منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 4:52 am

مقدمة كتاب التجليات الإلهية .التجليات من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين 

الشيخ الأكبر والنور الابهر سيدى الإمام محيي الدين ابن عربي الحاتمي الطائي الاندلسي

مقدمة المحقق لكتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات ابن سودكين 

الشيخ الأكبر والنور الابهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الاندلسي

قدس الله تعالي روحه
مقدمة المحقق و الناشر لكتاب التجليات الإلهية على مدونة عبدالله المسافر بالله
بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المحقق والناشر الكتاب

وصلى الله على محمد وأله. الحمد لله محكم العقل الراسخ ، في عالم البرازخ،  بواسطة الفكر الشامخ ، وذكر المجد الباذخ، معقل الأعراس، مجلي وجود الأنفاس ، منشأ القياس، وحضرة الالتباس.
مورد الإلهام والوسواس، ومعراج الملك والخناس، منزل تنزل الروحانيات العلي، في صورة القوالب الجنسية السفلى، عند ارتقائها عن الحضيض الأوحد الأدنى، ووقوفها دون المقام الأعلى.
متمم حضرة الوجود، ومعدن نسب الكرم والجود ، خزانة الرموز والألغاز، وساحل بحر الإمكان والجواز، حمده بالحمد الموضح المبهم، كما يعلم وكما أعلم .
وصلى الله على الرداء المعلم، الرضي بالمرتدي الأقدام، على آله الطاهرين وسلم ، هذا التنزل من منازل الطلسم الثالث وهو واحد من ثلاثة عشر. 
قال تلميذ جعفر الصادق صلوات الله عليه سألت سيدي ومولاي جعفرا لماذا سمي الطلسم طلسما؟.
 قال : صلوات الله عليه لمقلوبه ، يعني آنه مسلط على ما وكل به وقد وصفناه بكماله في كتاب الهياكل فلينظر هناك  إن شاء الله .
فظهرت العلل والأسباب والاحكام الفاعلة و غاب كل موجود عن حقيقته و انفعاليته. وقال أنا ، وزهي.
واستكبرت الموجودات بعضها على بعض وغاب المستكبر عن مشاهدة المتكبر عليه بتكبره ، على مسببه و معلزله.
فظهر الكبرياء في العالم و لم يظهر تعظيمه ، فكان الظهور على الحقيقة لمن له الكبرياء الحق ، ذلك هو الله تعالي العزيز العليم.
وهو من حضرة الوحدانية المطلقة التي لا تعلق للكون بها .
لانها الأول لا يقبل الثاني و حضرة التوحيد التي تقبل الكون لتعلقه بها  مذكورة في كتاب الحروف من الفتوحات المكية الذي هذا الكتاب منها. فلينظر هناك ان شاء الله تعالي.
وهو من حضرة الوحدانية المطلقة التي لا تعلق للكون بها ، لأنهإ للاول الذي لا يقبل الثاني .
وحضرة التوحيد التي تقبل الكون لتعلقه بها مذكورة في كتاب الحروف من "الفتوحات المكية " الذي هذا كتاب منه فلينظر هناك إن شاء الله . 
فلنقل بعد التسمية أن حضرة الألوهية تقتضي التنزيه المطلق ،ومعنى التنزيه المطلق الذو تقتضيه ذاتها مما لا يعرفه الكون المبدع المخلوق ، فإن كل تنزيه يكون من عين الكون لها فهو عائد على الأكوان.
 فلهذا قال من قال "سبحاني " لإعادة التنزيه عليه واستغنائها بالتنزيه المطلق. 
فللآلوهية في هذا التنزل تجليات كثيرة لو سردنا هاهنا طال الأمر علينا، فلنقتصر منها على ذكر بضع ومائة تجل أو اكثر من ذلك بقليل بطريق الإيماء والايجاز لا بطريق التصريح والإسهاب.
 فان الكون لا يحمله من حيث الفهوانية وكلمة الحضرة ، لكن يحمله من حيث التجلي والمشاهدة فكيف من حيث. النيابة والترجمة، ثم إن الرحمة الشاملة التي بها كان الاستواء على عرش الربوبية بالاسم الرحمن الموصوف بالمجد والعظمة والكرم نسجت جودأ على الممكنات كلها.
 فأظهرت أعيانها سعيدها وشقيها، رابحها وخاسرها ، والقت كل فرقة على جادتها وحسب كل فرقة غاية طريقها، فالله يجعلنا ممن جعل على الجادة التي هو سبحانه غايتها وتنزهنا عن ظلم المواد ومكايدة اعراض النفوس المقيدة بالأجسام فنعم الوفد وفد الرحسن فطوبى لهم ثم طوبى لهم وحسن مآب.


املاء ابن سودكين على هذا الفصل في المقدمة عند ذكر تجلي الرحموت 

 قال إمامنا في أثناء شرحه لهذا التجلي : زعمت طايفة أن العدم للممكن من ذاته ، وليس بصحيح . 
وإنما الممكن مستحق الفقر من ذاته ، فله الافتقار الذاتي لا العدم الذاتي . اذ لو كان العدم له ذاتيا لما تحقق بالوجود آبدا . فتحقق ذلك . 
واعلم آن آول ما آفاض الله  وقد أوضحنا السرفي ذلك في " الفتح المكي والإلقا، القدسي‌" في معرفة منزل القطب والإمامين بغيرشك ولا مين . 
وذلك أن السنة الإلهية جرت في القطب اذا ولي المقام أن يقام في مجلس من مجالس القربة والتمكين ، وينصب له تخت عظيم ، ولو نظرالخلق إلى بهائه لطاشت عقولهم فيعقد عليه ويقف الإمامان اللذان قد جعلهما الله له بين يديه ، ويمد القطب يده للمبايعة الإلهية والاستخلاف
وتؤمرالأرواح من الملائكة والجن والبشربمبايعته واحدأ بعد واحد ، فإنه جل جناب الحق أن يكون مصدرأ لكل وارد وأن يود عليه إلا واحدأ بعد واحد . وكل روح يبايعه في ذلك المقام يسأل القطب عن مسألة من المسائل . فيجيبه أمام الحاضرين ليعرفوا منزلته من العلم .
  فيعرفون في ذلك الوقت ، أي اسم إلهي يختص به . ولا يبايعه إلا الأرواح المطهرة المقربة . ولا يسأله من الأرواح المبايعة من الملائكة والجن والبشر إلا أرواح الأقطاب الذين درجوا خاصة وهكذا حال كل قطب مبايع في زمانه . فتحقق والله ولي التوفيق . 
ثم مهد الشيخ ذلك كله بأحسن مهاد ، بحيث لم يبق في المسألة دخل إلا لصاحب عناد . 
ولو لم يؤمرشيخنا قدس الله روحه بنصح عباد الله لما أبدى لهم هذه الأسرار، التي تستحق الصون في خزاين الغيرة عن الأغيار. لكنه في ذلك مؤد أمانة إلى أهل القرب والأمانة .
ولما تحققت في ذلك باليقين ، وشرح الله صدري بنوره المبين ، حسن الله عندي سؤالي في شرح هذا الكتاب واهداء نفايسه لإخواني في الله تعالى ، من أولي الألباب . 


فرغبت إلى شيخنا قدس الله روحه في شرح هذا العلم المصون ألذي هو كهيئة المكنون . فمن علي بشرحه وقلدني جواهر فتحه . 
فلما حصلت في حرزي وكانت أعز ما في كنزي ، أحببت أن تكمل بالاتفاق عملأ على وصية الخلاق . 
قال الله تعالي لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)" 29  آل عمران . ويختلف الإنفاق باختلاف الأرزاق : فمنه الرزق الحسي وهو غذاء ، الأشباح ،و منه الرزق الروحاني وهو غذاء الأرواح. 
والله تعالى ينفع به المؤهلين لقبوله بمنه وفضله وطوله . هو حسبنا ونعم الوكيل . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:18 am عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة تعليقات ابن سودكين على كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي رضي الله عنه   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 4:53 am

مقدمة تعليقات ابن سودكين على كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الاندلسي

مقدمة ابن سودكين على إملاء كتاب التجليات الإلهية على مدونة عبدالله المسافر بالله
مقدمة تعليقات ابن سودكين على كتاب التجليات الإلهية
مقدمة ابن سودكين على إملاء التجليات تحتوي على ذكر بعض المناسبات التاريخية الهامة بكتاب التجليات نفسه رأينا إثباتها بالنص الكامل في هذه التعليقات: 
الحمد لله الذي من على عباده الذين اصطفى بمعرفة مراتب التجليات . وجعلهم على بصيرة منه في جميع الحالات . وحققهم باسمه " النور"، وهو المنفر للظلم والجهالات فأعرفهم به سبحانه من تميزت عنده أحكام التجلي علي قوابل النشآت .
وما حكمه إذا نادى مطلق النفس أو خصص قوة من قوى الذات . فيعلمون بنور الله أن التجلي ، أعني الوارد الإلهي إذا كان على مجرد النفس القابلة للتجلي .
بأحديتها ، كان الفناء حاكما على جميع القوى المدركات . فيكون المدد الحاصل ، بعد الرجوع ، معاني مجردات . وان كان على البصيرة ، أدركت التجليات الملكوتيات . 
وخرق نورها ملكوت الأرض والسماوات ! وكشف السر في أرواح المناسبات ، وما يوجبه ذلك التناسب من الإلف بين الذوات . 
وان كان التجلي على القوة الناطقة فاضت  نوع المحامد على فاطرالأرض والسماوات . 
ونطق القلب بالاسم الاعظم نطقا خارقا للعادات . 
وذلك عندما يدرك نفسه بنفسه ، في موطن تقدس عن الآفات وان كاذ التجلي على القوة البصرية من حضرة الاسم الظاهر، تعلق الإدراك بالأنوار اللامعات والمجالي الظاهرات ورؤية وجه الحق في جميع الممكنات . 
وان خصص سبحانه بتجليه القوة السمعية من حضرة اللسن ، تعلق الإدراك بفنون المخاطبات ، وورث حالة الشجرة الموسويه ، لكن من حضره وجوده لا من خارج الجهات . 
وربما ارتقى في قراءته الى السماع الأرفع من اعلى أسانيد التلقيات . 
ودون ذلك ، المحادثة والمكالمة من الأرواح العاليات ، والتملي بسماع تطريب دوران الأفلاك ، وما تعطيه من بديع النغمات . 
وقد جاء عن النبي ‌ "‌ إن من أمتي محدثين ومكلمين ، ، وفي ذلك تنبيه لأهل الفهم للطيف الإشارات . 
وان كان التجلي على القلب المراد بقوله تعالى : " إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب " 37 سورة ق .
فإنه يدرك تقلب قلبه مع الشؤون في كل زمن فرد ، وهو من أشرف المقامات المحمديات . 
ومن هذه الحضرة قال عليه الصلاة والسلام لصاحبه : " أتذكر يوم لا يوم" ، يشير إلى المواثيق الأول السابقات . 
وعن التحقق بإدراك تقلب القلب مع الشؤون ينبعث الشعور الخفي في كل آن ، ان بإحكام الاستعدادات واقتضائها الذاتي بفقرها الثبوتي بأنوع التنزلات . 
وحضرة الجود لا منع عندها للعطايا والهبات . وعنها كان الخطاب بقوله تعالى : "وأما السآئل فلا تنهر" 10 الضحي .  ليفيده التخلق بأكمل الصفات . 
فسبحان من منح عباده العارفين به معرفة حقايق التجلي ، وفتح عليهم بمنازلة أحكام التداني والتدلي وذلك عندما حققهم  بأداء الفرايض والتقرب بالنوافل وأشهدهم سبحانه سر العمل والعامل ، حتى حصل لهم بهذا الشهود ، التبري من كل علة ، وعلموا علم اليقين بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله . وحينئذ ملآهم منه ولم يصرفهم طرفة عين منه . 
وأخبر عز وجل أنه سمعهم وبصرهم وجميع قواهم . وهذا تخصيص لم يطلقه على غيرهم ولم يخصص به سواهم . وليس في قوتهم بعد التحقق بهذه المرتبة أن يشهدوا سواه ، أو يروا في الكونين إلا إياه . فاز بذلك الذين يدعون ربهم بالغداة : 
وهو اعتباره عالم وجودهم، وبالعشي: وهومرتبة إمكانهم وخمودهم . يريدون بتوجه الاستعداد الذاتي وجهه ، ويسرون في غيب ضميرهوهو. 
فهم بين ظلمة ونوروغيبة وحضور. تاهوا في جلاله وهاموا " كلما أضاء لهم مشوا فيه و أظلم عليهم قاموا " 20 سورة البقرة .
لله قوم ترى في حالهم عبرا    ......    حنوا إلى البارق العلوي حين سرا 
فلامع البرق لما أن بدا لهم    ......     أومى إلى طيب وصل باللوى غبرا 
ما لاح ثم انطوى عنا بسرعته  ......     إلا ليفهم عن أهل الحمى خبرا 
يشير لا صبر للاكوان أجمعها  ......     علي دوام تجل يمحق الأثرا 
ألا ترى لمعه لما بدا زمنأ     ......        فردأ يكاد سناه يذهب البصرا 
ولو يدم منه مجلى للعيون لما    .......    كانت لعمرك تدري بعده النظرا 
هذا مثال وتقريب تنزل عن        ......     حقيقة عن معناها الذي استترا 
يومي إلى سبحات الوجه حاصله   ......  طوبى لقلب رأى الآيات فادكرا 


وما يتذكرإلا من ينيب إلى القريب المجيب . جعلنا الله منهم ولا عدل بنا عنهم بمنه وفضله . 
وصلى الله على قبلة المجالي الإلهية الذي منه فاضت التجليات على كل مستجل من البرية وعلى آله وصحيه وسلم تسليمآ .
وبعد : فإنه لما انتهت مراتب التجليات لشيخنا وامامنا أبي عبد الله محمد بن علي بئ محمد بن أحمد ابن العربي ، الطائي الحاتمي ثم الأندلسي ، رضي الله عنه في زمانه ، ونازلها جميعها ذوقأ وشهودأ بنور يقينه وايمانه ؟ 
وعلم أن أشرف مراتب الرجال إفاضة الكمال ، فلذلك ألمح لأولي الأبصار، منها بقبس وتنفس من حضرة الجمع والوجود بأطيب نفس ، تشويقأ لقلوب الطالبين وتنبيهأ لهمم أولي العزم ، من 
المريدين للمذاقات العلمية . 
ورفعهم عن التقيد بالقوة الوهمية الذين يجدون من يمن يمينهم نفس الرحمن ويستجيبون للل اعي الى حضرة الجنان . 
وسمى شيخنا قدس الله سره ما تنفس به عن الاذن الالهي "كتاب التجليات" . 
وآودعه من المعارف اللدنية والحقايق الالهية ما هوكهيتة المكنون . لا ينكره الا آهل الغرة بالله المحجوبون . 
وآنفاس آهل الله تعالى لكمالها تنبسط على الفريقين ، ويظهر آثرها في الضدين لكونه ما تنفس به الشيخ حقأ في نفسه ، ولا يقبله الا من هو من جنسه ، وقد آخبر الله سبحانه عن كلامه النور المبين " يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا وما سضل به الا الفاسقين" 26 البقرة.
ولما وقف بعض من كنت أظنه خليلأ ، وآنه بالموافقة والوفاء لي كفيلأ ، على هذا الكتاب المسمى بالتجليات ؟ 
ورآى ما فيه من متابعة آسرار الآولياء لشيخنا في المشاهد الملكوتيات ! 
وآنهم قد آقروا بسبقه ، وان تقدموا في الزمان ، وبايعوه على المرتبة التي خصه بها الرحمن .
قال : أكاد آقسم بالله ان هذا ظلم وعدوان وزور وبهتان ودعوى بغير برهان ، فلما كان بعد ذلك رآيت هذا المنكر في المنام وهو يبالغ في سب النبي عليه السلام بفواحش لا يسع ذا ايمان أن يذكرها بلسان ، أو يرقمها ببنان . فعلمت آن المذكور قد أوبقته زلته وأحاطت به خطيئته وكان ذلك سنة عشر وستماية بحلب . وكان شيخنا رضي الله عنه غايبأ. 
ولما قدم بعد مدة ، أعلمته بما ذكره ذلك الخايب . ولاعتناتي بالقضية قصدت تحقيق المسألة مع الشيخ ، مع ما عندي فيها من علم اليقين . 
وظهرت بصورة محاقق ليظهر مزيد من الوضوح والتبيين . 
فقلت : يا سيدي قد ثبت عند العارفين أن الإنسان آنموذج صفير من العالم الكبير . 
وأن لكل موجود من الممكنات في نسخة وجود العبد رقيقة منبعثة عن أصل هو لها حقيقة . 
فاذا آخذ صاحب الجمعية يقبل على رقيقة ما من رقايق نفسه ، فإنها تتروحن بذلك التوجه الخاص حتى تكون مدركة لحسه . 
فإذا آخذ المحيي لتلك الرقيقة يناظرها في حقيقة الهية آو مسألة علمية ، كما جرى لسيدي مع من اجتمع بهم في كشفه ، وبين ما جوى من اعترافهم له بوصفه ، أو ليس من المقطوع به أن الذي قامت به تلك الرقايق هو لها الأمل الكل وهي له الفرع الجزئي ، فهولها ك" الرب المجيد‌"  ، وهي في نسخة وجوده كالعبيد ، فليس لها مما تجيبه به ، مدد الا من القائه إليها ولا حياة إلا من إقباله الخاص عليها ، فهي لهذا الارتباط فيما تجيب به ، مقهورة لا قاهرة ومحصورة لا حاصرة . 
فكيف يقتضي الإنصاف أن يحكم بما ظهر من هذه الرقيقة الجزئية الموثقة علي من هو لها حقيقة كلية مطلقة ، وكيف يقطع على حقايقهم بما حكمنا به على ما قام به في نسخة وجودنا من رقايقهم . 
ومعلوم آيضأ آن لنا في وجود كل إنسان منهم ومن غيرهم ، رقايق روحانية ، وأن لها عليهم سلطنة ورباية . وحكمهم على ما قام بهم من رقايقنا ، كما هو الآمر عند فيما حكمنا به عليهم بحقايقنا . فهم يناقضونا في الأحكام ويبقى الأمرموقوفأ على نظر المحقق العلآم . 
وقد آقر المنصفون من أهل هذه الطريق أن سيدي الإمام في زمانه ، عمدة لآهل التحقيق . وبالله التوفيق .


فلما سمح شيخنا قدس الله روحه مني هذا الخطاب أعجبه وقال : والله ما قصرت ولقد أتيت بالصواب لكن يا ولدي إنما الشأن كله في معرفة أحكام المواطن والحضرات . 
وفي التحقيق بذلك تتفاوت مراتب أهل الولايات . والذي حررته يا ولدي في أمر الرقايق الجزئية ، القائمة بالحقايق الإنانية وكون الحكم إنما هو للكلي على الجزئي ، فهذا حق في موطنه الخاص به ، وهي الحضرة النفسية وما يعطيه حكم النشأة الجامعة الإنانية . 
والذي ذكرناه في ‌ كتاب التجليات، مما جرى بيننا وبين أسرار القوم ، إنما كان في حضرة حقية ومشاهدة قدسية ، تجرد فيها سري وسر من كوشفت به في حضرة الحق ، التي لا تقبل إلا مجرد التحقيق والصدق . 
ولو قدرنا اجتماعنا معهم في عالم الحى بالأجساد ، لما نقص الأمر عما أخبرت به عنهم ولا زاد . 
والمعاملة يا ولدي مع القايم مع كل نفس بما كسبت ، فيما يعمل أو يقال ، وهو سبحانه عند لسان كل قايل ، عدل أو مال .

رابط تحميل شرح كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبرابن العربي وكشف الغايات



.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:38 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: شرح خطبة التجليات لابن سودكين على كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي رضي الله عنه   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 4:55 am

 خطبة الشارح لكتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات ابن سودكين 

الشيخ الأكبر والنور الابهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي قدس الله تعالى روحه  

خطبة الشارح وتأويل البسملة على مدونة عبدالله المسافر بالله
الجزء الأول
خطبة الشارح:-
01 - الحمد لله الذي رفع طلاسم الغيوب بتجلياته وكشف خدور الكمون عن أسرارها المصونة فيها بتنزلاته . فتق رتق ماقدر في الظلم برش نوره . 
وكتب بقلمه الحروف والكلم الكامنة في النون ، على الرق المنشور، نقلا من كتابه المكنون إلى مرقومه ومسطوره . 
أدرج ما يعرفه الكون وما لا يعرفه في الرقيم ، المكنى عنه تارة بقلب الكون، وتارة بقلب القرآن ، وتارة بأكمل قابل ظهر به الاسم الأعلى في أحسن تقویم . 
ثم استنطق فيه معنی : " ما فرطنا في الكتب من شیء " [ الأنعام :28 ] .
 فنطق المعنى بلسان كل فرد فيه ، ما لأفراد مجموع الأمر كله ، ونور سر الكون، إذ ذاك ، في اسفراره عن الظل والفيء. 
ففهم المستبصر الألمعي علم الكتاب ؛ وجاد عليه من غيب الجمع والوجود بغیر حساب ، وهو علم سير الوجود من الحق إلى الحق ، وعلم طريقه الذي هو على الحقائق ، إلى أن يجمعها قدم الجبار وقدم الصدق.

 
02 -  فقل : رب زدني علما ، ولا تقصد في طلبك غاية ، وتحول في صورة ما علمت، وتعلم إلى الأبد. ولا تبرح عن مركز فلك الولاية . 
واصحب الحق في صور معتقدك وعلمك مع الآنات. ولا تطمع في ضبط ما لا ينضبط ، وقل : رب زدني تحيرة، فإن إدامة مزيده عليك هي إدامة التجليات، فإذا استشرحت أحوال الوجود ، في وضع الكشف والشهود ، فكن على مطالعة تنوع الصور، في عالمي البدو والحضر.
إذ بتنوعها لك تتنوع اللطائف ؛ وبتنوع اللطائف تتنوع المأخذ، وبتنوع المأخذ تتنوع المعارف، وبتنوع المعارف تتنوع التجليات ، ويتنوع التجليات تستمر لك صحبة الحق وشهوده مع الآنات.

03 - والصلاة على من ابتدئ به رش النور، وعلى ما قدر في الظلمة للظهور، وختم بتقویم صورته كمال الصورة ، وسيرتفع في دورته عن المعنى المطوي فيها هذه الحجب المنشورة سیدنا محمد، الموصل من أصله الشامل صلة كل محمول وحامل ، وعلى آله وصحبه بغية كل طالب وغنية كل آمل.

04 - وبعد: كان في كتاب «التجليات» المنطوي على المطالب العلية ، المعزة إلى المشارب الختمية ما لا تتسلق إلى حل أغلاقه الأفهام السقيمة ، ولا تظفر بمطاوي أعلاقه إلا الأذهان السليمة.
وقد رام شایم برقه أن يرى   …..    من خلال سحب حروفه ودقا  
وكان هو من أوجب له بعشرته المرضية على ذمتي حقا ، فأوقع قرعة طلبه علي ، وأطال أعناق رومه إلي، وقد كان له في الكتاب دخل وقيل ، وفي ساحة فهمه جانب ومقيل
فلما رأيت حد شغفه ماضيا ، وجد طلبه في التزامي الأمر قاضيا، أجبت داعيته ، ملتزما وفاء حقه وجزاء صدقه . 
فعلقت له هذه الحاشية عليه ، وهي مع كونها لطيفة الحجم، توشك أن تفي بحله، وتحصي بأنامل التحقيق فرائد سمطه المقصودة إليه ، وترفع بأيادي البسط والأطناب ربات حجاله، وترشده بما رشح البال فيها من الرغائب الوهبية إلى أعذب مناله وأجزل نواله . 
وسميته : بکشف الغايات في شرح ما اكتنفت عليه التجليات
وإني أسأل الله المعونة في تبيين الغرض، وتمهيد ما يميز بين ما هو المقصود لذاته، وبين ما هو المقصود بالغرض وهو السامع المجيب
وإني وإن أصبت الحق فيما تحیت ، فيه أتحرى وبه أصيب.

تأويل البسملة 
رشح البال لكشف المنال ورشف الزلال في قوله قدس سره في مبدأ الكتاب وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم 

05 - اعلم أن العالم بما فيه من الحقائق المتطورة في الخلق الجديد، والصور المتعينة الظهور أنها المقدرة، في نشأتها المختلفة، والحصص الوجودية المفصلة، في الأجناس والأنواع والأفراد، بحسبها في طور الإنسان : هو کتاب جمع الوجود وقرآنه  .

06 - والإنسان بما لحقيقته وصورته المتطورة في المراتب التفصيلية حسب رقائقه المتصلة بتفصيلها وتفصيل كل شيء، في طور العالم المقول عليه السلام" سنريهم آیتنا في الأفاق وفي أنفسهم" [فصلت : 53 ] .  هو کتاب تفصيل الوجود وفرقانه


07 - فنسخة الجمع والتفصيل المقروءة من وجهين: "كتاب مرقوم يشهده المقربون" [المطففين:20-21]. وهو الكتاب المقول فيه ما فرطنا في الكتب من [الأنعام:28]. ونسختهما من حيث صورهما مطلقا : "وكتب مسطور .في رق منشور" [الطور:2-3]. ومن حيث حقايقهما الثابتة في عرصة غيب العلم : "في كتب مكنون لا يمسه إلا المطهرون" [الواقعة : 78 - 79].

08 - فالقرآن منزل من حيث فرقانيته ، بمطابقة تفصيل الوجود . فإنه بآياته التي فصلت مبين أحواله «الوجود» التفصيلية . ومن حيث قرآنيته ، منزل بمطابقة جمعه «جمع الوجود» حتى يعود تفصيله الجم بيانا إلى جمعه وقرآنه ، بل إلى سورة منه لا بل إلى البسملة ، وهي أربع كلمات إلهية ، لا بل إلى بائها، لا بل إلى نقطته المقول فيها "لو أردت لبثت في نقطة باء بسم الله سبعين وقرا". نسب القول إلى الإمام علي كرم الله وجهه (لطائف الأعلام 124 )

 

09 - فـ "بالبسملة " منزلة في مبتدأ الكتاب المحيط بالمحيطات ، كلماتها أربعة إلهية مصدرة بالباء ومختتمة بالميم، حروفها المقدرة والملفوظة اثنان وعشرون ، نقطها أربعة ، حركاتها عشرة : 
ستة منها سفلية وأربعة منها برزخية ، سكونها أحد عشر: الميت من ذلك سبعة ، والحي أربعة. 
فلعل من هذه المذكورات وغيرها مما أهمل ذكره ، إحاطة كلية تنطوي على كل ما احتمل الوجود من الأحوال ظاهرة وباطنة، بدءا وغاية ، تنزلا وترقية ، نقصان وكمالا ، تفصيلا وجمعة، بمطابقة ما هو مقول فيه : " ما فرطنا في الكتاب من شىء [الأنعام : 38].

10 - فها أنا أشرع أولا متلقية من نتائج سبق العناية ، في تحقيق ما اشتملت عليه نقطها، في بنائها الكشفي وعطيتها الفتوحية الإلقائية ، متحذلقا في مآخذ فيض الوجود لتلقي العطایا الجودية والنوادر القدسية والسوانح الحدسية ، فيما أحاطت به کلية استيعابها من الأحوال المذكورة بتلويحات تفي بالمقصود. ثم تتبعه الأخرى ، إلى أن ينتهي الأمر إلى غاية يتبين فيها مرام السائل وتترتب عليها غنية العائل.

النقطة 
11- اعلم أنها في المعنى المطلق الكامن في الغيب المطلق ، سر أقدس هو محل سکون مد الوجود المتقلب، بعد ظهوره في أصلاب الحدود والقيود والعدد والمعدود. 
وهي أصل هو محل سكون الألف ، مع كون حقيقتها معنى في الألف متقلبة في صلبه الفائت عن درك النطق مرة، منتقلة في تقليها إلى صلب الباء ، متولاة منه على استيعاب وإحاطة ، تنتقد له في أنهى غاية انبساطه وتنزله ، ومنتقلة أيضا إلى أصلاب الحروف فيها ، ومتقلبة تقلب الواحد أولا في صلب الاثنين ، الذي هو مبدأ الكثرة ، ثم في أصلاب الآحاد والعشرات والمئات والألوف.

12 - فـ "بالألف" في التحقيق لسان حل النقطة في فوت کنهها، والباء لسان حل تفصيلها وقلم خطها في تشكيلها ومبدأ بسطها في تنزيلها.

13 - ولما تجلت الحضرات الأربع في البسملة من حيث كلية إحاطتها العليا بـ «الباء»، واستقام فيها الباء عن صورته المعترضة لاحتضانه وحدانية الألف وقيامه باطنا، تعلق الباء بالسين الذي ذاته ساته الثلاث رقما ، وهو بسناته بناء ذات الألف المحتضن في الباء ، وبناء حقائقه الثلاث : أعني نقطة الأصل المبدوء بها في خطه ونقطة الغاية ونقطة الفصل بينهما.


14 - فملفوظ السين بمطابقة مرقومه في التثليث ، وذلك لظهور جوامع تفصيل ذات الألف في حس لطيف هو منال السمع. كما أن الميم هو تمام أظهر منال حس هو حظ العين.

15 - فمحل تفتح جوامع تفصيلها ذات الألف ، من حيث كونها منال السمع، هواء النفس الذي هو في مصادر النطق مداد المسموعات الجمة . ومحل تفتح تمام أظهر منال حس هو حظ العين ، ماء هو في المراتب الكونية مداد الكتاب المسطور في الرق المنشور .


16 - فينبوع هواء النفس ، الحامل صور حروف المقولات الجمة ، في حضرة اسم الاسم الذي له المبدئية في البسملة التي هي جوامع التفصيل الكتابي ، صادر من حقيقة النقطة البائية التي هي في سويداء القلب الإنساني ، نزلة أجمع الجوامع وأغمضها. 
ولذلك نزلت في نقطة سويداء أول أفراد النوع الإنساني جوامع الحروف الجمة ، التي منها وجوه تفاصيل أسماء الأسماء وعلم تأليفها بجوامع المناسبات.

17 - وينبوع الماء، الذي هو في المراتب الكونية التفصيلية مداد التدوين والتسطير، إنما هو من حقيقة نقطة نون الرحمن ، التي هي حقيقة حاق وسط طرفيه العماء، التي منها انتشاء النشات الكونية وما فيها . 
والرحمن هو المتجلي بالباء لإفضاء الرحمة العامة إلى عموم القابليات. 
فإن الباء هو صورة السبب الأول الموصل لما إليه الحاجة شهودة ووجودة . 
ولذلك كان عرش الرحمن على الماء الذي جعل منه كل شيء حي. وكل شيء ثم حي ناطق عرف الرحمن بحسبه وسبح بحمده .

18 - وينبوع الهواء والماء جمعة من حقيقة نقطتي ياء الرحیم. وهو بناء حقيقة وسطية إذا ظهرت في إحاطة متنزل الوجود دنوا ، يضاف إليها بالياء كل شيء إضافة حقيقية ؛ إذ الياء بناء هذه الإحاطة المذكورة .


19 - فنقطة الباء والنون لتخصيص عموم رحمة الوجود، وهما في ياء الرحيم لعموم تخصيصها. 
ولذلك ثل علم الأولين والآخرين بضربه في نقطتين : 
نقطة بين كتفيها، حيث وجدت برد الأنامل ، في نقطة أخرى بين ثدييها . 
وهذا العلم إنما ينتقد لمن يجد الكون مطلعة في غيب إحاطة الباء عن تجلي الحقيقة . 
ولذلك قال العارف : ليس للكون ظهور أصلا عند تجلي الحقيقة ، وإنما ظهوره بالباء لأنه ثوبها السابغ.


