منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 6:38 pm

مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

مقدمة المترجم والمحقق على مدونة عبدالله المسافر بالله

مقدمة المترجم المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مقدمة المترجم والمحقق ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الكتاب الرابع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدمة [ المترجم ]

الإنسان ذلك العالم الكبيرأتزعم أنك جرم صغير * وفيك انطوي العالم الأكبروأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر( بيتان منسوبان إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ) .

1 - يعتبر الإنسان بمعناه « الأشمل الأعم » ثم بما اصطلح علي تسميته « بالإنسان الكامل » القاسم المشترك الأعظم في كل أعمال المتصوفة المسلمين ، فهو في تساميه وضعفه ، وعلوه وسقوطه ، وانصرافه إلى الملأ الأعلى وانصرافه عنه ، وطهره ودنسه الميدان الرحب الواسع الذي تدور حوله التجربة الصوفية ، يكون في بعض الأحيان الأكثر حضورا ، فالمعبود دائم ، لكن تجلي العبادة لا يكون إلا بوجود العابد ، وتبدو العلاقة في بعض الأحيان علاقة ذات خصوصية بحيث يكاد يحس الإنسان أنه مخلوق الهي أو شبة الهي ، ويفني عن ذاته تماما فينطق كما نطق أبو اليزيد البسطامي « سبحانى ما أعظم شاني » وينطق « ما في الجبة إلا الله « 1 » » .

..............................................................

( 1 ) انظر تفسير مولانا لهذه الشطحيات في الأبيات 2102 - 2145 من الكتاب الذي بين أيدينا .

 
« 4 »

 
والواقع أن هذا الحضور الدائم لله في الإنسان هو الذي يعطي الجدلية الصوفية في بعض الأحيان بعض الغرابة والذي أوقعها كما سنري - في تناقضات عديدة مع كثير من المشارب والنحل الإسلامية الأخرى ، وجعلها تجربة شديدة الخصوصية بمصطلحاتها ومادتها .

ولعلنا نغفل كثيرا من جوانب الفكر الصوفي إذا قلنا أن هذا الفكر ينشغل فحسب بهذه العلاقة بين الإنسان والله أو المخلوق والخالق بشكل انتزاعي وأنه لا يأبه بحياة الإنسان في جحيم الأرض ويشغله بقضية فوق طاقته تستنزف منه الجهد والطاقة وتصرفه عن تنمية نفسه « وبلده » وتلقي به في أمور غريبة لا تفضي إلى نتيجة ولا تؤدي إلى ثمرة ، والذي ينظر هذه النظرة إنما ينظر إلى الفكر الصوفي أو بمعني أصح إلي التصرف في عصور ضعفة وانحطاطه « وقد أصابه ما أصاب الإسلام ككل من سوء فهم وانحدار فكري وتحميل لفهم الآخرين أو لتفهيم الآخرين لنا أصولنا الثقافية » ، فإن أساس التربية الصوفية ، وتشكيل الشخصية وتنميتها وصقلها وتقويتها على أسس سليمة قائمة على جعل هذا الإنسان الغارق في الطين ، المخلوق من الحمأ المسنون ، إنسانا أعلى كاملا جديرا بالنفخة الإلهية التي نفخت في آدم وورثها هو وأصبح مسؤولا عنها . . كل التربية الصوفية والأخلاق الصوفية تجعل جل همها محو آثار هذا الطين وتجلية الروح « النفخة الإلهية » ورد الإنسان إلى أصله « مخلوقا إلهيا » لا هو بالمتدني ولا بالوضيع ولا بالجبان ولا بالهلوع ولا جاعلا الطين منتهي همه ومبلغ علمه مع ما يمكن أن يصل إليه هذا الاهتمام « بالطين » وإعطاء الظهر تماما للنفخة الإلهية من أن يتحول « الإنسان » ذلك المخلوق الإلهي إلي دابة هملاء أو سبع ضار « 1 » . وما يؤدي إليه هذا

..............................................................

( 1 ) أنظر الكتاب الذي بين أيدينا الأبيات 1454 - 1490 .

 
« 5 »

 
 
الاهتمام المتزايد بتربية « الطين » وجمع « القمامة » أي تحويل هذا العالم الذي نعيش فيه إلى غابة بكل ما في الغابة من مساوى ، بل وأسوأ ، لأن التكاثر هنا والتطاحن موجه بعقل جزئي لا يرى أبعد من مواطئ القدم ، فلا يكون هناك سوى « الجسد » ومطالبه فإذا شبع انطلق إلى الشذوذ في الفكر والمسلك وجر المجتمع من بعده إلى حمأة من الرذيلة لا نهاية لها « 2 » .

ليس ميدان الفكر الصوفي إذن كما يقال هو الغيبيات - فهكذا أفهمنا - فإن المخلوق الذي فيه نفخة من الإله ، وكان مقره الجنة ، ثم نزل إلى الأرض منفاه وغربته ، لابد وأن يعمل من أجل أن يكون جديرا بالعودة إلى أصله . . .

ومن ثم فالفكر الصوفي - وبخاصة في تجليه عند جلال الدين - هو فكر سيادة الإنسان الذي لا بد وأن يرتفع عن التناقض الشديد الذي يعذبه ويبسط ظلا من الحيرة والصراع عليه طوال حياته ، ذلك التناقض الذي عبر عنه مجد الدين سنائي بقوله :

ماذا أفعل بالروح وأنا من الطين .

وماذا أفعل بالجسد وأنا من عليين . « 3 » وعبر عنه حافظ بقوله :

لا أدري من يوجد بداخلي أنا المعذب فأنا صامت وهو في صراخ وعويل . « 4 » بل وعبر عنه قبلهما الصوفي العظيم أبو سعيد بن أبي الخير ( المتوفي سنة 440 ه - ) بقوله . . . « أحيانا أكون كالملاك ملازما للعبودية وأحيانا كالحيوان أحيا على الطعام

..............................................................

( 2 ) أنظر الكتاب الثالث الأبيات 2660 - 2700 وشروحها حيث يقدم بيانا عن أنهيار الحضارات .

( 3 ) سنائى ديوان ص 385 .

( 4 ) جامع نسخ حافظ غ 82 ص 63

 
« 6 »

 
والنوم وأحيانا كالوحوش أمزق . . . سبحان الله ما هذا التفرق وهذه الحيرة » وعبر عنه الصوفي العظيم نجم الدين كبرى ( المتوفي شهيدا في غزوة المغول 618 ) بقوله « في داخلي شيطان ، لا يخفى على . . وقطع رأسه ليس أمرا سهلا . . لقنته الإيمان ألف مرة .

ولم يدخل في الإسلام » هذه الحيرة التي يعبر عنها مولانا جلال الدين الرومي أجمل تعبير وأروعه وخاصة في ديوانه الأكبر « ديوان شمس الدين التبريزي » :

أنا الشيخ . . . أنا الشاب . . . أنا السهم . . . أنا القوس . .

أنا الدولة الخالدة : ألست أنا أنا . . . بل أنا أنا .

أنا سروة في بستان . . أنا روح في بدن . . . أنا نطقه في الفم . .

ألست أنا أنا . . بل أنا أنا أنا في دهشة من هذه الواقعة . . أنا في وعيي . . وفي غير وعيي أنا ناطق صامت . . أنا نوح مسكت من ذلك اللون . . لماذا أنا بلا لون وأي تشبث لي بتلك الجدائل أنا الرئيس ، أنا الإقبال معا .

أنا الملك ، أنا العرش معا .

أنا المحنة والإقبال ، أنا الداء والدواء أنا الدم واللبن ، أنا الطفل وأنا الشيخ أنا التابع والأمير ، أنا هذا وأنا ذاك أنا « شمس » ناثر السكر وأنا مدينة تبريز

 
« 7 »

 
أنا الساقي وأنا الثمل . . . أنا المشهور المغمور « 1 » لا أنا بالثمل . . ولا أنا بالمفيق ولا أنا بالنائم ولا باليقظ ولا أنا مع الحبيب . . ولا أنا بدونه . . ولا أنا بالمحزون ، ولا أنا بالمسرور . . .

ولو أني أستريح لحظة . . فإن نفسي لا تستريح بل أني أستريح . . إن لم أسترح لحظة .

. . . .

هناك جذبات في روحي من يجذبني أنا أعلمه أريد أن أستريح لحظة . . لكن هذا ليس في الإمكان .

إنه يصيبني بالجنون في كل يوم .

ثم يخرجني منه مرة ثانية فأنأ ألعوبة في يده ، ومن لعبه هذا أنا في حيرة أنا كأس يدار به أنا كأس يصب الدم أنا خمر يغلي حينا ، وأحيانا يضحي بي ثمل « 2 » في هذا الجهاد الأكبر « جهاد النفس » يرى المفكر الصوفي أو المرشد الصوفي أو الجامع بينهما مثل مولانا جلال

..............................................................

