ظن ذلك الشخص الخيال هلالا في عهد عمر المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
ظن ذلك الشخص الخيال هلالا على مدونة عبدالله المسافر باللهظن ذلك الشخص الخيال هلالا في عهد عمر التأخير المثنوي المعنوي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
ظن ذلك الشخص الخيال هلالا في عهد عمر رضي الله عنه
- لقد حل شهر الصوم في عهد عمر ، فأهرع جماعة من الناس إلى قمة جبل .- لكي يستطلعوا هلال الصوم مستبشرين ، فقال أحدهم : " يا عمر هاك الهلال هناك " !! 115 - ولما لم ير عمر الهلال في كبد السماء ، فقال : لقد طلع هذا الهلال من خيالك .- وإلا فإنني أحد منك رؤية للأفلاك ، فكيف لا أرى الهلال الطاهر ؟- ثم قال : بلل يدك ، وامسح بها حاجبك ، ثم انظر آنذاك صوب الهلال .- وعندما بلل حاجبه ، لم ير الهلال ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لا هلال هناك ، لقد اختفى !!- قال : أجل ، لقد صارت شعرة من الحاجب بمثابة القوس ، وصوب نحوك سهما من الظن !! « 1 »...............................................................( 1 ) ج / 3 - 133 : وعندما أنحنت شعره واحدة من حاجبه ، بدت كشكل الهلال لكن الشعرة منه . « 35 » 120 - وعندما انحنت شعرة قطعت على الطريق ، حتى ادعى هازلا رؤية القمر .- وما دامت شعرة ملتوية تكون حجابا على الأفلاك ، عندما تلتوى كل أجزائك ، كيف يكون الأمر ؟ !- فقوم أجزاءك من المستقيمين ، ولا تلو العنان يا مستقيم السير عن تلك العتبة !!- فإن الميزان هو الذي يصلح الميزان ، والميزان أيضا هو الذي ينقص الميزان .- وكل من صار متوازنا مع المعوجين ، فقد وقع في النقصان ، وغاب عقله . 125 - فامض وكن من الأشداء على الكفار ، وصب التراب على تعلقك بالأغيار .- وكن كالسيف على رؤوس الأغيار ، هيا ، ولا تقم بحيل الثعالب ، وكن أسدا .- وذلك حتى لا ينقطع عنك الرفاق ( غيرة على الحق ) ، ذلك أن الأشواك أعداء لهذه الزهرة .- واضرم النار في الذئاب وكأنهم العود ، ذلك أن أولئك الذئاب أعداء يوسف .- إن إبليس يقول لك : يا روح أبيك ، فحذار ، حتى لا يخدعك بوسوسته الشيطان اللعين . 130 - لقد قام يمثل هذا التلبيس مع أبيك ، وذلك المفتضح هزم آدم .- فإنه ماهر في لعبة الشطرنج هذه ذلك الغراب ، فلا تنظر إلى اللعبة بعين ناعسة .- إنه يعلم الكثير من ( ألعاب ) صف جنود الشطرنج ، بحيث يغص به حلقك وكأنه القذى .- ويبقى قذاه في الحلق لسنوات ، فما هو هذا القذى ؟! إنه حب الجاه والأموال . « 36 » - والمال قذى ، لأنه يا عديم الثبات يكون في حلقك مانعا لماء الحياة . 135 - فإن سلب مالك عدو شديد الاحتيال ، مثله كقاطع طريق سلب قاطع طريق آخر . سرقة مشعوذ حيات لحية من مشعوذ حيات آخر
- سرق لص حقير حية من مشعوذ حيات ، ومن بلاهته كان يعتبرها غنيمة .- ونجا مشعوذ الحيات ذلك من لدغ الحية ، وقتلت الحية سارقها قتلا شنيعا .- وراه مشعوذ الحيات وعرفه ، وقال : لقد خلصته حيتى من روحه - لقد كنت تطلبها منه في دعائك يا حبيبي ، قائلا : لأجدها وأستردها منه . 140 - والشكر لله أن ذلك الدعاء صار مردودا ، وكنت أظنها خسارة وهي نفع - ورب دعاء تكون فيه الخسارة والهلاك ، ولا يستجيب إليه الإله الطاهر من كرمه «1 » . التماس رفيق عيسى عليه السلام منه عليه السلام إحياء العظام
