منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد موسى
مشرف ديوان أهل الغرام
مشرف ديوان أهل الغرام
أحمد موسى


عدد الرسائل : 61
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1) Empty
مُساهمةموضوع: الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1)   الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1) Emptyالأحد يناير 27, 2008 1:24 am

سادتى أهل المودة الأحباء
تحياتى لكم جميعا كلاً باسمه وشخصه الكريم
واسمحوا لى أن أنقل لكم بحث قيم للمرحوم الأستاذ أحمد التاجى من علماء دار العلوم بعنوان
(( الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم )) وأدعو الله أن يكون نافعا لنا إن شاء الله

الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1 )
قال تعالى :
" وما يعلم تأويله إلا الله . والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب "
نزل القرآن بلغة العرب وخاطبهم بأسلوبهم وما يتضمنه من حقيقة ومجاز وتفوق عليهم ببلاغته الفريدة التى كانت تهزهم هزا وتعجزهم ..
وكان لكثير من ألفاظه معان ظاهرة وأخرى باطنة وربما كانت الباطنة أبلغ وأدق ولا تتأتى
لطالبها إلا بعد الغوص عليها . وكان الكثير من الناس يكتفون بالمعانى الظاهرة التى لا تجشمهم تعبا ..
ولنأخذ صدر سورة الأنفال لذلك مثالا :
يقول تعالى :
" يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول..."
فيفهم جمهور المفسرين معنى الأنفال على ظاهر اللفظ .
فجاء فى تفسير الطبرى :
النفل فى كلام العرب : إنما هو الزيادة .
والنفل ما أعطيه الرجل من البلاء والغناء عن الجيش على غبر قسمة .
والأنفال : الغنائم . وقيل : السلب . وقيل ما أخذ مما سقط من المتاع بعدما تقسم الغنائم .. فهى نفل لله ولرسوله .
وقيل : الفرس . والدرع . والرمح .
وقال مجاهد : هو الخمس . مشيرا لقوله تعالى : " واعلموا أنما غنمتم من شىء فإن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " .
وقال مجاهد أيضا : سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن الخمس بعد الأربعة الأخماس التى تقسم على المقاتلين فنزلت : يسئلونك عن الأنفال .
وقال أبو جعفر : الأنفال زيادات يزيدها الإمام بعض الجيش أو جميعهم فوق أعطياتهم تشجيعا ومكافأة لهم .
وانتهى الطبرى إلى تفسير الآية بقوله :
يسئلونك يا محمد عما فضل من المال بعد قسمة الغنائم يوم بدر . فقل : هو لله ولرسوله دونكم يجعله حيث شاء .
فها أنت تراهم قد فسروا الأنفال بمعناها الظاهر القريب .. وأولى بمن ينظر فى آيات السورة التى تلى لفظ الأنفال – أن يفسرها بمعناها المجازى .
فالأنفال : زيادات وعطايا . وهى من الأرزاق العلوية التى يمنحها الله والرسول بعض الناس .. فالله يمنحها لنبيه .. والرسول يمنح منها المؤمنين .. فالله ورسوله هما اللذان يملكان المنح والهبات لتلك النفحات العلوية .
فيقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : يسئلونك يا محمد عن الهبات االعلوية والفتوحات الربانية . من يملكها . وكيف تصل ألى العباد ؟ فقل لهم : هى لله تعالى ولرسوله من فضل ربه يمنحها عباد الله المخلصين .
ثم أخذ تعالى يبين للناس ما ينبغى أن يكونوا عليه من الخلق والإيمان والفضيلة ليستحقوا تلك العطايا العلوية ..فأمرهم بتقوى الله وإصلاح ذات البين بينهم بتآلفهم وحب بعضهم لبعض .. وأمرهم بطاعة الله ورسوله إن كانوا مؤمنين حقا .
وبعد أترى هذا الكلام الذى أورده الله تعالى تفسيرا للأنفال يناسب معناها الظاهرى . أم معناها المجازى وهى عطايا الله ونعمه ؟ .
فلو أننا أخذنا بظاهر اللفظ لفقدنا الصلات التى تربط الآيات السابقة فتجعلها كسلسلة متناسقة ..
ومن المجاز أيضا بسورة البقرة :
يسئلونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون"
فالمجاز فى قوله تعالى ( وأتوا البيوت من أبوابها )
فقد سأل العرب النبى صلى الله عليه وسلم عن الهلال وحقيقته كيف ينمو شيئا فشيئا فى الليالى ثم يعود فيتضاءل حتى يرجع كما بدأ .
فذكر الله لنبيه أن من الخير لهم أن يسألأوا عما يفيدهم السؤال عنه . فيعرفوا منافع الأهلة .. وليس من الضرورى أن يعرفوا حقائقها حتى
يأذن الله لهم . فإن عقولهم لا تحتمل إدراك ما يطلبون . فلا يفوتهم ما يعقلون إلى ما لا يعقلون . ولا يكونون كمن يتسلق البيوت من ظهورها ويترك أبوابها !
فالله سبحانه يسأل المسلمين أن يطرقوا المسائل من وجهها الصحيح وإلا كانوا كمن يترك أبواب داره ليتسلق عليها من وراء ظهرها وفى ذلك من المشقة والتعنت ما فيه .
وهذا مجاز بالتشبيه . ولا يصح لنا أن نأخذ الألفاظ على ظاهرها . وننشىء القصص عن رجال كانوا يدخلون بيوتهم من وراء ظهورها ويتركون أبوابها .. وهذه القصص من خيالات مستعربة الأعاجم الذين زاولوا التأليف فى التفسير دون أن يتمكنوا من اللغة ويدركوا مدلول الحقيقة والمجاز .. وقد امتلأت تلك التفاسير بتلك القصص التى يذكرونها على أنها أسباب لنزول الآيات !
فيقول الطبرى رحمه الله فى تفسير الآية السابقة :
قيل نزلت فى قوم كانوا لا يدخلون إذا أحرموا بيوتهم من قبل أبوابها !
وقالوا : كانت الأنصار إذا حجوا ورجعوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها .. فجاء رجل منهم فدخل من بابه فقيل له فى ذلك .. فنزلت الآية ! " وليس البر
بأن تأتوا البيوت من ظهورها .
وقالوا .. وقالوا ..
وهو بهذه الروايات يذكر أمورا لم يسجلها التاريخ .. لأنه يأخذ بظاهر الألفاظ ويضطر لأن يجمع تلك القصص الموضوعة ليجعل منها أسبابا فى تنزيل هذه الآية
وفى قوله تعالى فى آية الصيام فى سورة البقرة :
" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل " .
يذكر الطبرى حديثا جرى بين ( عدى ابن حاتم الطائى ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال عدى : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمنى الإسلام ونعت لى الصلوات كيف أصلى كل صلاة لوقتها .
ثم قال : إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتم الصيام إلى الليل . ولم أدر ما هو؟ ( يعنى الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر ) .
قال عدى ففتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما عند الفجر فرأيتهما سواء .
فآتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله : كل شىء أوصيتنى
قد حفظت غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود !
قال وما منعك يا بن حاتم ؟ وكأنه قد علم بما فعلت !
قلت : فتلت فتيلين من أبيض وأسود فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء !
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه !
ثم قال ألم أقل لك من الفجر ؟ إنما هو ضوء النهار وظلمة الليل !
فهل يعقل أحد الناس أن عدى ابن حاتم الطائى العربى الذكى لا يفهم معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر ؟ وهو سيد قومه ! وهو فى كل يوم يرى تسلل ضوء الصباح إلى ظلمة البادية وكأنها الخيوط البيض تتداخل فى الخيوط السود وتنمو شيئا فشيئا حتى يتغلب بياض النهار على سواد الليل .
أمثل هذا العربى يجهل المجاز والتشبيه فى قوله تعالى ولا يفهم إلا ظاهر الألفاظ ؟
لا ولكنها خيالات المفسرين وشهوة اختلاق القصص فى أسباب النزول .. وكأن لكل أية سبب لنزولها أو أسبابا يتضارب بعضها فى بعض ليفسروا بذلك ظاهر ألفاظها دون أن يصلوا إلى مضمونها .
نعم لقد شغل الكثير منهم بالقشور دون أن ينفذوا إلى اللباب .
وقد استعمل الله تعالى التشبيه والتمثيل على نحو ما كانت تفعل العرب فى لغتها البليغة من شعر ونثر .
ولكن المفسرين حين نظروا فى كلام الله تجاهل الكثير منهم ذلك المجاز وأخذوا يفسرون الآيات بظاهر الألفاظ فابتعدوا عن مضمون كلمات الله ابتعادا كثيرا . ولو أنهم استعرضوا آيات الله وأمثاله القائمة على التشبيه والتمثيل لاستمدوا منها ما يعينهم على تفهم روح القرآن وباطن معانيه .
ونذكر بعض آيات الكتاب لتوضيح رأينا
فمن المجاز ما شبه به اليهود الذين عصوه وتمردوا على كتبه ورسله فلم يؤمنوا بهم – شبههم فى تلاعبهم واحتيالهم ونفاقهم وكذبهم ونقضهم لعهودهم – بالقردة
والخنازير . .. بالقردة المتلاعبة المتراقصة . والخنازير القذرة التى تأكل القمامة وتأبى المرعى النظيف !
فقال فى أوصافهم " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين "
أى : اجعلوا أنفسكم مث القردة فى تلاعبهم وترقصهم وعدم جديتهم فى شىء . وخاسئين أى محتقرين منبوذين .. فكأن الله سبحانه يقول لهم : يا أشباه القرود فى أفعالهم والخنازير فى أوصافهم !
وقد قال الله تعالى أيضا : " قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون . قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله ؟ من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت . أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل "
فترى الآيات قد وضحت ما أراد الله تعالى بهم .. فهو لم يجعلهم قردة
وخنازير بأشكالها وأجسامها – بل جعلهم كذلك بتصرفاتهم وأخلاقهم على سبيل التمثيل .. فهم عبدة الطاغوت وبذلك خرجوا عن عبادة ربهم .. ولو كانوا قردة وخنازير حيوانية ما كان منهم الكافر وعباد الطاغوت !
فالذين يفسرون الآيات على ظاهر ألفاظها ويجعلونهم أمما قد مسخت فصارت فى صورة القردة والخنازير يشتطون بعيدا !
أحمد موسى

