الطريقه ..في القرآن الكريم
جاءت لفظة ( الطريقة ) سبع مرات في القرآن الكريم ، وبصيغ مختلفة ، دالةً في جميعها على معنى ( الطريق ) بشكل عام ، كما في قوله تعالى : ( إِذْ يَقولُ أَمْثَلُهُمْ طَريقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلّا يَوْماً)(سورة طه آيه 104)
وجاء هذا التعبير في آية واحدة مخصص بصيغة ( ال التعريف ) وذلك في آية الطريقة ، وهي قوله تعالى (وَأَلَّوِ اسْتَقاموا عَلى الطَّريقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً )( الجن آيه 16) مما يشير إلى أن مصطلح ( الطريقة ) في هذة الآية الكريمة يفيد معنى خاص ، أشار إليه القرآن العظيم في الكثير من آياته الكريمة .
إن لفظ ( الطريقة ) بالمعنى الخاص هو أحد المصطلحات القرآنية ، ولما كان القرآن الكريم بإجماع العلماء والمفسرين ( يفسر بعضه بعضاً ) فلا أسلم ولا أفضل من الاستعانة بآيات القرآن الكريم نفسها لتفهم دلالات هذا المصطلح .
فبالرغم من ورود هذه الكلمة - معرفة - مرة واحدة في القرآن الكريم إلا أن هناك إشارات ضمنية كثيرة تفيد المعنى الخاص ( الاصطلاحي ) لها في القرآن .
في قوله تعالى ( وَأَلَّوِ اسْتَقاموا عَلى الطَّريقَةِ ) جاءت كلمة الطريقة مرتبطة بفعل الاستقامة ، وهذا يعني أموراً منها :
1. إن الطريقة من قسم الأفعال ، وقد أكد ذلك حضرة الرسول الأعظم بقوله ( الطريقة أفعالي) .
2. إن معناها متضمن في كل آية قرآنية تتحدث عن الاستقامة .
وعلى هذا فإن معرفة المراد بالاستقامة في القرآن الكريم ، يؤدي بالضرورة إلى معرفة المعنى القرآني لمصطلح الطريقة . وعلى سبيل المثال :
إن قوله تعالى ( إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقاموا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنونَ )(الاحقاف آيه 13 ) لم يذكر فيه صراحة مصطلح ( الطريقة ) ، ولكنه أشار إليها ضمناً من خلال لفظة ( الاستقامة ) ، لأن حقيقة الاستقامة هي : ( الاستقامة على الطريقة ) كما بينته آية الطريقة .
والأمر نفسه ينطبق على قوله تعالى ( إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ...)(فصلت آيه 30 ) . وعلى كل موضع قرآني ذكر فيه لفظ ( الاستقامة ) أو أشير إليه ..
فمصطلح ( الطريقة ) هو طريق الاستقامة الذي أمر الله ـ عز وجل ـ بسلوكه للوصول إلى مرتبة ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .
ولكن ما حقيقة الاستقامة التي ارتبط بها مفهوم الطريقة ؟ وما طريق الاستقامة بالتحديد ؟
لقد بين القرآن الكريم معنى الاستقامة وحقيقتها في قوله ـ عز وجل ـ( فاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ )( سورة هودآيه 112) إذ تبين من نص الآية الكريمة أنها تعني الأوامر الإلهية التي يجب تطبيقها بكل دقة . وعلى هذا فالطريقة تعني : سلوك منهج التطبيق المتكامل والمثالي لتعاليم القرآن الكريم .
ولما كان حضرة الرسول الأعظم هو القدوة الحسنة للكل فقد كان أول من طبق نهج الاستقامة كاملة ، فكان بذلك أول سالك لنهج الطريقة في الإسلام ، وسار على أثره واتبعه في نهجه آل بيته الأطهار وصحابته الأبرار .
إذاً المراد بكلمة الطريقة :
طريق القرآن الكريم ، ونهج الرسول الأعظم وأهل بيته الأطهار وصحابته
الكرام ، أي الطريق المستقيم الذي ذكره الله تعالى في أول سورة في القرآن فقال سبحانه ( اهْدِنا الصِّراطَ الْمُسْتَقيمَ . صِراطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ )، أي : طريق الحق والهداية ، طريق الله الذي نعم وفاز في الدنيا والآخرة من استقام عليه .
ومن المهم الإشارة إلى أن ( أية الطريقة ) كما نسميها ، وردت ضمن سورة الجن ، في إشارة إلهية واضحة إلى أن الجن من خلق الله سبحانه وتعالى ، وأن الأمر باتباع الطريقة غير مقصور على البشر من الخلق فحسب وإنما يشمل الجن كذلك ، لأن الرسالة المحمدية عامة شاملة ليست محدودة الزمان أو المكان أو نوع الخلق ، يقول تعالى ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلّا رَحْمَةً لِلْعالَمينَ )(الانبياء 107 ) . فالطريقة منهج تعبدي كامل للجن والإنس ، يقول تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْأِنْسَ إِلّا ليَعْبُدونِ )( الذاريات آيه 56 ) .
هذه هي الطريقة في القرآن الكريم : المنهج المستقيم في تطبيق الأوامر الإلهية .
"""""""""""""""""""
موسوعة الكسنزان للسيد الشيخ محمد الكسنزان ( قدس الله سره العزيز)