( 1 ) عن خط سوم ناصر الدين صاحب الزماني - تهران 1351 - ص ص 404 - 406

( 2 ) عن صاحب الأماني 406 - 408

 
« 8 »

 
الدين أن مسئوليته الأولي تجاه البشر أن يأخذ بأيديهم في هذه المعركة ويوصلهم إلى بر الأمان ، ففي مثل هذه المعركة التي تجري داخل الدم ، ولا تهدأ ، ولا هدنة فيها ، يقف العدو « النفس - الشيطان - الهوى - مغريات الدنيا - الهوس » - بالمرصاد ومن ثم لا بد للمقاتل من مرشد ومن أستاذ ( التدقيق على لزوم المرشد يتردد كثيرا في كل أجزاء المثنوي « 1 » ) وهذه سمة مهمة جدا من سمات عرفان مولانا جلال الدين : أنه مضاد تماما لتصوف الزهد والانسحاب أنه إن شئنا الدقة : تصوف الصراع والمواجهة والقتال ، ومن هنا تشيع روح « الحنو » علي البشر والنظر بعين الإشفاق بل وأحيانا الفهم إلى ألوان ضعفهم . .

فهي لازمة جدا في المعركة . . فلا معنى لعفة بلا إغراء . . ولا معنى لأي ارتفاع عن مغريات الدنيا إلا إذا كانت هذه المغريات موجودة بالفعل . . عرفان مولانا جلال الدين إذن عرفان ينزل إلى خضم الحياة . . ينازلها ويصارعها ويقف أمامها وجها لوجه :

- وعندما لا يكون عدو فالجهاد محال ، وإن لم تكن شهوة لا يكون هناك امتثال .

- ولا يكون صبر عندما لا يكون لديك ميل ، وعندما لا يوجد خصم ما الحاجة إلى قيامك بالاحتيال .

- انتبه ولا تجعل نفسك خصيا . . ولا تصر راهبا ، ذلك أن العفة رهينة بوجود الشهوة .

- ولا يمكن النهي عن الهوى إن لم يوجد هوى ، ولا يمكن القيام بالغزو ضد الموتى .

..............................................................

( 1 ) أنظر : الأبيات 1774 - 1777 من الكتاب الثالث .

 
« 9 »

 
- لقد قال « انفقوا » إذن فاكسبوا أولا . . ذلك أنه لا نفقه دون أن يسبقها دخل .

- وكذلك عندما قال اصبروا ، ينبغي أن تكون هناك رغبة حتى تشيح عنها بالوجه « 1 » .

ليس صراع الإنسان إذن في مقابل الأهواء ، وسعيه الحثيث نحو العودة إلى أصلة قائما على تجاهل هذه الرغبات والأهواء ، أو نفيها ، بل على مقاومتها مقاومة شديدة ، فالهروب هنا ليس يجدى ، وكيف يفر الإنسان من نفسه التي بين جنبيه ، ومن شيطان يجري منه مجرى الدم يقول مولانا :

فلأهرب . . ما دام فيّ عرق ينبض .

ومتى يكون الهرب من الذات أمرا يسيرا .

فلا هو أمن في الهند ولا أمن في ختن .

ذلك الذي يكون خصمة نفسه التي بين جنبيه « 2 » .

الهدف إذن من كل التجربة الصوفية عند مولانا هو « سيادة الإنسان » أن يكون بالفعل سيدا على الأكوان كما خلق في الأصل . . ليس الإنسان إذن كما يقول الخيام . . ذرة تراب توحدت بالأرض . . أو قطرة ماء وامتزجت بالمحيط . .

ومجيئه إلي العالم مجئ ذبابة . . ظهرت ثم اختفت . . لا . . فماذا يكون الإنسان إذن كما عبر عنه مولانا جلال اللدين ؟ ! عليه أولا أن يعرف أصله وخلقه فهذه المعرفة هي الخطوة الأولى في معركته نحو التسامي إلى الأعلى .

2 - أ - يقول الحكماء إن الإنسان هو العالم الصغير ، وأن العالم هو الإنسان الكبير . . لكن مولانا جلال الدين جاء وعكس الآية ، ذلك أنه لا يمكن أن يوجد هناك في الخليقة ما هو أعظم من الإنسان :

..............................................................

( 1 ) مثنوى ، الكتاب الخامس ، الأبيات : 575 - 581 .

( 2 ) عن صاحب الزماني 416 .



« 10 »



- إذن فأنت في الصورة العالم الأصغر ، وأنت في المعني العالم الأكبر .

- وفي الظاهر يكون ذلك الغصن أصلا للثمرة ، لكن الفرع في الحقيقة من أجل الثمرة .

- فإن لم يكن الميل إلى الثمر والأمل فيه ، متى كان البستاني يغرس جذور الشجر ؟

- ومن ثم فإن ذلك الشجر على سبيل المعنى ولد من الثمر ، وإن كان الثمر قد ولد منه على سبيل الصورة « 1 » الإنسان إذن هو : أول الفكر وآخر العمل ، هو المقصود من خلقة الكون ذلك المفتقر إلى المعونة والعون ( في تعبير لسنائي الغزذوي ) وليست المقصودة بالعظمة والعمق تلك البضعة المحدودة من العظام أو ذلك الوجود الإنساني بل هو تلك العوالم المضمرة « أو بتعبير في شعر منسوب للإمام علي رضي الله عنه مطوبة » .

الحذر أيها المؤمنون فإن هذا العرق ( أي عرق الفلسفة والغرور ) كامن فيكم كما أن بكم عوالم كثيرة لا تحد « 2 » .

نعم : في تلك البضعة من العظام التي يسعها متر من الأرض عوالم وبحار وقارات . . يعايش المرء نفسه سنوات طويلة دون أن يستطيع مواجهتها . . . ويوما بعد يوم . . قد تدفعه الحياة أو الحب أو البغض أو ما إلى ذلك إلى اكتشاف تلك النفس ذات الطبقات ( أو ذات السبعين طبقة بتعبير لمولانا ) أو بتعبير آخر :

أصمت وانظر إلى أعماق البحار لقد جعل الحق البحر مسخرا للإنسان .

فكل ما في الكون على عظمته مسخر للإنسانوَسَخَّرَ لَكُمْ. . .ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً. .

..............................................................

( 1 ) الكتاب الرابع أبيات 521 - 524 .

( 2 ) الكتاب الأول بيت . 328 .



« 11 »

 
نعم يستطيع الإنسان كلما تعمق في أمر ما أن يجعل لنفسه عوالم جديدة من هذا الموضوع . . ليس تسخير العالم بمعناه المادي هنا بل تسخير العالم معناه أنه يخلق عوالم متشابهة داخل ذاته وداخل وعيه « 1 » . وبالعودة إلى قصة بهلول في الكتاب الثالث ( أبيات 1886 - 1888 ) :

- قال بهلول لأحد الدراويش . . كيف أنت أيها الدرويش ، اجعلني واقفا على أحوالك .

- فأجاب : كيف يكون من تسير الدنيا وأمورها دوما وفق هواه ؟

- تتدفق السيول والأنهار وفق مراده ، وتصير الكواكب على النسق الذي يريدها أن تكون عليه .

- والحياة والموت حراس له ، يسيران وفق مراده حيا بحي .

( ب ) وليس هذه العظمة موجودة في الإنسان في حد ذاته ، بل لأنه خليفة الله في الأرض ، إنه ممثل للوجود الإلهى على الأرض :

إن الدنيا هي نفس ذلك الشخص والباقون كلهم أتباع وطفيليون أيها الأخ « 2 » . ويتكرر عند مولانا تعبير يا ابن الخليفة ( انظر على سبيل المثال لا الحصر الكتاب الثالث ابن العظيم الأبيات 3652 وما بعدها ) :

- ويا أبناء الخليفة اعدلوا ، واحزموا أمركم من أجل اليوم الموعود .

- وجروا ذلك العدو الذي انتقم من أبيكم نحو السجن من عليين .

- أن ذلك الحسود اختطف من أمنا وأبينا التاج والزينة بسرعة وحذق « 3 » نعم جرعة الحسن الإلهى هي التي جعلت من الإنسان ذلك الخليفة :

..............................................................

( 1 ) جعفري - تفسير ونقد وتحليل مثنوي ج - 2 ص 664 طبعه 11 شتاء 1366 ه - . ش

( 2 ) من دفتر 1 نسخة جعفري ج - 2 / 355 وليست موجودة في بقية النسخ .

( 3 ) الكتاب الثالث أبيات 2849 - 2851

 
« 12 »

 
- لقد سكبت جرعة من هذا الكاس خفية على أرض التراب من كأس الكرام .

- وعلى الوجه والجدائل دليل من جرعته ، والملوك يلعقون التراب من جرائها .

- إن جرعة الحسن في هذا التراب الجميل ، هي التي تقبلها أنت ليل نهار بمائة قلب .

- والجرعة الممتزجة بالتراب إن كانت تصنع أمثال المجنون ، ماذا تفعل بك إن كانت صافية ( دون تراب ) ؟ ! - وكل امرئ ممزق الثياب ( وجدا أو ولها ) أمام قطعة من المدر ، فإن هذا المدر تجرع جرعة من الحسن .

- فجرعة على القمر والشمس والحمل ، وجرعة على العرش والكرسي وزحل .

- اتسميها جرعة ويا للعجب أو كيمياء ؟ ! فمن تأثيرها يوجد العديد من البهاء « 1 » الإنسان إذن هو الجزء من الكل . . وكل جزء طالب لكله ، لا يتم كماله إلا به والفراق عنه هو الموت ، وهو الذل ، لا يغرنك أنه يتحرك . . فحتي العضو المقطوع يتحرك حركة بسيطة ولفترة قليلة ثم لا يلبث أن يهمد :

- ذلك لأن الانتقال من العز إلى الذل ، كأنه قطع عضو من البدن .

- والعضو الذي يقطع من البدن يموت ، إنه يتحرك قليلا بعد بتره لكن ليس لفترة طويلة .

- وكل من شرب من كأس « ألست » في العام الفائت ، فإنه يحس هذا العام بالألم والخمار .

- وذلك الذي يكون في الأصل منسوبا إلي الحظيرة ، متي يكون لديه الحرص على السلطة « 2 » . لقد عزلت من العرش وليست معرفتك بأنك عزلت عن العرش هي الدافع للفخار بما مضى ، بل عد أولا إلى العرش

..............................................................

( 1 ) الكتاب الخامس الأبيات 372 - 379 .

( 2 ) الكتاب الخامس أبيات 827 - 831 .

 
« 13 »

 
ثم تفاخر آنذاك .

ج - ) كل ما هو موجود في العالم موجود في الإنسان ، وليس كل ما هو موجود في الإنسان موجود في العالم ، والفكرة لشمس الدين التبريزي :

« لا أقول لك صر إلها . . أنا لا أنطق كفرا . . انك آخر العناصر للنباتات والحيوانات والجمادات ولطافة جو الفلك ، فهي موجود داخل الإنسان ، وكل ما هو داخل الإنسان ، لا يوجد فيها . . أن هذه هي حقيقة العالم الأكبر . . . فما أعجبه من إنسان ذلك الذي يساوى الأقاليم السبعة وكل الوجود » ( عن صاحب الزماني ص 492 ) والتفصيل موجود عند ناصر خسرو القبادياني ( المتوفي 481 ) .

« ومن ثم نقول إن الشمس في العالم الكبير بمنزلة القلب من العالم الصغير أي الإنسان ، والقمر من العالم الكبير بمنزلة المخ من العالم الصغير ، والكواكب الخمسة السيارة من العالم الكبير الذي يسميه الحكماء الإنسان الكبير بمنزلة الحواس الخمسة من الإنسان الذي يسمونه العالم الصغير ، تقابل البصر والسمع والشم والتذوق واللمس عند الإنسان . . .

وقال حكماء الدين : إن تركيب الإنسان عالم صغير ، وقالوا : إن تركيب العالم الصغير في هذا العالم على مثال فهرس من كتاب كبير فكل ما يكون في هذا الكتاب ربما ظهر أثر منه في الفهرس ، وليس من اطلاع على كليات الأشياء إلا بالاستدلال من جزئياتها ، ولا يستطيع استنباط الاستدلالات العقلية إلا المتعلقين بالحبل الإلهي والمتمكنين علي مقعد الصدق والمتثبتين بمرصد الحق « 1 » . وتستمر الصورة بتفصيلات تصل في بعض الأحيان تجعل من شعر الإنسان مساويا للنبات وعظامه مساوية للجبال وهلم جرا .

..............................................................

( 1 ) جامع الحكمتين ناصر خسرو الترجمة العربية لإبراهيم الدسوقي شتا - دار نشر الثقافة بالقاهرة 1974 ص 177 وما بعدها .

 
« 14 »

 
وقد ورد هذا عند محمود الشبسترى في كلشن راز :

- كل ما يظهر في الحشر ، يبدو عليك عند النزع .

- فجسدك كالأرض ورأسك بمثابة السماء ، وحواسك الأنجم والشمس بمثابة الروح .

- والعظام كالجبل فهي شديدة ، ونبأتك هو الشعر وأطرافك هي الشجرة .

- وجسدك عند الموت من الندامة ، يتزلزل كالأرض يوم القيامة .

- ويضطرب الدماغ وتظلم الروح ، وتنطفئ حواسك وكأنها الأنجم .

- وتلتف معا الساق بالساق ، وكل أليف ينفصل عن أليفه .

- وعندما تنفصل الروح عن الجسد كلية ، تصبح أرضك قاعا صفصفا لا تري فيها عوجا ولا أمتا .

- والخلق دائما في خلق جديده ، وحتى وإن عاشوا العمر المديد « 1 » .

وبالطبع فإن ما يميز الإنسان هو هذه الروح الإلهية التي يعبر عنها بتعبيرات عديدة : فهي الروح وهي السر وهي القلب « الذي هو بين إصبعين من أصابع الرحمن » وهو موضع سر الله ، وموضع نظره ، وموضع حلوله . . وحركة الكون جبر وحركة الإنسان اختيار ( عن الجبر والاختيار انظر مقدمة الكتاب الخامس ) والإنسان هو المكلف بالأمانة . . كل هذه رؤوس موضوعات استفاض فيها مفكرو الصوفية وتناولها مولانا جلال الدين في أكثر من موضوع من موسوعتيه : المثنوي المعنوي والديوان الكبير أو ديوان شمس الدين التبريزي ، وكل قيمة الإنسان الحقيقة في هذه الروح :

..............................................................

( 1 ) عن رحلة الإنسان من الجنين إلي الجنان لقطب الدين عنقا الترجمة العربية لإبراهيم الدسوقي شتا ص 351 القاهرة دار الثقافة 1978 .

 
« 15 »



- ما أكثر تلك القنوات المختفية المتصلة هكذا بأرواحكم أيها الغافلون .

- ويا من استمددت من السماوات والأرضين المواد حتى صار جسدك سمينا .

- سرقت جسدك من أجزاء العالم . . وأخذته درجة درجة من هذا وذاك .

- فهل تطمئن أن ما أخذته بالمجان ، لن يسترده منك هذا وذاك ؟

- إن المتاع المسروق لا ثبات له ، لكنه يأتي باللص إلي المشنقة .

- أنها عارية فقلل تمسكك بها ، فإن كل ما أخذته ينبغي عليك أن تؤديه .

- اللهم إلا تلك النفخة التي جاءت من الوهاب ، فكن روحا فكل ما عداها عبث لا طائل من ورائه « 1 » .

الإنسان إذن ليس بجسده ولا بصورته ، ويقدم المثنوي نماذج مضحكة عن الادعاء ، وعن آفات الاغترار بالمظهر ، وعن المرشدين الكاذبين ومحترفي النفاج والادعاء وأروع ما تتجلى سخريته العميقة عند تناول هذه النماذج ويدق دائما علي أن وراء الظاهر باطنا ينبغي أن يطلب وحقيقة ينبغي أن يتحري عنها المرء :

- فالصورة كأنها اللباس وكأنها العصا ، وليس إلا بالعقل والروح تتحرك الصور « 2 » .

- فالإنسان في صورته فرع من فروع هذا الكون ، لكن فاعلم أنه بصفته أصل هذه الدنيا .

- إن ظاهره تؤدي به بعوضة إلي الدوار حول نفسه ، لكن باطنه محيط بالعوالم السبعة « 3 » ويقول في موضع آخر :

..............................................................

( 1 ) الكتاب السادس : الأبيات 3591 وما بعدها وهناك أبيات زائدة من نسخة جعفري 14 / 346 .

( 2 ) . 4 / 3727 .

( 3 ) كتاب 4 / أبيات 3766 - 3767 .

 
« 16 »

 
- إننا نشعر بألوان من الحب نحو هذا التراب ، لقد خلق في حال من أحوال الرضا .

- أحيانا نخلق منه مثل هذا الملك ، وأحيانا نجعل منه والها أمام الملك العظيم .

- وهناك مئات الآلاف من العشاق والمعشوقين ، هم منه في صراخ ونفير وسعي وبحث .

- إننا نعطي هذه الفضيلة للتراب ، لكي نجعله عطاء لمن لازاد لهم .

- ذلك لأن هذا التراب ذو ظاهر أغير ، لكن في الباطن ذو صفات نورانية .

- وقد اشتبك ظاهره مع باطنه في جدال ، فباطنه كالجوهر وظاهره كالحجر .

- يقول ظاهره : ها نحن فحسب ولا شي آخر ، فيقول باطنه انظر جيدا قدامك ووراءك .

- ظاهره منكر قائل إن الباطن لا شي قط ، فيقول باطنه انتظر حتى تبدي لك الأيام .

- إن ظاهره في عراك مع باطنه ، فلا شك أن الذي ينتصر منهما من له قدرة علي الصبر « 1 » .

فالإنسان إذا انتبه إلى باطنه ورحل دائما إليه ، وتتبعه وراقبه فإن شيئا من هذا الكون كله لن يصيبه بالدهشة ولن يحيره .

- والإنسان كالجبل فكيف يصير مفتونا ، وكيف يصير الجبل مندهشا من أجل حية ؟

- فالآدمي المسكين لم يعرف نفسه ، بدأ من الزيادة وأخذ في النقصان .

- وباع الإنسان نفسه رخيصة ، كان « أطلس » فخاط نفسه علي خرقة .

..............................................................

( 1 ) الكتاب الرابع من مثنوي مولانا جلال الدين الأبيات 1002 وما بعده .

 


 
« 17 »

 
 
- ومئات الآلاف من الحيات والجبال حائرة فيه فكيف صار هو مندهشا محبا للحيات ؟ « 1 » د ) كل ما يحيق بالإنسان إذن من هذا التنزل ، من جهله بقيمته وبذاته وبنفسه ، إن من يترك النفخة الإلهية لا يبقي له سوي الطين ، ومن يترك الماء العذب لا يجد أمامه سوي الماء المالح ، إنه مجرد كلب يجري خلف جيفة الدنيا ولا يشبع منها ، فإن كف عنها فترة لا يجد أمامه إلا مهاجمة خلق الله وإيذاءهم ، يستطيع الإنسان أن يختار لنفسه وأن يجد الجماعة التي ينتمي إليها ويكون جديرا بها .

- وكل نبات يلزمه حوض « خاص في هذا البستان » كل هذا النبات فوما أو قبار .

- وكل واحد من جنسه في حوضه الخاص به ، يشرب الطل من أجل أن ينمو وينضج .

- فإن كنت في حوض الزعفران فكن زعفران ولا تختلط بالآخرين .

- واشرب الماء أيها الزعفران حتى تنضج ، وتبلغ مرحلة أن تكون زعفران في تلك الحلوي .

- ولا تمدن فمك في حوض اللفت ، حتى لا يصير هو شريكا لك في الطبع والمذهب .

- لقد وضعت في حوض ووضع هو في حوض آخر ، وذلك لأن « أرض الله واسعة » .

- ففي ذلك البحر والصحراء والجبال ، تتقطع الأوهام وينقطع الخيال .

..............................................................

( 1 ) الكتاب الثالث من مثنوي مولانا جلال الدين الأبيات 999 - 1002 .

 
« 18 »

 
- والماء الساكن الذي تكون حركته من الداخل ، أكثر عذوبة ونضارة من المياه الجارية « 1 » .

الزم إذن نفسك ، تتبعها فيما تنزع إليه ، وانظر إلي نفسك من تكون : أأنت موسي أو فرعون فموسي وفرعون في داخلك كلها نقد لحالك أنت ، وإن كان مولانا يتحدث عن موسي وفرعون فإنما يتحدث عن الناس أنفسهم الموجودين في كل قرن :

- لقد صار ذكر موسي قيدا علي الخواطر ، فكم من قائل : ما لنا نحن وهذه الحكايات القديمة ؟

- إن ذكر موسي هنا مجرد دريئة ومجاب ، لكن ليكن لك منه وفرعون في وجودك ، وينبغي أن تبحث عن هذين الخصمين في داخلك .

- وهناك نتاج من موسي حتى القيامة ، وليس نورا آخر وإن تغير السراج .

- فهذا المشكاة وهذه الفتيلة من نوع آخر ، لكن نورها لم يتغير لأنه من تلك الناحية .

- وإذا نظرت في الزجاجة فإنك تضل ، ففي الزجاجة توجد الأعداد وتوجد الإثنينية .

- وإذا نظرت إلي النور تنجو من الإثنينية وإعداد الجسد المتناهي المحدود « 2 » .

أن الإنسان يستطيع أن يحدد موقفه في أي صف يكون أن تميز بحس « الرؤية » - ليست الرؤية التي يتميز بها كل مخلوق

..............................................................

( 1 ) الكتاب الرابع من مثنوي جلال الدين الأبيات 1083 - 1092 .

( 2 ) مثنوي مولا جلال الدين ج - 3 الأبيات 1252 – 1258



« 19 »

 
حي ، لكنها الرؤية الخاصة بالإنسان ، وليست رؤية هذه القطعة من الشحم ، لكنها رؤية تلك العين الموجودة في القلب ، وإلا فإن النملة التي تركز بصرها علي الحبة إنما تصرف هذا النظر عن البيدر كله :

- إن النملة تكون مرتعدة « شوقا » إلي الحبة ، بحيث تعمي عن البيادر العظيمة .

- إنها تجر هذه الحبة بحرص وخوف ، بحيث لا تري ذلك البيدر الكريم العطاء .

- ويقول صاحب البيدر : - هيايا من عماك صارت الأشياء معدومة .

- إن مبلغ رؤيتك من بيادرنا ، هو تلك الحبة إلي تعلقت فيها بروحك .

- ويا من أنت كالذرة في صورتك انظر إلي عطارد ، إنك نملة عرجاء ، فاذهب وأنظر إلي سليمان .

- إنك لست هذا الجسم ، إنه ما رأيته ، وتنجو من الجسم إن رأيت الروح .

- إن الإنسان هو الرؤية ، والباقي لحم وجلد ، وهو نفس ذلك الشئ الذي تراه عيناه .

- إن دنا واحدا ليغرق من القطر ، لو أن عين هذا الدن مفتوحة صوب البحر .

- وعندما تكون روح الدن متصلة بالبحر ، فإن ذلك الدن يزري بجيحون « 1 » .

الإنسان إذن بقدر ( رؤيته ) وفي موضع آخر يقول مولانا جلال الدين :

..............................................................

( 1 ) . 6 / 811 - 819 .

 
« 20 »

 
- أنك مجرد هذا الفكر . . . وما تبقي منك عظام وعروق .

هذه الرؤية ، وهذا الفكر ( المتصل بالأصل ) وبالبحر الكلي ، والعلم الذي هو ينجي الإنسان من كل أنواع الفرقة ، والخيال والوهم ، يجعله مجموعا متمركزا ليس موزعا علي مائة هوي ، محققا لذاته ولوجوده ، جديرا حقا بكونه إنسانا ، عارفا بطريقه ، ثابتا راسخا متمكنا ، ولا يكون مثل القشة التي تتقاذفها كل ريح .

- أن ذلك العقل يحمل كل صباح الدرس اليومي من اللوح المحفوظ وكأنه الملك .

- فانظر من العدم إلي كتابات بلا بنان ، ومن علمها تحير أرباب الشهوات .

- فصار كل إنسان مقلوبا مضحكا بالنسبة لخيال ، صار طلعة من اشتهاته لكنز ما .

- فمن خيال . . صار أحدهم ممتلئا بالعظمة ، متجها إلي مناجم الجبال .

- ومن خيال اتجه آخر بجهده المرير إلي البحر من أجل الدر . .

- ولأن تلك الخيالات كلها غير مؤتلفة ، فإنها عندما ظهرت صارت مختلفة .

- وعندما خبئت قبلة الروح عن الأنظار ، فإن كل جماعة اتجهت إلي ناحية ما « 1 » .

والحل هو التسليم والتوبة : التسليم لله ، ثم التسليم للمرشد بحيث يكون كالميت بين يدي الغسال ، ولا بد من الطلب ، فمن لج ولج ، ولزوم الباب كفيل بفتحه ، وإن لم تفكر فتأمل :

- فبدون برق القلب روشحات العينين ، كيف كانت تسكن نار التهديد والغضب ؟ .

..............................................................

( 1 ) . 5 / 317 - 325 .

 
« 21 »

 
- وكيف كانت تنمو خضرة ذوق الوصال ، أم كيف كانت تجيش العيون بالماء الزلال ؟

- وكيف كانت حديقة الورود تبوح بسرها للبستان ، أم كيف كان البنفسج يرتبط بالعهد مع الياسمين ؟

- وكيف كان شجر السنار يبسط أيديه في الدعاء ؟ ! أم كيف كانت أية شجرة تعلو برأسها في الهواء ؟ ! - وكيف كانت الراعم ذات الأكمام الحافلة بالنثار تنفض أكمامها أيام الربيع ؟ ! .

- ومتي كانت خدود الأقاحي تشتعل بلون الدماء ؟ ومتي كان الورد يبرز العسجد من أكياسه ؟

- ومتي كان البلبل يأتي ويشم عبير الورد ؟ ، ومتي كانت الفاختة تهتف « كوكو » كأنها تقول : أين ؟ ! أين ؟ ! .

- ومتي كان اللقلق يهتف بروحه « لك لك » وماذا تعني لك ؟ أنها تعني : لك الملك أيها المستعان .

- وكيف تظهر الأرض أسرار الضمير ؟ وكيف يغدو البستان منيرا كالسماء ؟

- ومن أين قد جاءوا بهاتيك الحلل ؟ إنها كلها من كريم رحيم .

- فهذا اللطائف كلها علامة للشاهد ، أنها آثار القدم ( يقتفيها ) الرجل العابد .

- وليس يسعد بالأثر إلا من رأي المليك ، أما من لم يره فليس له انتبهاه إلي ذلك .

- فروح ذلك الإنسان الذي في ساعة « ألست » رأي ربه ، وغدا ذاهلا ،



 
« 22 »

 
 
- هو الذي يعرف رائحة الخمر ، لأنه قد احتسي الخمر ، ومن لم يكن قد احتساها فإنه لا يعرف شذاها .

- ذلك لأن الحكمة مثل الناقة الضالة ، لكنها كالحادي ، دالة الملوك « 1 » .

وهكذا ففي كل أعمال الصوفية نلتقي بها التناقض البين الواضح للعيان بشأن الإنسان : فالإنسان هو كل شي وهو لا شئ .

1 - هناك من أمثال الحلاج وأبي اليزيد ، شطحوا عند الحديث عن هو يتهم في مقابل الإله وكانوا أكثر جرأة من الآخرين ، أحيانا جري علي لسان كل منهما ما يدل علي ضعفه اللانهائي وانعدام قيمته تماما أما الخالق :

لا حركة ولا فكر ولا إرادة : نعم من منطلق النفس يكون الإنسان لا شئ ، أما من منطلق الروح فهو العالم الأكبر وهكذا يبدو الأمر عند مولانا جلال الدين تماما « 2 » .

2 - جوهر الإنسان إذن إلهي علي الدوام وعند مولانا جلال الدين « لا تذل الإنسان » ولأن تحقيق الوجود الإلهي ليس ميسرا علي هذه الأرض ، وتحقيق جزء قليل من هذا الوجود الإلهي علي الأرض ، يحمل الإنسان إلي آفاق عظمي ، وكان هذا منطلق الصوفية إلي بلورة مفاهيم الإنسان الكامل بالمعنى الأعم ، والإنسان الكامل المتمثل في خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم ، ثم الولاية بمعناها العام وبمعناها الخاص .

أ ) والإنسان الكامل هو قمة تجلي الشخصية الإنسانية وقيامها بذاتها واستغنائها عمن سواها ، وهو ما عبر عنه مولانا جلال الدين بفكرة

..............................................................

( 1 ) كتاب 2 الأبيات / 1655 - 1673 .

( 2 ) خليفة عبد الحكم : عرفان مولوي 122 - 123

 
« 23 »

 
الجدول الذي ينبع من الداخل ، ثم ثناها بصفاء هذا الجدول بحيث تنعكس فيه صور كل الأشياء ، هنالك تكون الكرامة الحقيقية « 1 » .

وعلي كل حال نستطيع أن نجد عند كل الصوفية أصحاب المؤلفات إلماعات إلي هذه الموضوعات ، فقد كان الغرض الحقيقي من التصوف والعرفان كما ذكرت آنفا هو تربية الإنسان المثالي : الإنسان الأعلي بالتعبير المعاصر وإن لم تتبلور بشكل مستقل في صورة نظرية للتربية أو نضج الشخصية الإنسانية . . . بل في الأغلب الأعم ينظر إليها من وجهة النظر القائلة بأن الإنسان ليس منبت الصلة بشكل كامل عن الله سبحانه وتعالي وعند شمس الدين التبريزي ومن بعده جلال الدين الرومي تتخذ هذه الفكرة جانبا عمليا وتعليميا . وكلاهما لم يستخدم مصطلح الإنسان الكامل بل استخدما مصطلحات من قبيل : الكمل ، العظماء ، الخواص ، خواص

..............................................................

( 1 ) من نافلة القول أن نذكر أن فكرة الإنسان ، الكامل أو الإنسان الإلهي موجودة في التصوف الإسلامي منذ الحلاج وأبي اليزيد ، ولقد استخدم أبو اليزيد مصطلح « الكامل التمام » للتعبير عن الإنسان الذي بلغ حد تكامل الشخصية ، ولعل ابن عربي ( المتوفي 638 هـ - ) هو أول من أستخدم مصطلح الإنسان الكامل للتعبير عن كمال النضج الإنساني في الفصل الأول من كتابه « فصوص الحكم » ويبدو أن عزيز الدين النسفي المتوفي سنة 700 هـ - هو صاحب أول مؤلف في الإسلام يحمل عنوان الإنسان الكامل وبعد النسفي ألف عبد الكريم الجيلاني ( المتوفي سنة 811 ) كتابه المشهور باللغة العربية الإنسان الكامل . ( عن خط سوم صاحب الزماني 576 - 578 - وعند سنائي الغزنوي المتوفي سنة 435 هـ - توجد الماعات إلي شخصية الإنسان المتوازن الإلهي بل أن تناوله للرسول صلى الله عليه وسلم يوحي بأنه كان يعتبره الإنسان الكامل وهي فكرة عزيت فيما بعد إلي صوفية متأخرين جدا :

انظر : حديقة الحقيقة وشريعة الطريقة الترجمة العربية لإبراهيم الدسوقي شتا ( دار الأمين 1995 )



« 24 »

 
الله . . ولهذا دلالة علي أن الإنسان الكامل في هذا المفهوم لم يكن شخصا واحدا ، بل من الممكن علي من يتعرض للكيمياء الإلهية أو كيمياء التبديل ( المرشد ) أن يتحول من نحاس إلي ذهب ، كما كانت صنعة الكيمياء القديمة تهدف إلي تحويل النحاس إلي ذهب . وصورة الإنسان الكامل عند شمس الدين التبريزي ذات أبعاد تبلغ أربعة عشر بعدا استقاها ناصر الدين صاحب الزماني من كتابه الصغير العميق ، المقالات « انظر : خط سوم 574 - 626 » وهي تمثل أيضا في فكر جلال الدين الرومي تأثيرا لا بأس به وهي :

الفكر « أو عند مولانا جلال الدين التدبر في العاقبة والنظر إلي نهاية الأمور قبل بداياتها » والمثنوي حافل بالأمثلة والحكايات الكثيرة حول هذا الموضوع . ثم الرؤية والنظر والبصيرة وعند مولانا جلال الدين يتكرر كثيرا مثال الأعمي الذي ينبغي عليه أن يستعين بأحد يقوده فإن لم يوجد فعصا فإن لم يوجد فليسر بحبطة وحذر شديدين . . وثمة بصيرة داخلية وبصيرة خارجية . . . فالبصيرة هنا وسيلة للمعرفة في مواجهة الإدراك الحسي والتجربة والنقل والاستدلال العقلي ، ويواظب مولانا دائما علي توصية المريد بأن يسأل الله البصيرة النافذة التي ترينا الأشياء « كما هي » . .

والبصيرة في مرحلة من مراحلها المتقدمة تؤدي إلي الشهود ثم إلي انكشاف الباطن . . وهنا يمكن للفراسة أن تقوم بدورها أما البعد الثالث من أبعاد الشخصية المتكاملة الوعي بالزمان بأبعاده الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل وعدم الإفراط أو التفريط في بعد عن هذه الأبعاد الثلاثة ، فمن الماضي البصيرة ، والتزود للحاضر ، والأمل في المستقبل أو الرجاء الذي بدونه يصبح الطريق أشد وعورة وأكثر صعوبة ، فإن



 
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 6:39 pm

مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

مقدمة المترجم والمحقق على مدونة عبدالله المسافر بالله

مقدمة المترجم المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مقدمة المترجم والمحقق ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الكتاب الرابع
« 25 »
كانت في البداية تصيح : ما أبعدك يا مكة فلن تصل إلي مكة أبدا أو ستظل تدور حلقات مفرغة » مثل التضارب بين هوي المجنون وهوي ناقته « 1 » . . وإن كانت الأزمنة من ماضي وحاضر ومستقبل كلها تمتزج عن الصوفي . . فيكون ابن وقته ثم يتجاوزها ليكون « أبا وقته » أي مسيطرا كل السيطرة علي كل أحواله ووارداته ، فهو ليس عبدا لأي شئ ، وليس ابنا لأي شئ « 2 » ( أما البعد الرابع فهو الوعي بذاته ، إنه يقيم ذاته بوعي تام يعطيها حقها لا تنقص ولا تقل يعرف عيوب نفسه ومزاياها ، يكون مراقبا لها ، ممسكا بزمامها ، في غاية التنبه . . ولمولانا تعبيرات في غاية الدقة والذكاء في هذا المجال ، وأولئك الذين لا يعرفون ذواتهم أو يتظاهرون بأنهم أعظم مما هم عليه بالفعل هم الذين يثيرون دائما عند مولانا جلال الدين الميل إلي السخرية أنهم أشبه بابن آوي الذي نزل في دون الصباغ ( انظر في الكتاب الثالث حكايات القروي والحضري وسقوط ابن آوي في دن الصباغ والرجل الذي كان يدهن شاربه ثم فرعون وموسي ) فهناك شعرة واهية جدا لا تكاد تري بين الوعي بالذات ومعرفة الذات وبين الغرور ، والامتحانات الصعبة الحقيقية لا تصل بالفعل إلا بعد أن يكون الوعي بالذات قد بلغ مداه فاعلم ذاتك . . لكن آمن من المكر فإبليس وبلعم ابن باعوراء أضلهما الله علي علم ، وهاروت وماروت سقطا عندما تعرضا لأول امتحان ، فأنت ان دققت النظر لن تجد سوي العجز ، وليس لك بالفعل إلا التسليم ، وهذا الوعي بالذات عن الإنسان الكامل ينقسم إلي وعي بالباطن ووعي أيضا بالظاهر فمن الأوفق للإنسان أن يكون عالما بموقعه من مجتمعه وموقعه
..............................................................
( 1 ) الأبيات 1534 وما بعدها من الكتاب الذي بين أيدينا .
( 2 ) انظر 3 / 1426 وما بعده .
 
« 26 »


ممن يحيطون به وإلا اختطفه طوفان الحياة ( كنعان بن نوح وفرعون وهامان والنمرود وكل جبابرة الأرض لم يكن لديهم هذا الإحساس وكانوا يظنون أنهم علي الصواب وأنهم أعظم من أن يتبعوا دعوة الأنبياء وفوق ذلك أن الناس يسجدون لهم حبا لا خوفا ولا طعما ) . . وهناك الكثير من الشخصيات عند مولانا جلال الدين تثير الضحك لأنها كانت تظن أنفسها بالنسبة لمجتمعاتها فوق ما هي بالفعل بكثير ( الوزير اليهودي والأعرابي حامل الجرة بالماء هدية إلي الخليفة في بغداد والمشعوذ الذي سرق الحية من المشعوذ والصوفي الذي بيع حماره والصوفي والفقيه والعلوي اللذين كانوا يسرقون من البستان والمخنث الضخم في الكتابين الأول والثاني والحضري الذي استحمقه القروي والذي تعلم لغة الطير وصاحب الثور في قصة الذي كان يطلب رزقا بلا سعي وصياد الحيات في بغداد والأستاذ المريض بالوهم في الكتاب الثالث والدباغ في سوق العطارين واللص الذي سرق عمامة تافهة في الكتاب الذي بين أيدينا وعشرات من الشخصيات الأخرى التي تتميز بالاتزان ومعرفة موقعها بالفعل وإمكاناتها في معرض فياض بالحياة لتصوير الشخصيات بغرض تجسيد أفكار ومعاني ) .
ويستمر مولانا في بيان عناصر الشخصية الإنسانية المتكاملة ومن أهمها بالطبع ضبط النفس والسيطرة عليها فلا يكون المرء « كقشة في مهب الرياح » تأخذها وتقذف بها حيث تشاء ، ويكون المرء هلوعا موزعا مشتتا . . الثبات النفسي إذن لازمة من لوازم النفس الإنسانية . . وهو من أهم صفات كبار المشايخ والأولياء ( الولي الذي كان لا يبدي تأثرا لموت أولاده في الكتاب الثالث والولي الذي كان يضحك أثناء القحط في الكتاب الخامس . . 
قصه الدقوقي أيضا في الكتاب الثالث


« 27 »
 
حيث كان اهتزازه وانطلاقه في الدعاء سببا في اختفاء الأولياء الآخرين عن ناظريه ) نوع من التناسق والتعادل يسيطر علي الشخصية ، وما هذا التعادل والتناسق إلا نتيجة للإحساس بالغني الروحي الناتج بدوره عن وجود صلة مباشرة بالخالق ومعرفة كاملة به وعشق كامل له لا يشاء المرء لنفسه بعدها إلا ما شاء الله له ، فالإنسان المتوازن تهتز الصم الرأسيات ولا يهتز . . . لكن هذا لا يعني أن الشخصية المتوازنة شخصية متقوقعة داخل ذاتها لا تهمها مصائر الآخرين فهناك دائما عند مولانا جلال الدين تفرقة بين شخصيتين : الفضولي أو أبو الفضول بتعبير مولانا الذي يتدخل بالعذل أو بالملام في أمور لا يفهمها ولا يصل إلي غورها لأنه مرتبط دائما بالظاهر والمظاهر ، وبين العارف الحقيقي الذي هو معدن الرحمة علي خلق الله تعالى ، ويقاس غالبا حبه لله بحبه للبشر ( انظر خطاب المرأة لزوجها في قصة الشيخ الذي لم يكن يبكى موت أطفاله في الكتاب الثالث ص 155 أبيات 1780 وما بعده ) ويزداد حدب المرء علي الإنسان كلما كان هذا الإنسان يقاسي بعض أنواعه الابتلاء التي تبعده عن طريق الله ( انظر هنا حكاية الواعظ الذي لم يكن يذكر في دعائه إلا الظلمة والمجرمين والحائدين عن الطريق ( الكتاب الذي بين أيدينا الأبيات 81 وما بعدها ) ويطول بنا المقام إذا ذكرنا أمثلة أخري في هذا المجال من شعر مولانا جلال الدين ويكفي أن أحيل القارئ الكريم إلي قصة عتاب الوحي موسي من أجل الراعي لنري كيف تفيض نفس مولانا جلال الدين حبا لكل البشر ( الدفتر الثاني . . ) بل إنه يري في بعض الأحيان أن ذلك الناجي وحده لا ينجو ، بل إن عدم علاج من يقبل العلاج أمر يخالف الرحمة .


 
« 28 »
 
 
« عندما تحس بالبسط في قلبك قم بري هذا البسيط . . . سوف ينبت ثمارا . . هب هذه الثمار إذن للأصدقاء « 1 » ، وحذار من التفرقة بين البشر فإن اختلاف القبلة من اختلاف وجهات النظر واختلاف الدراويش الأربعة من اختلاف لغاتهم وإلا فإنهم جميعا كانوا يرغبون في شراء العنب ولو أن كل واحد منهم كان يعرف لغة الآخر لما تشاجروا « 2 » فالشخصية الكاملة هي التي تمارس فضيلة الإيثار ، فالإيثار أوله بذل المال . . ثم مراحل أخري عديدة في رأي لشمس الدين التبريزي نقله الأفلاكي « 3 » وهي المعيار الأول للصداقة التي يعدها مولانا جلال الدين الرومي « بذرة النفس الأخير » « 4 » .
وثمة نقطة مهمة ركز عليها مولانا جلال الدين بشأن بناء الشخصية الإنسانية السوية هو التخلص من الحكم المسبق والرأي المسبق ، والشخصية القوية شخصية الإنسان الكامل حرة من القوالب والأطر والألوان والنمطيات التي تلتصق بشئ معين ، وذلك الذي يلتصق بالألوان والرسوم أشبه بذلك الذي دخل حظيرته وأخذ يربت علي أسد افترس ثوره علي أنه ذلك الثور المحبب « 5 » وأكثر ما تنصب سخرية مولانا جلال الدين على أولئك المرائين المدعين من الصوفية ، وكثيرا ما مارس السخرية من أولئك الذين اعتمادا على المظهر يسارعون بإطلاق الأحكام ، إن أولئك الذين يخادعون الناس بالمظهر يضلون الناس ، يقومون بسقياهم الماء المالح علي أساس أنه ماء
..............................................................
( 1 ) . 3 / 360 - 364 .
( 2 ) الكتاب الثاني الأبيات 3681 - 3685 .
( 3 ) خط سوم ص 599 .
( 4 ) . 3 / 259 .
( 5 ) الكتاب الثاني ص 32 .
 


 
« 29 »
 
 
عذب ، والماء المالح يزيد الناس ظمأ « 1 » وحكاية الصوفي الذي اشتاق إلي الجهاد دون أن يكون مستعدا له في الكتاب الخامس الأبيات 3739 - 3769 وقصة الصوفي والقاضي في الكتاب السادس ) وعشرات من الأمثلة يصادفها القارئ تبين سخرية مولانا جلال الدين من المظهر الخلاب الذي يخفي باطنا شديد الخواء ) ومن ثم فإن خصلة النفاق من الخصال التي تناولها مولانا بالسخرية الشديدة . « 2 » ويري مولانا جلال الدين أن النفاق ليست خصلة مكتومة باطنة كما يظن المنافقون وإلا فهي أشد ظهورا مما يتصورون « 3 » ويبقي أن نذكر أن هناك سمتين رئيسيتين للإنسان الكامل ذي الشخصية المتكاملة :
الأولي : أن يكون مستندا ومتكئا علي شخصيته هو وعلي ذاته ، يكون قائما بذاته غير معتمد علي « الآخرين » وإلا فهو مجرد صورة إنسان « فالعالم الواقف على قدمين » ما دام متميزا بصفات الإنسان الكامل يكون نموذجا لكل ما في العالم فأية حاجة به إلي الآخرين ، يخاطب سليمان بلقيس قائلا :
- وسوف تعلمين أنت نفسك عندما تأتين إلي ، أنك بدوني كنت صورة في حمام .
- والصورة سواء كانت صورة سلطان أو غني ، فهي مجرد صورة لا طعم لها في حد ذاتها من الروح .
..............................................................
( 1 ) أنظر حكايات الصوفي والفقيه والعلوي في الكتاب الثاني الأبيات 2167 - 2211 .
( 2 ) أنظر علي سبيل المثال لا الحصر قصة الصوفي الذي ضبط زوجته مع خدنها حيث تجد مستويات عديدة في تحليل النفاق وهي في الكتاب الذي بين أيدينا الأبيات 158 - 230 .
( 3 ) أنظر حكايات : الأصم الذي ذهب ليعود جاره في الدفتر الأول وحكاية المداح الذي لا تبدو عليه أثر النعم في الكتاب الذي بين أيدينا في البيت 1840 .


 
« 30 »
 
 
 
- ويا من قامرت بنفسك في النزال ، إنك لم تميز بين الآخرين وبين نفسك .
- إنك تقف أمام كل صورة تصل إليها قائلا : هذه أنا ، والله إنها ليست أنت .
- وأنك إن بقيت لحظة واحدة بعيدا عن الخلق ، تبقي في حزن وقلق حتى الحلق .
- وهذا هو أنت . . فمتى تكون ذلك الأحد ، وأنت جميل بنفسك ثمل بنفسك حلو بنفسك .
- أنت طائر نفسك وفخ نفسك وصدر نفسك وأرض نفسك وسماء نفسك .
- الجوهر فحسب هو الذي يكون قائما بنفسه ، ويكون عرضا ذلك الذي يكون فرعا له .
- فإذا كنت ابن آدم فاجلس مثله ، وأنظر في نفسك إلي كل الذرية .
- وماذا يكون في الدن غير موجود في النهر ؟ وماذا يكون في الدار غير موجود في المدينة ؟ « 1 » ! السمة الثانية أن يكون الإنسان صاحب هدف معلوم وكل الأهداف في النهاية تتوحد لكي تكون لهدف الأسمي وهو العشق ( أنظر مقدمة الكتاب الثالث ) .
- فالمر يصير حلوا « إذا صدر » عن ذوي الشفاة الحلوة ، والشوك يصير شارحا للقلوب في الرياض .
- ومن المعشوق يصير الحنظل رطبا ، وتصير الدار مرجا من رفيقة الدار .
- وما أكثر المنعمين الذين يحملون الشوك ، أملا في محبوب قمري الوجه وردي الوجه .
- وما أكثري الحمالين الذي صاروا ممزقي الظهور ، من أجل محبوباتهم الفاتنات ذوات الوجوه كالأقمار .
..............................................................
( 1 ) . 4 / 800 - 810 .
 
« 31 »
 
- وذلك الحداد سود وجهه الجميل ، حتى يقبل القمر عندما يجن الليل .
- والسيد مسمر في حانوت حتى الليل ، ذلك أن « سروة » ممشوقة القوام قد مدت بجذورها في قلبه .
- وتاجر ما يمضي في البر والبحر ، لكي يسرع بحب نحو قعيدة منزل .
- إن لكل واحد منهم شهوة مع ميت ، أملا فيمن عنده ملامح حي .
- فكن مجتهدا علي أمل الحي الذي لا يتحول بعد يومين إلي جماد .
- ولا تختر خسيسا مؤنسا ، فالأنس مع خسيس يكون شيئا مستعارا .
- فأين أنسك مع أبيك وأمك ، إذا كان هناك وفاء من مؤنسيك جميعا سوي الحق .
- وماذا جري لأنسك مع الحاضنة والمربى ، إذا كان لأحد غير الحق أن يكون لك عضدا .
- لم يبق أنسك مع اللبن ومع الثدي ، ولم يبق أيضا نفورك من أول مدرسة .
- كان ذلك شعاعا علي جدارهم ، وعادت تلك العلامة نحو الشمس الساطعة .
- وكلما يقع هذا الشعاع على شي ، تقوم أنت بعشقة أيها الشجاع .
- وعشقك لكل ما هو في الخليقة ، هو بالنسبة لصفة الحق كان طلاء ذهب .
- وعندما ذهب الطلاء الذهبي إلى حال سبيله وبقي النحاس مل الطبع منه وطلقه » « 1 » ب ) هذا فيما يتصل بالدرجة التي يمكن أن يتوصل إليها كل إنسان ، ومن بين البشر من يكونون أكثر استعدادا لتلقي هذه الملكات والمواهب ، وبشيوع النظرة التدريجية وتقسيم الطريقة إلى طبقات « 2 » وبتأثير نظرية
..............................................................
( 1 ) . 3 / 538 - 555 .
( 2 ) . 4 / 2105 وما بعده .
 
« 32 »
 
الإمامة الشيعية خاصة فيما يصل بأن الإمام هو نائب الله على الأرض ، انعكس هذا الأمر في نظرية الصوفية حول النبوة والولاية ، وما القطب الغائب عند الصوفية إلا الترجمة الصوفية للإمام الغائب ( وعند مولانا جلال الدين تلتقى كثيرا بهذا التصور ، والغريب أنه يجسده إما في صوفية لم بكن لهم وجود تاريخي ( مثل الدقوقي في الكتاب الثالث ) أو ما روي عنهم لا يسمح بوجود هذا التصور عند مولانا جلال الدين الرومي ( مثل العارف سررزي الغزنوي في الكتاب الخامس ) وهو أمر له دلالة عند مولانا جلال الدين الرومي الذي دق كثيرا علي أن « ما للأنبياء يكون للأولياء » وعن أن « الشيخ في قومه كالنبي في أمته » . .
- إن القطب هو الأسد وعمله هو الصيد ، وبقية الخلق من أكلة بقاياه .
- فجاهد ما استطعت في رضا القطب ، حتى يقوى ويقوم بصيد الوحوش .
- ذلك أنه عندما يتعب يظل الخلق بلا زاد ، وذلك لأن رزق الخلق بأجمعه يكون من كف العقل .
- إنه كالعقل والخلق مثل أعضاء الجسد ، وتدبير البدن منوط بالعقل .
- وضعف القطب يكون من الجسد لا من الروح ، إن الضعف يكون في السفينة لا في نوح .
- والقطب هو ذلك الذي يدور حول نفسه ، بينما يكون دوران الأفلاك حوله هو « 1 » .
فتصور هذا الإنسان الكامل بمعناه الفلسفي أي الإنسان الواحد الجامع لعناصر الكمال شبيه بتصور الرواقيين للحكيم - فقلبه هو عرش الله وعقله قلم التقدير وروحه هي اللوح المحفوظ « أنه ليس رملا ولا تنجيما ولا اصطرلاب ، أنه -
..............................................................
( 1 ) . 5 / 239 - 2345 .
 
« 33 »
 
وحي الحق والله أعلم بالصواب » فالأرواح كلها من أصل الروح التي نفخت في عيسى « 1 » والعلم اللدني البشر مخصوص بهولاء وهو بالطبع الذي رفع الإنسان من مرحلة التراب إلى السماء السابعة . . « 2 » وهو من ثم ينظر بنور الله « 3 » هذا الولي الحاضر دوما في مثنوى جلال الدين يمثل المثال والقدوة والمثل الأعلى وغاية ما يمكن للمرء أن يصل إليه من كمال ، هو شخصية معنوية - وأن أوحى في بعض الأوقات في مواضع متفرقة من المثنوي أنه أبو اليزيد البسطامي « 4 » إلا أن الغالب أن هناك نماذج لأولياء لا يحددون بالاسم يكادون يماثلون المفهوم الصوفي للعقل الكلي وربما صدم هذا التصوير للدور الذي يلعبه الولي بعض غير المأنوسين بالرمز الصوفي . ذلك أن اعتبار الولاية صنوا للنبوة أمر فيه ما فيه من مبالغة فالرسول صلى الله عليه وسلم ) ويطول بنا الحديث هنا أن تتبعنا صورة الرسول في المثنوى لكن انظر على سبيل المثال لا الحصر : 3 / 4480 وما بعدها - 4 / 915 وما بعدها ) هو النموذج الذي لا خلاف حوله عن الإنسان الكامل إلا أن انقطاع الرحى ظل يمثل مشكلة مؤرقة عند كافة النحل الفكرية الإسلامية . . وإذا كان الشيعة قد حلوا هذا المشكلة عن طريق نظرية الإمامة بعد أن حلها الصوفية عن طريق نظرية الولاية . . ومن ثم تنسب كل خصائص الأنبياء للأولياء - ما عدا الإتيان بالشريعة بالطبع - وإذا كان للأنبياء معجزات فللأولياء الكرامات - ومع ذلك فعلى طول المثنوي نادرا ما يذكر مولانا كرامات الأولياء لكنه لا يفتأ يذكر معجزات الأنبياء - لكن هذا لا ينفي أن فلسفة العرفان تدق كثيرا على أن الأمور الجزئية تدل على الكلية -
..............................................................
( 1 ) . 1 / 1598 - 1599 .
( 2 ) . 1 / 1512 .
( 3 ) . 4 / 3400 .
( 4 ) أنظر 4 / 2102 وما بعدها و 5 / 3356 وما بعده .
 
« 34 »
 
 
« وحفنة القمح تدل على ما هو موجود في الأهراء » ومولانا كالغزالي تماما يرى « أن الإيمان بالنبوة أن يقر بإثبات طور وراء العقل تتفتح فيه عين يدرك بها مدركات خاصة والعقل معزول عنها كعزل السمع عن إدراك الألوان . وبالجملة فمن لم يرزق شيئا بالذوق فليس يدرك في حقيقة النبوة إلا الاسم » « 1 » ويصل الأمر إلى اعتبار الوحي أحيانا درجة من درجات العلم اللدني بل إلى اعتبار الوحي والإلهام شيئا واحدا . . ويتفق مولانا أيضا مع الغزالي في تفاوت عقول البشر منذ الميلاد ( انظر حكاية الأستاذ المريض بالوهم في الكتاب الثالث ) . .
حتى تجربة النبوة تخضع عند جلال الدين كما كانت تخضع عن الغزالي لا على مجرد النقل بل العقل أيضا . . الغزالي وقف هنا فحسب ولم يتقدم إلى ما تقدم إليه مولانا جلال الدين من اعتبار كل ما هو للأنبياء حق للأولياء - فأرواح الأولياء ليست كأرواح غيرهم من البشر « 2 » وتجربة الولي ينبغي أن تقوم بلغة أخرى :
- إن اللوح المحفوظ دليل له ، ومن أي شئ هو محفوظ ؟ أنه محفوظ من الخطأ ) .
- إنه ليس تنجيما ولا رملا ولا رؤيا ( نائم ) ، إنه وحي الحق والله أعلم بالصواب .
- ومن أجل التعمية على العوام عند البيان ، يسميه الصوفية وحي القلب .
- فاعتبره وحي القلب فهو موضع تجليه ، وكيف يكون خطأ ما دام القلب واعيا له ؟
- أيها المؤمن إن كنت تنظر بنور الله ، فقد أمنت هنا من الخطأ والسهو « 3 » .
هذه الصراحة المتناهية عند مولانا في التعبير عن هذه الفكرة كانت قد
..............................................................
( 1 ) المنقذ من الضلال ص 12 .
( 2 ) . 4 / 410 .
( 3 ) . 4 / 1851 - 1855 .
 
« 35 »
 
أصبحت بعد أبن عربي وأبن الفارض مقبولة إلى حد كبير ومن ثم يفيض مولانا في تفصيل الفكرة ، ويوحي في بعض الأحيان أن أي إنسان قد يوحي إليه ، وقد يتحدث الروح القدس إليه وهو في هذا ليس أقل من النحل ولا من الغراب على كل حال :
- وبقي شئ آخر لكنه قول لك منوط بالروح القدس ، يتحدث به إليك دون واسطة مني .
- لا إنك تتحدث به إلى نفسك ، تهمس به في أذني نفسك ، لا أنا ولا غيرى يتحدث به إليك يامن أنت مني .
- ومثل ذلك عندما تروح في النوم ، إنك تنتقل من جوار نفسك إلى جوار نفسك .
- تسمع من نفسك وتظن أن فلانا من الناس قد تحدث إليك في النوم وأفضى إليك بهذا السر .
- ولست واحدا قائما بذاتك أيها الرفيق ، بل إنك فلك وبحر عميق « 1 » .
ومن ثم فالذي يؤمن أيمانا عميقا بالإنسان وملكاته وأبعاده وبأنه بالفعل يحمل قبسا من النور الإلهي ، لا يستطيع أن يؤمن بأن هذا الإنسان قد يترك هكذا ، بل لا بد من لطف الهي ورحمة إلهية متمثلة في الأولياء تستطيع أن تهديه السبل ، وعلى كل فإن هذا الأمر لا يستبعد عن فلسفة العرفان ، وهو على كل حال أكثر اعتدالا بكثير من شطحيات أبي اليزيد والحلاج ، إذ تظل فلسفة العرفان تدق دائما على أن الولي ليس بنبي ، وأنه ليس مرسلا ، ولم يأت بشريعة ، وكل ما فيه مقتبس من النبوة ، وسعي في مدارج الكمال الإنساني يجعله أكثر معرفة من غيره وأكثر فهما من غيره . . بل ويقدم مولانا أحيانا تفسيرات غاية في -
..............................................................
( 1 ) . 3 / 1299 - 1303 .
 
« 36 »
 
البساطة والإقناع عن ذلك الذي يقوم به الولي ويبدو خرقا للعادة وهو بسيط تماما كمعجزات الأنبياء .
- وذلك الفقير ، وأن لم يكن يذكر حاجته ، كان يعطيه إياها وكان يعرف ما في ضميره .
- وما كان في قلب ذلك الكسير الظهر ، كان يعطيه مقداره دون زيادة أو نقصان .
- ثم قيل له : أي علم لك يا عماه بلك القدر الذي يفكر فيه ؟
- فكان يقول : إن منزل القلب خلوة . . . وهو خال من الكدية ، وكأنه الجنة .
- وليس فيه من عمل إلا عشق الله ، وما فيه من ديار إلا خيال الوصال .
- لقد كنست منزل « القلب » مما فيه من خير وشر ، فأصبح منزل « قلبي » مليئا بعشق الأحد .
- وكل ما أراه فيه غير الله ، لا يكون ملكا لي ، بل انعكاس لضمير السائل .
- فلو ظهر في الماء ( صورة ) عرجون أو نخلة ، فإنه لا يكون إلا انعكاس لنخلة ( خارج الماء ) ! ! - وإن رأيت صورة في قاع النهر ، فإن تلك الصورة تكون انعكاسا لشئ ( موجود ) في الخارج أيها الفتى .
- لكن هذا يحدث عندما ينقى الماء من القذي ، فالتنقية شرط لهذا الأمر في نهر البدن « 1 » .
ومن ثم فإن الرحمة الإلهية لا تنقطع عن البشر .
- ومن ثم ففي كل دور ولي قائم . . والتجربة قائمة حتى القيامة .
- وإذن فالإمام الحي القائم هو ذلك الولي .
..............................................................
( 1 ) . 5 / 2799 - 2808 .
 
« 37 »
 
- سواء كان من نسل عمر أو من نسل على « 1 » .
وربما كان الأمر من الناحية الاجتماعية والسياسية باعثا على تكوين تلك الحكومة الصوفية ذات الحضور المستمر في الضمير الشعبي والتي كان لها من الآثار المحسوسة فوق لها من آثار فكرية مما يطول الحديث عنه ،
إبراهيم الدسوقي شتا 13 محرم 1413 13 يولية 1992
..............................................................
( 1 ) . 2 / 8151 و 7 / 820 .
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 6:40 pm

مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

مقدمة المترجم والمحقق على مدونة عبدالله المسافر بالله

مقدمة المترجم المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مقدمة المترجم والمحقق ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
شروح وهوامش
« 372 »
.
« 373 »
 
[ شرح ]
مقدمة الكتاب الرابع
يقول يوسف بن أحمد : 
أتممت الجزء الأول : المتكفل ببيان مرتبة الشريعة 
والثاني : المتكفل ببيان الطريقة ، 
والثالث المتكفل ببيان الحقيقة ، 
والآن ألهمت أن أكتب على المجلد الرابع المتكفل بإظهار نكات أسرار التوحيد ( منهج 4 / 2 ) فهل هذه حقيقة ؟ ! .
الواقع أن كل متصوفى أهل السنة كانوا يدورون في الأطر الثلاثة ، لكن لم يتحدث أحدهم عن كل موضوع على حدة حتى سنائى الغزنوي الذي سمى منظومته حديقة الحقيقة وشريعة الطريقة ، وإن جاهد الشراح على بيان الأطر الثلاثة في شروحهم .
الظعن الرابع :
الظعن هو السير ، فكأن المثنوى رحلة يعتبر كل كتاب منها مرحلة من هذه الرحلة ، والمقصود بأحسن المرابع في رأى يوسف بن أحمد هو عالم الخلق من حيث ظهور الحق فيه لأن السفر الأول من النفس إلى الحق والسفر الثاني من الحق إلى الحق والثالث من الحق إلى الخلق والرابع وهو هذا السفر من الخلق إلى الخلق ( مولوى 4 / 3 ) .
مجدد عهد الألفة : هو الميثاق وهو عهد ألست الذي كان بينهم قبل ذلك في عالم الأزل وهو القيام على العبودية التي أقروا بها في الأزل فلما توالى المشهد الإنسانى استولت عليهم الطبيعة ونسوا الله فأنساهم أنفسهم فأرسل إليهم رسله وأولياءه فذكروهم ( مولوى 4 / 4 ) .
أصحاب الكلفة : هم عامة المؤمنين الذين يصعب عليهم إدراك الحقائق ويتكلفون في فهمها أتعب الطرائق ( مولوى 4 / 4 ) للمزيد : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ.
أصل الأبيات :
- ومما شجانى أنني كنت نائما ، أعلل من برد بطيب التنسم .
 
« 374 »
 

يقال أنه من شعر ابن زكريا التبريزي أو برهان الدين النحوي وقيل يزيد بن مالك ( مولوى 4 / 6 ) وقال جعفري ( 9 / 271 ) بل يزيد بن معاوية وذكر الجاحظ البيتين الأخيرين منسوبين لنصيب ( الحيوان / ج - 3 / ص 473 بتحقيق فوزي عطوى طبعة لبنان وسوريا 1968 ) كما ورد البيتان الأخيران دون إسناد إلى القائل في مقالات شمس ص 309 ، وفي شرح عبد الباقي جلبنارلى[ Abdul Baki Golpinarli . Mesnevi ve Serhi Cilt [ 4 / S . 5 - Ankara , Kultir Bakanligi Yayinlare ( 1989 )نقل أن الأبيات من تأليف أحمد بن عبد المؤمن القيسي وذلك نقلا عن أنباء الرواة ، وعن نفس المصدر نقلا عن شارح مقامات الحريري أنها لعدى بن الرقاع العاملي الذي عاش في القرن الرابع للهجرة والقصيدة موجودة بالكامل في المجلد الثامن من الأغانى وفي كامل المبرد .
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الخامس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» مقدمة المترجم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» ديباجة مولانا الدفتر الثالث المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: