| تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين السبت أغسطس 09, 2008 2:33 pm | |
| الله
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وآله وصحبه أجمعين سلام الله عليكم ورحمته وبركاته أما بعد... فهذا كتاب (تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين) صلى الله عليه وسلم جمعه أحباب الشيخ رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي من فيوضات شيخنا رزق السيد عبده في تذوق معاني الأحاديث النبوية الشريفة وسوف نضعها في المنتدى إن شاء الله على فقرات حتى ينتهي الكتاب والله يتولانا وهو نعم المولى ونعم النصير تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم (مجموع من فيوضات شيخنا رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي)
بين يدى الكتاب:
الحمد لله الذى أكمل الدين على يد خير المرسلين والصلاة والسلام على المصطفى الأمين الحريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم وآله وصحبه حماة الدين الذين تلقوا من سيادته عزيز المعاني وأودع فى قلوبهم أسرار المباني فكانوا كما قال عنهم الإمام البوصيري:
من كل منتدب لله محتســـب *** يأتى بمســتأصل للكفر مصطلم
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم*** من بعد غربتها موصولة الرحم
مكفولة منهم أبـــداً بخير أب*** وخيـــر بعلٍ فلم تيتم ولم تئم
هم الجبال فسـل عنهم مصادمهم*** ماذا رأى منهم فى كل مصـطدم
وبعد …
فقد جمع أئمة الدين كل على حدة اربعين حديثاً ليتم عليهم بركة ما ورد من طرق كثيرات بروايات متنوعات عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله يوم القيامةِ فى زمرة الفقهاء والعلماء" وفى رواية: "وكنتُ له يومَ القيامةِ شافعاً وشهيداً". والحديث ضعيف وإن كثرت طرقه، إلا أنه يجوز العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال. والمقصود هو خدمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم أملاً فى شفاعته.
وقد جمع الكثير من الأعلام أربعين حديثاً بعضها فى أصول الدين وبعضها فى فروعه والبعض في التصوف والبعض فى الزهد وكذا فى الآداب وغيرها في السلوك وأخرى في الأحاديث التي جاءت في المهدي وفي مقاصد أخرى وقد انتشر هذا الأمر فاجتهد فيه الأولون والاخرون، وكثرت الأربعينيات، فممن ألف أربعيناً الدارقطني، وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو نعيم الأصبهاني وأبو الحسن الطوسي وابن عساكر وأبو إسماعيل الهروي وأبو بكر الآجري والإمام الغزالي والإمام النووي والحسن بن سفيان النسوي والحافظ عبد الرحيم المنذري وبدر الدين بن جماعة والحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ السيوطي وغيرهم.
ولما كان شيخنا واستاذنا وملاذنا وقدوتنا إلى الله الشيخ رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي ذا تذوق عالٍ لمعانى الأحاديث النبوية الشريفة إذ كان رضى الله عنه غواصاً فى بحار درر المعاني ينتقى منها اللآليء الحسان ويبنى بها المباني، وكان ذا معين لا ينضب وبحراً ذاخراً دائم الاستمداد والإمداد حتى أن الشيخ العارف بالله سيدى إبراهيم سلامة الراضى رضي الله عنه قال له:
أنت رزق الطريق.
لذلك فقد تكلمنا مع سيادته فى حياته عن جمع اربعين حديثاً من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم من تلك التى تكلم فيها الشيخ ببديع المعاني من الفيوضات التى منَّ الله بها عليه فأجابنا إلى ذلك وأشار لنا أن نختار الأربعين حديثاً ولكن سيادته انتقل فى الخامس من شهر مايو 1999 الموافق التاسع عشر من شهر الله المحرم 1420 هـ قبل أن تخرج هذه القلادة إلى حيز الوجود.
وقد اجتمع الأحباب واستعادوا معاً تلك الأحاديث وظل الأمر فى براثن سكون الانتظار حتى تحركت همة الأحباب ببركة شيخهم لاستكمال ذلك من كلام الشيخ.
وكان سيادته قد أشار ووافق على بعض الفقرات التى توضع فى مقدمة الكتاب فجعلنا ذلك نصب أعيننا وتوجهنا إلى الله متوسلين إليه بالنسبة الروحية الشريفة مستمدين من فيوضات شيخنا المعنوية والروحية والله تعالى الموفق فى أن تخرج هذه الخلعة فى أبهى صورة مزينة بأنوار وإشراقات الألفاظ المحمدية الشريفة (أُعطيتُ جوامع الكلم) و (أوتيت القرآن ومثله معه) ومن بركات تجليات المعاني التى استمدها الشيخ من أنوار الأحاديث المذكورة وفيوضات صاحبها صلى الله عليه وسلم عليه وحسبنا الله وكفى. سمع الله لمن دعى. ليس وراء الله منتهى. أحباب الشيخ رزق السيد عبده الحامدى الشاذلى | |
|
| |
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الأحد أغسطس 10, 2008 9:42 am | |
| مقدمة: العقيدة قوة تنفعل لها الأشياء … هذه الكلمات المضيئة طالما قالها لنا الشيخ رزق رضي الله عنه وأفاض فيها. فإنك بقوة اعتقادك تؤثر وتنفعل لعقيدتك الأمور.
ومن صحيح العقيدة الاعتقاد فى صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا سمعنا زبدة الكلام من شيخنا فى الحديث الذي أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أخي استطلق بطنه، فقال: "اسقه عسلا": فسقاه عسلا، ثم جاء فقال: ما زاده إلا استطلاقا: قال: "اذهب فاسقه عسلا" فسقاه عسلا، ثم جاء فقال: ما زاده إلا استطلاقا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق الله وكذب بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلا" فذهب فسقاه فبرأ.
ذكر شيخنا أن الرجل فى الحالتين الأولتين لم يكن يعتقد أن العسل سيأتى بالشفاء فلما كانت المرة الثالثة قويت عقيدته لتكرار قول النبى صلى الله عليه وسلم فشفي. وإلى هذا يشير سادتنا بقولهم "السر فى الأمر"
قال تعالى " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم/12] " .
وقال صلى الله عليه وسلم: (لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِه لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) رواه أحمد والترمذي والنسائي، وابن ماجه والحاكم عن عمر بن الخطاب، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وصححه المناوي في فيض القدير.
وفى هذا الحديث إشارة إلى أن التوكل مراتب ودرجات وعندما يتحقق الإنسان بحق التوكل يأتيه الرزق بالسلاسة التى يأتي بها للطير بدون أن ينعى هم ذلك.
ومن دعاء سيدى أبي الحسن الشاذلى رضي الله عنه:
اللهم إنى أعوذ بك من هم الرزق وخوف الخلق.
وعليه فإن الكثيرين من المسلمين اليوم يتساءلون: ألم يقل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. فلم نأتى بالشرط ولا يتحقق لنا جوابه؟ فنقول لهم الأمر فى عقيدتكم وليس فى صدق النبي صلى الله عليه وسلم فإنكم تأتون ما تأتون بلا عقيدة أو بعقيدة ضعيفة ولكن إن كانت العقيدة قوية لا تتزلزل لرأى كل منكم العجب العجاب من انفعال الأشياء له تصديقاً لما قاله الله تعالى ولما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقول الشيخ رزق رضى الله عنه فيما معناه أن أمامنا الأحاديث كلها والقرآن فتحت أبواباً للمسلم ليكون قريباً من ربنا.
ومتى يصبح صالحاً؟ – عندما تزيد حسناته على سيئاته.
بمعنى أن الله فتح لنا أبواباً لكن من هذا الذى يتحرى الدخول منها؟! إنهم يمرون عليها ولا أحد يفعل شيئاً! أما من وفقه الله فى هذه الأمور فهو يترقى ويتقرب ويدخل من تلك الأبواب. انتهى ومن ثم رأينا أن نذكر من خلال هذا الكتاب أبواباً وضحها شيخنا رزق من السنة المطهرة عساها تكون أبواباً للترقي والقرب لمن يكرمه الله بالفهم عن الله ورسوله.
وقد أورد شيخنا رزق فى أمسيته عن سيدى أبى العباس المرسي بعضاً من وصية سيدى أبي الحسن الشاذلي للتداوي بالقرآنِ العظيم، ثم قال: "فإن وجدتَ الفائدةَ فى وصاياهُ فهو خيرٌ وبركة، وإن لم تجد فالعيبُ فى القاريءِ لا فى المقروء، فانظر فى نفسِكَ وصفِها من الأغيار تؤهلُ لتلقى أنوارَ الآياتِ وأسرارِها".
وقد حان الآن أوان البدء فى فتح بعض تلك الأبواب من خلال الأربعين حديثاً وفى تصديق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم بقوة لتنفعل لنا الأشياء وتتبدل أحوالنا بعد طول البعد والله الموفق. | |
|
| |
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الإثنين أغسطس 11, 2008 11:30 am | |
| الحديث الأول المعنى المتذوق: (أعمال المحبين)
ويوضحها الحديث القدسي الذي رواه البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ".
يقول الشيخ رزق رضي الله عنه في كتابه "الداعي إلي الله": ولأن مرتبة الإيمان سير في دروب الغيبيات فإن الفرائض لا تكفي لإنكشاف البصيرة . فالإيمان كله أمور غيبية. وكما أن العين هي وسيلة الإبصار للمحسوسات. فإن الغيبيات لا ترى بها ووسيلة رؤياها القلب. و لا يستنير القلب ليرى الغيبيات إلا بعد أن يسير في طريق المجاهدات. و قد أوضح الحديث القدسي وسيلة الوصول إلى محبة الله . فيقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . عن الله عز وجل فيما يرويه البخاري: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ". و الحديث ذو دلالات ثلاث : 1- إن الله سبحانه و تعالى ذكر معاداة الأولياء في أول الحديث تأكيداً للتحذير من معاداتهم . ولتعظيم شأنهم . إذ جعل معاداة الولي عين معاداة الله و من يستطع معاداة الحق و يتحمل حرب الله ... ؟ 2- إن الفرائض أول ما يطلب من العبد فهي فرض عليه . وواجب أداؤها . فلا يصح أن يدخل في النوافل قبل إتمامها . ولا يزال المرء في مرحلة الإسلام حتى يحسن أداء الفرائض لينتقل إلى مرتبة الإحسان . فالفرائض عمل الموظفين . أما النوافل فهي عمل المحبين . 3- إن محبة الله لا تأتي إلا بالمجاهدة و كثرة النوافل. فبواسطتها يستنير القلب. و يصبح الإنسان يبصر بعين الله ولا يمكن أن يتم هذا إلا بإستنارة القلب ليكون وسيلة الرؤيا للمؤمن ، و يسمع بالله و يبطش بيد الله و كان الله له ناصراً و معيناً .
(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج/46]. إن العابد إذا وصل إلى هذه الدرجة أصبح له قانون خاص يتعامل به و ارتقى عن القوانين الكونية . فإن من كان سيره بالله و أصبحت رجله لا تمشي إلا بالله فإنه لا يحكمه قانون السرعة ولا الحركة . كما حدث في موضوع آصف بن برخيا. إذا كثرت النوافل و ذاق القلب طعم الإيمان و تذوق حلاوة العبادة يتحقق بقول الحق:
(الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)[الحج/35]. أنظر رحمك الله في قول الحق وجلت قلوبهم و من يستطع شرحها طالما لم يستشعرها خاصة أن الوجل في القلب . و القلب موزع الحياة علي الجوارح . فأيما إنسان لم يرق قلبه ولم يستنر بالذكر فإنه لا يستطيع أن يعرف هذا الوجل و لا يحس به. فلو خشع القلب لخشعت الجوارح. إن مرتبة الإيمان هي المدخل ليتخلى المسلم عن المعاصي و الغفلة و يتحلى بمحاسن الخلق وصفاء القلب و السير في دروب الغيبيات ليصل إلي أن يكون عبداً له إشراقاته و معارفه. حتى يتم كماله ليكون داعياً إلي الله . لأن الدعوة إلي الله هي وظيفة الأنبياء فلابد من أن يتأهل المسلم لهذه المرتبة . فالمجاهدة و التخلي عن المعاصي و التحلي بالطاعة و محاسن الخلق هي المدخل وصولاً لمرتبة الإحسان . فعندما يتم السائر إلي الله عبادات مرتبة الإيمان يصل إلي درجة الإحسان ليأخذ علمه من الله و يكون كما أوضح لنا الحديث القدسي "كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ..." - الحديث و العلم عن الله عطاء يختص به المخلصون و المجاهدون .
(فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) [الكهف/65]. (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) [النمل/40]. هذا عطاء المخلصين اختصهم الله به و أيضاً يمنح العلم للمجاهدين و السائرين في طريق الحب .
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت/69]. (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) [البقرة/282]. و في الحديث " من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم " . و كلا الفريقين لابد و أن يكون الإيمان شاملاً لجميع علومه و مجاهداته أخلاق لهم و طبع لا يفارقهم في جميع سلوكياتهم . انتهى المقصود نقله من كتاب شيخنا رزق السيد عبده "الداعي إلى الله". | |
|
| |
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الجمعة أغسطس 15, 2008 1:40 pm | |
| الحديث الثانى المعنى المتذوق: (مراتب الدين: عبادات الجوارح والقلب والروح) عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِحْسَانِ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ. رواه مسلم يقول شيخنا الشيخ رزق فى كتابه الداعى إلى الله (وهذا الكتاب ألفه وهو فى المستشفى يعالج من وعكة صحية سنة 1995 وقد بقى بها أربعين يوماً ألف أثناءها الكتاب المذكور):
ومن هذا الحديث نتعلم أن الدين مراتب هى: • الإسلام وهو أن تؤدى أركان الإسلام الخمسة وهى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت. وهذه كلها عبادات جوارح: - فالشهادة باللسان. - والصلاة كلها حركات جوارح - والصوم صوم جوارح - وكذلك الحج من أعمال الجوارح - حتى الزكاة فإنها (بأثر)… من أعمال الجوارح ذلك لأن هذه الفرائض المفروض عملها بالجوارح هى المدخل لأعمال أخرى يرتقى الإنسان إليها بعد أن تتعود الجوارح على الطاعة وتتلمس آثار العبادات فتتغير مواصفاتها، وترق أحاسيسها من تأدية العبادات. وهذه المرتبة تحتاج إلى ساداتنا الفقهاء الدارسين لعلوم الدين من الفقه والحديث. ليصححوا الأمور الشرعية للمسلم، وهؤلاء الفقهاء لا غنى عنهم فى هذه المرحلة حتى تتم العبادات والعقائد على أساس من الشرع والسنة. • الإيمان وهو أن تؤمن بالله وملائكته وبرسله وكتبه وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. وهذه كلها أمور غيبية. وتحتاج إلى عقيدة ويقين وتتم الترقية لها بعد اتمام المرحلة السابقة (الإسلام) وتأدية أعمالها بإحسان وتتخلص من الشواغل الدنيوية لتستنير القلوب، حيث أنها مرتبة عبادة القلوب: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات/14]. وهذه المرتبة تحتاج إلى أرباب القلوب العارفين بمسالك عالم الغيب. حيث الملائكة والجن والشياطين وكل مخلوقات هذا العالم، وعالمين بتلبيس إبليس. والقلوب لها رؤية غير رؤية الأبصار، فهى ترى ما يغيب عن الناس. (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج/46].
• الإحسان " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " وكلمة تعبد الله كأنك تراه. معنى ذلك أن العبادة لها مراتب ودرجات. فالإسلام تعبد الله بجوارحك ولست مطالباً بالإيمان بالغيب إلا تسليماً بما قاله الرسول الكريم. أما إنك ترى عالم الغيب فليس بالضرورة إلا إذا ارتقيت إلى مرتبة الإيمان. فالإسلام فروض تؤدى. أما الدرجات الأخرى فلا تكفى للوصول إليها أعمال الفرائض فقط، وإنما بالزيادات فى النوافل إلى أن تصل إلى شفافية روحك، وتكشف عنها ظلمات البشرية، وفى هذه الحالة تعود الروح إلى حالة المشاهدة الأولى لخالقها والشهادة له بالربوبية. فتكون فى حالة عبادتك مستغرقاً فى هذه المشاهدة. ورؤية الحق تبارك وتعالى لا تكون رؤية إحاطة شاملة، فإنه سبحانه يحيط ولا يحاط به. وإنما تكون رؤية تجليات الأسماء والصفات. إنك إذا قلت إنك ترى السماء فهذا تعبير غير دقيق، فإنك لم تحط بالسماء جميعها، وإنما الدقة بالقول فتقول كأنى أرى السماء. فأنت لم ترَ إلا الجزء الظاهر لمد بصرك، ويختلف فى هذا كل الناظرين كلٌ على قدر مد بصره. منزلة القلب فى الإسلام: إن القلب خلقه الله ليكون أعظم ما فى الإنسان. فهذا الجزء الذى يمكن أن يسمو بالإنسان إلى عوالم اللطف والشفافية وكل ما فى عوالم الغيب. وهو الذى ينزل بصاحبه أسفل سافلين. فمن يعرف هذه الحقيقة وجب عليه متابعة تصفية قلبه من الشواغل الدنيوية ليتأهل إلى نور المعرفة الإلهية.
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق/37] (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء/88، 89]) (أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى) [الحجرات/3] هذه القلوب التى استنارت بأنوار الطاعات وتعرضت لنفحات الحق وعملت بأعمال المحبين من عبادات وأخلاق ومنازلات لتلبيس إبليس. وكما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم عن رب العزة عز وجل: (ما وسعنى أرضى ولا سمائى ولكن وسعنى قلب عبدى المؤمن) أما القلوب الخربة فيصفها القرآن الكريم:
(لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) [الحج/53] (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة/74] (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) [البقرة/10] ويقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْقُلُوبُ أَرْبَعَة: • قَلْبٌ أَجْرَدُ فِيهِ مِثْلُ السِّرَاجِ يُزْهِر • وَقَلْبٌ أَغْلَفُ مَرْبُوطٌ عَلَى غِلَافِه • وَقَلْبٌ مَنْكُوس • وَقَلْبٌ مُصْفَحٌ - فَأَمَّا الْقَلْبُ الْأَجْرَدُ فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ سِرَاجُهُ فِيهِ نُورُه - وَأَمَّا الْقَلْبُ الْأَغْلَفُ فَقَلْبُ الْكَافِر - وَأَمَّا الْقَلْبُ الْمَنْكُوسُ فَقَلْبُ الْمُنَافِقِ عَرَفَ ثُمَّ أَنْكَرَ - وَأَمَّا الْقَلْبُ الْمُصْفَحُ فَقَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَنِفَاقٌ فَمَثَلُ الْإِيمَانِ فِيهِ كَمَثَلِ الْبَقْلَةِ يَمُدُّهَا الْمَاءُ الطَّيِّبُ وَمَثَلُ النِّفَاقِ فِيهِ كَمَثَلِ الْقُرْحَةِ يَمُدُّهَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ فَأَيُّ الْمَدَّتَيْنِ غَلَبَتْ عَلَى الْأُخْرَى غَلَبَتْ عَلَيْه). رواه الإمام أحمد وقال ابن كثير عن هذا الحديث: "هذا إسنادٌ جيدٌ حسن". والإيمان نورٌ يقذفه الله فى قلب العبد المؤمن. ونرى فى آية المشكاة ما يدل على عظمة القلب الذى استنار بنور الإيمان. يقول الحق تبارك وتعالى:
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النور/35]. فى الآية تشبيهات هى: المشــكاة، والمصباح، والزجاجة. فالمشـكاة: جسد المؤمن الذى يحوى قلبه. المصباح: هو القلب الذى يحتوى على الزجاجة. الزجاجة: هى السراج الذى هو مبعث النور. يقول ابن كثير: وقال أبو جعفر الرازى عن الربيع بن أنس عن أبى العالية عن أبىّ بن كعب فى قوله تعالى: (الله نور السموات والأرض) قال: هو المؤمن الذى جعل الله الإيمان والقرآن فى صدره فضرب الله مثله، فقال: (الله نور السموات والأرض) فبدأ بنوره نفسه ثم ذكر نور المؤمن فقال: مثل نور من آمن به، قال: فكان أبىّ بن كعب يقرؤها: (مثل نور من آمن به)، فهو المؤمن والقرآن فى صدره، وهكذا رواه سعيد بن جبير وقيس بن سعد عن ابن عباس أنه قرأها (مثل نور من آمن به). وختم شيخنا الشيخ رزق كلامه بقوله: هذه أحوال القلوب، فمن يرى فى نفسه شيئاً من أحوالها فليتصدر للدعوة على قدر حاله لا يزيد، فإنه على قدر النور المودع فى قلبه يرى حقيقة الأمور، ذلك لأن الإيمان المودع فى القلب قابل للزيادة (زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال/2] غير ناظرين إلا إلى الله، لا ينتظرون من الخلق معونة! السير إلى الله: ويقول الشيخ فى كتابه الغوث الشيخ عبد القادر الجيلانى مدرسته ومنهجه وطريقته: السير إلى الله يكون صعوداً بهمتك عن الدنيا، وبقلبك عن الأغيار، وبفكرك عن التسفل والانحطاط، وكلما ارتفعت بك أفكارك، وحملتك فيوضات الحق على قلبك، وازدادت همتك طلباً لمعرفة مولاك، فأنت سائر إلى العلا، وأما إذا تهاوت الهمة، وانشغلت بما فى الطريق من شواغل وفتن، فأنت قد وقفت، وما دمت قد وقفت فى مرحلة إيمانية فإنك تهوى إلى ما بعد حتى تعود حيث بدأت إلى مرتبة الإسلام – هذا إذا كنت ممن ابتدأ سيرهم فى الطريق بالتمسك بمذهب أهل السنة، أما إذا كنت لا تجيد هذا الفن فالله أعلم بما سيكون من أمرك. ويقول الشيخ أبو الحسن "الهالك فى طريقنا هذا أكثر من الناجى" ولكى نوضح فإنك حال سيرك فى مرتبة الإيمان وهى مرتبة الغيبيات فأنت ترى الجن والملائكة… فإذا لم يكن لك تمسك بالهدف الأصلى فمن الممكن أن تكتفى بوعود الجن وأمور المكاشفة والتعامل مع الناس ونسيان المراد من سيرك فى الطريق! انتهى المقصود نقله من كلام شيخنا رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي رحمه الله. وعليه فالسائر إلى الله لا يبتغي سواه ويجب عليه ألا يلتفت لما يتكشف له من العوالم ولا يقف عندها فإن ذلك يقطعه عن سيره، قال سلطان العاشقين:
وقال لي حسن كل شيء تجلى *** بي تملى قلت قصدي وراكَا قد وجد القلب حبه فالتفاتي *** لك شركٌ ولا أرى الاشراكَا وقال سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه في حكمه: ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة : الذي تطلب أمامك ولا تبرجت له ظواهر المكونات إلا ونادته حقائقها : (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ). | |
|
| |
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الأحد أغسطس 24, 2008 9:12 am | |
| الحديث الثالث المعنى المتذوق: (صحة التبعية)
روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي وَمَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي" وروى البخاري أيضاَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ بِي". وروى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أنه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَكَوَّنُنِي". وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي". وروى مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِي إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِي صُورَتِي" وفي رواية "فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِي" وروى البخاري ومسلم عن أَبُي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ". وروى البخاري في صحيحه عن أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي".
