بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة حقيقة الشيخ الواصل المرشد
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا وحبيبنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم ورضي الله تعالي عن سادتنا آل بيت رسول الله صلي الله عليه و اله وسلم أجمعين .
وبعد ,,,
فهذه رسالة مختصرة في حقيقة وأوصاف الشيخ الواصل المرشد الذي يُصحب ويُتبع في سائر أقواله وأفعاله وحكم الشرع في ذلك فقد بسطتها إحقاقا للحق وذلك لكثرة من يدعي هذا الأمر الكبير الخطير في هذا الزمان ووضعتها إسعافا للسالكين سبيل الله تعالي من المريدين والأولياء حتى يكونوا علي بصيرة من أمرهم وأوصيهم ونفسي بتقوى الله عز وجل لأنها مفتاح كل خير وكذلك بالصدق والإخلاص في كل الأمور
قال تعالي: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) فحقيقة الشيخ الواصل المرشد هو الذي رفعت له جميع الحجب عن كمال النظر إلي الحضرة الإلهية نظرا عينيا وتحققا يقينيا وهو الذي يعرف تميز المراتب و جميع خصوصياتها ومقتضياتها ولوازمها وما تستحقه كل مرتبة من كل شيء ومن أي حضرة ولما وجدت
وماذا يراد منها وما يؤول إليه أمرها فهو مقام إحاطة العبد بعينه ومعرفته بجميع أسراره وخصوصياته ومعرفته ما هي الحضرة الإلهية وما هي عليه من النعوت العلية والكمال معرفة ذوقية ومعاينة يقينية وصاحب هذه المرتبة هو الذي تشق إليه ألمهامه لكن مع هذه الصفة فيه كمال إذن الحق سبحانه وتعالي إذنا خاصا في هداية عبيده وتوليته عليهم بإرشادهم إلي الحضرة الإلهية .
ذكر سيدي العارف بالله الشيخ علي حرازم بن براده المغربي الفاسي في كتابه جواهر المعاني أن الناس خلقوا لعبادة الله والتوجه للحضـرة الإلهية بالأعراض عن كل ما سواها .
ولمّا علم المريد ما في نفسه من التثبط والتثبيط عن النهوض إلي الحضرة الإلهية وعلم عجزه عن مقاومة نفسه بما يريده منها من الدخول إلي الحضرة الإلهية بتوفية الحقوق والآداب وعلم انه لا ملجأ له من الله ولا منجا إن قام مع نفسه متبعا لهواها معرضا عن الله تعالي
فانه بهذا النظر يجب عليه طلب الشيخ الكامل وجوبا نظريا لا شرعيا إذ ليس في نصوص الشرع إلا وجوب توفية القيام بحقوق الله تعالي ظاهرا وباطنا علي كل فرد من جميع العباد ولا عذر لأحد في ترك ذلك من طريق الشرع ولا عذر له في غلبة الهوى عليه وعجزه عن مقاومة نفسه .
فمن حيث الشرع لا شيخ يجب طلبه وجوبا شرعيا إلا شيخ التعليم الذي يعلمه كيفية الأمور الشرعية التي يُطلب فعلها من العبد أمرا ونهيا فعلاً وتركا فهذا الشيخ يجب طلبه علي كل مسلم وما وراء ذلك من الشيوخ لا يلزم طلبه من طريق الشرع
ولكن يجب طلبه من طريق النظر بمنزلة المريض الذي أعضلته العلة وعجز عن الدواء من كل وجه وانعدمت الصحة في حقه فنقول إن شاء البقاء علي هذا المرض بقي كذلك وان طلب الخروج إلي كمال الصحة قلنا له يجب عليك طلب الطبيب الماهر الذي له معرفة بالعلة واصلها وبالدواء المزيل لها وكيفية تناوله كما وكيفا ووقتا وحالا والسلام . أ . هـ .
والأصل في متابعة الشيخ قوله تعالي : ( اتبع سبيل من أناب إلي ) وقوله تعالي ( الرحمن فاسأل به خبيرا ) فهذا الشيخ المرشد إلي طريق الله الخبير بالرحمن المنيب إلي الله موجود ولا يخلُ منه زمان ولكن الوصول إليه عسير جدا اعز من الكبريت الأحمر إلا لمن دله الله عليه
وله شروط وأوصاف ذكرها أهل التحقيق سيأتي بيانها إن شاء الله تعالي في آخر هذه الرسالة ومن المعلوم انه يستحيل إن يتبع المريد أكثر من شيخ واحد فقد اجمع أهل الحق والعرفان علي انه لا يفلح عالم بين الهين ولا مكلف بين رسولين ولا مريد بين شيخين ولا امرأة بين زوجين فإذا أتضح هذا فليحكم هذا الأمر جيدا .
