almosly
عدد الرسائل : 293 تاريخ التسجيل : 19/08/2007
| موضوع: متى أوحشك من خلقه فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به. الأربعاء ديسمبر 19, 2007 11:01 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
وقال رضي الله عنه :متى أوحشك من خلقه فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به. قلت(والكلام لابن عجيبة) : هذه سنة الله في خلقه إذا أراد أن يؤنس عبده بذكره ويتحفه بمعرفته أوحشه من خلقه وشغله بخدمته وألهمه ذكره حتى إذا امتلأ قلبه بالأنوار وتمكن من حلاوة الشهود والاستبصار رده إليهم رحمة لهم لأنه حينئذ لقوته يأخذ منهم ولا يأخذون منه ومثاله في الحس كفتيلة شعلتها فما دامت ضعيفة لابد أن تحفظها من الريح وتقصد بها المواضع الخفية فإذا اشتد نورها وأشعلتها في الحطب صعدت بها إلى ظهور الجبال فبقدر ما يصيبها الريح يعظم اشتعالها كذلك الفقير مادام في البداية لا يليق به إلا الوحشة من الخلق والفرار منهم فإذا تمكن في الشهود فلا يليق به حينئذ إلا الخلطة معهم لأنهم لا يضرونه فمتى أوحشك أيها الفقير من خلقه وعزلك عنهم في قلبك فاعلم أنه تعالى أراد أن يؤنسك به ويغنيك بمعرفته فقد كان عليه السلام حين قرب أوان النبوة والرسالة حبب إليه الخلوة فكان يخلو بغار حراء وحكمة ذلك تصفية البواطن من الشواغل والشواغب لتتهيأ لقبول ما تتحمله من الأسرار والمواهب فإذا تطهر من الاكدار مليء بالأنوار فأشرقت فيه شموس العرفان وتمكن من حضرة الشهود والعيان فهذه سنة الله في أولياءه وأصفيائه يفرون أولا من الناس حتى يحصل لهم منهم الاياس ثم يردهم الحق إليهم رغما على أنفهم لمقام الدلالة والإرشاد فينتفع بهم العباد وتحيا بوجودهم البلاد وفي مثلهم قال الشاعر: تحيا بكم كل أرض تنزلون بها***كأنكم في بقاع الأرض أمطار وتشتهي الهين فيكم منظرا حسنا***كأنكم في عيون الناس أزهار ونوركم يهتدي الساري برؤيته***كأنكم في ظلام الليل أقمار لا أوحش الله ربعا من زيارتكم***يا من لهم في الحشا والقلب تذكار
نفعنا الله بهم وحققنا بمعرفتهم ...آمين | |
|