أنشأ العلماء خريطة لدماغ حشرة والتي تُظهر جميع نقاط الاشتباك العصبي البالغ عددها 548000 في العضو،
كما تظهر كل خلية عصبية وكيف يتم توصيلها ببعضها البعض،
ويقول الخبراء إن هذا يمكن أن يقربهم من فهم آلية التفكير والسلوك.
استغرقت الخريطة الشاملة، التي تسمى الشبكة العصبية، 12 عامًا من العمل الدقيق لتكوينها،
وتُظهر موقع جميع الخلايا العصبية البالغ عددها 3016 في دماغ (مخ) ذبابة الفاكهة اليرقية (Drosophila melanogaster).
وستساعد الخريطة الباحثين على دراسة وفهم أفضل لكيفية سيطرة أدمغة كل من الحشرات والحيوانات على السلوك والتعلم ووظائف الجسم والمزيد.
قد يكون العمل مصدر إلهام لشبكات الذكاء الاصطناعي المحسّنة.
يوجد بين خلايا الدماغ هذه 548000 نقطة اتصال أو مشابك، إذ يمكن للخلايا إرسال رسائل كيميائية بعضها البعض
والتي بدورها تطلق إشارات كهربائية تنتقل عبر أسلاك الخلايا.
وحدد الباحثون الشبكات التي من خلالها ترسل الخلايا العصبية في أحد جانبي الدماغ البيانات إلى الجانب الآخر،
حسبما أفاد الفريق في مجلة Science. صنف الفريق أيضًا 93 نوعًا متميزًا من الخلايا العصبية،
والتي تختلف في شكلها ووظائفها المقترحة وطريقة اتصالها بالخلايا العصبية الأخرى.
لبناء الخريطة، أجرى الفريق مسحًا ضوئيًا لآلاف الشرائح من دماغ اليرقة باستخدام مجهر إلكتروني،
ثم دمجها في خريطة مفصلة، مع وضع تعليقات توضيحية على جميع الوصلات العصبية.
ومن هنا، استخدموا أدوات حسابية لتحديد مسارات تدفق المعلومات المحتملة وأنواع «أشكال الدوائر» في دماغ الحشرة،
حتى إنهم لاحظوا أن بعض الميزات الهيكلية تشبه إلى حد بعيد هندسة التعلم العميق الحديثة.
ووضع العلماء خرائط تفصيلية لدماغ ذبابة الفاكهة، وهي أكثر تعقيدًا بكثير من يرقة ذبابة الفاكهة.
ومع ذلك، لا تتضمن هذه الخرائط جميع الاتصالات التفصيلية المطلوبة للحصول على خريطة دائرة حقيقية لأدمغتهم.
كخطوة تالية، سيقوم الفريق بالتحقيق في الهياكل المستخدمة للوظائف السلوكية مثل التعلم واتخاذ القرار،
وفحص نشاط الشبكة أثناء قيام الحشرة بأنشطة محددة،
وبينما تعد يرقة ذبابة الفاكهة حشرة بسيطة، يتوقع الباحثون رؤية أنماط مماثلة في الحيوانات الأخرى.
هذه الدراسة هي الأولى التي تكون قادرة على رسم خريطة كاملة للدماغ المركزي للحشرة، وبالتالي وصف جميع المسارات المشبكية لجميع الخلايا العصبية.
لماذا يصعب فعل هذا مع البشر؟ يبلغ دماغ الفأر حوالي مليون مرة أكبر من دماغ ذبابة الفاكهة الصغيرة،
ودماغ الإنسان أكبر من ذلك بكثير.
إذا استغرق صنع يرقة ذبابة الفاكهة 10 سنوات، فتخيل كم من الوقت
قد يستغرقه الرئيسيات أو دماغ الإنسان؛ وفقًا للباحثين، من المحتمل ألا يكون في حياتنا.
يأمل الفريق أن يؤثر البحث على نماذج الدماغ المستقبلية ويلهمها، ولكن أيضًا بنية التعلم الآلي المحتملة التي يمكن أن تتعلم من تخطيط الدماغ.