وأما موسى {عليه السلام} فإنه أظهر التواضع له حيث قال :
وَلا أَعْصي لَكَ أَمْراً ، وكل ذلك يدل على أن ذلك العالم كان فوق موسى {عليه السلام}
ومن لا يكون نبياً لا يكون فوق النبي ، وهذا أيضاً ضعيف ،
لأنه يجوز أن يكون غير النبي فوق النبي في علوم لا تتوقف في نبوته عليها ، فلم قلتم أن ذلك لا يجوز ؟
فإن قالوا : لأنه يوجب التنفير ،
قلنا : فإرسال موسى إلى التعلم منه بعد أن أنزل الله عليه التوراة وتكليمه بغير واسطة يوجب التنفير ،
فإن قالوا : أن هذا لا يوجب التنفير ، فكذا القول فيما ذكروه .
خامساً : احتج الأصم على نبوته بقوله في أثناء القصة :
وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْري ، ومعناه : فعلته بوحي الله ،
وهو يدل على النبوة ، وهذا أيضاً دليل ضعيف وضعفه ظاهر .
سادساً : ما روي أن موسى {عليه السلام} لما وصل إليه قال : السلام عليك ،
فقال : وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل ،
فقال موسى {عليه السلام} : من عرفك هذا ؟
قال : الذي بعثك إليَّ ، قالوا : وهذا يدل على أنه عرف ذلك بالوحي ، والوحي لا يكون إلا مع النبوة
ولقائل أن يقول
: لم لا يجوز أن يكون ذلك من باب الكرامات والإلهامات .
الخضر {عليه السلام} من أفراد الأولياء وليس نبياً
سُئل الشيخ أبو العباس التيجاني عن الخضر هل هو نبي أم لا ؟
فأجاب {رضى الله عنه} بما نصه : اعلم أن الخضر {عليه السلام} ولي فقط وليس بشيء عند الجمهور ،
وقال الشيخ الأكبر ابن عربي : الخلاف فيه يعني في نبوته عند أهل الظاهر لا عندنا ،
فإنه عندنا مقطوع به من الأولياء لا من النبيين ، وكذا غيره من الأكابر … .
وقال : الدليل على أن سيدنا الخضر من الأفراد وليس نبياً على القطع ،
ما حكاه الله في القرآن في قصته مع سيدنا موسى {عليه السلام}
في قوله تعالى : لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ،
لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ،
ولو كان نبياً ما أنكر عليه سيدنا موسى {عليه السلام} فعله ،
لأن سيدنا موسى {عليه السلام} يعلم عصمة النبوة ، وأن صاحبها لا يتقدم إلى فعل شيء إلا بأمر الهي ...
وحيث أنكر عليه دلَّ ذلك على أنه ليس بنبي .
وأيضاً في الاستدلال على عدم نبوته وهو أكبر من الأول : إذ لو كان الخضر نبياً لأعلم الله موسى بنبوته لأجل أن لا ينكر
عليه ، لأن الإنكار على صاحب النبوة تضليل له ... .