قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7398 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: الإنسان في آثار الشاعر جلال الدين الرومي_ الإثنين مارس 16, 2009 9:43 pm | |
| :: الإنسان في آثار الشاعر جلال الدين الرومي إذا ما هُذبت النفس التهذيب الصحيح، فانه على الإنسان أن يكون منتبهاً ويقظا لخدعها، لأن لها ما هو أكثر خطرا من أفعالها الصريحة التي تظهر في الفجور والكره والشح الخ . مكائدها الخفية التي تحاول بها التغلب على أهل الورع في عباداتهم . حتى التّباهي بالأعمال التعبدية أو الشعور بالسعادة والأمان في الصيام الدائم والصلاة ربما تكون إحساسا مبعثه غرور النفس، لأنه: للنفس تسبيح ومُصحف باليمين وخنجر وسيف تحت الكم. وعندما تتصرف النفس مثل الزاهد وتدعي أنها تأخذ الإنسان إلى حوض الماء لكي يتوضأ، فإنها يقينا ستلقي به في بئر مظلمة بمجرد أن يصير غافلا مخدوعا بإعمال البر والتقوى التي يؤديها. ويستلزم ترويض النفس مقارعة طويلة وصعبة، لكنها أخيرا، وبلُطف الله«سبحانه» ستجتاز مرحلة النفس الأمارة والنفس اللّوامة «التي يمكن تشبيهها ب«الضمير» وتصل إلى حالة «النفس المطمئنة. وعندما تكون قد غدت عاشقا صادقا لا تعود إذ ذاك «إمارة بالسوء» ولا يُحتاج عندئذ إلى الجهاد لضبطها وكبح جماحها. تسمع عندئذ نداء ربها ومعشوقها: «ارجعي» فترجع، مثل الصقر المطيع، إلى يد سيّدها. وبعد أن تجرب النفس القوة المدهشة لشمس العشق، تحول الكيمياء الإلهية النفس إلى كائن مسالم وحنون وتُغذى بالصمت، عائدة إلى الصمت الأزلي، خلافا للنفس «الناطقة» التي تتجه نحو الكلام. «وهذا، على الحقيقة، ربط غريب، لكن الجمع بين موضوعين غير مجتمعين أساسا بطريقة عبقرية نموذجي في طريقة تفكير الرومي». وبعدئذ تكون النفس من الموادعة والمهادنة بحيث أن الشاعر قد يدعو مريديه إلى أن لا يخدشوا وجهها الجميل بالظفر السام الفكر.. لأنها مستغرقة تماما في الحق.. لكن هذه هي المنزلة النهائية للإنسان. وتتردد كثيرا المقاطع التي يوبخ فيها الرومي النفس في منازلها الأولى، وتتكرر على نحو مدهش غالبا صورة النفس بوصفها أما للإنسان والعقل بوصفه أبا له في شعر الرومي. والصراع المستمر بين الأخلاق الذميمة والعقل موضوع أساسي في المثنوي. وهذه المعركة شبيهة بمعركة النبي مع أبي جهل وأصحابه «وتضاد الجهل مع العقل مقصود تماما هنا»، وشهوات النفس أيضا معادية للروح، وينبغي أن تُعمى بإلقاء التراب في عينيها. وقد يُسمي الرومي العقل «حاديا» والإنسان جملا، ومن ثم فان الأولياء هم «عقل العقل»، يقودون ركب البشرية على الطريق المستقيم الذي لا نزاع فيه. والعقل مصنوع من نور ومتّصف بالصفات النورانية، خلافا للنفس التي هي جزء من الظلمة والعتمة. والعلاقة بينهما كالعلاقة بين الأسد والكلب الأعمى. والعقل أيضا هو المنحة التي أغدقت على الملائكة والتي تُبقيهم في طاعة دائمة، أما النفس، كما رأينا، فشطر من مملكة الشيطان، ولا يكل الرومي من أن يؤكد بوساطة الصور المختلفة كم سيكون الأمر مروعا لو أن عقل الشخص عمل مثل الأنثى ووقع تحت تأثير النفس، أو لو أن النفس الشهوانية قُدر لها أن تُبقي العقل سجينا. ولو انضم العقل إلى العقل لزاد في النور، أما النفس، فإنها لو انضمت إلى نفس أخرى، لزادت في الظلمة وغطّت الطريق المستقيم، ولذلك فانه لا مناص من أن يأمل المرء أن العقل سيصطاد النفس الشبيهة بالكلب ويقتلها. والعقل، في مقاطع كهذا، ليس هو أبدا التناول الفكري للعالم أو القوة العقلانية، وقد ربط الرومي السعي العقلي الصرف بالشيطان، العقل، كما يُفهم هنا، هو «ما يضاد الشهوة والأغراض النفسانية، انه شبيه بالشمس: عندما يختفي يبقى هناك الغباء الذي يغطي الدنيا كالليلة الظلماء، وفي هذا الصدد فانّ العقل هو محك الأنبياء والمؤمنين، الذين يُطلب منهم العمل وفق القرآن. وهو الشرط القبلي لكل عمل مشروع من الوجهة الدينية، يُعلم الإنسان كيف يتابع على نحو صحيح وواع المبادئ المقررّة في التشريع القرآني. وهنا يكون الرومي متفقاً تماماً مع الموقف الإسلامي التقليدي في مجال المباحث الإلهية. والشخص الذي يتخلى عن اللذائذ الحسيّة، تاركاً الجسد والنفس وراءه، مثل ذلك الذي يدع حماره ويلحق بالمسيح، هذا النموذج للحكمة والإدراك. ولعلّه لا يعود يُنصت إلى أنات حماره المهجور! وكثيرا ما حاول مولانا أن يصف علاقة هذه الملكة الايجابية بجسم الإنسان وملكاته الأخرى. وفي أحيان كثيرة يُعد العقل والنفس، كما في أعمال الشاعر ، أبا هذه الدنيا وأمها، | |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7398 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: الإنسان في آثار الشاعر جلال الدين الرومي_ الإثنين مارس 16, 2009 9:44 pm | |
| ينظر الرومي إلى العقل بوصفه القوة التي تجعل صور الجسم الميتة تفكر. وإذ يكون العقل مجتمعاً مع الروح فانه يعني فصل الربيع، أما الهوى والشهوة والنفس فهي علامات الخريف التي ستجرد حديقة الروح من جمالها كله وتعلن المظهر المادي الشتوي للحياة، والعقل، من هذه الوجهة، مثل المرساة يُساعد العقلاء في حياتهم بإبقائهم ثابتين، وبخاصيته الشمسية يحرق الظلام بل يجلب ماء الحياة إلى ليل هذا العالم، وقد يشبه العقل أيضا بطائر يحمل الإنسان إلى مستويات ارفع للوجود - وهو مختلف تماما عن طائر «التقليد» الذي يُبقى الإنسان على هذه الأرض. والشخص الذي حُبي هذا العقل، الذي يمكنه من أن يميز بين الحسن والقبيح، في مقدوره أن يستمد الأمثلة من حياة الآخرين: فهو يفهم أن الموت أمامه، ولذلك يعمل بتدبّر وحصافة مطيعا الكلمة الإلهية. العقل كالمفتاح الذي يفتح الباب، أو كالأجنحة التي تحمل الإنسان إلى الأعلى، وهو يحمل إثارة من شذا الورد ابتغاء أن يقود الإنسان إلى روضة الورد الأزلية، وأخيرا فان عقل الإبدال، الأولياء ذوي المنزلة العالية، يكون من الثقابة والحدة بحيث يستطيع أن يمضي بهم إلى ظل السدرة في الجنة، بعيدا عن هذه الجيفة «الدنيا». بل يشبه الرومي الملك جبريل بالتجسيد الأسمى للعقل، الذي ينتهي في أية حال عند هذه السدرة، لأنه هنا، أمام المقام الخفي للحق، تمتد غايتها. العقل المرتبط بالإيمان هو على الحقيقة «حارس وحاكم لمدينة القلب». إذ يجلس كالقط منتظراً أن يقتل الفئران التي تحاول أن تدخل هذه المدينة لتسرق الإيمان والحب منها، ومجرد زئيره يفزع المعتدين ويطردهم. ويشير الرومي إلى فكرة أن هناك درجات مختلفة للعقل، إحداها «مثل قُرص الشمس»، وغيرها مثل «الزهرة أو الشهاب». ووراء كل التجليات الفردية للعقل الجزئي يتوارى العقل الكلي. وهذه هي القوة الخفية التي بها يستطيع «العقل الجزئي» أن يبدع آثارا خالدة ويوجد حدائق لا تذبل. وقد انشأ الرومي مناظرة مثيرة بين آدم وإبليس في واحدة من أغزاله حيث أُعد آدم لان يقول: ولكن شخصا كان في يده مصباح العقل كيف يترك النور وكيف يمضي إلى الدخان؟ قال إبليس: «أنا بلحظة أحطم ذلك المصباح»، قال «آدم»: لا تستطيع الريح أن تختطف مصباح الصدق.. فألف حمد لله إن العقل الكلي عاد بعد طول فراق بالطالع السعيد!
تأليف البروفسورة الألمانية انيماري شيمل ترجمة الدكتورعيسى علي العاكوب المصدر صحيفة الوفاق 12/1/2008 بتصرف طفيف من رشيد يلوح جريدة العرب القطرية | |
|
البلخي
عدد الرسائل : 22 تاريخ التسجيل : 24/08/2008
| موضوع: رد: الإنسان في آثار الشاعر جلال الدين الرومي_ الأربعاء أبريل 22, 2009 11:26 am | |
| جزيل الشكر على الموضوع المهم و الممتع | |
|