أما مسالة انتقال الشيخ الواصل المرشد إلي الدار الآخرة فلا بد للمريد من مصاحبة رجل حي مرشد صاحب حال ومعرفة تامة بنهج ذلك الشيخ الواصل المرشد وان كان ذلك الشيخ الواصل المرشد الذي انتقل هو أيضا حيا حياة كاملة عند ربه لأنه من شهداء الجهاد الأكبر إلا انه لا يمكن أن يتخذه المريد مرشدا له وإلا لما بايع أصحاب رسول الله صلي الله عليه واله وسلم سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالي عنه علي منهج رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بعد انتقال الحبيب المصطفي صلي الله عليه واله وسلم إلي الرفيق الأعلى .
فإذا انتقل الشيخ الواصل المرشد إلي الرفيق الأعلى قبل أن يصل المريد إلي المعرفة الإلهية الكاملة فمن حق المريد متابعة شيخ واصل مرشد آخر إذا كان خليفة لذلك الشيخ الواصل المرشد أو غيره بشرط أن يكون ذلك الخليفة بالأوصاف التي ذكرها أهل التحقيق .
وخلافة الشيخ الواصل المرشد لا تكون للأبناء مشروطة أو لزوما أو وجوبا كما جري عليها العرف في الغالب الأعم ولكن إذا كان الأبناء علي نهج الشيخ الواصل المرشد الموصوف بتلك الأوصاف المعروفة عند أهل التحقيق يكون ذلك أكملا مصداقا لقولـه تعالي ( وكان أبوهما صالحا) ( والذين امنوا اتبعناهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شي ) ( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن أهله )
وإنما تكون الخلافة للشيخ الواصل المرشد الموصوف بتلك الأوصاف المعروفة عند أهل التحقيق لمن له الأهلية لذلك لان هذا الأمر أي الإرشاد ادعاءه جدًّ خطير. ذكر سيدي العارف بالله السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالي عنه في كتاب الزهور الفائقة إن ادعاء الإرشاد يؤدي بصاحبه إلي سوء الخاتمة إذا لم يتب صاحبه إلي الله تعالي .
الشيخ الواصل المرشد هو من الأولياء وهذه احد العقائد السمعية المعروفة التي يجب الإيمان بها قال تعالي : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
خلف ذلك الشيخ الواصل المرشد المذكور احد أبنائه أو أقربائه أو مريديه ولم يكن ذلك الشخص في مقام الإرشاد فينبغي وجوبا أن يخبر ذلك الشخص كافة المريدين التابعين لذلك الشيخ الواصل المرشد بأنه ليس مرشدا
بان هذا الطريق طريق صدق فعليه حينئذ أن يصدق الله تعالي لقوله جل وعلا ( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ) و أن يصدق مع كافة المريدين التابعين لذلك الشيخ الواصل المرشد ويخبرهم انه أخ ناصح لهم حاث لهم علي ذكر الله تعالي فحسب
وذلك حتى لا يكون سببا في انقطاعهم عن طريق الله تعالي ويتحمل وزرهم أجمعين وان رأي المريدين ينسبوه إلي الإرشاد عليه بزجرهم وإذا ركن لهم وهم ينسبوه إلي الإرشاد فيجب عليه وجوبا قطعيا أن يعتزلهم و يشتغل بإصلاح نفسه
وهو الأولي ويكون قد صدق الله تعالي لقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) ( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ) أما إذا جاراهم علي أهواءهم فيخشي عليه أن يموت علي سوءالخاتمة .
وهناك مسالة أخري وهي أن كل الذين أجيزوا ليسوا مرشدين وذلك إن كثيرا من الإجازات والإذن في الأوراد هي لمعرفة السند فحسب وبقصد التبرك فعلي المريدين التابعين لذلك الشيخ الواصل المرشد أن يتنبهوا لذلك في أنفسهم و في غيرهم وكما قال سيدي العارف بالله السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله تعالي عنه في كتاب الزهور الفائقة
فعجبا لمن اتخذ مجرد الإجازة أ و الإذن إرشادا للخلق وصار يتصدر المجالس فهذا فيخشي عليه أن يموت علي سوء الخاتمة .
فالشيخ في اللغة هو كل من بلغ درجة أهل الفضل وان كان صغيرا فالمشيخة أو الشيخوخة لها أقسام كثيرة والمراد منها قسم واحد فقط هم الذين يصحبون ويتبعون بالوجوب النظري ليس الشرعي كما سبق بيان ذلك . و منها أي المشيخة شيخوخة التبرك وهم أولياء اختصهم الله بقضاء حوائج الخلق ولكنهم رضي الله تعالي عنهم ليسوا مرشدين لمعرفة الله ولا يدعون ذلك لان شيخوخة التبرك ليست إرشادا .
أيضا شيخوخة الخدمة والإطعام وهؤلاء كلهم أولياء بلغوا منازل عالية جدا عند الله تعالي ومقاماتهم كبيرة ولكنهم ليسوا مرشدين للحضرة الالهيه .
ومنها أي المشيخة شيوخا بلغوا مقامات عالية جدا في سيرهم في المعرفة الإلهية ولكنهم لم يفتح عليهم الفتح الأكبر ويصيروا واصلين ومرشدين فهؤلاء من أكابر الأولياء ولهم كرامات كثيرة وخوارق عادات ومن ورعهم فهم لا يعطون الطريق الصوفي ولا يدعون الإرشاد لعلمهم أن هذا الأمر قد يقطعهم عن السير وربما يصيبهم بالعطب لأنه اجمع أهل المعرفة الالهيه إن من إدعي مقاما يحرم الوصول إليه أبدا ما دام مدعيا ذلك المقام إلا أن يتوب ويرجع الي الله تعالي
كما إن ظهور الكرامات وخوارق العادات والأحوال لا يدل علي تحقق الولي بالإرشاد ولا بد من كمال إذن الحق سبحانه وتعالي له إذنا خاصا في هداية عبيده وتوليته عليهم بإرشادهم الي الحضرة الالهيه.
ومنها أي المشيخة شيخوخة العلم وهؤلاء يجب بأمر الشرع وصالهم والجلوس معهم والتعلم منهم ساعة العلم فقط ليس إلاّ مع احترامهم والاستفادة من علومهم قال سيدنا علي كرم الله وجهه أنا عبد من علمني حرفا واحدا إن شاء باع وان شاء اعتق وان شاء استرق ولكن يجب عدم صحبتهم وذلك رغم معرفتهم بالأحكام والأوامر الالهيه إلا لأنهم ليسوا مرشدين إلي المعرفة الإلهية ولا يعرفون تميز المراتب الالهيه و خصوصياتها ومقتضياتها ولوازمها وما تستحقه من كل شيء ومن أي حضرة وكل مرتبة
ولما وجدت وماذا يراد منها ومايوؤل إليه أمرها وهو مقام إحاطة العبد بعينه ومعرفته بجميع أسراره وخصوصياته ومعرفته ماهي الحضرة الالهيه وماهي عليه من النعوت العلية والكمال معرفة ذوقية ومعاينة يقينية وقد نص سيدي العارف بالله الشيخ زروق رضي الله تعالي عنه في قواعده قال جالسوا العلماء ولا تصحبوهم وذلك لان نفوسهم اظهر من أرواحهم ولهم سطوة العلم ففي صحبتهم خطر عظيم لعدم تمكنهم من رعونات نفوسهم وهم أكثر العلماء .
قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ( صل العلماء وخالط الحكماء واصحب الكبراء ). فالشيخ الذي يصحب ويتبع في سائر أقواله وأفعاله هو المعبر عنه في قول رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بالكبير لأنه هو الذي رفعت له جميع الحجب عن كمال النظر إلي الحضرة الإلهية نظرا عينيا وتحققا يقينيا حتى صار خليفة عن الحق قال تعالي ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) وقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم في الحديث القدسي (من آذي لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ومازال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استعاذ ني لأعيذنه )
فالشيخ الواصل المرشد المخصوص بهذا النعت من الحق عز وجل قطعا يعرف تميز المراتب و خصوصياتها ومقتضياتها ولوازمها وما تستحقه من كل شيء ومن أي حضرة وكل مرتبة ولما وجدت وماذا يراد منها ومايوؤل إليه أمرها وهو مقام احاطة العبد بعينه ومعرفته بجميع اسراره وخصوصياته ومعرفته ماهي الحضره الالهيه
وماهي عليه من النعوت العليه والكمال معرفة ذوقية ومعاينة يقينية وصاحب هذه المرتبه هو الذي تشق اليه المهامه لكن مع هذه الصفه فيه كمال اذن الحق سبحانه وتعالي اذنا خاصا في هداية عبيده وتوليته عليها بارشادهم الي الحضره الالهيه مقابل الإرشاد الكامل لمن يتبعه اذا التزم بالشروط و كما قيل فالمشائخ الواصلين المرشدين عند شروطهم فالأصل في هذا الأمر قوله تعالي : ( اتبع سبيل من اناب الي )
و قوله تعالي (قال له موسي هل اتبعك علي أن تعلمن مما علمت رشدا *) في متابعة سيدنا موسي علي نبينا وعليه السلام للخضر عليه السلام فاذا تدبرت القصة وعرفت ان سيدنا موسي علي نبينا وعليه السلام هو نبي ورسول بل من أولي العزم من الرسل الذين قال الله في حقهم مخاطبا لرسوله سيدنا محمد صلي الله عليه واله وسلم ( اصبر كما صبر أولي العزم من الرسل )
