تفسيرآلآيات من "104 - 161" من سورة آل عمران .كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 104
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 104 )
« يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ »وهو الأمر بما هو معلوم له« وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ »المنكر فعل ما أمر بتركه أو ترك ما أمر بفعله ، ولا يوصف بأنه أتى منكرا حتى يعلم أنه مأمور به ذلك العمل أو منهي عنه« وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ »الناجون بفعلهم من عذابه ، الباقون في نعيمه .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 105 إلى 106
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ( 105 ) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ( 106 )
« فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ »أي ذواتهم ، فلا نور لهم يكشفون به الأشياء ، بل هم عمي فلا يبصرون« أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ »ولم يكن لهم إيمان تقدم إلا إيمان الذر زمان الأخذ من الظهر ، فنسي ذلك العقد لما قدم العهد ، ولولا البيان والإيمان ما أقر به الإنسان ، فتظهر العناية الإلهية بالمقرب الوجيه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، والنميمة والغيبة وإفشاء السر وما شاكل هذا كله حق مكروه ، وهو يؤدي إلى اسوداد الوجوه .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 107 إلى 109
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ( 107 ) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ ( 108 ) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ( 109 )
ثم شهد الحق في القرآن وعرّف بفضل هذه الأمة المحمدية على سائر الأمم فقال .
ص 460
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 110
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ ( 110 )
إذا حملنا قوله تعالى« أُمَّةٍ »على أمة الدعوة لا أمة الإجابة ، كان المؤمن بإيمانه والكافر منهم بكفره هما خير من كل مؤمن من غير هذه الأمة وكافر ، أي مؤمن هذه الأمة خير من مؤمن غيرها من الأمم ، وكافر هذه الأمة خير من كافر غيرها من الأمم - الوجه الثاني - إذا حملت الأمة على أمة الإجابة كانت الأمة المحمدية المتأخرة المنعوتة بالخيرية على جميع الأمم السالفة مؤمنيهم وكافريهم ، فكافرهم شر من كافري الأمم ، ومؤمنهم خير من مؤمني الأمم ، فلهم التقدم ، كما ورد في الخبر في قريش [ إنهم المقدّمون على جميع القبائل في الخير والشر ]
[ « كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ » ]« كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ »لظهور رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بصورته فيها ، وكذلك القرن الذي ظهر فيهم خير القرون لظهوره فيه بنفسه ، وما كنا خير أمة أخرجت للناس ، إلا وكان نبينا صلّى اللّه عليه وسلم سيد ولد آدم من غير شك ولا التباس ، فهو بنا ونحن به ، وليس خيرا من كل أمة إلا نبيها ونحن خير الأمم ، فنحن والأنبياء في هذه الخيرية في سلك واحد منخرطين ، لأنه ما ثم مرتبة بين النبي وأمته ، ومحمد صلّى اللّه عليه وسلم خير من أمته كما كان كل نبي خيرا من أمته ، فهو صلّى اللّه عليه وسلم خير الأنبياء ، قال صلّى اللّه عليه وسلم [ ليتمنين اثنا عشر نبيا أن يكونوا من أمتي ] تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه » وإن كانت كل أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ويؤمنون باللّه ، فقد خصّت هذه الأمة المحمدية بأمور لم يخص بها أمة من الأمم ، ولها أجور على ما خصصت به من الأعمال مما لم يستعمل فيها غيرهم من الأمم ، فتميزوا بذلك يوم القيامة ، وظهر فضلهم ، والفضل الزيادة ، وبالزيادة كانت خير أمة أخرجت للناس أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، عناية منه تعالى لحضوره صلّى اللّه عليه وسلم وظهوره فيها ، وإن كان العالم الإنساني والناري كله أمته ، فإنه المرسل إلى الناس كافة ، ولكن لهذه الأمة خصوص وصف ، فجعلهم تعالى خير أمة أخرجت للناس ؛ هذا الفضل أعطاه ظهوره صلّى اللّه عليه وسلم بنشأتيه ، فكان من فضل هذه الأمة على الأمم أن أنزلها صلّى اللّه عليه وسلم منزلة خلفائه الأنبياء في العالم قبل ظهوره ، إذ كان أعطاهم
