منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:01 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله

05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
05 – متن فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.
و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق.
«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور. وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح.
ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها.
وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف.
قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته، و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.
ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.
فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما «3» لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»: و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه.
و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ» *: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون.
فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا. فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم «2» لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده
و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
05 – نقش فص حكمة مهيمنية في كلمة إبراهيمية :
لا بد مذن إثبات عين العبد وحينئذٍ يصح أن يكون الحق سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله .
فعم قواه وجوارحه بهويته على المعنى الذي يليق به وهذه نتيجة ح النوافل .
وأما حب الفرائض فهو أن يسمع الحق بك ويبصر بك .
والنوافل تسمع به وتبصر به .
فتدرك بالنوافل على قدر استعداد المحل .
وتدرك بالفرائض كل مدرك . فافهم .

الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
05 -  فك ختم الفص الابراهيمى

1 / 5 - والتنبيه على سره انما قرن الحكمة المهيمية بالكلمة الابراهيمية من أجل ان صفة التهيم تقتضي عدم الانحياز الى جهة تعينها وعدم امتياز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده ، وهذا هو مقام الخلة الاولى الحاصلة من عدم ارتفاع الحجب ، بخلاف الخلة الاخرى التي سألمع بسرها فيما بعد .

2 / 5 - فاما هذه الخلة الابراهيمية : فلها اولية الظهور بالصفات الإلهية الثبوتية بمعنى انه بحقيقته كسى الذات بالصفات.
ولهذه المناسبة ورد في الصحيح : ان اول من يكسى من الخلق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ، لأنه الجزاء الوفاق ، وله ظاهرية البرزخية الاولى ، وهو اول من كملت به كليات احكام الوجوب في مرتبة الإمكان ، فقابل كل حكم كلى منها بقابلية ظهر بها اثر ذلك الحكم الكلى في الوجود ، وهي الكلمات التي أتمهن ، فجيء عقب إتمامها بالامامة على الناس.

3 / 5 - واما الخلة الاخرى : في الخصيصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا حجاب معها لان مقتضى الاولى مقابلة تعينات مخصوصة من تعينات الحق المعبرعنها بالصفات وبقابليات ذاتية بها غيرية  هي لوازم حقيقة القابل .
بخلاف خلة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فان المقابلة فيها واقعة بين صفات ظاهرية الحق وبين صفات باطنية ، مع احدية العين التي هي الهوية الموصوفة بالظهور والبطون ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم اشبه الخلق بإبراهيم عليه السلام والمحيي لملته .
لان بالتحقيق بالهوية يحيى ويتعين الطرفان - وهما الظاهر والباطن - لأنه لا ظهور الا عن بطون متقدم فالاسم الباطن اول تعينات الهوية ، فثبت استنادهما إليها وتوقف تحققهما عليها
.
4 / 5 - وقد اخبر الخليل ونبينا عليهما السلام عن ذلك بلسان الرمز والاشارة ؛ فورد الاخبار النبوي : ان الناس اذا التجئوا الى الخليل يوم القيامة ان يشفع لهم . ويقولون : انت خليل الله اشفع لنا ، يقول لهم: انما كنت خليلا من وراء وراء ، واخبر نبينا صلى الله عليه وسلم ايضا : "ان الخلق يلجئون" تمام الحديث في صحيح المسلم ( باب الإيمان ص 71 مع شرح النووي )
قال صلى الله عليه وآله : يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : " يا أبانا استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله " قال: " فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما، فيأتون موسى فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك، فيأتون محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم، فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق ". قال: قلت: بأبي أنت وأمي، أي شيء كمر البرق؟ قال: (ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: يا رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا. وقال: " وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار ". والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعين خريفا» رواه مسلم.
قال صاحب التحرير : هذا كلمه على سبيل التواضع ، اي لست بتلك الدرجة الرفيعة ، اي ان المكارم التي اعطيتها كانت بوساطة سفارة جبرئيل ولكن ائتوا موسى فانه حصل له السماع الكلام بغير واسطة . قال وانما كرر - وراء وراء - لكون نبينا محمد صلى الله عليه وآله حصل له السماع بغير واسطة وحصل له الرؤية . فقال ابراهيم انا وراء موسى الذي هو وراء محمد . هذا كلام صاحب التحرير .
واما ضبط وراء وراء فالمشهور فيه الفتح فيهما بلا تنوين ، ويجوز عند اهل العربية بناؤهما على الضم ، وقد جرى في هذا كلام بين الحافظ ابى الخطاب ابن ديحة والامام الاديب ابن اليمن الكندي ، فراوهما ابن ديحة بالفتح وادعى الصواب .
فانكره الكندي وادعى ان الضم هو الصواب . وكذا قال ابو البقاء الصواب الضم .
لان تقديره : من وراء ذلك او من وراء شيء آخر . قال فإن صح الفتح قبل .
وقد افادني هذا الحرف الشيخ الامام ابو عبد الله محمد بن امية - ادام الله نعمه عليه - وقال : الفتح صحيح وتكون الكلمة مؤكدة - كشذر مذر وشغر بغر - وسقطوا بين بين فركبهما وبناهما على الفتح .
قال وإن ورد منصوباً منوناً جاز جوازاً جيداً . قلت : ونقل الجوهري في صحاحه عن الأخش انه يقال لقيته من وراء - مرفوع على الغاية - كقولك من قبل و من بعد .
قال وانشد الأخفش شعراً :
اذا انا لم او من عليك ولم يكن ....    لقاءك الا من وراء وراء
الى يوم القيامة حتى ابراهيم عليه السلام ، وكان آخر ما عين لنفسه من المقامات التي منحه الحق اياها مقام الخلة .
وذلك في آخر خطبته خطبها قبل موته بخمسة ايام وقال فيها بعد أن حمد الله واثنى عليه : ايها الناس ! انه قد كان لي فيكم أخوة واصدقاء ، واني أبرأ إلى الله أن اتخذ أحداً منكم خليلا : "ولو كنت متخذاً خليلا لاتخذت ابابكر خليلا " .

5 / 5 - ان الله قد اتخذني خليلا - كما اتخذ ابراهيم خليلا - اوتيت البارحة مفتاخ خزائن الأرض والسماء .
فكان ذلك تعريفاً من ه بأكمل احواله ومقاماته وسر ظهوره بحقيقته  البرزخية تماماً ، فإن البرزخية المذكورة وان ثبت لها الجمعية ، فإن الجمعية قد تحصل لمن يغلب عليه في جمعيته  طرف ظهور وسر ظهوره ولمن يغلب عليه في جمعيته طرف المبطلون ، وقد تحصل الجمعية لمن لا يغلب عليه طرف على طرف اصلا.

6 / 5 - واعلم اني وان كنت قد المعت بشيء من هذا في فك ختم الفص الآدمي ، فهذا هو تمام الأمر وروح القضية ، فأمعن النظر في ما ذكرته لك ، وكرر التأمل تستشرف على امر جليلة من جملتها : انه لما قرن شيخنا رضي الله عنه في ذكر مناسبة كل صفة الى نبى .
وبدأ بالمرتبة الجامعة للصفات وهي حضرة الالوهية وقرنها بآدم الذي له الكمال الأول في الحيطة والجمعية ، وتلاه بالعطايا الذاتية والاسمائية التي لها الأولوية في المصدرية ، وأورد  فيها بذكر الصفات التنزيهية المزيلة توهم الكشف المتعقلة في الأسماء من حيث تعقل من جمعها بذاته ، وكذلك الكثرة الموصوف بها العطايا .
7 / 5 - ليعلم ان الامر من حيث الحق امر واحد لا كثرة فيه ، وان الكثرة المتعلقة في الأسماء والعطايا منتشئة من القوابل وبدأ بذكر السبوحية ثم القدوسية لأمر بيانه ، وجب ان يذكر بعد صفات التنزيه السلبية أحكام الصفات الثبوتية ومراتبها واول مظاهرها الانسانية لتكميل مرتبة المعرفة بالذات ، فان السلوب لا تفيد معرفة تامة اصلا .
8 / 5 - فكان الخليل عليه السلام اول مرآة ظهرت بها أحكام الصفات الإلهية الثبوتية واول من حاز التخلق بها ، وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم التحقق بها ، والفرق بين التخلق والتحقق هو أن التخلق يحصل بالكسب والتعمل في التجلي بها ، فيكون صاحب التخلق محلا لأحكامها وهدفا لسهام آثارها والتحقق بها لا يصح إلا بمناسبة ذاتية .
تقتضي بان يكون المتحقق بها مرآة للذات .
والمرتبة الجامعة للصفات ترسم فيه جميع الأسماء والصفات ، ارتساما ذاتيا لا على سبيل المحاكاة للارتسام الإلهي فيه ، أعني بصاحب التحقق يظهر وينفذ آثار الصفات والأسماء في المتخلقين بها وغيرهم من المجالى ، الذين هم محال آثارها من الأناسي وغيرهم .

فاعلم ذلك ترشد إن شاء الله تعالى .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس سبتمبر 12, 2019 7:07 am عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:02 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله


الفقرة الثانية :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مقيمة في كلمة إبراهيمية
هذا نص الحكمة الإبراهيمية.
ذكره بعد حكمة إدريس عليه السلام، لأن حكمة إبراهيم عليه السلام التي ذكرها له هنا تحقیق معنى العلو الحقيقي المذكور في حكمة إدريس عليه السلام، فناسب ذكرها بعدها على معنى أن حكمة إبراهيم عليه السلام تحقق معنی حكمة إدريس فكأنها شرح لها .
(فص حكمة مهيمية) بصيغة اسم المفعول من الهيام وهو الدهشة في المحبة (في كلمة إبراهيمية).
إنما اختصت حكمة إبراهيم بالمهيمية، لأن حقيقته عليه السلام هامت في محبة الله تعالى، فوصلت من مقام المحبة إلى مقام الخلة بحيث صار عليه السلام يجد الحق تعالى الممسك له متخللا في كل جزء منه من حيث ما يجد هو لكمال الاستيلاء الرحماني على العالم الروحاني والجسماني لا من حيث ما هو عليه بالنسبة إلى نفسه العلية.
فإنه على ما هو عليه في أزله، وإبراهيم عليه السلام مخلوق حادث والمخلوق الحادث إذا شعر بالخالق القديم مستوليا عليه لا يشعر به إلا على حسب ظهوره له لا على ما هو في نفسه.
فإذا هام فيه كان هيامه من جهة ذلك الظهور المخصوص، والإيمان بالغيب المطلق يصحبه في جميع المواطن.
ولهذا قال عليه السلام لربه تعالی: "رب أرني كيف تحيي الموتى" طلبا لمعرفته تعالى من حيث استيلائه بالأفعال على خلقه.
فقال الله تعالى له في الجواب : "أولم تؤمن قال" يعني بالغيب المطلق الذي لا مناسبة بينك وبينه حتى تدر?ه فقال عليه السلام :" بلى ولكن ليطمئن قلبي"[البقرة : 260].
يعني بشهود ذلك على حسب ما يليق بي وإن لم يكن على حسب ما الأمر عليه في نفسه، فدله الله تعالى على ذلك بأخذ الأربعة من الطير إلى آخر الآية .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.  قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني .... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
(إنما سمي الخليل) إبراهيم عليه السلام (خليلا) كما قال الله تعالى : "واتخذ الله إبراهيم خليلا" [النساء: 125]، فهو خليل الله، والله خليله، لأنه من أسماء الإضافة، ولهذا نقول بأن محمدا صلى الله عليه حبيب الله وخليل الله أيضا.
لأنه عليه السلام قال: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر».رواه مسلم وابن حبان.
وإذا اتخذ ربه خليلا اتخذه ربه خليلا أيضا، إذ لا يمكن أن يكون أحدهما خليلا للآخر ولا يكون الآخر خليلا له.
ومن كمال ظهور الله تعالى في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان الاتخاذ من طرفه دون إبراهيم عليه السلام، فقال تعالى في إبراهيم: "واتخذ الله إبراهيم خليلا".
وقال صلى الله عليه وسلم عليه السلام عن نفسه: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر»، الحديث.
فقد تفاوت المظهران واختلفت الخلتان (لتخلله)، أي الخليل( وحصره)، أي جمعه في ظاهره وباطنه (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) من الصفات العلية والأسماء السنية والأفعال الكمالية والأحكام الجلالية والجمالية .
وهذا التخلل والحصر من إبراهيم عليه السلام لما ذكر كناية عن استيلاء الحق تعالی على إبراهيم عليه السلام  بجميع ما ذكر .
وقبول إبراهيم لذلك الاستيلاء في ظاهره وباطنه لا بطريق الحلول أو الاتحاد لأنهما لا يتصوران إلا بين موجودين .""بين معينين والله ليس بمعين فليس كمثله شيء"".
والمخلوق الحادث لا وجود له بالنسبة إلى الخالق القديم أصلا، وإنما وجوده بالخالق القديم لا معه إذ لا وجود له من نفسه حتى يكون له وجود معه، فلا التفات لما يقع في أفهام المحجوبين من أهل العلم الظاهر عند إطلاق نحو ما ذكرنا من العبارات، لأن ذلك الوهم مبني على القصور في الأفهام فلا اعتبار به .
(قال الشاعر) من العرب في إثبات ذ?ر معنى الخليل (قد تخللت)، أي استوليت مستقصية جميع (مسلك)، أي موضع سلوك (الروح) في الجسد (مني) ظاهرا وباطنا .
(وبذا) المعنى المذكور (سمي الخليل) المشتق من الخلة وهي زيادة المحبة (خليلا) فهو فعيل بمعنى مفعول (كما يتخلل اللون) الأسود والأحمر ونحو ذلك (في) الشيء (المتلون) بذلك اللون فإنه يستولي عليه.
بحيث لا يبقى منه جزء إلا وينصبغ به (فيكون العرض) الذي هو اللون مثلا (بحيث) يكون (جوهره) يعني على طبق حيثية جوهره من الكبر والصغر والطول والقصر (ما هو كالمكان) الذي يستقر عليه الشيء.
(والمتمكن) فيه فإنه لا يعم أعلاه وجوانبه بل أسفله فقط (أو) سمي الخليل خلية (لتخلل)، أي سريانه بطريق الاستيلاء (الحق) تعالى (في وجود صورة إبراهيم عليه السلام) في ظاهرها وباطنها، لأنه ممسكها ومكونها وهي طبق علمه وإرادته ولا وجود لها إلا به لا بنفسها فهو وجودها الذي هي موجودة به وهي في نفسها معدومة .
قال تعالى: "أفمن هو قائم على كل نفس بما ?سبت" [الرعد: 33]، وقيامه تعالى على كل نفس بما كسبت قیومیته تعالى للنفوس وإمساكه لها بوجوده الحق.
فإنه تعالى كما أخبر خلق السموات والأرض بالحق، والحق هو وجوده تعالى.
فقد خلق الأشياء بوجوده، فهو وجود الأشياء الذي هي موجودة به، والأشياء على ما هي عليه في نفسها من غير وجود آخر لها.
وليس هذا الكلام طعنا في وجود الحق تعالى أو نقصانا فيه، لأن المعلومات لا تحل في الموجود ولا يحل فيها، ولا تنقص من كماله إذ لا وجود لها من غيره حتى يغير من وجوده تعالی.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

الهيمان هو إفراط الحب الذاتي الساري في جميع الموجودات وكان هذا غالبا في روح إبراهيم عليه السلام لذلك طلب الحق في المظاهر النورية وأشار إلى شدة سريان المحبة الإلهية في وجوده عليه السلام .
وبين معنى الهيمان بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا) ,(لتخلله) أي لتخلل الخليل (وحصره) عطف تفسير (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) كما أن الذات الإلهية يحيط ويحصر جميع أسمائه وصفاته كذلك الخليل عليه السلام يحصر جميع الأسماء الإلهية لتجلي الحق له جميع أسمائه وصفاته واستشهد عليه بقول الشاعر :
(قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا)
وتخللت مسلك الروح مني  أي سريت أنت في وجودي وذاتي كسريان الروح الحيواني في جميع أجزاء البدن (وبه) وبهذا التخلل (سمي الخليل خليلا كما بتخلل اللون المتلون) بكسر الواو
(فی?ون العرض بحيث جوهره) أي في مكان جوهره بسبب سريان العرض في جميع أجزاء جوهره بحيث لا امتياز بينهما في الحسي .
(ما هو) أي ليس ذلك النخل (كالمكان والمتمكن) فيه فإنه لا تخلل فيه حسة وعقلا هذا إن كان إبراهيم عليه السلام محبوبا والحق محبا له .
فكان الهيمان وهو من زيادة المحبة الإلهية يتعلق بإبراهيم عليه السلام فكان تخلل إبراهيم عليه السلام جميع صفات الحق بمنزلة تخلل المحبوب إلى جميع أجزاء المحب.
وأما إن كان إبراهيم محبة والحق محبوبة له وقد أشار إليه بقوله :
(أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام) ولما بین ثبوت معنى التخلل من الطرفين لغة شرع في إثبانه فيهما بالدليل العقلي .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)


05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما سمي الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
وتخللت مسلك الروح مني    …. وبذا سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخليل الحق وجود صورة إبراهيم. و كل حكم بصح من ذلك، فإن لكل ح?م موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها وكلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق.
الحمد لله فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود. "وإليه يرجع الأمر كله " (هود: 123)
قلت : أما قوله، رضي الله عنه: إن إبراهيم، عليه السلام، يخلل الوجود الإلهي
فمعناه: أن إبراهيم هو جمع المعاني العدمية وبها اتصف الوجود بالكثرة مع كونه واحدا في نفسه.
وأما أن الحق تعالی بخلل حقيقة إبراهيم، فهو أظهرها في وجود ذاته من الوجه الذي هي فيه ذاتية له به منه فيه.
وقد تقدم معنى ذلك ويتكرر حتى يظهر إن شاء الله تعالى، وما أحسن استدلال الشيخ، رضي الله عنه، بقوله: «وإليه يرجع الأمر كله» (هود: 123) يعني محموده ومذمومه وهو، رضي الله عنه، غیر محتاج إلى الاستدلال لكن ذلك من أجل أهل الحجاب.
و مقام الخلة يثبت فيه الحق والعبد لكن يكون الحق فيه أظهر في شهود الشاهد، وفي هذا المقام


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فصّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيمية   
قد ذكرنا سبب إسناد حكمة التهيّم إلى كلمة إبراهيم عليه السّلام .
قال رضي الله عنه : « إنّما سمّي  خليلا ، لتخلَّله وحصره جميع ما اتّصف به الذات الإلهية" . قال الشاعر :
قد تخلَّلت مسلك الروح منّي   .....   وبه سمّي الخليل خليلا
يعني رضي الله عنه : لمّا قامت الصفات والأسماء الإلهية بإبراهيم ، وقام بحقّ مظهرياتها حقّ القيام ، فاتّصف بجميعها ، فتخلَّل حضراتها ، وسرت الصورة الإلهية بحقائقها في ذات إبراهيم وحقائقه فتخلَّلته ، وكذلك سرت المحبّة الإلهية الذاتية في جميع حقائقه ، وسرت محبّته أيضا في حقائق الحضرات ، فسمّي خليلا ، فعيلا بمعنى فاعل وبمعنى مفعول .
قال رضي الله عنه : « كما يتخلَّل اللون المتلوّن ، فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكَّن  .
قال العبد : إذا تداخل جسمان أو اجتمعا ، فإن كانا كثيفين كالمكان والمتمكَّن ، 
فلا سراية لأجزاء أحدهما في الآخر ، فلا تخلَّل ، وإن كان أحدهما لطيفا والآخر كثيفا ، سرى اللطيف في الكثيف ، وتخلَّله بحسب لطف اللطيف وتخلَّل أجزاء الكثيف وتناسبهما ، وإن اجتمع لطيفان وتناسبا في اللطف والرقّة ، كانت السراية أقوى والتخلَّل أشدّ وأوفى ، وإن اتّفق أن تكون معهما حرارة غريزية تناسبيّة في كل منهما لكل منهما ، ملزمة لانحلال أحدهما في الآخر وتخلَّله ، اشتدّ السريان وقوي التخلَّل ، فأدّى إلى اتّحاد هما بحيث يكونان شيئا واحدا لا يتميّز أحدهما عن الآخر ، وفي السراية والتخلَّل والاتّحاد يقع التفاوت بحسب قوّة اللطف والرقّة والمناسبة بين المتخلَّلين ، وهذا في الأجسام وفي الجواهر .
وأمّا الأعراض فإن كانت من اللوازم الجوهرية الذاتية ، فإنّها تكون بحيث جواهرها كالرطوبة والرقّة للماء ، والحرارة واليبوسة للنار ، وإن كان العرض غريبا ليس ذاتيّا للجوهر فبالوساطة الجوهرية الجامعة بينهما ، كتخلَّل اللون الغريب في جوهر غير ذي لون إنّما يكون بواسطة جوهر لطيف متلوّن بذلك اللون الغريب ، فيسري به اللطيف المتلوّن فيما لا لون له ، فإذا سرى اللطيف في جميع أجزائه وتشرّب الكثيف به وفارقه اللطيف ، بقي العرض الغريب في جوهر ما لا لون له ، فعاد متلوّنا بذلك اللون ، وكلّ هذا ضرب مثل لما من الحق في الخلق ولما للحق من الخلق ، وإذا كان الأمر في الأجسام على هذا الوجه ، ففي الروحانيات يكون أتمّ وأعمّ ، وكذلك الجواهر والأعراض ، وذلك بحسب القبول والتناسب والنفوذ .
وكذلك سريان أحكام الحقائق والمعاني والنسب بعضها في البعض بواسطة الوجود الجامع بينهما بحسب شدّة المناسبة وقوّة المحبّة بين المتخلَّل والمتخلَّل .
فلمّا ناسبت مظهرية الخليل عليه السّلام لتعيّن الحق فيه وبه من جميع الوجوه أو أكثرها بحسب مرتبته ومقام مظهريته للحق الذي هو ربّه ، سرى كلّ منهما في الآخر سراية كلَّية في إبراهيم في محبّة ربّه ، أو في ربّه ، فظهر في هوية إبراهيم إنّيّة الحق ، وكذلك يتخلَّل إبراهيم في الحضرات الإلهية ، فقام بجميع المظهريات الإلهية الأسمائية على الوجه الأتمّ ، وظهرت فيه وبه ومنه أيضا حقائق الحضرات بالظهور الأكمل الأعمّ ، فاتّخذه الله خليلا ، وهذه الخلَّة كسراية العرض بالجوهر اللطيف في الكثيف ، حتى يكون بحيث جوهره .
ونذكر قول الخليل عليه السّلام يوم القيامة ، حين يفزع الخلائق إليه في الشفاعة ، فيقولون له : أنت خليل الله اشفع لنا .
أو كما يقولون له ، فيقول : إنّما كنت خليلا من وراء وراء  ، والخلَّة المحمّدية أفضل وأكمل ، ونظيره سراية اللطيف المناسب في مثله لطافة ومناسبة بالحرارة المعتدلة ، الحبّية ، الملزمة لكمال تخلَّل أحدهما في الآخر ، وانحلاله ، حتى يرتفع التمايز ويتّحد الخليلان كما ينحلّ ويتخلَّل الأبوان في الصنعة وهما العيان والعروس المطهّران المثبتان المحلولان إذا مزجناهما على ميزان العدل ، وألزمناهما الطبخ الطبيعيّ ، فإنّهما ينحلّ كل منهما في الآخر انحلالا لا مفارقة بعده أبدا ، وينعقدان جوهرا واحدا ، فإذا التقيناه ذاب ذوبانا واحدا وعاص عوصا واحدا ، ولا يطير أحدهما دون الآخر ، فيكون أحدهما عين الآخر .
كما قال تعالى : " الله وَرَسُولُه ُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ُ "  فأفرد الضمير في الخبر المحمول بعد تثنية المبتدأ الموضوع ، وقال " من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله " وقال : « هذه يد الله » وأشار إلى يده " وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى " فافهم .
قال رضي الله عنه : " أو لتخلَّل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السّلام"
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق من حيث تعيّنه بوجوده في صورة إبراهيم -
يضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من صفات المخلوق ، ولا يتعدّى إليه في الصورة الإلهية الأزلية ، فإنّه تعالى أخبرنا إنّه ينادي ، ويمكر ، ويستهزئ ، ويسخر ، ويمرض ، ويجوع ، ويظمأ ، على لسان الصادق الذي " ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى " وذلك بظهوره وتعيّنه في إنّيّة العبد ، بوجوده الحقّ ، كما علمت ، فاذكر.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
5 -   فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما خصت الكلمة الإبراهيمية بالحكمة المهيمية ، لأن التهييم من الهيمان وهو شدة الوله الذي هو العشق بأن تجلى له الحق بجلال جماله .
أي بكمال الذات الأحدية بجميع الصفات مع بقاء حجاب أنيته ، فهام لقوة انحيازه إلى المحبوب من كل وجه .
فلا ينحاز إلى جهة تعينه وتقيده لما قبل من نور الذات جميع الصفات بقابلية العينية ، وهي معنى الخلة الدالة على تخلل المحبوب محبة وتخلق المحب بأخلاقه فإن إبراهيم خليل الله كان أول من كوشف بالذات.
ولو لا بقية قابليته لارتفع عنه الهيمان الموجب لتركه أباه وولده وماله ، ولتحقق بالأحدية الموهوبة لمحمد حبيب الله عليه الصلاة والسلام .
فإنه تبعه في الاتصاف بجميع الصفات مع  كشف الذات ، وسبقه بالتحقق بالأحدية الحقيقية بالبقاء بالحق بعد الفناء التام بارتفاع البقية دونه ، ولهذا ورد في الصحاح « إن أول ما يكسى من الخلق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام » فإنه أول من كملت به أحكام الوجوب في مرتبة الإمكان.
أي ظهر بالصفات الإلهية كلها مع بقاء القابلية العينية بخلاف الخلة المحمدية الموهوبة له كما ذكرها في خطبة قبل وفاته بخمسة أيام ، وقال فيها بعد حمد الله والثناء عليه « أيها الناس ، إنه قد كان لي فيكم أخوة وأصدقاء ، وإني أبرأ إلى الله أن أتخذ أحدا منكم خليلا ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء ».
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : اعلم أن التخلل عبارة عن السريان ، ومعنى سريان الحق في العبد وجود أثر ذاته وصفاته في وجود العبد مع كون الحق منزها بجميع صفاته عن هذا الكون ، لأن الاتحاد من كل الوجوه باطل عندهم ، فلما نزل الحق نفسه منزلة العهد فأثبت لنفسه ما هو من خواص عبده .
فقال : « مرضت وجعت ؟ »
علمنا أن المريض والجائع ليس صورة العبد ، بل هو الروح المتصف بصفات الله تعالى ، الظاهر في صورة العبد بالهيكل المحسوس المشاهد ، فما أثبت صفات المحدثات في الحقيقة لنفسه ، بل أثبت لأثر نفسه تنبيها على أنه واجب التعظيم فإنه ظل الله تعالى .
فاللَّه عظم ظله كما عظم نفسه فما قاله إلا تعظيما للعباد ، فمن عاده فقد عاد الحق ومن أشبعه فقد أشبع الحق على طريق " من أكرم عالما فقد أكرمني " وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره ، لأن كمال ظهور الحق فيه لا في غيره ، لذلك لا يثبت لنفسه صفات سائر المحدثات ، ومعنى سريان العبد في الحق إحاطته ؟
جميع ما اتصف به ذات الحق بحسب استعداده ، فانظر بنظر الإنصاف كيف عادت مسائل الفن بتوجيهنا إلى سيرتها الأولى سيرة الشريعة اهـ بالى . ""
"" قال تعالى : "لئن شكرتم لأزيدنكم" [إبراهيم 7] وفي الحديث : لم يشكرني من لم يشكر من أجريت النعمة على يديه "" رواه أبو نعيم في حلية حلية الاولياء وفتح القدير وفتح المنعم بشرح مسلم ونودار الأصول باحاديث الرسول.
فإنها المحبة التي لقب بها حبيب الله ، كما رمز إليه في الحديث « إن الناس إذا التجئوا يوم القيامة إلى الخليل أن يشفع لهم ، يقولون : أنت خليل الله اشفع لنا ، يقول لهم إنما كنت خليلا من وراء وراء » .
وفيه أيضا أن الناس يلتجئون إلى نبينا يوم القيامة حتى إبراهيم عليه السلام وأنه شفيع الكل ، وسرّ ذلك أن كل واحد من النبيين له مقام الجمعية الإلهية ، وهو مقام قاب قوسين أي جميع الصفات المبدئية والمعادية .
وامتاز محمد عليه الصلاة والسلام بالتحقق بالأحدية المشار إليه بأو أدنى ، لاستواء حكم الظاهر والباطن فيه فختمه بالأحدية ، وقد غلب على إبراهيم حكم الباطن فهام ، كما غلب على موسى حكم الظاهر فملك وعلا وقهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إنما سمى الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصف به الذات الإلهية ، قال الشاعر : قد تخللت مسلك الروح منى ....   وبذا سمى الخليل خليلا كما يتخلل اللون المتلون فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكن )
شبه اتصاف الذات بالصفات باتصاف الجوهر بالأعراض ، فإن حلول العرض في الجوهر حلول سريانى لشمول العرض جميع أجزاء الجوهر بحيث لا يخلو جزء ما منه ظاهرا أو باطنا ، بخلاف حلول المتمكن في المكان كسريان السواد في الجسم ، وهو تشبيه المعقول بالمحسوس للتفهيم ، وكذلك نفس التخلل في المحبة استعمال مبنى على التشبيه .
فإن اتصاف  العبد بصفة الحق وحصره جميع صفاته ليس تخللا بمعنى الامتزاج ، بل هو محو صفات العبد بتجلى الصفات الإلهية له ، وقيامه محق صفاته حتى يكون العبد مسمى بأسماء الله تعالى كما ذكر في حق إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهي الكلمات التي ابتلاه الله بهن فأتمهن ، فقال له – " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " - .
فمعنى الخلة بالحقيقة ، ظهوره بصورة الحق فيكون الحق سمعه وبصره وسائر قواه ، فبه يسمع العبد وبه يبصر وتسمى هذه المحبة حب النوافل ، لكون الصفات الزائدة على ذات العبد ، ففناؤه في الحق بها حب النوافل أي الزوائد كأنه تخلل حضرات الأسماء الإلهية فتقرب به بصفات نفسه ، فكساه الله تعالى صفاته أو بالعكس
لقوله رضي الله عنه : ( أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم ) عليه السلام وهو اتصاف الحق بصفات إبراهيم وصورته ، بأن يتعين بتعينه فيضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من الصفات ، فيفعل الله تعالى ما يفعل بإبراهيم ويسمع بسمعه ويرى بعينه وهو حب الفرائض ، إذ لا يوجد إبراهيم إلا به ضرورة انعدامه بنفسه .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
معنى يهيم : صاحبه مهيما. ومعنى الأول: فص معنى جعل صاحبه مهيما.
و الهيمان إنما يحصل من إفراط العشق، وهو من إفراط المحبة، وهي أصل الإيجاد وسببه، كما قال تعالى"كنت كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف" .
والهيمان - الدهشة المفرطة من شهود جلال الجمال والحيرة فيه، كما يحصل عند ورود المعشوق بغتة، أو من تجلى الأسماء الجلالية القهرية.
ونتيجته اندكاك جبل إنية السالك وقهر المجذوب صعقا. فبعض السالكين لفرط دهشتهم ومحبتهم، أو ضعفهم لعدم كمال استعدادهم، أو نقصان مزاجهم، لا يمكنهم الرجوع إلى مملكتهم، فيبقون مجذوبين مهيمين، لا يعرفون غير الله ولا يعرفهم غير الله لصدورالبهلولية عنهم في بعض الأحيان.
قال تعالى: "أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري". يشمل بعضهم العناية الإلهية بإعطاء الاستعداد بالفيض الأقدس ويرجعهم إلى مملكتهم محفوظا عليهم ظواهرهم كالجبال وهم يمرون مر السحاب.
ولايحصل ذلك إلا بحب الفرائض، وعشق النوافل و التخلق بأخلاق الله والفناء الصفاتي، كما أشار إليه بقوله: "كنت سمعه وبصره" , فيصير العبد لله أذن الله الواعية وعين الله الناظرة، فالله تعالى ينظر به ويسمع به ويبطش به..
وإنما تحصل المحبة من التجليات الواردة من حضرة الجمال المطلق، والهيمان من جلالها على الملائكة المهيمة والمجذوبين من الأناسي، ولكلمن الكمل المحبوبين أيضا نصيب منه، إما في بداية أمورهم كالجذبة
قبل السلوك، أو عند انتهائها كالجذبة بعده، فتلحقون بها إلى المقصد الأسنى ويدخلون في حكم المهيمين.
ولما كان إبراهيم، صلوات الله وسلامه عليه، أول من تجلى له الحق
بهويته الذاتية السارية في المظاهر الكونية كلها، وأول من خلع الله عليه صفاته الثبوتية الحقيقية من أولاد آدم، عليه السلام، بعد الفناء فيه والبقاء به - كما وردفي الخبر الصحيح: "أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم".
ليكون الآخر مطابق اللأول، ويحصل المجازاة له يوم الجزاء - وكان بعد مرتبة التنزيه والتقديس مرتبة التشبيه، وتجلى الذات الإلهية له في صور المظاهر موجبا للتشبيه، أورد هذه الحكمة عقبيهما، وقرن بينهما وبين كلمته، عليه السلام، لكونه مظهرا للعشق والخلة.
ومن شدة المحبة جعل يطلب في مظاهر الكواكب لظهور النورية فيها، ومن غلبة المحبة والهيمان قال: "لئن لم يهدني ربى لأكونن من الظالمين." أي، الحائرين في جمال الحق.
وعند كمال الهيمان فنى عن نفسه، وتجلى له الحق، فبقى بالحق في مقام الجمع والفرق، وأدركه في مظاهر سماوات الأرواح وأرض الأجسام والأشباح.
فقال: "إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض"
بتجليه الوجودي عليها وسريان ذاته فيها - (حنيفا مسلما) – فانيا عن الأفعال والصفات والذات في أفعاله وصفاته وذاته - (وما أنا من المشركين.) المثبتين للغير، لوجداني الذات الإلهية في صور جميع الأعيان بالكشف والعيان.
(إنما سمى الخليل خليلا، لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح منى  ..... وبه سمى الخليل خليلا)
أي، سمى الخليل خليلا لتخلله القلب والروح ، كما يسمى الخمر خمرا لتخميره العقل.
و (العقل) عقلا لتقييده وضبطه الأشياء.
وتخلله عبارة من سريانه في المظاهرالإلهية
والصفات الربوبية، كسريان هوية الحق فيها من حيث اسمه (اللطيف).
ولكون استعمال التخلل هنا مجازا، عطف على قوله: (وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية).
وهو الصفات الثبوتية الحقيقية الموجبة للتشبيه من الاسم (الظاهر) و(الباطن)، ليكون مثبتا للمراد.
والفرق بين خلته وخلة نبينا، صلوات عليهما- التي أثبتها لنفسه في آخر خطبة خطبها قبل وفاته بخمسة أيام وقال، بعد حمد الله والثناء عليه: "إنه قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء، وإني أبرء إلى الله أن اتخذ أحدا منكم خليلا . ولو كنت متخذا خليلا، لا تخذت أبا بكر خليلا. إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا. أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء" .
وكان ذلك تعريفا منه بأكمل أحواله ومقاماته - أن خلة إبراهيم، عليه السلام، كانت مستفادة من حيث الباطن من الخلة المحمدية الثابتة لحقيقته أولا وآخرا، كنبوته، بل نبوة جميع الأنبياء وكمالاتهم أيضا كذلك.
ومن تحقق أن روحه، عليه السلام، أبو الأرواح جميعا، لا يستغرب أن يكون كماله أصل جميع الكمالات.
فخلته ذاتية كنبوته، وخلة غيره عرضية كنبوته.
كما مر من أنغيره لا يكون نبيا إلا عند الاتصاف بالوجود الشهادي، وهو نبي حال كونهفي الغيب، لأن غيره ما دام في الغيب، محكوم بحكمه.
لذلك كان جميعهم تحتلوائه يوم القيامة، فإن الآخر مطابق للأول.
ولذلك قال حين التجاء الناس إليه وقالوا: اشفع لنا، فإنك خليل الله: (إنما كنت خليلا من وراء وراء). هذا منحيث المغايرة بينهما.
وأما من حيث أحدية عينهما وكون إبراهيم مظهرا منمظاهره الكلية، فالفرق بحسب المرتبة الكمالية الختمية، إذ كمال الخاتم للمقامأعلى وأرفع من كمال الغير الخاتم. والمراد بـ (الروح) في البيت المستشهد، الروح الحيواني الساري في جميع أجزاء البدن، أي: سريت في ذاتي وقلبي.
كسريان الروح الحيواني في مسالكه.
فأورد رضى الله عنه  مثالين: أحدهما عقلي، كقول الشاعر، لأن التخلل
عشق المحبوب مسالك الروح من المحب العاشق، وسريانه في جوهر ذاته أمرعقلي.
والآخر حسي، كقوله(كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن).
أي، تخلل الخليل، عليه السلام، الذات الإلهية بالاختفاء فيها والاتصاف بصفاتها، كما يتخلل اللون المتلون بسريانه في جميع أجزاء المتلون بحيث يكون هو هو في الحس.
ولا يفرق بينهما بالإشارة الحسية، فيكون مكانه عين مكان المتلون، ولا يكون بينهما امتياز في الحس، كالمكان والمتمكن.
و (الباء) في قوله: (بحيث) بمعنى (في). أي، يكون العرض في مكان جوهره لسريانه في جميع أجزاء الجوهر الذي هو المعروض.
و (ما) بمعنى (ليس.)والضمير الذي بعده عائد إلى (التخلل).
أي، ليس ذلك التخلل كتخلل جسم في جسم، ليكون أحدهما مكان الآخر، فيكون نسبة المتخلل إلى ما وقع فيه التخلل كنسبة المكان والمتمكن، فيلزم كون الحق ظرفا للتخليل، وفي عكسه حلول الحقفيه. وكلاهما باطلان.
بل كتخلل اللون المتلون. وشبه المعقول بالمحسوس تفهيما للطالبين، إذ كل ما وقع في الشهادة دليل على ما هو واقع في الغيب.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولتخلل الحق وجود صورة إبراهيم، عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك).
عطف على قوله: (لتخلله وحصره). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله، ولتخلل الحق بظهور الهوية وسريانها في وجود إبراهيم في الخارج وعينهفي العلم. وفي كل حكم يصح من ذلك الوجود من الصفات والكمالات اللازمة لتعينه.
والمراد بـ (الصورة) عينه الخارجي. وإنما تعرض تخلل الحق في علة التسمية، لأن تخلله، عليه السلام، اثر تخلله تعالى شأنه، إذ كل ما يظهر للعبدمن الأحوال والكمالات إنما هو من تجليه باسمه (الأول) و (الباطن) وإيجاده في القلوب، فيكون التخلل من هذا الطرف في مقابلة التخلل من ذلك الطرف ولكون علة التسمية ظاهرا تخلله، عليه السلام، قدمه في الذكر، ثم نبه بمبدأه.
والتخلل من إبراهيم، عليه السلام، نتيجة قرب النوافل، ومن الحق نتيجة قرب الفرائض.
وفي بعض النسخ: (أو لتخلل الحق). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله وجود الحق. أو لتخلل الحق وجوده.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

المهيمية أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالهيمان ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إبراهيم العلي لبلوغه مبلغا لا يدري أنه يخلل إبراهيم حضرات صفات الرب.
"الهيمان شدة العشق، وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أيه جهة كان، لا على التعيين وعدم امتیاز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده . كتاب نقد النصوص في شرح نقش الفصوص للجامي"
فصار الرب ظاهره متصلها بصفاته المحدثة باعتبار ظهوره فيه، أو تخلل الحق صفات إبراهيم فصار إبراهيم ظاهره متصفا بما يناسب صفاته القديمة، هذا كله باعتبار الصفات الظاهرة فقط، فجعل تارة للحق، وتارة لإبراهيم.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... و به سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان و المتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق الحق )
وأما ظهور الذات مع جميع الصفات فمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم فسمي لذلك حبيبا من حبه القلبي الجامع لسر الروح والنفس.
فهو إشارة إلى جمعيته للكل، ولم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:02 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مقيمة في كلمة إبراهيمية
هذا نص الحكمة الإبراهيمية.
ذكره بعد حكمة إدريس عليه السلام، لأن حكمة إبراهيم عليه السلام التي ذكرها له هنا تحقیق معنى العلو الحقيقي المذكور في حكمة إدريس عليه السلام، فناسب ذكرها بعدها على معنى أن حكمة إبراهيم عليه السلام تحقق معنی حكمة إدريس فكأنها شرح لها .
(فص حكمة مهيمية) بصيغة اسم المفعول من الهيام وهو الدهشة في المحبة (في كلمة إبراهيمية).
إنما اختصت حكمة إبراهيم بالمهيمية، لأن حقيقته عليه السلام هامت في محبة الله تعالى، فوصلت من مقام المحبة إلى مقام الخلة بحيث صار عليه السلام يجد الحق تعالى الممسك له متخللا في كل جزء منه من حيث ما يجد هو لكمال الاستيلاء الرحماني على العالم الروحاني والجسماني لا من حيث ما هو عليه بالنسبة إلى نفسه العلية.
فإنه على ما هو عليه في أزله، وإبراهيم عليه السلام مخلوق حادث والمخلوق الحادث إذا شعر بالخالق القديم مستوليا عليه لا يشعر به إلا على حسب ظهوره له لا على ما هو في نفسه.
فإذا هام فيه كان هيامه من جهة ذلك الظهور المخصوص، والإيمان بالغيب المطلق يصحبه في جميع المواطن.
ولهذا قال عليه السلام لربه تعالی: "رب أرني كيف تحيي الموتى" طلبا لمعرفته تعالى من حيث استيلائه بالأفعال على خلقه.
فقال الله تعالى له في الجواب : "أولم تؤمن قال" يعني بالغيب المطلق الذي لا مناسبة بينك وبينه حتى تدر?ه فقال عليه السلام :" بلى ولكن ليطمئن قلبي"[البقرة : 260].
يعني بشهود ذلك على حسب ما يليق بي وإن لم يكن على حسب ما الأمر عليه في نفسه، فدله الله تعالى على ذلك بأخذ الأربعة من الطير إلى آخر الآية .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.  قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني .... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
(إنما سمي الخليل) إبراهيم عليه السلام (خليلا) كما قال الله تعالى : "واتخذ الله إبراهيم خليلا" [النساء: 125]، فهو خليل الله، والله خليله، لأنه من أسماء الإضافة، ولهذا نقول بأن محمدا صلى الله عليه حبيب الله وخليل الله أيضا.
لأنه عليه السلام قال: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر».رواه مسلم وابن حبان.
وإذا اتخذ ربه خليلا اتخذه ربه خليلا أيضا، إذ لا يمكن أن يكون أحدهما خليلا للآخر ولا يكون الآخر خليلا له.
ومن كمال ظهور الله تعالى في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان الاتخاذ من طرفه دون إبراهيم عليه السلام، فقال تعالى في إبراهيم: "واتخذ الله إبراهيم خليلا".
وقال صلى الله عليه وسلم عليه السلام عن نفسه: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر»، الحديث.
فقد تفاوت المظهران واختلفت الخلتان (لتخلله)، أي الخليل( وحصره)، أي جمعه في ظاهره وباطنه (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) من الصفات العلية والأسماء السنية والأفعال الكمالية والأحكام الجلالية والجمالية .
وهذا التخلل والحصر من إبراهيم عليه السلام لما ذكر كناية عن استيلاء الحق تعالی على إبراهيم عليه السلام  بجميع ما ذكر .
وقبول إبراهيم لذلك الاستيلاء في ظاهره وباطنه لا بطريق الحلول أو الاتحاد لأنهما لا يتصوران إلا بين موجودين .""بين معينين والله ليس بمعين فليس كمثله شيء"".
والمخلوق الحادث لا وجود له بالنسبة إلى الخالق القديم أصلا، وإنما وجوده بالخالق القديم لا معه إذ لا وجود له من نفسه حتى يكون له وجود معه، فلا التفات لما يقع في أفهام المحجوبين من أهل العلم الظاهر عند إطلاق نحو ما ذكرنا من العبارات، لأن ذلك الوهم مبني على القصور في الأفهام فلا اعتبار به .
(قال الشاعر) من العرب في إثبات ذ?ر معنى الخليل (قد تخللت)، أي استوليت مستقصية جميع (مسلك)، أي موضع سلوك (الروح) في الجسد (مني) ظاهرا وباطنا .
(وبذا) المعنى المذكور (سمي الخليل) المشتق من الخلة وهي زيادة المحبة (خليلا) فهو فعيل بمعنى مفعول (كما يتخلل اللون) الأسود والأحمر ونحو ذلك (في) الشيء (المتلون) بذلك اللون فإنه يستولي عليه.
بحيث لا يبقى منه جزء إلا وينصبغ به (فيكون العرض) الذي هو اللون مثلا (بحيث) يكون (جوهره) يعني على طبق حيثية جوهره من الكبر والصغر والطول والقصر (ما هو كالمكان) الذي يستقر عليه الشيء.
(والمتمكن) فيه فإنه لا يعم أعلاه وجوانبه بل أسفله فقط (أو) سمي الخليل خلية (لتخلل)، أي سريانه بطريق الاستيلاء (الحق) تعالى (في وجود صورة إبراهيم عليه السلام) في ظاهرها وباطنها، لأنه ممسكها ومكونها وهي طبق علمه وإرادته ولا وجود لها إلا به لا بنفسها فهو وجودها الذي هي موجودة به وهي في نفسها معدومة .
قال تعالى: "أفمن هو قائم على كل نفس بما ?سبت" [الرعد: 33]، وقيامه تعالى على كل نفس بما كسبت قیومیته تعالى للنفوس وإمساكه لها بوجوده الحق.
فإنه تعالى كما أخبر خلق السموات والأرض بالحق، والحق هو وجوده تعالى.
فقد خلق الأشياء بوجوده، فهو وجود الأشياء الذي هي موجودة به، والأشياء على ما هي عليه في نفسها من غير وجود آخر لها.
وليس هذا الكلام طعنا في وجود الحق تعالى أو نقصانا فيه، لأن المعلومات لا تحل في الموجود ولا يحل فيها، ولا تنقص من كماله إذ لا وجود لها من غيره حتى يغير من وجوده تعالی.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

الهيمان هو إفراط الحب الذاتي الساري في جميع الموجودات وكان هذا غالبا في روح إبراهيم عليه السلام لذلك طلب الحق في المظاهر النورية وأشار إلى شدة سريان المحبة الإلهية في وجوده عليه السلام .
وبين معنى الهيمان بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا) ,(لتخلله) أي لتخلل الخليل (وحصره) عطف تفسير (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) كما أن الذات الإلهية يحيط ويحصر جميع أسمائه وصفاته كذلك الخليل عليه السلام يحصر جميع الأسماء الإلهية لتجلي الحق له جميع أسمائه وصفاته واستشهد عليه بقول الشاعر :
(قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا)
وتخللت مسلك الروح مني  أي سريت أنت في وجودي وذاتي كسريان الروح الحيواني في جميع أجزاء البدن (وبه) وبهذا التخلل (سمي الخليل خليلا كما بتخلل اللون المتلون) بكسر الواو
(فی?ون العرض بحيث جوهره) أي في مكان جوهره بسبب سريان العرض في جميع أجزاء جوهره بحيث لا امتياز بينهما في الحسي .
(ما هو) أي ليس ذلك النخل (كالمكان والمتمكن) فيه فإنه لا تخلل فيه حسة وعقلا هذا إن كان إبراهيم عليه السلام محبوبا والحق محبا له .
فكان الهيمان وهو من زيادة المحبة الإلهية يتعلق بإبراهيم عليه السلام فكان تخلل إبراهيم عليه السلام جميع صفات الحق بمنزلة تخلل المحبوب إلى جميع أجزاء المحب.
وأما إن كان إبراهيم محبة والحق محبوبة له وقد أشار إليه بقوله :
(أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام) ولما بین ثبوت معنى التخلل من الطرفين لغة شرع في إثبانه فيهما بالدليل العقلي .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)


05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما سمي الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
وتخللت مسلك الروح مني    …. وبذا سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخليل الحق وجود صورة إبراهيم. و كل حكم بصح من ذلك، فإن لكل ح?م موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها وكلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق.
الحمد لله فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود. "وإليه يرجع الأمر كله " (هود: 123)
قلت : أما قوله، رضي الله عنه: إن إبراهيم، عليه السلام، يخلل الوجود الإلهي
فمعناه: أن إبراهيم هو جمع المعاني العدمية وبها اتصف الوجود بالكثرة مع كونه واحدا في نفسه.
وأما أن الحق تعالی بخلل حقيقة إبراهيم، فهو أظهرها في وجود ذاته من الوجه الذي هي فيه ذاتية له به منه فيه.
وقد تقدم معنى ذلك ويتكرر حتى يظهر إن شاء الله تعالى، وما أحسن استدلال الشيخ، رضي الله عنه، بقوله: «وإليه يرجع الأمر كله» (هود: 123) يعني محموده ومذمومه وهو، رضي الله عنه، غیر محتاج إلى الاستدلال لكن ذلك من أجل أهل الحجاب.
و مقام الخلة يثبت فيه الحق والعبد لكن يكون الحق فيه أظهر في شهود الشاهد، وفي هذا المقام


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فصّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيمية   
قد ذكرنا سبب إسناد حكمة التهيّم إلى كلمة إبراهيم عليه السّلام .
قال رضي الله عنه : « إنّما سمّي  خليلا ، لتخلَّله وحصره جميع ما اتّصف به الذات الإلهية" . قال الشاعر :
قد تخلَّلت مسلك الروح منّي   .....   وبه سمّي الخليل خليلا
يعني رضي الله عنه : لمّا قامت الصفات والأسماء الإلهية بإبراهيم ، وقام بحقّ مظهرياتها حقّ القيام ، فاتّصف بجميعها ، فتخلَّل حضراتها ، وسرت الصورة الإلهية بحقائقها في ذات إبراهيم وحقائقه فتخلَّلته ، وكذلك سرت المحبّة الإلهية الذاتية في جميع حقائقه ، وسرت محبّته أيضا في حقائق الحضرات ، فسمّي خليلا ، فعيلا بمعنى فاعل وبمعنى مفعول .
قال رضي الله عنه : « كما يتخلَّل اللون المتلوّن ، فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكَّن  .
قال العبد : إذا تداخل جسمان أو اجتمعا ، فإن كانا كثيفين كالمكان والمتمكَّن ، 
فلا سراية لأجزاء أحدهما في الآخر ، فلا تخلَّل ، وإن كان أحدهما لطيفا والآخر كثيفا ، سرى اللطيف في الكثيف ، وتخلَّله بحسب لطف اللطيف وتخلَّل أجزاء الكثيف وتناسبهما ، وإن اجتمع لطيفان وتناسبا في اللطف والرقّة ، كانت السراية أقوى والتخلَّل أشدّ وأوفى ، وإن اتّفق أن تكون معهما حرارة غريزية تناسبيّة في كل منهما لكل منهما ، ملزمة لانحلال أحدهما في الآخر وتخلَّله ، اشتدّ السريان وقوي التخلَّل ، فأدّى إلى اتّحاد هما بحيث يكونان شيئا واحدا لا يتميّز أحدهما عن الآخر ، وفي السراية والتخلَّل والاتّحاد يقع التفاوت بحسب قوّة اللطف والرقّة والمناسبة بين المتخلَّلين ، وهذا في الأجسام وفي الجواهر .
وأمّا الأعراض فإن كانت من اللوازم الجوهرية الذاتية ، فإنّها تكون بحيث جواهرها كالرطوبة والرقّة للماء ، والحرارة واليبوسة للنار ، وإن كان العرض غريبا ليس ذاتيّا للجوهر فبالوساطة الجوهرية الجامعة بينهما ، كتخلَّل اللون الغريب في جوهر غير ذي لون إنّما يكون بواسطة جوهر لطيف متلوّن بذلك اللون الغريب ، فيسري به اللطيف المتلوّن فيما لا لون له ، فإذا سرى اللطيف في جميع أجزائه وتشرّب الكثيف به وفارقه اللطيف ، بقي العرض الغريب في جوهر ما لا لون له ، فعاد متلوّنا بذلك اللون ، وكلّ هذا ضرب مثل لما من الحق في الخلق ولما للحق من الخلق ، وإذا كان الأمر في الأجسام على هذا الوجه ، ففي الروحانيات يكون أتمّ وأعمّ ، وكذلك الجواهر والأعراض ، وذلك بحسب القبول والتناسب والنفوذ .
وكذلك سريان أحكام الحقائق والمعاني والنسب بعضها في البعض بواسطة الوجود الجامع بينهما بحسب شدّة المناسبة وقوّة المحبّة بين المتخلَّل والمتخلَّل .
فلمّا ناسبت مظهرية الخليل عليه السّلام لتعيّن الحق فيه وبه من جميع الوجوه أو أكثرها بحسب مرتبته ومقام مظهريته للحق الذي هو ربّه ، سرى كلّ منهما في الآخر سراية كلَّية في إبراهيم في محبّة ربّه ، أو في ربّه ، فظهر في هوية إبراهيم إنّيّة الحق ، وكذلك يتخلَّل إبراهيم في الحضرات الإلهية ، فقام بجميع المظهريات الإلهية الأسمائية على الوجه الأتمّ ، وظهرت فيه وبه ومنه أيضا حقائق الحضرات بالظهور الأكمل الأعمّ ، فاتّخذه الله خليلا ، وهذه الخلَّة كسراية العرض بالجوهر اللطيف في الكثيف ، حتى يكون بحيث جوهره .
ونذكر قول الخليل عليه السّلام يوم القيامة ، حين يفزع الخلائق إليه في الشفاعة ، فيقولون له : أنت خليل الله اشفع لنا .
أو كما يقولون له ، فيقول : إنّما كنت خليلا من وراء وراء  ، والخلَّة المحمّدية أفضل وأكمل ، ونظيره سراية اللطيف المناسب في مثله لطافة ومناسبة بالحرارة المعتدلة ، الحبّية ، الملزمة لكمال تخلَّل أحدهما في الآخر ، وانحلاله ، حتى يرتفع التمايز ويتّحد الخليلان كما ينحلّ ويتخلَّل الأبوان في الصنعة وهما العيان والعروس المطهّران المثبتان المحلولان إذا مزجناهما على ميزان العدل ، وألزمناهما الطبخ الطبيعيّ ، فإنّهما ينحلّ كل منهما في الآخر انحلالا لا مفارقة بعده أبدا ، وينعقدان جوهرا واحدا ، فإذا التقيناه ذاب ذوبانا واحدا وعاص عوصا واحدا ، ولا يطير أحدهما دون الآخر ، فيكون أحدهما عين الآخر .
كما قال تعالى : " الله وَرَسُولُه ُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ُ "  فأفرد الضمير في الخبر المحمول بعد تثنية المبتدأ الموضوع ، وقال " من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله " وقال : « هذه يد الله » وأشار إلى يده " وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى " فافهم .
قال رضي الله عنه : " أو لتخلَّل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السّلام"
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق من حيث تعيّنه بوجوده في صورة إبراهيم -
يضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من صفات المخلوق ، ولا يتعدّى إليه في الصورة الإلهية الأزلية ، فإنّه تعالى أخبرنا إنّه ينادي ، ويمكر ، ويستهزئ ، ويسخر ، ويمرض ، ويجوع ، ويظمأ ، على لسان الصادق الذي " ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى " وذلك بظهوره وتعيّنه في إنّيّة العبد ، بوجوده الحقّ ، كما علمت ، فاذكر.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
5 -   فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما خصت الكلمة الإبراهيمية بالحكمة المهيمية ، لأن التهييم من الهيمان وهو شدة الوله الذي هو العشق بأن تجلى له الحق بجلال جماله .
أي بكمال الذات الأحدية بجميع الصفات مع بقاء حجاب أنيته ، فهام لقوة انحيازه إلى المحبوب من كل وجه .
فلا ينحاز إلى جهة تعينه وتقيده لما قبل من نور الذات جميع الصفات بقابلية العينية ، وهي معنى الخلة الدالة على تخلل المحبوب محبة وتخلق المحب بأخلاقه فإن إبراهيم خليل الله كان أول من كوشف بالذات.
ولو لا بقية قابليته لارتفع عنه الهيمان الموجب لتركه أباه وولده وماله ، ولتحقق بالأحدية الموهوبة لمحمد حبيب الله عليه الصلاة والسلام .
فإنه تبعه في الاتصاف بجميع الصفات مع  كشف الذات ، وسبقه بالتحقق بالأحدية الحقيقية بالبقاء بالحق بعد الفناء التام بارتفاع البقية دونه ، ولهذا ورد في الصحاح « إن أول ما يكسى من الخلق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام » فإنه أول من كملت به أحكام الوجوب في مرتبة الإمكان.
أي ظهر بالصفات الإلهية كلها مع بقاء القابلية العينية بخلاف الخلة المحمدية الموهوبة له كما ذكرها في خطبة قبل وفاته بخمسة أيام ، وقال فيها بعد حمد الله والثناء عليه « أيها الناس ، إنه قد كان لي فيكم أخوة وأصدقاء ، وإني أبرأ إلى الله أن أتخذ أحدا منكم خليلا ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء ».
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : اعلم أن التخلل عبارة عن السريان ، ومعنى سريان الحق في العبد وجود أثر ذاته وصفاته في وجود العبد مع كون الحق منزها بجميع صفاته عن هذا الكون ، لأن الاتحاد من كل الوجوه باطل عندهم ، فلما نزل الحق نفسه منزلة العهد فأثبت لنفسه ما هو من خواص عبده .
فقال : « مرضت وجعت ؟ »
علمنا أن المريض والجائع ليس صورة العبد ، بل هو الروح المتصف بصفات الله تعالى ، الظاهر في صورة العبد بالهيكل المحسوس المشاهد ، فما أثبت صفات المحدثات في الحقيقة لنفسه ، بل أثبت لأثر نفسه تنبيها على أنه واجب التعظيم فإنه ظل الله تعالى .
فاللَّه عظم ظله كما عظم نفسه فما قاله إلا تعظيما للعباد ، فمن عاده فقد عاد الحق ومن أشبعه فقد أشبع الحق على طريق " من أكرم عالما فقد أكرمني " وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره ، لأن كمال ظهور الحق فيه لا في غيره ، لذلك لا يثبت لنفسه صفات سائر المحدثات ، ومعنى سريان العبد في الحق إحاطته ؟
جميع ما اتصف به ذات الحق بحسب استعداده ، فانظر بنظر الإنصاف كيف عادت مسائل الفن بتوجيهنا إلى سيرتها الأولى سيرة الشريعة اهـ بالى . ""
"" قال تعالى : "لئن شكرتم لأزيدنكم" [إبراهيم 7] وفي الحديث : لم يشكرني من لم يشكر من أجريت النعمة على يديه "" رواه أبو نعيم في حلية حلية الاولياء وفتح القدير وفتح المنعم بشرح مسلم ونودار الأصول باحاديث الرسول.
فإنها المحبة التي لقب بها حبيب الله ، كما رمز إليه في الحديث « إن الناس إذا التجئوا يوم القيامة إلى الخليل أن يشفع لهم ، يقولون : أنت خليل الله اشفع لنا ، يقول لهم إنما كنت خليلا من وراء وراء » .
وفيه أيضا أن الناس يلتجئون إلى نبينا يوم القيامة حتى إبراهيم عليه السلام وأنه شفيع الكل ، وسرّ ذلك أن كل واحد من النبيين له مقام الجمعية الإلهية ، وهو مقام قاب قوسين أي جميع الصفات المبدئية والمعادية .
وامتاز محمد عليه الصلاة والسلام بالتحقق بالأحدية المشار إليه بأو أدنى ، لاستواء حكم الظاهر والباطن فيه فختمه بالأحدية ، وقد غلب على إبراهيم حكم الباطن فهام ، كما غلب على موسى حكم الظاهر فملك وعلا وقهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إنما سمى الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصف به الذات الإلهية ، قال الشاعر : قد تخللت مسلك الروح منى ....   وبذا سمى الخليل خليلا كما يتخلل اللون المتلون فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكن )
شبه اتصاف الذات بالصفات باتصاف الجوهر بالأعراض ، فإن حلول العرض في الجوهر حلول سريانى لشمول العرض جميع أجزاء الجوهر بحيث لا يخلو جزء ما منه ظاهرا أو باطنا ، بخلاف حلول المتمكن في المكان كسريان السواد في الجسم ، وهو تشبيه المعقول بالمحسوس للتفهيم ، وكذلك نفس التخلل في المحبة استعمال مبنى على التشبيه .
فإن اتصاف  العبد بصفة الحق وحصره جميع صفاته ليس تخللا بمعنى الامتزاج ، بل هو محو صفات العبد بتجلى الصفات الإلهية له ، وقيامه محق صفاته حتى يكون العبد مسمى بأسماء الله تعالى كما ذكر في حق إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهي الكلمات التي ابتلاه الله بهن فأتمهن ، فقال له – " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " - .
فمعنى الخلة بالحقيقة ، ظهوره بصورة الحق فيكون الحق سمعه وبصره وسائر قواه ، فبه يسمع العبد وبه يبصر وتسمى هذه المحبة حب النوافل ، لكون الصفات الزائدة على ذات العبد ، ففناؤه في الحق بها حب النوافل أي الزوائد كأنه تخلل حضرات الأسماء الإلهية فتقرب به بصفات نفسه ، فكساه الله تعالى صفاته أو بالعكس
لقوله رضي الله عنه : ( أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم ) عليه السلام وهو اتصاف الحق بصفات إبراهيم وصورته ، بأن يتعين بتعينه فيضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من الصفات ، فيفعل الله تعالى ما يفعل بإبراهيم ويسمع بسمعه ويرى بعينه وهو حب الفرائض ، إذ لا يوجد إبراهيم إلا به ضرورة انعدامه بنفسه .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
معنى يهيم : صاحبه مهيما. ومعنى الأول: فص معنى جعل صاحبه مهيما.
و الهيمان إنما يحصل من إفراط العشق، وهو من إفراط المحبة، وهي أصل الإيجاد وسببه، كما قال تعالى"كنت كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف" .
والهيمان - الدهشة المفرطة من شهود جلال الجمال والحيرة فيه، كما يحصل عند ورود المعشوق بغتة، أو من تجلى الأسماء الجلالية القهرية.
ونتيجته اندكاك جبل إنية السالك وقهر المجذوب صعقا. فبعض السالكين لفرط دهشتهم ومحبتهم، أو ضعفهم لعدم كمال استعدادهم، أو نقصان مزاجهم، لا يمكنهم الرجوع إلى مملكتهم، فيبقون مجذوبين مهيمين، لا يعرفون غير الله ولا يعرفهم غير الله لصدورالبهلولية عنهم في بعض الأحيان.
قال تعالى: "أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري". يشمل بعضهم العناية الإلهية بإعطاء الاستعداد بالفيض الأقدس ويرجعهم إلى مملكتهم محفوظا عليهم ظواهرهم كالجبال وهم يمرون مر السحاب.
ولايحصل ذلك إلا بحب الفرائض، وعشق النوافل و التخلق بأخلاق الله والفناء الصفاتي، كما أشار إليه بقوله: "كنت سمعه وبصره" , فيصير العبد لله أذن الله الواعية وعين الله الناظرة، فالله تعالى ينظر به ويسمع به ويبطش به..
وإنما تحصل المحبة من التجليات الواردة من حضرة الجمال المطلق، والهيمان من جلالها على الملائكة المهيمة والمجذوبين من الأناسي، ولكلمن الكمل المحبوبين أيضا نصيب منه، إما في بداية أمورهم كالجذبة
قبل السلوك، أو عند انتهائها كالجذبة بعده، فتلحقون بها إلى المقصد الأسنى ويدخلون في حكم المهيمين.
ولما كان إبراهيم، صلوات الله وسلامه عليه، أول من تجلى له الحق
بهويته الذاتية السارية في المظاهر الكونية كلها، وأول من خلع الله عليه صفاته الثبوتية الحقيقية من أولاد آدم، عليه السلام، بعد الفناء فيه والبقاء به - كما وردفي الخبر الصحيح: "أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم".
ليكون الآخر مطابق اللأول، ويحصل المجازاة له يوم الجزاء - وكان بعد مرتبة التنزيه والتقديس مرتبة التشبيه، وتجلى الذات الإلهية له في صور المظاهر موجبا للتشبيه، أورد هذه الحكمة عقبيهما، وقرن بينهما وبين كلمته، عليه السلام، لكونه مظهرا للعشق والخلة.
ومن شدة المحبة جعل يطلب في مظاهر الكواكب لظهور النورية فيها، ومن غلبة المحبة والهيمان قال: "لئن لم يهدني ربى لأكونن من الظالمين." أي، الحائرين في جمال الحق.
وعند كمال الهيمان فنى عن نفسه، وتجلى له الحق، فبقى بالحق في مقام الجمع والفرق، وأدركه في مظاهر سماوات الأرواح وأرض الأجسام والأشباح.
فقال: "إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض"
بتجليه الوجودي عليها وسريان ذاته فيها - (حنيفا مسلما) – فانيا عن الأفعال والصفات والذات في أفعاله وصفاته وذاته - (وما أنا من المشركين.) المثبتين للغير، لوجداني الذات الإلهية في صور جميع الأعيان بالكشف والعيان.
(إنما سمى الخليل خليلا، لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح منى  ..... وبه سمى الخليل خليلا)
أي، سمى الخليل خليلا لتخلله القلب والروح ، كما يسمى الخمر خمرا لتخميره العقل.
و (العقل) عقلا لتقييده وضبطه الأشياء.
وتخلله عبارة من سريانه في المظاهرالإلهية
والصفات الربوبية، كسريان هوية الحق فيها من حيث اسمه (اللطيف).
ولكون استعمال التخلل هنا مجازا، عطف على قوله: (وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية).
وهو الصفات الثبوتية الحقيقية الموجبة للتشبيه من الاسم (الظاهر) و(الباطن)، ليكون مثبتا للمراد.
والفرق بين خلته وخلة نبينا، صلوات عليهما- التي أثبتها لنفسه في آخر خطبة خطبها قبل وفاته بخمسة أيام وقال، بعد حمد الله والثناء عليه: "إنه قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء، وإني أبرء إلى الله أن اتخذ أحدا منكم خليلا . ولو كنت متخذا خليلا، لا تخذت أبا بكر خليلا. إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا. أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء" .
وكان ذلك تعريفا منه بأكمل أحواله ومقاماته - أن خلة إبراهيم، عليه السلام، كانت مستفادة من حيث الباطن من الخلة المحمدية الثابتة لحقيقته أولا وآخرا، كنبوته، بل نبوة جميع الأنبياء وكمالاتهم أيضا كذلك.
ومن تحقق أن روحه، عليه السلام، أبو الأرواح جميعا، لا يستغرب أن يكون كماله أصل جميع الكمالات.
فخلته ذاتية كنبوته، وخلة غيره عرضية كنبوته.
كما مر من أنغيره لا يكون نبيا إلا عند الاتصاف بالوجود الشهادي، وهو نبي حال كونهفي الغيب، لأن غيره ما دام في الغيب، محكوم بحكمه.
لذلك كان جميعهم تحتلوائه يوم القيامة، فإن الآخر مطابق للأول.
ولذلك قال حين التجاء الناس إليه وقالوا: اشفع لنا، فإنك خليل الله: (إنما كنت خليلا من وراء وراء). هذا منحيث المغايرة بينهما.
وأما من حيث أحدية عينهما وكون إبراهيم مظهرا منمظاهره الكلية، فالفرق بحسب المرتبة الكمالية الختمية، إذ كمال الخاتم للمقامأعلى وأرفع من كمال الغير الخاتم. والمراد بـ (الروح) في البيت المستشهد، الروح الحيواني الساري في جميع أجزاء البدن، أي: سريت في ذاتي وقلبي.
كسريان الروح الحيواني في مسالكه.
فأورد رضى الله عنه  مثالين: أحدهما عقلي، كقول الشاعر، لأن التخلل
عشق المحبوب مسالك الروح من المحب العاشق، وسريانه في جوهر ذاته أمرعقلي.
والآخر حسي، كقوله(كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن).
أي، تخلل الخليل، عليه السلام، الذات الإلهية بالاختفاء فيها والاتصاف بصفاتها، كما يتخلل اللون المتلون بسريانه في جميع أجزاء المتلون بحيث يكون هو هو في الحس.
ولا يفرق بينهما بالإشارة الحسية، فيكون مكانه عين مكان المتلون، ولا يكون بينهما امتياز في الحس، كالمكان والمتمكن.
و (الباء) في قوله: (بحيث) بمعنى (في). أي، يكون العرض في مكان جوهره لسريانه في جميع أجزاء الجوهر الذي هو المعروض.
و (ما) بمعنى (ليس.)والضمير الذي بعده عائد إلى (التخلل).
أي، ليس ذلك التخلل كتخلل جسم في جسم، ليكون أحدهما مكان الآخر، فيكون نسبة المتخلل إلى ما وقع فيه التخلل كنسبة المكان والمتمكن، فيلزم كون الحق ظرفا للتخليل، وفي عكسه حلول الحقفيه. وكلاهما باطلان.
بل كتخلل اللون المتلون. وشبه المعقول بالمحسوس تفهيما للطالبين، إذ كل ما وقع في الشهادة دليل على ما هو واقع في الغيب.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولتخلل الحق وجود صورة إبراهيم، عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك).
عطف على قوله: (لتخلله وحصره). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله، ولتخلل الحق بظهور الهوية وسريانها في وجود إبراهيم في الخارج وعينهفي العلم. وفي كل حكم يصح من ذلك الوجود من الصفات والكمالات اللازمة لتعينه.
والمراد بـ (الصورة) عينه الخارجي. وإنما تعرض تخلل الحق في علة التسمية، لأن تخلله، عليه السلام، اثر تخلله تعالى شأنه، إذ كل ما يظهر للعبدمن الأحوال والكمالات إنما هو من تجليه باسمه (الأول) و (الباطن) وإيجاده في القلوب، فيكون التخلل من هذا الطرف في مقابلة التخلل من ذلك الطرف ولكون علة التسمية ظاهرا تخلله، عليه السلام، قدمه في الذكر، ثم نبه بمبدأه.
والتخلل من إبراهيم، عليه السلام، نتيجة قرب النوافل، ومن الحق نتيجة قرب الفرائض.
وفي بعض النسخ: (أو لتخلل الحق). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله وجود الحق. أو لتخلل الحق وجوده.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

المهيمية أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالهيمان ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إبراهيم العلي لبلوغه مبلغا لا يدري أنه يخلل إبراهيم حضرات صفات الرب.
"الهيمان شدة العشق، وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أيه جهة كان، لا على التعيين وعدم امتیاز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده . كتاب نقد النصوص في شرح نقش الفصوص للجامي"
فصار الرب ظاهره متصلها بصفاته المحدثة باعتبار ظهوره فيه، أو تخلل الحق صفات إبراهيم فصار إبراهيم ظاهره متصفا بما يناسب صفاته القديمة، هذا كله باعتبار الصفات الظاهرة فقط، فجعل تارة للحق، وتارة لإبراهيم.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... و به سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان و المتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق الحق )
وأما ظهور الذات مع جميع الصفات فمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم فسمي لذلك حبيبا من حبه القلبي الجامع لسر الروح والنفس.
فهو إشارة إلى جمعيته للكل، ولما
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:04 pm

الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية :الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فصّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيميّة
فإنّ الهيمان هو شدّة العطش والوله .
ثمّ إنّ الوحدة الشخصيّة والأحكام الامتيازيّة التي بها تتعيّن الحقائق منها ما يحيط بتلك الحقائق إحاطة المكان بالمتمكَّن - بدون أن يكون بينهما امتزاج أو تحصل منهما هيأة وحدانيّة ، للاختلال بجهة المناسبة وفقدان كمال الجمعيّة الموجب لذلك الامتزاج والاتّحاد - كالمفارقات والبسائط المجردة .
وبيان ذلك : أنّ المجرّدات لعدم استيعابها التحقّق بسائر الأسماء فإنّها الجمعيّة القاضية بالمناسبة بينها وبين أصل التعيّن ومبدئه ، فلذلك إنّما أفيض عليهم ضرب من التعيّنات التي لا امتزاج لها بالمتعيّن - امتزاج التخلَّل والاختلاط ، كما في الأعراض السارية في الجواهر ، بل امتزاج الملاقاة والإحاطة ، كما للمكان بالنسبة إلى المتمكَّن .
وذلك لما عرفت من أنّ التعيّن الخارجي هو ثمرة ذلك الأصل وظلّ شجرته ، فبحسب ظهور المناسبة يقع الامتزاج ، وكمال تلك المناسبة مفقودة لديهم ، فلذلك إنّما اختلط التعيّن بهم اختلاط تمايز وتفرقة ، على ما لوّح إليه عقد العقل .
وبيّن أنّه إذا كان كذلك لا يقع مداركهم من ذلك الأصل إلَّا على حدوده ونهاياته ، ولذلك إنّما يدرك من الحقّ أوصافه العدميّة .
ومنها ما يختلط ويتخلَّل اختلاط الأعراض السارية في أجزائها ، الممتزجة بها كل الامتزاج ، كالمركَّبات الماديّة المنتهي أمر تمامها إلى القلب الإنساني ، وبذلك يستأهل أن يدرك من الحقّ أوصافه الثبوتيّة ، ويجمع بين التنزيه والتشبيه حاصرا للكلّ ، به يستحقّ لأن يحمد الله ويعرفه بالأوصاف الثبوتيّة والمتحقّق بذلك هو إبراهيم ، فإنّ من قبله من الأنبياء إنّما هم المسبّحون فقط.
وتمام تحقيق هذا الكلام : أنّ الكامل ما لم يترقّ عن مفترق المتقابلين - الذي هو منتهى مدارج النوع الإنساني ، وهو الذي يقال له « قاب قوسين » - كما مرّ غير مرّة - هو في طيّ أحدهما بالضرورة ، فالوحدة عنده هو الذي  في مقابله الكثرة ، والتنزيه هو الذي في مقابله التشبيه - إلى غير ذلك .
فأمّا إذا فاز بالوصول إلى مدارج الورثة الختميّة ، وبلغ إلى مقام الوحدة الحقيقية التي انطوى عندها ثنويّة المتقابلين ، فهو لا ينحجب بأحد المتقابلين عن الآخر ، بل إنّما يشهد كلَّا منهما في الآخر .
وجه اختصاص إبراهيم بالخلَّة
ومن فهم هذا عرف سبب اختصاص شهود القرب من الله بالخاتم وأهله وعلم وجه تصدير الفصّ هذا بالتخلَّل الذي هو سبب التسمية فإنّه لما كان إبراهيم هو أوّل من وفّى بمقتضى الحقيقة الإنسانيّة وفاز بالكمال الجمعيّ ، وتحقّق بالمقام القلبي ، وبه أسّس بنيان بيت الكمال الختمي ورفع قواعده ، سمّي خليلا .
وأشار إلى ذلك بقوله : ( إنّما سمّي خليلا لتخلَّله وحصره جميع ما اتّصفت به الذات الإلهيّة - قال الشاعر :
وتخلَّلت مسلك الروح منّي   .... وبه سمّي الخليل خليلا
كما يتخلَّل اللون المتلوّن ) فإنّ في القلب بإزاء كلّ اسم جزء يقابله ويظهر - هو به - ظهور الجوهر بالعرض - ( فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكَّن ) ، فإنّ حلوله فيه ليس حلول السريان ، بل إنّما امتزاجها بحسب الحدود والنهايات فقط .
قرب النوافل
وهذا التخلَّل المذكور هو المسمّى بـ « قرب النوافل » لما ورد في الصحيح:
"لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحببته ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ".
فإنّ مؤدّى تقرّب العبد إلى الحقّ بالنوافل والزوايد من الأوصاف والأفعال - متدرّجا فيها إلى أن ينتهي إلى حبّ الله الواحد بالوحدة الحقيقيّة له - إنّما هو الحصر المذكور ، على ما لوّح عليه "الحبّ " .
كما أنّ كون الحقّ عين سمع العبد وساير قواه مشعر بالتخلَّل الاستيعابيّ الإحاطيّ مطلقا .
وإنّما سمّى بقرب النوافل ، لأنّ الإدراك فيه إنّما نسب إلى العبد ، فإنّ ضمير « يسمع » إنّما يرجع إليه ، فهو القريب ، والعبد - من حيث هو عبد - زائد في الوجود نافل .
( أو  لتخلَّل الحقّ وجود صورة إبراهيم ) ، فإنّ إبراهيم عليه السلام لتحقّقه بالصفات الوجوديّة اكتسب صورته وجودا به يستعدّ للتخلَّل المذكور ، ولذلك قال :
" وجود صورة إبراهيم " بزيادة قيد « الوجود » وهو المسمّى بقرب الفرائض لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « إنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده » ، لأنّ الإدراك وسائر الأوصاف إنّما هو للحقّ في هذا القرب ، ووجود الحقّ مقطوع به ، والفرض : القطع - لغة - .
وملخّص هذا الكلام : أنّ الكمال الجمعي الذي هو موطن تحقّق إبراهيم - كما أشير إليه - إنّما يقتضي إثبات عين العبد مع الحق ضرورة ، وحينئذ يتحقّق نسبة القرب .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا بتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية ؛ قال الشاعر :)

بسم الله الرحمن الرحيم
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

إنما خص الحكمة المهيمية بالكلمة الإبراهيمية لأن التهييم من الهيمان وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أي جهة كان لا على التعيين .
وهذه الصفة تحققت أولا في الملائكة المهيمين تجلى لهم الحق سبحانه في جلال جماله فهاموا فيه وغابوا عن سوى الحق حتى عن أنفسهم.
وثانيا من كمل الأنبياء في إبراهيم عليه السلام حيث غلب عليه محبة الحق حتى تبرأ عن أبيه في الحق وعن قومه وتصدى لذبح ابنه في سبيل الله .
وخرج عن جميع ماله مع كثرته المشهورة لله سبحانه ، وإنما قرنها بالحكمة القدوسية، لأنه وجب أن يذكر بعد الصفات التنزيهية السلبية أحكام الصفات النبوية ومراتبها.
وأول مظاهرها : الإنسانية، لت?میل مرتبة المعرفة بالذات فإن السلوب لا تفيد معرفة تامة أصلا.
وكان الخليل عليه السلام أول مرآة ظهرت بها أحكام الصفات الإلهية الثبوتية.
وأول من حاز التخلق بها، فله أولية الظهور بالصفات الإلهية الثبوتية بمعنى أنه بحقيقته كسائر الذات بالصفات.
وهذه المناسبة ورد في الصحيح أن أول من ي?سی يوم القيامة من الخلق إبراهيم عليه السلام ، لأنه الجزاء الوفاق. رواه البخاري ومسلم وغيرهم
(إنما سمي الخليل) يعني إبراهيم عليه السلام (خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) .
والمراد بتخلله الصفات الإلهية وحصرها إياها دخوله حضراتها وقيامه بمظهریانها واستيعابه إياها بحيث لا يشذ شيء منها بشرط أن تكون ظهور تلك الصفات فيه علی وجه يكون على جهة الإطلاق.
والحقية فيها غالبة على جهة التشييد والخلقية ، واستشهد لما ذكره من التخلل على وجه الاستيعاب وفي وجه التسمية بها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.)
قال الشاعر بشار بن برد  :( قد تخللت مسلك الروح مني)، أي دخلت من حيث محبتك جميع مسالك روحي من القوى والأعضاء بحيث لم يبق شيء منها لم يصل إليه (وبه) أي بسبب هذا التخلل (سمي الخلیل) كائنا من كان (خليلا).
ثم لما كان التخلل المذكور في وجه التسمية أمرا معقولا مثله في صورة محسوسة، ولم يكتف بالتمثيل العقلي المفهوم من البيت المستشهد به توضيحا للطالبين.
فقال : (كما بتخلل اللون) الذي هو عرض (المتلون) الذي هو جوهر يحل فيه ذلك العرض حلول السريان (فيكون)، أي بوجد (العرض بحيث) يوجد (جوهره) الذي هو قائم به حال فيه .فلا يحل جزء من أجزاء الجوهر من العرض فيستغرق العرض جميع أجزائه .
(ما هو)، أي ليس ذلك التخلي المماثل لتختل اللون المتلون (كالمكان والمتمكن)، أي كالتخلل الواقع بين المكان والمتمكن بأن يكون بين سطحيهما تماس من غير امتزاج واستيعاب.
وإنما نفى الشيخ رضي الله عنه مماثلة تخلل العبد وجود الحق و صفاته عن تداخل المتمكن المكان مع أن الحق سبحانه كما أنه منزه عن أن يكون بذاته وصفة ظرفا لشيء أو مظروفا له .
كذلك منزه عن أن يحل شيء أو يحله شيء حلول السريان، لأن المقصود من هذا التمثيل تصویر كمال الإحاطة والاستيعاب.
وهو في الصورة الأولى لا الثانية (أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم) أي صورته الوجودية الروحانية أو الجمسانية الدنيوية والأخروية .

وفي بعض النسخ و لتخلل الحق بالواو وقالوا وبناء على أنه عليه السلام جامعا بين التخللین , او بناء على أن أحدهما يكفي في وجه التسمية.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:05 pm

الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربيموسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل حكم) حكمنا به في سبب تسمية إبراهيم عليه السلام خليلا. (يصح من ذلك) الحكمين المذكورين (فإن لكل حكم) من الحكمين المذكورين (موطنا يظهر) ذلك الحكم (به لا يتعداه) إلى غيره.
فالحكم الأول بأن سبب تسميته خليلا لتخلله جميع أوصاف الذات الإلهية وجمعه لذلك بجملته صحيح على معنى ظهور أوصاف الحق تعالی كلها القديمة بالأوصاف العرضية الحادثة ظهورة تضمحل فيه الأوصاف الحادثة لعدم وجودها في نفسها.
وتظهر الأوصاف القديمة لوجودها في نفسها من حيث إنها عين الذات وإن كانت غير الذات أيضا بوجه آخر.
والحكم الثاني بأن سبب التسمية لتخلل الحق تعالی بنفسه في وجود صورة إبراهيم عليه السلام صحيح أيضا لا على معنى الحلول أو الاتحاد، فإن ذلك لا يتصور عند من يؤمن بأن الله
تعالى له الوجود الحق وأن كل ما سواه من المخلوقات لا وجود لها من نفسها وإنما وجودها به تعالی.
فلست معه في رتبته موجود آخر، وإن كانت غيره باعتبار صورها ومقاديرها، فهي عينه باعتبار وجودها وثبوتها.
فلا يتصور أن يحل موجود في معدوم ولا يتحد به ولا يحل معدوم في موجود ولا يتحد به ولا يختلط أحدهما بالآخر هذا معلوم في بداهة العقل.
فلذلك لا يهتم بذكره العارفون، وإنما ذكرناه نحن لرد ما عساه يتوهم عند المحجوبين من أهل العلم الظاهر.
كما طعن به الشيخ رضي الله عنه بعض أهل الجهل المركب من المغرورين.
(ألا ترى) أيها المنصف (أن الحق) تعالى (يظهر بصفات المحدثات) كالفرح والضحك والتعجب ونحو ذلك مما ورد في الشرع .
(وأخبر) تعالی (بذلك عن نفسه) في قوله في الحديث القدسي:" جعت فلم تطعمني ومرضت فلم تعدني" إلى آخره وغير ذلك.
""عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة :
يا ابن آدم مرضت فلم تعدني.
قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟
قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده .
يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟
قال : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟
قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني؟
قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين.
قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي". "" رواه مسلم و ابن حبان في صحيحه .
(و) يظهر أيضا (بصفات النقص وبصفات الذم) ?المكر والاستهزاء والسخرية والكيد .
قال تعالى: "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين" [آل عمران : 54].
"الله يستهزئ بهم" [البقرة: 15]،" وسخر الله منهم" [التوبة: 79]، "وأكيد كيدا" [الطارق : 16].
وعندنا في هذه الصفات الحادثات التي يظهر بها الحق تعالى لعباده وجهان :
الوجه الأول : نقرره للمبتدئين بأنها كلها صفات قديمة وردت عنه تعالى في الكتاب والسنة، نصفه بها على حد ما هو موصوف به في نفسه مما هو غیب عنا.
لأجل أن ندرب المبتديء على الإيمان بالغيب في جميع شؤونه، فإذا رسخ على ذلك وكمل في مقام المحبة نقرر له.
الوجه الثاني:  وهو أن هذه الصفات الحادثات التي يظهر بها الحق تعالی لعباده هي صفات العباد الحادثات، وظهور الحق تعالی بهم لهم من قبيل الحكم الثاني.
في سبب تسمية إبراهيم عليه السلام خليلا لتخلل الحق تعالى في وجود صورته كما ذكرناه من غير حلول ولا اتحاد.
وأشار إلى حكم الأول في سبب التسمية بقوله (ألا ترى) أيها المنصف العبد (المخلوق يظهر) في مقام كماله (بصفات الحق) تعالى (من أولها إلى آخرها) فيسمع به ويبصر به ويتكلم به إلى غير ذلك.
من قبيل قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإن الحول والقوة شاملان لجميع الصفات (وكلها)، أي صفات الحق تعالی (حق له)، أي للمخلوق لظهوره بها من وراء سمعه وبصره وكلامه وباقي صفاته العرضية الحادثة، لأنها تضمحل عند ظهور تلك الصفات القديمة الحقيقية له.
(كما هي)، يعني (صفات المحدثات) العرضية الحادثة (حق للحق) سبحانه وتعالى باعتبار أنها آثاره، فهي منتهى ظهوره، ولا ظهر بها غيره كما لا باطن عنها غيره، فهو الظاهر والباطن لا غير وقال الله تعالى:

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
فقال : (وكل حكم) على الله من صفات المحدثات وعلى العبد من صفات الحق يصح من ذلك النخلل ولولا التخلل ما صح هذا الحكم.
(فإن لكل حكم موطنا) خاصا به (يظهر به) ذلك الحكم به أي بسببه أو فيه.
(لا يتعداه) أي لا يظهر ذلك الحكم بغير ذلك الموطن ولا يظهر في ذلك الموطن غير ذلك الحكم لاختصاصهما من الطرفين .
ولولا تخلل المحكوم عليه ذلك الموطن لم يظهر ذلك الحكم أبدا مع أنه قد شاهدنا ظهور الأحكام.
وإليه أشار بقوله : (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات وأخبر بذلك عن نفسه وبصفات النقص وبصفات الذم) .
ولو لم يتخلل الحق وجود صورة المحدثات لم يظهر منه الحكم على نفسه بصفات المحدثات .
(ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها) إلا الوجوب الذاتي (وكلها) أي كل صفات الحق . (حق له) أي ثابت للمخلوق وينعت المخلوق بها ولولا تخلل العبد الحق لما صح هذا الحكم.
(كما هي) ضمير الشأن يفسره قوله : (صفات المحدثات حق) أي ثابت (للحق) .
اعلم أن التخلل عبارة عن السريان ومعنى سريان الحق في العبد وجوده أثر ذاته وصفاته في وجود العبد .
مع كون الحق منزها بجميع صفاته عن هذا الكون أن الاتحاد من كل الوجوه باطل عندهم.
فلما نزل الحق نفسه منزلة العبد فأثبت لنفسه ما هو من خواص عبده .
فقال : مرضت وجعت علمنا أن المريض والجائع ليس صورة العبد بل الروح المتصف بصفات الله تعالى الظاهر في صورة العبد بالهيكل المحسوس .
المشاهد فما أثبت صفات المحدثات في الحقيقة لنفسه بل أثبت لأثر نفسه تنبيها على أنه واجب التعظيم .
فإنه ظل الله تعالى فالله تعالى أعظم ظله كما عظم نفسه فما قال إلا تعظيمة للعباد فمن أعاد فقد أعاد الحق فمن أشبعه فقد أشبع الحق على طريق من أكرم عالمة فقد أكرمني وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره .
لأن كمال ظهور الحق فيه لا في غيره لذلك لا يثبت لنفسه صفات سائر المحدثات. ومعنی سريان العبد في الحق إحاطته جميع ما اتصفت به ذات الحق بحسب استعداده .
وقد صرح بهذا المعنى بقوله : وحصره بعد قوله لتخلله فانظر بنظر الإنصاف ?یف عادت مسائل الفن بتوجهنا إلى سيرتها الأولى سيرة الشريعة وسيجيء تحقيقه ويدل على ثبوت صفات المحدثات للحق.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
والمصطلح الثاني قولنا:
المعنى وهو عالم الصفات وهذا المعنى ينبغي أن يتخيل كأنه كلي لما لا يتناهي، وفي تفسير ما لا يتناهي بيني وبين سندي وشيخي، الشيخ محيي الدين مظهر هذا الكتاب الذي هو الفصوص، خلاف أو شيء يشبه الخلاف.
فأنا أقول: إن جزئیات هذا الذي فرضناه كليا أو كالكلي لا وجود لها قبل كونها، ولا ثبوت لها أصلا بوجه من الوجوه.
وقد تلفظ الشيخ، رضي الله عنه، بهذا لكنه يعود يقرر غيره أيضا، وموضع ذكره لهذا الذي ذكرناه هو في الحكمة القدوسية في الكلمة الإدريسية، وصورة لفظه هكذا: لأن الأعيان التي لها العدم الثابتة فيه ما شمت رائحة من الوجود،
فنعود ونقول: إن جزئیات هذا الذي فرضناه ?الكلي لا وجود لها قبل كونها ولا ثبوت لها لأن الثبوت فيه رائحة الوجود وإنما سميناه نحن بالمعنى وهو لا يستحق أن يتسمی [به] لأن الوجود الذي هو النور هو الشيء من كل وجه.
فلا بد أن يكون قويا على صفات غير متناهية تظهر، لكنها قبل ظهورها ما كانت لها أعيان ثابتة لأن الشيء لا يسبق وجوده وجود هذا، هو الحق.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال رضي الله عنه : « أو لتخلَّل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السّلام وكلّ حكم يصحّ من ذلك ، فإنّ لكلّ حكم موطنا يظهر فيه لا يتعدّاه ، ألا ترى الحقّ يظهر بصفات المحدثات ، وأخبر بذلك عن نفسه ، وبصفات النقص وبصفات الذمّ ؟ »
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق من حيث تعيّنه بوجوده في صورة إبراهيم -
يضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من صفات المخلوق ، ولا يتعدّى إليه في الصورة الإلهية الأزلية ، فإنّه تعالى أخبرنا إنّه ينادي ، ويمكر ، ويستهزئ ، ويسخر ، ويمرض ، ويجوع ، ويظمأ ، على لسان الصادق الذي " ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى " وذلك بظهوره وتعيّنه في إنّيّة العبد ، بوجوده الحقّ ، كما علمت ، فاذكر .
وقوله : « وكلّ حكم يصحّ من ذلك ، فإنّ لكلّ حكم موطنا يظهر فيه لا يتعدّاه » يريد رضي الله عنه أنّ انضياف أصناف الأحكام والأحوال والأخلاق والأفعال والأسماء والنعوت الخلقية التي توهم النقص ، وتوجب الذمّ في مرتبة العقل والشرع أو العرف إلى الجناب الإلهي بالأصالة كما ذكرنا ليس إلَّا من حيث تعيّنه بالوجود في عين هذا العبد الذي به وفيه ظهرت تلك النقائص ، لا من حيث هو هو ، ولا من حيث موطن آخر ، فإنّ موطن الدنيا وظهور الوجود الحقّ بالعبيد في الدنيا يوجب ذلك وعامتها منتفية عن العبد أيضا في الدار الآخرة والمواطن الجنانية فافهم .
قال رضي الله عنه : " ألا ترى المخلوق يظهر بصفة الخالق  من أوّلها إلى آخرها وكلَّها حق له ، كما هي صفات المحدثات حق للحق ".
يعني رضي الله عنه : أنّ صفات المحدثات من حيث تعيّن الوجود الحقّ بالمحدثات وفيها بحسبها ينضاف إليه جميع صفات المحدثات وأفعالها وآثارها ، وهي حق له استحقّها من حيث تعيّنه وظهوره فيها وظهورها ووجودها به ، ولأنّ الوجود ، له صلاحية الظهور بها وإظهارها ، وذلك مقتضى حقيقته ، وكذلك من حيث هذا الوجه ، وباعتبار أنّ حقائق المحدثات وأعيانها الثابتة في العلم الذاتي الأزلي هي شؤون الحق ونسبة الذاتية التي هي فيه هو لا غير يثبت أيضا كذلك للمحدثات جميع الأسماء والصفات والنعوت والنسب التي للحق من أوّلها إلى آخرها ، وهي حق له من هذين الوجهين ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكل حكم يصح من ذلك كما ذكر ، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه ) أي إنما يصح الحكم الأول وهو ظهور إبراهيم بصورة الحق ، في جناب الحق ومواطن قربه في الحضرة الإلهية وفي الدار الآخرة . والحكم الثاني وهو ظهور الحق بصورة إبراهيم من حيث تعينه في وجوده ، حتى تصدر عنه الصفات الخلقية وتنضاف إليه صفات النقص :
كالتأذى في قوله – " يُؤْذُونَ الله " –
والمكر في قوله – " ومَكَرَ الله " - .
والاستهزاء في قوله " الله يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ "
والسخرية في قوله – " سَخِرَ الله مِنْهُمْ " 
بسبب تعينه بعين العبد لا من حيث حقيقته ، وقد يضاف إليه صفات الكمال فكلا الحكمين في مواطن الحب ، كالرمى في قوله – وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى " - فإن هذا لا يضاف إليه ، والحكم به عليه قد يصح في موطن حب الفرائض والنوافل جميعا .
فقوله رضي الله عنه : ( ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات ، وأخبر بذلك عن نفسه ، وبصفات النقص وبصفات الذم ) استشهاد ومثال للقسم الثاني .
وقوله رضي الله عنه : ( ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها ) استشهاد ومثال للحكم الأول ، كاتصاف العبد بالعلم والرحمة والكرم وأمثالها.
وكلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق ) أي وجميع صفات الحق تعالى حق واجب ثابت للمخلوق ، لأن حقيقة المخلوق هو الحق الظاهر بحقيقته في صورة عينه وصفاته صفاته فهي حق للمخلوق من حيث الحقيقة .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وكلها ) أي كل صفات الحق حق له ، أي ثابت المخلوق وينعت بها ، ولولا تخلل العبد الحق لما صح هذا الحكم .اهـ بالى .""
وكذلك جميع صفات المحدثات حق واجب ثابت للحق تعالى فإنها شؤونه ، وإذا كان وجود المحدثات وجوده الظاهر فيها فكيف بصفاتها ، وصفات المحدثات بدل من الضمير أو بيان ، فإنه يجرى مجرى التفسير كأنه قال كما هي ، أي صفات المحدثات حق للحق .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه) تعليل لظهور الحق في أحكام يتبعوجود إبراهيم من صفاته وأفعاله. أي، الحق يتخلل وجود إبراهيم ويظهر فيهبالصفات الكونية، كالاستهزاء، والمكر، والتأذي، والسخرية، والضحك، وغير ذلك مما أخبر عن نفسه في قوله: "الله يستهزئ بهم" . "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".، "إن الذين يؤذون الله ورسوله سخر الله منهم". وفي الحديث:
(ضحك الله مما فعلتما البارحة). فإن لكل حكم وصفة مقاما وموطنا دنيا وآخرة، في المراتب الإلهية يظهر ذلك الحكم به، أي بسبب ذلك الموطن وقابليتهللظهور فيه، ولا يتعدى ذلك الموطن. أو يظهر الحق بذلك الحكم في ذلك الموطن،ولا يتعدى عنه في ذلك الموطن. ويؤيد الثاني ما بعده، وإن كان الأول أسبق إلىالذهن.
ويجوز أن يكون (الباء) بمعنى (في). أي، يظهر ذلك الحكم والحق فيه،ولا يتعداه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟) استشهاد لتخلل الحق وجود العبد واتصافه بصفات الكون.
وذلك كقوله: "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا"،.
"ولنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه".، "ومرضت فلم تعدني". وأمثال ذلك مما مر.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها؟) استشهاد لتخلل العبد وجود الحق واتصافه بصفاته.
(وكلها حق له). أي، وكلصفات الحق حق ثابت للمخلوق الذي هو الكامل بحكم "ولقد كرمنا بنى آدم".، "وإن الله خلق آدم على صورته".، "وعلم آدم الأسماء كلها".
أي، أعطاه الأسماء والصفات الإلهية، لأن حقيقته عبارة عن ظهور هوية الحق في صورةعينه الثابتة، فهي حق ثابت للمخلوق.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كما هي صفات المحدثات حق للحق). أي، الصفات الإلهية كلها حق للعبد، كما أنصفات المحدثات حق للحق كلها حقللعبد، كما أنصفات المحدثات حق ثابت للحق تعالى، لأنها شؤونه المنبه عليها بقوله: "كل يوم في شأن."
وقوله: (هي) للقصة والشأن. أي القصة أن صفات المحدثات حق
للحق، كقوله: "قل هو الله أحد" أو يكون عائدا إلى (صفات المحدثات)المذكورة في قوله: (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات؟)
وقوله: (صفات المحدثات) بيان وتفسير لما سبق، أي (كما هي) أعني (صفات المحدثات)، أو الصفات بدل الكل من الضمير.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
(من ذلك) أي: من تخلل إبراهيم عليه السلام ، أو تخلل الحق لكنه بحسب المواطن المختلفة، (فإن لكل ح?م) من هذين (موطئا يظهر) ذلك الحكم (به لا يتعداه) إلى موطن آخر .
فلا يمكن اجتماعهما في حالة واحدة باعتبار واحد، لكن كان إبراهيم مترددا بينهما تارة يفعل الحق ما يريده إبراهيم  عليه السلام لو بقيت له إرادة، وتارة يفعل إبراهيم ما يريده الحق، واستدل على صحة الأول بقوله: (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات)، ويجوز إطلاق ذلك إذ (أخبر بذلك عن نفسه).
بقوله: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" [الأنفال: 17]، وكيف وقد جاز أن يظهر (بصفات النقص)؟
وقد أخبر بذلك عن نفسه بقوله: «مرضت فلم تعدني، و جعت فلم تطعمني»،
رواه مسلم وابن حبان و الأدب المفرد لابن حجر و مسند ابن راهويه
وأيضا (بصفات الذم) وأخبر بذلك عن نفسه بقوله: "الله يستهزئ بهم" [البقرة: 15]، واستدل على الثاني بقوله: (ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق) أي: بما يناسب صفاته القابلة للظهور.
(من أولها إلى آخرها) كالعليم، والقدير، والمريد، والسميع، والبصير، والمتكلم، والحي، (وكلها) أي: كل صفات الحق (حق) أي: ثابت (له) أي: العبد (كما) هي أي: القصة (صفات المحدثات حق للحق).
وهذا إشارة إلى أن حدوث العبد لا ينافي اتصافه بما يناسب الصفات القديمة، كما أن قدم الحق لا ينافي اتصاف ما ظهر منه في المحدثات بصفاتهم.
وإن كان اتصاف العبد بالصفات القديمة، واتصاف الحق به بالصفات الحادثة محالا.

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:06 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة :الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
لكل موطن حكم خاصّ ( وكلّ حكم يصحّ من ذلك ) الموطن فإنّه ما لم يثبت ذلك العين لم تتصوّر النسبة التي هي مبدأ سائر الأحكام ، ( فإنّ لكلّ حكم موطنا يظهر به - لا يتعدّاه - ) وهو الذي عبّر عنه لسان الشريعة بأن الأسماء توقيفيّة .
فلا بدّ من التخلَّل المذكور حتّى يمكن ظهور تلك الأحكام المتنوّعة الواقعة في طي تلك المواطن
،( ألا ترى أنّ الحقّ يظهر بصفات المحدثات ، - وأخبر بذلك عن نفسه - وبصفات النقص ، وبصفات الذمّ . ) كالتأذّي في قوله :
" يُؤْذُونَ الله " [ 33 / 57 ] ، والمكر في قوله : " وَمَكَرَ الله "   [ 3 / 54 ] والاستهزاء في قوله : " الله يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ " [ 2] 15 ] ، فلو لا التخلَّل الأوّل ما صحّ ذلك .
وكذلك التخلَّل الثاني واقع ( ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحقّ من أوّلها إلى آخرها ، وكلَّها حقّ له ، كما أنّ صفات المحدثات حقّ للحقّ ) فلو لا أمر التخلَّل المذكور ما أمكن ذلك .
وعلى كلّ واحد من التقديرين ، فمورد الصفات الوجوديّة التي يحمد بها إنّما هو الحقّ لا غير فيكون :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ح?م) عطف على قوله : وجود صورة إبراهيم أي وتتخلله كل حكم (وأثر يصح) ظهوره و انتشاؤه (من ذلك)، أي من وجود صورته في أي موطن كان وذلك بأن يتصف سبحانه بنك الحكم والأثر في ذلك الموطن وإنما قيد الحكم بالصحة وما ذكره مطلق.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن لكل حكم) يتصف به العبد ويتخلله الحق سبحانه (موطنا) باعتبار خصوصیات الصور الوجودية (يظهر) ذلك الحكم (به)، أي بهذا الموطن فالباء للسببية أو بمعنى في (لا يتعداه) إلى موطن آخر فلا يتخلل في موطن كل صورة كل الأحكام .
بل كل حكم يصح منها في ذلك الموطن كالأحكام المذمومة مثلا.
فإن موطن ظهورها إنما هي النشأة الدنيوية لا يتعداها إلى موطن النشأة الروحانية ولا إلى موطن النشأة الأخروية.
ففي هذين الموطنين لا يتخلل الحق سبحانه تلك الأحكام المذمومة، فإنها لا تتعدى موطن النشأة الجسمانية الدنيوية إليهما.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟ ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
ثم نور رضي الله عنه تخلل الحق بوجود الحق و اتصافه بصفانه بقوله : (ألا ترى أن الحق يظهر ) من حيث تعينه وتقيده بالظهور في عين العبد.
(بصفات المحدثات) يعني الصفات التي لا تصبح ظهوره سبحانه بها إلا في هذه النشأة الدنيوية (وأخبر بذلك) الظهور (عن نفسه) كما قال سبحانه : "الله يستهزئ بهم" [البقرة : 15]،  "ومكر الله " [آل عمران : 54] "ومرضت فلم تعدني". رواه مسلم وابن حبان وغيرهم
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يقول يوم القيامة:
يا ابن آدم مرضت فلم تعدني.؟
قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمین !
قائل : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ؟
أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده .
يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟
قال يا رب و كيف أطعمك وأنت رب العالمين!
قال أما علمت أنه أستطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني ؟
قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين !
قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي. "
(وبصفات النقص وبصفات الذم) ولكن يكون ذلك النقص والذم بالنسبة إلى غيره لا إليه سبحانه كما سبق تقرير ذلك.
ومن تخلل العبد وجود الحق بقوله : (ألا ترى المخلوق)، يعني الإنسان الكامل (يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها) تخلف وتحقق سوى الوجوب الذاتي فإنه لا قدم للحادث فيه (وكلها)، أي كل صفات الحق (حق)، أي ثابت (للحق سبحانه) باعتبار تعین وجوده بها .
ولما كان المفهوم من أول الفص إلى ههنا أن العبد يتخلل تارة صفات الحق سبحانه والحق يتخلل تارة صفات العبد فلكل منهما صفات تغایر صفات الآخر أراد أن ينبه على أن صفات العبد أيضا واجعة إلى الحق فإنه بعض من صور شؤونه وصفاته بعض من صفاته .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:09 pm

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : («الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود. «و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ("الحمد")، أي كل فرد من أفراده الصادرة من كل شيء لكل شيء محمود أو مذموم .
على أنه المحمود عند القائلين بحمد المذموم مذموم والمذموم عند القائلين بذم المحمود محمود، فالكل محمود عند الكل، فحمد الكل للكل ("لله") تعالی.
أي مستحق له تعالی فرجعت إليه سبحانه (عواقب الثناء)، أي الحمد (من كل
حامد ومحمود) على الإطلاق، لأنه الخالق على كل حال فصفات المحدثات حق له وصفاته حق لهم، لأنه حمدهم نفسه له وحمده نفسه لهم.
وقال تعالى : "وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" [هود: 11] الواحد الظاهر بصور الخلق الكثير، ولهذا أكده بقوله ("كله" فعم) بذلك جميع (ما ذم ) من الصفات (و) جميع (ما حمد) منها .
(وما ) في الوجود (إلا محمود) من الصفات (ومذموم) منها فالكل محمود من حيث هو كل و البعض بالنسبة إلى البعض الآخر مذموم  فالذم في العوالم نسبي، والحمد حقيقي.
(اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا)، أي سرى فيه وشمله باطنا وظاهرا (إلا كان) الشيء الأول الساري (محمولا فيه).
أي في الشيء الثاني والسريان هنا في حق الله تعالی بمعنى الاستيلاء (فالمتخلل) بصيغة (اسم فاعل محجوب)، أي مستور عن المتخلل بصيغة اسم مفعول وعن غيره أيضا .
هو متخلل اسم مفعول مثله (فالمتخلل) الذي هو (اسم مفعول) فقد انحجب عما فيه بنفسه فنفسه حجابه.
(فالمتخلل) بصيغة (اسم مفعول هو الظاهر) لنفسه ولغيره مما هو مثله (و) المتخلل بصيغة (اسم الفاعل هو الباطن) عن المتخلل بصيغة اسم المفعول وأمثاله (المستور) عنهم بهم.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه قوله تعالى : ("والحمد لله" فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود) لاختصاص الحمد لنفسه.
("وإليه يرجع الأمر كله") فإذا كان رجوع الأمر إليه كله (نعم) الأمر (ما ذم وحمد) على بناء المجهول.
(وما ثمة) أي وما في العالم (الا محمود أو مذموم) يعني الأمر إما محمود أو مذموم وكل منهما يرجع إليه تعالى من حيث الوجود .
أما المحمود فظاهر لأنه مستحق بالذات أن يحمد، وأما المذموم فمن حيث ملكوته نسبته إلى الله محمود ومن حيث صورته وشيئيته مذموم .
فما في العالم مذموم من هذا الوجه فما ثبت للحق إلا ملكوت صفات المحدثات لا صورتها الحسية والمراد بالملكوت هي الصفات التي تكون منشأ لخلق صفات المحدثات .
فملكوت المرض والجوع محمود ومطهر ونابت للحق ومن هذا الوجه كمال من الكمالات الإلهية ومن صورة حدوثه .
وكثافته نقص لا يمكن أن يكون صفة الله تعالى .
وكان الحق محمودة بملكوت الذم فلا يلزم من ثبوت ملكوت الذم له ثبوته له كما لا يلزم من حدوث تعلق العلم فملكوت كل شيء حادث من حيث تعلقه إلى ذلك الشيء.
ومن حيث نسبته وإضافته إلى الله قديم  إذ هو اسم من أسماء الله وصفة من صفاته.
فالمراد بقوله : صفات المحدثات حق للحق ملكوت الصفات لا نفس الصفات لكن ورد النص على الظاهر .
أخرج كلامه على طريق النص فظهور الحق بصفات المحدثات بناء على أن الممكنات ثابتة على عدمها ما شممت رائحة من الوجود فما وجودها إلا إضافة وجود الحق إليها .
فظهرت بهذه الإضافة بصفات المحمودة أو المذمومة واتصفت إضافة الوجود بتلك الصفات المذمومة .
والذات مع صفاته منزه عن هذا وهذا معنى قولهم صفات المحدثات حق للحق.
(اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان) ذلك المتخلل اسم فاعل (محمولا فيه) .
أي في التخلل اسم مفعول .
(فالمتخلل اسم فاعل محجوب بالمتخلل والمتخلل اسم مفعول فاسم المفعول هو الظاهر واسم الفاعل هو الباطن المستور وهو).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
وأما أن الحق تعالی بخلل حقيقة إبراهيم، فهو أظهرها في وجود ذاته من الوجه الذي هي فيه ذاتية له به منه فيه.
وقد تقدم معنى ذلك ويتكرر حتى يظهر إن شاء الله تعالى، وما أحسن استدلال الشيخ، رضي الله عنه، بقوله: «وإليه يرجع الأمر كله» (هود: 123) يعني محموده ومذمومه وهو، رضي الله عنه، غیر محتاج إلى الاستدلال لكن ذلك من أجل أهل الحجاب.
و مقام الخلة يثبت فيه الحق والعبد لكن يكون الحق فيه أظهر في شهود الشاهد، وفي هذا المقام
ولما بسط، رضي الله عنه، في هذا المعنى كلامه إلى آخر الحكمة الإبراهيمية، رأيت أن المعنى قليل والتعبير عنه كثير ومع ذلك ما تدركه العقول المحجوبة لكونه غير مألوف لهم .
رأيت أن اختصر الشرح في ألفاظ قليلة أرجو أن تدل على المطلوب للمكاشف والمحجوب وتعين في تسهيل المطلوب أن اصطلح على ألفاظ تدل على ما يقع من المقاصد
فمن جملتها: أني أسمي ذات الحق تعالی، من أحد وجهي ما يقال عليه النور وليس هذا هو اسم للذات المشار إليها، لأنه لا اسم لها لأن الإشارة هنا إلى ما قبل الأسماء في الرتبة، فالنور المشار إليه وإن فاق مرتبة الإشارة، فكيف العبارة؟
والباقى واضح

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال رضي الله عنه :" الْحَمْدُ لِلَّه ِ " فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود . " وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " ، فعمّ ما ذمّ وما حمد  ، وما ثمّ إلَّا محمود أو مذموم » .
يشير رضي الله عنه  إلى  أنّ كل حمد من كل حامد لكل محمود فإنّه لله ، لأنّه المحمود بالحقيقة في كل مظهر وموجود بما ظهر فيه من الكمالات والمحامد ، والظاهر بها في ذلك الحامد ، فإذن هو الحامد والمحمود والحمد ، فاذكر أقسام حمد الحمد ، كما ذكرنا في شرح الخطبة .
قال رضي الله عنه : « اعلم أنّه ما تخلَّل شيء شيئا إلَّا كان محمولا فيه ، فالمتخلَّل باسم فاعل محجوب بالمتخلَّل اسم مفعول فاسم المفعول هو الظاهر ، واسم الفاعل هو الباطن المستور ، وهو غذاء له ، كالماء يتخلَّل الصوفة فتربو  به وتتّسع » .
يعني رضي الله عنه : أنّ إبراهيم عليه السّلام بتخلَّله جميع الحضرات الإلهية يكون محمولا في الحق ، محجوبا ، فهو للحق جميع أسمائه وصفاته الظاهرة عليه ، فهو غذاؤه بالأحكام والنعوت والأسماء والصفات ، وكذلك بتخلَّل الوجود الحق صورة إبراهيم يكون محمولا في إبراهيم ، فيكون الحق سمعه وبصره ولسانه وسائر قواه . 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ("الْحَمْدُ لِلَّه " فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود) فإن الحمد صفة كمال من كمالاته تعالى يصدر منه حقيقة ، فإنه هو الظاهر في صورة الحامد .
مظهرا لكماله بالحمد والثناء الذي هو حقيقة لكل محمود هو عينه المتجلى في صورة ذلك المحمود للكمال الذي يستحق به الحمد "وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ".
قال الشيخ رضي الله عنه : (فعم ما ذم  وحمد وما ثم إلا محمود أو مذموم ) أما عمومه لما حمد فظاهر مما مر ، وأما عمومه لما ذم فإن الذم العقلي والعرفي والشرعي لا يترتب إلا على متعين نسبى ذاتا كان أو صفة ، باعتبار تعينه ونسبته إلى متعين يوجب انعدامه أو انعدام كمال له.
ولو انقطع النظر عن ذلك التعين النسبي ، انقلب مدحا وحمدا بحسب الحقيقة وبحسب نسب أخرى أكثر من تلك النسبة ، كما أن الشهوة مذمومة والزاني والزنا مذمومان .
ولا شك أن حقيقة الشهوة هي قوة الحب الإلهي الساري في وجود النفس وهو محمود بذاته ، ألا ترى أن العنة كيف ذمت في نفسها ، وكذا الزاني باعتبار أنه إنسان ، والزنا باعتبار أنه وقاع فعل كمالى لو لم يقدر الإنسان عليه كان ناقصا مذموما .
فالشهوة باعتبار حقيقتها التي هي الحب ، وباعتبار تعينها في الصورة الذكورية أو الأنوثية ، وكونها سبب حفظ النوع وتوليد المثل وموجبة اللذة كمال محمود .
وكذا الزنا باعتبار قطع النظر عن هذا العارض كان محمودا في نفسه وبسائر النسب .
فانقلب الذم حمدا في الجميع ولم يبق توجه الذم إلا على عدم طاعة الشهوة العقل والشرع وترك سياستها لها .
فكونها مذمومة إنما هو بالإعراض عن حكمها ، حتى أدى فعلها إلى انقطاع النسب والتربية والإرث واختلال النظام بوقوع الهرج والمرج وهو فتنة .
وكلها أمور عدمية راجعة إلى اعتبار التعين الخلفي ، وجهة الإمكان وصفات الممكنات باعتبار عدميتها ، وإلا فالوجود والوجوب وأحكامهما كلها محمودة ، والأمر حمد كله .
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان محمولا فيه ، فالمتخلل : اسم فاعل محجوب ، بالمتخلَّل : اسم مفعول فاسم المفعول هو الظاهر ، واسم الفاعل هو الباطن المستور ) المتخلل : هو النافذ في الشيء المتغلغل في جوهره كالماء في الشجر.
ولا شك أن ذلك الشيء حامل له ظاهر ، والمحمول مستور فيه باطن  .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الحمد لله) فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود. وإليه يرجع الأمر كلهفعم ما ذم وحمد، وما ثمة إلا محمود أو مذموم. )
أي، قال تعالى(الحمد لله رب العالمين). وخص ماهية الحمد لله. ولا شك أن الخلق يحمد أيضا ويثنى بلسان الحق، كما يثنى على الأنبياء والمؤمنين، وبلسان بعضهم بعضا.
والحمد إنما يكون على صفات الكمال، وهي كلها لله في الحقيقة، فرجعت عواقب الصفات الكمالية الموجبة للثناء إلى الحق تعالى بعد إضافتها إلى الخلق واتصافهم بها.
سواء كان الحامد حقا أو خلقا، والمحمود حقا وخلقا، إذ هو الذيي حمد نفسه تارة في مقامه الجمعي، وأخرى في مقامه التفصيلي.
ولما كان في الحقيقة يسمى خلقا عدما، لا وجود له، والموجود هو الحق لا غيره، عمم الحكم وأكد بـ (الكل)، وقال: (وإليه يرجع الأمر كله).، أي، سواء كان محمودا أو مذموما.
والسر فيه أن ما في الوجود خير كله، وكونه مذموماليس إلا بالنسبة إلى بعض الأشياء. ألا ترى أن الشهوة من حيث إنها
ظل المحبة الذاتية السارية في الوجود محمودة، وعدمها، وهو العنة، مذمومة، ومن حيث إنها سبب بناء النوع وموجبة لللذة التي هي نوع من التجليات الجماليةأيضا محمودة، وعند وقوعها على غير موجب الشرع مذمومة، لكونها سببالانقطاع النسل وموجبا للفتن العائدة إلى العدم؟ وهكذا جميع صور المذام.
فالكل منه وإليه من حيث الكمال. والاستدلال بالآيات وأمثالها أنما هو تأنيس للمحجوبين وعقولهم الضعيفة، وإلا أهل الكشف يشاهدون الأمر في نفسه كذلك.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم، أنه ما تخلل شئ شيئا إلا كان محمولا فيه). لأن المتخلل هو الذي ينفذ في الشئ ويدخل في جوهره، فالداخل محمول ومستور فيه، والمدخول فيه حامل له وظاهره. فالمتخلل - اسم فاعل - محجوب بالمتخلل - اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر.
واسم الفاعل هو الباطن المستور.  )
لما بنى تقريره على التخلل، رجع أيضا إليه فقال: (ما تخلل شئ شيئا) أي، ما دخل شئ في شئ إلا كان الداخل مستورا في المدخول فيه.
فالمتخلل الذي هواسم الفاعل، أي الداخل، محجوب مستور في المتخلل الذي هو اسم المفعول، أي المدخول فيه، فالمدخول فيه هو الظاهر، والداخل هو الباطن، والظاهر إنما يغتذي بالباطن، لأن الفيض لا يحصل إلا منه، فالباطن غذاء الظاهر، إذ به قوامه ووجوده.
وأورد الشيخ رضي الله عنه المثال المحسوس لزيادة الإيضاح. وإذا كان الأمر هكذا، ولا يخلو إما أن يكون الحق ظاهرا والخلق باطنا، أو بالعكس.   
فإن كان الحق ظاهرا، أي، محسوسا بتجليه في مرتبة من مراتب الاسم (الظاهر)،فالخلق مستور فيه وباطنه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق وصفاته من السمع والبصر والإرادة وغيرها، وجميع النسب التي هي ملحقة بالحق شرعا. كما مر منأن الحق إذا كان متجليا في مرايا الأعيان، لا يكون الظاهر إلا هو، والأعيان باقية في الغيب على حالها.
وإن كان الخلق هو الظاهر في مرآة الحق، فالحق مستور فيه وباطنه، فالحق سمع الخلق وبصره وجميع قواه الباطنة.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : («الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود. «و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)   
قال الشيخ رضي الله عنه : ثم استدل على ثبوت صفات المحدثات للحق بقوله: ("الحمدلله") (الفاتحة: 2]، (فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود) فكان الحق حامدا بكل حمد على لسان ذاته وعبده،.
وكان محمودا ذاته وخلقه، وإن كان الحق حامدا للخلق أو الخلق حامدا للحق فرجعت حامدية العبد و محموديته إلى الله، وهما من صفات الخلق.
ثم عمم فقال: ("وإليه يرجع الأمر كله". [هود: 123]، فعم) هذا الأمر كل (ما ذم) و حمد من الخلق فرجع إليه كل محمود ومذموم من صفات العبد.
ثم قال رضي الله عنه : يفهم من هذا رجوع جميع صفات العبد إليه؛ وذلك لأنه (ما ثم) أي: في صفات العبد (إلا محمود، أو مذموم).
إذ لا واسطة بينهما، فرجعت جميع الصفات إلى الحق، وكيف لا والصفات لا تلحق الأعيان من حيث عدمها، بل من حيث وجودها فهي لاحقة لصورة الحق.
واللاحق لصورة الشيء في حكم اللاحق به سيما إذا كانت صورته متوقفة على محاذاة ذي الصورة، لكن الذم حاصل في الصورة، إذا كانت بحسب مقتضی المرآة لم يكن لنقص في الذات.
ثم أشار إلى ما يتعلق بالتخللين من الحكم فقال: (اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان محمولا فيه) أي: حاص في ضمنه حصول العام في ضمن الخاص الذي يحمل عليه ذلك العام.
والحاصل في ضمن شيء يكون مستورا فيه، (فالمتخلل اسم فاعل محجوب)
أي: مستور (بالمتخلل اسم مفعول، فاسم المفعول) فيما نحن فيه سواء جعلناه صفات الحق، أو الخلق.

ثم قال رضي الله عنه (هو الظاهر اسم الفاعل هو الباطن)، وكل باطن لشيء محمول له غذاء لذلك الشيء بمعنى: أنه يفيد زيادة فيه.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:11 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة :الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : («الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
الحمد لله من كل حامد وعلى كلّ محمود وعلى كلّ واحد من التقديرين ، فمورد الصفات الوجوديّة التي يحمد بها إنّما هو الحقّ لا غير فيكون ( الحمد لله ) الذي له الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجوديّة - ذمّا كان ذلك أو حمدا - بحيث لا يمكن أن يفوته نعت - كما سبق تحقيقه في الفصّ السابق .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فرجعت إليه عواقب الثناء من كلّ حامد ومحمود " وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " [ 11 / 123 ] فعمّ ما ذمّ وما حمد ، وما ثمّ إلَّا محمود أو مذموم ) .
إذا ظهر الحق فالخلق باطن ، وإذا ظهر الخلق فالحق باطن
ثمّ إذ قد بيّن أمر هذا الموطن الكمالي وشمول جمعيّته وتمام إحاطته لا بدّ وأن ينبّه إلى كيفيّة انطوائه للطرفين ومعانقة النقيضين فيه ، فإنّه هو الدليل على تمام جمعيّته وكمال شموله ، فأشار إلى ذلك بقوله :
و ( اعلم أنّه ما تخلَّل شيء شيئا إلَّا كان محمولا فيه ) أي ذلك الشيء يكون حاملا للمتخلَّل ، شاملا لكليّته ، شمول الإحاطة والحصر .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فالمتخلَّل - اسم فاعل - محجوب بالمتخلَّل - اسم مفعول - فاسم المفعول هو الظاهر واسم الفاعل هو الباطن المستور ) ، أي اسم الفاعل الباطن غذاء لاسم المفعول الظاهر


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : («الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم. اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور).
فأشار أولا إلى رجوع المحامد إليه بقوله تعالى: (" الحمد لله" (الفاتحة : 2]، أي الحمد الشامل كل حامدية به ومحمودية ملك لله تعالی مختص به لا يتجاوز إلى غيره .
(فرجعت إليه سبحانه عواقب الثناء) انتهاء وإن كان متعلقة بغير ابتداء (من كل حامد ومحمود).
وأشار ثانية إلى رجوع المحامد والمذام كلها إليه بقوله سبحانه :("وإليه ترجع الأمر كله" [هود: ۱۲۳] فعم).
أي هذا القول منه تعالى، أو الأمر الراجع إليه المفهوم من هذا القول (ما ذم) من الأمور (وما حمد) منها (وما ثمة)، أي في الواقع (إلا أمر محمود أو مذموم) فلا يكون أمر في الواقع إلا ويرجع إليه .
ثم إنه رضي الله عنه لما ذكر التخللين المذكورين في وجه تسمية الخليل خلية أراد أن يشير إلى أن :
أحدهما نتيجة قرب الفرائض
والأخر نتيجة قرب النوافل.
فقال : (اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان) الشيء المتخلل اسم فاعل (محمولا فيه)، أي في المتخلل اسم مفعول، أي مستور.
(بالمتخلل اسم مفعول فإسم المفعول هو الظاهر واسم الفاعل هو) الباطن المستور. وهو أي الباطن
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:12 pm

الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الخامسة: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.  وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع. فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.  وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. ).
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو)، أي المتخلل بصيغة اسم الفاعل (غذاء له) للمتخلل بصيغة اسم المفعول من حيث إن قوامه به في جميع أحواله.
(?الماء يتخلل)، أي يدخل في خلال (الصوفة فتربو)، أي تزداد وتثقل تلك الصوفة (به وتتسع)، أي تمتد جوانبها بعد الإكناز .
(فإن كان الحق) سبحانه وتعالى (هو الظاهر) وحده لا يشاركه في الظهور غيره، لأنه قال تعالى بطريق الحصر لتعريف الطرفين : "هو الأول والأخر والظاهر والباطن" [الحديد: 3] .
(فالخلق) حينئذ (مستور فيه) تعالى هكذا تشهده العارفون من غير أن يشهد. وللخلق وجود آخر غير وجوده تعالى حتى يلزم أن يكون الخلق حالا في الحق سبحانه وتعالى بل علم الحق تعالى وإرادته وقدرته.
وتضمنت هذه الثلاث صفات ظهور صور العالم كلها بطريق الحكم والتوجه على الاختراع للأشياء العلمية.
فالحكم بمراده يظهر مراده لمراده قائما به لا ثبوت له في عينه .
(فی?ون الخلق) على هذا (جميع أسماء الحق) تعالی من (سمعه وبصره) فيسمع الحق تعالی بالخلق ويبصر بهم . قال تعالى: "والله بصير بالعباد" [آل عمران: 15].
(و) كذلك الخلق (جميع نسبه) تعالي أسماء الأفعال من تخليقه و ترزیقه وإحيائه وإماتته وضره ونفعه، فيخلق بهم ويرزق بهم ويحيي بهم ويميت بهم ويضر بهم وينفع بهم. قال تعالى: "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم" [التوبة: 14].
(و) كذلك جميع (إدرا?اته) تعالی من علمه وخبرته ابتلائه وامتحانه (وإن كان الخلق هو الظاهر) لا غير (فالحق) سبحانه وتعالى (مستور) ورائه لا من جهة بل من وراء الجهات أيضا فإنها من جملة الخلق.قال الله تعالى : "والله من اهم محيط "[البروج: 20].
(باطن فيه)، أي في الخلق لا على معنى الحلول إذ لا يحل موجود في معدوم أبدا . وهذا مشهد أهل القرب إليه تعالى من السالكين (فالحق) سبحانه حينئذ (سمع الخلق) الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (ويده) التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها (وجميع قواه من) النطق والفهم ونحو ذلك (كما ورد) عن النبي عليه السلام في الخبر الصحيح في حق المتقرب بالنوافل .
""قال رسول الله : «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته». رواه البخاري وابن حبان في صحيحه""

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
أي الباطن (غذاء له) أي للظاهر (?الماء بتخلل الصوفة فتربو به) أي بالماء وتتسع تلك الصوفة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه فيكون الخلق جميع أسماء الحق)
قوله : (سمعه وبصره وجميع نسبه و إدراكاته) عطف بيان.
لقوله : جميع أسماء الحق هذا نتيجة قرب الفرائض فشاهد العبد في ذلك المقام في مرآة وجوده الوجود الحق ويرى أن الحق يسمع به ويبصر به.
وكأن الأحكام كلها للحق لكن بسبب العبد وهذا إذا تجلى الله لعباده باسمه الباطن وحينئذ كان العبد باطنا والحق ظاهرا له.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  (وإذا كان الخلق هو الظاهر فالحي مستور وباطن فيه) أي في الخلق .
(فالحق يكون سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه) أي يرى العبد أن الحق قراء الظاهرة و الباطنة فأخبر الحق عن ذلك المقام على حسب مشاهدة العبد وإلا لم يكن الحق يد أحد ولا رجله في نفس الأمر .
(كما ورد في الخبر الصحيح) "كنت سمعه وبصره" هذا إذا تجلى الحق العبد بالاسم الظاهر .
فيرى للعبد وجوده في مرآة الحق فيشاهد أن الأحكام كلها ثابتة لنفسه وأن الحق سبب له لظهور الأحكام من العبد وهو نتيجة قرب النوافل .
هذا إن اعتبرت الذات الإلهية من حيث النسب والإضافات وهي اعتبار الذات مع جميع الصفات.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
أني أسمي ذات الحق تعالی، من أحد وجهي ما يقال عليه النور وليس هذا هو اسم للذات المشار إليها، لأنه لا اسم لها لأن الإشارة هنا إلى ما قبل الأسماء في الرتبة، فالنور المشار إليه وإن فاق مرتبة الإشارة، فكيف العبارة؟
ليس اسما للذات وهذا النور يجب أن يعلم بحسب الإمكان أنه ما يقابل قولنا العدم المطلق .
ولما كان العدم المطلق هو لا شيء من كل وجه، إن كان يقبل شيء من كل وجه أن يخبر عنه لكن للضرورة، فما نجد لفظا يدل عليه أحسن من قولنا:
لا شيء من كل وجه وإن كان لا شيء من كل وجه لا يقبل أن يدل عليه بلفظ، لأنه لا ذات له.
فنعود ونقول لا شيء من كل وجه يقابله ما هو الشيء من كل وجه .
وذلك هو الذي يعني بأنه النور المعبر به عن الذات لا باعتبار الصفات.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال رضي الله عنه : "وهو غذاء له ، كالماء يتخلَّل الصوفة فتربو  به وتتّسع » .
يعني رضي الله عنه : أنّ إبراهيم عليه السّلام بتخلَّله جميع الحضرات الإلهية يكون محمولا في الحق ، محجوبا ، فهو للحق جميع أسمائه وصفاته الظاهرة عليه ، فهو غذاؤه بالأحكام والنعوت والأسماء والصفات ، وكذلك بتخلَّل الوجود الحق صورة إبراهيم يكون محمولا في إبراهيم ، فيكون الحق سمعه وبصره ولسانه وسائر قواه .
قال رضي الله عنه : « فإن كان الحق هو الظاهر ، فالخلق مستور فيه ، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته .
وإن كان الخلق هو الظاهر ، فالحق مستور ، باطن فيه ، فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه ، كما ورد في الخبر الصحيح » .
قال العبد : يشير رضي الله عنه : إلى مقامي قرب الفرائض والنوافل ، وذلك أنّ
وجود الحق هو الأصل الواجب وهو الفرض ووجود العالم وهو العبد نقل وفرع عليه ، لأنّ الوجود الحق لكمال سعته وسع الحق المطلق ، والخلق المقيّد ، فإذا ظهر الحق ، خفي العبد فيه ، كان الله ولا شيء معه أوّلا " لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّه ِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ " آخرا ، فكان العبد سمع الحق وبصره وسائر قواه ، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم « إنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده . هذه يد الله ، واليد يد محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وكذلك هو الرامي حقيقة في " إِذْ رَمَيْتَ " ، فيده يد الحق والحق هو الرامي ، لنفيه الرمي عن محمّد في قوله : " وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ " ، وإثباته الرمي للحق بقوله :
" وَلكِنَّ الله رَمى " .
والثاني قرب النوافل ، فهو كون الحق بوجوده محمولا في إنّيّة العبد وهويّته له فهو سمع العبد وبصره ولسانه وسائر قواه ، والحديث الثابت في الصحيح المثبت سرّ المقامين قد ذكر فيما ذكر ، فتذكَّر .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهو ) أي المتخلل ( غذاء له ) أي لما يتخلله ( كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع).
قوله رضي الله عنه : ( فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه ، فيكون الخلق جميع أسماء الحق ، سمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه ، فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه ، كما ورد في الخبر الصحيح ) إشارة
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وإدراكاته ) عطف بيان لقوله ( جميع أسماء الحق ) هذا نتيجة قرب الفرائض ، فشاهد العهد في ذلك المقام في مرآة وجوده الوجود الحق ، ويرى أن الحق يسمع به ويبصر به ، وكأن الأحكام كلها للحق لكن بسبب العبد ، وهذا إذا تجلى الله لعباده باسمه الباطن ، وحينئذ كان العبد باطنا والحق ظاهرا له ( وإذا كان الخلق هو الظاهر ، فالحق مستور وباطن فيه ) أي في الخلق ، فالحق سمع الخلق وبصره ويده اه بالى . ""
إلى مقامي قربات الفرائض والنوافل :
فإن الأصل هو الحق الواجب ، فهو الفرض .
والخلق : هو النفل الزائد ، فإذا كان الحق ظاهرا كان الخلق متخللا محمولا فيه خفيا .
وكان جميع أسماء الحق وصفاته ، كسمعه وبصره وسائر قواه وجوارحه .
كما قال عليه الصلاة والسلام « إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده وقال هذه يد الله وأشار إلى يده » وقال تعالى  " ولكِنَّ الله رَمى  واليد يد محمد عليه الصلاة والسلام" .
وقد نفى عنه الرمي حيث قال :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى ".
وذلك قرب الفرائض ، وإن كان الخلق ظاهرا كان الحق متخللا محمولا فيه مستورا ، فكان سمع العبد وبصره وجميع جوارحه وقواه كما جاء في الحديث وذلك قرب النفل ، وكلا الأمرين جائز في إبراهيم كما ذكر.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهو غذاء له، كالماء يتخلل الصوفة، فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر، فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه وبصره، وجميع نسبه وإدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر، فالحق مستور باطن فيه،
فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
الظاهر إنما يغتذي بالباطن، لأن الفيض لا يحصل إلا منه، فالباطن غذاء الظاهر، إذ به قوامه ووجوده.
وأورد الشيخ رضي الله عنه المثال المحسوس لزيادة الإيضاح.
وإذا كان الأمر هكذا، ولا يخلو إما أن يكون الحق ظاهرا والخلق باطنا، أو بالعكس.
فإن كان الحق ظاهرا، أي، محسوسا بتجليه في مرتبة من مراتب الاسم (الظاهر)، فالخلق مستور فيه وباطنه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق وصفاته من السمع والبصر والإرادة وغيرها، وجميع النسب التي هي ملحقة بالحق شرعا.
كما مر منأن الحق إذا كان متجليا في مرايا الأعيان، لا يكون الظاهر إلا هو، والأعيان باقية في الغيب على حالها.
وإن كان الخلق هو الظاهر في مرآة الحق، فالحق مستور فيه وباطنه، فالحق سمع الخلق وبصره وجميع قواه الباطنة.
وهذا نتيجة قرب النوافل، والأول نتيجة قرب الفرائض. وإنما جاء بـ (اليد) و (الرجل)الذين هما من الظاهر مع أن كلامه في الباطن، لورود الخبر الصحيح كذلك.
وفي الحديث تنبيه على أن الحق عين باطن العبد وعين ظاهره، لما جاء بالسمع والبصر، وهما أسماء القوى، وباليد والرجل، وهما أسماء الجوارح، فالحق عين قوى العبد وجوارحه.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فهو) أي: اسم الفاعل (غذاء له) أي: لاسم المفعول، وإن لم يصر أحدهما جزءا للآخر ولا من جنسه كما في الغذاء المتعارف.
بل هو (كالماء يتخلل الصوفة فتربو به) الصوفة (وتتسع) في المقدار فيصير الماء كغذاء الصوفة في إفادة الزيادة لمقدارها، ولما لم يحصل هاهنا زيادة المقدار أيضا، ولا التخلل الحسي بينه بقوله:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن كان الحق هو الظاهر) لتحلل الخلق فيه، (فالخلق مستور فيه) استتار الغذاء في المتغذي لا باعتبار إفادة الزيادة في ذاته، أو أسمائه القديمة وصفاته من حيث هي أسماؤه، وصفاته بل في أسمائه وصفاته باعتبار ظهوره في المظاهر.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فيكون الخلق جميع أسماء الحق) بهذا الاعتبار، وهي أسماء صوره في المظاهر لكن لكمال تلك الصورة يراها المكاشف كأنها ذو الصورة وإنما كان الخلق ههنا جميع صفات الحق إذ ليس لصوره في المظاهر شيء من أسمائه القديمة بل ما يناسبها من أسماء الحوادث (سمعه وبصره وجميع نسبه وإدرا?اته) فيفعل الحق بها بإرادة صاحبها، لو بقيت له إرادة.
وإن كان الخلق هو الظاهر التخلل الحق فيه، (فالحق مستور) لا كاستتار الشيء وراء الحجاب المحسوس، بل بمعنى أنه (باطن فيه) فيكون الحق غذاء الخلق باعتبار أن صفاتهم كملت بما يناسب صفاته، فيفعل العبد بها فعله في عوالمه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالحق سمع الخلق، وبصره، ويده، ورجله، وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح) عن رسول الله عن الله تعالى: «كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها».
قال: فالحق سمع الخلق، ولم يقل فسمع الحق للإشارة بأنه من الكمال بحيث لا يتميز عن الصفة القديمة في نظر المكاشف، كما أن الصفات القديمة لا تتميز عن الذات، فكان العبد أيضا لا يتميز عنه.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الخامسة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:13 pm

الفقرة الخامسة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الخامسة: الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  (وهو غذاء له ) ، أي اسم الفاعل الباطن غذاء لاسم المفعول الظاهر ، ( كالماء يتخلَّل الصوفة فتربو به وتتّسع ) .
( فإن كان الحقّ هو الظاهر ) - كما هو مقام قرب الفرائض على ما ورد : « إنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده » ، وقال : " وَلكِنَّ الله رَمى " [ 8 / 17 ] - ( فالخلق مستور فيه ، فيكون الخلق جميع أسماء الحقّ وسمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته ) ضرورة أنّه هو الغذاء المقوّم له فالخلق حينئذ في عين ستره واختفائه هو الظاهر بأوصافه وبآثاره .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وإن كان الخلق هو الظاهر ) - كما هو مقام قرب النوافل على ما ورد في حديث : « كنت سمعه وبصره » - ( فالحقّ مستور باطن فيه فالحقّ سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه - كما ورد في الخبر الصحيح) ، فالحق حينئذ في عين اختفائه واستتاره هو الظاهر بأوصافه وآثاره .
بمألوهيّة العبد يكون الحقّ إلها ثمّ إنّه بعد ذلك ينبّه إلى أن من لم يعرف الحقّ في هذا الموطن على هذه النسب هو بمعزل عن العرفان ، مشيرا في ذلك إلى علوّ رتبة العبد وتقدّم نسبته
على الأسماء كلَّها بقوله :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع. فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح.)
أي الباطن (غذاء له)، أي للظاهر لاختفائه ?الغذاء في الظاهر ويقوي الظاهر به ، ثم أورد رضي الله عنه مثالا محسوسة للتوضيح فقال : (كالماء يتخلل الصوفة فتربو) أي تزداد الصوفة (به) ، أي بالماء (وتتسع)، أي تمتد في الأطراف
فإن كان الحق هو الظاهر في نظر العبد المتجلى له بأن براه ظاهرة بالفعل والتأثير ويرى الأحكام والآثار مستندة إليه لا إلى نفسه .
(فالخلق) يعني ذلك العبد المنجلي له (مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق) وصفاته (من سمعه وبصره وجميع نسبه من الإرادة والقدرة وغيرهما (وإدرا?اته).أي علمه المتعدد بتعدد متعلقاته.
وهذا نتيجة قرب الفرائض (وإن كان الخلق) يعني العبد المتجلى له (هو الظاهر) بذلك الاستناد (فالحق مستور باطن فيه) لا يستند إليه شيء في نظره إلا بالآلية. (فالحق سمع الخلق وبصره و یده ورجله وجميع قواه)، وجوارحه وهذا نتيجة قرب النوافل (كما ورد في الخبر الصحيح)
من أنه صلى الله عليه وسلم قال إشارة إلى قرب الفرائض إن الله قال على لسان عبده: "سمع الله لمن حمده " رواه البخاري ومسلم . وقال: "هذه يد الله وهذه يد عثمان" رواه النسائي فى السنن ووافقه الألباني وابن تيمية
، وأشار إلى يده ومع أنه صلى الله عليه وسلم قال : حكاية عن الله سبحانه إشارة إلى قرب النوافل "لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل" الحديث رواه البخاري .
""قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته .""
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السادسة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:14 pm

الفقرة السادسة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السادسة: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات) الإلهية (لو تعرت عن هذه النسب) التي هي الأوصاف والأسماء والأفعال والأحكام (لم تكن إلها ).
(وهذه النسب) المذكورة (أحدثتها) عندنا له أي أظهرتها من قوله تعالى: "وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث" [الشعراء: 5]، أي عندهم (أعياننا) إذ لا يتصف الله تعالى بالقدرة ويسمى بالقدير ويفعل ويحكم إلا بعد إمكان تصور مقدور ومفعول ومحكوم عليه.
فالمقدورات الممكنة كشف عنها علمه من الأزل، فأرادها فقدر عليها، فهو بها عالم مرید قادر .
(فنحن) لأننا عين تلك المقدورات الممكنة العدمية (جعلناه) من حيث ظهوره لنا (بمألوهيتنا)، أي بسبب أننا مألوهون له تعالى وهو إلهنا (إلها) فإن الإله هو الذي عنده جميع حوائج عباده إيجادا وإمدادا.
فالألوهية هي مجموع الصفات والأسماء والأفعال والأحكام، وهي وصف إضافي بالنسبة إلى المألوهين وهم عباده.
وهو الاههم وليس هو إلها لنفسه، لأن نفسه ليست مألوهة له، فهو غني بنفسه عن العالمين، لا بصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه.
إذ لولا العالمين ما تميزت من ذاته صفاته ولا أسماؤه ولا أفعاله ولا أحكامه، والصفات للتميز.
ولو لم يكن في العدم مم?نات توجد فتحدث فيتميز سبحانه وتعالى عنها بصفاته التي هي غير ذاته باعتبار هذا التميز فقط لكانت الصفات عين الذات، والأسماء للتعيين. ولولا تلك الممكنات العدمية لما احتاج عندها للتعيين إذ هو متعين عند نفسه، والأفعال لا تكون من غیر منفعلات.
وكذلك الأحكام من غير محكوم عليهم، فهذه الحضرات الأربع لذات الله تعالى باعتبار العالمين دون قید وجودهم، لأنه منه سبحانه .
والمراد باعتبار الممكنات العدمية التي إمكانها بلا جعل جاعل.
والحاصل أن هذا الكلام من الشيخ رضي الله عنه مبني على أن صفات الله تعالی عین ذاته كما صرح به في كتابه «الفتوحات المكية» وغيرها.
ومعنى ?ونها عين الذات أنها ليست زائدة على الذات المقدسة زیادة حقيقية كزيادة العرض على الجرم حين يتصف الجرم به.
ولا ينكر الشيخ رضي الله عنه زيادتها على الذات باعتبار مفهومها، ولكنه
لا يعتبر المفهوم، لأنه معنی عقلي تنزهت عنه صفات الله تعالى أن ينسب إليها، فكانت الصفات عين الذات عنده وهو معترف بالصفات لا يجحدها.
حتى يكون قوله كقول الحكماء بأن الصفات عين الذات، وأنه لا صفة لله تعالی عندهم.
وإذا كانت الصفات عين الذات الإلهية على معنى أنه تعالى إذا اتصف بالقدرة مثلا لم يكن ثمة إلا ذاته متوجة إلى إيجاد المم?نات على وجه لا يعلم به إلا هو فتسمى ذاته قدرة وإذا اتصف بالعلم كذلك فتسمى ذاته علما .
وهكذا إلى آخر الصفات فلولا المم?نات العدمية لما اتصف بالصفات، وهو متصف بها من الأزل لأنها عين ذاته.
ولكن معنى اتصف ظهر أنه متصف، فإنه تعالی لولا المم?نات العدمية كان مجملا واحدة صفاته في ذاته ، وأسماؤه في صفاته، وأفعاله في أسمائه ، وأحكامه في أفعاله.
والممكنات العدمية فصلته وميزت بين حضراته، وهو على ما هو عليه في إجماله وإنما تفصيله بالنسبة إلينا.
ونحن من جملة التفصيل، فكل واحدة في عالمها لم تتغير، وهذا معنى قوله : فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، أي فصلنا مجمله عندنا بإمكاننا وهو على ما هو عليه عند نفسه ، والله غني عن العالمين.
وإذا كنا نحن الذين بإمكاننا فصلنا إجمال ذاته تعالی و میزنا بين ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه حتى أظهرنا بذواتنا وحقائقنا الممكنة العدمية ألوهية وربوبية بسبب أننا قبلنا تقديره لنا وتخصيصه أحوالنا كلها بما أراد.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا يعرف) هو سبحانه وتعالى يعني لا يمكن أن يعرفه أحد غيره تعالى، ولا غير إلا نحن، ونحن به تعالی لا بأنفسنا.
لأننا نفس تلك الذوات الممكنة العدمية التي بها اتصف وتسمى وفعل وحكم كما ذكرنا (حتى نعرف) نحن حيث إننا أصل عظيم في تفصيل إجماله تعالى، وهو تعالى لا يعرف إلا في التفصيل لا في الإجمال.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من عرف نفسه" من حيث إمكانها وقيامها بصفات الله تعالی وأسمائه وأفعاله وأحكامه المنفصلة من مجمل ذاته تعالى.
"فقد عرف ربه". أى أنه الموصوف بالصفات القديمة التي لا تدرك، والمسمى بالأسماء الأزلية التي لا يحاط بها، والفاعل بالفعل القديم والحاكم بالحكم العظيم. (وهو)، أي قائل هذا الكلام وهو النبي عليه السلام (أعلم الخلق بالله تعالی)، فلولا أن معرفته تعالى لا تمكن لأحد إلا بمعرفة صفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه، ومعرفة هذه الحضرات الأربع لا تمكن إلا بمعرفة مفصلها من إجمال الذات العلية، إذ هي بالنسبة إليه تعالی عین الذات ومفصلها من إجمال الذات هي نفس كل أحد. كما قال صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه فقد عرف ربه» فمعرفة الله تعالى التي تمكن لكل أحد معرفة ذات غيبية مجملة تفصل منها نفس العارف بها صفات غيبية أيضا وأسماء وأفعالا وأحكاما غير هذا لا يمكن، فمن لم يعرف نفسه لا يعرف ربه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن بعض الحكماء) من الفلاسفة (وأبا حامد) الغزالي رحمه الله ، فإنه كان في ابتدائه فیلسوفا، ثم تخلص من الفلسفة بالتصوف (ادعوا أنه) يمكن أن يعرف الله تعالى (من غیر نظر في العالم) وهو مبني عندهم على كون الله علة للعالم.
والعالم معلول بعضه عن بعض ثم عنه تعالى، والعلة لا يتوقف معرفتها على معرفة المعلول إلا من حيث كونها علة لهذا المعلول.
وأما معلول معلولها فهو أجنبي عنها (وهذا غلط) منهم.
(نعم تعرف) من غير النظر في العالم (ذات قديمة أزلية) أبدية مجملة (لا يعرف أنها إله)، أي موصوفة بالصفات مسماة بالأسماء لها أفعال وأحكام.
قال الشيخ رضي الله عنه : (حتى يعرف المألوه) وهو العالم (فهو)، أي المألوه الذي هو العالم (الدليل عليه) أي على الله تعالى من حيث إن العالم كله صادر عن الله تعالی بمقتضى إرادته واختياره.
فهو مقتضی صفاته سبحانه وأسمائه وأفعاله وأحكامه وكيف يعرف المقتضي بصيغة الفاعل ما لم يعرف المقتضی بصيغة المفعول (ثم بعد) معرفتك في ابتداء الأمر (هذا) يعني أنه تعالى لا يعرف إلا بالعالم الدليل عليه.
(في ثاني الحال) بعد تدربك على السلوك (يعطيك الكشف) الصحيح (أن الحق) تعالی (نفسه كانت عين الدليل على نفسه) إذ كل دليل في الكون يدل عليه تعالى. هو ظهور من ظهوراته تعالى، وما في الكون إلا دليل يدل عليه تعالى، فما في الكون إلا ظهوراته تعالی.
فهو الظاهر بصورة الدليل العقلي والحسي، وهو الظاهر بصورة المدلول عليه عقلا وحسا.
(و) عين الدليل على ألوهيته بل لو دل شيء على شيء كالدخان يدل على النار في الحس، وانقسام العدد بمتساويين يدل على الزوجية في العقل كان هو تعالی عين الدليل والمدلول والمستدل.
وما ثم في الكون إلا هو ظاهر بصورة كل مم?ن عدمي بسبب إمساكه للصور العدمية بقدرته التي هي عين ذاته مما يليه . كما قال تعالى : "إنا كل شيء خلقته بقدر " [القمر: 49] في قراءة من قرأ برفع كل على أنه خبر إن.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها) أي لم يظهر ألوهيته .
(وهذه النسب) أي الصفات الإلهية التي تثبت للحق كالخالق والرزاق وغير ذلك من الصفات الإضافية.
(أحدثتها أعياننا) أي أظهرت أعياننا الخارجية هذه الصفات .
(فنحن جعلناه بمالوهيتنا إلها) أي فنحن بعبوديتنا أظهرنا معبوديته كما أظهرنا بأعياننا الخارجية ألوهيته .
وهي اتصافه بجميع الصفات فإذن لم يكن ظهور الصفات إلا بوجودنا (فلا يعرف الحق من حيث الصفات .
(حتى نعرف) فيتوقف معرفة الحق من حيث الصفات إلى معرفة وجودنا كما توقف ظهور الصفات إلى وجودنا.
(قال عليه السلام: فمن عرف نفسه فقد عرف ربه) فقد ربط معرفة الرب إلى معرفة النفس .
""ففي الأثر: «من عرف نفسه فقد عرف ربه» .ذكره المناوي في التيسير بإسناد جيد وكذلك فى فتح القدير و ذكره على القاري فى مشكاة المصابيح.
قال الشيخ الأكبر محيي الدين: هذا الحديث «من عرف نفسه فقد عرف ربه» ؛ وإن لم يصح من طريق الرواية؛ فقد صح عندنا من طريق الكشف.أهـ
كذلك تؤكده صحته شواهده فى الآية :"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ[فصلت : اية41 ] و الآية : " وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات" فمن عرف نفسه فقد عرف ربه.""
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو أعلم الخلق بالله) فدل ذلك على أن الأمر كما قلناه فلا يعلم الحق من حيث إنه إله من غير نظر إلى العالم .
فلا تطلب أنت معرفة الحق من غير نظر إلى العالم لئلا تقع في الغلط .
(فإن بعض الحكماء) وهو أبو علي "الرئيس ابن سيناء الفيلسوف الطبيب"ومن تابعه (وأبا حامد) وهو الإمام الغزالي ومن تابعه (ادعوا أنه) والضمير للشأن .
(بعرف الله من غير نظر إلى العالم وهذا غلط نعم نعرف ذات قديمة أزلية) لا كلام ولا نزاع فيه وإنما كلامنا في أنه ( لا يعرف انها إله حتى يعرف المألوه فهو).
أي المألوه (الدليل عليه) أي على الإله فمن لم يعرف الدليل لم يعرف المدلول وأبو حامد نفي بذلك بقوله : يعرف الله من غير نظر إلى العالم .
وأما معرفة ذات قديمة أزلية فثابت عند الشيخ بدون النظر إلى العالم .
(ثم بعد هذا) أي بعد معرفتك الحق بالعالم وهذا أول مرتبة في العلم بالله لأنه استدلال من الأثر إلى المؤثر ولا توقف له على الكشف.
لذلك قال  رضي الله عنه : (في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كل عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته) فإن الاستدلال من الأثر إلى المؤثر يوصل إلى هذا الكشف على معنى أنه استدللنا بوجودنا الخارجي إلى أعياننا الثابتة.
لأنه أثرها و استدللنا بأعياننا على ألوهيته وهي صفات الله وأسمائه و استدللنا بأسمائه وصفاته على ذاته تمت مرتبة الاستدلال ثم يعطيك الكشف أن أعياننا الثابتة عين الصفات.
وأن الصفات عين الذات فكان الحق نفسه عین الدليل على نفسه وعلى ألوهيته .
فإذا كان الحق عين الدليل على نفسه كأن نفس الحق دليلا على نفسه وعلى ألوهيته لا العالم .
بل العالم مرآة لفيضانه الوجود فيه بالتجلي الاسمائی كالمرآة .
فإن المرآة ليست دليلا على وجود الرائي بان الدليل هو الصورة الحاصلة فيها من الرائي التي هي عين الرائي.فكان الرائي عين الدليل على نفسه.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
لا بد أن يكون قويا على صفات غير متناهية تظهر، لكنها قبل ظهورها ما كانت لها أعيان ثابتة لأن الشيء لا يسبق وجوده وجود هذا، هو الحق.
أما الشيخ فإنه يقول": هي متمايزة قبل وجودها فهذا هو الخلف وإن كان الشيخ لا ينكر ما أقوله أنا.
وأما أنا فأنكر ما يقوله الشيخ، رضي الله عنه، من " ثبوت الأعيان قبل كونها، وعذر الشيخ، رضي
الله عنه، تئزله إلى عقول المحجوبين رجاء أن يمكر بهم في إثباتها ثم يخلصهم بعد ذلك إلى حضرة الوحدانية
فنعود ونعيد ما اصطلحنا عليه ونقوله إن النور الوجودي كان في ذاته، و وحداني، أن يظهر كثيرا.
وقولنا: في ذاته، مجاز إذ ليس في ذاته غير ذاته.
فنقول: إن كونه في ذاته له قوة أن يظهر كثيرا نحن سميناه بالمعنى وفرضناه أنه بلسان الحال، يتقاضي النور الوجودي الظهور بما في قوته، لا بمجاورة" فظهر بالواحد والكثير .
وهو في نفسه لا واحد ولا كثير فاحس الذهن بالمتغایرات لا بالتغايرات.
فتوهم أنه احس بالتغايرات والمتغايرات فسمي هذه التغايرات التي غلط في اثباتها أعيانا ثابتة.
وسميتها أنا تبعا للشيخ، رضي الله عنه: المعنى الكلي وهذه التغايرات جزؤياته.
فإذا تحقق أحد بالبقاء بعد الفناء في الشهود رأى أنه ليس مع النور غيره ولا تغايرات هناك وحيث أثبتها الشيخ، رضي الله عنه، قرر فيها ما ذكره في هذه الحكمة وفي غيرها. لكنا جميعا نجتمع في التصريح بأنه ليس مع الله غيره.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال رضي الله عنه : " ثم إنّ الذات لو تعرّت عن هذه النسب ، لم تكن إلها . وهذه النسب أحدثتها أعياننا ، فنحن جعلناه بألوهيّتنا إلها ، فلا يعرف حتى نعرف " .
يعني رضي الله عنه : أنّ تحقّق أحد المتضايفين يتوقّف على الآخر بالضرورة فالإلهية والربوبية والخالقية لا تتحقّق إلَّا بالمألوه والمربوب والمخلوق وجودا وتقديرا ، فلا يعرف الله من كونه إلها ، حتى يعرف المألوه .
قال رضي الله عنه : « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » وهو أعلم الخلق بالله .
فإنّ بعض الحكماء وأبا حامد ادّعوا أنّه يعرف الله من غير نظر إلى العالم ، وهذا غلط . نعم ، تعرف  ذات قديمة أزليّة لا يعرف إنّها إله ، حتى يعرف المألوه ، فهو الدليل عليه


يعني رضي الله عنه : أنّ الألوهية والربوبية وغيرهما من النسب لا تحقّق لها كما مرّ إلَّا بالمألوهية والمربوبية ، فإنّها حقائق إضافية ، فلا وجود لها إلَّا بالنسبة والإضافة ، ولا تثبت للذات المطلقة إلَّا بشرط موصوفيتها بالإيجاد والربوبيّة ، ولا ربوبية إلَّا بالمربوب ، فالربوبية والإلهية والخالقية ومعرفتها يتوقّف ثبوتها للذات المطلقة على المربوب والمألوه والمخلوق وإن لم يتوقّف وجودها الذاتي على شيء أصلا ، فإنّ الله من حيث ذاته غنيّ عن العالمين وعن الأسماء الإلهية .
قال رضي الله عنه : « ثمّ بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أنّ الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ".
                                                                              
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم يكن إلها ، وهذه النسب أحدثتها أعياننا فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها فلا يعرف حتى نعرف ،قال عليه الصلاة والسلام « من عرف نفسه فقد عرف ربه » وهو أعلم الخلق باللَّه)
يعنى إن الذات الإلهية لا تثبت لها الصفات والنسب الأسمائية إلا بثبوت الأعيان ، فإن الصفات نسب والنسب لا تثبت بدون المنتسبين ، فالإلهية لا تثبت إلا بالمألوهية ، والربوبية بالمربوبية ، وكذا الخالقية والرازقية وأمثالها ، ولا يعرف أحد المتضايفين إلا بالآخر ، ولذلك علق عليه الصلاة والسلام معرفة الرب بمعرفة المربوب .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وهذه النسب ) أي الصفات الإلهية التي ثبتت للحق كالخالق والرازق ، إلى غير ذلك من الصفات الإضافية ، فلا يعلم الحق من غير نظر إلى العالم . اهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط ، نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا تعرف أنها إله حتى يعرف المألوه ، فهو الدليل عليه )
أبو حامد هو الغزالي رحمه الله ، والمراد أن الذات الموصوفة بصفة الألوهية لا تعرف إلا بالمألوهية كما مر .
بل العقل يعرف من نفس الوجود وجود الواجب وهو ذات قديمة أزلية ، فإن الله بالذات غنى عن العالمين لا بالأسماء ، فالمألوه هو الدليل على الإله .
قال الشيخ رضي الله عنه : ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف ، وأن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ، )
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( وهذه النسب ) أي الصفات الإلهية التي ثبتت للحق كالخالق والرازق ،إلى غير ذلك من الصفات الإضافية ، فلا يعلم الحق من غير نظر إلى العالم.
( ثم بعد هذا ) أي بعد معرفتك الحق بالعالم ، وهو أول مرتبة في العلم باللَّه لأنه استدلال من الأثر إلى المؤثر ، ولا توقف له على الكشف ، فإن الاستدلال المذكور يوصل إلى هذا الكشف ، على معنى أنه استدللنا بوجودنا الخارجي إلى أعياننا الثابتة لأنه أثرها ، واستدللنا بأعياننا على ألوهيته وهي صفات الله وأسماؤه ، واستدللنا بأسمائه وصفاته على ذاته تمت مرتبة الاستدلال
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم يعطيك الكشف ) أن أعياننا الثابتة عين الصفات وأنها عين الذات ، فكان الحق نفسه عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ، فإذا كان الحق عين ( الدليل ) كان نفس الحق دليلا ( على نفسه وعلى ألوهيته ) لا العالم بل العالم مرآة لفيضانه الوجود فيه بالتجلي الأسمائى كالمرآة ، فإن المرآة ليست دليلا على وجود الرائي .
بل الدليل هو الصورة الحاصلة فيها من الرائي التي هي عين الرائي ، فكان الرائي عين الدليل على نفسه ، فلا تحصل له هذه المعرفة لأن المعرفة في الحضرة فرع المعرفة بنفس الحضرة ، ومن لم يعرف الحضرة لم تكن الحضرة مرآة له ، ولم تظهر له الصور فيها حتى تحصل المعرفة اهـ بالى .""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ثم، إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها) واعلم، أن (الإله) اسم الذات من حيث هي هي. مع قطع النظر عن الأسماء والصفات باعتبار،واسم الذات مع جميع الأسماء والصفات باعتبار آخر. والمراد هنا الاعتبار الثاني.
و(الإلهية) اسم مرتبة حضرة الأسماء والصفات التي هي النسب المتكثرة باعتباراتووجوه تحصل للذات بالنظر إلى الأعيان الثابتة المتكثرة الثابتة في أنفسها واستعداداتها، لأن المرتبة كما يستدعى من يقوم به. كذلك يستدعى من يجرى عليه أحكامها، كالسلطنة والقضاء.
فلو لم تعتبر هذه النسب، لم يبق إلا الذات الإلهية التي لا يشار إليها بوجه من الوجوه، ولا يوصف بنعت من النعوت، وهو مقام الهوية الأحدية التي تستهلك النسب كلها فيه.
فيكون الحق تعالى إلها، أي في مرتبة حضرة الأسماء والنسب الإلهية باعتبار أعياننا، كما أن السلطان سلطان بالنسبة إلى الرعية، والقاضي قاض بالنظر إلى أهل المدينة.
فتلحق هذه النسب إليه تعالى بناء، كما تلحق النسب للواحد بالنظر إلى الأعداد: وهي كونه نصف الاثنين وثلث الثلاثة وربع الأربعة، وكالخواص الحاصلة للواحد بواسطة لزومها المراتب العددية.
ولو قطعنا النظر عن هذه المراتب، لم يلحق للواحد تلك النسب، ولم يحصل له تلك الخواص.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهذه النسب أحدثتها أعياننا). أي، هذه الصفات إنما ظهرت بأعياننا،إذ لو لم تكن، لما كان يظهر (الخالق) و (الرازق) و (القادر)، ولا (السميع) و (البصير)، وغير ذلك من الأسماء والصفات الإضافية.
وليس المراد بـ (الإحداث) الجعل والإيجاد، لأنا مجعولون وموجودون بها فبجعل الحق وإيجاده إيانا تظهر تلك الصفات.
(فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها). المراد بـ (المألوهية) عند هذه الطائفة، مرتبة العبودية، وبـ (المألوه) العبد، لا المعبود، لا كما يقول المفسرون من أن (الإله) بمعنى (المألوه)، وهو المعبود، كالكتاب بمعنى المكتوب.
ومعناه: نحن أظهرنا بعبوديتنا معبوديته، وبأعياننا إلهيته، إذ لو لم يوجد موجود قط، ما كان يظهر أنه تعالى (إله).
بل العلة الغائية من إيجادنا ظهور إلهيته، كما نطق به: (كنت كنزا مخفيا...).
فـ (الجعل) ليس على معناه الحقيقي، بل على معناه المجازى. وهذا ليس بلسان أهل الصحو. وفيه نوع من الشطح لما فيه من الرعونة الغير اللائقة للمتأدبين بين يدي الرحمن.
ونظيره كما يقول لسان الرعية والمريد والتلميذ: إن السلطان بوجودي صار سلطانا، وبإرادتي وقرائتي عليه صار الشيخ شيخا والأستاذ أستاذا.
وفيه أقول:
ألا جابري رفقا علي فإنني   ..... أكاشف عما فيكم من سرائري
فيظهر بالقلب المعنى جمالكم    .... كما ظهرت ليلى بقيس بن عامري
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلا يعرف حتى نعرف. قال، عليه السلام: (من عرف نفسه، فقد عرف ربه.) وهو أعلم الخلق بالله).
أي فلا يعرف الحق من حيث إنه (إله) حتى نعرف، لتوقف تعقل هذه الحيثية التي هي النسبة إلى تعقل المنتسبين، كما قال،عليه السلام صلى الله عليه وسلم : "من عرف نفسه، فقد عرف ربه". أي، أوقف معرفة الرب على معرفة النفس التي هي المربوب.
فإن الرب، من حيث هو رب، يقتضى المربوب، وهو، أي النبي، صلى الله عليه وسلم، أعرف الخلق بالله.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط.)
الضمير في (أنه) للشأن. و (يعرف) على البناء للمفعول. والمراد بـ (بعض الحكماء) أبو على وأتباعه. 
"" مراده من بعض الحكماء هو الشيوخ الفلاسفة، كالرئيس ابن سينا. والشيخ أثبت الحق ببرهان سماه برهان الصديقين وأن ذكر هذا البرهان في الإشارات لإثبات الواجب. وأخذ منه أبو حامد الغزالي ، كما أخذ جميع عقائده في الكلام عن الحكماء، وفهم أن عقائد الحكماء ومطالبهم في المبدأ والمعاد أتم من آراء أرباب الكلام.""
أي الإمام الغزالي وأبو على ومن تابعهما ادعوا أن الله يعرف من غير نظر إلى العالم.
وأنهم يستدلون بالمؤثر على الأثر، وهو أعلى مرتبة من الاستدلال بالأثر على المؤثر.
وحاصل استدلالاتهم ترجع بأن الوجود الممكن لإمكانه يحتاج إلى علة موجودة غير ممكنة، وهو الحق الواجب وجوده لذاته.
وهذا أيضا استدلال من الأثرإلى المؤثر، فلا يتم دعواهم. فلذلك نسبهم إلى الغلط، أو لعدم إمكان تعقل النسبة بدون المنتسبين
قال الشيخ رضي الله عنه :  (نعم، تعرف ذات قديمة أزلية لا تعرف أنها إله حتى يعرف المألوه، فهو الدليل عليه).
أي، إذا أمعن النظر صاحب الفطانة والذهن المستقيم في نفس الوجود، يمكن أن يعرف أن ذاته قديمة أزلية واجبة، هي لها بذاتها لا بحسب الاستدلال،بل بوجدان الأمر على ما هو عليه على سبيل الذوق. ثم يتمكن من التنبيه لغيره أيضا، ليجد هو أيضا كذلك.
كما بينا في فصل الوجود في أول الكتاب.
أما المعرفة بأنها إله صاحب أسماء وصفات، فلا يمكن حتى ينظر إلى العالم، فيستدل
بالعبودية على المعبودية، وبالمربوبية على الربوبية. فـ (العالم) هو الدليل على الإلهمن حيث إنه إله، لذلك قيل إنه مأخوذ من (العلامة) وهي الدليل.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ثم، بعد هذا في ثاني الحال، يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته) هذا كشف مقام الجمع.
أي، بعد معرفة الإله بالمألوه، ومعرفة الذات القديمة الأزلية صاحب المرتبة الإلهية والتوجه إليه توجها تاما، تنفتح عين بصيرتك.
فيكشف لك أن الحق هو الدليل على نفسه بتجليه الذاتي لإفاضة أعياننا بالفيض الأقدس.
وهو الدليل على ألوهيته بالتجلي الأسمائي والصفاتي لحقائقنا، لا غيره المسمى بـ (العالم).
وبهذا المعنى قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين سئل: (بما عرفت الله تعالى؟)
قال: (بالله عرفت الأشياء.)
فإن السؤال كان عن الذات الإلهية، أي بم عرفت ذات الحق.
فأجاب: بالحق عرفت الأشياء، وبنوره، لا عن المرتبة، فإن العلم بالمرتبة الإلهية لا يكون إلابعد العلم والمعرفة بالذات، وأين المحجوب من هذه المعرفة؟
"" يقول الإمام علي بن أبي طالب : إذا تم العقل نقص الكلام ".
ويقول : " كل عقل لم يحط بالدين فليس بعقل ، وكل دين لم يحط بالعقل فليس بدين " .
" قيل للنوري : بما عرفت الله ؟
فقال بالله .
فقيل فما بال العقل ؟
قال : العقل عاجز لا يدل إلا على عاجز مثله.
يقول الشيخ إبن مرزوق : " قال بعضهم : سألت ألف شيخ عن أربع مسائل فلم أر منهم شفاء لمرادي ، فرأيت النبي في المنام ، فقلت : يا رسول الله … ما العقل ؟
فقال : أدناه ترك الدنيا وأعلاه ترك التفكر في ذات الله. ""
ومن لسان هذين المعنيين قيل:
فلولاكم ما عرفنا الهوى     ..... ولو لا الهوى ما عرفناكم
وسر أن الشيخ أورد هذه المباحث في هذا الفص، كون إبراهيم، صلوات الله عليه، طالبا للحق، مستدلا عليه بالمظاهر الكوكبية، فإنه، عليه السلام، عرف أولا أن له ربا خلقه، ثم غلب عليه العشق، فطلبه إلى أنهداه الله وتجلى له.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها.
وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف.
قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها.
وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف.
قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط.)
ثم أشار إلى أنه لا يبعد منا أن نفيده صفات بحسب ظهوره فينا بعد وجودنا فقد أفدناه قبل وجودنا ما هو أصل الصفات وأكملها.
فقال رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب) التي بيننا وبينه في الإيجاد والتكميل وغيرهما، وهي العلم، والإرادة، والقدرة، والكلام، وغيرها (لم تكن إلها).
وهي ليست من ذاته فقط بل (هذه النسب أحدثتها أعياننا) لتوقف النسب على المنتسبين.
وما توقف عليه الشيء، فالشيء كأنه محدث به، وإن كان قديما بالزمان، فهو حادث بالذات للافتقار إلى الغير، وصفاته تعالى من حيث هي نسبة تتوقف على أعيان الموجودات.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها)، وإن كانت ذاته قديمة بالذات، وصفاته بالنظر إليها كذلك، وكذا بالزمان لكنها باعتبار كونها نسبا تتوقف على أعياننا توقفها على ذاته، والإلهية متوقفة عليها، فهي أولى بأن تكون مستفادة منا وإذا توقفت إلهيته وسائر صفاته التي لها نسبة إلينا علينا، ولو بحسب التصور لا في نفس الأمر فلا يعرف من حيث هو إله، ويتصف بتلك الصفات .
قال الشيخ رضي الله عنه : (حتى نعرف قال صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه، فقد عرف ربه ) فجعل معرفة النفس سببا لمعرفة الرب فتنعدم عند عدم سببها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو أعلم الخلق بالله) فلا يسمع بإزائه قول غيره، أنه يعرف من غير معرفة النفس، (فإن بعض الحكماء) كأبي علي بن سينا وأتباعه، (وأبا حامد) الغزالي من الأثر على المؤثر برهان، إني ومن المؤثر على الأثر برهان لي هو أكمل من الأول.
(وهذا) القول منهم (غلط) لأنهم إن أرادوا أن المؤثر من حيث هو مؤثر يدل على الأثر فلا شك أن معرفة مؤثريته تتوقف على معرفة الأثر.
إذ التأثير الذي هو جزء مفهوم المؤتر نسبة تتوقف على المنتسبين، فلا يعرف كونه مؤثرا وإلها بدون الأثر، وإن أرادوا أن ذات المؤثر إذا عرفت من حيث هي ذات؛ عرف الأثر فهو ممن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:16 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله


الفقرة السادسة:الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
بمألوهيّة العبد يكون الحقّ إلها ، ثمّ إنّه بعد ذلك ينبّه إلى أن من لم يعرف الحقّ في هذا الموطن على هذه النسب هو بمعزل عن العرفان ، مشيرا في ذلك إلى علوّ رتبة العبد وتقدّم نسبته
على الأسماء كلَّها بقول لشيخ رضي الله عنه : ( ثمّ إنّ الذات لو تعرّت عن هذه النسب لم تكن إلها ، هذه النسب أحدثتها أعياننا ، فنحن جعلناه - بمألوهيّتنا - إلها ) ضرورة أن العبد القابل هو الذي صار سبب تطوّرات الذات في طيّ صنوف التعيّنات ، ( فلا يعرف ) الحقّ ( حتّى نعرف ) نحن ( قال عليه السّلام  : « من عرف نفسه عرف ربّه » - وهو أعلم الخلق باللَّه ) .

استدلال الحكماء على وجود الواجب تعالى
وهذا ذوق عال يعزّ واجده ( فإنّ بعض الحكماء ) المشّاءين ومن تابعهم ( وأبا حامد ادّعوا أنّه يعرف الله من غير نظر في العالم ) .
فإنّ لهم في طريقهم الاستدلاليّ مسلكين :
أحدهما إنّيّ ، يتدرّجون فيه من الأثر إلى المؤثّر ، والآخر لمّيّ ، يتنزّلون به من المؤثّر إلى الأثر . 
وبيّن أن من وقع مواطئ سلوكه 
على الثاني منهما في معرفة الحقّ لا يحتاج فيه إلى النظر في العالم - على ما تفطَّن لذلك صاحب الإشارات من قوله تعالى : " سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ " [ 41 / 53 ] .
ومن قوله تعالى : " أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّه ُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " [ 41 / 53 ] حيث جعل الأوّل إشارة إلى أوّل المسلكين ، والثاني إلى الآخر .
ولكن ذلك المعرفة له من حيث أنّه ذات ، لا من حيث أنّه إله ، والمبحث إنّما هو هذا ، ولذلك قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذا غلط نعم ، تعرف ذات قديمة أزليّة لا يعرف أنّها إله ، حتّى يعرف المألوه ) الذي هو معطي تلك النسبة من العبد القابل ( فهو الدليل عليه ) أولا في مسالك البعد والتفرقة ، ( ثمّ بعد هذا ، في ثاني الحال ) عند مواطن القرب والجمعيّة .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( يعطيك الكشف : أنّ الحقّ - نفسه - كان عين الدليل على نفسه وعلى الوهيّته). تجلَّى الشبح المقابل في السطح القابل.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله. فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، )
(ثم إن الذات) الإلهية (لو تعرت)، أي تجردت (عن النسب المسماة بالأسماء والصفات اللاحقة للذات بقياسها إلى أعيان العالم واستعداداتها ولم يكن إلها) .
فإن الإلهية عبارة عن مرتبة أحدية جمع هذه النسب التي هي الأسماء والصفات، فلو لم نعتبر هذه النسب لم يبق إلا الذات الإلهية التي لا يشار إليها بوجه من الوجوه وانتفت مرتبتها التي هي الإلهية .
(وهذه النسب أحدثتها أعياننا)، فإنه لا يتحقق إلا بالمتناسبين فلكل منهما دخل في تحققها وإن لم يستقل وهذا هو المراد بإحداثها، و المراد بالأعيان أعم من أن تكون ثابتة علمية أو موجودة عينية .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله. فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. )
(فلا يعرف الحق) سبحانه من حيث مرتبة الإلهية (حتى نعرف) نحن من حيث مرتبة عبوديتنا ومألوهيتنا ، أي يمتد عدم معرفته إلا حين وجود معرفتنا أنفسنا وينتفي ضدها، في حين تعرف نحن يعرف هو.
(قال : من عرف نفسه عرف ربه وهو أعلم الخلق بالله.) فالأمر على ما هو أخبر عنه سبحانه.
وبعدما عرفت هذا (فإن بعض الحكماء وأبا حامد) الغزالي (ادعوا أنه يعرف ألله من غير نظر في العالم)، أي من غير استدلال به عليه استدلالا بالمؤثر على الأثر.
أو من غير ملاحظة له سواء كان بالاستدلال أو بغيره كما في المتضايفين.
(وهذا غلط منهم)، لأنه إن كان المراد الثاني فلا شك أن الألوهية معنی نسبي فلا يمكن تعقلها بدون المنتسبين .
الذين أحدهما : العالم
وإن كان المراد الأول فقيل : وجه الغلط أن طريق أهل النظر إما الاستدلال بالأثر على المؤثر أو بالمؤثر على الأثر .
ولا مؤثر للحق سبحانه "لا مؤثر فى الحق سبحانه" يستدل به عليه ، فإنحصر طريق معرفته في الاستدلال بالأثر على المؤثر.
والأثر هو العالم فلا يعرف من غير نظر في العالم.
ونوقش فيه بأن الكلام في مرتبة الألوهية لا في الذات البحت، ويمكن الاستدلال على المرتبة بالمؤثر فيها الذي هو الذات البحت.
بأن تعرف أولا الذات ثم بعض الصفات ?وجوب الوجود مثلا ، وتفرع عليه سائر الصفات كما فعلوا ذلك .
وعلى مجموع الذات والصفات إلا بأمر واحد كما صدرت بحسب الواقع، فتعرف مرتبة الألوهية من غير استدلال بالعالم عليها وإن كان لا بد فيه من ملاحظة العالم. ويمكن أن يجاب عنه بأن معرفة الذات البحت يستدل بها على مرتبة الألوهية من غير نظر في العالم بالاستدلال عليها غير معلومة بل عدمها معلوم عند أهل النظر.
فالحكم بصحة معرفة تلك المرتبة من غیر نظر في العالم يكون غلطا غير صحيح. "لكن" نعم يصح ذلك في طريق أهل الكشف .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "عرفت الأشياء بربي" حين قيل له : بم عرفت الله؟ " استشهد به ابن تيمية فى الفتاوى الكبرى و درء تعارض العقل مع النقل وفى غيرها.ونصه "عرفت الأشياء بربي وما عرفت ربي بالأشياء""
وكأنه إلى ذلك يشير الشيخ رضي الله عنه حيث إن بعض هذه النسب نلحق الذات بالنسبة إلى الأعيان الثابتة وبعضها يلحقها بالنسبة إلى الأعيان الخارجية (فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها)، أي جعلناه بعبوديتنا وكوننا محل تصرفه بحيث اتصف بالنسب الإلهية وإطلاق لفظ المألوه على العبد .
خلاف ما يقوله المفسرون من أن الإله بمعنى المألوه و هو المعبود وكأنه رضي الله عنه لاحظ في الإله بمعنى التأثير والتصرف فيما سواه .
فلا جرم يكون اسم المفعول منه هو العبد والمفسرون لما لاحظوا فيه معنى استحقاق من سواه لعبادته وعبوديته لا يكون اسم المفعول منه عندهم إلا المعبود .
قال الشيخ رضي الله عنه : (نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
يقول: (نعم تعرف) من غير نظر في العالم (ذات قديمة أزلية لكن لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه) ويستدل به على ألوهيته (فهو) أي المألوه (الدليل عليه)، أي على الإله من حيث هو إله ولذلك سمي عالما من العلامة التي هي الدليل.
(ثم بعدها في ثاني الحال) وفي بعض النسخ في ثاني حال بدون اللام أي بعد أن عرفت بمألوهيتك الإله وتوجهت إليه بكليتك تنفتح عين بصيرتك، بنور الكشف. (يعطيك) هذا الكشف الواقع في مقام الجمع بعد الفرق .
(أن الحق نفسه) باعتبار صور تعیناته و تقيداته (كان عين الدليل على نفسه) باعتبار مرتبة إطلاقه فإن كل تعين بالضرورة مسبوق باللاتعين . كذلك هو بخصوصياته التعينية عين الدليل على نسب (ألوهيته) . فإن خصوص ?ل تعين يقتضي نسبة خاصة وصفة معينة .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السابعة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:20 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السابعة: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.  ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و) يعطيك الكشف أيضا (أن العالم) كله معقوله ومحسوسه (ليس إلا تجليه)، أي ان?شافه وظهوره (في صور أعيانهم)، أي العالم يعني مقاديرهم وصورهم الظاهرة والباطنة (الثابتة)، أي المفروضة في الإمكان المعدومة الأعيان الكاشفة عنها علم الله تعالى.
الحاكم عليها بما هي عليه من التخصيصات إرادة الله (التي يستحيل) عقلا وشرعا (وجودها)، أي ظهورها منصبغة بصبغة وجود الله تعالی.
(بدونه) سبحانه وتعالى، أي بدون قدرته التي هي عين ذاته مما يليه سبحانه ، فهو تعالى المظهر لها بل هو الظاهر بها في عين إظهاره لها .
(و) يعطيك الكشف أيضا أنه تعالى (يتنوع) بأنواع كثيرة في ظهوره (ويتصور) في صورة مختلفة في تجليه (بحسب) ما هي عليه في فرضها وتقديرها (حقائق هذه الأعيان) المفروضة المقدرة العدمية (و) بحسب (أحوالها) التي تعتريها من خير وشر وغير ذلك.
(وهذا) الذي يعطيه الكشف كائن (بعد العلم به) تعالی علما ناشئا (ما)، أي من نظرنا في أنفسنا (أن لنا إلها) نحن قائمون به في ظواهرنا وبواطننا على سبيل القطع بذلك.
ولكن يغيب عنا في هذا الكشف شهود نفوسنا وغيرنا لاستغراقنا في شهود الله تعالى في الكل وهو مقام الجمع بعد الفرق الأول الذي فيه عامة الناس، وهو شهود أنفسهم وغيرهم فقط والغيبة عن شهود الله تعالی .
فالكل بل يشهدونه في مظهر خاص جزئي أو عقلي أو حسي فيعبدونه فيه وقد حجر عليهم الشرع عبارة مظهر حسي كصنم وكوكب ونحو ذلك.
ولم يحجر عبادة مظهر عقلي وإن ذلك كفرا في الآخرة فإنه ليس كفرا في الدنيا بحسب ظاهر الشرع. .
(ثم يأتي) بعد ذلك (الكشف الآخر) الصحيح وهو مقام الفرق الثاني للتحقيق بالحق والخلق (فيظهر لك) هذا الكشف الآخر (صورنا) معشر الممكنات المفروضة المعدومة (فيه)، أي في وجود ذات الحق تعالی ولا تقل هذا حلول.
لأن الممكنات المعدومة لا وجود لها غير وجود ذات الحق تعالى حتى تحل في وجود الحق تعالی والحلول لا يكون إلا بين شيئين موجودين بوجودين .
وهنا ما ثم إلا وجود واحد، والوجود الواحد لا يحل في نفسه فاحذر من تلبيس الشيطان عليك في كلام أهل المعرفة الإلهية تنجو من الوقيعة في حقهم بما هم بريئون منه شهادة علام الغيوب.
(فيظهر) عند ذلك (بعضا لبعض في) وجود (الحق تعالی) حقائق مم?نات معدومة العين مفروضة في الكيف والأين .
(فيعرف) حينئذ (بعضنا بعضا) معرفة تامة (ويتميز بعضنا عن بعض) في الحس والعقل وتنفصل الأحكام الإلهية علينا بنا فللحق الإظهار ولنا الماهيات وأحوالها والتمييز بينها .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (و) يعطيك (أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها) في الخارج (بدونه).
أي بدون ذلك التجلي (و) بعطيله، الكشف (أنه) أي الحق (متنوع ويتصور) على البناء للفاعل (بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها وهذا) الكشف والذوق (بعد العلم به). أي بعد العلم والحكم منا أنه إله لنا.
ونحن تحت ح?ومته هذا نتيجة قرب الفرائض ويسمى مقام الجمع وفي هذا المقام يكون الحق ظاهرا والعبد مخفيا .
(ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر صورنا فيه) أي في الحق .
(فيظهر بعضنا البعض في الحق) للمناسبة المقتضية للظهور .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيعرف بعضنا بعضا ويتميز بعضنا عن بعض) في الحق فظهر منه أن البعض لا يظهر ولا يعرف ولا يتميز عن بعض وهذا الكشف أعلى من الأول.
فإنه قرب النوافل ويسمى مقام الفرق بعد الجمع وجمع الجمع .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
فنعود ونعيد ما اصطلحنا عليه ونقوله إن النور الوجودي كان في ذاته، و وحداني، أن يظهر كثيرا.
وقولنا: في ذاته، مجاز إذ ليس في ذاته غير ذاته.
فنقول: إن كونه في ذاته له قوة أن يظهر كثيرا نحن سميناه بالمعنى وفرضناه أنه بلسان الحال، يتقاضي النور الوجودي الظهور بما في قوته، لا بمجاورة" فظهر بالواحد والكثير .
وهو في نفسه لا واحد ولا كثير فاحس الذهن بالمتغایرات لا بالتغايرات.
فتوهم أنه احس بالتغايرات والمتغايرات فسمي هذه التغايرات التي غلط في اثباتها أعيانا ثابتة.
وسميتها أنا تبعا للشيخ، رضي الله عنه: المعنى الكلي وهذه التغايرات جزؤياته.
فإذا تحقق أحد بالبقاء بعد الفناء في الشهود رأى أنه ليس مع النور غيره ولا تغايرات هناك وحيث أثبتها الشيخ، رضي الله عنه، قرر فيها ما ذكره في هذه الحكمة وفي غيرها. لكنا جميعا نجتمع في التصريح بأنه ليس مع الله غيره.
وبقي لنا أنه، رضي الله عنه، يقول إن العالم هو العرش والكرسي وما تحتهما من الأفلاك بما فيها .
وأنا أقول كما قيل:
شعر العرش والكرسي يتلوهما    …. غيرهما من غير ما عالم
حبابة في بحر إطلاقه       ….. ما أيسر المحدود في الدائم
فما ذهب إليه محدود وما ذهبت إليه غير محدود وغير متناه بالنوع فكيف بالشخص.
وأنه ليس للوجود مر?ز وفيه منه موجودات لها مرا?ز، ولست ألزم أحدا أن يتبعني في ذوقي هذا والنور الوجودي عندي لا يحيط ولا يحاط به وفيه موجودات تحيط وتحاط بها.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال رضي الله عنه : « ثمّ بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أنّ الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته "
قال رضي الله عنه : «  وأنّ العالم ليس إلَّا تجلَّيه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه  وأن يتنوّع ويتصوّر بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها ، وهذا بعد العلم به منّا أنّه إله لنا  .
قال العبد : يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الواجب على كلّ أن يعرف ربّه وإلهه الذي يعبده ، وذلك لا يكون إلَّا بعد معرفة عبدانيّته ومربوبيته ، فإذا عرف نفسه عبدا مربوبا ، تأتّى له أن يعرف أنّ له إلها هو ربّه خلقه .
ثم بعد هذه المعرفة الصحيحة إن عرف أنّه موجود بالحق ، أو عرف أنّ الموجود هو الحق في عينه وصورته يتنوّع ظهوره بحسب خصوصية المظهر ، عرف أنّ العالم تجلّ منه ، فهو الظاهر بالعالم وفيه بحسب خصوصية حقيقة العالم من القبول ، فهو من حيث ظهوره في العالم المحدث كان دليلا على نفسه أنّه أحدثه وأوجده ، وكان الحق حينئذ من حيث ظهوره فيك دليلا عليه أنّه ربّ ، إله ، خالق لك ، فافهم .
فما أنت إذن أنت على ما كنت في زعمك ، بل تعيّن وتجلّ من تجلَّياته في مرتبة كليّة أو جزوية ، في حقيقة عين ثابتة علميّة أزلية ذاتية من جملة شؤونه الذاتية التي لم توجد ولا شمّت رائحة من الوجود العيني ، بل هي على وجودها العلمي الأزلي الأبدي.
والموجود المشهود منك في الأعيان تجلَّى لظاهر في مظهر ، وكذلك الموجود المشهود من العالم  تجلّ كلَّي وتعيّن عيني ظهر في مظاهر ومجال وتراءى في مناظر ومراء كثيرة مختلفة ، فما يشهد ولا يوجد في المرآة إلَّا الحق لا المرئيّ .
فإنّ متعلَّق الشهود والوجود ليس إلَّا المثال الظاهر من ناظر واحد محاذ بصورته لهذه المرائي الكثيرة ، وهي أعيان العالم وحقائقه فانظر ما ذا ترى ، فأنت يا أخي على عدميّتك الأزلية ، والمشهود هو الوجود الحق الظاهر في مظهريّتك ومرآتك .
وهو الدليل على نفسه من جهتين ومرتبتين :
مطلقة ومقيّدة ، فافهم .
قال رضي الله عنه : "ثمّ يأتي الكشف الآخر ، فيظهر لك صورنا فيه ، فيظهر بعضنا لبعض في الحق ، فيعرف بعضنا بعضا ، ويتميّز بعضنا عن بعض"
قال العبد : أمّا في الكشف الأوّل فشهدت الحق في مجالي : حقائق العالم ومرائي مظهرياته بحسبها ، فكان الشاهد والمشهود هو الحق .
وفي هذا الشهود مرتبتان لأربابهما :
إحداهما : أنّ الحق هو الموجود المشهود في حقائق العالم وأعيان المحدثات وهي مظاهر للحق موجودة في أعيانها ، ظهر الحق بها وفيها وبحسبها ، نحوا من الظهور ، وضربا من التجلَّي .
وفي الثانية : يكون الحق أيضا كذلك هو الموجود المشهود في مراء غير موجودة في أعيانها ، بل هي على عدميّتها العينيّة ووجودها العلمي ، ظهر الوجود الواحد الحق المنسحب عليها بحسب خصوصياتها وقابلياتها ، فظهر الوجود الواحد الحق بهذه المظاهر المختلفة مختلف الصور ، فالمشهود الموجود في الشهودين هو الحق .
وأمّا الكشف الثالث فيعطي أنّ المشهود نقوش أعيان العالم وصورها وأمثلتها في مرآة الوجود الواحد الحق الموجود هو الحق المشهود في صور نسبه ونقوش شؤونه وأحواله الذاتية العينيّة وهي أعني النسب والشؤون التي هي أعيان العالم لم تنتقل من العلم الذاتي إلى العين ، ولكن أثّرت في مرآة الوجود الحق من حيث قبوله وصلاحيته لتلك الآثار هيئات وصورا منها بحسبها.
قال رضي الله عنه : فمنّا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا ، ومنّا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا "أَعُوذُ بِالله أَنْ أَكُونَ من الْجاهِلِينَ".


