شعيب بن الحسن الأندلسى التلمسانى ( 520 – 594 هـ ) الغوث ، والقطب ، وشيخ الطريقة ، وكان سيدى الشيخ الأكبر محيى الدين ابن عربي يلقبه " شيخ الشيوخ " ، ويعده واحداً من ثمانية عشر نفساً ظاهرين بأمر الله عن أمر الله ، لا يرون سوى الله في الأكوان ، وهو القائل : ــ
الله قل ، وذر الوجود وما حوى
إن كنت مرتاداً بصدق مراد
وكان يقول لأصحابه :
" أعلنوا بالطاعة حتى تكون كلمة الله هي العليا ، كما يعلن هؤلاء بالمعاصي ولا يستحيون من الله "
وكان يقول في قوله تعالى " فإذا فرغت فانصب * وإلا ربك فارغب" أى إذا فرغت من الأكوان فانصب قلبك لمشاهدة الرحمن ، وإلى ربك فارغب على الدوام ، وإذا دخلت فى عبادة فلا تحدّث نفسك بالخروج منها وقل يا ليتها كانت القاضية .
وكان يقول لهم: إياكم أن تميلوا إلى غير الله فيسلبكم لذة مناجاته ، يقول : " الحضور مع الحق جنة ، والغيبة عنه نار ، والقرب منه لذة ، والبعد عنه حسرة ، والأنس به حياة ، والإستيحاش منه موت " .
أبو مدين الغوث ولد فى قطنيانة من أعمال إشبيلية وبدأ حياته راعى وبعد ذلك قويت عزيمته وأراد أن يتعلم القراءة والصلاة ، وسار إلى أن وصل إلى البحر ، ووجد خيمة خرج منها شيخ ونصحه بالسفر إلى الحاضرة حتى يتعلم العلم ، لأن الله تعالى لا يُعبد إلا بالعلم ، وارتحل إلى فاس ولزم جامعها وتعلم ، وكان من شيوخه " أبو الحسن ابن حرزهم " ، وأخذ الطريقة عن الصوفي الكبير " أبى يعزى " ، وبعد عدة سنوات انتقل إلى مكة والتقى بالشيخ " عبد القادر الجيلانى " واستمع إليه ، ثم عاد واستق فى بجاية ، وكان بين الناس زاهداً نسكاً عابداً فقصدوه وتابعوه .
ومن كلماته الخالدة " حياتى قائمة بالوحدانية ، وإشاراتى إلى الفردانية ، وروحى راسخ فى علم الغيب ، يقول إذا ظهر الحق لم يبق معه غيره ، والحق ما بان عنه احد من حيث العلم والقدرة ، ولا اتصل به أحد من حيث الذات والصفات "
قال رضى الله عنه
الله ربى لا أريد سواه
هل فى الوجود الحى إلا الله
ذات الإله بها قوام ذواتنا
هل كان يوجد غيره لولاه ؟
ولأبى مدين تصانيف منها كتاب " أُسّ التوحيد " ، و " مفاتيح الغيب لإزالة الريب وستر العيب " .
وقيل أنه تخرج على يديه أكثر من ألف تلميذ ولذلك يقال له " شيخ مشايخ الإسلام ، وإمام العبّاد والزهّاد " .
وكان يحب أن يلقى مواعظه بالأمثلة ومن ذلك قوله رضى الله عنه لهم : " جاء رجلان إلى أبى عبد الله التاودى يزورانه فأبصر بين يديه هِرّين جعل كل واحد منهما رأسه على الآخر ، فقالا له : هكذا ينبغى أن تكون الأخوة ، فأخذ التاودى لقمة خبز ورمى بها إليهما ، فوثبا كل واحد منهما على الآخر ليأخذ اللقمة ، فقال أبو عبد الله : هكذا كانت الأخوة حتى دخلت الدنيا فأفسدتها .
وقال رضى الله عنه : من اشتغل بطلب الدنيا ابتلى فيها بالذل .
ومن شعر أبى مدين فى الحب لله تعالى ورسوله :
أهل المحبة بالمحبوب قد شُغلوا
وفى محبته أرواحهم بذلوا
وخربوا كل ما يغنى وقذ عمروا
ما كان يبقى فيها حُسن الذى عملوا
لم تلههم زينة الدنيا وزخرفها
ولا جناها ولا حلى ولا حللُ
ويقول أيضاً رضى الله عنه :
إليك مددت الكفّ فى كل شدة
ومنك وجدت اللطف فى كل نائب
وأنت ملاذى والأنام بمعذل
وهل مستحيل فى الرجاء كواجب
وإنى لأرجو منك ما أنت أهله
وإن كنت خطّاء كثير المعائب
وصل على المختار من آل هاشم
شفيع الورى عند اشتداد النوائب
الرئيسية