ص 461
التشريع ، فأعطى ، هذه الأمة الاجتهاد في نصب الأحكام ، وأمرهم أن يحكموا بما أداهم إليه اجتهادهم فأعطاهم التشريع ، فلحقوا بمقامات الأنبياء في ذلك ، وجعلهم ورثة لهم لتقدمهم عليهم ، فإن المتأخر يرث المتقدم بالضرورة ، وكل من دخل في زمان هذه الأمة بعد ظهور محمد صلّى اللّه عليه وسلم من الأنبياء والخلفاء الأول فإنهم لا يحكمون في العالم إلا بما شرع محمد صلّى اللّه عليه وسلم في هذه الأمة وتميز في المجتهدين وصار في حزبهم مع إبقاء منزلة الخلافة الأولى عليه ، فله حكمان ، يظهر بذلك في القيامة ، ما له ظهور بذلك هنا ، وكل وارث علم في زمان إنما يرث من تقدمه من الأنبياء عليهم السلام لا من تأخّر عنه ، فوراثة عالم كل أمة كانت لنبي قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وراثة جزئية ، وهذه الأمة المحمدية لما كان نبيها محمد صلّى اللّه عليه وسلم آخر الأنبياء ، وكانت أمته خير الأمم ، صح للوارث منهم أن يرثه ، ويرث جميع الأنبياء عليهم السلام ولا يكون هذا أبدا في عالم أمة متقدمة قبل هذه الأمة فلهذا كانت أفضل أمة أخرجت للناس ، لأنها زادت على الوارثين بأمر لم ينله إلا هذه الأمة . قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ العلماء ورثة الأنبياء ]
وقال : [ نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث ، ما تركناه صدقة ] يعني الورث ، أي ما يورث من الميت من المال ، فلم يبق الميراث إلا في العلم والحال والعبارة وعما وجدوه من اللّه في كشفهم ، فكنّا للناس مثل النبي للناس ، قال تعالى : ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً )أي خيارا( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )فجعل حكمنا ومنزلتنا في غيرنا من الأمم منزلة الرسول منا ، فنحن في حقهم رسل ، ولهذا قال عليه السلام :
[ علماء هذه الأمة أنبياء سائر الأمم ] في هذه المنزلة والمرتبة .
[ سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 111 إلى 113 ]
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ( 111 ) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ ( 112 ) لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ( 113 )
ص 462
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 114 ]
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 114 )
لما كانت المغفرة لا تصح إلا بعد حصول فعل الخير الموجب لها ، قال تعالى« وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ »فجعل المسابقة في الخيرات إلى المغفرة ، ولذلك قال في موطن آخر( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ )والمسارعون في الخيرات هم المسارعون إلى إجابة الحق ، فينبغي للعاقل أن لا يستعجل في أمر له فيه أناة ، ولا يتأنى في أمر يكون الحق في المبادرة إليه والإسراع في تحصيله ، هذا فائدة العقل في العاقل :
[ سورة آلعمران ( 3 ) : آية 115 ]
وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ( 115 )
في هذه الآية إضافة العمل من اللّه إلى العبد ، ولولا ذلك ما صح التكليف ، يقول صلّى اللّه عليه وسلم :
[ إنما هي أعمالكم ترد عليكم ] .
[ سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 116 إلى 117 ]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ( 116 ) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 117 )
الصر والصرير الصوت .