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.  ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها ، وهذا بعد العلم به منا أنه إلهنا )
يعنى أنه لما هداه العقل أنه لا بد من وجود واجب بذاته غنى عن العالمين انكشف عليه إن ساعده التوفيق ، أن ذلك الوجود الحق الواجب هو المتجلى في صور أعيان العالم بذاته .
وأن أول ظهوره هو تجليه في الجوهر الواحد والعين الواحدة المرتسمة بصور الأعيان الثابتة العلمية كلها ولا وجود لها إلا به ، فهي به موجودة أزلا وأبدا ، وينسبه إليها بنسب أسمائه ، بل التعينات العينية كلها صفاته وبها تتميز أسماؤه وتظهر الإلهية بظهورها به في صور العالم ، فهو الظاهر في صورة العالم والباطن في صور أعيانه والعين واحدة في ظهورها .
فذلك عين الدليل على نفسه ، وبعد علمنا به منا أنه إله لنا ، علمنا أنه يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها فإنها هو لا غيره ، وقوله : إنه إله لنا بدل من الضمير في به ، أي بعد العلم بأنه إله لنا .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم تأتي الكشف الآخر فتظهر لك صورنا فيه ، فيظهر بعضنا لبعض في الحق ، فيعرف بعضنا بعضا ويتميز بعضنا عن بعض ).
الكشف الأول : هو الفناء في الحق ، لأن الشاهد والمشهود في ذلك الكشف ليس إلا الحق وحده ويسمى الجمع .
والكشف الثاني : هو البقاء بعد الفناء ، فيظهر في هذا المقام صور الخلق ، ويظهر بعض الخلق للبعض في الحق ، فيكون الحق مرآة للخلق ، على أن الوجود الواحد قد تكثر بهذه الصور الكثيرة .
فالحقيقة حق والصور خلق ، فيعرف بعض الخلق بعضا ويتميز البعض عن بعض في هذا الشهود.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه).
أي، يعطيك الكشف أيضا أن وجود العالم ليس إلا التجلي الوجوديالحقاني الظاهر في مرايا صور الأعيان الثابتة التي يستحيل وجود تلك الأعيانفي الخارج بدون ذلك التجلي الوجودي، فالعالم من حيث الوجود عين الحقالظاهر في مرايا الأعيان لا غيره.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأنه يتنوع ويتصور) - بفتح الياء، على البناء للفاعل - (بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها).
أي، يعطيك الكشف أن الحقهو الذي ظهر في صور العالم وتنوع بحسب أنواع الأعيان وتصور بصورهذه الحقائق وأحوالها. فالأعيان باقية على عدمها، والمشهود هو الوجود الحقلا غير.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا بعد العلم به منا أنه إله لنا). أي، وهذا الكشف والشهود بعد العلم بالحق وذاته بأنه إله لنا بحسب أسمائه وصفاته، إذ لو لم نعلم أن لنا إلها وله تعالىأسماء وصفات يقتضى أعيانا ثابتة يكون محل سلطانها ومجلى ظهوراتها، ما كنا نعلم أن المتجلي في مرايا هذه الصور هو الحق، ولا يحصل لنا الكشف، ولا للمرتبة الإلهية الظهور أصلا.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم، يأتي الكشف الآخر، فيظهر لك صورنا فيه) أي في الحق. (فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فتعرف بعضنا بعضا، ويتميز بعضنا عن بعض.)هذا الكشف هو كشف مقام الفرق بعد الجمع، ويسمى جمع الجمع باعتبار أنه يجمع الجمع مع الفرق، وهو ظهور صور الأعيان في مرآة الحق  .
وبهذا  الاعتبار يكون المشهود هو الخلق والحق في عزه الأحمى وغيبه الذي كنى عنه نبينا، صلى الله عليه وسلم، بـ (العماء) وإن كان وجوده مرآة يظهر فيها العالم، وعند هذا الظهور يظهر بعضنا لبعض في حضرة علم الحق، فيقع التعارف
بين الأعيان في هذه الحضرة بحكم المناسبة، ويظهر التناكر بحسب عدم المناسبة.
وما وقع من التناكر والتعارف في عالم الأرواح - كما نبه عليه، صلى الله عليه وسلم، بقوله: "الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منهااختلف"- مظهر ونتيجة لذلك التعارف والتناكر الواقعين في الحضرة العلمية.
وإنما قال(فيظهر بعضنا لبعض في الحق فنعرف بعضنا بعضا.)
لأن الأعيان حال ثبوتها في غيب الحق، دون وجودها العلمي والعيني، غير متميز بعضها عن بعض، مستهلك كلها تحت قهر الأحدية الذاتية، كالأسماء
والصفات، إذ لا وجود لشئ فيها أصلا، سواء كان اسما أو صفة أو عينا ثابتة أو غير ذلك، كما قالصلى الله عليه وسلم عليه السلام: (كان الله ولا شئ معه). منبها عن هذه المرتبة.
واعتبر في مقام روحك حال حقائقك وعلومك الكلية، هل تجد ممتازا بعضها عن بعض؟
أو عن عين روحك إلى أن تنزل إلى مقام قلبك، فيتميز كل كلي عن غيره، ثم يتفصل كل منها إلى جزئياته فيه، ثم يظهر في مقام الخيال مصورا كالمحسوس، ثم يظهر في الحس.
فإن وجدت في نفسك ما نبهت عليه، هديت وعلمت الأمر فيمن أنت خلقت على صورته.
وإن لم تجد ما في نفسك على ما هي عليه، لايمكنك الاطلاع على الحقائق الإلهية وأحوالها.
و (كل ميسر لما خلق له.) والامتياز العلمي أيضا إنما هو في المقام القلبي لا الروحي.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وأن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (أن العالم) الذي كان يستدل به على الصانع (ليس إلا تجلية في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه).
فيعلم بهذا الكشف أنه كان قد دل وجوده فيها على وجوده في نفسه، وعلى أنه أوجدها تجليه فيها، ويعلم أيضا بالكشف المذكور.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (أنه يتنوع) صوره؛ وذلك لأنه (يتصور بحسب حقائق الأعيان وأحوالها). وقد كان يحتجب عنا بهذا التنوع فتتوهم أن وجودها مع كثرتها واختلافها كيف يكون الوجود الواحد الحق الذي لا اختلاف فيه أصلا، ولكنها أمور ممكنة تفتقر إلى واجب الوجود المرجح وجودها على عدمها، وإنما اعتبر أحوالها؛ لأن الشخص الواحد قد تختلف صوره باختلاف أحواله مع وحدة عينه الثابتة.
ثم صرح بالمقصود أعني: أنه لا بد في معرفة الصانع في الجملة من نظر في العالم أو" فقال: قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذا) أي: معرفة أنه المتجلي في أعياننا، إنما هو (بعد العلم منا أنه إله لنا)، إذ لا نشك أننا موجودون بوجود ليس بالأثر على المؤثر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
ثم أشار الشيخ إلى ما يشبه دلالة المؤثر على الأثر مع تأخره عن دلالة الأثر على المؤثر بمرتبتين فقال: (ثم يأتي الكشف الآخر) الذي يكون فيه الحق مرآة للخلق، والمرأة سبب ظهور الصور فكأنها دالة على نفسها، وعلى ذوى الصور.
وهي الآثار (فيظهر لك صورنا فيه) بعد ظهور صوره فينا، إذ كنا مرآة له (فيظهر بعضنا البعض في الحق) ?الصور المجتمعة في المرأة الواحدة عند محاذاة ذوى الصور إياها يظهر لأحدهم من كان خلفه من محاذاة تلك المرآة.
وإن لم يقع عليه بصره (فيعرف بعضنا بعضا) بالحق، وإن لم يكن ذلك البعض معروفا له قبل ذلك فيطلع حينئذ على أحواله ومراتبه وما جرى عليه.
وما يأتي في حقه بمقدار ما ?وشف من ذلك (ويتميز بعضنا عن بعض)، وإن لم يكن في الذات أجزاء تنطبع صور البعض في جزء البعض الآخر في جزء آخر، بل هي كالصور المنطبعة في مرآة القلب.

وفيه دلالة المؤثر على الأثر، إنما تحصل دلالة عليه؛ ولكن في حق م?اشف يعرف أن هذه المعرفة وقعت له في مرآة الحق؛ لكن لا يعرف أن هذه المعرفة وقعت له في مرآة الحق؛ لكن لا يعرف كل م?اشف ذلك.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:21 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السابعة: الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.  ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض).
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : وأنّ العالم ليس إلَّا تجلَّيه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ) - تجلَّى الشبح المقابل في السطح القابل - ( وإنّه ) أي ذلك التجلَّي ( يتنوّع ) كليّا في العقل ( ويتصوّر ) جزئيّا في الخارج ( بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها ) - على ترتيب اللفّ والنشر - ( وهذا بعد العلم به منّا : أنّه إله لنا ) ، ضرورة أنّه ما لم يعلم نسبة بين الذات القديمة والعالم ، لم يعلم أمر الظاهريّة والمظهريّة المذكورتين أصلا .
مشهد الجامع بين الجمع والتفرقة ثمّ إنّ ذلك النسبة تتفاوت بحسب قوّة الأذواق وصفاء المشارب ، فمن المكاشفين من وقف في موطن المغايرة بين الظاهر والمظهر ، والنور والظلّ ، والوجوب والإمكان ، والجمع والتفرقة - إلى غير ذلك - فهو الذي لضعف ذوقه وشوب مشرب إدراكه غوائل أحكام المدارك الجزئيّة ، قد انحجب بأحد المتقابلين عن الآخر ، ومنهم من جاوز ذلك وبلغ حريم الإطلاق ، وفاز بالدخول في حرم الاتّصال والاتحاد .
وإلى ذلك أشار بقوله رضي الله عنه : ( ثمّ يأتي ) له ( الكشف الآخر ) عند بسط بساط الامتياز والتفصيل ، وهو الموسوم بالفرق بعد الجمع ( فيظهر لك صورنا فيه ، فيظهر بعضنا لبعض في الحقّ ، فيعرف بعضنا بعضا ) بقوة نسبة الاتحاد والجمع ( ويتميّز بعضنا عن بعض )
بقوّة قهرمان المغايرة والافتراق ، فهذا المشهد هو الجامع بين الجمع والتفرقة ، والتفصيل والإجمال .وأهل هذا المشهد أيضا متفاوتون :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.  ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض).
قال الشيخ رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها،)
(وإن العالم) عطف على قوله : وأن الحق عطف تفسير يعني ويعطيك الكشف أن العالم بجميع حقائقه الموجودة فيه .
(ليس إلا تجليه) الوجودي بالفيض المقدس .
(في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها)، أي وجود تلك الأعيان .
(بدونه) أي بدون ذلك التجلي الوجودي.
فالأعيان الموجودة ليست إلا تجلياته سبحانه فيها.
ولا فرق بينها وبين الحق إلا بالتقييد والإطلاق والمقید عین المطلق من وجه فهو سبحانه عین الدليل على نفسه .
(و) كذلك يعطيك الكشف (أنه) يعني العالم (بتنوع) أنواعا مختلفة (ويتصور) بفتح الياء يقبل صورة متباينة .
(بحسب) تنوعات (حقائق هذه الأعيان) الثابتة المتنوعة بحسب تنوعات النسب الألوهية.
(و) بحسب تنوعات (أحوالها) فهو سبحانه باعتبار تنوعات ظهوره في صور العالم دليل على نسبة ألوهيته كما كان من حيث نفس تجليه فيها دليلا على نفسه .
اعلم أن المشهود في هذا انكشف ليس إلا الحق سبحانه بتجلياته المختلفة المتنوعة بحسب اختلافات المجالي وتنوعات المراني .
فيشهد الوجود الحق الواحد بسبب انصباغه بأحكام المجالي والمرائي متعدد متكثرة.
وهذا الشهود على نوعين :
أحدهما : أن يشهد المشاهد الوجود الحق في أعيان الوجودات الخارجية وهي مظاهر للحق موجودة في أعيانها ظهر الحي فيها بحسبها نحوا من الظهور وضربا من التجلي،
وثانيهما : أن يشهد المشاهد الوجود الحق في مجالي الأعيان الثابتة ومراتبها وهي غير موجودة في أعيانها بل هي على عدمها الأصلى ووجودها العلمي ظهر الوجود الحق بها مختلف الصور.
فعلی هذا : يكون المراد بوجودها في قوله : يستحيل وجودها بدون ظهور أحكامها وآثارها في الوجود الحق لا وجودها في نفسها . فإنها ما شمت رائحة الوجود في ?شف هذه المشاهد
قال الشيخ رضي الله عنه : (و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض).
(وهذا) الكشف كما نبهنا أولا إنما يحصل لنا (بعد العلم به سبحانه منا أنه إله لنا) مؤثر فينا بأسمائه الوجودية و نحن عبید به متأثرون عن تلك الأسماء محتاجون إليها وجودة وبقاء.
فإنه لو لم نعلمه بالألوهية كيف يتيسر لنا التوجه إليه بالكلية المفضي إلى ذلك الكشف والاطلاع.
ثم يأتي بعد هذا الكشف (الكشف الآخر) و هو ?شف مقام الفرق بعد الجمع ويسمى جمع الجمع باعتبار أنه يجمع الجمع مع الفرق (فيظهر لك صورنا فيه).
أي في الحق سبحانه و مرآة وجوده (فيظهر بعضنا البعض) في مرآة الوجود (الحق فيعرف بعضنا بعضا ويتميز).
أي يفترق (بعضنا عن بعض) بحيث لا يقع بينهما رابطة معرفة على طبق التفارق والتناكر الواقعين في عالم الأرواح موافقين لما كان في استعداداتنا في الحضرة العلمية .
وإذا عرفت بعضنا بعضا سواء كانت هذه المعرفة في منام الفرق قبل الجمع أو بعده.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:23 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثامنة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، ولذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا معشر أهل الكشف من يعرف أن في الحق) سبحانه (وقعت هذه المعرفة لنا) متعلق بوقعت، أي لبعضنا بعضا (بنا) .
ولهذا كلنا حيث كان منه الإظهار فقط والباقي كله منا في مراتب إمكاننا العدمية وإليه يشير قوله تعالى : "الله نور السموات والأرض" [النور: 35]، أي منورهما يعني مظهرهما بنوره الذي هو وجوده الحق، فالكل منا إمكانا واستعدادا وقبولا، والكل منه إيجادا وإظهارا.
قال تعالى: "قل كل من عند الله" [النساء: 78]، ولم يقل من الله ، لأن عندية الله حضور مراتب الإمكان العدمية في علمه سبحانه.
فصاحب الكشف الأول يقول : نحن كلنا به سبحانه .
وصاحب الكشف الثاني وهو أرقى يقول: نحن كلنا بنا لا به سبحانه ولكن فيه لا فينا.
فعند الأول هو الظاهر بنا العامل بنا، وعند الثاني نحن الظاهرون به العاملون بنا فيه، لا به فينا.
(ومنا من يجهل) لغلبة أحكام الوحدة عنده على الكثرة وهو صاحب الكشف الأول (الحضرة) الإلهية (التي وقعت فيها هذه المعرفة) من بعضنا لبعض (بنا)، لأنه سبحانه ("أعوذ")، أي احتمى واحتفظ ("بالله") تعالى ("أن أكون") في معرفة الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة ("من") جملة ("من الجاهلين") [البقرة : 67] بذلك.
(و بالكشفين) المذكورين اللذين هما تنوع الحق تعالی وتصوره بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها، والثاني تصورنا فيه بصور ظاهرة بعضها لبعض (معا) تأكيد للكشفين.
(ما يحكم) الحق تعالی (علينا) بما يحكم به في ظاهرنا وباطننا (إلا بنا)، أي بما فيه منا وهو قوله تعالى: "يعذبهم الله بأيديكم" [التوبة: 14].
وهذا إشارة إلى الكشف الأول (لا، بل نحن نحكم علينا بنا) في جميع أحوالنا (ولكن فيه) حيث علمنا منا فحكمنا نحن علينا بما علمه منافيه فنحن به حا?مون علينا وهو قوله تعالى : " كم ممن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله" [البقرة: 249]. وهذا إشارة إلى الكشف الثاني.
(ولذلك)، أي لكون الأمر كما ذكر (قال) الله تعالى: ("فلله")، أي فليس لغيره ("الحجة البالغة") [الأنعام: 149]، أي القوية (يعني على جميع المحجوبين) بنفوسهم عن حقيقة ربهم القائم على كل نفس بما كسبت وهم الكافرون والعصاة.
(إذ قالوا) يوم القيامة (للحق) تعالى وقد ظهر لهم أنه هو الذي فعل جميع ما فعلوه بهم وهذا مقدار ما يظهر لهم يوم القيامة من الله تعالى أولا وهو الكشف الأول .
(لم)، أي لأي سبب (فعلت) أنت (بنا كذا وكذا) من كل فعل لا ترضى به فنستحق عليه الجزاء السوء منك (مما لا يوافق أغراضهم) الدنيوية والأخروية .
(فيكشف)، أي الحق تعالی (لهم)، أي للمحجوبين (عن ساق)، أي شدة التباس كما يقال : قامت الحرب عن ساقها . قال تعالى: "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى الجود فلا يستطيعون " [القلم: 42].

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا) بظهور صورنا فيه .
(ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا) فلا يحصل له هذه المعرفة .
لأن في الحضرة فرع المعرفة بنفس الحضرة ومن لم يعرف الحضرة لم تكن الحضرة مرآة ولم يظهر له الصور فيها حتى حصل المعرفة.
قال الشيخ رضي الله عنه : ("أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين") بالحضرة. ثم بين جمع المقامين الحاصلين عن الكشفين
بقوله: (و بالكشفين معا) يحصل لنا العلم. بان (ما بحكم) الحق (علينا إلا بنا)
بسبب طلبنا ذلك الحكم منه لكن يظهر ذلك الحكم فينا هذا ناظر إلى الكشف الأول .
(لا) أي لا يحكم الحق بحكم من الأحكام علينا بنا.
(بل نحن نحكم علينا بنا) أي بل الحاكم علينا بنا نحن .
(ولكن) ذلك الحكم يظهر( فيه) أي مرآة الحق هذا ناظر إلى الكشف الثاني.
فمن جمع بينهما بحيث لا يحجب أحدهما عن الآخر فهو الواصل إلى درجة الكمال في رتب العلم بالله .
(ولذلك) أي ولأجل أن كون الحكم علينا منا لا من الله وإن الله ما فعل بنا إلا ما نحن نفعل بأنفسنا.
(قال الله تعالى: "قل فلله الحجة البالغة " [الأنعام: 149 ] بعني على المحجوبين)، الذين لم ينكشف لهم ما انكشف للعارفين في الدار الدنيا .
قال الشيخ رضي الله عنه : (إذا قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم فيكشف) الحق (لهم عن ساق) .
إشارة إلى قوله تعالى: ("يوم يكشف عن ساق" [القلم: 4۲].وساق الأمر أصله ونهايته.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، ولذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
تئزله إلى عقول المحجوبين رجاء أن يمكر بهم في إثباتها ثم يخلصهم بعد ذلك إلى حضرة الوحدانية ، فنعود ونعيد ما اصطلحنا عليه ونقوله إن النور الوجودي كان في ذاته، و وحداني، أن يظهر كثيرا.
وقولنا: في ذاته، مجاز إذ ليس في ذاته غير ذاته.
فنقول: إن كونه في ذاته له قوة أن يظهر كثيرا نحن سميناه بالمعنى وفرضناه أنه بلسان الحال، يتقاضي النور الوجودي الظهور بما في قوته، لا بمجاورة" فظهر بالواحد والكثير .
وهو في نفسه لا واحد ولا كثير فاحس الذهن بالمتغایرات لا بالتغايرات.
فتوهم أنه احس بالتغايرات والمتغايرات فسمي هذه التغايرات التي غلط في اثباتها أعيانا ثابتة.
وسميتها أنا تبعا للشيخ، رضي الله عنه: المعنى الكلي وهذه التغايرات جزؤياته.
فإذا تحقق أحد بالبقاء بعد الفناء في الشهود رأى أنه ليس مع النور غيره ولا تغايرات هناك وحيث أثبتها الشيخ، رضي الله عنه، قرر فيها ما ذكره في هذه الحكمة وفي غيرها. لكنا جميعا نجتمع في التصريح بأنه ليس مع الله غيره.
وبقي لنا أنه، رضي الله عنه، يقول إن العالم هو العرش والكرسي وما تحتهما من الأفلاك بما فيها .
وأنا أقول كما قيل:
شعر العرش والكرسي يتلوهما    …. غيرهما من غير ما عالم
حبابة في بحر إطلاقه       ….. ما أيسر المحدود في الدائم
فما ذهب إليه محدود وما ذهبت إليه غير محدود وغير متناه بالنوع فكيف بالشخص.
وأنه ليس للوجود مر?ز وفيه منه موجودات لها مرا?ز، ولست ألزم أحدا أن يتبعني في ذوقي هذا والنور الوجودي عندي لا يحيط ولا يحاط به وفيه موجودات تحيط وتحاط بها.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال رضي الله عنه : فمنّا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا ، ومنّا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا "أَعُوذُ بِالله أَنْ أَكُونَ من الْجاهِلِينَ".
أنّ المشهود نقوش أعيان العالم وصورها وأمثلتها في مرآة الوجود الواحد الحق الموجود هو الحق المشهود في صور نسبه ونقوش شؤونه وأحواله الذاتية العينيّة .
وهي أعني النسب والشؤون التي هي أعيان العالم لم تنتقل من العلم الذاتي إلى العين .
ولكن أثّرت في مرآة الوجود الحق من حيث قبوله وصلاحيته لتلك الآثار هيئات وصورا منها بحسبها.
قال رضي الله عنه : " وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلَّا بنا  ،بل نحن نحكم علينا بنا ، ولكن فيه ، فلذلك  قال : " فَلِلَّه ِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " يعني على المحجوبين.
إذ قالوا للحقّ : لم فعلت بنا كذا وكذا ممّا لا يوافق أغراضهم ، فيكشف لهم "الحق" عن ساق." وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا ، فيرون أنّ الحق ما فعل لهم ما ادّعوه أنّه فعله ، وأنّ ذلك منهم ، فإنّه ما علمهم إلَّا ما هم عليه ، فتدحض  حجّتهم ، "وتبقى الحجة لله البالغة " .
قال العبد : إنّ الحاكم علينا نحن على الكشفين معا ، لأنّا على الكشفين معا :
إمّا تجلّ وحق متعيّن بمقتضيات أعياننا الثابتة .
أو صور أعيان ظهرنا في مرآة الوجود الحق بمقتضيات أعياننا وخصوصياتنا كذلك .
فإذن لم يحكم الحق علينا في كلّ ما حكم علينا ، دنيا وآخرة ، روحا وجسما ، ظاهرا وباطنا ، شقاوة وسعادة ، إلَّا بموجب ما اقتضت خصوصياتنا واستعداداتنا غير المجعولة ، الذاتية ، وقابليّات مظهرياتنا التي استدعت من الحق أن يحكم علينا بما نستأهله ونستحقّه ، والله العليم ، الحكيم ، العدل ، الحكم لا يحكم على كل محكوم عليه بكل حكم حكم عليه إلَّا بموجب علمه بالمحكوم عليه .
وبالحكم الذي يطلبه ويقتضيه بحقيقته وعلمه به على ما هو عليه وبحسبه وبموجب استعداده ، ولا ينسب إلى الحق ما يتوهّمه أهل الجهل أنّ الله قدّر وحكم على الخلائق .
أو كتب عليهم بما ليس فيهم وهو ظلم محض إن يقدّر على أحد ويحكم عليه قبل وجوده في الأزل بأفعال وأحوال وآثار ليست فيهم ومنهم ، ثم إذا صدرت منهم في الدنيا بموجب ما قدّر وكتب عليهم .
طالبهم بذلك في الآخرة ، وعاقبهم ، وأخذهم بها ، وعذّبهم ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون الجاهلون علوّا كبيرا.
بل الله يحكم علينا بمقتضيات استعداداتنا وبموجب خصوص قابليّات صور معلوميّاتنا له أزلا ، فلم يحكم علينا إلَّا لما منه أو حكمنا أن يحكم علينا بذلك .
فما حكم علينا إلَّا بحكمنا ونحن صور نسب علمه وشئونه وأحواله الذاتية النفسية ، بل نحن حكمنا علينا بالحق وفيه ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا ، ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا ، أعوذ باللَّه أن أكون من الجاهلين ).
أي فمنا المكاشف بالكشف الثاني ، من لا يحتجب بالخلق عن الحق فيعرف الكثرة الخلقية في عين الحقيقة الأحدية الحقية وهو أهل الكمال . لا يحجبهم الجلال عن الجمال والجمال عن الجلال
فإن الكشف الأول جمالى محض ، لا يشهد فيه صاحبه إلا الجمال وحده ، والصور العينية وأحوالها وتعيناتها أسماؤه وصفاته ، فهو محجوب بالجمال عن الجلال .
ومنهم أي ومن أهل الكشف الثاني ، من يحتجب بالجلال عن الجمال فيخيل الحضرة بحسب الخلق غيره فيحتجب بالخلق عن الحق ، أعوذ باللَّه من الضلال بعد الهدى .
ولا تظن أن الوجود العيني في الظاهر عين الوجود الغيبي في الباطن حقيقة ، فتحسب أن الأعيان قد انتقلت من العلم إلى العين أو بقيت هناك .
والوجود الحق ينسحب عليها فيظهر بآثارها ورسومها ، أو هي مظاهر موجودة ظهر الحق فيها ، بل الأعيان بواطن الظواهر ثابتة على معلوميتها ، وبطونها أبدا قد تظهر وتختفى .
فظهورها باسم النور ووجودها العيني الظاهر وبقاؤها على الصورة العلمية الأزلية الأبدية ووجودها الغيبي ، فهي في حالة واحدة ظاهرة وباطنة بوجود واحد حقي .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا ، لا بل نحن نحكم علينا بنا ، ولكن فيه ) الحق أن لا يحكم علينا إلا بما فينا من أحوال أعياننا ، بل الحاكم والمحكوم عليه واحد كما مر.
فنحن نحكم على أعياننا الظاهرة بما فيها من حيث هي باطنة ثابتة بالتعين العلمي ، في الوجود الحق المطلق
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  (وبالكشفين معا ) يحصل لنا العلم ، بأنه ( ما يحكم علينا إلا بنا ) بسبب طلبنا ذلك الحكم منه لكن يظهر ذلك الحكم فينا هذا ناظر إلى الكشف الأول ( لا ) أي لا يحكم الحق بحكم من الأحكام علينا بنا (بل نحن نحكم علينا بنا ) أي الحاكم علينا بنا نحن ( ولكن ) ذلك الحكم يظهر ( فيه ) أي في مرآة الحق هذا ناظر إلى الكشف الثاني ، فمن جمع بينهما بحيث لا يحجب أحدهما عن الآخر فهو الواصل إلى درجة الكمال في رتب العلم باللَّه .أهـ بالى.""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلذلك قال : "فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " يعنى على المحجوبين . إذا قالوا للحق : لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم )
فيقول على لسان المالك: " لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ " أي بالذي هو مقتضى أعيانكم والذي سألتموه بلسان استعدادكم ، كقوله :" وما ظَلَمْناهُمْ ولكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ".
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن كون الحكم علينا منا لا من الله ، وأن ما فعل الله بنا إلا ما نحن نفعل بأنفسنا ( قال تعالى :" فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " ) فأمكن عند العقل هداية كل ممكن ، لأن العقل قاصر عن إدراك الشيء على ما هو عليه ، فجاز أن يكون الشيء الواحد ممتنعا في نفسه ، وممكنا عند العقل وأي الحكمين المعقولين من الهداية وعدمها .
وقع ذلك  الحكم المعقول هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته  فلا يمكن الهداية في استعداد كل أحد فلا يشاء إيمانه ولما حقق الآية على التفسير : شرح تأويلها وتطبيقها على حاصل الكشفين .أهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكشف بهم عن ساق ) وفي نسخة : فيكشف لهم الحق عن ساق ( وهو ) شدة الأمر الذي اقتضاء أعيانهم على خلاف ما توهموه.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا – "أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين".)
أي، فمنا منيعرف أن في مرآة ذات الحق وحضرة علمه وقعت هذه المعرفة لنا، أي معرفة بعضنا بعضا بنا، أي بإعطاء أعياننا ذلك العرفان بحكم المناسبة الواقعة بينها. ومنا من يجهل تلك الحضرة والتعارف الواقع بين الأعيان، بسبب الغواشي الناتجةمن النشأة العنصرية والأطوار التي يظهر فيها العين الإنسانية إلى حين وصولها إلىهذه الصورة الألفية،
كما قال:
(وأظنها نسيت عهودا بالحمى  .... ومنازلا بفراقها لم يقنع)
ولما كان الأول حال أهل الكمال المحبوبين المعنى بهم الذين لا يحجبهم جلال الحق عن جماله، كالمحجوبين بالخلق عن الحق، ولا جماله عن جلاله، كالمحجوبين بالحق عن الخلق، وهم المهيمون الباقون في الجمع المطلق، والثاني حال المحجوبين المطرودين الذين لا يبالي بهم.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ("أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين".) (وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا).
أي الكشف الأول يعطى أن الموجود هو الحق لا غير، وهو الظاهر في مرايا الأعيان والخلق في العدم، والكشف الثاني يعطى أن الموجود هو الخلق الظاهر في مرآة وجود الحق والحق في غيبه. والكشف الجامع بينهما معا - وهو مقام الكمال المحمدي، صلى الله عليه وسلم، شهود الحق في عين الخلق والخلق في عين الحق جمعا من غير احتجاب بأحدهما عن الآخر - يعطى أن ما يحكم الحق علينا بحكم من الأحكام إلا بسبب اقتضاء أعياننا ذلك الحكم.
قال الشيخ رضي الله عنه :   (لا، بل نحن نحكم علينا بنا ولكن فيه). أضرب عن قوله: (ما يحكم علينا الحق إلا بنا) تأكيدا لما ذكره، فقال: لا، بل أعياننا يحكم علينا باستعداداتنا.
فإن كل عين من الأعيان يطلب من الحق بلسان استعدادها أن يوجدها ويحكم عليها بحسب قابليتها، فهي الحاكمة على الحق أن يحكم عليها بمقتضاها.  (ولكن فيه). أي، في علم الحق.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قال تعالى: "فلله الحجة البالغة" يعنى على المحجوبين) الذين لم يكشف لهم حقيقة الأمر على ما هو عليه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (إذ قالوا للحق: لم فعلت بنا كذا وكذا؟ مما لا يوافق أغراضهم. فيكشف).
أي الحق (لهم عن ساق). أي، من شدة الأمر يوم القيامة، أو عن أصل الأمر وحقيقته، إذ(ساق) الشئ ما يقوم به الشئ، وهو أصله المقوم إياه.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا) أي: بظهورنا فيه لا بنفس الحق فنحن الدليل أو لا في تلك الحالة أيضا فلا تتم دلالة المؤثر على الأثر كل وجه.
على أن ذات الحق تكون مستورة حينئذ لوجوب استتار المرآة عند ظهور الصورة فيها على ما مر.
منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة منا فیزعم أن المرآة مرآة العقول، أو النفوس السماوية، أو أنها وقعت لنا لا (بنا).
أو أن صورنا صارت عين الحق فهذا مع هذا الكشف الذي هو غاية النور باق في ظلمة الجهل.
ولذلك ("قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين") [البقرة: 67]، ثم أشار إلى أن مبنى الاستدلالين على القول بالمؤثر والأثر، وهو إنما يتم لو كان تأثيره من حيث هو.
لكن الكشفان المذكوران يمنعان من ذلك . فقال: (وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا) إما بالكشف الأول أعني: تجلي الحق في مرايا الأعيان فلاختلاف صوره بحسبها، وحسب أحوالها فما يحكم على كل واحد منها بالتجلي المخصوص بها إلا بمقتضاها.
وإما بالكشف الثاني أعني: ظهور صورنا في مرآة الحق فلأن يتميز بعضنا عن بعض هناك ليس بحسب المرآة لوحدها، وعدم الاختلاف فيها .
بل بحسب ما فاض علينا من مفضيات أعياننا فما حكم علينا بالتجليين إلا بنا لا أي: الحق (لا) يحكم علينا ابتداء بشيء (بل نحن نحكم علينا بنا) أو لا؛ لأن حكمه تابع لعلمه التابع لمقتضيات الأعيان، وهي الحاكمة بأنفسها على أنفسها ابتداء.
(ولكن) اقتضاء الأعيان الثابتة، إنما هو حال ثبوتها (فيه) أي: في علمه فنسب ذلك إليه؛ لأنه الموجود دونها؛ (ولذلك) أي: و لكوننا الحكام علينا بنا (قال تعالى: "فلله الحجة البالغة)
[ الأنعام: 149 ].
ولما اختص التزام الحجة بالخصم المعترض، والاعتراض على الله تعالى لا يتأتي إلا من المحجوبين دون أهل الكشف التاركين للاعتراض على الله لاطلاعهم على سر القدر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق: لم فعلت كذا) من المعاصي، (وكذا) من العقاب وإن كان فيه حكم كثيرة للحق؛ لكنه (مما لا يوافق أغراضهم فيكشف لهم عن ساق) .
وهو ما بطن عنهم من سر القدر عبر عنه بالساق الذي ستره غالب في العادة.
"الساق : حقيقة هول الأمر و شدته . كشفت الحرب عن ساقها"
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:24 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثامنة :الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
فهذا المشهد هو الجامع بين الجمع والتفرقة ، والتفصيل والإجمال .وأهل هذا المشهد أيضا متفاوتون :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمنّا من يعرف أن في الحقّ وقعت هذه المعرفة لنا ، بنا ومنّا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا ) - على ما هو مقتضى مسلك بعض الحكماء المذكورين - ( أعوذ باللَّه أن أكون من الجاهلين ) .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا ، لا - بل نحن نحكم علينا بنا ولكن فيه ) فإنّ الأول هو المعطي للجمعيّة بأنّه هو الدليل على نفسه ، وعلى الوهيّته .
والثاني هو الذي يعطي أن التفرقة التي بها تمتاز الأعيان عين تلك الجمعيّة ، فإنّ الجمعية الحاصلة منها هو الجمعية بين التفرقة والجمع .
لله الحجة البالغة  ( ولذلك ) - أي لما أنّ الحكم الذي علينا إنّما هو بنا - (قال : " فَلِلَّه ِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " [ 6 / 149 ] ، يعني على المحجوبين إذا قالوا للحقّ : « لم فعلت بنا كذا وكذا » ؟ - ما لا يوافق أغراضهم - فيكشف لهم عن ساق ) .
أي عمّا يقوم به أمرهم على ساق النظام ، أو عمّا يسوقهم إلى ذلك على طريقة الاشتقاق الكبير - على ما هو المعوّل عليه عند المحقّقين . 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا،)
(فمنا من يعرف أن في) مرآة الوجود (الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا) ، أي لبعضنا ببعض وهؤلاء هم أرباب الكشف الثاني الذي هو مقام الفرق بعد الجمع و مشهودهم صور الأعيان الثابتة وأمثلتها في مرآة الوجود الحق من غير انتقالنا من العلم إلى العين .
ولكن أثرت في مرآة الوجود الحق حيث قبولها وصلاحيتها لا بأمر تلك الأعيان صورا وأمثله يحسبها الجاهل موجودات عينية .
(ومنا من يجهل تلك الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة) المتعلقة (بنا) بأن يعرف بعضنا بعضا و هي حضرة الوجود الحق التي هي كالمراة لنا فهم يرون صورة الفرق ويعرفونها متميزة بعضها عن بعض ولكن لا يعرفون أنها ظهرت في مرآة وجود الحق .
وهؤلاء المحجوبون الجاهلون بالأمر على ما هو عليه ولهذا استعاذ رضي الله عنه عن حالهم (فقال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين وبالكشفين معا)، أي بمقتضى كل واحد من هذين الكشفين على انفراده ، فمعنى المعية اشتراكهما في هذا الحكم لا عدم استقلال واحد واحد منهما (ما بحكم) الحق تعالی (علينا إلا بنا).
قال الشيخ رضي الله عنه : (، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»)  
(لا بل نحن نحكم علينا بنا) أما بالكشف الأولى فلا نافية تجليات الوجود الحق المتعينة بمقتضيات أعياننا الثابتة فالحاكم علينا بالوجود وتوابعه هو الحق سبحانه بتلك التجليات .
لكن كما تقتضيه أعياننا فلا يحكم علينا إلا بنا بل هذا الحكم أيضا مما نطلبه بلسان استعداداتنا، فمتى لم نحكم عليه تعالى بإجراء الأحكام علينا ثم يجرها علينا ، فبالحقيقة نحن نحكم علينا بنا.
وأما بالكشف الثاني فلا نافية صور أعيان ظهورنا في مرآة الوجود الحق ولا تظهر هذه المرأة إلا كما تقتضيه أعياننا . فهو لا يحكم علينا بالظهور وأحكامه إلا بنا.
بل نحن نطلب منه بلسان استعداداتنا أن يحكم علينا بهذا الحكم فبالحقيقة نحن نحكم علينا بنا .
(ولكن) هذا الحكم في هاتين الصورتين لا يكون إلا (فيه) أي في الحق ومرآة وجوده المطلق فإنا ما لم تظهر فيه لم نوجد وما لم نوجد لم يجر علينا أحكامنا وأحوالنا.
ولذلك قال تعالى : ("فلله الحجة") [الأنعام:149 ]. ( يعني على المحجوبين)، الذين تم تنكشف لهم حقيقة الأمر على ما هو عليه (إذا قالوا) يوم القيامة (للحق تعالى لم فعلت بنا كذا وكذا).
وأجريت علينا أعمالا مخصوصة أدتنا إلى هذه الشدائد وذكروا أمورا (مما لا توافق أغراضهم فيكشف لهم) على البناء للمفعول أو الفاعل وإرجاع الضمير إلى الحق.
(عن ساق) أي عن أمر شديد ساق ، وهو أن ذلك من مقتضيات أعمالهم على خلاف ما توهموه.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:25 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة التاسعة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.  فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» [الأنعام: 149] قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو)، أي الساق المذكور الأمر العظيم الذي كشفه العارفون بالله تعالی (هنا) يعني في الحياة الدنيا قبل الآخرة وذلك هو الكشف الثاني.
(فيرون) أي المحجوبون حينئذ (أن الحق تعالی ما فعل بهم ما) أي ذلك الفعل الذي (ادعوه أنه فعله بهم) .
(كما هو مقتضى الكشف الأول) و (یرون) أن ذلك الفعل المذكور حاصل (منهم) به (فإنه) سبحانه (ما علمهم) في حضرة أزله (إلا على ما)، أي الوصف الذي (هم عليه) في حضرات وجودهم الأبدية .
وما فعل بهم إلا ما علمه منهم فالإيجاد منه لا غير وجميع أحوالهم علمها منهم فأوجدها لهم على طبق ما علمها وحيث ظهر لهم ذلك وانكشف عندهم.
(فتندحض)، أي تبطل في نظرهم أيضا كما هي باطلة في نفس الأمر (حجتهم) التي هي أن الحق تعالی فعل بهم جميع ما فعلوه على حسب الكشف الأول.
(وتبقى الحجة) ("البالغة") عليهم التي هي أن الحق تعالى ما فعل بهم ما فعلوه هم وإنما هم الفاعلون به جميع ما فعلوه، لأنه علمهم كذلك فأوجدهم على طبق ما علمهم.
إذا تقرر هذا (فإن قلت): يا أيها الإنسان (فما فائدة قوله تعالی) في آخر الآية المذكورة ("فلو شاء لهداكم")، أي أوصلكم إلى معرفته المطابقة لمقتضی شرعه ("أجمعين") [الأنعام: 149].
ولم يزغ قلب أحد منكم عن ذلك، فإن هذا يقتضي أن جميع ما أنتم فيه مقتضي مشيئته وحكمه، لا مقتضى ما أنتم عليه في حضرة علمه بكم.
فيكون علمكم كما شاء وحكم لا شاء وحكم على مقتضی علمكم عليه (قلنا) في الجواب عن ذلك في الآية ("لو شاء") ومن المعلوم أن كلمة (لو حرف امتناع) في الثاني (لامتناع) في الأول .
فامتنعت هدايتكم أجمعين لامتناع مشيئته لذلك، وإذا امتنعت هدايتكم أجمعين ثبتت هداية البعض منكم دون البعض كما هو الواقع .
وامتناع مشيئته لذلك إنما كان الامتناع ذلك منكم على حسب ما علمكم عليه في نفس الأمر.
(فما شاء) سبحانه لكم من هداية البعض دون البعض (إلا ما هو الأمر عليه) في حقائق ذواتكم وأحوالكم المنكشفة له بعلمه القديم على طبق ما هي عليه .
فإن قلت هذا الكلام يقتضي وجود العالم بذواته وجميع أحواله في الأزل حتى ينكشف للعلم القديم، وإذا كان موجودا فلا حاجة له إلى تعلق الإرادة والقدرة به وإيجادهما له إذ يثبت له الاستغناء حينئذ عن الصانع.
قلنا : هذا الإشكال غير وارد على قاعدة أهل السنة والجماعة من أن الله تعالی غیر زماني ولا يمر عليه الزمان، فالماضي والآتي كله حال بالنسبة إليه سبحانه ولا ترتیب بین تعلقات صفاته سبحانه، لأنها أزلية والأزلي لا يتقدم ولا يتأخر.
فعلمه سبحانه ?اشف عن جميع الكائنات من الأزل موجودات بقدرته تعالى في أوقاتها وأزمانها في جميع أحوالها على ما هي مترتبة فيه، كل شيء في وقته على حسب إرادته ومشيئته سبحانه وتعالى.
ولا وجود لشيء في الأزل أصلا بل لا وجود لشيء في غير وقته الذي أراد سبحانه وجوده فيه، فجميع ما كان وما يكون من العوالم كلها كانت معدومة عدم صرفا فكشف عنها الحق تعالى من الأزل بعلمه القديم.
وليست هي في العدم بجعل جاعل، لأن الجاعل إنما هو الإيجاد لا غير فالمم?نات كلها أزلية العدم المحض.
وليس عدمها الأصلي من طرف الحق تعالی بل هو مقتضاها في نفسها، بل جميع أحوالها المترتبة لها وهي معدومة مثلها مقتضى ذواتها على النظام الأكمل والحق تعالى قد كشف عنها بعلمه من الأزل.
فوجد كل شيء موجودة به سبحانه في وقت وجود ذلك الشيء، وسمع من الأزل كل شيء موجود في وقت وجوده .
وأبصر من الأزل كذلك كل شيء موجود في وقت وجوده ، وأراد كل شيء وقدر عليه والشيء لا يوجد إلا في وقت وجوده الذي هو مقتضى ذاته حيث كان معدومة، وقد أراده على حسب ما علمه وقدر عليه.
كذلك، فكلما جاء وقت الشيء وجد ذلك الشيء بالقدرة الإلهية مخصوصا بالإرادة الإلهية مكشوفا عنه بالعلم الإلهي إلى أن يتم ذلك الشيء من أوله إلى آخره.
فالوجود الذي للكائنات من الله تعالى لا غير، والجميع أحوال الكائنات وترتيبها وخصوصياتها، علمها الحق تعالی منها، فأرادها وقدر عليها، فأوجدها لها، فله عليها هذه الحجة البالغة.
ولو كانت على خلاف ذلك لشاءها كذلك ولو شاءها كذلك لأوجدها كما شاءها، فما شاء إلا
ما هو الأمر عليه في نفسه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو) أي الكشف عن ساق في الآخرة (الأمر الذي كشفه العارفون هنا) وتحقق به (فيرون) المحجوبون عند كشف الحق لهم عن ساق الأمر( أن الحق ما فعل بهم إلا ما) أي الذي( ادعوه) في حال حجابهم (أنه) أي الحق.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فعله) أي فعل ما ادعوه وهو قولهم : لم فعلت بنا كذا وكذا (و) يرون أن ذلك الفعل الذي أسندوه للحق صدر (منهم) لا من الله.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإنه) أي الحق (ما علمهم إلا على ما هم عليه) وما فعلهم إلا ما علمه منهم (فتندحض) أي تبطل (حجتهم وتبقى الحجة الله) تعالى (البالغة) على المحجوبین. قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن قلت: فما فائدة قوله تعالى: "لو شاء، لهداكم أجمعين " )[النحل: 9] .
يعني إذا كان الحكم علينا منا لا من الله فما معنى تعلق المشيئة إلى هداية الكل في قوله تعالی: "لو شاء، لهداكم أجمعين " [النحل: 9]
(قلنا) في بيان فائدة هذا الكلام (أن لو حرف امتناع لامتناع) أي حرف موضوع لامتناع الشيء لامتناع غيره.
فامتناع هداية الكل إنما كان لامتناع تعلق المشيئة إليها .
وإنما امتنع تعلق المشيئة إلى بداية الكل لأن تعلق المشيئة تابع لتعلق العلم والعلم تابع للمعلوم . فما علم الله إلا على ما هو الأمر عليه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما شاء إلا ما هو الأمر عليه) فلو كانت الأعيان الثابتة كلها طالبة من الله الهداية لقاء هداية الكل تهداهم كلهم فكانت هداية الكل ممتنعة في نفس الأمر لأنه لا مكان لها ولا تعلق للمشيئة بالممتنع وأما عند العقل فلا امتناع.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
ما ذكره ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال رضي الله عنه : "وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا ، فيرون أنّ الحق ما فعل لهم ما ادّعوه أنّه فعله ، وأنّ ذلك منهم ، فإنّه ما علمهم إلَّا ما هم عليه ، فتدحض  حجّتهم ، "وتبقى الحجة لله البالغة " .
لا ينسب إلى الحق ما يتوهّمه أهل الجهل أنّ الله قدّر وحكم على الخلائق .
أو كتب عليهم بما ليس فيهم وهو ظلم محض إن يقدّر على أحد ويحكم عليه قبل وجوده في الأزل بأفعال وأحوال وآثار ليست فيهم ومنهم .
ثم إذا صدرت منهم في الدنيا بموجب ما قدّر وكتب عليهم ، طالبهم بذلك في الآخرة ، وعاقبهم ، وأخذهم بها ، وعذّبهم ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون الجاهلون علوّا كبيرا .
بل الله يحكم علينا بمقتضيات استعداداتنا وبموجب خصوص قابليّات صور معلوميّاتنا له أزلا ، فلم يحكم علينا إلَّا لما منه أو حكمنا أن يحكم علينا بذلك .
فما حكم علينا إلَّا بحكمنا ونحن صور نسب علمه وشئونه وأحواله الذاتية النفسية ، بل نحن حكمنا علينا بالحق وفيه ، فافهم .
قال رضي الله عنه : " فإن قلت" : فما فائدة قوله : " فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ " ؟
قلنا : " لو " حرف امتناع لامتناع ، فما شاء إلَّا ما هو الأمر عليه .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
وهو ( الأمر الذي كشفه العارفون هنا ، فيرون ) هناك بالحقيقة رأى العين.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله ) بل فعلوه بأعيانهم وأنفسهم ( و ) يتحققون ( أن ذلك منهم فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه ) في حال ثبوت أعيانهم .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فتندحض حجتهم وتبقى الحجة لله البالغة فإن قلت : فما فائدة قوله : " فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ " قلنا لو شاء ، لو حرف امتناع لامتناع ، فما شاء إلا ما هو الأمر عليه ).
معنى السؤال : أن المشيئة الأولى الذاتية التي اقتضت الأعيان اقتضت ضلال الضال وهداية المهتدى ، فكان قولهم : " لَوْ شاءَ الله ما أَشْرَكْنا ولا آباؤُنا "  قولا حقا .
وقوله تعالى :" فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ . مقرر له .
فكيف يقوم جوابا لهم ومعنى الجواب أن لو حرف وضع للملازمة مع امتناع التالي الذي هو وجود الهداية ، فيستلزم عدم مشيئته الذاتية الأقدسية الموجبة لتنوع الاستعدادات ، فما شاء إلا هداية البعض وضلال البعض على ما هو الأمر عليه .
وأما قولهم : "لَوْ شاءَ الله ما أَشْرَكْنا " .
فهو كقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، حين سمع قول الخوارج : لا حكم إلا لله : كلمة حق يراد بها باطل ، فإن المشركين لما سمعوا قول المؤمنين ما شاء الله ، كأن قالوا ذلك تعنتا وإلزاما لا عن عقيدة وعلم وإلا كانوا موحدين .
ولذلك قال تعالى في جوابهم : " قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ من عِلْمٍ فَتُخْرِجُوه لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ".
وقال تعالى : " ولَوْ شاءَ الله ما أَشْرَكُوا ".
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( ولو يشاء ) هداية الكل في الماضي والمستقبل ( وكذلك ) أي مثل لو شاء ( أن يشاء ) أي في الاستقبال ولو شاء في السؤال والجواب غايته أن لو شاء ما لم يكن . اهـ بالى
ومعنى( لهداكم ) : لبين لكم  أجمعين ما هو الأمر عليه كما بين لبعضكم لاقتضاء استعداده ذلك اهـ بالى .""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا). أي، في الدنيا. (فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه) أي حال الحجاب.
(أنه فعله، وأن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه).
أي، من أعيانهم لا غير، فما فعل بهم ما فعل إلا أنفسهم، كما قال تعالى: "وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون".
ولهذا السر قال إبراهيم، صلوات الله عليه: "بل فعله كبيرهم".
حين قالوا له: "ءأنت فعلت هذه بآلهتنا يا إبراهيم".
فقوله عليه السلام، حق في نفس الأمر، لأن الأصنام بلسان حالهم استدعوا من باطنه، عليه السلام، إهلاكهم، لعلمهم بمقام عبوديتهم وضلال عابديهم.
وإنما نسب إلى نفسه الكذب - كما جاء في الحديث- لأن الفعل ما صدر من ذلك الصنم ظاهرا، بل ظهر من نفسه، والأنبياء مأمورون بالظواهر، كما قال، عليه السلام: (نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.)(فتدحض حجتهم).
أي، تبطل حجة المحجوبين. (وتبقى الحجة لله تعالى البالغة). أي، تبقى الحجة البالغة لله تعالى عليهم.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن قلت: فما فائدة قوله: "فلو شاء لهديكم أجمعين").
قلنا: (لو) حرف امتناع لامتناع، (فما شاء إلا ما هو الأمر عليه)، ولكن عين الممكن قابل للشئ ونقيضه في حكم دليل العقل، وأي الحكمين المعقولين وقع، فذلك هو الذي عليه الممكن في حال ثبوته , إنما أورد السؤال للتنبيه على سر القدر في الجواب.
والسؤال أنه: لما كان الحاكم علينا أعياننا، وليس للحق إلا إفاضة الوجود على حسب مقتضى الأعيان، فما فائدة قوله: (فلو شاء لهديكم أجمعين).
وجوابه : أن (لو) حرف لامتناع الشئ لامتناع غيره.
ولما كانت الأعيان متفاوتة الاستعداد: بعضها قابلة للهداية وبعضها غير قابلة لها، امتنع حصول الهداية للجميع.
فمعنى قوله تعالى: "فلو شاء لهديكم أجمعين".
أنه لم يشأ، لعلمه بامتناع حصول الهدايةللجميع. فما تعلقت المشيئة إلا بما هو الأمر عليه، فعدم المشيئة معلل بعدم إعطاءأعيانهم هداية الجميع.
وذلك لأن المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم، إذ المشيئة تطلب المشاء، والإرادة المراد، وهمالا بد وأن يكونا معلومتين.
والعلم في حضرة الأسماء والصفات من وجه تابع للمعلوم، من حيث كونه نسبة طالبةللمنتسبين، كما مر تحقيقه في المقدمات.
وما يوجد الحق إلا بحسب استعداد القوابل لا غير. فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان، والعين ما تعطى إلامقتضى ذاتها، ولا يقتضى الذات شيئا ونقيضه، وإن كان العقل يحكم على أن الممكن قابل للشئ ونقيضه لاتصافه بالإمكان المقتضى لتساوي الطرفين: طرفي الوجود والعدم.
لكن الواقف على سر القدر يعلم أن الواقع هو الذي يقتضيه ذات الشئ فقط.
والأعيان ليست مجعولة بجعل جاعل، ليتوجه الإيراد بأن يقال: لم جعل عين المهتدى مقتضية للاهتداء وعين الضال مقتضية للضلالة؟
كمالا يتوجه أن يقال: لم جعل عين الكلب نجس العين وعين الإنسان إنسانا طاهرا؟
بل الأعيان صور الأسماء الإلهية ومظاهرها في العلم، بل عين الأسماء والصفات القائمة بالذات القديمة. بل هي عين الذات من حيث الحقيقة.
فهي باقية أزلا وأبدا، ولا يتعلق الجعل والإيجاد عليها، كما لا يتطرق الفناء والعدم إليها.
وهذا غاية المخلص من هذه المضائق. والله أعلم بالأسرار والحقائق.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. )
فلذلك قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو) أي: الساق المستور عن المحجوبين في الدنيا المكشوف عنه هم يوم القيامة (الأمر الذي كشفه العارفون هنا) أي: في الدنيا قبل يوم القيامة من سر القدر.
(فيرون) أي: المحجوبون عند ?شف الساق في الآخرة (أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه) أي: الحق (فعله) مستقلا بدونهم، ويرون أن ذلك الفعل (منهم) أي: من أعيانهم .
(فإنه) أي: الحق ما فعل بهم إلا ما علمه منهم لاستحالة انقلابه جهلا ،
(وما علمهم إلا على ما هم عليه)، وإلا كان جهلا، وإذا كشف لهم عن الساق المذكور (فتدحض حجتهم) الباطلة، (وتبقى الحجة لله البالغة) أنهم هم الذين فعلوا ذلك بأنفسهم "وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم" [هود:11].
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه).
ثم استشعر الشيخ سؤالا فقال: (فإن قلت) إذا كان الحكم تابعا لمقتضيات الأعيان بل هي الحاكمة على أنفسها لم يكن له الحكم على خلاف ذلك.
(فما فائدة قوله تعالى: "فلو شاء لهداكم أجمعين") [الأنعام: 149] يا أهل الضلالة أجمعين مع أن المشيئة إنما تقال حيث يصح منه الحكم بأي نقيض اختاره.
قلنا: لو شاء في قوله: ولو شاء لهداكم أجمعين [الأنعام: 149]، لا يدل على ثبوت مشيئة هداية الجميع.
لأن («لو» حرف امتناع لامتناع) أي: حرف بدل على امتناع الجزاء لامتناع الشرط؛ فلا يدل على وجود مشيئة هداية الجميع بل على انتقائها .
(فما شاء) من الهداية والضلالة (إلا ما هو الأمر) أي: أمر أعيان المكلفين (عليه) كما قال: "هو أعلم بمن ضل عن سبيله" [النحل:125].

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:26 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة التاسعة :الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
ما هو المعوّل عليه عند المحقّقين - ( وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا ) أي في آخر موطن سلوكهم ونهاية قامة قيامتهم ، وبهذا الاعتبار عبّر عنه بالساق .
( فيرون أنّ الحقّ ما فعل بهم ما ادّعوه : « إنّه فعله » ، وأنّ ذلك منهم فإنّه ما علمهم إلا على ما هم عليه ، فتندحض حجّتهم وتبقى الحجّة البالغة لله ) .
معنى : لو شاء لهديكم أجمعين
( فإن قلت ) : « إذا كان أمر أحوال الأعيان وما يطرأ جزئيّات قوابل الإمكان مطلقا إنّما هو على ما هم عليه في حال ثبوتهم ، ولا دخل للفاعل فيه أصلا ( فما فائدة قوله : " فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ " [ 6 / 149 ] ؟ ( قلنا : لو شاء « لو » حرف امتناع ) التالي ( لامتناع ) المقدّم .
فيكون امتناع هداية الكلّ لامتناع المشيّة فإنّ المشيّة إنّما تتعلَّق بما عليه أمر القوابل .
( فما شاء إلا ما هو الأمر عليه ) وذلك لأنّه ليس في قوّة قابليّة العقل النظري ومكنة اقتداره أن يجاوز حضرة المعلومات ، حيث يتمايز العلم عن الوجود ، فإنّما يتصوّر الحقائق هناك مفردة ، مجرّدة عن سائر لوازمها الوجوديّة ، ولواحقها الضروريّة ، فتكون نسبة سائر المتقابلات من الأحكام إليها سواء في ذلك النظر .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : "و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.  فإن قلت فما فائدة قوله تعالى"
(وهو)، أي الساق هو الأمر الذي كشفه العارفون، أي علموه ظاهرة مكشوفا (هنا) أي في الدنيا (فيرون) المحجوبون (أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه) حال الحجاب.
(أنه فعله بهم) مما لا يوافق أغراضهم ( يرون أن ذلك)، أي ما ادعوه أنه فعله بهم منتشیء (منهم).
أي من أعيانهم الثابتة واستعداداتها الغيبية الأزلية وقابليتها الوجودية الأبدية (فإنه) ما فعل بهم إلا كما علمهم .
(ما علمهم إلا على ما هم عليه) في حال ثبوت أعيانهم (فتندحض حجتهم)، أي تبطل حجة المحجوبين على الله تعالى .
(وتبقى الحجة الله تعالى البالغة عليهم فإن قلت) : إذا كان عين الممكن قابلا للشيء ونقيضه لكان فائدة قوله : فلو شاء لهداكم أجمعين ظاهره وهي أن ترجيح أحد النقيضين إنما هو بنسبة الحق واختياره .
وإن كان نسبتهما إلى عين الممكن واحدة وأما إذا كان عين الممكن تقتضي قبول أحد النقيضين دون الأخر .ولا يمكن أن يتخلف منه مقتضاه.
(فما فائدة قوله : فلو شاء لهداكم أجمعين)، أما المعنى المستفاد منه (قلنا) قوله : لو شاء
قال الشيخ رضي الله عنه : («فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه).
(قلنا) قوله : لو شاء (لو) فيه (حرف امتناع لامتناع) أي يدل على امتناع التالي لامتناع المقدم.
ففائدة الآية امتناع هداية الكل لا لامتناع تعلق مشيئته سبحانه بها "لهداكم" ، وإنما امتنع تعلق مشيئته سبحانه بها لأن الأعيان متفاوتة الاستعداد بعضها قابلة للهداية وبعضها غير قابلة للهداية.
وعلمه سبحانه تابع للأعيان لا يتعلق بها إلا على ما هي عليه في أنفسها ومشيئته تابعة للعلم "الإلهي".
(فما شاء إلا ما هو الأمر عليه) فكل عين اقتضت الهداية تعلقت مشيئته بهدايتها ولا يمكن خلاف ذلك في نفس الأمر .
وإن جوازه العقل كما أشار إليه رضي الله عنه بقوله :
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:27 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة العاشرة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولكن عين)، أي ذات (الممكن) من الكائنات (قابل للشيء) الذي هو عليه من كل حال هو له (ونقيضه) من حال شيء آخر غيره (في حكم الدليل العقلي) فقط،
لأنه يفرض الكبير صغيرا، وبالعكس.
فيجد ذلك الفرض معه من غير مانع یدر?ه العقل، فيسمى كل واحد منهما ممكنا وهو خطأ عند العارف في حكم معرفته.
فإن الشيء إذا كان على وصف وقد علمه الله تعالی موصوفا به في حال عدمه أزلا محال أن يكون قابلا لغير ذلك الوصف وإلا لأمكن أن ينقلب علم الله جهلا.
وإرادة الله تعالی كذلك موصوفة بذلك الوصف، وسمعه كذلك وبصره كذلك كما هو في حال عدمه الأزلي كذلك.
فلو كان قابلا لغير ذلك الوصف لبطلت صفات الحق تعالی وهو محال فلا إمكان لشيء أصلا في حكم المعرفة بل كل شيء واجب بذاته قبل أن يصير شيئا، وهو محال بذاته قبل أن تتعلق به صفات الحق تعالی، وواجب الوجود بغيره بعد أن تعلقت به صفات الحق تعالی.
وقابليته لصفة غيره محال ذاتي، وليس هذا مذهب الحكماء القائلين بالإيجاب الذاتي لأنهم ينفون الصفات، وقد انتسبناها، ويزعمون قدم العالم في وجوده، وقد نفينا القدم لوجود كل شيء في وقته.
(وأي الحكمين المعقولين)، أي الذين يقبلهما الممكن في حكم العقل لا في حكم المعرفة (وقع)، أي أوقعه الله تعالی كذلك.
(فإن ذلك هو الذي كان)، أي وجد (علیه) ذلك (الممكن في حال ثبوته) في العدم المحض كما ذكرنا.
والحكم الآخر القابل له ذلك الممكن أمر موهوم يتصوره العقل وينفيه العرفان ويسميه العاقل مم?ن كما يسمى بسببه ذلك الحكم الأول الذي هو عليه ذلك الشيء في نفسه ممكنا.
والعارف يسمي ما عليه الشيء في نفسه واجبا، وما ليس عليه في نفسه محالا .
"قد علم كل أناس مشربهم" [البقرة: 60] .
(ومعنى لهداكم)، أي أوصلكم إلى معرفته وهو معنى (لبين لكم)، أي أزال اللبس عن حسكم وعقلكم (وما كل مم?ن) عند العقل وواجب عند المعرفة .
ولما كان الشيخ رضي الله عنه في مقام التعليم جرى على قانون العقل من العالم الإنساني وغيره (فتح الله) تعالی (عين بصيرته) القلبية (لإدراك الأمر) الإلهي في نفسه مع من قام به، والأمر هو الخلق المتفصل بالصور الحسية والعقلية (على ما هو عليه) ذلك الأمر.
بل البعض يدركه على ما هو عليه في نفسه والبعض يلتبس عليه بالصور المذكورة فلا يدرك إلا الصور المذكورة .
(فمنهم)، أي من المخلوقين المخلوق (العالم) بما هو الأمر عليه في نفسه من ملك أو إنسان أو جني أو غيرهم من بقية الخلق (و) منهم (الجاهل) بذلك ممن ذكر .
وتقدير معنى الآية (فما شاء) أن يهديهم أجمعين (فما هداكم أجمعین) بل هدى البعض وأضل البعض. كما قال تعالى : "يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا" [البقرة : 26].
وذلك على طبق ما سبق به علمه القديم الكاشف عن المعلومات على طبق ما هي عليه في عدمها الأصلي (ولا يشاء) أصلا أن يهديهم أجمعين، لأن لا يشاء إلا ما يعلم ولا يعلم إلا ما المعلومات عليه في عدمها الأصلي .
(وكذلك)، أي مثل هذا التقرير يتقرر معنى الآية الأخرى التي هي قوله تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ " [الشوری : 32] . وكذلك قوله تعالى: "إن يشأ يذهبكم" [الأنعام: 133].
ويأت بآخرين ونحو ذلك من الآيات وتقديره: فما شاء، فما أسكن الريح، ولا أذهبكم لأنه علمكم كذلك.
ولا يشاؤكم إلا كما علمكم (فهل يشاء هذا) أي الذي هو خلاف ما أنتم عليه في عدمكم الأصلي حيث علمكم كذلك (ما)، أي شيء (لا ی?ون)، أي لا يوجد أصلا، لأنه خلاف ما عليه المعلوم في نفسه فلو وجد لانقلب العلم جهلا وهو باطل.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
وإليه أشار بقوله: (ولكن عين الممكن) لإمكانه (قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل) فأمكن عند العقل هداية عين كل ممكن لأن العقل قاصر عن إدراك الشيء على ما هو عليه فجاز أن يكون الشيء الواحد ممتنعا في نفسه وممكنا عند العقل. (واي الحكمين المعقولين) من الهداية وعدمه
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقع ذلك) الحكم المعقول (هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته) فلا يمكن الهداية أي الإيمان بالرسل في استعداد كل أحد فلا يشاء إيمانه ولو أمكن إيمانه في نفسه يشاؤه فحصل له الإيمان.
ولما حقق الآية على التفسير شرع تأويلها وتطبيقها بما ذكر من حاصل الكشفين بقوله: (ومعنى لهديكم ليبين لكم) أجمعين ما هو الأمر عليه كما بين لبعضكم الاقتضاء استعداد ذلك البعض بيان الأمر على ما هو عنيه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وما) أي ليس (كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو) الأمر (عليه) .
لأن منهم يقتضي ذلك الفتح فتح الله له ومنهم من يقتضي عدم الفتح فلم يفتح الله له (فمنهم العالم) حقيقة الأمر على ما هو عليه يفتح الله عين بصيرته .
قال الشيخ رضي الله عنه : (و) منهم (الجاهل) حقيقة الأمر على ما هو عليه بعدم فتح الله عين بصيرته فإذا لم يفتح عين بصيرة كل مم?ن.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما شاء) هداية الكل (فما هدیهم اجمعين ولا يشاء) أي ولا تعلق لمشيئته هداية الكل في الماضي والمستقبل .
(وكذلك) أي ولو شاء (أن يشاء) يعني إذا علق المشيئة بهداية الكل في الاستقبال بحرف إن (فهل يشاء هداية الكل أم لا)؟
استفهام إنكاري بل ما يشاء هداية الكل بعين ما مر في ولو شاء في السؤال والجواب غابته أن لو شاء ما لم يكن.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا) أي وإن يشاء (ما لا يكون لمشيئته أحدية التعلق) أي مشيئة الله تعالى واحدة متعلقة بالأشياء على حسبة علمه.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
ما ذكره ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال العبد : « لو » في « لو شاء لهدى » تعليل عدم الهداية لعدم المشيّة ، فإنّه حرف امتناع لامتناع ما يسند إليه ، فحيث أسند إلى المشيّة بيّن امتناع المشيّة ، وإنّما جاء لعدم الهداية وامتناعها لامتناع المشيّة ، يعني ما هداهم أجمعين ، لأنّه لم يشأ هدايتهم أجمعين ،لعلمه أنّهم لا يستعدّون لقبول الهداية جميعا ، بل البعض.
فشاء بموجب علمه هداية البعض المستعدّين لها ، فهداهم ، ولو شاء هداية الكلّ لهدى الكلّ ، ولكنّه لم يشأ ، لعدم تعلَّق العلم بهداية الكلّ ، لما لم يكن في قابليتهم الاهتداء ، إذ المشيّئة
وهي تخصيص بعض المعلومات للهداية تابعة للعلم في تعلَّقه بهداية البعض الذين لهم قابلية الهداية ، فما شاء إلَّا ذلك البعض ، لأنّ مشيّة الحكيم العليم لا تتعلَّق إلَّا بما فيه صلاحية ما يشاء ، وإلَّا لكان عبثا ، ويتعالى عن ذلك علوّا كبيرا .
وكذلك " إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ " حرف امتناع وشرط ممتنع دخل على المشيّئة ، لامتناع الإذهاب ، فامتنع إذهابهم ، لامتناع تعلَّق المشيّئة به ، فهل يشاء الممتنع ؟
هذا لا يكون ، لعدم تعلَّق مشيّئة الحكيم بالممتنع.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل ، وأي الحكمين المعقولين وقع ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته )
أي لكن عين الممكن من حيث هو فرد من نوع قابل للنقيضين ، كالهداية والضلالة بالنسبة إلى كل فرد من أفراد الإنسان قابل لهما بحسب النظر العقلي .
وأي النقيضين الذي وقع من كل فرد فهو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : (في حال ثبوته ) فلا يمكن الهداية في استعداد كل أحد فلا يشاء إيمانه ولما حقق الآية على التفسير : شرح تأويلها وتطبيقها على حاصل الكشفين .أهـ بالى ""
( ومعنى لهداكم لبين لكم الحق ) على ما هو عليه الأمر الإلهي في نفسه .
"" ( ومعنى لهداكم لبين لكم ) أجمعين ما هو الأمر عليه كما بين لبعضكم لاقتضاء استعداده ذلك اهـ بالى  ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما كل ممكن من العالم ) أي من الأفراد الإنسانية ( فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه ، فمنهم العالم والجاهل فما شاء الله فما هداهم أجمعين ) لأن الحكمة اقتضت تنوع الاستعدادات لتنوع الشؤون المختلفة.
( ولا يشاء وكذلك إن يشاء ) حال وجودهم في المستقبل
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( ولا يشاء ) هداية الكل في الماضي والمستقبل .
( وكذلك ) أي مثل لو شاء
( أن يشاء ) أي في الاستقبال ولو شاء في السؤال والجواب غايته أن لو شاء ما لم يكن. أهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهل يشاء هذا ما لا يكون ) لما قلنا أنهم حال وجودهم لا يمكن أن يكونوا إلا على ما هم عليه ، أعيانهم الثابتة في العدم ، فلا يقع الممتنع فلا يشاؤه.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
وفي قوله: (ولكن عين الممكن)... إشارة إلى كون العقل محجوبا عاجزاعن إدراك حقيقة الشئ على ما هو عليه في نفسه.
وليس حكمه بكون الممكن قابلا للشئ ونقيضه إلا كحكم الأعمى على من حضر عنده.
وهو ساكت – هذا إما زيد أو ليس بزيد. فإنه وإن كان بحسب الإمكان صحيحا، لكنه في نفس الأمر أحدهما حق وصاحب الشهود يعلم ما هو الحق.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعنى (لهداكم) لبين لكم. وما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه، فمنهم العالم والجاهل).
هذا كجواب آخر للسؤال. وتقريرة: ليس المراد من الهداية هنا الإيمان بالرسل، كما سبق
على الذهن، ليرد السؤال.
بل معناه: لو شاء، لبين لكم حقيقة الأمر بالكشف ورفع الحجاب عن عيون قلوبكم، لتذكروا الأمر على ما هو عليه، فتعلموا أنأعيان بعضكم اقتضت الإيمان، وأعيان بعض الآخر اقتضت الكفر، فتكون الحجة لله عليكم.
ولكن ليس كل واحد من أهل العالم بحيث يمكن أن ينفتح عينقلبه ليدرك الأمر في نفسه، لأن منهم عالم ومنهم جاهل بحكم اقتضاء الأعيان ذلك.
وإنما قال: (فتح الله عين بصيرته) وأسند (الفتح) إلى (الله) لأنه تعالىيفتح عين بصيرة شخص باقتضاء عين ذلك الشخص الفتح، كما يغطى على الآخر باقتضاء عينه الغطاء.
وفي تفسير قوله: (لهداكم) بقوله: (لبين لكم) تنبيه على أن الهداية الحقيقية هو حصول العلم اليقيني بما هو الأمر عليه في ذاته
(فما شاء، فما هداهم أجمعين، ولا يشاء) أي، فما شاء هداية الكل لعدمإعطاء بعض الأعيان الهداية، فما هداهم. ولا يشاء هداية الجميع أبدا.
فإن شؤون الحق كما تقتضي الهداية، كذلك تقتضي الضلالة، بل نصف شؤونه يترتب على الضلالة، كما يترتب النصف الآخر على الهداية.
ولذلك قسم الدار الآخرة بالجنة والنار، وخلق آدم بيديه : وهما الصفات الجمالية التي مظاهرها في الآخرة هي الجنة، والجلالية التي مظهرها فيها النار. فطابق الآخر الأول.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك إن يشأ، فهل يشاء؟ فهذا ما لا يكون)). أي، كما قلنا في (لو شاء) كذلك، نقول في (إن يشأ) الذي يتعلق بزمان الاستقبال.
وقوله: (فهل يشاء؟)استفهام. كأن السائل يسأل بأن الحق يمكن أن يشاء هداية الجميع. فأجاب عنهبأن هذا لا يمكن أن يكون. فإن العليم الحكيم الذي يفعل كل شئ يستحيل أنيشاء وقوع ما لم يمكن وقوعه.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل، وأي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.)
ثم أشار الشيخ رضي  الله عنه إلى أن الآية، وإن لم تدل على وجود مشيئة هداية الجميع تدل على مكان وجودها فقال: (ولكن عين الممكن) من حيث هو ممكن، وغير نظر إلى مقتضاها بعين الكشف (قابل للنقيضين في حكم دليل العقل) .
فيصح تعلق المشيئة بما يفعل بالأعيان بالنظر إلى تلك القابلية لها في دليل العقل، لكن السنة الإلهية جارية بأنها لا تتعلق إلا بما هو الأمر عليه.
ولذلك نقول: (أي الحكمين المعقولين) أي: الجائزين على غير الممكن في دليل العقل (وقع ذلك) الحكم في الخارج .
(هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته) أي: هو الذي كان مقتضى عينه، وإن جاز خلاف مقتضاها في دليل العقل، إذ لو وقع خلافه لأختتمت الحكمة وانقلب العلم جهلا ، و بطل كمال الجود الإلهي.
ثم أشار إلى أن الهداية لو فسرت بالإيصال إلى المطلوب فعدم تعلق المشيئة بها بالنسبة إلى أهل الضلالة ظاهر؛ ولذلك لم يتعرض له مع أنه داخل في المعنى الثاني، وهو تفسير الهداية بالبيان، وإن فسرت به.
قال الشيخ رضي الله عنه : (و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون.)
فكذلك وإليه الإشارة بقوله : (ومعنى "لهداكم" [الأنعام: 149]: لبين لكم)
يعني: الحقائق الإلهية والنبوية، وسر القدر، وجميع ما يتعلق بالمعاش والمعاد، ولكن ما وقعت المشيئة على هداية الجميع بهذا المعنى.
وذلك لأنه (ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه).
وإنما قال: من العالم ليشير إلى أنه من المعلوم أن ذلك ممتنع في بعض المم?نات عقلا ?الجماد والنبات.
وفي البعض الآخر: وإن لم يمتنع عقلا فهو غير واقع . فعلم أنه لا دخل للإمكان في اقتضاء ذلك، ولا للإنسية والجنية .
بل فعل ذلك في حق البعض من الثقلين دون البعض، (فمنهم العالم) لاقتضاء عينه فتح بصيرته، (ومنهم الجاهل) لاقتضاء عينه عدم فتح بصيرته.
(فما شاء) بيان تلك الأمور لكل ممكن في العالم، ولا لكل إنس وجن (فما هداهم أجمعين بهذا المعنى الأعم فضلا عن الأخص.
ثم أشار إلى أن هذا المعنى غير مخصوص بالماضي كما يوهمه ظاهر عبارة القرآن بل هو عام للأزمنة فقال الشيخ رضي الله عنه: (ولا يشاء) ذلك في الحال والاستقبال.
ثم أشار إلى إن أراء هذا المعنى لا تختص بكلمة « لو»؛ بل قال (وكذلك إن يشأ) الله لهداكم أجمعين، فهل يشاء هداية الجميع؟

قال الشيخ رضي الله عنه : (هذا ما لا يكون) وإذا عرفت أن الهداية بمعنی البيان فضلا عما هو أخص منه لا تعلق المشيئة بها في حق الجميع؛ بل يمتنع ذلك في مقتضى السنة الإلهية.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:28 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة العاشرة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل ) .
وذلك لأنّه ليس في قوّة قابليّة العقل النظري ومكنة اقتداره أن يجاوز حضرة المعلومات ، حيث يتمايز العلم عن الوجود ، فإنّما يتصوّر الحقائق هناك مفردة ، مجرّدة عن سائر لوازمها الوجوديّة ، ولواحقها الضروريّة ، فتكون نسبة سائر المتقابلات من الأحكام إليها سواء في ذلك النظر .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأيّ الحكمين المعقولين وقع ، ذلك هو الذي عليه الممكن في حال ثبوته ) وتلك الحال غير متبيّن عند العقول المحجوبة والأفكار التي تتوسل في اقتناص المطالب بمخالب الدلائل والأنظار ، فإنّها قبل حضرة العلم ،إذ هي تابعة لتلك الحال كما عرفت .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعنى " لَهَداكُمْ " : لبيّن لكم ) الأمر في نفسه على ما هو عليه ( وما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه ) في القابليّة الأولى ، لدى الفيض الأقدس الذاتي ، الذي لا مجال فيه لثنويّة القابل والفاعل أصلا .
وهناك تسأل القوابل بألسنة استعداداتهم ما هي عليه ، فمن العالم من فتح الله عيني بصيرته لإدراك ذلك الأمر - وهم المهتدون العارفون بسائر الأحكام والخواص التي للحقائق - ومنه من لم يفتح عين بصيرته ، فتكون مدركاته مقصورة على ما يدركه العقل النظريّ بحجب الأكوان ومحتملات عوالم الإمكان ، ( فمنهم العالم والجاهل ، فما شاء ، فما هداهم أجمعين ) .
مشيّة الحقّ تعالى أحديّة التعلَّق تابعة للعلم فعلم من هذا الكلام أنه ممّا يحسم به مادة الشبهة عن أصلها بأيّ عبارة عبّر عنها غير مبتن على أن تكون « المشيّة » على صيغة الماضي أو ملحوقة ل « لو » - على ما يمكن أن يبادر إلى بعض الأوهام .
فلذلك قال رضي الله عنه : ( ولا يشاء وكذلك إن يشاء ) في زمان الاستقبال ( فهل يشاء ؟ ) أي فهل يمكن أن تتعلق به المشيّة مطلقا في الماضي أو في الاستقبال ، بخلاف ما عليه الأمر - على سبيل الإنكار - ( هذا ما لا يكون ) بالنسبة إلى الأكوان والاحتمالات الواقعة في حيّز الإمكان.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : "طو لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون."   
وإن جوزه العقل كما أشار إليه رضي الله عنه بقوله :
(ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل)، وذلك لأن العقل قاصر عن إدراك ما هو الأمر عليه في نفسه.
(وأي الحكمين المعقولين) الذين جوزهما العقل (وقع) فلا محالة .
(فذلك) الحكم (هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته) في المرتبة العلمية (ومعنى قوله "لهداكم" لبين لكم) الأمر على ما هو عليه في نفسه . فيصير معنی الآية : أمتناع بيان الأمر على ما هو عليه لكل أحد . لامتناع تعلق مشيئته سبحانه به.
ثم بين رضي الله عنه امتناع تعلق مشيئته تعالى ببيان الأمر لكل أحد .
بقوله : (وما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه)، لأن عين بعض الممكنات لا يقتضي ذلك الفتح، فلا يتعلق المشبه به فلا ينفتح عين بصيرته فلا يدرك الأمر على ما هو عليه .
(فمنهم العالم) الذي يقتضي عينه أن يتعلق المشبه ببيان الأمر له ومنهم الجاهل الذي لا يقتضي عينه ذلك.
ثم ذكر رضي الله عنه نتيجة هذه المقدمات بقوله: (فما شاء) أي من الأزل إلى الآن هداية الجميع (فما هداكم أجمعين ولا يشاء)، أي من الآن إلى الأبد أيضا هداية الجميع فلا يهديهم أجمعين أبدا.
(وكذلك)، أي مثل قوله : لو شاء. قوله : (إن يشأ) المختص بزمان الاستقبال في
قوله تعالى : "إن يشأ يذهبكم "وأمثاله في إفادة امتناع أمر لامتناع المشيئة .
(فهل يشاء)، أي هل تتعلق مشيئته المستفادة من قوله : "إن يشأ" مما أفاد امتناع تعلقها به.
(هذا ما لا يكون) أبدا ، لأن مقتضى الأعيان لا تتبدل .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الحادية عشر الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:29 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الحادية عشر :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمشيته) سبحانه وتعالى الأزلية المتعلقة بكل شيء (أحدية التعلق)، أي تعلقها أحدي لا تنوع له أصلا بل التنوع من قبل الأشياء على ما هي عليه في عدمها الأصلي.
فقد شاء سبحانه من الأزل كل شيء م?شوف عنه بعلمه القديم بمشيئة واحدة متعلقة بكل شيء تعلقا واحدا.
والأشياء مختلفة في نفسها اختلافا كثيرا، فشاءها مختلفة كذلك، فأوجدها كما شاءها (وهی)، أي مشيئته سبحانه (نسبة) لترجيح الوجود بين الأشياء المتفصلة في عدمها الأصلي وبينه تعالى .
(تابعة للعلم) الإلهي إذ لا يشاء إلا ما علم (والعلم) الإلهي (نسبة لحصول الكشف عنده تعالی بين تلك الأشياء المتفصلة في عدمها الأصلي وبينه سبحانه (تابعة للمعلوم) إذ لا يعلم الشيء إلا على ما هو عليه في نفسه
(والمعلوم أنت) مثلا يا أيها الإنسان (وأحوالك) في ظاهر و باطنك (فليس للعلم) الإلهي (أثر) من إيجاد أو تخصيص (في المعلوم) أصلا.
لأنه كاشف عنه على ما هو عليه، فلو كشف عنه بزيادة أو نقصان حتى يكون له أثر فيه ما كان علما بل كان جهلا.
(بل للمعلوم) من حيث أنه معلوم (أثر في العلم)، لأنه يطلعه منه على ما لولا المعلوم ما اطلع عليه من نفسه.
(فیعطیه)، أي المعلوم يعطي العالم (من نفسه) المكشوف عنه بعلم العالم (ما)، أي الوصف الذي (هو)، أي المعلوم (عليه في عينه) المتميزة عدمها الأصلي عما يشابهها.
فإن قال قائل حيث كان الأمر كذلك في أن المشيئة الإلهية تابعة للعلم الإلهي والعلم تابع للمعلوم، والمعلوم هو الذي أعطى العلم الإلهي خصوص ما يوجد فيه من جميع أحواله.
والعلم الإلهي أعطى المشيئة الإلهية ما اقتضته من ذلك الخصوص، فكيف وردت النصوص بتعليق الأمور بالمشيئة الإلهية في كثير من الآيات والأخبار نحو: ما تشاؤون إلا أن يشاء الله وأمثال ذلك.
فأجاب عنه بقوله :
(وإنما ورد الخطاب الإلهي) من الله تعالى للعباد (بحسب ما)، أي على مقتضى الاصطلاح الذي (تواطأ)، أي اصطلح (عليه المخاطبون) في نسبتهم كل شيء إلا الصانع القديم.
لأنه هو الذي يوجد الأشياء على حسب ما يشاء، ويشاؤها على حسب ما يعلم، ويعلمها على حسب ما هي عليه في نفسها.
فهي أعطته أحوالها، وهو أعطى تلك الأحوال وجودا، فاستنادها إليه باعتبار إعطائه لها الوجود منه، والأحوال منها إليها صحيح، وعليه وقع الاصطلاح المذكور (و) بحسب (ما أعطاه النظر العقلي) أيضا.
فإن كل شيء موصوف بما هو موصوف به، إذا لم يستند في وجوده إلى الفاعل له العالم به المشيء له لزم أن يستند في وجوده إلى نفسه ونفسه عدمية.
فكيف المعدوم ينتج وجودا فإنه لا يفيض الوجود إلا الموجود، ولا موجود في الأزل إلا الحق تعالی.
فاستناد جميع الأشياء في وجودها إليه تعالی ضروري، وكذلك في جميع أحوالها، لكن جميع أحوالها أخذها منها ثم ردها عليها.
وأما الوجود فقد أعطاه لها منه تعالی فضلا ورحمة ولم يأخذه منها إذ لا وجود لها في حضرة عدمها الأصلي بل لها الاستعداد للوجود منه تعالی فقط فأخذ منها صحة قبولها لفيضان وجوده تعالى عليها وأعطاها صحة ذلك القبول.
(مما ورد الخطاب) الإلهي من الله تعالى لعباده (على) حسب (ما يعطيه الكشف) الإلهامي والفتح الرباني.
فإن الشرائع هي الخطاب على العموم لا الخصوص، وآلة العمومي في الإدراك هي العقل، وللخصوص آلة أخرى غيرها هي البصيرة المنورة بنور الحق سبحانه.
وهي لا تغاير العقل إلا في الإقبال على الحق تعالی والإدبار عنه. وكل عقل له إقبال وإدبار، فخلقت البصائر من إقباله والعقول القاصرة من إدباره.
ولسان الشرائع لسان العقول القاصرة كما قال تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه، ليبين لهم" [إبراهيم: 4]. وقوم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هم الجاهلية أهل العقول القاصرة.
فأرسل بلسانهم ليبين لهم وأهل البصائر المنورة تفهم ما أرسل به منه بالطريق الأولى، وإن لم يكن بيانه صلى الله عليه وسلم في الأكثر بلسانهم.
(ولذلك)، أي لورود الخطاب الإلهي بحسب اصطلاح المخاطبين والنظر العقلي وعدم وروده في الغالب على اصطلاح أهل الكشف . " أرسل بلسان أهل الإسلام ولم يرسل بلسان أهل الإحسان "
(كثر المؤمنون) بالله تعالی إيمانا بالغيب بلا معرفة به سبحانه في كل زمان وهم العامة (وقل العارفون) بالله تعالى (أصحاب الكشف) عن حضراته سبحانه، وإن كانوا موجودين في كل زمان إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى، وهم الخاصة وخاصة الخاصة.
وقال الله تعالى حكاية عن الملائكة وجميع الخلق كذلك ("وما منا") من أحد مطلقا ("إلا له مقام") في حضرة علم الله ("معلوم") [الصافات: 164] في الأزل، وهو الكشف عن ذوات الأشياء وأحوالها.
ولهذا قال(وهو)، أي ذلك المقام المعلوم (ما)، أي الحال الذي (كنت)، أي وجدت يا أيها الإنسان ملتبسة (به في ثبوتك) الأصلي في العدم حيث لم تكن شيئا مذكورا.
(ثم ظهرت) الآن متلبسة (في وجودك) العارض لك الطاريء على عدمك.
وإنما يقال(هذا المقام إن ثبت) عندك (أن لك وجودا) مع وجود الله تعالى هو فائض عليك من وجود الله تعالی.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا) أي وإن يشاء (ما لا يكون فمشيئته أحدية التعلق) أي مشيئة الله تعالى واحدة متعلقة بالأشياء على حسبة علمه.
(وهي) أي المشيئة (نسبة تابعة للعلم) لأن ما لم يعلم لا يمكن تعلق المشيئة به (والعلم نسبة نابعة للمعلوم والمعلوم أنت) كناية عن جميع الأعيان.
(وأحوالك فليس للعلم أثر للمعلوم) أي وليس لعلم الحق أثر للمعلوم حتى ينبع المعلوم لعلم الله تعالی فكان المعلوم تابعة لمشيئته وليس كذلك .
(بل للمعلوم أثر) أي حكم (في العلم فيعطيه) أي فيعطي المعلوم العالم (من نفسه) أي من نفس المعلوم .
(ما هو عليه في عينه وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و) بحسب (ما أعطاه النظر العقلي) لاشتراك المخاطبين كلهم في النظر العقلي.
(ما ورد الخطاب على) حسب (ما يعطيه الكشف) وإلا لفات نصيب أرباب العقول من الخطاب الإلهي لعدم وفاء استعدادهم بذلك.
(ولذلك) أي و لورود الخطاب على حسب إدراك أرباب العقول (كثر المؤمنون وقل العارفون أصحاب الكشوف) لأن أصحاب الكشوف أقل من أرباب العقول فإذا ورد الخطاب على حسب إدراك العقلاء كثر المؤمنون وقل العارفون لعدم ورود الخطاب على ما يعطيه الكشف.
(وما) أحد ("منا إلا له مقام معلوم" ) في علم الله تعالى لا يتعداه في العلم .
فعلم بعضنا بنظر العقل ولا يتعدى عن حكم العقل.
وعلم بعضنا بالكشف والاطلاع على سير القدر ولا يتعدى عن حكومة سر القدر.
(وهو) أي المقام المعلوم لك (ما كنت) متصفا (به في ثبوتك) في علم الله .
(ظهرت) منصفا (به في وجودك) الخارجي (هذا) أي كون المقام بهذا المعنى.
(أن ثبت أن لك وجودا فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك . فالحكم لك بلا شك في وجود الحق) أي فإن كنت معدوما باقيا في حال عدمك والظاهر الحق في مرآة وجودك فأنت تحكم على الله بما في عينك في وجود الحق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
لذلك الحق أو جدني، أي أن النور أوجدني لأساعده ولاعلمه علم الجزئي و أوجده في حضرة الألوهية بحقيقة أني المألوه، إذ لولا المألوه الكائن بالفعل ما وجد معنى الإله بالفعل.
قوله: بذا جاء الحديث، يريد كنت سمعه وبصره فلولا المعنى لما كان له السمع والبصر وبالجملة الصفات، إذ كلها معان.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال رضي الله عنه : " فمشيّته أحدية التعلَّق ، وهي نسبة تابعة للعلم ، والعلم نسبة تابعة للمعلوم ، والمعلوم أنت وأحوالك ، فليس للعلم أثر في المعلوم " .
يعني رضي الله عنه : لأنّه ما جعله على ما هو عليه ، بل تعلَّق به بحسبه ، وهذا ظاهر .
قال رضي الله عنه : " بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه " .
يعني رضي الله عنه : أنّ العلم إنّما يتعلَّق بالمعلوم بحسب ما هو المعلوم عليه فهو تابع للمعلوم في تعلَّقه به ، فليس للعلم أثر في المعلوم .
قال رضي الله عنه : « وإنّما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون وما أعطاه النظر العقلي ، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف . ولذلك كثر المؤمنون وقلّ العارفون أصحاب الكشوف " وَما مِنَّا إِلَّا لَه ُ مَقامٌ مَعْلُومٌ " .
وهو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك ، هذا إن ثبت أنّ لك وجودا .
يعني رضي الله عنه : أنّ الله تعالى إنّما يخاطب عباده على قدر فهمهم وبحسب ما تواطئوا عليه ، إنّ الله لو تعلَّقت مشيّته بهداية الجميع ، أو بإذهاب الجميع ، لهداهم جميعا ، أو أذهبهم جميعا ، هذا مبلغ علوم أهل العموم من المخاطبين ، لاقتصارهم في نظرهم على ظاهر المفهوم من كمال القدرة والإرادة ، وهو نصف البحث ، فلو رزقوا العثور على الشطر الآخر ، لفازوا بإدراك الأمر على ما هو عليه .
وهو مقتضى الكشف بأنّ المشيّة لا تتعلَّق إلَّا بمقتضى الحكمة ، والعلم والحكمة يعطيان أن ليس في قوّة استعداد الجمع وقابليتهم صلاحية الهداية.
بل في البعض ، فتعلَّقت المشيّة بهداية المهتدين بنوره ، لما في استعدادهم لقبول نور الهداية ، والذي لم يستعدّ للهداية في حقيقته وخصوصية عينه الثابتة ، لم تتعلَّق بهدايته المشيّة ، فلم يهتد ، وهذا مقتضى الكشف الصحيح والحقّ الصريح الرجيح .
فرزق الله أهل الكشف والتحقيق الاطَّلاع على هذا السرّ وهو سرّ القدر فنزع بذلك عن قلوبنا غلّ الاعتراض على الله بالجهل ، كما اعترض أهل الحجاب من الجمهور في أفعاله وأوامره وأحكامه ، ونسبوا إلى الله الظلم ، وأجاز بعضهم الظلم من الله تعالى على خلقه ، لأنّهم تحت تصرّفه وهو موجدهم وربّهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمشيئته أحدية التعلق ) أي لا تتغير عما اقتضاه ذاته " لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ الله "
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهي نسبة تابعة للعلم ، والعلم نسبة تابعة للمعلوم ، والمعلوم أنت وأحوالك ) أي في حال عينك الثابتة في الأزل
( فليس للعلم أثر في المعلوم ) فإن حال المعلوم أعطى العلم ، فلا يؤثر العلم فيه
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بل للمعلوم أثر في العلم ، فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه ، وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون ، وما أعطاه النظر العقلي ) أي إنما خاطب الله تعالى عباده على قدر فهومهم ، وما توافق عليه العموم مما هو مبلغ عقولهم وعلومهم بالنظر العقلي من كمال قدرته وإرادته ، وإنه لو شاء لهدى الجميع لكونه فعالا لما يريد.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف ) فإن الحكمة الإلهية اقتضت التدبير على النظام المعلوم ، فلا بد من احتجاب البعض بل الأكثر بحجب الجلال ، ليختاروا من الأمور ما يناسب استعدادهم ، ويتحملوا المشاق والمتاعب في تدابير المعاش ومصالح نظام العالم ، فيتسبب صلاح الجمهور ، والتدبير إنما يكون ويتيسر عند الاحتجاب عن سر القدر.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولذلك كثر المؤمنون وقل العارفون أصحاب الكشوف ) فإنهم المطلعون على سر القدر وأحوال العالم ، فلا يباشرون التدبير بعد العثور على التقدير
( وما منا إلا له مقام معلوم ) فمن كان مقامه الوقوف مع العقل والمعقول في حال عينه فله التدبير لا يتعداه ، ومن أعطاه عينه الوقوف على سر القدر بالكشف فلا يعترض على الله بالجهل ، ولا يتعرض لتدبير تغيير القدر
( وهو ) أي اختصاص كل واحد منا بمقام معلوم لا يتخطاه ، هو هذا المعنى
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك ) كقوله تعالى : "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي من تَحْتِهَا الأَنْهارُ ". أي هذا الكلام
( هذا إن تثبت أن لك وجودا ) أي باعتبار تعينك ، فإن التعين هو الذي سوغ نسبة الوجود الخاص الإضافي إليك .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمشيئته أحدية التعلق. وهي نسبة تابعة للعلم، والعلم نسبة تابعة للمعلوم، والمعلوم أنت وأحوالك، فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العالم،فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه).
أي، للحق مشيئة واحدة عامة يتجلى بها،فيأخذ كل عين نصيبها منها بحسبها، فيظهر بمقتضاها، هداية كان أو ضلالة.
كما قال: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر"وإذا كان الواقع في الوجود أحد النقيضين باقتضاء العين ذلك، فمشيئته أيضا أحدية التعلق، لأنها نسبة تابعة للعلم.
إذ ما لا يعلم بوجه من الوجوه، لا يمكن تعلق الإرادة والمشيئة به.
والعلم نسبة للمعلوم من حيث تغايرهما وامتياز كل منهما عن غيره، والمعلوم الأعيان الثابتة وأحوالها، وهي لا يقتضى إلا وجود أحد الطرفين من النقيضين، فالمشيئة أيضا لا يتعلق إلا به.
قوله: (فليس للعلم أثر) نتيجة لقوله: (والعلم نسبة تابعة للمعلوم).
و أثر المعلوم في العالم اقتضاؤه وطلبه من (العالم القادر) على إيجاده : إيجاده على ما هوعليه. وقد مر، في المقدمات، من أن العلم من أي جهة تابعة، ومن أيها متبوعةمؤثرة في إفاضة الأعيان.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون وما أعطاه النظر العقلي ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. ولذلك كثر المؤمنون وقل العارفون وأصحاب الكشوف).
أي لما كان أكثر الأشخاص الإنسانية عقلاء وأصحاب النظر الفكري، ما ورد الخطاب الإلهي إلا بحسب ما تواطأوا، أي توافقوا عليه،وهو العقل ومقتضاه.
ولم يرد على ما يعطيه الكشف، لعدم وفاء الاستعدادات بذلك ولقلة العارفين أصحاب الكشوف الواقفين على سر القدر.
ولو ورد الخطاب الإلهي بحسب إدراك المخاطبين وعقولهم، كثر المؤمنون وقل العارفون، لأنطور المعرفة فوق طور الإدراك العقلي، وهو الكشف عن حقائق الأمور على ما هيعليه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ("وما منا إلا له مقام معلوم".) أي مرتبة معلومة معينة في علم الله،
لا يتعداها ولا يتجاوز عنها  فمن كان مقامه في العلم ومقتضى عينه أن يكونوافقا على مقتضى عقله أو وهمه، لا يزال يكون تحت حكم التدبير.
ومن كان مقامه أن يكون مطلعا على أحوال الوجود واقفا على سر القدر مكاشفا له، يكون منقاد الحكم التقدير، فلا يعترض بالباطن على أحد من خلق الله، وإن كان يأمر وينهى في الظاهر.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.  
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته) بمقتضى سنته (نسبة) بين الحق وبين العين الثابتة (تابعة للعلم)، إذ لو خالفته لزم انقلاب العلم جهلا.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والعلم نسبة للمعلوم)، إذ لو لم تتبعه لكان على خلاف المعلوم فی?ون جهلا فمشيئته تابعة للمعلوم الذي هو أحد النقيضين دائما في الواقع، ولما توهم أن المعلوم هو العين الثابتة مع أن بعض المعلومات غيرها .
أزال ذلك بقوله: (والمعلوم أنت وأحوالك) فمشيئته تابعة لك و لأحوالك، والتابع لا يؤثر في المتبوع.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فليس للعلم في أثر المعلوم) كما يوهمه قولهم: إن علمه تعالی فعلي لا انفعالي، وإلا كان محلا للحوادث.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (بل للمعلوم أثر في العلم) الذي هو الذات الأزلية فضلا عن العلم الذي هو من الصفات فإنه يؤثر فيه (فيعطيه من نفسه ما هو عليه).
ولا يلزم منه كونه تعالى أو كون علمه محلا للحوادث؛ لأن المراد من التأثير إفادة النسبة، وهي عدمية، ولا يكون هو ولا علمه انفعاليا بل علمه فعلي أفاد للعين الثابتة بعون الإرادة والقدرة ظهور مقتضاها .
قال الشيخ رضي الله عنه : (و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف. «و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
ثم استشعر سؤالا بأنه إذا لم يكن للعلم أو العالم تأثير في المعلوم فما معنی تعلق مشيئته به فقال: قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وإنما ورد الخطاب الإلهي) في الظاهر (بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون) من أن له تأثيرا في الأشياء.
إذ تأثير الأعيان فيه بعيد عن طباعهم، وهو (ما أعطاه النظر العقلي) من أن الحق مؤثر في المم?نات بلا ع?س .
نعم له تأثير تابع لتأثيرهم فيه يجب تأويل الخطاب بذلك في نظر أهل الكشف.
وذلك لأنه (ما ورد الخطاب) في الظاهر (على ما يعطيه الكشف) فيجب تأويله بالتأثير الفرعي لا الأصلي .
مع أن المتبادر إلى الأفهام أن الأصلي هو الذي تواطأ عليه المخاطبون من أهل النظر العقلي.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولذلك) أي: و لورود الخطاب في الظاهر بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون دون أهل الكشف حتى احتاجوا إلى التأويل .
فـ (كثر المؤمنون) الأخذون بظاهر الخطاب المساعد بالدليل العقلي.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقل العارفون أصحاب الكشوف) المؤولون للخطاب مع مساعدة الدليل العقلي الظاهرة بسبب ما ?وشفوا لكن كلا المعنيين صحيح في الواقع، وإن كان أحدهما أصليا حقيقا، والأخر فرعيا محازيا.
وإليه الإشارة بقوله: ("وما منا") [الصافات: 146]) أي: المؤمنين والعارفين ("إلا له مقام معلوم ") [الصافات: 164]. أي: في فهم الخطاب على مقتضى العقل أو الكشف.
ثم بين أثر المعلوم في العالم بقوله: (وهو) أي ذلك الأثر (ما كنت) أي: كانت عينك ملتبسة (به) من مقتضاها (في) حال (ثبوتك) في العلم (ظهرت به في وجودك).
فلولا أن العينك ومقتضاها أثرا في العلم لما أثر العلم فيما ظهرت به في وجودك من الأحوال المخصوصة، إذ الوجود مجرد في نفسه عن تلك الأحوال.
والعلم لا يقتضيها من حيث هو إذ هو تابع للمعلوم فلا يقتضي له حالة فيه لم تكن من مقتضی عين قرب بها فهذا أثرك في العلم أولا، وفي العالم ثانيا.
هذا على تقدير مغايرة وجودك للحق بأن يكون وجوده حقيقا، ووجودك ظلا له.
كما قال الشيخ رضي الله عنه : (هذا إن ثبت أن لك وجودا) إذ لا أثر لك في وجود الحق حينئذ من حيث هو؛ بل من حيث هو عالم يتأثر بما تأثر به علمه. ثم أشار إلى ما هو أثر المعلوم في العالم من حيث الذات بلا واسطة العلم
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:30 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الحادية عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف. «و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمشيّته أحديّة التعلَّق ) بالنسبة إلى الأكوان والاحتمالات الواقعة في حيّز الإمكان ( وهي نسبة تابعة للعلم . والعلم نسبة تابعة للمعلوم ، والمعلوم أنت وأحوالك ، فليس للعالم أثر في المعلوم ، بل للمعلوم أثر في العالم) فإن المعلوم هو الذي جعل العالمية مصوّرا بصورته .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه ) .
( وإنما ورد الخطاب الإلهي ) بلسان الحضرة الختميّة ( بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون ، وما أعطاه النظر العقليّ ) على ما عليه مدارك العامّة من أمم زمانه ، من الاحتمالات اللازمة لما وقع في حيّز الإمكان - على ما هو مقتضى منصب الرسالة وختميّتها ، حتّى يكون الكلّ محظوظا من جوامع كلمته التامّة ، وإلَّا فلا يكون مبعوثا للكافّة .
ولذلك ( ما ورد عليه الخطاب على ما يعطيه الكشف ) من الجزم بما عليه الأمر ، على ما يختصّ به الندر من الخواصّ ( ولذلك كثر المؤمنون ) أرباب الفهوم من الواقفين عند ظواهر ما أعطاه النظر العقليّ ، ممّا يمكن أن يتواطأ عليه الجمهور من المخاطبين ( وقلّ العارفون - أصحاب الكشوف ) من الواقفين على سرّ ما عليه الأمر في نفسه ، وهم ، هم المقصودون بالذات ، وغيرهم إنّما خلق لأجل تمهيد المقصود .
حكم المعلوم على العالم والذي يدلّ على ما مرّ - من أنّ لكلّ أحد مقاما لا يتجاوزه ، وهو صورة معلوميّته المؤثّرة في العالم ، الحاكمة بالخصوصيّة - ما ورد : ( " وَما مِنَّا إِلَّا لَه ُ مَقامٌ مَعْلُومٌ " [ 37 / 164 ] وهو ما كنت به في ثبوتك ، ظهرت به في وجودك هذا إن ثبت أنّ لك وجودا) على ما هو ذوق مقام قرب النوافل .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : " فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه. و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف. «و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك"
(فمشيئته أحدية المتعلق)، لا يتعلق إلا بأحد النقيضين وبين ذلك بقوله : (وهي نسبة) أي وذلك لأن المشيئة نسبة (تابعة للعلم) لا تتعلق إلا بما يقتضي العلم تعلقها به .
(والعلم نسبة تابعة للمعلوم) لا يتعلق به إلا على ما هو عليه في نفسه .
(والمعلوم أنت وأحوالك) وأنت لم تتغير عما كنت عليه في حال ثبوتك .
ولما كان المتوهم أن يتوهم ههنا أن نتعلم تأثيرا في المعلوم فيمكن أن تستند مقتضيات الأعيان إلى العلم بها إلى نفسها .
دفعه رضي الله عنه بما يتفرع على تبعيته للمعلوم أعني قوله :
(فليس للعلم أثر في المعلوم بل للمعلوم أثر في العلم) وفي بعض النسخ في العالم والأول أنسب.
(فيعطيه)، أي أثر المعلوم في العلم أن يعطيه (من نفسه ما هو عليه في عينه) فيجعله مطابقا تابعا له في هيئة التطابق .
ولما كان المفهوم و المتبادر من قوله :" فلو شاء لهداكم أجمعين" [الأنعام: 149 ].
تساوي الهداية و عدمها إلى جميع المخاطبين , وترجيح أحد الجانبين بمحض مشیئته سبحانه لامتناع تعلق المشيئة بهداية الجميع كما ذكره رضي الله عنه .
اعتذر بقوله : (وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ)، أي توافق (عليه المخاطبون) المحجوبون المقتدرون بطور العقل .
(و) بحسب (ما أعطاه النظر العقلي ما ورد) ذلك (الخطاب) بحسب معناه الظاهر ومفهومه المتبادر (على) طبق (ما يعطيه الكشف) لعدم وفاء استعدادات الكل بذلك.
(ولذلك كثر المؤمنون) المصدقون بما هو الظاهر المتبادر من الخطابات الإلهية (وقل العارفون أصحاب الكشوف) الفائزون بإدراك المراد منها على ما هو عليه.
(وما منا إلا له مقام معلوم) و مرتبة معينة في علم الله تعالى لا يتعداها ولا يتجاوز عنها.
فمن كان مقامه مضيق العقل يبقى أبدا محبوسا فيه .
ومن كان مقامه متسع الكشف يترقی دائما في مدارجه و مراقيه .
(وهو) أي المقام المعلوم (ما كنت)، أي مقام كنت ملتبسا (به في) حال (ثبوتك) في الحضرة العلمية (ثم ظهرت) متلبسا (به في وجودك العيني) الخارجي مطابقة في الحضرة العلمية.
(هذا)، أي ظهورك في وجودك لما كنت به في ثبوتك لنا يصح (إن ثبت أن لك وجودا) على أن يكون وجود الحق سبحانه مرآة الأعيان والظاهر فيها الأعيان.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثانية عشر الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:31 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك. فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.  فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن ثبت) عندك (أن الوجود) الذي تزعم أنك فيه وأن كل شيء فيه أيضا هو بعينه منسوب عندك (للحق تعالی) بعد غسله من جميع أدناس الكيفيات والكميات والأماكن والأزمان وتقديسه وتطهيره من سائر الأحوال الكونية.
(لا) أنه منسوب عندك (لك) بحيث شهدت أنك وأن كل شيء من الكائنات أمور عدمية مقدرات بالمقادير الحسية والعقلية والزمانية والمكانية من غير وجود لها.
ثم كل شيء جاء وقته وسبق ما هو مرتب عليه انصبغ بصبغة الوجود الحق، على أنه ظهر في نور الوجود وهو على ما هو عليه من عدمه الأصلي.
(فالحكم لك) حينئذ أيضا يا أيها الإنسان عليك (بلا شك) ولكن (في وجود الحق) تعالی فقد أخذ الحق تعالی منك علمه بك، وحكم عليك بما علمه منك ، فأنت الحاكم على نفسك به سبحانه .
(وإن ثبت) عندك (أنك الموجود) بالوجود الفائض عليك من وجود الحق سبحانه المتجلي عليك.
وكان عندك الوجود وجودین : قديم هو المفيض وحادث وهو المفاض.
وإن كان أحدهما بالنظر إلى الآخر معدوما كما قال الجنيد رضي الله عنه : الحادث إذا قرن بالقديم لا يبقى له وجود، بإرجاع الضمير إلى الحادث أو إلى القديم.
فالوجود القديم هو الأصلي الخالص المطلق من القيود، والوجود الحادث هو ذلك الوجود القديم أيضا لكن ممزوج بالصور وأحوالها التي لا وجود لها إلا به ، ومقيد بجميع القيود العدمية التي هو وجودها لا وجود لها غيره.
فالوجود القديم عام والوجود الحادث خاص، مثل الحيوان والإنسان ففي الحادث ما في القديم وزیادة ، وليس في القديم ما في الحادث من الزيادة .
(فالحكم) حينئذ أيضا (لك) على نفسك (بلا شك) لا حد في ذلك (وإن كان الحاكم) عندك الحق سبحانه باعتبار أنه علمك، فحكم عليك بما علمه منك.
فالحكم إنما ظهر منك عليك، فهو الحاكم عليك وحده (فليس له) سبحانه منك ابتداء أمر من أمورك مطلقا (إلا إفاضة الوجود) منه تعالى (عليك).
فإن إفاضة الوجود ليست مأخوذة منك ومفاضة عليك إذ لا وجود لك أصلا والوجود له سبحانه وحده.
بخلاف سائر أمورك التي أنت ظاهر بها، فإنها مأخوذة منك ومفاضة عليك، إذ لا كيفية له تعالى ولا كمية ولا جهة ولا مكان ولا زمان.
والحكم بالكيفية والكمية والجهة والمكان والزمان (لك) إذ كل ذلك مقتضی أمورك وأحوالك المن?شفة له سبحانه بعلمه القديم (عليك) فإنه وجدك كذلك، فأراد لك ما وجد وقدره عليك وقضاه كما قال سبحانه : "وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " [الأعراف: 102] وقال سبحانه: "فما وجدنا فيها غير بيت بين المسلمين" [الذاريات: 36] وقال سبحانه: "ووجدك ضالا فهدى" [الضحى: 7] فلله حينئذ عليك المنة بالوجود وبالحكم عليك بجميع ما ح?مت به أنت على نفسك وأنت معدوم فكشف بعلمه القديم عنك فوجدك.
كذلك وأنت لست شيئا مذكورا فجعلك شيئا مذكورا بإيجاده لك وبحكمه عليك على طبق ما علمه منك من حكمك على نفسك .فجميع أحوالك منك له أولا عدما.
ومنه لك ثانية وجودا (فلا تحمد) حينئذ على جميع أحوالك الحسنة من جهة خصوصها العدمي الأصلي الرتبي ( إلا نفسك).
لأنها هي التي أعطته ذلك بان?شافها بعلم القديم وأما من جهة إيجاد ذلك لك والحكم به عليك طبق ما حكمت به أنت على نفسك و باختياره وبإرادته فله سبحانه المنة عليك بكل ذلك.
كما قال تعالى: "ألم نخلقكم من ماء مهين " [المرسلات: 20]، وقال تعالى :"بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان" [الحجرات: 17] ونحو ذلك.
(ولا تذم) أيضا على جميع أحوالك القبيحة (إلا نفسك)، لأنها هي التي أعطته ذلك فأوجده لها.
قال تعالى : "وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" [النحل: 118]، (وما يبقى للحق) سبحانه عليك (إلا حمد إفاضة الوجود) منه تعالی على جميع أحوالك الحسنة والقبيحة، فتصل بسبب فيض ذلك الوجود إلى جميع أغراضك في الدنيا والآخرة ، الأغراض الحسنة والأغراض القبيحة، فيرحمك بذلك الفيض على حسب ما تقتضيه ذاتك، فله المنة عليك في الخير والشر (لأن ذلك) يعني إفاضة الوجود (له) سبحانه فقط على كل شيء لأنه الوجود الحق، ولا شيء من أحوال .
كل شيء له سبحانه لتنزهه عن جميع ذلك (لا لك)، لأنك معدوم الأصل، فلا وجود لك ليأخذه منك بعلمه القديم ويعطيك إياه كفعله بباقي أحوالك وإذا كان الأمر كذلك.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (أن ثبت أن لك وجودا فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك . فالحكم لك بلا شك في وجود الحق) أي فإن كنت معدوما باقيا في حال عدمك والظاهر الحق في مرآة وجودك فأنت تحكم على الله بما في عينك في وجود الحق.
(وإن ثبت أنك الموجود) هذا هو القسم الأول أورده لبيان أحكامه .
(فالحكم لك بلا شك) أي إن كنت موجودة في مرآة الحق فأنت تحكم عليك بك في وجودك .
(وإن كان الحاكم) عليك في ذلك المقام (الحق فليس له إلا إفاضة الوجود عليك).
أي فليس للحق من الحكم عليك إلا إفاضة الرجود عليك فقط لا غير وما عدا ذلك كله لك عليك.
قال الشيخ رضي الله عنه : (والحكم لك عليك) على كلا التقديرين غير إفاضة الوجود وذلك أيضا من طلبك من الله ولولا طلبك لما أفاضه فإذا كان رجوع الحكم منك إليك .
(فلا يحمد) عند ورود الحكم الملائم لطبعك إلا نفسك ولا تذم) عند ورود الحكم الغير الملائم لطبعك (إلا نفسك) فما حمدك وذمك إلا نفسك.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وما يبقى للحق) من الحمد (إلا حمد إفاضة الوجود) وبذلك تفرق الرب من العبد
(لأن ذلك له لا لك) بل هو أيضا يحصل لك من الله بطلب عينك فإذا كان الأمر على ما قلناه .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
يعني أن ذلك النور يحمد المعنى، لأنه به ظهر كثيرا وهو لا واحد ولا كثير، وأحمده يعني أنه أظهرني في اعتبار الأذهان في عالم النسب والإضافات التي لا وجود لها إلا في الأذهان، فأنا أحمده على اظهاري مع ما في ظهوري من التلبيس "التلبس"، لأني ليس لي في الحقيقة ذات حتى تظهر أو لا تظهر.
الحق أو جدني، أي أن النور أوجدني لأساعده ولاعلمه علم الجزئي و أوجده في حضرة الألوهية بحقيقة أني المألوه، إذ لولا المألوه الكائن بالفعل ما وجد معنى الإله بالفعل.
قال الشيخ، رضي الله عنه، بهذا لكنه يعود يقرر غيره أيضا، وموضع ذكره لهذا الذي ذكرناه هو في الحكمة القدوسية في الكلمة الإدريسية، وصورة لفظه هكذا: لأن الأعيان التي لها العدم الثابتة فيه ما شمت رائحة من الوجود،
فنعود ونقول: إن جزئیات هذا الذي فرضناه ?الكلي لا وجود لها قبل كونها ولا ثبوت لها لأن الثبوت فيه رائحة الوجود وإنما سميناه نحن بالمعنى وهو لا يستحق أن يتسمی به لأن الوجود الذي هو النور هو الشيء من كل وجه.
الحق أو جدني، أي أن النور أوجدني لأساعده ولاعلمه علم الجزئي و أوجده في حضرة الألوهية بحقيقة أني المألوه، إذ لولا المألوه الكائن بالفعل ما وجد معنى الإله بالفعل.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال رضي الله عنه : " فإن ثبت أنّ الوجود للحق لا لك ، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق ، وإن ثبت أنّك الموجود ، فالحكم لك بلا شكّ .
وإن كان الحاكم الحقّ ، فليس له إلَّا إفاضة الوجود عليك ، والحكم لك عليك ، فلا تحمّد إلَّا نفسك ولا تذّم إلَّا نفسك ، وما يبقى للحق إلَّا حمد إفاضة الوجود ، لأنّ ذلك له لا لك"   .
يعني رضي الله عنه : رزق الله أهل الكشف والتحقيق الاطَّلاع على هذا السرّ وهو سرّ القدر فنزع بذلك عن قلوبنا غلّ الاعتراض على الله بالجهل ، كما اعترض أهل الحجاب من الجمهور في أفعاله وأوامره وأحكامه ، ونسبوا إلى الله الظلم ، وأجاز بعضهم الظلم من الله تعالى على خلقه ، لأنّهم تحت تصرّفه وهو موجدهم وربّهم .
فله الحكم ، وعدّل منه الظلم ، وكلّ ما قالوا جهل بالحقائق ، لأنّ حقيقة الظلم لا تنقلب عدلا ، ثمّ الحكيم لا يريد ولا يفعل إلَّا ما اقتضته حكمته ، فهو لا يكلَّف نفسا إلَّا وسعها ، ولا يطلبها إلَّا ما آتاها ، وإلَّا فما هو بحكيم ، وحكم بخلاف حكمته وعلمه ، والله تعالى حكيم ، فهو لا يسومنا ما ليس فينا ، فافهم.
وهذا بيّن فللَّه الحجّة البالغة ، فما منّا أحد إلَّا له مقام معلوم ، فنحن معاشر أهل الكشف والشهود بحمد الله لم نقف مع علوم هؤلاء المجتهدين ، فكشف لنا بحمد الله ما وراء هذا السرّ ، وذلك بمقتضى أعياننا الثابتة في العلم الأزلي .
فالحكم للعين فينا إن كان لنا وجود حقيقي على ما تقرّر ، وإن لم يكن لنا وجود ، فالحكم لنا علينا أيضا كما مرّ مرارا ، فادّكر ، فما يصل إليك نور الوجود إلَّا بموجب استعدادك ، فإن كان على الوجه الأكمل ، فلا تحمد إلَّا نفسك .
فإنّها صورة شأن إلهي من الشؤون ، وإن وجدت غير ذلك فلا تلومنّ إلَّا نفسك ، وليس لله تعالى إلَّا حمد إفاضة الوجود ، وليس للوجود إلَّا إظهار ما كنت عليه وكان فيك منك أزلا ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإن ثبت أن الوجود للحق ) كما هو على الحقيقة
( لا لك ، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق)  باعتبار عينك وما هي عليه .
( وإن ثبت أنك الموجود ) بالحقيقة بوجود إفاضة الحق عليك وأوجدك به في الخارج وأنت موجود في عالم الغيب بوجود علمي هو وجود عينك الأزلي.
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( فالحكم لك بلا شك ) أي فإن كنت معدوما باقيا في حال عدمك والظاهر الحق في مرآة وجودك ، فأنت تحكم على الله بما في عينك .
( في وجود الحق ، وإن ثبت أنك الموجود ) هذا هو القسم الأول أورده لبيان أحكامه فالحكم لك بلا شك اهـ بالى. ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالحكم لك بلا شك ، وإن كان الحاكم الحق ) الذي أوجدك على الصفة التي أنت عليها في الوجود الخارجي فإن حكم الله هو الذي أعطاه عينك .
فقوله رضي الله عنه : وإن كان الحاكم الحق ، شرط محذوف الجزاء ، لدلالة قوله : فالحكم لك بلا شك عليه.
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : (والحكم لك عليك ) على كلا التقديرين غير إفاضة الوجود ، وذلك أيضا من طلبك من الله ولولا طلبك لما أفاض اهـ بالى ""
وقوله: ( فليس إلا إفاضة الوجود عليك ) كلام كالنتيجة لازم الشرطية المذكورة ، أي لزم أنه ليس للحق إلا إفاضة الوجود عليك لا الحكم ، والحكم لك عليك ، ويجوز أن يكون جواب الشرط قوله  رضي الله عنه : فليس له إلا إفاضة الوجود عليك ، أي وإن كان الحاكم في إيجادك الحق بقوله كن ، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك ، والحكم بكيفيته لك عليك .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا تحمد إلا نفسك ) أي إن اقتضت عينك الكمال والكشف والمعرفة بحقيقة الأمر على ما هو عليه ، فإنها صورة شأن من الشؤون الإلهية الأزلية.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا تذم إلا نفسك ) إن اقتضت النقص والحجاب .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( فلا تحمد ) عنه ورود الحكم الملائم لطبعك ( إلا نفسك ولا تذم ) عند ورود الحكم الغير الملائم لطبعك ( إلا نفسك ) اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما بقي للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك ) فإن الوجود ليس إلا له في الحقيقة أزلا وأبدا ، والحكم ما هو فيك أزلا من حيث إنك حقيقة من حقائق الجمع الإلهي ، وصورة من معلوماته وشئونه.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهو ما كنت به في ثبوتك، ظهرت به في وجودك).
(وهو) أي ذلك المقام هو ماكنت في عينك ملتبسة متصفة به في حال ثبوتك في الحضرة العلمية، و ظهرت في الوجود الخارجي أيضا على حسبها. فهذا الحكم عام لجميع الأعيان،لا الملائكة فقط، كما أخبروا عن أنفسهم. فالضمير مبتدأ، خبره مجموع ما بعده من الجملتين، أي (مقامك) هذا المعنى.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (هذا إن ثبت أن لك وجودا) أي الأمر هذا إن كان الوجود الخارجي للأعيان بحكم ظهورها في مرآة الحق.
وليس المراد بقوله: (إن ثبت أن لك وجودا) أن لك وجودا حقيقيا مغايرا للوجود المطلق الحقاني، فيتعدد الوجود بحسب مهيته. فإن الوجود حقيقة واحدة، ليس فيها تعدد أصلا. كما مر فيصدر الكتاب.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن ثبت أن الوجود للحق، لا لك) أي وإن كان هذا الوجود الخارجي للحق بحكم ظهوره في مرايا الأعيان.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالحكم لك بلا شك في وجود الحق). وذلك لأن وجود الحق من حيث هو هو واحد لا تعدد فيه، فالتعدد  والتنوع والاختلاف من أحكام مرايا الأعيان في الوجود الحقاني.
وقوله: (إن ثبت) في الموضعين، ليس لكونه شاكا في كيفية الأمر، بل تنبيه على ظهور مراتب الوجود، كما مر مرارا.
(وإن ثبت أنك الموجود). أي، بالوجود الفائض عليك من الحق تعالى.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالحكم لك بلا شك). في ذلك الوجود بحسب عينك. ولا ينبغي يتوهم أنغير الحق حاكم عليه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، بل الحق يحكم على وجوده في مرتبة من مراتبه التفصيلية، فلا شئ غيره في الوجود.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك والحكم لك عليك).
أي وإن قلنا إن الحق هو الحاكم بحسب مقامه الجمعي على مقاماته التفصيلية المنعوتة بالعبودية، فليس للحق بحسب مقامه الجمعي إلا إفاضة الوجود على مظاهره العلمية المسماة بـ (الأعيان) لتوجد في الخارج.
وتلك الإفاضة أيضا تطلب الأعيان واستعداداتها، فالحكم في الحقيقة منك وعليك.
ويجوز أن يكون قوله: (وإن كان الحاكم الحق) للمبالغة.
وقوله: (فليس له إلا إفاضة الوجود عليك) نتيجة لقوله: (وإن ثبت أنك الموجود، فالحكم لك بلاشك). أي فالحكم لك بلا شك على تقدير أنك الموجود بالوجود الفائض عليك، وإن كان الحاكم في الحقيقة هو الحق.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلا تحمد إلا نفسك ولا تذم إلا نفسك). فإن خيرك وشرك منك وعليك، بحسب اقتضاء عينك.
ولذلك يترتب الثواب والعقاب على أفعالك. وهذا في مقابلة ما يثبته الموحد بغلبة الوحدة عليه من أن الحمد والذم والخير والشر منه، ولاوجود لغيره ولا فعل ولا صفة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود، لأن ذلك له لا لك). فإن فيضان الوجود أزلا وأبدا لا يمكن إلا من مقام الجمع.
ولا يناقض ماذكر من أن الحمد كله لله في أول الفص: فإن ذلك من مقام الوحدة، وهذا من مقام الكثرة.
وفي هذا المقام يتعين للحق حمد إضافة الوجود، وحمد الكمالات والحسنات ترجع إلى الأعيان. وإذا علمت أنها أيضا مقاماته التفصيلية وليست غير الحق بالحقيقة، علمت أن الحمد كله لله جمعا وتفصيلا.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. )
فقال الشيخ الشيخ رضي الله عنه : (ثبت أن الوجود)، وإن اقترن بعينك الثابتة (للحق لا لك) لبقاء عينك على عدمها الأصلي.
فلا تتصف بالوجود الذي ظهر فيها من حيث هي مرآته، (فالحكم لك) أيها المعلوم (بلا شك في وجود الحق) الذي هو عالم لا بواسدلة العلم؛ بل أثر فيه بتخصصه في الظهور بمقتضي عينك مع إطلاقه في نفسه.
هذا إذا أثبت أن العين الثابتة لم تصر موجودة بوجود الحق؛ بل بقيت على عدمها الأصلي، ومع ذلك أثرت في وجود الحق باعتبار مرآيتها له.
فقال الشيخ الشيخ رضي الله عنه : (وإن ثبت أنك الموجود) بوجود الحق، وليس لك وجود آخر هو ظل وجوده (فالحكم لك) أيضا (بلا شك) في وجود الحق الذي صرت به موجودا.
لأنك إذا أثرت على تقدير معدومیتك فتأثيرك مع موجوديتك بطريق الأولى.
قال الشيخ رضي الله عنه : (و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك. فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك).
فقال الشيخ رضي الله عنه : (وإن كان الحاكم الحق فليس له) من الأحكام (إلا إفاضة الوجود عليك)، وهو لا ينافي نسبة الحكم إليك باعتبار أخر .
وهو أن يقال: (الحكم لك) في استفاضة الوجود على وجه خاص (عليك فلا تحمد إلا نفسك) أي: عينك الثابتة إذا ظهرت بالمحامد؛ لأنها من استفاضتها.
ذ(ولا تذم إلا نفسك) إذا ظهرت بالمذام؛ لأنها من طلبها . (وما بقي) شيء من المحامد و المذام (للحق إلا حمد إفاضة الوجود، لأن ذلك له لا لك)، إذ ليس لك من الوجود شيء حتى تفيضه عليك، أو على غيرك.
ولا ذم في إفاضة الوجود أصلا، وإن الحق الشر بالموجود بسببه إذ هو من إفاضة عدم الغير، أو عدم كماله إليه. ولذلك ورد: "الحمد لله على كل حال". رواه ابن حبان والحاكم.
وإذا كان كل ح?م لك في وجوده باعتبار ظهوره فيك لا له، وكان له إفاضة الوجود عليك لا لك.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:33 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالحكم بلا شك لك في وجود الحقّ ) في هذا المقام أيضا ، فإنّ صاحب الحكم إنّما هو العين .
( وإن ثبت ) على التقديرين - وهو مقام الجمعيّة بين القربين - ( أنّك الموجود فالحكم لك بلا شك ، وإن كان الحاكم ) في سائر المقامات حقيقة هو ( الحقّ ) والفرق بيّن بين ذي الحكم والحاكم عند اللبيب ، والأعيان ذوو الأحكام - والحاكم إنما هو الحق ، فإنّه إنما يتحقّق الأحكام بالوجود ، وهو منه .
الأمر منك إليك ( فليس له إلَّا إفاضة الوجود عليك ، والحكم لك عليك ، فلا تحمد إلَّا نفسك ) إن اهتدت إلى كمالاتها - ( ولا تذمّ إلَّا نفسك ) إن ضلت عنها
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يبقى للحقّ ) في كلّ حال من تينك الحالتين المتقابلتين ( إلَّا حمد إفاضة الوجود - لأنّ ذلك له ، لا لك ) بناء على أن الوجود الحقّ هو الظاهر بصور أحكام الأعيان ، مختفية فيه تلك الأحكام.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه : " هذا إن ثبت أن لك وجودا. فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك. فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك."
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك) بأن تكون الأعيان مرئي لوجود الحق فيكون الظاهر هو الوجود الحق لا الأعيان التي هي كالمرائي له.
(فالحكم لك)، أي الحاكم بها على وجودك أنت من حيث عينك الثابتة (بلا شك) ولكن (في وجود الحق) فقد أخذ الحق تعالی من علمه بك.
(وإن ثبت) عندك (أنك الموجود) بالوجود الفائض (فالحكم) أيضا (لك بلا شك) فالحكم في الصورتين لك تارة على وجود الحق وتارة على وجودك .
(وإن كان الحاكم الحق) واعتبر كونه حاكما (فليس له سبحانه إلا إفاضة الوجود عليك) و على أحوالك لا اتحاد حكم أو أثر لا تقتضيه عينك والحكم بخصوصية كل حكم وأثر .
(لكن) من حيث عينك الثابتة لا للحق , فإنه لا حكم للمطلق بخصوصيات الأحكام (عليك) في وجودك العيني لا عليه إلا من حيث ظهوره فيك واتحاده بك "سريانه فيك" .
(فلا تحمد) في المحامد (إلا نفسك ولا تذم) في المذام أيضا (إلا نفسك)، فإن كل ما يصدر عنك من المحامد والمذام إنما هو مما تقتضيه عينك .
وتطلب من الحق سبحانه إفاضة الوجود عليها فكل المحامد و المذام راجعة إليك.
(وما يبقى للحق) سبحانه (إلا حمد إفاضة الوجود) عني عينك الثابتة و على أحوال عينك .
(لأن ذلك) إلى إفاضة (الوجود له)، أي الحق سبحانه (لا لك)، لأن ما لا وجود له في حد ذاته كيف يفيد الوجود على غيره .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالثة عشرة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:34 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة عشرة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأنت غذاؤه بالأحكام، ... وهو غذاؤك بالوجود. فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.  غير أنك تسمى مكلفا وما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه. و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأنت) يا أيها الإنسان (غذاؤه)، أي غذاء الحق سبحانه (بالأحكام) التي أخذها منك بعلمه القديم فعلمك بها، وذلك من حيث مرتبة ألوهيته التي منها كونه عالما بك مريدا لك قادرة عليك، فإنه من هذه الحيثية إنما تغذى بك وبأحوالك حتى ترتبت له مرتبة الألوهية التي هي من جملة الحضرات المتنزلة بها إليك في مثابة الجسد الذي يحتاج إلى الغذاء.
وأما من حيث مرتبة ذاته العلية فهو غني عنك وعن غيرك من العالمين كما قال سبحانه :" فإن الله غني عن العلمين" .
وهذه المرتبة للمرتبة الأولى بمنزلة الروح المنزهة عن الغذاء بالأشياء (وهو) سبحانه وتعالی (غذاؤك) يا أيها الإنسان (بالوجود) الذي هو فائض منه عليك، ولا إفاضة ولا غذاء، ولكن ذلك أداة توصيل باصطلاح خاص لإيصال المعنى المراد إلى السالك في طريق العارفين.
واعلم أن ما ثم إلا حق وخلق , والحق هو وجود صرف مطلقا عن الكم والكيف والزمان والمكان وغير ذلك حتى عن مفهوم الإطلاق.
والخلق هو التقادیر العدمية المشتملة على الكم والكيف والزمان والمكان وغير ذلك لا وجود لها أصلا.
ثم أن الحق سبحانه الذي هو الوجود الصرف كما ذكرنا هو الذي قدر جميع الإمكانات العدمية المسماة خلقا وتجلى عليها بحسب ترتيبها في التقدير.
فظهر كل شيء مصبوغة بصبغه الوجود إلى تمام مدة تقديره كذلك.
والحق على ما هو عليه ما انتقل ولا تحول، وتلك التقادير على ما هي عليه أيضا لا انتقلت ولا تحولت، وانتقالها وتحولها من جملة تقديرها ، فالانتقال والتحول لا انتقال ولا تحول.
فيصح القول بإضافة الوجود باعتبار ولا يصح باعتبار آخر.
وحيث قلنا بانصباغ الإمكانات العدمية بالوجود، نقول أيضا بانصباغ الوجود بالإمكانات العدمية أيضا.
فيصح ?ون الوجود غذاء للإمكانات العدمية، لأنها لم توجد إلا به وهي في نفسها عدم صرف.
ويصح أيضا كون الإمكانات العدمية غذاء الوجود، لأنها بها تصور وتشكل، فظهر في الصور والأشكال للحس والعقل وهو في نفسه وجود صرف منزه عن جميع
ذلك، ولا شك أن الغذاء هو ما به قوام الشيء و بقاؤه.
والمثال هنا مفهوم، فإن الإمكانات العدمية لا قوام لها ولا بقاء إلا بالوجود، وكذلك الوجود من حيث ظهوره متصورة بها لا قوام ولا بقاء كذلك إلا بها.
وأما ما هو من حيث هو في نفسه فلا كلام عنه أصلا إذا علمت هذا (فتعين)، أي لزم بمقتضى الحكمة (عليه)، أي على الحق سبحانه أن يظهرك في كل وقت موصوفة بالوجود مدة إمكانك كذلك.
وهذا الإظهار كذلك هو عين (ما تعين)، أي لزم بمقتضی استعدادك الغير المجعول
(عليك) من إعطائه الأحكام التي يظهر فيها، فعليك إعطاؤه أحكام ظهورك ممكنة مفروضة مقدرة، وعليه إعطاؤك جميع ذلك موجودا محققا.
فالأمر الذي هو عين أحكامك الظاهرة منك في مدة ظهورك (منه) سبحانه وأصل ذلك (إليك) بصفة الوجود (و) ذلك الأمر أيضا (منك) وأصل إليه سبحانه بصفة الإمكان والتقدير لا الوجود.
(غير أنك) يا أيها الإنسان (تسمى) في الشريعة (مكلفة) بصيغة اسم المفعول، لأن الحق كلفك، أي أوقعك في الكلفة وهو المشقة بما أمرك به ونهاك عنه من الأفعال والأقوال والأحوال على ألسنة التراجم المعصومين من الملائكة والأنبياء عليهم السلام .
مع أنك لا تظهر في الوجود إلا بما أعطيت الوجود أن يظهرك به من إمكانك العدمي، فإن وافق ذلك عين ما كلفك به سعدت وإلا شقيت.
(و) الحق سبحانه (ما كلفك) بما كلفك به (إلا بما)، أي بسبب ما (قلت)، أي قولك (له) سبحانه (كلفني) قولا صادرة منك له (بحالك) الذي أنت عليه في إمكانك العدمي وهو استعدادك الغير المجعول.
(وبما)، أي وأيضا بسبب الذي (أنت عليه) في إمكانك العدمي من حالك المقتضي لذلك التكليف.
وهذه حكمة تكليفك يا أيها الإنسان بالشرائع والأحكام دون ما عداك من بقية المخلوقات، والجن معك في هذه الحالة.
وإذا عممنا التكليف في كل نوع من أنواع المخلوقات لوجود العقل عند الكل كما هو مذهب بعض العارفين، فالحالة كذلك فيهم أيضا.
وكلام الشيخ قدس الله سره عام يصح الذهاب به كل مذهب (ولا يسمى) هو سبحانه (مكلفا) بصيغة (اسم المفعول)، وإن كنت أنت كلفته أي أمرته بأن يأمرك بعين ما أمرك به، وأعطيته بإمكانك العدمي من الأحكام عين ما أعطاك منها موصوفة بالوجود.
ولكن ذلك لم يرد فلا يصح القول


