موقف العبدانية
أوقفني في العبدانية وقال لي أتدري متى تكون عبدي إذا رأيتك عبداً لي منعوتاً عندي بي لا منعوتاً بما مني ولا منعوتاً بما عني، هنالك تكون عبدي فإذا كنت هنالك كذلك كنت عبد الله وإذا كنت عبد الله لم يغب عنك الله، وإذا كنت منعوتاً بسوى الله غاب عنك الله فإذا خرجت من النعت رأيت الله فإن أقمت في النعت لم تر الله.
وقال لي العبدانية أن تكون عبداً بلا نعت فإن كنت بنعت اتصلت عبدانيتك بنعتك لا بي وإن اتصلت عبدانيتك بنعتك لا بي فأنت عبد نعتك لا عبدي.
وقال لي عبد خائف استمدت عبدانيته من خوفه، عبد راج استمدت عبدانيته من رجاء، عبد محب استمدت عبدانيته من محبته، عبد مخلص استمدت عبدانيته من إخلاصه.
وقال لي إذا استمد العبد من غير مولاه فمستمده هو مولاه دون مولاه وإذا لم يستمد من مولاه أبقى من مولاه، وإذا استمد من مولاه فقد أقدم على مولاه، فقف لي لتستمد مني ولا لتستمد من علمي ولا لتستمد منك تكن عبدي وتكن عندي وتفقه عني.
وقال لي ما طالبتك بعبدانية الملك عبدانية الملك لي وإنما طالبتك بعبدانية الوقوف بين يدي.
وقال لي قل لسريرتك تقف بين يدي لا بشيء ولا لشيء أجعل الملكوت الأكبر من وراءك وأجعل الملك الأعظم تحت رجليك.
وقال لي لا ترجع من هذا المقام فإليه تلجأ الخليقة في شدائد الدنيا والآخرة وإليه يلجأ من رآني ومن لم يرني ومن عرفني ومن لم يعرفني، فالواقفون فيه في الدنيا تعرفهم خزنة أبوابه فإذا جاءوه ولم يحل بينهم وبينه وبحسب ما وقفوا عنه في الدنيا توقفهم الخزنة بالأبواب من دونه.
وقال لي سيأتيك الحرف وما فيه وكل شيء ظهر فيه سيأتيك منه اسمي وأسمائي وفي اسمي واسمائي سري وسر إبدائي وسيأتيك منه العلم وفي العلم عهودي إليك ووصاياتي وسيأتيك منه السر وفي السر محادثتي لك وإيماني فسيدفعونك عنه فادفعهم عن نفسك.
وقال لي أنا مرسلهم إليك ابتلاء، وأنا مؤدنك بأني أرسلتهم اجتباء، وأنا معلمك كيف تعمل إذا ما أتوك اصطفاء.
وقال لي لا تدفعهم بمجاورة فلن تستطيع محاورة حق، وإنما تدفعهم بردهم ورد ما أتوا به إلي وتخلع قلبك منهم ومما أتوا به، لا تخلع ما أتوا به عن قلبك حتى تكون عندي لا عندهم هنالك حويتهم وما حووك وهنالك وسعتهم وما وسعوك.
وقال لي رب حاضر وقلب فارغ وكون غائب هذه صفة من أستحين منه.
وقال لي أقرر عيناً بما أشهدتك من النار أشهدتكما تسبحني وأشهدتكما تذكرني وأشهدتكما تعرفني وتفرغ مني وما أشهدك ذاك منها حتى أشهدتها ذام منك فأشهدتك منها مواقع ذكرى وأشهدتها منك مواقع نظري ما كنت لأجمع بين ذكرى ونظري في انتقامي.
موقف قف
أوقفني في قف وقال لي إذا قلت لك قف فقف لي لا لك ولا لأخاطبك ولا لآمرك ولا لتسمع مني ولا لما تعرف مني ولا لما لا تعرف مني ولا لأوقفني ولا ولياً عبد، قف لا لأخاطبك ولا تخاطبني بل أنظر إليك وتنظر إلي فلا تزل عن هذا الموقف حتى أتعرف إليك وحتى أخاطبك وحتى آمرك فإذا خاطبتك وإذا حادثتك فابك إن أردت علي البكاء وإن أردت على فوتي بخطابي وعلى فوتي بمحادثتي.
وقال لي إذا قلت لك قف فوقفت لا لخطابي عرفت الوقوف بين يدي وإذا عرفت الوقوف بين يدي حرمتك على سواي وإذا حرمتك على سواي كنت من أهل صيانتي.
وقال لي إذا عرفت كيف تقول إذا قلت لك قف لي فقد فتحت لك الباب إلي فلا أغلقه دونك أبداً وأذنت لك أن تدخله إلي فلا أمنعك أبداً، فإذا أردت الوقوف لي فاستعمل أدبي ولك أن تدخل متى شئت وليس لك أن تخرج إذا شئت، فإذا دخلت إلي فقف ولا تخرج إلا بمحادثتي وبتعرفي فما لم أحادثك وما لم أتعرف فأنت في المقام مقام الله وإذا تعرفت إليك فأنت في مقام المعرفة.
وقال لي إذا قلت لك قف لي فعرفت كيف تقف لي فلا تخرج عن مقامك ولو هدمت كل كون بيني وبينك فألحقك بالهدم، فاعرف هذا قبل أن تقف لي ثم قف لي فلا تخرج أو أتعرف إليك بما تعرف مني.
وقال لي لو جاءك في رؤيتي هدم السموات والأرض ما تزيلت ولو طاربك في غيبتي طائر بسرك ما ثبت، ذلك لتعلم قيوميتي بك واستيلائي عليك.
وقال لي أيهما تسألني الرؤية لا عن المسئلة أم الغيبة على المسئلة، الغيبة قاعدة ما بين وبينك في إظهارك.
وقال لي ألا تعلقت بي في الوارد كما تتعلق بي في صرفه.
وقال لي التعلق الأول بي والتعلق الثاني بك.
وقال لي التعلق بي في الوارد لا يصرفه لا لإقراره ولا لمكثه ولا لزواله.
وقال لي قل يا من أورده أشهدني ملكوت برك في ذكرك وأذقني حنان ذكرك في إشهادي فأرنيك مثبتاً حتى تقوم بي رؤيتك في إثباتك ووار عني ما ارتبط بالثبت مني ومنه وناجني من وراء ما أعلمتني حتى أكون باقياً بك فيما عرفتني وسر بي إليك عن قرار ما يستقر به وصفي بوصفي ونادني، يا عبد سقطت معرفة سواي فما ضرك ثبت تعرفي لك هو حسبك.
موقف المحضر والحرف
أوقفني في المحضر وقال لي الحرف حجاب والحجاب حرف.
وقال لي قف في العرش، فرأيت الحرم لا يسلكه النطق ولا تدخله الهموم ورأيت فيه أبواب كل شيء ورأيت الأبواب كلها ناراً للنار حرم لا يدخله إلا العمل الخالص فإذا دخله صار إلى الباب فإذا صار إلى الباب وقف فيه على المحاسبة ورأيت المحاسبة تفرد ما لوجه الله عما لسواه ورأيت الجزاء سواه ورأيت الخالص له ومن أجله يرفع من الباب إلى المنظر الأعلى فإذا رفع إليه كتب على الباب جاز الحساب.
وقال لي إن لم تأكل من يدي وتشرب من يدي لم تستو على طاعتي.
وقال لي إن لم تطعني لأجلي لم تستو على عبادتي.
وقال لي اطرح ذنبك تطرح جهلك.
وقال لي ذكرت ذنبك لم تذكر ربك.
وقال لي في الجنة من كل ما يحتمله الخاطر ومن ورائه أكبر منه، وفي النار من كل ما يحتمله الخاطر ومن ورائه أكبر منه.
وقال لي الذي يصدك عني في الدنيا هو الذي يصدك عني في الآخرة.
وقال لي أوقفت الحرف قدام الكون وأوقفت العقل قدام الحرف وأوقفت المعرقة قدام العقل وأوقفت الإخلاص قدام المعرفة.
وقال لي لا يعرفني الحرف ولا يعرفني ما عن الحرف ولا يعرفني ما في الحرف.
وقال لي وإنما خاطبت الحرف بلسان الحرف فلا اللسان شهدني ولا الحرف عرفني.
وقال لي النعيم كله لا يعرفني والعذاب كله لا يعرفني.
وقال لي لو عرفني النعيم انقطع بمعرفتي عن التنعيم، ولو عرفني العذاب انقطع بمعرفتين بمعرفتي عن التعذيب.
وقال لي رسول رحمة لا يحيط بمعرفتي ورسول عقوبة لا يحيط بمعرفتي.
وقال لي يبدو عليك البادي من جنس ما يستقر عليه.
وقال لي العلم المستقر هو الجهل المستقر.
وقال لي إنما توسوس الوسوسة في الجهل وإنما تخطر الخواطر في الجهل.
وقال لي أعدي عدو لك إنما يحاول إخراجك من الجهل لا من العلم.
وقال لي إن صدك عن العلم فإنما يصدك عنه ليصدك عن الجهل.
وقال لي الذين عندي لا يفهمون عن حرف هو يخاطبهم ولا يفهمون في حرف هو مكانهم ولا يفهمون عنه وهو علمهم، أشهدتهم قيامي بالحرف فرأوني قيماً وشهدوه جهة وسمعوا مني وعرفوه آلة.
وقال لي تحمل إلي ومعك ما عرفت وما أنكرت وما أخذت وما تركت فأسألك عن أجلي فتجب حجتي فأعفو برحمتي.
وقال لي الحرف مكانهم بما به بدا والحرف علمهم بما عنه بدا والحرف موقفهم بما له بدا.
وقال لي العارف يخرج مبلغه عن الحرف فهو مبلغه وإن كانت الحروف سترة.
وقال لي مبلغ العارف مستقره ومستقره هو الذي إن لم يكن به لم يسكن.
وقال لي الحرف لا يلج الجهل ولا يستطيعه.
وقال لي الحرف دليل العلم والعلم معدن الحرف.
وقال لي أصحاب الحروف محجوبون عن الكشوف قائمون بمعانيهم بين الصفوف.
وقال لي الحرف فج إبليس.
وقال لي بقي علم بقي الخطر، بقي قلب بقي خطر بقي عقل بقي خطر، بقي هم بقي خطر.
وقال لي معناك أقوى من السماء والأرض.
وقال لي معناك يبصر بلا طرف ويسمع بلا سمع.
وقال لي معناك لا يسكن الديار ولا يأكل من الثمار.
وقال لي معناك لا يجنه الليل ولا يسرح بالنهار.
وقال لي معناك لا تحيط به الألباب ولا تتعلق به الأسباب.
وقال لي هذا معناك أنا خلقته وهذه أوصافه أنا جعلته وهذه حليته أنا أثبته وهذا مبلغه أنا جوزته.
وقال لي أنا من ورائه ومن وراء ما عرفته، لا تعلمني علومه ولا تشهدني شواهده.
وقال لي إن لم أنتصر بك لم تثبت وإن لم تثبت لم أتعرف إليك.
وقال لي اذكرني تعرفي وانصرني تشهدني.
وقال لي أنا القريب فلا بيان قرب، وأنا البعيد فلا بيان بعد.
وقال لي أنا الظاهر لا كما ظهرت الظواهر، وأنا الباطن لا كما بطنت البواطن.
وقال لي قل عافني من معافاتك منك وحل بيني وبين ما يحول عنك ولا تذرني بمذاري الحروف في معرفتك ولا توقفني أبداً إلا بك.
وقال لي تعلم العلم لوجهي تصب الحق عندي.
وقال لي إذا أصبت الحق عندي أثنيت عليك بثنائي على نفسي.
وقال لي من تعرفت إليه توليت نعيمه بنفسي وتوليت عذابه بنفسي فأمددت النعيم من نعيمه وأمددت العذاب من عذابه.
وقال لي الاسم ألف معطوف.
وقال لي العلم من وراء الحروف.
وقال لي المحضر خاص ولكل خاص عام.
وقال لي الحضرة تحرق الحرف وفي الحرف الجهل والعلم ففي العلم الدنيا والآخرة وفي الجهل مطلع الدنيا والآخرة والمطلع مبلغ كل ظاهر وباطن والمبلغ محو في باد من بوادي الحضرة.
وقال لي الحرف لا يلج الحضرة وأهل الحضرة يعبرون الحرف ولا يقفون فيه.
وقال لي تستوحش تحت الأرض مما تستوحش منه فوق الأرض.
وقال لي أهل الحضرة ينفون الحرف مع ما فيه نفي الخواطر.
وقال لي إن لم تكن من أهل الحضرة جاءك الخاطر وكل السوى خاطر فلم ينفه إلا العلم وللعلم أضداد ولا تخلص إلا بالجهاد.
وقال لي لا جهاد إلا بي ولا علم إلا بي، فإن وقفت بي فأنت من أهل حضرتي.
وقال لي انظر إلى قبرك، إن دخل معك العلم دخل دخل معه الجهل وإن دخل معك العمل دخلت معه المحاسبة وإن دخل معك السوى دخل معه ضده من السوى.
وقال لي ادخل إلى قبرك وحدك تراني وحدي فلا تثبت لي مع سواي.
وقال لي إذا تعرفت إليك فاحذرني لا أجعل العذاب وما فيه في جارحة من جوارحك وارج فضلي في أضعاف ذلك في كرامتك.
وقال لي أهل الحضرة هم الذين عندي.
وقال لي الخارجون عن الحرف هم أهل الحضرة.
وقال لي الخارجون عن أنفسهم هم الخارجون عن الحرف.
وقال لي اخرج من العلم تخرج من الجهل واخرج من العمل تخرج من المحاسبة واخرج من الإخلاص تخرج من الشرك واخرج من الاتحاد إلى الواحد واخرج من الوحدة تخرج من الوحشة واخرج من الذكر تخرج من الغفلة واخرج من الشكر تخرج من الكفر.
وقال لي اخرج من السوى تخرج من الحجاب واخرج من الحجاب تخرج من البعد واخرج من البعد تخرج من القرب واخرج من القرب ترى الله.
وقال لي لو تعرفت إليك بمعارف السطوة فقدت العلم والحس.
وقال لي للمحضر أبواب عدد ما في السماء والأرض وهو باب من أبواب الحضرة.
وقال لي أول باب من أبواب الحضرة موقف المسئلة، أوقفك فأسألك فأعلمك فتجيب فتثبت بتعرفي وتعرف معارفك من لدني فتخبر عني.
وقال لي ما النار، قلت نور من أنوار السطوة، قال ما السطوة، قلت وصف من أوصاف العزة، قال ما العزة، قلت وصف من أوصاف الجبروت، قال ما الجبروت، قلت وصف من أوصاف الكبرياء، قال ما الكبرياء، قلت وصف من أوصاف السلطان، قلت ما السلطان، قلت وصف من أوصاف العظمة، قال ما العظمة، قلت وصف من أوصاف الذات، قال ما الذات، قلت ما الذات قلت أنت الله لا إله إلا أنت، قال قلت الحق، قلت أنت قولتني، قال لترى بينتي.
وقال لي الطبقة الأولى يعذبون بالسطوة والطبقة الثانية يعذبون بالعزة والطبقة الثالثة يعذبون بالجبروت والطبقة الرابعة يعذبون بالكبرياء والطبقة الخامسة يعذبون بالسلطان والطبقة السادسة يعذبون بالعظمة والطبقة السابعة يعذبون بالذات.
وقال لي أهل النار يأتيهم العذاب من تحتهم وأهل الجنة ينزل عليهم نعيمهم من فوقهم.
وقال لي ما الجنة، قلت وصف من أوصاف التنعيم، قال ما التنعيم، قلت وصف من أوصاف اللطف، قال ما اللطف، قلت وصف من أوصاف الرحمة، قال ما الرحمة، قلت وصف من أوصاف الكرم، قال ما الكرم، قلت وصف من أوصاف العطف، قال ما العطف، قلت وصف من أوصاف الود، قال ما الود، قال وصف من أوصاف الحب، قال ما الحب، قلت وصف من أوصاف الرضا، قال ما الرضا، قلت وصف من أوصاف الاصطفاء، قال ما الاصطفاء، قلت وصف من أوصاف النظر، قال ما النظر، قلت وصف من أوصاف الذات، قال ما الذات، قلت أنت الله، قال قلت الحق، قلت أنت قولتني، قال لترى نعمتي.
وقال لي الطبقة الأولى يتنعمون بالتنعيم والطبقة الثانية يتنعمون بالكرم والطبقة الثالثة يتنعمون بالعطف والطبقة الرابعة يتنعمون بالود والطبقة الخامسة يتنعمون بالحب والطبقة السادسة يتنعمون بالرضا والطبقة السابعة يتنعمون بالاصطفاء والطبقة الثامنة يتنعمون بالنظر.
وقال لي قد رأيت كيف يسري العذاب وكيف يسري النعيم وإلي يرجع الأمر كله فقف عندي تقف من وراء كل وصف.
وقال لي إن لم تقف وراء الوصف أخذك الوصف.
وقال لي إن أخذك الوصف الأعلى أخذك الوصف الأدنى.
وقال لي إن أخذك الوصف الأدنى فلا أنت مني ولا من معرفتي.
وقال لي أجللتك فاستخلفتك وعظمتك فاستعبدتك وكرمتك فعاينتك وأحببتك فابتليتك.
وقال لي نظرت إليك فناجيتك وأقبلت عليك فأمرتك وغرت عليك فنهيتك وأخلصتك لودي فعرفتك.
وقال لي القرآن يبني والأفكار تغرس.
وقال لي الحرف يسري حيث القصد جيم جنة جيم جحيم.
وقال لي إذا جاءني نطق الناطقين أثبته فيما به يطمئنون.
وقال لي إن آخذتك بذنب أخذتك بكل ذنب حتى أسألك عن رجع طرفك وعن ضمير قلبك.
وقال لي إن قبلت حسنة جعلت السيئات كلها حسنات.
وقال لي من أهل النار، قلت أهل الحرف الظاهر، قال من أهل الجنة، قلت أهل الحرف الباطن، قال ما الحرف الظاهر، قلت علم لا يهدي إلى عمل قال ما الحرف الباطن، قلت علم يهدي إلى حقيقة، قال ما العمل، قلت الإخلاص قال لي ما الحقيقة، قلت ما تعرفت به، قال لي ما الإخلاص، قلت لوجهك، قال ما التعرف، قلت ما تلقيه من قلوب أوليائك.
وقال لي القول الخالص موقوف على العمل والعمل موقوف على الأجل والأجل موقوف على الطمأنينة والطمأنينة موقوفة على الدوام.