20 - فهذه النقاط الأربع المنزلة مطابقة الحضرات الأربع المبنية عليها ، تبين حکم کتاب الوجود جمعة في تفصيل وتفصيلا في جمع لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

21 - ولما كان الباء به ظهر الحق وبه وجد الكون الجسم، خرج على الصورة في كونه ثوب ظاهر الوجود من باطنه المجتمع فنظر الحق لظهوره وظهور حقائقه إليه ، فكان موقع نظره ظاهر نقطته التي هي بناء تدليه المنتهي إلى إحاطة أنهی متنزله القائم لتحقيق الجلاء والاستجلاء. 
ونظر الكون الصادر منه في مد ذاته الذي هو مد ظل وحدانية الألف ، مستجلية فيه محل عود حقائقه إليه ، بعد تنزلها عنه وتلفعها بالصور ؛ فكان موقع نظره باطنها الذي هو بناء تدانية المنتهي إلى إحاطة أنهى غاياته العليا التي إليها المنتهی .


22 - فاجتمع النظران في أنية المثل الأعلى القائم في منصة الجلاء والاستجلاء بتوفيه حكم الجمع ظهرا وبطنا، ومطلعة وإحاطة واشتمالا ، فيما بعد المطلع. فكان موقع نظره إذ ذاك فيه محل نقطة الوصل الجامع لنقطتي الظاهرية والباطنية . فلذلك تثلیت نقطة الباء في نفسه حكمة، وفي الثاء الذي هو منتهی تنزله عينة


23 - وهذا التثليث هو تثليث النقط التي هي حقائق الألف القائم. وبهذا التثليث كان وسع الباء موقع النكاح الأول الساري ، وبه سمي النكاح باء. فالباء بهذا التثليث النقطي قام بإزاء كل شيء فكأنه يقول في كل شيء: بي قام كل شيء. 
وهذا قول من قال : ما رأيت شيئا إلا ورأيت الباء مكتوبة عليه». فالتحقيق الإمعاني شاهد بدوران فلك الوجود ظهورة على تثليث النقطة التي هي رأس خط قائم الألف الوحداني المنفصل عن كل شيء في أوليته وفوته . 
وهذه النقطة واقعة في مبدأ طور التفصيل، تحت الباء الذي له العمل في نون الرحمن ونقطته، الانبساط رحمة الرحمانية العامة . 
والنون ونقطته ، من حيث كونهما معمول الباء ونقطته ، مبدأ تسطير كتاب الوجود وتدوينه بالقلم، قرآنا وفرقانا . فإن كان تثلیث النقطة بناء ظاهر الوجود وباطنه والجامع بينهما ، فهو ظهر به أيضا في طور المفعولات ، عالم الرفع بالميل الأيمن، وعالم الخفض بالميل الأيسر، وعالم السواء بالاستقامة والاستواء.


24 - فمنتهی تقلب النقطة ، التي هي بتثليثها أم كتاب العوالم الثلاث ، نقطة مركز الاستواء. وهي الوسطية المختصة بالإنسان الذي هو بنقطة سويداء قلبه نسخة جمع العوالم وإليه إيماء تفصيلها . 
وهو الذي ظهر به أيضا، في طور المقولات ، ألف الميل الأيمن والأيسر والسواء، وما يتحرك إلى كل منها من الحروف . 
فمنتهی تقلب النقطة في هذا الظهور في أصلاب الحروف ، نقطة الضاد الذي انفرد أفصح من نطق به في الأكملية بالنقطة الوسطية الغائية ، فأوتي فيها جوامع الكلم ، فنطق بكل نطق في كل علم من كل رؤية ، في كل وصف بكل حقيقة.

25 - وإن كان تثليثها في صورتها الخطية ، فلها تنزلان ، تنزل في صور حجابية الحروف بتنوع تعويجاتها ، إلى أن ظهرت في صور حجابية الحروف الجمة . فتفصل فيها تثليث النقط التي هي أصل الخط ، ما بين واحدة وثنتين ، من فوق الحروف ومن تحتها ، إلى أن ظهر تثليثها جملة، كما في الثاء والشين . 
ثم انتهت الحروف بالتراكيب المختلفة إلى الكلمات، إلى الكلام ، إلى الآيات ، إلى السور ، إلى الصحف ، إلى الكتب ، إلى الكتاب المحيط بالمحيطات ، إلى أم الكتاب ، إلى البسملة ، إلى الباء ، إلى النقطة ، فمن النقطة سلسلة المقولات الجمة ، 
وتنزل في تثلیث نفسها ، أعني الصورة الخطية وانبساطها عرضا إلى صورة حجابية السطح، والسطح في تثليثه وانبساطه عمقا إلى صورة حجابية الجسم فيتم بالجسم تنزلات المفعولات الجمة المستتبعة الحقائق الروحانية بحسب نشأتها . ثم ينتهي الجسم إلى أبعاده الثلاث التي هي فيه صورة حجابية تثليث النقطة التي منها سلسلة المفعولات كلها.


26 - وإن كان تثليثها في دوامه المطلق ، تقلبت في أصلاب أدوار الأزل والآن والأبد ، ثم في أصلاب الآنات إلى ساعة الجمعة المشبهة بالنكتة السوداء في وجه المرأة ، ثم إلى الوقت المبجل وهو أن لا يسع فيه لصاحبه مع الحق ملك مقرب ولا نبي مرسل.


27 - فعلى ما تقرر وتحرر تكون النقطة البائية بإشارتها إلى حقيقة وحدانية حقية ، تنطوي على الحقائق الجمة إحاطة واشتمالا بذرة نبتت في الأرض الأريضة الإمكانية شجرة الكون فروعة وأصولا وأوراقا وأزهارة وأثمارة، في آن ينطوي على الدهر العظيم الذي لا مبدأ له ولا منتهى إلا الأزل والأبد، فهي الشجرة الكلية التي ثمرتها :"إنى أنا الله رب العالميين" [القصص: 30].



28 - ومن أصل هذه النقطة، وعلى صورتها، الدرة البيضاء المودعة في عرش الاستواء. وهي حاق وسط طرفيه العماء . 
ثم النقطات الصورية الغاسقة والنورية : كمغرس السدرة، وموقع بیت المعمور، وبيت العزة ، والكعبة، ومراكز الأفلاك، والقطبين، وصور الذراري، وموقع قبة أرين، وذر الميثاق، وكثيب الرؤية، والهباء، ونكت سويداء القلوب، وصور الحبوب، وقطر الأمطار، وصور المتكبرين المحشورين يوم القيامة على صور الذر، ونحوها. حتى انتهت إلى ختم النبوة ، ثم إلى النقطة الغائية في القلب الأقدس المحمدي ، المسماة بالسويداء . 
فإن سائر النقطات ، في سائر البدايات والأوساط والغايات ، برقيقة نسبة ما، صورية ومعنوية ، خفية وجلية تنتهي من نقطة الأحدية إلى نقطة السويداء المحمدية . فإن منتهى كل شيء ، في الأحدية ، نقطة خفية معنوية ، تشمل كل نقطة منها على الجميع.

 
29 - فمن اطلع على أسرار هذه العوالم النقطية ، كان مطلعة على أسرار وحدة الوجود في مراتبه وأحواله وأحكامه التفصيلية . 
بل مطلعة على جمعها وتفصيلها في نقطة واحدة ، فإن جميع ما كتب بالقلم الأعلى بتقدير المدير المفصل، في لوح القضاء إجمالا، وفي لوح الفدر تفصيلا، إنما كتب من نقطة النون التي هي مرکز کرة الوجود. 
وفي كل نقطة منها من حيث كونها حاق وسطها ، علم ما في جميعها فافهم نجوى ذي نفس ، أتاك من نور الهدى بقبس.
 

الباء 

30 - في صدارته وقيامه بنساء ألف الذات، الذي لا يتعلق بشيء في قيامه ووحدانيته المطلقة. 
وحيث كان الإطلاق الألفي ، في قيامه الذاتي ، غير مناف لتعلقه بما بطن فيه من وجه وظهوره به ، تعين لكلية الظهور بـ "الباء" المنبسط منه ، المتعين في الرتبة الثانية بالأولية . 
فبحقه قدر ما خلق ، وبعدله خلق ما قدر. فاقتضى عدله التكافؤ في عدده ؛ فصار الواحد من عدده الاثنين، مصدر انبساط الوجود المفاض على الأعيان الغيبية ،
وصار الآخر مصدر انبساطه على الأعيان الشهادية ؛ ونقطته الموتر شفعهما، مجمع ما بطن من الحقائق الغيبية . 
وظهر في الصور الشهادية ، فسری حکم عدله في الأزواج وحكم جمعه في الأفراد ؛ فقام بعدله ما تعين في مراتب الأزواج من المعدودات ، وقام بجمعه ما تعين في مراتب الأفراد منها .
فهو موجودي ، انبسط عرضة لظهور الحقائق الحقية ووجود الحقائق الإمكانية الخلقية . 
إذ في مده العرضي حق ما ترجح ظهوره ووجوده ؛ وفي المد الطويل الألفي الذي لا مبدأ له في الأزل ولا غاية له في الأبد، حق كل ذلك مع ما بقي في صرافة الوجوب والإمكان أزلا وأبدا من غير مرجح لظهوره ووجوده .
 

31 - فلما انحصر الوسع البائي على ما يظهر ويوجب ، اختص بالمد العرضي، فإن العرض أقصر وأقل من الطول مقدارة. 
وحيث كان حكم الوجود في قيامه المطلق الذاتي بالنسبة إلى شؤونه الباطنة والظاهرة والكامنة في صرافة أحدية جمعه ، والبارزة للظهور عنها على السواء، خص الألف الذي هو بناؤه بالقيام طولا وصار حكمه بالنسبة إلى سائر الحروف على السواء. 
وحيث كان حكم الوجود في امتداده عرضا، في ثاني مرتبة قيامه المطلق ظهر الباء ، الذي هو بناء امتداده العرضي ، في ثاني مرتبة الألف الذي هو بناء قيامه المطلق في الهجاء.


32 - ولما كان للألف التثليث بتثلیث نقطه ، تكرر المد العرضي ثلاثة وانتشر على الاثنين منها نقطة الثلاث. فللباء منها واحدة سفلية ، فإنه بناء السبب الأول القاضي بتنزل الوجود الذي دل على سوائيته الألف. 
وللتاء ثنتان من فوق ، فإنه بناء انتهاء السبب البائي تنزلا إلى أدناه ؛ فإذا انتهى تنزله إلى أدناه عاد تسبيبه ترقية إلى أعلاه : 
كالذنب الذي هو سبب سقوط المذنب في مهواة الهلاك ، إذا انتهى إلى الغاية عاد ترقية إلى التوبة المنجية منها، فتفوقت عليه نقطتان وتشت، لتشعرا بتنزل السبب وترقية إلى الغاية . 
ولذلك صار التبيان في كشف الأمور أغنى من البيان . وهذان المدان محل تفریق نقط الألف. 
وللثاء الثلاثة : فإنه بناء جمع السببين وثمرتهما ؛ فهو اسم لما أفادته دائرة الأسباب ظاهرا وباطنا تنزلا وترقية. ألا ترى أن سبية الحسنة باطنا وظاهرة ا انتهت إلى الغاية ، أثمرت المثوية التي هي موقع الثاء؟ وكذلك السيئة أثمرت المثلة .


33 - فحيث كان الباء الذي يشار به إلى الوجود العام المنبسط في الكون دليلا على تقيده بتعيين الموجود الأول الإمكاني الذي هو السبب الأول في الإيجاد ، كان الباء سببا لما إليه الحاجة کمدلوله . 
وحيث كان مدلوله في كونه السبب الأول أصلا شاملا تتفرع منه الأسباب والمسببات الجمة صدق الباء ، الدال عليه على كل شيء تفرع منه مسببة عن سبب ، أو سبب الوجود مسببة إذ لا شيء من المسببات إلا وقد صدق عليه أنه سبب لكذا.
ولا شك أن الأوائل في سلسلة الأسباب ، سبب للأواخر.  فالسببية هي الباء المكتوب على كل شيء . 
وحيث كان السبب الأول في اشتماله الذاتي ، مستوعبة لما تفصل منه ويتنصل إلى الأبد، وبه انبسط الوجود العام عليه، ومنه كانت فاتحة ظهوره، قال من قال : بالباء ظهر الوجود. 
ومن هنا سماه بالحق المخلوق به .


34 - والباء في الحقيقة مبدأ والكثرة زوجا وفردة، فلا توجد الثلاثة التي هي مبدأ الأفراد إلا بوجود الباء فيه . فهو للظرفية : ملاحظة استيعاب السبب الأول واشتماله على جميع ماهو بصدد التفصيل . 
وللإلصاق : بملاحظة اقتران الوجود العام ومروره بالتعينات الحكمية لإيجادها. وللاستعانة : بتوقف وجود کون ما عليها، في التقدير الأزلي: كإظهار الواحد وجود الثلاث، بمساعدة الاثنين فلا تبديل لكلمات الله . 
وللتبعيض : ملاحظة ظهور الوجود العام البائي في تعيين يقوم بحق مظهريته ، من بعض الوجوه.


الألف المقدر بين الباء والسين والميم 

35 - هذا الألف في الحقيقة همزة وصل، لكن سميناه ألفا لسكونها الميت وسقوط حركتها بالدرج. 
ولما كان الألف من حيث قوته ، سكونة ميتا لم يكن معه شيء، ولم تقبل في سكونه شؤونه المكنونة حركة الظهور وأثر الإيجاد، قام عنه الباء قيام مثل يتفصل من عموم صفاته ؛ لقيامه أعني الألف الفائت ثوبا سابغة.
يبطن قيامه كنها ويظهره فيما تفصل من عموم انبساطه وجودة. 
فاستبطن الباء بقيامه مقام حقيقة ، هي العالم بالكل : الهمزة ، لتكون الظاهر له ، ويكون هو الباطن لها . 
وهي مع كونها حد فوت لألف ، وبدء إحاطته ، وظاهر تعينه الذاتي المنطوي على شؤونه المكنونة في سكونه الميت ، لم تقم في تحقيق المطلوب قيام الباء ، إذ لا صورة لها في سلسلة الحروف رقمة، كما لا ظهور لأحدية حقيقتها في عين الكثرة ، من حيث كونها كثرة ؛ فلم تكن ، لقيام الألف ، القائمة حركته بالكل ، ثوبا سابغة، لا سيما عن تحققها بالفوت في سقوط حركتها بالدرج، فإنها بسقوط الحركة مفقودة .

 
36 - فلما ظهرت مكنونات سكون الألف ومستودعات فوته ، تنزة وتفصيلا ، بالباء المتنزل المشعر بتنزله حركته ونقطته السفلية ، ظهرت على ثلاثة أنحاء : نحو يختص بما هو حظ السمع ؛ ونحو يختص بما هو حظ العين ، ونحو يختص بما هو حظ الفؤاد فما ظهرت منها بـ "الباء" على النحو الأول ، فهو حروف كتابه المنطوق ، التي بناء مجموعها في نفس الإنسان السين . 
فـ "السين" بناء كلية حس لطيف هو منال السمع . 
ولذلك قال المحقق الحرالي : الميم هو تمام ما ينتهي إليه الظهور في الأعيان ، والسين تمام ما ينتهي إليه الظهور في الأسماع واتصال الباء بالسين» أولا لتصدر ما هو حظ السمع في عموم الإيجاد . 
وما ظهرت منها به على النحو الثاني ، فهي حروف كتابه المرقوم والمسطور، التي بناء مجموعها في نفس الرحمن آدم ، وفي نفس الإنسان الميم ، فـ "الميم" تمام أظهر منال حس هو حظ العين. 
فأما كتاب الباء إنما تفضل إلى السين بما في سلسلة المقولات وإلى الميم بما في سلسلة المفعولات ، فانتهى إليهما ظهور الباء وتطوره الكلي ، في دائرة اسم الاسم.
فـ "الباء" بنقطته نسخة جامعة، وألف الدرج كذلك ؛ والسين والميم معا كذلك. 
ثم انتهى هذا التنزل البائي إلى الميم ، وهو حرف دوري ينعطف آخره على أوله ، وكذلك نون السين ، كما ينعطف التجلي البائي من منتهي هذه الدائرة إلى أصله ، فتتم بذلك حيطتها . 
وما ظهرت منها به على النحو الثالث هو معاني حروف کتابه المذكورة في النحوين الأولين ، وما اختص بها من الأسرار الوجودية ؛ إذ من شأن الفؤاد أن يدركها إما تعقلا أو كشفا أو شهودة جمعة أو تفصيلا.

37 - ولما كان الألف ذات الحروف الجمة التي هي وما يتألف منها حظ السمع ؛ والسين بسناته الثلاث المشعرة بتثليث النقطات الألفية بناءه وقع السين ساكنا ليطابق الدال المدلول سكونة. غير أن سكون المدلول میت ، وسكون الدال حي ، إذ المقصود من دلالة الدال ظهور المدلول ووضوحه ، فلو كان سكون السين ميتة لاجتمع في الدال والمدلول ساکنا موت ، فلم يتحقق المقصود بالدلالة.


38 - وقد تحرك الميم بالحركة السفلية ليشعر بأن الإحاطة البائية في التنزل والظهور مع انعطافها على مقتضى دور الميم في مرتبة الاسم إلى مبدئها لم تنته إلى الغاية بل لا بد لعملها في التنزل والظهور من تنزلات : منها تنزلها إلى مرتبة الاسم القائم مقام المسمى ، وهكذا حكم تعريفه .

39 - وقد طلب الباء ألف الدرج تنزلا وظهورة في مرتبة اسم الاسم، لا يثار شفعه بباطن له السوائية الحاكمة بعدلها على ما ظهر من الحيطة البائية على اثنين ، كالغيب والشهادة ، والأعلى والأسفل ، والجمع والتفصيل، والنور والظلمة ، ونحوهما ، ولا تتم الإحاطة البائية إلا بالثالث الموتر شفعها ، إذ التثليث شعار الباطن والظاهر والجامع . فبهذه الثلاث تمت الإحاطة وعمت .

 
40 - وألف الدرج طلب السين ليخرج ذخائر تثلیث نقطه، في تثليث ذات السين من كمون الفوت وسكون الموت . وطلب السين الميم ، وذلك كطلب الشيء نفسه . 
إذ الميم في كونه حرفا دوريا أربعة ميمات : 
میمان بطرد اسمه ، وميمان بعكس اسمه ؛ والقائم من المجموع عددا مائة وستون . فالماية هي غاية مبلغ الميم ، فإن أربعين بما تضمن من العقود ماية ، فما بقي من المجموع ستون، وهو مطلوب السين من الميم.

41 -  فـ"الباء" في «بسم» دیوان الإحاطة والاشتمال ؛ وله العمل في ديوان الإحصاء؛ فإن الوجود العام المنبسط في الكون الذي هو في المرتبة الثانية من الغيب المطلق ، مشتمل على جميع ما هو بصدد التفصيل إلى لا غاية .

42 - و«الميم» فيه هو ديوان الإحصاء، فإن قسم الوجود الماية بتمامها منتهية إليه؛ فإن أربعين كما ذكر آنفا يتضمن ماية ، فآدم عليه السلام في منتهى دور الإيجاد الموازي رتبة الميم في بسم ، واجعين الوجود في الأسماء المعروضة بحسبها . ومحمد صلى الله عليه وسلم في منتهى سير الوجود الموازي رتبة ميم الرحيم، واجد الأسماء في عين المسمى بحسبه .

43 - بل آدم واجد الأسماء عن المسمى الغايب . إذ لا حكم لخلافته إلا في غيبة المستخلف عنه . ومحمد صلى الله عليه وسلم واجد المسمى مع الأسماء الجمة ، ولذلك كانت وطأته ورميه وبيعته للحق المتجلي له جلاء واستجلاء. 
ولهذا السر وصف صلى الله عليه وسلم بالرؤوف الرحيم 
وهو المقول فيه :
رحیم بین رحمانين  …. كنهر بين بستانين 
وتلميذ حديد القلب    …. ملقى بين أستاذين 
فقل للحاذق النحرير  ….  إن السر في هذين 
 
فـ "الرحیم" بكونه بين الرحمانية المطلقة الذاتية وبين الرحمانية الإحاطية الصفاتية ، هو كنهر ينشئ بقوته الذاتية كمال ظهور الجمعين المعبر عنهما بالبستانين . 
وهو أيضا كتلميذ يستدعي منهما بألسنة ما في قابليته الأولى ، مدد الوجود جلاء واستجلاء، ليتحقق بذلك من فاتحته المقول عليها "کنت نبيا" ، 
""الحديث : "کنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " . انظر تخريجه في كتاب الشريعة للآجري"".
ومن خاتمته المقول عليها : « لا نبي بعدي» حظ عموم الكون من الوجود 
""انظر الأحاديث الخاصة بختم محمد صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جميعا في كتاب الشريعة للآجري ص 456""

44 -  فـ "الرحيم" في بينونة الجمعين الأخذ والعطاء مطلقا، وجودة وظهورة وسرهذا الإيماء بين رحمن البسملة وبين الرحمن .علم القرآن [الرحمن:1-2] فافهم. 
فإن نور الوضوح من منصة جلاء الروح تنفس بأنفس أجناس الفتوح ؛ ودام فيض ديمها للجنان حتى ظهرت ينابيعها منه إلى القلم واللسان.


الله
45 - اعلم أن الاسم كل تكل ظهر من غيب الوجود وتميز عنه ، أي تميز و ظهور کان . 
فهو علامة على مسماه ليعرف بحسبها واللفظ الدال على الظاهر المتميز الدال على المسمی هو اسم الاسم. فالاسم الله هو الظاهر المتميز عن الحق باعتبار تعينه في شأن کلي ، تحكم فيه على شؤونه القابلة منه أحكامه وآثاره . 
وهذا الشأن الكلي هو حقيقة جامعة ، هي كيفية تعينه تعالی في علمه بنفسه .

46 - والملحوظ في التسمية بالله ، الوجود مع المرتبة ؛ وبالرحمن الوجود من حيث انبساطه على العموم؛ وبالرحيم من حيثية انقسام الوجود حسب تخصيص الاستعدادات هذا نص كلام أهل التحقيق. 


47 - ولما انتهى تنزل الباء بعمله في الاسم الاسم إلى غاية انعطفت في المعنى إلى أولها، ظهر بعمله أيضا في الاسم الذي قام مقام المسمى ، حيث كان انبساط الوجود العام البائي قاضية بظهور عموم الإلهية . 
فحصل بسراية عمله في نظم البسملة التي هي المنزل الجامع والمدون المحيط بالمحيطات جميعا ، كمال الاتصال بين الاسم واسم الاسم، بل بين الميم واللام. 
فإن الميم بهذا الاتصال طلب مقامه في مستوى سلك اللام الذي هو نظير مسافة ملك الظهور، ونظير مواقع تفصيل الوجود ، أجناسة وأنواعة وأصنافا وأفرادا، غيبة وشهادة . 
فإن الميم هو بناء كمال الصورة التي هي مطلوب عموم الإلهية في منتهی مسافة ملك الظهور، أو قل : في منتهى سلك اللام . 
فهذا المنتهى المختص بكمال الصورة ، مقام هو مطلوب الميم من اللام ومخرجه .


49 - والهمزة الدارجة في اتصال الميم واللام ، هي شاهد الحق باعتبار تعينه أولا في شأنه الكلي الجامع للشؤون الجمة . 
وقد أخفيت بالدرج، لتعود بخفائها وسقوط حركتها إلى فوتها الأصلي وانقطاعها عن اللام ، المشعر بتفصيل ماقدر وجوده في مسافة ملك الظهور، وذلك لتحقيق سر: "كان الله وليس معه شيء" مع ظهوره في كل ماظهر وتميز وتعدد . 
""حديث : "كان الله ولا شيء معه"، وقد أخرجه البخاري في باب : التوحيد وبدء الخلق ، وابن حنبل في مسنده""
ولذلك اتصل الألف باللام لفظا بعده ، ليترتب على السر المذكور سر. والآن كما كان.


49 - واللام بناء ملك الظهور مطلقا. وهو حد فاصل يستجمع في مستوى سلکه التطورات الألفية النفسية في صور الحروف الجمة . ويشعر أيضا بتطورات الوجود في مسافة ملك الظهور جمعة وتفصيلا . 
واللام لامان : مدغم ومدغم فيه . فإن ملك الظهور الذي هو مساق التنزلات البائية ، غيب وشهادة . 
والغيب مدغم في الشهادة ، إذ لا تقوم الصور إلا بحقائقها الباطنة ، فكما أن الشهادة بصورها معرفة وموضحة للمستبصر عن أحوال الحقائق الغيبية وأحكامها، فكذلك الحقائق معرفة وموضحة للأسرار الوجودية المستجنة فيها. 
والأسرار الوجودية شاهدة بظهور الحقيقة المطلقة في اختفائها بتعينات الأسرار الوجودية والحقائق الغيبية والصور الشهادية . 
وقد حرك اللام بالحركة السوائية الفتحية ليشعر بأن القيومية الظاهرة في ملك الظهور اللامي القائمة بعدلها السماوات والأرض ، إنما هي من معدن فوت الجمع والوجود: فإن الحركة السوائية مادة الألف الذي له قيومية الحروف الجمة . 
ولما كان اللام في مستوى مد الألف النفسي بين حدي الهمزة والميم ، كان من مستوى اللام إلى حد الهمزة من معارج الغيب ومنه إلى حد الميم من مدارج الشهادة.
ولذلك صار اللام بوسطيته الجامعة، وسادة ظهور الألف الذي له أحدية الجمع في موقع الالتفاف والتعانق

 
50 - فإذا ظهر الألف من معدن من الوجود في القوة المنطقية على اللام بالتقدم والحكم تعينت باجتماعهما تطورات الوجود في الأعيان الوجودية في مسافة الظهور وتحققت. 
وإذا ظهر اللام بانضغاط التجلي الكلامي بين نقطتي الجوزهر بين الرأس والذنب في القوة النطقية على الألف بالتقدم والحكم، كان التفافهما لإذهاب التطورات الوجودية وطيها مطلقا. 
وإليه إيماء المحقق حيث قال :
تعانق الألف العلام واللام مثل الحبيبين فالأعوام أحلام والتفت الساق بالساق التي عظمت فجاءني منهما في اللف إعلام
إن الفؤاد إذا معناه عانقه بداله فيه إيجاد وإعدام فلما كان للاسم «الله» بتضخيمه وتضعيف لامه وتحركه بالحركة العلوية ، ظهور لا يدانيه الخفاء عصم عن التنكير ولذلك من تحقق بعبودية الله لزمته الشهرة . 
وحيث أخلى الإله عن التضعيف والتضخيم، لم يعصم عن ذلك. 
فالمتحقق بعبوديته بعبودية الإله ، وقد يكون ظاهرة وقد يكون خامة مجهولا لا يعبأ به .

51 - فأحدية الاسم التي هي مدلول ألفه المتصل، قاطعة تعلقه بالكون فمسماه من هذا الوجه أول لا يقبل الثاني ، ومطلق لا يقبل التقييد ، وواحد لا يقبل الكثرة. فهو اسم قاطع نسب الشركة في تسمية الخلق به بحق أو باطل . 
وحيث كانت التسمية به باعتبار تعين مسماه بالشأن الكلي الجامع الذي بعض وجوهه عموم الإلهية القاضية بوجود المألوهات وظهورها رجعت الأسماء السائلة ، بالسنة المحاضرة ، وجود مظاهرها من الأعيان الإمكانية إلى حضرته العليا وحيطته الوسعی وهكذا الأعيان السائلة منها ظهور الأسماء لوجودها فمن هذه الحضرة إجابة السائلين . 
ألا ترى أن العائل والسقيم إذا سألا الكفاية والشفاء من حضرتي الكافي والشافي ليست قبلة سؤالهم إلا الله؟ 
فيقول أحدهما عند ابتهاله إليه : يا الله ! والمقصود بذكره الكافي والشافي.

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:40 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: خطبة الشارح لكتاب التجليات الإلهية الجزء الثاني الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 4:58 am

 خطبة الشارح لكتاب التجليات الإلهية الجزء الثاني الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات ابن سودكين 

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي قدس الله تعالى روحه  

خطبة الشارح وتأويل البسملة على مدونة عبدالله المسافر بالله
الجزء الثاني
خطبة الشارح:-
تابع تأويل البسملة 
رشح البال لكشف المنال ورشف الزلال في قوله قدس سره في مبدأ الكتاب وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم
52 - وأما الألف المتصل باللام ، الذي هو محل تفصيل ما ظهر وتميز عن كل ما بطن، فشاهد بصحة هذه المحاضرة الأسمائية ، وبتعلق الاسم الله بإنشاء الكون على مقتضى السؤال الاسمائي ، بألسنتها المعنوية عند المحاضرة. 
فإن تحقيق الإجابة إنما هو باقتران الوجود والمرتبة أولا وليس ذلك إلا بالتجلي المختص بالاسم الله . 
والاقترانات التفصيلية بين الوجود والمراتب إلى لا غاية ، إنما هي منتشئة من الاقتران الأول فيه فانفصال الألف من اللام أولا، واتصاله به ثانيا، هو بناء انطلاق الاسم في انحصاره وانحصاره في انطلاقه، فهو في رتبته العليا الجمعاء باطن مستبين ، متصل في انفصاله ، منفصل في اتصاله .


53 - وأما اتصال الهاء به «اللام» رقما فمشعر بأن الظهورات التفصيلية اللامية بعد انتهائها إلى غاية تقتضي كمال الصورة ، تنتهي إلى غيب ، أنبأ عن إحاطته الوسعی هاء الاسم. 
وهو باطن مغيب في الظاهر المشهود کجوامع أحوال الوجود وأحكامه الآجلة إلى الأبد. 
ولذلك ينقلب في مبتدأ دولة هاء الاسم وهو ظهور أشراط ختام أمر العاجل، ما في قبضة كمون الهوية وطيها الآن، ظاهرة وجليا . 
وهو المقول فيه :"يوم تبلى السرائر" [الطارق:9] .
فيطرأ إذ ذاك على الظاهر الآن سواد الخفاء، وعلى الباطن الآن شعشعة كمال الوضوح والظهور: طريان الليل على النهار والنهار على الليل. ""يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ"" [الزمر : 5].
ألا ترى غيب الهاء آجلا كيف ينقسم على الدارين انقسام الهاء في الكلمات على القوسين؟

54 - فدولة هاء الاسم إنما تحفظ بالهوية المطلقة الكامنة في الكون العاجل أصول العوالم الخمس عليه . 
وهي الغيبان : المطلق والمضاف ؛ والحستان : المطلق والمضاف ؛ والجامع المحيط بالجميع. ولا حكم لعدده في الكون الآجل . 
فإن الكشف المطلق يبدي فيه الكثرة بلا عدد ، ويظهر في كل شيء كل شيء، حتى يظهر كل فرد من أفراد شؤون مجموع الأمر كله بصورة الجميع ووصفه وحكمه ، بحيث يضاهي كل شأن من الشؤون الشأن الكلي الجامع، الذي به تسمى الحق بالاسم الله . فافهم . 
و«الهاء» بكونه حرفة إحاطية، دارت أحدية الاسم بالتجلي من نفسها إلى نفسها ؛ وبحركته السفلية من نفسها إلى الغير. 
ولذلك اتصل في التلفظ بـ "الراء" المشعر بانقسام عالم الظهور الرحماني بالكون العلوي والسفلي فللعلوي ، من الرحمة الرحمانية ، الدرجات الماية ؛ وللسفلي منها ، الدركات الماية .
 
55 - ولما كان عدد حروف الاسم بعد إسقاط حروفه المكررة ستة وثلاثين حكم الاسم بتجليه على الدهر أن يكون منه لرفيع الدرجات ، في كل دور سنوي ثلاثمائة وستون دورة يوميا طبق عدد الرفيع ويكون عشر ذلك مطمح تجليه الوحداني القائم بتفصيل مراتب التوحيد وهو ستة من شوال و " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان " [البقرة:185] ، المشتمل على ستة وثلاثين آية ، توضح مراتب التوحيد طبق عدده المذكور.
 
56 - فمنها توحيد الهوية كقوله تعالى: " الله لا إله إلا هو" [البقرة :200] 
ومنها توحيد "أنا" كقوله تعالى : "إني أنا الله لا إله إلا أنا " [طه:14] 
ومنها توحيد «أنت» كقوله تعالی :" فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت " [الأنبياء:78].
ومنها توحيد الاسم نفسه كقوله تعالی "إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون " [الصافات /30].
ومنها توحيد الصلة كقوله تعالی : "قال، أمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو  إسرائيل" [يونس:90].
 
57 - و"الألف" الذي هو فاتحة الاسم، مع اقتضائه في أوليته كمال الانقطاع عن غيره ، إذ لا نسبة بين الذات والسوي إلا العناية ولا زمان إلا الأزل ، كان من حيث معنى يرجع باعتبار منه إلى ظهوراته في مصادر النطق ، يطلب اللام طلب الذات المطلقة شأنا كليا فيه أفراد مجموع الأمر كله . 
ولذلك جمع اللام في اسمه حرفي مبتدأ سلسلة المصادر ومنتهاها ، ليكون ما بينهما مستواه . 
كما حاز الشأن الكلي المنبه عليه في كماله الوسطى ، كمال فاتحة الظهور المقول عليها : «کنت نبيا»، وكمال خاتمته المقول عليها : «لا نبي بعدي»، ليختص به حاق وسط الكمالين المقول عليه من وجه : "أوتيت جوامع الكلم ". رواه مسلم واحمد والبيهقي وابي يعلى وابن ابي شيبة وغيرهم 
ومن وجه آخر: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» الموطأ والمقاصد الحسنة و ومسند البزار و البيهقي والسيوطي فى الجامع الكبير
و" اليوم أكملت لكم دينكم " [المائدة : 3] .
 
58 - وطلب اللام الظاهر اللام المدغم فيه طلب الشيء نفسه ، ولكن بصفة تقابل صفة ظهوره كما طلبت الشهادة الملكية غيب الملكوت المدغم فيها لتنبعث الآثار والأحكام الوجودية من الحقائق الباطنة إلى الصور القابلة لها . 
وطلب اللام الألف المتصل به تلفظة ليعم حكم اللام في تقدمه عليه ، حكمه في تأخره عنه ، بإذهاب الموضوعات الوجودية ، وبتعينها وتحققها كما عم حكم الاسم بالمشيئة في المحو والإثبات : "يمحو الله مايشاء ويثبت " [الرعد: 39] .
 
59 - وطلب الألف الهاء طلب الشيء إحاطته العليا، فإن الهوية المطلقة التي هي باطن الهاء ، إليها المنتهى مع اختفائها في لبس الأنيات ظاهرة وكمال ظهور ألف الذات في حجاب نفس الرحمن في العوالم الخمس المنبه عليها من قبل والدال عليها من الاسم عدد الهاء فافهم وحاول من سوانح الكرم، في حيطة هذا الاسم الشريف ، نقد ما لا يجهل ولا يعلم وحاصل كل معرب ومعجم.
 
الرحمن 
 
60 - لكل اسم إلهي وجهة في إطلاق وجوده ، هو فيها مطلق في تقيده ، مقيد في إطلاقه. فـ "لنفس الرحمن" سکون في وجهته المطلقة، وسكون في انبساطه باطنا على عموم القابليات.
 
61 - فسكون الألف واللام في رحمن البسملة ، حالة اندراجهما، بناء سكون النفس في الحالتين. 
وإنما ظهرت الحركة العلوية مع التضعيف في رائه المبتدأ به ، لتشعر ببسط الرحمة الوجودية الرحمانية باطنة وظاهرة على كل ما تطور به وظهر مد النفس الرحماني فإن الراء في 

نفس الإنسان لتطوير تكرر في مستوى سلك اللام المتطور بصور الحروف التي هي صفير تقاطعه في المخارج. ولذلك تخرج الراء من مصدر النطق مكررة . فهو ظاهر اللام ، من حيث كونه معبرة عن تطور مستواه بصور الحروف.
 
62 - ولما كان مد النفس من مستوى اللام على قسمين : 
قسم يلي مبتدأ امتداده ، وقسم يلي منتهاه 
فالأول معارج الترقي ؛ والثاني أدراك التردي ؛
فقسم الرحمة الماية الرحمانية، 
في القسم الأول درجات ماية "مائة"؛ وفي الثاني درکات ماية "مائة" . 
فشمول حيطة الراء على القسمين بتكرره جمع من العدد مائتين . 
في "الألف" الفائت في الرحمن ، لعموم الرحمة وإطلاقها . 
و«اللام» الساكن ، سلسلة الحكمة باطنة. و"الراء" سلسلة انتظام الأطوار والأكوان حسب اقتضاء الحكمة ظاهرا. فافهم.
 
63 - وأما «الحاء» فهو عماد الحيطة الرحمانية وحامل سر الحي القيوم فيها . فإن بسط الرحمة المطلقة الرحمانية على القابليات الكائنة إنما يتوقف أولا على نفخ الروح الأعظم امتنانة في قابلية الموجود الأول الظاهر بكماله الجمعي الإجمالي في حاق وسط العماء.
 
64 - وسر هذا العماد في الروح المنفوخ في القابل الأول الحياة التي هي كماله الأول، وفي الحياة الروح الذي به قيامها . 
وظهور هذا السر من الموجود الأول باعتبار انطباعه في الصورة الأولى الطبيعية العرشية التي هي مستوى الرحمن . 
ولكن في عماد قام من مركز محيط العرش إلى فوقیته المسماة من وجه بالمستوى الأعلى . فهذا العماد هو مسرى الروح والحياة والقيومية . 
وهو ساق حامل في طور تنزل الوجود الرحماني أعباء الحي القيوم ؛ وفي طور ترقيه ، أسرار ذي المعارج .  وهو المقول عليه :"يوم يكشف عن ساق" [القلم :47] . 
فمنه تنبسط الروح والحياة إلى أقطار الكون وأنحائه . 
فالصورة العدلية القائمة بحقوق مظهرية هذا الروح والحياة والقيومية، صورة إنسانية نشأت من طينة نقطة الكعبة التي هي في أديم الأرض محاذية لمركز محيط العرش ولنقطة فوقيته ، المعبر عنها بالمستوى . 
وهذه الصورة التي هي محط أعباء الحياة والقيومية في طور التنزل الغائي ، هي التي خلقت في أكمل الوجوه وأعدلها على صورة الرحمن.
""إشارة لحديث : " خلق الله آدم على صورته ". أخرجه البخاري ومسلم وطبقات الحنابلة "".
 
65 - ولما اتصل الساق من الحيثية الفوقية بالمستوى العرشي الذي هو أول الأجرام الطبيعية المشتملة على الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ؛ ومن الحيثية التحتية بنقطة الكعبة المحاذية لمركز العنصريات التي منه انفتق الأسطقسات الأربع ، أخذ "الحاء"، المحمول بسره على الساق من العدد ثمانية . ""الأسطقسات الأربع = العناصر الأربعة الماء الهواء التراب والنار""
وحيث امتد الساق من مستوى العرش الذي هو محل انطباع لوح القضاء 

 
 ومستوى الرحمن ومجمع الأركان الأربع الطبيعية ، على الكرسي الذي هو محل انطباع لوح القدر ومستوى الرحيم وموقع تفصيل كل شيء، مما ظهر من الاعتدالات الطبيعية القائمة من أركانها الأربع؛ 
وسری حكم العرش في الكرسي وحكم الكرسي في العرش، بكون أحدهما سقف الجنة والآخر أرضها، صارت الثمانية "الحائية" ، الروحية ، الحياتية عدد "أبوابها"، وصارت دارها مقولا فيها : "وإن الدار الآخرة لهى الحيوان" [العنكبوت : 64] . 
وحيث امتد ساق العرش على السماوات السبع ، وسری سر "الحاء" بروحه وحياته فيها، تكرر "الحاء" في "الحواميم" التي هي من صدور الكتاب السماوي سبع مرات. 
وقد امتد الساق الحامل بسر "الحاء" مادة الحياة والقيومية إلى أن صار منتهاه مرتبة الإنسان الأكمل الفرد الظاهر بصورته من طينة "الكعبة" ؛ فإن مرتبته في المراتب الكلية الإلهية والكونية ثامنة وهذه المراتب الكلية هي : 
الإلهيات والآمريات والطبيعيات والعنصريات والمعادن والنبات والحيوان والإنسان.
التفصيلية التي هي سر الحاء ، كان في مراتب تنزل الوجود ثامنا. وذلك من العقل الكل، إلى النفس الكلية ، إلى الهيولى الكل، إلى الطبيعة الكلية، إلى الجسم الكل، إلى الشكل، إلى العرش، إلى الكرسي . 
وكذلك باعتبار ترقي الوجود في المراتب السماوية : فمن سماء القمر التي هي للسماوات كالمركز إلى الثانية ، إلى الثالثة ، إلى الرابعة ، إلى الخامسة ، إلى السادسة، إلى السابعة ، إلى الكرسي.
 
67 - وقد سكن الحاء في الرحمن سکون حي ، ليشعر بخفاء الروح الذي منه مادة الحياة ومعنى القيومية فيما ظهر وتطور في معارج الترقي وأدراك التردي.
 
68 - ولما كان مخرج الميم منقطع النفس ومحط خصایص التقاطع المخرجية وأنهی منزل الألف ، ألحق بالحاء الرحمن ليشعر بكمال انبساط الرحمة العامة الرحمانية ، في اللطيفة الروحية المحتجبة بالحقيقة الإسرافيلية القاصدة بنفخها إيصال مد نفس الرحمن إلى «میم» مرکز الصورة العامة ، من «میم» محيطها فإن محيطها فم قرنها فافهم.
 
69 - والمخلص من البيان الأوضح، أن الميم في منقطع النفس بناء انبساط الرحمة ظاهرة على عالم الخفض كـ "الياء" من «الميمات» الثلاث ، التي هي أنباء عموم فيض الوجود على العوالم الجمة : عالم الرفع والخفض وعالم السواء ولذلك كانت مفردات عالم الخفض کعدد «الياء» مع عدد مراتبه سبعة عشر 
لأن سنخ الطبيعة له أركان أربع نزيهة، كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ؛ وأركان أربع عنصرية ، كالنار والهواء والماء والتراب ؛ والمخلوق من الأربع الأول ، العرش والكرسي، وهما محلا انطباع لوحي القضاء والقدر؛ والمخلوق من الأربع الثانية ، السماوات السبع ، وهي محال انطباع لوح المحو والإثبات ، فالمجموع سبعة عشر.

70 - في «الياء» بعدده وعدد مراتبه بمطابقة هذه المفردات سبعة عشر. إذ عدده عشرة، وله في مرتبته ومراتب الجيم والميم والسين والشين والعين والغين سبعة . ولذلك يكرر الميم بمضاهاته إياه في الصدور المنزلة سبعة عشر مرة ، لكل عين في تمام صورته ، ميم.
 
71 - فانبساط الرحمة الرحمانية يكون أولا على الأركان الأربع الطبيعية في الصورة المحيطة العرشية ، المنعطف أولها على آخرها وآخرها على أولها ؛ ثم على الكرسي المحيط على عموم الحصص الوجودية ؛ ثم على المحيطات السماوية المخلوقة من الأركان الأربع العنصرية؛ ثم على المركبات المنحصرة أنواعها في المواليد الثلاث ؛ ثم على القابليات الإنسانية ؛ ثم على القائمة منها بحقوق كمال الوجود جمعة وتفصيلا، ثم على قابلية غائية ، يدور فلك كمالها جمعة في تفصيل ، وتفصيلا في جمع ، من نفسها على نفسها، حيث تجد فيها كل شيء ، بل تجد في كل شيء كل شيء. فافهم.
 
72 - فهذه القابلية الغائية التي هي في منتهی مساق الرحمة العامة الوجودية ، هي رحمة الكافة وصلة القابليات الجمة والوصلة الرافعة كثرة الجمهور.
 
73 - فالجمعية الميمية هي الجمعية بعد التفصيل الألفي بصور الحروف في النفس الإنساني كجمعية الإنسان بعد تفصيل شؤون أحدية الجمع في صور أعيان النفس الرحماني. 
ولما كانت جمعية الميم بعدية ، خلت إحاطته عن الجمعية قبل التفصيل؛ فاتصل الألف به تتميمة وتكميلا لإحاطته . 
فإن جمعية الألف قبلية، فإن صلاحياته إنما تنفصل بعد ظهوره بصور الحروف . 
كما أن صلاحيات نفس الرحمن إنما تظهر في تطوره في المراتب التفصيلية بصور الأكوان. 
ولما حصلت للميم بجمعيته الإحاطية في أدنى المراتب طبية عالم الخفض، في كونها مقيدة بـ "الباء" المختص بالكون الأسفل، ومقتضی منزلة القطب في كماله الجمعي الإحاطي، سوائية لا تنحصر في ميل وقيد وعلامة ، كقطبية الواو الرافعة بقيامها وسوائيتها ميل الأيمن والأيسر، فأيدت قطبية الميم في الإحاطة الرحمانية أولا بانتصابه بالفتحة التي هي مادة سوائيته التي لا تقبل الانحصار في حكم وثانية بنقل ألفه المتصل به من قوته وسكونه الميت المنافي له، في کونه قطبة لدائرة منتهى الظهور، إلى سكون حي يناسب مقامه ظهورة.
 
74 - وأما «النون» فقد جعل في «الرحمن» أم الكتاب المفصلات الرحيمية المخصصة بالحصص الوجودية ، ولذلك حرك بالخفضة ليشعر ذلك بتنزل الرحمة الرحمانية إلى حيطة رحيمية ، تقبل التحصيص والتخصيص إلى لا غاية . 
واتصل «النون» بـ "الراء"، حاملا سر حرف التعريف باطنا، ليظهر بقلم تطوير «الراء» مفصلا ما بطن في سواد إجماله جمعا فإن «النون» ظاهرا نصف دائرة ، تشعر نقطته الوسطية بنصف آخر معقول ، به تتم الدائرة، فيكون النصف المعقول غيبة ، والنصف المحسوس شهادة. 
ولكن تفصيل ما في قوسه لا ظهور له في سواد إجماله إلا بقلم تطوير الراء ، القاضي بتخصيص الحصص وتقييدها على حكم المراتب في الدرجات المالية والدركات الماية .
 
75 - فالتجلي الوجودي الرحماني بمقتضی حیطة النون ، إنما دار على فلك الباطن والظاهر، وتطور على مقتضی حیطة الراء بحقائق الصور وصور الحقائق حتى إذا ظهر في قوس الظاهر عين من حروف نفس الرحمن مع حرف من حروف نفس الإنسان قابله من قوس الباطن اسم من أسمائه ، إلى أن انتهت سلسلة وجوده المنبسط إلى أنهی منزلة منحصرة مراتبها الكلية على عدد حروف النفس الإنساني ، وهو ثمانية وعشرون.
 
76 - فما ظهر أولا من حروف نفس الرحمن في مبدأ قوس الظاهر الرحماني ، 
الموجود الأول، المسمى بالعقل الكل والقلم الأعلى ولوح القضاء وحضرة التدبير والتفصيل ، بنسبة "الهمزة" في أول مخارج نفس الإنسان ؛ فقابله من قوس الباطن الرحماني الاسم «البديع»، ثم النفس الكلية المسماة باللوح المحفوظ ولوح القدر، 
ثانيا : بنسبة «الهاء» في نفس الإنساني . 
فقابلها من قوس الباطن الاسم «الباعث». ثم الطبيعة الكلية ، 
ثالثا : بنسبة «العين» في نفس الإنسان؛ فقابله من قوس الباطن الاسم «الباطن» .
ثم الهباء المسمى بالهيولى : بنسبة «الحاء» في نفس الإنسان؛ فقابله من قوس الباطن الاسم "الآخر"، 
ثم الشكل : بنسبة «الخاء» في نفس الإنسان؛ فقابله من قوس الباطن ، الاسم «الظاهر» ،
ثم الجسم الكلي : بنسبة «الغين» في نفس الإنسان ؛ فقابله من قوس الباطن الاسم «الحكيم»، 
ثم العرش : بنسبة «القاف» في نفس الإنسان؛ فقابله من قوس الباطن الاسم «المحيط»، 
ثم الكرسي بنسبة «الكاف» في نفس الإنسان ؛ فقابله من قوس الباطن الاسم «الشكور» ، 
ثم الأطلس : بنسبة «الجيم» في نفس الإنسان ؛ فقابله من قوس الباطن الاسم «الغني»، 
ثم المنازل : بنسبة «الشين» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن الاسم «المقتدر»، 
ثم سماء الكيوان : بنسبة «الياء» في نفس الإنسان ، فقابله من قوس الباطن "الرب"، 
ثم سماء المشتري : بنسبة «الضاد» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن الاسم "العليم" ، 
ثم سماء المريخ : بنسبة «اللام» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «القاهر»، 
ثم سماء الشمس : بنسبة «النون» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «النور»، 
ثم سماء الزهرة : بنسبة «الراء» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «المصور»، 
ثم سماء عطارد : بنسبة «الطاء» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «المحصي»، 
ثم سماء القمر: بنسبة "الدال" في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «المبين»،
ثم الأثير : بنسبة «التاء» في نفس الإنسان ، فقابله من قوس الباطن «القابض»، 
ثم الهواء : بنسبة «الراي» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «الحي»، 
ثم الماء : بنسبة «السين» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «المحيي» 
ثم التراب : بنسبة «الصاد» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «المميت» 
ثم المعدن : بنسبة «الظاء» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «العزيز»، 
ثم النبات : بنسبة «الثاء» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «الرزاق» ، 
ثم الحيوان : بنسبة "الذال" في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «المذل»، 
ثم الملك : بنسبة «الفاء» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «القوي»، 
ثم الجن : بنسبة «الباء» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «اللطيف»،
ثم الإنسان : بنسبة «الميم» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن "الجامع"
ثم المرتبة : بنسبة «الواو» في نفس الإنسان، فقابله من قوس الباطن «رفيع الدرجات» وقد أخرنا «الواو» في هذا الترتيب عن «الميم» ليكون بناء المرتبة ، فتصح الآخرية في ترتيب الأعيان للإنسان و«الواو» عند البعض آخر الشفويات.
 
جدول تجلیات نفس الرحمن في قوسي الباطن والظاهر 
القوس الباطن                                                القوس الظاهر
1 -  البديع              العقل الأول              **         الهمزة  :      الشرطان 
2 - الباعث            اللوح المحفوظ             **         الهاء  :       البطين 
3 - الباطن            الطبيعة الكلية              **          العين   :       الثريا
4 -  الآخر             الهباء                   **         الحاء   :       الدبران
5 -  الظاهر         الجسم الكل                 **          الغين    : رأس الجوزاء 
6 - الحكيم            الشكل                    **          الخاء     :   النحية 
7 - المحيط           العرش                   **          القاف     :  الذراع
8 - الشكور           الكرسي                  **          الكاف     :  النثرة
9 - الغني         الفلك الأطلس                **          الجيم      : الطرف
10- المقتدر            فلك المنازل            **          الشين      : جبهة الأسد
11 - الرب             السماء الأولى          **         کیوان      : السبت إبراهيم
12 - العليم            السماء الثانية            **        الضاد    :  الخميس موسی
13 - القاهر           السماء الثالثة            **        العوا     :  الثلاثاء هارون
14 - النور            السماء الرابعة           **        السماك   :   الأحد  إدريس
15 - المصور        السماء الخامسة           **        الغفر     :  الجمعة يوسف
16 - المحصي       السماء السادسة           **        الزبانا    : الأربعاء عیسی
17 - المبين          السماء السابعة            **        الإكليل    : الاثنين   آدم 
18 - القابض         الأثير                   **         التاء        القلب    
19 -  الحي          الهواء                   **         الزاي     الشولة
20 - المحيي         الماء                    **         السين     الناعيم
21 - المميت         التراب                  **         الصاد     البلدة
22 - العزيز         المعادن                  **         الظاء      سعد الذابح
23 -  الرزاق         النبات                  **         الصاد     البلدة
24 - المذل           الحيوان                 **         الذال      سعد السعود
25 - القوي          الملائكة                  **         الفاء       سعد الأخبية
26 - اللطيف        الجن                     **         الباء       المقدم من الدال
27 -  الجامع      الإنسان                    **         الميم       الفرع المؤخر
28 - رفيع الدرجات  تعين المراتب            **         الواو       الرشا 
 

دائرة تجليات النفس الرحمن في عالمي الإبداع و الإمكان

  كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  XALUy88LNBx_z_QcGcp0QoQ9Rgk8j40tPesynq4bkN5r-CU1AkR5fLJpTiAv9QaO5_59JOYC4exzuAABMqdUrtFdiCD7aD-SugH9y0qgkMrwDqRUQ5Jj-Jn-l_OvwXQxh4YrO9Xz


77 - و"الألف" و"اللام" في «الرحمن» لما كانا زائدين سقطا عند اتصال"الهاء" بـ "الراء" في الدرج لطلب الذات الإلهية نفسه ، من حيث الرحمانية والرحيمية . ولذلك اتصل "الهاء" بـ "الراء" اتصال الهوية التي هي الباطن المجتمع الواحداني ، بالظهور المفصل ؛ واتصل «النون» بـ "الراء" اتصال المداد بقلم التدوين والتسطير.
 
78 - وقد طلب «الألف» في «الرحمن» «لامه» بالنسبة المذكورة في الجلالة . وطلب "اللام" «الراء» ، فإن مستوى سلكه من مبدئه إلى غايته ، موقع تطوير الراء ، فمستوی سلکه محل تفتح التطويرات الرائية ، وجهه جمعها؛ ولذلك كان سلك «اللام» من مستواه إلى المبدأ، موقع الدرجات الماية ؛ وإلى الغاية موقع الدركات الماية ."المائة"
 
79 - وقد طلب «الراء» «الحاء» طلب الصور المشخصة ، حسب جذب جبلاتها، مادة الحياة من الروح المنفوخ فيها . 
فإن حصول كمال كل شيء إما عن يسر أو عسير، فالحاء» بناء حصوله عن يسر كالروح ، فإن حصول كمال الحياة له لذاته؛ و«الخاء» بناء حصوله عن عسر كالخبئ والخبرة ، فإن استخراجه إنما يكون عن جهد مشق؛ وتمام الخبرة عن التزام الاختبار والامتحان.
 
80 - وقد طلب «الحاء» «الميم» طلب الروح أدنى الصور، لتمام ظهوره فيها فإنها إنما تكون له كمحط الرحال ، كالإنسان في أدنى المراتب الوجودية فإن الروح مع ظهوره في الصور الجمة إنما يظهر في الصورة الإنسانية أكمل الظهور . 
ولذلك أوتيت الصورة الإنسانية من القوى النطقية والتسخیر جوامعها؛ فإن نطق كل شيء وتسخيره بحسب قوة حياته ؛ وقوة حياته بحسب ظهور الروح فيه .
 
81 - وحيث طلب صلى الله عليه وسلم تأیید روح القدس بالأمر الإلهي ، جعل شعاره : «حم». وطلب الميم» بوساطة «الألف» «النون»، طلب قطب الأيسر القطب الأيمن بسر النصائف ، بوساطة القطب الجامع القائم بينهما، في لبس الوأد ، الدال على قطبية الفرد الجامع في ولاية العلم والأبد على استواء لا يزاحمه الميل القاسر وخفض النون مشعر بتنزل الوجود العام الرحماني إلى محل عموم التحصيص والتخصيص الرحیمي فافهم إن كنت من أهله ؛ واشرب هنيئا ما همی لك من وابل الفهم وطله.
 

.
يتبع



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:40 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: خطبة الشارح لكتاب التجليات الإلهية الجزء الثالث الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 4:59 am

 خطبة الشارح لكتاب التجليات الإلهية الجزء الثالث الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات ابن سودكين 

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي قدس الله تعالى روحه  

خطبة الشارح وتأويل البسملة على مدونة عبدالله المسافر بالله
الجزء الثالث
خطبة الشارح:-
تابع تأويل البسملة 
رشح البال لكشف المنال ورشف الزلال في قوله قدس سره في مبدأ الكتاب وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم
الرحيم
82 - اعلم أن الحضرة الرحيمية ، التي بها تمت البسملة ، وبتمامها تم كتاب الوجود المنطوي على سوره وآياته وكلماته وحروفه جميعا ، لها سکونان : 
سكون باعتبار قوت الحقيقة الذاتية الرحيمية في مظاهر الأعيان ، مع ظهورها فيها ؛ فإن الحق تعالی من حيث كونه موصوفة بالوحدة والتجريد والألوهية، غير مدرك في مظاهره حقيقة وعينة، بل المدرك منه تعالى في أعيانها الوجودية ، حكمه لا عينه ؛
وسكون باعتبار استهلاك الأعيان المخصصة، في التجلي الرحيمي لتلقي فيض الوجود وحصصه بالكلية ، بحيث تخفي آنيات تلك الأعيان في الوجود الظاهر بها وفيها ، على مقتضی "کنت له سمعا وبصرا ويدا "، ولكن يظهر حكمها فيه، كما خفيت حقيقة الحق في السكون الأول وظهر حكمها فيه.
 
83 - في «الألف» و«اللام» بسكونهما الميت في «الرحیم» ، بناء سکونيه ؛ وسکون مظاهره بكونها شؤونه الذاتية في الحقيقة سكونه .
 
84 - وأما «الراء» فهو بناء تطور تجلي «الرحیم» تخصيصا وتحصيصة. وتضعيفه بناء موقع الدرجات الماية والدركات الماية في مسافة انبساط الوجود، على مقتضى التطوير. 
وفتحته مفتاح غيب الجمع والوجود الفاتح أبواب الفيض الوجودي ، المنصب على المتطورات الكونية ، المتخصص بحسبها : باطن وظاهرة، خلقا وإبداعة.
 
85 - و«الحاء» بعده بناء اختصاص كل صورة في مسافة التطوير بروح الحياة وحياة الروح وسر القيومية . 
ولاختصاص الكرسي بالتجلي الرحيمي ، صار الكرسي مورد الصورة الطبيعية التفصيلية ، ومقسم الأبواب الثمانية الجنانية ، ومحل الاستحالات المستحسنة الكونية الخالصة عن شرب الفساد، إلى لا غاية . 
وحركته السفلية بناء نزلة الروح الأعظم الحامل سر القومية العامة ، إلى «یاء» الإضافة في الكون الأسفل، في أنزل الأعيان الوجودية وأجمعها، وهو الإنسان الأكمل الفرد الموصوف في مقسم القيومية العامة بالرؤوف الرحيم. 
ولذلك يضاف بالياء» إلى حقيقته المنفردة في حضرة الجمع والوجود بالإحاطة والاشتمال ، كل شيء إضافة حقيقية ، فإنه أصل شامل تفرع منه كل شيء. 
فإذا سقط «یاء» الإضافة من هذا الإنسان، بتحققه بسواد الفقر المطلق ، يلزمه الفقد الكلي بفناء «یاء» الإضافة فيه ، وفناء نسبته أيضا إلى كل شيء، في تحقيق توحيد العين الذي هو عين الظاهر والباطن . 
فهو حالتئذ بقيامه حكما لا عينا في محل «یاء» الإضافة ، برحمة الكافة مستبين و "بالمؤمنين رؤف رحیم" [التوبة :128] . 
وحيث يكون قيامه في ذلك المحل حكما لا عينا ، يرجع حكم الإضافة خالصة إلى عين الحق، فيتبين إذ ذاك سر " لمن الملك اليوم " [غافر:16].
 
86 - ولما كان «الحاء» الذي هو بناء روح الحياة ، القائم بقيومية الكافة ، من حيث عدد اسمه طلب «الياء» طلب الشيء نفسه ، كانت كلية تطورات الروح الأعظم، الذي منه اشتعال 
القابليات الجمة بالأنوار الوجودية ، حسب معالم ظهوراته الكلية ، عشرة نطق بها الكتاب المحيط بالمحيطات. وتطوراتها الكلية معبر عنها بالأسماء العشرة وهي :
روح القدس ، كما قال تعالى : "وأيدناه بروح القدس" [البقرة:87] . 
والروح الأمين ، كما قال : نزل به الروح الأمين . على قلبك" [الشعراء: 193-194]  . 
وروح الله ، كما قال : " إما المسيح عيسى ابن مريم رشول الله وكلمته ألقتها إلى مريم وروح منه "[ النساء :171] . 
وروح الأمر، كما قال :"ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي" [الإسراء:85] . 
وروح الإلقاء ، كما قال : " رفيع الدرجات ذو العرش يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده" [غافر:15]. 
وروح الوحي، كما قال: "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا" [الشوری:52] .
وروح التمثيل، كما قال : "فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا" [مريم:17] .
وروح الإنشاء، كما قال :" أنشأنه خلقا آخر" [المؤمنون:14]. 
وروح التنزل ، كما قال: "تنزل الملائكه والروح فيها" [القدر :4] . 
وروح الإضافة ، كما قال : "ونفخت فيه من روحی" [الحجر:29].
 
87 -  فـ " الياء" المتصل بـ "الميم" هو بناء تعميم سر القيومية الظاهر من الإنسان الأكمل الموصوف بالرحيم» المخلوق في أحسن تقویم؛ حيث ظهر به العدل الذي به قامت السماوات والأرض ، وبه صلحت القابليات لقبول فيض الوجود . 
فإن أنواع العالم طبق عدد «الياء» عشرة لأنه إما جوهر أو عرض ، والعرض تسعة أنواع ، 
عاشرها الجوهر فانقسام عدد القيومية من الإنسان الظاهر بالعدل طبق عدد الياء ، يعم أنواع العالم  ولذلك انتقل هذا الإنسان من النشأة العاجلة إلى الآجلة عن تسعة نسوة كانت نفسه عاشرهن ، وهو جوهر من باب : "الرجال قومون على النسآء" [النساء:34].
 
88 - فـ "التسعة" صور أنواع الأغراض القائمة بالجوهر وهو روح الجوهر القائم بنفسه المقيم لغيره . 
ألا ترى أن «الياء» طلب «الميم» الذي به تمام البسملة وتمام الرحيم فيها . فإن كمال ظهور الإنسان الموصوف به ، والعالم الذي قام بعدله في الصورة الحسية الظاهرة في منتهی تنزل الوجود من الأركان الأربع الطبيعية .
فإذا ضربت الأنواع العشر العالمي في الأركان الأربع الطبيعية قام من ذلك «الميم» الذي هو بناء صور العالم، وتمام صور الإنسان المختتم بها تنزل الوجود.
 
89 - ولما كان لـ "الميم" الإحاطة والاشتمال والتمام في منتهی تنزلات الحرفية، حيث صار مخرجه منقطع امتداد النفس؛ وللإنسان المنبه عليه الإحاطة والاشتمال والتمام، في منتهی سلسلة الوجود، حيث تمت به النبوة والرسالة ومكارم الأخلاق، وكملت به الديانة والشرعة والصورة ، قام في اسمه من البسملة التي هي أم كتاب المبادي والبواطن والغايات الظواهر، 
ثلاثة «میمات» : 
«میم» من منتهی اسم الاسم، آدم ، مشعرا بانتهاء علم الأسماء فيه، 
و«میم» حاق وسط الإحاطة الرحمانية ، مشعرة بقيامه رحمة الكافة عليه وكمال ظهورها به؛ 
و«میم» منتهى دائرة الرحيمية : مشعرة بدوران فلك التحصيص والتخصيص والتدبير والتفصيل على حقيقته مع «الحاء» الذي هو الثوب السابغ لروحه الأعظم في عالم القول. 
 
وقام «الدال» من تربيع «الرحيم» الذي هو وصفه الخاص، أو من تربيع حضرات البسملة التي هي بتجليها وتنزلها وتدليها ، منتهية إلى عين موصوف بـ "الرحیم" ، مقصود في التدبير والتفصيل ، مبينة بالسنة الإشارة حقائقها وأحوالها جملة وتفصيلا، في آيات أم كتاب أوله «باء» وآخره «میم». 
 
90 - ولولا مخافة التطويل ، لمهدت لك ما يفهمك كمية حقائقه القائمة بذاته، وكيفية أحواله السنية الراجحة في قسطاس كمال الوجود، وكونه من أكرم الطوائف وأشرفهم ؛ وكونه من طينة نقطة أرضية منها حيت أقطارها ، وهي صارت أمنتها . ومواد هذا التمهيد إنما تحصل من مطاوي ما في إحاطات «ألف» البسملة و«لامه» و «میمه» . 
ومن سلك شجون التحقيق وجد في نقطة «بائها» ما احتملت حيطة الظهور والبطون جمعا وتفصيلا . 
فافهم وتعقل ماقرع سمعك ؛ وعن موقع الإشارة لا تغفل.
وهذا آخر ما ورد في معاني البسملة ولطائف إشاراتها ، من السوانح الغيبية واللوائح الفتحية ، المقتبسة من الإشراقات الإشراقية . 
وهذا مبدأ الشروع في شرح الخطبة وحل رموزها وفتح أبواب كنوزها، حسب التيسير، كما يهب ويعطي من هو لكل فضل جدیر.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:41 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: شرح خطبة كتاب التجليات لابن سودكين على كتاب التجليات الجزء الأول الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:01 am

شرح خطبة كتاب التجليات لابن سودكين على كتاب التجليات الجزء الأول الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الاندلسي

خطبة الكتاب للشيخ الاكبر كتاب التجليات الإلهية على مدونة عبدالله المسافر بالله
الجزء الأول

متن خطبة الكتاب للشيخ الاكبر ابن العربي قدس الله سره :

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله .
الحمد لله محكم العقل الراسخ . في عالم البرازخ . بواسطة الفكر الشامخ . وذكر المجد الباذخ .
معقل الأعراس .
مجلى وجود الأنفاس .
منشأ القياس .
وحضرة الالتباس .
مورد الإلهام والوسواس .
ومعراج الملك والخناس .
مُنّزل تنزل الروحانيات العلى .
في صورة القوالب الجنسية السفلى .
عند ارتقائها عن الحضيض الأوحد الأدنى .
ووقوفها دون المقام الأعلى .
متمم حضرة الوجود .
ومعدن نسب الكرم والجود .
خزانة الرموز والألغاز .
وساحل بحر الإمكان والجواز .
حمده بالحمد الموضح المبهم .
كما يعلم وكما أعلم .
وصلى الله على الرداء المعلم .
الزاهي بالمرتدي الأقدم .
وعلى آله الطاهرين وسلم .
هذا التنزل من منازل الطلسم الثالث وهو واحد من ثلاثة عشر .
قال تلميذ جعفر الصادق صلوات الله عليه : سألت سيدي ومولاي جعفراً :
لماذا سمي الطلسم طلسماً ؟؟
قال صلوات الله عليه : لمقلوبه .
يعني أنه مسلط على ما وكل به .
وقد وصفناه بكماله في كتاب الهياكل .
فليُنظر هناك إن شاء الله .
وهو من حضرة الوحدانية المطلقة التي لا تعلق للكون بها .
لأنها للأول الذي لا يقبل الثاني .
وحضرة التوحيد التي تقبل الكون . لتعلقه بها .
مذكورة في كتاب الحروف من " الفتوحات المكية " .
الذي هذا الكتاب منه فلينظر هناك إن شاء الله .
فنقل بعد التسمية : أن حضرة الألوهية تقتضي التنزيه المطلق .
ومعنى التنزيه المطلق الذي تقتضيه ذاتها مما لا يعرفه الكون المبدع المخلوق .
فإن كل تنزيه يكون من عين الكون لها .
فهو عائد على الأكوان .
فلهذا قال من قال : " سبحاني " .
إعادة التنزيه عليه
واستغنائها بالتنزيه المطلق .
فللألوهية في هذا التنزل تجليات كثيرة .
لو سردناها هنا طال الأمر علينا .
فلنقتصر منها على ذكر بضع ومائة تجلٍ أو أكثر من ذلك بقليل .
بطريق الإيماء والإيجاز لا بطريق التصريح والإسهاب .
فإن الكون لا يحمله من حيث الفهوانية . وكلمة الحضرة .
لكن يحمله من حيث التجلي والمشاهدة .
فكيف من حيث النيابة والترجمة .
ثم إن الرحمة الشاملة التي بها كان الاستواء على عرش الربوبية بالاسم الرحمن.
الموصوف بالمجد والعظمة والكرم .
نسجت جوداً على الممكنات .
فأظهت أعيانها سعيدها وشقيها .
رابحها وخاسرها .
والقت كل فرقةٍ على جادتها .
وحسب كل فرقة غاية طريقها .
فالله يجعلنا ممن جُعل على الجادة .
التي هو سبحانه غايتها .
وتنزهنا عن ظلم المواد ومكابدة أعراض النفوس المقيدة بالأجسام .
فنعم الوفد وفد الرحمن .
فطوبى لهم .
ثم طوبى لهم وحسن مآب .

شرح خطبة التجليات









91 - الحمد لله محكم العقل الراسخ ، فی عالم البرازخ، بواسطة الفكر الشامخ، و ذكر المجد الباذخ.
المقصود هنا بيان معنى رسوخ العقل أولاً، أي أنه من أي وجه هو راسخ وفي أي موطن، ومعنى تحكیمه فى حالة رسوخه ؛ثم وجه تخصیص تح?یمه بعالم البرازخ؛ و تعليقه بواسطة الفكر الشامخ وذكر المجد الباذخ ؛ ثم معنی شموخ الفكر و معنى الذكر والمجد ثم تحقیق معنى الحمد على وجه تقرر في عرف التحقيق ؛ ثم تعيينه بأنه أي نوع من أنواع المحامد .


92 - اعلم أن رسوخ العقل









ثباته في حاق وسط الجمع الأحدي الكمالي الإنساني، الرافع عنه الميل والحركة إلى الأطراف والتقيد بها بالكلية، بتجوهره عن شوائب التجاذب ، عند تلقيه روح أحدية الجمع الإلهي، بقدر المحاذاة.
فله حينئذ السوائية الناتجة من الاعتدال الوسطي إلى انهى مراتب الظهور والبطون و التنزيه والتشبيه ؛ وله من حيثية هذه السوائية إطلاق محيط بكل وجه، وقيد وطرفاً يحاذي سوائيته فهو في رسوخه في السوائية الناتج منها الإطلاق المحيط، على شهود يجد فيه الظاهر في الباطن والباطن في الظاهر، والتنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه.
فلذلك يسري فكره الشامخ في كل ما يحاذي سوائيته، ومن حيثية هذا الشهود تحقيقاً لتفصيله الجمعي بمجرد توجهه وميله
إليه اختياراً لا قسراً.


93 -  وأما تحكيم العقل









فبإلقاء الحق الملكة الإحاطية الوافية، في تصرفه في البرازخ وأطرافها إليه على وجه يقتدر أن يقوم بتحقيق مقتضيات المدبر والمفصل كما ينبغى وهذه الملكة إنما هي ناتجة من أحدية الجمع الإلهي في سوائيته، تحذو حذوها في الجمعية والإطلاق والإحاطة.


 94 - و أما وجه تخصیص تحكیمه بعالم البرازخ،








فلكون كل واحد من طرفيها بمنزلة قد تعلو عن مدارك العقل وتلمس بصيرته، باعتبار "ما" وحكم "ما"، فلا تستدرك فيهما بغتة.
وإن انقطع إلى واحد منهما، على قصد استدراكها، لا يقتحم في الآخر رسوخاً، بل يقع في التجاذب بين طلبي استدراك البغية من الطرفين فلا يثبت رسوخاً.
وإن اقتحم في برزخ تحكماً صار اختلاط الطرفين فيه مشعراً بفائدة استدراكها منهما.
ألا ترى أن الضياء برزخ بين النور والظلمة، والنور قد يعلو فلا يُدرك، ولكن يُدرك به ؛ والظلمة مع كونها تُدرك قد لا يُدرك ما قُدّر فيها قبل رش النور عليه، فإن ذلك مع كونه مقدراً فيها، مخالط للعدم ؛ ولكن الضياء المشعر باختلاط النور والظلمة مشعر بفايدة استدراك ما فيه من غير حاجز.


95 - و أما تعلیق تحكیمه بواسطة الفكر الشامخ 
وذكر المجد الباذخ فلكون استدراك المطالب المجهولة من المبادئ والبواطن والغايات والظواهر والجوامع المحيطة تفصيلاً جمعياً، لا يصح للعقل إلا بإعمال الفكر في ترتيب المعلومات المتأدية إلى المجهولات منها إن كان العقل في كشف هذا التفصیل البرزخي الجمعي بصدد الاستدلال ؛ وإن كان في مقام الاستجلاء الشهودي فبوساطة ذكر المجد الباذخ.


96 -  والمجد هو شرف النفس وشرف الذات ؛








ولا يتصف به حقيقة إلا الحق تعالى، فإن شرفه ذاتي ؛ وأما شرف غيره فإنه إما بعدم الواسطة بينه وبين الشريف بالذات او بقلتها، فعلى هذا يتفاوت شرف الغير.


97 - ولما كان للعقل في رتبته الأولية الشرف الأتم والشهود المستمر،








إذ لا واسطة بينه وبين الشريف بالذات أصلاً، ولكن نسي ذلك وذهل عنه بغشيان العوارض عند توجهه وتنزله نحو مراتب
التدبير والتفصيل و التدوين والتسطير.
علّق العارف رسوخه بعد انصباغه بالأحوال القلبية المطورة، وذهوله ونسيانه فیها بذ?ره و مجده وشرفه المنسي ال?امن فیه علی مقتضى أوليته القاضية بعدم الواسطة.
فهو مهما تخلص من شرك العوارض المانعة عن التذكر، وذكرالمنسي الكامن فيه، نفذت بصائره فيما بطن فيه، فاطلع شهوداً عليه وعلى كونه في الأصل برزخاً بین الحق و الخلق، و واسطة لتعميم فيض الوجود على القابليات الام?انیة.
وعاد علیه تحكيمه الأصلي، فيتصرف فيما اتصلت رقيقته به وبمرتبته من الحقائق والصور والمراتب، ويتحكم برسوخه في رتبته السوائية على البرازخ الجمة الحاجزة بين الشيئين مطلقاً.
وإن كان المجد بمعنى الكرم، فرسوخه في البينونة المكرمة الحاجزة بين الحق والخلق ، القاضية بتحقيق ارتباط الأسماء الإلهية والأعيان الإمكانية فيه، بذكره الكرم الإلهي القائم بإيجاده أولاً، لتحقيق الارتباط المذكور امتناناً محضاً، ولبقاء ذلك مع الخلق الجديد إلى لا غاية ولتحكيمه على كل ما وجد فيه وظهر منه باقتضاء.
وأما شموخ الفكر فأنفته عند تجوهره عن أن يقبل الخلطات الوهمية المفسدة مواد الأقيسة القاضية بوقوع المغالطات فيها وأما بذخ المجد في كونه صفة العقل الكل فتعليته بشرفه على ما دونه من المدونات الجزئية بقلمه الأعلى فإن للكل محبة لأجزائه، مع التعلية والتعاظم ؛ كما أن لأجزائه محبة له، مع الخضوع و التصاغر.


98 -  وأما حقیقة الحمد فی عرف التحقیق فهي تعریف من كل حامد لكل محمود بنعوت الكمال، بأي لسان كان.








وأما تعيينه بأن الحمد المذكور فی صدر الكتاب أي نوع من أنواع المحامد فحيث اطلع المحقق في أنهى موارد التحقيق، أن لا رسوخ للعقل إلا في رتبته السوائية جعل الحمد في مقابلة تحكيمه في عالم البرازخ، المقامة على السوائية بين أطرافها، فإن البرازخ في سوائيتها كالمرايا المظهرة له جميع ما في أطرافها من المبادئ البواطن والغايات الظواهر والجوامع المحيطة.
فبهذا التقريب يحتمل أقرب الاحتمال أن يكون مراد الحامد بهذا الحمد حمد المحامد، فإنه حمد الحق بالإنسان الكامل، وحمد الكامل بالحق حالة وقوع قلبه، موقع تمانع الأطراف وتنزهه عن التأثر مطلقاً مع الذات المطلقة التي لا تقيدها الأسماء ولا النعوت.
فهو في هذا الموقع إنما يكون في غاية الصحو، ولذلك يرى كل كمال ظهر من الحق وشؤونه أسماء وأعياناً، وفي الخلق أيضاً وفي أحوالهم وأخلاقهم وإضافاتهم في المراتب الجمة، بنفس ظهوره فيما ظهر فيه حامداً ومعرفاً للذات التي لها السوائية بأحدية جمعها إلى الكل، ولكن من حيث تجليه الجمعي الأحدي الظاهر بالإنسان الكامل جمعاً أحدياً وتفصيلاً جمعياً، ومن حيث تجلياته التفصيلية في الحضرات الأسمائية، بمقتضى النسب العلمية والشؤون الذاتية المختصة بالإنسان ال?بیر المسمى بالعالم . فافهم.

99 - ولما كان العقل الراسخ المنتهي في التجرد والتجوهر والترقي إلى رتبته الأولية،

التي هي مواقع الارتباطات الوجودية بين الفاعلات الاسمائية والقابلات الإمكانية أولاً.








وصفه المحقق بقوله: (معقل الأعِراس) فإن الأعراس جمع عرس ؛ بكسر العين وسكون الراء ؛ وهي امرأة الرجل.
وقد تعين في غيب العقل وحيطة أوليته، لكل فاعل وجوبي قابل إمكاني، مرتبط بنسبة جامعة وجودية .

100 - وبنسبة سوائيته "العقل" القلبية في الطور الإنساني بين الغيب والشهادة،

وصفه بقوله : (مجلي وجود الأنفاس)، فإن وجود الأنفاس بحكم المد منها وبحكم الجزر إليها وبنسبة تعمقه "العقل" وإمعانه وتأمله بالنظر الناقد في المعقولات، وصفه بقوله : (منشأ القياس وحضرة الالتباس).












101 - وبنسبة تعلقه "العقل" وتردده بين عالمي الأنوار والظلم









والروحانيات والطبیعیات وصفه بقوله : (مورد الإلهام والوسواس ومعراج الملك والخناس) وأما اعتبار معراجهما فيه، فلكون كل منهما منصبغاً في الإنسان، الذي هو مجلي العقل بحكم جمعيته المستوعبة، مع انحصاره في مقام معلوم ، فإن كل محل يعطي كيفية ما للحال فيه.












102 - وبنسبة كونه "العقل" في رتبته الأولية أصلاً شاملاً مُشتجتا فيه ما ظهر

في الكون بتفصيله : (منزل تنزل الروحانيات العلى) أي منزل يستقر فيه العائد إليه من الروحانيات، بعد تنزلها (في صورة القوالب الجنسية السفلى) من الأجساد المثالية والأجرام العنصرية والطبيعية البسيطة والمركبة،








وعودها إليه إنما يكون (عند ارتقائها عن الحضيض الأوحد الأدنى) يعني عالم الصور الحسية الطبيعية والعنصرية.
التي ليس للروحانيات العلى في تنزلها رتبة أنزل منها ولا عود لها إلى مستقرها ترقياً إلا
بما ينتج لها الانسلاخ والخلع والتجريد، القاضي بسراحها في حظائر القدس (ووقوفها دون المقام الأعلى) المكنى عنه في الكتاب : "في الأفق الأعلى" 7 النجم.
الذي تنتهي إليه الأرواح في ارتقائها تقدساً وتروحناً ووقوفها فيه يعطي بقاء أعيانها وثبات آنيتها.
فإذا تجاوزت عنه ترقياً، جاست خلال ديار السير في الله، الرافع عنها رسوم خليقتها وموهوم
أنياتها، إذ لا ثبات للحادث إذا قارن القديم .
فمسمى العقل ، من حيث إحاطته واشتماله أولاً على كل ما ظهر في الكون تفصيله هو ما عناه بقوله :

103 - (متمم حضرة الوجود) یرید من حیثیة ظهوره في عموم القابليات و انبساطه فيها لا من حيثية ذاته.
فإنه من هذه الحيثية الذاتية لا يقبل الزيادة والنقص، فلا يفتقر إلى متمم .
وظهوره نما یكون بقدر الاستعدادات القائمة بحقوق مظهریته .
و مسمی العقل بحكم اشتماله على الكل، هو الكل، فلذلك جعله متمماً وحده.
وهو بنسبة كونه "العقل" أولاً ومبدأ لكل كائن، صار مجمع بركات الوجود المتعينة للظهور (و معدن نسب الكرم والجود) إذ الامتنان القاضي بوجود العالم، إنما تعلق أولاً بإيجاده؛ فجعله مستودع فيض الوجود ومنع ما همى من سماء الجود؛ فهو نور إذا اقتبست منه الأنوار إلى الأبد لا ينقص بذلك منه شيء.
وبنسبة اشتمال الكل فی ذاته "العقل" علی الكل، علی وجه یكون كل المعاني فیه معنی واحداً، و كل
الحروف فيه حرفاً واحداً، وكل ما ظهر من اللطائف و الكثائف فيه نقطة واحدة.
والكل مجموع فيه مفهوماً منه بتلويح ورمز واحد، صار (خزانة الرموز والألغاز) بل لسانه، في
مرتبته الذاتية، الإشارة والتلويح والرموز والالغاز.
إذ لا تفصیل فيما اشتملت عليه ذاته، فلا تفصیل فی بیانه و اشاراته رمزه جوامع الاحتمالات ؛ ول?ن لا تن?شف ?میتها ولا تنضبط لذي الفهم بالا حسب قوة نفوذه فيها. وبنسبة عموم إحاطته "العقل" مطرح شعاع ظاهر الوجود (وساحل بحر الإمكان والجواز) فإن المقدرات في الظلمة الإمكانية، ما بقيت فيها مخالطة للعدم، فلا تخرج منها برش
نور الوجود آولاً عليها إلا في مسمی العقل الكلي.
ولكون الممكن فی نفسه جائز الوجود و جائز العدم، عطف الجواز على الامكان.


104 - ولما كانت قابلية الموجود الأول المسمى بالعقل،

 منطوية على القابليات الجمة جمعاً، وقد ظهر بعضها في الوجود العين، وتعلق علم الحامد به جمعاً وفرادى، من حيث ?لیاتها.
واتضح ح?مه ?یفاً و ?ماً، وبقي بعضها في صرافة الإجمال الام?اني، ولم ید خلی بعد في الوجود العيني، وصار حكمه
بالنسبة إلى علمه حكم المستأثرات في غيب علمه تعالى، لم يعلم تفصيله جمعاً وفرادى و أبهم ح?مه عليه ،
جعل الحمد الذي قابل به تح?یم العقل الراسخ،

على قسمين : الموضح والمبهم










فقال : (أحمده بالحمد الموضح والمبهم كما يعلم) الحق تعالى، جمعه فی تفصيله و تفصيله فی جمعه، (و ?ما اعلم) علماً تفصیلیاً فی بعض الحمد، بنسبة الموجودات من العقل، المعلومة للحامد، وإجمالياً مبهماً في البعض، بنسبة الكامنات في صرافة إمكانيته.
أو كما أعلم من حيثية ما علمه الحق تعالى باعتبار علمه في مقام القرب الفرضي بي ؛ أو باعتبار علمي في مقام القرب
النفلي به ؛ أو باعتبار كون العلم له والحكم لي .


105 - (وصلى الله على الرداء المُعلَم) الصلاة هنا من حضرة الجمع والوجود.
وهي رحمة الكافة القاضية ببقاء العبد العادم مدلول الياء المستهلك في الله بالكلية، الفاقد وجود عينه مع
ظهور الفعل والانفعال وعموم الأثر الظاهر منه.
فهو مع كونه ينبوع فيض الوجود ومظهر عموم القيومية، مرتدي بـ "الرداء" المشتق من الرًدى ؛ المقصور ؛
وهو الهلاك وإليه إشارة العارف :
أنا الرداء أنا السر الذي ظهرت   ….    بي ظلمة ال?ون إذ صیرتها نورا

وقد وصف المحقق "الرداء المعلم" بالزهو وهو الافتخار، حيث قال : (الزاهي بالمُرتدي الأقدم) "والمرتدي به" هي حضرة الجمع والوجود التي صار الرداء المكنى به عن الإنسان الظاهر في استهلاكه.
بحقائق عموم الإلهية والإمكانية لها كالثوب السابغ على اللابس إذ الظاهر مستور خلف حجاب مظهره.
وأما افتخاره بالمرتدي به زهواً، فلاختصاصه بصورة أحدية جمع الكمالات الوجودية، من المرتدي به تفصیلاً جميعا و جمعاً تفصیلیاً بحسبه. ولذلك تمیز فی ذلك بالاختصاص بالفردية في الأكملية.
وقام له ذلك بالأولية والختمية كما قال : "كنت نبياً وآدم بين الجسد والروح؛ و"ولا نبي بعدي".
والرداء إنما يتخذ للتجمل أو للوقاية أو للستر.
فالوقاية والستر معتبران في المرتدي به لئلا ترجع المذام من الكون إليه.
فإن الرداء مطرز بطراز العصمة معلم بالعلم الختمي السيادي حيث انتهى إليه كمال الصورة ؛ ولذلك ظهر بالمحامد الجمة التي جامعها القرآن ؛ وسيعطي ما تختم به المحامد فيختص إذ ذاك بلواء الحمد الذي تنظر إليه جميع الأسماء الإلهية.
(وعلى آله) القائمين بحكم الأصل شرفاً وكمالاً،
يصلي عليهم بألسنة المهتدين بالاقتداء بهم، (الطاهرين) من كل ما ينافي الشرف والكمال ، (وسلم) فيما يقدح في التوفيق المنتهي إلى الحفظ والعصمة.


106 - (هذا المُنزل) القاضي بتوارد التجليات على أهل الاختصاص، 

المطوي بعضها في الكتاب (من منازل الطلسم الثالث) وهو طلسم المرتبة الإلهية التي هي بالنسبة إلى المرتبة الأحدية وإلى اللاتعين المتميز المعقول باعتبار
التعين الأحدي الأول، ثالث .
(وهو) أي الطلسم الثالث (واحد من ثلاثة عشر) طلسماً، كل منها يختص بحكم كلي، مشتمل على أنفس
الأسرار الشهودية وأشرف الأطوار الوجودية.
وهي طلسم اللاتعين على الغيب المطلق فلا يرجع بارتفاعه من كونه الغيب معنى إلى أحد، فإن
ارتفاعه محال.
وطلسم غموض الأحدية الاشتمالية على التجلي الأول، القاضي باشتمال الكل فيه على الكل، وهو حقيقة الكان العلي فلا يرتفع في الدهر كله إلا واحد وله السيادة العظمى، وبه تتم القيومية.
وطلسم رتبة الألوهية على ظاهر الوجود وظاهر العلم، ولا يرتفع هذا من حيث الاسم "الله" ، لا حقيقة ولا ادعاء، ويرتفع من حيث الاسم "الإله" ادعاء لا حقيقة. ولذلك يدخل التنكير في "الإله" ولا يدخل في "الله" . فافهم .
ومن بعض منازل الألوهية التجليات الموضوعة فی ال?تاب و طلسم قلم التدوین على دیوان الإحاطة الإمكانية.
وطلسم لوح القدر على ديوان الإحصاء.
وطلسم سنخ الطبيعة على المواد القابلة للتجسيد .
وطلسم السواد فی البیاض .
وطلسم البیاض فی السواد على السر القائم لتحریر فتق الرتق وفتح الصور برش النور على ما
قُدّر في البياض الحاصل في السواد القابل.
وطلسم الجسم الكل على الحقيقة العامة المطلقة الظاهرة في تطوره بعموم صوره .
وطلسم محل الاستواء على الرحمة المطلقة العامة.
وطلسم محل القدمين على الاستحالات الكونية النعيمية .
وطلسم الأطلس على خزانة وحدة الكلمة المنتزعة من أطوار التركيب .
وطلسم المنازل على محصيات حروف النًفَسين : الرحماني والإنساني، المجتمعة في خزانة القمر.
وقد انتهى سير الوجود بحكم یحرم ?شفه، بانتهاء الطلاسم إلى طلسم المنازل.
وما يرتفع من هذه الطلاسم ، إنما يرتفع حجابيتها بالنسبة إلى بعض المشاهد السنية لا في نفسها، ولذلك لا تتبدل بالانقلاب الكلي ولا ترتفع أبداً، بخلاف الطلاسم العنصرية، فإنها إما متبدلة عند طلوع الفجر الآجل، وإما مطويات باليمين كطي سجل الكتب؛ وإما منقلبة ناراً جامدة أو سيالة؛ وإما زمهرير جامد أو سيال.
ولذلك لم تُعدّ العنصريات من الطلاسم في عرف التحقيق.


107 - ( "قال تلميذ جعفر الصادق صلوات الله عليه: سألت سيدي ومولاي جعفرا لماذا سمي الطلسم طلسماً ؟ فقال صلوات الله عليه: لمقلوبه، يعني أنه مسلط على ما وكل به." وقد وضعناه بكماله)
يعني ثلاثة عشر طلسماً (في كتاب الهياكل فلينظر هناك إن شاء الله) ولم تكتحل عيني بمطالعتها، ولا عرفت كيفية وضع الطلاسم المذكورة فيها.
فمن فاز من أرباب الفهم بمطالعتها، ويجد طريق وضعها غير ما ذكرته، فليَمُن على طالبي فهم هذا الكتاب بإلحاق ذلك في هذا المحل، لينتفع بما فيه المتشوف من الأسرار الإلهية والحكم الربانية، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
الوجوب الذي له القوة والقدرة والحكم والسلطان والفعل والتصرف ، سرى في الموجودات الإمكانية ومراتبها بما يقتضيه وجوب وجوده من الاقتدار.
(فظهرت ) بسريانه الوجودي فيها (العلل والأسباب) المؤثرة (والأحكام الفاعلة) فاستترت أوصافها الإمكانية وجهة انفعالاتها
في انصباغها بصبغ التجلي ، (وغالب كل موجود) حينئذ (عن حقيقته) التي هي معلوميته المتميزة بتعيينها عن غيرها في عرصة العلم الإلي الأزلي، (وانفعاليته) التي هي تهيؤ قابليته لقبول الآثار الوجودية؛ (ومعلوليته) التي هي جهة افتقاره الذاتي إلى ما به ظهرت العلل والأسباب فيه.
فحيث ظهرت في الموجود بسريان التجلي الوجودي، الأحكام الوجوبية، وخفيت في استجلائه أوصافه
الإمكانية، تعاظم وشطح (وقال) بلسان حاله في التجلي الظاهر فيه : (أنا، وزهى) كقول القمر، زهوا، عند ابتداره وامتلائه نورا من الشمس : أنا الشمس، مع كونه عند امتلائه من نورها خاليا منها؛ لیس من ذاتها شيء.


108 -  (واستكبرت الوجودات) عند اختفاء انفعالیتها و معلولیتها وظهورها بصبغة التجلي الوجودي الوحداني، (بعضها
على بعض) بدل البعض عن الكل (وغاب المستكبر عليه) اسم مفعول، وهو الحق الغائب، (عن مشاهدة المتكبر عليه) من الموجودات ؛ وقد أضيف المصدر إلى الفاعل (بتكبره) أي بتكبر المتكبر، (على مسببه ومعلوله) المنصبغ بتجلي المستكبر عليه، فلم يعرف أنه تكبر في الحقيقة على الظاهر في تعين كل شيء، وهو الذي له
الكبرياء في السماوات والأرض.
وأما في التحقيق ، (فظهر الكبرياء في العالم) وما فيه من الموجودات من الحق الظاهر فيها، (ولم يظهر تعظيمه) حيث جهل أنه منسوب إلى الحق الظاهر في العالم .
ولذلك قال قدس سره : (فكان الظهور) أي ظهور ?بریاء الحق، (على الحقيقة لمن له الكبریاء الحق) أن ظهر على الموجودات ذلك أو بطن (ذلك) أي من له الكبرياء الحق (هو الله العزيز العليم).

XIV - شرح تجلي الرحموت









 189 -  وهو"الرحموت" ،  مبالغة من الرحمة ، ولذلك عبر به عن الرحمة المنتشرة على القوابل الجمة المفتقرة إليها . فإن الرحمة هي الوجود العام المنبسط في الكون ، المفتقر إليه .
فكل موجود مرحوم بالرحمة الرحمانية فإن حكمها من حيث عمومها إلى سائر القوابل على السواء


108 -  (وهو) أي كتاب "الهیاكل"









و ما فیها من رغایب الحكم و عجائب الأسرار، اما (من) سوانح (حضرة الوحدانية المطلقة التي لا تعلق للكون بها) إذ الكون وما فيه، من الحضرة الثانية.
وهذه الحضرة المطلقة، أوليتها كإطلاقها الذاتي، فليست من النسب العقلية لتقتضي ، من باب النصائف ، الثاني .
ولذلك قال المحقق : (لأنها الأول الذي لا يقبل الثاني) فحكم هذه الأولية، كحكم الإطلاق الذاتي والوحدة الذاتية اللتين لا يقابلهما التقييد والكثرة.
ألا ترى الواحد باعتبار كونه لیس من العدد هو واحد لا تقابل وحدته كثرة الاعداد؛ و من حيث ?ونه مصدر الأعداد هو
واحد تقابل وحدته كثرتها، (و) أما من (حضرة التوحيد التي تقبل الكون لتعلقه بها) على مقتضى ارتباط الأسماء بالأعيان والأعيان بالأسماء ؛ أو كقبول الواحد الاثنين والثلاثة والأربعة، ليتصف فيها بالنصفية والثلثية والربعية ؛ وتعلق الأعداد
بالواحد، باعتبار صدورها منه بح?م نسبه.
(مذكورة) خبر مبتداً محذوف، أي بیان ?ون الحضرة التوحیدیة القابلة للكون مذكور (في كتاب الحروف من الفتوحات المكية الذي هذا كتاب منها) "حيث قال: للحضرة الإلهية ثلاث حقائق :
الذات والصفة والحقيقة الرابطة بين الذات والوصف وهي القبول .
لأن الصفة لها تعلق بالموصوف بها وبمتعلقها الحقيقي لها، كالعلم يربط نفسه بالعالم به وبالمعلوم له ؛ والإرادة تربط نفسها
بالمريد بها وبالمراد لها؛ والقدرة تربط نفسها بالقادر بها وبالمقدور لها؛ وكذلك جميع الأوصاف والأسماء. هذا
نص كلامه. (فلينظر هناك إن شاء الله)
فعلى هذه القاعدة المحققة المؤسسة قال :


109 -  (فلنقل بعد التسمية) 

كأنه قدس سره جعل الكلام الآتي بعد هذه التسمية مقصوداً وجعل ما سبق
آنفاً كالمقدمة لذكره
، (إن حضرة الألوهية تقتضي التنزيه المطلق ؛ ومعنى التنزيه المطلق الذي تقتضيه ذاقا، مما لا يعرفه الكون المبدع
المخلوق. فإن كل تنزيه، يكون من عين الكون، لها، هو عائد على الأكوان).
إذ الناشئ من عين الحادث لا يتصف به القديم ولا يليق به، سواء كان ذلك توحيداً أو تنزيهاً.
غير أنه إذا عاد إلى محل نشأ منه، كان معداً له لقبول الكمال اللائق به، المقرب إياه من الحق.
(ولهذا) أي ولعود التنزيه إلى محل صدوره (قال ، من قال: سبحاني. لإعادة التنزيه) الناشئ منه (عليه واستغنائها) أي
الحضرة الإلهية (بالتنزيه المطلق) الذاتي، عن كل ما نشأ من الكون تنزيهاً وتوحيداً.


110 - (وللألوهية في هذه المنازل) المعزوة إلى إحاطة حضرة التوحيد التي تقبل الكون (تجليات كثيرة لو سردناها هنا طال الأمر علينا)













ولا تنتهي إلى غاية إذ بعضها يختص بأحايين الأبد، فلا يظهر ولا يعرف إلا بعد وقوعه في الآجل ؛ ومنه ما تختم به المحامد، ويعطي استحقاق لواء الحمد؛ ومنه ما ينتج أسرار الساعة الغير معلومة الآن ؛ ومنه ما يعطي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ونحوها.
(فلنقتصر منها على ذكر بضع وماية تجل، أو أكثر من ذلك بقليل، بطريق الإيماء والإيجاز لا بطريق التصريح والإسهاب، فإن الكون لا يحمله من حيث الفهوانية وكلمة الحضرة).
وهي "كلمة الحضرة" خطاب الحق بـ "كن" و"الفهوانيةخطابه بطريق المكافحة في عالم المثال.
والكون إنما يتصدع في سماعه خشية ولو من وراء حجاب.
وقد جعل قُدّس سره قوله: فإن الكون لا يجمله، علة لعدم التصريح والإسهاب.
والظاهر أن ليس في العبارة ما تترتب عليه هذه العلة ؛ فلو كان التصريح والإسهاب في خطاب الحق بطريق المكافحة، ترتبت عليه العلة المذكورة. كان الإمام محمد بن جعفر الصادق رضي الله عنه ذات يوم في الصلاة ؛ فخر مغشياً عليه فسئل عن ذلك فقال : ما زلت آكرر آیة حتى سمعت من قائلها، فكان بي من ذلك ما كان.
ولكن اسهاب الكامل المتصرف وتصريحه قد ينتهي إلى سماع خطاب الحق "فهوانية" فيلزم من ذلك ما يلزم.
فإن لسان الكامل إذ ذاك، كشجرة موسى فلا يحمله السامع الكوني فيضطرب ويخر مغشياً عليه.
(لكن يحمله من حيث التجلي والمشاهدة)
ومشاهدة التجلي إنما تكون بالبصائر التي هي للقلب بمنزلة البصرة للبدن.
والقلب البالغ مبلغ المشاهدة إنما هو مُتأيد بنور مشهودة، وبصيرته مكتحلة بذلك.
فلذلك لا يحمل التجلي في القلب إلا ما هو من مشهوده ، إذ لا يحمل عطايا الملوك إلا مطاياهم.
(فكيف) لا يجمل الخطاب (من حيث النيابة والترجمة) باللسان الكوني.


.




عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:42 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: شرح خطبة كتاب التجليات لابن سودكين على كتاب التجليات الجزء الثاني الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:04 am

شرح خطبة كتاب التجليات لابن سودكين على كتاب التجليات الجزء الثاني الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الاندلسي

خطبة الكتاب للشيخ الاكبر كتاب التجليات الإلهية على مدونة عبدالله المسافر بالله
الجزء الثاني

تابع متن خطبة الكتاب للشيخ الاكبر ابن العربي قدس الله سره :

111 -  (ثم إن الرحمة الشاملة التي بها كان الاستواء على عرش الربوبية بالاسم الرحمن الموصوف بالمجد والعظمة والكرم نسجت جوداً على الممكنات كلها).

هذا الكلام مترتب على حضرة الوجود التي تقبل الكون لتعلقه بها، وتتمة له مع مزيد من التفصيل القاضي ببيان المقصود.
ولما كان الرحمن اسماً للحق، من حيث تعميمه فيض الوجود على القابلات الكونية هو أول الأجرام وأعظمها (فأظهرت) يعني الرحمة الشاملة (أعيانها: سعيدها وشقيها، رابحها وخاسرها) على ما اقتضت استعداداتها الأصلية، التي كانت عليها في عرصة غيب العلم، شيئية ثبوتها المساوقة للعلم المساوق للوجود.
(وألقت كل فرقة) بل كل فرد من أفرادها (على جادتها) المستقيمة في حقها، وإن كانت غير المستقيمة في حق غيرها (وحسبت كل فرقة غاية طريقها) فغاية طريق المهتدين ، الحق المطلق الذي إليه المنتهى ، ولكن من حيثية حضرة الهادي ، المتولية عليهم بربوبية خاصة ؛ ومستقرهم في غاياتهم المشهودة، دار النعيم المبنية على الرحمة الخالصة.
وغاية الضالين الحق المطلق أيضاً ؛ ولكن من حيثية حضرة المضل ؛ القائمة عليهم بربوبية خاصة ومستقرهم في غاياتهم المجهولة عليهم، دار البوار المبنية على الغضب الخالص.
ولهم فيها ؛ من باب سبق الرحمة علي الغضب ، منال ومآل.
وباح بعجيب هذا المنال بائح حيث قال :
إن الوعيد لمنزلان هما لمن      ……       ترك السلوى على الصراط القوم
فإذا تحقق بالكمال وجوده         ……       مشى على حكم السناء الأقدم
عادا نعیماً عنده فنعیمه       ……         في النار وهي نعیم كل مكرم
وباح بمثله آخر :
الجنة دار أهل علم         …….         والنار مقام من ترقى
وأنا في فهم الأسرار الإلهية، على وقفة لا تشوبها رغبة القبول إلا بذوق سالم من خلطات الشبه، وشواهد يتلوها من البراهين الكشفية المحررة بقسطاس الكتاب والسنة.

ولكني في إجابة داعي الإخوان ، وهم رفقاء مناهج الارتقاء ، ملتزم أن أرفع قناع الإجمال و الغموض ، عن وجوه ما نطقت به ألسنة أحوال الآجلة في عرف التحقيق ، من غرائب الأسرار وعجائبها بحكم التيسير فلما كان أغيا الغايات، غاية ينتهي طريقها إلى الله قال قُدّس سره :


112 -  فالله يجعلنا ممن جعل على الجادة التي هو سبحانه غايتها 

و حیث اطلع على تشابه وعلم عجز البشر عن رفعها بالتدبير.
قال: (ويُنَزهنا عن ظلم المواد ومكايدة أعراض النفوس المقيدة بالأجساد).
وحيث اتصل سره الوجودي بأصله الشامل الرحماني، المكتنف بأنوار رفيع الدرجات ذي العرش، اتصالاً يتجدد مع الآنات
إلى لا غاية، ويتنوع بتنوع الرقائق الوجودية المتضرعة من شلّم رحمة الكافة، قال نظراً إلى الواصلين بالحكم المشروح (فنعم الوفد ؛ وفد الرحمن، و طوبى لهم، ثم طوبى لهم وحسن مآب).
انتهى بعض الغرض من شرح البسملة و خطبة الكتاب.
وهذا مبدأ الشروع في الحاشية 
الموعود بها والمرتجى من الله تعالى الفوز بالتمام والانتفاع بها عاجلاً وآجلاً .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:44 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 01 - شرح تجلي الإشارة من طريق السر .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر ابن العربي رضي الله عنه مع تعليقات ابن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:06 am

01 - شرح تجلي الإشارة من طريق السر .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر ابن العربي رضي الله عنه مع تعليقات ابن سودكين

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 01 على مدونة عبدالله المسافر بالله

01 - تجلي الاشارة من طريق السر

 اعلم آن الرقيم المشار إليه ليس يشار اليه من حيث هو موجود ، لكن من حيث هو حامل لمحمول والاشارة للمحمول لا عليه وهو من بعض السنة الفهوانية ، فصورته في هذا المقام من طريق الشكل صورة المثلث إذا نزل الى عالم البرازخ عالم التمثل كنزول العلم في معورة اللبن .
فزاوية منه تعطي رفع المناسبة بين الله وبين خلقه.
 والزاوية الثانية تعطي رفع الالتباس عن مدارك الكشف والنظر وهو باب من آبواب العظمة.
 والزاوية الثالثة توضح طريق السعادة الى محل النجاة في الفعل والقول والاعتقاد وأضلاعه متساوية في حضرة التمثيل فالضلع الواحد يعطي من المناسبة ما تقع به المعرفة بين الله وبين العبدء فمن شاهد هذا المشهد عرف علم الله بنا اي كيفية تعلقه بنا ومعرفتنا به ماذا نعرف ، فان معرفتنا جزء به لا يصح ان يكون متعلقها كلها.
والضلع الآخر ضلع النور يريك ما في هذا الرقيم فيه تبصر ما رقم في درجتك وما هنالك من قرة عين في درجك. والضلع الثالث يعطيك الأمور التي تتقي بها حوادث الأقدار وما تجري به الأدوار والاكوار فتحفظ ذلك فإذا استوفيت هذا المشهد علمت أنك أنت الرقيم وأنك الصراط المستقيم وأنت السالك وفيك واليك تسلك، فأنت غاية مطلبك وفناؤك وذهابك في مذهبك ، فبعد السحق والمحق والتحقق بالحق والتمييز في مقعد الصدق لا تعاين سواك والعجز عن درك الإدراك إدراك.


01 - املاء ابن سودكين على تجلي الإشارة من طريق السر:  




قال الشيخ رضي الله عنه في الأصل : اعلم أن الرقيم . إذا نزل الى عالم البرازخ ، الرقيم هو ما ارتقم من الخطاب المستقر عند المخاطب . فهو منسوب إلى كل مرتبة من مراتبه بما تقتضيه مرتبته فيها : طرسا كان أو ذهنأ أو هواء ، وتنتهي حقيقته إلى كلام الحق سبحانه . 
والحاصل من الخطاب هو الرقيم ؟ مشتق من "فعيل" . ولا تصح هذه النسبة إلا للاثر الحاصل عن الفهوانية . 
وسمي رقيمآ لارتسامه من وجهين : أعلى وأسفل ، إذ المكتوب يكون من وجه واحد . والرقيم المشار إليه ، لا يشار إليه من حيث وجوده ، لكن من حيث هوحامل لمحمول ، وذلك أن أهل السعادة وأهل الشقاوة سمعوا الخطاب فتنعم به هؤلاء وتعذب به هؤلا، ، فلوكان مقصودآ لذاته لاستوى أثره في الجهتين . لكن لما ك ن الراد منه ما هوحامل له من الأثر أظهر أثره الدال على المحبة فى محل ، وأظهر أثره الدال على المقت في محل . 
ولا يختص اسم الرقيم إلا بأثارالفهوانية خاصة ، ومتى كان الأثرممن غيرالفهوانية فلا يسمى رقيمأ ولا كلامأ .
بل ينسب إلى متعلقه من قدرة وارادة أوسمع أو بصرأو غير ذلك . ثم إن المعاني إذا نزلت إلى عالم الحس ، تكون مثلثة في البرازخ لكونها صدرت عن سبب وقصدت سببأ لتظهر عنه سببأ
آخر. وهذا الموطن من حقيقته ان لا يوجد الحق فيه شيئا الا عند سبب . فالاشياء صادرة عن الله تعالى فهذا ضلع ، وواصلة الى مصدور اليه ، وهذا ضلع ثان ، وعايدة الى انه تعالى لقوله : " و اليه يرجع الامر كله" 123 سورة هود . " والى الله تعالي ترجع الأمور " 109 آل عمران .
وذلك ضلع ثالث ومن هنا يفهم امر الربوبية وامرالرسالة وامر العبودية ! 
ثم ما يؤول من ذلك جميعه ويتسع ذلك اتساعآ لا يتناهى ، ويختلف باختلاف المحال . والله اعلم‌" .


 01 – شرح تجلي الإشارة من طريق السر





 113 - اعلم أن للقلب الإنساني وجها يحاذي بها كل شيء من الغيب والشهادة ، محاذاة يستجلي بحسبها القلب حقائق ما يحاذيه بكل ما اشتملت عليه . والقلب إذا ظهربسعته التي لا تقبل الغاية ، يحيط بها استيعابأ ، فينتهي إلى غاية تبدي كل شيء في كل شيء . 
فالقلب حيث يحاذي بوجوهه الجمة المنزه الأعلى من طريق السر، وهو طريق السر الوجودي  المتبحر، المختص به في ترقيه الوحداني السمت والتوجه ، يستجلي دون بلوغه إلى الغاية المشار إليها من وراء حجب المكافحة في عالم المثال ، الإشارة الغيبية الحاملة كل شيء في نكتتها المقصودة . ثم يجد موقعها رقيمأ ، أي مرقومأ فيه جملة ما استجلته المحاذاة القلبية ، حالة سعتها واحاطتها المستوعبة . 


114 -  والإشارة إنما تقوم عند التخاطب مقام الخطاب ، أو هي النداء عن رأس البعد ، 
وفايدتها إخفاء الأسرار عن غيرالمخاطب . 

 115 – " اعلم أن الرقيم المشار اليه " في هذا التجلي ، بالإشارة البادية من طريق السر على القلب ، عند محاذاته الحق في أنزه المنازلات وأتمها  "ليس يشار اليه"  أي إلى الرقيم . والرقم هو ما ارتقم من الخطاب الفهواني وارتسم في القلب من وجهيه المحاذيين للغيب والشهادة ، عند ورود التجلي عليه منهما ، وهو الأثر الحاصل فيه عن الفهوانية ، وصورة الأثر هو الرقيم . 

  116 - فالقلب الظاهر بسعته الغير المتناهية ، بما ارتسم في وجهيه من كلية خطاب الحق كتاب مرقوم ، يقرأ من وجهين .
 وبما ظهر في وجهه الأعلى : كتاب مكنون ، وبما تبين في وجهه الأسفل : كتاب مسطور 
فالمرقوم وسط يعطي الفهم من الوجهين الأعلى والأسفل ، والمرتزقون من أهل هذا المقام :  يأكلون من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، فلا يشيرون إلى الرقيم "من حيث هو.
"موجود ، لكئ من حيث هو حامل لمحمول ، والاشارة للمحمول لا عليه وهو من بعض ألسنة الفهوانية"  ولذلك ظهرت السعادة بسماع خطاب الحق في المقبل المحبوب ، والشقاوة في المدبر الممقوت ، مع كون الخطاب واحدأ . فلوكان الرقيم المشار إليه مقصودأ من حيث هو، لاستوى أثره في الجهتين . 
فالمحمول هوما أراد الحق تعالى بخطابه ظهوره في كل سامع سمع الخطاب ، فسامع سمع وازداد إيمانأ ، وسامع سمع وازداد نفورأ واستكبارأ في الأرض . 

117 – "فصورته" يعني الرقيم "في هذا المقام" القاضي بمحاذاة القلب المنزه الأعلى ، وباستجلائه الإشارة الغيبية "من طريق شكل المثلث اذا نزل" نزل  من حيث معناه "الى عالم البرازخ ،عالم التمثيل"  القاضي بتجسد المعاني وتروحن الأجساد ، على بقتضى حال المتجسل والمتروحن . وقد قيدئا نزول الرقيم من حيث معناه ، فإنه إنما يظهربالصورة ، بعد نزوله إلى عرصة المثال .
"كنزول العلم في اللبن"  ولذلك لماأعطي صلي الله عليه وسلم في منامه قدحأ من اللبن ، أوله بالعلم . 
والمعاني عند تنزلها إلى عالم الحس بتجسدها في البرازخ المثالية ، إنما تتصور مثلثة . 
هكذا ذكر المحقق ولعله يريد الأبعاد الثلاثة في الصور المثالية الجسدية والحسية أيضأ . 
فإن كل جسم مثلث بأبعاده ، ولوكان مربعأ أو مخمسأ أو مسدسأ أو غيرذلك من الأجسام المثالية والحسية . 

  118 – "فزاويه منه"  أي من المثلث ، للغيب الذي هومصدر المعاني الظاهرة في الرقيم وزاوية منه للمصدور إليه ، وزاوية منه للسبب القاضي بالصدور على وجه تقتضيه المحاذاة القلبية المعبر عنها بالمصدور إليه . 
إذ لا يوجد في المواطن والمراتب كلها شيء من غير سبب خلا العقل الكل ، المسمى بالسبب الأول فزاوية مورد الغيب"تعطي رفع المناسبة بين الله تعالي و بين خلقه" ولذلك يقع الحجاب عنه الإفاضة والتجلي ، إذ لولا الحجاب لم يثبت وجود المصدور إليه للتلقي والقبول ، فإن السبحات الذاتية من غير حجاب ، لا تذر ولا تبقي من الرسوم الخلقية أثرأ .
 "و الزاوية الثانية" هي زاوية السبب ، وهي عند نصوع الأنوار الضيائية الشارقة في البرازخ المثالية المشعرة برؤية السوى بعين الحق "تعطي رفع الالتباس عن مدارك الكشف و النظر" بوقوع الإشارة من طريق السر، واذانها بما هو المراد من الخطاب الفهواني ، الظاهر في عالم التمثل بصورة التثليث . 
 "وهو"  أي رفع الالتباس عن المدارك الكشفية الصورية ، الملتبسة فيها الحقائق بالملابس الخلقية ،"باب من أبواب العظمة"   وهي استمرار حكم العناية السابقة ، في حق المعصوم 
إلى لا غاية . فإنه عند رفع الالتباس ، يميز ما له عما هو للحق ، :.يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه، وينسحب معه الحكم من غيرمعارضة الشبه المخلة ومزاحمتها .
"و الزاوية الثالثة"  وهي زاوية المصدور إليه " توضح " بدلالة ما ورد عليها في تجلي الإشارة من طريق السر، وبطلوع الأنوارالضيائية الوسطية من الخط الفاصل بين النور والظلمة المشعر بفائدة الجمع بين الأعلى والأسفل معأ "طريق السعادة"  الموهوبة للقلب ، الفائز بإحاطيته الوسعى عند اطلاعه الجامع بين العالمين .
 الفارق بينهما بأتم الفصول المميزة الكشفية ثم الشهودية ، التي لا ترد عليها الشبه المضلة ، بل لا يحتمل ورودها عليها ،"الى محل النجاة"  أي إلى محل خلاص القلب بالكلية عما يعرض عليه في تقلباته ، من الآثار الكونية ، فتجذبه من المنازه العليا إلى موقع الآفات الكونية ،"في العقل و القول والاعتقاد"  فيصان القلب حالتئذ عن التصرف المتعلق بمواقع الزلل ، وعن ترجمته بالقول عن حال المشهود وشأنه بما لا يعطيه شهوده وعن وجدان لازم لا يعطي كشف مجموع الأمر كله في نكتة تجلي الإشارة . وعلى الجملة ، غاية طريق السعادة لا تدرك إلا بالفعل المرضي والقول والصدق والعقد الصحيح ، القاضي بإصابة الفطرة في الحق . 


119 -  فالسأثر إلى الحق الذي هو غاية كل شيء ومنتهاه ، أو في الحق ، أو بالحق ، سأثر في طلب الإصابة ، متمسك بالفعل المرضي المزكي للنفس ، المصفي للقلب .
ولسانه متمسك بالصدق ، وقلبه متمسك بالاعتقاد السالم الذي عليه مبنى الفوز بالسعادة . 
فإن هذه الثلاث إذا لم يخالطها شوب الرياء والكذب والسوء ، كان السأثر المرتقي إلى الغاية المطلوبة في الحق بها ، وحداني السمت والتوجه ، غيرمعتل الإشراق في الشهود . 
وان خالطها شوب من ذلك تعذرت الإصابة في الحق كشفأ وشهودأ . ألا ترى الكذاب قلما تصدق مناماته . 
فإن المثال المطلق أو المقيد شأنه تصوير المعاني ، فإن اعتلت صور لها المثال صورة غير مطابقة ، وان سلمت صور صورة مطابقة لها .


120 – "و أضلاعه"  يعني المثلث  "متساوية في حضرة التمثيل"  فإن الاعتدال القاضي بوجود الكمال في المثلث ، إنما هو في تساوي أضلاعه . 
وهي هنا ضلع المسبب ، الذي منه الإفاضة وضلع السبب الذي به الإفاضة ، وضلع المسبب الذي إليه الإفاضة . فقوة السبب إذا كانت في 
توسطها على قدر اقتضاء المسبب وطلبه ، وطلبه واقتضاؤه على قدر قوة السبب، وافاضة المسبب ، على قدر قوة السبب وطلب المسبب .
 من اجل هذا قامت اضلاع المثلث ، عند تمثلها وتجسدها ، على الاعتدال والتساوي . 
وتم بذلك وفاء حق الكمال المطلوب في المثلث المشهود . 
فان الكمال حالتئذ معنى جامع وسطي ، حكمه الى الاضلاع الثلاث على السواء. 


  121 – "فالضلع الواحد"  من المثلث المذكور "  يعطي من المناسبة"  الوافية بكشف المقصود ،"ما تقع به المعرفة بين الله و العبد" وهذا الضلع هو ضلع جريان الفيض من الحق تعالى وسريانه في المصدوراليه . ولا يكون ذلك الا بمناسبة تقتضيها حقيقة المصدور اليه من الحق ، من حيثية وجهه الخاص به . فإن علمه تعالى بذاته يستلزم علمه بذلك الوجه ونحوه ، وبخصوصية سبب يقتضي الجريان ايضآ . ومعرفة العبد بالحق إنما تقع بقدر هذه المناسبة والخصوصية . ولذلك قال قدس الله سره "  فمن شاهد هذا المشهد " على الوجه المنبه عليه " عرف علم اللة بنا،اي كيفية تعلقه بنا،ومعرفتنا به"  فان تفاوت تعلق علمه إنما هو بحسب تفاوت مناسبات المعلومات ، القاضي بتفاوت تعلق علمه بها .
 وبحسب تفاوت خصوصياتها الموجبة ايضآ لتميزكل عين منها عن الأخر في علمه تعالى . ولا تقع معرفتنا ايضآ به إلا بحسب تلك المناسبات الاصلية والخصوصيات التعيينية . ولذلك تعذرت معرفتنا به تعالى من حيث هو، اذ لا مناسبة بيننا وبينه تعالى من هذة الحيثية .
 فلا نعرف من هذه الحيثية  "ماذا نعرف،فان معرفتنا جزئية " فلا  تتعلق بالحق الا من حيث تعينه باسم في مرتبة ومظهر. وتعيناته التي هي وجوه اطلاقه الذاتي لا تتناهى ولا تنحصر ، " فلا يصح ان يكون متعلقها "اى تعلق معرفتنا الجزئية  "كلا" اي جميع تلك التعينات الغير متناهية وإلا يلزم احاطة الجزء بالكل .


  122 – "والضلع الآخر ضلع النور"  وهو ضلع المصدور اليه ، من حيث كونه عائدا آليه تعالي من باب: "و اليه يرجع الامر كله" 123 سورة هود . اذ لا عوده له الا بانجلاء النور المبطن في ظاهره ، المكتنف بسواد الطبيعة وغسقها ،ولذلك قال قدس سره : ان النور " يريك ما في هذا الرقيم " المشار اليه . ثم نبه ان الرقيم المعروض عليك ، في عرصة شهود التجليات الصورية ، هو ذاتك المتحققة بأحدية جمع الحقايق : الحقية والخلقية فانك اذا نظرت في مطاوي الرقيم 
وأمعنت بصيرتك "فبه"  عند اشراق نور يتشعشع في صميم فؤادك ، فيقوم بحقه وعدله كل شىء ، بنسبة ما فيك جمعأ أحديأ من الآفاق الجمة .
"تبصر"  تبرا حالتئذ بطوالعه المتواردة عليك ،"ما رقم لك في درجك" الذي هوكتابك المرقوم ، المحيط بما في الغيب والشهادة ، المطوي في غشيان ظاهرك عليه . 
فتعلم بين ذلك تفصيل ما أجمل في مثلث رقيمك ، فترى إذن قطرتك بحرأ ، ولمحتك دهرأ . 
ثم تتعرف على مكنونات كل جزء من حقيقتك ، وكل عضو من صورتك . وفي الجملة : "وما خبيء لك من قرة اعين في درجك" ، وتظهر لك في كل جزء وعضو إذ ذاك ، عين وسمع وشم وذوق تنفذ في المبصرات والمسموعات والمشمومات والمذوقات كل النفوذ ، فترى وتسمع وتشم وتذوق بخرق العادة . 


  123 – "الضلع الثالث"  وهو ضلع السبب الذي به الإفاضة أو عنده ، " يعطيك الأمور التي تتقي بها حوادث الأقدار وما تجري به الأدوار والاكوار " فإن هذا الضلع إنما يعطي كشف الأسباب المتعارضة وغيرها كما هي ، وكشف كيفية التحرز ببعضها عن البعض . 
فإذا توجهت إلى المتبصرفيها حادثة يقتضيها سبب موجب قابلها بسبب مانع ، يدفعه عنه بتدبيره ، موهوب له في الوقت . 
وهذا من باب دفع القدر بالقدر . والدفع قد يكون بزوال الموجب وثبوت المانع ، وقد يكون بارتفاعهما عند تمانعهما .
" فتحفظ ذاتك " عن ملمات مبيدة ، ترد تارة على الباطن وتارة على الظاهر. 
124 – " فإذا استوفيت هذا المشهد " بمطالعتك باطن الرقيم وظاهره وحده ومطلعه ، وأشرفت على نكتتها المشاراليها  " علمت أنك أنت الرقيم " بمشاهدتك فيك كل شيء ، ومطالعتك فيك كلمة فيها كل حرف ، وفي معناها كل المعاني . وظفرك بما هو المراد بالكل فيك .  "وأنك الصراط المستقيم ." 


125 -  إذ لا يصح سير الوجود على الاستقامة والسوائية إلى أقصى غاية الظهور، إلا بك وفيك . 
فإنه في الأصل كان كنزأ مخفيأ في شيئية ثبوتك المتعينة بحكم السوائية والوسطية في غيب العلم الأزلي . 
ثم سار بإلباسك ثوب شيئية الوجود بك وفيك ، إلى حاق وسط العالم الروحاني : ثم إلى حاق وسط العالم الطبيعي والمثالي ، ثم إلى حاق وسط العالم العنصري ، ثم إلى حاق وسط النشأة المزجية ، المزاجية ، السوائية ، الاعتدالية ، الإنسانية .
 فإليها انتهى سر "ان ربي علي صراط مستقيم" 56 سورة هود . والصراط المستقيم هو أقرب الصراطات ، فإن خطوط طرفيه من حيث إنها لا تستقيم أطول . 
فمبدئية هذا الصراط مختصة بالحق في تعينه وتجليه الأول ، 
وغايته آنت ، اذ ليس لسيرالوجود وظهوره دونك غاية . فأنت الذي تحاذي بأخريته آولية الحق بأصح المحاذاة وآتمها . هذا باعتبار نسبة السيروالظهور تنزلا الى الحق ، وأما باعتبار نسبة سير العالم إلى الحق الذي هومحتده ومصيره فذلك بانتهاء رقيقة كل شيء من عالمي الحق والخلق اليك . اذ آنت شيء فيك كل شيء ، فكل شيء بك وفيك ومعك ، سأثر بسيرك الى محتده الذي اليه المصير. 


  126 –" وأنت"  في الحقيقة" السالك وفيك واليك تسلك " فان السالك قاطع منازل وطالب غاية ، والمنازل هي في مسافة ارتقاء نفسك في أحوالها وآحكامها وآطوارها وآدوارها . 
فالسالك . فيك . آنت ، وغايتك . فيك . فوزك في سرك الوجودي ، المستجن في باطن سويداء قلبك . بنقطة تدور عليها أفلاك الوجود وآحواله الجمة . فنسبة كل شيء بالنسبة إلى تلك النقطة على السواء . 
بل هي منطوية على كل شيء احاطة واشتمالأ ، فعلى هذا آنت ، من حيث أنت ، لا آنت . " فأنت غاية مطلبك " فانك اذا فزت بحقيقتك فزت بكل شيء حقأ وخلقأ ، غيبأ وشهادة .
" و فنائك"  عن الرسوم المانعة عن الوصول الى الغاية "و ذهابك" عند مصادمة التجليات المهاجمة  عليك بأثار الجلال عن احساس الكون ورؤيته "في مذهبك" المنتهي الى غايتك التي تجتمع فيها الآمنيات وتنتهي اليها الغايات ، ان كنت يثربيأ لا مقام لك . 
 
127 – " فبعد السحق والمحق " الرافع عنك رسوم خليقتك في انجلاء العين وانكشاف سبحاتها المحرقة  "والتحقق بالحق "من وجه أنت في أنت بلا أنت ،" والتمييز"  عن كل شيء بأنية 
لا تزاحمك في شهود الحق ولا تحجبك عنه وعن كل شيء ،   في " في مقعد الصدق " أي في بساط المشاهدة القاضي بالتصادق بين كلية ظاهرية الحق وكلية مظهريتك ، " لاتعاين سواك " في مرآة الحق اذ الحق من حيث هو مجهول لا يطلع على غيبه أحد ، وغاية معرفتك إياه من هذه الحيثية أن تعوف أن حقيقته لا تعرف بكنهها .
وفي هذا المقام :  " والعجز عن درك الإدراك إدراك " وهنا للوحيد اختصاص ينفرد فيه بالسيادة ، وذلك قول الحق تعالى : "وعلمك ما لم تكن تعلم" 113 سورة النساء،  ومن جملة ما دخل في عموم " ما لم تكن تعلم‌"، معرفته الله تعالي حقيقة . فافهم .

رابط تحميل شرح كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبرابن العربي وكشف الغايات


.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:45 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 02 - شرح تجلي نعوت التنزه في قرة العين .كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:09 am

02 - شرح تجلي نعوت التنزه في قرة العين .كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 02 على مدونة عبدالله المسافر بالله

02 - نص تجلي نعوت التنزه في قرة العين

اعلم أنك إذا غيبت عن هذا التجلي الأول وأسدل الحجاب أقمت في هذا التجلي الآخر، ترتيبأ إلهيآ حكميآ ، ليس للعقل فيه من حيث فكره قدم ، بل هو قبول كشفي ومشهد ذوقي، ناله من ناله، فيقام العبد في إنسانيته مقدس الذات منزه المعاني و الأحكام.
تتعشق به الفهوانية تعشق علاقة تظهر أثرها عليه، فيكون موسوي المشهد، محمدي المحتد.
فلا يزال النظر بالأفق الأعلى، إلى ان ينادي من الطباق السفلى ، إحذر من الحد عند نظرك الى الأفق ألأعلى ، فإني مناديك منه ،ومن هنا ، فيتدكدك عند ذلك جبلك، ويصعق جسدك، وتذهب نفسك في الذاهبين الى محل التقريب، بمشاهدة اليقين ، فتعطى من التحف ويهدى إليك من الطرف ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ثم ترد إلى المنظر الأجلى، بالأفق الأعلى ،عند  الاستواء  الاقدس الأزهى، فيأتيك عالم الفقر والحاجة ، من ذات جسدك الغريب ، يسألون نصيبهم ، من تحف الحبيب ، فأعطهم ما سألوا على مقدار شوقهم وتعطشهم، ولا تنظر الى إلحاحهم في المسألة ، فإن الإلحاح صنعة نفسية وقوة تعليمية.
ولكن أنظر إلى ذواتهم بالعين التي لا تستتر عنها الحجب والأستار، وأقسم عليهم على قدر ما يكشف منهم ، فمن استوت ذاته ، فأجزل له في العطية ومن تعاظم عليك وتكبر، فكن له أوطأ مطيأ ،ولا تحرمه ما تقتضيه ذاته ، وان تكبر فتكبره عرضي، فعن قربب ينكشف الغطاء، وتمر الرياح بالأهواء ،ويبقي الدين الخالص ، فتحمد عند ذلك عاقبة ما وهبت ، والأرزاق أمانات بأيدي العباد روحانيها وجسمانيها فإذا الأمانة ،تسترح من عبئها ،وان لم تفعل فأنت الظلوم، الجهول ،وعلى الله قصد السبيل. 

02 – شرح تجلي نعوت التنزه في قرة العين

128 -  اعلم أن التنزه ، على رأي ، من نعوت الحق ، فليس لغيره منه شيء . وعلى رأي ، مختص بمحل يقبل أثر التجلي ، إذ التجليات نسب ومعان لا تحقق لها إلا في محل يقبل اثارها.
فعلى الرأي الثاني ،صارت قرة العين محل أثر نعوت التنزه ، ظاهرة بحكم ذلك الأثر، ما بقي الأثر فيها ، وهي تحت قهر سلطانه . فشأن قرة العين ، في هذا التجلي ، أن لا تنحصرفي الحدود والجهات ، بل تنفذ فيها حسب قوة الأثر الحاصل فيها ، فقوته قد تقتضي النفوذ إلى لا غاية : فلا بد لكل تجل ، في المحل المورود عليه ، أثر، ولا يطلب ذلك التجلي من الحضرات إلا ما يشهد به أثره في محله ، وهذا الأثر إنما يسمى بالشاهد عرفأ ، قال تعالى : " افمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه" 17 سورة هود


129-" اعلم أنك إذا غيبت " في شهودك ، القاضي بطرو الفناء على رسومك . " عن هذا التجلي الأول "
الفهواني ، الجامع بين الشهود المثالي والكلام القاضي بوجود الحجاب ،اذ "وما كان لبشر أن يكلمه الله تعالي الا وحيا او من وراء حجاب". 51 سورة الشوري
" وأسدل الحجاب "بينك وبين المشاهد المثالية ، القاضية بالمكافحة ،" أقمت في هذا التجلي الآخر "  الرافع حكم التجلي الخطابي الفهواني ،  " ترتيبأ إلهيآ حكميآ "  يحكم على المحل المورود عليه ، حسب قوة أثره الحاصل فيه ، ما دام المحل تحت حكمه . وإنما قال ترتيبأ إلهيأ ، " اذ ليس للعقل فيه " أي الترتيب الإلهي ، " من حيث فكره قدم " حتى يجعل حكمه كحكمه في الترتيب الطبيعي ، كتقدم الواحد على الاثنين والاثنين ملى الثلاثة .
"بل هو " إلقاء إلهي و "قبول كشفي ومشهد ذوقي"  لم تستشعر البصأثر بوجوده وظهروه قبل الإلقاء والقبول ، ولا بتعيينه لمحل خاص ، في وقت معين ، بنفوذ الفكر، اللهم إلا بتعريف إلهي في نفس التجلي أو في تجل آخر يتلقاه الكشف التام والذوق الصحيح .
ولذلك قال : " ناله من ناله " ممن سلمت خالصة قابليته عن آفة الوقفة مع الرسوم الكونية ، عند انجذابها إلى سلم المحاذاة التامة ، الناتج من ظهور الحق من حيث أحدية جمعه في السوائية القلبية . فإن اتسع القبول الكشفي والمشهد الذوقي ، باستيفاء المشاهد مراسم التجلي من محله المورود عليه ، على وجه يعطي ذلك المحل بحكم جمعه واشتماله ، حكم جميع أبعاضه وأجزائه بتبحر الجمعية الكشفية والذوقية حالتئذ .


 130 – "فيقام العبد في إنسانيته" التي هي ، بإحاطتها الوسعى ، وعاء الكل في الكل "مقدس الذات"بما ظهرفي سره الوجودي من أثر التجلي الذاتي ، ومحا عنه نقوش السوى حتى بقي له ، مع ذلك التجلي ، حكمه لا عينه "منزه المعاني و الأحكام" الناتجة له من رقائق نسب الحقائق الحقية والخلقية ، الكامنة أحدية جمعها في نقطته الاعتدالية القلبية ، بل في كل قوة من قواه الباطنة والظاهرة .
وتنزهها ، عدم نسبتها إلى استعداد قامت به ، بل بنسبتها إلى المتجلي الظاهربسره الوجودي وبما له من الكمال الجمعي في استعداد المحل بحسبه ، فالعبد إذ ذاك لا يضيف شيئأ منها إلى نفسه ، إذ ليس له إذ ذاك عين يضاف إليها شيء . فهو في حالة يكون هو لا هو" وحالتئذ : " تتعشق به الفهوانية تعشق علاقة " فإن العبد المقام في إنسانيته ، محل تتحقق به وفيه التجليات الجمة التي هي النسب والمعاني . " تظهر أثرها " أي الفهوانية ، التي هي أيضأ تجل من التجليات الصورية  " عليه "  أي على العبد المقام في إنسانيته .
والفهوانية هي الخطاب الإلهي عند المنازلة ، أعني نزول الحق لعبده من غيبه الأحمى ، وعروج العبد إلى الحق من مستقره الأدنى .
ويكون الخطاب في عالم المثال بطريق المكافحة . 
"فيكون"  العبد عند تحقق الفهوانية به "موسوي المشهد" بكونه جامعأ بين الشهود والكلام من وراء حجاب التمثل " محمدي المحتد " بشهوده الحق من حيثية أحدية جمعه الكنهي بالحق أيضأ ، من غير حجاب ، وذلك عند استهلاك عينه في التجلي الذاتي بالكلية ، وقيام الحق في مرتبته ظهورأ على حكمه .
 131 -  " فلا يزال النظر " القلبي مترددأ ، بوساطة الحواس وبغير وساطتها ، بين الشهودين متحذلقأ لكشف الأمركما هو ." بالأفق الأعلى "  الذي هو في هذا المحل عبارة عن جهة علو الوجود وفوقيته "  الى ان ينادي"  اعتناء بذر النظر وعناية في أمر ارتقائه إلى غاية تحوي على الغايات " من الطباق السفلى "التي هي جهة دنو الوجود و تحتيته .
وهي جهة تصادم بأحكامها الناشئة من سنخ الطبيعة تنزيه الأمر المطلوب "احذر" أيها المشفوف في معرفة حقيقة الأمر شهودأ لا تداخله الشبه "من الحد" بحصرك إياك في جهة العلو، وتقييد طلبك بها " عند نظرك الى الأفق ألأعلى " فإن الأمر الذي هو مطلوبك غير منحصر في حد وصورة وجهة فهو مع تجرده في ذاته عن كل اعتبارمع كل شيء في صورة ذلك الشيء .
فكأنه يناديك من مكان قريب وبعيد فيقول لك ألسنة الجمع والوجود : تنبه لشهودي في كل شيء ، وفي كل وجه ، يا أيها المنحصر في طلبي بالأفق الأعلى ، القاضي بكمال التنزيه الذاتي " فإني مناديك منه"  أي من الأفق الأعلى ، "ومن هنا" أي من الطباق السفلي ، فلو انحصرت في طلبك على أحد المتقابلين لأخليت مني الآخر .
ولوحصرتني فيهما لجهلت كمالي المطلق ، في غيابتي عنهما وعن كل ما ينافي إطلاقي الذاتي ، الذي لا يقابله التقييد فإذا تحقق نظرك بهذا الشهود المطلق ، وتألق له من مركز السوائية التي تتمانع في حقه أقطار الوجود ، برق الإطلاق ، تنصعق المحصورات في الحدود والجهات .
132 - (فيتدكدك عند ذلك جبلك) أي ظاهرك الذي هو مركز دائرة ظاهر الوجود المتصف في طور الظهور الأشمل بالشموخ والاعتلاء مكانه ؛ (ويصعق جسدك) المركب من المواد الطبيعية العنصرية.
فكما أن التدكدك ازال صورة جبل موسى عليه السلام، كذلك يزول به ظاهرية ذاتك واعتلاؤها المستفاد لها من علو الوجود الظاهر بها، حتى عادت إلى ذل الإمكانية و فقرها وعدمیتها.
و كما آن الصعق لم یعطي الجسد الموسوي الا الخرور، ولم یغیره عن هيئته التي ?ان عليها، ?ذلك لا یغیر جسدك عن هيئته الانسانیة .
(و تذهب نفسك) المشغوفة إلى غايتها التي هي المنتهى (في الذاهبين إلى محل التقريب) وهو محل تطلع فيه على غاية تعينت لها بطلب استعدادها الأصلي المتعين لحقيقتها المعلومة في الأزل .
ولذلك قال قُدّس سره : (بمشاهدة اليقين) السابق الأزلي الذي عليه مدار ظهور الوجود، في الكيف والكم، والكمال والنقص، والإجمال والتفصيل .
فإذا بلغت نفسك إلى هذه الغاية المطلوبة، تستقر بمنزلة الكرامة والفضل.
133 - (فتعطى من التحف و یهدی إليك) بوصولها الیها واستقرارها فیها، و استحقاقها أن تنال (من الطرف) والنفائس من ذخائر إعلان ظاهر الوجود وباطنه جمعاً؛ إذ أنت، إذ ذاك، في مطلع الأشراف، فلذلك تعطي امتناناً واستحقاقاً (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فإن الأسماء الإلهية القاضية بوجود هذه المطالب العالية إنما تختص تجلياتها بهذه الغاية فلا توجد في غيرها.
فهي كأسماء إلهية لا حكم لها إلا في النشأة الآجلة، فلا تظهر أحكامها اليوم فينا.
ومن هنا قال: صلى الله عليه وسلم *"فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن، يلهمنيه اللهفتلك المحامد عن تلك الأسماء.
134 - (ثم ترد إلى المنظر الأجلى) بعد انتهائك، أو إلى غاية هي المنتهى، إن كنت على القلب السيادي المحمدي الذي غايته منتهى كل شيء.
والمنظر الأجلى هو صورة الإنسان المتحقق بالكمال الجمعي الأحدي ، إذ به ینظر الحق و غیب كل شيء و شهادته.
فإنه تعالى هو الكنز المخفي الظاهر أكمل الظهور في شيئية وجود هذا الكامل ونحوه، المظهر به كل شيء في أطوار تفصيله.
وكذلك ينظر الإنسان فيها إلى الحقائق الإلهية والإمكانية الجمة، جمعاً وفرادى.
وهكذا عبر بعض العارفين عن المنظر الأجلى حيث قال : "إن الذوائب العلى مرسلة على المنظر الأجلى ".
وكنى بالذوائب العلى عن الأسماء الإلهية المرسلة عن الكنز المخفي في شيئية وجود الكامل، الكاسية لها كالثوب السابغ .
ولذلك قال الله تعالى: "واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها" 175 الأعراف .
فتحقق الأسماء الإلهية التي هي النسب والمعاني، إنما هو في حقيقة الكامل.
فإن الظاهر بالأسماء من حيث ظهوره في صورة عين هذه الحقيقة: بصير؛ وفي صورة أذنها : سميع ؛ وفي صورة لسانها : متكلم .
ولما كان الأفق الأعلى في حق المترقي، منتهى المراتب الخلقية ومبتدأ
ـــــــــــــــــــــــــ
(*) شطر من حديث326 مسلم  و10032 - جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزَّوائِد

الحضرات الإلهية، وفي حق المتنزل بالعكس، صار مستقر الكامل بعد عوده إلى الصحو المفيق .
ولذلك قال قُدّس سره : ثم ترد إلى المنظر الأجلى (بالأفق الأعلى) لتفوز فيه بدوام الإشراف على العالمین من غیر تقيدك بهما.
ولما كان الافق الاعلى كلسان المیزان بین كفتي العالمین، في حق الكامل المردود إلى البينونة المكرمة الظاهرة له بسر العدل ، 
قال قدس سره : (عند الاستواء الأقدس الأزهى) وهو مطلع الأشراف الذي تتمانع في حقه المتقابلات الجمة الإلهية والإمكانية.
والكامل المستقر فيه يحاذي الإطلاق في تقييده والتقيد في إطلاقه، من غير أن يقيده بشيء.
فإذا تحقق روح الاستواء بالأقدسية، أراك، في تجلي الحق لك ، كل شيء في كل شيء .
135 - (فيأتيك) إذن (عالم الفقر والحاجة) اللازم لامكانياتك (من ذات جسدك الغريب) المتروحن معك في الأفق الأعلى الذي هو نهاية مقام روحك ؛ فإنه بالنسبة إلى حال جسدك غربة، فإن بقاء الجسد مع غلبة التجرد والتروحن، غريب .
وبلوغ الجسد إلى هذا المقام لا يكون إلا بجاذب قوي قاسر.
وإتيان عالم الفقر والحاجة، من ذات جسدك الغريب، إليك إنما هو أولاً، من نفسك القائمة لتعديل مزاجك، وهي ذات جسدك ؟
وثانياً، من أنزل المراتب الإمكانية، يعني عالم الأجسام والصور الملكية؛ وهو شطر من أحد طرفي الأفق الأعلى، الذي هو إذ ذاك مستقرك فأنت فيه قائم بوفاء حق مظهرية القيومية لعموم القوابل.
ولذلك (يسألون) منك حينئذ (نصيبهم) الذي به تبحر قابلیاتهام المتلقية معدات الكمال و الحظوظ الوافرة (من تحف الحبيب) ورغائب فيض القيومية ولطائف إشارات الغيوب، التي لا يحصل مثلها لهم إلا بوساطة الكمل ومآخذهم العلية.
136 -  فإن كنت متحققاً بولاية التدبير لوفاء حق كل ذي حق ، (فأعطهم ما سألوا) بألسنة استعدادهم و حالهم (على مقدار شوقهم و تعطشهم) الناشئ من اقتضاء قابلیاتهام الأصلية، من غير زيادة ونقصان.
فإن مقتضى حال الكمل وفاء حق كل ذي حاجة كما ينبغي ، وعلى وجه ما ينبغي .
فإن زاد عليهم أورث الطيش والطغيان الموبق ؛ وربما أن تضمحل رسوم قابلياتهم. وإن نقص منع بعض استحقاق ذويه وشأن أهل الكمال القيام بوفاء حق كل ذي حق كما ذكر.
(ولا تنظر إلى إلحاحهم في المسألة، فإن الإلحاح صنعة نفسية) فإنها مجبولة على الشره و اخرص التجدد معها مع الآنات ؛ ولذلك یشیب ابن آدم ویشيب معه الحرص و طول الأمل* .
(وقوة تعليمية) تنمو وتتزايد بالإغراء الشيطاني وتعليمه، حين يأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم والإلحاح ينتهي إلى إفراط قادح في الكمالات النفسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) من حديث أنس الوارد في الصحيحين : " يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان : الأمل وحب المال". انظر الإحياء وتخريج آحادیثه ۳/ ۲۳۸ تعلیق رقم ۵


(ولكن انظر إلى ذواتهم بالعين التي لا تستتر عنها الحجب والأستار) شيئاً؛ فإنك إذ ذاك أعطيت الكشف المستوعب في وزن كل شيء وتحريره فتعلم أن الحجب المانعة بماذا ترتفع أو تشف فلا تمنع ؛ وتظفر بمكنة توفي بها الحقوق وتميط بها الاذى عن الطريق.
(وأقسم) عند ذلك (علیهم) ما سألوه شوقاً و تعطشاً (علی قدر ما ت?شف منهم) من قوة استعداد القبول و ضعفه، والتفاوت فيه قوة وضعفاً كاد أن لا ينحصر ولا يتناهى.
فعليك بوزن الاستعدادات وتحريرها، لئلا يقع الإفراط والتفريط القادح فيهما، المانع من الوصول إلى كمالاتها المقدرة لها.
137 -  (فمن استوت ذاته) من السائلين، بوقوعها في حيز التمانع وتحققها بالاعتدال الجمعي الوسطي ، وتجردها عن الميول الاضطرارية المقيدة لها، وانطلاقها عن كل قيد وحال ومقام وحكم (فأجزل له في العطية) والجزالة هنا عبارة عن زيادة لا تقبل النهاية.
فإن استعداده بلغ في كماله حداً أبى أن يقبل الحد، وثبتت قدمه حينئذ على نقطة دار عليها فلك القبول الجم فهو كمن إذا أكل لف، وإذا شرب اشتف.
(ومن تعاظم عليك وتكبر) من نشوة ناشئة من نزعات الطبيعة المرسلة وطيشها المتحكم أو من علوه الذاتي الظاهر على ذوي البصائر، من السر الوجودي المستجن في قابلية روحه، المضاف إلى الياء (فكن له أوطأ مطية) كالأرض الذلول، عند تبختره علیل لتحمله بالتدبیر النافذ الناشئ من مشرب التكمیل إلى غایة توضیح له وجه خساسته وذلالته اللازمة لامكانیته .
(ولا تحرمه ما تقتضیه ذاته) بخصوصیته التعیینیة، شما بداللف شهوداً عند معرفتك حقائق الأشياء كما هي، ومطالعتك مقاديرها في لوح القدر وزناً وتحريراً ومن التربية المؤثرة فيها تفهيمها ما في أم كتابها الجامع المشتمل على ما بطن وظهر، فى معرب ظاهر الوجود ومعجم باطنه على التحرير.
(وإن تكبر فتكبره عرضي) لا يثبت في مقابلة جولة الحق بتجلياته الذاتية الكاشفة لك عن حقيقة كل شيء وصفاته الذاتية وأفعاله وخواصه.
فهنالك تعلم ما للحق من الصفات والنعوت ، وما ليس له .
138- ولذلك قال قدس سره : (فعن قريب ین?شف الغطاء) آي حجاب الصور ال?ونیة، وهو الظل الممدود الكامن في سواده النور.
ولا ينكشف هذا الغطاء إلا بتجلي يوجب انقلاب الظاهر باطناً والباطن ظاهراً، (وتمر الرياح) وهي هنا عبارة عن صولة داعية الحق الظاهرة قبل طلوع فجر الساعة، من خليفة الله، خاتم الولاية المحمدية، المسمى بالمهدي، المذهبة (بالأهواء) أي بالآراء الواهية.
فإن الحق الخالص من المتناقضين واحد، فيبقى الحق منهما ويزهق الباطل . (ويبقى الدین الخالص) الرافع للخلاف، الفاصل بين الهدى والضلال فحينئذ يتميز الحق عن الخلق وصفاته ؛ ويعلم أيضاً مواطن اتصاف الحق بصفات الخلق، و اتصاف الخلق بصفات الحق.
و تتبين في الدين الخالص موارد اليقين علماً وعيناً وحقاً.
(فتحمد عند ذلك) بجميع ألسنتك الاستعدادية والحالية والمقالية
(عاقبة ما وهبت) في دائرتي الكمال والتكميل، وما رزقت في هذا المنهج القويم من ذخائر أعلاق غيب الجمع والوجود.
وذلك في الحقيقة أرزاق مقدرة في الأزل، محررة في لوح القدر لك ولغيرك ومقامك إذن يقتضي وفاء حق كل ذي حق .
139 -  (والأرزاق أمانات بأيدي العباد) للمرتزقة منهم ومن الكون، (روحانيها وجسمانيها، فأدى الأمانة تسترح من) أثقال (عبئها، وإن لم تفعل) أي أن لا تؤد الأمانة إلى أهلها (فأنت الظلوم) فالمبالغ في وضع الأشياء في غير محلها (الجهول) حيث لم تعرف أنك مطالب بحق كل ذي حق، ولو بقدر جناح بعوضة.وعلى الله قصد السبيل.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:46 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 03 - شرح تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين .كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:11 am

03 - شرح تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين .كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 03 على مدونة فتوح عبدالله المسافر بالله

3 - تجلى نعوت تنزل الغيوب على الموقنين

وبعد هذا التجلي المتقدم يحصل لك هذا التجلي الآخر تستشرف منه على مآخذ كل ولي خاص مقرب وغيره ومآخذ الشرائع الحكمية والحكمية وسريان الحق فيها وارتفاع الكذب منها، ثم يلقى إليك ما يختص باستعدادك من ما لا تشارك فيه فتمرض في هذا التجلي وتموت وتحشر وتنشر وتسأل ويضرب لك صراطك على متن جهنم طبيعتك ويوضع لك ميزانك في قبة عدلك ، وتحضر لك أعمالك صورأ أمواتأ أحياء على قدر ما كان حضورك مع ربك فيها ولست بنافخ فيما مات منها روحأ في ذلك التجلي ، فإنها مثال الدار الآخرة.
وتعطى كتابك بما كان من يديك مطلقأ وترى فيه ما قدمت فيرتفع الشك والالتباس، ويأتي اليقين كما قال تعالى: " و أعبد ربك حتي يأتيك اليقين " 99 الحجر.
بمعاينة هذه الأشياء وهذه هي القيامة الصغرى ضربها لك الحق مثلأ في هذا التجلي ، سعاده لك وعناية لك أو شقاوة  أن ضللت بعدها فتكون من أضله على علم وهو قوله تعالى:" و ما كان الله تعالي ليضل قوما بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون" 5 التوبة .
فأعرف ما تشهد ولا تحجب بما أسدل لك من لطائف الغيوب والأسرار وتنزل هذه الأنوار عن التحقيق بالمعاملات  عند الرجوع من هذا التجلي إلى عالم الحس وموطن التكليف، فإن الحق ضربه لك مثالأ حتى تصل إليه بعد الموت عيانأ ففد أمهلك ومن عليك إذ ردك إلى موطن الترقي وقبول الأعمال لتنفخ روحا في تلك الصورة الميتة فيكسوها حلة الحياة فتأخذ غدأ بيدك إلى مستقر السعادة فإنه خبر مستقرأ واحسن مقيلأ. 


03 – شرح تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين


140 -  يريد تنزيل ما في الغيوب امتناناً، أو حسب اقتضاء الأوقات المعمورة بالمجاهدات النفسية والأحوال القاضية بالتقلبات القلبية، بيد يدي التجلي الإلهية، الحاملة مواهب الغيوب، والمقامات الموفية مراسم حقوقها جملة وتفصيلاً، على الموقنين ممن جاسوا خلال ديار الكشف والعيان، فصارت المغيبات المخبر عنها بألسنة الرسل في حقهم شهادة لا تحتمل الشبهة من بعد قطعاً وذلك من معدن: لو ?شف الغطاء ما ازددت یقیناً.




141 -  (وبعد هذا التجلي المتقدم) يشير إلى تجلي نعوت التنزه في قرة العين (يحصل لك) أيها الطالب المستبصر في كشف الحقائق ، (هذا التجلي الأخر) على الترتيب الإلهي المشار إليه من قبل؛ ثم (تستشرف منه) عند استقراء آثاره في القلب، وانبساط أضوائه على الظاهر والباطن، (على مآخذ كل ولي خاص مقرب وغيره) ممن دونهم مكانة وأخذاً.
والولي من قرأ كتاب الوجود من وجهي الغيب والشهادة، والحق والخلق كما قال تعالى :" كتاب مرقوم . يشهده المقربون" 20-21 المطففين.
وهو في كل شيء مع كل شيء أعطي عموم التصرف فتصرف عن ذلك وترك فی تصرف «نعم الو?یل».
فجوزي بأن لا يتصرف فیه من تولى التدبیر الأعم : ?الغوث و من معه من الأئمة والأوتاد والأبدال وغيرهم من المعدودين، جزاء وفاقاً فانفرد في الكون بوصف السراح والإطلاق، حيث لا يقيده حكم وحال ومقام فتصرفه في العموم ، بالخاصية لا بالأمر .
فهو المبرز في صدر تشريف المقامات المحمدية المقول عليها: "يا أهل يثرب لا مقام لكم" 13 الأحزاب.
و تستشرف ایضاً (على مآخذ الشرائع الح?میة) بضم الحاء وس?ون ال?اف، وهي الأحكام المنزلة على الأنبياء والرسل، (والحكمية) وهي رهبانية ابتدعوها، مستنبطة من الشرائع المنزلة.
فإنه في سراحه وإطلاقه، مطلع على ينبوع النبوة المطلقة ؛ فلذلك يعلم فيها مآخذ الحُكم والحِكم .
ولولا مخافة التطويل، لبينت لك معنى النبوة المطلقة وأحكامها التفصيلية، ومن هو القائم بأمرها تحققاً.
وعلى مآخذ (سريان الحق فيها) أي في الشرائع الحُكمية والحِكمية.
والحق هنا ضد الباطل ؛ ولذلك قال قدس سره بعد ذكره : (وارتفاع الكذب منها) أي من الشرائع.
فإنك حينئذ مطلع على وجوه التنزلات الغيبية سواء كانت معتلة أو صحيحة، أو مستمرة الحكم والأثر أو منقرضة بانقراض مدته.
(ثم يلقى إليك) بعد تحققك بهذا التجلي (ما يختص بأمر استعدادك مما لا تشارك فيه) وذلك بشهودك من حيثية الوجه الخاص بك.
ولا ريب أن استعدادك من حيثية هذا الوجه، متصل بجهة إطلاق الحق من غير واسطة.
فإذا أثر فيك حكم الإطلاق الذاتي المصادم لتفيدك بالوجه الخاص تزلزلت بنية تقيدك.




142 -  (فتمرض) أولاً بسراية لفحات فنائك المنتظر (في هذا التجلي) ثم ينمحق رسومك بغشيان الفناء عليك.
(وتموت) موتة شبيهة بالموت الطبيعي فتعقبها أحوال ما بعد الموت.
(وتحشر وتنشر وتسأل ويضرب لك صراطك على من جهنم طبيعتك) فتترائى دونك أمثال ما أخبرته النبوة؛ هكذا يشهده السائر في مناهج التقديس .
(ويوضع لك ميزانك على قبة عدلك) وهي صورة اعتدال الذي في ضوئه تتبين كل شيء وصورة سوائيته لتعلم بذلك أحوال قلبك في أصل فطرته وزناً وتحريراً، ميلاً واستواء.
فإن الميل الفطري إنما يكون بحكم الغلبة، إما إلى جهة كفة الإلهام ، وإما إلى جهة كفة الفجور ؛ والاستواء بحكم عدمه.
فحالة الإستواء تعطي تمانع الميلين في حق قلبك ؟
وذلك هو حالة عدله وإطلاقه.
(وتحضر لك أعمالك) يظهر لك بعضها في البرزخ المثالي (صوراً أمواتاً) وهي الأعمال السيئة أو الأعمال الحسنة ظاهراً، الخاوية عن النيات الخالصة لله.
فإن النية روح العمل، وبها يظهر العمل، في الدار الحيوان والبرزخ صوراً أحياء إن كانت خالصة لله، الذي هو مصدر وجود كل شيء وحياته .
ولذلك قال : (وأحياء على قدر ما كان حضورك مع ربك فيها) أي في الأعمال، لا سيما عند شروعك فيها بالنية والقصد.
(ولست) أنت (بنافخ فيما مات منها) أي من الأعمال (روح) من النية الخالصة لله، (في ذلك التجلي) القاضي بالموت والفناء ؛ (فإنها) أي صور الأعمال الظاهرة عليك أمواتاً بالموجبات المذكورة، (مثال الدار الآخرة) ولا تبدل السيئات حسنات بنفخ الروح فيها، في تجلي غير هذا التجلي، إلا في العاجل.
إذ النفخ عبارة عن تخليص النية في العمل لله ؛ ومحل هذا التخليص العاجل لا الآجل، ولا فيما هو في حكم الآجل.
(وتعطى كتابك) المختص (بما كان من يديك مطلقا ) سواء كان خيرا أو شرا (وترى فيه ما قدمت) من الحسنات (فيرتفع الشك والالتباس) في كل ما يتعلق بحالك في مالك (ويأتي اليقين) الذي لا يشوبه نقيضه .
كما قال تعالى: (وأعبدّ ربك حين يأتيك اليقين)99 الحجر.
( بمعاينة هذه الأشياء) المذكورة آنفا .
فحينئذ يحق لك أن تقول : لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً.
فإنك إذ ذاك في أمر الآجل وما فيه من الأحوال العجيبة والأهوال الرهيبة، على جلية .

143 -  (وهذه) أي الموتة التي هي الفناء في التجلي (هي القيامة الصغرى) وهي أنموذج القيامة الكبرى المقول عليها : من مات فقد قامت قيامته. والقيامة العظمى التي هي قيامة عموم الخلائق.
(ضربها الحق لك مثالا في هذا التجلي) وقد أشهدك فيه إياه (سعادة لك وعناية بك أو شقاوة) إن قمت لإيفاء حق نفسه في نشأة تجد فيها محل التدارك ؛ (وإن ضللت بعدها) أي بعد القيامة المذكورة (فتكون ممن أضله الله على علم) شهودي لا يحتمل النقيض قطعاً،وهو قوله تعالى: "وما كان اللّه ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون" 115 التوبة .

144 -  (فاعرف ما تشهد) من الأمور اللازمة لموتك في هذا التجلي، فإن عرفانك إياه قد ينتهي إلى درك ما فاتك من الكمالات النفسية.
(ولا تحجب) أي لا تمنع ولا تستر (بما أسدل لك من لطائف الغيوب والأسرار) عن المستوجبين، بإعراضك وتغافلك عن تلقيها ثم عن إلقائها إليهم، (وتنزل هذه الأنوار) يريد لطائف الغيوب والأسرار (عن التحقق) أي عن تحققك الموجب لاستمرار شهودك إياها (بالمعاملات) القاضية بإعطاء مالك لأخذ ما للحق (عند رجوعك من هذا التجلي) بوارد الصحو المفيق (إلى عالم الحس و موطن التكليف) رجوعاً يقتضي شهود الكثرة في الوحدة والوحدة في الكثرة من غير مزاحمة.
(فان الحق ضربه لك مثالاً) أي ضرب ما في هذا التجلي لك مآلاً في عالم شهودك عاجلاً (حتى تصل إليه بعد الموت) الطبيعي (عياناً) وتكون أنت في وصولك إليه على بصيرة من ربك ، فيخرجك بذلك عن زمرة : " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " 72 الإسراء .


145 -  (فقد أمهلك) الحق تعالى (ومن عليك إذ ردك) بالصحو المفيق (إلى موطن الترقي) فتأخذ في اكتساب الكمالات النفسية في كل نفس وآن، حسبما تقتضيه سعة استعدادك حينئذ؛ (و) إلى موطن (قبول الأعمال لتنفخ روحاً) باقتضاء تجليات آخر فتبدل سيئاتها الظاهرة (في تلك الصور الميتة) حسنات (فتكسوها حلة الحياة) نيتك الخالصة لله في كل ما تأتي به بعد رجوعك من العمل، فإن غلبة حكم التقديس تسري في النفس وذخائرها من الأخلاق والأعمال ، فإن كانت مرضية زادت تقديساً ونوراً، وإن كانت غير مرضية تنورت وزالت عنها الكدورة.
وهذه السراية إنما هي من معدن :" يبدّل الله سيئاتهم حسنات "70 الفرقان.
ألا ترى أن الأجساد المعدنية إنما تزول أمراضها، المانعة عن وصولها إلى كمالها، بالعلاج والتدبير؛ فيعود ذهباً فالأعمال التي منبعها الوجود الظاهر في المظاهر، إذا اكتسبت سوءاً من سنخ الإمكانية وظهر عليها حكم الطهارة والتقديس الوجودي زال عنها السوء وانقلبت كاملة انقلاب الجسد المنحرف المعدني بالإكسير ذهباً خالصاً.
فالسيئات منها، إذا بدلت حسنات، تظهر لك في النشأة العاجلة بصور الملائكة، وهم الذين يسمون بالملائكة المتولدة من الأعمال .
(فتأخذ بيدك غداً إلى مقر السعادة) القاضي باستمرار من دخل فيه إلى الأبد ؛ (فإنه خير مستقرا وأحسن مقيلا).
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:47 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 04 - شرح تجلي الإشارة من عين الجمع والوجود .كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:12 am

04 - شرح تجلي الإشارة من عين الجمع والوجود .كتاب التجليات الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 04 على مدونة عبدالله المسافر بالله
04 - متن تجلي الإشارة من عين الجمع والوجود:
هذا التجلي يحضر لك فيه حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم .
ويشاهده في حضرة المحادثة مع الله .
فتأدب واستمع ما يلقى إليه في تلك المحادثة فإنك تفوز باسنى ما يكون من المعرفة .
فإن خطابه لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ليس خطابه إياك .
فإن استعداده للقبول أشرف وأعلى .
فألق السمع وأنت شهيد .
فتلك حضرة الربوبية : فيها يتميز الأولياء ويتجاوزون في طرق الهداية من جمعية أدنى إلى جمعية أعلى .
حيث لا ينقال ما يُرى .
فإذا رجعت من هذا التجلي . أقمت في تجلي الآنية من حيث الحجاب .

4 -  إملاء ابن سودكين عن شيخه في هذا الموطن :


" قال رضي الله عنه ما هذا معناه : الجمع على وجهين :
أحدهما : أن ترد الكل إليه مطلقا .
والثاني: أن ترد إليه ما له وتأخذ أنت مالك .
لأنه سبحانه من لطفه ورحمته لما نزل إلى عباده في لطفه علمهم الدعاوى ؛ سبحانه؛ ما يستحقه، وأخذك أنت ما تستحقه هو الجمع الثاني . واعلم أن الجمعية تقتضي للسالك تعيين المقصد مع علمه بإطلاق الحق .
فإذا توجه السالك إلى الحق فوجده من حيث تعيينه المخصوص، فتح له مطلبا آخر وأقام عنده قصدا آخر. وذلك أن طبع الإنسان يقتضي أن يكون له مقصد لثلا يتبدد.
وكلما وصل إلى مقصد فتح له بمقصد آخر لتصبح له الجمعية. والله أعلم" .

إملاء ابن سودكين قال رضي اللّه عنه ما معناه :

((إن تجليها الحقيقة المحمدية)) على قسمين :
القسم الأول وذلك أنها تتجلى بعينها، فيكون كشفك لها محققا.
والقسم الآخر أن للحقيقة المحمدية في كل موجود نسخة هي الحقيقة المحمدية في عالم ذلك الشخص، وكذلك حكم بقية الحقائق للأنبياء والأولياء، عليهم الصلاة والسلام.

وثمة سر يجب التنبيه له وتعظم فائدته.  


وذلك أنك متى اعتقدت في حقيقة ما من الحقائق التي لم يرد نص ببيان تفضيلها، أنك أفضل منها أو أنها أفضل منك، فإنه يستحيل أن تتجلى لك في الكشف إلا ما اعتقدته من ذلك .
لكونك شغلت محلك بذلك المعتقد الوهمي والفائدة هاهنا لمن تعجلت له هذه الفائدة، أن يحرس محله من أن يقوم به فضول، بل يسلمه إلى الله تعالى طاهرا مهيئا .
ثم إذا رأيت في كشفك أن الحق سبحانه يكلم الحقيقة المحمدية أو غيرها من حقائق الأنبياء عليهم السلام بأمر هو تحت حوطتك، فاعلم أنك أنت المراد بذلك الخطاب، وإنما كانت الحقيقة قبلة خطاب الحق في حقك وإذا رأيته ، سبحانه، ی?لم حقائق الاولیاء ب?لام لا تفاهمه فاعلم أن مشهدهم أعلى من مشهدك ، وأنه ?لمهم بما لیسی هو تحت علمك.
فها هنا أمران كما تقدم في حقائق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
فاطلب الفرقان الذوقي فيهما. والله الحافظ بمنه وفضله.

4 - شرح تجلي الإشارة من عين الجمع والوجود

146 - الجمع عند البعض رد الكل إلى الحق وظكور الحق على الكل ، باختفاء الكل فيه.
وعند البعض الآخر ردك إليه ما له من الصفات، وأخذك إليك مالك منها من نحو الفرح والضحك والاستهزاء والمرض والجوع والظمأ والتبشبش.
وهذا الرد والأخذ إنما يقع في مقام يقتضي كمال العبودة.
والجمع عند المحققين بمعنى آخر أغمض من الوجهين المذكورين وهو جمعان :
جمع التمحض وجمع التشكيك .
فالتمحض :
هو مقام أحدية الجمع القاضي بمحو أعيان الكل واستهلاكها عن إنائيتها وإضافتها إلى الحق بلا إنائيتها فالعبد وأعضاؤه حينئذ في وقاية الحق و مظهريته، إنما يكون مستوراً بل ممحواً عن نفسه وعن أعضائه.
ولذلك حصر الحق تعالى المبايعة في قوله: "إنّ الذين يبايعونك إنما يبايعون الله" 1 الفتح . على نفسه، مع كونها في رأي العين ليده صلى الله عليه وسلم .
ففي هذا المقام تضاف اليد إلى الحق وتكون بحسبه.
كما قال تعالى : " يد الله فوق أيديهم " 10 الفتح .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يشير إلى يده فيقول : "هذه يد الله".
ففي هذا الجمع تندرج هوية العبد في هوية الحق وإنائيته. فافهم.
وجمع التشكيك ، هو مقام جمع الجمع .
وفيه مع ذكر العبد وبقائه لا يكون الوجود حقيقة إلا لله.
كما قال تعالى: " وما رميت إذ رميت "17 الأنفال .  فنفى عنه الرمي في حالة إثباته له، ثم محضه بقوله عز وجل "ولكن الله رمى" لنفسه فقوله: "ومارميت إذ رميت"  تشكيك.
وقوله : "ولكن الله رمى" تمحيض. "تمحيض هنا = نفي الجميع سوى الله في الفعل"
فمن حيثيه اشتماله هذا المقام على التش?یك و التمحیض، سمي جمع الجمع.

147 -  وأما الوجود فهو هنا على نحوين.
الأول منهما :
تلقيك ما ألقاه الحق إليك مع علمك بوجودك وأخذك وتلقيك، من غير أن يطرأ عليك، عند تلقيك، الفناء والذهاب عن كونك.
وهذا شأن المتمكن المأمون عن طريان الغلط والعوارض المخلة في التحقيق ، عند إشرافه الشهودي على مأخذه الباطنة والظاهرة.
والثاني :
هو غيبتك عن نفسك وحسبك ، عند الإلقاء والتجلي ؛ وانطماس مالك فيما له ؟
ثم عودك إلى وجودك ووجدانك الحامل إليك تفصيل أحكامها ولوازمها وما عليه استعدادها الأصلي. فافهم.

148 -  قال قدس سره : (هذا التجلي تحضر لك فيه حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم وتشاهده في حضرة المحادثة مع الله تعالى). فإن لحقيقته في هذا المقام القاضي بوجود هذا التجلي، رتبة الأكملية.
فمن تحقق به فإنما تحقق إما برقيقة من رقائقه، أو استوعب فكان وارثاً له في ذلك.
فعلى التقديرين، لها ((الحقيقة المحمدية)) الحضور مع كل متحقق فيه.
ولكن حضورها فيه على نحوين.
فالأول :
مختص بالمستوعب الوارث، وذلك حضورها بعينها كماهی ؛ فحينئذ یكون كشفه لها محققاً كما ينبغي .
والثاني :
حضورها بصورة تقتضيها رقيقة المناسبة.
فإن لها في كل موجود نسخة هي الحقيقة المحمدية في عالم ذلك الموجود.
وهكذا حكم حقائق سائر الأنبياء والرسل لورثتهم .
149 -  (فتأدب) إذا اطلعت على الحقيقة السيادية في حضرة المحادثة وهي حضرة تعطي سماع خطاب الحق من المظاهر الصورية الحسية، كسماع الخطاب من الشجرة قال تعالى :
"وإن أحد المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله". 6 سورة التوبة.وكلام الله إنما كان إذ ذاك من المظهر الحسي المحمدي .
(واستمع ما يلقي إليه في تلك المحادثة) من المطالب العالية وجوامع الح?م في جوامع الكلم (فإنك) إذن (تفوز بأسنى مایكون من المعرفة) الفصاحة عن حقائق الأشياء وأسرارها الجمة كما هي ، (فإن خطابه) تعالى ( لمحمد  صلى الله عليه وسلم  : لیس كخطابه ایاك فإن استعداده للقبول أشرف وأعلى) فإنه يعلم في نقطة من العلم، علم الأولين والآخرين ؛ ويشاهد في كل شيء كل شيء؛ و يسمع صرير القلم الاعلى و خطاب الحق، حيث لا كم ولا كیف.
(فالق السمع وانت شهید) كي تحقق تابعته سماعاً وشهوداً .

150 -  (فتلك حضرة الربوبية) يشير إلى حضرة المحادثة مع الله ؛ (فيها يتميز الأولياء) بحسب التلقي والفهم.
فإنهم "الأولياء" يتفاوتون في حضرة الربوبية بحسب رقائق المناسبة وقوة الاستيعاب وضعفه ؛ (ويتاجرون) في ميدان المفاضلة فيما فهموا من الحديث والخطاب (في طلق الهداية)؛ يوم طلق، بسكون اللام : إذا لم يكن فيه شيء من الأذى.
فطلق الهداية إذا لم يشبها من الضلالة شيء.
فهي الهداية السيادية التي لا يزاحمها تقابل المضلل .
وهي هنا كناية عن جذب الحقيقة السيادية على الطريق الأقوم، ما يحاذيها ويلاقيها بقدر المحاذاة والملاقاة.
ولذلك قال قدس سره :

151 - (من جمعية أدنى) وهي جمعية المنجذب إليها همة وتوجهاً في مبتدأ أمره، بقدر مناسبته الأصلية (إلى جمعية أعلى فأعلى) دفعة بحكم الجذب، أو تدريجاً بحكم السلوك في مناهج الارتقاء والوصول .
وإنما قال: ((أعلى فأعلى)) مرتين، إذ النفس الآخذة في التوجه بجمع همها، إما سائرة بدلالة شرح الصدر الناتج من العقد الإسلامي في ظاهر الوجود و مراتبه ومقاماته ؛ و إما سائرة بحكم اطمئنان القلب على وجود الإيقان الناتج من العقد الإيماني في باطنه و مراتبه ومقاماته ؛ فلها ((النفس)) في منتهى كل سير، جمعية مخصوصة.

152 - و حیث كان سيرها «النفس» من حیثیة الجمع بينهما، أعلى وأتم.
قال: (إلى مكانة زلفى) وهي منزلة ناتجة للمجذوب إلى حقيقته العليا، التي هي الحق الظاهر من حيث التعين والتجلي الأول.
فهي مقام القرب النفلي القاضي بكون الحق عين قوى العبد ." إشارة إلى الحديث القدسي : . لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل...".
فلا یكون الحق حينئذ إلا بحسابها.
إذ كینونة الطلق في القید إنما تكون بحسب القید، ككون الحيوان في الإنسان إنساناً، وكون اللون في الأسود سواداً.

153 - ثم قال: (إلى مستوى أزهى) وهو مقام جامع بین ظاهر الوجود و باطنه مع بقاء التمييز بينهما.
فهو مقام القرب الفرضي ، القاضي بكون العبد المتعين بالتعيين الحكمی، بصر الحق و سمعه ویده .
فحينئذ یكون العبد بحسب الحق ، وإلا لم یكن له. ولذلك تری عین النفس اذن
كل شيء، شأنه أن يكون مرتباً بعد وجوده، حالة ثبوته في غيب العلم، لا بجارحة ولا في جهة. وكذلك السمع.
ولما صار قلب العبد في هذا القرب، بحسب الحق، والحق لا يقبل الحد والغاية، فكذلك القلب، حينئذ، لم يقبل الحد والغاية.
ولذلك صح في الحديث القدسي : ((لا يسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن)).
وباعتبار صحة التساوي في عدم التناهي بين الحق والقلب قال : (إلى مستوى أزهى).

154 -  ثم قال : (إلى حضرة عليا) وهي حضرة التوحيد في التجريد القاضي بانطواء التفرقة في تمحضها، (إلى المجد الأسمى) وهو حضرة الخلافة المصروف وجه توحيدها إلى عالم الفرق.
وفي هذا المقام ترتفع المزاحمة بين الحق والخلق ؛ وترتفع المزاحمة أيضاً بين وحدة ذاته المقدسة وبين كثرة الذوات الإمكانية.
ولما كان أقصى الغايات في هذا المقام مختصاً بالأكملية التي لا غاية لها ولا حصر لأسرارها المصونة في غيبها الأحمى ؛ وفيها انفراد الأكمل الوحيد بالتحقق في أحدية الجمع الكنهية، فلذلك قال قدس سره : (حيث لا ينقال ما يرى) إذ المشهودات من أسرار هذا المقام من مكنونات المطالب ومصوناتها التي لا يسعها عالم العبارة والحروف ، فبعضها من قبیل یحرم كشفه، ولو آمكن التعبير عنه .

155 - (فإذا رجعت من هذا التجلي) القاضي بارتقائك إلى المقام المحمدي ، على قدر انتمائك إليه بالنسبة الذاتية والمقامية، (أقمت في تجلي الآنية من حيث الحجاب) إذ بتجلي الإشارة من عين الجمع يأخذ كل شيء منتهاه فإذا عاد من كونه فيه هو لا هو، تحقق وجوده الخاص في رتبته الذاتية من حيث حجاب الصورة الإنسانية فاستقام إذ ذلك يفهم ما في كلمة الحضرة من المعاني المصروفة إلى استعداد كلي ، يحيط بحق كل ذي حق ، من الأولين والآخرين.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:51 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 05 - شرح تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر .كتاب التجليات الإلهية محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:13 am

05 - شرح تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر .كتاب التجليات الإلهية محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 05 على مدونة عبدالله المسافر بالله
05 - تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر
وهذا التجلي أيضاً يحضر فيه معك حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم .
زما من تجلي لولي يحضر معهُ فيه ولي أكبر كالنبي وغيره .
إلا وكلمة الحضرة مصروفة للأكبر وهذا الآخر سامع .
وهي عناية إلهية بهذا العبد فليسمع من تلك المحادثة الأسرار المكتمة .
والغيوب التي لا تتجلى أعلامها لمن لم يقم في هذا التجلي .
ومن هذه الحضرة تعرف أن لله عباداً أُمناء .
لو قطعهم إرباً إرباً .أن يخرجوا له بما أعطاهم في أسراهم من اللطائف بحكم الأمانة المخصوصة بهم .
وهم المبعوثون بها إليهم ما خرجوا إليه بشيءٍ منها .
لتحققهم بالكتمان .
ومعرفتهم بأن ذلك البلاء ابتلاء لاستخراج ما عندهم :
" أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ " [الأعراف : 99] .
فكيف إن يخرجوا إلى غيرهم فهم يودونها إلى وجودهم كما أُمروا .
فيجلي أعلامها دار العقبى .ويتميزون بها بين الخلائق .
فيعرفون في تلك الدار بالأخفياء الأبرياء والأمناء .طال ما كانوا في الدنيا مجهولين .وهم الملامتية من أهل طريقنا .
أغناهم العيان عن الإيمان بالغيب .
وانحجبوا عن الأكوان بالأكوان .
قد استوت أقدامهم في كل مسلك على سوق تحقيقه .
فهم الغُوّث باطناً .
وهم المُغاثون ظاهراً .
فإن شهدتهم في هذا التجلي فأنت منهم .
وإن لم تشهدهم فتحفظ عند الرجوع إليك .
فإنك ستجول في ميدان الدعاوي وإن كنت على حقٍ فيها .
وقائماً على قدم صدق .
فإن لطف بك حجبت عنك أسرار الكتم فلم تعرفها فعشت سعيداً بما عرفت ومت على ذلك .
وإن خذلت أعطيت اسرار الكتم ولم تعط مقامهُ فبحت فحرمت ثناء الأمانة وخلعت عليك خلع الخيانة .
فيقال ما أكفره ، وما أجهله .
وحقاً ما قيل ... ويقيناً ما نسب .
أتيت بالعيان في موطن الإيمان فكفروك .
فجهلك عين إيمانك .. فنطقوا بالحق وهم مأثومون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

05 – لم يذكر بن سودكين في املائة عن شيخه في هذا الفصل سوى هذه الجملة: 

"و خصيصة هذا التجلي وحقيقته التحقق بمقام الأمانة وكتم الأسرار التي من شأنها الكتم في موطنه لمن تحقق مقامه فيها".


05 - شرح تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر

156 -  المعتلي بتجلي الجمع والوجود إلى المجد الأسمى ، من حيث اختصاصه بالحقيقة السیادیة التي هي الأصل الشامل، علی ?لی شیء؛ حیث كان كل شيء، فیه كل شيء؛ مطلق الحال، مطلق المقام، مطلق الوجود، مطلق الشهود. 
فإذا عاد إلى التحقق بوجوده الخاص في مرتبته الذاتية بصورة الحجابية الإنسانية حضرت الحقيقة السيادية فيه حضور الأصل مع فرعه. 
وهذا التحقق بالوجود الخاص في مرتبته الذاتية هو الآنية وهي لا تزاحم المعتلي في جمعه ووجوده . 
فإنها بعد صحو المعلوم.
والآنية التي تزاحم هي قبل صحوه، وهي ما أومأ إليه الحلاج حيث قال :
بيني وبينك أني يزاحمني  …..   فارفع بفضلك أني من البين
ولما كان للأصل الشامل على كل شيء، حضور مع فرعه الظاهر بحكمه المتحقق بالأنية بعد عوده، قال قدس سره:
157 - (وهذا التجلي أيضاً تحضر فيه معك حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم، وما من تجلي لولي) أي من التجليات القاضية بالتخاطب الفهواني (يحضر معه فيه ولي أكبر كالنبي وغيره ، إلا وكلمة الحضرة مصروفة للأكبر ، وهذا الأخر سامع) بتبعيته، ومع هذا هو سامع بلا واسطة ؛ (وهي) أي حضرة هذه الحقيقة، في كونها مصرف الكلمة ومحل إلقائها، (عناية إلهية هذا العبد) المتحقق بالأنية، حيث يجنح لسلم الاختصاص المحمدي .
(فتسمع في تلك المحادثة) إن هيأت محلك بتطهيره عن فضول الخواطر.
فإنك إذا شغلته بمعتقد وهمي ، لم ينتج لك الكشف ، في هذا التجلي ، إلا بقدر معتقدك؛ (الأسرار المكتمة و الغيوب التي لا تتجلى أعلامها) التي هي أشاير جوامعها العالية، (لمن لم يقم) على ساق الكشف الأنفذ ، (في هذا التجلي) ونتائجه الغائية.


158 -  (ومن هذه الحضرة) المتبحرة بالأسرار المضنون بها، (يعرف أن لله عباداً إمناء) على ودائع هذا الغيب الأقدس، (لو قطعهم) من فتح لهم باب العطية، (إرباً إرباً أن يخرجوا له بما أعطاهم) أي بما أودع في (أسرارهم من اللطائف) الكنهية، (بحكم الأمانة المخصوصة بهم) إذ لو كانت الأمانة المودعة لديهم، مخصوصة بالغير لوجب إظهارها لمن هي له ؛ (وما خرجوا إليه بشيء منها لتحققهم بالكتمان ومعرفتهم بأن ذلك البلاء ابتلاء) وامتحان (لاستخراج ما عندهم، فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، فكيف إن يخرجوا بها إلى غيرهم، فهم يؤدونها إلى وجودهم كما أمروا) أي إلى وجودهم الذي منه وإليه وجود كل شيء ومصيره ؛ أو إلى الحق عند وجدانهم إياه في الكشف الأعظم القاضي باستهلاك الصور في حقيقتها الباطنة فيها، عند انقلاب الباطن ظاهراً والظاهر باطناً، ومبدؤه من طلوع فجر الساعة.
ولذلك قال قُدّس سره :
159 - (فتنجلي أعلامها) آي أعلام اللطائف المكتمة في أسرارهم (في دار العقبى) التي هي محل كشف الأسرار، (ويتميزون بها بين الخلائق فيعرفون في تلك الدار الأخفياء الأبرياء الأمناء) يزيدون حينئذ على سائر الطبقات.
وهم من حيث إنهم أخفياء، لا يعرف بعضهم، في العاجل، بعضاً بما عنده.
حتى إن كل واحد يتخيل في صاحبه أنه من عامة المؤمنين.
وهذا ليس إلا لهذه الطائفة خاصة. (طالما كانوا في الدنيا مجهولين. وهم الملامتية من أهل طريقتنا) ولسانهم، من حيث إنهم أمناء، هذا إن نطقوا :
ومستخبر عن سر ليلی رددته   ……   بعمیاء من لیلى بغیر یقین
يقولون خبرنا فأنت أمينها   …..    وما أنا إن خبرتهم بأمين
(أغناهم العيان عن الإيمان بالغيب) إذ لا غيب إلا وقد صار لهم شهادة محضة.
فإن شهود الحق ، من حيث استهلاكهم فیه، عین شهودهم. 
ولا غیب مع شهوده تعالى اصلاً (و انحجبوا عن الأكوان) ملكاً وجناً وإنساً، (بالأكوان ) أي بالصفات الكونية المردودة إليهم، بعد انمحاقها عنهم، فلا يعرفهم غیره تعالى.
وایضاً آن الحق النازل على قلوبهم نزولا منزهاً عن الكیف، أخذهم إليه؛ فعرج بهم عروجاً منزهاً، لا تعرف ذلك الأرواح الملكية ولا الإنسانية ولا الجنية.
فهم حينئذ سالكون مع الحق بالحق ، على طريق مجهول لا يعرفه إلا من سلك فيه، وذلك طريق يعطى السالك فيه العلم بكل المسالك وخصائصها ذوقاً
ولذلك قال قدس سره :


169 -  (قد استوت أقدامهم في كل مسلك على سوق تحقيقه) فإنهم ما عرجوا إلا بالحق النازل عليهم بأقدس التجليات، فيه أدركوا غاية كل شيء في مبادئ عروجهم. (فهم الغوث باطناً) الغوث اسم المستغاث إليه ؛ وقد اختص في عرف القوم بالقطب.
وإنما قال : فهم الغوث باطناً، فإن المعنى الذي به استحق القطب المنصب، حاصل لهم ؛ والقطب، قبل توليته، كان واحداً منهم ؛ وربما أن يكون فيهم من يكون أفضل من القطب ؛ غير أنه تولى القطبية بحكم سبق العلم، لا بحكم الأفضلية.
ثم قال : (وهم المغاثون ظاهراً) فإن الملهوف إذا قال : يا أولياء الله، لم يرد بذلك إلا أفضل الوسائل وأقربها إلى اللّه وهم أهل المجلس الإلهي ، يسمعون ويأخذون منه بلا واسطة.

161 -  (فإن شهدتهم في هذا التجلي فأنت منهم) إذ جمعك المجلس الإلهي معهم. فكان حكمك في السماع والأخذ كحكمهم (وإن لم تشهدهم) في ذلك المجلس، مع كونك في الكشف والشهود، على حال يأخذك عنك مرة، ويردك إليك أخرى ؛ ( فتحفظ عند الرجوع إليك ) مما يخالط حالك من العوارض الوهمية والنفثات الشيطانية.
(فانك ستجول) على مطية طيش الأهواء، (في ميدان الدعاوى) فتخرق حجاب العصمة والحفظ، فتشطح بما يزيغك عن سواء السبيل .
(وإن كنت) في الحقيقة (على حق فيها و قائم على قدم صدق) ولكن أين من استقام على الطريق فسقي من عيون القراح ماء غدقاً، ممن حاد عنه وشرب من غير قراح منه.
162 - (فإن لطف بك) الآخذ بناصيتك في مناهج ارتقائك، (حجبت عنك أسرار الكتم فلم تعرفها) أصلاً، (فعشت سعيدا بما عرفت) من الأسرار الكشفية الإلهية غير الأسرار المكتمة، المنتهية بمفشيها إلى موقع الخذلان ؛ (ومات كذلك) سعيداً؛ (وإن خذلت أعطيت أسرار الكتم ولم تعط مقامه) القاضي بحفظها وكتمها عن الأغيار.
(فبحت بها فحرمت ثناء الأمانة) عند الله وعند أهله، (وخلعت عليك خلع الخيانة فيقال) في حقك حيث هتكت الأسرار و أفشيت الأسرار
(ما أكفره! وما أجهلها وحقا ما قيل) فيك، (ويقينا ما نسب) إليك.
فإن إفشاء سر الربوبية كفر.
ولم يقع فيه إلا من يكون جاهلا بقدرها وحكمها وحالها وأسرارها.
فإذا أظهرت الأسرار المكتمة قولا وفعلا، يقال لك إذن : (أتيت بالعيان في موطن الإيمان) يعني في موطن يقتضي الإيمان بالغيب، لا بما أظهرته عيانا.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 8:54 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 06 - شرح تجلي أخذ المدركات عن مدركاتها الكونية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالإثنين مارس 11, 2019 5:14 am

06 - شرح تجلي أخذ المدركات عن مدركاتها الكونية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 06 على مدونة عبدالله المسافر بالله
06 - تجلي أخذ المدركات عن مدركاتها الكونية
وهذا التجلي أيضاً تحضر فيه الحقيقة المحمدية .
وهو التجلي من اسمه الحميد .
فعند النواظر عن التصرف الذي ينبغي لها وجميع المدركات .
وفي هذا المقام يُشاهد الاسم الذي بيده الختم الإلهي .
وكيفية فعله به في الوجود :
* فيه تختم النبوة والرسالة والولاية .
* وبه يُختم على القلوب المعتنى بها .
ولا يدخل فيها كون بعد شهود الحق بحكم التحكم والملك .ولكن يدخل بحكم الخدمة والأمر .
ثم يخرج وما وقع بعد هذا المقام من تعلق الخواطر بحب جارية أو غير ذلك .
فذلك بحكم الطبع لا من جهة السر الرباني المختوم عليه .
الذي هو بيت الحق ومقعد الصدق .
ومن هنا كان حب الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ .ومن هنا أصل الحب في الكون مطلقاً .غير أن أسرار العامة وإن لم يختم عليها بخاتم العناية لكن ختم عليها بغير ذلك .
فأسرارهم في ظلمة وعمى من حيث صرف وجهها للطبع الذي هو الظلمة العُظمى .
والحب في الخلق على أصله في العالي والدون .
وليس حب الله من هذا القبيل وهو من هذا القبيل . غير أن أكثر الناس لا يفرقون بين ذلك .
فحبنا لله أيضاً من حيث الإحسان فهو من حيث الطبع .
وحبنا المقدس عن ظلمة الطبع يُنسب إلينا على حد ما ينسب إلى الحق .
فكما لا يكون حبه مثلاً .. كذلك لا يُمال إليه .
وهذا التجلي يعرفك حقيقة هذين الحكمين في المحبة . 


06 – إملاء ابن سودكين في هذا الفصل:

"قال الشيخ رضي الله عنه في شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : 
أنه أخذ الدركات على نوعين:
أحدهما، القبول عنها ما آدته.
 والثانی : آخذ الدركات عن القبول . 
فتشغل بوارد إلهي يصرف نظرها عن الأمر العادي. 
والمدركات من حقيقتها الجولان والإطلاق فيما تتوجه عليه من مدركاتها. والمدركات كلها نسبتها إلى الاسم الجليل نسبة واحدة. 
فمتى تقيد المدرك بأحد مدركاته دون غيره فقد تقيد بأمر عرضي صرفه عن حقيقته التي هي الإطلاق وعدم التقييد. 
واعلم أن الإنسان في أصل وضعه مفطور على عدم التقييد لكمال تهيئة و قبوله . فمتى تقید بوجهة ما دون وجهة، أو دين دون دين فقد خرج عن حقيقته وتقيد وفاته الكمال. 
وإنما الكمال في أن يكون بباطنه مع الإطلاق المطلق والسعة المحضة، و بظاهره مع الكون الضيق. 
فيكون وقوفه مع الظاهر والحد إنما هو بالنظر إلى عالمه المقيد. 
ومن أنكر ما أنكر من الأمور، فإنما أنكرها بالنسبة إلى قول آخر أو مذهب آخر، لا بالنظر إلى الإطلاق الكلي والقبول الإلهي. 
وفي هذا المشهد تعاين الختم الإلهي كيف يختم به على القلوب وذلك أن أسرار العباد كلها مختوم عليها فلا يصل إليها شيء من أمر الكون. 
وإنما يقع الافتراق بأمر واحد. 
وهو أن العارفين والأولياء والسعداء ختم الله على سرهم واطلعوا على الختم والحماية. 
وجالوا بأسرارهم في العوالم  - فتصرفوا بها في الأشياء ولم يدخل الأشياء فيها ((في أسرارهم)) بحكم الملك.
  وإنما تدخل إليهم الأشياء بحكم الخدمة : وهو أن، حقائق الكون تتقرب إلى وجودهم لتكمل حقائقها في وجودهم فهي تخدمهم بظهورها في عوالمهم ، وهم يحكمونها لكونها واردة من الحق إليهم . فيوفون الجناب الإلهي ما يستحقه من الأدب بقبول آیادیه و نعمه و من قبيل الطبع كان حب الموجودات بعضها لبعض، لأن الحق سبحانه من حيث ذاته لا يصح أن يميل ولا أن يمال إليه لعدم المناسبة. 

اللهم إلا الحب المتولد عن اختيار الله تعالى، فإنه حب يتولد عن الطبع . 
وأما حب الله تعالى لعباده وحبهم الأصلي له فليس من قبيل الطبع بل من حقيقة أخرى يعرفها العارفون بالله تعالى وفي هذا التجلي تحضر الحقيقة المحمدية التي هي صاحبة الإطلاق وعمد التقييد . 
وانظر إلى الأمة المحمدية كيف عم إيمانها جميع المؤمنات دون غيرها من الأمم. فالحقيقة المحمدية في عالمنا هي مقام الإطلاق.
 وأما ما ختم به على قلوب العامة لكونهم لم تدركهم العناية فإن ذلك عبارة عن تصرفهم بسرهم في لموجودات، إنما تصرفوا بطبعهم، 
وهذا المقام أعز المقامات وأقواها وهو مختص بأكابر الرجال والأفراد. والله يقول الحق".


6 - شرح تجلي أخذ المدركات من مدركاتها الكونية


163 - والأخذ إنما یكون بطلوع شمس اجمال الطلق علی المدركات -اسم فاعل- بغتة .
إذ الإدراك في شدة ظهور النور بغتة مخطوف .
ولما كان الجمال في الحقيقة، معنى يرجع منه إلينا، قابلته أولا، في تجليه الأشمل الكلي، قابلية كلية تفرعت منها القابليات الجمة.
ولكليتها في كل فرع نسخة جامعة تعطي فيه حكم الأصل.
فإذا انكشف حجاب الكون عن ذلك الفرع ظهر فيه الجمال والنسخة الجامعة معا. ولذلك قال قدس سره : (وهذا التجلي تحضر فيه الحقيقة المحمدية) فإنها هي النسخة الجامعة في قابلية المتجلي له.
(وهو التجلي) أي تجلي أخذ المدركات (من اسمه الحميد) كما أومى إليه آنفا.
(فقيد النواظر عن التصرف الذي ينبغي لها و) كذلك (جميع المدركات) فهي كالأبصار المصروفة عن إدراك المبصرات زمانا، إذا اتصلت بعين الشمس، التي هي ينبوع نورها.

164 - (وفي هذا المقام) القاضي بظهور هذا التجلي، (تشاهد الاسم الذي بيده الختم الإلهي و كیفیة فعله به فی الوجود) و هو كل اسم یصح بتجليه وصول كل شيء، قی تنزله و ترقيه، إلى غاية تقتضي اختتام أمره فيها، بعد تجرده عن لبس السوى أو تلبسه ؛ ولن يكون في حقه فوقها أو دونها، غاية أخرى يصح انتقاله إليها، كالأسم الجامع، المتوجه إلى الحقيقة المحمدية مثلاً.
فإنها به انتهت إلى غاية تنزل الوجود وتلبسه بصورة المنتهية إلى الكمال؛ حتى تم ، بتنزلها إلى تلك الغاية، كمال النبوة؛ وبلغت في سير الوجود تنزلاً إلى غاية اختتمت فيها، وتم بكمالها واختتامها كمال الصورة المقصودة للوجود في تنزله، وظهر في وسع هذه الغاية سر: (اليوم اًكملك لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى)3 سورة المائدة  و((بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) ؛ فلا مزيد على هذا الكمال قطعاً.
فبأحدية هذا الاسم، انتهت النبوة في الحقيقة السيادية، واختتمت بها عليها. فافهم.
وبهذا الاسم أيضاً، يتم عود الوجود وتجرده عن ملابس صوره وأشكاله الكثيفة العاجلة، و ترقيه إلى غايته العليا التي ليس وراءها مرمى لرام؛ ويتم بعودة وتجرده و ترقية كمال الولایة ؛ ويختم ويتم بكمال الولایة و اختتامها انكشاف المعنى عن صورة كل شيء.
ولذلك قال قدس سره : (فبه تختم النبوة والرسالة والولاية) في خاتم النبوة وخاتم الولاية، (وبه يختم على القلوب المعتنى بها) إذ لكل قلب اسم إلهي، هو بحيطته الجامعة مبدأ أمره جمعاً ومنتهى غايته تفصيلاً.
وهذا الاسم بنسبته إلى الاسم الجامع الأشمل، كالفرد تحت النوع أو كالنوع تحت الجنس .
وهو إن كان بمنزلة فرد، فلا بد له من جامعية بالإضافة إلى مربوبه ؛ وذلك لاشتمال مربوبه على الأحكام والأجزاء والقوى الباطنة والظاهرة ؛ أو لاشتمال مسمى الاسم على الأسماء الجمة، من حيثية اتحادها به ؛ والمسمى جزء مدلول الاسم ، فإن الاسم اعتبار المسمى مع وصف خاص.
(فلا يدخل فيها كون) فإن أحدية جمع الاسم الحاكم عليه بتعليتها واستيلائها، تمنع الغير وذلك (بعد شهود الحق) وزوال الكون عن القلب بالكلية ؛ فإن دخل فيها فلا يدخل (بحكم التحكم والملك، لكن يدخل يحكم الخدمة والأمر، ثم يخرج) والدخول بحكم الخدمة والأمر لا ينافي، كونها مختوماً عليها بالاسم والقلوب المتبحرة بالشهود مختارة في منعها وقبولها، لا مجبورة

165 - (وما وقع بعد هذا المقام من تعلق الخاطر بحب جارية أو غير ذلك ، فذلك يحكم الطبع) وزيغه إلى اللذات الحسية والوهمية، (لا من جهة السر الرباني، المختوم عليه، الذي هو بيت الحق ومقعد الصدق. ومن هنا) أي من جهة السر الرباني،(كان حب الأنبياء صلوات الله عليهم، ومن هنا) أيضا (أصل الحب في الكون مطلقا) وإن ظهر في صورة النزعات الطبيعية، فإن السر الرباني قد يختم عليه، بأن يكون على الميل الطبيعي، 
ولذلك قال قدس سره : (غير أن أسرار العامة وإن لم يختم عليها بخاتم العناية، لكن ختم عليها بغير ذلك) بأن يظهر فيها حكم الطبيعة المرسلة في اللذات. ولا يظهر فيها حكم الاسم من حيثية تقدسه وتنزهه (فأسرارهم في ظلمة وعمى ، من حيث صرف وجهها للطبع الذي هو الظلمة العظمى) ومثار المنقصة والآفات القادحة فيها.

166 - (و الحب فى الخلق على أصله) المستفاد من جهة السر الرباني الختوم علیه (فی العالي والدون) ومن جهة الطبع أيضا، وهذا الحب من الخلق للخلق ؛ (وليس حب الله من هذا القبيل) أي ليس من جهة الطبع، أعني حبنا الله، والمعني بهذا الحب هو الحب الذاتي، الذي ليس له سبب سوى ذات المحبوب.
وهو حب الهوى الذي لا يتعلق إلا بالذات.
ومن يهوى بهذا الحب لا يعرف شيئا سواها "الذات" معها، يتعلق به ويهواه، وقد أشارت إلى هذا الحب وغيره العارفة بالله رابعة، حيث قالت :
أحبك حبين حب الهوى ….   وحب لأنك أهل لذاكا
(وهو) أي حبنا لله أيضا، (من هذا القبيل) أي من جهة الطبع؛ وهذا الحب من أفراد قولها "رابعة" : "لأنك أهل لذاكا" ؛ فإنه أهل أن يتعلق الطبع به كما تعلق السر به. (غير أن أكثر الناس لا يفرقون بين ذلك. فحبنا لله أيضا، من حيث الإحسان: فهو من حيث الطبع) فإن الإحسان مطبوع، يميل إليه طبع النفس ذلة وخضوعا، مع شموخها بطبعها: ميل القوة الذائقة إلى أحلى المشهيات و المذوقات (وحبنا المقدس عن ظلمة الطبع ينسب إلينا، على حد ما ينسب إلى الحق تعالى) يعني نسبة الحب من الله إليه وإلينا، أو منا إليه، لا ميل فيه.
بل الحب نسبة، والنسبة عدمية.
فليس في الذات، من هذا الوجه، أمر زائد علیها یقوم به الیل . ولذلك قال قدس سره : (فكما لا يكون حبه) تعالى (میلا، كذلك لا يمال إليه) فإن الحب المنسوب إلى السر الرباني ، في الحقيقة، حب الحق نفسه في كذا فافهم.
(وهذا التجلي يعرفك حقيقة هذين الحكمين في المحبة) كما أشرنا إليه إفهاما للمستبصر النبيه.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 07 - شرح تجلي اختلاف الأحوال .كتاب التجليات الإلهية محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 8:56 am

07 - شرح تجلي اختلاف الأحوال .كتاب التجليات الإلهية محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 07 على مدونة عبدالله المسافر بالله

07 - تجلي اختلاف الأحوال :-

هذا التجلي هو الذي يكون على غير صورة المعتقد .
فينكره من لا معرفة له بمراتب التجليات ولا بالمواطن .
فاحذر من الفضيحة إذا وقع التحول في صور المعتقدات .
وترجع لتقر بما كنت قائلاً بنكرانه .
وهذه الحقيقة هي التي تمد المنافقين في نفاقهم .
والمرائين في ريائهم ..... ومن جرى هذا المجرى .
 

07 - املاء ابن سودكین علی هذا الفصل : 

"قال الشيخ رضي الله عنه : 
من عرف الله من حيث الدليل فدليله عبد ، و دليله يتجلي له وقد وقع في الحد الذي حده دليله وخرج بذلك عن الإطلاق فتحقق والسلام".
 

07 – شرح  تجلي اختلاف الأحوال




167 -  الحق من حيث إطلاق ذاته لا يتعين بصورة ينحصر فيها ؛ بل هو في ذاته منزه عن كل صورة وحال وحكم يشار إليه بوجه من الوجوه الإشارات ونوع من أنواعها. ومع ذلك هو مع كل شيء بصورة ذلك الشيء.
فإذا اعتقد أحد في الحق بما أعطاه علمه أو ظنه، وحصره في ذلك، أنكر غير صورة معتقده .
ولذلك قال قدس سره: ان (هذا التجلي هو الذي یكون علی غیر صورة المعتقد) تنبیها بأن مقتضى هذا التجلي هو الكشف عن ظهور الحق في كل متعين بحسبه، من غير انحصاره فيه ؛ بحيث يتناول أيضا ظهور الحق في صورة معتقد من حصر الحق فيها.
فإذا التبس أمر اختلاف صور الحق و التحول فیها (فینكره من لا معرفة له بمراتب التجلیات ولا بالمواطن ) المختلفة، القاضية باختلاف التجلي .
ولما كان الحق، مع اطلاقه عن كل تعین فی كل متعین، غیر محصور فی التعیین و غیر مفارق له في الحقيقة.
قال قدس سره ناصحا لمن حصره في معتقده : (فاحذر من الفضيحة إذا) انكشف الغطاء و(وقع التحول فی صور الاعتقادات و ترجع تقر بمعرفة ما كنت قائلا بنكرانه) فإنك لا تلتذ بمشاهدته في تلك التحولات ، ولا يكون لك منها حظ كمال ، فيعود أمرك إذن إلى خسارة وحسرة وندامة .
168 - (وهذه الحقيقة) من حيث تحولها بصورة كل متعين وظهورها بكل اعتبار. (هي التي تمد المنافقين في نفاقهم) حيث ظهرت لهم بصور اعتقاداتهم (والمرائين في ريائهم، ومن جرى هذا المجرى) من أرباب المذاهب الباطلة كذلك .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 08 - شرح تجلي الالتباس .كتاب التجليات الإلهية محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 8:56 am

08 - شرح تجلي الالتباس .كتاب التجليات الإلهية محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 08 على مدونة عبدالله المسافر بالله

08 - متن نص تجلي الالتباس :-

هذا التجلي يعرف الإنسان منه دقائق المكر والكيد وأسبابه .
ومن أين وقع فيه من وقع .
ويعرف أن الإنسان يتحليه بما هو عليه من الأوصاف .
فليحذر ومما يحجبه عن الله تعالى .
ومن هذا التجلي قال من قال " سبحاني " ومنه قال عليه السلام : " إنما هي أعمالكم ترد عليكم " .
وصورة اللبس هو الذي يكون فيه الإنسان يعتقد أن أعماله وفعله ليس هو خلقة عليه .
وأنه أمر يعرض ويزول .
فمن وقف على هذا المنزل وشاهد هذا التجلي فقد آمن من المكر وعرف كيف يُمكر .
لكنه حتى يحصل في الموطن الذي يقتضي المكر والكذب .
كقوله صلى الله عليه وسلم : " الحرب خُدعة " .
وكالإصلاح بين الرجلين ، وكقوله : " هي أختي " . وما أشبه ذلك .
فلهم الخروج عن هذه المراتب المباح فيها الكذب والمكر مسالك غيرها تخرج عليها .
ولا يتجلى بهذا الوصف ولا يغتر بقوله ، ويمكر الله ، وشبه ذلك .
فإن مكرهم هو العائد عليهم تجليه . فهو مكر لله بهم .
فتحقق في هذا التجلي وقف حتى تُحصّل ما فيه . 


08 - إملاء ابن سودكين: 

"قال إمامنا رضي الله عنه عند شرحه لهذا التجلي في أثناء فوائده، ما هذا معناه : 
من هذا التجلي يعرف الإنسان دقائق المكر ويعرف الإنسان حليته بما عليه من الأوصاف . 
وصورة اللبس الذي فيه كون الإنسان يعتقد أن عمله وفعله ليس هو خلعة عليه وأنه أمر يعرض ويزول. 
فمن وقف علی هذا المیزان وشاهد هذا التجلي أمن المكر و عرف كیف يمكر، لكنه لایمكر حتی ینظر فی المواطن التي تقتضي المكر والكذب. والله أعلم. 
ومن تجلي الالتباس أيضاً:
 أنه إذا تجلى أمر ينافي هذا المقام فإنه يتجلى بتجل يخالف المطلوب المعين، ويحصل للمتجلي له أن هذا هو عين الحق فيكون ذلك التباساً .
ومعنى المكر والالتباس عدم العلم والشعور بالمكر كذا قال الله تعالى : وهم لا يشعرون ، أي لا بشعرون بالمكر. 
والحق سبحانه وتعالى تارة يتقيد في التجلي وتارة يتنزه عن التقييد . 
ومن كانت هذه حقيقته صحبه المكر بظهوره في كل صورة. 
ومن عجائب تجلي المكر، أنه سبحانه، يتجلى في تجلي ما، ويعطيك العلم بأن هذا هو الحق .
 ثم يأتي في ثاني زمان تقوم بينك وبينه صورة مطابقة لذلك التجلي ، بحيث لا تشعر بها أصلاً؛ فيقع إدراكك وخطابك لها ؛ وأنت تعتقد وتقطع أنك تأخذ عن الحق فهذا سر المكر. 
وأما التجلي الأول فمحقق بالحق ، وهذا حكم الخواطر الأول وجميع الأوليات فهو حق محض لا ريب فيه. 
ولهذا من تحقق بمعرفة الخاطر الأول عرف كيف يأخذ عن الحق. 
وإنما يقع الالتباس في الخاطر الثاني والزمن الثاني من زمان التجلي . 
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل".

08 – شرح  تجلي الالتباس





169 -  أضيف التجلي إلى الالتباس بملابسة كونه سبباً لمعرفته ومعرفة مواقعه ؛ فإن (هذا التجلي يعرف الإنسان منه دقائق المكر والكيد وأسبابه. ومن أين وقع فيه من وقع) فإن كل ذلك من مواقع الالتباس .
إذ المقصود لعينه في المكر والكيد والخديعة ونحوها، ملتبس بما هو المقصود بالعرض.
ومن مواقعه أيضاً، معرفة كون الإنسان في تحليته بصفات التنزيه، هل هو متحلل بصفة الحق أو بصفة نفسه.
ولذلك قال قدس سره : (ويعرف أن الإنسان بتحليه بما هو عليه من الأوصاف) فإن الإنسان إذا وحد أو نزه، عاد توحيده وتنزيهه إليه وقام به، إذ الحاصل من الحادث لا يقوم بالقديم ؛ (فليحذر) الإنسان، (مما يحجبه عن الله تعالى) فإنه إذا أضاف إلى الحق مالیس له ولایلیق به حجبه جهله عنه تعالی .
170 -  (ومن هذا التجلي، قال من قال: سبحاني) فأضاف التنزيه الحاصل له بالتقديس العلمي والعملي والوهبي، إلى نفسه حيث ارتفع الالتباس بهذا التجلي في حقه حتى عرف أن التنزیه الحاصل لالحادث یتنع تحلیة القدیم به .
و كذلك التوحید. فتنزیهه وتوحیده تعالی ایاه، تنزيهه وتوحيده.
(ومنه) أي من هذا التجلي القاضي بزوال الالتباس.
(قال عليه السلام: إنما هي أعمالكم ترد عليكم) والعلة ما ذكر في التنزيه ورده إلى المنزه ؛ (وصورة اللبس هو الذي فيه) أي في الإنسان، من حيث تحليته بما هو عليه من الأوصاف والأفعال، (كون الإنسان يعتقد أن عمله) الصادر منه بالعلاج، (وفعله) الصادر منه بغیر العلاج .
(لیس كو خلقه علیه) عن ذاته ومقتضى حقيقته، بل يعتقد أنه بالأصالة لغيره، (وأنه أمر يعرض) عليه وقتاً، بسبب خارج عنه (ويزول) عنه وقتاً آخر، بسبب غير السبب الأول.
وليس الأمر في الحقيقة كذلك، بل الأعمال والأفعال هي الآثار النفسية الظاهرة عليها، إما بالقصد والتعمد، أو بالخاصية من قوتها العاملة والفاعلة. وهي في قيامها عليها كالخلعة الظاهرة ؛ ولذلك ترد عليها، فإنها أصلها ومنشؤها.
171 - (فمن وقف على هذا المنزل وشاهد هذا التجلي، فقد أمن من المكر) إذا لم يلتبس عليه، في المكر، ما هو المقصود لعينه بما هو المقصود بالعرض .
والمكر إنما يقع في حق من يكون في لبس منه، لا فيمن يعرف سببه ومواقعه ومدافعه ؛ (وعرف) أيضاً؛ (كيف يمكر) خيراً كان مكره آوشراً، (لكنه) من حیث كونه عارفاً بسببه و كیفیته و مواقعه خیراً آوشراً، (لا يمكر) ولا يعطى الرخصة لنفسه في الإتيان به، (حتى في المواطن التي تقتضي المكر والكذب) لمصالح يجب عليها جلبها ولمفاسد تستدعي الضرورة دفعها ، (كقوله صلي الله عليه وسلم : الحرب خدعة) إذ القصد دفع الهلاك عن النفس ؛ (وكالإصلاح بين الرجلين) حيث يجد بينهما فتنة تفضي إلى الفساد ؛ (وكقوله:هي أختي) حيث رام التباس الأختية الإسلامية بالأختية النسبية، لمصلحة ودفع ملمة .
(وما أشبه ذلك) مما تستدعيه الضرورة (فلهم ) أي لأهل الخبرة في المكر والخديعة ونحوها ومواقعها (في الخروج عن هذه المراتب) المكرية، (المباح فيها الكذب والمكر، مسالك غيرها) أي غير تلك المراتب المكرية، إن قصدوا التنزه عن الوقوع في مثلها.
فحينئذ كل منها (يخرج عليها) أي على المسالك التي هي غير المراتب المكرية
(ولا يتحلى هذا الوصف) أي وصف المكر والكذب ونحوهما، فإن اتصاف الإنسان بما فيه شبهة المنقصة نقص فيه
172 -  (ولا يغتر) كل منهم، (بقوله تعالى: "مكر اًلله " 99 سورة الأعراف، وشبه ذلك، فإن مكرهم) على مقتضى ردود الأعمال إلى منشئها، (هو العائد عليهم تجليه) كما أشير إليه آنفاً فإذا مكروا ولم يخرجوا إلى مسالك غير المكر،عاد عليهم مكرهم (فهو) حينئذ (مكر الله بهم) برد عملهم عليهم من حيث لا يشعرون .
(فتحقق) أيها السائر في مناهج الارتقاء إلى أعلى الغايات ، الناتجة لك منها وفيها أغلى الأمنيات ، (في هذا التجلي) حتی تطلع علی ما یرفع الالتباس عن مواقع المكر، (وقف حتى تحصل ما فيه) من الدقائق المكرية، المجدية لك في مواقع المكر منك ، ومن غیرك علیك.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 8:57 am

09 - شرح تجلي رد الحقائق .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 09 على مدونة عبدالله المسافر بالله

09 - تجلي رد الحقائق :-

هذا التجلي إنما يتحقق به من ليس له مطلب سوى الحق من حيث تعلق الهمة لا من حيث الكسب والتعشق بالجمال المطلق فتبدو له الحقائق في أحسن صورة بأحسن معاملة بألطف قبول فيقول :
ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطلُ
وما هي باطل ولكن غلب عليه سلطان المقام كما قال عليه السلام : " أصدق بيتٍ قالته العرب " :
ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطل
والموجودات كلها وإن كانت ما سوى الله فإنها حق في نفسها بلا شك لكنه من لم يكن له وجود من ذاته فحكمه حكم العدم وهو الباطل.
وهذا من بعض الوجوه التي بها يمتاز الحق سبحانه وتعالى من كونه موجوداً عن ساءر الموجودات أعني وجوده بذاته .
وإن لم يكن على الحقيقة بين الحق والسوى اشتراك من وجه من الوجوه حتى يكون ذلك الوجه جنساً يعم فيحتاج إلى فصلٍ مقوم ، هذا محال على الحق أن يكون ذاته مركبة من جنسٍ وفصل .
 

09 - إملاء ابن سودكين في هذا الفصل:

"قال شيخنا وإمامنا رضي الله عنه، في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : 
هذا التجلي إنما يتقيد به من ليس له مطلب سوى الحق سبحانه من حيث الهمة لا من حیث الكسب والتعشق و الجمال المطلق. 
فتقیده بكونه قصر همته علی الحق دون الحقائق . 
ومن شأن الهمة استدعاء ما ليس مكسوبا بالأعمال. 
وقد اختلف العارفون في باب "الكسب" و"الوهاب". 
فمنهم من آعطي میزانا یزن به العمل ویزن به النتیجة المناسبة له، و مهما زاد علی ذللی سماه وهبا. 
و منهم من زادت معرفته فنظر إلى هذا الزائد؛ فإن كان من لوازم النتيجة فهو مكسوب أيضا وإن لم يتعين طلبه ابتداء وإن لم یكن من اللوازم یثبته وهبا. 
ولما كان الانسان علی هیئة یصح معها قبول تجلي الحق والحقائق، سمینا هذا الموضع الأول وهبا وما عدا ذلك سميناه كسبا. 
ومن نظر هذا النظر كان كل شيء يفتح له عن الاستعداد كسبا له؛ إذ في الإنسان حقايق مناسبة لما يرد عليها من جميع التجليات. 
فقصاراه أن يجلو الصدى عن محله، وجلاء الصدى عبارة عن محو صور الكون عن المحل ليتفرغ لقبول الفيض الدايم الذي لا منع فيه ولا يصح فيه المنع، لكون دايرة الألوهية مصمتة لا علل فيها لمنع أصلا. 
والإنسان يتوجه إلى القبول فيكتسب الفيض دائماً فمن نظر من هذا الوجه سمى كل شيء يقبله كسباً. والتعشق بالجمال المطلق يعطي عدم التخصيص والتقييد لسريان الأحدية في كل شيء فالوجود كله مناظر للحق. 
ومتى قال الحق لصاحب التقييد : أنا الحق. 
فقال له: إنما أنت بالحق حق ، فإنه إن غاب عنه كان ذلك مكراً به أن بقي على حجابه. 
وإن لطف به أعطاه علم المشهد على ما هو عليه وعرفه بمرتبة التجلي وما يقتضيه حضرتها.
و عرف القائل والسامع والقابل . فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. 
شرح الله صدورنا ويسر أمورنا وأتم لنا نورنا بمنه وفضله .


09 -  شرح تجلی رد الحقائق
173 -  یرید :ردها عن ذهابها و انطماسها فی جلیة الجمال المطلق الذي إذا ظهر من حيثية علوه استبطنها في تلألؤ نوره، وأظهرها إذا ظهر من حيثية دنوه.
(هذا التجلي إنما يتحقق به من ليس له مطلب سوى الحق، من حيث تعلق الهمة) القاضية باستدعاء ما ليس مكسوبا بالعمل والاجتهاد.
ولذلك قال : (لا من حيث الكسب) فإنه قاصر عن الجمع بين شهود الحق والحقائق معا، من غير مزاحمة؛ (و) لا من حيث (التعشق بالجمال المطلق) القاضي ، من حيث تعلیة اطلاقه، بعدم التخصیص والتقیید فیفوت اذن عن التوسل بالكسب والتعشق شهود الحق في الحقائق، لقصور الكسب وانطماس كل شيء في شروق أحدية الجمال المطلق.
والهمة شأنها استدعاء مالیس مكسوبا بالعمل، و استبقاء ما استنبطه اجمال الطلق .
فذو الهمة لا یقتصر علی شهود الحق دون الحقائق، بل شأنه جمع تفصيلها في الحق، وتفصيل جمعها في المراتب والأطوار والأحوال والأدوار.
174 -  (فتبدو له) آي لمن لیس له مطلب سوی الحق، (الحقایق) مع الحق (فی احسن صورة) قائمة بأحسن تقويم شاملة، في حيازته لجمعي الحق والحقائق.
والظاهر أنه قدس سره كنى بهذه الصورة عن النشأة الوسطية الكمالية القلبية ؛ فإنها في حالة كمالها مرآة تبدي مع وحدة الحق كثرة الحقائق من غير مزاحمة.
ولذلك قال : (بأحسن معاملة) فإن القلب في طور المعاملات يطرح عنه ما يشعر بتقيده ويأخذ ما يثمر له التحقق بسعته وإطلاقه، والتمكن في وسطية يتداعى له ما بطن وظهر.
ولذلك أتبعه بقوله :(بألطف قبول) وذلك هو قبول الحق والحقائق جمعاً وتفصيلاً ولطافة كل شيء جهة سعته، وكثافته جهة ضيقه.
فإذا بدا الحق والحقائق جمعاً، على مقتضى استدعاء الهمة، تبدو له حقائق كل شيء، (فيقول) إذن نظراً إلى الحقائق الإمكانية الباقية حالة اتصافها بالوجود على عدميتها : (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) فإن وجود الحق لذاته، و وجود السوى ليس كذلك.
ثم قال قدس سره نظراً إلى كون الحقائق الإمكانية بالحق :
(وما هي باطل) فإنها موجودة به، وإن كانت معدومة بنفسها (لكن غلب عليها) أي على حقائق السوى (سلطان المقام) القاضي بكمون الحقائق وكثرتها في سطوع جلية الجمال المطلق، حتى جوز العقل والشهود أن يقال بأنها معدومات.
(كما قال عليه السلام)على مقتضى هذا المقام (أصدق بيت قالته العرب: ألا كل شيء ما خلا الله باطل) وقد أراد، صلى الله عليه وسلم ، بالباطل المعدوم .
175 - (والموجودات كلها، وان كانت ما سوی الله) محكوماً علیها، تحت سلطنة المقام، بكونها باطلاً، (فانها حق في نفسها بلا شك) يعني من حيث وجودها بالحق لا بنفسها،.
ولذلك قال: (لكنه من ، یكن له وجود من ذاته) كوجود الحق تعالى .
(فحكمه حكم العدم وهو الباطل) الزاهق ، عند تجلي الجمال المطلق بأحديته.
(وهذا) أي كون الموجودات حقاً باعتبار "ما".
(من بعض الوجوه التي يمتاز ها الحق سبحانه من كونه موجوداً عن سائر الموجودات) .
وقد ظهر بقوله : (أعني وجوده بذاته) الإمتياز والفرقان، فإن الموجودات وجودها بالغير.
ولما ذكر قدس سره وجه الإمتياز بین موجودیة الحق و موجودیة السوی، استشعر بأن والامتياز مترتب على الاشتراك.
ولا اشتراك بين الحق والخلق بوجه ما، ولذلك قال : (وإن لم يكن على الحقيقة بین الحق والسوی اشتراك من وجه من الوجوه، حتى یكون ذلك الوجه جنساً یعم) الحق والسوى.
(فيحتاج) الحق تعالى حينئذ (إلى فصل مقوم) به يمتاز الحق عما سواه.

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 10 - شرح تجلي المعية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 8:58 am

10 - شرح تجلي المعية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 10 على مدونة عبدالله المسافر بالله
10 - تجلي المعية :-
ولما كان الإنسان نسخة جامعة للموجودات . كان فيه من كل موجود حقيقة . فتلك الحقيقة تنظرإلى ذلك الموجود وبها تقع المناسبة وهي التي تنزل عليه . 
فمتى أوقفك الحق مع عالم من العوالم وموجود من الموجودات فقل لذلك الموجود بلسن تلك الحقيقة معك بكليتي ليس عندي غيرك بالعرض فإنه يصطفيك ويعطيك جميع ما في قوته من الخواص والأسرار هكذا مع كل موجود ولا يقدر على هذا الفعل إلا حي يحصل في هذا التجلي التي هي معية الحق تعالى مع عباده 
قال تعالى : " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ " [الحديد : 4] . فإذا تجلى في هذه المعية عرفت كيف يتصرف فيما ذكرته لك .



10 - إملاء ابن سودكين:

"قال إمامنا رضي الله عنه، في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : 
لما كان الإنسان نسخة جامعة وكانت له معية من الحق سبحانه، فكذلك للإنسان معية مستصحبة مع كل رقيقة في العالم. 
فإذا تحقق العبد بتجلي المعية، من باب الأذواق، وعرف حكمها فيه فإنه يرث من ذلك قوة سارية في وجوده ، يعرف كيف يصحب بها جميع الموجودات. 
فيخاطب حينئذ كل موجود من الموجودات بلسان الرقيقة الجامعة بينه وبينه. 
فيقول له: أنا معك بكليتي وليس معي غيرك. 
وذلك حق، لأنه ليس لتلك الرقيقة المناسبة لذلك الموجود تعلق بالغير وليس عندها غيره ؛ وإنما اللسان مترجم عن تلك الحقيقة. 
ومتى خاطبت هذا الموجود من العالم بهذا اللسان وأقبلت عليه هذا الإقبال، فإنه يعطيك جميع ما في قوته، لصحة مقابلتك له من جميع وجوهه. فهذه فايدة هذا التجلي . وهذا يسري معك في الكون وفي السماء الإلهية. والحمد لله رب العالمين. 
ولما قال سبحانه: "وهو معكم أينما كنتم" علمنا أن لكل موجود حكماً من هذه المعية ليس هو للآخر. 
إذ لو كانت نسب المعية كلها تصح أن تكون لشخص واحد لكان محلاً لاجتماع الأضداد، وهو محال. 
فلا بد أن يكون لكل موجود نسبة مخصصة ولما كان الإنسان مفطوراً على الصورة كان له هذا الحكم في الوجود. والله أعلم".


10 - شرح  تجلي المعية





176 - يريد بها معية الإنسان بنسبة ما وخصوصية ما مع كل شيء.
ولتحقيقها أسس قدس سره قاعدة كشفية وضابطة ذوقية تنتهي إلى هذا المقصود، فقال : (ولما كان الإنسان نسخة جامعة للموجودات) كما أنبأ عنه قوله تعالى: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ"53 سورة فصلت.
ما (كان فيه من كل موجود حقيقة) مخصوصة ؛ وهي فيه منتهى رقيقة مناسبته إياه من وجه يناسبه ، والإنسان (بتلك الحقيقة ينظر إلى ذلك الموجود وها تقع المناسبة) بينهما.
بل هي ما به الاتحاد إذ لكل شيء وجه به يتحد بكل شيء. ومن هنا يظهر الشيء بصفة ضده . 
ومن هذا الباب "قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا "69 الانبياء.
ومن هنا : "وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ"110 سورة المائدة.
و "مرضت"  و"جعت" و"ظمئت". فافهم .
(وهي) أي تلك الحقيقة التي بها تقع المناسبة هي (التي تنزل عليه) أي تنزل ذلك الموجود على الإنسان،
  الذي له معيتان :
معية من الحق، ومعية من جميع ما في العالم .


177 -  (فمتى أوقفك الحق) يخاطب ؛ قدس سره ؛ المسترشد بلسان التربية، (مع عالم من العوالم أو موجود من الموجودات، فقل لذلك الموجود، بلسان تلك الحقيقة) التي بها وقعت
المناسبة بينك وبين ذلك الموجود، ولسانها هو لسان تجده ذوقا ، بقدر محاذاتك إياه ومناسبتك له، (أنا معك بكليتي) إذ لا معية لذاتي مع شيء من الأشياء من حيثية رقيقتي المناسبة لذاتك أصلا ؛ فإن ذاتي التي مع كل شيء بالرقائق المناسبة له، بكلية معيتها من هذه الحيثية، هي معك .
(وليس عندي) من هذه الحيثية المذكورة. (غيرك) إذ لا تعلق لرقيقة مناسبتي لك بغيرك. فلا يكون غيرك إذن، من حيثية هذا التعلق ، عندي .
فإذا ادعيت ، أيها المسترشد، بهذه الدعوى أصبت وأنت صادق لا عوج فيما قلت . وقال أيضا : أنا معك بالذات، فإن ذاتك هي الحق الظاهر بتعينك وتعينات كل شيء. فكلية ذاتك، بإيقاف الحق ومن حيثية المناسبة أيضا واقفة ومحاذية له حينئذ دون غيرك.
فأنت حينئذ بحكم الإيقاف والمناسبة والمحاذاة القاضية بوجود ما به الاتحاد وكمال ظهوره معه بالذات ومع غيره (بالعرض) فإن معيتك مع غيره، بمجرد المناسبة (فإنه) الضمير العالم من العوالم أو الموجود، (يصطفيك) أي يخصصك بحكم كمال المحاذاة والمناسبة، ويقدر إيقاف الحق، (ويعطيك جميع ما في قوته من الخواص والأسرار).
178 - (هكذا تفعل مع كل موجود) إلى أن تعود فطرتك بحرا ولمحتك دهرا .
(ولا يقدر على هذا الفعل) وهو إتيانك بقولك بلسان تلك الحقيقة، (أحد إلا حتى يحصل في هذا التجلي) يعني (التي هي معية الحق تعالى مع عباده) .
عموما قال الله تعالى :" وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ" 4 سورة الحديد.
فإذا تجلى لك الحق تعالى (في هذه المعية) التي أنت بها مع كل شيء وكل شيء بها معك، (عرفت كيف تتصرف فيما ذكرته لك) من الإيقاف والقول مع الموجودات بألسنة حقائقها.


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب التجليات الإلهية من 11 - 20 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 21 - 30 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 51 - 60 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 61 - 70 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
» كتاب التجليات الإلهية من 71 - 80 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: