أبو محمد روزبهان بن أبى نصر البقلي ، ويلقب بشطّاح فارس وروزبهان البقلى وروزبهان المصري وله فى التصوف نحو من ثلاثين كتاباً ، منها تفسير صوفي للقرآن بعنوان لطائف البيان يذكره معين الدين أبو القاسم جنيد الشيرازي فى كتابه ( شد الإزار في حط الأوزار عن زوار المزار ) عن أولياء بلده شيراز وله
( مشارب الأرواح ومنطق الأسراروعبيرالعاشقين ) يتناول فيه العشق الإلهي وأحوال العاشقين و الشطحات . وقد اهتم المستشرق هنري كوربان بالكتابين الأخيرين وأصدرهما عن المعهد الإيراني الفرنسي ، وكتب مقدمة شاملة عن الشيخ روزبهان وبسبب الكتاب الأخير ( الشطحات) كانت تسميته بشطّاح فارس
ويبدوا أن روزبهان كان كثير الأسفار فى شبابه كعادة الدراويش فزار العراق وكرمان والحجاز والشام ويبدو أن تسميته بالبقلى لأنه كان يبيع البقل أو الخضرة فى سياحته الكثيرة .
وقضى بمصر خمسة عشر عاماً وفيها تلقلا الخرقة عن محمود بن محمود الصابوني ولذلك أطلقوا عليه فى شيراز اسم روزبهان المصري .
ولما عاد إلى إيران لزم جامع شيراز المعروف بالجامع العتيق ، وقيل إنه توفى عن أربع وثمانين سنة .
ووصف نفسه فقال : " في هذا الزمان أنا المرشد إلى طريق الله تعالى من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب فهل يستطيع العارفون أن يدركونى حقاً ، وأنا البعيد النائى عنهم بروحي ، حيث مستقر الأرواح ؟
ورزبهان من مواليد سنة 522 هــ / 1128 م بمدينة فسا من فارس ، ونشأ وتوفى بشيراز سنة 606 هــ / 1209 م ، وأصابه الفالج في آخر حياته ، وكان قد أقام خانقاه لمريديه في شيراز في محلة باغ نو ، ودفنوه بها ، ومشهده الكريم بها يزار .
وكتابه في تفسير القرآن صنفه موجزاً لم يطل فيه منعاً للإملال ، وأسلوبه فيه لطيف وعباراته شيقة . وفى كتابه " الإغاثة " يشرح معنى الحديث : " إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر في كل يوم سبعين مرة " ، ويقول : إن للأنبياء والأولياء إغانة على قدر كلّ ، والغين صدأ يجتمع على القلب ويزول بالتصفية ، والفرق بين الغين والرين ، أن الأول رقيق والثاني
كثيف . والغين ابتلاء ولكنه لا يحول دون الاعتقاد .
ومن أقواله فى العشق الإلهى : أن قصة العشق دائماً هى أحسن القصص ، ومن ذلك قصة يوسف وزليخا فى القرآن يصفها المولى تعالى : " نحن نقص عليك أحسن القصص " يوسف 3 ، وفى الحديث : "من عشق وعف ، وكتم ومات ، مات شهيداً "
ويورد روزبهان لذى النون المصرى : " من استأنس بالله ، استأنس بكل شئ مليح ووجه صبيح " ، وقال " المستأنس بالله ستأنس بكل شئ مليح وبكل صورة طيبة " .
ويقول : فهل يجوز إطلاق العشق على الله تعالى ؟ وهل يجوز أن يدّعى أحد عشقه ؟ وهل اسم العشق عند العشاق من الأسماء المشتركة ؟
وهل يكون جواز العشق على الله ومن الله وبالله ؟ ويرد على أسئلته فيقول : شيوخ الصوفية مختلفون ، فمنهم من ينكر العشق على الله ، ومنهم من يجيزه ، فمن أنكر أخفى سره عن أهل الدنيا غيرة منهم ، ومن أجاز فلأنه يجاهر بعشقه وينبسط .
ويقول فعموماً لا يخشى العاشقون والمحبوبون فى الله لومة لائم ، فمحبتهم لله أو محبة الله لهم من باب : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " المائدة 54 .
وأقوال روزبهان فى العشق الإلهى يرددها ويضمنها كتابه " ياسمين العشاق " ليكون لهذا الكتاب لهم نزهة أنس ، وريحاناً من حظيرة القدس .
والكتاب جامع شامل ومذهل حقيقة بما حواه من موضوعات عددها اثنين وثلاثين فصلاً : فى ملاطفة العاشق والمعشوق ...
وفى المحبة كمقدمة للعشق وفى الشواهد الشرعية والعقلية على العشق الإنسانى ، وفى فضيلة المحبين ، والفهم للحسن والمستحسن ، والمحبوبين المستحسنين وفى جوهر العشق الإنسانى وماهيته وفى سبب بقاء العشق فى العاشقين وفى السالكين الذين لم يكن منهم فى البداية عشق إنسانى ولا عشق إلهى ..
وفى وصف العاشقين الذين بدايتهم العشق الإنسانى وفى بداية العشق وفى امتحانه وفى لزوم العشق وتاثيره وفى تربية العشق وفى تنزله على العاشقين وفى طريق العشق في قلوب العاشقين وفى مقدمات العشق الإنساني وترقّيه فى مقامات العشق الرباني وفى خلاصة العشق الإنساني وفى غلط أهل الدعوى فى العشق وفى بداية العشق الإلهي .
وفى بداية هذا العشق وهو العبودية وفى مقام الولاية في العشق وفى المراقبة التي هي جناح لطير الأنس في مقام العشق وفى خوف العاشقين من العشق وفى رجاء العاشقين وفى يقينهم وفى قربهم وفى مكاشفاتهم وفى مشاهداتهم وفى محبتهم وفى شوقهم وأخيراً في كمالهم . والكتاب على هذا أجمل وأوسع وأشمل كتاب في العشق في العالم كله وبجميع اللغات حتى الآن ...