اعلم أيد الله الولي الحميم أن العرش في لسان العرب يطلق ويراد به الملك
يقال ثل عرش الملك إذا دخل في ملكه خليل
ويطلق ويراد به السرير فإذا كان العرش عبارة عن الملك فتكون حملته هم القائمون به وإذا كان العرش السرير فتكون حملته ما يقوم عليه من القوائم
أو من يحمله على كواهلهم والعدد يدخل في حملة العرش
وقد جعل الرسول حكمهم في الدنيا أربعة وفي القيامة ثمانية
فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"
ثم قال"وهم اليوم أربعة يعني في يوم الدنيا
وقوله يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة
روينا عن ابن مسرة الجبلي من أكبر أهل الطريق علماً وحالاً وكشفاً
العرش المحمول هو الملك وهو محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة
فآدم و إسرافيل للصور وجبريل ومحمد للأرواح
وميكائيل وإبراهيم للأرزاق ومالك ورضوان للوعد والوعيد
وليس في الملك إلا ما ذكر والأغذية التي هي الأرزاق حسية ومعنوية
------------
وذلك كله في عالم النور الخالص ثم أوجد سبحانه الظلمة المحضة
التي هي في مقابلة هذا النور بمنزلة العدم المطلق المقابل للوجود المطلق
فعندما أوجدها أفاض عليها النور إفاضة ذاتية بمساعدة الطبيعة
فلا أم شعثها ذلك النور فظهر المعبرعنه بالعرش
فاستوى عليه الاسم الرحمن بالاسم الظاهر
فذلك أول ما ظهر من عالم الخلق
وخلق من ذلك النور الممتزج الذي هو مثل ضوء الشحر الملائكة الحافين بالسرير وهو قوله
"وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم"
فليس لهم شغل إلا كونهم حافين من حول العرش يسبحون بحمده
انحصر الملك في ثمانية
فالظاهر منها في الدنيا أربعة الصورة والغذاء والمرتبتان
ويوم القيامة تظهر الثمانية بجميعها للعيان
وهو قوله تعالى
"ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية
" فقال صلى الله عليه وسلم "
وهم اليوم أربعة وغذاً يكونون ثمانية
لأجل الحمل إلى أرض الحشر"
وورد في صور هؤلاء الأربعة الحملة ما يقاربه
قول ابن مسرة فقيل الواحد على صورة الإنسان
والثاني على صورة الأسد والثالث على صورة النسر والرابع على صورة الثور
وهو الذي رآه السامري فتخيل أنه إله موسى
فصنع لقومه العجل وقال هذا إلهكم وإله موسى القصة
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
-----------
قال رسول صلى الله عليه وسلم لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من فارس وأشار إلى سلمان الفارسي
-----------
فنادى في الظمات أن لا إله إلا أنت عذراً عن أمّته في هذا التوحيد أي تفعل ما تريد وتبسط رحمتك على من تشاء
سبحانك إني كنت من الظالمين
مشتق من الظلمة أي ظلمتي عادت عليّ ما أنت ظلمتني
بل ما كان في باطني سري إلى ظاهري وانتقل النور إلى باطني فاستنار
فأزال ظلمة المغاضبة
وانتشر فيه نور التوحيد وانبسطت الرحمة
فسرى ذلك النور في ظاهره مثل ما سرت ظلمة الغضب
فاستجاب له ربه فنجاه من الغم
فقذفه الحوت من بطنه مولوداً على الفطرة السليمة
فلم يولد أحد من ولد آدم ولادتين سوى يونس عليه السلام
-------------
النور ينافي الظلمة وتنافيه غير أن سلطان النور أقوى
فالنور ينفر الظلمة والظلمة لا تنفر النور
وإنما هو النور ينتقل فتظهر الظلمة في الموضع الذي لا عين للنور فيه
ألا ترى الحق تسمى بالنور ولم يتسم بالظلمة
إذ كان النور وجودا والظلمة عدماً
وإذ كان النور لا تغالبه الظلمة بل النور الغالب
كذلك الحق لا يغالبه الخلق بل الحق الغالب فسمى نفسه نورا
--------------
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق ربه تعالى "حجابه النور"
وقال "إن الله سبعين حجاباً من نور وظلمة أو سبعين ألفاً