ومع كل ذلك فهو كليم الله فلم يستنكف او يستكبر او يتعالي ان يصحب الخضر عليه السلام وهو عبد من عباد الله وليس برسول وكل ذلك من فطانة الانبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ولعلمهم ان (فوق كل ذي علم عليم) وان الله يختص بعلمه من يشاء من عبيده فاذا تدبرت هذه القصةاتضح لك ان الاكمل وهو سيدنا موسي علي نبينا وعليه السلام قد اتبع الكامل وهو الخضر عليه السلام وذلك عندما اعلمه الله به قال تعالي
(فوجدا عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما*) و بعد ذلك الأعلام الإلهي بهذا العبد المسمي بالخضر عليه السلام قام سيدنا موسي علي نبينا وعليه السلام وشمر عن ساعد الجد والاجتهاد بحثا عن مكان مجمع البحرين
قال تعالي ( واذ قال موسي لفتاه لاابرح حتي ابلغ مجمع البحرين او امضي حقبا*) وهذه هي الهمة المطلوبة لكل مريد حتي يبلغ مراده فلما ظهرت لسيدنا موسي علي نبينا وعليه السلام اوصاف وعلامات الخضرعليه السلام التي اوحي الله له بها واعلمه اياها كما قال تعالي علي لسان سيدنا موسي علي نبينا وعليه السلام مخاطبا الخضر عليه السلام (فوجدا عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما*
قال له موسي هل اتبعك علي ان تعلمن مما علمت رشدا* ) فما صحبه و تابعه إلا طلبا للإرشاد قال تعالي(قال ستجدني ان شاء الله صابرا ولا اعصي لك أمرا *)
فلننظر كيف تم استيفاء الشروط من الطرفين وهي كما في الايات الكريمه (قال له موسي هل اتبعك علي أن تعلمن مما علمت رشدا*) ( قال انك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر علي مالم تحط به خبرا*) (قال ستجدني إنشاء الله صابرا ولا اعصي لك امرا *)
(قال فان اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتي احدث لك منه ذكرا*)
فعندما استوفت نلك الشروط بينهما بدا الانطلاق قال تعالي (فانطلقا حتي اذا ركبا في السفينة خرقها ) مما يدل علي قوة الإرشاد وسرعة السير الي معرفة الله.
وهذه القصة فيها وقفة كبيرة ولطيفه عالية جدا لأهل العلم وأصحاب الشهادات العلمية والأكاديمية ودرجات الأستاذية والدكتوراه و درجة البروفيسور وغيرها وذلك لأنهم أهل علم لا يستهان به أبدا ولكنا نرجو منهم أن يتنبهوا لهذه القصة وينظروا إلي أن سيدنا موسي علي نبينا وعليه السلام هو نبي ورسول ومن أولي العزم من الرسل وكليم الله
ونعتقد فيه كما في سائر الأنبياء الصدق والأمانة والتبليغ والفطانة كيف تواضع مع كل ذلك واتبع من هو دونه في النبوة والرسالة فأين نحن العقلاء من هذا الإرشاد ؟ وهل همّ كل واحد منّا بتزكية نفسه امتثالا لأمر الله تعالي في قوله ( قد افلح من زكاها )
وهل صدقنا في هذا الأمر كما قال تعالي : ( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ) وقال تعالي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) . فالشيخ الذي يصحب ويتبع في سائر أقواله وأفعاله مقابل الإرشاد الكامل لمن يتبعه لا يقصد بالشيخ هنا العلماء أهل العلم فقط كما اسلفنا وإنما هم العلماء العاملين بعلمهم و الخبراء العارفين بربهـــــم قال تعــــالي (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) فلا يكون الاتباع الا الي هؤلاء الخبراء قال تعالي (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
اذ لوكان الامر العلم الشرعي هو المشروط في الاتباع ما كان لسيدنا موسي ان يصحب الخضر وهو أي سيدنا موسي اعلم بالشرع منه لانه الرسول المشرع في ذلك الوقت وانما اراد منه ان يعلمه مما علمه الله رشدا ويؤول له ذلك قال تعالي ( اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فاردت ان اعيبها وكان وراءهم ملك ياخذ كل سفينة غصبا*
وأما الغلام فكان ابواه مؤمنين فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا * فاردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة واقرب رحما * واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ومافعلته عن امري ذلك تاويل مالم تسطع عليه صبرا*) فانظر الي هذه الارادات الثلاث واعلم مامعني اردت ومامعني اردنا ومامعني اراد ربك وكيف اوصله الي مراده وقال له في الختام ما فعلته عن امري .