قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7401 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: إنْ أردت فاقتلني بالوصال أو بالفراق - ترجمة نجم الدين كبرى الجمعة أكتوبر 24, 2008 2:48 pm | |
| نجم الدين كبرى
تمهيد : لقد استطاع الصوفية المسلمون من ذوي الأصول الفارسية أن يشاركوا إخوانهم من الصوفية العرب في كتابة التاريخ الصوفي ، فكانت
لهم الصدارة الملفتة ، و المكانة المميزة عند المسلمين .
فهم أصحاب مذاق خاص ، و أصحاب روح متأججة ترى ذلك في طبيعة حياتهم الروحية ، فهي أكثر اشتعالاً ، و أشدُّ احتراقاً يقول الباحث الدكتور يوسف زيدان : ( بدأت في عمل كتاب عن قتلى الصوفية ، و شهدائهم ، أولئك الذين تدفقت رحلتهم الروحية حتى انتهت بواقعة موت عارم مروِّع أخَّاذ ، فوجدتهم كلهم من ذوي الأصول الفارسية : الحسين ابن منصور الحلاج ، أبو الحسين النوري ، عماد الدين النسيمي ، عين القضاة الهمذاني ، شهاب الدين السهروردي ، مجد الدين البغدادي الخوارزمي ، نجم الدين كبرى ) .
و نجم الدين كبرى هو واحد من الصوفية الفرس الأفذاذ ، و لسبب ما جعلني أقف قليلاً عند هذا الصوفي الكبير ، فمن هو الشيخ نجم الدين كبرى ؟ .
اسمه وألقابه : اتفق كل من أرَّخ له على أنَّه : الإمام الزَّاهد القدوة المحدِّث الشَّهيد ، صانع الأولياء ، أبو الجنَّاب أحمد بن عمر بن محمد
نجم الدين كبرى الخوارزمي الخَيْوَقي .
فأمَّا قول المؤرخين عنه بأنَّه " الإمام القدوة الزَّاهد " فهي ألقاب لم ينفرد بها الشيخ نجم الدين في الواقع ، فإننا لا نكاد نجد فيما يقع بين أيدينا من تراجم سلف الأمة ، أو خَلَفِهَا مَنْ لم يلقب بهذه الألقاب .
أمّا تلقيبه ﺑ " المحدِّث الشَّهيد " فلاشتغاله بعلم الحديث الشريف و سماعه من المحدثين .
والشَّهيد : لاستشهاده بخُوارزم في فتنة التتار على ما سأذكره لا حقاً
و أمَّا قول المؤرخين عنه أنَّه " صانع الأولياء ، أبو الجنَّاب ، نجم الدين كبرى " فهي ألقاب انفرد بها الشيخ نجم الدين ، بل إن لكل لقب منها حكاية و سبب ،
" صانع الأولياء " أو " ناحت الأولياء" ليس أحداً غير الشيخ نجم الدين أطلق عليه هذا اللقب و يُرجع د. يوسف زيدان إطلاق هذا اللقب على الشيخ لسببين يرى أنَّ أحدهما معقولا ، و الثاني منقولا .
فأمَّا السبب المعقول ، فهو كثرة من تخرَّجوا على يديه من أهل الولاية و الصلاح .
و أمَّا السبب المنقول فهو أنَّ بعض المؤرخين من الصوفية ذكروا أنَّ الشيخ نجم الدين كان إذا نظر إلى شخص ، و هو في حالة الوجد ، و الانجذاب فإنَّ هذا الشخص ينجذب ، و يصير من الأولياء .
ب _ " أبو الجنَّاب " بتشديد النون .
و لنترك الشيخ نجم الدين نفسه يحكي لنا قصة هذه الكنية ففي كتابه " فوائح الجمال ، و فواتح الجلال " يقول : ( و أمَّا كنيتي ، فكنت بالإسكندرية أسمع الأحاديث فغبت فرأيت النَّبي _ صلى الله عليه و سلم _ و هو قاعد معي ثاني اثنين ثم أُلهمت حينئذ أنْ أسأله عن كنيتي فقلت : يا رسول الله كنيتي أبو الجناب _ بالتخفيف _ أم أبو الجنَّاب _ بالتشديد_ ؟. فقال : لا بل أبو الجنَّاب _ بالتشديد
وفي هذا إشارة لاجتناب زخارف الدنيا ، و أمر بالتجرد ، و سلوك طريق الصوفية .
ﺟ " الكبرى " .
ذكر ابن العماد الحنبلي في كتابه " شذرات الذهب " أنَّ الشيخ نجم الدين كان يسبق أقرانه في صغره إلى فهم المشكلات والغوامض، فلقبوه ﺑ " الطامة الكبرى " ثم كثر استعماله ، فحذفوا " الطامة " ، و أبقوا
" الكبرى " تشير إليه.
د _ " الخُوارزمي الخَيْوَقي " .
نسبة إلى خُوارزم وهي ناحية كبيرة من بلاد فارس كما يذكر ياقوت الحموي وقد زارها سنة 616ﻫ ، والخَيْوَقي نسبة إلى بلدة خَيْوَق من نواحي خُوارزم
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7401 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: إنْ أردت فاقتلني بالوصال أو بالفراق - ترجمة نجم الدين كبرى الجمعة أكتوبر 24, 2008 3:02 pm | |
|
مولده و نشأته : في بلدة خَيْوَق الخُوارزمية كان مولد الشيخ نجم الدين كبرى سنة 540هـ في أسرة متواضعة الحال _ كمعظم أهل خُوارزم _
هذا ما جاء في المراجع التي أرَّخت للشيخ دون الإشارة إلى الأسرة التي نشأ بين أفرادها .
توجه الشيخ نجم الدين لدراسة العلوم الشرعية ، و على رأسـها الحديث النبوي الشريف ثم درس الفقه و التفسير و غيرها من العلوم و لما استكمل معارفه الدينية وجد في نفسه ميولاً إلى التصوف ، فرحل لأجل ملاقاة شيوخ التصوف ، و الأخذ منهم .
رحلاته : خرج الشيخ نجم الدين من خُوارزم يطلب علوم الدين و على رأس هذه العلوم علم الحديث النبوي الشريف ، فقصد نيسابور ، و همذان ، و أصبهان ، و مكة المكرمة ، ثم عاد بعد ذلك إلى خُوارزم عالماً محدِّثاً ،
ثم قام برحلة ثانية يطلب فيها التصوف ، وكانت هذه الرحلة على طريقة الصوفية ، فخرج من خُوارزم مرة أخرى قاصداً الأهواز ، لصحبة الشيخ إسماعيل القصري ، و بعد مدة خرج إلى أرمنية بناءً على أمر الشيخ إسماعيل حيث الشيخ عمار بن ياسر المقيم بناحية " بدليس " و منها خرج إلى " مصر " و قد قضى فيها زمناً متنقلاً من " القاهرة " إلى " قرى الدلتا " إلى " الإسكندرية " و في مصر أخذ علم التصوف عن الشيخ روزبهان ، و كما أنَّه سمع الحديث
في هذه الرحلة من الحافظ أبي طاهر السِّلفي و كان ذلك سنة 575هـ و من الإسكندرية اتجه إلى " دمشق " حيث الشيخ ابن أبي عصرون ثم رحل إلى " بغداد " فأقام بها زمناً ، ثم اتجه مرة أخرى إلى " بدليس"
حيث الشيخ عمار بن ياسر، ثم عاد إلى بغداد ،و منها إلى بلده خَيْوَق
حيث ظل إلى وفاته يربي المريدين ، و يدعو إلى الحق تعالى .
شيوخه : يقول الباحث الدكتور يوسف زيدان هناك ثلاثة أصناف من الرجال الذين استفاد منهم الشيخ نجم الدين كبرى ، فأما الصنف الأول فهم شيوخه في علوم الدين كــ " الحديث ، والتفسير ، و الفقه " و الصنف الثاني هم شيوخه غير المباشرين في التصوف ، أولئك
الذين تعلم نجم الدين من كتبهم ، و أخبارهم ، و الصنف الثالث الأخير شيوخه المباشرين في التصوف " .
و لا بأس من أن نتناول هذا التصنيف الثلاثي بشيء من التفصيل .
أما شيوخه في علوم الدين و هم من الفقهاء، و المحدثين كما أشار إليهم كلٌّ من الإمام الذهبي ، و الإمام السبكي ، و داماد إبراهيم باشا فهم :
أبو محمد المبارك بن الطباخ سمع منه في مكة ، و أبو طاهر السلفي ، و أبو الضياء بدر بن عبد الله الحدادي سمع منهما بالإسكندرية ، و أبو المكارم أحمد بن محمد اللبَّان ، و أبو سعيد خليل بن بدر الرازي ، و أبو عبد الله محمد ابن أبي بكر الكيزاني ، و أبو جعفر ابن محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني ، و مسعود بن مسعود الحمال هؤلاء سمع منهم بأصبهان ، والحافظ أبي العلاء سمع منه بهمذان ، و أبو المعالي الفراوي سمع منه بنيسابور .
و أما شيوخه غير المباشرين في التصوف فمنهم : أبو يزيد البسطامي ، و سهل ابن عبد الله التُّسْتَري ، و أبو القاسم الجنيد ، و أبو بكر الواسطي ، و سمنون المحب ، و أبو النجيب السهروردي ، و غيرهم .
أما شيوخه المباشرين في التصوف فهم أولئك الذين صحبهم ، و تتلمذ على أيديهم يقول الشيخ نجم الدين أخذت علم الطريقة عن روزبهان و العشق عن ابن العصر ، و الخلوة عن عمَّار ، و الخرقة عن إسماعيل القصري ) .
و روزبهان الذي أخذ عنه الشيخ نجم الدين علم الطريقة هو أبو محمد روزبهان ابن أبي نصر البقلي ، الفسوي ، الشيرازي الملقب ﺑ "شطَّاح فارس " و يعد روزبهان من أعظم صوفية الإسلام .
و أما ابن العصر الذي أخذ عنه الشيخ نجم الدين العشق ، فهو ابن أبي عصرون أبو سعد عبد الله بن محمد ابن هبة الله الموصلي، الدمشقي و كان فقيهاً محدثاً متصوفاً .
و أما عمَّار بن ياسر ، فهو أقرب شيوخ نجم الدين إلى نفسه ، و أكثرهم تأثيراً فيه ، فقد طالت الصحبة بينهما ، و لم يصحب الشيخ نجم الدين بعده شيخاً آخر .
أما الشيخ إسماعيل القصري ، فهو أول مشايخ نجم الدين في الطريق ، و في الترتيب الزمني لصحبة المشايخ ، و كان قد ألبسه الخرقة الصوفية .
على أيدي هؤلاء الكبار الأفذاذ تخرَّج الشيخ نجم الدين ، و صار مفيداً لأهل زمانه الذين قصدوه لينهلوا من علمه ، و يتبركوا بلقائه .
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7401 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: إنْ أردت فاقتلني بالوصال أو بالفراق - ترجمة نجم الدين كبرى الجمعة أكتوبر 24, 2008 3:05 pm | |
|
قال عنه الإمام الذهبي في " سير أعلام النبلاء " : ( شيخ تلك الناحية ـ خوارزم ـ و كان صاحب حديث ، و سنة ملجأ للغرباء ، عظيم الجاه
تلاميذه : أبرز لقب للشيخ نجم الدين مرَّ معنا هو " صانع الأولياء " بسبب كثرة من تخرَّج على يديه من أهل الولاية ، و الصلاح .
و أبرز مَنْ تتلمذ على الشيخ نجم الدين ، و تخرَّج به :
سيف الدين أبو المعالي سعيد ابن المطهَّر الباخرزي نزيل بخارى ، فقد صحب الشيخ ، و روى عنه الحديث ، و لبس منه الخرقة ، و منهم
مجد الدين شرف بن مؤيِّد ابن أبي الفتح البغدادي ، و منهم نجم الدين عبد الله بن محمد بن شاهاور بن أنو شروان المعروف بنجم الدين داية كان محدثاً حافظاً ، وصوفياً شاعراً ، و قد ترك عدداً كبيراً من المؤلفات أبرزها كتابه الذي وضعه في تفسير القرآن الكريم بحر الحقائق و المعاني في تفسير السبع المثاني
و هو تفسير صوفي على طريقة " لطائف الإشارات " للقشيري ، و له أكثر من مئة رباعية شعرية ﺑ الفارسية ـ بعنوان " التمثل"
و ممن تتلمذ على الشيخ نجم الدين الشيخ رضي الدين علي بن سعيد الغزنوي اللالا .
و منهم سعد الدين محمد ابن المؤيد ابن عبد الله بن علي الحموي الصوفي الجويني ، و هو تلميذه في الطريقة من بعده ، فقد تلقى التصوف و الخرقة منه ،ارتحل إلى الشرق ، و سكن سفح جبل قاسيون بدمشق ثم رجع إلى خراسان موطنه و ظل فيها حتى وفاته .
استشهاده : لقد اصطدم الشيخ نجم الدين بأعظم موجة في العصور الوسطى الإسلامية و هي " المغول و التتار " و التي انهارت أمامها الحصون و القلاع ، و كانت نهايتها بسقوط بغداد سنة 656ﻫ .
و لنترك ابن العماد يروي لنا قصة استشهاد الشيخ نجم الدين يقول : (استشهد الشيخ ـ رضي الله عنه ـ بخُوارزم في فتنة التتار ، وذلك أنَّ سلطانها قال للشيخ ، و أصحابه ، و كانوا نحو ستين : ارتحلوا إلى بلادكم فإنَّه قد خرجت نار من المشرق تحرق إلى قرب المغرب ، و هي فتنة عظيمة ما وقع في هذه الأمة مثلها .
فقال بعظهم للشيخ نجم الدين : لو دعوت برفعها ! فقال : هذا قضاء محكم لا ينفع فيه الدعاء . فقالوا له :أتخرج معنا ؟ قال : ارحلوا أنتم فإنِّي سأُقتل ها هنا .
و لما دخل الكفار البلد ، نادى الشيخ و أصحابه الباقون " الصلاة جامعة " ، ثم قال : قوموا نتقاتل في سبيل الله ، فدخل بيته ، و لبس خرقة شيخه ، وحمل على العدو ، فرماهم بالحجارة ، و رموه بالنبل و جعل يدور، و يرقص حتى أصابه سهم في صدره فنزعه و رمى به نحو
السماء و فار الدم و هو يقول : إنْ أردت فاقتلني بالوصال أو بالفراق !
ثم مات و دفن في رباطه ـ رحمه الله تعالى ـ و كان ذلك في سنة 618ﻫ
هذه هي واقعة استشهاد الشيخ نجم الدين كما رواها ابن العماد .
لقد أراد الشيخ نجم الدين أن يعلمنا كيف نموت ميتة ً مجيدةً ، أراد أن يضرب للمسلمين مثلاً في عدم الخوف من الموت ، وفي الاقتحام الذي آخره الشهادة ، وما رقصه لحظة استشهاده إلاَّ فرحة روحية بالخروج من أسر الخوف ، بل هو معنى الفناء في الله تعالى على ما أشار إليه مولانا جلال الدين الرومي من بعده حين قال : لا يفنى في الله من لم يعرف قوة الرقص .
مؤلفاته : ترك لنا الشيخ نجم الدين عدداً من المؤلفات ، وكلها ضمن نطاق التصوف بالرغم من اشتغاله بعلم الحديث النبوي الشريف ، والفقه ، ومن أهم مؤلفاته :
" 1- التأويلات النجمية " و هو تفسير للقرآن العظيم و قد اعتمد على هذا التفسير اثنان من المفسرين :
الأول هو تلميذه نجم الدين داية في تفسيره " بحر الحقائق " .
الثاني هو الإمام إسماعيل حقي البرسوي في تفسيره "روح البيان".
" 2- فوائح الجمال و فواتح الجلال " و قد قام بدراسته و تحقيقه و العناية به الباحث الدكتور " يوسف زيدان " وقد مهَّد للكتاب بدراسة وافية ، ومستفيضة عن حياة الشيخ نجم الدين " الأصول العشرة " و تعرف باسم " بيان أقرب الطرق " 3-
رسالة "السفينة " 4
رسالة " الخائف الهائم من لومة اللائم " 5
" طوالع التنوير " 6
" منازل السائرين "7
" سكنات الصالحين "8
" الرباعيات " و هي مجموعة أشعار باللغة الفارسية 9
طريقة الشيخ نجم الدين و فروعها :
كان لتلامذة الشيخ نجم الدين كبرى الفضل في نشر تعاليم الشيخ ، و طريقته التي عُرِفت بـ " الكبروية " ثم تفرعت بعد مرور الزمن إلى فروع عديدة صار لكل فرع من هذه الفروع شيخ و مريدون .
ومن هذه الفروع : الكبروية الهمدانية ، و الكبروية النورية ، و الكبروية الركنية ، و الكبروية الذهبية الأغتشاشية ، و الكبروية النوربخشية ، و الكبروية العيدروسية ، و الكبروية الفردوسية ،
و قد تميزت هذه الفروع بنفس الخصائص التي ظهرت في تصوف شيخها الأول نجم الدين كبرى .
هذا و من أراد الإستزادة فليرجع إلى الدراسة التي أعدها الباحث الدكتور يوسف زيدان خلال خدمته لكتاب " فوائح الجمال و فواتح الجلال " و في هذه الدراسة يحيل الباحث الى المراجع ، و المصادر التي ترجمت الشيخ ، وهي تزيد عن خمسين مرجعاً ما بين مطبوع ومخطوط و عربي و أجنبي ، و كذلك في الترجمة
التي أعدَّها له في كتابه " شعراء الصوفية المجهولون "
منقول_ اللهم صلى على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأحبابه | |
|