ولد جلال الدين الرومي في بلخ، عاصمة إقليم خراسان ، فيما يطلق عليه في وقتنا الراهن، أفغانستان، في 30سبتمبر 1207، ثم هاجر مع عائلته إلى الأناضول قبل فترة قصيرة من تدمير المغول لمسقط رأسه سنة 1221.
بعد تدربه كواعظ وقانوني، عمل في مدرسة، قونية ، مدرساً للشريعة الإسلامية حسب المذهب الحنفي. وهو المكان الذي توفي فيه في 17ديسمبر 1273، حيث يوجد إلى الآن ضريحه، الضريح الأخضر.
ثمة ما كان له تأثير قوي في حياة جلال الدين الرومي.فقد كان للقائه بالدرويش الصوفي الجوال، شمس الدين تبريزي، وهو في السابعة والثلاثين، أثراً عظيماً في كل من حياته الفكرية والإبداعية. فمنذ التقى به لم يفارقه حتى لحظة رحيله عن الدنيا على نحو يحيط به هو الآخر نوع من الغموض،
وهو ما يعبر عنه الرومي في سلسلة من أروع ما كتب من قصائد الشوق وألم الفراق والتوق إلى لقاء الحبيب الذي يربطه به ذلك الحب المتسامي الرفيع، وهي مجموعة ضخمة من الملاحم والأشعار يصل عددها إلى 3500 قصيدة غنائية و2000 رباعية، أما رائعته الخالدة المثنوي،
فهي الأكثر شهرة بين أعماله الملحمية وقد نظمها في ستة مجلدات ضخمة تشتمل على 25649 بيتاً من الشعر استخدم فيها فن الحكاية المتقن، وأضاف لها شخصيات وحوارات لا تقل استثنائية عما نجده في بعض القصص المعاصرة، بينما يدور موضوعها الرئيسي حول قصة رمزية »العندليب والوردة«،
وهي من الرموز المتداولة في الثقافات الشرقية، وفيها يرمز العندليب إلى العاشق المتيم والوردة إلى المعشوق العلوي، أو الحقيقة التي يسعى إلى اكتشافها بصعوبة بالنظر إلى المسافة الفاصلة بينهما. من وجهة نظر الكثيرين فإن ما تعبر عنه هذه الملحمة الصوفية الخالصة يتلخص في عمق الشعور والرصانة الفكرية.
لقد كرس الرومي حياته من أجل تجسيد المبادئ المعبرة عن التربية الشخصية والروحية الإسلامية التي تحمل في ثناياها جوهر الفلسفة الرامية إلى الحب والسعي إلى رأب العلاقة القائمة بين الخالق والمخلوق وهي كذلك محاولة لوصف الحالة التي يصل إليها ناشد الحب الإلهي عوضاً عن الخوف بالنظر إلى الله بعين الحب فهو كامن في النفس البشرية.
ولأن الوسيلة المثلى للوصول إلى الله هي القلب، فقد آمن هذا الشاعر الصوفي بأن عبادة أي منا لا يمكن اعتبارها طريقة ننتمي إليها بقدر ما هي دعوة إلى إقامة الدنيا على أسس المحبة الصادقة، إن عقيدتي كما يقول »هي الحياة من خلال الحب«.
في نهاية مقاله يتساءل، الكاتب الصحافي، وليام دالريمبل، الآن وبعدما أدرك الناس في بلد مثل تركيا، على سبيل المثال، أن الثقافة الغربية باهتمامها بالثقافة الإسلامية لا يمكنها أن تكون الشيء الوحيد الذي يوفر الإجابة الشافية على السؤال المتعلق بما إذا كانت الثقافة الإسلامية جديرة بالاهتمام، هل يمكن القيام بشيء بعد فوات الأوان، وضياع أشياء كثيرة أصبح من غير الممكن استعادتها.
جلال الدين محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن قاسم بن مسيب الذي يرجع أصله كما يقال إلى أبي بكر الصديق الرومي، مفكر إسلامي، صوفي سكولستي (مدرسي) وشاعر فارسي الأصل ارتبط اسمه بأشياء كثيرة منها مدينة قونية التركية التي هاجر إليها في صباه، أو بلاد الروم التي جاءت منها تسميته بالرومي، وما يعرف بالطريقة المولوية للدراويش الصوفية، وإنشاد السماع الذي اشتهرت به مجموعة الدراويش القونية.
نظم الشعر بالعربية والفارسية. من أهم آثاره الأدبية غزلياته العرفانية وملحمته الشهيرة، مثنوي التي وصفها بعض النقاد بقولهم إنها، قرآن العجم، وديوان »شمس تبريز« المشتمل على غزليات صوفية.
وكتاب »المجالس السبعة« المشتمل على سبع مواعظ دينية وخطب مدرسية. وكتاب تحت عنوان » فيه ما فيه« وهي مذكرات حول مجالس الصوفيين القونية وقصص ومواعظ ذات صلة. إضافة إلى مجموعة من الرسائل الموجهة إلى شمس الدين تبريزي.
بقلم: وليام دالريمبل / ترجمته بتصرف: مريم جمعة فرج -
عن (الخليج الثقافي)