أمير جاد
عدد الرسائل : 3071 تاريخ التسجيل : 25/07/2007
| موضوع: الإيثار و الإيمان و الأنس - للإمام أبو حامد الغزالي الإثنين يونيو 09, 2008 5:36 am | |
| قال حجة الإسلام الغزالي : إن أرفع درجات السخاء الإيثار ، وهو أن يجود الإنسان بالمال مع الحاجة إليه ، ولا يمكن لبخيل أو شحيح أن يعرف الطريق إلى الإيثار ، لأن المؤثر على نفسه يترك ما هو محتاج إليه ، والشحيح يحرص على ما ليس بيده ، فإذا صار بيده ازداد حرصا عليه ، وبخل به ، فالبخل ثمرة الشح ، والشح يأمر بالبخل ، فمن أين يأتي الإيثار إذن ؟ وصلوات الله وسلامه على رسوله حين قال : إياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، أمرهم بالبخل فبخلوا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعو يقول : المقدم والمؤخر { عز وجل } : هو الذي يقرب ويبعد ، ومن قربه فقد قدمه ، ومن أبعده فقد أخره التأدب : نعني به الارتياض بمقاساة الناس ، والمجاهدة في تحمل أذاهم ، كسراً للنفس ، وقهرا للشهوات التأديب : إنما نعني به أن يروض غيره : وهو حال شيخ الصوفية معهم [ المريدين ] ، فإنه لا يقدر على تهذيبهم إلا بمخالطتهم ، وحاله حال المعلم طول الأمل له سببان : أحدهما : الجهل ، والآخر : حب الدنيا الأمانة : هي المعرفة والتوحيد الإيمان : القبول من التسامع ، والتجربة بحسن الظن . ويقول : الإيمان : [لفظة] تطلق سواء على التصديق العلمي البرهاني ، أو على الاعتقاد التقليدي ، أو على العلم والعمل للإيمان ركنان : ( أحدهما ) اليقين ، ( والآخر ) الصبر إيمان المتكلمين : هو إيمان ممزوج بنوع استدلال إيمان العارفين : هو إيمان المشاهدة بنور اليقين هؤلاء قوم غلبت عليهم الأحوال حتى قال أحدهم : سبحاني ، وقال الآخر : أنا الحق . وهم قوم سكارى ، ومجالس السكر تطوى ولا تحكى ، تسلم إليهم أحوالهم ، ولا ترد عليهم أقوالهم ؛ لأن كلامهم ونطقهم عن ذوق وشوق ، فمن ذاق عرف ، ومن لم يعرف فلا حرج عليه إذا سلم واعترف الأنس : معناه استبشار القلب وفرحه بمطالعة الجمال ، حتى إنه إذا غلب وتجرد عن ملاحظة ما غاب عنه ، وما يتطرق إليه من خطر الزوال عظم نعيمه ولذته إن علامته [ الأنس ] الخاصة : ضيق الصدر من معاشرة الخلق والتبرم بهم ، واستهتاره بعذوبة الذكر . فإن خالط فهو كمنفرد في جماعة ومجتمع في خلوة ، وغريب في حضر وحاضر في سفر ، وشاهد في غيبة ، وغائب في حضور ، مخالط بالبدن منفرد بالقلب ، مستغرق بعذوبة الذكر الأنس إذا دام وغلب واستحكم ، ولم يشوشه قلق الشوق ، ولم ينغصه خوف التغير والحجاب : فإنه يثمر نوعاً من الانبساط في الأقوال والأفعال والمناجاة مع الله تعالى ، وقد يكون منكر الصورة لما فيه من الجراءة وقلة الهيبة ولكنه محتمل ممن أقيم في مقام الأنس ، ومن لم يقم في ذلك المقام ويتشبه بهم في الفعل والكلام هلك به وأشرف على الكفر موسوعة الكسنزان للشيخ محمد عبد الكريم الكسنزان | |
|