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانت غذاؤه) أي غذاء الحق (بالأحكام) هذا ناظر إلى أن الوجود للحق ظهر في مرآة العبد .
(وهو) أي الحق (غذاؤك بالوجود) هذا ناظر إلى أن الوجود للخلق لكنه ظهر في مرآة الحق فإذا كنت غذاؤه بالأحكام وهو غذاؤك بالوجود.
(فتعين عليه) من الأحكام (ما تعین عليك) في حال ثبوتك (فالأمر منه إليك) بالوجود (ومنك إليه) بالأحكام .
قال الشيخ رضي الله عنه : (غير أنك تسمی مكلفا وما كلفك) الحق (إلا بما قلت له كلفني بحالك وبما أنت عليه) أي وما كلفك الحق بحالك وما كلفك بما أنت عليه.
إلا بسبب قولك له : كلفني بحالي وبما أنا عليه فكان التكليف من وجهك من وجه فبحالك يتعلق بكلفك .
وبما أنت عليه معطوف على بحالك على ما ذهب إليه بعض الشراح والأولى أن يتعلق بحالك .
قال الشيخ رضي الله عنه : بقوله : كلفني (ولا يسمى) الحق (مكلفا اسم مفعول) لعدم القول منه لك بكلفني لأنه موجود بذاته مفيض للوجود عليك لأنه لا يجيء هذا القول إلا من استفاض عن غيره لذلك لا يسمی مكلفا بل يسمى مكلفا اسم فاعل.
ولما بين المقامين وهما أن يكون الحق ظاهرا أو العبد باطنا وأن يكون العبد ظاهرا والحق باطنا.
أدرج نتائج المذكورات مع المعاملات والمجازات بين الحق والعبد في الأبيات تسهيلا للطالبي


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.)
ولما بسط، رضي الله عنه، في هذا المعنى كلامه إلى آخر الحكمة الإبراهيمية، رأيت أن المعنى قليل والتعبير عنه كثير ومع ذلك ما تدركه العقول المحجوبة لكونه غير مألوف لهم .
رأيت أن اختصر الشرح في ألفاظ قليلة أرجو أن تدل على المطلوب للمكاشف والمحجوب وتعين في تسهيل المطلوب أن اصطلح على ألفاظ تدل على ما يقع من المقاصد
فمن جملتها: أني أسمي ذات الحق تعالی، من أحد وجهي ما يقال عليه النور وليس هذا هو اسم للذات المشار إليها، لأنه لا اسم لها لأن الإشارة هنا إلى ما قبل الأسماء في الرتبة، فالنور المشار إليه وإن فاق مرتبة الإشارة، فكيف العبارة؟
ليس اسما للذات وهذا النور يجب أن يعلم بحسب الإمكان أنه ما يقابل قولنا العدم المطلق .
ولما كان العدم المطلق هو لا شيء من كل وجه، إن كان يقبل شيء من كل وجه أن يخبر عنه لكن للضرورة، فما نجد لفظا يدل عليه أحسن من قولنا:
لا شيء من كل وجه وإن كان لا شيء من كل وجه لا يقبل أن يدل عليه بلفظ، لأنه لا ذات له.
فنعود ونقول لا شيء من كل وجه يقابله ما هو الشيء من كل وجه .
وذلك هو الذي يعني بأنه النور المعبر به عن الذات لا باعتبار الصفات.
المعنى وهو عالم الصفات وهذا المعنى ينبغي أن يتخيل كأنه كلي لما لا يتناهي، وفي تفسير ما لا يتناهي بيني وبين سندي وشيخي، الشيخ محيي الدين مظهر هذا الكتاب الذي هو الفصوص، خلاف أو شيء يشبه الخلاف.
فأنا أقول: إن جزئیات هذا الذي فرضناه كليا أو كالكلي لا وجود لها قبل كونها، ولا ثبوت لها أصلا بوجه من الوجوه.
وقد تلفظ الشيخ، رضي الله عنه، بهذا لكنه يعود يقرر غيره أيضا، وموضع ذكره لهذا الذي ذكرناه هو في الحكمة القدوسية في الكلمة الإدريسية، وصورة لفظه هكذا: لأن الأعيان التي لها العدم الثابتة فيه ما شمت رائحة من الوجود،


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
قال رضي الله عنه : " فأنت غذاؤه بالأحكام " .
يعني : أنّ الوجود الحقّ إنّما يظهر بصورة أحكام عينك ، فقد تغذّى بصورة العين الثابتة وجود ظهر فيك بحسبك .
قال رضي الله عنه : " وهو غذاؤك بالوجود " .
يعني : لأنّك ظهرت بالوجود ، فإنّ أحكام عينك الثابتة لا تظهر إلَّا بالوجود ، كما أنّ الوجود لا يتعيّن ولا يظهر إلَّا بحسب تلك الأحكام .
قال رضي الله عنه : " فتعيّن عليه ما تعيّن عليك وهو حكمك بالأمر منه إليك ومنك إليه غير أنّك تسمّى مكلَّفا ، وما كلَّفك إلَّا بما قلت له : كلَّفنى بحالك وبما أنت عليه ، ولا يسمّى مكلَّفا اسم مفعول ، إذ لا كلفة عليه " .
يعني : أنّ الحكم منك وإن توجّه على الحق أن يكلَّفك بما حكمت ، فإنّه لا يسمّى مكلَّفا اسم مفعول كما أنّك لا تسمّى مكلَّفا اسم فاعل .
لكون الفعل والتأثير والحكم لله بالأصالة فإنّه أحدية جمع حقائق الوجوب والإيجاب والفعل والتأثير والانفعال والتأثّر والقبول لك بالافتقار الأصلي الذاتي ، كما علمت ، فاذكر.
فهكذا أعطت الحقائق ، فإن حكمت وأثّرت وفعلت ، فلأنّك حقيقة من حقائق الجمع الإلهيّ ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأنت غذاؤه بالأحكام ) لأن الوجود الحق إنما يظهر بصور أحكام عينك وهي تخفى فيه ، فقد تغذى بصورة عينك الثابتة وجوده الذي ظهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهو غذاؤك بالوجود ) لأنك تظهر بوجوده ، ووجوده يخفى في صورة عينك الظاهرة ، فقد تغذيت بوجوده الذي ظهرت به .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( حمد إفاضة الوجود ) وبذلك تفرق الرب من العبد
( لأن ذلك له لا لك ) بل هو أيضا يحصل لك من الله بطلب عينك
( فأنت غذاؤه بالأحكام ) هذا ناظر إلى أن الوجود للحق ظهر في مرآة العبد اه بالى
( وهو غذاؤك بالوجود ) هذا ناظر إلى أن الموجود للخلق ، لكنه ظهر في مرآة الحق. اهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فتعين عليه ) حكم عينك في الأزل وهو الحكم .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ما تعين عليك ) من حكمه عليك في هذا الوجود الظاهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالأمر منه إليك ) أي هنا ( ومنك إليه ) أي في الأزل ابتداء ، وفي بعض النسخ : وهو حكمك بالأمر منه إليك ومنك إليه ، فالضمير لما تعين ، أي قولك أوجدنى على هذه الصفة بقل كن كذلك ، فأمرك بما أمرت به ، وهو حكمك عليه بحكمه عليك .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( غير أنك تسمى مكلفا اسم مفعول ، وما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك وبما أنت عليه ، ولا يسمى مكلفا اسم مفعول إذ لا كلفة عليه ،كما لا تسمى مكلفا)
اسم فاعل ، لأن الفعل والحكم والتأثير له بالأصالة ، فإنها من أحكام الوجوب الذاتي ، والانفعال والتأثر والقبول لك بالافتقار الذاتي الأصلي ، فحكمك بما هو من حيث أنك حقيقته لا غيره :


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأنت غذاؤه بالأحكام وهو غذاؤك بالوجود)
أي إذا كان الحكم لك في الوجود، فأنت غذاء الحق، لظهور الأحكام الوجودية اللازمة لمرتبتك فيك، والحق غذائك بإفاضة الوجود عليك واختفائه فيك اختفاء الغذاء في المغتذى , واطلاق (الغذاء) هنا على سبيل المجاز.
فإن الأعيان سبب ظهورات الأحكام الوجودية وبقائها، والحق سبب بقاء وجود الأعيان، كما أن الغذاء سبب بقاء المغتذى وقوامه وظهور كمالاته.
ولكون الغذاء يختفي في المغتذى، جعل الحق غذاء الأعيان، فإنه اختفى فيها وأظهرها.
وجعل الأعيان غذاء الحق لظهور الحق عند اختفاء الأعيان وفنائها فيه.
"" كاختفاء النقطة بالحروف، إذ لا يرى في الظاهر غير تعينات الحرفية وأعيانها، واختفاءالحروف في النقطة، إذا الظهور والوجود كلها للنقطة وتعينات الحرفية اعتبارات.""
قال الشيخ رضي الله عنه : (فتعين عليه ما تعين عليك). أي تعين الحكم منك على الحق، كما تعين عليك ذلك الحكم منه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فالأمر منه إليك ومنك إليه). أي فالأمر والحكم من الحق إليك، وهو فيضان الوجود عليك، ومنك إليه بإعطاء عينك أن يوجدك على ما أنت عليه في الأزل.
قال الشيخ رضي الله عنه : (غير أنك تسمى مكلفا وما كلفك إلا بما قلت له: كلفني - بحالك وبما أنتعليه. ولا يسمى مكلفا، اسم مفعول).
أي، الفرق بين الحق والعبد في هذا المقامأن العبد يسمى مكلفا والحق لا يسمى مكلفا.
وفي الحقيقة ما كلف العبد إلاعينه، فإنه بلسان استعداده يقول للحق: كلفني بأحوالي وبما أنا عليه، ليظهر مافي استعدادي وذاتي.
وقوله: (بحالك) متعلق بقوله: (وما كلفك). تقدير الكلام: وماكلفك بحالك إلا قولك له : كلفني بما أنا عليه في عيني.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : فإنت غذاؤه أي: غذائها ظهرت من وجوده فيك (بالأحكام)، تكمله بها تكميل الغذاء للمتغذي.
(وهو) أي: الحق (غذاؤك بالوجود) يكمل عينك الثابتة بإفاضته عليها "بالإمداد و الإيجاد"، وإذا كنت غذاؤه، وكان غذاؤه بالمعنى المذكور؛ (فتعين عليه) من شكرك مثل (ما تعين عليك) من شكره.
فكأنه أمر كل واحد الأخر بشكره وكلفه به، (فالأمر منه إليك) بأن تشكره على إفاضة الوجود، (ومنك إليه) بأن يشكرك في إفادتك ظاهر وجوده فيك الأحكام المحدثة.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (غير أنك تسمی م?لفا) اسم مفعول، ومأمورا لما كلفك، وأمرك به من شكره مع أنك مكلف اسم فاعل.
وذلك لأنه (ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك) أي: بلسان حالك عند صيرورته غذاك بإفاضة الوجود عليك، (وبما أنت عليه) أي: وبما عليه عينك في حال ثبوتها من اقتضائها أن يكلفك شكره على صيرورته .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : غذاك أعني: إفاضة الوجود عليك، والحق (لا يسمى مكلفا اسم مفعول)، ولا مأمورا، وإن كلفته وأمرته بحالك أن يشكرك على صيرورتك غذاؤه بإفاضة الأحكام المحدثة على ظاهر وجوده.
لأن لك فيما أفاض عليك من الوجود كل الكمال، وإفادتك الأحكام المحدثة لما ظهر من وجوده فيك لا تجعله ?املا في ذاته؛ بل في ظهوره المستغني عنه بالنظر إلى ذاته، فلا عبرة به.
وإذا أوجب على كل واحد من الحق والخلق شكر الأخر، وامتثال أمره بالشكر وغيره .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالثة عشرة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:35 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة عشرة :الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  (فأنت غذاؤه بالأحكام ) بناء على أن الوجود الحقّ هو الظاهر بصور أحكام الأعيان ، مختفية فيه تلك الأحكام ، ( وهو غذاؤك بالوجود ) ، لأنّ العين هو الظاهر بالوجود ، وهو مختف فيه - اختفاء الغذاء في المغتذي - .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فتعيّن عليه ) أن يظهر بصورة عينك ، وهو ( ما تعيّن عليك ) أن تتعيّن به عينك من الأحكام ( فالأمر منه إليك ) وجودا ، ( ومنك إليه ) حكما ( غير أنّك تسمّى مكلَّفا ، وما كلَّفك إلا بما قلت له : « كلَّفني » بحالك ، وبما أنت عليه ولا يسمّى ) الحقّ ( مكلَّفا - اسم المفعول - ) وذلك لأنّ الذي منه - وهو الوجود - إنّما يقتضي الوحدة والإطلاق ، وذلك يأبى التمييز الذي يستلزم التكليف والذي من عين العبد - أعني الأحكام - إنّما يقتضي التمييز والاختلاف ، وهو ما يترتّب عليه التكليف ضرورة .
ثمّ هاهنا نكتة حكميّة لا بدّ من الوقوف عليها :
وهي أنّ العبد إذا وصل بميامن رقيقتي التدنّي والتدلَّي إلى مقام قربي النوافل والفرائض ، وفاز من دائرة الحقيقة الجمعيّة الإنسانيّة بقاب قوسيها .
لا بدّ وأن يظهر على منصّات العيان في صور الأعمال والأحوال أثر بحسب ذينك القربين ، فما يتعلَّق بالحقّ من ذلك هو الحمد ، كما أنّ ما يتعلَّق بالعبد هو العبوديّة .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : " فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود. فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه."
(فأنت غذاؤه بالأحكام) حين احتفيت فيه وأعطيته أحكامك، وذلك إذا كان الموجود المشهود هو الحق سبحانه والأعيان مرائي له .
(وهو غذاؤك بالوجود) حين اختفی بوجوده فيك اختفاء الغذاء في المغتذي وأعطاك أحكامه وذلك إذا كان الموجود هو الأعيان فوجود الحق مرآة لها (فتعين عليه ما تعين عليك) فكما أنت غذاء له فهو أيضا غذاؤك , كما أنك تحكم عليه فهو أيضا يحكم عليك.
(فالأمر) تارة صادر (منه) اتحادة وإيجابا متوجه (إليك و) تارة صادرة منك بلسان الحال والقول والفعل متوجه (إليه).
ولما أثبت المشاركة بين الحق سبحانه وبين العبد أراد أن يبين ما به يمتاز عنه
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:36 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة عشر: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
(فيحمدني)، أي الحق سبحانه والحمد هو الشكر ومن أسمائه الشكور، وحمده لي باعتبار أني أعطيته بإمكاني العدمي من جميع ما أعطاني هو بتقديره الوجودي.
(وأحمده)، أي أشكره سبحانه على جميع ما أعطاني إياه من الأحوال الوجودية، وذلك هو عين إظهار النعمة، فيظهر هو سبحانه
بما أعطيته من أحكام الإمكان، وأظهر أنا بما أعطاني من ذلك بعد الاتصاف بالوجود.
(ويعبدني) "هي عبارة مستعارة لإيصال معنى حقیقي إلى فهم العارف بالاصطلاح".باعتبار أنه يأخذ مني عين ما يعطيني، وقد أعطاني عبادته بعدما أخذها مني، فاتصف بها هو قبل أن يعطيني إياها، ثم لما أعطاني إياها اتصفت أنا بها، ولهذا أتي بالفاء فقال : (فاعبده)، أي بما وصفني به من حكم العبادة .
ثم لما كان ظهوره لي وظهوري له في مظهر واحد هو عين صوري بحسب الظاهر والباطن، فهي ظهوره بأحكام شؤونه ومقتضی صفاته وأسمائه ، وهي ظهوري بمقتضى ذاتي وصفاتي.
قال مفرعا ذلك على ما قبله بالفاء (ففي حال) من أحوال وهو حال ظهوره لي المعبر عنه بحال فنائي عني.
(أقر)، أي اعترف (به)، أي بظهوره في مظهري لي حيث لا أنا (وفي حال) آخر من أحوالي وهو حال غيبته عني في ظهوري لعيني في الأعيان الظاهرة لي مني ومن غير (اجحده)، أي أنكر ظهوره في شيء منها الغلبة الغيرية على العينية.
(فيعرفني) هو حينئذ في هذه الحالة (وأنكره) أنا فيها، وذلك لأنه إذا عرفني فرقني عني وفصلني عن إجماله، وبسبب ذلك تحصل لي هذه الحالة الثانية فأقع أنا في الفرق فأجحده في صورتي وأنكره فيها .
وأما إذا عرف نفسه فإنه يجمعني عليه ويجملني في تفصيله فتحصل لي الحالة الأولى فأقع في عين الجمع، فأقر واعترف به وأجد نفسي وأنكرها في وقت ظهوره، ولهذا قال (وأعرفه) في الحالة الأولى (فأشهده) فيها.
والحاصل أنه إذا شهد نفسه في صورتي أشهده أنا فيها وأنكر ما عداه، وإن شهدني في صورتي ولم يشهد نفسه شهدت أنا صورتي وأنكرته فيها حيث لم أشهده فيها.
وذلك لأنه سبحانه خلق صورتي وقدرها في الأزل في علمه ليكون لها جهتان :
جهة كونها له سبحانه يظهر بها لنفسه بنفسه فيرى نفسه فيها حيث هو ممسك لها وهي قائمة به مثل قيام العرض بالجسم في المثال المعروف عند العقلاء .
وقيام الصورة بالجسم قيام العرض بالجسم، لأن الصورة عرض، ولا شك أن كل صورة تنسب إلى ما قامت به من الجسم .
فيقال : صورة الحجر كذا وصورة الشجر كذا.
وفي الحقيقة الممسك للصور كلها هو الحق تعالى لا الحجر ولا الشجر، بل الحجر والشجر من جملة الصور الممسوكة بالحق تعالى.
والعالم كله صور أجسامه وأعراضه محسوساته ومعقولاته، وهي كلها لله تعالى كما قال سبحانه : "لله ما في السماوات وما في الأرض" [البقرة: 284]، وهي كلها فانية في نفسها ظاهرة بالوجود الذي له، لأنه ممسكها فلا يتخلى عنها طرفة عين.
قال تعالى : "إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا" [فاطر: 41] الآية .
فهذا الإمساك إمساك إيجاد "وامداد" لا إمساك ظرفية واستقرار، كما تمسك أنت حجر بيدك .
ولهذا قال تعالى:" أن تزولا "و قید الإمساك بذلك ولم يطلق، ثم قال سبحانه : "ولئن زالتا " أي بعدم إمساكه "إن أمسكهما من أحد بين بعده" [فاطر: 41] وذلك لأنه لا خالق سواه تعالى ولا موجود إلا هو، وجهة أخرى هي جهة اعتبار ?ون صورتي صورة تامة مستقلة.
وكذلك جميع الصور ولكن الكلام الآن من حيث التكليف فهو خاص بالإنسان عندنا فيما يظهر.
وهاتان الجهتان في علم الحق سبحانه بكل شيء؛ فلهذا كان للعبد باعتبار ذلك حالتان:
حالة جمع بالنظر إلى الجهة الأولى
وحالة فرق بالنظر إلى الجهة الثانية.
ولا يجتمع شهود الحق نفسه مع شهود الخلق نفسه أصلا ، كما لا يجتمع شهود الحق خلقه مع شهود الخلق للحق أصلا.
وسبب ذلك اتحاد الحقيقة في الحقيقة، والحق دائما شاهد نفسه وخلقه ولا غفلة له عن أحدهما أصلا.
وإنما إذا تجلى الحق بشهود نفسه في صورة خلقه شهد الخلق الحق سبحانه في صور الخلق.
وإذا تجلى الحق بشهود خلقه شهد الخلق أنفسهم لا غير.
والحق حق على ما هو عليه، والخلق خلق على ما هم عليه ، فالكمال لله ، والنقصان لكل ما سواه .
(فإني) من حيث أنا خلق مقدر مفروض في علم الله الحق تعالی (بالفني)، أي ملتبس بالزوال والاضمحلال والعدم الصرف، إلا أني ممكن بالنظر إلى المستحيل الممتنع.
ولهذا قال: (وأنا أساعده)، أي الحق تعالى على ظهوره بصورتي وتجليه في كل ما يريد لمن يريد، إذ لولا الإمكان ما ظهر الواجب للعيان ولا توهمته العقول بالدليل والبرهان، وليس الإمكان بجعل جاعل.
وكذلك الواجب والمستحيل، بل هي الاعتبارات الثلاث التي ينقسم إليها الإدراك العقلي من حيث نورانیته المنبعثة من حضرة أمر الله تعالى.
ولا يقدر العقل أن يفصلها بإدراك ماهية تلك الأقسام، لأن ذلك مقدار ما عنده من العلم القديم.
وهو ما أخذه العصفور بفمه من ماء البحر في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام، وما نقص بذلك من ماء البحر شيء ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض .
وهذه مسألة أرضية لا سماوية، فهي من علوم العقل وهو قوله سبحانه فيمن أقام كتابه : "لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم" [المائدة : 66] فهي من تحت أرجلهم، لأن البحر في الأرض والعصفور من الأرض باعتبار أنه جسم ومن السماء باعتبار أنه طير ، فصح تشبيه العقل به .
وقوله بالفني إشارة إلى أنها ليست مساعدة حقيقية، لأنه تعالى غني عن العالمين ولا يساعده إلا الموجود ولا موجود سواه سبحانه.
ولكنها عبارة مستعارة لإيصال معنى حقیقي إلى فهم العارف بالاصطلاح.
(وأسعده)، أي أنصره بالظهور على الخفاء، وبالتجلي على الاستتار من حيث إني مظهره وموضع تجليه ونفوذ أحكامه وتصرفاته. قال تعالى : "إن تنصروا الله ينصركم» [محمد: 7] .
فهو وعد بالفرق على الجمع فنصره ظهوره حيث لا نحن، ونصرنا ظهورنا حيث لا هو، فله الحكم في الجمع، ولنا الحكم في الفرق.
وقد دعا بعض المعصومين بقوله: "رب هب لي حكما" [الشعراء: 83]، فطلب الفرق، ثم قال: واجعلني من الصالحين، أي صاحب جمع، لأن الفرق وحده ضلال وغفلة وطغيان، ومع الجمع ويسمى جمع الجمع والفرق الثاني، نور وهداية وكمال لاستغناء الجهتين اللتين للحق تعالى في حضرة علمه كما قدمنا .
(كذلك)، أي كما أني أساعده وأسعده (الحق) سبحانه (أوجدني)، أي تجلی علي وأنا في إمكاني معدوم أزلا، فعلمني فقدرني وخلقني، ثم لما جاء ابتداء تقدير ظهوري أظهرني بنور وجوده لي ولغيري.
فكان إيجاده لي بوجوده مدة إمكاني فتقدیری كذلك، ومثلي كل شيء، وأنا حكمة وجود كل شيء وحكمة وجودي إنما هي معرفتي به التي هي عين ظهوره في صورتي وصورة كل شيء عندي كما ورد : «یا ابن آدم خلقتك من أجلي، وخلقت الأشياء كلها من أجلك، فلا تشتغل بما خلق من أجلك عما خلقت من أجله».
وأشار إلى ذلك بقوله (فأعلمه)، أي بعد أن أوجدنی لذلك وعلمي به لا من حيث هو على ما هو عليه في حضرة إطلاقه، لأن ذلك لا يكون إلا للقديم، وإنما علمي به من حيث ظهوره في أحكام الإمكان.
وهذه الحيثية له من حيث نحن حدثت بحدوثنا وهي تنزله لنا بنا، وهو الغني بالذات عن العالمين، والعالم ما سواه تعالى، وهي جهة الإمكان في نفسه لا من حيث الجهة الأولى كما مر.
ولهذا قال: (فأوجده)، أي أوجده بإمكاني ظاهرة عندي في حضرة تجليه بصورتي وصورة كل شيء، حيث لا أنا ولا غيري.ثم أيد ما قال تعالى بقوله (بذا)، أي بهذا الأمر المذكور والمشروح في ضمن هذه الأبيات
(جاء الحديث) عن النبي صلى الله عليه وسلم (لنا) معشر المكلفين الورثة المحمديين من أمته، إذ لا يفهم ذلك من الحديث إلا الوارث الكامل صاحب الولاية الجامعة دون العلماء المحجوبين، فإن حظهم من ذلك الإنكار والجحود في الغالب، وهو رزقهم المعنوي . كما قال تعالى في حق من كذب النبيين :"وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون" [الواقعة: 82] وتكذيب الولي في فهمه ت?ذیب النبي في قوله عند العارفين دون القاصرين  .
والحديث هو قوله عليه السلام: «إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، فألقي عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور يومئذ اهتدى، ومن أخطأه ضل». رواه أحمد في مسنده والترمذي وسنن البيهقي  والحاكم في مستدر?ه عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وذكره السيوطي في الجامع الصغير.
فإن قوله عليه السلام: خلق ، أي قدر جميع المخلوقات في ظلمة وهي العدم الصرف، وهم تقديراته ومفروضاته، وحقيقتهم حضرة الإمكان العدمية.
وقوله : فألقى عليهم من نوره، أي توجه على إيجادهم بوجوده القديم المطلق، وهو إشارة إلى وحدة الوجود على الوجه الصحيح، إذ لا وجود سواه تعالى على كل حال، وهذا ما أشار إليه قوله : كذلك الحق أوجدني ..
وقوله : فمن أصابه من ذلك النور، أي ظهر له ذلك الوجود المطلق الذي هو به موجود والكل به موجود مثله.
وهو معنى الإصابة لا مجرد الوجود به والظهور به لأن الكل كذلك ولكن من حيث لا يعلمون، فلا يكونوا كذلك عند أنفسهم فما هي إصابة .
وقوله : يومئذ، إشارة إلى أن هذا إصابة ذلك في العالم قبل هذا العلم وما لم يكن في التقدير لا يكون في التصوير.
وهذا ما أشار إليه بقوله : فاعلمه فأوجده، إذ لولا علمه ما كان موجودا عنده، والحق في نفسه موجود على كل حال، لأنه غني عن العالمين.
وقوله : ومن أخطأه ضل، أي من لم يصبه في ذلك العالم، ولم يعلم به هناك لم يصبه في هذا العالم، ولم يعلم به هنا فهو الضلال المبين .
(وحقق)، أي الحق تعالی يعني أظهر وأنفذ في هذا العالم العيني (في)، أي في ظاهري وباطني,  (مقصده)، أي الذي قصده في ذلك العالم من جميع ما أراده وقدره وفرضه من جميع أحوالي ومثلي كل شيء كذلك .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيحمدني) على إظهاري إياه أسماؤه وصفاته وأحكامه لأن أحكامه تربي بي هذا ناظر إلى أن العبد باطن والحق ظاهر.
(واحمده) على إفاضة الوجود على الأن وجودي وجميع أحكامي تربي به مذا ناظر إلى أن العبد ظاهر والحق باطن وكذلك.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ويعبدني) فإني مرب لأحكامه فكان مربوبي من حيث ظهور أحكامه بي هذا ناظر إلى أن العبد باطن والحق ظاهر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (واعبده) فإني مربوب له من حيث الوجود والأحكام هذا ناظر إلى أن الحق باطن والعبد ظاهر.
وليس المراد بعبادة الحق عبادة تكليف شرعي فإنه محال على الله بان المراد بیان وجود معنى الربوبية والعبودية من الطرفين .
فلا أساء الأدب في المعنى بل في اللفظ فترك الأدب لضيق العبارة وهو من دأبهم وإلا لزم ترك ما وجب عليه إظهاره في هذا المقام وهو معنى من المعاني المعلومة عن الكشف الإلهي الذي لا يمكن التعبير عنه إلا بهذه العبارة .
بل استعمال هذه الألفاظ في هذه المعاني في حق الحق بإذن الله تعالى ونظرهم في الألفاظ إلى معنى اللغة وما يناسبها .
فإن بين الربوبية والعبودية مناسبة في المعنى اللغوي وقد أشار إليه في الأبيات الأخرى.
العبد رب والرب عبد، هذا إن كان العبد باطنا والرب ظاهرا فجمع العبودية والربوبية.
يا ليت شعري من المكلف، من هذا الوجه وقد بينا لك وجه التكليف.
"" حديث مسلم عن أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " صحيح مسلم ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (ففي حال) أي في ظهور الحق وبطوني. (أقر به) أي بالحق (وفي الأعيان) أي في حال ظهوري وبطونه عني.
قال الشيخ رضي الله عنه : (اجحده فيعرفني) في الأعيان وأنكره فيها لعدم علمي به في الأعيان الظهور الأعيان في مرآة الحق فكان هو مختفيا بالأكوان.
فكان قوله وأنكره ناظر إلى قوله :
اجحده (واعرفه) في حال ظهوره و بطوني (فاشهده) أي أقر به في الحال لأن المعرفة تقتضي الإقرار والشهادة كما أن عدم المعرفة تقتضي الإنكار.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإني بالغني) غني من جميع الوجوه (و) الحال (انا اساعده) بإظهار أحكامه و?مالاته على حسب استعدادي هذا ناظر إلى أن العبد باطن والحق ظامر.
(وأسعده) بإظهار وجودي وكمالاتي فيه هذا ناظر إلى أن العبد ظاهر والحق باطن.
(لذلك) أي لأجل إسعادي إياه (الحق أوجدني) أي جعلني موجودة وأثبت الوجود لي هذا ناظر إلى أن العبد ظاهر والحق باطن .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأعلمه) بهذا الوجود نفس مت?لم من الثلاثي (فأوجده) أي أثبت إنما هذا الوجود له كما أثبت هولي هذا ناظر إلى أن العبد باطن والحق ظاهر وهذا مجازات بين الرب والعبد.
(بنا) أي بالذي قلت (جاء الحديث) الإلهي (النا) فهو قوله فخلقت الخلق لأعرف (وحقق) على البناء للمفعول من التفعيل (في) مشددة مت?لم (مقصده) بمعنى المقصود و المطلوب وهو العبادة والمعرفة .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
قوله في الشعر:  فيحمدني يعني أن ذلك النور يحمد المعنى، لأنه به ظهر كثيرا وهو لا واحد ولا كثير، وأحمده يعني أنه أظهرني في اعتبار الأذهان في عالم النسب والإضافات التي لا وجود لها إلا في الأذهان، فأنا أحمده على اظهاري مع ما في ظهوري من التلبيس "التلبس"، لأني ليس لي في الحقيقة ذات حتى تظهر أو لا تظهر.
قوله: ففي حال أقر به، أي أقر بأن النور هو وليس يغایره ذلك المعنى، وأما في الوجودات الظاهرة فأجحده، أي أجحد أنه عين ذلك المعنى بل هو النور لا غيره.
قوله: فيعرفني لأني صفته. وانكره لأني عدم لا ينسب إلى معرفته.
قوله: وأعرفه فأشهده، يعني أرى النور بعين النور
قوله: فأني بالغني، یعني فكيف يصح الغنى للنور وهو مفتقر في صفاته إلى المعنى وهو عالم المعاني المختلفة فهو إذن فقير إلي، فلا يدعي أنه غني فأني أساعده في ظهور صفاته وأسعده أي أصيره ذا سعد.
قوله: لذلك الحق أو جدني، أي أن النور أوجدني لأساعده ولاعلمه علم الجزئي و أوجده في حضرة الألوهية بحقيقة أني المألوه، إذ لولا المألوه الكائن بالفعل ما وجد معنى الإله بالفعل.
قوله: بذا جاء الحديث، يريد كنت سمعه وبصره فلولا المعنى لما كان له السمع والبصر وبالجملة الصفات، إذ كلها معان.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
قال رضي الله عنه :
فيحمدني وأحمده     ..... ويعبدني وأعبده
يعني رضي الله عنه : يحمدني الحقّ على كمال قابليّتي وحسن قبولي لنور وجوده ، وإظهار صورته على ما هي عليها من غير تغيير .
وأحمده : أعرّفه بالكمالات التي ظهر بها في ، أو ظهرت بها فيه .
ويعبدني ، أي يطيعني لمّا سألته بالإجابة ، كما قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين قال له أبو طالب : ما أطوع لك ربّك يا محمّد ! : « وأنت يا عمّ إن أطعته أطاعك ».
والعبادة : الطاعة على أحد معانيها ، والعبادة : الجحود أيضا .
يقال : عبد حقّه أي جحد ، والعبد يطيع الله في ظهوره بالإلهية والربوبية ، فإذا ظهر في تعيّنه بصورة مخلوق وصفته ، جحده وأنكره .
وقال رضي الله عنه :ففي حال أقرّ به  .. وفي الأعيان أجحده .. فيعرفني وأنكرهأي هو من حيث هو يعرفني على كلّ حال .
وأمّا « أنكره » أي هو من حيث هو يعرفني على كل حال وأنا أنكره حال ظهوره في صور الأعيان المحدثة .
قال  رضي الله عنه  : " وأعرفه فأشهده " .
يعني  رضي الله عنه  : أنا في نفس الأمر أعرفه وأشهده ، لكون المعرفة والشهود من مقتضى حقيقتي منه ، فهو يعطي المعرفة والشهود .
قال  رضي الله عنه  : وأنّى بالغنى وأنا  ... أساعده وأسعده ؟
يشير رضي الله عنه  : إلى توقّف النسب الأسمائية على الأعيان الكونية ، فإنّ الإلهية متوقّفة على العبودية ، فهو - من حيث إنّيّتي العبدانية - يساعده بي ويسعده .
كما قال الله  تعالى : " إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ".
والنصر : المساعدة والإسعاد في تحقيق الربوبية والألوهيّة ، وحسن تأتّي القابل في كمال مظهريته لربّه إسعاده له ، فإنّ سعادة الحقائق والنسب الأسمائية أن تظهر آثارها في مظاهرها ، كما قلنا في كتاب « المنازل » لنا :وإذ الحقائق لم تبن آثارها
عدّت من الأموات لا الأحياء.
قال رضي الله عنه : لذلك الحقّ أوجدني ..... فأعلمه وأوجده
يعني : أنّما أوجدني الحق مظهرا له ومظهرا ، فأوجده في العلم صورة مطابقة لما هو عليه في العين .
قال رضي الله عنه  : بذا جاء الحديث لنا   .... وحقّق في مقصده
جاء في الحديث الثابت عنه عليه السّلام حكاية عن الله - تعالى - : « قد مثّلوني بين أعينهم » أي أوجدوا مثالي في رأي أعينهم علما وشهودا ، فكلّ من كان في علمه بالله أصحّ تصوّرا للحق ، فقد أوجده في علمه وشهوده .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيحمدني وأحمده   .... ويعبدني وأعبده )
أي يحمدني بإظهار كمالاتى وإيجادى على صورته ، وأحمده بإظهار كمالاته وحسن طاعتي إياه ، ويعبدني بتهيئة أسباب بقائى ونمائى ، وإجابتى لما سألته بلسان حالي .
كما قال عليه الصلاة والسلام حين قال له أبو طالب :" ما أطوع لك ربك يا محمد " وأنت يا عم "ما أطعته إن أطعته أطاعك " والطاعة من جملة العبادة ، وأعبده بامتثال أوامره وقبول ما كلفه من التخلق بأخلاقه ، والاتصاف بأوصافه .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  (فيحمدني ) لأن أحكامه تربى بي ، هذا ناظر إلى كون العبد باطنا والحق ظاهرا
( وأحمده ) لأن وجودي وأحكامى تربى به هذا ، ناظر إلى العبد ظاهر ، والحق باطن ، وكذلك ( فيعبدنى ) فإني سرب ؟ أحكامه ، فكان مربوبى من حيث ظهور أحكامه بي ، ناظر إلى أن العبد باطن والحق ظاهر
( فاعبده ) فإني مربوب له من حيث الوجود والأحكام ، ناظر إلى أن العبد ظاهر والحق باطن ، فلا يمكن أداء هذه المعاني إلا بهذه العبارات لضيق المقام ، ولا يلزم منها ترك الأدب ،
وقد أشار إليه بقوله ( العبد رب والرب عبد ) هذا إذا كان العبد باطنا والحق ظاهرا وبالعكس ، يا ليت شعري من المكلف .أهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ففي حال أقر به  ... وفي الأعيان أجحده )
أي بالوجود والقول والفعل أقرّ به بلسان الحال والمقال ، فإن الموجودات كلها بوجودها شاهدة بوجوده ، وبتعينها بوحدته وبخواصها بصفاته ، وكل إنسان يقرّبه ، فإذا تجلى في صورة عين من الأعيان يجحده .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( ففي حال ) أي في حال طهور الحق وبطونى
( أقر به وفي الأعيان ) أي في حال ظهورى وبطونه عنى
( أجحده) في الأعيان .أهـ ""
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فيعرفني وأنكره    .... وأعرفه فأشهده )
أي يعرفني في كل الأحوال وأنكره في صور الأكوان الحادثة ، وأعرفه فأشهده جمعا وتفصيلا ، فإن المعرفة والشهود من مقتضى عيني منه ، وذلك من فضله وعطائه.
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  (فيعرفني ) في الأعيان
( وأنكره ) فيها لعدم علمي به في الأعيان لظهور الأعيان في مرآة الحق ، فكان هو مختفيا بالأكوان ، فقوله : أنكره ، ناظر إلى قوله أجحده
( وأعرفه ) في حال ظهوره وبطونى
( وأشهده ) أي أقر به في الحال لأن المعرفة تقتضي إلا قرار ، كما أن عدمه يقتضي الإنكار. اهـ بالى .""  
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأنى بالغنى وأنا   ... أساعده وأسعده )
أي كيف غناه بجميع الأسماء والصفات عنا ، فإن النسب الأسمائية والألوهية والربوبية والموجدية ، تتوقف على المألوهية والمربوبية وقبول الإيجاد كما مر .
وذلك التوقف هو المساعدة والإسعاد وحسن تأتي القابل الإيجاد ، والمظهرية إسعاد للموجد والظاهر في المظهر ، قال تعالى:" إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ "   والنصر هو المساعدة والإسعاد في تحقق الربوبية .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( فأنى بالغنى ) عنى من جميع الوجوه ( و ) الحال
( أنا أساعده ) بإظهار كمالاته على حسب استعدادي هذا ، ناظر إلا كون العبد باطنا والحق ظاهرا
( وأسعده ) بإظهار وجودي وكمالاتى فيه فيساعدنى ، نظرا إلى أن العبد ظاهر والحق باطن. أهـ بالى. ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( لذاك الحق وأجدني  .... فأعلمه فأوجده )
أي أوجدنى بالظهور بإيجاده ، وجعله إياي موجودا أو واجدا له ، فأعلمه بمعرفتي إياه ، فأوجده في العلم صورة مطابقة لما هو عليه في العين .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( لذاك ) أي لأجل إسعادى إياه
( الحق أوجدني ) أثبت الوجود لي نظر إلى أن العبد ظاهر والحق باطن
( فأعلمه ) بهذا الوجود . ( فأوجده ) أثبت هذا الوجود له كما أثبت لي ، نظر إلى أن العبد باطن والحق ظاهر.أهـ. ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بذا جاء الحديث لنا  .... وحقق في مقصده )
جاء في الحديث المروي عنه عليه الصلاة والسلام حكاية عن الله تعالى:"قد مثلونى بين أعينهم". أي أوجدوا مثالي ، رأى أعينهم علما وشهودا ، فمن صح علمه باللَّه وشهوده لله فقد أوجده في علمه ، ومعنى حقق في مقصده تحقق في ذاتي طلبه ، أي مطلبه بوجود مطلوبه .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( بذا جاء الحديث لنا ) قوله « فخلقت الخلق لأعرف »
( وحقق في مقصده ) حقق على بناء المفعول ، والمقصد المقصود إلخ .أهـ. بالى ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيحمدني وأحمده ويعبدني فأعبده).
أي، يحمدني بإيجادي على صورته وتكميل نفسي وتجليه لقلبي وتخليصي من سجن الطبيعة وقيد الهوى. وأحمده بلسان الحال بإظهار كمالاته وأحكام صفاته في مرآة عيني، وبحسن القبول لتجلياته، وبلسان القال بتسبيحه وتحميده والثناءعليه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ويعبدني) بخلقي وإيجادي وإظهاري في مراتب الوجود الروحانية والجسمانية العلوية والسفلية، لأن الإيجاد والإظهار للشئ، من الغيب إلى الشهادة، نوع من الخدمة والعبادة. ""عبد الشيء اعده وهيأه لوظيفة ما . من عبد الطريق "".
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأعبده) (الفاء) للنتيجة. أي، تترتب عبادتي لي على عبادته لي بالإيجاد والإظهار.
وعبادتي له في الظاهر هي إقامة حدوده وحقوقه وأوامره ونواهيه، وفي الباطن قبول تجلياته الذاتية والأسمائية وإظهار أحكامها.
وإطلاق (العبادة)على الحق وإن كان شنيعا ونوعا من سوء الأدب في الظاهر، لكن أحكام التجليات الإلهية إذا غلب على القلب بحيث يخرجه عن دائرة التكليف وطور العقل، لا يقدر القلب على مراعاة الأدب أصلا، وترك الأدب حينئذ أدب
كما قيل، شعر:
سقوني وقالوا لا تغن ولو سقوا  .... جبال حنين ما سقوني لغنت
وأقول، شعر:
وآداب أرباب العقول لدى الهوى  .... كآداب أهل السكر عند أولى العقل
فلا تعدلن إن قال صب متيم  .... من الوجد شيئا لا يليق بذى الفضل
وفي السكر ما يجرى على ألسن الفتى  .... يضاف إلى الراح المزيلة للعقل
قال الشيخ رضي الله عنه : (ففي حال أقر به  ... وفي الأعيان أجحده)
أي حال غلبة مقام الجمع والوحدة وتجلياته على أقر بوجوده تعالى في مقامه الجمعي، وبرؤيتي جميع الأكوان مستهلكة فانية فيه.
وإذا نظرت في الأعيان والأكوان واختفاء الحق فيها لإظهارها، أجحده لغلبة الكثرة ورؤية الخلق.
إذلا يمكن تعيين موجود من الموجودات في الخارج ممتازا خارجا عنها، حتى يكون ربا معبودا للكل، كما هو شأن المحجوبين من أهل النظر وغيرهم، لأن كل ما هو موجود معين في الخارج، مقيد مشخص، وكل ما هو كذلك، فهو عبد، لأنه محتاج إلى مطلق وما يعينه، والرب هو المطلق الذي لا يتقيد بالإطلاق والتقييد، ويظهر في كل من المراتب الوجودية ويقومها بقيوميته.
وهذا الجحد والإقرار بعينه.
كما قال الشاعر السهروردي القتيل :
رق الزجاج ورقت الخمر  ..... فتشابها وتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح  .... وكأنما قدح ولا خمر
أو أقر به في صور العارفين المكاشفين، وأجحده في
صور المطرودين المحجوبين عند تجليه في الأعيان الوجودية، لا المثالية والأخراوية.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيعرفني وأنكره  ... وأعرفه فأشهده)
أي الحق يعرفني في جميع المواطن والمقامات، وأنا أعرفه في بعض المواطن وأشهده، وفي بعض المواطن لا أعرفه وأنكره، لأن الحق في مقام هويته وأحديته لا يطلع عليه ولا يعرف حقيقته، ولا يمكن أن يعرف.
وفي مقام واحديته يعرفب الصفات والأسماء.
وإذا تجلى بصفة (المنعم) يرغب فيه، وفي صفة (المنتقم) يهرب منه.
وإذا تجلى بصورة لا توجب التعظيم، ينكر، كما جاء في حديث (التحول) أو يكون قوله: قال الشيخ رضي الله عنه : (فيعرفني وأنكره) عن لسان المحجوب.
(وأعرفه فأشهده) عن لسان العارف صاحب الشهود.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأنى بالغنى وأنا  ... أساعده وأسعده؟)
أي، من أين يكون له الغنى عنا مطلقا، ونحن نساعده في ظهور أسمائه وتجلياته وجميع كمالاته فينا؟ لأن القابل مساعد للفاعل في فعله بقبوله ذلك الفعل، كما
قال: (إن تنصروا الله ينصركم). و (النصرة) هي المساعدة. ولتسعده بظهور جماله وجلاله في مرآئي ذواتنا ومظاهر أعياننا.
ولما كان الإسعاد عند الحقيقة عبارة عن إخراج الكمالات التي في الباطن إلى الظاهر وإظهارها، وكمالات الأسماء وظهوراتها كانت بأعياننا - كما جاء في الصحيح أنه، صلى الله عليه وسلم، قال: "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا،لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم".
نسب الشيخ رضى الله عنه الإسعاد بنا، وهو إسعاده لنفسه بنفسه من غير اعتبار تعدد وتكثرفي الحقيقة.
قال الشيخ رضي الله عنه : (لذاك الحق أوجدني  ... فأعلمه وأوجده)
و (لذاك) بـ (اللام)، وفي بعض النسخ بـ (الكاف). ومعناه: كما أساعده وأسعده، كذاك الحق يوجدني ويسعدني.
ومعنى الأول: أوجدني الحق لأعرفإلهيته وربوبيته، كما جاء في الحديث: "كنت كنزا مخفيا...". وقال تعالى: "وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". أي، ليعرفون. فذاك إشارة إلى قوله: "وأعرفه فأشهده."
وقوله رضي الله عنه : (فأعلمه وأوجده) أي، أعلمه في جميع المظاهر، وأظهره فيها
للمحجوبين، لأنه اختفى فيها بإظهار الخلق. فإذا علمته أنه هو الظاهر في كلمن الموجودات وأظهرت هذا السر للمحجوبين وعرفتهم، تبقى ظاهرا عندهمأيضا. وهذا الإظهار مجازاة منا لإظهاره لنا من خفاء الغيب إلى ظهور الشهادة.
[right:a75
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:37 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة عشر: الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
فلذلك نظم الشيخ وقال :
فيحمدني و أحمده   .... و يعبدني و أعبده
( فيحمدني ) بأن يظهرني ويعلن كمالاتي بتغذيته وجوده لي .
( وأحمده ) بإظهاري كمالاته ، بأن غذيته بأحكامي وأظهرت وجوده بكماله الأسمائي بها ( ويعبدني) - بامتثاله ما قلت له من أمر التكليف وسائر ما يلزم العين من الأحكام -"و بمعنى من عبد الطريق اى اعده وجهزه للوظيفته".
( وأعبده ) بالتزامي ذلك التكليف وانقيادي لسائر أحكامه أمرا كان أو نهيا وبالجملة ، سائر الأسماء إنّما يظهر في طيّ تقابل عين العبد للحقّ ، ولكنّ  للحقّ السبق في الاتّصاف ، وذلك لأنّ منه الوجود ، وبه يظهر سائر الأسماء - وجوديّا كان أو عدميّا .
ومعلوم أنّ الحامد العابد في قوس الوجود من القوسين هو الحقّ ، والمحمود المعبود العبد ، وفي قوس الشهود منهما بالعكس .
فلذلك قال الشيخ رضي الله عنه : ( ففي حال ) أي في مشاهد العلوم والأذواق - ( اقرّ به ) لأنّها مواقف حمده وعبوديّته .
( وفي الأعيان ) أي في مجالي عالم الشهادة والعيان ( أجحده ) لأنّها منتهى مراتب قوس محموديّته ومعبوديّته .
( فيعرفني ) في هذا الموطن لأنّه الحامد فيه - ( وأنكره ) ( وأعرفه ) - عند العروج في مراقي قوس الشهود ( فأشهده ) وذلك هو الغاية للحركة الوجوديّة والسير الكمالي .
ولا يخفى أنّ العبد هو المساعد للحقّ في استحصال تلك الغاية والممدّ له ، فكيف يصحّ له الغناء ؟ وإليه أشار الشيخ بقوله :( فأنّى بالغنا ، وأنا   .... أساعده واسعده )
( لذاك ) المساعدة والإسعاد ( الحقّ أوجدني ) بالوجود العيني . فأعلمه و أوجده ) بالوجود العلمي الشهودي في مشهدي السمع والبصر .
( بذا جاء الحديث لنا ) ورد : " كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به " .
وذلك لأنّه أسند الفعلين - اللذين بهما يتحقّق السمع والبصر ، اللذان بهما يتكوّن الحقّ - إلى العبد - فهو فاعله وهذا المشهد الكوني الذي فيه هو مشهده الكمالي ومقصده الغائي .
وإليه أشار الشيخ بقوله : ( وحقّق في مقصده ).

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده )
قال الشيخ رضي الله عنه : " غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه. و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول. فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده .ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده . فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده .فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟"
فقال : (غير أنك تسمى مكلفا) اسم مفعول لتكليفه إياك (و) لكنه (ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك وبما أنت عليه).
يعني ما كلف الحق سبحانه إلا بما قلت له بلسان حالك وبتان ما أنت عليه من الاستعداد كلفني به ، فبالحقيقة ما كلفك إلا نفسك.
فالجار والمجرور في قوله : بحالك، وقوله : بما أنت متعلق بالقول لا بالتكليف (ولا يسمى) هو سبحانه (مكلفا اسم مفعول) بل هذا الاسم مختص بك.
شعر: (فيحمدني) بإفاضة الوجود على وإظهاره ?مالاتي بها أولا وثانية علي بكلامه حين يثني على عباده على اختلاف درجات ثنائنا وبالنسبة عبادة ثالثا.
(وأحمده) بجميع السنتي انفولية والحالية والفعلية .
(ويعبدني)، أي يعطيني فيما أطلب منه بلسان حالي و استعدادي من الوجود وتوابعه (فاعبده) "وهذا لايكون الا عند التلون والتقلب في التجليات" .
ش?را لعبادته لي "هوالآن يتكلم الآن بلسان الحق مخاطبا نفسه العبد وكل العباد ظاهره حق وباطنه عبد ".
وعبادتي له "هو الآن يتكلم بلسانه كعبد وككل العباد  مخاطبا الحق - ظاهره عبد وباطنه حق " ,في الظاهر إقامة حدوده وحقوقه وأوامره ونواهيه . وفي الباطن قبول تجلياته الذائية والأسمائية.
وكان إطلاق العبادة على الحق سبحانه وتعالى بناء على المشاكلة وإلا فالشيخ رضي الله عنه كما يعلم من مؤلفاته من الأدباء المتم?نین لا المغلوبين.
(ففي حال)، أي حال تجليه في المراتب الإلهية (أقر به وفي حال)، أي حال تجليه في الأعيان الكونية (أجحده) وأنكره لاتصافها بما ينافي المرتبة الإلهية .
كان هذا بلسان الإلهية كان هذا بلسان حال المحجوبين وإلا فصاحب الشهود يراه في كل شيء ويقر به .
(فيعرفني) في جميع المواطن (وأنكره) النكرة ضد المعرفة , وقد ن?رت الرجل بالكسر نكرة ون?ورا و أنكرته و استنكرته، كله بمعنى .
فقوله : أنكره إما بفتح الكاف من التنكر أو بكسرها من الإنكار بمعناه لا بمعنى الجحود في بعضها، أي لا أعرفه .
(و) ویعد ما أنكره (أعرفه) برفع الحجب (فأشهده) شهودا عيانيا في المجالي التفصيلية .
(فاني)، أي من أين يتصف (بالعين) مطلقا (وأنا أساعده وأسعده)، أي أنصره وأعينه في ظهور كماله الأسمائي فثبوت ألعين له إنما هو باعتبار الكمال الذاتي لا مطلقا.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:38 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الخامسة عشر: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولما كان)، أي وجد (للخليل) إبراهيم عليه السلام (هذه المرتبة) المذكورة التي هي الغذاء من الطرفين في ظهور العين.
كالصبغ المركب من لونين فأحدهما يغذي الآخر في ظهور ذلك اللون، وهو ما ذكرنا من جمع وفرق.
باعتبار علم الحق سبحانه بنفسه ظاهرة لنفسه في شؤونه الإمكانية العدمية، واعتبار علم الحق تعالی أيضا لتلك الشؤون الإمكانية العدمية بنفسها.
ولا شك أن الخليل عليه السلام من جملة تلك الشؤون، ولكنه افترق عنها بما في إمكانه وتقديره من الاطلاع، والكشف عما هو في نفس الأمر من ذلك.
ولهذا السبب اختص بهذه المرتبة (التي بها)، أي بسببها (سمي إبراهيم) عليه السلام (خليلا) للحق تعالی .
(لذلك)، أي لما ذكر (سن )، أي جعل سنة إلى يوم القيامة (القرى) بالكسر أي الضيافة، وهي إطعام الغير جمعة وفرادی، فإن ذلك من جملة حقيقته التي هو قائم بها في الوجود.
وهو الإمداد الحسي ظهر عليه من التخليق باسمه تعالى المقيت في اعتبار الحضرة الأسمائية (وجعله)، أي الخليل عليه السلام (ابن مسرة) من العارفين يعني حكم بأنه قائم (مع می?ائیل) عليه السلام (ملك الأرزاق) كلها الحسية والمعنوية في حضرة القدس لا يفارقه حيث إن الروحين صادرتان من عين أمرية واحدة في شأن إلهي واحد.
ثم بين وجه ذلك بقوله (و بالأرزاق) الحسية والمعنوية (يكون تغذي)، أي نمو وبقاء (المرزوقين) من المحسوسات والمعقولات، فالجسم يتغذى فينمو ويبقى بالمأكل والمشرب.
والروح تتغذى بالقوى الأمرية فتنمو وتبقى والعقل يتغذى بالكشف والعلم الذوقي فينمو ويبقى.
ولا بد في كل غذاء من دخوله في أجزاء المتغذي به ?دخول المأكل والمشرب في الجسم، واتصال القوى الأمرية الإلهية بالروح، وإحساس العقل بالعلم الذوقي الكشفي النوراني، وإلا فلا يكون ذلك غذاء .
(فإذا تخلل)، أي تداخل (الرزق)، أي الشيء المرزوق (ذات) ذلك (المرزوق) له، وتخلل كل رزق بحسبه على مقتضى ما يليق به، كما يعرفه أهل الأذواق دون علماء الكتب والأوراق .
(بحيث لا يبقى فيه)، أي في ذات ذلك المرزوق (له شيء) من أجزائه أصلا (إلا تخلله)، أي تداخله ووصل إليه ذلك الرزق كل جزء بحسبه على مقتضى ما هو مستعد لقبوله .
(فإن الغذاء) حينئذ (يسري) للنمو والبقاء (في جميع أجزاء المتغذي به كلها) ظاهرة وباطنة، وبذلك يسمى غذاء وما لم يكن كذلك فليس بغذاء لعدم سريانه.
فيصير على صورة المتغذي به ?ما عرفه الأطباء بذلك حيث قالوا بأن الغذاء جسم من شأنه أن يصير جزءا شبيها بالمتغدي، إذا استقر في المعدة وانهضم بصیر ?یموسة، أي جوهرة شبيهة بماء الكشك الثخين.
ثم ينجذب لطيفه فيجري في عروق متصلة بالأمعاء فيصل إلى العرق المسمى باب الكبد، وينفذ في أجزاء صغيرة ضيقة بباب الكبد فيلاقيها بكليته، فينطبخ في الكبد فيعلو شيء كالرغوة وهو الصفراء، ويرسب فيه شيء وهو البلغم ويحترق شيء وهو السوداء، والمستصفى منه هو الدم وبه تتغذى الأعضاء ويصير جزء منها.
ويدل على أن الغذاء يصير جزءا من المتغذي قوله صلى الله عليه وسلم : «من نبت لحمه من سحت فالنار أولى به» رواه الطبراني.  رواه أحمد والدارقطني. وروى البيهقي والحاكم
(و) في جانب الحق تعالی حيث كنت غذاءه بالأحكام (ما هنالك) في حضرته تعالى (أجزاء)، لأنه تعالی ليس بجسم (فلا بد أن يتخلل).
أي يتداخل الغذاء حيث قبل به في جانب الحق تعالى جميع (المقامات الإلهية) التي هو الحق قائم فيها ، أي موجود ثابت من حيث ظهوره عندنا (المعبر عنها)، أي عن تلك المقامات (بالأسماء) الإلهية فهي لمرتبة ظهوره سبحانه بمنزلة الأجزاء التي يتخللها الغذاء بحيث يصير جزء منها (فتظهر بها).
أي بتلك المقامات التي تخللها الغذاء على طريقة الاستعارة المجازية لا الحقيقية (ذاته)، أي الحق (جل وعلا).  

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
ثم رجع إلى بيان أحكام الخليل عليه السلام التي لم يبين فقال:
(ولما كان للخليل عليه السلام هذه المرتبة التي بها سمي خليلا) وهي التخلل بين طرفي الحق والعبد .
قال الشيخ رضي الله عنه : (لذلك) أي لأجل ذلك المرتبة (سن الخليل القرى) أي الضيافة (و) لأجل هذه المرتبة له (جعله ابن مسرة) بتشديد الراء المهملة وهو من كبار أهل الطريقة.
(مع میكائیل للأرزاق) أي قال ابن مسرة ميكائيل وإبراهيم للأرزاق أي مؤ?لان لها (وبالأرزاق يكون تغذي المرزوقين فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه) .
أي في أجزاء المرزوق (شيء إلا تخلله) أي تختل الرزق ذلك (فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المتغذي كلها) .
فوجب للخليل بهذه المركبة أن يسري الحق (وما هنالك) أي وليس في الحق (أجزاء) إذا لا جزاء مجال عليه بل فيه أسماء و صفات (فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها) كلها (بالأسماء فتظهر بها) أي بالأسماء (ذاته جل وعلا) قوله : فإذا الشرط وجوابه فلا بد فإذا كان الأمر .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
و قوله: لذلك سن إبراهيم الخليل القرى، أي الضيافة فهو رفیق می?ائیل الذي هو متكفل بأرزاق العباد، ليوصله إلى من أمر أن يوصل إليه من السحاب المسخر بين السماء والأرض، وما ذكره ظاهر
قوله: فنحن له، يعني الله تعالى كما يثبت أدلتنا، يعني أن الدليل العقلي يقتضي بأنا لله والنقلي أولى
قوله: ونحن لنا، يعني بمقتضى الشهود ویرید ، بقوله: نحن، الأعيان الثابتة
قوله: وليس له سوي ?وني، أي وجود ?وني وهو إظهار عيني الثابتة بوجوده.
قوله: فنحن له، یعنی منه إليه فيه لأن الأعيان الثابتة هي أحكام صور علمه وعلمه ذاته.
قوله: ?نحن بنا، كما نحن بحقائق ذاتنا وماهياتنا.
قولهفلي وجهان، يعني وجه الإمكان وهو الأعيان الثابتة ووجه له وهو وجوده الذي به ظهرنا۔
قوله: وليس له أنا بأنا، أي ما ثبت له بي، إنما ثبت له به.
قوله: ولكني في مظهره، أي محل ظهوره. فنحن له كمثل أنا.
كما يقول القائل: أنا فما نحن إذن غيره.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
قال رضي الله عنه : " ولمّا كان للخليل هذه المرتبة - التي بها سمّي خليلا - لذلك سنّ القرى. وجعله ابن مسرّة الجبليّ مع ميكائيل ملك الأرزاق ، وبالأرزاق يكون تغذّي المرزوقين ، فإذا تخلَّل الرزق ذات المرزوق - بحيث لا يبقى فيه شيء إلَّا تخلَّله - فإنّ الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلَّها ، وما هناك أجزاء ، فلا بدّ أن يتخلَّل جميع المقامات الإلهية المعبّر عنها بالأسماء ، فتظهر بها ذاته جلّ وعلا " .
قال العبد : لمّا تخلَّل إبراهيم - بكمال مظهريته وسعتها وحيطة فلك قابليته - جميع المقامات الإلهية - التي ظهر بها المسمّى وتخلَّله - وسرى فيها سراية الرزق في أجزاء بدن المرزوق ، فصار غذاء له ، وكذلك الوجود الحق سرى - بأحدية جمع النفس الساري من حضرة جمع الجمع - في حقائق إبراهيم عليه السّلام وصار غذاء له .
ولولا سرايته فيه بالصورة ، لما وجد ، فغذّى  إبراهيم عليه السّلام - من حسن مظهريته وكمال قابليته - بأحكام عينه الوجود الواحد الأحد ، وغذّي أيضا بالوجود الحق حقائق عينه التي هي شؤون الحق وصور أنانيّته العينية ، ظهر لذلك في حاله سرّ هذه الحقيقة .
فسنّ القرى للبادي والحاضر ، وغذّى الخلائق من كلّ وارد وصادر ، وواخى الله بينه وبين ميكائيل ، ملك الأرزاق على مذهب ابن مسرّة الجبليّ ، فإنّ حملة العرش ثمانية يوم الفصل والقضاء .
أربعة منهم الملائكة الأربعة : جبرئيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وعزرائيل ، وقد اختلف فيهم وفي الأنبياء الذين هم معه في حوله ، فجعل ابن مسرّة إبراهيم مع ميكائيل .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وبالأرزاق يكون تغذى المرزوقين ، فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله ، فإن الغذاء يسرى في جميع أجزاء المتغذى كلها).
هذا التشبيه للخلة بالتغذي كما ذكر ، فإن المتخللين يتخلل كل منهما بجمعية وجوده وأحدية جمعه حقيقة بالآخر ، كالغذاء الساري بحقيقته في جميع أجزاء المتغذى .
"" من حاشية تعليقات بالى أفندي: ( أجزاء المتغذى كلها ) فوجب للخليل بهذه المرتبة أن يسرى الحق.أهـ بالى""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما هنالك أجزاء ، فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء ، فتظهر بها ذاته جل وعلا ) .
إشارة إلى الفرق بين المشبه والمشبه به ، فإن الحق الذي تخلله إبراهيم ليس بذى أجزاء ، فجعل الأسماء الإلهية في العقود بمثابة الأجزاء في المتغذى ، فلا بد أن يظهر الحق في صورة إبراهيم بجميع أسمائه وصفاته. فيختفى إبراهيم عليه السلام فيه :
"" من حاشية تعليقات بالى أفندي: ( وما هنالك ) أي في الحق ( أجزاء ) إذ هي محال عليه بل فيه أسماء وصفات .
( فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية ) ومجوز أن يكون فإذن الشرط وجوابه فلا بد ، فإذا كان الأمر كما قلنا فنحن له كما ثبتت اهـ. بالى. ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولما كان للخليل، عليه السلام، هذه المرتبة التي بها سمى خليلا، لذلك سن القرى وجعله ابن مسرة الجبلي مع ميكائيل للأرزاق، وبالأرزاق يكون تغذى المرزوقين. فإذا تخلل الرزق ذات المرزوقين، بحيث لا يبقى فيه شئ إلا تخلله، فإن الغذاء يسرى في جميع أجزاء المغتذى كلها، وما هناك أجزاء. فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها كلها بالأسماء، فتظهر بها ذاته، جل وعلا.)
جواب :(لما) قوله: (سن القرى). وقوله: (لذلك) متعلق بـ (سن.)
أي، لما كان للخليل، عليه السلام، مرتبة العرفان وشهود الخلق في الأعيان والتخلل بنور ربه في أسمائه ومظاهره التي هي الأكوان، سن القرى لذلك، وهو إعطاء الرزق للمرزوقين.
ولذلك جعله الشيخ المحقق، ابن مسرة الجبلي، رضى الله عنه، مع ميكائيل، عليه السلام، في إيصال الأرزاق.
قال الشيخ الأكبر في فتوحاته، في الباب الثالث عشر: (روينا عن عون ابن مسرة الجبلي، من أكبر أهل الطريق علما وحالا وكشفا: العرش المحمول هو الملك، وهو محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة...) فآدم وإسرافيل للصور، وجبرئيل ومحمد للأرواح، و
ميكائيل وإبراهيم للأرزاق، ومالك ورضوان للوعد والوعيد. وليس في الملك إلا ما ذكر)...
"" اعلم أيد الله الولي الحميم أن العرش في لسان العرب يطلق ويراد به الملك يقال ثل عرش الملك إذا دخل في ملكه خلل ويطلق .
ويراد به السرير فإذا كان العرش عبارة عن الملك فتكون حملته هم القائمون به .
وإذا كان العرش السرير فتكون حملته ما يقوم عليه من القوائم أو من يحمله على كواهلهم .
والعدد يدخل في حملة العرش وقد جعل الرسول حكمهم في الدنيا أربعة وفي القيامة ثمانية
فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ". ثم قال وهم اليوم أربعة يعني في يوم الدنيا وقوله يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة
[العرش محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة]
روينا عن ابن مسرة الجبلي من أكبر أهل الطريق علما وحالا وكشفا العرش المحمول هو الملك وهو محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة .
فآدم وإسرافيل للصور
وجبريل ومحمد للأرواح
وميكائيل وإبراهيم للأرزاق
ومالك ورضوان للوعد والوعيد
وليس في الملك إلا ما ذكر .
والأغذية التي هي الأرزاق حسية ومعنوية فالذي نذكر في هذا الباب الطريقة الواحدة التي هي بمعنى الملك لما يتعلق به من الفائدة في الطريق وتكون حملته عبارة عن القائمين بتدبيره .
فتدبر صورة عنصرية أو صورة نورية .
وروحا مدبر الصورة عنصرية .
وروحا مدبرا مسخرا الصورة نورية .
وغذاء لصورة عنصرية .
وغذاء علوم ومعارف لأرواح .
ومرتبة حسية من سعادة بدخول الجنة .
ومرتبة حسية من شقاوة بدخول جهنم .
ومرتبة روحية علمية .
فمبنى هذا الباب على أربع مسائل :
المسألة الأولى الصورة
والمسألة الثانية الروح
والمسألة الثالثة الغذاء
والمسألة الرابعة المرتبة وهي الغاية .
وكل مسألة منها تنقسم قسمين فتكون ثمانية وهم حملة عرش الملك
أي إذا ظهرت الثمانية قام الملك وظهر واستوى عليه مليكه
[الأجسام النورية والملائكة المهيمون والملائكة الكروبيون]
المسألة الأولى الصورة وهي تنقسم قسمين :
صورة جسمية عنصرية تتضمن صورة جسدية خيالية
والقسم الآخر صورة جسمية نورية
فلنبتدئ بالجسم النوري :
فنقول إن أول جسم خلقه الله أجسام الأرواح الملكية المهيمة في جلال الله ومنهم العقل الأول والنفس الكل وإليها انتهت الأجسام النورية المخلوقة من نور الجلال .
وما ثم ملك من هؤلاء الملائكة من وجد بواسطة غيره إلا النفس التي دون العقل وكل ملك خلق بعد هؤلاء فداخلون تحت حكم الطبيعة فهم من جنس أفلاكها التي خلقوا منها وهم عمارها .
وكذلك ملائكة العناصر .
وآخر صنف من الأملاك الملائكة المخلوقون من أعمال العباد وأنفاسهم .
فلنذكر ذلك صنفا صنفا في هذا الباب إن شاء الله تعالى .
اعلم أن الله تعالى كان قبل إن يخلق الخلق ولا قبلية زمان وإنما ذلك عبارة للتوصيل تدل على نسبة يحصل بها المقصود في نفس السامع كان جل وتعالى في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء .
وهو أول مظهر إلهي ظهر فيه سرى فيه النور الذاتي كما ظهر في قوله "الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ" فلما انصبغ ذلك العماء بالنور فتح فيه صور الملائكة المهيمين الذين هم فوق عالم الأجسام الطبيعية ولا عرش ولا مخلوق تقدمهم .
فلما أوجدهم تجلى لهم فصار لهم من ذلك التجلي غيبا كان ذلك الغيب روحا لهم أي لتلك الصور وتجلى لهم في اسمه الجميل فهاموا في جلال جماله فهم لا يفيقون""
فكما يتخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى شئ فيه إلا تخلله، كذلك لا بد أن يتخلل إبراهيم، عليه السلام، جميع المقامات الإلهية، المعبر عنها ب (الأسماء)، عند كونه غذاء الحق بظهور الأحكام فيه. فإن الغذاء يسرى في جميعأجزاء أعضاء المغتذى. وما هنالك أجزاء، بل أسماء إلهية وصفات ربانية.
فالتخلل إنما يقع فيها.
فقوله: (فإن الغذاء)... تعليل. وقوله: (بحيث لا يبقى فيه شئ إلا تخلله) .
وقوله: (فتظهر بها ذاته، جل وعلا) عطف على قوله: (أن يتخلل) وفاعله (ذاته).
أي، لا بد أن يتخلل إبراهيم جميع الأسماء، فتظهر ذات الحق فيهاوفي مظاهرها، إذ ظهورها إنما هو بالمظاهر وهي الأعيان.
وجواب (إذا) قوله: (فلا بد أن يتخلل.)


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
ولما فرغ الشيخ عن تحقيق خلة إبراهيم شرع فيما يترتب عليها فقال:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  (ولما كان للخليل عليه السلام هذه المرتبة)، وهو كونه غذاء كاملا للحق، أفاد ظاهر وجوده كمالات صفات المحدثات المناسبة صفات الحق في الأول، وكون الحق غذاءه، أفاده جميع صفاته تحققا، وتخلقا.
وإليه الإشارة بقوله: (التي سمي بها خليلا)، وإن لم يسم غيره بذلك، وإن كان فيه بعض ذلك لم يكن له يد من الظهور بما يفيد التغذي للخلق؛ ليجازي على ذلك بما يزداد به تغذيا من الحق.  أي: من مقاماته التي لا نهاية لها.
(ولذلك) أي: لإرادة استكمال مقام الحلة لنفسه (سن القرى) أي: الضيافة للخلق، وبالغ في ذلك حتى (جعله ابن مسرة الجبلي مع ميكائيل للأرزاق).
قال الشيخ -رحمه الله - في الباب الثالث عشر من «الفتوحات»:
روينا عن ابن مسرة الجبلي من أكبر أهل الطريق علما وحالا وكشفا العرش المحمول هو الملك وهو محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة:
فآدم وإسرافيل للصور
وجبريل ومحمد للأرواح
وميكائيل وإبراهيم للأرزاق
ومالك ورضوان للوعد والوعيد
وليس في الملك إلا ما ذكر والأغذية التي هي الأرزاق حسية ومعنوية .
فالذي نذكر في هذا الباب الطريقة الواحدة التي هي بمعنى الملك لما يتعلق به من الفائدة في الطريق وتكون جملته عبارة عن القائمين بتدبيره :
فتدبر صورة عنصرية أو صورة نورية
وروحا مدبر الصورة عنصرية
وروحا مدبرا مسخرا الصورة نورية
وغذاء لصورة عنصرية
وغذاء علوم ومعارف لأرواح
ومرتبة حسية من سعادة بدخول الجنة
ومرتبة حسية من شقاوة بدخول جهنم
ومرتبة روحية علمية.أهـ
وغذاء، ومرتبة، فأدم ال وإسرافيل للصور، وجبريل ومحمد للأرواح، وإبراهيم التي و می?ائیل للأرزاق، ومالك ورضوان للوعد والوعيد انتهی.
فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ"
ثم قال وهم اليوم أربعة يعني في يوم الدنيا وقوله يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة
العرش محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة , يريد أن العرش الذي يحمله ثمانية المراد الملك الإلهي.
وهذا الملك مشتمل على الجسم وجسم الكل هو الصور الذي بيد إسرافيل عليه السلام من الملائكة، وبيد آدم عليه السلام من الأنبياء، من حيث هو بمنزلة الجسم الكلي للإنسان الذي هو المقصود من العالم.
ومشتمل على الروح، والروح الكلي بيد جبريل عليه السلام من الملائكة، فإنه روح القدس والروح الأمين.
وبيد محمد صلى الله عليه وسلم من الأنبياء، فإنه أبو الأرواح كلها ومشتمل على غذاء الحق من المعادن، والنبات، والحيوانات، وكذا العناصر من النار، والهواء، والماء، والتراب.
وهو بید می?ائیل عليه السلام من الملائكة، وبيد إبراهيم عليه السلام من الأنبياء، ومشتمل على مرتبة، وغايتها المراتب الأخروية في السعادة والشقاوة، ومراتب السعادة بيد رضوان، و مراتب الشقاء بيد مالك.
وإنما لم يجعل هاهنا مع الملك نبي؛ لعدم اختصاص نبي بذلك لمشاركة الكل في إفادة السعادة لمن صدقهم و أطاعهم. والشقاوة لمن كذبهم وخالفهم.
وذلك لأنه (بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين)، فيكون مخللا للرزق في جميع أجزائهم ت?ميلا لها، تخلقا بخلق ربه في التكميل.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  (فإذا تخلل الرزق) الظاهر (ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء) من أعضائه (إلا تخلله) الرزق وجوبا.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  (فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المتغذي كلها)، استحق الجزاء من الله تعالى بأن يتخلل في الإله، أو يتخلل فيه الإله باعتبار الأجزاء التصور ذلك.
ولكن (ما هنالك أجزاء)؛ لكن مقاماته تقوم مقام الأجزاء، (فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها) أي: بتلك الأسماء في مظهر إبراهيم عليه السلام عند تخلله (ذاته جل وعلا)، فتكون صفات الحق هي الظاهرة. بمعنى: أنها مناسبة للصفات القديمة إذ لا يتصور انتقال تلك الصفات إلى ما ظهر في إبراهيم التي من صورة الحق، وإذا ظهر ذاته فينا بتلك الأسماء ، فنحن له غذاء في إفادة صفاتنا لما ظهر من صورته فينا، وإن كانت تلك الصفات مناسبة الصفات الحق .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:39 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الخامسة عشر: الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
خلَّة إبراهيم عليه السّلام قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمّي « خليلا » ، لذلك ) - وهو تخلَّل الحقّ وجود صورة الخليل في مشاهده ومشاعره ، أو تخلَّل الخليل جميع ما اتّصف به ذاته في مواطن الأسماء ومواقفها - ( سنّ القرى ) بحكم سراية ما تحقّق به ذاته في أوصافه وأفعاله - سراية حكم الأصول في فروعها ، ( وجعله ابن مسرّة مع ميكائيل للأرزاق ) .
قال الشيخ على قوله تعالى : " وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ " [ 69 / 17 ] :
روينا عن ابن مسرة الجبلي "هو عبد اللَّه بن مسرة الجبلي الصوفي المعتزلي ، ولد بقرطبة عام 269 ، وتوفى سنة 319 " من أكبر أهل الطريق علما وحالا وكشفا : العرش المحمول هو الملك ، وهو محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة فآدم وإسرافيل للصور ، وجبرئيل ومحمّد للأرواح ، وميكائيل وإبراهيم للأرزاق ، ومالك ورضوان للوعد والوعيد ، وليس في الملك إلَّا ما ذكر " .
ثمّ إنّ الخليل إذا كان للأرزاق ( وبالأرزاق يكون تغذي المرزوقين - فإذا تخلَّل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقي فيه شيء إلَّا تخلَّله ، فإنّ الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلَّها - وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلَّل ) .
جواب الشرط : أي إذا تخلَّل الرزق ذات المرزوق ، والخليل للأرزاق : فلا بدّ أن يتخلَّل الخليل ( جميع المقامات الإلهيّة المعبّر عنها ب « الأسماء » فيظهر بها ) .
أي بتلك المرتبة الجليلة الخليليّة ( ذاته جلّ وعلا ) ،ضرورة أنّها هي التي يتخلَّل جميع الأسماء الإلهيّة - تخلَّل اللون للمتلوّن ،فيظهر بها ظهور المتلوّن باللون.
ثمّ إنّك قد نبّهت على أنّ للضمائر بين الأسماء دلالة بسيطة ساذجة عن المعاني الوضعيّة والنسب الفعليّة - التي هي مبادئ الأسماء كلَّها - فلها من هذا الوجه اختصاص بالذات ، كما أنّ لغيرها من الأسماء اختصاصا بمرتبة الأفعال والأوصاف ، وقد بيّن أمرها في النظم السابق .
ثمّ لما انساق الكلام هاهنا إلى أحكام الذات وظهورها بالمرتبة الخليليّة الإبراهيميّة ، أخذ في تبيين أمر تلك الأسماء البسيطة من حيث الدلالة على تلك المرتبة ، بصرافة معنى التكلم والغيبة ، والوحدة والكثرة ، بدون اعتبار معنى وصفي ولا أثر فعلي ، بقوله : لي وجهان : هو وأنا 


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : " لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده. بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده . و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، وعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين. "
(لذلك) الإسعاد و المساعدة (الحق أوجدني فأعلمه) في نفسي وهو إشارة إلى مرتبة الكمال (فأوجده) بما أعلمه في نفوس الطالبين وأسرار المريدين, صورة مطابقة كما هو عليه في العينوذلك إشارة إلى مرتبة التكميل.
ولا يبعد أن يقال معنى أوجده اجعله متمثلا بين عيني في العبادة . إذ بذلك جاء الحديث النبوي أعني قوله :"أعبد الله كأنك تراه"  . مصنف أبي شيبة,والطبراني في الكبير, والنسائى وأحمد والبيهقي وأبو داود في الزهد وغيرهم
قال الشیخ رضی الله عنه ، كأنك إشارة إلى موطن الخيال .
وفي بعض النسخ كذلك الحق بالكاف، أي كما أساعده وأسعده أوجدني الحق سبحانه فأعلمه فأوجده (بنا)، أي بالمعنى المذكور، وهو أن الحق سبحانه إنما أوجدني لأسعده في ظهور الكمال أسمائي الذي أعمدته العلم والمعرفة.
(جاء الحديث) القدسي المشهور منبها (لنا) على غاية إيجاده إيانا وهو "?نت ?نزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف" . ذكره العجلوني في كشف الخفاء والسيوطي في الدر المنتثرة و السخاوي في المقاصد الحسنة والزركشي.
(وحقق في مقصده) الذي هو هذه الغاية وهي معرفته سبحانه والعلم به.
(ولما كان للخليل عليه السلام هذه المرتبة التي بها يسمى إبراهيم خليلا)، وهي تخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية تخلل الرزق ذات المرزوقين بحيث لا يبقى فيها شيء إلا تخلله.
(لذلك)، أي لكونه صاحب تلك المرتبة (سن القري) الذي من لوازمه إيصال الرزق إلى المرزوقين .
(وجعله)، أي الخليل عليه السلام (ابن مسرة الجيلي) وهو كما قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات من أكبر أهل الطريق علم وحالا وكثيرة، والقرا المذكورون في قوله تعالى: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" [الحاقة : 17 ] أربعة منهم الملائكة .
واختلف فيهم وفي الأنبياء الذين معهم أيضا، فجعل ابن مسرة إبراهيم (مع می?ائیل) عليهما السلام (ملك الأرزاق وبالأرزاق يكون تغذي) الذي هو الغذاء للمرزوق
قال الشيخ رضي الله عنه : " فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا."
(المرزوقين فإذا تخلل الرزق) الذي هو الغذاء للمرزوق .
(ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه)، أي في المرزوق ( شيء) من الأجزاء (إلا تخلله) الرزق (فإن الغذاء) بسبب هذا التخلل المستوعب (يسري في جميع أجزاء المتغذي به كلها وما هناك).
أي في الجناب الإلهي (أجزاء) لتنزيهه و تنزهه بقدسه عن التركيب (فلا بد أن يتخلل) الخليل عليه السلام (جميع المقامات الإلهية) والمراتب الربانية (المعبر عنها بالأسماء).
فإنها لذلك الجناب بمنزلة الأجزاء للمتغذي به (فتظهر) منصوب معطوف على يتخلل.
أي لا بد أن يتخلل الخليل جميع المقامات والأسماء فتظهر (بها)، أي بتلك المقامات والأسماء التي تخللها الخليل واتصف بها (ذاته جل وعلا) في مظهرية الخليل عليه السلام وجواب لما.
أما قوله : لذلك من القرى أو هو تأكيد لعلية مدخول لما لجوابه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السادسة عشر الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:40 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السادسة عشر: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا ، فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا  ،و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنحن) معشر الممكنات المقدرة المفروضة في علمه سبحانه (له)، أي للحق سبحانه يظهر وجوده المطلق مقيدة بنا (كما ثبتت)، أي صحت بذلك (أدلتنا) جمع دلیل وذلك في الكتاب والسنة.
قال تعالى: "لله ما في السموات وما في الأرض" [النساء: 162]. "وإليه يرجع الأمر كله" [هود: 123]."واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" [البقرة: 281]، "والأمر يومئذ لله" [الانفطار: 19]. وقال تعالى : "وله كل شئ" [النمل: 91].
وروى البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود بإسنادهم إلى أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: «يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار». البخاري ومسلم وابن حبان والنسائي في السنن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله هو الدهر". رواه ابن حبان و ابن حجر في الأدب المفرد وسنن ابن أبى عاصم وموطأ مالك ومسند البزار ومسند أحمد
وفي رواية أخرى: «أقلب ليله ونهاره وإذا شئت قبضتهما ». رواه مسلم وابن حبان.
وفي أخرى قال الله تعالى: «يؤذيني ابن آدم يقول : يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني الدهر أقلب ليله ونهاره» .رواه مسلم وابن حبان.
، ولا شك أن المراد كل شيء يوجد في الدهر من محسوسات ومعقولات، لأنها موضع السب أو المدح لا نفس الزمان، وكل الأشياء الله سبحانه، لأنه هو الظاهر بها لكونه المؤثر وحده لا تأثير لشيء معه أصلا.
ونحن في وجه آخر (لنا)، أي ظاهرون لأنفسنا وهو مشهد الغفلة (وليس له)، أي للحق تعالی مني .
حيث قلت : نحن له (سوی) مجرد (كوني)، أي وجودي بمعنى إيجادي به فوجودي به هو وأما تقديري وصورتي الممكنة العدمية في الظاهر والباطن فليست هو.
(فنحن له)، أي معنى ?وننا له (كنحن بنا)، أي يكفي كوننا بأنفسنا من جهة الصورة الإمكانية ، فنحن له كذلك من جهة الصورة الإمكانية لا غير.
ولهذا قال ابن الفارض قدس الله سره:
تراه إن غاب عن كل جارحة     …. في معنى لطيف رائق بهج
إلى آخر الأبيات، فأثبت له الغيبة من حيث وجوده المطلق وأخبر أنه يراه في كل معنی، وذلك من حيث ظهوره في الصور المعقولة والمحسوسة.
فلو حضر الغيب المطلق لبطل الظهور في الصور، ولهذا شرط لظهوره في الصور ورؤيته فيها غيبته عنه من حيث الوجود المطلق.
ثم اعلم بأن ظهوره تعالى في الصور في غيبة وجوده المطلق يقال له: خلق أيضا من وجه آخر وهما شيء واحد .
ولهذا شبه الشيخ قدس الله سره أحدهما بالآخر في قوله:
فنحن له ?نحن بنا، أي ظهور ما في صورنا كظهورنا نحن في صورنا بأنفسنا.
ثم شرع يفرق بينهما فقال: (فلي)، أي من حيث أنا مم?ن متصور في الصورة الباطنية والظاهرية (وجهان). أي اعتباران .
الوجه الأول (هو) وذلك ظهور في صورتي حسين وعقلا .
(و) الوجه الثاني (أنا) وهو العبد المخصوص بالصورة المحسوسة والمعقولة. (وليس له)، أي للحق تعالى (أنا) من حيث صورتي حسا وعقلا المغايرة له.
(بانا) من هذه الحيثية بل له أنا من حيث صورتي عقلا وحسا من دون مغايرة له، فأنا له غير أنا لنفسي وإن كانت الصورة واحدة.
فإنهما اثنان لكل واحد منهما حكم ليس للآخر، فالسر في النفس والقلب، فالنفس لي والقلب له، والنفس هي القلب إلا أنها غيره.
فالجمود للنفس والتقلب للقلب، والجهل للنفس والعلم للقلب، فالنفس تصير قلبا بالتقلب بالله .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : «قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف شاء» . رواه الحاكم والنسائي
وقال  صلى الله عليه وسلم : «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». رواه الترمذي وابن ماجة
وقال  صلى الله عليه وسلم : «ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن».ذكره الزركشي في " التذكرة" والسخاوي في " المقاصد الحسنة " ، والملا علي القاري في " الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة " ، والعجلوني في " كشف الخفاء ".
والقلب يصير نفسا للمنافسة للحق والجمود على الظواهر.
وفي الأثر: «من عرف نفسه فقد عرف ربه» .ذكره المناوي في التيسير بإسناد جيد وكذلك فى فتح القدير و ذكره على القاري فى مشكاة المصابيح
""قال الشيخ الأكبر محيي الدين: هذا الحديث «من عرف نفسه فقد عرف ربه» ؛ وإن لم يصح من طريق الرواية؛ فقد صح عندنا من طريق الكشف.
تؤكده صحته الآية :"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ[فصلت : اية41 ] فمن عرف نفسه فقد عرف ربه.""
وقال صلى الله عليه وسلم  في الحديث القدسي «عاد نفسك فإنها انتصبت لمعاداتي». أورده الآمدي في الأحكام
""وقال صلى الله عليه وسلم "أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك " اخرجه البيهقي في الزهد و الديلمي""
(ولكن في)، أي في نفسي وصورتي (مظهره)، أي موضع ظهوره، فالظهور له وأنا آلة الظهور، كالحروف المركبة في الكلمة آلة ظهور المعاني من غير حلول ولا اتحاد، فلولا المعاني ما ظهرت الحروف ولا كانت موجودة، إذ ليس الحروف مقصودة لذاتها، ولولا الحروف ما ظهرت المعاني للغير ولا تبينت، فالحروف ظروف المعاني من غير ظرفية.
ولهذا قال: (فنحن) معشر المخلوقات المحسوسة والمعقولة (له)، أي للحق تعالی باعتبار ظهوره في حضرات صفاته وأسمائه لا باعتبار ذاته، لأنه باعتبار الذات غني عن العالمين.
ولهذا أتي باسم الجلالة الذي هو اسم للذات الجامع لجميع الأسماء فقال : "فإن الله غني عن العالمين " [آل عمران: 97] .
(مثل إناء) بكسر الهمزة، أي وعاء ولسنا له إناء ووعاء حقيقة بل نشبه ذلك ""فنحن اقرب الى المرآة لإظهار التجليات الإلهية "".
لأنه وجود مطلق، ونحن إمكان مقيد، وقد ظهرنا موجودين والوجود ليس لنا وليس هو مكررا بل الوجود له تعالی وحده. وهو واحد لا يمكن أن يكون وجودين.
وإلا لشهدناه نوعين أو أكثر وهو نوع واحد حسا وعقلا، والإمكانات المقيدة كثيرة متنوعة إلى أنواع مختلفة، وتارة تنصبغ به بلا انصباغ، وتارة تعري عنه.
وهذا كله قطعی لا شك فيه عند أهل البصائر، فإذا ظهر الممكن المقيد منصبغة بالوجود وهو في نفسه عدم صرف كان ذلك الممكن المقيد بمنزلة الإناء والوعاء للوجود المطلق.
وليس ثم إناء ولا وعاء وإلا لكان الممكن موجودة من جهة نفسه أو من جهة موجود آخر غير الحق تعالى وهو باطل.
فإنه لا موجود لكل شيء إلا الحق تعالى وحده لا شريك له، فلا إناء ولا وعاء في الوجود بل الكل عدم "بالنسبة الى وجود الحق" .
والوجود الواحد المطلق الذي هو الحق تعالی متوجه بتصوير كل ممكن و تقديره، فبالضرورة يظهر ذلك الممكن موجودا بوجود مقید به.
فكأنما الوجود المطلق في ذلك الممكن، وكأنما ذلك الممكن وعاء له وإناء له، جل وعلا الوجود المطلق القديم سبحانه أن يحل أو أن يسكن في المم?نات المعدومة الحادثة المفتقرة إليه سبحانه في كل نفس أن يقدرها ويصورها ويوجدها بأنوار وجوده و يتحفها بأنواع ?رمه وجوده .
(والله) سبحانه وتعالى (يقول) في كل ما قلناه (الحق) المبين والصدق المستبين بلساننا الحادث ونفسنا القاصرة وصورتنا الحاضرة على أنه فينا مع تنزهه عنا.
وليس هو فينا مع تعلقنا به . وتقيده بنا مع إطلاقه في ذاته .
وليحذر القاصر المسكين من إنكار دقائق معارف أهل اليقين، فإن دقائق العلوم لا تدركها نفوس الجاهلين ("وهو") سبحانه وتعالى ("يهدي السبيل") [الأحزاب: 4]، أي يدل ويوصل من يشاء من عباده إلى الصراط المستقيم والمنهج القويم لا رب سواه ولا إله إلا الله .
تم فص الحكمة الإبراهيمية

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
(فنحن له) كما (تثبت أدلتنا) في إظهار أحكامه وكمالاته.
هذا ناظر إلى أن المتخلل اسم فاعل هو العبد والمتخلل أسم مفعول هو الحق فكان العبد غذاء للحق.
(ونحن لنا) لإظهار وجودنا وأحكامنا في الحق هذا ناظر إلى أن المتخلل اسم فاعل وهو الحق والمتخلل أسم مفعول هو العبد فكان الحق غذاء للعبد .
(وليس له سوى كوني) أي ليس الحق ح?م سوی فیض الوجود علي في كوننا لنا هذا ناظر إلى تخلل الحق وجود العبد فكان الحي غذية العبد.
(فنحن له) هذا ناظر إلى تخلل العبد وجود الحق فكان العبد غذاء اللحن .
(كنحن بنا) والباء في بنا بمعنى اللام هذا ناظر إلى تخلل الحق وجود العبد فكان الحق غذاء للعبد.
فمعناه كما أن الوجود في مقام نحن له للحق لا لنا وهو مقام كون العبد باطنة والحق ظاهرا.
كذلك في مقام نحن لنا وهو مقام كون الحق باطنا والعبد ظاهرا والوجود للحق لا لنا.
وبهذا المعنى صرح بقوله : (وليس له سوی ?وني) فأثبت أن الوجود له  في هذا المقام أيضا فإذا ثبت في حقنا نحن له ونحن لنا .
(فلي وجهان هو) فمن هذا الوجه كنا نحن له ومن هذا الوجه لا تعين لنا لأن الثعین تابع للوجود والوجود للحق لا لنا .
(إنا) فمن هذا الوجه كنا نحن لنا فكان الحق عيننا بإفاضة الوجود علينا فنحن لنا لكونه نحن لنا وأما أنینه وهي به لا بنا فصار تعیننا بسبب الحق .
(وليس له انا بانا) يعني ليس تعين الحق بسبينا لأن التعين لما كان تابعة للوجود وكان وجوده تعالى لذاته وعين ذاته كان تعينه لذاته فلا يمكن المجازاة في هذا الوجه فلا يتعين بتعيننا .
(ولكن في) بتشديد الياء (مظهره). وفي قوله ني دون قوله أنا إشارة إلى أن المظهر للحق في الحقيقة ليس الهيكل المحسوس الصوري بل المظهر هو مدير هذا الهيكل وملكوته .
(فنحن له كمثل أنا) أي كالظروف وقد أشار إلى عدم الحلول وكمال الامتياز عنا بقوله: ولكن في مظهره فنحن له كمثل أنا.
("والله يقول الحق وهو يهدي السبيل").


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت   .... أدلَّتنا ونحن لنا
يعني :  نحن  معاشر الكمّل قائمون بالحق على ما ثبتت الأدلَّة الكشفية ، فنحن بحقائقنا الذاتية شؤون الحق وأحوال ، وفيه صور ونسب ذاتية له ، وكذلك من حيث وجوداتنا المشهودة وإنائيّاتنا الظاهرة المعهودة الموجودة نحن لنا من حيث أعياننا ، فإنّا من حيث صورنا العينية تماثيل وأشخاص وجوده لحقائقنا وأعياننا العينية .
قال رضي الله عنه :
وليس  له سوى كوني   ....      فنحن له كنحن بنا
يعني : ليس للحق مظهر أتمّ وأكمل من الإنسان الجامع وهو الإنسان الكامل .
أو الإنسان المفصّل وهو العالم فنحن بمظهرياتنا وعبدانيّاتنا وظهوره بنا كنحن من حيث أعياننا وحقائقنا قائمون بصور وجوده .
فنحن لوجوده الحق في الوجود العيني كنحن له من حيث أعياننا في الوجود العلمي العيني ، فهو باطننا ونحن ظاهره قائمون به وبوجوده ، وهو ظاهر بنا وفينا أو بالعكس ، فلا ننفكّ عنه ولا ينفكّ عنّا .
قال  رضي الله عنه  :
فلي وجهان هو وأنا    ...... وليس له أنا بأنا
يعني رضي الله عنه - : أنّ « أنا » لفظ لا يصلح لإنائيّته إلَّا لفظا لا حقيقة ، وظهور إنائيته حقيقة في الوجود العيني إنّما هو بالإنسان الكامل ، لأنّ الإنسان الكامل له وجه إلى الحق المطلق وهو باطنه وهويته الغيبية .
ووجه أيضا كذلك إلى العالم وهو إنائيته وظاهريته ، وحيث لا تصلح لفظة « أنا » لظهور إنائيته - تعالى - فظهورها في إنّيّات الموجودات كلَّها تفصيلا أسمائيا ، وفي إنائية الإنسان الكامل جمعا ذاتيّا .
قال رضي الله عنه : ولكن في مظهره  .... فنحن له كمثل إنا
يعني رضي الله عنه : ظهور إنائيّة الحق حقيقة في ، لأنّي إناء تعيّنه الجامع الأفضل ، وشخص إنّيّته الشامل الأكمل ، فالإنسان الكامل للحق كالإناء ، فإنّه ظاهر فيه ، ومتعيّن به كتعيّن ما في الإناء بالإناء ، فإنّيّته لهوية الحق إناء ، فافهم .
وقد قلنا في هذا المقام ، شعر :
يقولون لون الماء لون إنائه .....    أنا الآن من ماء إناء بلا لون.
" وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ "


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن له كما ثبتت  أدلتنا ونحن لنا )
لما ثبتت أدلتنا العقلية لأنا ملكه ، وأدلتنا الكشفية أن صور أعياننا صفاته ، وصفاتنا أسماؤه ، ونسبة الذاتية وشئونه ووجوداتنا الظاهرة وأنياتنا وجوده ، ونحن من حيث أعياننا لنا فإنا من هذه الحيثية حقائق موجودة في الغيب ، واشخاص قائمة بأنفسها لا حكم علينا إلا منا :.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس له سوى كونى  .... فنحن له كنحن بنا )
أي ليس له كون يظهر به إلا الإنسان الجامع الكامل والإنسان المفصل وهو العالم .
فنحن له في ظهوره بنا ومظهر يتناله ، كنحن بنا بأعياننا أو وحقائقنا .
أو نحن له بوجوداتنا وأنياتنا كنحن بنا بأعياننا وخصوصياتنا وأحكامنا ، ودخول الكاف على الضمير المرفوع المنفصل لأن المراد به الكلام أي نحن له كلام مثل هذا الكلام .
وهو نحن بنا أي نحن من وجه قائمون به عباد له ومظاهر ، ومن وجه قائمون بأنفسنا حاكمون علينا .
وفسر هذا المعنى بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلي وجهان هو وأنا   .... وليس له أنا بأنا )
يعنى أن الإنسان الكامل ذو وجهين :
وجه إلى الحق وهو هويته الباطنة التي هو بها حتى .
ووجه إلى العالم وهو أنانيته الظاهرة التي هو بها خلق .
فللانسان به الهوية والأنانية ، وليس للحق بالإنسان الأنانية ، إذ ليس له من حيث الهذية الخلقية أنا بالحقيقة .
والمرد بأنا : لفظة أنا ، أي لا يطلق عليه هذه اللفظة من هذه الحيثية ، فلهذا دخلت الفاء عليه مع كونه الضمير المرفوع المنفصل .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولكن في مظهره   ...... فنحن له كمثل أنا )
أي في الإنسان الكامل مظهره فنحن له كالإناء لما فيه ، ولفظة في للتجريد.
يعنى أنا مظهره .  كقوله تعالى: " لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ".
( والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ) .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال رضي الله عنه : (فنحن له كما ثبتت  ... أدلتنا ونحن لنا)
أي، فنحن له غذاء، كما نحن له مرآيا، إذ بنا قوام ظهور كمالاته وصفاته. وهومختف فينا، كما مر من أن الغذاء ما به قوام الشئ.
(كما ثبتت أدلتنا) على صيغة الماضي. أي، كما تقررت الأدلة الكشفيةمن الذوق والوجدان وشهود الأمر على ما هو عليه.
لذلك قال: (أدلتنا) بالإضافة إلى أنفسهم. ويجوز أن يكون مضارعا من (الإثبات). حذف تحركة التاء للشعر.
(ونحن لنا). أي، غذاء لنا، باعتبار اختفاء أعياننا الثابتة وطبائعنا الكلية في صورنا الخارجية، وباعتبار قوامنا بها، لأنها حقائقنا.
أو نحن ملكه وهو ربنا ومالكنا، كما تقررت الأدلة العقلية والكشفية. ونحن ملك لنا، إذ أعياننا حاكمة علينا، كما مر. وكلاهما صحيح.
قال رضي الله عنه : (وليس له سوى كوني * فنحن له كنحن بنا)
أي، وليس للحق سوى كوني، أي، إعطاء وجودي. فحذف المضاف، أو(الكون) بمعنى (التكوين).
أي، سوى إيجادي في الخارج، كما مر تقريره في الحمد من إنا نحمده بإعطاء الوجود وإفاضة كمالاته علينا.
وهذا الكلام إنما هو باعتبارالفيض المقدس الذي به كمال الاسم (الظاهر)، لا باعتبار الفيض الأقدس،لأنه من ذلك الوجه الأعيان أيضا منه، وإليه يرجع الأمر كله.
فنحن له ملك وهو حاكم علينا بالوجود.
(كنحن لنا)، أي، كما نحن ملك لنا باعتبار أعياننا الحاكمة علينا.
أو: وليس له غذاء سوى وجودي، لاختفائه في وجودنا بظهور هويته في هويتنا، فنحن له غذاء كما نحن لنا غذاء.
وفي بعض النسخ(كنحن بنا). أي، مغتذ بأعياننا.
قال رضي الله عنه : (فلي وجهان هو وأنا  .... وليس له أنا بأنا)
أي، إذا كان وجودي عين الوجود المطلق وقد تميز بانضمامه إلى عيني، فلي وجهان:
وجه الهوية، ووجه الأنانية.
ومن الوجه الأول، ليس بيننا امتياز ولا بين، فلا ربوبية ولا عبودية.
ومن الثاني، يكون التميز، وتظهر العبودية والربوبية.
(وليس له أنا بأنا) أي، وليس للحق أنانية بسبب أنانيتي، بل أنانيته بذاته، وهي غنية عما سواها، وأنا نيتي مفتقرة إليها معلولة لها، وإذا ظهرت أنانيته تفنى الأشياء وتعدم الأغيار.
أو: وليس له أنانية تعينه، وتجعله في الخارج ممتازا عنا مفارقا منا، كما توهم أهل العقل، وذلك بسبب اختفائه في أنانيتنا.
لذلك قال رضي الله : (ولكن في مظهره    ..... فنحن له كمثل إنا)
(مظهره) مصدر ميمي. أي، لكن في ظهوره. ويجوز أن يكون اسم المكان، وحينئذ يكون (في) تجريديا.
أي، لكن نحن مظهره، وكان فينا شئ منتزع منا هو مظهره، كما قال الله تعالى: "لقد كان لكم فيرسول الله أسوة حسنة".
(ولكن) استدراك من قوله: (وليس له أنا بأنا) أي، ليس أنانية ممتازة عنا، بل هو ظاهر فينا ونحن مظهره، فباعتبار الظاهرية والمظهرية يحصل التعدد والامتياز.
وإذا كنا مظاهره (فنحن له كمثل إنا) بكسر الهمزة. أي، مثل الظرف وهو مثل المظروف.
وجميع هذه المعاني من مقام الكثرة التفصيلية الراجعة في الحقيقة إلى العين الواحدة، وأما في الوحدة فلا ظاهر ولا مظهر، ولا ظرف ولا مظروف، بل كلها شئ واحد لا تعدد فيه أصلا، فلا ينبغي أن يتوهم أنه قائل بالحلول.
لما كان جميع الأسماء مستهلكة تحت الاسم الإلهي ومجتمعة فيه ومنقهرة كثرتها تحت وحدته وهو المتكلم بلسانه وهو الهادي والدليل إلى الوحدة الحقيقية التي مرتبة الأحدية المطلقة.
قال: "والله يقول الحق وهو يهدى السبيل."

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (كما ثبتت أدلتنا) الدالة على ظهور الحق بصفات المحدثات، وبصفات النقص، وبصفات الذم من الآيات والأخبار في أول هذا الفص..
ونحن في كوننا غذاء للحق (لنا) تكمل ذاتيا وصفاتيا بما يناسب صفات الحق بظهوره بها فينا، قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وليس له) أي: للحق باعتبار ظهوره فينا (سوی كوني) أي: سوی صفات المحدثات، إذ الصفات القديمة لا تنتقل إلى ما ظهر في المحدثات.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنحن له) في إفادة صفات المحدثات بعد صيرورتها مناسبة لصفات الحق.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (?نحن بنا) في استفادة تلك الصفات أي: المناسبة لصفات الحق (فلي) عند ظهور الحق بصفاته فينا (وجهان هو) باعتبار إن الظاهر صفاته لا كصفات سائر المحدثات.
(وأنا)  باعتبار أن تلك الصفات ليست قديمة بل حادثة متغيرة عن الأصل مقتضي عيني الثابتة.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وليس له) إزائنا فكيف تكون الصفات فينا عين صفاته، وإن بلغت ما بلغت من الكمال؛ (ولكن في مظهره) فيكون الظاهر في عيني صورها فتكون عيني مرآة لتلك الصور.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنحن له) باعتبار مرآتیه عیننا (كمثل أنا) في المحلية لتلك الصور لا للذات والصفات الأزلية .
("والله يقول الحق وهو يهدي السبيل") [الأحزاب:4].
ولما كانت الحكمة المهيمية تظهر الحق بالخلق، والخلق بالحق.
نهاية الفص الإبراهيمي
وكانت الحكمة الحقيقية أكمل في هذا المعنى بحيث تظهر كل شيء بكل شيء حتى تظهر الحيوانات العجم بصور المحتمل من الأنبياء عليهم السلام عقبها بها.
فقال:
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:42 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السادسة عشر: الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ونحن له كما   .... ثبتت أدلَّتنا )
فإنّ الأدلَّة العقليّة إنّما تدلّ على أنّ الكثرة العينيّة الكونيّة الإمكانيّة إنّما هي للهويّة الغيبيّة.
" الواحد الغيبي هو هوية الوجود . والواحد العيني هو الواحد الكوني ، فتباينا وتعانقا إليه يرجع الأمر كله . "
قال الشيخ رضي الله عنه : (الوجوديّة الوجوبيّة    .... ونحن لنا )
بحسب المدارك الذوقيّة الشهوديّة - كما مرّ غير مرّة في تقدّم القوابل وسبق أحكامها على الكل - وإذا كان أمر الكثرة العينيّة التكلميّة  إلى نفسها - وقد رجع أمرها إلى الوحدة,  فلا يكون للوحدة الغيبيّة الوجوديّة ، إلَّا الكون الوحداني المضاف إلى الواحد العيني ، فالكثرة حينئذ منمحية ، سواء نسب إلى الوحدة الغيبيّة أو الكثرة العينيّة .
وإليه أشار بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس له سوى كوني  .... فنحن له كنحن بنا)
فعلم أنّ للواحد العيني وجهين :
أحدهما الغيبيّة الوجوديّة
والآخر العينيّة الكونيّة .
وليس أحد الوجهين بالآخر في شيء ، فإنّ الكون يباين الوجود مباينة ذاتيّة .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلي وجهان : هو وأنا  .... وليس له أنا بأنا )
ثمّ إنّ الوجود الغيبي وإن باين الكون العيني ، ولكن إنّما يظهر فيه كما قيل :
" فبضدها يتبيّن الأشياء " .
فالكون العيني بمنزلة الإناء في حصره وإظهاره .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولكن في مظهره    .... فنحن له كمثل إنا )


( والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل )

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.)
قال الشيخ رضي الله عنه : " فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا . وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا .
وجوابه قوله : فلا بد أن يتخلل بها (فنحن) معشر المتخللين جميع المقامات والأسماء الإلهية تخلل الرزق أجزاء المرزوق مظاهر (له) سبحانه ظهرت فينا ذاته متلبسة بتلك الأسماء والمقامات .
(كما ثبتت) وتحققت (أدلتنا) الكشفية الوحدانية الدالة على ما قلنا .
(ونحن) باعتبار أعياننا الوجودية العينية مظاهر (لنا) أيضا باعتبار أعياننا الثابتة، فإن مظهريتنا تئذات الإلهية إنما تجلت أولا بصور أعياننا الثابتة تم بواسطتها بصورة أعياننا الخارجية.
(وليس له) مظهر ?امل تام المضاهاة مع الظاهر فيه (سوی ?وني).
أي الكون الجامع الذي هو باعتبار جمعيته حقيقة آدم .
وباعتبار تفصيله حقيقة العالم وإنما أضافه إلى نفسه لأنه تمام حقیقته الكلية .
(فنحن) من حيث أعياننا الموجودة في العين مظاهر (له) أي للحق سبحانه (?نحن) من هذه الحيثية متلبس (بنا) من حيث أعياننا الثابتة المظهرية .
فكما نحن من هذه الحيثية مظاهر لأعياننا الثابتة , لذلك نحن من هذه الحيثية مظاهر الوجود الحق سبحانه .
ويمكن أن يتكلف ويقال : كلمة بنا في الأصل ممدودة حففت لضرورة الشعر كالأنا في البيت الأخير.
والمراد به المظهر فإن المظهر للظاهر مثل بناء يسكن فيه.
وقوله : "نحن" مبتدأ و"بنا" خبره . والكاف في قوله : كنحن لإفادة تشبیه الحق سبحانه بأعياننا الثابتة في كون ذواتنا الخارجية مظاهر لكل واحد منها .
يعني نحن بأعياننا الموجودة في العين للحق سبحانه بنا، أي مظهر كما لأعياننا الثابتة في العلم،
فكما أن أعياننا الثابتة ظاهرة في أعياننا الموجودة .
فكذلك الحق سبحانه ظاهر فيها وهذا الوجه وإن لم يخل عن تكلف لكنه يدفع عیب الإبطاء عن القافية وعدم المناسبة .
بين قوله : نحن له ونحن بنا , فإن المناسب أن يقال : فنحن به أو كنحن لنا كما وقع في بعض النسخ. وكأنه تغيير من بعض المتصرفین تحصیل تلك المناسبة .
قال الشيخ رضي الله عنه : " فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا . ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا . و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل."
(فلي وجهان)، أي جهان و حیثیتان (هو وأنا)، أي أحدهما هوينه العينية المعلقة وثانيهما أنانيتي لعينية الشخصية اللاحقة إياها .
فمن الوجه الأول أنانيتي مستهلكة وهويته من غير امتیاز بيننا ولا ربوبية ولا عبودية .
و من الوجه الثاني يحصل الامتياز بظهور الربوبية والعبودية .
(وليس له أنا بأنا)، أي ليس له سبحانه أنانية تقيده وتخرجه عن الإطلاق بسبب تقيده بأنانيتي المقيدة الشخصية.
(ولكن في)، أي في أنانيتي (مظهره)، أي ظهوره فيلحقه أنانيته بسبب ظهوره في أنانيتي , ولكنه نیسی منحصرة فيها.
فإن المطلق يظهر في المقيد مقيدا من غير تقييد به . و یجوز أن يكون المظهر اسم مكان.
وكلمة في تجريدية مثلها قوله تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" [الأحزاب: 21].
(فنحن كمثل إنا) بكسر الهمزة يعني نحن بأنانيتنا المقيدة مثل الإناء لهويته المطلقة.
فهي ظاهرة فينا متعينة بنا كتعين ما في الإناء بالإناء.
قال الشيخ مؤيد الدين الجندي : يقولون لون الماء لون إنائه، أنا الآن من ماء إناء بلا لون .
(والله يقول الحق) بلسان غيره في سائر الحقائق فلا إنكار عليه إذا تكلم بمثل هذا المقال.
""قديما قالوا حديث "ألسنة الخلق أقلام الحق" و حديث :"قال ذُكر الدجال عند عبد الله بن مسعود فقال لا تكثروا ذكره فإن الأمر إذا قضى في السماء كان أسرع من نزوله إلى الأرض أن يطير على ألسنة الناس".رواه الطبراني في الكبير""
(وهو يهذي السبيل) الموصل إلى فهمها وقبولها لمن يشاء من الخلائق فلا اختيار لمن الحد طريق الهداية والضلال."الحد : أنكر وتعامى عن" .
نهاية الفص الإبراهيمي

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السابعة عشر السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:43 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السابعة عشر :
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
الفص الإبراهيمي
5 - نقش فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
«الهيمان» شدة العشق. وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أية جهة كان، لا على التعيين وعدم امتیاز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده .
وهذه المرتبة تحققت أولا في الأرواح العالية المهيمة : تجلى لهم الحق سبحانه في جلال جماله، فهاموا فيه وغابوا عن أنفسهم، فلا يعرفونها ولا غير الحق؛ وغلب على خلقيتهم حقيه التجلي، فاستغرقهم واستهلكهم.
وثانيا من كل الأنبياء في إبراهيم عليه السلام، حيث غلب عليه محبة الحق حتى تبرأ عن أبيه في الحق وعن قومه وذبح ابنه في سبيل الله وخرج عن جميع ما له مع كثرته المشهورة لله .
وأيضا من شدة المحبة جعل يطلبه في مظاهر الكواكب لظهور النورية فيها، ومن غلبة الهيمان قال : "لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين" [الأنعام: 79]، أي الحائرين في جمال الحق.
وعند كمال الهيمان فني عن نفسه، وتجلى له الحق، فبقي بالحق في مقام الجمع والفرق.
وأدركه في مظاهر سماوات الأرواح وأرض الأجسام والأشباح.
فقال : "إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض" [الأنعام: 79] بتجليه الوجودي عليها وسريان ذاته فيها "حنيفا" [الأنعام: 79] مسلما فانيا عن الأفعال والصفات والذات في أفعاله وصفاته وذاته. "وما أنا من المشركين " [الأنعام: 79] المثبتين للغير. لوجد أن الذات الإلهية في صور جميع الأكوان بالكشف والعيان.
قد ظهر مما سلف وجه اختصاص حكمة التهييم بكلمة إبراهيم.
وإنما قرنها بالحكمة القدوسية لأنه وجب أن يذكر بعد الصفات التنزيهية السلبية أحكام الصفات الثبوتية ومراتبها وأول مظاهرها الإنسانية لتكميل مرتبة المعرفة بالذات. فإن السلوب لا تفيد معرفة تامة أصلا.
وكان الخليل عليه السلام أول مرة ظهرت بها أحكام الصفات الإلهية الثبوتية وأول من حاز التخلق بها.
فله أولية الظهور بالصفات الإلهية الثبوتية ، بمعنى أنه بحقيقته كسا الذات بالصفات. ولهذه المناسبة ورد في الصحيح، «إن أول من يكسي من الخلق يوم القيامة إبراهيم» ، لأنه الجزاء الوفاق .
ولما كان الخليل عليه السلام متحققا بالفناء في الحق سبحانه ، وكان المتوهم أن يتوهم أن الفاني لا شيء محض ، واللاشيء يستحيل أن يتصف بالصفات الثبوتية - فكيف يتصف الخليل عليه السلام بالصفات الإلهية الثبوتية؟
(لا بد من إثبات عين العبد.  وحينئذ يصح أن يكون الحق سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله .
فعم قواه وجوارحه بهويته على المعنى الذي يليق به سبحانه . وهذه )
دفعه الشيخ رضي الله عنه بقوله: (لا بد)، أي في مقام الفناء في الله، (من إثبات عين العبد) الفاني فيه وذاته ، إذ ليس المراد بـ «الفناء» ههنا انعدام عين العبد مطلقا ؛ بل المراد منه فناء جهة البشرية في الجهة الربانية.
إذ لكل عبد جهة من الحضرة الإلهية، هي المشار إليها بقوله تعالی : " ولكل وجهة هو موليها" [البقرة: 148]. وذلك لا يحصل إلا بالتوجه التام إلى جناب الحق المطلق سبحانه، إذ به تقوي جهة حقيته، فتغلب جهة خلقيته إلى أن تقهرها وتفنيها، كالقطعة من الفحم المجاورة للنار : فإنها بسبب المجاورة والاستعداد لقبول النارية والقابلية المختفية فيها تشتعل قليلا قليلا إلى أن تصبر نارا.
فيحصل منها ما يحصل من النار من الإحراق و الإنضاج والإضاءة وغيرها.
وقبل الاشتعال كانت مظلمة ?درة باردة.
وذلك التوجه لا يمكن إلا بالمحبة الذاتية الكامنة في العبد.
وظهورها لا يكون إلا بالاجتناب عما يضادها و يناقضها، وهو التقوى مما عداها. فالمحبة هي المركب، والزاد التقوى.
وهذا الفناء موجب لأن يتعين العبد بتعينات حقانية وصفات ربانية ، وهو البقاء بالحق ؛ فلا يرتفع التعين منه مطلقا .
(وحينئذ)، أي و حين إذ أثبت عين العبد حال الغناء في الله ، وبقي ببقائه سبحانه ولم ينعدم مطلقا، (يصح أن) ينضاف إليه الأمور، ويكون الحق سمعه الذي به يسمع (وبصره) الذي به يبصر (ولسانه) الذي به ينطق ويده التي بها يبطش (ورجله) التي بها پمشي.
(فعم) الحق سبحانه وتعالى (قواه)، أي قوى العبد الظاهرة والباطنة ، (وجوارحه) وأعضاءه البدنية (بهويته) السارية في الموجودات كلها (على المعنى الذي يليق) ذلك المعنى! (به سبحانه).
يشير رضي الله عنه إلى ما يخطر لبعض المحجوبين أن الحق تعالى، إذا كان عين سمع أو بصر أو غير ذلك، كان محدودا بحده، وهو غير محدود.
فنبه على أن عموم الحق قوى العبد وجوارحه إنما يكون على وجه يليق به سبحانه، وهو أن يحيط بالكل ويستغرق الكل غير منحصر في الكل.
لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها بعينه، فكان عينها ولم يتعين في عين على التعيين.
فلم يتحدد بحد مخصوص على التخصيص والتمييز ؛ فلم يدر?ه حد، ولم يبلغه حصر، وإن كان محدودة بكل حدا (وهذه)، أي كون الحق سمع العبد وبصره وعمومه سائر قواه وجوارحه،
(نتيجة حب النوافل. وأما حب الفرائض، فهو أن يسمع الحق بك ويبصر بك. والنوافل، فهو أن تسمع به وتبصر به .  فتدرك بالنوافل على قدر استعداد المحل؛ ويدرك بالفرائض كل مدرك. فافهم)
فإنه غير محصور في ذلك. فافهم، إن شاء الله العزيز .
(نتيجة حب النوافل) وقربها في السير المحبى وتقدم السلوك على الجذبة وسبق الفناء على البقاء، حيث يتجلى الحق بالاسم «الباطن» ويكون آلة لإدراك العبد المتجلى له.
(وأما حب الفرائض) وقربها، أي نتيجتهما في السير المحبوبي وتأخر السلوك عن الجذبة وتقدم البقاء الأصلي على الفناء، حيث يتجلى الحق سبحانه بالاسم
"الظاهر"، ويكون العبد المتجلى له آلة لإدراك الحق المتجلي.
(فهو أن يسمع الحق بك) على أن يكون المدرك هو الحق سبحانه، وأنت آلة لإدراكه، (ويبصر بك) كذلك.
وأما حب (النوافل، فهو)، أي نتيجته، (أن تسمع به وتبصر به) على أن يكون الحق سبحانه آلة لإدراكك على عكس قرب الفرائض
اعلم أن الوجود الحق هو الأصل الواجب وهو الفرض؛ ووجود العالم - وهو العبد - نفل وفرع عليه.
فإذا ظهر الحق، خفي فيه العبد.
فكان العبد سمع الحق وبصره وسائر قواه وجوارحه، كما قال صلى الله عليه و سلم : «إن الله قال على لسان عبده: "سمع الله لمن حمده ".
"هذه يد الله"، واليد يد محمد  صلى الله عليه و سلم، وكذلك هو الرامي حقيقة في "إذا رميت" [الأنفال:17].
فيده يد الحق. وهو الرامي لنفيه الرمي عن محمد  صلى الله عليه و سلم في قوله : " ولكن الله رمى " [الأنفال: 17]، وإثباته الرمي للحق سبحانه بقوله : " ولكن الله " [الأنفال: ۱۷]. هذا قرب الفرائض،
وأما قرب النوافل، فهو كون الحق سبحانه محمولا في إنية العبد، مستورة باطنا فيه. فهو سمع العبد وبصره ولسانه وسائر قواه .
اعلم أن مراتب القرب - التي هي العلة الغائية لرفع الموانع من وجهي العناية بالجدية والهداية بالسلوك - منحصرة في رتب أربع :
أولها رتبة المحبة المترتبة على الجذبة المعنية بقوله: «ما تقرب أحد أحب إلي من أداء ما افترضته عليه»، أو على السلوك المعنية بقوله: «ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.
والثانية رتبة التوحيد المبنية على المحبة المعنية بقوله: «فإذا أحببته كنت سمعه وبصره.
والثالثة رتبة المعرفة المعنية بقوله : «فبي يسمع وبي يبصر وبي يعقل»، المعبر عنها في لسان
القوم به مقام البقاء بعد الفناء».
والرابعة رتبة التحقيق، وهي رتبة الخلافة والكمال المشتملة على الجميع، الجامعة بين البداية والنهاية .
وأحكامهما وأحكام الجمع والتفرقة والوحدة والكثرة والحقية والخلقية والقيد والإطلاق عن حضور من غير غيبة ويقين بلا ريبة، ثم فوق كل ذلك طور الأكملية المختصة بالحضرة المحمدية.
(فتدرك) أنت (بالنوافل)، أي بسبب القرب الحاصل منها حيث كان الحق سبحانه آلة لإدراكك ، (على قدر استعداد المحل)، الذي هو أنت لتجلي الحق فيه بصفة السمع والبصر وغيرهما.
فإن تجليه سبحانه بأي صفة كان ليس إلا بمقدار استعداد المتجلى له، لا على ما هو عليه في حد ذاته .
فإن ذلك لا يسعه مجلي، ولا يضبطه مظهر .
كيف؟ ولو لم يكن الأمر كذلك، للزم أن يكون كينونة الحق سمع عبده و بصره وعقله واقعة على نحو ما هو الحق عليه في نفسه.
فيرى العبد إذن كل مبصر ويسمع كل مسموع سمعه الحق وأبصره.
ولزم أيضا أن يعقل كل ما عقله الحق وعلى نحو ما عقله، ومن جملة ذلك، بل الأجل من كل ذلك، عقله سبحانه ذاته على ما هي عليه ، ورؤيته لها كذلك، وسماعه كلامها وكلام سواها أيضا كذلك.
وهذا غير واقع لمن صح له ما ذكرنا ولمن تحقق بأعلى المراتب وأشرف الدرجات . فما الظن بمن دونه؟
(ويدرك) الحق سبحانه بك حيث تكون الله له سبحانه (بالفرائض)، أي بسبب القرب الحاصل منها.
وفي بعض النسخ "وتدرك" بصيغة الخطاب ، وحينئذ يكون من قبيل إسناد الفعل إلى الآلة، أي يدرك الحق بك ، أو تدرك أنت حيث تكون الله لإدرا?ه
(كل مدرك) من غیر اختصاص بشيء دون شيء؛ لأن المدرك حينئذ هو الحق سبحانه، فيسري حكم إحاطته إلى الآلة.
قال الشيخ رضي الله عنه: «إذا كنت مع الحق أينما كان فهو معك أينما كنت، فأنت الرجل».. وهذا من قرب الفرائض .
ولا يخفى عليك أن تلك الإحاطة الإدراكية لا يمكن وقوفها إلا بالتدريج والقوة، لا دفعة وبالفعل، لما مر آنفا.
(فافهم)، فإنه دقيق و بالتأمل حقيق.
والله ولي الهداية والتوفيق .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثامنة عشر السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:44 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثامنة عشر :
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص الخامس فص حكمة مُهَيَّميَّة في كلمة إبراهيمية
(1) الحكمة المُهَيَّميَّة و إبراهيم.
(1) كلمة مُهيَّمِيَّة مشتقة من الهيام أو الهيمان و هو الإفراط في العشق، و قد نسبت الحكمة المهيمية إلى إبراهيم لأن اللَّه تعالى نص على اتخاذه خليلًا في قوله: «وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا».
و الخليل المحب المفرط في محبته المخلص لمحبوبه. هذا هو لسان الظاهر كما يقولون، و لكننا إذا ما قرأنا الفص الإبراهيمي و أدركنا مرامي المؤلف فيه، وجدنا معاني أخرى لإبراهيم و الخليل و الهيمان، و أنها مجرد رموز قصد بها ما وراءها.
و ليس هناك من شك في أن اسم إبراهيم لم يستعمل علماً على النبي المعروف، و إنما رُمز به لنوع الإنسان الكامل الذي يعتبر جميع الأنبياء و الرسل و الأولياء أفراداً له.
و الإنسان الكامل في مذهب صاحبنا هو المجلي التام الشامل لجميع الأسماء و الصفات الإلهية، أو هو المجلى الكامل للحق على ما قررنا آنفاً.
و إنما اختير إبراهيم ليقوم بهذا الدور هنا لمجرد الإشارة إليه بأنه خليل اللَّه، و الخليل إذا أخذت لا على أنها من الخُلَّة أي الصداقة، بل على أنها من التخلل و هو السريان- و هذا بالضبط ما يفعله المؤلف- فهمنا لِمَ اعتبر إبراهيم مثالًا أعلى من أمثلة الإنسان الكامل.
و أي مجلى من مجالي الحق أحق بأن يوصف بالكمال من الإنسان الكامل الذي سرى فيه الحق و تخلل جميع قواه و جوارحه فأظهر بذلك جميع كمالات الصفات و الأسماء الإلهية.
إن سريان الحق في صور الموجودات جميعها أمر تقتضيه طبيعة مذهب ابن عربي في وحدة الوجود- و قد أشرنا إلى ذلك من قبل- و لكنه يريد أن يبين هنا أن هذا السريان- أو هذا التخلل- يتفاوت في الموجودات في الدرجة بحسب ما يتجلى في كل منها من الصفات و الأسماء الإلهية.
و من سوء الحظ أنه يلجأ في توضيح العلاقة بين الحق و الخلق أو بين الوحدة و الكثرة إلى التمثيل بالسريان و التخلل و التغذية و ما إلى ذلك، لأن مثل هذه التشبيهات الساذجة تشعر بالمادية أو الجسمية كما تشعر بالاثنينية: اثنينية المتخلِّل و المتخلَّل، و ليس في حقيقة الأمر في مذهبه مادية و لا اثنينية.
دعونا إذن من تشبيهه الذات المتخللة لجميع صور الموجودات باللون الذي يتخلل الجسم الملون، و شبيهه تلك الذات أيضاً بالماء الذي يتخلل الصوفة، فإن هذه التشبيهات وأمثالها ليست سوى وسائل محسوسة و ساذجة لإيضاح شيء هو في نفسه غير محسوس وغير ساذج. الحق و الخلق في نظره وجهان للحقيقة المطلقة: فكل تمييز بينهما لا بدّ أن يعد في نهاية الأمر تمييزاً اعتبارياً.
وليس في مذهبه ما يسمح بالقول بالاثنينية اللهم إلا اثنينية الصفات: أي الصفات التي يتميز بها الحق عن الخلق والأخرى التي يتميز بها الخلق عن الحق.
ولكن هذا المعنى لا ينطبق على اللون والمتلون اللذين يذكرهما.
يقول: إن اللون يتخلل المتلون فيكون العرض بحيث يكون الجوهر، كذلك الحق يتخلل صور الموجودات.
وهذا تشبيه قاصر و مضلل: إذ اللون شي ء غير المتلون، والحق- في نظره- ليس سوى الخلق، وإذ اللون عرض والمتلون جوهر، والحق لا يمكن وصفه بأنه عرض.
و يزداد الأمر حرجاً و تعقيداً عند ما نراه يقول إن كلًا من الحق و الخلق يتخلل الآخر أو يغذيه، و هو قول يشعر بالحلول.  ولكن لا محل للحلول في مذهبه.
فيجب إذن أن نفهم هذه الأقاويل وأمثالها على أنها عبارات مجازية قصد بها تفسير أمر تعجز الألفاظ عن التعبير عنه ولا يقوى على إدراكه إلا الذوق الصوفي وحده، إذ الذوق الصوفي هو الذي يدرك سريان «الواحد» الحق في الكثرة الوجودية وتقويمه إياها كما يدرك كمال ذلك «الواحد» في مظاهر أسمائه وصفاته.