قال شيخنا الشيخ رزق في "مجموعة ويسألونني": وقد قال الإمام الشعراني في اليواقيت والجواهر: "اعلم أن عدد منازل الأولياء في المعارف والأحوال التي ورثوها من الرسل عليهم الصلاة والســلام مائتا ألف منزل وثمانية وأربعــون ألـف منـزل وتســعمائة وتســعة وتســعون منــزلاً (248999) لابد لكل من حق له قدم الولاية أن ينزلها جميعاً ويُخلع عليه في كل منزل من العلوم ما لايُحصى". انتهى. وهذا الذي ذكره الإمام الشعراني هو في كل من حق له قدم الولاية أما أن يترقى ليصير شيخاً فإنه يجب عليه أن يمر بها جميعاً ثم تكون فيه الأهلية لأن يُسلِك مريديه في منازل الطريق ويأخذ بأيديهم فيها ، علماً بأن طريق كل مريد يختلف عن الآخر، والشيخ يجب أن يجتمع فيه صلاحية تسليك كل منهم في طريقه ولذلك ذكر الشيخ ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه في لطائف المنن أن شيخه وشيخنا الإمام أبا العباس المرسي رضي الله عنه قال في قوله تعالى:
" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي" [يوسف/108] أي على معاينة، يعاين سبيل كل واحدٍ من الأتباع فيحمله عليها. وقال شيخه سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يارسول الله ما حقيقة المتابعة؟ فقال : (رؤية المتبوع عند كل شيء وفي كل شيء)". والمراد رؤية الشهود ولهذا نقل عنه وعن تلميذه سيدي أبي العباس المرسي رضي الله عنهما كلاً على حدة أنه قال بلفظً قريـــب: ( لو حجبت عن رسول الله طرفة عين ما عددت نفسي من جملة المسلمين ).
وقال سيدي علي الخواص رضي الله عنه: "لا يكمل الفقير في باب الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصير مشهوداً له في كل عمل مشروع ويستأذنه في جميع أموره من أكلٍ ولبسٍ وجماع ودخول وخروج فمن فعل ذلك فقد شارك الصحابة في معنى الصحبة". ولنا كلام في هذا المعنى ذكرناه في بعض كتبنا وفي مقدمة إحدى الأمسيات التي عقدناها لمولد سيدي أبي العباس المرسي فننقل لك هنا طرفاً منها فنقول: إن الدعوة إلى الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم لم تنقطع بإنقطاع النبوة فهي لاتزال مستمرة ولكن ليست تحت مسمى النبي. وإنما حددتها الآية الشريفة: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي" [يوسف/108] فتحددت وظيفة الداعي إلى الله في أمةالحبيب المصطفى بأمرين: • الأمـر الأول: وجود البصيرة (َدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ). • والأمر الثانى: التبعية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي). أي أنه من الضروري أن يكون الداعي إلى الله من التابعين لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوي البصائر. وقد يقال إن التابعين لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من صحب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط ، أو يقال إن البعية هنا هي العمل بالسنة دون رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنقول أن التبعية هنا وهي التي لابد أن تتوافر في الداعي إلى الله هي تبعية على الحقيقة وليست مجازا إذ لابد أن يرى التابع المتبوع كشرط لتحقق التبعية. ولذلك اشترط وجود البصيرة. ووجود البصيرة لا يتأتى إلا بعد مجاهدات شاقة وبعد أن تتم البيعة بينه وبين الحق تبارك وتعالى: " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ" [التوبة/111]. وليس بعد النفس شئ يُحرص عليه فقد تخلى عن الدنيا بمباهجها وشهواتها وتحقق بقول الرسول الكريم: "موتوا قبل أن تموتوا وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"... فماذا بعد الموت عن الدنيا بكامل زخرفها وبهجتها ومحاسبة النفس الحساب الذي يخرجها عن الدنيا دون ذنب أو خطيئة إلا أن تنكشف البصائر وترتقي الأرواح في معارج الرقي الإلهى.
وقد يثار سـؤال آخر وهو كيف يرى التابع المتبوع وتستمر هذه الرؤية لضرورة إستمرار الدعوة إلى يوم القيامة وقد إنتقل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف يرى في البرزخ؟ ولهذا نقول إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوضح لنا إمكانية هذه الرؤيا ، فقد قال فيما يرويه البخارى: "من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي"، أو لا يتزياني " وفي رواية: "من رآني فقد رأى الحق". وهذه أول مراتب الرؤيا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا تكلمنا عن الرؤيا فلابد أن نوضح أمرا هاما، وهو أن كل من ادعى رؤيا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تظهر عليه آثار أنوار هذه الرؤيا في العبادات وحسن الخلق والترقي في مسالك العارفين، فرؤيته ليست رؤيا حقيقية وإنما هي خيالات أو رؤيا بالأمنية، فأنوار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها تأثيرها على أحوال الرائي:
فإذا تطهرت جوارح الرائي بعد هذه الرؤيا وعمل بما يقربه إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يترقى لمرتبة أخرى أوضحها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الصحيح : "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة فإن الشيطان لايتمثل بي" (رواه البخارى). فإذا وصل الرائي إلى هذه المرتبة من الرويا وتحقق برؤية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة فهنا تتحقق له التبعية ويكمل الداعي ويصبح داعيا إلى الله على بصيرة.
ولنذكر لك مثالاً لمجاهدات واحد من كبار العارفين وهوشيخنا وقدوتنا الشيخ سلامة الراضي رضي الله عنه حيث يقول: "اعلم أني ذكــــرت الله كثيراً، فمن أورادي أنني كنت أذكر (لا إله إلا الله) في الليلة الواحدة اثنى عشر ألف مرة (12000)، ومكثت على ذلك الأعوام، وكنت أصوم في السنة ثلاثمائة يوم (300)، ومع الصوم أداوم على الرياضة غالباً، وكنت أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة نحو ساعتين من الساعات العادية، ذلك فوق أني كنت مريضاً حتى صرت نحيفاً ضئيلاً مصفر الوجه، وما كان يصادفني من الأهل والأصحاب وبقية الناس من العذل واللوم والشماتة والتوبيخ والزجر العنيف. كل هذا لم يثنِ من عزمي على التوجه إلى الله تعالى، ومع هذا كله لم أفز بالوصول، ولا ببارقةٍ أو لائحة إلا النذر اليسير الذي يكون عند أهل الطريق لأطفالها بل وربما لبعض العوام الذين صفت بواطنهم من ذكر الله. فلما ضاقت نفسي وكدت أن أقع في يأسٍ بعد جهادٍ أشرفت فيه على الهلاك وبذلت فيه روحي وتخليت عن دنياى، ولم أبال ما فاتني منها، وهجرت أصحابي وخالفت كل عاذل. كل هذا ذهب هباءً منثوراً، أدراج الرياح، والحبيب لم يسمح بنظرة، والباب لم يُفتح للمسكين، وصرت حائراً ... إن هذا الأمر لا يخرجني منه إلا عناية الله ثم بركة أشياخي. فتوجهت بقلبي إلى ربي أرجو من رحمته ما أهتدي به سواء السبيل. فلم أشعر إلا والهاتف قد ناداني: يا هذا إنما الحيلة في ترك الحيل. فعلمت أن مجاهداتي التي سرت فيها بهذه الشدة كنتُ فيها محتالاً، وأن الوصول لا يكون إلا بمحض فضله ومنته. وداومت على ذكر الله. لا لعلة وصول ولا غيره. فوافاني من ربي الرضا ونور قلبي وهداني طريقه ومنَّ عليَّ وأنعم وتكرم فله الفضل والمنة". انتهى كلام سيدي الشيخ / ســلامة الراضي شيخ الطريقة الحامدية الشاذلية. فجدير بالمتصوفة عموماً وبأهل طريقتنا خصوصاً أن يتخذوا من سيره ومجاهداته وتوجهه الخالص قدوةً لهم، ويأخذوا الطريق بجد واجتهاد ومجاهدة والله يتولانا بفضله. ونختم كلامنا بإشارات إلى المجاهدة في الطريق لسيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه حيث يقول: "مراكز النفس أربع: مركز للشهوة في المخالفات، ومركز للشهوة في الطاعات، ومركز في الميل إلى الراحات، ومركز فى العجز عن أداء المفروضات (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [التوبة/5])".
انتهى المقصود نقله من كلام شيخنا رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي في كتابه: "مجموعة ويسألونني". | |
|
| |
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين السبت أغسطس 30, 2008 10:50 am | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الرحيم الودود، والصلاة والسلام على فاتحة كنز الوجود سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل الكرم والجود.. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد... نستأنف معكم ما بدأناه من تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فنقول:
الأحاديث الرابع إلى الثاني عشر المعنى المتذوق: (فى العرض على النبي صلى الله عليه وسلم)
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ". رواه أحمد والترمذي وقال: حسن غريب وابن حبان في صحيحه والحاكم. - وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كرم الله وجهه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ" رواه الترمذي وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. - وعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ يَعْنِي بَلِيتَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وصحح النووي إسناده في رياض الصالحين وفي الأذكار. - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا". - وفى الحديث "حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم فإن رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيتُ شرا استغفرت لكم" رواه ابن سعد عن بكر بن عبد الله مرسلا وحسنه السيوطى في الجامع الصغير ورواه البزار من حديث ابن مسعود موصولا وقال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح. وذكر في طرح التثريب أن إسناده جيد. - وروى أحمد والنسائي عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ قَالَ: "أَجَلْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا" وحسنه السيوطي. - وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً" قال الحافظ في الفتح: وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان ، وَلَهُ شَاهِد عِنْد الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظِ " صَلَاة أُمَّتِي تُعْرَض عَلَيَّ فِي كُلّ يَوْم جُمْعَة ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرهمْ عَلَيَّ صَلَاة كَانَ أَقْرَبهمْ مِنِّي مَنْزِلَة " وَلَا بَأْس بِسَنَدِهِ. انتهى. - وعن فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قال: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجِلَ هَذَا" ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه الترمذي وابن خزيمة و ابن حبان و الحاكم وأقره الذهبي. - وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
يقول شيخنا رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي رضي الله عنه في شرحه للوظيفة الشاذلية: (اللهم صلِّ وسلم بجميع الشئون في الظهور و البطون) : يا الله صلِ وسلم في جميع الشئون الباطنة منها والظاهرة. صلاةً تليق بمقداره عندك وصلاةً تكون به منه عليه فإنه لا صلاة لنا إلا ما صليت أنت وما أفضت علينا بها. صلاةً لا أول لها ولا آخر ولا حصر لها ولا نهاية إلى يوم القيامة مستمرة باستمرار شئونك في الخلق إذ أن الشئون الظاهرة والباطنة مستمرة دائماً.
فالصلاة من الله على حبيبه هي محبته وعطفه عليه وتقريبه واجبتائه ، والسلام طيب تحية واكرام وتمام إحسان وإنعام .
وبادىء ذي بدء فان ظاهر هذا دعاء من العبد لسيد البشر بأن يكرمه الله ويصلي عليه ويحييه ... فهل للمفضول أن يدعو أو يزكي الفاضل؟ . وهذا أمر للمؤمنين أي لمن وصلوا إلى مرتبة الإيمان إذ يقول الحق تبارك وتعالى: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [الأحزاب/56].
ولقد أختص الله سبحانه وتعالى ( اختص ) بهذا نفسه والملائكة ورفع قدر المؤمنين فجعلهم مع الملائكة فالخطاب للمؤمنين ولم يقل يأيها المسلمون أو يأيها الناس .
ولما كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة وهو الرؤوف الرحيم بالمؤمنين وهو الرحمة لجميع العالمين .
ولما كان تمام الأيمان إنما يكون في محبته عليه الصلاة والسلام فانه عند المؤمنين أحب من المال والولد .
والصلاة والسلام عليه إنما هي من علامات محبته عليه الصلاة والسلام فمن محبته كثرة ذكره وإنما يذكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة الصلاة عليه - عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ". وعن سيدنا علي كرم الله وجهه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ" رواهما الترمذي وقال : "حديث صحيح حسن".
والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي قرع على باب رحمته وهي حبل الوداد بين المصلي وبينه عليه الصلاة والسلام وهي وسيلة لبلاغ محبته فهو القائل - عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فاكثروا علي الصلاة فيه فان صلاتكم معروضه علي " قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟! يعني بليت قال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ". رواه أبو داود بإسناد صحيح.
فانظر يرحمك الله في قوله عليه الصلاة والسلام " صلاتكم معروضة علي " فهل تعرض الصلاة دون عرض صاحبها ...؟
فإذا كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشفيع لأمته وخاصة أهل الكبائر منهم فان عرضك عليه يحقق لك هذه الشفاعة وهو القائل: "حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيتُ شرا استغفرت لكم " رواه ابن سعد عن بكر بن عبد الله مرسلا وحسنه السيوطي في الجامع الصغير ورواه البزار من حديث ابن مسعود موصولا وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح.
إن الله جل شأنه رفع لنبيه ذكره - فكلما ذكر الحق تبارك وتعالى ذكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلاتك عليه هي ذكر للحق تبارك وتعالى وطاعة لا تعدلها طاعة واستجلابا للرحمة والرأفة والشفاعة المخصوص بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما يرويه أحمد عن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أتاني آت من عند ربي عز وجل فقال : من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها ".
ألا تحب أن تكون مجاورا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة؟ وهو القائل: "أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة" . رواه الترمزي وقال حديث حسن.
ألا تحب أن تدخل في رحمة الله تبارك وتعالى ...؟ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا" رواه مسلم.
ويقول الحق تبارك وتعالى:
"هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" [الأحزاب/43]. فصلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم مدخلا لصلاة الحق علينا وهي وسيلة لإخراجنا من ظلمات الغفلة إلى نور اليقين .
إن الدعاء لابد وأن يسبقه الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "عجل هذا" ثم دعاه فقال له أو لغيره : "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه سبحانه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ما شاء". حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
إن الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي باب للعرض عليه واستمرارها قد يأتي برؤيته عليه الصلاة والسلام وعندها قد يصل إلى درجة القرب، فتخيلك لشمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم وكثرة السلام عليه والتشوق لرؤياه تجعلك ممن يحظون بهذه الرؤيا وهو القائل: " صحيح مسلم - (ج 11 / ص 360)
"مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي" رواه مسلم ولا يزال المحب هكذا حتى يتحقق بقوله عليه الصلاة والسلام:
"مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي" رواه البخارى. فإذا وصلت لهذا فانك من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم المقصودين بقول الحق تبارك وتعالى :
"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [يوسف/108].
فالداعي إلى الله من أمة سـيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكون على بصيرة ولا تصح التبعية إلا إذا رأى التابع المتبوع وإلا كانت تبعية مجازية.
فإذا قرأنا الحديث فيما يرويه البخاري عن أنس رضي الله عنه : "الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ" رواه البخاري في صحيحه باب الميت يسمع خفق النعال.
وهنا وقفة فالحديث يدل على أن الميت يسمع خفق النعال ثم قول الملكين "ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم" .
و"هذا" : اسم إشارة لقريب موجود (حاضر) ويعني ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر السؤال لكل الموتى مسلما أو كافرا أو منافقا فأنظر لقول المنافق " لا أدري كنت أقول ما يقوله الناس ".
إن الذي لا تذكره وليس بينك وبينه موده فإنه لا يخطر لك إذا غاب وإذا حضر لم تعرفه فكيف الحال بمن كان في جفاء مع سيدنا رسول الله ولم يكثر من الصلاة عليه .
أما من تعرض صلاته على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشعر قلبه بمحبته وصحت عبادته بطاعته فلا غرابه أن يستشعر قلبه بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتبدل مقعده بمقعد في الجنة .
إن الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شرعت في الصلوات فآنت تصلي عليه وعلى آل بيته وأنت بين يدي الله جل شـأنه وفي صلاة الجنازة شرعت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم استمطاراً للرحمات وطلبا للشفاعة للميت ويرى الصوفية أن الناس في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقسام:
1- قسم يصلي على صورته البشرية: وهم أهل الدليل والبرهان فهم يشخصونها في قلوبهم في حال الصلاة عليه فإذا أكثروا من الصلاة عليه بالحضور تثبت الصورة الكريمة في قلوبهم فيرونه في المنام كثيرا وربما تتشكل روحه الكريمة على صورة جسده الطيب فيرونه يقظة . 2- قسم يصلون على روحه النورانية: وهم أهل الشهود من السائرين فهم يصلون على نوره الفائض من الجبروت فيشاهدونه في غالب أوقاتهم على قدر حضورهم . 3- قسم يصلون على نوره الأصلي: الذي هو نور الأنوار وهم أهل الرسوخ والتمكين من أهل الشهود والعيان وهؤلاء لا يغيب عنهم النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين.
ولذلك قال الشيخ أبو العباس المرسي "والله لو غاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين" إشارة إلى رسوخه وتمكنه في الحضرة ورجوعه إلى البقاء بشهود الواسطة. فهؤلاء أفكارهم تجول في الملكوت وارواحهم متصلة بالجبروت فقد اجتمع فيهم ما افترق في غيرهم .
ولقد كانت من صلوات الشيخ أبو الحسن رضي الله : "اللهم صل على سيدنا محمد النور الذاتي والسر الساري سره في سائر الأسماء والصفات وعلى آله وصحبه وسلم". | |
|
| |
فقير الاسكندرية
عدد الرسائل : 192 تاريخ التسجيل : 14/10/2007
| موضوع: مجاهد النفس السبت سبتمبر 06, 2008 1:37 pm | |
| الأحاديث الثالث عشر إلى السابع عشر المعنى المتذوق: (مجاهدة النفس)
- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ: "إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" رواه البخاري. - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" رواه مسلم. - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ" رواه مسلم. - وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ" رواه البخارى. - وعن أبى فِراس رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن اهل الصفة رضى الله عنه قال: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: "سَلْ" فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ: "أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ" قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ قَالَ: "فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ" رواه مسلم.
سئل شيخنا رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي (في مجموعة ويسألونني): - ما هو حال الصوفية من حيث اتباع الشريعة ، وهل لإنسان عاقل رشيد يدعى التصوف وينتسب إليه أن يترك الفرائض مثلا أو أن يخرج عن دائرة الشرع خاصةً وقد كثر اليوم مدعو التصوف؟
ونقول لهم إن الشريعة ضرورة للسائر إلى الله، ولا تسقط عنه التكاليف إلا فى حالة غياب عقله كالإصطلام مثلاً إذ العقل مناط التكليف، وأما ما نقل عن بعض المتصوفة من القول برفع التكاليف فالمقصود به - كما قال ائمتهم- رفع كلفة التكاليف أى يقوم بها حبا وتلذذاً بدون كلفة.
وقد بوب الإمام عبد الوهاب الشعرانى فى كتابه اليواقيت والجواهر فى ذكر عقائد الأكابر مبحثاً خاصاً فى ذلك فقال فى (المبحث السادس والعشــرون فى بيـان أن أحداً من الإنس والجن لا يخرج عن التكليف ما دام عقله ثابتا ولو بلغ أقصى درجات القرب على ما سيأتى بيانه) وقال فيه: "اعلم يا أخى أن من المحال رفع التحجير عن كل عاقل ما بقيت الدنيا ولولا ذلك لكان كل من ارتفع حجابه يرتفع عنه التحجير لأنه حينئذ لا يرى الفاعل إلا الحق وحده، ولا قائل بذلك من أهل السنة والجماعة وقول بعض العارفين أن السالك يصل إلى مقام يرتفع عنه التكليف، مراده بهذا التكليف ذهاب كلفــة العبادة، فلا يصير يمل منها بل ربما يتلذذ بفعل ما كانت نفسه تتصعب لفعله قبل ذلك، وقد مكثت أنا فى هذا المقام لا أتكلف لأشق العبادات ثم كشف لى عن نقص ذلك المقام لما يصاحبه من هوى النفس فتبت إلى الله منه وصرت لا آتى بعبادة إلا بمشقة وكلفة كأنى حامل جبلاً وذلك لما فيها من الآداب والمشاهد الذى كلفنا بها فيها، وكنت قبل ذلك لا أتكلف لها كما لا أتكلف لخروج النفس من الغى ودخوله، وذلك أنى رأيت الله عز وجل يقول لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴾ [الشرح/7] أى إذا فرغت من عمل متعب فانصب فى عمل آخر أى متعب، وهذا أمر لا يذوقه إلا من سلك الطريق فأين الراحة من التكليف ونحن مطالبون بالاقبال على الله فى كل نفس؟". ثم قال فى موضع آخر من المبحث المذكور: "وبالجملة فأرباب الأحوال ينبغى التسليم لهم أما العارفون الذين هم قدوة للناس يجب عليهم حفظ ظاهرهم وإلا عدم الناس بهم النفع ، فعلم أن الله تعالى لا يحرم شيئا أو يوجبه على ألسنة رسله ثم يبيحه لأحد من أوليائه أبداً لأن الله تعالى قد راعى شرعه الظاهر وجعله مراداً للناس كلهم، فلا ينسخ الشريعة إلا من جاء بها من بعده من الرسل، ونبينا آخر الرسل، وليس لشرعنا ناسخ" انتهى ما أردنا نقله من كلام سيدى عبد الوهاب الشعرانى.
وفى أن الطريق ليست بالادعاء والكسل والتمنى يقول سيدى القطب إبراهيم الدسوقى رضى الله عنه: "ما قطع مريد ورده يوماً إلا قطع الله عنه الإمداد ذلك اليوم، واعلم يا ولدى أن طريقتنا هذه طريق تحقيق وتصديق وجهد وعمل وتنزه وغض بصر وطهارة يد وفرج ولسان، فمن خالف شيئاً من أفعالها رفضته الطريق طوعاً أو كرهاً". وعن الإمام أبى القاسم الجنيد شيخ الطائفة أنه قال: "مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة"
وكان سيدى الشيخ إبراهيم الدسوقى يقول: "الشريعة أصل والحقيقة فرع، فالشريعة جامعة لكل علم مشروع، والحقيقة لكل علم خفى، وجميع المقامات مندرجة فيهما".
ويقول الإمام القشيرى فى الرسالة القشيرية التى هى عمدة فى الطريق: "الشريعة أمر بالتزام العبودية، والحقيقة مشاهدة الربوبية، فكل شريعة غير مؤيدة بالحقيقة فغير مقبول، وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة فغير محصول، فالشريعة جاءت بتكليف الخلق، والحقيقة إنباء عن تصريف الحق، فالشريعة أن تعبده، والحقيقة أن تشهده، والشريعة قيام بما أمر، والحقيقة شهود لما قضى وقدر، وأخفى وأظهر. سمعت الاستاذ أبا على الدقاق رحمه الله يقول: قوله﴿إياك نعبد﴾ حفظ للشريعة و﴿إياك نستعين﴾ إقرار بالحقيقة. واعلم أن الشريعة حقيقة من حيث إنها وجبت بأمره، والحقيقة أيضاً شريعة من حيث إن المعارف به سبحانه أيضاً وجبت بأمره". وقال أيضا" فى موضع آخر من الرسالة: "(فصل) وبناء هذا الأمر وملاكه على حفظ آداب الشريعة، وصون اليد عن المد إلى الحرام والشبهة، وحفظ الحواس عن المحظورات، وعد الأنفاس مع الله تعالى عن الغفلات ، وأن لا يستحل مثلاً سمسمة فيها شبهة فى أوان الضرورات، فكيف عند الاختيار ووقت الراحات. ومن شأن المريد دوام المجاهدة فى ترك الشهوات، فإن من وافق شهوته عدم صفوته، وأقبح الخصال بالمريد رجوعه إلى شهوة تركها لله تعالى". ويقول الإمام أبو الحسن الشاذلى شيخ الطائفة الشاذلية: "ما ثم كرامة أعظم من الإيمان ومتابعة السنة. فمن أعطيهما وجعل يشتاق إلى غيرهما، فهو عبد مفتر كذاب، أو ذو خطأ فى العلم والعمل بالصواب، كمن أكرم بشهود الملك على نعت الرضا فجعل يشتاق إلى سياسة الدواب وخلع الرضا".
ويقول: "سمعت هاتفاً يقول: إن أردت كرامتى فعليك بطاعتى وبالاعراض عن معصيتى" ويقول: "لا تؤخر طاعات وقت لوقت آخر، فتعاقب بفواتها، أو فوات غيرها، أو مثلها، جزاء لما ضيعت من ذلك الوقت ، فإن لكل وقت سهماً، فحق العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية. وأما تأخير عمر رضى الله عنه الوتر آخر الليل، فتلك عادة جارية، وسنة ثابتة، ألزمه الله إياها مع المحافظة عليها. وأنى لك بها مع الميل إلى الراحات، والركون إلى الشهوات، والغفلة عن المشاهدات؟ فهيهات هيهات هيهات".
ويقول: " من دعا إلى الله تعالى بغير ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو بدعى" ويقول: "إذا لم يواظب الفقير على حضور الصلوات الخمس فى الجماعة ، فلا تعبأ به"
وسؤل الشيخ رزق السيد عبده في موضع آخر فقال سيادته: ويتساءلون فيقولون : هل يجوز لإنسانٍ أن يدعى المشيخة قبل أن يبذل مجاهدات يتم له بعدها الإشراقات الروحية والسير فى مدارج الرُقى الروحى؟
فنقول مستمدين العون من المولى تعالى: إن طريق القوم طريق مجاهدة ورياضة نفس ، والأمر يحتاج إلى دليل وشيخ مرشد وقد تكلم عن ذلك شيخنا وقدوتنا الشيخ سلامة الراضى فقال بعد كلامٍ طويلٍ عن الشيخ والمريد: " ثم إن الإنسان إذا جاهد نفسه وشيطانه وتطهر من ظلماتهما وكدوراتهما وقاذوراتهما وصفا قلبه من خواطرهما، فإن روحه تصقل مرآتها ويتجلى فيها أنوار الملكوت، وترد عليها أنوارٌ وأسرار ومعارف وفيوضات ومكاشفات، فإن كان ضعيفاً ولاخبرة له بذلك فربما آتاه الشيطان وأظهر له أشياء من هذا القبيل فيظنها السالك واردات من الحق، وفى الحقيقة هى من الشيطان، كما وقع لسيدى عبد القادر الجيلى رضى الله عنه أنه رأى نوراً ملأ ما بين السماء والأرض وسمع من يكلمه ويقول له: ياعبد القادر قد أبحت لك المحرمات، فقال سيدى عبد القادر: اخسأ يا لعين، وعرف أنه إبليس - ولما قيل لسيدى عبد القادر من أين عرفت أنه الشيطان؟ قال بقوله قد أبحت لك المحرمات، فإن الله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ﴾[الأعراف/28] فلذلك عرفت أنه اللعين ". ويستأنف سيدى سلامة الراضى فيقول: "والخطر والتلبيس فى هذا الطريق أكثر من أن يحصر. فإذا كان التلميذ فى حجر شيخ من الكمل فإنه لايخشى عليه من شئٍ مما يفاجئه فى السير. فالشيخ من آكد ما يجب فى طريق القوم لأنها طريق عويصة معالمها صعبة وأحوالها باطنية، لاتُعرف بالعين الباصرة الشحمية بل تُرى بعين البصيرة القلبية. فمن ظن أنه يسلك الطريق من غير مرشد فقد أخطأ الطريق وربما وقع فى الكُفر والزندقة، واستولى على قلبه الشيطان فصرفه حيث يريد من حيث لايشعر، وهو يظن أنه من الواصلين بل من أكبر العارفين ". ثم يستكمل سيدى سلامة الراضى مواعظه التى هى أساس وقواعد لأهل الطريق فيقول: "واعلم وفقنى الله وإياك أنه لا أقصد بما عرفتك به من أوصاف القوم المتصوفة الذين تصدوا للإرشاد قبل كمالهم محو أثر طريق القوم - حاشا وكــلا، بل ما قصدت إلا خيراً لى ولهم بأن يسعى كل إنسان منا فى تربية نفسه على يد شيخٍ عارف حتى يقوم لله بصحيح العبودية كما أمره، وإذا سعى كل إنسانٍ من أشياخ الطريق وتلامذتهم فى ذلك وتكمل على يد بعض الأشياخ فإن الله يجعل على يديه خيراً كثيراً، وتنتشر به طريق الله أزيد وأكثر مما هى عليه الآن، يكون أهلها خلاصة المسلمين وزبدة أهل الدين، ويكونون رحمةً فى الأرض - وحبذا لو اجتهدوا فى تعلم القدر الضرورى من علم الدين من فقهٍ وتوحيد، وذكروا الله هم وإخوانهم مع الكمال والآداب، والمحبة لله ولرسوله، والخوف والرجاء، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولو أنهم يأمرون اخوانهم ربما كان كافياً، وبذلك نكون منتسبين لأهل الطريق محبين لهم محسوبين عليهم، ويمن الله عليهم بالقبول ويرضى عنهم الله ورسوله، ويصيرون من عباد الله الصالحين المقبلين على ربهم، وقد يفيض الله عليهم من البركات والخيرات الإلهية. وإن هذا السير وإن لم يكن وصف السالكين فى طريق الله تعالى وليس فيه تربية للنفوس على ما يراه العارفون، فإن ذلك يكون أحسن وأفضل من إقامتهم على ما هم عليه من البدع والخرافات، ويستمرون على ذلك متعطشين لمن يرشدهم إلى طريق الوصول، حتى يُقيض الله لهم من يأخذ بيدهم بمنه وكرمه" انتهى المقصود من كلام سيدى سلامة رضى الله عنه. واستئنف سيدي رزق قائلاً: ولنوضح لك بعض الأمر فاعلم أنه ينقسم الصادقون فى الطريق إلى قسمين: مريدٌ ومُراد وإن كان كلاهما مُراد مُختار، وقد أُشير إلى القسمين فى الوظيفة الشاذلية التى هى أحد أوراد الكثير من السادة الشاذلية حيث يقول: (وأيدنى بك لك بتأييد من سـلك فملك، ومن ملك فسلك) فالأول منهما: من سلك طريق القوم وجاهد فيها حتى انتهى إلى درجات الكمال وملك عوالمه. والثانى: من ملك فسلك، فهو قد اختارته العناية الإلهية وجذبته المواهب الربانية حتى ملك ثم أُمر بالسلوك والمجاهدة إلى أن يصل إلى أصول المشيخة. وكما نرى فإن كلاهما يجب أن يسلك، أى أنه لابد من السلوك وإلا سقط من عين الله، فلابد من أن يسلك ويجاهد. قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾[العنكبوت/69]. انتهى المقصود نقله وليراجع المبحث بكماله في مجموعة ويسألونني. | |
|
| |
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الإثنين سبتمبر 15, 2008 12:55 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله كريم العطاء والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وآله وصحبه وكافة الأولياء سلام الله عليكم ورحمته وبركاته... أما بعد ... نستأنف مع شيخنا رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي تذوق معاني الأحاديث النبوية وجوامع الكلم العطرة.
الأحاديث الثامن عشر إلى السابع والعشرين المعنى المتذوق: (الصحبة والحب فى الله)
- عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالى؟ اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى" رواه مسلم. - وعن معاذ رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل: المتحابون فى جلالى، لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء" رواه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح. - وعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما ان يحذيك (يعنى يعطيك)، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير إما ان يحرق ثيابك، وغما أن تجد منه ريحاً منتنة" متفق عليه. - وعن أبى هريرة رض الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أبو داود والترمذى باسناد صحيح وقال الترمذى حديث حسن - و صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المرء مع من أحب" متفق عليه. - وفى رواية قيل للنبى صلى الله عليه وسلم: لرجل يحب القوم ولمَّا يلحق بهم؟ قال: " المرء مع من أحب". - وسأله أعرابياً: متى الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أعددتَ لها؟" قال: حبُّ الله ورسوله قال "أنت مع من أحببت" متفق عليه وهذا لفظ مسلم. - وفى الحديث المتفق عليه عن حلق الذكر قال صلى الله عليه وسلم فى القوم الذين يذكرون الله فيشهد الله ملائكته أنه قد غفر لهم فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلانٌ ليس منهم، إنما جاء لحاجة، فيقول تعالى: "هم الجُلساء لا يشقى بهم جليسهم" وفى رواية لمسلم أنه تعالى يقول: "قد غفرتُ لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا" فيقول الملائكة : ربِّ فيهم فلانٌ عبدٌ خطاء، إنما مر فجلس معهم فيقول : "وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم". - وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وســــلم " أن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لى فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبُّها عليه؟ قال: لا غير أنى أحببته فى الله تعالى، قال: إنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" رواه مسلم. - وفى الحديث القدســـى: قال اللــه تعالى: "وجبت محبتى للمتحابين فىّ ، والمتجالسين فىّ، والمتزاورين فىّ، والمتباذلين فىّ" حديث صحيح رواه الإمام مالك فى الموطأ بإسناد صحيح.
يقول شيخنا الشيخ رزق رضى الله عنه فى مجموعة (ويسألوننى): ويسألوننى ما الفرق بين الصحبة فى الله وصحبة المرء لأصحابه أو أهله أو زملائه؟ فنقول للسائل قد سألت عن مسألة هى أساس فى طريق الله، وتعتبر من أهم المؤثرات على صحة السير. وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أشار لأهمية الصحبة وخطرها فى غير ما موضع فقال صلى الله عليه وسلم : "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير، إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً مُنتِنَة" متفق عليه.
وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لاتصاحب إلا مؤمناً، ولايأكل طعامك إلا تقى" رواه أبو داود والترمذى بإسناد لا بأس به - قاله النووى. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أبو داود والترمذى بإسناد صحيح، وقال الترمذى: حديث حسـن .
وفى الحديث المتفق عليه عن حلق الذكر قال صلى الله عليه وسلم فى القوم الذين يذكرون الله فيشهد الله ملائكته أنه قد غفر لهم فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلانٌ ليس منهم، إنما جاء لحاجة، فيقول تعالى: "هم الجُلساء لا يشقى بهم جليسهم" وفى رواية لمسلم أنه تعالى يقول: "قد غفرتُ لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا" فيقول الملائكة : ربِّ فيهم فلانٌ عبدٌ خطاء، إنما مر فجلس معهم فيقول : "وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".
فهذا الذى ليس منهم وإنما جاء لحاجة أو مر فجلس معهم قد دخل ببركتهم فى المغفرة، وزال عنه وصف الشقاء، بل واستثنى من عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " رياض الصالحين - (ج 1 / ص 12) "إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى" - الحديث ، فهذا الرجل لم ينوِ صحبة هؤلاء وليس منهم بل وجاء لحاجةٍ الأغلب أنها دنيوية، ولكنه ببركة الصحبة نال مغفرةً وزال عنه الشقاء فيا لها من نعم مترادفة على من صحب الذاكرين بغير نية، فما بالك بمن صحبهم لله وفى الله ؟
وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بلزوم صحبة أقوام فقال: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾
ويظهر للمتأمل الفرق بين الصحبتين موضوع سؤالنا إذا تدبر قوله تعالى : ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾
ثم يترتب على الصحبة الحب، وهو الذى يرقى بصاحبه إلى مراقٍ لم يكن ليبلغها بعمله، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المرء مع من أحب" متفق عليه. وفى رواية قيل للنبى صلى الله عليه وسلم: لرجل يحب القوم ولمَّا يلحق بهم؟ قال: " المرء مع من أحب". وسأله أعرابياً: متى الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أعددتَ لها؟" قال: حبُّ الله ورسوله قال "أنت مع من أحببت" متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
ففرح بها الصحابة رضى الله عنهم لأنه منهم من يحب أبا بكرٍ وعمر وعثمان وعلى ولما يترقى لأعمالهم ومنزلتهم فيحشر معهم بحبهم.
وقد يترقى من يحب الصالحين وأعماله لا ترقى إلى مستوى أعمالهم إلى درجتهم ويحشر معهم إن كان حبه حقيقياً. فما بالك إذا حشرت مع الصالحين والشهداء والكل فى معية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحبتك إياهم. وقدر الصحبة أو الأخوة فى الله أنزلها الله من فوق سبع سموات، حملها قلب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ . والأخوة فى الله منزلة عالية رفيعة، وشرطها أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، إجتمعا على الله وافترقا عليه.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم "أن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لى فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبُّها عليه؟ قال: لا غير أنى أحببته فى الله تعالى، قال: إنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" رواه مسلم.
ثم هيا بنا نستعرض حال الفقير مع أحبابه واخوانه فى الله، وهو كما قلنا يحشر معهم، والقبر أول الدخول للآخرة، فإن سبقهم وانتقل إلى البرزخ نجد أن إخوانه دائماً يتذكروه ويدعون له بالرحمة وغيرها ويقرأون له الفواتح ويهدونه بهدايا الأعمال الصالحات. وأما إن سبقوه إلى دار القرار فإنهم ينتظروه فى البرزخ ويسألون من انتقل قريباً عن أحواله قال تعالى: ﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ . ويستقبلونه إذا ورد عليهم ، ولذلك ترى بعضهم فى حالة خروج الروح ينادى بأسماء أناسٍ قد توفوا لأنه فى ذلك الوقت يراهم. وكذلك الشيخ المنتقل - وهو على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم- يكون منتظراً لهم. قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ . فيكونون فى البرزخ كما هم فى الدنيا يجتمعون كاجتماعهم فيها، أما والعياذ بالله من ليس لهم نصيب كهذا فلا تدرون أين يكونون، نسأل الله أن يجمعنا فى مستقر رحمته. ثم إن يوم القيامة يوم شديد وصعب ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ . ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ . والناس يقاسون يوماً عصيباً حتى أنهم يتمنون أن يُقام الميزان وينتهوا مما هم فيه ولو إلى النار.
فى هذا الوقت العصيب ينادى الحق "أين المتحابون بجلالى ؟ اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى" رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجلَّ : المتحابون فى جلالى، لهم منابر ممن نور يغبطهم النبيون والشهداء" رواه الترمذى وقال : حديث حسن صحيح.
فلو لم يكن إلا هذا لكان فضيلةً كافيةً للمداومة على الصحبة فى الله والأخوة فى الله وحفظ حرمتها وحقوقها. ويكون الأحباب فى الله فى عصمة من النار وعصمة من الخطأ، ويستحقون محبة الله تعالى ففى الحديث القدســـى: قال اللــه تعالى: "وجبت محبتى للمتحابين فىّ ، والمتجالسين فىّ، والمتزاورين فىّ، والمتباذلين فىّ" حديث صحيح رواه الإمام مالك فى الموطأ بإسناد صحيح. جعلنا الله تعالى من المتحابين فيه المجتمعين عليه بمنه وكرمه.. | |
|
| |
فقير الاسكندريه
عدد الرسائل : 76 تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 9:31 am | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الحكم العدل والصلاة والسلام على سيد أهل الفضل سيدنا محمد وآله وصحبه صلاة لا يحيط بها عقل سلام الله عليكم ورحمته وبركاته... ونعود معكم لتذوق معاني جوامع الكلم ....
الحديث الثامن والعشرون المعنى المتذوق: (من المظلوم ومن الظالم؟) - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ" وهو حديث صحيح رواه الأئمة البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائى (الخمسة).
قال شيخنا رزق فى سلسلته ويسألوننى: - ويسألوننى عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ" وهو حديث صحيح رواه الأئمة البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائى (الخمسة). يقولون: فما بالنا نجد فى هذا الزمان أن المظلوم يدعو على ظالمه والظالم يزداد فى ظلمه ولا تصيبه الدعوة؟
- ونقول لهم إن الظُلم هنا لابد أن يكون مُحققاً، فرُب مظلوم يصبح ظالماً، فمثلاً: إذا ظلم أحدٌ أحداً وجاء المظلوم فسب الظالم وشتمه وشكاه لكل من يراه مع وصفه بأوصاف سيئة، فإذا تمت مقاصة لتبين الظالم من المظلوم، نجد أن الظالم الأول ظلم فى شئ معين واحد، والذى ظُلِم أخطأ كثيراً فى حق الظالم ووصفه بأوصافٍ وقع فيها فى الغيبة أو البهتان فى حكم الشرع ، كأن يقول: فلان ابن كذا وكذا أو ينعته بأوصافٍ سيئةٍ تقع أقل ما تقع تحت دائرة الغيبة وتدخل فى بند الكبائر، فهل الظالم هو من ظَلَمَ فى شئٍ واحد أم من تحمل غيبة ووقع فى عرض الأول ودخل فى البهتان. فإذا وضعنا لكل هذه الأخطاء عقوبات فإنها قد تزيد بكثير عما فعله الظالم، وبذلك يصبح المظلوم ظالماً ودعوته دعوة ظالم وليست دعوة مظلوم. فإن كان الظالم اغتصب منك مالاً أو أرضاً مثلاً، وأنت كلما رأيت أحداً شكوته له مع سيلٍ من الشتائم لو قدرت كل شتمة منها بمقدارٍ مادى لكان مجموعها أضعاف ما أخذه منك، وما أخذه منك يرد لك يوم القيامة أما ما فعلتَ أنت فى حقه فيرد لك ذنوباً وحسرة. وفى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم عند الخروج من المنزل: "اللهم إنى أعوذ بك أن أظلِم أو أُظلَم" - الحديث. فافهم واتق الله وهو يتولى هداك. | |
|
| |
فقير الاسكندرية
عدد الرسائل : 192 تاريخ التسجيل : 14/10/2007
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين السبت أكتوبر 04, 2008 9:53 am | |
| الحديث التاسع والعشرون إلى السادس والثلاثين المعنى المتذوق: (البلاء والعافية) - روى أحمد والترمذي وابن ماجة عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ" قَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُخْتِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ" وقد بوب البخاري في صحيحه (بَاب أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ). - وروى مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ". - وفى الحديث الصحيح الذى رواه الإمام أحمد والترمذى وابن ماجة عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ قَالُوا وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ قَالَ يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ". - وفى حديث آخر رواه أيضاً الإمام أحمد والترمذى بسؤال العافية وفيه: "قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ". - وقال صلى الله عليه وسلم لعمه: "يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ سَلْ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة" رواه الترمذي وقال هذا حديث صحيح. - وروى الترمذي وحسنه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "سَلْ رَبَّكَ الْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ: "فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَأُعْطِيتَهَا فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ" . - وروى الترمذي وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مُبْتَلًى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ". - وروى مسلم في صحيحه عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ".
قال شيخنا رزق فى سلسلته ويسألوننى: ويسألوننى فيقولون: نرى بعض الدراويش يرددون أنهم أهل بلاء، وقد يعتبرون المعصية بلاء، فهل الطريق يضع مريديه فى دائرة البلاء؟ وأين عبيد الإحســان؟
- ونقول إن هؤلاء القوم يرددون كلاماً لا يعرفون معناه، فياليتهم يعلمون أنهم إذا وصفوا أنفسهم أنهم أهل بلاء فإنهم يطلبون ذلك لأنفسهم، ولن يستطيعوا له تحملاً حتى أن كثيراً من الأنبياء لم يكونوا محلاً للبلاء وهم الأقوى فى تحملهم من هؤلاء وقد روى البخارى فى صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان فى دينه صلباً، اشتد بلاؤه، وإن كان فى دينه رقة ابتلى على قدر دينه، فما يبرح البلاء حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة". فمن ادعى أنه من أهل البلاء فقد زكى نفسه لأن ابتلاء المرء على قدر دينه، فهل اولئك المدعون لهم مراتب تقارب هؤلاء الصالحين؟ وغالباً أن هؤلاء المدعين لايلتزمون بالكتاب والسنة، فإذا وجدوا أنفسهم مقصرين فى العبادات يعتبرون هذا بلاء، ويحتجون بالقضاء والقدر على فعل المعاصى، وليس هذا حال السائر إلى الله الذى يرى فى نفسه النقصان ويصبر عن المعاصى، فإن وقع فيها تاب واستغفر وجبر ما حصل منه بإتباعه بوابل من الحسنات، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ . وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج للطائف داعياً بعد موت عمه أبى طالب وزوجه السيدة/ خديجة رضى الله عنها، فآذاه أهل الطائف أذىً شديداً فدعا بدعائه المشهور الذى قال فيه: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتى، وقلة حيلتى، وهوانى على الناس" ... إلى أن قال: " إن لم تكن غضبان علىّ فلا أبالى، غير أن عافيتك أوسع لى..." - الحديث . فانظر رحمك الله إلى طلب العافية بهذا الأدب الجليل، ثم إنه صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله من تحول العافية حيث يقول: "اللهم إنى أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك" رواه مسلم. ثم إنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتعوذ من جهد البلاء فى الحديث الذى رواه البخارى، وتعوذ من ذلك فى الحديث المتفق عليه. وقال فى الحديث الصحيح الذى رواه الإمام أحمد والترمذى وابن ماجه: "لاينبغى لمؤمن أن يذل نفسه: يتعرض للبلاء لما لايطيق" . وأمرنا فى حديث آخر رواه أيضاً الإمام أحمد والترمذى بسؤال العافية فقال: "سلوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يُعطَ بعد اليقين خيراً من العافية" . وأمر بذلك عمه العباس فى رواية أخرى لهما فقال: "يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية فى الدنيا والآخرة " . وسأله رجل فقال يا رسول الله أى الدعاء أفضل؟ فقال: "سل ربك العافية والمعافاة فى الدنيا والآخرة " وعلمنا أدب طلب العافية فقال: "من رأى مبتلىً فقال : الحمد لله الذى عافانى مما ابتلاك به وفضلنـــى على كثــيرٍ ممن خلــق تفضيـلا لم يصبه ذلك البلاء" .
ويقول سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه : "رأيت كأننى مع النبيين والصديقين فأردت الكون معهم ثم قلت: اللهم اسلك بى سبيلهم مع العافية مما ابتليتهم فإنهم أقوى ونحن أضعف منهم، فقيل لى: وما قدرت من شئ فأيدنا كما أيدتهم". وقال رضى الله عنه فى حزب البحر الشهير: "اللهم يسر لنا أمورنا مع الراحة لقلوبنا وأبداننا والسلامة والعافية فى ديننا ودنيانا"
والأمر الجامع لذلك أننا نسأل الله العافية على الدوام، ومن ذلك ما يطلبه الصوفية من الله سائلين إياه أن يجعلهم عبيد إحسان ولا يجعلهم عبيد امتحان، فإذا نزل البلاء فالواجب على العبد حينئذ الصبر، وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم حين قال: "يا أيها الناس لاتتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا" - الحديث وهو متفق عليه.
وقصة سمنون المحب رضى الله عنه فى ذلك مشهورة حيث أنشــد :
وليس لى فى سواك حظٌ *** فكيفما شئت فاختبرنى
فأخذه الأسر من ساعته وهو احتباس البول، فتجلد يوماً فزاد الألم، فتجلد الثانى فزاد الألم فتجلد ثالثاً ورابعاً فزاد الألم فهو فى صبيحة اليوم الرابع وإذا بإنسان من أصحابه قد أتاه وقال يا سيدى سمعت البارحة صوتك عند دجلة وأنت تستغيث إلى الله وتسأله رفع ما نزل بك، فجاءه ثانٍ وثالث ورابع ولم يكن هو سأل، فعلم أنها إشارة له من الله بالسؤال، فصار يدور على صبيان المكاتب ويقول: "ادعوا لعمكم الكذاب". قال سيدى أبو العباس المرسى رضى الله عنه: رحم الله سمنوناً عِوَضَ ما قال: "فكيفما شئت فأختبرنى" كان يقول: فكيفما شئت فاعفُ عنى فطلب العفو أولى من طلب الاختبار. انتهى كلام الشيخ أبى العباس المرسى وهو أساس فى هذه المسألة فانتبه إليه.
والبلاء لا يكون بالشر وحده ، بل قد يكون الخير أيضاً بلاءً ، قال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ - الآية . وفسرها فى الجلالين : (ونختبركم بالشر والخير كفقرٍ وغنىً وسقم وصحة "فتنة" مفعول له أى لننظر أتصبرون أو تشكرون أم لا ).
وإلى تقلب المؤمن فى البلاء بين شرٍ يصبر له أو خيرٍ يشكر عليه يشير المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول: "عجباً لأمر المؤمن، إنَّ أمرَهُ كلَّهُ له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا المؤمن : إن أصابته ســراءُ شكَرَ فكان خيراً له، وإن أصابتهُ ضرَّاءُ صبرَ فكان خيراً له" رواه مسلم.
وعليه فالصبر قد يكون على البلاء أو على شكر النعم وأداء حقها أو على الطاعات أو عن المعاصى، ووراء ذلك ألوانٌ من الصبر لا يعرفها إلا أصحابها من كُمل الأولياء وسادات العارفين ونشير لك إلى مثالً منها: قيل: وقف رجل على الشبلى فقال: أى صبرٍ أشد على الصابرين؟ فقال: الصبر فى الله. فقال: لا، فقال الصبر لله، فقال: لا. فقال: الصبر مع الله. فقال: لا. فغضب الشبلى وقال: ويحك، أى شئٍ هو؟ فقال الرجل: الصبر عن الله. قال: فصرخ الشبلى صرخة كاد أن تتلف روحه. قال الإمام السهروردى فى عوارف المعارف معلقاً على ذلك: وعندى فى معنى الصبر عن الله وجه، ولكونه من أشد الصبر على الصابرين وجه: وذلك أن الصبر عن الله يكون فى أخص مقامات المشاهدة، يرجع العبد عن الله استحياءً وإجلالاً، وتنطبق بصيرته خجلاً وذوباناً، ويتغيب فى مفاوز استكانته وتخفيه لإحساسه بعظيم أمر التجلى، وهذا من أشد الصبر لأنه يود استدامة هذا الحال تأديةً لحق الجلال، والروح تود أن تكتحل بصيرتها باستلماع نور الجمال، وكما أن النفس منازعة لعموم حال الصبر، فالروح فى هذا الصبر منازعة، فاشتد الصبر عن الله تعالى لذلك. انتهى كلام الإمام السهروردى.
فأين من ادعى أنه من أهل البلاء وتعرض له، من صبر هؤلاء؟ فما أحسن قول القائل:
صارت مُشَّرقةً وصرت مُغرباً *** شتان ما بين مُشرقةٍ ومُغرب ِ | |
|
| |
عاشق الباسل رضي الله عنه
عدد الرسائل : 130 الموقع : بيت المقدس ـ أرض الإسراء والمعراج تاريخ التسجيل : 30/04/2008
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الأحد أكتوبر 05, 2008 4:21 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الى روح سيدي النبي وآل بيت سيدي النبي و سيدتي البتول عليها السلام وأبناء سيدتي البتول عليهم السلام وسيدي الخضر عليه السلام وشيخي وسيدي الباسل رضي الله عنه وأهل الله أجمعين لهم منا ثواب الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمـد لله رب العالميــــــن الــرحــمـــن الــرحــيـــــــــــم مــالـــك يـــــوم الــــديــــــــــــــن إيــاك نــعـــبـــد وإيــاك نــســتــعــيـن إهـــــــــدنــا الــصــراط الــمــســتــقــيــم صــــراط الـــذيــــن أنــعـــمــت عــلــيــهـــم غــيـر الـمـغـضـوب عـلـيـهـم ولا الـضـالـيـــــن آميـــــــــــــــــــــــــــــــــن بوركت سيدي الفاضل على هذا الموضوع العظيم جعل الله لك من لقبك فقير الإسكندرية كامل النصيب جعلنا الله وإياك من الفقراء المخلصين الصادقين دوما مع الله سبحانه وتعالى
| |
|
| |
فقير الاسكندرية
عدد الرسائل : 192 تاريخ التسجيل : 14/10/2007
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الإثنين أكتوبر 06, 2008 7:30 am | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على العافية والصلاة والسلام على صاحب الأنوار الشافية سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وافية كافية
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...
نشكركم أخي عاشق الباسل على مروركم الكريم ودعوتكم الغالية أعطاكم الله مثل ما سألتم لنا وزيادة | |
|
| |
فقير الاسكندرية
عدد الرسائل : 192 تاريخ التسجيل : 14/10/2007
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الأحد أكتوبر 12, 2008 2:35 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على خير البريات وآله وأصحابه ما دامت الأرض والسموات.
أما بعد...
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد...
ونستكمل تذوق الأربعين حديثاً مع شيخنا رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي:
الأحاديث السابع والثلاثون إلى الأربعين المعنى المتذوق: (الحلال نور والحرام ظُلمة) - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ" رواه مسلم. - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ" رواه البخارى. - وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ " رواه البخارى ومسلم. - وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" رواه البخاري.
تكلم شيخنا رزق فى غير ما مجلس عن أن الحلال نور والحرام ظلمة.
وعن الرزق الحلال ينقل الشيخ رزق عن سيدى أبى العباس فيقول: لم يكن الشيخ – يعنى سيدى أبا العباس - رضى الله عنه يكتفى بالتوجيه على الآداب وظواهر العبادات فحسـب ، وإنما يؤكد على ضرورة التحرى فى طلب الرزق الحلال فيقول: "قوت القوم على أربعة أوجه: مباح ، وحلال ، وطيب ، وصافى: فالمبـــاح : ما كان مستوى الطرفين ، ما على أخذه عقاب ، ولا على تركه ثواب. والحـــلال : ما لم يخطر لك على بال ولا سألت فيه أحدا من النساء أو الرجال. والطيـــب : هو ما أخذه العبد بوصف الفناء ، إذ لا وصف له مع مولاه. والصـــافى : هو ما عاينه العبد من المنبع ، يعنى من عين قدرة الله.
وننقل هنا بعضاً مما ذكره شيخنا رزق فى كتابه القيم "المعنويات فى الإسلام" بتصرف يسير حيث يقول سيادته: ولما كان الطعام عنصراً هاماً من عناصر تشكيل الإنسان فإنه يحتاج إلى شمول فى مكوناته وتقنين فى كمياته حتى يتمكن أن يستفاد منه. لأنه فضلاً عن ضرورة تحديد الكميات اللازمة للمحافظة على نمو الجزء البشرى فإنه يستلزم أن يحتوى الطعام على ما يناسب الروح من غذاء. ولما كان غذاء الروح لا بد وأن يكون معنوياً ليتم التجانس. ولما كانت كلمات الحق وتوجيهات الرسول عليه الصلاة والسلام تحوى فى باطنها أسرار نورانيتها، فقد وجهنا القرآن الكريم إلى أن نتخير طعامنا فيقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" [البقرة/172] " . كما حرم: "الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ" [المائدة/3] . كما يقول القرآن الكريم: "يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ" [الأنعام/121]. إن الطعام يحمل فى طياته طبيعة الحصول عليه فإن حصل عليه الإنسان من حرام ولم يتحر فى طلبه الحلال فإن ظلمة الحرام تصاحبه. وكذلك الحلال عندما يتحرى الإنسان الحلال من الرزق فإن نورانية الحلال تبلوره. ولما كان الدم إنما هو عصارة الغذاء. ولما كان القلب هو موزع الحياة على الأعضاء. ولما كانت الحياة إتما تستمر فى الأعضاء ببلوغ الدم الصادر من القلب إليها. فإنه والحالة هذه تختلف مواصفاته حسبما حملت الأغذية من ظلمة أو نور. فالدم الناتج عن عصارة طعام تحرى صاحبه فيه الحلال الطيب يحمل أنوار الحلال الذى يسرى فى جميع كيان صاحبه.
ولذلك فإن طيب المطعم يستجاب معه الدعاء. حيث شرط إستجابة الدعاء وجود اليقين بالإجابة – كما أخبر بذلك المعصوم عليه الصلاة والسلام. ولا يوجد اليقين إلا فى قلب استنار بالحلال وتخلص من ظلمة الحرام. أما الدم الناتج من طعام لم يتحر فيه صاحبه الحلال وحصل عليه من طريق حرام فإنه يحمل ظلمة المعصية وتسرى هذه الظلمة فى جميع الأعضاء. فيكون مأكله حراماً ومشربه حرام فأنى يستجابُ له؟! وكيف يستجاب لقلب حجبته ظلمة الحرام عن أنوار تجليات الحق فى أوامره ونواهيه؟ ولما كانت النية وهى شيئ معنوى يتأثر بها الطعام أيضاً أى أن المعنويات تؤثر فى الماديات فقد حُرِمَ الطعام إذا أُهِلَ به لغير الله. فانظر يرحمك الله كيف أن القول والنية هنا بدلت الحلال إلى حرام. فلقد كان الطعام حلالاً قبل أن ينوى صاحبه أن يرفع صوته لغير الله عند ذبحه أو يذبحه على الأحجار التى كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها (النُصب). وذكر غير الله أو الذبح على النصب كلها معنويات (كلام) لكن يخبرنا الله جلت قدرته أنها غيرت من مواصفات ذلك الطعام المادى وأوجدت فيه ظلمة الشرك، ونزعت منه نور الطيب الحلال. " يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" [البقرة/168]. وهذا خطاب لعامة الناس بأن كل ما فى الأرض حلال طيب ولكن يجب أن يكون الحصول عليه من طريق حلال بعيداً عن وساوس الشيطان وغواية النفس. وفيما جاء بالقرآن الكريم وصفاً شاملاً لتأثير مصادر الغذاء على النفس البشرية قوله جل شأنه: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" [البقرة/275]. فمصدر الطعام من مال الربا يتأثر به الجسم فينزع من الإنسان الإطمئنان والثبات. والطعام ناتج من أرض واحدة، والعبرة هنا بطريقة الحصول عليه فإذا كان المصدر حلالاً يأكله حلالاً فتستنير به الروح ويطمئن منه الجَنان. أما إذا كان من مصادر الربا تأثر به الجسم إلى درجة أنه يشابه مس الشيطان، ومس الشيطان ليس للجسم فقط، فيعتل بالأمراض، ولكنه يؤثر فى إتزان العقل الناتج من خلل بأعصاب المخ. إن الله جلت قدرته أوضح للإنسان ما يصح به ويسلم ووضع فى كل قول أو توجيه أسرار فاعلية أسمائه. يا صاحبى... ولأهمية الطعام فى استمرار الحياة، ولضرورة التوازن بين غذاء الجسم والروح فقد توالت توجيهات السنة المطهرة لما يصح للإنسان من الطعام فى حياته. انتهى المقصود نقله من كلام شيخنا الأستاذ رزق السيد عبده. | |
|
| |
فقير الاسكندرية
عدد الرسائل : 192 تاريخ التسجيل : 14/10/2007
| موضوع: رد: تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين الخميس أكتوبر 23, 2008 12:15 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بيده الخلق والإيجاد، والإسعاد والإبعاد، والقطع والإمداد، والصلاة والسلام على سيد العباد، وآله وصحبه صلاة تعمنا بها بلطائف الوداد.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...
أما بعد.... فهذه خاتمة كتاب تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
خاتمة:
وقد تم الانتهاء من جمع أقوال وشروح وفيوض المعانى لشيخنا الشيخ رزق السيد عبده على أحاديث نبينا الهادى وملاذنا فى كل وادى، من به خرجت الدنيا من ظلمات العدم إلى نور الوجود، وخرجت أمته من حلق الضيق إلى أوسع شهود، وخرج الأنبياء والأولياء من كنز بركته إلى مراتب السعود، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أهل الكرم والجود، صلاة نستعين ببركتها على الوفاء بالعهود.
وأخيراً فنحن نتوسل إلى الله ببركة هذه الأربعين حديثاً الشريفة وما فيها من الأنوار المحمدية والمواهب اللدنية، ثم بما أفيض على شيخنا من معانيها من المواهب الإلهية والحضرة النبوية أن يتقبلها الله قبولاً حسناً ويجعلها صلةً لنا لصاحب جوامع الكلم والشفاعة صلى الله عليه وسلم ثم لوارث المعانى شيخنا رزق ولساداتنا أهل سلسلتنا الشريفة الحامدية الشاذلية.
اللهم ونسألك بهم وببركة ما أفضته عليهم وبالنور الفائض منك إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الأولياء أن تسلكنا فى زمرتهم.
إلهنا وسيدنا وقد عجزت منا الأجساد عن أداء حقوق عبادتك، وعجزت منا القلوب عن صدق التوجه إليك، وعجزت منا الأرواح عن الخروج عن ظلمة الحس، وضاقت بنا الدنيا، وضقنا بظلمة أنفسنا، وضاقت السبل، وومض فى هذه الظلمات التى بعضها فوق بعض وميض الكرم والجود الذى لا تقيده علة، ولا تحده حدود، فنسألك بك وبأسمائك وصفاتك وبأنبيائك ورسلك وبأوليائك وأصفيائك وبالملائكة والمقربين وبسيد المرسلين وآله الطيبين وأصحابه الطاهرين وبمشايخنا الكرام سيدى الشيخ رزق السيد عبده صاحب هذه المعانى الراقية والأنوار السارية وبشيخنا سيدى عبد الحليم أبى زيد وشيخ الطريقة الحامدية الشاذلية سيدى سلامة بن حسن الراضى وشيخ الطرق الشاذلية سيدى أبى الحسن الشاذلى أن تقنا شر هذا الزمان وشر ما فيه، وأن تمن علينا بالوصال فقد طال زمن البعاد وعزت بشائر الوداد وبانت سعاد فيا عماد من ليس له عماد ويا سند من ليس له سند لاتقطع عنا المدد، ولا تلقى بنا فى طيات النسيان ولا فى غيابات الحرمان. اشتد بنا المصاب، وضاقت بنا الرحاب، وأنت رب الأرباب فهل إلى وصل من سبيل؟ عيرنا الأصحاب بطول سير بلا بريق أمل، والأمر ليس بالعمل، بل بالجود والكرم، نعم نحن نعترف بالتقصير والعصيان ولكنا نزلنا فى حى الكرام وحاشا من نزل الحى أن يجد من ضيم، فأقسمنا عليك يا مولانا وسندنا بحبيبك المصطفى ورسولك المجتبى وخليلك الحبيب صلى الله عليه وسلم وبإمامنا الشاذلى وشيخنا الراضى أن تمح أسماءنا من ديوان الأشقياء وتثبتها فى ديوان السعداء، وأن تأخذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك، وألا تدع فى الأحباب محروماً إلا منحته، ولا مكسوراً إلا جبرته، وهل لنا إلاك؟! وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. | |
|
| |
| تذوق معاني أربعين من أحاديث سيد المرسلين | |
|