قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: سعدي الشاعر ...الذي أحيا الفارسية الأربعاء أكتوبر 08, 2008 7:25 am | |
| سعدي الشاعر ... الذي أحيا الفارسية عبد الرحمن العلوي فيما كان سعدي في شيراز منهمكا في تاليف ديوانيه «غلستان» و «بوستان»، ترامي الي اذنيه الغزو المغولي لبغداد، عاصمه الدوله العباسية آنذاك. و صعق سعدي مثل باقي المسلمين لذلك الخبر، و تاثر الي درجة كبيرة سيما و قد عاش أحلي سني عمره في هذه المدينة الجميلة، و قطف من رياض علمها ازهار المعرفة و الحكمة و الادب. و اثارت تلك الحادثه الرهيبة التي هزت العالم الاسلامي قريحة سعدي الشعرية، فانشد قصيدة طويلة بالعربية منها الأبيات التالية: حبست بجفني المدامع لا تجري فلما طغي الماء استطال علي السكر نسيــم صبا بغـداد بعـد خرابها تمنيت لو كانت تمــر عـلي قبري لا تدين اللغة الفارسية بعد الفردوسي لاحد كما تدين لسعدي، فهو أستاذ هذه اللغة و نموذج البساطة و الايجاز و الفصاحه فيها. و اذا كان قد اطلق عليه لقب «افصح المتكلمين»، فذلك يعود الي تفننه في الكلام، و فصاحته اللغوية التي فاقت أي فصاحة أخري، و إلى ما لعبه من دور علي صعيد إحياءاللغة الفارسية و إعاده الحيوية إليها بعد فترة مظلمة عاشتها متخبطة في ظل التكرار الممل، و التعابير الهابطة علي يد شعراء و كتاب حرفيين في التقليد. و كان القدماء يطلقون علي الشعراء من الالقاب و العناوين بما يتناسب و مكانتهم الشعرية و ابداعاتهم علي صعيد الشعر و اللغه. و لهذا ليس غريبا ان تنسب فصاحة الكلام إلى سعدي بعد أن نفخ في لغه الادب و الشعر الحياه و قدمها في صوره جميله براقة اخذت تجتذب الناس و تسحرهم علي شتي مستوياتهم، كما ليس غريبا أيضا أن يلقب الشاعر حافظ ب«لسان الغيب» و جامي ب«خاتم الشعراء»، و الفردوسي ب«الحكيم». و إذا ما تجاوزنا هذا اللقب الذي أضفاه الناقدون علي سعدي في أيام حياته، فإن أي شيء آخر عن سعدي غير واضح تماما، و هناك ضباب كثيف و تناقضات عجيبة تلف حياته، بما فيها إسمه و كنيته و لقبه. و هناك اختلاف كبير ايضا في تاريخ ولادته، فمنهم من يقول أنه ولد في عام 606 ه، و منهم من يعتقد انه ولد في عام 585 ه، كما يقول آخرون ان سعدي كان له من العمر 70 سنه عندما الف ديوان ال«بوستان» او البستان، اعتمادا علي بيت شعري له يقول: تعال يا من بلغ عمرك السبعين فهل ضيعته بنومك | |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: سعدي الشاعر ...الذي أحيا الفارسية الأربعاء أكتوبر 08, 2008 8:33 am | |
| و الحقيقه أن الشاعر ـ أي شاعر ـ لا يتحدث عن التاريخ و لا يؤرخ الأحداث في شعره، فلربما تفرض عليه الظروف التي يعيشها أن يجد نفسه و كانه ابن السبعين بينما هو أقل من ذلك بكثير، و قد يحدث العكس أيضا. فالآثار الأدبية ـ و لا سيما الشعرية ـ ليست تقريرا لما يحدث من أحداث في حياه الأديب أو الظروف التي يمر بها، و إنما نجدها في غالب الأحوال إنعكاسا لعواطفه و حالاته النفسية، و تعبيرا عن الخيال أكثر مما هي تعبير عن الحقيقة. ففي الغرب استشف بعض الباحثين من آثار شكسبير، أنه سافر إلي إيطاليا، و كان حقوقيا و جنديا و معلما و فلاحا! و رد عليهم منتقد آخر يدعي «الن تيري» قائلا: و يمكن أن نستشف من بعض آثاره أنه كان إمرأة أيضا كما توصلت باحثة مهتمة بدراسه حياه الشاعر الانجليزي جيمز تامسون إلي أنه كان عاشقا و سباحا ماهرا و قنوعا للغايه، و ذلك اعتمادا علي آثار ايضا. لكن تبين فيما بعد أن تامسون لم يعرف الحب طوال حياته و لم يدخل إلي الماء البارد، و كان شديد الإسراف و التبذير. نريد من كل هذا ان نقول لا يمكن أن نستنبط من آثار سعدي ترجمة حقيقية لحياتة، حتي في تلك الحالات التي تسمح بها صراحة التعبير. فكلمات سعدي توحي بأنه ألف ال«غلستان» خلال أقل من ثلاثة أشهر، لكن هل يمكن أن تكون هذه هي الحقيقه؟ و هل بامكاننا أن نجزم علي هذا الاساس بذلك. ثم ألا يمكن أن يكون قد كتب الكثير من تلك القصص و الحكايات خلال مراحل مختلفة، ثم رتبها و نظمها خلال الأشهر الثلاثة التي أشار اليها. ثم أن اسماء الأماكن و المدن التي أوردها في هذا الكتاب، ألا يمكن أن يكون قد أوردها من باب شهرتها لا لأنه سافر إليها كما توحي قصصه بذلك. و السبب في كل تلك الغفلة التي أحاطت بسعدي، و عدم تصنيف كتب مهمة حوله من قبل قدماء الباحثين و المؤرخين، يعود براي الكثير من النقاد إلي اللغة السريعة التي تميز بها. فقد كانت لغته من النوع السهل الممتنع، و أدت هذه اللغة السهلة إلي تجاهلة، لأن القدماء كانوا يولون أهميه للكلام المعقد الذي لا يفهم بسهوله، و كان حل الرموز و الأحاجي آنذاك نوعا من الفن و العبقرية. فاذا كان الشاعران الأنوري و الخاقاني ـ علي سبيل المثال ـ قد حظيا بكل ذلك الإهتمام، فلأن الباحثين كان بامكانهم أن يكتبوا شروحا علي ديوان الأنوري، و يصنقوا التصانيف في حل معضلات أشعار الخاقاني
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: سعدي الشاعر ...الذي أحيا الفارسية الأربعاء أكتوبر 08, 2008 8:36 am | |
| و كذلك الأمر بالنسبه للشاعر جلال الدين الرومي المعروف بالمولوي، فقد تميز الجزء الأعظم من شعره بالبساطة و السلاسة، إلا أن أغلب المهتمين بشعره تجاهلوا هذه الشعر رغم روعته و عذوبته، وركزوا اهتمامهم علي بعض أبياته المعقدة العويصة حتي و إن كانت ضعيفة، فراحوا يدرسونها و يشرحونها و يقلبونها ذات اليمين و ذات الشمال. تبلور شخصية الادبية تشير الأدله التاريخية أن ايران لم تمر بمرحله اسوا من المرحلة التي كان يعيش فيها سعدي. فقد عاش سعدي في أيام الغزو المغولي لايران، و شهد عن كثب ما كان يرتكبه هؤلاء من أعمال قتل و مجارز و تخريب للمدن و إحراق للبوت و المكتبات، و إشاعة الرعب و الهلع بين الناس. امضي سعدي طفولتة و صباه في أيام الأتابك سعد بن زنكي، و كان حاكما علي فارس حتي نهاية عمره، اي حتي عام 623 ه. و سافر سعدي قبل وفاته إلي بغداد طلبا للعلم نظرا لما كانت تتمتع به من مكانه علميه و ما يقيم فيها من علماء و مفكرين كبار. و دخل إلي المدرسة النظامية ببغداد التي كانت جامعتها العلمية و الفكرية، فتبلورت شخصيته فيها علي كافه الأصعدة بما فيها الصعيد الادبي و لا سيما الشعري. و النظامية كما هو معروف تنسب إلي الخواجة نظام الملك الطوسي، الذي كان وزيرا للامبراطورية السلجوقيه مده 30 عاما. و قام هذا الوزير بانشاء 12 مدرسة في 12 مدينة كبيره في العالم الاسلامي اطلق إسم «المدرسة النظامية» علي كل منها. و كانت كل مدرسة بمثابة جامعة لتدريس العلوم العليا. و كانت مدرسة بغداد النظامية قد انشئت عام 459 ه، أي قبل قرن و نصف من قدوم سعدي الي بغداد. و كانت هذه المدارس مفتوحه للطلبة ليل نهار، و تتحمل الدولة كافه نفقاتها، بما فيها نفقات الطلبة، حتي قيل أن نظام الملك قد خصص عشر ميزانية الحكومة لهذه المدارس. و كان يدرس فيها بشكل عام الصرف، و النحو، و القرآن، و الفقة، و الحديث، و الأصول، فضلا عن الطب و الفلسفة و النجوم. كما كان يطلق عليها أيضا اسم «دار الحديث» و «دار الفقة». تأثره بالغزالي و إذا أردنا أن نحدد مسلك سعدي من خلال آثاره، لوجدناه أقرب إلي حجة الإسلام أبي حامد الغزالي (450 ـ 505 ه)، رغم بعض القضايا الاساسية التي كان يختلف فيها معه. فقد كان يري أن المدرسة و التدريس و تعليم الآخرين أفضل من الجلوس في «الخانقاة» او الصومعة، و الإنشغال بتهذيب النفس فقط دون الإهتمام بالآخرين. و كان الغزالي هو الآخر علي هذا الراي ايضا طيلة وجوده كاستاذ في المدرسة النظامية، إلا أنه و بعد أربع سنوات من التدريس إنصرف فجأة عن هذا الأسلوب، و انزوي مده عشرة أعوام نازعا نحو التصوف و العرفان و التريض، إلا أنه عاد ثانية إلي اسلوبه الأول، و هو التبليغ و الإرشاد. و الإختلاف الأساسي بين سعدي و الغزالي ـ عدا الفن الشعري الذي امتاز به سعدي ـ عدم وقوع سعدي في شراك السياسة و الجاه و المقام. فيري البعض أن قبول الغزالي التدريس في النظامية ثم انصرافه عنه ثم عودته اليه، كان متاثرا ببعض الإعتبارات السياسية، فكان يظهر في الساحة ثم يختفي عنها طبقا لما تمليه عليه السياسة. اما سعدي فكان بمناي عن تلك التاثيرات السياسية، فضلا عن أنه لم يكن لديه إفراط الغزالي في التصوف. و لم تكن أفكار الغزالي هي المؤثر الوحيد علي بلوره الخطوط العريضة للنهج الفكري و السلوكي لسعدي، بل تضاف إليها مجاورته في «خانقاه» الشيخ أبي عبدالله بن خفيف،
و ذلك عند عودته من بغداد إلي شيراز، حيث تاثر بأفكار هذا الشيخ و نزعته الصوفية، رغم أن هناك من يرفض تاثر سعدي به
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: سعدي الشاعر ...الذي أحيا الفارسية الأربعاء أكتوبر 08, 2008 8:38 am | |
| علي اي حال فان سعدي لم يقتصر في دراسته
علي ما كان يتلقاه من دروس و محاضرات في المدرسة النظامية، و إنما كان يحضر حلقات بعض الأساتذة و الشيوخ خارج هذه المدرسة، مثل الاشيخ شهاب الدين أبي حفص السهروردي، العارف الشهير و صاحب «عوارف المعارف»، و الذي عبر عنه سعدي بالمرشد في أشعاره. كما أشار سعدي إلي شخص هوابا الفرج ابن الجوزي، و يحتمل أن يكون أحد أساتذته أيضا. و بعد أن أنهي دراسته التي لا يعرف امدها، قيل أنه سافر إلي عدد من البلدان كالحجاز، و الشام، و لبنان، و بلاد الروم. رثاؤه لبغداد و في حوالي عام 655 ه، عاد إلي شيراز في عهد الاتابك ابي بكر بن سعد بن زنكي، و الذي أنقذ فارس من التدمير علي يد المغول، بعد قبوله بدفع خراج سنوي لهم قدره 30 الف دينار. و في هذا الزمن بالذات تبلورت الموهبة الشعرية عند سعدي، و ذاع صيته كشاعر معروف و مجدد، و حظي باهتمام الناس و احترام النظام الحاكم في فارس. و فيما كان سعدي في شيراز منهمكا في تاليف ديوانية «غلستان» و «بوستان»، ترامي إلي أذنيه الغزو المغولي لبغداد، عاصمه الدولة العباسية آنذاك و احتلالها في الرابع من صفر عام 656 ه، و مقتل الخليفة العباسي المستعصم بالله، و ارتكاب المغول لمجزرة رهيبة راح ضحيتها ما يقرب من مليون مسلم من سكان بغداد. و صعق سعدي مثل باقي المسلمين لذلك الخبر، و تاثر إلي درجه كبيرة سيما و قد عاش أحلي سني عمره في هذه المدينة الجميلة، و قطف من رياض علمها أزهار المعرفة و الحكمة و الادب. و أثارت تلك الحادثة الرهيبة التي هزت العالم الإسلامي قريحة سعدي الشعرية، فانشد قصيدة طويلة بالعربية منها الأبيات التالية: حبست بجفني المدامع لا تجري فلما طغي الماء استطال علي السكر نسيم صبا بغداد بعد خرابها تمنيت لو كانت تمر علي قبري لأن هلاك النفس عند أولي النهي أحب له من عيش منقبض الصدر زجرت طبيبا جس نبضي مداويا إليك عنى فما شكواي من مرض تبرئنى لزمت إصطبارا حيث كنت مفارقا و هذا فراق لا يعالج بالصبر إلي أن يقول: هنيئا لهم كأس المنية مترعا و ما فيه عند الله من عظم الاجر عليهم سلام الله في كل ليلة بمقتل زوراء إلي مطلع الفجر كأن شياطين القيود تفلتت فسال علي بغداد عين من القطر إذا شمت الواشي بموتي فقل له رويدك ما عاش امرؤ أبد الدهر و مالك مفتاح الكنوز جميعها عند الموت لم تخرج يداه سوي صفر إذا كان عند الموت لا فرق بيننا فلا تنظروا للناس بالنظر الشزر
| |
|