(2) «أ لا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات ... حق للحق؟»
(2) لما كانت الحقيقة الوجودية واحدة لزم أن ننسب إليها جميع صفات الموجودات المحمود منها و المذموم، لأن التفرقة بين صفات الأشياء على أساس المدح و الذم تفرقة أخلاقية أو دينية و هي بذلك اعتبارية لا حقيقية.
أما الموجودات في ذاتها فلا توصف بأنها محمودة أو مذمومة، كما أن الأفعال في ذاتها لا توصف بأنها خير أو شر.
و كل ما يمكن أن يقال في أي موجود هو أنه مجلى يظهر فيه الحق بصفة أو صفات هي كيت و كيت سواء أكانت هذه الصفات مما اصطلح العرف أو الشرع أو القانون الخلقي على تسميتها محمودة أو مذمومة أو لم تكن.
وإذا كان الأمر كذلك فيستوي أن نقول إن «الحق» يظهر بصفات المحدثات المحمود منها و المذموم، و أن نقول إن الخلق يظهر بصفات الحق.
أما أن الحق يظهر بصفات المحدثات فقد أخبر بذلك عن نفسه في مثل قوله:
«وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ»، و قوله: «اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ»، و قوله: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ» إلى غير ذلك من الآيات.
غير أنه يجب ألا يغرب عنا ما ذكرناه آنفاً في مسألة التنزيه و التشبيه، أن ابن العربي لا يفهم هذه الآيات على أنها دالة على مجرد التشبيه- كما يقول المشبهة- بل يفهم منها أن الحق هو الظاهر في صورة كل من اصطلحنا على تسميته ماكراً، و أنه الظاهر في صورة المستهزئ و المؤذي و غير ذلك.
و قد أوضح ذلك المعنى بما لا مزيد عليه في الفص السابق (الفص الرابع) حيث قال: «بل هو العين الواحدة و هو العيون الكثيرة ...
قال- يا أبتِ افعل ما تؤمر- و الولد عين أبيه (لأنهما مظهران لذات واحدة) فما رأى يذبح سوى نفسه.
و فداه بذبح عظيم- فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة إنسان و ظهر بصورة ولد ... و خلق منها زوجها فما نكح (أي آدم) سوى نفسه: فمنه الصاحبة و الولد و الأمر واحد في العدد».
ليس بغريب إذن أن يأتي هنا و يقول إن الحق يظهر بصفات المحدثات.
الكرم أو نحوها من الصفات التي اصطلح على نسبتها عادة إلى اللَّه.


(3) «ثم إن الذات لو تعرّت عن هذه النسب لم تكن إلهاً .. فيتميز بعضنا عن بعض».
(3) يفرق ابن عربي بين الذات الإلهية المعرّاة عن كل نسبة وجودية، المجردة من أية علاقة زمانية بالوجود الخارجي، البعيدة عن متناول الإدراك، و بين الذات الإلهية المتصفة بالألوهية: أي بين «الواحد» و اللَّه. أما الذات المجردة فليست إلهاً، لأن الألوهية تقتضي المألوهية و لا معنى لها و لا وجود بدونها: فالحق الوهّاب يفترض الخلق الموهوب، و الحق الرحيم يفترض الخلق المرحوم و هكذا.
و هذا معنى قوله: «فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلهاً». و لا تعرف الألوهية و صفاتها إلا إذا عرفت المألوهية و صفاتها و هذا هو معنى قوله: «من عرف نفسه عرف ربه» أي من عرف عبوديته عرف ربوبية الرب.
و لو أن مدعياً ادعى أن في الإمكان أن يعرف «اللَّه» من غير نظر في العالم- كما ذهب إليه بعض الحكماء و أبو حامد الغزالي، لأجابه ابن عربي بقوله: ليس من المستحيل أن يصل العقل عن طريق النظر الصرف إلى افتراض وجود موجود واجب الوجود: خارج عن حدود الزمان و المكان: أزلي قديم إلخ ..
غير أن هذا الموجود إذا جردته عن جميع الصفات و الأسماء التي يتكوّن منها مفهوم الألوهية لا يكون إلهاً.
و قد برهن أرسطو على وجود محرك أول لأنه رأى أن الحركة لا يمكن أن تذهب إلى غير نهاية، و برهن فلاسفة المسلمين على وجوب واجب الوجود، و لكن لا المحرك الأول الذي أثبته أرسطو و لا واجب الوجود- إذا قرر وجوده بعيداً عن العالم و نسبه- بإله بالمعنى الديني. هذه أدلة قد ترضي الفلاسفة أو غير الإلهيين: أما الإلهيون فلا يقنعون بها.
تتوقف فكرة الألوهية إذن- في نظره- على التأمل في المخلوقات، بما في ذلك أنفسنا. لأن العلم بالصفات و الأسماء التي يتكوّن منها مفهوم الألوهية لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق العلم بصفات الموجودات الحادثة- بما في ذلك صفاتنا.
و هذا في نظره سر الخلق: فإن الحق لم يظهر بصور الموجودات إلا ليعرف- لا في ذاته- بل من حيث كونه إلهاً. يقول الحديث القدسي:
«كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبه عرفوني»: أي كنت ذاتاً أزلية قديمة معرّاة عن النسب و الإضافات فعكستُ جميع ما في هذه الذات من كمالات على مرآة الوجود، فإذا عرفت صور هذه الكمالات و مجاليها عُرفتْ كمالاتي.
بهذا المعنى نقول إن وجود الخلق دليل على وجود الحق، و لكن هناك معنى آخر به نستطيع أن نقول إن الحق عين الدليل على نفسه و على ألوهيته، و هذا لا يكون إلا إذا اعتبرنا أن العالم في ذاته عدم محض لا وجود له إلا بالحق: فإذا علمنا عن طريق النظر في العالم ألوهية الحق، ثم أدركنا أن العالم ليس في الواقع سوى تجلي الحق في صور الأعيان الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه، أدركنا أن الحق عين الدليل على نفسه.
و لكن هذا الإدراك ذوقي كشفي كما يقول المؤلف.
و هناك علم كشفي آخر، و هو إدراك صور الوجود في مرآة الحق و إدراك أنه هو الظاهر بجميع هذه الصور مهما تعدّدت و تنوعت صفاتها و أشكالها.
و صاحب هذا الكشف لا يسأل لِمَ فعل به الحق كيت و كيت: لأنه يعرف أن لا اثنينية في الأمر و أن كل ما يظهر به من صفات الوجود إنما هو من مقتضيات عينه الثابتة، فلا يلومن إلا نفسه.
نلاحظ إذن ثلاث درجات من المعرفة يتطور فيها الذوق الصوفي المتجه نحو إدراك الوحدة الوجودية:
ففي الدرجة الأولى ينكشف للسالك معنى الألوهية عن طريق النظر في صفات المألوهية و هي صفات العالم، و يتخذ الصوفي من العالم دليلًا على وجود الحق.
و في الدرجة الثانية ينكشف له أن الحق عين الدليل على نفسه لأن العالم لا وجود له إلا به. فهو بعد العلم بألوهية الحق عن طريق النظر في العالم يقول في كشفه الثاني إنه لا وجود إلا لهذا الإله. و هذا هو المراد بقول المؤلف: و هذا بعد العلم به (أي بالحق) منا (أي بواسطتنا) أنه إله لنا.
و في الدرجة الثالثة ينكشف له وحدة الوجود و أن كل شي ء هو في الحقيقة عين الآخر و أن كل ما يظهر في الوجود إنما يظهر عن عين واحدة لا عن غيرها.
و في هذا الكشف تنمحي الاثنينية- اثنينيّة الحق و الخلق- كما ينمحي التعدد المشاهد بالحسّ بين الموجودات. فإن قيل فما معنى حكم اللَّه و قضاؤه في الأشياء؟
أجاب ابن عربي: «ما يحكم علينا إلا بنا: لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه» أي في الحق.


(4) «فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ»؟
(4) هنا يشرح ابن العربي جزءاً من نظريته الأخلاقية المتفرعة عن نظريته العامة في وحدة الوجود.
إذا كان الوجود على الحقيقة واحداً و إذا كان كل ما يظهر فيه من خير و شر و من معصية و طاعة مقدراً أزلًا بمقتضى طبيعة الوجود نفسه كما شرحناه آنفاً، لزم ضرورة أن يكون في الكون مهتدون و غير مهتدين، و أن يكون فيه خير و شر و طاعة و معصية و جمال و قبح و نفع و ضر، لأن هذه كلها أمور تقتضيها طبيعة الوجود ذاتها.
و قد شاء الحق- و مشيئته هي إرادته الأزلية التي هي قانون الوجود العام- أن يكون في الخلق مهتدون و غير مهتدين، و قضت بذلك طبيعة الوجود و لا مردّ لقضائها، فامتنع وجود الهداية العامة لامتناع المشيئة-.
و ما كان للمشيئة الذاتية التي اقتضت أعيان الموجودات على ما هي عليه في ذاتها أن تشاء غير ما هو عليه الأمر في نفسه.
و لذلك جاءت الآية ب «لو» التي تفيد امتناع شي ء لامتناع شي ء آخر. إن اللَّه يعلم الأشياء على ما هي عليه و يريدها كما يعلمها- أي كما هي عليه أو كما توجبه أعيانها الثابتة في الأزل، و لهذا قال المؤلف: «فمشيئته أحدية
التعلق».
هذه هي الدائرة الفكرية التي يدور فيها ابن عربي طول الوقت، نراه ينتهي فيها دائماً إلى حيث ابتدأ. ينفي الشي ء ثم يحاول إثباته فينتهي به الإثبات إلى النفي، و يثبت الشي ء ثم يحاول نفيه فينتهي به النفي إلى الإثبات.
و لا عجب في ذلك ففكرة وحدة الوجود تحمل هذا التناقض في نفسها، لا سيما في مذهب رجل يعتبر وحدة الوجود بديهية من البديهيات ثم يأبى إلا أن يحتفظ بالصورة التقليدية التي بها الإسلام للَّه. فإذا ما تعارض ذلك مع مذهبه أخذ يهدم تلك الصورة و يضيع معالمها.
يتكلم عن علم اللَّه و إرادته كما يتكلم المسلمون، ثم يبدو له أن الموجودات و كل ما يظهر عنها ثابتة قارّة في ذات الحق ثبوتاً أزلياً: فيقول إن الحق أرادها كما علمها، و علمها بما أعطته هي من ذاتها، فأرادها على ما هي عليه، و لو أراد غير ذلك ما وقع!
أليس هذا تعطيلًا للإرادة؟
أو أ ليس هذا نفياً للإرادة بعد إثباتها؟
راجع عن التقدير الأزلي للوجود الفص الأول (التعليق 3)
والفص الثاني (التعليق 3)
والفص الثامن في قوله في الإنسان إنه منعم ذاته و معذبها فلا يذمنَّ إلا نفسه و لا يحمدن إلا نفسه. راجع أيضاً معنى القضاء و القدر في الفص الرابع عشر.


(5) «و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون».
(5) هذه تتمة لما سبق لأنه يفسر لما ذا ورد في القرآن قوله «لَوْ شاءَ» * و «إِنْ يَشَا»
[أي لا تتعلق بالممكن إلا من ناحية واحدة هي ناحية إيجاده على ما هو عليه. يخاطب بمثل ذلك و إنما يدرك الأمر على النحو الذي ذكرناه.  و لهذا كثر المؤمنون الذين يأخذون بظاهر الآيات و يعملون العقل في فهمها، و قلّ العارفون الواقفون على حقيقة الأمور ذوقاً و كشفاً.]
و أمثالهما مع أن الأمر لا مجال فيه لتغيير و لا تبديل.
الجواب على ذلك أن هذه هي الأساليب التي يفهمها المخاطبون الذين يعتمدون على النظر العقلي لا على الكشف إذ العقل ينسب إلى اللَّه قدرة لا نهاية لها و إرادة لا حد لاختيارها.
و لكن هذا جهل بطبيعة الوجود و سوء أدب مع اللَّه، لأن الخروج على طبيعة الوجود ينافي الحكمة و لا يزيد في كمال الألوهية شيئاً. أما صاحب الكشف فلا.


(6) «ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك ... ما تعيَّن عليه».
(6) هذا هو القانون العالم الذي يبني عليه ابن عربي نظريته في الوجود و في الجبرية التي شرحناها.
كل ما في الوجود الظاهر إنما هو صورة لِما كان عليه في حال ثبوته الأزلي.
لا بدَّ من ذلك و لا يمكن أن يتصوّر غيره. و لكن إذا كان الأمر كذلك فمن الموجود؟
أهو الحق أم الخلق؟  هذه مسألة اعتبارية.
فإنك إذا قلت إن وجودك الخارجي هو وجود الحق لا وجودك كان الحكم لك- من حيث الصورة- في هذا الوجود، لأنك تعيِّنه و تعطيه صفاته.
و إن ثبت في نظرك أن لك وجوداً كان الحكم لك أيضاً، و لم يكن للحق حكم فيك إلا إفاضة الوجود عليك.
و في هذه الحالة لا تحمد إلا نفسك و لا تذمّ إلا نفسك.
أما الحق فيجب أن نحمده دائماً لإفاضته الوجود عليك.
و بما أن الخلق لا وجود له إلا بالحق، و بما أن الحق الظاهر بصور الموجودات قد قبل جميع أحكام هذه الموجودات حتى ظهر بها في صورها، قال: «فأنت غذاؤه بالأحكام و هو غذاؤك بالوجود»: لأنه لولاه لما وُجِدتَ و لولاك ما ظهر.


(7) «فالأمر منه إليك و منك إليه».
(7) يصح أن تفهم كلمة «الأمر» هنا بمعنى أمر الوجود: أي فأمر الوجود من الحق إلى الخلق و من الخلق إلى الحق.
و لكن يظهر أن المراد بها الطلب و هي مع ذلك مستعملة استعمالًا مجازياً:
لأن العبد لا يأمر الحق بفعل شي ء بمعنى أنه يكلِّفه فعله، بل بمعنى أن حاله تقتضي حصول ذلك الفعل، و اقتضاء الحال ضروري لا مفر منه لأنه تابع للعين الثابتة في الأزل.
و قد سبق أن ذكرنا أن الإرادة الإلهية لا تتعلق إلا بهذه الناحية من الموجود:
أي بالناحية التي تقتضيها طبيعة أعيان الموجودات الثابتة. أما أمر الحق فالمراد به إعطاء كل شي ء خلقه على حد تعبير الآية القرآنية، أي تحقيق الأعيان الثابتة للموجودات بإظهارها في العالم الخارجي على نحو ما تطلبه طبائعها.
و لكن هذا هو الأمر التكويني لا التكليفي و بينهما فرق هام يبني عليه ابن العربي نتائج بعيدة الأثر في مذهبه. فظهور العاصي بمعصيته خاضع للأمر التكويني لأنه إنما ظهر بفعل اقتضته طبيعة عينه الثابتة و قضى اللَّه أن يكون ذلك كذلك من الأزل.
و لكن الذي اقتضته طبيعة العين الثابتة و قضى به اللَّه «فعل» فقط لا يوصف في ذاته بأنه معصية أو طاعة: و لذلك يجب ألا يقال إن اللَّه قدّر المعصية أزلًا و قضى بظهورها: و إنما سُمّي معصية عند ما قيس بالمقاييس الدينية التي هي الأوامر التكليفية.
هذه مسألة سيعرض لها المؤلف في موضع آخر عند كلامه عن فرعون الذي يرى أنه أطاع الأمر التكويني و إن كان قد عصى الأمر التكليفي.
أما إذا وصفنا كل أمر بأنه تكليف، فيلزم أن نقول إن الخلق مكلَّف من قِبَل الحق، و إن الحق مكلَّف من قِبل الخلق.
و لكن جرى العرف بإطلاق هذا الوصف على الخلق دون الحق، و هذا معنى قوله: «غير أنك تُسمى مكلّفاً:
و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك، و بما أنت عليه.
و لا يسمى (أي الحق) مكلّفاً- اسم مفعول».


(8) «فيحمدني و أحمده» الأبيات.
(8) تشير هذه الأبيات إلى الموازاة التامة بين الحق و الخلق اللذين هما وجها الحقيقة المطلقة. و ياء المتكلم هنا كناية عن الخلق و هاء الغائب كناية عن الحق.
الحمد و العبادة متبادَلان بين الحق و الخلق: فالحق يحمد الخلق و يعبده بإفاضة الوجود عليه، و الخلق يحمد الحق و يعبده بإظهاره كمالاته في الوجود الخارجي.
و في استعمال كلمة العبادة في جانب الحق شي ء من الشناعة، و لكن ليس بغريب أن تستعمل في لغة وحدة الوجود.
و المراد بالحمد و العبادة أن كلًا من الحق و الخلق في خدمة الآخر و طاعته و الخدمة و الطاعة أخصُّ صفات العبادة.
كلٌ من الحق و الخلق يخدم الآخر و يطيعه: فالحق يفيض الوجود على الخلق، و الخلق يُظهِرُ للعيان كمالات الحق: و الخلق يطيع الحق فيما يأمره به، و الحق يطيع الخلق بمنحه الوجود الخاص الذي تطلبه عين الموجود.
و قوله: «ففي حالٍ أُقِرُّ به» إلخ .. أي في حال الجمع التي يشعر فيها الصوفي بوحدة الحق و الخلق و يفنى عن نفسه و عن كل ما سوى اللَّه، يقرّ بالحق على أنه وحده هو الموجود.
فإذا ما صار إلى حال الصحو و هي حال الفرق و أدرك أعيان الموجودات أنكر أنها هي الحق: و هي في واقع الأمر ليست الحق و إنما هي مجالٍ و مظاهر له.
هذا إذا فهمنا «الحال» بمعنى حال الفناء أو حال الجمع:
و بذلك تكون الوحدة المشار إليها «وحدة الشهود» لا وحدة الوجود.
و لكن يظهر أن المراد بالحال مطلق حال لا حال معينة، و بذلك يصبح معنى البيت:
«ففي حال من الأحوال أقرّ بوجود الحق في كل شيء و لكني أعوذ فأنكر أنه هو أعيان الموجودات الخارجية».
و هذا هو الأقرب إلى المراد و الأدنى إلى أسلوب المؤلف الذي يحلو له تكرار الكلمات المتناقضة التي يوردها على الحقيقة الوجودية الواحدة باعتبارين مختلفين:
من أنها حق و خلق و واحد و كثرة: معروفة مجهولة، غنية مفتقرة، حادثة قديمة إلخ ..
«فيعرفني و أنكره، و أعرفه فأشهده» أي فيعرفني الحق في جميع أحوالي و مقاماتي لأنه ذاتي، وأنكر وجوده في أعيان الموجودات الحادثة على أنها هي هو، و لكني أعرفه معرفة ذوقية كشفية وأعلم أنه عين كل شي ء فأشهده في كل شي ء جمعاً و تفصيلًا.
«لذاك الحق أوجدني، فأعلمه فأوجده»: أي لهذه الغاية- و هي أن اللَّه يُعْرَف و تعرف كمالاته الصفاتية و الأسمائية أوجد اللَّه العالم بما فيه الإنسان:
و بهذا ورد الخبر القائل: «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أُعْرَف فخلقت الخلق فبِهِ عرفوني» و هو الحديث الذي يشير إليه البيت السادس من هذه الأبيات.
أما قوله فأعلمه فأوجده فالإشارة ليست إلى الذات الإلهية التي هي فوق كل علم و كل إدراك، بل إلى إله المعتقدات و هو الحق مصوَّراً في كل نفس بصورة معتقد هذه النفس و بحسب علم كل معتقد. فالإنسان لا يخلق اللَّه و إنما يخلق إله معتقده:
و لهذا قال «فأعلمه فأوجده» أي فأعلم الحق بحسب ما يتجلى لي من أسمائه و صفاته في صور الكائنات فأخلق من ذلك إلهاً أعتقد فيه و أعبده.
و هذا معنى قوله في موضع آخر: «فاللَّه عبارة لمن فهم الإشارة» و معنى قوله «فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلهاً».
هذا هو الحق المخلوق، و هو الحق المتغير في صور المعتقدات.
«و حقّق فيَّ مقصده» أي و حقّق فيَّ مقصده من الخلق، لأن العلة الغائية من الخلق هي أن يعرف اللَّه كما سبق أن ذكرنا. و قد تحقّقت هذه الغاية في الإنسان خاصة لأن الإنسان- لا سيما الإنسان الكامل- هو الذي يعرف الحق المعرفة الكاملة.


(9) «و لما كان للخليل هذه المرتبة .. و جعله ابن مَسَرَّة مع ميكائيل للأرزاق».
(9) جواب «لما» سنَّ القِرى: و قوله لذلك متعلق بالفعل سنَّ: فالجملة تقرأ هكذا «و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سُمِّي خليلًا، سنَّ القِرى لذلك».
والمراد بالمرتبة أي مرتبة العرفان أو مرتبة الإنسان الكامل الظاهر فيه الحق بأكمل صوره، المغذِّي لذات الحق بجميع صفات الكمال الوجودية.
يقول «و لذلك سن القرى» و القرى الضيافة و فيه يقدّم الغذاء للمضيفين: و ليس إبراهيم وحده هو الذي يقدِّم «الغذاء» للحق: أي ليس وحده هو الذي يغذي الذات الإلهية بإظهار أحكامها فإن المؤلف يقول:
إذا شاء الإله يريد رزقاً له فالكون أجمعه غذاء
و لكن إبراهيم و أمثال إبراهيم من الكمل يقدمون ذلك الغذاء على الوجه الأكمل.
أما قوله «و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق» فوارد شرحه بالتفصيل في كتاب الفتوحات المكية (ج 1 ص 191) في وصف العرش وَ حَمَلَتِه.
و هو وصف يفهمه ابن العربي فهماً رمزياً خاصاً يتفق مع مذهبه العام في وحدة الوجود، و ليس لابن مسرة فيه سوى الألفاظ.


(10) «ابن مَسَرَّة».
(10) هو عبد اللَّه بن مسرّة الجبلي المتوفى سنة 319 هـ.
كان من كبار النظار على مذهب المعتزلة، و يظهر أنه كان عظيم النفوذ في أتباعه الذين يرى الأستاذ آسين بلاسيوس أنهم تألفت منهم مدرسة كلامية أو فلسفية في الأندلس.
و لكننا لا نكاد نعلم عن ابن مسرة و أتباعه هؤلاء شيئاً اللهم إلا إشارات عابرة في الفتوحات المكية (و قد ذكرتها) و في الفصل لابن حزم (ج 2 ص 126، ج 4 ص 80، 198 - 200) و تاريخ الحكماء للقفطي ص 15 - 16، و طبقات الأمم لابن صاعد الأندلسي.
و هي إشارات لا يمكن الاعتماد عليها في تأسيس مذهب فلسفي لابن مسرة و لا لمدرسته.
و مع ذلك حاول الأستاذ بلاسيوس- استناداً إلى هذه الإشارات وحدها- أن يصوّر لابن مسرة مذهباً و أن يؤسس له مدرسة و ادعى أن مدرسة من مدارس التصوف في الأندلس ظهرت في مدينة المرِية كان لها أثر في تكوين فلسفة ابن عربي و كانت في الوقت نفسه متأثرة بمدرسة ابن مسرة هذا.
و لكنها دعوى عريضة لا أساس لها، أو على الأقل ليس من الوثائق التأريخية التي بين أيدينا ما يدعمها.
و قد رددت عليها بشيء من التفصيل في كتابي «فلسفة ابن عربي الصوفية» الذي نشر بالانجليزية سنة 1939.
أما الذي يعنينا من أمر ابن مسرة هنا فهو وصفه للعرش و حملته الثمانية وفقاً لقوله تعالى: «وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ».
و المراد بالعرش المُلك أو العالم جملة.
قال: روينا عن ابن مسرة الجبلي من أكبر أهل الطريق علماً و حالًا و كشفاً: العرش المحمول هو المُلك، و هو محصور في جسم و روح و غذاء و مرتبة:
فآدم و إسرافيل للصور، و جبريل و محمد للأرواح، و ميكائيل و إبراهيم للأرزاق، و مالك و رضوان للوعد و الوعيد» فتوحات ج 1 ص 191.


(11) «فنحن له كما ثبتت أدلتنا ونحن لنا- الأبيات».
(11) المعنى الظاهر نحن منسوبون له من جهة و منسوبون لأنفسنا من جهة أخرى،
فلنا نسبتان: نسبة إلى الحق و أخرى إلى الخلق كما برهنت على ذلك أدلتنا الكشفية الذوقية.
و قد يكون المراد نحن غذاء له نقوِّم وجوده كما يقوّم الغذاء المتغذي: و نحن غذاء لأنفسنا و هذا بعيد:
«و ليس له سوى كوني فنحن له كنحن بنا
معناه ليس للحق فيَّ سوى أنه أعطاني الوجود: و الكون هنا بمعنى التكوين أي سوى إظهاري في الخارج لا إيجادي من العدم فإن الخلق ليس له هذا المعنى في مذهب المؤلف كما ذكرنا.
أما أنني وجدت على هذا النحو أو ذلك، أو بهذه الصفة أو تلك فذلك أمر راجع إلى طبيعة عيني الثابتة.
و لذلك قال «فليس له سوى كوني».
و معنى قوله «فنحن له كنحن بنا» أن الجملة «نحن له» تساوي أو تشابه الجملة «نحن بنا». و في رواية «نحن لنا».
و المراد أن قول القائل إننا منسوبون إلى الحق تساوي من وجه آخر نحن منسوبون إلى أنفسنا أو نحن ظاهرون في الوجود بأعياننا و هو إشارة إلى النسبتين السابقتين.
و لهذا قال: «فلي وجهان هو و أنا» أي من وجه يقال إنني هو، و من وجه آخر يقال إنني أنا: فتنمحي إنيتي في الأولى و تثبت هويته، و تثبت إنيتي في الثانية و تنمحي هويته.
هذا فيما يتعلق بالخلق: له أن يقول إنه هو الحق لأن وجوده عين الوجود المطلق متعيناً، و له أن يقول إنه الخلق إذا أشار إلى الوجود المتعين.
أما الحق فليست له نسبة حقيقيّة إليّ أي أنا: لأن الأنانية أو الإنية هي الوجود المتعين و لا ينسب الحق إلى أي وجود متعين دون غيره.
و لهذا قال و ليس له أنا بأنا. «و لكن فيَّ مظهره فنحن له كمثل إنا».
أي و كل ما يمكن أن يقال هو إنه ظهر فيَّ- لا أنه أنا: و لذلك كفّر ابن عربي المسيحيين في قولهم «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ» *.
فللمسيح أن يقول إنه هو الحق على معنى أن كل شيء هو الحق: و ليس للحق أن يقول أنا المسيح عيسى بن مريم.
«فنحن له كمثل إنا» أي كمثل الإناء لأن صورنا تحمل الذات الإلهية كما يحمل الإناء ما فيه.
وليس المراد الاثنينية فإن الصورة ليست سوى الذات المتعينة
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة التاسعة عشر السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:45 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة التاسعة عشر :
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمد محمود الغراب 1405 هـ:
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
قال الشيخ رضي الله عنه : ("1"إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... و به سمي الخليل خليلا "2"
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان و المتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.
وكل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟ "3" . ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها "4" وكلها حق له كما هي صفات المحدثات)
....
1 -  المناسبة
المناسبة في هذه الحكمة في قوله تعالى : « واتخذ الله إبراهيم خليلا » فجعل الخلة في هذا الفص هي المناسبة .
كما أوضح ذلك في آخر الفص بتوضيح المناسبة بين الخلة والغذاء الذي هو القوت فيقول : « فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله ، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المتغذي كلها » فجعل الخلة الإبراهيمية المناسبة بينها وبين قوة الأسماء الإلهية في هذا الفص ، وجعلها مهيمية فإن الهيام من لوازم الخلة والمحبة.
2 - إذا تخللت المعرفة بالله أجزاء العارف من حيث ما هو مركب
فلا يبقى فيه جوهر فرد إلا وقد حلت فيه معرفة ربه ،فهو عارف به بكل جزء فيه.
ولولا ذلك ما انتظمت أجزاؤه ولا ظهر تر?یبه ، ولا نظرت روحانيته طبيعته ، فبه تعالی انتظمت الأمور معنی وحسا وخيالا.
راجع الفتوحات ج2/ 362
3 - الحق يظهر بصفات المحدثات وأخبر بذلك عن نفسه
مثل قوله تعالى : « جعت فلم تطعمني .. مرضت فلم تعدني - الحديث ».
ومثل قوله تعالى « الله يستهزىء بهم » و « سخر الله منهم ».
4 - المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها
يعني العلم والإرادة والقدرة والكرم والرأفة والرحمة إلى غير ذلك .

ص 82

قال الشيخ رضي الله عنه :  (حق للحق. «الحمد لله»: "5" فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود. «و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.)
.......
5 -  كل الأسماء والصفات الله تعالى بالأصالة
لما رأيت ما ينبغي الله وما ينبغي للعبة، ورأيت ما حجب الله به عباده المنسوبين إليه من حيث أنه جعل لهم في قلوبهم أنهم يعتقدون أن لهم أسماء حقيقة .
وأن الحق تعالى قد زاحمهم فيها ، وحجبهم عن العلم بأن تلك الأسماء أسماؤه تعالی ، زاحموه بالتخلق بالأسماء الإلهية.
وقابلوا مزاحمة بمزاحمة ، وما تفطنوا لما لم يزاحمهم فيه من الذلة والافتقار الذي نبه لأبي يزيد عليها ولنا اعتناء من الله .
فهذه أسماؤهم إلا ما ادعوها ، فزاحموه فيما تخيلوا من الأسماء أنها لهم وهم لا يشعرون .
ولقد كنت مثلهم في ذلك قبل أن يمن الله علي بما من به علي من معرفته ، فعلمني أن الأسماء أسماؤه وأنه لابد من إطلاقها علينا فأطلقناها ضرورة لا اعتقادا.
وأطلقتها أنا ومن خصه الله بهذا العلم على الله اعتقادا .
وأطلقها غيرنا اضطرارا إيمانا لكون الشرع ورد بها لا اعتقادا .
فحفظنا عليه ما هو له حين لم يحفظه ومكر بعباده ، فمن حفظ على نفسه ذله وافتقاره وحفظ على الله أسماءه كلها التي وصف بها نفسه والتي أعطى في الكشف أنها له . فقد أنصف فاتصف بأنه على كل شيء حفيظ .
والكل أسماء الحق تعالى والعيد لا اسم له ، حتى إن اسم العبد ليس له وهو متخلق به كسائر الأسماء الحسنى .
فالسير إلى الله والدخول عليه والحضور عنده ليس إلا بأسمائه ، وإن أسماء الكون أسماؤه ، وهو مجلي عزيز في منصة عظمى .
كانت غاية أبي يزيد البسطامي دونها فإن غايته ما قاله عن نفسه ،" تقرب إلي بما ليس لي"، فهذا كان حظه من ربه ورآه غاية .
وكذلك هو فإنه غايته لا الغاية ، وهذه طريقة أخرى ما رأيتها الأحد من الأولياء ذوقا إلا للأنبياء والرسل خاصة.
فكل اسم للكون فأصله للحق حقيقة وهو للخلق لفظا دون معنى وهو به متخلق ، فكل وصف صفة كمال الله تعالی فهو موصوف بها كما تقتضيه ذاته ، وأنت موصوف بها كما تقتضيها ذاتك.
والعين واحدة والحكم مختلف    ….. و العبد يعبد و الرحمن معبود
الفتوحات ج2 / 350  , ج3 / 228 .

ص 83

قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور. وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح.
ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها.
وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف.
قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته، و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، "6" و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.)
......
6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .
فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .
ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها

ص 84

قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
......
إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال ، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم ،
ص 85

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»: و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه.
و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. فمشيئته ).
.....
فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.
فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
الفتوحات ج1 / 694  , ج2 / 40,42,99,160,435,606
7 - راجع فص 2 رقم 4 ص   44
8 -  راجع فص 2 رقم 3 ص 42

ص 86

قال الشيخ رضي الله عنه : (أحدية التعلق "9" و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، "10" هذا إن ثبت أن لك وجودا. فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.)
.....
9 - أحدية المشيئة ونسبة الاختيار الى الله تعالى
اعلم أن الإمكان للممكن هو الحكم الذي أظهر الاختيار في المرجح ، والذي عند المرجح أمر واحد ، وهو أحد الأمرين لا غير ، فما ثم بالنظر إلى الحق إلا أحدية محضة لا يشوبها اختيار .
ألا تراه تعالى يقول « لو شاء » كذا لكان كذا، فما شاء فما كان ذلك ، فنفى عن نفسه تعلق هذه المشيئة ، فنفى الكون عن ذلك المذكور .
فالإختيار تعلق خاص للذات أثبته الممكن لإمكانه في القبول لأحد الأمرين على البدل ولولا معقولية هذين الأمرين، ومعقولية القبول من الممكن، ما ثبت للإرادة ولا للاختيار حكم .
إن المشيئة الإلهية ما عندها إلا أمر واحد في الأشياء ، ولا تزال الأشياء على حكم واحد معين من الحكمين .
فمشيئة الحق في الأمور عين ما هي الأمور عليه..
نزال الحكم ، فإن المشيئة إذ جعلتها خلاف عين الأمر فإما أن تتبع الأمر وهو محال ، وإما أن يتبعها الأمر.وهو محال.
وبيان ذلك أن الأمر لنفسه كان ما كان، فهو لا يقبل التبديل ، فهو غير مشاء بمشيئة ليست بعينه.
فالمشيئة عينه فلا تابع ولا متبوع.، فتحفظ من الوهم.
فمحال على الله الاختيار في المشيئة ، لأنه محال عليه الجواز , لأنه محال أن يكون الله مرجح يرجح له أمرا دون أمر ، فهو المرجح لذاته ، فالمشيئة أحدية التعلق لا اختيار فيها .

الفتوحات ج3/ 356 ,357  - ج4 / 30 , 201
10 -  راجع الظاهر في المظاهر رقم 6 وفص 2 رقم 3 .

ص 87

قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك. فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود. "11" فنعين عليه )
.....
11 - الغذاء
كل غذاء أعلا من حياته المتولدة عنه ، فلا تزال من العالم الأدنۍ ترتقي في أطوار العوالم أغذية وحياة حتى تنتهي إلى الغذاء الأول الذي هو غذاء أغذية الأغذية.
وهي الذات المطلقة ، والأسماء الإلهية أقواتها أعيان آثارها في الممكنات .
فبالآثار تعقل أعيانها ، فلها البقاء بآثارها .
فقوت الاسم أثره، وتقديره مدة حكمه في الممكن أي ممكن كان ، ولما لم يكن في الكون إلا علة و معلول ، علمنا أن الأقوات العلوية والسفلية أدوية لإزالة أمراض ، ولا مرض إلا الافتقار .
فقوت القوت الذي يتقوت به هو استعماله .
فالمستعمل قوت له لأنه ما يصح أن يكون قوتا إلا إذا تقوت به ، فاعلم من قوتك ومن أنت قوته .
من قدر القوت فقد قدرا     …… والقوت ما اختص بحال الوری
بل حكمه سار فقد عمنا    …… ونفسه فانظر تری ما تری
?ل تغذي فيه قام في       …… وجوده حقا بغير افتری
فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء من ظهور آثارها في العالم ، وكان فيه بقاؤها ونعيمها و فرحها وسرورها .
وأول مرزوق في الوجود الأسماء ، فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها الذي به غذاؤها وبقاء الأسماء عليها .
وهذا معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية ، فإن الإضافة بقاء عينها في المتضايفين ، وبقاء المضافين من كونهما مضافين إنما هو بوجود الإضافة، فالإضافة رزق المتضایفین، و به غذاؤهما وبقاؤهما متضايفين .
فهذا من الرزق المعنوي الذي يهبة الاسم الرزاق ، وهو من جملة المرزوقين .
فهو أول من تغذى بما رزق ، فأول ما رزق نفسه .
ثم رزق الأسماء المتعلقة بالرزق الذي يصلح لكل اسم منها.
وهو أثره في العالم المعقول والمحسوس .

الفتوحات  ج2 / 462 , ج4 / 248 , 409

ص 88

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟ "12"
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده
و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا "13" ).
....
12 -  یعنی بقبول الممكن أن يكون مظهرا للظاهر .
فلولاه لما كنا ..... ولو لا نحن ما كانا
فإن قلنا بأنا هو ..... يكون الحق إيانا
فأبدانا وأخفاه ..... وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا ..... وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهره ..... سرارا ثم إعلانا
الأسماء الإلهية بنا ولنا ، ومدارها علينا ، وظهورها فينا ، وأحكامها عندنا ، وغاياتها إلينا ، وعباراتها عنا ، وبداياتها منا.
فلولاها لما كنا ..... ولولانا لما كانت
بها بنا وما بنا ..... كما بانت وما بانت
فإن خفيت لقد جلت ..... وإن ظهرت لقد زانت

الفتوحات ج2 / 45 , 70
13 - راجع الفقرة رقم 2 ص 82

ص 89
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا "14"
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل. )
.....
14 - الظاهر في المظاهر
"فنحن له كما ثبتت أدلتنا" ، أي نحن له مجلی "ونحن لنا" ، من حيث أننا لا تظهر في الوجود إلا بما كنا عليه في الثبوت.
« وليس له سوی ?وني » من حيث الظهور « فنحن له ?ندن بنا » أي لا يظهر إلا بما نحن عليه في الثبوت .
« فلي وجهان هو وأنا » أي لي مرتبة الوجود والإمكان « وليس له أنا بأنا » أي ليس له مرتبة الإمكان ولو ظهر بما أنا عليه « ولكن في مظهره » أي يظهر بما أنا عليه « فنحن له ?مثل إنا » كلون الماء لون إنائه.
ص 90
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة العشرين السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين أبريل 29, 2019 11:46 pm

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة العشرين:
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
المرتبة 05: لفص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية من الاسم الظاهر ومرتبة الجسم الكلى وحرف العين و منزلة الهقعة
تشكل الحكيم في أشكال الحكمة هو الظهور.
فما الظهور إلا تشكل في هيئة مخصوصة لحكمة معينة.
فالحكيم يستلزم ظهور الاسم الظاهر.
فظهر الظاهر في المرتبة الخامسة متوجها على إيجاد مرتبة الجسم الكل لأن غاية الظهور تتم في الجسم ففيه تظهر جميع ما اتصفت به الذات فهو الغاية .
يقول الشيخ "الفتوحات الباب 371": (والغاية القصوى ظهور جسومنا في عالم التركيب والأبدان).
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في الفصل 11 من "الفتوحات الباب 98": (الأصل وجود عين العقل والزائد وجود النفس وهو على قدر العقل ثم الطبيعة وهي على قدر العقل ثم الهباء وهو على مقدار العقل ثم الجسم الكل وهو الرابع وليس وراءه شيء إلا الصور).
ولهذا بدأ الشيخ هذا الفص بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية). فمقام الخلة هو مقام كمال ظهور الحق على ظاهر عبده وهو قول الشيخ: (فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح).
ولاستمداد هذا الفص من الاسم الظاهر تكررت فيه ألفاظ: يظهر، والظاهر ومظهر نحو الإحدى عشرة مرة وكذلك الألفاظ التي تتعلق بالظهور مثل: يكشف، الكشف ?شوف... ولان مرتبة هذا الفصل في الجسم وردت فيه الكلمات الدالة عليه مثل: سمع، بصر، يد، رجل، ساق، غذاء، الأرزاق الح....
وحكمة هذا الفص منسوبة للمهيم أو المهيمن - والمهم هو الذي هيمن عليه الهيام أو الهيمان - لأن الاسم الظاهر التوجه على إيجاد هذه المرتبة له الهيمنة على كل ما يظهر في نفس الرحمن من المراتب المنطوية كلها في جسم العرش .
حتى إن الشيخ عبد الكريم الجيلي جعل العرش فوق النفس الكلية والعقل
فقال في الباب 45 من "الإنسان الكامل": "اعلم أن العرش على التحقيق مظهر العظمة ومكانة التجلي وخصوصية الذات ويسمى جسم الحضرة ومكانها لكونه المكان المنزه عن الجهات الست .
وهو المنظر الأعلى والحل الأزهى الشامل لجميع أنواع الموجودات فهو في الوجود المطلق ?الجسم للوجود الإنسان باعتبار أن العالم الجسماني شامل للعالم الروحاني والخيالي والعقلي إلى غير ذلك.
ولهذا عبر عنه بعض الصوفية بأنه ألجسم الكلي، وفيه نظر، لأن الجسم الكلي وإن كان شاملا لعالم الأرواح فالروح فوقه والنفس الكلي فوقه.
ولا نعلم أن في الوجود شيئا فوق العرش إلا الرحمن"... "واعلم أن الجسم في الهيكل الإنسان جامع لجميع ما تضمنه وجود الإنسان من الروح والعقل والقلب وأمثال ذلك، فهر في الإنسان
نظم العرش في العالم.
فالعرش هيكل العالم وجسده الجامع لجميع متفرقاته وهذا الاعتبار قال أصحابنا إنه الجسم الكلي، ولا اختلاف بيننا لاتحاد المعني في العبارتين".
وفي عدة أبواب من الفتوحات بين الشيخ شرف الجسم وقواه الحسية ووسع أرض البدن، فهي أرض الحقيقة وهي أرض العبودية الواسعة التي أشارت إليها الآية 56 من العنكبوت " يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ".
ولهذا سمي الشيخ منزل العنكبوت بمنزل الأرض الواسعة في الباب 22 من الفتوحات .
وأخبر عن واقعة غريبة حصلت له لما دخل إلى هذه الأرض وهو يصلي بتونس. وقد خصص لهذه السورة الباب 355 الذي عنوانه: "منزل السبل المولدة وارض العبادة واتساعها" ثم ذكر الآية.
وفصل تفصيلا وافيا مكانة الأرض البدنية والعرش من العالم إلى أن نال ما خلاصته: (إن أرض بدنك هي الأرض الحقيقية الواسعة التي أمرك الحق أن نعبده فيها وجعلها واسعة لما وسعته من القرى والمعاني التي لا توجد إلا في هذه الأرض البدنية الإنسانية . وفيها تهاجر من محل الهوى إلى محل العقل منها .
وأنت في كل هذا فيها ما خرجت منها.
ومن لم يعبد الله في أرض بدنه الواسعة فما عبد الله في أرضه التي خلق منها.
ثم يعيدنا فيها كما أنشأنا وذلك في النشأة الأخرى.
فخلق أرواحنا من أرض أبداننا في الدنيا لعبادته وأسكننا أرض أبداننا في الآخرة لمشاهدته إن كنا سعداء.
والموت بين النشأتين حالة برزخية تعمر الأرواح فيها أجسادا برزخية خيالية مثل التي عمرها في النوم وهي أجساد متولدة عن هذه الأجسام الترابية فان الخيال قوة من قواها فما برحت أرواحها منها أو مما كان منها). إلى آخر ما فصله بأحسن بيان.
ويكفي في بيان وسع وشرف أرض البدن أن القوة المخيلة التي هي أوسع القوى وأعظمها ما هي إلا شعبة من شعبها.
وقد خصص الشيخ لبيان أرض عوالم الخيال الباب الثامن من الفتوحات الذي عنوانه: (معرفة الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام وهي أرض الحقيقة وذكر بعض ما فيها من الغرائب والعجائب) .
ويصف وسعها فيقول: (... وفضل من الطينة بعد خلق النخلة قدر السمسمة في الخفاء فمد الله في تلك الفضلة أرضا واسعة الفضاء إذ جعل العرش وما حواه والكرسي والسماوات والأرضون وما تحت الثرى والجنات كلها والنار في هذه الأرض كان الجميع فيها كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض وفيها من العجائب والغرائب ما لا يقدر قدره ويبهر العقول أمره).
وفي هذا الباب الثامن ذ?ر ملوك هذه الأرض وقال إنه صحب منهم جماعة وفيهم لطف وحنان منهم التالي وذو العرفي و السابح والسابق والقائم بأمر الله والرادع. أشار هؤلاء الملوك إلى القوى الحسية والمعنوية في ذات الإنسان كالجوارح والحواس والعقل والفكر والحافظة وغيرها...
وقد صرح الشيخ بذلك في الباب 346 - وهو منزل سورة ص - الذي فصل فيه شرف الحس عن ما سواه فقال متكلما عن القوى الحسية: (هي أتم لأن لها الاسم الوهاب لأنها هي التي تهب للقوى الروحانية ما تصرف فيه وما يكون به حباها العلمية من قوة خيال وفكر وحفظ وتصور ووهم و عقل وكل ذلك من مواد هذه القرى الحسية .
ولهذا قال الله تعالى في الذي أحبه من عباده: كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به وذكر الصورة المحسوسة وما ذكر من القوى الروحانية شيئا ولا أنزل نفسه مزلتها .
لأن منزلتها منزلة الافتقار إلى الحواس . والحق لا ينزل منزلة من يفتقر إلى غيره والحواس مفتقرة إلى الله لا إلى غيره.
فنزل لمن هو مفتقر إليه لم يشرك به أحدا فأعطاها الغني فهي يؤخذ منها وعنها ولا تأخذ هي من سائر القوى إلا من الله.
فاعرف شرف الحس وقدره وإنه عين الحق ولهذا لا تكمل النشأة الآخرة إلا بوجود الحس والمحسوس لأنها لا تكمل إلا بالحق فالقوى الحسية هم الخلفاء على الحقيقة في أرض هذه النشأة عن الله).
وأنسب الحروف لهذه المرتبة الخلافية الجامعة الخامسة هو خامس الحروف اللفظية أي الغين لأنه حرف الغاية ومفتاح الاسم "غني" الذي هو من أسماء الذات.
وللغين غاية العدد أي الألف فاليه انتهى نفس الرحمن عددها كما انتهى كونيا عند جسم الإنسان ولهذا يصفه الشيخ في الباب الثاني من الفتوحات فيقول:
الغين مثل العين في أحواله      …. إلا تجليه الأطم الأخطر
في الغين أسرار التحلي الأقهر  …. فاعرف حقيقة فيضه وتستر
وانظر إليه من ستارة كونه     ….. حذرا على الرسم الضعيف الأحقر
وأنسب الكمل لحضرة الجسم الكل الظاهر هو سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام  لعدة وجوه:
أولا: الحقيقة الإبراهيمية العرشية - كما سبق ذكره في فص إسماعيل لها تدبير الأرزاق الحسية.
ولا قيام للجسم إلا برزق الغذاء فروح الجسم الكل المعدة له بالرزق هو الحقيقة الإبراهيمية.
ومرتبة الإمداد بالأرزاق هي المهيمنة على المراتب العرشية الأخرى وهي الأرواح والأجسام ومرتبتي الوعد والوعيد.
لأن الوعد والوعيد تابعان لأحوال وأعمال النفوس المتولدة عن الأرواح والأجسام، والأرواح متولدة عن الأجسام ولا قيام للأجسام إلا بغذاء الأرزاق الإبراهيمية التي تكلم الشيخ عنها في آخر هذا الفص وقرنها بمقام الخلة.
ولهذا نجد في كتاب "العبادلة" عنوانا هو عبد الله بن إبراهيم بن عبد القيوم.
ثانيا: سيرته عليه السلام مشحونة بمظاهر الاسم الظاهر ومرتبة الجسم:
?سر اجسام أصنام قومه إلا كبيرا لهم.
و رمي جسمه في النار فكانت عليه بردا وسلاما لتخلل ذاته بالنور.
وكانت حجته على قومه أنوار الأجسام الفلكية: الكواكب والقمر والشمس.
وسن القرى أي إكرام الضيف بتقديم الغذاء له و بذبح الحيوان كما فعل عندما زارته الملائكة حيث جاء بعجل حنيذ وقدمه إليهم وقال: "ألا تأكلون" الصافات 91 .
او كما سن الختان وباقي خصال الفطرة و كلها تتعلق بالعناية بالبدن.
وورد في الخبر النبوي أن أول من يكسی بدنه يوم القيامة هو إبراهيم عليه السلام .
وعزم على التضحية بجسم ابنه ففدي بذبح كبش القربان.
وبني جسم بیت الله الكعبة حرما آمنا مباركا وهدى للعالمين ودعا الله أن يغذي سكان حرمه فقال: ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)) سورة إبراهيم. ومن مناجاته: " والذي هو يطعمني ويسقين . وإذا  مرضت فهو يشفين" (الشعراء 79-80) .
ثم أنجب الله من جسمه رسولين عظيمين إسماعيل أبي العرب وإسحاق جد بني إسرائيل عليهما السلام، فهو أبو الأنبياء.
وهنا تظهر العلاقة الأصيلة بين الفصوص المتتالية الثلاثة فصوص إبراهيم وإسحاق وإسماعيل .
لأن الجسم الكل الإبراهيمي والشكل الكل الإسحاقي ظهرا أولا في العرش الإسماعيلي فكلهم واحد .
ولبيان هذا المعنى يقول الشيخ في الفصل 15 من الفتوحات الباب 198 وهو فصل الجسم الكل ما خلاصته: ( اعلم أن الله تعالى لما جعل في النفس القوة العملية أظهر الله بها صورة الجسم الكل في جوهر الهباء فعمر به الخلاء المستدير . ثم فتح في هذا الجسم صور العالم وجعله مستديرا متحر?ا بحركة دورية كالرحى لغلبة حرارة الطبيعية الحاكمة عليه فإن الاعتدال لا يظهر عنه شيء أصلا. وقبلت تلك الصور الأرواح من النفس الرحماني.
وظهر حكم الزمان بالحركة فظهرت الصور بالترتيب تقديما وتأخيرا وظهر حكم الأسماء الإلهية بوجود هذه الصور وما تحمله) إلى آخر ما فصله.
وكما أن للجسم الثبات والإحاطة من حيث عينه والتغير في الشكل من حيث صوره فكذلك ظهر من إبراهيم إسماعيل الذي له مرتبة العرش المحيط الثابت وإسحاق الذي له مرتبة الشكل الكل المتغير والمستمد من الحكيم.
ولعلاقة الثبوت بالمرتبة الإبراهيمية كان لهذه المرتبة العدد خمسة إذ هي خامس المراتب.
والخمسة - كما يقول الشيخ - تحفظ نفسها وغيرها.
فبقيت الملة الإبراهيمية عند ذرية إسماعيل محفوظة إلى يوم القيامة وبقي اسم إبراهيم مذكورا بالتعظيم عند جل الأمم والملل مصداقا لدعائه :"واجعل لي لسان صدق في الآخرين" (الشعراء، 84) .
ومذكورا عند كل صلاة وعند كل حج وعمرة وعند كل أضحية، وذكر اسمه في القرآن 69 مرة.
فالمسلمون هم أبناء و ورثة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وورث منه العرب سر الثبات فثبتوا على ملته الحنيفية الصافية المستقيمة أكثر من عشرين قرنا.
وما ظهر فيهم الانحراف الى الشرك إلا بفعل التأثير الخارجي مدة بعد المسيح عليه السلام .
ولم يدم ذلك طويلا فمحى إشراق الشمس المحمدية الخاتمة تلك الظلمة العارضة. ورمز ثباتهم على فطرة الحق وجود البيت العتيق أول بيت وضعه الله للناس ببكة مباركا وهدى للعالمين عندهم فهم أهل هذا الحرم الأمن الذي لم يزل نابتا من بداية الخلق إلى أخر الزمان...
ومن سر هذا الثبات الرباني العربي نزل القرآن المجيد آخر كتاب إلهي بلغة العرب وتولي الله حفظه ليبقى إلى الأبد ثابتا مثبتا.
ووصف الحق تعالى أهله بالثبات فقال عنهم: " رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " (الأحزاب، 23) .
وهذا كله من سر اسمه تعالى المهيمن المحيط المتوجه على إيجاد الكلمتين الإبراهيمية والإسماعيلية.
ولهذا وصف الحق تعالی القرآن العربي بالإحاطة والهيمنة فقال: " ما فرطنا في الكتب من شيء " (الأنعام، 38) .
وقال: ( وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) المائدة، 48.
ولهذا نجد الشيخ في أحد أبواب كتاب "العبادلة" بنسب عبد المهيمن إلى إسماعيل.
كما نجده في الباب 558 من الفتوحات يقرن القرآن بالمهيمن فيقول عن الاسم المهيمن: (اعلم أن من هذه الحضرة نزل هذا الكتاب المسمی قرآنا خاصة دون سائر الكتب والصحف المترلة.
وما خلق الله من أمة من أمم نبي ورسول من هذه الحضرة إلا هذه الأمة المحمدية وهي خير أمة أخرجت للناس ولهذا أنزل الله في القرآن في حق هذه الأمة " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " (البقرة، 143) فنأتي يوم القيامة بقدمنا القرآن ونحن نقدم سائر أهل الموقف). انتهى.
وأما تغير أشكال الصور على عين الجسم فظهر في مرتبة الشكل الكل الإسحاقي. أي أن ثبوت الظهور الجسمي يستلزم التضحية بشكل ليظهر الشكل الجديد في عملية الخلق المتجدد مع الأنفاس.
وهذه هي المرتبة الإسحاقية السادسة والستة - كما يقول الشيخ - تخفظ نفسها ولكن - بخلاف الخمسة - لا تحفظ غيرها.
فكل شكل محدود بصورته هو محفوظ لكنه غير حافظ.
وكما ظهرت صفة الثبوت الإحاطية في بني إسماعيل لاستمدادهم من المهيمن المحيط.
كذلك ظهرت صفة التغير الحكمي في بني إسحاق أي بني إسرائيل لاستمدادهم من الاسم الحكيم.
فـ لبني إسماعيل العلوم الإحاطية والإجمال والكيف . فهم حسب اصطلاح الشيخ أهل الذات والأسرار.
ولبني إسرائيل العلوم التفصيلية والكم فهم أهل الصفات والأنوار، ولهذا نجد في
كتاب "العبادلة" بابا عنوانه "عبد الله بن إسحاق ابن عبد الحسيب" فالحساب متعلق بالكم والتفصيل لأنهما من مظاهر حكمة الحكيم المتوجه على إيجاد مرتبة الشكل الاسحاقي المتغير.
والتغيرات المعنوية والحسية في تاريخ بني إسرائيل بن إسحاق كثيرة ومشهورة.
وفي أواخر هذا الفص تكررت كلمات: حكم، حا?م، تمهيدا لفص إسحاق الموالي المستمد من الاسم الحكيم.
قال الشيخ في فصل الإشارات الإبراهيمية من كتاب "الإسراء":
قال: ( تراه قد نظر في النجوم فقال إني سقيم ؟ قلت إشارة إلى حكمة علوية صدرت له من اسمه الحكيم) .
إشارة: عدد الاسم: ظاهر هو 1106. وبالاضافة العدد 5 عدد هذه المرتبة ينتج العدد القطبي الأكبر المشير لقطبية إبراهيم قطب الأنبياء.
و لقطبية الاسم الظاهر لنفس الرحمن، أي العدد 1111 الذي هو عدد كلمة (خلافة): وهر مجموع عدد القطبية الأوسط (111 =قطب - ألف= هو ق) مع ألف غين الغاية ظهور نفس الرحمان (1111-1000 +111) فالآحاد الأربعة القطبية المرائب الكلية الأربعة: اللاهوت - الملكوت -الجبروت - الملك.
أو باعتبار آخر الهوية والذات والأسماء والصفات.
أو حضرتی رجال الأفراد الذين لهم الاسم:
(هو =11) والأقطاب (111 = قطب = أعلى = كافي)
وإنما ذكرنا علاقة هذا العدد بالخلافة لأنها لا تتم إلا عند القطب الظاهر في الأرض بجسمه الطيني الكثيف المناسب لهذه المرتبة الخامسة مرتبة الجسم الكلى. 

السورة الخاصة بالفص الإبراهيمي
05:   سورة فص إبراهيم عليه السلام
الحاكم على هذا الفص - كما ذكرناه - هو الاسم "الظاهر" المتوجه على إيجاد الجسم الكل و حرف الغين.  والغين هو الحجاب فالجسم حجاب الروح.
والغين حرف الغاية وعدده "1000" له غاية المراتب بعد الآحاد والمئات.
وغاية الظهور تتم في الجسم. وأنسب سورة الحقيقة "الظاهر" في "الجسم" هي سورة "البيئة" لأن البيان هو الظهور.
والفص مشحون بمشتقات كلمة "ظهر و ?شف"، وهو نفس ما نجده في الباب "286- فتوحات " المتعلق بمنزل "البينة" حيث يتكلم عن النور الذي به يتم ظهور الأشياء وبيان الحقائق.
فبدأه بقوله: "من هذا المنزل قيدت جزءا سميته"
الفناء في المشاهدة ... "فأعلم أن مظهر هذا المنزل اسمه النور".
وافتتح الباب بالأبيات التالية مبتدئا بالإشارة إلى أول السورة أي "لم يكن"، وهذه الكلمة تشير إلى مقام الفناء المعبر عنه بقول: " فيفنى من لم ی?ن ويبقى من لم يزل" والمشار إليه في الحديث المعروف بمقام الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فإنه يراك" فقال الشيخ:
شمس الفناء بدت في كاف تكويني    …… لعلمها أنا بالنور تفنيني 
وقد أشارت ولم أعلم إشارتها       …… بأن في ذلك الإماء تعنيني
فكنت واوا لعين العلم ظاهرة         ….. خفية العين بين الكاف والنون
فصلت في اللوح أسرارا متوجة    …… قد كان أحملها الرحمن في النون
وفي الوصل "17" من الفتوحات الباب "369" وهو الوصل المتعلق بـ "البينة" - يعود إلى مسألة هذا النور الظاهر المبين.
فيقول مثلا: "ومن أصحاب هذا المقام من جعل أمر الخلق مع الحق كالقمر مع الشمس في النور الذي يظهر في القمر..." إلى آخره،
وقصة إبراهيم عليه السلام مع قومه في بيانه لهم أفول أنوار الكوكب والقمر والشمس معروفة.
فتخلل نور الشمس جرم القمر وظهور القمر بالشمس أو ظهور الشمس بالقمر هو نفس موضوع هذا الفص الذي يتكلم على مقام الخلة وظهور الحق في الخلق أو ظهور الخلق بالحق....
ومن مناسبات البينة مع إبراهيم  آیتها 5 ( وما أمرو إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) وقد تكررت كلمة حنيفا كوصف لإبراهيم في القرآن تسع مرات، ومرة واحدة لسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام.
وعلى إبراهيم نزلت الصحف كالصحف المذكورة في الآيتين: 3 / 2 " رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة . فيها كتب قيمة "
- وقول الشيخ: "... فعم ما ذم وحمد، وما ثم إلا محمود ومذموم" يشير إلى الفريقين الذين عليهما مدار "البينة" وهما "هم شر البرية... هم خير البرية" ( البيئة، 76)
وأخر السورة " رضي الله عنهم ورضوا عنه " (البينة،: يشير إلى ذلك التخلل فعلا وانفعالا بين الحق والخلق .
وهو قول الشيخ: "فأنت غذاؤه بالأحكام وهو غذاؤك بالوجود فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه".
وكاد الشيخ أن يصرح بالآية "رضى الله عنهم ورضوا عنه"
فقال: "فيحمدي وأحمده" إلى آخر الأبيات.

علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه
اولى مظاهر العلاقة بين هذا الفص و سابقه الإدريسي تتجلى في الاسمين الحاكمين على مرتبتيهما أي "الآخر" و"الظاهر" فهما متجاوران في غالب الأحيان.
كقوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن" فجاء "الظاهر" تلو "الآخر" ?تلاوة فص إبراهيم الجسمي لفص إدريس الهبائي.
ولهذا نجد الشيخ يقرهما فيقول: "وهذا كله من حكم الاسم الآخر الظاهر التي هي كلمة النفس الرحماني وذلك خلال كلامه عن الهباء.
وكما ختمت سورة الفص السابق بالرضا: "ولسوف يرضى" , فكذلك ختمت سورة الفص به:" رضى الله عنهم ورضوا عنه " .
وختم الشيخ الفص بفقرة حول الأرزاق والغذاء.
والاسم "الرزاق" هو المتوجه على إيجاد النبات في المرتبة الثالثة والعشرين ولها فص لقمان الثالث والعشرون.
وسنرى أن له سورة الزلزلة الموالية في ترتيب المصحف السورة هذا الفص أي البينة.
فانظر كيف لوح الشيخ بالرابطة بين الفصين المتكاملین ت?امل الجسم بالغذاء.
وحيث أن للقمان الحكمة من اسمه تعالى: "الحكيم".
فتلويح الشيخ لفص لقمان هو تمهيد للدخول لفص إسحاق التالي لأن سورته سورة التين ننتهي بالحكمة في آياتها "أليس الله بأحكم الحاكمين" والمتوجه على إيجاد مرتبة الشكل الكلي في فص إسحاق التالي هو الاسم "الحكيم".
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإضهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: