العرش والله بالرحمن محمول

عدد الرسائل : 33 تاريخ التسجيل : 27/09/2007

في معنى قول الشيخ في الفتوحات:

"العرش والله بالرحمن محمول"

ليعلم أخوتي –أكرمهم الله- أن الشيخ قد ذكر في الفتوحات أن للحق -جل وعلا- خمس كينونات مقررة في الكتاب العزيز والسنة المباركة، وإن أول ظرف قبل كينونة الحق هو العماء على ماورد في الخبر الذي سئل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق، قال صلى الله عليه وآله وسلم: "كان في عماء مافوقه هواء وما تحته هواء".

وكينونة في العرش وهو قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى".

وكينونة في السماء وهو ما ورد في الحديث: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا"،
وكينونة في الأرض كما في قوله تعالى: "وهو الله في السموات وفي الأرض".

وكينونة عامة ذاتية قال تعالى: "وهو معكم أين ما كنتم" وهي معية الهوية مع كل شيء ذاتاً، في شيئية وجوده وشيئية عدمه، ومعه في انتفاء شيئيته في "كان الله ولا شيء معه" فنفى الشيئية وأثبت المعية لأن المنفي معية الشيء معه لا معيته مع الشيء وهي معية لا تنقال لانتفاء الامتياز هناك.

والعقول معقولة عن معرفته لأنها نزهته عن صفة الموطن الذي هي فيه فجهلته وما اهتدت بما أخبرت به رسله. وهم أهل العلامة في حديث الإنكار في القيامة الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيه: "

يحشر الناس يوم القيامة ، فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبع ، فمنهم من يتبع الشمس ، ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول : أنا ربكم فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا أتانا ربنا عرفناه . فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه

الحديث"

فهم لعلامتهم عابدون وللصورة التي تقررت عندهم مشاهدون فمن قال منهم إنه عبد الله فقوله زور وقد باهت الحق وكيف يصح منه ذلك وعند ما تجلى له أنكره فمن قيده بصورة دون صورة فتخيله عبد وهو الحقيقة الممكنة في قلبه المستورة فهو يتخيل أنه يعبده وهو يجحده والعارفون ليس في الإمكان خفائه عن أبصارهم لأنهم غابوا عن الخلق وعن أسرارهم فلا يظهر لهم عندهم سواه ولا يعقلون من الموجودات سوى أسمائه فكل شئ ظهر لهم وتجلى قالوا أنت المسبح الأعلى فليسوا سواء فالناس بين غائب وشاهد فما عرفه أهل العلامة في حتى ظهر لهم بصورة العظمة التي قيد المنزه ربه بها وجهل ظهوره المطلق في كل صورة.

وقد سبق الحديث عن مقام الإسم الرحمن وجمعيته للأسماء في إشارة إلى الصورة الآدمية، حاملة الأمانة وهي الصورة الإلهية، قال الشيخ في الفتوحات: "إعلم أنه لم يكن في الأزل شئ يقدر به ما يكون في الأبد إلا الهو فأراد الهو أن يرى نفسه رؤية كمالية تكون لها ويزول في حقه حكم الهو فنظر في الأعيان الثابتة فلم ير عيناً يعطي النظر إليها هذه الرتبة الأنانة إلا عين الإنسان الكامل فقدرها عليه وقابلها به فوافقت إلا حقيقة واحدة نقصت عنه وهي وجودها لنفسها فأوجدها لنفسها فتطابقت الصورتان من جميع الوجوه وقد كان قدر تلك العين على كل ما أوجده قبل وجود الإنسان من عقل ونفس وهباء وجسم وفلك وعنصر ومولد فلم يعط شئ منها رتبة كمالية إلا الوجود الإنساني وسماه إنسانا لأنه آنس الرتبة الكمالية فوقع بما رآه الإنس له فسماه إنسانا"[1].
"وما قدروا الله حق قدره" . . . . . . . . . . . .
ولا يعرف قدر الحق إلا من عرف الإنسان الكامل الذي خلقه الله على صورته وهي الخلافة .....فالإنسان الكامل الذي هو الخليفة قدر الحق ظاهرا وباطنا صورة ومنزلة ومعنى(الفتوحات ج 4 - ص 132)

ثم إن الحمل جاء على معانٍ بعضها يعطي المجد والرفعة كما حمل رسول الله صلى الله عليه وآله على البراق والرفرف، وبعضها يعطي مقام العجز كحمل الميت على محفته، والأنسب في تفسير كلام الشيخ هنا أن الحمل هو الإشارة إلى عالم التركيب الذي يظهر فيه الحامل والمحمول

