ابن الباسل
عدد الرسائل : 145 العمر : 47 الموقع : فلسطين المحتلة تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: شرح آية(فبما رحمة من الله..) لسيدي الامام الباسل رضي الله عنه الجمعة أكتوبر 09, 2009 10:09 pm | |
| الحمد لله رب العالمين حمدا ًكثيراًطيبا ًمباركا ًفيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت مما شئتمن شيء بعد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، أنت أهل الثناء وأهل المجد، اللهم لامانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له، له الحمد وله الملك، يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيءقدير، شهادة ًمبرّأة ًمن الشك والتهم، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد العربوالعجم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته أفضل الأمم، الحمد لله الذيأنار الوجود بسيد الوجود - صلى الله عليه وعلى آله وصحبهوسلم.أمابعد...
ونبدأ بالآية رقم )١٥٩) في الكتاب الكريم في سورة آل عمران ونبدأ بتفسير الآياتعلى وفق بعض التفاسير، منهم ابن عجيبة في "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد"،وكذلك مقتطفات ربانية محمدية باطنية عن المقامات وإشارات نورانية حول الآية نقولوبالله عز وجل التوفيق. يقول الحق جل وعلا فبما رحمة من الله ونعمة كنت سهلاليِّنا رفيقا فحين عصوا أمرك وفرّوا عنك ألنت لهم جانبك ورفقت بهم، بل اغتممت من أجلهممما أصابهم، ولو كنت فظا جافيا سيء الخلق غليظ القلب قاسيا فأغلظت لهم القوللانفضوا من حولك، أي لتفرّقوا عنك ولم يسكنوا إليك، فاعف عنهم فيما يختص بك واستغفرلهم في حق ربك حتى يشفــّـعك فيهم، وشاورهم في الأمر الذي يصح أن يُشاوَروا فيهتطييبا لخاطرهم ورفعا لأقدارهم واستخراجا وتمهيدا لسنة المشاورة لغيرهم وخصوصاالأمراء، قال عليه الصلاة والسلام: (ما شقـِيَ عبد قط بمشورة، ولا سَعِدَ عبد استغنى برأيه)، وقال حبيبنا المصطفى: (ما خاب من استخار ولا نَدِمَ من استشار)، وقال عليهالصلاة والسلام: (إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها)، فإذا عزمت على شيء بعد الشورى فتوكل علىالله عز وجل، ثق به وكيلا إن الله يحب المتوكلين، فينصرهم ويهديهم إلى ما فيه صلاحهم. إن ما اتصف به نبينا عليه الصلاة والسلام من السهولة والليونة والرفقبالأمة اتصف به ورثته من الأولياء العارفين والعلماء الراسخين، ليتهيأ لهم الدعوةإلى الله عز وجل أو إلى أحكام الله عز وجل، ولو كانوا فظاظا غلاظا لانفض الناس من حولهم، ولم يتهيأ لهم تعريف ولا تعليم، فينبغي لهم أن يعفوا ويصفحوا ويغفرواويصبروا على جفوة الناس، ويستغفروا لهم ويشاوروهم في أمورهم اقتداء برسول الله صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فإذا عزموا على إمضاء شيء فيتوكلوا على الله عز وجلإن الله يحب المتوكلين. قال الجنيد رحمه الله تعالى: "التوكل على الله أن تـُقْبِلبالكلية على ربك وتـُعْرِض عمّن دونه"، وقال الثوري عن التوكل: " أن تفني تدبيرك فيتدبيره، وترضى بالله وكيلا ". قال الله تعالى: { وَكَفَى بِاللّهِوَكِيلاً }النساء/٨١، وقال ذو النون: " خلع الأرباب وترك الأسباب"، وقال الخواص رضيالله تعالى عنه: "قطع الخوف والرجاء مما سوى الله عز وجل"، وقال العرجي عن التوكل: " هو رد العيش إلى يوم واحد وإسقاط هم غد". وقال سيدنا سهل: "معرفة مُعطي أرزاقالمخلوقين"، ولا يصح لأحد التوكل حتى تكون عنده السماء كالصفر والأرض كالحديد لاينزل من السماء قطر ولا يخرج من الأرض نبات، ويعلم أن الله عز وجل لا ينسى له ماضمن من رزقه بين هذين. وقيل أيضا عن التوكل هو اكتفاء العبد الذليل بالربالجليل كاكتفاء الخليل بالخليل حين لم ينظر إلى عناية جبرائيل. وقيل لبهلولالمجنون: متى يكون العبد متوكلا ؟ قال: إذا كان بالنفس غريبا بين الخلق وبالقلبقريبا من الحق. قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من سرَّه أن يكون أكرم الناس فليتق الله ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يدي الله أوثق مما في يديه).قال ابن جزي: " التوكل هو الاعتماد على الله في تحصيل المنافع وحفظها بعد حصولها،وفي دفع المضرات ودفعها بعد وقوعها، وهو أعلى المقامات لوجهين أوّلهما: قولهتعالى:{ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }، والآخر ضمان الذي في قولهتعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} الطلاق/٣، وقد يكون واجبالقوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}المائدة/٢٣، فجعله شرطا في الإيمان ولظاهر قوله تعالى: { وَعَلَى اللَّهِفَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } التوبة/٥١، فإن الأمر محمول على الوجوب.واعلم،،، الناس في التوكل على ثلاث مراتب:v الأولى: أن يعتمد العبد على ربه كاعتماد الإنسان على وكيله المأمون عنده الذيلا يشك في نصيحته له وقيامه بمصالحه.v الثانية: أن يكون العبد مع ربه كالطفلمع أمه لا يعرف سواها ولا يلجأ إلا إليها. v الثالثة: أن يكون العبد مع ربهكالميت بين يدي المغسل، قد أسلم له نفسه بالكلية. فصاحب الدرجة الأولى عنده حظمن النظر إلى نفسه بخلاف صاحب الثانية، وصاحب الثانية له حظ من الاختيار بخلافصاحب الثالثة، وهذه الدرجات مبنية على التوحيد الخالص الذي في قوله تعالى: { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } البقرة/١٦٣، فهي تقوى بقوته وتضعف بضعفه. فإن قيل هليشترط في التوكل ترك الأسباب أم لا؟ فالجواب: أن الأسباب على ثلاثة أقسام: v الأول : سبب معلوم قطعا قد أجراه الله تعالى فهذا لا يجوز تركه كالأكل لرفع الجوع،واللباس لرفع البرد. v والثاني: سبب مظنون، كالتجارة وطلب العيش وشبه ذلك، فهذالا يقدح فعله في التوكل، فإن التوكل من أعمال القلوب لا من أعمال البدن، ويجوز تركهلمن قوي عليه. v والثالث: سبب موهوم بعيد، فهذا يقدح فعله في التوكل، قلت ولعلهذا مثل طلب الكيمياء والكنوز وعلم النار والسحر وشبه ذلك. ثم فوق التوكلالتفويض وهو: الاستسلام لأمر الله تعالى بالكلية، فإن المتوكل له مراد واختيار، وهويطلب مراده في الاعتماد على ربه، وأما المفوِّض فليس له مراد ولا اختيار بل أسندالاختيار إلى الله عز وجل فهو أكمل أدبا مع الله تعالى. ولما أمر نبيه عليه الصلاةوالسلام بالتوكل رغــَّب فيه جميع عباده وكما قال الشاعر: إذا كان عون الله للمرء ناصرا | تهيأ له من كل صعب مراده | وإن لم يكن عون من الله للفتى | فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
| الله اكبر!! على جمال الرحمة العظيمة التي أعطاها الله سبحانه وتعالى للنبي صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، كيف لا؟؟ وهو الذي بـُعِث بالنار رؤوف رحيم،كيف لا يكون أكثر مخلوق جُلل بالرحمة وهو سيد ولد آدم؟؟؟ إنه النور المتنقلبالأصلاب، الممزوج بالرحمة، أليس هو رحمة مهداة إلى العالمين؟! أما قال الله عز وجلفيه: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء/١٠٧، أما وستتجلى رحمته بالمسلمين يوم القيامة، يوم الحشر بالشفاعة العظمى؟! اللهم اجمعنابالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فإن هذه الآية قد بينت منهاج الدعوةإلى الله سبحانه وتعالى وطريقة الدعوة والصبر على الخلق بدعوتهم إلى الله عز وجل،فلا يأتي أي مخلوق ليخالف هذا المنهج الرباني، فإذا كان الله عز وجل خاطب بهذا النبيصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فكيف بمن بعده؟ وإذا كان الخطاب للنبي صلى اللهعليه وعلى آله وصحبه وسلم فالأمة أوْلى أن يكون الخطاب واقعا عليها، فإذا كان الخطاب للمعلم فيجب أن يقتدي به المتعلم، فإنه من الرحمة الكبرى إلانة النبي صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لهؤلاء القوم لهدايتهم وصبره عليهم، ومن الواجب أنتكون صفة الصبر فيهم لأنهم هم الذين سينالون الخير العظيم، ولولا تلك الرحمة والإلانة لهلكوا وما نجوا وكانوا في جهنم مخذولين والعياذ بالله سبحانه وتعالى. وانظر إلى خطاب الله سبحانه وتعالى له بالنسبة للمؤمنين قوله تعالى: { وَاخْفِضْجَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } الشعراء/٢١٥، وقوله تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } الأعراف/١٩٩،فإن هذا من كمال حسن خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، كيف لا!! وقدخاطبه ربه بقوله تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم/٤. فإن إلانة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لكم وبكم إنما هذا منحبه لكم وحرصه عليكم، فكيف لا يكون حريصا على الخلـْق وهو سيدهم على الإطلاق، واللهعز وجل قال: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } التوبة/١٢٨، وقالعليه الصلاة والسلام: ( لا حلم أحب إلى الله من حلم إمام ورفقه، ولا جهل أبغض إلىالله من جهل إمام وخرقه )، فانظر في سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلمالعظيمة... كيف خاطب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المؤمنين الذين نزلواعن الجبل، فكان سبب هزيمة المسلمين، وقتل كثير من المسلمين ومنهم سيدنا حمزة أسدالله عز وجل وأسد رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في معركة أحد العظيمة،لوجدت حلماً عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ليس موجوداً في مخلوق،فإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأمر الكل بهذا الحلم وبحسنالخلق كقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( كاد الحليم أن يكون نبيا)،وحديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للرجل الذي جاءه وقال له: ( أوصني. فقال: لا تغضب) ثم كرر الأمر على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والنبيصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول له: ( لا تغضب) أفيأمر النبي صلى الله عليهوعلى آله وصحبه وسلم هذا لغيره؟ فكيف يكون فيه؟! فإن الله عز وجل جبله على كل خصالالخير والعظمة والكمال. فماذا نفهم من قوله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّرَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } الأنبياء/١٠٧، والنبي صلى لله عليه وعلى آله وصحبه وسلميقول: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ولا يتمم المكارم إلا من تمّت به كلها كي يستطيع أن يتممها بغيره، فالرسالة كلها جاءت تحث على حُسن الخلق، فلو نظرت أيضا إلىسيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كم من حادثة وقعت مع النبي صلى اللهعليه وعلى آله وصحبه وسلم وما كان يصدر من النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلمإلا قمة العفو والمعروف، وانظر،،، إلى الرجل الذي جاء على النبي صلى الله عليه وعلىآله وصحبه وسلم وهو نائم وسيفه بيده وقال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: من سينجيك مني الآن؟ وكان الرجل يريد قتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبهوسلم وليس هناك أعظم من هذه جريمة على وجه الأرض، فقال له النبي صلى الله عليه وعلىآله وصحبه وسلم الله ينجيني منك فسقط السيف من يد الرجل ومسكه النبي صلى اللهعليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للرجل منسينجيك مني الآن فقال الرجل كن خير آخذ فعفا عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وكثير مثل هذه الوقائع حدثت مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبهوسلم وكان صاحب العفو الأكبر لأنه الرحمة المهداة للخلق كلهم، وقد قال النبي صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أدبني ربي فأحسن تأديبي )، فإذا المؤدِّب هو اللهسبحانه وتعالى فكيف سيكون المؤدَّب؟ ليس هناك أعظم من هذا. وهذا الحديث رُوي عن ابنمسعود رضي الله تعالى عنه، فعندما تقرأ هذا الحديث معناه أي أن الله عز وجل علمنيوجبلني على محاسن الأخلاق الظاهرة والباطنة، وإن الله سبحانه وتعالى هيــَّأه منذالصغر لهذا الأمر، الأمر العظيم، وأدّبه منذ صغره، وأن الله عز وجل أجلسه على عرشالأدب وحسن الخلق من بداية خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وقال بعض أهلالله عز وجل " أدّبه تعالى بآداب العبودية، وهذبه بمكارم أخلاق الربوبية، لما أرادإرساله ليكون ظاهر عبوديته مرآة للعالم لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، وباطن حاله مرآة للصادقين في متابعته ومرآة للصدّيقين فيالسير إليه، بقوله تعالى: { فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} آل عمران/٣١،والأدب استعمال ما يُحمد قولا وفعلا. وقال بعضهم قد أدّب الله عز وجل روح نبينا صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وربّاها في محل القرب قبل اتصالها ببدنه الطاهرالظاهر باللطف والهيبة، فتكامل له الأنس باللطف والأدب بالهيبة، واتصلت بعد ذلكبالبدن ليخرج باتصالها كمالات أخرى من القول إلى الفعل، وينال كل من الروح والبدنمن الكمال ما يليق بالحال، ويصير قدوة لأهل الكمال... واعلم أن صفة الفظ وغلظ القلب ليس من صفة النبي صلى الله عليه وعلى آلهوصحبه وسلم لأنهما صفتان سيئتان فلا يمكن أن يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بمثل هذا، ولا يمكن أن يقع النبي صلى الله عليه وعلىآله وصحبه وسلم تحت هاتين الصفتين، ولكن هذا تحذير لأمته على أن لا يقعوا ويكون بهم هاتان الصفتان، وخصوصاً أهل الدعوة والإرشاد، والمطلوب من كل فرد من أمةالنبي صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن يكون داعياً إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رسولهالأكرم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. واعلم بأن في قوله تعالى:{ فَظًّاغَلِيظَ الْقَلْبِ} صفتان: واحدة منهما ظاهرية والأخرى باطنية، وهذا دليل على أنهإذا كانتا في أحد فإنه لا يصلح للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لأنه سيبعد الناس عنهذا الدين الحنيف الذي ارتضاه الله عز وجل لخلقه. فإن النبي صلى الله عليه وعلى آلهوصحبه وسلم هو كنز الحقيقة وأكمل الخلق بالخلق والخليقة، صبغة الله ومن أحسن منالله صبغة؟ واسمع كلام حبيبك المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( إن اللهجعلني عبداً كريماً، ولم يجعلني جباراً عنيداً) رواه أبو داوود وابن ماجة عن عبدالله ابن بسر رضي الله تعالى عنهما. نعم أحبة النبي صلى الله عليه وعلى آلهوصحبه وسلم إن الله تعالى جعله عبداً كريماً وليس جباراً لأن الله عز وجل ينادي يوم القيامة أين المتكبرون والمتجبرون على خلقي؟ فويل من كانت هذه صفته يوم القيامةفهذه من صفة الفظاظة وغلظ القلب، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (إنما بعثني الله مبلغاً، ولم يبعثني متعنتاً ) رواه الترمذي عن عائشة رضي اللهتعالى عنهما. فإن الله تعالى بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مبلغاًلأحكام الله سبحانه وتعالى، داعياً إليه ومعرِّفاً به عز وجل، وداعياً إلى جنته،ومبيناً مواقع رضاه وآمراً بها، ومواقع سخطه ومحذراً منها وناهياً عنها، وكيفيةسعادة النفس البشرية وشقاوتها. فعندما قال لم يبعثني متعنتاً أي متشدداً في الدعوةإلى الله عز وجل، فإن من التربية وخواصها أن يزجر المعلم المتعلم عن سوء الأخلاقباللطف والتعرض ما أمكن من غير تصريح وبطريق الرحمة من غير توبيخ، فإن التصريح يهتك حجاب الهيبة ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف وتهييج الحرص على الإصرار...نعم فكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير وأعظم مبلـِّـغ عنربه سبحانه وتعالى، وخير محذر من عذابه وغضبه لكي لا يكون للناس على الله عز وجلعليه حجة يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في حجةالوداع: ( اللهم هل بلغت وقد كررها ثلاثة فقالت الصحابة رضوان الله تعالى عليهم: نعم، فقال: اللهم فاشهد ) وأيضا كرر هذه الكلمة ثلاثاً. و قد قال النبي صلى اللهعليه وعلى آله وأصحابه وسلم: ( إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة ) رواه البخاريفي الأدب ومسلم عن أبي هريرة. إنما بعث رحمة لمن أراد الله عز وجل إخراجه من الكفرإلى الإيمان أو ليقرّب الناس إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رحمته لا ليبعدهم عنها، فاللعن منافٍ لحال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وليس من صفته، ولا يجبأن تكون من صفة مَن يأتي بعده من أمته أو ممن يدعون إلى الله عز وجل، فالرحمة مزجهاالله سبحانه وتعالى بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وعليها النبي يقولأيضا: ( إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذابا ) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالىعنهما، فإنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مُلئ بالرحمة والرأفة فاستنار قلبهبنور الله تعالى فصغرت الدنيا في عينه فبذل نفسه في جنب الله تعالى فكان رحمةوأماناً، فلم يقصد العذاب من بعثة صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وإنما الرحمةوالهداية والنجاة والنور والعطاء للبشرية جمعاء. فإذا كان الله سبحانه وتعالى ألبسالنبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم صفتان من صفاته وهما الرحمة والرأفةبقوله تعالى:{ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } التوبة/١٢٨، والله عز وجل يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } سبأ/٢٨،وعندما تسمع قول الله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِالْحَقِّ } الفتح/٢٨، بأي صفات سيحلـّي مَن سيرسله ليكون نائباً عنه وخليفة لهومعرِّفاً به سبحانه وتعالى؟ نعم فإن الإنسان الفظ لا يجتمع عنده اثنان إلا من هوعلى شاكلته، فهذه دعوة للدعوة، وهذه دعوة للتخلي عن الصفات السيئة وخصوصاً هاتينالصفتين لمن سيهيئه الله تعالى للدعوة ولمن يريد السير على طريق الدعوة. واعلموا أحبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن هاتين الصفتين بحاجةإلى رحمة الله عز وجل كي يخرجهما ممن تكونان فيه، فعدم وجود هذه الصفات في المسلمفهذا علامة على أن هذا المسلم يعيش برحمة من الله تعالى عامة وخاصة، فبرحمة اللهتعالى عليك تكون رحيماً على خلقه. واعلم بأن هاتين الصفتين مناقضتان للرحمة،فهذه دعوة للأمة للتخلي عن هاتين الصفتين لكي تكون مشمولة بالرحمة الكبرى من اللهعز وجل، ولأن كل مسلم مأمور بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لقول النبي صلى اللهعليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )، ولكن انظروا أحبة النبي صلى الله عليهوعلى آله وصحبه وسلم إذا كان قلبك مليئاً بالرحمة وليس فيه هاتان الصفتان فبمجرد ماأن تضع نية التغيير في قلبك، وبهمّك في تغيير المنكر سيعينك الله سبحانه وتعالى، فإذا كان قلبك مليئاً بالرحمة ستظهر على جوارحك وسيعينك على الدعوة ويجعل الاستجابةعلى يديك... إذاً:{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ } الذي عنده الرحمةستظهر عليه، وإن الله عز وجل جعل في النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رحمةوكان خلقه رحمة وبعثه رحمة تسع وتشمل كل مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، وهذه منحقائق النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لقول الله تعالى: { وَمَاأَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء/١٠٧، فالرحمة التي جعلهاالله عز وجل بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تشمل العالمين كلهم علىالإطلاق. وعندما يقول تبارك وتعالى: { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ} أيمن أراد بعدك أن يقتدي بك ويتمثل فيك بالدعوة يجب أن لا تكون فيه هاتين الصفتين،وعندما يقول تعالى:{ وَلَوْ كُنتَ } هو ما كانت كينونته على هذا، ولا يمكن أن تكونعلى هذا، ولكن إشارة إلى أن هذه الصفة يجب أن لا تكون بالنبي صلى الله عليه وعلىآله وصحبه وسلم ولا بالولي ولا بمن سيسيرون على طريقهما، لأنه إذا كانت في الداعيمن هاتين الصفتين ستكون النتيجة الانفضاض من حوله وعن دعوته، وانظر لكلمة { لاَنفَضُّواْ} وهذه أشدّ من التفرق، وهذا يعني أنك لن تجد من يسمع دعوتك بل العكسستجد من سيجابهك بدعوتك إن كانت بك هاتان الصفتان، لأنك بهذه الصفات لا يمكن أنتستطيع أن تـُدخل كلمة الحق بالقلوب وتجعلها تعمُر بالمحبة لك ولدعوتك بل ستجعلهاتعمُر بالكره لك ولدعوتك وتحاربها بكل الوسائل كي لا تقوم لها قائمة، انظر إلى هذاالتعليم الرباني لهذه الأمة في كيفية الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، واعلم بأنغلاظة القلب تعني كأن القلب مغلق، والقلب المغلق محجوب ويعمُره الجهل وعدم المعرفة والدراية وليس مشمولا باللطف والعناية، وكذلك الفظاظة فإنها حتى بلفظها ثقيلة علىالسمع وعلى النفس كيف ستقبل النفس أي كلام من رجل فظ؟ بل كما قلنا سيورث الكرهوالنفاق بمن يسمعه، فالحذر كل الحذر من هاتين الصفتين السيئتين. ...وللأسف الشديد كثير في زماننا الحالي وأسأل الله العظيم أن ينجي الأمةبكل زمان ومكان من هاتين الصفتين كثير من بهم هذه الصفات في زماننا الحالي وهذا سببوجيه في حال الإسلام اليوم الحال الذي لا يجب أن يكون الإسلام عليه، وهذه بمثابةالضربة القاسمة للإسلام، وهذا سبب نفور الغرب أو من هم ممن ليسوا على ديننا من الدخول في هذا الدين الحنيف لأنهم لا يرون صفة الداعي كما يدعو بل مغايرة ومعاكسةكل العكس عما يقول فكيف سيؤخذ منه؟ بل سينسب الكلام السيء حتى على الإسلام وعلىكلام الله سبحانه وتعالى وعلى سنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فالأولىعلى الدعاة إلا من رحم ربي إلى دعوة أنفسهم على مائدة حسن الخلق النبوي والأدبالرباني لأنه من الأولى أن يتخلق الداعي بأخلاق الله سبحانه وتعالى كي يستطيع أنيجمع الناس على الدعوة وعلى الإسلام ويكون سبباً في هداية غيره ويكون ممن جعلهمالله سبحانه وتعالى منجياً لخلقه ومنقذًا لهم من الضلالة. فإن من أراد أن يحملالرسالة يجب عليه أن يتحلى بالمرسل، هذه القاعدة كي يستطيع أن يبلغها وينشرها ويدعوالناس إليها وعليها. فالله عز وجل يقول للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبهوسلم ولمن بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِيهِيَ أَحْسَنُ } النحل/١٢٥، والله عز وجل يقول أيضا: { وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُوَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَوَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } فصلت/٣٤، انظر لهذه الصفة التيهي عكس الصفتين اللتين نتكلم عنهما، ما أجملها لو تحلـّـت بها الأمة والداعون إلىالله عز وجل خصوصاً. والله عز وجل يقول: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَبِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } النحل/١٢٥، وهذه أيضا عكس الصفتيناللتين نتكلم عنهما وهما فظاظة النفس وغلاظة القلب. فإذا تحلى الداعي بالمحبةوالحكمة والموعظة الحسنة ستكون بهذا الدعوة كاملة وستكون قد أديت ما عليك بالدعوة،فافهم هذا وسِرْ عليه وكوِّن نفسك وقلبك على هذا أو اذهب على من يحققها فيك من أهلالله تعالى العارفين الأكابر، تربى على أيديهم لكي تــُربي غيرك على يديك... نعود إلى الآية {لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} بالله عليك قل لي إذا لميكن أحد حولك فماذا إذاً تملك إلا طبعاً إذا أراد الله عز وجل أن يتم أمراً عندهوهذا راجع لله سبحانه وتعالى. والله عز وجل يقول في الآية: { فَاعْفُ عَنْهُمْوَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } انظر في هذه الآية ولا تمرعليها مر الذي لا يأبه لشيء ولا يلفته شيء فهذا من الجهل، فاعف عنهم هذه دعوة لكييكون المرء عفوٌ صاحب عفو، فالعفو عند المقدرة من الخُلق الحسن ومن الشهامة ومن قمةالرجولة، فكما أنك تحب العفو من الله سبحانه وتعالى فاعف عن غيرك، فإنك بالعفو عنالناس تملك قلوبهم وتعلو منزلتك عند الله سبحانه وتعالى وعند الناس. وهذه دعوة منالله عز وجل لإظهار صفات الخير التي فيك، فإن كل صفة فيك لا بدّ وأن تظهر عليك، فإنالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ملك العفو بالله سبحانه وتعالى وهو خير منيعفو ويعدل، فقد جاء رجل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو يُقسم غنائمإحدى المعارك فقال له اعدل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال النبي صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم له: ( ويحك من يعدل إن لم اعدل )، وَقِـس على ذلكمَن يعفُ إن لم أعفُ ؟ فالكل يأخذ العفو من النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبهوسلم، وإن َطلب العفو من الله من أعظم الدعاء، يدعو به الإنسان لله عز وجل، وقدسألت سيدتنا عائشة رضي الله تعالى عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: ( قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) . فالعفو يشمل كل شيء فمِن أسماء اللهسبحانه وتعالى (العفو) فيجب أن يتخلق به المسلم والداعي إلى الله سبحانه وتعالى،فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هو خير من تخلق بهذا الخلق الكريموالصحابة تخلقت بهذا وعلى الكل أن يتخلقوا بهذا الخلق الكريم . فهناك الكثير فيالسيرة الشريفة عن وقائع عفو النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ترى منهامظهر العفو النبوي وكيف كان يأمر الصحابة بهذا الخلق ويأمر الكل بهذا، فإن منالأسباب لمحبة الصحابة رضي الله تعالى عنهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبهوسلم لما رأوا فيه من كثر العفو، ولقد ظهر هذا الخلق بالنبي صلى الله عليه وعلى آلهوصحبه وسلم ظهور الشمس في كبد السماء، وأيضا خاطبه الله سبحانه وتعالى بالاستغفارلهم، هل هناك أجمل من هذا؟ يعفو عنهم ويستغفر لهم، فإن استغفار النبي صلى الله عليهوعلى آله وصحبه وسلم لهم رحمة ورفعة وعلو لهم، لذا قل لي أنت ماذا سيخرج منهم؟! لايخرج منهم إلا كل خير وعظمة، اعف عنهم واستغفر لهم لأنهم لا يعلمون وأنت الذي تعلم،فَسعهم بحلمك وحسن خلقك واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، انظر إلى هذا التكريم الذييريد الله سبحانه وتعالى من عباده أن يتعلموه ويطبقوه على من يعلمونهم ... وهنا إشارة حلوة وعظيمة وهي بمشورتك لهم وخصّهم بالمشورة بأن تشاورهم، هناتعلم كم أخذوا منك واستفادوا لأنهم سيتكلمون مما سمعوه وأخذوه عنك، فالمشورةتـــُظهــِر إن كان المستشار واعياً أو غير واع ٍ، فعندما ترى نظره لأي أمر ترىفكره وقدْره لأي أمر وصل، سبحانك إلهي ما أعظمك! أحبة النبي صلى الله عليه وعلىآله وصحبه وسلم إن هذه الآية جمعت من الأمور الكثير والتي يجب أن تكون في الإنسانوالداعي إلى الله عز وجل كما قلنا أن لا يكون فظا غليظ القلب، وكذلك العفو، وكذلكالاستغفار للمسلمين، وكذلك المشورة، وكذلك العزم، وكذلك التوكل على الله سبحانهوتعالى، وهذا كله لكي يعيش الإنسان في صفة الكمال ولا يخرج عنها. وقد ورداستغفار النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في عدة آيات كثيرة وعلى عظمة هذاالاستغفار وقدْره عند الله سبحانه تعالى، مثل قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُالرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } النساء/٦٤، وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُمُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الأنفال/٣٣، وكما قلنا هناك الآيات الكثيرةالدالة على استغفار النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للمسلمين والمؤمنين. وأيضا قوله تعالى: { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } فإنك بهذا تشعرهم بالمسؤوليةوتجعلهم يكونون على قدر هذا الأمر، وهذا أي المشورة تعظيم لهم لأن أهل المشورة همأعلى القوم، أهل العلم، وفي عدة مواقع كثيرة كان النبي صلى الله عليه وعلى آلهوصحبه وسلم يشاور أصحابه على عدة أمور مثل الخروج من المدينة أو البقاء فيها فيإحدى المعارك، وفي مسألة الأسرى في معركة بدر الكبرى، وفي كثير من الأمور كما قلنا،وهذا واجب على من يأتي بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ويكون على طريقومنهاج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الأقوم في الدعوة إلى الله سبحانهوتعالى. وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يشاورهم ويعلم حل الأمرولكن يريد أن يرى أثر تعليمه لهم إلى أي حد وصل... ومنهنا أقول أن هذه الرسالة هي بمثابة دعوة لتبيان كيفية الدعوة إلى الله سبحانهوتعالى، { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ ال | |
|