الكلام على فاتحة الكتاب
والتعريف ببعض ما تحويه من لباب الحكم والإسرار
الذى هو غذاء ارواح اولى الالباب لموجب سر خفى وحكم امر جلى ونسَب على .
قال العبد وقد عزمت بعون الله ان اسلك في الكلام بعد الاعراض عن البسط والاطالة
باب الاشارة والايماء والجمع بين لسانى الكتم والافشاء
مقتديا بربى الحكيم العليم ومتبعا بمشيته صراطه المستقيم
فانه سبحانه هكذا فعل في كلامه ولا سيما في هذه السورة
ادرج فيها مع الايجاز على كل معنى وصورة.
وارجو ان شاء الله ان لا امزج الكلام بنقل اقاويل المفسرين
ولا الناقلين المتفكرين وغير المتفكرين غيرما يوجبه حكم اللسان ويستدعيه
من حيث الارتباط الثابت بين الالفاظ والمعانى التى هى قوالب لها وظروف ومعان
بل اكتفى بالهبات الآلهية الذاتية عن آثار الصفات المكتسبة والعوارى
سائلا ربى ان يجعل حلية دثارى وخلعة شعارى
عساى اثبت فى جريدة عبيد الاختصاص
وامنح فى كل الامور الخلاص من شرك الشرك والاخلاص
والله سبحانه بكل خير ملى وبالاجابة والاحسان اهل وولى.
وبعد فاعلموا فهمكم الله ان كل ما له مبادى واسباب وعلل
فان تحقق العلم به انما يحصل بمعرفة اسبابه ومباديه
والوقوف من اصوله واسبابه عليه
ولما كان القصد من انشاء هذا المختصر
بيان بعض اسرار الفاتحة المسماة بأم القرآن
اي اصله كان الاولى ان يقع الشروع في الكلام على الاصل من اصله.
ولهذا الكتاب اعنى القرآن العزيز من كونه يَنطقُ به ويَكْتُب حروف
تتركب من حرفين الى خمسة احرف متصلة ومفردة
فيظهر بنظمها عين الكلمة وبنظم الكلمات عين الآيات وبنظم الآيات عين السور
فهذه الاركان الاربعة التى هى
الحروف والكلمات والسور والآيات
مظاهر الكلام الغيبى الاحدى
ومنازل ظهوره وجداول بحره، وأشعة نوره
وهى اى الاركان
وان كانت مبادى الكلام من حيث مرتبتى اللفظ والكتابة
فهى فروع لما فوقها من الاصول
التى لا يتحقق بمعرفتها الا من اطلع على سر الحضرات الخمس ا
لمشار اليها وسر الظهر والبطن والحد والمطلع
فلهذا وسواه احتجت ان انبه على هذه الاصول
وابين سر الكتاب والكتابة والكلام والحروف والكلمات
وغير ذلك من المبادى والاسباب والتوابع المهمة واللوازم القريبة .
ولما كان الكلام في التحقيق نسبة من نسب العلم
او حكما من احكامه او صفة تابعة له كيف قلت
وجب على لما التزمته التنبيه على سر العلم ومراتبه ومتعلقاته الكلية الحاصرة
واحكامه وموازينه وطرقه وعلاماته ومظاهره
التى هى محل اشعة انواره كما ستقف على جميع ذلك ان شاء الله تعالى
فانا اقدم اولا تمهيدا مشتملا على
قواعد كلية اذكر فيها سر العلم ومراتبه ولوازمه المذكورة
وسر المراتب الاولى الاصلية الاسمائية
والمراتب التالية لها في الحكم وسر الغيبين المطلق والاضافى
وسر الشهادة وانفصالها من الغيب وتعين كل منها بالآخر
وعلم مراتب التميز الثابت بين الحق وبين ما سواه
وعلم مقام الاشتراك الواقع بين مرتبتى الحق والكون واحكامه واسراره
وسر النفس الرحماني ومرتبته وحكمه في العالم
الذى هو الكتاب الكبير بالنسبة الى الاعيان الوجودية
التى هى الحروف والكلمات الربانية والحقائق الكلية الكونية من حيث انه أم الكتاب الاكبر
وبالنسبة الى المقام الانساني وحروفه وكلماته وسر بدء الايجاد وانبعاث الصفة الحبية
وسر الغيرة والتقسيم الظاهر من المقام الاحدى
وعلم الحركة والقصد والطلب
وعلم الامر الباعث على الظهور والاظهار وعلم الكمال والنقص
وعلم الكلام والحروف والمخارج والنقط والاعراب ومراتبها الكلية
وعلم الانشاء والتأثير وسر الجمع والتركيب والكيفيات الفعلية والانفعالية
وسر التصورات الانسانية ومراتبها
وعلم الافادة والاستفادة
وعلم ادوات التفهيم والتوصيل وسر البعد والقرب
وسر الحجب المانعة من الادراك وسر الطرق الموصلة الى العلم
واقسامه وعلاماته واسبابه
وسر الوسائط واثباتها ورفعها وسر سريان احكام المراتب الكلية بعضها في بعض
وكذا ما تحتها من الجزئيات بحسب ما بينها من التفاوت في الحيطة والتعلق والحكمى
وبيان التابعة اللاحقة التفصيلية للمتبوعة السابقة الكلية وسر المناسبات وسر التبدل والتشكل والالتئام
وعلم الاسماء واسماء الاسماء وعلم النظائر الكلية وسر المثلية والمضاهاة والتطابق
بسر تبعية التالى للمتلو وبالعكس
وذلك بالنسبة الى الكتب الآلهية التى هى نسخ الاسماء
ونسخ الاعيان الكونية وما اجتمع منهما وتركب مما لا يخرج عنهما
وسر مرتبة الانسان الكامل وما يختص به بحسب ما يستدعيه الكلام عليه
من كونه كتابا ونسخة جامعة وسر الفتح والمفاتيح الحاكمة في الكتابين الكبير والمختصر وما فيهما
وما يختص من ذلك بفاتحة الكتاب
وسر القيد والتعين والاطلاق
وسر البرازخ الجامعة بين الطرفين
وخواتم الفواتح الكلية وجوامع الكلم والاسرار الالهية