وهو ما أشار إليه الشيخ في الفتوحات من أن "المجاورة في الثبوت، حلول في الوجود"، وذلك لأن الأعيان في مشاهدة ثبوتية حالية ملتذة بالتذاذ ثبوتي منعزلة كل حالة عن الحالة الأخرى لا تجمع الأحوال عين واحدة في حال الثبوت ولكنها تظهر في شيئية الوجود في عين واحدة فالصحيح في وقت هو بعينه العليل في وقت آخر والمعافي في وقت هو المبتلى في وقته ذلك بعينه وفي الثبوت ليس كذلك فإن الألم في الثبوت ما هو في عين المتألم بل كل منهما في ثبوت ذاتي فهو في عينه فهو ملتذ بثبوته كما هو ملتذ بوجوده في المتألم والمحل متألم به وسبب ذلك أن الثبوت بسيط مفرد غير قائم شئ بشئ وفي الوجود ليس إلا التركيب فحامل ومحمول. ولذا كان التوحيد مقام وجودي لرجوع الكثرة فيه إلى عين واحدة وكان الجمع مقام ثبوتي ذاتي لا يوصف بوحدة أو كثرة فسميت العين أعيان لا لكثرة فيها ولكن لتميز آثارها في الوجود، فتأمل واستخرج من ذاتك حقيقة الأمر.

وهذا يدلك على ما للعرش الوجودي الذي خطه القلم من حد يتميز به من العماء الذي هو للاسم الرب قبل أن يخلق الخلق وما للعماء من حد يتميز به عن العرش ولا بد من انتقال من صفة إلى صفة كما يتميز العماء الذي فوقه الهواء وتحته الهواء وهو السحاب الرقيق الذي يحمله الهواء الذي تحته وفوقه عن العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء فهو عماء غير محمول فيعلم السامع أن العماء الذي جعل للرب أينية أنه عماء غير محمول.

فأراد الشيخ هنا أن يبين أن المقام الرحماني الإنساني الحامل للأسماء كلها هو الحامل للصورة الإلهية وهو ما ورد في الحديث القدسي ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن، وقد قال : "الله والعرش بالرحمن محمول" فجاء بالإسم الجامع وحضرته الإلوهية وهي غيب كلها ما فيها شهادة ، وما عرفت الحضرات الكونية منها إلا أسمائها، فلا يحمل جمعيتها إلا البرزخ الآدمي الرحماني.

ثم عطف على "الله" العرش وحاملوه ليبين الكينونة التي يكون بها محمولاً كما استفيد من عطف الملائكة عليه في قوله تعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي" أن الصلاة هنا صدرت من بطون الحق في الحضرة العبدية وظهور محمد (ص) في الصورة الحقية، ففي الإنسان وجه الله من حيث صورته وفي جانب حقيته وجه الله من حيث عينه قال الشيخ في فتوحاته: " [size=24]وكان محمد (ص) في مقام الصورة الإلهية الكاملة التي تستقبل بالصلاة والسجود" [2]. وفي مقام آخر رأى تصافح الصورتين الظاهر والباطن لكمال الصورة في حقه فجمع بين الفرقان والقرآن. وأما الحديث عن حملة العرش في الأبيات اللاحقة فلسعته قد يمل القاريء متابعته لذا رأيت إرجاءه إلى مشاركة مستقلة تكون متممة لهذه المشاركة إن شاء الله.

<hr align=left width="33%" SIZE=1>

[1] - الفتوحات ج2 643

[2] -الفتوحات المكية - ابن العربي - ج 3 - ص 157

"فإذا كوشف الإنسان على الإنسان الكامل ورأى الحق في الصورة التي كساها الإنسان الكامل يبقى في حيرة بين الصورتين لا يدري لأيتهما يسجد فيخير في ذلك المقام بأن يتلى عليه فأينما تولوا فثم وجه الله ففي الإنسان وجه الله من حيث صورته وفي جانب الحق وجه الله من حيث عينه فلا شئ يسجد قبل سجوده فإن الله يقبل السجود للصورة كما يقبله للعين كما تحير رسول الله ص في مثل هذا المقام في منزلة أخرى لما قيل له حين أسرى به وأقيم في النور وحده فاستوحش وسبب استيحاشه إنما كان حيث أسرى به بجسمه العنصري فأدركته الوحشة بخروجه عن أصله ووقوفه في غير منزله فلم يستوحش منه ص إلا حقيقة ما ظهر فيه من العناصر فناداه من ناداه بصوت أبي بكر إذ كان قد اعتاد الأنس به فآنس للنداء وأصغى إليه وزالت عنه تلك الوحشة بصوت أبي بكر فقيل له لما أراد الدخول من ذلك الموقف على الله قف يا محمد إن ربك يصلي فتحير في نسبة الصلاة إليه وكان محمد ص في مقام الصورة الإلهية الكاملة التي تستقبل بالصلاة والسجود لها فلما دنا استقبله ربه بالصلاة له ولا علم له بذلك فناداه الاسم العليم المنسوب إليه الكلام بصوت أبي بكر ليعرفه بمرتبة أبي بكر ويؤنسه به قف إن ربك يصلي والوقوف ثبات وهو قبلة للمصلي فوقف وأفزعه ذلك الخطاب لأن حاله في ذلك الوقت التسبيح الذي روحه ليس كمثله شئ فهذا الذي أفزعه فلما تلي عليه عند ذلك هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور تذكر ما أنزله الله عليه في القرآن فزال عنه رعب نسبة الصلاة إلى الله بما ذكره به وكان من أمر الإسراء ما كان وله موضع غير هذا نذكره فيه إن شاء الله فمن أقامه الله بين الصورتين لا يبالي لأيتهما سجد فإن رأى هذا الذي كوشف بالصورتين تصافح الصورتين دون سجود إحداهما للأخرى فهي علامة له على كمال الصورة في حق ذلك الإنسان الخاص وإن رأى السجود من الصورة الإنسانية للصورة الأخرى الإلهية فيعلم عند ذلك أن الصورة الإنسانية الكاملة في مقام مشاهدة العين لا مشاهدة الصورة فيوافقها في السجود لها فإن رأى السجود من الصورة الإلهية للصورة الإنسانية هنالك من قوله هو الذي يصلي عليكم لم يوافقها في السجود فإن وافقها هلك بل من حصل في ذلك المقام يعرف الأمور على ما هي عليه فإنه يعلم أن الصلاة من الله على العبد الكامل لا للعبد الكامل والصلاة من العبد الكامل لله لا على الله ومن حصل له هذا الفرقان فقد جمع بين القرآن والفرقان وهذا مشهد عزيز ما رأيت له ذائقا وهو من أتم المعارف".

[/size]

عدد الرسائل : 105 تاريخ التسجيل : 11/09/2007

أخي الفاضل الانسان......... جزيل الشكر والامتنان........

مودتي وتقديري

اليوم أيا الانسان تزيدنا حيرة .. وتطربنا بالجيرة والقرب والثبوت ...

وتفيض على عوالم الملك من علوم الملكوت....

فهنيئا لك

فهمت أن لهذه المشاركة تتمة

ولله الأمر من قبل ومن بعد ....

غير أني عزمت وتوكلت ألا أترك في أودية السؤال سؤالا الا سألت

وما أطمعنيه غيرك .. من كرمك

وسؤالي بعد أن يمن الله علينا بالتتمة

ما الفارق بين القران والفرقان

ولتصبر يا الانسان ..... وما صبرك الا بالله

وهل تحب أن يكون لك منتداك الخاص

تحياتي ومودتي واحترامي

*
*

عدد الرسائل : 33 تاريخ التسجيل : 27/09/2007

السلام على أهل المودة الأصفياء

تحية للأخت الفاضلة نضال نجار ومشاركاتها الجميلة الممتعة

تحية لحبيبنا الدرويش الذي وسع قلبه الكبير كل تجليات المودة

تسأل متردداً في تخصيص منتدىً خاص للإنسان لأنك تخشى إن قيدت الإنسان أن تفقده في حضرة التجريد.

وأنا مثلك والله بحثت عنه في ساحة التشخص والإشارة فلم أجده، وإن كنت أشم له عبقاً في كل حضرة، وأعانق أسمائه ومجاليه في كل نفس، كذلك هو طبع هذا الغائب الحاضر والبعيد القريب حيرنا اندراجه في فرقانه، مع إنه يأبى أن نجتمع به إلا في قرآنه

[/right]

» أحآديث العرش
» مختارات من صلاة الخاتم _ من كلمات الشيخ القوصى سلام الله عليه
» في تتمة أبيات الشيخ محيي الدين في حملة العرش
» فيديو_يامن تتعلم العشق
» القبض والبسط ..... والله يقبض ويبســــط