اخي الحبيب امير جاد
-ان وصلتك فلفضل المقة او اخللت فبفرط الثقة و متى كان ذلك فلمحافظة النفس على مالها فيه من الانس فالتزاور بالضمائر قد يغنينا عن الاقدام.
قال أبو القاسم الجنيد : السماع لا يحدث في القلب شيئا وإنما هو مهيج ما فيه فتراهم يهيجون من وجدهم , وينطقون من حيث قصدهم , ويتواجدون من حيث كامنات سرائرهم , لا من حيث قول الشاعر ومراد القائل , ولا يلتفتون إلى الألفاظ لأن الفهم سبق إلى ما يتخيله الذهن
-و ما عسى المرء ان يقول بعد هذا و ما سبق و ما قد يلي و قد تعلل صاحب الورق بقيل و قال و حرم غيره نعما لمسالته و هو لم يتردد ببواطن الاسرار بل تحمل بالاخبار و الاستخبار و ما علمنا ان الجفاء في الطلب قرين بالقريب و لا ان الغلظة في الطاعات و القرابات حكما من الحكيم و ما لنا من الشبه الغامضة و القلوب الطالحة و الاراء المتنقلة...كيف يعدل المرء عن السنن الواضحة و الادب الصالح و عول على بداوة النفوس و لي الاقاويل..
قيل لأبي القاسم الجنيد : ما لنا لا نراك تتحرك عند السماع ؟ فقال { وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب } ويحكى أنه سئل عن السماع ولأي شيء يكون الرجل ساكنا قبل السماع , فإذا سمع اضطرب وتحرك ؟ فقال : السماع خطاب الروح من الميثاق الأول حين قال { ألست بربكم قالوا بلى } فسمع حين سمع لا حد ولا رسم ولا صفة إلا المعنى الذي سمع حين سمع , فبقيت حلاوة ذلك السماع فيهم , فلما أخرجهم وردهم إلى الدنيا ظهر ذلك فيهم , فإذا سمعوا نغمة طيبة وقولا حسنا طارت هممهم إلى ذلك الأصل , فسمعوا من الأهل , وأشاروا إلى الأصل .
قالوا فالعارف هو الذي سمع من الله , ومن لا يعرف الله كيف يسمع من الله , ومن لا يسمع من الله فالبهيمة خير منه { لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل } .
ودخل يوما أبو عثمان المغربي وواحد يستقي الماء من بئر عليه بكرة فتواجد , فقيل له في ذلك , فقال إنها تقول الله الله .
روي من الجنيد أنه ترك السماع في آخر عمره , فقيل له كنت تسمع أفلا تسمع ؟ قال مع من ؟ فقيل له أنت تسمع لنفسك , فقال ممن , فالسماع لا يحسن إلا بأهله ومع أهله ومن أهله , فإذا انعدم أهله واندرس محله فيجب على العارف تركه .
و السلام على الجمع اجمعين