يتبع بإذن الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد موسى
مشرف ديوان أهل الغرام
مشرف ديوان أهل الغرام
أحمد موسى


عدد الرسائل : 61
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1) Empty
مُساهمةموضوع: الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (2)   الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1) Emptyالأحد يناير 27, 2008 9:34 pm

نواصل أحبتى رحلة الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم مع المرحوم الأستاذ التاجى رحمه الله فيقول :

ومما جاء على وجه التشبيه والإستعارة :
قوله تعالى فى سورة المطففين :
" ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون . وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون "
فالمعنى الظاهر أنه يقصد بها من طفف فى كيل أو ميزان فصار يأخذ حقوق الناس لنفسه ولا يعطيهم حقهم من نفسه .
وهذا معنى مقبول لا ينكره أحد ولكنه يخفى من ورائه معنى أشرف وأكمل ..
فوصف المطفف لا يقتصر على من يخسر الكيل والميزان .. بل يشمل كل من يأخذ ولا يعطى ومن ينظر إلى نفسه ولا ينظر إلى الناس ومن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
وقد نظر سلمان الفارسى لهذا المعنى الباطن للتطفيف - فجعله يشمل حقوق الله تعالى وفى مقدمتها الصلاة - حين وصف الصلاة فقال :
" الصلاة مكيال . من وفى وفى له ومن طفف طفف عليه . وقد علمتم ما قال الله فى المطففين ! "
ويؤيد باقى السورة ما ذهبنا إليه .. فيقول تعالى :
ويل للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين "
فترى الآيات قد عادت توضح المراد بالمطففين فذكرت أنهم المكذبون بيوم الجزاء ..
وهكذا تتضح لنا روافد السورة التى تجرى مع المعنى الباطن للمطففين ولا تتفق كثيرا مع المعنى الظاهر لها .

وقد استعمل القرآن الكريم بعض الألفاظ العربية لمعان جديدة فى كتابه إستعملها لمعان لم تكن تعرفها العرب ولا تجرى لهم على بال لأنها لم تكن فى متناول
عقولهم وأفهامهم .. فترك المعانى الظاهرة لتلك الألفاظ وأراد بها معانى مجازية جديدة .. للتعبير عن كثير من مشاهد الغيب من بعث أو حساب أو جنة أو نار أو قيامة ..
فكان لابد أن يفسرها سبحانه بلغة العرب لهم ليقربها لأفهامهم .. فكثيرا ما كان يورد اللفظ القرآنى ثم يتبعه بقوله لنبيه : وما أدراك ما كذا .. ويأخذ بعد ذلك فى توضيحه وتبيينه فيأتى بمعان جديدة ما كانت تخطر ببال أحد !
فمثلا يفتتح تعالى سورة الحاقة بقوله سبحانه :
الحاقة .." فتتساءل العقول ماذا يريد بالحاقة ؟ أشيئا من أمور الدنيا أم من أمور الآخرة ؟ وما ذلك الشىء ؟
فيجيب تعالى بقوله : ما الحاقة ؟ وما أدراك ما الحاقة ؟ كذبت ثمود وعاد بالقارعة ! "
فترى الكتاب يفسرها بالقارعة . فما القارعة ؟
يقول تعالى فى سورة أخرى :
" القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة . يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ...""
فبين بذلك أنه يقصد بالحاقة والقارعة يوم الحساب واختار لها تلك الألفاظ التى تقرع الأسماع لتشد قلوب السامعين إليها ثم تفرغ فيها ما يريد الله أن يقول ..

ويتكرر هذا الأسلوب فى كثير من الآيات .
ويدخل فى هذا القبيل من التفسير المجازى للألفاظ القرآنية – تفسير أوامر الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم فلا يؤخذ الكثير منها على ظاهر اللفظ مثل قوله تعالى : " إقرأ باسم ربك الذى خلق . خلق الإنسان من علق "
وقوله تعالى : فصل لربك وانحر "
وقوله تعالى " وثيابك فطهر "
فالأوامر التى من هذا القبيل أوامر تكوينية . لم تكن شيئا فكانت..
فإذا أصدر الله سبحانه وتعالى لنبيه أمرا من هذا القبيل لزمه أن يكون وأن يتكون طواعية لهذا الأمر .
فحينما قال له " إقرأ باسم ربك الذى خلق " ولم يكن يعرف القراءة من قبل – صار بهذا الأمر قارئا وخلقت فيه مؤهلات القراءة حينئذ فقرأ بقلبه ما ألقى فيه من وحى الله .

وقد صدرت إلى النبى صلى الله عليه وسلم أوامر تكوينية أخرى .. ومعناها: لتكن كذا .. فكان كما أراد الله .وإذا استعرضنا بعض هذه الأوامر التكوينية
لرأينا عجبا !
فقد صدرت له ذات دلالتين .. دلالة ظاهرة وأخرى باطنة . وكلتاهما صالحة للفهم والعمل بها .. ولكن المدقق يرى أن المعنى الباطن أكثر ملاءمة لحال النبى صلى الله عليه وسلم ..
كما ترى فى قوله تعالى :
" إنا أعطيناك الكوثر " . فصل لربك وانحر "
والكوثر : الخير والفضل الكثير الذى لا يحصى عددا ...
وإذا كان الله قد أعطى لنبيه هذا الفضل الجم . فيكون شكر النبى صلى الله عليه وسلم لربه على هذه النعم التى لا حد لها – ملائما لها ..
لذلك أمر بالصلاة والنحر ..
والصلاة هى دعاء ومعرفة للحق وفناء وسبح فى ملكوته وصلات بين الخالق والمخلوق ..
ولكن ما النحر الذى يأمر الله به نبيه ويقرنه بالصلاة ؟
أيأمره بذبح ذبيحة أو ذبائح كما يذكر جمهور المفسرين ؟ وأى علاقة بين هذا وبين الصلاة ؟ وهل يتناسب هذا مع ما أعطاه من الكوثر ؟ ..
أم أنه نحر النفس بمعنى ذبحها . أى ذبح الأخلاط البشرية التى تلابسها لتصبح ذكية خالصة لربها ..
ولا شك أن هذا المعنى يتناسب مع معنى الصلاة الذى يسبقه .. ويؤيد هذا المعنى ويعززه قوله تعالى مخاطبا نبيه :قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين "
وذبح النفس البشرية وأخلاطها لتقوية النفس العلوية التى تتصل بخالقها بما أمر به العباد .

وقد ذكر الله فى قصص بنى إسرائيل قوله :
ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم ..
فالله أرحم بعباده أن يأمرهم بقتل أنفسهم على المعنى الظاهر من الكلام وإنما يسألهم قتل غرائزهم البشرية لتقوية الروح العلوية .
وقد جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا ويسلموا تسليما "
فالتسليم المطلق للرسول تسليم لله عز وجل ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله .. ومن هذا التسليم أن يقتلوا أنفسهم الأمارة بالسوء فيهم لينصروا الصفات
الربانية ويغلبوها على الصفات البشرية فى أنفسهم .

وقد أمر الله تعالى نبيه فى أول عهد النبوة - بعد أن أمره بالقيام لله وإنذار المشركين وتعظيم الله – بقوله " وثيابك فطهر "
فهل نفهم من المعنى تطهير الثياب التى نعهدها ؟ وذلك
بغسلها بالماء وضمان نظافتها .. وهو ما ذهب إليه معظم المفسرين
مع العلم أن هذه الآية سبقت فرض الصلوات الخمس حين نزولها

لذلك يحق لنا أن نفهم من هذا الأمر غير تطهير الثياب المعروفة وأنه يقصد تطهير الثياب البشرية التى تغطى النفس الزكية وتحجب أنوارها العلوية . . فهو أمر للرسول بأن يتخفف من الأخلاط الدنيوية ومشاغل الحياة الأرضية لتصفو نفسه وذلك بدوام العبادة والفكرة فى الخالق وما خلق .. وهذا أمر تكوين أيضا ..
أى : كن طاهرا .. فكان كما أراد الله .

فالنبى صلى اله عليه وسلم هو المدثر .. وليس معنى ذلك أنه متدثر بالثياب كما يزعم بعض المفسرين
وهو المزمل وليس معناها أيضا أنه متلفف بها
وإنما المدثر والمزمل من غطاء البشرية للنفس البشرية ..
فالله يخاطب هذه النفس لتتجرد مما يغطيها من الأخلاط البشرية وضروراتها وشهواتها – لتقوم لله وتتلقى منه نفحاته .
ويظهر ذلك جليا فى قوله تعالى :
" يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلا .. "
فعرَّفه فى هذا الأمر طريق التجرد . وقد أُمر فخلق كما أُمر .

والأوامر التكوينية التى تلقاها صلى الله عليه وسلم كثيرة وتحل لنا الكثير من المشكلات فى فهم الآيات كقوله تعالى :
" وكن من الشاكرين " " وكن من الساجدين"
فليس معنى ذلك أنه لم يتصف بهذه الصفات وإنما المعنى : تكوَّن شاكرا وتكوَّن ساجدا .. بهذا أُمر فكان .
ويدخل فى هذا أيضا النهى كقوله تعالى :
فلا تكن من الممترين " " ولا تكن متن الغافلين"
" وما كان لنبى أن يغل "
أى : هكذا خلقت .. فلست من هؤلاء أو هؤلاء ..

المعانى الظاهرة والباطنة
مما قدمنا يتبين أن بعض ألفاظ القرآن تحتمل أوجها عدة زز بعضها ظاهر وبعضها باطن .
وهذا جعل من يتعرضون لتفسير القرآن يختلف بعضهم عن بعض فى الفهم .. فما يراه منهم قريبا من الصواب يستبعده غيرهم ويفهم فهما جديدا .
وقد ظهر لنا مما سبق أن لبعض ألفاظ القرآن دلالات ظاهرة وباطنة مثل ألفاظ الصلاة والزكاة والرزق والسلام والذكر والشكروالإستغفار والذنب والفتح والنصر والنحر والنسك – وغير ذلك
ومن قنع بمعانيها الظاهرة وفهم منها ما فهم إستقام له معنى من المعانى ورضى به .
ومن لم يقنع بظاهر اللفظ وغاص يطلب معنى آخر باطنا – أدركه متى كان أهلا لذلك .
وكلما ازداد غوصا تولدت له معان جديدة وظفر بأكثر مما ظفر به أولا !
فالقرآن الكريم كما قال عنه الأمام على كرم الله وجهه " حمال أوجه "
وكان يقول لابن عباس رضى الله عنه وهو يستخرج من القرآن المعانى الدقيقة " غص غواص "
إنتهى كلام المرحوم
الأستاذ أحمد التاجى أثابه الله

أحمد موسى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحقيقة والمجاز فى القرآن الكريم (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة آل عمران .كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير سورة البقرة .كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير سورة الفاتحة .كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
»  أنواع الماء في القرآن الكريم
» القرآن الكريم كاملا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة المنتديات :: تأويل آية-
انتقل الى: