قال : الغيب هو ما غاب عنك , فإذا حضرته صار حاضراً وحتما يصير ماضيا , وأهل الكشف لا يكشفون السر إلا لحبهم لإخوانهم , فالحب يوجب العطاء لا الأخذ , فهم يكتمون ليعطوك لذة كشف السر والشعور انك مالكه .
قلت : يا شيخي اعلم هذا , ولكن ما هذا سؤالي .
قال : قال اعلم انك تتعجل الإجابة , والعجلة في السير مطلوبة , واني مجيبك لكن الإجابة ستسوؤك . اعلم وفقك الله , أن في هذا الأوان وفي هذا الزمان , قد اجتمع رجال ليسوا بالكثرة , من مشارب مختلفة بيض وحمر وصفر وسود , قلوبهم متعلقة في الليل والنهار بالطريق إلى الحق , يسيرون ثم يتعثرون , ثم يقفون من جديد ليسيروا , نورهم هي الرغبة المكينة , يبحثون عن الحقيقة تحت الأرض وفوق الأرض وفي السماء , يكاد ينظر الله بنظرهم إلى الكون , يظهر ذكرهم للناس جميعا قريبا , تتبعهم أقوام كثر . إذا نظرت إليهم اليوم ستكرههم وتفر منهم .
قلت : وأين أبناء إسماعيل منهم ؟ , قال : هم الندرة في القلة .
قلت : كيف ذلك ؟ , قال : قال إن أبناء إسماعيل اليوم يظنون أنهم ملكوا الحقيقة , ألا ترى أن كل جماعة منهم تقول أننا أصحاب الحقيقة , وتنكر على الجميع كل شيء . اعلم أن صاحب الحقيقة هو الباحث دائما عنها , ومن قال ملكتها فلن يزيدها الله منها , ويبقى في دعواه متخبط .