الدكتورة سعاد الحكيم
تقول : التجلي الدائم [ عند ابن عربي ] :
هو تجلي وجودي من ناحية ، وشهودي من ناحية أخرى .
وأضافت الدكتورة قائلة :
إنه تجلي وجودي من حيث أن الحق هو دائم التجلي في صور الموجودات ...
وهو تجلي شهودي من حيث أن العلماء الذين علموا أن الحق عين كل صورة لا يزالون في تجل دائم .
فالعلماء بالله بشهودهم الحق في كل صورة في حال شهود دائم ، لأنه ما ثمة إلا صور محيطة بهم ،
فالحق دائم التجلي بالنسبة إليهم ، على حين أن هذه الصور نفسها حجاب بالنسبة لغير العلماء بالله .
التجلي الذاتي : هو البارق لعدم ثبوته
الدكتور سعاد الحكيم
تقول : التجلي الذاتي [ عند ابن عربي ] : هو تجلي الحق بذاته في الأشياء ،
وفي كلتا الحالتين لا يقبله أهل الحقائق ، إذ أن تجلي الحق لا يكون إلا في صور خلقه ... في المظاهر ،
وهو بتجليه في المظاهر يسمى ذاتياً إذا أعطى الكشف بحقيقة الحقائق
في مقامات التجليات الذاتية
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
تجلي الذات بين تجليين حجابيين ، فلا بد أن يظهر في ذلك التجلي الذاتي من صور الحجابين أمر للرائي ،
فيكون ذلك التجلي له كالمرآة يقابل بها صورتين ، فيرى الحجابين بنور ذلك التجلي الذاتي في مرآة الذات ،
كما تشهد الفقر في حال تنزيهك الحق عنه سبحانه الغني الحميد .
وإن لم يكن الأمر كذلك ، فكيف تنزهه عما ليس بمشهود لك عقلاً
فهكذا صورة الحجاب في الذات عند التجلي ... فهذا التجلي يعرفك بنفسك وبنفسه .
فإن كان التجلي بين حجابين كانت الصورتان عملاً ، إن كان في الدنيا فيكون عمل تكليف مشروع ،
وإن كان في الآخرة فيكون عمل نعيم في منكوح أو ملبوس ... أو ما أشبه ذلك ...
وإن كان التجلي تجلياً حجابياً بين تجليين ذاتيين ، كتجلي القمر بين الضحى والظهيرة وتجلي الليل بين نهارين ،
كانت الصورتان في ذلك المجلى الحجابي علماً لا عملاً ، ولكن من علوم التنزيه ،
فتتحلى به النفس وتنعم به النعيم المعنوي وتلك جنتها المناسبة لها ...
وإن كان التجلي الذاتي بين تجل حجابي وذاتي ، كانت الصورتان صورة علم لا صورة عمل .
فالتجلي الذاتي في الذاتي : صورة علم تنزيه لا غير .
وصورة التجلي الحجابي ، فيه صورة علم تشبيه : وهو تخلق العبد بالأسماء الإلهية ،
وظهوره في ملكه بالصفات الربانية .
وفي هذا المقام يكون المخلوق خالقاً يظهر بأحكام جميع الأسماء الإلهية ،
وهذه مرتبة الخلافة والنيابة عن الحق في الملك ،
وبه يكون التحكم له في الموجودات بالفعل بالهمة والمباشرة والقول .
فأما الهمة : فإنه يريد الشيء فيتمثل المراد بين يديه على ما أراده من غير زيادة ولا نقصان .
وأما القول : فإنه يقول لما أراده كن فيكون ذلك المراد ، أو يباشره بنفسه إن كان عملاً ،
كمباشرة عيسى الطين في خلق الطائر وتصويره طائراً ...
وإن كان التجلي الحجابي بين تجل حجابي وذاتي ،
فالتجلي الحجابي في الحجابي علم ارتباطه بالحق من حيث ما هو دليل عليه ،
وكونه سبباً عنه ، وأنه على صورته ونسبة الشبه به .
وأما صورة التجلي الذاتي في الحجابي :
فهو علم تجلي الحق في صفات المخلوق ،
من الفرح والتعجب ... واليمين والقسم للمخلوق بالمخلوقين ،
وبنفسه واتصافه بحجب النور والظلم وبحصر سبحاته المحرقة خلف تلك الحجب النورية والظلمية ،
وقد حصرت لك مقام التجليات في أربع وليس ثم غيرها أصلاً