- لقد صاحب أحد البلهاء عيسى ، فرأى عظاما في حفرة عميقة .- فقال : أيها الرفيق ! ! ذلك الاسم السنى الذي يحيى الموتى .- علمني إياه حتى أقدم أنا أيضا بالإحسان ، وأجعل هذه العظام ترتد فيها الروح . 145 - قال : اصمت ، فليس هذا من شأنك ، وليس لائقا بأنفاسك وأقوالك .- ذلك أنه يريد نفسا أطهر من المطر ، وأكثر إدراكا في مسيره من الملاك ................................................................( 1 ) ج / 3 - 140 : إنه مصلح ويعرف المصلحة ، وإنه يرد مثل هذا الدعاء ، وذلك المتجه بالدعاء يكون شاكيا ، ويظن ظن السوء وهذا سىء ، ولا يعلم أنه يريده بلاءه ، ومن كرم الحق لم يستجب له مباشرة . « 37 » - وإنما تلزم أعمار حتى يصير النفس طاهرا ، ولكي يصبح ( صاحبه ) أمينا لمخزن الأفلاك .- ولقد أمسكت هذه العصا بيدك اليمنى ، ومن أين لليد قوة موسى ؟ !- قال : إن لم أكن أنا تاليا للأسرار ، فاتل أنت الاسم على العظام . 150 - قال عيسى : يا رب أية أسرار هذه ، وما ( سر ) ميل هذا الأبله في هذا التسخير ؟ !- وكيف لا يهتم هذا المريض بأمر نفسه ؟ ! وكيف لا تهتم هذه الجيفة بالروح ؟- لقد أهمل جيفته هو ، ويبحث عن رتق جيفة الغريب ؟- قال الحق : إذا كان المدير طالبا للإدبار ، فإن جزاء زراعته ( أن يحصد ) الشوك .- وذلك الذي يغرس بذور الشوك في الدنيا ، حذار حذار ، لا تبحث عنه في البستان « 1 » 155 - فإن أمسك وردة بيده تنقلب إلى شوك ، وإن اتجه إلى صديقه ، انقلب إلى حية .- وإن كيمياء ( تبديل ) السم والحية عند ذلك الشقي ، مخالفة لكيمياء ( تبديل ) التقي . نصيحة الصوفي الخادم بالعناية بدابته ، ودو قلة الخادم
- كان أحد الصوفية يسيح عبر الآفاق ، حتى نزل ذات ليلة ضيفا بزاوية .- كانت لديه مطية ، فربطها في الحظيرة ، وجلس في صدر الصفة مع الرفاق ................................................................( 1 ) ح / 3 - 144 : فحذار لا تعتمد على قوله وفعله ، فهو كشجر الصفصاف ، ليس لديه ثمر . « 38 » - وصار في ( مقام ) المراقبة مع رفاقه ، والحضور مع الرفاق كتاب زائد ( الفائدة ) . 160 - وليس دفتر الصوفي في سواد الحروف ، ليس إلا قلبا أبيض كأنه الثلج .- وزاد العالم آثار القلم ، وما هو زاد الصوفي ؟ آثار القدم .- إنه كالصياد مضى يطلب الصيد ، فرأى أثر خطو غزال ، ومضى خلف الأثر .- ولقد كان خطو الغزال لازما له فترة من الزمان ، ومن بعد ذلك صارت نافجة الغزل مرشدا له .- وعندما شكر ( القدرة ) على الخطو وقطع الطريق ، فلا جرم أنه قد وصل من ذلك الخطو إلى مبتغاه . 165 - والمسير لمسافة منزل واحد على رائحة النافجة ، أفضل من ( المسير ) مائة منزل من الخطو والطواف « 1 »- وذلك القلب الذي يطلع على أضواء الأقمار ، هو بالنسبة للعارف مصداق لفُتِحَتْ أَبْوابُها.- إنه بالنسبة لك جدار وبالنسبة لهم باب ، إنه بالنسبة لك حجر ، وللأعزاء جوهر .- وما تراه أنت في المرآة عيانا ، يراه الشيخ في قطعة لبن من قبل ذاك .- والشيخ أقصد به من لم يكن من هذا العالم ، فلقد كانت أرواحهم في بحر الجود ................................................................( 1 ) ج / 3 - 147 : وسير الزاهد كل شهر حتى العتبة . وسير العارف كل لحظة حتى عرش الملك ! ! « 39 » 170 - ومن قبل أن يخلقوا أجسادا ، عاشوا أعمارا ، ومن قبل أن يزرعوا جنوا الثمار ! !- ومن قبل أن يصوروا ، تقبلوا الروح ، ومن قبل أن ( يوجدوا ) في البحر ثقبوا الدر .- لقد كانت المشورة لا تزال تدور من أجل إيجاد الخلق ، بينما كانت أرواحهم في بحر القدرة ( غارقة ) حتى الحلوق .- وعندما كان الملائكة يمانعون في إيجاد الخلق ، كانوا هم خفية يسخرون من الملائكة .- كانوا على علم بصورة كل ما صار موجودا ، وذلك من قبل أن تخلق هذه النفس الكلية . 175 - ومن قبل الأفلاك ، رأوا عطارد ، ومن قبل الحبوب ، رأوا الخبز .- وبدون أن تكون لهم قلوب أو ألباب ، كانوا مليئين بالتفكير ، ودون جيش أو حرب ، عقدوا لواء النصر- وذلك العيان ، هو بالنسبة لهم فكرة ، وإلا فإنه بالنسبة للمبعدين رؤية .- والفكرة تكون من الماضي ومن المستقبل ، وما داموا قد نجوا من هذين فقد حلت المشكلة .- والبصيرة لما كانت بلا كيفية ، فقد رأت كل من لا كيفية له من قبل ، والصحيح والزائف من قبل ( أن يوجد ) المنجم . 180 - ومن قبل أن تخلق الكروم ، شربوا الخمور ، وأظهروا الوجد .- وفي تموز الحار ، يرون شهر دى ، وفي شعاع الشمس يرون الفيىء .- وفي قلب العنب قد رأوا الخمر ، وفي الفناء المحض ، رأوا الموجود . « 40 » - والسماء من حولهم شاربة للجرعات ، والشمس من جودهم ، متشحة باللباس الذهبي ! !- وعندما ترى منهم رفيقين مجتمعين ، يكونان واحدا ، وستمائة ألف . 185 - وأعدادهم على مثال الموج ، فإن الريح هي التي جعلته ( يبدو ) متعددا .- وإن شمس الأرواح قد تفرقت داخل كوات الأبدال .- وعندما تنظر في قرص الشمس فهو واحد في حد ذاته ، ومن هو محجوب بالأبدان ، لا يزال في شك .- إن التفرقة تكون في الروح الحيوانية ، والنفس الواحدة ، هي الروح الإنسانية .- وما دام الحق قد رش عليهم نوره ، فلا يتفرق أبدا نوره « 1 » 190 - ألا فلتتركنى لحظة أيها الرفيق الملول ، حتى أسوق وصفا لخال من ذلك الجمال .- وإن جمال حاله لا يتأتى في بيان ، وما العالمان ؟ إنهما انعكاس لخاله- وعندما أتحدث أنا عن خاله الجميل ، يريد النطق أن يشق جسدي .- فأنا سعيد في هذا البيدر كنملة ، بحيث أحمل حملا يفوق استطاعتي . انغلاق تقرير معنى الحكاية بسبب ميل المستمع
إلى استماع ظاهر الحكاية
- ومتى يتركنى ذلك الحاسد للضياء ، أن أقول ما هو فرض وما هو جدير بالقول ................................................................( 1 ) ج / 3 - 158 - 159 : - والروح الإنسانية كنفس واحدة ، والروح الحيوانية سفلى جامدة .- والعقل الجزئي ليس عارفا بسر هذا ، وليس واقفا على هذا السر سوى الله - وأي أمر لعقلك مع هذا الهوس ، وآية فائدة للموجود أهم من ( قول ) السر . « 41 » 195 - وإن البحر ليطف بالزبد ويقيم سدا ، ويكون جزر ومن بعد الجزر يقوم بالمد .- فاستمع هذه اللحظة ، وما المانع ؟ ربما مضى قلب المستمع إلى موضع آخر .- لقد انصرف خاطره إلى الصوفي الذي نزل ضيفا ، وفي ذلك الهاجس انغمس حتى عنقه .- ومن ثم صار لازما الانصراف عن هذا المقال ، صوب تلك الحكاية وصفا للحال .- فلا تعتبر أن الصوفي هو هذه الصورة أيها العزيز ، فحتام أنت كالأطفال ( متعلقا ) بالجوز والزبيب ؟ 200 - وأجسادنا هي الجوز . والزبيب يا بنى ، فإن كنت رجلا دعك من هذين الشيئين !- وإن لم تدعها فإن إكرام الحق يجعلك تدعها من فوق الطباق التسع .- واستمع الان إلى الحكاية ، لكن أنتبه ، وافصل الحب عن التبن . التزام الخادم برعاية الدابة وإهماله
- وعندما وصلت حلقة أولئك الصوفية طلاب الفائدة إلى آخر الوجد والطرب .- مدوا المائدة من أجل الضيف ، فتذكر الدابة في تلك اللحظة . 205 - فقال للخادم : امض إلى الحظيرة ، وهيىء من أجل الدابة التبن والشعير .- قال : لا حول ، ما هذه الزيادة في الكلام ؟ ! إن هذه الأمور هي عملي منذ أمد بعيد .- قال : بلل شعيره من البداية ، فإن ذلك الحمار هرم وأسنانه واهية .- قال : لا حول ، ما ذا تقول أيها العظيم ؟ ! إنما يتعلم منى ( الناس ) هذه الأعمال « 42 » - قال : أنزل عنه السرج هونا ، وضع دهان المنبلى على ظهره الجريح . 210 - قال : لا حول ، الخلاصة أيها الحكيم ، إن مئات الآلاف من أمثالك نزلوا علينا ضيوفا .- وكلهم مضوا عنا في غاية الرضا ، فالضيف هو بمثابة الروح والأهل عندنا- قال : اسقه ، لكن ليكن ( الماء ) دافئا من الصنبور ، قال : لا حول ، إنما اعترانى الخجل منك .- قال : قلل من القش في شعيره ، قال : لا حول : اقصر من هذا الكلام .- قال : اكنس مكانه من الحصى والبعر ، وإن كان مبللا ، صب عليه ترابا جافا ! ! 215 - قال : لا حول ، استعذ يا أبى بالله ، وقلل الحديث مع الرسول الحكيم .- قال : خذ المشط ، وحك به ظهر الحمار ، قال : لا حول ، أخجل يا أبى « 1 » .- قال الخادم هذا القول وسد باب ( القول ) سريعا ، قائلا : لأمض وألقى بالتبن والشعير سريعا ................................................................( 1 ) ج 3 / 189 - 190 : - قال : قصر له طرف الزمام ، حتى لا يسقط عند التمرغ في القيد - قال : لا حول ، لا تشك كثيرا أيها الأب ، ومن أجل الحمار لا تتحامق كثيرا - قال : ألق " العراقة " على جسده سريعا ، ذلك أن الليلة باردة بأنجم الفضل .- قال : لا حول ، لا تتحدث أيها الأب هكذا كثيرا ، ولا تبحث عن العظام في اللبن وهي لم تكن فيه .- إنني أكثر مهارة منك في علمي ، ويأتيني الضيوف من طبيب وصائغ .- وأخدم كل ضيف بما يليق به ، وأكون في الخدمة ( سعيدا ) كالورد والسوسن .« 43 » - ومضى ولم يتذكر الحظيرة قط ، وهدأ من ذلك الصوفي بحيث ( نام ) نوم الأرانب .- مضى الخادم ومضى إلى جمع من السوقة ، وسخر من وصايا الصوفي . 220 - وكان الصوفي قد تأخر عن المسير وطال به ( الوقت ) ، فأخذ يحلم وهو مفتوح العينين .- بأن حماره كان قد سقط بين براثن ذئب ، وأن ( الذئب ) يقطع من ( لحم ) ظهره وفخذه .- فقال : لا حول ، أي هذيان هذا ، واعجبا ، أين ذلك الخادم الرحيم ؟ ! !- ثم أخذ يرى أن حماره في مسيره ، حينا يسقط في بئر ، وحينا في حفرة .- وأخذ يرى من الواقعات السيئة اشكالا وألوانا ، فأخذ يقرأ ( الفاتحة ) و ( القارعة ) . 225 - فقال : ما الحل ؟ لقد انصرف الرفاق ، ومضوا ، وأغلقوا الأبواب ( من ورائهم ) جميعا .- ثم أخذ يقول : عجبا ألم يشاركنا ذلك المخادع الحقير الخبز والملح ؟ ! !- إنني لم أبد له إلا اللطف واللين ، فلماذا يبدي لي في مقابله الحقد ؟- وكل عداوة ينبغي أن يساندها سبب ، وإلا فإن التجانس يلقن الوفاء .- ثم أخذ يقول : وآدم مع كل لطفه وجوده ، متى كان قد جار على إبليس ذاك ؟ ! 230 - وما ذا فعل الإنسان للثعبان والعقرب ؟ ! بحيث لا يفتأ يريد له الموت والألم- وخاصية الذئب التمزيق ، وهذا الحسد بين الخلق ظاهر للعيان .- ثم أخذ يقول : بل إن سوء الظن هذا خطأ ، فلماذا يكون ظني هكذا بأخي ؟- ثم عاد يقول : بل إن سوء الظن من الحزم ، وكل من لا يكون سىء الظن ، متى يبقى سالما ؟ « 44 » - وظل الصوفي في وسوسته ( وفكر ) حماره إلى درجة لا كانت جزاء للأعداء 235 - وذلك الحمار المسكين بين التراب والحصى ، مائل السرج ، ممزق الزمام .- متعب حتى الموت من الطريق ، وطوال الليل بلا علف ، حينا يعاني نزع الروح وحينا يعاني الهلاك .- وأخذ الحمار يذكر طوال الليل قائلا : يا الله ، لقد صرفت النظر عن الشعير فجد بقبضة من التبن .- وبلسان الحال أخذ يقول : أيها الشيوخ ، الرحمة ، فلقد هلكت من هذا الساذج الهازل .- وذلك الذي رآه ذلك الحمار من الألم والعذاب ، يراه الطائر المنزلى من السيل العباب ! ! 240 - ثم رقد على جنبه تلك الليلة حتى الفجر ، ذلك الحمار المسكين ، من الجوع الشديد « 1 »- وطلع النهار ، فأتى الخادم في الصباح وسريعا وضع السرج على ظهره .- ووخزه وخزتين أو ثلاثا مثلما يفعل باعة الحمر ، وفعل مع الحمار ما يليق بالكلب .- وبرطع الحمار من حدة الوخز ، وأين اللسان لكي يشرح الحمار أحواله ؟ ! ظن أهل القافلة أن دابة الصوفي مريضة
- وعندما ركب الصوفي واتخذ طريقه ، أخذت ( الدابة ) تسقط في كل لحظة...............................................................( 1 ) ج / 3 - 191 : أخذ يئن من فراق التبن والشعير ، ثملا من الشوق إليهما . وهكذا من المحنة والألم والحرقة أخذ يطلق الأهات طوال الليل حتى طلوع النهار . « 45 » 245 - وكان الناس يرفعونها ، وظنوا بأجمعهم أنها مريضة .- كان أحدهم يشد أذنيها بشدة ، وكان آخر يبحث فيما بين فكيها وتحت لسانها .- وكان أحدهم يبحث في حدوتها عن حصاة ، وكان آخر يبحث في عينها عن بقعة .- ثم أخذوا يقولون : يا شيخ ما سبب هذا ؟ ألم تكن تقول بالأمس الشكر لله ، فهذا الحمار قوى .- قال : ذلك الحمار الذي كان قوته في الليل حوقلات ، لا يستطيع السير إلا على هذا النمط . 250 - ولما كان قوت الحمار في الليل من الحوقلات ، فلا شك أنه يسبح طوال الليل ، ويقضى يومه في سجود « 1 »- وأغلب الناس من أكلة لحوم البشر ، فقلل انتظار الأمان حتى من ( مجرد ) سلامهم .- وقلوبهم جميعا منازل للشيطان ، فقلل من قبول الوسوسة من شياطين الإنس .- وكلّ من يسمع من نفثة الشيطان الحوقلة ، يكون مثل ذلك الحمار يكب على رأسه- وكل من يتجرع في الدنيا خداع الشيطان ، ويتجرعه أيضا من العدو المتظاهر بالصدارة المرائي ، 255 - وفي طريق الإسلام وعلى جسر الصراط ، يكب على رأسه مثل ذلك الحمار متخبطا ................................................................( 1 ) ج / 3 - 199 : - وإذا لم يكن أحد ممتحنا من همك ، فينبغي لك القيام بكل أمرك « 46 » - فلا تستمع إلى إغواءات صديق السوء ، حذار ، وأنظر إلى الشبكة ولا تمش على الأرض آمنا .- وانظر إلى مائة الف إبليس يحوقلون ، فيا آدم ، أنظر إلى إبليس ( داخل ) الحية ! ! - يفح قائلا لك : يا حبيبي ، ويا صديقي ، حتى يسلخ عن ( هذا المسمى ) صديقا الجلد كالقصاب .- ينفث حتى يسلخ جلدك ، وويل لذلك الذي يذوق الأفيون من ( أيدي ) الأعداء . 260 - يضع قدمه على رأسك وكأنه القصاب ، وينفث حتى يسفك دمك بغلظة وشدة .- وكالأسد ، قم بصيدك بنفسك ، واترك إغواء القريب والبعيد .- واعلم أن رعاية الأخساء من قبل رعاية ذلك الخادم ، والعزلة أفضل من إغواء الأخساء ! !- ولا تجعل لنفسك منزلا في أرض الناس ، وقم بالعمل لنفسك - ولا تقم بالعمل للغريب .- فمن هو الغريب ؟ إنه جسدك المخلوق من تراب ، وهو الذي يكون من أجله كل همك ! ! 265 - وما دمت تمد الجسد بالدسم والحلو ، فإنك لا ترى سمنة ( وصحة ) في جوهرك ! !- والجسد حتى وإن ربا بين المسك ، يفوح منه النتن ، في يوم الوفاة .- فلا تضمخ الجسد بالمسك ، بل ضمخ به القلب ، وما هو مسك ( القلب ) ؟ إنه اسم ذي الجلال الطاهر . « 47 » - وذلك المنافق يضمخ جسده بالمسك ، ويضع الروح في قاع المستوقد ! !- فاسم الحق على اللسّان ، وفي روحه ، أنواع العفن من فكره الذي لا إيمان فيه 270 - والذكر منه كخضرة فوق دمن ، كأنها ورد وسوسن على رأس مرحاض .- وذلك النبات في ذلك المكان على سبيل العارية ، فإن الموضع ( الحقيقي ) لذلك الورد المحفل ومجلس اللهو ! !- والطيبات إنما تتجه نحو الطيبين ، والخبيثات للخبيثين ، ألا فلتنتبه ! !- ولا تكن حقودا ، كأولئك الذين ضلوا من الحقد ، فقبور أولئك الذين أضلهم الحقد توضع إلى جوار قبور الحاقدين ! !- والجحيم هو أصل الحقد ، وحقدك ، وجزء من ذلك الكل ، وخصم لدينك . 275 - وما دمت جزءا من الجحيم فانتبه ، فإنما يقر قرار الجزء إلى جوار ( كله )- والمر يقينا يلحق بمن فيهم هذه الصفة ، ومتى يكون نفس الباطل قرينا للحق ؟- وإن كنت جزءا من الجنة يا ذائع الصيت ، فان سروروك وعيشك يكون ثابتا في الجنة .- ويا أيها الأخ إنك أنت نفس ما لديك من فكر ، وما بقي منك عظام وعروق .- فإن كان فكرك وردا ، فأنت روضة ، وإن كان شوكا ، فأنت مستوقد . 280 - وإن كنت ماء ورد فإنما تعطر بك الجيوب ، وإن كنت كالبول فإنهم يلقون بك بعيدا .- وانظر إلى صناديق العطارين ، فإن كل بضاعة توضع إلى جوار جنسها ! !- ثم إن البضائع قد اختلطت ببعضها ، ومن هذا التجانس ، إنبتقت زينة تسر الناظرين . « 48 » - حتى وإن إمتزج العود والسكر عنده ، فإنه يستطيع أن يفصل كل واحد منهما عن الآخر ! !- لقد انكسرت الصناديق ، وسالت الأرواح ، واختلط الصالح والطالح كل منهما مع الآخر « 1 » 285 - وأرسل الله تعالى الأنبياء بالكتب ، حتى يوضع كل صنف من هذه الحبوب في طبقه « 2 »- ومن قبلهم كنا جميعا بأجا واحدا ، ولم يكن أحد يعلم أخيارا كنا أو أشرارا- وكان الزائف والصحيح كلاهما يمضيان في الدنيا ، فقد كان الليل سائدا مدلهما ، ونحن كالسراة فيه .- حتى أشرقت شمس الأنبياء ، وقالت : أيها الزائف ابتعد ، وأيها الخالص الصحيح تعال .- والعين تستطيع أن تفرق بين الألوان ، والعين تستطيع أن تميز بين الياقوت والحجر . 290 - والعين تستطيع أن تميز بين الجوهر والقذى ، ومن هنا فإن القذى يؤذي العين بوخزه .- وهؤلاء الزائفون أعداء للنهار ، وأنواع الذهب في المناجم عشاق للنهار .- ذلك أن النهار هو مرآة التعريف ، وذلك لكي يلقى الذهب الأشرفي التشريف .- ومن هنا فإن الحق جعل القيامة يوما " نهارا " ، فالنهار هو الذي يبدي جمال الأصفر والأخضر ................................................................( 1 ) ج / 3 - 200 : - ولقد أرسل الحق الأنبياء من أجل هذا ، حتى يفصل فيهم بين الكفر والدين .( 2 ) ج / 3 - 200 : والمؤمن والكافر والمسلم واليهودي ، كانوا يبدون من قبلهم على نمط واحد . « 49 » - ومن ثم إن النهار في الحقيقة هو سر الأولياء ، والنهار أمام " وجوههم " القمرية كأنه الظلال . 295 - فاعلم أن النهار هو انعكاس أسرار رجال الحق ، وانعكاس سترهم هو الليل الذي يغمض العيون .- ومن هنا قال الله :وَالضُّحى، والضحى هو نور ضمير المصطفى ! !- ومن قائل أن هذا الضحى هو مطلب الحبيب ، ذلك أنه كان إنعكاسا لنوره .- وإلا فإن القسم بالفاني لا يصح ، والفناء في حد ذاته أية جدارة له بأن يتحدث عن الله ؟ !- وإن كان الخليل قد قاللا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، فكيف يطلب الله سبحانه وتعالى شيئا فانيا ؟ 300 - لقد قال ذلك الخليل : لا أحب الآفلين ، فمتى يقسم بالفاني الرب الجليل ؟ !- ثم إن وَاللَّيْلِ هي ستره ، على جسده ذاك المصاب بالصدأ- وعندما أشرقت شمسه من ذاك الفلك ، قال لليل الجسد : انتبه . . .ما وَدَّعَكَ.- ووجد الوصل من عين البلاء ، ومن حلاوته نزلتما قَلى- وكل عبارة في حد ذاتها علامة على حال ، والحال بمثابة اليد ، والعبارة كالآلة . 305 - وآلة الصائغ في يد الحذاء ، تكون كبذرة تزرع في أرض رملية .- وآلة الإسكاف عند الزارع ، تكون كوضع القش أمام الكلب والعظام أمام الحمار .- لقد كانت " أنا الحق " نورا بين شفتي المنصور ، وكانت " أنا الله " من شفتي فرعون زورا وبهتانا . « 50 » - ولقد كانت العصا في يد موسى دليلا ، وكانت في كف الساحر هباء منثورا .- ومن هنا فإن عيسى عليه السلام ، " لم يكن يريد " أن يعلم رفيق الطريق اسم الحي الصمد . 310 - لأنه لا يعلم ، ويعيب على الآلة ، وأنت إن ضربت حجرا بمدر ، متى تشتعل النار ؟ .- واليد والآلة مثيلان للحجر والحديد ، ينبغي أن يقترنا ، ومن أجل الميلاد ، ينبغي أن يكون هناك زوج وزوجة .- وذلك الذي جل عن الزوج والآلة هو الواحد الأحد ، وفي العدد شك ، وهذا الواحد لا ريب فيه .- وأولئك الذين قالوا بالاثنين والثلاثة وما فوق ذلك ، متفقون يقينا على الواحد .- وعندما يستبعد الحول ، يصيرون على نسق واحد ، ويصبح القائلون بالاثنين والثلاثة قائلين بالواحد . 315 - وإن كنت في ميدانه " كرة " قائلة بالواحد ، فإنما يثار الغبار في الميدان " بك " من صولجانه .- وتصبح الكرة آنذاك مستوية مبرأة من النقصان ، كما أنها تصبح راقصة من ضربة المليك .- واستمع إلى " هذه المعاني " أيها الأحول بوعيك ، وعالج عينيك عن طريق الأذن . « 51 » - ومن ثم فالكلام الطاهر في القلوب العمياء لا يستقر ، بل يمضي إلى أصل النور .- ووسوسة الشيطان تلك في القلوب المعوجة ، تمضي وكأنها النعل المعوجة في قدم معوجة . 320 - وحتى إن قمت ( بتعلم ) الحكمة عن طريق التكرار ، ما دمت لست من أهلها ، فإنها تفر منك .- حتى وإن كتبتها ودللت عليها ، أو ثرثرت بها ، وأخذت تبينها .- فإنها تحجب وجهها عنك يا شديد العناد ، وتحطم القيود ، وتفر منك .- وإن لم تقرأ ، لكنه يرى حرقتك ، يكون العلم هو الطائر المدرب على يديك .- وهو لا يستقر عند كل من لا يكون ماهرا في صنعته ، ويكون كأنه الطالووس في منزل القروي . عثور الملك على الصقر في منزل عجوز طاعن في السن
325 - ليس الدين هو ذلك البازي الذي هرب من الملك ، إلى تلك العجوز التي نتخل الدقيق .- حتى تطبخ عصيدة لأولادها ، فرأت ذلك الصقر الجميل الأصيل .- فقيدت سويقيه ، وقصقصت جناحه ، وقلمت أظافره ، ووضعت القش أمامه قوتا .- وقالت : إن أولئك الأخساء لم يقوموا برعايتك كما ينبغي ، فطال جناحك زيادة عن الحد ، وطالت أظافرك .- ويد كل خسيس تصيبك بالمرض ، فتعال إلى أمك ، كي تقوم برعايتك .« 52 » 330 - واعلم أن حب الجاهل يكون على هذا النسق أيها الرفيق ، فالجاهل يمشي معوجا دائما في الطريق .- وذات يوم تأخر الملك في البحث عنه ، حتى وصل إلى منزل تلك العجوز ومخيمها .- فرأى الصقر فجأة بين العناء والهم ، فأجهش عليه بالبكاء وناح .- وقال له : مهما كان هذا الجزاء فهو من فعل يدك ، لأنك لم تكن صادق الوفاء لنا ،- فكيف تهرب من جنة الخلد إلى الجحيم ، غافلا عن "لا يَسْتَوِي أَصْحابُالجنة وأصحاب النار " ؟ ! 335 - وهذا جزاء من يهرب من الملك العزيز ، حائرا نحو منزل امرأة عجوز. «1»- وأخذ الصقر يحك يد الملك بجناحه ، ويقول بلا لسان : لقد أذنبت .- ومن ثم فأين يتضرع ويئن اللئيم ، إن لم تكن قابلا إلا الطيب أيها الكريم ؟ ! « 2 » - وإن لطف المليك ليجعل من الروح باحثة عن الذنب ، ذلك لأن المليك يجعل كل قبيح جميلا .- فامض ، ولا ترتكب الإثم ، فإنه حتى حسناتنا تبدو قبيحة أمام فاتتنا . 340 - ولقد رفعت لواء العصيان ، ذلك أنك ظننت أن لعبادتك أجرا ................................................................( 1 ) ج / 3 - 230 : - هي عجوز نتنة هذه الدنيا الدنية ، وكل من مال إليها ذليل غبي . - فالدنيا جاهلة وعابدة للجاهل ، والعاقل هو من نجا من تلك الجاهلة . - وكل من يكون نجيا للجاهل ، يحبق به ما حاق بذلك الصقر .( 2 ) ج / 3 - 230 : - وأين يضع رأسه الظلوم الخجل ، إلا على عتبتك أيها الغفور ؟ « 53 » - وعندما أذن لك بالذكر والدعاء ، امتلأ قلبك بالغرور من هذا الدعاء .- ورأيت نفسك أيضا متحدثا مع الله ، وما أكثر الذين أبعدوا من جراء هذا الظن .- والملك حتى وإن جلس معك على الأرض ، اعرف " قدر " نفسك ، واجلس بأدب أكثر .- قال البازي : أيها الملك ، لقد ندمت ، وتبت ، ودخلت من جديد في الإسلام 345 - وذلك الذي أصبته بالسكر وصار صيادا للأسود ، إن مشى متمايلا من السكر ، فالتمس له العذر .- وإن كنت قد فقدت المخالب وأنت لي ، فإنني أقتلع لواء الشمس ! !- وإن كان قد ذهب عني الجناح ، وتلطفت علي ، فإن الفلك نفسه ينقل عني في ممارسته لفنون الصقور .- وإن تهبني شرف خدمتك ، أحطم الجبل ، وإن وهبتني قلم " السلطة " أحطم الأعلام .- وإن جسدي في النهاية ليس أضعف من جسد البعوضة ، فإنني بجناحي أزيل ملكا " كملك " النمرود . 350 - فاعتبر أنني في ضعفي كطير الأبابيل ، واعتبر أن كل خصم بمثابة الفيل- فإنني ألقي حصاة " بحجم " البندقة ، بندقة محرقة ، والبندقة في فعلي كمائة منجنيق .- وحصاتي - وإن كانت كحبة الحمص ، لا تتبقى منها في الهيجاء رأس ولا خوذة .- لقد أتى موسى إلى الوغى بعصا واحدة ، وهاجم بها فرعون ذاك وسيوفه « 54 » - وكل رسول قرع هذا الباب بمفرده ، وصمد بمفرده أمام كل الآفاق . 355 - ونوح ، عندما طلب منه سيفا ، صار منه موج الطوفان في طبع السيف .- ويا أحمد ، ما ذا تكون جيوش الأرض " أمامك " ؟ ، أنظر إلى القمر فوق الفلك ، وشق جبينه .- حتى تعلم " كواكب " السعد والنحس الغافلة ، أن النوبة نوبتك ، وليست نوبة القمر ! !- النوبة نوبتك ، ذلك أن موسى الكليم ، كان يرجو دائما أن يكون من أمتك .- وذلك لأنه رأى عز نوبتك ، وأن صبح التجلي كان ينبثق منها . 360 - فقال : يا رب ، يا له من عهد للرحمة ! ! ، لقد فاقت حدود الرحمة ، إنها رؤية ! !- فأغرق موسى الذات في البحار ، ثم استخرجه منها إبان نوبة أحمد .- قال : يا موسى ، لقد أبديت لك هذا الأمر ، وفتحت لك طريق الخلوة .- فأنت في هذه النوبة بعيد عن تلك النوبة أيها الكليم ، فاضمم ساقيك ، فهذا الكليم طويل عليك .- وأنا كريم ، أبدي الخبز لعبدي ، حتى ليغلبه البكاء طمعا فيه . 365 - والأم تحك أنف طفلها ، لكي يستيقظ ، ويطلب الطعام .- لأنه قد نام جائعا غافلا ، وهذان الثديان يشعران بالوخز ، من أجل إدرار اللبن له .- " كنت كنزا رحمة مخفية ، فانبعثت أمة مهدية " « 1 »...............................................................( 1 ) بالعربية في المتن ..
يتبع