ص 463
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 118 إلى 122
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ( 118 ) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ( 119 ) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ( 120 ) وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 121 ) إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ( 122 )
التوكل اعتماد القلب على اللّه تعالى فيما يجريه أو وعد به ، مع عدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة في العالم ، التي من شأن النفوس أن تركن إليها ، فإن اضطرب فليس بمتوكل ، وهو من صفات المؤمنين ، وإن كان التوكل لا يكون للعالم إلا من كونه مؤمنا كما قيده اللّه به - وما قيده سدى - فلو كان من صفات العلماء ويقتضيه العلم النظري ما قيده بالإيمان ، فلا يقع في التوكل بمشاركة من غير المؤمن بأي شريعة كان ، وسبب ذلك أن اللّه تعالى لا يجب عليه شيء عقلا إلا ما أوجبه على نفسه ، فيقبله بصفة الإيمان لا بصفة العلم ، فإنه فعال لما يريد ، فلما ضمن ما ضمن وأخبر بأنه يفعل أحد الممكنين ، اعتمدنا عليه في ذلك على التعيين وصدقناه ، وعدم اضطرابنا عند فقد الأسباب إنما هو من إيماننا بضمانه .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 123 إلى 125
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 123 ) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ( 124 ) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ( 125 )
ص 464
لما كان أهل بدر قليلين والمشركون كثيرين ، أنزل اللّه الملائكة مددا لنصر المؤمنين على الأعداء في القتال يوم بدر ، فنزل الملائكة مقاتلين خاصة . وكونهم مسومين أي أصحاب علامات يعرفون بها أنهم من الملائكة ، فبوجود المدد الملكي والأثر الفلكي كانت النصرة ، ورجعت على الأعداء الكرة ، أقدم حيزوم ، لنصرة دين الحي القيوم ، ولما فيه من تقوية القلوب ، عند أهل الإيمان بالغيوب ، وما كان عند أهل الغيب إيمانا ، كان لأهل الشرك عيانا ، وذلك الشهود خذلهم ، فلم تقتلوهم ولكن اللّه قتلهم ، قتلهم بالملك ، للأمر الذي أوحاه في السماء وأودعه حركة الفلك ، فما انحجب عن المؤمن لإهانته ، كما أنه ما كشفه للمشرك لمكانته ، لكن ليثبت ارتياعه ، ويتحقق انصداعه واندفاعه ، فخذله اللّه بالكشف ، وهو من النصر الإلهي الصرف ، نصر به عباده المؤمنين على التعيين ، فإنه أوجب سبحانه على نفسه نصرتهم ، فرد عليهم لهم كرتهم ، فانهزموا أجمعين وكان حقّا علينا نصر المؤمنين ، والمؤمن الإله الحق ، وقد نصره الخلق .
[ سورة آلعمران ( 3 ) : آية 126 ]
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ( 126 )
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ »فيحتمل لكونهم من الملائكة عامة ، أوهم الملائكة الذين قالوا في حق آدم( أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ )فأنزلهم اللّه في يوم بدر ، فسفكوا الدماء ، حيث عابوا آدم بسفك الدماء ، فلم يتخلفوا عن أمر اللّه ، فنصرونا على الأعداء بما عابوه علينا .« وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ »أي من عادة البشرية أن تسكن إلى الكثرة ، إذ كان أهل بدر ثلاثمائة والمشركون ألفا ، فلما رأوا الملائكة خمسة آلاف ، اطمأنت قلوب المؤمنين بكثرة العدد مع وجود القتال منهم ، فما اطمأنوا به برؤيتهم وحصل لهم من الأمان في قلوبهم حتى غشيهم النعاس ، إذ كان الخائف لا ينام .
[ سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 127 إلى 128 ]
لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ ( 127 ) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ ( 128 )
ص 456
يقول الحق تعالى لأكرم الناس عليه وأتمهم في الشهود وأعلاهم في الوجود[ « لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ » ]« لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ »فإن الأمر يكون عنه التكوين ، والتكوين للحق لا له ، فما أراده كان ، فأفلسه الحق حتى لا يخرج عن حقيقته .
[ سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 129 إلى 133 ]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 129 ) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( 130 ) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ( 131 ) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( 132 ) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ( 133 )
[ « وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ » ]« وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ »وهي العبادة ، فالمسارعة هي المبادرة إلى الصلاة مثلا بالتأهب المعتاد قبل دخول وقتها ، فيأتيها بسكينة ووقار ، فيجمع بين المسارعة والسكينة ، فمن سارع إليها فقد سارع إلى المغفرة ، وإنما أمر العبد بالمسارعة إلى الخيرات لتصرفه في المباحات لا غير ، فمن كانت حالته أن لا يتصرف في مباح ، فهو في خير على كل حال - تفسير من باب الإشارة - .« وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ »المسارعة في الخير وإليه ، والمغفرة لا ترد إلا على ذنب ، وإن كانت في وقت تستر العبد عن أن تصيبه الذنوب ، وهو المعصوم والمحفوظ ، فلها الحكمان في العبد ، محو الذنب بالستر عن العقوبة أو العصمة والحفظ ، ولا ترد على تائب ، فإن التائب لا ذنب له ، إذ التوبة أزالته ، فما ترد المغفرة إلا على المذنبين في حال كونهم مذنبين غير تائبين ، فهناك يظهر حكمها . وهذا ذوق لم يطرق قلبك مثله قبل هذا ، وهو من أسرار اللّه في عباده الخفية ، من حكم أسمائه الحسنى ، ومثل هذا يسمى التضمين ، فإنه أمر بالمسابقة إلى المغفرة ، وما أمر بالمسابقة إلى الذنب ، ولما كان العفو والغفران يطلب الذنب ، وهو مأمور بالمسابقة إلى المغفرة ، فهو مأمور بما له يكون ليظهر حكمها ، فما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب ، ولكن من حيث
ص 466
ما هو فعل لا من حيث ما هو حكم ، وإنما أخفى ذكره هنا وذكر المغفرة لقوله( إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ )والأمر من أقسام الكلام ، فما أمر بالذنوب وإنما أمر بالمسابقة والإسراع إلى الخير وفيه ، وإلى المغفرة ، جاء في الحديث [ لو لم تذنبوا لجاء اللّه بقوم يذنبون فيغفر لهم ] ولم يقل فيعاقبهم ، فغلب المغفرة وجعل لها الحكم . فأصل وجود الذنب بذاته لما يتضمنه من المغفرة والمؤاخذة ، فيطلب تأثير الأسماء ، وليس أحد الاسمين المتقابلين في الحكم أولى من الآخر ، لكن سبقت الرحمة الغضب في التجاري ، فلم تدع شيئا إلا وسعته رحمته« وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ »العرض ينحصر في السماوات والأرض في سعة الجنة ، ولم يذكر لطولها حد ولا انتهاء ، فطولها روحاني معنوي ، وعرضها جسماني ، فطولها لا ينحصر ، وأما من جهة التحقيق ، فإن ذكر عرض الجنة فإن شكلها مستدير ، والطول لا يظهر إلا ببداية وغاية ، فعرض الجنة قطرها إذا قدرته ، وليس لها طول لكونها كريّة .
[ سورة آلعمران ( 3 ) : آية 134 ]
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( 134 )
وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ »لتعدي حدود اللّه ، قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ملأه اللّه أمنا وإيمانا ] فمن الإيمان كظم الغيظ .« وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ »فإن للخلق أجرا على اللّه لأعمال عملوها له ، ولأعمال عملوها للخلق رعاية للحق ، كالعفو من العافين عن الناس ؛ فإن الإنسان إذا رحم نفسه وزال الغضب بإطلاق الانتقام أعقبته الرحمة ، وهي الندم الذي يجده الإنسان إذا عاقب أحدا ، ويقول : لو شاء اللّه كان العفو عنه أحسن ، لا بد أن يقول ذلك ، إما دنيا وإما آخرة في انتقامه لنفسه ، لئلا يتخيل أن إقامة الحدود من هذا القبيل ، فإن إقامة الحدود شرع من عند اللّه ، ما للإنسان فيها تعمّل .« وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ »راجع الآية ( 148 ) .
[ سورة آلعمران ( 3 ) : آية 135 ]
وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( 135 )
ص 467
الإصرار من الأعمال المنهي عن عملها ، ولا يزيلها إلا التوبة ، فإن مات خيف عليه ولم يقطع ، وإذا زلّ العبد فقامت به الذلة والحياء والانكسار ، كان ذلك عين الترقي ، فإذا فقد الإنسان هذه الحالة في زلته ، ولم يندم ولا انكسر ولا ذلّ ولا خاف مقام ربه ، كان جليس إبليس ، بل إبليس أحسن حالا منه ، لأنه يقول لمن يطيعه في الكفر( إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ )وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ الندم توبة ]
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 136
أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ( 136 )
" نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ » ]« أَجْرُ الْعامِلِينَ »بأمره ، فإن اللّه تعالى أخبر أن أصحاب الأعمال الحافظين لحدود اللّه تعالى ، الموفين ما عاهدوا اللّه عليه ، المشتغلين بكل عمل توجه عليهم منه في أوقاتهم ، أن لهم الآخرة والأولى ، وأعطاهم ملك الدارين ، ونزههم في العالمين ، وذكرهم بلسان صدق فيمن عنده ، وفي كتابه العزيز منة منه وطولا ، واللّه ذو الفضل العظيم ، واعلم أن اللّه تعالى ما أثنى على أحد من عباده في كتابه العزيز ، ولا على لسان نبيه في حديثه ، إلا كان الثناء عملا من الأعمال ؛ ما مدحهم إلا بأعمالهم ، فأعمالهم هي التي ردها سبحانه عليهم ، مع توليه لهم فيها ، وهذا غاية الكرم والجود أن يمنحك ، ويعطيك ، ويثني عليك بعد ذلك بما ليس لك ، فإنه سبحانه آخذ بناصيتك ، قائدك إلى كل فعل أراده منك أن يوجده فيك أو على يديك ، فطائفة أثنى عليهم بالتقوى ، وطائفة بالإيمان ، وطائفة بالعلم وهو من جملة الأعمال ، فقال تعالى : ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )ثم فصّل أعمالهم اعتناء بهم وشرفا وتعليما لنا وهداية وبيانا وموعظة ، فقال تعالى( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ )الآيات ، وقال : ( أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ )فما وصفهم لما وصفهم إلا بأعمالهم التي خلق لهم ، ثم أنه سبحانه ما نصّ على مقام يناله العبد عنده إلا قرنه بالعمل الصالح ، كما قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ )وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا )الآية ، وقال : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ
ص 468
مُقْتَدِرٍ )إلى أمثال هذه الآيات النيرات ، فقد شاء سبحانه وتعالى أن لا تنال المقامات على تفاصيلها بتفاضل بعضها على بعض إلا بعمل ، والصبر والرضى من جملة الأعمال والأحوال المشروعة لنا ، المأمور بها شرعا ، كما قال تعالى : ( وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ )ولا يكون الصبر إلا على بلاء ومشقة . وأصل السعادة الجامعة لها موافقتنا للحق تعالى فيما أمر به ونهى شرعا ، مع التوحيد في باطنه بنفي الأغيار ، وتلك الموافقة عناية من اللّه تعالى ببعض عباده ، ولكن ينبغي للعبد أن يعتقد أن أعماله لم توصله إلى نيل تلك المقامات ، وإنما أوصله إلى ذلك رحمة اللّه تعالى به الذي أعطاه التوفيق للعمل والقدرة عليه والثواب . فحصول السعادة أعني دخول دار الكرامة ابتداء إنما هو برحمة اللّه تعالى ، كما قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا يدخل أحد الجنة بعمل ، قيل له : ولا أنت يا رسول اللّه ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمته ] فالدخول برحمة اللّه ، وقسمة الدرجات بالأعمال ، والخلود بالنيات ، وكذلك في دار الشقاوة ، دخول أهلها فيها بعدل اللّه ، وطبقات عذابهم بالأعمال . وخلودهم بالنيات .
وأصل ما استوجبوا به العذاب المؤبد المخالفة ، كما كانت السعادة في الموافقة . وكذلك من دخل من العاصين النار ، لولا المخالفة ما عذبهم اللّه شرعا . وأول ما يجب عليك ، إن رزقت الموافقة والتوفيق ، العلم بالأمور التي مهدناها لك ، فإذا علمتها توجه عليك العمل بها ، وإن كان طالب العلم في عمل من حيث طلبه ، ولكن يعطيك العلم العمل بأمور أخر ، توجه عليك بها خطاب الشارع ، كما أن العلم لم يصح طلبه إلا بالعلم . فمن حصل له العلم بالأحكام التي يحتاج إليها في مقامه ، فلا يكثر مما لا يحتاج إليه ، فإن التكثير مما لا حاجة فيه سبب في تضييع الوقت عما هو أهم ، فيأخذ منها ما توجه عليه في الوقت من علم تكليف ذلك الوقت ، فإذا عرفت هذا ، ولازمت العمل ، فأنت الموفق السعيد . واعلم أن عدد الأعضاء المكلفة ثمانية : وهي العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب ، فعلى كل واحد من هذه الأعضاء تكليف ، يخصه من أنواع الأحكام الشرعية ، ثم تصرفها على الوجه الشرعي في محلين خاصة إما في ذاتك وإما في غير ذاتك . فالذي في ذاتك منه ما يلحقك عليه المذمة الشرعية والمحمدة عند اللّه تعالى ، فالمحمدة كالصوم والصلاة وما أشبه ذلك ، والمذمة كضربك نفسك بالسكين لتقتلها . ومنها ما لا يلحقك فيه مذمة ولا محمدة ، كصنف المباح ، ولا يجوز لك هذا الفعل إلا في ذاتك . وأما في غير ذاتك فلا إلا بشرط
ص 469
ما . والذين هم غيرك ثمانية أصناف خارجون عنك : الولد والوالدان والزوجة وملك اليمين والبهيمة والجار والأجير والأخ الإيماني والطيني . وكل فعل حسن للجوارح أسه انتباه القلب ، وهذه الأعمال كلها ليس لها زوال عن شخص حتى يموت ، فإن عدمها في أحواله وطريقه فهو مخدوع ، والواصل لا يتصور منه ترك لها أصلا ، وإن ادعى الوصول ، وفارق المعاملات استصحابا ، فدعواه كاذبة . ولو فتح له في علم الكونين وسر العالم فمكر واستدراج . فلا سبيل إلى الوصول إلى نهاية صحيحة عن الشوب الإبليسي ، خالصة عن الغرض النفسي ، ما لم يزل المريد أوّلا عن رعونة النفس وكدورة البشرية . ومن لم يتخلق لم يتحقق . وعلامة من صح وصوله الخروج عن الطبع والأدب مع الشرع واتباعه حيث سلك ، والشفاء الشافي والدواء الكافي لهذا الداء العضال العلم بشرط التوفيق ، فإذا اجتمعا فلا حائل بينك وبين التحقيق .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 137 إلى 138
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 137 ) هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ( 138 )
قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ تركت فيكم واعظين ، صامت وناطق ، فالصامت الموت والناطق القرآن ] ليست الموعظة من الشعر فترمز ، ولا من الخطابة فتلغز ، وإنما هي من النعم المبسوطة على الدوام ، على مر الليالي والأيام ، كما قال المهيمن العلام : ( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ ) .
سورة آلعمران ( 3) : آية 139
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 139 )
فهم الأعلون بإعلاء كلمة اللّه على كلمة أعدائه .[ سورة آلعمران ( 3 ) : آية 140 ]
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ( 140 )
ص 470
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 141
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ( 141 ) وهذا كله ابتلاء من اللّه لعباده الذين ادعوا الإيمان به بألسنتهم .
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 142
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ( 142 )
فميّز بينهما ، فيجازي المجاهد بجزاء معين ، ويجازي الصابر عليه بجزاء معين .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 143 إلى 144
وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ( 143 ) وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ( 144 )
ما بقي أحد يوم مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إلا ذهل في ذلك اليوم ، وخولط في عقله ، وتكلم بما ليس الأمر عليه ، إلا أبو بكر الصديق ، فما طرأ عليه من ذلك أمر ، بل رقي المنبر ، وخطب الناس ، وذكر موت النبي صلّى اللّه عليه وسلم ، فقال : من كان منكم يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد اللّه فإن اللّه حي لا يموت ، ثم تلا« إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ،وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ »- الآية ، فسكن جأش الناس ، حتى قال عمر : واللّه ما كأني سمعت بهذه الآية إلا في ذلك اليوم ، فإنه ما بقي أحد حين مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إلا اضطرب وقال :
ما لا يمكن أن يسمع ، وشهد على نفسه في ذلك اليوم بقصوره وعدم معرفته برسوله الذي اتبعه إلا أبا بكر ، فإنه ما تغير عليه الحال لعلمه بما ثم وما هو الأمر عليه ، فلما قرأ الآية تراجع من حكم عليه وهمه ، وعرف الناس حينئذ فضل أبي بكر على الجماعة ، فاستحق الإمامة والتقديم ، فما بايعه من بايعه سدى ، وما تخلّف عن بيعته إلا من جهل منه ، ما جهل أيضا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، أو من كان في محل نظر في ذلك ، أو متأولا ، فإنه قد شهد له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في حياته بفضله على الجماعة بالسر الذي وقر في صدره ، فظهر حكم ذلك السر في ذلك اليوم ، وهو استيفاء مقام العبودة ، بحيث أنه لم يخل منه بشيء
ص 471
في حقه وفي حق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فعلم محمد صلّى اللّه عليه وسلم أن أبا بكر الصديق مع من دعاه إليه ، وهو اللّه تعالى ، ليس معه إلا بحكم أنه يرى ما يخاطبه الحق سبحانه على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلم في كل خطاب يسمعه منه ، بل من جميع من يخاطبه ، وقد علّمه الحق في نفسه ميزان ما يقبل من خطابه وما يرد ، فكان أبو بكر رضي اللّه عنه أحكم أولياء اللّه في مقام الرضا والاستسلام والتفويض والصبر والاعتماد على اللّه ، فإنه رضي اللّه عنه ما ظهر قط عليه مما كان عليه في باطنه من المعرفة شيء لقوته إلا يوم مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وذهلت الجماعة ، وقالوا ما حكي عنهم إلا الصديق ، فإن اللّه تعالى وفقه لإظهار القوة التي أعطاه ، لكون اللّه أهله دون الجماعة للإمامة والتقدم ، والإمام لا بد أن يكون صاحيا ، لا يكون سكرانا ، فقامت له تلك القوة في الدلالة على أن اللّه قد جعله مقدّم الجماعة في الخلافة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في أمته ، كالمعجزة للنبي صلّى اللّه عليه وسلم في الدلالة على نبوته ، فلم يتقدم ولا حصل الأمر له إلا عن طوع من جماعة وكره من آخرين ، وذلك ليس نقصا في إمامته ، ومن كره إمامته من الصحابة رضي اللّه عنهم ، ما كان عن هوى نفس ، نحاشيهم من ذلك على طريق حسن الظن بالجماعة ، ولكن كان لشبهة قامت عندهم ، رأى من رأى أنه أحق بها منه في رأيه ، وما أعطته شبهته لا في علم اللّه ، فإن اللّه قد سبق علمه بأن يجعله خليفة في الأرض ، وكذلك عمر وعثمان وعلي والحسن ، ولو تقدم غير أبي بكر لمات أبو بكر في خلافة من تقدمه ، ولا بد في علم اللّه أن يكون خليفة ، فتقدمهم بالزمان بأنه أولهم لحوقا بالآخرة ، فكان سبب هذا الترتيب في الخلافة ترتيب أعمارهم ، فلا بد أن يتأخر عنها من يتأخر مفارقته للدنيا ، ليلي الجميع ذلك المنصب ، فكل لها أهل في وقت أهلية الذي قبله ، ولا بد من ولاية كل واحد منهم ، وخلع المتأخر لو تقدم لا بد منه ، حتى يلي من لا بد له عند اللّه في سابق علمه من الولاية ، فرتب اللّه الخلافة ترتيب الزمان للأعمار ، حتى لا يقع خلع مع الاستحقاق في كل واحد من متقدم ومتأخر ، وما علم الصحابة ذلك إلا بالموت ، وفضل بعضهم على بعض مصروف إلى اللّه ، هو العالم بمنازلهم عنده ، فإن المخلوق ما يعلم ما في نفس الخالق إلا ما يعلمه به الخالق سبحانه ، وما أعلم بشيء من ذلك ، فلا يعلم ما في نفسه ، إلا إذا أوجد أمرا ، علمنا أنه لولا سبق في علم اللّه كونه ما كان ، فاللّه يعصمنا من الفضول ، إنه ذو الفضل العظيم ، ومع هذا البيان الإلهي ، فبقي أهل الأهواء في خوضهم يلعبون مع
ص 472
إبانة الصبح لذي عينين ، بلسان وشفتين ، نسأل اللّه العصمة من الأهواء وأمراض التعصب وحمية الجاهلية . من هذا نعلم أنه إذا عرف التلميذ من الشيخ أنه محل لظهور آثار الربوبية ، وهو في نفسه على خلاف ما يظهر للعالم ، مشاهد عبودته ، فقد فتح اللّه على ذلك التلميذ بما فيه سعادته ، فإنه يتجرد إلى جانب الحق تجرد الشيخ ، فإنه عرف منه واتكل على اللّه لا عليه ، وبقي ناظرا في الشيخ ما يجري اللّه عليه من الحال في حق ذلك التلميذ ، من نطق بأمر يأمره به أو ينهاه ، أو بعلم يفيده ، فيأخذه التلميذ من اللّه على لسان هذا الشيخ ، ويعلم التلميذ في نفسه من الشيخ ما يعلمه الشيخ من نفسه ، أنه محل جريان أحكام الربوبية ، حتى لو فقد الشيخ لم يقم فقده عند ذلك التلميذ ذلك القيام ، لعلمه بحال شيخه ، كأبي بكر الصديق مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حين مات .« وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ »لما أسداه من آلائه .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 145 إلى 146
وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ( 145 ) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ( 146 )
« فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا »عن حمل ما ابتلوا به ، لأنهم حملوه باللّه ، وإن شق عليهم« وَمَا اسْتَكانُوا »لغير اللّه في إزالته ، ولجئوا إلى اللّه في إزالته :« وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ »وهم الذين ابتلاهم اللّه ، فحبسوا نفوسهم عن الشكوى إلى غير اللّه الذي أنزل بهم هذا البلاء ، وما وهنوا لما أصابهم في سبيل اللّه ، وما ضعفوا عن حمله ، فما ابتلى اللّه عباده إلا ليلجئوا في رفع ذلك إليه ، ولا يلجئوا في رفعه إلى غيره ، فإذا فعلوا ذلك كانوا من الصابرين ، وهو محبوب للّه ، ومن أسمائه تعالى النعتية الصبور ، فما أحب إلا من رأى خلعته عليه . فعليك بمراقبة اللّه عزّ وجل فيما أخذ منك وفيما أعطاك ، فإنه تعالى ما أخذ منك إلا لتصبر فيحبك ، فإنه يحب الصابرين ، وإذا أحبك عاملك معاملة المحب محبوبه ،
ص 473
فكان لك حيث تريد إذا اقتضت إرادتك مصلحتك ، وإن لم تقتض إرادتك مصلحتك فعل بحبه إياك معك ما تقتضيه المصلحة في حقك ، وإن كنت تكره في الحال فعله معك ، فإنك تحمد بعد ذلك عاقبة أمرك ، فإن اللّه غير متهم في مصالح عبده إذا أحبه ، فميزانك في حبه إياك أن تنظر إلى ما رزقك من الصبر على ما أخذه منك ورزأك فيه ، من مال أو أهل أو ما كان مما يعز عليك فراقه ، فما من شيء يزول عنك من المألوفات إلا ولك عوض منه عند اللّه .
سورة آل عمران ( 3 ) : الآيات 147 إلى 148
وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ( 147 ) فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( 148 )
سمي جزاء الخير ثوابا لثورانه وعجلته ، فيكون في نفس الخير المستحق له ، لأنه من ثاب إلى الشيء إذا ثار إليه بالعجلة والسرعة .« وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ »الإحسان صفة اللّه تعالى وهو المحسن ، فصفته أحب ، والإحسان الذي به يسمى العبد محسنا هو أن يعبد اللّه كأنه يراه ، أي يعبده على المشاهدة ، كما أن شهود الحق لكل شيء هو إحسانه ، فإنه بشهوده يحفظه من الهلاك . فكل حال ينتقل فيه العبد ، فهو من إحسان اللّه ، إذ هو الذي نقله تعالى ، ولهذا سمي الإنعام ، إحسانا ، فإنه لا ينعم عليك بالقصد إلا من يعلمك ، ومن كان علمه عين رؤيته ، فهو محسن على الدوام ، فإنه يراك على الدوام لأنه يعلمك دائما ، وليس الإحسان في الشرع إلا هذا ، وقد قال : فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، أي فإن لم تحسن فهو المحسن .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 149 إلى 150
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ ( 149 ) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ( 150 )
وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ »أهل دينه على من ناواهم فيه ابتغاء منازعته .
474
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 151
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ( 151 )
نصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بالرعب
نصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بالرعب بين يديه مسيرة شهر ، والشهر قدر قطع القمر درجات الفلك المحيط ، فهو أسرع قاطع ، والحساب به للعرب ، وهو عربي ، فإذا نصر بين يديه بالرعب مسيرة شهر بسير القمر ، لأنه ما ذكر السائر وذكر الشهر ، ولا يعين الشهر عند أصحاب هذا اللسان إلا سير القمر ، فقد عم نصره صلّى اللّه عليه وسلم بالرعب ما قطعه من المسافة هذا القمر في شهر ، فعمّ حكم كل درجة للفلك الأقصى ، لها أثر في عالم الكون والفساد ، بقطع القمر تلك المسافة ، فلا يقبل الرعب إلا عدو مقصود ، يعلم أنه مقصود ، فما قابله صلّى اللّه عليه وسلم أحد في قتال إلا وفي قلبه رعب منه ، ولكنه يتجلد عليه بما أشقاه اللّه ، ليتميز السعيد من الشقي ، فيوهن ذلك الرعب من جلادة عدوه على قدر ما يريد اللّه ، فما نقص من جلادة ذلك العدو بما وجده من الرعب ، كان ذلك القدر نصرا من اللّه .
سورة آلعمران ( 3 ) : الآيات 152 إلى 153
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ( 152 ) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ( 153 )
475
سورة آلعمران ( 3 ) : آية 154
ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَ