الدكتور أميل المعلوف
يقول : " التوحيد بالنسبة إلى الصوفيين : هو إفراد الله عن الكثرة المقدارية في عالم الكون والفساد ويتم هذا الإفراد عن طرق ثلاث :
أولا : إفراد فعل الله عن فعل غيره من مخلوقاته ...
ثانيا : إفراد صفات الله عن صفات غيره من مخلوقاته ...
ثالثا : إفراد ذات الله القديمة عن ذوات غيره من مخلوقاته ". .
الدكتور عبد المنعم الحفني
يقول : " التوحيد " عند الصوفية " : هو معرفة معرفته الثابتة له في الأزل والأبد ، وذلك بأن لا يحضر في شهوده غير الواحد { عز وجل } ". .
الباحث عبد الرزاق الكنج
يقول : " التوحيد "عند الصوفية" : هو شهادة المؤمن يقيناً أن الله تعالى هو الأول في كل شيء ".
" مبحث صوفي - 1 " : التوحيد في العقيدة الإسلامية
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
" التوحيد محور العقيدة الإسلامية وشعارها ، وشغل رجالها ومفكريها منذ فجر الدعوة .
ولكن يلاحظ أن مباحث اللاهوت في الإسلام عند الأشاعرة والماتريدية خاصة اكتفت بمعالجة مشكلة التوحيد من الناحية النظرية فقط . أي دراسة الوحدة الإلهية وإقامة البراهين عليها من الوجهة النقلية والعقلية .
في حين أن هذه المشكلة ذاتها ظهرت في حقل التصوف بمثابة وعي شامل للوحدة الإلهية وشهادة صادقة عنها . وحين يستعرض الباحث نظرية التوحيد وتطورها في الفكر الإسلامي ، وخاصة في الأوساط السنية ، يجد أنها شغلت دوراً هاماً عند فرق ثلاث من الإسلاميين ، وهم المعتزلة والسلفية والصوفية .
فكل فرقة من هذه الفرق خلفت حول مشكلة التوحيد ، محصولاً فكرياً وعلمياً يمتاز حقاً بالعمق والشمول والأصالة .
كان رجال الاعتزال ، على ما يظهر ، أول من أثار مشكلة التوحيد في العالم السني ، وجاهدوا مخلصين في سبيل تطبيق مبدئهم التوحيدي على مسائل عديدة في الإلهيات والأخلاقيات والاجتماعيات .
فكانت مقالة التوحيد عندهم لها صلات وثيقة بمسألة : خلق القرآن ونفي الصفات عن الباري وعدم إمكانية رؤيته في الدار الآخرة ، كما ترتبط بمقالتهم في العدل الإلهي وحرية الإنسان .
إذاً فكرة التوحيد التي هي لاهوتية في جوهرها كانت عند المعتزلة - وغيرهم من المفكرين الإسلاميين - أساساً لحلول نظرية تتعلق بمسائل أخلاقية واجتماعية . وكان جل ما يميز المعتزلة هذا الفهم الخاص لطبيعة الوحدة الإلهية ، بالمدلول الذهني الذي أطلقوه عليها ، ولأجل ذلك عرفوا بأهل التوحيد ، فقد كان مثار تفكيرهم المحافظة على الوحدة الإلهية في صفائها وقداستها .
وعلى الرغم من الاعتراف بمجهود الاعتزال العظيم في ميادين الفكر والعلوم . فنظريتهم عن الذات الإلهية ووحدتها تتصف بالسكون أكثر من اتصافها بالحركة .
إنهم أظهروا لنا صورة إله كأنه مكبل في قيود كماله .
ولئن فشلت نظرية الاعتزال في التوحيد في دائرة الإلهيات ، فقد كتب لها النجاح تماماً في دائرة الاجتماعيات والأخلاقيات . إذ أن مقالتهم في ( العدل ) .. وهي متفرعة عن ( التوحيد ) كانت أساساً لرأيهم المتعلق بحرية الإنسان وتبعاته الدينية .
وكما أعطى التوحيد اسمه للمعتزلة . نرى كذلك أن الحركة السلفية قائمة في الواقع على فكرة التوحيد . والتوحيد عند علماء السلف هو عقيدة وعبادة : وهذا هو الجانب الإلهي فيه .
كما هو في الوقت نفسه أيضاً . سلوك فردي ، ومعاملة اجتماعية ، وهذا هو الجانب الإنساني فيه . فالتوحيد هو مبدأ إلهي وإنساني ، وفكرة دينية ، وزمنية في آن معاً . والتوحيد في نظر ابن تيمية ، ذو مظاهر أو حقائق ثلاثة :
المظهر الأول للتوحيد : هو ما يسميه بتوحيد الألوهية وهذا اعتراف بالوحدة الذاتية للإله الحق ، وإيمان عميق بها . والمسلم في هذا الموطن مكلف بأن ينفي الألوهية عما سوى الله .
أما المظهر الثاني للتوحيد فهو : توحيد الربوبية ، وهذا إقرار من العبد بوحدة الربوبية أي وحدة الذات الإلهية في الخلق والتسوية والتقدير والهداية . فكما أن التوحيد الأول يفرد الحق بالوجود المطلق ويخصه بالألوهية ، فكذلك هذا التوحيد يفرده بالربوبية ويخصه بكمال الإبداع والإرشاد .
فلا إله إلا الله : هذا توحيد الألوهية ، ولا خالق ولا مرشد سواه : وهذا توحيد الربوبية .
والمظهر الأخير للتوحيد : هو توحيد العبودية : وهو أن يسلم المرء ذاته لله رب العالمين فلا يعبد سواه ولا يتقرب إلا إليه .
ولكن إذا كان التوحيد عند المعتزلة هو مشكلة لاهوتية وأخلاقية ، وعند السلفية مشكلة دينية واجتماعية . فهو في نظر الصوفية مبدأ روحي .