زينب الكسنزاني مشرفة واحة الكسنزان
عدد الرسائل : 1071 العمر : 37 الموقع : العراق تاريخ التسجيل : 28/01/2008
| موضوع: مبحث صوفي ( الامام ) في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن عربي الأحد مايو 30, 2010 3:58 am | |
| [ مبحث صوفي ] : ( الإمام ) في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن عربي تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
يتعذر بحث ( الإمامة ) و ( الإمام ) على المستوى النظري والفكري ،
كما هو الحال في معظم مصطلحات الحاتمي .
السبب عائد إلى أن ( الإمامة ) نشأت وترعرعت في حمى السياسة ،
وكانت الباعث الأول و الأكبر على خلق الفرق والملل التي تشقق
إليها البنيان الإسلامي ، وهي أول حدث
اختلف فيه المسلمون بعد [ انتقال ] النبي .
والملاحظ إن أوائل المسلمين استعملوا كلمة إمام
و خلافة على الترادف ؛ لأن الشخص الذي يرتضونه إماماً
يبايعونه بالفعل نفسه خليفة . فالإمام هو الخليفة ،
وعند أهل السنة عامة الخليفة هو الإمام .
ولكن بعد الخلفاء الراشدين كثرت الفرق واستحال إرضاؤها ،
فالفرقة التي لم توفق بأن تجعل إمامها الذي تعتقد به خليفة
للمسلمين استمرت على اعتقادها بإمامها واتخذت عقيدتها إما تقية ،
وإما ذريعة للخروج على سلطان الدولة بالفتن والحروب .
وهكذا استطاعت نظرية ( الإمامة ) أن تفرض نفسها على
كتب علم الكلام أجمعها تقريباً بالنسبة لما يرمز إليه
صاحبها أي ( الإمام ) من فعالية سياسية ودينية .
وفي الوقت نفسه أثارت جدلاً بين أهل السنة والشيعة ؛
لأنه كما سبق وقلنا : إن أهل السنة يرتضون الخليفة القائم إماماً بصورة عامة
ولذلك لا نجد لهذه النظرية الأبعاد التي أخذتها في الفكر الشيعي .
لم يبق أمام الشيخ الأكبر إلا أن يوضح موقفه من
المشكلة التي عاصرت الإسلام منذ فجره حتى اليوم .
- يأخذ ابن عربي الإمامة بمعناها الشامل الواسع المطلق ،
أي : التقدم والتولية والتصرف ، دون أن يحدد شخص الإمام
أو أشخاص المأمومين ، فهي هنا مرتبة أو وظيفة وليست شخصاً معيناً،
وهو بهذا العرض للإمامة يبتعد عن الخوض بها ،
ولنتركه بنصوصه الواضحة هنا ، يبين ما أوجزناه :
يقول : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ،
فعمت الإمامة جميع الخلق ، فحصل لكل شخص منهم مرتبة الإمامة ...
ويتصرف بقدر ما ملكه الله من التصرف فيه » .
ويقول : « ما من إنسان إلا وهو مخلوق على الصورة ،
ولهذا عمت الإمامة جميع الأناسي ، والحكم في الكل واحد
من حيث ما هو إمام ، والملك يتسع ويضيق
ويقول : « كذلك هذه النشأة الإنسانية ... فيها أئمة كما فيها أمم ...
والروح الفكري إمام ، والروح العقلي إمام ، والروح المصور ،
والروح الخيالي ، والروح الوهمي : إمام والحواس أئمة ،
ولكل إمام من هذه الأئمة أمة ، والإمام الأكبر ... القلب ...
نلاحظ من النصوص السابقة أن كلمة الإمام أصبحت لفظاً
خالياً من قوته الرمزية إلى شخص الإمام المقصود ،
واكتفت بأن تنسب إلى ما تؤمه ، أي تحولت إلى اسم لا يعرف إلا بإضافته إلى مأموميه .
لا يظل ابن عربي على نظرته الشاملة إلى الإمامة ،
بل يذرها في أيدي العامة من قارئي كتبه ، ساتراً بها حقيقة رؤيته للإمامة .
ولكن لكي نفهم ( الإمامة ) و ( الإمام ) عنده ،
يجب ألا نتوقع بحثاً كلامياً في الإمامة كما جرت العادة ، بل رؤية صوفية .
فالإمامة هي الولاية نفسها بتعبير آخر ، والولاية عند الشيخ الأكبر عالم
قائم بذاته كالنبوة له مفرداته الخاصة وتعابيره الاصطلاحية :
1. أثبت ابن عربي في الزمن الواحد إمامين :
إمام ظاهر هو الخليفة الحاكم السياسي ( متفقاً في ذلك مع أهل السنة ) .
وإمام باطن هو الخليفة على الحقيقة .
ولكن هذين الإمامين لا تنافر بينهما بل يمد الثاني الأول ،
فالثاني هو ما يسمونه ( بالقطب ) و ( الغوث ) و ( صاحب الوقت ) .
2. وكما أن للولاية ختماً ، كذلك الإمامة تختم ( بالإمام الأكبر ) ...
وهذا الإمام الأكبر هو المهدي .
3. يوازن ابن عربي بين الولاية والإمامة حرفياً تقريباً
، فنجده يشير إلى أن ( الإمام الأعلى ) هو الله ،
كما سيرد أن ( الولي ) هو الله ...
أما النصوص التي تثبت ما أشرنا إليه فهي :
يقول : « إن الإمام هو الوالي فلا تكنِّي فإنني عالم بـما بدا منـي » .
ويقول : « إن الله تعالى ذكر الختم المكرم ، والإمام المتبوع المعظم ،
حامل لواء الولاية وخاتمها ، وإمام الجماعة وحاكمها …
فإن الإمام المهدي ، المنسوب إلى بيت
النبي ... إمام متبوع وأمر مسموع ...
ويقول : « الإمام الأكبر المتبع الذي إليه النهاية والمرجع
وتنعقد عليه أمور الأمة أجمع ، فكل إمام لا يخالف في إمامته
إذا ظهر بعلامته ، وكل إمام تحت أمر هذا الإمام الكبير ،
كما أنه [ الإمام الكبير ] تحت قهر القاهر القدير ، فهو الآخذ عن الحق ،
والمعطي بحق في حق ...
ويقول : « فإن الوالي على الحقيقة هو الله » . | |
|