهُ

ففى "كن" قد كنتُ نوراً مواجها ًً وفى الكونِ صِرتُ العبدَ نورَ عُلاهُ

وفى"هل أتى" الإيحاءُ سِرُ تَطَوُرى وربى لدى الجمعِ الحقيقى هو اللهُ

إلى اللهِ من نفسى أفـِرُ لأنـنى لهُ المَثلُ الأعلى إذا ذُقتَ فَحواهُ

وصَلى على سِـرِ الوجودِ محمدٍ تَفوزَ بِفَضلِ اللهِ بل و رِضاهُ

يختتم الامام ابو العزائم تلك الرحلة النورانية فينتق بحكمة هذه الرحلة وهى انه ومهما قيل عن ترقى الحقيقة الانسانية وتقربها الى الله بالعبادات فإن ارقى ما تصل اليه هو مقام العبدية حيث ان الرب رب وان تنزل على عباده والعبد عبد وان ترقى الى اعلى مقامات العبديةو وهو يؤكد ان الحياة للانسان خليفة الله هى الفرار الى الله من نفسه المادية الطينية حيث المثل الاعلى للانسان وذلك إذا ذاق فحوى هذه الحقيقة ,

وفى الختام يؤكد الامام ان الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سر الوجود

هى باب الفوز بفضل الله ورضاه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم   شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم Emptyالجمعة مارس 01, 2024 6:45 am


999

قصيدة "أشرقت أنوار طه المصطفى"
أشرقت أنوارُ طـه المصطفى فى فـؤادى و إتصلتُ بالصفا

وإنمحى بينى وكونى بالوفا وتجلى لـى إلهـى بالسرور

كُنتُ قبل الكون نوراً أولا أشهدُ ا لآياتِ فى طى الملا

وأرى فى مشهدى سرَ العُلا وأرى فى السرِ أنوارَ ا لظهور

بعدهُ آياتُ كـونى فُـصلت وإنجلت آ ياتُ فـرقٍ جُمِلَت

وبدت لى فى وجودى وإنجلت آيةٌ فـوق سمائى كالبدور

فأنا الأنوارُ فإقرأ و إستمع وإشهد الحُسنى بعينى وإتبع

وتجرد عن هوى نفسٍ وبِع نفسَكَ الأولىلتحظى بالحبور

وإذا ما شِمتَ نورى فى الدُجى فخُذِ الاسماءَ عنى بالحَجَا

وإتبعنى بين خوفٍ و رجا وإصغِ لىبالسرِ تحظى بالقبول

لا تقُل إنَّ وصولى بالعمل أو بقطعِ الوقتِ فى طولِ الأمل

إنَّ مولانا تعـالى عن علل إنهُ الر بُ ا لمنزَهُ و الكبـير

إنما الحبُ وصول ُ السالكين وبتجريد لقـلبك يا فطين

تشربُ الحُب بكأسٍ من معين وترى الأنوار بالعين البصير

أولُ الحـبِ صفـاءٌ وفنـا وسـطُ الحُبِ جلال ٌ وعنا

أحسن ُ الحُبِ نعيمٌ وهنا وحنان ٌمن عطوفٍ وشكور

كم من الحُبِ نفوسٌ قتِلت وقلوبٌ فى حُـلاهُ هـتِّكت

ونفوسٌ من هواها جُرِّدت كشف المولى لها سر!َّ السطور

يا حياة الكونِ ما هذا الجمال كُنتُ قبلَ الكونِ ألهعو بالخيال
فبدى لى سرُها بعد ا لوصال وتجلى الكون ُ نوراً فوق نو ر

ويح نفسى هل ترى كنز التراب أم أنا النورُ الذى قبل ا لجواب
أم أنا السرُ الذى منه الشراب أم أنا امطلوبُ من سِر الظهور
فإكشُفَن يا سيدى هذا النقاب إن قلبى صار منـه فى إكتئاب

وعذولى صار منى فى إرتياب وشهودى طاح فى سلك الحضور

يا مراد القلب هذا مقصدى يا ضياء الكنز ضـاع تجلدى

وإصطبارى فى هواكم سيدى صارلا يُرجى إلى يوم النشور
الشرح

نختم فى دراستنا لقصائد الامام ابى العزائم بهذه القصيدة الرباعية التركيب حيث انها كل اربعة ابيات تختلف القافية , وهو نوع من التجديد فى الشعر فهناك الرباعيات والخماسيات وغيرها , وفى هذه القصيدة التى لا تحتاج الى أى شرح او تدخل لما فيها من انبساطية وتواصل مع القارىء ولما تحويه من موضوعات تدخل القلب ولا تعصى على العقل , وقد آثرنا ألا نتدخل بين القارىء وبين الامام وان تكون القصيدة ببساطتها وعمقها وتنوع معانيها هى اكبر دليل على عبقرية الامام ابى العزائم فى نظمه الصوفى حيث يتناول اعقد الموضوعات واصعبها فى قالب بسيط لا يخل بالموضوع ولا بالمعنى ولكنه يوصل المتلقى مباشرة الى النتيجة ويعايشه فى علاقة يملؤها الحب والود .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
 
شرح مختارات من قصائد الإمام ابى العزائم_سعيد أبو العزائم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» holy
» الامام أبو العزائم.. سعيد أبو العزائم
» ضريح الإمام الناصر أحمد بن الإمام الهادي يحيى بن الحسين
» من فضائل الإمام الحســـن و الإمام الحســــين
» أجمل قصائد الصوفية pdf

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة المنتديات :: ديوان أهل الغرام-
انتقل الى: