شاعر تركى ، من شيوخ المحبة الكبار، عاصر نهاية حكم السلاجقة وبداية حكم العثمانيين فى الأناضول ، ولم يعرف مكان مولده إذ تتدعيه بلاد كثيرة إما أنه ولد فيها أو إنه مات فيها ، ويقول فى ذلك شاعر آذربيجيان ( وهاب زاده ) : لماذا تنسبه أماكن كثيرة إليها إن لم يكن ذلك لأن مثواه الحقيقى فى القلوب والصدور وفى حبات العيون ، فأينما كان الناس فهو معهم بروحه ، ولذلك كان قبره أو موضع ميلاده فى كل مكان من تركيا ، والعظام من أهل الله يحيون ويموتون فى القلوب وليس فى التراب أو بالتراب . ويقول ( وهاب زاده ) فيه : يوسف إمره هو صوت الوجود ، ومع ذلك فالقبر الحقيقى ليوسف إمره إنما هو فى قرية ( صارى كوى )من اعمال اسكريشهر ، وفيها أقام له أحبائه نصباً تذكارياً سنة 1949م .
وكان إمره من دائرة الثقافة العربية ، ويتقت العربية ويحفظ القرآن ، ويجيد الفارسية بالإضافة إلى لغة بلده التركية . وتعلم فى قونيّه وفيها نظم الشعر وبدأ الناس يستمعون إليه ويتحلقون حوله يحدثهم عن الله وعن الوجود . وعاصر جلال الدين الرومى وحضر له ، وتساقيا المحبة .
وإمره فى الأدب التركى أكبر شعراء الصوفية عندهم ، وهو يقول عن نفسه ويتنبأ بما سيكون بعد وفاته : (لقد اخترت القلوب أسكنها ومحال أن اخرج منها أبداً فهنا كان مولدى وهنا سيكون قبرى وستحفر الأيام اسمى على جدرانها وستتوزع نفسى فتنال منها ومن جسمى الحشائش والورود و الأزهار وع كل ومضة برق سيتردد اسمى ، وسيعلوا كلما أشرقت الشمس أو طلع القمر أو قدم الربيع أو نثر الفجر ضياءه على الكون
وفلسفة إمره فى الحب بإعتبار أن الحب هو الأصل فى الكون فيه كان الخلق وما تزال الدنيا ما دام الحب فهل يثمر النبات أو يتوالد الحيوان أو يعيش الإنسان إن لم يكن الحب ؟ الحب يجمع بين الذكر والأنثى والإخوة والخلان ويؤلف ولا يفرق ويبنى ولا يهدم ، والله تعالى جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف والتعارف يقتضى الحب وينتهى إلى الحب ولم يخلق الله تعالى الخلق إلا لأنه أحب ذلك ، وأحبهم فأحبوه .
ويقول إمره : إن العمر قصير فهلا أمضيناه فى الحب ؟ طوبى لمن أحب ! ويبدى حسرة على من يقضى عمره فى الكراهية والحقد والعداء والعنف ، ويقول هذه الدنيا لا تدوم لأحد فلنحب الآخرين وليحبونا .
ولإمره كتاب " النصيحة " وفيه ماعيظه وفلسفته فى الحياة ، والخلق عنده قد حدث بالإحسان . يقول لله تعالى : " كان الإحسان قصدى من الخلق ومعنى الإحسان العطاء ومعناه أن يأتى الخلق فى أحسن صورة فلا أقل من يشكر الخلق الله على إحسانه .
والشكر أدنى مراتب العرفان ، والحب أعلى المراتب ومن بدأ الشكر ينتهى إلى الحب ، ومن أحب سكر ومن سكر فنى . وحقيقة المحبة أن تهب كلك لمن أحببت فلا يبقى لك منك شئ . والقلوب جبلت على محبة من يحسن إليها وهذه محبة العوام و محبة الخواص أو الصادقين أن تحب الله لما تراه فيه من قدرة ومن جلال وعظمة وعلم . وحبة الصديقين أو المتحققين أن تحب الله بلا علة ، وإنما لأنك تحبه وكفى وقلبك مترع به .
ثم إنه لا يحب الله إلا الجميل ، لأن الجميل لا يميل إلا للجميل والأشباه تتجاذب وكل شئ ينجذب إلى أصله وجنسه . وإمره يقول إنه لا لا يحب الله إلا لله ، وهو دائماً السواح فى ملك الله والبلبل المغرد على كل فنن بحب الله .
يقول : " الله حياتى . لا أرتجى الحياة إلا به وله . وهو جنتى فليذهب الناس إلى الجنة ما شاءوا فإنما أنا مع الله وهو كنزى وأفضل كنوز الوجود . إن نطقت فهو نطقى ، وإن نظرت فإنما أنظره ولا أنظر سواه عيناى لا تريان سوى الله وأذناى لا تسمعان إلا عن الله . وسأظل على رجائى أن أراه . ولو دك بى الجبل وخررت صعقاً سبعين مرة لعدت أسأل وألتمس رؤياه . آه يا ربى لو أرى وجهك ! أنت حبيبى وليس لى محبوب سواك !!!