27 - فصّ حكمة فرديّة في كلمة محمديّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة على متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
الفص المحمدي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول27 - فصّ حكمة فرديّة في كلمة محمديّة
تسمية الفصّ وبيان خصوصيّات الفرد
اعلم إنّ الفرد هو العدد الجامع بين الواحد والكثير ، فأحديّته أحديّة جمع من تلك الكثرة المنطوي عليها ذلك العدد ، انطواء منبئا عن التفصيل والتمييز ، فإنّ الزوج منه وإن كان له الجمعيّة المذكورة ، ولكن الغالب فيه حكم الوحدة الوجوديّة والإجمال ، والفرد منه هو الغالب فيه ، الظاهر عليه حكم الكثرة العلمية والتفصيل العددي .
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أنّ العدد هو الكاشف عن الحقائق بصورها الظاهرة سمعا وبصرا ، كشفا ختميّا منبئا عن التفصيل كنهه وهو المعبّر عنه بإراءة الأشياء كما هي - على ما هو مؤدّى دعائه في قوله : « أرنا الأشياء كما هي » -
فالفرد الذي له الوحدة الحقيقيّة الجامعة والأحديّة الذاتيّة الكاشفة هو الصالح لأن يوصف ويتبيّن به الحكمة التي في الكلمة الختميّة المحمديّة ، على ما يلوّحك على ذلك ما نبّهت عليه عند الكلام على فهرست الكتاب ونضد فصوصه .
وجه اختصاص الحكمة الفردية بالخاتم صلَّى الله عليه وآله
وأيضا الفرد في أصل اللغة هو الذي لا يختلط به غيره ، فهو أخصّ من الواحد ، فإنّه الواحد الخاصّ الذي له الإحاطة الكلَّية ، بحيث لا يمكن أن يختلط به ما هو غيره من أحديّة جمعيّته الذاتيّة ، فالحكمة التي تتّصف بالفرديّة هو الذي لأكمل الموجودات ،
وإليه أشار بقوله : ( إنما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ) الذي هو أكمل الأنواع ، فإنّ الكمال بحسب الجمعيّة الأسمائيّة ، فكلّ ما هو أجمع آثارا وأحكاما للأسماء فهو أقرب إلى الذات وأكمل وبيّن أنّ الجمعيّة التي في الإنسان ليست لغيره من الأنواع وكذلك شخص الخاتم منه ، فإنّ نسبته إلى غيره من الأشخاص كنسبة نوعه إلى الأنواع ، كما عرفت تحقيقه في المقدّمة ، فهو لجمعيّته الكماليّة أكمل الموجودات وأقربها نسبة إلى الذات .
( ولهذا بدء به الأمر وختم ) فإنّك قد عرفت في غير موضع من هذا الكتاب أنّ الآخر لا بدّ وأن يكون عين الأول بالذات ووجه تحقيقه هاهنا وتطبيقه على ما نحن فيه ، أنّ الخاتم بحقيقته التي هي البرزخ الجامع بين الواحد والأحد ، يظهر به سائر الموجودات بخصائصها وتعيّناتها ، وكأنّك قد اطَّلعت على ذلك مرارا وبيّن أنّ النبيّ إنّما هو مظهر للأشياء بخصوصيّاتها وأحكامها.
خاتم وآدم
( فكان ) الخاتم ( نبيّا ) مظهرا للأشياء على ما هي عليه ، آتيا بجوامع مسمّياتها ، ( وآدم ) حينئذ في تفرقة الأسماء ، ما تمّ مزاجه الجمعيّ بعد ، بل إنّما ظهرت منه نسبة ( بين الماء ) الذي هو صورة معلوميّته في حضرة العلم ، الذي عبّر عن ظاهره بالإمكان ، ( والطين ) الذي هو صورة عنصريّته الأصليّة ، وقابليّته الذاتيّة ، التي صورتها الوجود المعبّر عن ظاهره بالوجوب .
فآدم بين قاب قوسي الوجوب والإمكان ، وخاتم بنقطة النطق الإنبائي أقرب وأدنى من أن يسع فيه التمايز والتقابل ، وبذلك القرب تمكَّن أن يكون في كنه البطون منبئا عن غاية الظهور والإظهار .
هذا بأحد الاعتبارين منه . فأما بالآخر منها فيكون فيه كاشفا عن تمام الشعور والإشعار .
والأول مقتضى خصوص النبوّة والثاني خصوص الولاية ومن ثمّة قيل :
إنّ خاتم الولاية يقول : "كنت وليّا وآدم بين الماء والطين " - كما صرّح به صاحب المحبوب - وفي لفظ المصنف إشعار بهذا التفصيل ، حيث أورد الخاتم بإطلاقه .
( ثمّ ) إذا استعدّت الطينة العنصريّة الآدميّة بكمال الامتزاج الوحداني الاعتدالي لأن يظهر فيها تلك الحقيقة ، ظهرت بها ، و ( كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين ) فالنبوّة له في الطرفين ، أولا وآخرا ، وما بينهما مما ينطوي تحت برزخيّة الجامعة من الحقائق الأسمائيّة الدالة هو آدم ، الذي هو مصدر صارت تسعة ، وهي منتهى الأفراد ،
وحصولها إنّما هي عنها عند دورانها بنفسها على نفسها ، وهي منطوية على ما دونه من الأفراد ( فظهر أنّ ) الثلاثة بين الأفراد والأعداد لها الأكمليّة الختميّة باستجماعها صورتي بدء الكثرة التفصيليّة وختمها وبيّن أنّ هذه الأكمليّة للثلاثة إنّما هي من وصف أوليتها المستتبعة للآخريّة ، ولذلك أشار إليه في عبارته حيث قال : « وما زاد على هذه الأوليّة » علم أنّ الثلاثة - من الأفراد والأعداد الدالَّة على الحقائق بخصائصها - هو أوضح دليل على الواحد الحقيقي ، الذي هو الأول والآخر .
كان الخاتم صلَّى الله عليه وآله أول دليل على ربّه
( فكان - عليه الصلاة والسلام - أدلّ دليل على ربّه ) ، فتبيّن وجه اختصاص الكلمة بحكمتها .
وأمّا بيان أنّه صلَّى الله عليه وسلَّم أدل دليل على ربه : ( فإنّه أوتي ) جوامع الكلم ، المعربة عن الإجمال والتفصيل ، الكاشفة عن التنزيه في عين التشبيه ولذلك تراه قد أعرب عن أحديّة الجمع في عين التفرقة التي من أفعاله وأقواله ، وأظهر كنه بواطن الكلّ في ظواهر الكلم ،
وهو المشار إليه بقوله : ( جوامع الكلم التي هي مسمّيات أسماء آدم ) فإنّه إنّما ظهر بصور الكلم عند تعليم الأسماء التي لها ظاهرا ، وخاتم إنّما ظهر بحقائقها وخصوصيّاتها الكماليّة التي لسائر الأنواع والأشخاص ، ظهورا وإظهارا ، شعورا وإشعارا ، فهو الآتي بجوامع خصوصيّات الكلم بالإنباء عن خصوصيات مراتب الكمّل منها ، وذلك هو المشار إليه بمسمّيات أسماء آدم ، أي الأسماء الذي تفرّد آدم بتعليمها فالكلم هاهنا على عرفه المعروف من مطلع الكتاب .
ثمّ إنّ جامعيّة الكلم على ما ظهر إنّما يتمّ باحتياز الأسماء ومسمّياتها ، والجمعيّة التي هي عبارة عن خصوصيّة كلّ منها بمسمّاه ، ومن هاهنا قال : ( فأشبه الدليل ) أيضا ( في تثليثه ) الذي له في النشأة البدئيّة والختميّة والبرزخية الآدميّة ، كما وقفت عليه .
ثم يمكن أن يقال هاهنا : « إذا كان صلَّى الله عليه وسلَّم جامعا بين بدء الوجود وختم الإظهار وما بينهما من الجمعيّة الآدميّة ، فأين المدلول الذي هو دليل عليه » ؟
أشار إلى دفعه بلسان الإجمال قائلا: ( والدليل دليل لنفسه ) لا مجال للتفرقة والتفصيل ، النافيين للجمع والإجمال عند الفحص عما عليه الحقيقة الختميّة ، كما عرفت تحقيقه مرارا .
ثمّ هاهنا تلويحا حكميّا ، وهو أنّ أحديّة الجمع التي هي خصوصيّة الكمال الختميّ كما عرفت تقتضي التثليث لذاتها ، وذلك لأنّ الجمع إنّما يتحقّق بالاثنين ، وأحديّته هو الثالث الذي يثّلثه .
ومن هاهنا ترى « الختم » هو صورة « الجيم » بعينه ، غير أنّه ظهر فيه ما بطن في الجيم من النقط الثلاث التي هي صورة أحديّة الجمع - فلا تغفل .
ظهور التثليث في الكلام النبويّ
(ولما كانت حقيقته تعطي الفرديّة الأولى بما هو مثلَّث النشء ، لذلك قال : في المحبّة التي هي أصل الوجود : "حبّب إليّ من دنياكم ثلاث " ) فعبّر عن ذلك الأصل ( بما فيه التثليث ) الذي فيه كمال التفصيل وختمه ، وهو لفظ « حبّب » الملوح على الثلاثة عقدا .
وحيث أنّ أصل الوجود يقتضي الإجمال عبّر عنه بصيغة المبنيّ للمفعول الذي فيه ، ثم أوصلها بـ « إلى » و « من » ، الدالتين بحسب أصل الوضع على المبدء والغاية ، الذي عليهما مبنى أمر الوجود ، كما لوّح إليه بقوله : " أجد نفس الرحمن من جانب اليمن " . المعجم الكبير للطبراني
ثم أشار إلى النشأة الجامعة وما يترتّب عليها ويثمر شجرة جمعيّتها ممّا ينبئ عمّا عليه أمره - وهو صورة التفصيل العدديّ - بقوله : " دنياكم ثلاث " .
لميّة ذكر النساء والطيب والصلاة في الحديث
( ثم ) بيّن تلك الصورة بتفصيل الأفراد بأعدادها وأحكامها و ( ذكر النساء والطيب ) الذين بهما عبّر عن جملة ما يحتظى به ويستلذّ منه بحسب ظهوره لنفسه من الملاذّ الحسّية المحصورة في الصور الخمسة .
فإنّ النساء قد اشتملت على الثلاثة منها : على مدرك اللمس وما يجري مجراها وهو الذوق ، وعلى مدرك البصر والطيب يشمل على الاثنين منها ، يعني مدرك السمع والشم وذلك لأنّ الطيب في الحقيقة عبارة عن الهواء الحامل لما يستلذّه الحاسّة ، وهو شامل للمدركين .
ثمّ إنّ هذه المستلذات الدنياويّة التي بحسب ظهور الشخص لنفسه ممّا اشترك فيه سائر الناس ، بل الحيوانات أيضا ، وما تفرّد به الكمّل من أفراد الإنسان ، كالأنبياء ومن يحذو حذوهم - من مستلذّات الدنيا ، هي التي لهم بحسب الإظهار على الأمم والتابعين من أهل نسبتهم ، وبه قرّت أعينهم وانبسطت ذواتهم وشاعت خصوصيّاتهم ،
وذلك بوضعهم الصور والنواميس المختصّة بهم ومواطأتهم لها ليقتدي بهم الأمم عند التزامهم إيّاها ، ويستوثق بذلك رقيقة النسبة التي بها يتصرّف الكمّل في أصحابهم وأممهم ، حتّى يتمكَّنوا من هدايتهم وتسليكهم مسالك الرشد والتكميل ، كالصلاة مثلا للخاتم وبيّن أنّ هذا النوع من الملاذّ إنّما يتمّ بجعل من الله وإلقاء قبول منه في قلوب الأمم ،
وإليه أشار بقوله : ( وجعلت قرّة عينه في الصلاة ) - من قولهم : « قرّت عينه » : أي سرّ
وانبسط - فإنّه بالصلاة التي هي أتمّ الصور الموضوعة وأكمل النواميس المنزلة ، انبسطت خصوصيّة عينه وذاته ، وذلك الانبساط غاية ما يستلذّ به الإنسان في الدنيا ، سيّما المبعوثين للدعوة والإظهار والخاتم لهم .
وقد رأيت في كلام الشيخ المؤلف عند تحقيق معنى قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « آخر ما يخرج من رؤس الصديقين حبّ الجاه » أنّ « يخرج » هاهنا بمعنى يطلع ويبرز ، وهذا مما يؤيّد ما نحن فيه .
( فابتدأ بذكر النساء ) التي هي مولد كمال الظهور ( وأخّر الصلاة ) التي هي منتهى أمر الإظهار ( وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها ) .
من عرف نفسه عرف ربّه
(ومعرفة الإنسان بنفسه مقدّمة على معرفته بربّه ، فإنّ معرفة ربّه نتيجة عن معرفته بنفسه ) ومعرفة الإنسان بنفسه هي الدليل على معرفته بربّه ، فإنّ نفس الإنسان لاشتمالها على أول الأشكال - الذي هو أبينها وأجمعها لوجوه المتقابلات والمتناقضات - هي التي يصحّ أن يستنتج منه المعرفة التامّة المنطوية على مقدّمتي التنزيه والتشبيه ، ( لذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : " من عرف نفسه فقد عرف ربّه ").
( فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر والعجز عن الوصول ، فإنّه سائغ فيه ) وهي المقدمة الكاشفة عن طرف التنزيه ، ( وإن شئت قلت بثبوت المعرفة ) وهي المقدّمة الكاشفة عن التشبيه وبهاتين المقدّمتين تتمّ المعرفة بطرفيها وبهما يعلم الإطلاق بحقيقته والوحدة الذاتيّة بصرافتها .
(فالأول أن تعرف أنّ نفسك لا تعرفها ، فلا تعرف ربّك ) ، وهو مشرع العقل وموطن إدراكه ، وقد قيل فيه : " العجز عن درك الإدراك إدراك " .
( والثاني أن تعرفها ، فتعرف ربّك ) وهو مشهد الذوق وموطن تحقّقه - كما عرفت بيان ذلك سابقا .
كان محمّد صلَّى الله عليه وآله أوضح دليل على ربّه
ثمّ إذ قد عرفت أنّ معرفة الإنسان مطلقا دليل على معرفة الربّ ، وقد عرفت أنّ حقيقة محمد هي أقرب الحقائق إلى الحقّ ، وأكملها حيطة ، وأتمّها إنباء وإظهارا ، ولذلك تراه عند الظهور بالتعيّن الشخصيّ المحمديّ ، آتيا بالكلام الكامل والعربيّ المعرب ( فكان محمّد أوضح دليل على ربّه ) لقربه إليه وبيّن أنّ الدليل كلما كان أقرب إلى المدلول كان أبين وأوضح .
ووجه قربه منه إنّه كأنّك قد اطَّلعت - فيما بيّنا لك سالفا - أنّ العالم بمجموعه مشتمل على ضربين من الأجزاء : أحدهما تعيّنات فرقيّة كونيّة يجمعها آدم جمعا عينيّا ، والآخر أعيان جمعيّة وجوديّة يجمعها الخاتم جمعا شهوديّا فالخاتم له أحديّة بين التعيّنات الفرقيّة والأعيان الوجوديّة من حيثيّتي آدميّته وخاتميّته ، ولا جمعيّة فوق هذه الكلَّيّة الإحاطيّة ، فله الكمال الأحديّ ، الذي ليس كمثله شيء ، ومن هاهنا يتمّ الدليل عين المدلول ، كما أشار إليه .
إذا عرفت هذا فاعلم إنّ لكلّ جزء من العالم - كونيّا كان أو وجوديّا - رقيقة ارتباطيّة إلى أصله ، ( فإنّ كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربّه ) وتتفاوت الأجزاء في دلالته على ذلك الأصل بحسب الحيطة والجمعيّة .
( فافهم ) ، فقد نبّهت على ما به يفهم ، فلا نعيده .
شوق الربّ إلى مربوبه
وإذ قد عرفت وجه كلَّية محمد بالنسبة إلى باقي أجزاء العالم ( فإنما حبّب إليه النساء ، فحنّ إليهن لأنّه من باب حنين الكل إلى جزئه ) ، وبيّن أنّ حكم الخاتم كلَّيّ يشمل أحكام سائر المراتب ، فإنّها قوانين كلَّية وأصول راسخة تنطبق على سائر الجزئيّات والفروع ( فأبان بذلك ) البيان ( عن الأمر في نفسه من جانب الحقّ ) بالنسبة إلى العبد ( في قوله في هذه النشأة الإنسانيّة العنصريّة :
" وَنَفَخْتُ فِيه ِ من رُوحِي " فإنّه معرب عن الارتباط المذكور بين الكل والجزء .
( ثمّ وصف نفسه بشدّة الشوق إلى لقائه ، فقال للمشتاقين ) الذين من جملتهم داود ، مخاطبا إيّاه في بساط إيّاه في بساط قربه وحريم مباسطته : ( « يا داود إني أشدّ شوقا إليهم » - يعني للمشتاقين إليه ) .
الشوق واللقاء
ثمّ إنّ الشوق في عرف أهله ما يكون للمحبّ في غيبة المحبوب ، كما قيل : "الشوق يسكن باللقاء ، والاشتياق يزيد " .
ففي الكلام هاهنا نوع تدافع حيث أنّه قال من جهة المقرّبين المشتاقين الذين من جملتهم داود :
« إنّي أشدّ شوقا إليهم » ،
ولذلك قال : ( وهو لقاء خاصّ ) دفعا لما يتوهّم من التدافع ، وهو اللقاء الخالص عن شوائب الحجب المحفوفة بها هذه النشأة العنصريّة الإنسانيّة ، ( فإنّه قال في حديث الدجال : " إنّ أحدكم لن يرى ربّه حتّى يموت " ) ويتحقّق بالجمعيّة الكماليّة ، خالصة عن شوائب الحجب والنسب التي له في زمان قربه إيّاه .
( فلا بدّ من الشوق لمن هذه صفته ) وهو أن يكون مع كمال القرب منحجبا غير محظوظ عن المشاهدة ، كما قيل :وأبرح ما يكون الشوق يوما إذا دنت الخيام من الخيامفاللقاء الحاصل له بعد الموت ، له صفة خاصة من الجمعيّة الكماليّة التي تتبع رفع الحجاب من كمال العزّة والاستغناء مع البذل والعطاء ، فإنّ الحجاب مقتضى العزة كما أنّ رفعها مقتضى البذل والقبول ،
كما قيل :لبسن الوشي لا متجمّلات
ولكن كي يصنّ به الجمالاوتلك الخصوصيّة المرغوبة إليها إنّما نشأت من هذه النشأة الحجابيّة ، لا من الموت ، فإنّ رفع الحجاب عدميّ ، والأثر إنّما هو لما يتبعه من المشاهدة ، فمبدأ تلك الخصوصيّة الكماليّة التي في اللقاء بعد الموت من هذه النشأة أيضا لا من الموت كما قال المتنبي:
فراق ولكن فيه قد جمع الشمل .... وهجر ولكن منه يكتسب الوصل
شوق الحقّ تعالى لماذا ؟
(فشوق الحقّ لهؤلاء المقرّبين ) في الدنيا المنحجبين عنه بسائر الحجب مطلقا وبهذه الجمعيّة والإطلاق استحصل القرب ، ولذلك سمّي هذه النشأة الجمعيّة بالدنيا ، والقرب أيضا من الحجب ، كما قيل :-
وفي القرب تبعيدي عن إدراك ذاته ..... ومالي سوى الذات النزيهة مطلب
""أضاف الجامع : عن حجاب القرب
القرب حجاب عن الذات ، لأن فيه مشاهدة بقاء الرسم ، ومن بقي رسمه فلا مشاهدة ومن لا مشاهدة له فلا معرفة له بالذات كما قيل .
وفي القرب تبعيد عن إدراك ذاته ..... وما لي سوى الذات النزيهة مطلب
ص 65 كتاب الحجب الشيخ ابن العربي ""
فهذا الحجاب هو الذي منع أهل هذه النشأة أن يروه ( مع كونه يراهم ) وهم في غفلة وذهول عن أنّهم بمرأى منه ومسمع ، ( فيحب أن يروه ، ويأبى المقام ذلك ) ، فإنّ قهرمان الأمر إنّما هو للمقام ، وهو يمنع اللقاء كما عرفت .
اللقاء لا يمكن إلا بالموت
وفيه إشارة إلى أنّ الحجاب إنّما هو لأهل المقام ، يختص بهم فإنّ المنخلعين عنه قد ماتوا عنه ، وبما انخلعوا وماتوا عنه حصل لهم اللقاء ، فشوق الحقّ إنّما هو لرؤيتهم له ، وإن كان ذلك أيضا رؤيته ، ( فأشبه ) الرؤية هذه بالعلم المشار إليه في ( قوله ) تعالى : "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ " ( " حَتَّى نَعْلَمَ " ) " الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ " [ 47 / 31 ] ( مع كونه عالما ) .
(فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلَّا عند الموت ) - إراديّا كان أو طبيعيّا - أو جامعا بينهما فالحيّ الذي لم يتحقّق به لم يكن له نصيب من هذا الشوق ، والمتحقّق بقدر ما تحقّق به يحصل له السهم منه ، فأهل حجاب الدنيا قاصرون في الشوق .
( فنبل ) الحقّ ( بها ) - أي بهذه الخاصيّة - ( شوقهم إليه ) ، أي فضل على شوقهم بهذه الصفة ، من قولهم : « نبل » - بالضم – " ينبل " : إذا فضل وكبر وهو إشارة إلى مؤدّى قوله : " أشد شوقا " فعلم إنّ الأحياء - في أيّ مرتبة كانوا - قاصرين في الشوق .
(كما قال تعالى في حديث التردّد - وهو من هذا الباب - : « ما تردّدت في شيء أنا فاعله ، تردّدي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ، ولا بدّ له من لقائي » فبشّره ) بما هو غاية الموت من اللقاء ، ( وما قال له : « ولا بدّ من الموت » ، لئلا يغمّه بذكر الموت ) على ما هو مقتضى مقام الشوق
( ولمّا كان لا يلقى الحقّ إلَّا بعد الموت ، كما قال عليه الصلاة والسلام : " إنّ أحدكم لا يرى ربّه حتى يموت " لذلك قال تعالى :" ولا بدّ له من لقائي " فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة ) الجمعيّة التي هي غاية هذه النشأة الكماليّة ومنتهى أمرها .
المحبوب والمحبّ هو الحقّ
ثمّ ليعلم إنّ الحقّ في لسان الظاهر هو المحبوب ، على ما دلّ عليه هذا المساق ، وإن كان نسبة المحبّية والمحبوبيّة إليه على السواء ، كما هو مؤدّى قوله تعالى : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ُ "
ولكن إذا تكلَّمت بلسان الكثرة العبديّة ، وهو بعد استكمال العبد وجودا ، وشرع كذا في طيّ مسالكه شهودا ، فالحقّ هو المحبوب ، ليس إلَّا ، على ما أشار إليه " يُحِبُّونَه ُ ".
وإذا تكلَّمت بلسان الوحدة الحقيقيّة ، متوجّهة في قوس تنزلها الوجودي إلى استكمال العبد ، هو المحبّ ، على ما أومى إليه " يُحِبُّهُمْ " ولذلك تراه إذ قد أفصح عمّا عبّر عنه اللسان الأول بصورة الحديث القدسيّ ، أشار إلى ما نطق به اللسان الثاني بصورة النظم الكونيّ ، جمعا بين اللسانين وإفصاحا عن مؤداهما ، فلا تغفل ، وهو قوله :
( يحنّ الحبيب إلى رؤيتي ... وإنّي إليه أشدّ حنينا )
كما أنّ في اللسان الأول كان الحبيب أشدّ شوقا ، فـ « القاف » هذا قاف « القدس » ظاهرا من شين « شعوره » الذي هو من شعائر شاكلته كما أنّ نون « الحنين » نون « الكون » ظاهرا من حاء « الحيطة » و « الحواية » و" الحيازة " .
(فتهفو النفوس و يأبى القضاء ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا)
( فتفهوا النفوس ) أي تخفق ، من « هفا الطير » : إذا خفق للطيران .
( ويأبى القضاء . ويشكو الأنين ) حيث قال أولا : « وإنّي أشدّ شوقا إليهم » ( وأشكو الأنينا ) حيث قال : « وإنّي إليه أشدّ حنينا » . وفي التعبير عن المشتكى عنه بالأنين تلويح إلى مبدأ تلك الشكاية ، يعني الإنيّتين الفارقتين .
لمّا كان الروح من الحقّ فما اشتاق إلَّا لنفسه
فمن هذه الحكمة ظهر وجه تسمية محمد صلَّى الله عليه وسلم حبيبا ، وأصل ذلك من قوله :
" نَفَخْتُ فِيه ِ من رُوحِي " [ 15 / 29 ] وستطلع منه على وجه شفاعته أيضا .
( فلمّا أبان أنّه نفخ فيه من روحه ، فما اشتاق إلَّا لنفسه ) فإنّ الروح من كلّ شيء هو نفس ذلك الشيء وعينه ، ( ألا تراه خلقه على صورته ) فإنّ الروح من الشيء ، هو الذي يستجلب صورته الخاصّة به ، كما تراه عند ظهور الاعتدال الهوائي الذي هو روح النبات في الربيع ، كيف يستجلب روح كل واحد منه على التفصيل ما يتصوّر به من الصورة الخاصّة به في الحسّ . وهذا الأصل يقتضي أنّ الإنسان على صورة الله ( لأنّه من روحه ) .
للنفخ نسبتان
ثمّ إنّ النفخ - الذي عبّر به في الكلام المنزل الختمي عن إفاضة الروح ، ونسبة تقويمه الأجساد وإخراجها عن مكامن القوّة - نسبتان : له نسبة إلى المنفوخ فيه ، ونسبة إلى النافخ به قد أشار إليهما مفصلا :
أمّا النسبة الأولى فهي المشار إليها بقوله : ( ولمّا كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة ) العنصريّة المتقوّمة بها سائر الأمزجة من المواليد المشكَّلة في كلّ مزاج بصورته ، ( المسماة ) عند تقويمها المزاج الإنساني ( في جسده « أخلاطا » ) فإنّ الأركان الأربعة ما لم يظهر بصور الرطوبات الكيموسيّة ذوات الطبائع المتقابلة القابلة للتشكَّل بالأشكال المتخالفة والصور المتباينة ، لم يتحصّل منه جسد ذو اعتدال حيواني ، فضلا عن الإنسانيّ .
ثمّ إنّ من هذه الرطوبات ما غلب عليه الخفيفان ، ومنه ما غلب عليه الخفيف المطلق فلذلك ( حدث ) منه ( عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة ) ، لما تقرّر في القوانين الطبيعيّة وأصولها أنّ الخفيف المطلق إذا أمدّه الرطوبة الدهنيّة - التي غلب فيها حكم الخفيف المضاف - اشتعل بقوّة المناسبة عند النفخ الموجب للاختلاط والامتزاج ، فظهرت تلك الرطوبة بصورة النار المشتعلة .
قال رضي الله عنه : ( فكان روح الإنسان نارا من أجل نشأته ) أي من حيث روحه الحيوانيّ ، الذي هو صورة جمعيّة الظهور والإظهار ( ولهذا ما كلَّم الله موسى إلا في صورة النار ) ، فإنّ الكلام هو صورة خصوصيّة الإنسان وكماله الخاصّ به في تلك الصورة ، وغايته المطلوبة منه ، ( و ) لذلك ( جعل حاجته فيها ) عند التكلَّم بها .
فعلم إنّ نشأته الجمعيّة هذه نشأة عنصريّة جسمانيّة ، لا طبيعيّة روحانيّة ، كما هو نشأة الملائكة قال رضي الله عنه : ( فلو كانت نشأته طبيعيّة لكان روحه نورا ) لا نارا مشتعلة من رطوبات الأخلاط الجسمانيّة .
هذا بالقياس إلى المنفوخ فيها من النسبة الجمعيّة والجهة الاشتراكية .
نفخ الروح من نفس الرحمن
وأمّا بالقياس إلى النافخ : فقد أشار إليها بقوله : ( وكنّى عنه بالنفخ يشير إلى أنّه من نفس الرحمن ) ، والنفخ حقيقة إنّما هو النفس الخارج من الإنسان نحو مادّة ، وهو البخار الدخاني الذي أخرجه القلب بحركته الانقباضيّة ، ليتروّح بجذب الهواء الصافي عند حركته الانبساطيّة .
وذلك لأنّ الهواء مهما لبث في القلب تسخّن من نار الحرارة الغريزيّة ، فتدخن لطيفه ، فينقبض القلب بإعصار أجزائه إخراجا له ، ثمّ ينبسط لأن يجذب به الهواء البارد ، تعديلا لمزاج القلب ، وبيّن أنّ النفخ بهذا المعنى إنّما يطلق على النفس الرحماني بضرب من الشبه والمجاز ، ولذلك قال : " وكنّى عنه " في بيان هذه النسبة .
أمّا بيان ذلك الشبه ( فإنّه بهذا النفس - الذي هو النفخة - ظهر عينه ) التي هي الكلمة الجامعة الوجوديّة ، كمًّا أنّ بذلك النّفس الإنسانيّ ظهر عيون الكلمات الكاملة الإظهاريّة .
ثمّ إنّه من مؤدّى هذا الوجه يلزم أن يكون نشأته هذه - نوريّة - لا ناريّة - فلذلك استدركه بأنّ هذه الجهة باعتباره إلى النافخ ، والنشأة هي الحاصلة له باعتبار استعداد المنفوخ فيه على ما لا يخفى .
قال رضي الله عنه : ( وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا ، لا نورا ، فبطن نفس الحق ) الذي هو جهة نسبة النفخ إلى النافخ ( فيما كان به الإنسان إنسانا ) من الجهة التي هي أصل قابليته واستعداده ، وهو جهة نسبة النفخ إلى المنفوخ فيه .
سبب محبّة الرجل للمرأة
قال رضي الله عنه : ( ثمّ اشتق له شخصا ) هذا إفصاح عمّا هو المقصود من هذه المقدّمات ، وهو سبب تحبّب الخاتم للنساء أولا وذلك إنّه إذ قد بطن نفس الحقّ في الإنسان - بما هو إنسان - وقد عرفت أنّ الغاية من هذه الحركة الإيجاديّة إنّما هي الظهور والإظهار ، اشتقّ للإنسان من جهة ظهوره تحصيلا للغاية المطلوبة شخصا ( على صورته ) يظهر به نفسه - ظهور الشيء في المرآة - ولذلك ( سمّاه « امرأة » فظهرت بصورته ، فحنّ إليها حنين الشيء إلى نفسه ، وحنّت إليه حنين الشيء إلى وطنه ) ، واتّصل رابطة النسبة من الطرفين ، ودارت وهي كمال النسبة المعبّر عنها بالمحبّة
قال رضي الله عنه : ( فحبّب إليه النساء ) إذ كمال النسبة إنّما هو بين الشيء وما هو بمنزلة نفسه ، مما ظهر به صورته الشخصية ، وتعاكس النسبة ظاهرة بصورتها الكماليّة الدورية ، ولذلك ظهرت المحبّة بينهما .
قال رضي الله عنه : (فإنّ الله أحبّ من خلقه على صورته ، وأسجد له ملائكة النوريين ) سجود اتّضاع وخضوع ( على عظم قدرهم ومنزلتهم ) في رتبة الوجود ( وعلوّ نشأتهم الطبيعيّة ) من حيث ظهورهم في أنفسهم .
قال رضي الله عنه : ( فمن هناك وقعت المناسبة ) - أي بالصورة وقعت المناسبة بين الله وآدم وكذلك بين آدم وزوجه - ( والصورة أعظم ) الوجوه ( مناسبة ، وأتمّها ) شبها ، ( وأجلَّها ) قرابة ، ( وأكملها ) حيطة ، لما به الاتحاد والاشتراك ، وذلك لأنّ الصورة من الشيء تماثله في هيأته الجمعيّة ومشخّصاته العينيّة ، ( فإنّها زوج - أي شفّعت وجود الحقّ - ) فالتامّ في تلك الصورة الخاتم لها –
يقال له : "الشفيع " ، وقد وعدناك بوجه هذه التسمية عن قريب - فهو شفّع الحقّ ( كما كانت المرأة شفّعت بوجودها الرجل فصيّرته زوجا ) .
ظهور التثليث بين الحقّ والرجل والمرأة ، وظهور الحبّ بينهما
قال رضي الله عنه : ( فظهرت ثلاثة ) في هذه الصورة الشفعيّة : ( حقّ ورجل وامرأة ) وقد استشعر صلَّى الله عليه وسلَّم هذا التثليث من عبارة تحبّبه النساء ( فحنّ الرجل إلى ربّه الذي هو أصله ، حنين المرأة إليه ، فحبّب إليه ربّه النساء كما أحبّ الله من هو على صورته ، فما وقع الحبّ إلَّا لمن يكون عنه ) على ما هو مقتضى أصل المحبّة ( وقد كان ) في ( حبّه ) الأصل ( لمن يكون منه ، وهو الحقّ فلهذا قال :
" حبّب إلىّ " ولم يقل : " أحببت " من نفسه ، لتعلَّق حبه بربّه الذي هو على صورته .
قال رضي الله عنه : (وذلك الحبّ منه هو الأصل الذي ينشعب منه سائر جزئيّات المحبّة ( حتّى في محبّته لامرأته ، فإنّه أحبّها بحبّ الله إيّاه ) حبّ الشخص صورته ونفسه ، ( تخلقا إلهيّا ) يتفرّع على التحقيق الذاتي الذي هو محبّته لربّه وهذا من خصائص العبارات الختميّة ودقائق إشاراته اللطيفة حيث نبّه بقوله :" حبّب إليّ " على ما هو أصل المحبّة - فلا تغفل .
النكاح أعظم وصلة في النشأة العنصريّة
قال رضي الله عنه : ( ولما أحبّ الرجل المرأة طلب الوصلة ، أي غاية الوصلة التي تكون في المحبّة ) ، وهو الاتّحاد في الجهة الإدراكيّة وبيّن أن المدارك البشريّة أتمّها شمولا وأعمّها حيطة وموضوعا هو اللمس الذي ما اختصّ شعوره بعضو دون آخر وأيضا فإنّه هو الذي ظهرت به النسبة الإدراكيّة بصورتها الكماليّة الدوريّة ، فإنّ الملموس هو الذي يصلح لأن ينعكس منه إلى اللامس صورة شعاع اللمس ، الواقع من اللامس على الملموس بعينها ، حتّى يتمّ الصورة الإدراكيّة في دائرتها الكماليّة الاتحاديّة .
وهذا من خصائص اللمس ، إذ المسموع لا يتّصل بالسامع من جهة السماع ولا المبصر بالبصر كذلك إلى غيرهما فالاتّحاد الإدراكيّ المستحصل من هذا المنهج أتمّ وأكمل ولذلك ترى الاستغراق الذي فيه والاستلذاذ الذي منه ، لا يوازيه شيء من الإدراكات ، ولا يدانيه غيره من صنوف المستلذّات التي في مرتبة الجسمانيّات .
قال رضي الله عنه : ( فلم يكن في صورة النشأة العنصريّة أعظم وصلة من النكاح ، ولهذا تعمّ الشهوة أجزاؤه كلَّها ) وقد عرفت أنّ الحيطة من آيات الوحدة الإطلاقيّة ، فلذلك يترتّب عليه الاستغراق الكلَّي والفناء التامّ .
حكمة وجوب الغسل بعد الملامسة
قال رضي الله عنه : ( ولذلك امر بالاغتسال منه ، فعمّت الطهارة كما عمّ الفناء فيها عند حصول الشهوة ، فإنّ الحقّ غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذ بغيره ) ، فإنّ الصور الاعتقاديّة - وإن كانت غير مطابقة للواقع - لها ظهور في مرتبة من مراتب الوجود وسلطان فيها ، فرتّب اعتقاد الالتذاذ بالغير - من المتناكحين على تلك الشهوة الموجبة للالتذاذ المذكور - حدثا لا يتمكَّن العبد معه عن أداء العبادات والتزام التقرّبات .
قال رضي الله عنه : ( فطهّره بالغسل ليرجع بالنظر إليه ) عند التأمّل فيه وفيما يوجبه من تصوّر الالتذاذ بالغير ، والاستغراق فيه ، والفناء ( فيمن فنى فيه ) حقيقة على ما عليه الأمر ( إذ لا يكون إلَّا ذلك ) أي لا يمكن أن يكون فناء العبد إلَّا فيه فإنّ الغير لا حظَّ له من الوجود ..
يتبع