منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:46 am

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله 

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شي ء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.
ولهذا قال سهل إن للربوبية سرا وهو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر لبطلت الربوبية.
فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه.
والعين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. وكل مرضي محبوب، وكل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين أن يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها وعنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته، فإن وفى فعله وصنعته حق ما عليه «أعطى كل شيء خلقه ثم هدى» أي بين أنه أعطى كل شيء خلقه، فلا يقبل النقص ولا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. وكذا كل موجود عند ربه مرضي.
ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من الكل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه.
ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا.
لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.
فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه.
ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا.
وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «وادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك. فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف.
فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.
فتكون صاحب معرفتين: معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد
وأنت رب وأنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد
فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، ورضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان  تقابل الأمثال و الأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان وما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشيء لا يضاد نفسه.
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه أن يكونه لعلمه بالتمييز.
دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم.
فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.
ولو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر.
والمعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو.
فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، والمعز ليس المذل من حيث نفسه وحقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم:
فلا تنظر إلى الحق ... وتعريه عن الخلق
ولا تنظر إلى الخلق ... وتكسوه سوى الحق
ونزهه وشبهه ..... وقم في مقعد الصدق
وكن في الجمع إن شئت ... وإن شئت ففي الفرق
تحز بالكل إن كل ... تبدى قصب السبق
فلا تفنى ولا تبقى ... ولا تفني ولا تبقي
ولا يلقى عليك الوحي ... في غير ولا تلقي
الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله»
لم يقل و وعيده، بل قال «ونتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.
فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين 

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

07 -  نقش فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
وجود العالم الذي لم يكن ثم كان يستدعي نسباً كثيرة في موجده أو اسماً ما شئت فقل لا بد من ذلك. وبالمجموع يكون وجود العالم. فالعالم موجود عن إحدى الذات المنسوب إليها أحدية الكثرة من حيث الأسماء لأن حقائق العالم تطلب ذلك منه. ثم العالم إن لم يكن ممكناً فما هو قابل للوجود فما وجد العالم إلا عن أمرين:
* عن اقتدارٍ إلهي منسوب إليه ما ذكرناه.
* وعن قبول.
فإن المحال لا يقبل التكوين ولهذا قال تعالى عند قوله: " كُنْ "
قال: " فَيَكُونُ " [النحل: 40]. فنسب إلى العالم من حيث قبوله.


الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ : 
07 - فك ختم الفص الإسماعيلي
7 / 1  - اعلم ان متعلق هذا الفص ومرجعه الى صفتين : صفة العلو وصفة الرضاء ، ومحتده من الجناب الإلهي نسبتان : الوحدة الذاتية والجمعية الاسمائية فاما سر اختصاص اسماعيل عليه السلام بالعلو : فهو من وجه بالنسبة الى بقية اولاد الخليل عليه السلام من أجل انه كان كالوعاء لسر الكمال المحمدي الذي نسبته الى ذات الحق أتم ، كما ان اسحاق عليه السلام وعاء لاسرار الأسماء التي كان الأنبياء مظاهرها.

7 / 2 - والإشارة الى ذلك من القرآن العزيز قوله تعالى في سورة العنكبوت من قصة الخليل عليه السلام : " ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ وجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِه النُّبُوَّةَ والْكِتابَ " [ العنكبوت / 27 ] وكل نبى هو مظهر اسم من الأسماء ، والكتاب الامر الجامع للشرائع ، وانفرد اسماعيل بنبينا عليهما السلام الجامع لخواص الأسماء بشريعة جامعة لأحكام الشرائع .
وهذا هو الموجب لقول الشيخ رضى الله عنه في اول الفص : اعلم ان مسمى الله احدى بالذات كل بالأسماء ، وذكر ان أحديته  مجموع كله بالقوة .

7 / 3 - وقال رضى الله عنه ايضا في مختصر الفصوص كلمات اذكرها بعينها هنا ، تعين  ان مقصوده الأصلي في تأسيس هذا الفص ما اذكره وليعلم انه لو لا ان الله سبحانه أنعم بمشاركتي الشيخ رضى الله عنه في اصل الذوق ومحتده لم يكن معرفة مقصوده من فحوى كلامه .
لكن متى حصل الاطلاع على اصل الذوق ومشرعه ، عرف المقصود من فحوى كلامه ، فلهذا اخترت ذكر تلك الكلمات ثم اردفها ببيان تتمات اسرار هذا الفص المتضمن فك ختامه ، والكلمات التي ذكرها في مختصر هذا الفص ولم نزد عليها من هذه.

7 / 4 - قال رضى الله عنه : وجود العالم الذي لم يكن ثم كان ، يستدعى من موجده نسبا كثيرة في موجده او اسما ما شئت فقل ، فلا بد من ذلك وبالمجموع يكون وجود العالم ، فالعالم موجود عن احدى الذات منسوب إليها احدية الكثرة من حيث الأسماء لان حقائق العالم تطلب ذلك منه.
ثم العالم ان لم يكن ممكنا فما هو قابل للوجود ، فما وجد العالم الا عن امرين : عن اقتدار الهى منسوب اليه ما ذكرناه من كثرة النسب ، وعن قبول ، فان المحال لا يقبل التكوين ، لهذا قال تعالى عند قوله : " فَيَكُونُ " ، فنسب التكوين الى العالم من حيث قبوله . هذا نص كلامه رضى الله عنه .


7 / 5 - ثم أقول : ولما كان الخليل عليه السلام حاملا للصفات الثبوتية التي من حيثها تكمل صورة الإيجاد ، صحت له نسبة خاصة الى الذات من حيث صفة الاقتدار ، وكان اسماعيل عليه السلام مثال القابلية العالم من كونه محلا لنفوذ الاقتدار فيه .
ولهذا : " كانَ عِنْدَ رَبِّه مَرْضِيًّا " [ مريم / 55 ] للمواتاة بان يظهر فيه وبه احكام القدرة .


7 / 6 - ولما كان العالم من حيث قابليته لما ينطبع ويحل فيه كالبيت ، كما أشار اليه في امر وجود العالم والموجودات بقوله : " والطُّورِ وكِتابٍ مَسْطُورٍ في رَقٍّ مَنْشُورٍ والْبَيْتِ الْمَعْمُورِ" [ الطور / 1 - 4 ] فالطور مرتبة العالم من حيث حقيقته الثابتة وإمكانه .
والكتاب المسطور الممكنات الظاهرة في صفحة الوجود الذي هو الرق المنشور ، لذلك اقتضت حكمته المحاكاة المظهرية ان يكون الخليل عليه السلام بانى الكعبة والمعاون له فيه اسماعيل عليه السلام ، فالكعبة التي هي اول بيت وضع للناس نظير حقيقة العالم القابلة للإيجاد الأول من الموجد من حيث صفة الاقتدار التي العقل الأول صورته .

7 / 7 - ذكر شيخنا رضى الله عنه جوابا عن الذين سألوه عن حقيقة العقل الأول وكونه مم خلق ، فقال : خلق من صفة القدرة لا من صفة غيرها ، ولهذا سمى بالقلم ، لان القلم مضاف الى اليد ، واليد صورة القدرة ، فالخليل من هذا الوجه مظهر العقل الأول الذي هو اول الأسباب الوجودية الايجادية ، والشرط في الإقامة بيت الوجود المتأسس على مرتبة الإمكان ، واسماعيل مظهر النفس الذي هو اللوح من حيث انه محل الكتابة الايجادية التفصيلية .

7 / 8 -  وقد نطق الخليل على ما حكاه لنا الحق في كتابه يدل على ما ذكرناه عند من اطلع على اسرار القرآن وبطونه وحدوده ومطلقاته ، وذلك قوله بلسان العقل الأول والنفس: " وإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ من الْبَيْتِ " .
إشارة الى وجود العالم وإِسْماعِيلُ : "رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا واجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ " منقادين مواتيين لما ترده من التصرف فينا وبنا في عالمك لك " ومن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وأَرِنا مَناسِكَنا وتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ ".
يعنى في ذريته "رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ ويُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ البقرة / 127 - 129 ] .

7 / 9 - وأخبر سبحانه عن هذه الترجمة العقلية والنفسية ثم الابراهيمية في موضع آخر من كلامه فقال : " وإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ " .
يعنى هذا العالم آمِناً  يريد من العدم " واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنامَ "  يعنى الصور الطبيعية ، والبنون هنا والذرية في الاية الاولى النفوس الجزئية " رَبِّ إِنَّهُنَّ " يعنى الصور الطبيعية المزاجية " أَضْلَلْنَ كَثِيراً من النَّاسِ " [ إبراهيم / 35 و 36 ] حتى استهلكت قواهم وصفاتهم الروحانية تحت القهر القوى الطبيعية كما هو حال اكثر الناس ، فإنه لا يشهد فيهم من الصفات الروحانية والخواص الحقيقة الانسانية شيئا ، كما أخبر الحق بانهم كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ " من الحيوانات .

7 / 10 - وفي موضع آخر رجح الحجارة عليهم فجعل رتبتهم انزل من رتبة الجمادات وكذلك  ورد في الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه خرج ذات يوم فسمع عمر يحلف بأبيه ، فقال : لا تحلفوا بآبائكم ، فو الذي نفسى بيده لما يدهدهه الجعل بمنخريه خير من آبائكم الذين ما توافي الجاهلية فهذا معنى قوله : " إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً من النَّاسِ " [ إبراهيم / 36 ] بلسان إشارة باطن القرآن ، لا بلسان التفسير المعهود . ثم قال : " فَمَنْ تَبِعَنِي " [ إبراهيم / 36 ] في الطهارة وتحصيل الكمال حال تدبير بدنه .
فاستهلكت سلطنة طبيعته تحت احكام عقله بتوفيق الله ثم بتزكية من أرسل اليه منهم المشار اليه في الاية الاولى : " فَإِنَّه مِنِّي " ، لأني وان لم يكن لي طبيعة اقهرها او تقهرنى ، لكن اعتنى بى الحق فتلاشت احكام امكانى تحت احكام وجوبى .

7 / 11 - واما المناسك : فمظاهر النفوس من الصور المثالية والصور الحسية المخصوصة بالملائكة والأنبياء والأولياء .
7 / 12 - واما التوبة : فالرجوع في كل نفس بصفة الافتقار الى الحق ليأخذ من فيضه سبحانه ما يمد به من دونه .
7 / 13 - واما الوادي : الذي لا زرع فيه فهو عالم الكون والفساد - فان له الفقر التام - إذ محل الزرع الحقيقي هو ما يقتضي إبراز ما لا وجود له الى الوجود ، وعالم الكون والفساد ليس كذلك ، لأنه مفتقر بعضه الى بعض بعد افتقار الى ايصال المدد اليه من العالم العلوي ، والى ذلك الإشارة بقوله تعالى : " وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وما تُوعَدُونَ " [ الذاريات / 22 ] .


7 / 14 -  وقوله : " عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ " إشارة الى قلب الإنسان الحقيقي الذي وسع الحق واختص بان يكون مستوى لذات الحق وجميع أسمائه دون غيره.
" رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ " اى ليديموا التوجه بالافتقار إليك وتكون أنت وجهتهم .
" فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً من النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ " إشارة الى الأرواح المنزلة على الكمل من الأنبياء والأولياء ومن يدانيهم "وارْزُقْهُمْ من الثَّمَراتِ " يريد الإلقاءات الروحانية والعلوم اللدنية " لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " [ إبراهيم / 37 ]  ظاهر "المعنى".
7 / 15 -  قوله  : " إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي " اى ما يقتضيه استعداداتنا الغير المجعولة من الأمور التي لم يتعين لنا " وما نُعْلِنُ " اى وما حصل وظهر لنا ومنا بالفعل " وما يَخْفى عَلَى الله من شَيْءٍ في الأَرْضِ ولا في السَّماءِ [ إبراهيم / 38 ] يريد مراتب التأثير والتأثر الظاهرين بين احكام الوجوب والإمكان ، بمعنى انه يعلم استعدادات صور العالم العلوي واهله ، وكذلك عالم السفلى واهله ، ولهذا افرد ولم يقل السموات والأرضين .

7 / 16 - ثم قال : " الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وإِسْحاقَ " [ إبراهيم / 39 ] وهما العقل الثاني والنفس .
7 / 17 -  فان قيل : فما نسبة يعقوب عليه السلام فإنه قد ذكر في الاية حيث قال : " ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ وجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِه النُّبُوَّةَ والْكِتابَ " [ العنكبوت / 27 ] ؟
7 / 18 - فأقول ، هو نظير الفلك ، لأنه صدر عن العقل عقل ونفس وفلك ، وكما تعين في الفلك معقولية البروج الاثنا عشر ، كذلك كان ليعقوب اثنا عشر ولدا .
7 / 19 - وقال في الاية الاخرى : " ومن يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا من سَفِه نَفْسَه " [ البقرة / 130 ] اى جهلها وجهل شرفها ومرتبتها ، فإنها في النفس بالقوة وبتحصيل الاستكمال تظهر بالفعل ، فملة العقل الأول الجميع المعاني ، صفات الحق كلها ، وملة إبراهيم الظهور بأحكام الصفات والأخلاق الإلهية الثبوتية تماما .
كما قال سبحانه : " فَأَتَمَّهُنَّ " [ البقرة / 124 ] فظهر بالامامة ، كما كانت الامامة الاولى للعقل الأول لكونه تلقى بكمال قابليته ما ذكر ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم وبختميته الجمع بين ملة العقل الأول التي انتهى إليها وملة إبراهيم عليه السلام ، فكان مرآة لجميع الصفات والأخلاق الإلهية المعنوية ومظاهرها ومصارفها كلها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
والإتمام انما يكون بالجمع بين معانيها وصورها حتى انه بالمصارف اظهر للصفات المذمومة كمالات صارت بها محمودة .

7 / 20 -  واما ما يختص الكعبة من هذه الاية وإبراهيم بلسان المطلع : فان الكعبة بيت صفة الربوبية بالاعتبارين : اعتبار مغايرة الاسم المسمى ، واعتبار عدم مغايرته له ، واليه الإشارة بقوله تعالى : " فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ " [ قريش / 3 ] وكذلك  صار مقام نفس بإنية الذي هو الخليل السماء السابعة ، فان النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ان مقامه هناك وانه مسند ظهره  الى البيت المعمور ، وانه للبيت بابان ، وانه يدخل كل يوم سبعون ألف ملك من باب ويخرجون من باب أخر لا يعودون اليه ابدا ، ونظير بيت المعمور من الإنسان من جهة بعض صفاته قلبه الصوري ، والملائكة أنفاسه يدخل لعبودية القلب الحقيقي وترويح مظهره الذي هو القلب الصوري ويخرج بصفة اخرى ،فهي في دخولها باردة وفي خروجها حارة ولا يعود اليه.

7 / 21 - وأشار صلى الله عليه وسلم في الصحيح ايضا في غير موضع الى ما يستدل به اللبيب ان حضرة اسم الرب السماء السابعة ، فمن ذلك ما ذكره في حديث القيامة : ان السموات تطوى وانه كل ما طويت سماء نزلت ملائكتها واصففت صفا واحدا ، وان الخلق يأتونهم فيسألونهم يقولون لهم :أفيكم ربنا ؟
فيقولون : لا ، هو آت.
فإذا طويت السماء السابعة ونزلت ملائكتها وهم اعظم واكثر عددا من ملائكة باقى السموات المطوية ، فيأتيهم الخلق سائلين ويقولون : أفيكم ربنا ؟
فيقولون : نعم ، سبحان ربنا ، فقولهم سبحان ربنا ، هو من أجل ما أسلفنا لك من ان الاسم من وجه عين المسمى ومن وجه غير المسمى  .

7 / 22 - فالبيت المعمور محل نظر الحق ومسمى الرب ، كما ان العرش مستوى اسم الرحمن وان الكرسي  مستوى اسم الرحيم والسماء السادسة مستوى الاسم العليم والخامسة مستوى الاسم القهار والرابعة مستوى الاسم المحيي والثالثة مستوى الاسم المصور والثانية مستوى الاسم البارئ والسماء الاولى مستوى الاسم الخالق .
واما قلب الإنسان الكامل الحقيقي فهو مستوى الاسم الله الذي هو للذات ، فلهذا أشار اليه : يوسعني .

7 / 23 -  ولما كان الحق من حيث أحديته الذاتية لا ينضاف اليه اسم ، وكانت الكعبة مظهر الاسم الرب ، فيجيب باعتبار ان الاسم عين المسمى ان لا يكون عند الكعبة زرع ، لان الزرع هاهنا ، كالاعتبارات والنسب والصفات الإضافية هناك ، اعنى بالنسبة الى وحدة الذات التي لها الاعتبار المسقط للاعتبارات كلها ، فحكم المناسبة المظهرية يقتضي ما ذكرنا من انه لا يكون عند الكعبة زرع اصلا .

7 / 24 - وكما ان اول لازم متعين من الذات هو علم الحق من حيث امتيازه النسبي لا من  حيث ان علمه عين ذاته ولا من حيث انه صفة زائدة على الذات وهذا التعين العلمي هو تعين جامع للتعينات كلها المعبر عنها بالأسماء والأعيان ، فالأشياء مرتسمة فيها ، اعنى في هذه النسبة العلمية ، وتتعلق بالمعلومات بحسب ما هي المعلومات عليه في أنفسها .

7 / 25 - كذلك اول ما تعين عند محل الكعبة ماء زمزم الذي هو مظهر العلم ، وكان سبب تعينه كمال الطلب والافتقار ، اللذين صار المتصف بهما محلا لنفوذ الاقتدار الإلهي الذي القلم صورته ، فظهر بالقبول والاقتدار ، وكانت هاجر مظهر القابلية وهي اللوح المحفوظ ، يعنى اكتب علمى في خلقى الى يوم القيامة ليس مطلق قابلية المرتبة الامكانية .

7 / 26 -  واما سر كون هاجر مملوكة : فهو من أجل ان القلم الأعلى من حيث تقدسه عن احكام الكثرة والإمكان بحيث لا يتعقل فيه من احكام الإمكان إلا حكم واحد ، وهو كونه في نفسه ممكنا وانه من حيث ما عدا هذا الاعتبار واجب باعتبار وجهه الذي يلي ربه ، بخلاف اللوح المحفوظ الذي قلنا ان هاجر من وجه مظهره ، فإنه محكوم للقلم بتمليك الحق إياه حيث جعله محلا للتأثير فيه ،فصار محكوما لمحكوم.
فالحرية للقلم مع ثبوت محكوميته لربه والمملوكية للوح فوجب ان يكون هاجر مملوكة لما ذكرناه فافهم .

7 / 27 - واما قول النبي صلى الله عليه وسلم : ماء زمزم لما شرب له .
وقوله ايضا : انه طعام طعم وشفاء سقم: ففيه سرّان عظيمان اما سر ماء زمزم لما شرب له : فذلك من أجل ان اكثر علوم الناس باللَّه هي ظنون ليست علوما محققة ، ولذلك قال تعالى : انا عند ظن عبدى بى فليظن بى ما شاء .

7 / 28 - واما سر كونه طعام طعم وشفاء سقم : فهو في حق من اطلع على سر القدر وتحقق بمعرفته تبعية القلم للعلم ، وانه واجب الوقوع ، فيفرح بوقوع الملائم ويريح نفسه ايضا من انتظار ما يعلم انه لم يقدر وقوعه ولا يحزن باطنه من الواقع غير الملائم ولا يتعرض.
واليه الإشارة بقوله : " ما أَصابَ من مُصِيبَةٍ في الأَرْضِ ولا في أَنْفُسِكُمْ إِلَّا في كِتابٍ من قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها " [ حديد / 22 ] .
وقوله : " لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ " [ حديد / 23 ] وقول انس عن النبي صلى الله عليه وآله انه ما قال له زمان خدمته إياه مدة عشر سنين لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم نفعله لم لم تفعله ، وانما كان يقول :  لو قدر لكان . فاعلم ذلك .

7 / 29 - واما سر " يُجْبى إِلَيْه ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً من لَدُنَّا ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ " [ القصص / 57 ] فهو صورة تبعية العلم للمعلوم وأخذ العالم العلم به منه ، وكذلك تعين الأسماء الإلهية من القوابل وبها تحقق اضافة الآثار الى الحق من حيثها ، وهذا السر محجوب عن اكثر الخلق ، فلذلك قال سبحانه :"ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ".

7 / 30 - والله لقد ظهر لي يومي هذا من العلوم والاسرار ما لو شرعت في تفصيل كلياته لما وفت ببيانه مجلدات كثيرة ، فاعرف ما أسست في هذا الفصل من الاسرار تستشرف على علوم جمة من جملتها - بعد غور - شيخنا رضى الله عنه كيف شرع في اول الفص بذكر الوحدة الذاتية والجمعية الاسمائية وذكر معنى الإيجاد وتوقفه بعد العلم على القبول والاقتدار ، هذا الى غير ذلك مما لا يكاد ينحصر من العلوم ، والله يقول الحق ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس سبتمبر 12, 2019 7:07 am عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثانية الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:47 am

الفقرة الثانية الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله 

الفقرة الثانية : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
هذا نص الحكمة الإسماعيلية ذكرها بعد حكمة إسحاق عليه السلام، لأن فيه تتمة لمبحث الربوبية ولمناسبة الأخوة بين إسحاق وإسماعيل عليه السلام.
"" أضاف الجامع : أن مقام إسماعيل عليه السلام كان الرضا يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري : " كان إسماعيل عليه السلام واقفا مع الله على مقام الرضى ، ولكنه لم يحب أن يدعي حال الرضى ، فإنه من أجل المقامات . فأخبر عن نفسه بحال اصبر ، فإن الصبر يوصف به الضعفاء والأقوياء .أهـ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (فص حكمة علية) بالتشديد أي منسوبة إلى العلو كما تقدم (في كلمة إسماعيلية) إنما اختصت حكمة إسماعيل عليه السلام بكونها علية لأنه عليه السلام أبو العرب ومن العرب نبینا صلى الله عليه وسلم وأخوه إسحاق عليه السلام أبو العجم .
والعرب أفضل من العجم خصوصا ونبينا عليه السلام منهم فعلو إسماعيل عليه السلام بذريته التي منها محمد صلى الله عليه وسلم مما لا يخفى.
ولهذا كان لسان أهل الجنة في الجنة اللسان العربي ونزل القرآن العظيم باللغة العربية إكراما لنبينا عليه السلام ومدح الله تعالى القرآن بذلك فقال :"قرءانا عربيا غير ذي عوج"[الزمر: 28].
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
(اعلم) أيها السالك في طريق القادر المالك (أن مسمی) اسم (الله)، أي الذات العلية المسماة بهذا الاسم في الشرع المحمدي (إحدى)، أي أحد غیر منقسم ولا يمكن فيه الشركة (بالذات)، أي بحسب ذاته العلية من حيث هو في غيبه الأزلي الأبدي (كل)، أي هو كل شيء من المحسوسات والمعقولات في الظاهر والباطن والغيب والشهادة في الماضي والآتي على معنى أنه كثير بسبب وجود الأسماء الكثيرة ولم يذكر الصفات، لأن الصفات هي الأسماء قبل  ظهورها بالآثار فإذا ظهرت بالآثار فهي الأسماء.
(وكل موجود) من المحسوسات المعقولات (فما له من الله) تعالى الذي هو الخالق للكل الجامع لجميع الأسماء (إلا ربه)، أي مالكه الذي توجه على إيجاده مدة وجوده بما شاء من حضرات أسمائه العلية كل لمحة باسم خاص يقتضي حالة بخصوصة هو عليها ذلك الموجود في تلك اللمحة (خاصة)، أي لا غير من بقية الأسماء الإلهية غير الرب وبقية الأسماء تظهر شيئا فشيئا في دولة اسم الرب لا استقلالا فالاسم الرب له جميع الأسماء الإلهية في وقت توجهه على كل موجود
ظهر في ذلك الموجود بما يشاء منها ونظيره في الظهور بجميع الأسماء أيضا الاسم الرحمن المستوي على العرش فالاسم الرب مستو على عرش وجود كل شيء وهو العرش الكريم والاسم الرحمن مستو على عرش وجود السموات والأرض وما بينهما وهو العرش المجيد والاسم الله الجامع لجميع الأسماء أيضا مستو على عرش العلم الإلهي استواء أزلية أبدية وهو العرش العظيم.
(مستحيل أن يكون له)، أي لكل موجود من الله تعالى (الكل)، أي كل الأسماء إذ الحادث ضيق عن سعة الأسماء الإلهية ، فلا يسع منها إلا اسما بعد اسم يظهر فيه من تحت حيطة الاسم الرب فكان الاسم الرب في حال ظهوره لابسة وكان كل اسم يظهر به حلة يلبسها الاسم الرب ويظهر بها على ذلك الموجود واللابس، في حلة يلبسها لا يتغير في نفسه فلكل شيء اسم الرب خاصة في حلة من حلل تلك الأسماء.
(وأما) بالحضرة (الأحدية الإلهية) التي هي مقام الذات العلية من غير اعتبار الأسماء الإلهية (فما لأحد) من المخلوقات أصلا (فيها قدم)، أي وجود وثبوت (لأنه)، أي الشأن (لا يقال لواحد منها)، أي اعتبار واحد من اعتباراتها (شيء)، اي موجود ثابت (ولآخر)، أي لاعتبار آخر (منها شيء) أيضا موجود ثابت (لأنها)، أي الحضرة الأحدية المذكورة (لا تقبل التبعيض) الاعتباري أصلا بخلاف الحضرة الواحدية فإنها تقبل الاعتبارات الكثيرة ولهذا صدر عنها كل شيء وحصلت الكثرة في مظاهرها فالكل شيء قدم فيها (فأحديته تعالى مجموع كله) سبحانه، أي أسماؤه وصفاته وأفعاله وأحكامه (بالقوة) وهو ذاته العلية لا من حيث اعتبار أصلا.
(والسعيد)، أي صاحب السعادة ضد الشقاوة (من كان عند ربه)، أي مالكه الذي يربيه بدر قیومیته من ثدي آثاره الكونية المجعولة أسبابا معایشه ومعاديه حتی بوصله إلى نهاية كماله (مرضيا)، أي مقبولا فاعلا ما هو المطلوب منه في تلك
الحضرة (وما ثم) بالفتح، أي هناك يعني في هذا الوجود من جميع المخلوقات (إلا من)، أي مخلوق ولم يقل ما تغليبا للعقلاء إذ هم المراد في هذا الكلام (هو مرضي)، أي مقبول قائم بما هو مطلوب منه (عند ربه)، أي رب ذلك المخلوق المتجلي عليه باسمه الرب من حضرة اسم إلهي خاص يقتضي ظهور أثر خاص في ذلك المخلوق وذلك المخلوق قابل لما هو مقتضى ذلك الاسم وظاهر به متصف بمقتضاه سواء كان خيرة أو شرة (لأنه)، أي ذلك المخلوق (هو الذي يبقي عليه)، أي على ربه صفة (ربوبيته)، أي الرب سبحانه فكيف لا يكون مرضيا عنده لما قدمناه من أن الربوبية والعبودية صفتان إضافيتان لا يعقل الاتصاف بأحدهما بدون الآخرة .
ولا يقال : هذا يقتضي حدوث صفة الربوبية للرب سبحانه بسبب حدوث صفة العبودية للعبد، لأنا نقول العبد في حضرة العالم الإلهي عبد موصوف بصفة العبودية قبل ظهوره في عالم الوجود والعبد الظاهر في عالم الوجود لا يتوقف عليه شيء أصلا بل يتوقف هو على غيره وهو إيجاد مولاه له (فهو)، أي ذلك العبد (عنده)، أي عند ربه (مرضي به) كيفما كان فالرب الظاهر المتجلي باسم المضل على عبده الضال راض عن عبده أيضا، لأنه فاعل ما هو مقتضى المطلوب منه في ذلك الاسم من الضلال فهو مرضي عنه في تلك الحضرة وإن كان مغضوب عليه من حضرة الاسم المهدي وغيره وهكذا.
(فهو)، أي ذلك العبد حينئذ (سعید) حيث كان مرضيا عنه؛ ولهذا قال تعالى : " كل حزب بما لديهم فرحون" [المؤمنون: 53].
وقال تعالى : "كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا " [الإسراء: 20]، وإذا كان سعيدا فلا يلزم أن يكون جميع السعادات سواء ولا كل سعید مجزية بما به يجزي ذلك السعيد الآخر بل ?ل .
اسم يتجلى به الاسم الرب على العبد له سعادة مخصوصة وكل سعادة لها جزاء مخصوص بل كل رضى لا يشبه الرضى الآخر والله واسع عليم.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
أي العلوم المنسوبة إلى المرتبة العلية حاصلة في روح هذا النبي عليه السلام شرع في بيان هذه العلوم فابتدأ بالاسم الجامع لكونه أعلى المراتب الاسماعيلية.
""يشرح هذا الفص بعض نواحي العلاقة بين الحق والخلق او بين الواحد والكثير وهو الموضوع الذي أشار إلى الأسماء الإلهية التي يطلق عليها اسم الأرباب وما يقابل هذه الأسماء مظاهر العالم العالم الخارجي وهي يطلق عليه اسم العبيد.""
بقوله: (اعلم أن مسمى الله تعالى أحدي بالذات) أي لا كثر في ذاته (كل بالاسماء) أي كل مجموع يجمع الأسماء والصفات فكان لمسمى الله أحديتان :  الذاتية والاسمائية
فيسمى الأحدية الذاتية بالأحدية الإلهية والأحدية الأسمائية بمقام جمع الأسماء (وكل موجود فما له) أي فما لكل واحد من أفراد الإنسان (من) مسمى (الله تعالی) باعتبار ?ونه ?لا بالأسماء ."كل الأسماء له"
(إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل) لذلك قال النبي عليه السلام: "رأيت ربي"  ولم يقل : "رأيت رب العالمين"  وإن كان حقيقته وروحه الأعظم مربوبا الكل إلا أنه بوجوده الحسي واستعداده الجزئي له رب خاص فوق سائر الأرباب. وكذلك سائر الأنبياء عليهم السلام يتنوع فيهم الكل بحسب استعدادهم فلا يمكن لأحد من هذا الوجه لكل من حيث هو كل .
(وأما الأحدية الإلهية) وهي الأحدية الذاتية التي يشير إليها بقوله: أحدي الذات (فما لواحد) من الأسماء (فيها قدم) أي وجود فليس لها الربوبية لأحد فكانت خارجة عن قوله عليه السلام : "من عرف نفسه فقد عرف ربه"  فلا تعرف بمعرفة النفس بل يعرف ما له الربوبية وبعد ذلك تعرف هذه الأحدية الإلهية عن كشف إلهي .
وإنما لم يكن لواحد من الأسماء فيها قدم (لأنه لا يقال لواحد منها) أي من الذات الأحدية (شيء ولآخر منها شيء) .
حتى يتعين الأسماء فيها بالوجود المنعين الذي يتميز به كل منها عن الآخر .
وانما لا يقال هذا القول في حقها (لأنها) أي لأن الأحدية الإلهية (لا تقبل التبعيض) حتى يقال لها هذا الكلام (فأحديته مجموع كله بالقوة) .
والضمير الأول راجع إلى مسمى الله والثاني إلى الأسماء باعتبار الاتحاد في هذه الأحدية .
فمعناه فأحدية مسمى الله ما كان كل الأسماء مجموعة فيه بالقوة فباعتبار جمعية الأسماء في مسمى الله بالقوة يسمى أحدي بالذات وباعتبار جمعيتها فيه بالفعل كل بالأسماء (والسعيد من كان عند ربه مرضيا وما ثمة) أي وما في العالم من العباد (إلا من هو مرضي عند ربه) وما في العالم شقي من هذا الوجه بل كله سعيد وإن كان بعضه شقية وبعضه سعيدأ من وجه آخر وإنما كان كل العباد مرضيا عند ربهم الخاص بهم (لأنه الذي يبقى عليه ربوبيته) أي ربوبية الرب.
(فهو) أي الذي يبقى عليه ربوبية ربه (عنده) أي عند ربه (مرضي) لبقاء ربوبيته عليه فإذا كان مرضيا (فهو سعيد) والمراد من هذا الكلام إظهار عموم معنى السعادة المستورة عن إدراك أهل الحجاب لا السعادة النافعة المعتبرة عند الله.  


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة. والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
قلت : قوله رضي الله عنه: أن مسمى الله تعالى أحدي بالذات، يعني أن ذاته منزهة عن التكثر باعتبار ما هي ذات ليس معها غيرها ولا اسم لها بهذا الاعتبار ولا صفة ولا فعل وهذا هو ثابت لها من حيث تثبت.
وقولنا في هذا الاعتبار مسمى الله هو قول للضرورة وإلا فلا يطلق عليها هذا الاسم ولا غيره ولا يقال لمن ينطق به: أنه س?ت عن معنى قابل للنطق فهذا هو الذي ينبغي أن يفهم من قوله، رضي الله عنه: أنه أحدي بالذات.
وأما قوله: كل بالأسماء، فينبغي أن يفهم منه أنه لو كانت أسماؤه متناهية العدد بالفعل لقيل: أنه كل بالأسماء، وسكت، رضي الله عنه، عن بيان هذا الشرط، وسبب هذا الاشتراط عدم تناهي أسمائه بالفعل فكيف بالقوة وما لا يتناهی لا يقال فيه كل، لكنا مع علمنا أن ما لا يتناهي بالعدد لا يكون له كل، فإنا لا ننفي" أن يكون فيه ما له كل وبعض، فإن ما لا يتناهي ففيه المتناهي فباعتبار التناهي المذكور ينسب إليه الكلية والبعضية.
وإنما قال الشيخ رضي الله عنه، ذلك مع أن نصيب كل موجود من وجود الله تعالی غیر نصيب الآخر بالعدد لأنه إنما اعتبر حقيقة الأحدية كما مثلناه من أن المائية لا تختلف في النقطة والبحر.
قوله: فأحديته مجموع كله بالقوة.
قلت: ينبغي أن يفهم من قوله: مجموع كله، ما به یشترك المجموع أو ما به يشترك الكل من الوجود الأحدي، وإلا فظاهر المجموع والكل ينصرف إلى التعداد وليس ذلك هو المقصود، بل المقصود ما به يتحد المعدود كالذهبية في الدنانير المعدودة، لأن مثل هذا هو أحدية الجمع لا الجمع.
والمقصود هنا إنما هو الأحدية ثم أخذ، رضي الله عنه، في ذكر إسماعيل وكونه كان عند ربه مرضيا كما ورد في الكتاب العزيز، فذكر كلاما حاصله أن كل أحد سعيد لأنه عند ربه مرضي.
قوله: هو الذي يبقي عليه ربوبيته، يعني أن العبد هو الذي يبقى على ربه" ربوبیته بحقيقة عبوديته، فالعبد بذلك عند ربه مرضي.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 -  فصّ حكمة عليّة في كلمة إسماعيلية
قال رضي الله عنه : ( اعلم أنّ مسمّى الله أحديّ بالذات ، كلّ بالأسماء ) .
قال العبد : يعني رضي الله عنه : أنّ المسمّى بالله في ذاته واحد أحد ، له أحدية جمع قهرت وغلبت الجمع ، فكان أحديا بالذات .
فهو وإن كان بالذات أحديّا لكنّه واحد ، وله نسب ذاتية كثيرة ، فإنّه نصف الاثنين ، وثلث الثلاثة ، وربع الأربعة وغير ذلك من النسب التي لا تتناهى ، والواحد عين الكلّ في الوجود والكلّ فيه واحد ، فهو كلّ بهذه النسب ، لأنّه أحدية جمع الجمع ، فهو بذاته كامل الذات بالذات .
قال رضي الله عنه : ( فكلّ موجود ماله من الله إلَّا ربّه خاصّة ، يستحيل أن يكون له الكلّ ) .
يريد رضي الله عنه : أنّ الموجودات كلَّها وإن كانت تحت ربوبية الله وإلهيته والله هو ربّ الأرباب ، ولكن كل جنس جنس ، ونوع نوع ، وشخص شخص ، له حصّة خاصّة من مطلق ربوبية الله .
تربّيه وتقوم له بربوبية خاصّة لا تصلح لا تصلح إلَّا لذلك الموجود المخصوص ، كالربوبية الظاهرة من مطلق ربوبية الله للنيّر الأعظم مثلا وعليه وفيه وبه ربوبية بالملك والألوهة والسلطنة والغلبة والنور والحياة والتسخير وما يلائم ويشاكل هذه الحقائق ، والتي تختصّ بالمرّيخمثلامن العلويات ربوبية القهر والغلبة والشدّة والاستعلاء والقتل والفتك والإحراق والظلم والجور وما شاكل ذلك .
فهذه حقائق قامت بربوبية المرّيخ ، تستدعي من الله تعيّن الربوبية بالنسبة إليه فيه وعليه من حضرة الاسم : القادر ، القويّ ، القاهر ، الشديد ، الغالب ، ومنه وفي المخلوقات المنسوبة إلى فلكه الغالب على أمزجتهم وأخلاقهم وأفعالهم وآثارهم ما ذكرنا من الحقائق ، فافهم إن شاء الله.
وكذلك الربوبية الخصيصة بالمشتري ، فأرواح ذلك وملائكته بخلاف جميع ما ذكر في المرّيخ من العلم والحلم والصلاح والعفّة والرحمة والرأفة واللطف والطاعة لله والعبادة وما شاكل ذلك ، فيتعيّن من مطلق الربوبية لكلّ واحد من المربوبين العلويات والسفليات ربوبية خاصّة ، وهي حصّة من مطلق الربوبية ، فإنّ ذلك الموجود من النوع أو الشخص الإنساني مظهر لله ربّ العالمين من حيث تلك الربوبية الخاصّة ، وهو لها كالتمثال والصورة الظاهرة ، فإن عبد فهو حجابية ذلك الاسم وصورته ، والحق من حيث ذلك الوجه ربّه .
قال رضي الله عنه: (فلكل شخص اسم هو ربّه ذلك الشخص جسم وهو قلبه فيستحيل أن يكون لكل واحد واحد مجموع ما للربوبيّة الكلَّية الإلهية الأحدية الجمعيّة . )
قال رضي الله عنه : (وأمّا الأحدية الإلهية فما لأحد فيها قدم ، لأنّه لا يقال لواحد منها : شيء ، ولآخر منها : شيء ،لأنّها لا تقبل التبعيض).
يعني رضي الله عنه: أنّ الأحدية الذاتية القائمة بمسمّى الله لا تنقسم ولا تتبعّض ولا تتجزّأ ، فهي الذات الأحدية الجمعية .
قال رضي الله عنه: ( فأحدية الله مجموع كلَّه بالقوّة ) .
يعني رضي الله عنه: أنّ جميع الربوبيات المتعيّنة في جميع المربوبين من جميع الحضرات الإلهية الأسمائية في الأحدّية الذاتية الإلهية بالقوّة والإجمال ، قد تفصّلت فيهم وبهم بالفعل .
قال رضي الله عنه: ( والسعيد من كان عند ربّه مرضيّا ، وما ثمّ إلَّا من هو مرضيّ عند ربّه ، لأنّه الذي يبقي عليه ربوبيّته ، فهو عنده مرضيّ ، فهو سعيد ).
ولهذا قال سهل رضي الله عنه: إنّ للربوبية سرّا وهو أنت يخاطب كلّ عين عين لو ظهر لبطلت الربوبية .
فأدخل عليه « لو » وهو حرف امتناع لامتناع ، فهو يعنى ذلك السرّ لا يظهر فلا تبطل الربوبية ، لأنّه لا وجود لعين إلَّا بربّه ، فالعين موجودة دائما ، فالربوبية لا تبطل دائما " .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 -  فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
إنما خصت الكلمة الإسماعيلية بالحكمة العلية ، لأن العلو صفة الأحدية والتكثير وهي ما يتكثر بالجمعية الأسمائية لم تكن مصدرا للعالم ولا للإنسان ، فلا بد لتكثير صفة الأحدية الذي هو الاقتدار المحض من القبول ، كما ذكر من تكثر الأحدية بالنسب الأسمائية بسبب
أعيان العالم التي لها القابلية المحضة ، وقد وصف الله تعالى إسماعيل في كلامه بالصفتين الدالتين على كماله بهما ، أي العلو وكونه مرضيا ، فإن الرضاء عنه قابليته بصفة الاقتدار المستلزم للعلو .
""إضفة بالي زادة :  أرسل الله إسماعيل إلى قبائل اليمن والعماليق ، ثم مات بمكة وعمره مائة وسبع وثلاثون سنة ، ودفن عند أمه هاجر بعد وفاة أبيه إبراهيم بثمان وأربعين سنة ، وكان له اثنا عشر لذا أهـ""
ولما كان ممد هذا الفص هاتين الصفتين ، بنى الكلام على بيان مسمى الله الواحد بالذات المتكثر بالأسماء فقال : ( اعلم أن مسمى الله أحدىّ بالذات كلّ بالأسماء ) أي أنه تعالى من حيث ذاته أحد لا كثرة فيه باعتبار ما ، لكن له باعتبار الألوهية المقتضية للمألوه نسب كثيرة غير متناهية ، كنسبة الواحد إلى الأعداد بالنصفية والثلثية وغيرهما مما لا يتناهى فهو واحد بهذه النسب ، كل في الوجود بالأسماء أي النسب والكل فيه واحد فله واحد فله أحدية جميع الجميع بقهر أحديته بالوجود الوحداني كثرة الجميع .
"" إضافة بالي زادة : (كل بالأسماء ) أي كل مجموعى يجمع الأسماء والصفات ، فكان لمسمى الله أحديتان الذاتية والأسمائية ، تسمى الأول بمقام جميع الأسماء ، والثانية بالأحدية الإلهية اهـ بالى زادة . ""
وهو كامل بالذات غنى عن الغير إذ لا غير ( وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل ) أي كل موجود نوعي أو شخصي ، وإن كان تحت المطلقة الربوبية الإلهية ، فله ربوبية خاصة تختص به من الله رب العالمين .
ولله فيه وجه خاص هو ظهوره تعالى بالاسم الذي يربه به والحق من حيث ذلك الوجه ربه ، ولذلك كان كل شيء سواء كونه علويا أو سفليا مختصا بخاصية لا يشارك فيه غيره ، فله رب خاص هو الذات باعتبار الاسم المخصوص بذلك الشيء .
وهو مظهر لذلك الاسم كأنه تمثال له : أي حجابية ذلك الاسم وصورته الظاهرة ، ويستحيل أن يكون الكل من حيث هو كل لكل واحد ، فينحصر جميع ما للربوبية الجمعية الإلهية فيه.
"" إضافة بالي زادة :  ( فكل موجود فما له ) أي فما لكل واحد من أفراد الإنسان من مسمى الله باعتبار كونه كلا بالأسماء ( إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل ) لذلك قال عليه الصلاة والسلام « رأيت ربى » ما قال رب العالمين وإن كان روحه مربوبا للكل ، فبوجوده الحسي له رب خاص. أهـ بالي زادة ""
قال رضي الله عنه : ( وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم ، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء ، لأنها لا تقبل التبعيض ، فأحديته مجموع كله بالقوة ) أي لا يمكن أن يكون لأحد من الموجودات في الأحدية الإلهية الجمعية قدم ، لأنها لا نتجزأ ولا تتبعض فيكون لكل واحد منها شيء فلكل اسم ربوبية خاصة .
"" إضافة بالي زادة : ( وأما الأحدية الإلهية ) الذاتية التي يشير إليه إحدى بالذات ( فما لواحد ) من الأسماء ( فيها قدم ) أي وجود فليس لها الربوبية لأحد فكانت خارجة عن قوله « من عرف نفسه عرف ربه » فلا تعرف بمعرفة النفس بل تعرف بمعرفة النفس ما له لربوبية ، وبعد ذلك تعرف هذه الأحدية الإلهية عن كشف إلهي ، وإنما لم يكن لواحد من الأسماء فيها قدم ( لأنه يقال لواحد منها ) أي من الذات الأحدية ( شيء ولآخر منها شيء ) حتى تعين الأسماء فيها بالوجود المتعين الذي يتميز به كل منها عن الآخر اهـ ( فأحديته مجموع كله بالقوة ) الضمير عائد إلى مسمى الله فمعنا أحدية مسمى الله كون المجموع بالفعل في مسمى الله مجموعا فيه بالقوة فباعتبار جمعية الأسماء في مسمى الله بالقوة يسمى أحديا بالذات ، وجمعيتها فيه بالفعل يسمى كل بالأسماء اه . والمراد من هذا الكلام إظهار عموم معنى السعادة المستورة عن إدراك أهل الحجاب ، لا السعادة النافعة المعتبرة عنه الله اهـ بالى زادة . ""
وجميع الربوبيات المتعينة في جميع المربوبين من جميع الحضرات الإلهية الأسمائية في الأحدية الذاتية بالقوة والإجمال ، وقد تفصلت فيهم وبهم بالفعل كقوله :
كل الجمال غذاء وجهك مجملا لكنه في العالمين مفصل
قال رضي الله عنه : ( والسعيد من كان عنده مرضيا ، وما ثم إلا من هو مرضى عند ربه لأنه الذي تبقى عليه ربوبيته ، فهو عنده مرضى فهو سعيد ) أي السعيد من اتصف بكمال من كمالات ربه ولا يتصف بكمال ما إلا من هو قابل له ، وكل قابل مرضى عند ربه المخصوص به إذ لو لم يرضه لم يربه ، فما في الحضرة الربوبية إلا من هو مرضى عند ربه ، لأنه الذي تبقى عليه ربوبيته ، لأن الربوبية موقوفة على قابلية المربوب لامتناعها بدون المربوب ، والمربوب لا يكون إلا قابلا فكل قابل سعيد.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
وإنما أسند الحكمة (العلية) إلى كلمة (إسماعيلية)، لأن الحق تعالى جعله مظهر الاسم (العلى). لذلك كانت همته عالية، وكان صادق الوعد بالوفاء
مع الحق في العهود السابقة والعقود اللاحقة. ولكونه عليا بالمرتبة، (كان عند ربهم رضيا).
أو لكونه، عليه السلام، وعاء لروحانية نبينا، صلى الله عليه وسلم، الذي هو مظهر الذات الجامعة ولها العلو الذاتي، قارن بين الحكمة العلية وبين كلمته.
ولما كان (العلى) اسما من أسماء الذات، شرع رضي الله عنه في بيان مرتبتها ، وهي أحديتها بحسب الذات، وكليتها بحسب الأسماء والصفات - في حكمته.
و أيضا وصفه الحق بكونه (عند ربه مرضيا) وليس إلا الاسم الذي يربه، فشرع في تقرير أحدية الذات وكثرة الأسماء والصفات التي هي الأرباب، ليكون كلمن الموجودات عند ربه مرضيا. فقال:
قال رضي الله عنه : (اعلم، أن مسمى الله أحدي بالذات، كل بالأسماء). أي، لا كثرة في ذاته تعالى بوجه من الوجوه، بل هي أحدية الذات.
ولهذه الذات وجوه غير متناهية يجمعها الألوهية المقتضية للأسماء والصفات.
وهي المراد بقوله: (كل بالأسماء) أي، كل مجموعي بالنظر إلى الأسماء والصفات، فإن الحضرة الإلهية هي الذات مع جميع الصفات والأسماء.
قال رضي الله عنه : (وكل موجود فماله من الله إلا ربه خاصة، يستحيل أن يكون له الكل. ولكل شخص اسم هو ربه. وذلك الشخص جسم، وهو قلبه).
أي، كل واحد من الموجودات العينية، غير الحقيقة الإنسانية، ليس له من مسمى الله باعتبار كونه كلا مجموعيا، إلا الاسم الذي يربه خاصة، وهو الوجه الخاص من الوجوه الإلهية. ويستحيل أن يكون له كل الأسماء والوجوه. وذلك لأن كل موجود مظهر لاسم معين، كليا كان أو جزئيا.
وذلك الاسم هو الذات مع صفة من صفاتها، لابحسب كل الصفات، فيكون ربه اسما خاصا، وإن كان الله باعتبار أحدية ذاته رب هذه الأرباب.
قال رضي الله عنه : (وأما الأحدية الإلهية فما لأحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شئ والآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض).
ليس المراد بـ (الأحدية الإلهية) مقامجمع الوجود المعبر عنه بقوله: (كل بالأسماء)، وإلا يلزم بطلان قوله: (وكل موجود، فماله من الله إلا ربه خاصه).
بل المراد (الأحدية الذاتية).
ومعناه: لوكان في الأحدية الذاتية لواحد قدم، لزالت الأحدية، لأنها إنما تكون باستهلاك جميع الأشياء فيها، فلا يجوز أن يكون لواحد منها شئ ولآخر منها شئ لاستهلاك جميع الأسماء والصفات ومظاهرها فيها.
والهوية الإلهية، من حيث هي هي، أيضا في كل واحد من الموجودات، فلا يصدق عليها أيضا أنه لواحد منها شيء ولآخر منها شئ، وإلا يلزم أن يتبعض ويتجزى  
قال رضي الله عنه : (فأحديته مجموع كله بالقوة) بإضافة المجموع إلى (الكل).
أي فأحدية مسمى الله عبارة عن كون مجموع كل الأسماء التي هي الأرباب المتعينةبالقوة في الذات الإلهية.
وتذكير ضمير (كله) باعتبار المسمى، إذ الأسماء عين المسمى باعتبار.
ويمكن أن يقال: (فأحديته مجموع) جملة، على أن المجموع مرفوع غيرمضاف، و (كله بالقوة) جملة أخرى، والضمير عائد إلى (المجموع).
ومعناه: فأحدية مسمى الله من حيث الأسماء والصفات عبارة عن مجموع الأرباب المتعينة، وكل ذلك المجموع بالقوة في أحدية الذات الأحدية، فالأحدية هنا مغائر لأحدية الذات، لأنها حينئذ أحدية الجمع المسماه بـ (الواحدية) وأحدية الذات أحدية جمع الجمع. والأول أنسب.
قال رضي الله عنه : (والسعيد من كان عند ربه مرضيا. وما ثم إلا من هو مرضى عند ربه، لأنه الذي تبقى عليه ربوبيته، فهو عنده مرضى، فهو سعيد .)
لما بين أن لكل واحد من الموجودات ربا خاصا يربه يخصه، وهو نصيبه على حسب قابليته من رب الأرباب، شرع في بيان أن الكل سعيد عند ربه.
لأن السعيد إنما يطلق على من كان عند ربه مرضيا، وكل من الموجودات مرضى عند ربه، لأن كل ما يتصفبه ذلك الموجود من الأخلاق والأفعال فهو من الرب المتصرف فيه بالحقيقة، وهو راض عن فعله ومقتضاه، إذ لو لم يرض، لما صدر منه ذلك، لأنه غير مجبور فيه.
وإنما أظهر العبد بقابليته كمالاته وأفعاله، فيكون مرضيا عنده وسعيدا.
وإنما يتميز السعيد من الشقي، لأنه يعرف أن الأمر كذلك، فسعادته بعلمه ومعرفته.
ومن لم يعرف ذلك، وأضاف الأفعال إلى القوابل، بعد عن الراحة العظمى المثوبة الحسنى، فشقي، فشقاوته بجهله وعدم عرفانه.
وضمير (لأنه) يجوز أن يعود إلى (الرب). أي، لأن الرب هو الذي يبقى على مربوبه ربوبيته بإفاضتها عليه دائما. ويجوز أن يعود إلى (المربوب).
أي،لأن المربوب هو الذي يبقى على نفسه الربوبية بالقبول والاستفاضة من حضرة ربه. والأول أولى.
وما ذكره هو الشكل الأول من أشكال المنطق.
كما نقول: كل من الموجودات مرضى عند ربه، وكل من يكون مرضيا عند ربه، فهو سعيد، تنتج: أن كل واحد من الموجودات فهو سعيد.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة مايو 31, 2019 2:35 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:48 am

الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله 

الفقرة الثانية : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)

الفص الإسماعيلي
07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
قال رضي الله عنه : ( أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. و كل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. و أما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شي ء و لآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة. و السعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد. و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع )
""خصت الكلمة الإسماعيلية بالحكمة العلية لما شرف الله سبحانه إسماعيل عليه السلام بقوله: "وجعلنا لهم لسان صدق عليا" [مريم: 50]""
أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالعلم الذاتي المستجمع لسائر وجوهه، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إسماعيل عليه السلام ، إذ كان عند ربه مرضا لرضا الذات عنه المستلزم رضا جميع الأسماء .
بخلاف رضا بعض الأسماء؛ فإنه لا يستلزم رضا الذات على الإطلاق، ولا رضا ما يباينه من الأسماء، ورضا الذات عنه لظهور علوها فيه، من حيث إنه وعاء للكمال المحمدي الغالب فيه نور الذات على نور الأسماء، فرضي عنه الذات وجميع الأسماء.
ولذلك قال: (اعلم أن مسمى الله) أي: مفهوم هذا الاسم الجامع للذات وجميع الأسماء هو الراضي عن إسماعيل عليه السلام لظهور علوه الذاتي والأسمائي فيه.
وذلك لأنه (أحدي بالذات) فلا اعتبار لأمر آخر معها، فلا يكون لها على إضافي مع أنها كاملة بالذات.
فعلوها ذاتي (كل بالأسماء) التي أحاطت بالموجودات، فلا يخرج عنها من علوها بشيء، فظهور العلو فيه بوجوهه موجب للرضا الكلي عنه، وإن لم يكن مظهرا للذات، ولا لجميع الأسماء.
أما الثاني فلأن (كل موجود فما له من الله) أي: من جملة الأسماء الداخلة تحت حيطته (إلا) اسم هو (ربه خاصة) جزئي أو كلي، يكون له الغلبة (يستحيل أن يكون له الكل لاقتضابه عليه الأمور المتقابلة في شيء واحد باعتبار واحد.
وأما الأول؛ فلما أشار إليه بقوله: (وأما الأحدية الإلهية) أي: الذات من حيث هي منشأ الأسماء، أشار بذلك إلى أنه كما لا يمكن ظهورها من حيث هي ذات هي منشأ الأسماء لا غير، (فما لواحد) من الموجودات (فيها قدم) إذا ليس معها من الأسماء شيء بالفعل من حيث هي منشأ لها، فهي على غناها عن العالمين، وإنما لم تكن معها الأسماء بالفعل؛ لأنها لو تحققت بالفعل لكانت أشياء لكنه باطل؛ (لأنه لا يقال لواحد فيها بشيء، ولآخر فيها بشيء)، وإلا كانت الكثرة مجتمعة في الذات بالفعل لكنه باطل.
(لأنها لا تقبل التبعيض) كما عرفت في علم الكلام، وإلا لزم التركيب المنافي للوجوب الذاتي، فكانت الأسماء فيها بالقوة من حيث هي منشأ لها، فهي عينها هناك.
وإن كانت قابلة للتمييز (فأحديته مجموع كله بالقوة) فطلبت الأسماء متميزة عنها بالفعل وذلك باعتبار آثارها المتوقفة على اعتبار مظاهرها، وذلك يوجب الكمال والسعادة والرضا عنها.
ولذلك قال: (والسعيد من كان عند ربه مرضا)؛ لأنه إنما يرضي عند رؤية كماله فيه، وهو سعادة للظاهر والمظهر، ولما كان المتعارف اختصاصها ببعض المظاهر، والمقصود التعميم.
قال: (وما ثم) أي: في الواقع (إلا من هو مرضي عند ربه) الخاص به من الأسماء الإلهية (لأن الذي يبقي عليه ربوبيته) بظهوره فيه متميز عن سائر الأسماء، أو لا ربوبية للاسم الخاص بدون التميز وبقاء ربوبيته كمال له (فهو) أي مبقي ربوبيته (عنده مرضي) وإن لم يكن مرضيا عند رب أخر، وكل مرضي عند ربه (فهو سعيد) بالنظر إليه، وإن كان شقا بالنظر إلى غيره، فالسعادة المكتسبة من الاسم الجليل والنهار والمنتقم لا تفيد السعيد إلا الحجاب والقهر والانتقام.

نعم لما كان الجلال عاشقا للجمال المحبوب الجمال محبوب الجلال، ومحبوب الحلال بنفسه ليس بمحبوب له بالنظر إلى محبته للجمال، فالإيمان محبوب مطلق، والكفر غير مرضي مطلقا بهذا الاعتبار.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة. 
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)

07 -  فصّ حكمة كليّة في كلمة إسماعيليّة
كأنك قد اطَّلعت على أن للسير الوجوديّ والحركة الإيجاديّة نحو تمام الظهور والإظهار - التي مبدؤها من التعيّنات التي بها يثبت للعبد عين وجوديّة هو العقل الأوّل.
سريانين : أحدهما ينتهي عند تمام ظهور الكثرة ، كما في الفلك الثامن  .
والثاني عند تمام الإظهار ، وهو المبتدي من العنصر الأعظم  الذي حصل العقل من التفاتته ، المنتهي ببعض الوجوه إلى آدم ، وبسائرها إلى الخاتم .

وجه تسمية الفصّ
ثمّ إذ قد تذكَّرت هذا الترتيب لا يخفى عليك حينئذ وجه مناسبة الكلمة الإبراهيميّة بالعقل - حيث أنّه بها يثبت للعبد عين - ومناسبة أول السريانيين المنشعبين منه بإسحاق من حيث تولَّد الأنبياء والرسل المتكثّرة منه ، والثاني منهما بإسماعيل من حيث تولَّد الخاتم منه .
ولا يخفى أيضا منه وجه اختصاص كلمته بالعلوّ ، فإنّها وإن كانت منشعبة من الكلمة الإبراهيميّة ، إلَّا أنّ استمدادها من العنصر الأعظم بالاستقلال ونسبتها إلى الذات أقرب وأعلى .
وهاهنا تلويح يكشف عن تحقيق ما قلنا : وهو أنّ أوّل ما يتقوّم به الألف هو النقطة نفسها ، ثمّ تعدّدها وتكثّرها - فإنّ ذلك هو المادّة له - ثمّ الصورة الجمعيّة التي بها يتحصّل الألف ، وهذا هو الذي بإزاء الكلمة الإسماعيليّة ، كما أنّ الأوّلين هما اللذان بإزاء الكلمتين الإبراهيميّة والإسحاقيّة.
ومن تفطَّن في  إسماعيل على ما اومي إليه في المقدّمة  تفطَّن إلى ما يرشده إليه .
ثمّ إذ قد تبيّن أنّ الكلمة الإسماعيليّة لتضمّنها أمر صلوح الوالديّة المذكورة ، تضمّن الكلمة الآدميّة أمر الوالديّة الكبرى .
ولها نسبة إلى المبدأ ، وقربة خاصّة إلى الذات منها يستمدّ العاملون : لا بدّ وأن تكشف عن أمر تلك النسبة الحاكمة على تسمية أحدهما بالربّ ، والآخر بالعبد - كشف الكلمة الآدميّة عن النسبة المسمّية أحدهما بالإله ، والآخر بالمألوه - فلذلك أخذ في تبيين أمر تلك النسبة و الفحص عن مبدأ ربطها وتأثيرها في الحضرات قائلا :
( اعلم أنّ مسمّى « الله » أحديّ بالذات ) لما سلف لك في المقدّمة أنّ الأحديّة أوّل ما يلزم الإطلاق والوحدة الحقيقيّة - ( كلّ بالأسماء ) لأنّه بالعلم والكلام يتحقّق الكلمة ،والكلام هو الكلّ .
وهاهنا تلويح - وهو إنّه كما أنّ « الكلّ » هو الكلام ،كذلك « الأحد » هو القلب .
وإنّما لم يقل « أحد » لأنّ اعتبار معنى التسمية يأبى إطلاق ذلك الاسم عليه إلَّا بضرب من الاشتقاق والنسبة .
ثمّ إنّ تحقيق أمر النسبة - على ما هو بصدده - إنّما يتصوّر بعد تبيين المنتسبين ، وإذ قد بيّن الأوّل شرع في الثاني منهما بقوله :
( وكلّ موجود ، فما له من الله إلَّا ربّه خاصّة يستحيل أن يكون له الكلّ ) لأنّ العين الواحدة المتشخّصة - من حيث أنّها كذلك - لا يمكن أن تكون تحت تربية الأسماء المتقابلة ، موردا لوفود أحكامها المتناقضة ، فإنّ كلَّا منها ظلّ لاسم خاصّ متشخّص بذلك التشخّص الذي تشخّصت به العين ولكن في الحضرة الأسمائيّة .

الأحدية والواحدية
( وأمّا الأحديّة الإلهيّة فما لواحد فيها قدم ) حيث أنّ الواحد منشأ النسب والأحديّة مسقطها ، فلا يمكن أن يكون للأعيان الواحدة فيها قدم ( لأنّه لا يقال لواحد منها شيء ، ولآخر منها شيء ، لأنّها لا يقبل التبعيض ) وإلَّا كانت موردة للنسب .
( فأحديّته مجموع كلَّه بالقوّة ) ولا يخفى أنّه إذا كان الكلّ بالقوّة تكون الجمعيّة التي بين أفراد ذلك الكلّ أحرى بأن تكون بالقوّة ، فلا يرد أنّ إثبات معنى المجموعيّة للأحديّة ينافي ما اتفقوا عليه من أن الأحديّة تنفي النسب كلَّها .
وذلك لأنّ نفي النسب وإسقاطها يتصوّر على وجهين :
أحدهما أن يكون لذوي النسب وجود خارج ما أسقط عنه نسبهم - وهو غير متصوّر هاهنا .
والثاني أن يكون مجموع ذوي النسب مندمجا فيما أسقط عنه ، متّحدا به : فهو أحديّ بالفعل ، كلّ بالقوّة  ، وهو المقصود هاهنا .


الربوبيّة والعبوديّة
ثمّ إنّك قد عرفت أن النسبة - حيث كانت حاكمة على طرفيها المنتسبين إليها مسمّية لهما فهذه النسبة قد سمّى الكلّ من طرف الحقّ : « ربّا » .
والعين من طرف الكون : « عبدا » - في نظر العامّة.
وفي شهود الكمّل والخواصّ : « سعيدا » .
وإلى ذلك أشار بقوله :" والسعيد من كان عند ربّه مرضيّا - وما ثمّ إلَّا من هو مرضيّ عند ربّه ، لأنّه الذي يبقي عليه ربوبيّته فهو عنده مرضيّ ، فهو سعيد"
أي سرّ الربوبيّة امتياز العين المعدومة بنفسها واختصاصها بالمخاطبة منك ، مع أنّه لا وجود له إلَّا بربّه ، فلو ظهر ذلك السرّ ، وبان عدمه على ما هو عليه لا يصلح لاختصاصه بالمخاطبة.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)


الفص الإسماعيلي
07- فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أن مسمى الله أحد بالذات، گل بالأسماء. فكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل .)
إنما وصف الحكمة المنسوبة إلي إسماعيل عليه السلام بكونها علبة لما شرف الله تعالى إسماعيل به من قوله : "وجعلنا لهم لسان صدق عليا" [مريم: 50]، ولأنه كان صادق الوعد وذلك دليل على علو الهمة، ولأنه كان مرضية عند ربه وذلك مقام عالي ، ولأنه كان وعاء للوجود المحمدي المعتلي على الموجودات كلها.
ولما كان إسحاق من ولدي إبراهيم عليهم السلام أبا لأنبياء كثيرين وإسماعيل أبا خاتم الأنبياء وللخاتم التأخر في الوجود وإن كان متقدمة في الرتبة أخر الكلمة الإسماعيلية عن الإسحاقية.
وحيث كان المذكور في شأنه عليه السلام صفتين :
1 - صفة العلو
2 - وصفة الرضا
و محتدهما من الجناب الإلهي نسبتان :
1 - الوحدة الذاتية
2 - والجمعية الأسمائية .
أشار إليهما بقوله : (اعلم أن مسمى) الاسم (الله أحدي بالذات)، أي لا كثرة فيه من حيث ذاته.
وإنما قال : أحدي لا أحد مبالغة في أحديته كالأحمري لأنها صفة سلبية لا تقتضي معنى زائدة على الذات فأحديته بحيث ليس فيه أثنينية الصفة والموصوف
(?ل) مجموعي إذا لوحظ منقيدة (بالأسماء) وهذه المرتبة الإلهية المسنجمعة لجميع الأسماء والصفات، والتمييز بين هاتين المرتبتين إنما يكون بحسب التعقل فحسب وأما بحسب الخارج فليس إلا الوحدة الصرفة التي ليس فيها شائبة كثرة أصلا.
(فكل موجود فما له من الله) أحدية جميع الأسماء (إلا) الاسم الذي هو (ربه خاصة) منه انتشأت عينه الثابتة وبه ظهرت في مراتب الوجود روحا ومثالا وحسة، وعليه ترتبت أحواله فيها، ونيه معاده كما أنه منه مبدؤه (ويستحيل أن يكون له)، أي تكل موجود (الكل)، أي كل الأسماء الداخلة تحت المرتبة الإلهية إلا الكامل فإن ه أحذية جمع الأسماء هذا إذا نريد بالأسماء كنيانها. وأما إن حمل الأسماء على معنى عم بحيث يشكل الأسماء الجزئية المتشخصة بعض المربوبات أيضا فلا حاجة إلى هذا الاستثناء إلا أنه فيما سيأتي نوع نبوة منه .
قال رضي الله عنه : ( وأما الأحدية الإلهية فما تواحل فيها قدم، لأنه لا ينال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض . فأحديته مجموع كله بالقوة .
والسعيد من كان عند به مرضيا؛ وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه وبيته فهو عنده ماضي فهو سعيد. )
(وأما الأحدية الإلهية)، أي أحدية مسمى الله (فما لأحد فيها) مع بقائها على حالها (قدم) بأن يكون له منها جزء أو حصة تقدم عليه (لأنه لا يقال لواحد منها شيء) جزءا كان أو حصة (ولآخر منها شيء) كذلك (لأنها لا تقبل التبعيض) تجزئة كان أو تحصيصة لأنها ليست إلا اعتبارا مسقطا للاعتبارات كلها ، ولا بد في صيرورتها حصصة أو أجزاء من اعتبار صحة انضبان الأمور الخارجة إليها وانقسامها إلى الأمور الداخلة فيها وكل ذلك ينافي الأحدية ، والحقيقة المطلقة الإلهية لا تنجزا ولكنها تتحصص ففي كل شيء حصة منها فهي بكلياتها سارية في الكل من غير تجزئة.
(فأحديته مجموع) يعني إذا كانت الأحدية الإلهية لا تقبل التبعيض فأحدية مسمى الله مجموع أي مجموع أسماء فصلت في المرتبة الواحدية (كله)، أي كل ذلك المجموع مندمج فيه (بالقوة) أما اندماجه فيه فلان مرتبة الأحذية إجمال مرتبة الواحدية، وأما كونه بالقوة فلأنه إذا خرج ذلك المجموع من القوة إلى الفعل انقلبت الأحذية واحدية فقوله :
وأحدية مبتدأ ، ومجموع خبره، وكله مبتدأ آخر، وبالقوة خبره. والجملة صفة لمجموع.
(والسعيد من كان عند ربه مرضية وما ثمة)، أي في الوجود (إلا من هو مرضي عند ربه لأنه)، أي المربرب هو (الذي يبقى عليه)، أي على الرب (ربوبيته)، أي ربوبية الرب إذ لولا المربوب لعدم الرب من حيث هو رب .
ويمكن أن يقال إن الرب يبقى على المربوب ربوبية الرب أو ربوبية المربوب، أي وجوده وما يتبعه من الأحكام، فهذا الإبقاء دليل على رضا الرب عنه إذ لو لم يرض بوجود المربوب وما له وما يصدر عنه لما أبقاه (فهو)، أي المربرب (مرضي عنه)، أي عند ربه (فهو سعيد) وإنما قيدنا السعيد في الموضعين بقوله عند ربه لأن للمربوب سعادتين:
إحداهما سعادة بالنسبة إلى ربه
وأخراهما سعادة بالنظر إلى نفسه وأحواله .
فالأولى: كونه بحيث يتأتي منه ما خلق له وتظهر فيه أحكام ربه على وجه يرضى به، ولا يخفى أن كل موجود مرضي سعيد بهذا المعنى ولا يتصور فيه الشقاوة إلا بالقياس إلى رب مربوب آخر لو لم يكن لهذا الموجود اصطلاحية مظهرية أحكامه كما سيشير رضي الله عنه إلى هذه الشقاوة فيما بعد.
والثانية : ?ونه على حالة يتنعم ويتلذذ بها ولا شك أن المربرب بهذا الاعتبار ينقسم إلى السعيد والشقي، وبهذه السعادة والشقاوة حكمت الشريعة، ولا يشمل هذه السعادة كل مربرب إلا ما على ما ذهب إليه الشيخ رضي الله عنه .

.





عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة مايو 31, 2019 2:36 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:49 am

الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثالثة : الجزء الأول 
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعي موجودة دائمة الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )
قال الشيخ رضي الله عنه : " و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا وهو أنت: يخاطب كل عين لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائمة الربوبية لا تبطل دائما . لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. "
(ولهذا)، أي لكون الأمر كذلك (قال سهل) بن عبد الله التستري قدس الله سره (إن للربوبية)، أي لصفة الربوبية التي هي الله تعالی (سرا)، أي أمرة خفية لا يعلمه أحد إلا الله تعالى فيعلمه لمن يشاء من عباده (وهو)، أي ذلك السر (أنت) يا أيها العبد (يخاطب)، أي سهل رضي الله عنه بقوله : أنت (كل عين)، أي ذات مخلوقة مطلقة (لو ظهر)، أي تبين ذلك السر لأحد (لبطلت صفة (الربوبية)، أي زالت عن الرب سبحانه عند ذلك العبد الظاهرة له فينتقل ذلك العبد من مقام الأسماء إلى مقام الذات ومن مقام الواحدية إلى مقام الأحدية وهو الفناء المحض والانمحاق الصرف وسبب بطلان الربوبية حينئذ عند ذلك العبد بظهور ذلك السر بطلان العبودية عنده أيضا بفناء العبد واضمحلال رسومه فإذا عاد العبد إلى وجوده فعادت عبوديته عنده عادت ربوبية الحق له واستتر ذلك السر عنه وهكذا دائما .
(فأدخل) سهل رضي الله عنه (عليه)، أي على قوله ذلك حرف (لو) في قوله : الو ظهر (وهو)، أي لو (حرف امتناع الامتناع)، أي يفيد في الكلام امتناع الثاني الامتناع الأول فإذا قلت لو جاء زيد أكرمته فقد أفادت كلمة لو أن الإكرام انتفى المجيء (وهو)، أي ذلك السر (لا يظهر) أصلا إذ لا يلزم من بطلان وجود العبد بالفناء المحض عند ظهور التجلي الإلهي بطلان ثبوته في تقدير علم الحق تعالی علی ما كان عليه أزلا .
(فلا تبطل الربوبية)، حينئذ أصلا (لأنه)، أي الشأن في عدم بطلان الربوبية (لا وجود لعين)، أي مخلوق من المخلوقات (إلا بربه)، المتجلی به عليه (والعين)، أي ذات ذلك المخلوق (موجودة) بتجلي وجود ربها عليها (دائما) في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة (فالربوبية) أيضا موجودة (لا تبطل دائما وكل) مخلوق.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولهذا) أي ولأجل بقاء الربوبية على العبد .
(قال سهل) وهو من كبار الأولياء المعتمد عليه قوله : (إن للربوبية سرا) وسر الشيء روحانية ذلك الشيء وسبب بقائه (وهو) أي سر الربوبية (انت يخاطب كل عين لو ظهر) أي لو زال عن أن يكون سزا موجودا في غيب الله تعالی فيلزم أن يكون معدوما فبطلت الربوبية بعدمه.
(لبطلت) أي لزالت (الربوبية فادخل) سهل (عليه) أي على العين (لو وهو حرف امتناع لامتناع وهو) أي العين (لا يظهر) أي لا يزال أبدا (فلا تبطل) أي فلا تزول (الربوبية) أبدا وإنما لا يزول العين (لأنه لا وجود لعين إلا بربه) والرب موجود دائما (والعين موجودة دائما) بحسب النشأة بدوام وجود علته (فالربوبية موجودة دائما ) بدوام وجود علتها فهي العين.
فالرب سببا لوجود العين والعين سببا لوجود ربوبية ربه .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما . لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )
ثم أشار رضي الله عنه، إلى  قول سهل بن عبد الله التستري: إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية.
قال الشيخ رضي الله عنه: وهو أنت يخاطب كل عين.
ثم قال: إن ذلك السر لا يظهر فلا يبطل الربوبية، وينبغي أن يفهم من قول الشيخ: وهو أنت، معنی أن الحقيقة فيهما واحدة وبهذا تبطل الربوبية، لمحو العبودية التي ببقائها يبقى معنى الربوبية وإلا بطل.
واعلم أن قول الشيخ والعين دائمة، نذكر معناه مشافهة، لما يلزم أن لو ذكرنا شرحه من سوء الأدب مع شيخنا، رضي الله عنه، ولا ريب في أن المسامحة في هذه المواطن تحرم، والمسامحة هنا يجب ولم اعتمدها فتعلم ذلك مني.
قوله: ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا، على ما بيناه، أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر، لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد.
قلت: الذي يظهر أن يكون إنما قال الشيخ: لأنه إنما أخذ الربوبية من واحد ألا من كل وهذا هو وجه الكلام، والذي وجدته في النسخة ما قدمت ذكره وأنا أشرحه على ما أراه صوابا لا على أصل النسخة، فإذن قوله: لأنه ما أخذ الربوبية إلا من واحد وهو ربه الذي هو عنده مرضي، فإذا سخط عليه غيره فله ذلك، وهذه العبارات بعيدة من ظاهر الشرع ونحن إنما اتبعنا فيها الشيخ لا غير، وأما إذا شرح على أصل النسخة .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )

ولهذا قال سهل رضي الله عنه: إنّ للربوبية سرّا وهو أنت يخاطب كلّ عين عين لو ظهر لبطلت الربوبية .
فأدخل عليه « لو » وهو حرف امتناع لامتناع ، فهو يعنى ذلك السرّ لا يظهر فلا تبطل الربوبية ، لأنّه لا وجود لعين إلَّا بربّه ، فالعين موجودة دائما ، فالربوبية لا تبطل دائما " .
يريد رضي الله عنه: أنّ الربوبية لمّا كانت من الحقائق الإضافية ، فلا تحقّق لها إلَّا بطرفيها ، فيتوقّف ظهورها على عبد مربوب ، والمفهوم من الربوبية عرفا أن يتوقّف عليها المربوب ، ولمّا لم تظهر إلَّا في كل عين عين من المربوبين ، كان كلّ عين عين سرّها الموجب لظهورها وتحقّقها ، فلو ظهر هذا السرّ لبطلت الربوبية المفهومة عرفا ولم تبطل حقيقة ، لأنّ الأعيان لا تظهر أبدا ، بل هي على حالها في غيب الله ، فلا تبطل الربوبية أبدا.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعي موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )

قال رضي الله عنه :" ولهذا قال سهل : إن للربوبية سرا ، وهو أنت تخاطب كل عين لو ظهر لبطلت الربوبية ، فأدخل لو وهو حرف امتناع لامتناع وهو ".
يعنى ذلك السر " لا يظهر ، فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود لعين إلا بربه ، والعين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما ".
سر الربوبية ما يتوقف عليه من المربوبين لأنها من الأمور الإضافية ، والمربوب كل عين والعين باقية على حالها في غيب الله أبدا ، فلا يظهر ذلك السر أبدا فلا تبطل الربوبية ، فمعنى قوله والعين موجودة دائما في الغيب .
"" إضافة بالي زادة : ( ولهذا ) أي ولأجل بقاء الربوبية على العبد ( قال سهل ) وسر الشيء روحانية وسبب بقائه.
( والعين موجود دائما ) بحسب النشأة بدوام وجود علته ( فالربوبية موجودة دائما ) بدوام وجود علتها فهي العين فالرب سبب لوجود العين ، والعين سبب لوجود ربوبية ربه ، فإذا بقيت ربوبية الرب بوجود عبده كان العبد مرضيا عنده اهـ بالى زادة .""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعي موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )

قال رضي الله عنه : (ولهذا قال سهل رضي الله عنه : إن للربوبية سرا - وهو (أنت) يخاطب كل عين.
أي، بقوله: (أنت). (لو ظهر) أي، لو زال.
قال صاحب الصحاح: يقال: هذا أمر ظاهر عنك عاره. أي زائل.
قال الشاعر:
وعيرها الواشون إني أحبها  .... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
قال رضي الله عنه : في المسائل المذكورة في الجلد الثاني من فتوحاته: و (ظهر) هنا بمعنى (زال). كما يقال: ظهروا عن البلد. أي ارتفعوا عنه).
وهو قول الإمام: للألوهية سر، لو ظهر، (لبطلت الربوبية ).
فأدخل عليه (لو) وهو حرف امتناع لامتناع). أي، ولأجل أن كلا عند ربه مرضى، قال سهل هذا القول.
لأن الأعيان الثابتة أسرار الربوبية، وسر الشئ مطلوب بالنسبة إليه، فهي مرضية عند أربابها.
واعلم، أن سر الشئ لطيفته وحقيقته المخفية. والربوبية نسبة
تقتضي الرب والمربوب. و (الرب) اسم من الأسماء، وهو في الغيب مخفي أبدا.
والمربوب أيضا كذلك، وإن كانت صورته ظاهرة، لأن المربوب في الحقيقة هو العين الثابتة، وهي مخفية أبدا لا تظهر في الوجود. لذلك قال رضي الله عنه في موضع آخر: (بأنها ما شمت رايحة الوجود بعد).
وإليه الإشارة بقوله: (وهو أنت) أي، ذلك السر عينك الثابتة، فهما سران للربوبية.
وإنما اكتفى بقوله: (أنت) عن الرب، لأن المربوب الذي هو العين صورة ربه، فهو هو في الحقيقة لا غيره، وبالاعتبار يقع التغاير. ولو ظهر، أي لوزال السر الذي عينك، لبطلت الربوبية، لأن الربوبية لا تظهر إلا بالمربوب،فزواله موجب لزوالها.
فلا ينبغي أن يحمل (الظهور) هنا على معناه المشهور، وإلا يلزم بطلان قوله: (لو ظهر، لبطلت الربوبية.)إذ بظهوره تظهر ربوبية ربه، كما قال الشيخ الأجل:
فلولاه ولو لأنا لما كان الذي كانا قال رضي الله عنه : (وهو لا يظهر، فلا تبطل الربوبية، لأنه لا وجود لعين إلا بربه، والعين موجودة دائما، فالربوبية لا تبطل دائما).
أي، ذلك السر، الذي هو عينك لا يزول أبدا، فلا تزول الربوبية أبدا، إذ لا وجود للعين الموجودة في الخارج إلا بربها، والعين الموجودة دائمة في الخارج بحسب نشأتها الدنياوية والبرزخية والأخراوية، فالربوبية أيضا دائمة.
وضمير (بربه) عائد إلى (وجود العين) أو إلى (العين)، وتذكيره باعتبار أنه شئ.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )
قال رضي الله عنه : "و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع "
قال رضي الله عنه : (وهذا) أي: ولأجل أن كل موجود یبقی ربوبية ربه الخاص بظهور الرب فيه دون نفسه.
(قال سهل) بن عبد الله التستري ه: (إن للربوبية) أي: ربوبية كل اسم خاص (سرا) أي: أمرا خفيا لا ظهور له أصلا، وإن ظهر فيه رب الاسم (وهو أنت) أي: عينك الثابتة، ولا يريد عين الإنسان، ولا عين الحمل بل (يخاطب كل عين) إذ لكل ماهية اسم خاص كلي أو جزئي، بحسبها (لو ظهر) ذلك السر بنفسه أو معه؛ (لبطلت الربوبية) .
أي: ربوبية الاسم الذي ظهر فيه، أما إذا ظهر بنفسه، فلأنه لا حاجة له إلى الرب المرجح لوجوده على عدمه؛ لأن وجوده على ذلك التقدير مقتضي ذاته فلا يعمل بالغير، وأما إذا ظهر معه فلأنه يلزم اجتماع ظهورين الوجود وهو محال؛ لامتناع اجتماع المثلين وبطلان كل واحد منها، ولا ربوبية للاسم الخاص بدون ظهوره.
ثم بين قوله بطريق القياس الاستثنائي، فقال: (فأدخل عليه) أي: على قوله ظهر المسند إلى ضمير السر حرف ( «لو» وهو حرف امتناع لامتناع) أي: امتناع الجزاء الامتناع الشرط، فهو في قوة قولنا: إن لم يظهر له السر؛ لم تبطل الربوبية.

قال الشيخ رضي الله عنه :"وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه.
والعين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما."
ثم استدل على المقدمة الاستثنائية بقوله: (لأنه لا وجود لعين إلا بربه)، ولا ظهور لغير الوجود، فلا ظاهر فيه إلا الحق باسم خاص، وقد استدللنا على امتناع ظهور العين بنفسه ومع الاسم الخاص أيضا، ويمكن أخذهما من هذا الدليل بجعل حضرة الأفراد والمقلب جميعا.
ثم استشعر سؤالآ بأن الربوبية لا بد وأن تبطل عند كون العين معدومة في الأزل أو الأبد؛ فلا تصح النتيجة المذكورة على الإطلاق فقال: (والعين موجودة دائما) أما في العلم، وهو المسمى بالثبوت، أو في الخارج، (فالربوبية لا تبطل دائما)؛ فهي أزلية أبدية ، لا يحصل لها كمال بعد النقص، ولا تعود إليه، وإن كان بالعين بحيث ترتضيها دائما.

ثم أشار إلى أن هذه الأعيان كما أفادته الكمال بظهور الذات والصفات أفادته بظهور الأفعال أيضا، وقدم لذلك مقدمة هي أن أفعالها سواء نسبت إليها أو إلى أربابها، فهي كاملة مرضية،.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:49 am

الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثالثة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )
قال رضي الله عنه : ولهذا قال سهل :"إنّ للربوبيّة سرا ، وهو أنت " - تخاطب كلّ عين " أي سرّ الربوبيّة امتياز العين المعدومة بنفسها واختصاصها بالمخاطبة منك ، مع أنّه لا وجود له إلَّا بربّه ، فلو ظهر ذلك السرّ ، وبان عدمه على ما هو عليه لا يصلح لاختصاصه بالمخاطبة ، فيبطل الربوبيّة الموقوف تحقّقها على تمايزه واختصاصه بالخطاب فإنّ سائر المراتب الظهوريّة والإظهاريّة مبتنية على الخطاب :
أمّا الأوّل فلتوقّف أمر الظهور على خطاب « كن » .
وأمّا الثاني فلابتناء أمر الإظهار على القول الصادر عن الأعيان في النشأة الذرّية المسبوقة بالخطاب ، كما أفصح عنه في قوله تعالى : " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " [ 7 / 172 ] .
ومن لطائف ما اشتمل عليه كلام سهل أنّ ظهور السرّ هو بطلانه بالضرورة ، وبطلانه بطلان الربوبيّة ، ولذلك قال :
فذلك السرّ ( لو ظهر ) - أي زال سرّيته وبطل - ( لبطلت الربوبيّة فأدخل عليه « لو » ، وهو حرف امتناع لامتناع ، وهو لا يظهر ) أي لا يزول سرّيته ولا يبطل فإنّ الخطاب باق إلى أبد الآباد ( فلا تبطل الربوبيّة لأنّه لا وجود لعين إلَّا بربّه ، والعين موجودة دائما ) به ، وإن تحوّلت تنوعات تعيّناتها ، ( فالربوبيّة لا تبطل دائما ) .
وما قيل  : « إنّ معناه أنّه في الغيب موجود دائما » فخارج عن قانونهم ، لأنّ ما في الغيب لا يطلق عليه « العين  ولا ترتبط به نسبة الربوبيّة ، كيف - والشيخ قد صرّح هاهنا بأنّ الكلّ في الأحديّة بالقوّة ، والغيب مقدّم عليها .



شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود ليعين إلا بربه، والعين موجودة دائما الربوبية لا تبطل دائما .
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه. و العين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. )
قال رضي الله عنه : " ولهذا قال سهل إن للربوبية سيرا وهو أن يخاطب كل عيني - لو ظهر بطلتي الربوبية، فأدخل عليه لوه وهو حرف امتناع لامتناع. وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه لا وجود لقين إلا بربه، والعي موجودة دائمة الربوبية لا تظل دائما ."
والحكم على المربوب بالرضا مطلقا فلا تصح إلا بالسعادة الأولى فلذلك قيدنا السعيد بما قيدنا (ولهذا)، أي لأن المربرب يبقي على الرب ربوبيته (قال سهل) يعني الشيخ الإمام سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه (إن للربوبية سرا)، أي ذلك السر (وهو أنت) من حيث أنك مربوب فإن المربربية سر للربوبية ضرورة أن كل واحد من المتضایفین لازم للآخر واللازم للمتزوم سر يظهر منه .
فقوله : وهو أنت، إن كان من كلام الشيخ رضي الله عنه وهو الظاهر كما يشهد به ?لام الفتوحات حيث قال: يقال ظهروا عن البلد، أي ارتفعوا (يخاطب ?ل عین)، موجودة بالوجود العيني عنه ، وهو قول الإمام الألوهية سر لو ظهر لبطلت الألوهية.
فقوله : يخاطب بصيغة الغيبة على إسناد الفعل إلى لفظ أنت تجوزة، وإن كان من كلام سهل رضي الله عنه فالأمر ظاهر (لو ظهر)، أي لو زال ذلك السر عن الوجود في الصحاح هذا أمر ظاهر عنك عاره، أي زائل (لبطلت الربوبية) ضرورة زوال أحد المتضایفین وبطلانه بزوال الآخر وبطلانه . ويمكن حمل ?لام الإمام على ظاهره بحمل الظهور على معناه المشهور كما يدل عليه مقابلته للسر ويراد بسر الربوبية .
أنه أي الرب هو الذي ظهر بصورة المربرب فتحققت نسبة الربوبية. فلو ظهر هذا السر بظهور الرب بوحدته الحقيقية لبطلت الربوبية لأن في الربوبية لا بد من الاثنينية (وادخل عليه لو) في هذه الشرطية (وهو حرف امتناع لامتناع)، أي يدخل على امتناع أمر هو زوال سر الربوبية (وهو)، أي ذلك السر الذي هو كل عين موجودة (لا بظهر)، أي لا يزول عن الوجود بل يمتنع زواله عن الوجود بالكلية وإن زال عن بعض المراتب (فلا تبطل الربوبية) بل يمتنع بطلانها لامتناع
ظهور سر الربوبية وزوالها (لأنه لا وجود لعین) مربوبية هي سر الربوبية (إلا بربه)، أي إلا بربوبية ربه فوجودها مشروط بربوبيته (والعين) المربربة المشروط وجودها بربوبية الرب (موجودة دائما فالربوبية) التي هي شرط وجودها (لا يبطل دائما) ضرورة دوام عدم بطلان الشرط بدوام وجود المشروط، وقوله : دائما ، ظرف للنفي لا للمنفي

ولما فرغ رضي الله عنه مما وقع في البين من كلام سهل رضي الله عنه وبيان معناه رجع إلى ما كان بصدده، فبعد ما ذكر أولا أن كل مربوب مرضي.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:50 am

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الرابعة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
لا تبطل دائما وكل مخلوق (مرضي) عنه من جهة ربه فهو (محبوب) لربه لأنه راض عنه .
(وكل ما)، أي شيء (یفعل)، أي يفعله المحبوب) فإنه (محبوب)، لمحبه وإلا لم يكن محبة (فكله)، أي كل ذلك المحبوب بجميع أفعاله (مرضي) عنه من جهة محبه. (لأنه)، أي الشأن في ذلك ( لا فعل)، أي لا تأثير (للعين)، أي لماهية ذلك  المخلوق في كل ما يفعل من خير أو شر (بل الفعل)، أي التأثير إنما هو (لربها )، أي لرب تلك العين (فيها)، أي في تلك العين .
(فاطمأنت)، أي سكنت وقبلت (العين عن أن يضاف)، أي ينسب (إليها)، أي لتلك العين (فعل)، أي تأثير في أمر ما (فكانت راضية)، أي تلك العين (بما يظهر فيها) (ويصدر عنها من أفعال ربها) المضافة إليها (مرضية منها تلك الأفعال) كلها
لأن كل فاعل لفعل.
(وصانع) لصنعة (راض عن فعله) ذلك (وصنعته) تلك كيفما كان ذلك الفعل وكانت تلك الصنعة (فإنه)، أي كل فاعل وصانع (وفی)، أي أكمل فعله وصنعته حق ما هي)، أي صنعته (عليه) مما هو مقتضی ?ل ماهية بحسب قابلیتها ويؤيد هذا قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: (وقال ربنا الى أعطى كل شيء )، من المحسوسات والمعقولات (خلقه)، أي خلقته التي هو عليها في حضرة العلم القديم والتقدير الأزلي ( "ثم هدى" [طه: 50]، أي بين) لمن شاء من عباده (أنه "أعطى كل شئ خلقه") كما ذكرنا (فلا يقبل ذلك) الشيء (النقص) من خلقه الذي له (ولا الزيادة) منه (فكان إسماعيل) النبي عليه السلام (بعثوره)، أي اطلاعه في مقام ولايته دون مقام نبوته ورسالته (على ما ذكرناه) في هذه الحكمة (عند ربه مرضيا) حيث قال تعالى في حقه : "وكان عند ربه مرضيا" [مريم: 55].


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
فإذا بقي ربوبية الرب بوجود عبده كان العبد مرضيا عنده (وكل مرضي محبوب) للرب الراضي عنه .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما يفعل المحبوب محبوب) يعني كما أن ذات المرضي محبوب ذاته لربه كذلك كل ما يفعله محبوب عند ربه.
فإذا كان كل ما يفعل المحبوب محبوبا (فكله) أي فكل ما صدر من المحبوب (مرضي) عند ربه وليس المراد من الحب و الرضاء من حيث أنهما نافعان لصاحبيهما ويصل العبد بسببيهما لدرجة القربة إلى الله تعالى .
وإنما المراد ?شف سريان الحب والرضا، في كل أحد حتى يعلم أن إسماعيل عليه السلام بأي حكمة كان عند ربه مرضيا .
وإنما كان فعل المحبوب مرضيا (لأنه) أي الشأن (لا فعل للعين بل الفعل لربها) يظهر (فيها فاطمانت العين من أن يضاف الفعل إليها فكانت) العين (راضية بما يظهر) أي بما يوجد (فيها وعنها) أي وبسبب ما يظهر عنها (من أفعال ربها) بيان لما (مرضية تلك الأفعال) .
أي العين كانت راضية بما يظهر بمرضية تلك الأفعال عند فاعلها وإنما كان الفعل مرضية عنه فاعله .
(لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته فإنه) أي الفاعل (وفي) بالتشديد (فعله وصنعته حق ما هي عليه) ويدل على ذلك قوله تعالى : ("أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ") [طه: 50].
أي بين وأخبر لنا بعد إعطائه كل شيء خلقه (أنه) أي الحق (أعطى كل شيء خلقه  فلا يقبل) ذلك الشيء (النقص) عن استعداده (ولا الزيادة) على استعداده لأن الله تعالی أعطى الخلق على حسب استعداد كل شيء فكان كل موجود عند ربه مرضيا (فكان إسماعيل عليه السلام بعثوره) أي باطلاعه (على ما ذكرناه عن ربه مرضيا) .
فتفرد إسماعيل عليه السلام بهذه المرضية عن غيره لورود النص في حقه دون غيره لأن هذا العلم مودع في روحه ويأخذ كل من علم هذا العلم من روحه عليه السلام ما عدا ختم الرسل .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
قال الشيخ رضي الله عنه : " و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. "
واعلم أن قول الشيخ والعين دائمة، نذكر معناه مشافهة، لما يلزم أن لو ذكرنا شرحه من سوء الأدب مع شيخنا، رضي الله عنه، ولا ريب في أن المسامحة في هذه المواطن تحرم، والمسامحة هنا يجب ولم اعتمدها فتعلم ذلك مني.
قوله: ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا، على ما بيناه، أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر، لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد.
قلت: الذي يظهر أن يكون إنما قال الشيخ: لأنه إنما أخذ الربوبية من واحد ألا من كل وهذا هو وجه الكلام، والذي وجدته في النسخة ما قدمت ذكره وأنا أشرحه على ما أراه صوابا لا على أصل النسخة، فإذن قوله: لأنه ما أخذ الربوبية إلا من واحد وهو ربه الذي هو عنده مرضي، فإذا سخط عليه غيره فله ذلك، وهذه العبارات بعيدة من ظاهر الشرع ونحن إنما اتبعنا فيها الشيخ لا غير، وأما إذا شرح على أصل النسخة .
فمعناه: أن العبد ما أخذ الربوبية إلا من رب هو الكل، لكن ما أخذ من الكل بما هو كل بل بما يناسبه من الكل وهو قسطه من الربوبية المأخوذة من الكل فرجع المعنى إلى أنه ما أخذ إلا من واحد ما عين له القسط المذكور
قال: ولا يأخذ أحد، أي لا يأخذ أحد ربه من حيث الأحدية، فإنها لا نسبة فيها بين شيئين من جهة ما هما شيئان، فإن ذلك هو وجه الكثرة والأحدية تنافي الكثرة.
قال: ولهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية، لما يقتضي التجلي من متجلي ومتجلي له وتجل وهذه كثرة والأحدية لا تناسبها، ثم علل ذلك.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
قال رضي الله عنه: " وكلّ مرضيّ محبوب ، وكلّ ما يفعل المحبوب محبوب ، فكلَّه مرضيّ ، لأنّه لا فعل للعين ، بل الفعل لربّها فيها ، فاطمأنّت العين أن يضاف إليها فعل ، فكانت راضية بما يفعل فيها وعنها من أفعال ربّها ، مرضيّة تلك الأفعال ، لأنّ كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته ، فإنّه وفّى فعله وصنعته حقّ ما هي عليه" .
قال العبد : لمّا كان المربوب هو الذي يظهر ربوبية الربّ ، ويبقي عليه ربوبيّته ، ومطلوب الربّ من المربوب أن يكون مظهرا له يظهر فيه أفعاله وآثاره ، كما يحبّ ويرضى ، فقامت عين المربوب بما أراد ربّه منه من إظهار عينه ، فكان مرضيّا محبوبا لقيامها بما أحبّ ورضي.
والعين تحت الربوبية مسخّرة طوعا ، مطمئنّة قد مكَّنت ربّها الظاهر فيها أن يظهر عليها وعنها أفعاله ، فالفعل فيها إذن للربّ لا لها ، والربّ راض بفعله ، لعلمه أنّ ذلك الفعل المطلوب المحبوب لا يمكن وجوده إلَّا في هذا المربوب المحبوب ، فرضي الربّ عن عبده ، ورضي العبد عن ربّه في كل ما فعل فيه وبه ، فهو راض مرضيّ محبوب .
قال رضي الله عنه: (" أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ ثُمَّ هَدى " ، أي بيّن أنّه أعطى كلّ شيء خلقه ، فلا يقبل النقص والزيادة ) .
لمّا رضي كلّ ربّمن الأسماء الإلهية وحقائق الربوبية من الأعيانمظهرا أظهر عليه وفيه وبه أفعاله وآثاره ، كما يحبّ ويرضى ، وقد وفّى للمظهر حقّه ، فقد أعطى لكل شيء خلقه بموجب ما تقتضي خليقته ، فبيّن له بفعل ربّها فيها أنّها كانت على هذا الخلق والخلق الذي ظهر فيها وعليها فكان إسماعيل عليه السّلام بعثوره على ما ذكرناه"عِنْدَ رَبِّه ِ مَرْضِيًّا ".


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
قال رضي الله عنه : " وكل مرضى محبوب ، وكل ما يفعل المحبوب محبوب فكله مرضى لأنه لا فعل للعين بل الفعل لربها فيها ، فاطمأنت العين أن يضاف إليها فعل ، فكانت راضية بما يظاهر فيها وعنها من أفعال ربها مرضية تلك الأفعال ، لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته ، فإنه وفي فعله وصنعته حق ما هي عليه " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى " أي بين أنه أعطى كل شيء خلقه ".
مطلوب الرب من المربوب أن يكون مظهرا له يظهر فيه أفعاله وآثاره على وفق إرادته ، والمربوب مطيع له فيما أراد بقابليته مظهر لربوبيته ، وهو مرضى عنه بإظهاره له الربوبية وإبقائها عليه ، ولا فعل له إلا قابليته وتحصيل مراده فكل مرضى محبوب ذاته وصفته وفعله ، إذ ليس إليه إلا تمكين الرب من فعله وهو عين مراده .
والفعل إنما كان للرب ، فقامت عين المربوب مطواعة بما أراد منها من إظهاره وإظهار صفاته وأفعاله ، راضية بما أراد منها مرضية وكل فاعل راض بفعله محب له فإنه أتى به على وفق إرادته ولم ير من المربوب إلا مساعدته في ذلك وفي حق صنعته.
فكل من العبد وربه راض مرضى ، أعطى الرب المطلق خلق كل شيء بربوبيته التي تخص ذلك الشيء ، على وفق إرادة الرب الخاص به ، أعنى به الاسم الذي يربه به وطاعته المربوب ، فوفى حقه بمقتضى عينه " ثُمَّ هَدى " .
أي بين للمربوب بفعل ربه فيه أنه الذي فعل فيه وظهر عليه بهذا الفعل والخلق الذي سأله بلسان عينه ( فلا يقبل النقص ) ولا الزيادة لتطابق إرادة الرب وسؤال المربوب ، وهما مقتضى المشيئة الذاتية ( فكان إسماعيل عليه السلام بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا ، وكذا كل موجود عند ربه مرضى ) على ما ذكرناه من أن ربه ما أراد منه إلا ما ظهر عليه ، وأن عينه لقابليتها ما طلبت من الرب إلا ما أظهره عليها من صفاته وأفعاله ، ولهذا لما سئل جنيد قدس سره : ما مراد الحق من الخلق ؟
قال : ما هم عليه .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
قال رضي الله عنه : (وكل مرضى محبوب) أي، بالنسبة إلى من يرضاه، لتعلق الإرادة والرضا
به. أو محبوب بالنسبة إلينا. ولما كانت الأفعال كلها من حضرة الأسماء، وهي محبوبات الذات ومطلوباتها لأنها كمالاتها، قال: (وكل ما يفعل المحبوب محبوب). أي، محبوب الذات الأحدية ومطلوبها. أو محبوب عبادة المحبين.
(فكله مرضى) أي، كل ما يفعل ويجرى في الوجود، فهو مرضى. (لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها). أي، ظاهر فيها. (فاطمأنت العين) أي،الموجودة. (أن يضاف إليها فعل، فكانت) أي العين. (راضية بما يظهر فيها وعنها من أفعال ربها). ويظهر ذلك الرضا بحسن التأني والقبول لظهور تلك الأفعال فيها، وتمكين ربها من إظهار كمالاته ومراداته فيها.
(مرضية تلك الأفعال، لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته، فإنه
وفى فعله وصنعته حق ما هي عليه). أي، وفي حق الصنعة التي هي عليها وأتقنها، كما اقتضت حكمته إياها. وذكر ضمير (عليه) باعتبار لفظة (ما).
لذلك قال تعالى: ("أعطى كل شئ خلقه ثم هدى". أي، بين أنه أعطى كل شئ خلقه، فلا يقبل) أي ذلك الشئ (النقص) عما هو عليه. (ولا الزيادة) على ما هو عليه.
لأنه تعالى خلقه باعتبار قبوله واستعداده الذي له في الأزل من غير زيادة ولانقصان. والمشية الإلهية اقتضت كذلك.
قال رضي الله عنه : (فكان إسماعيل بعثوره، على ما ذكرناه، عند ربه مرضيا). أي، لما اطلع إسماعيل، عليه السلام، على أن كل ما يصدر من الأعيان الموجودة مرضى عند أربابها، وصفه الحق بقوله: (وكان عند ربه مرضيا). وهذا تصريح على ما قلناه من أن السعادة إنما هي بسبب الاطلاع، والشقاوة بعدمه.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
قال رضي الله عنه : "وكل مرضي محبوب، وكل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين أن يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها وعنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته، فإن وفى فعله وصنعته حق ما عليه «أعطى كل شيء خلقه ثم هدى»[طه: 50]  أي بين أنه أعطى كل شيء خلقه، فلا يقبل النقص ولا الزيادة.  
ثم أشار إلى المقدمة الاستثنائية بقوله: (وهو) أي: السر (لا يظهر) أي: لكنه لا يظهر استثنی عين المقدم؛ لينتج عين التالي، وهو قوله: (فلا تبطل الربوبية).
فقال: (وكل مرضي محبوب)؛ لأن الرضا عبارة عن الاستحسان، وهو موجب للميل إليه، وهو المحبة (وكل مما يفعل المحبوب) سواء كرهه العقل والعرف والشرع أم لا، (محبوب) عند المحب على ما اعترف بذلك أهل المحبة، وما ورد من أن الله لا يحب الفساد، وأنه لا يحب المسرفين وغير ذلك، فالمراد نفي المحبة المتعلقة بجميع الأسماء.
ولما كان كل فعل المحبوب محبوبا، والمحبة معلومة بالرضا (فكله مرضي) لو نسب إلى العين فقط قوله لكنه إنما ينسب إليها بالصنع والكسب لا بالإيجاد؛ (لأنه لا فعل للعين) كما لا وجود لها ولا ظهور، (بل الفعل لربها) فهو أولى بأن يكون مرضيا له لكنه إنما فعله.
(فيها) فينسب إليها صنعا وكسبا، كيف وقد تقدر بمقدار استعدادها فكأنها فاعله أيضا، ولاسيما إذا كان بعد قصد وتحريك عضو وتوجه حاسة فيها، (فاطمأنت العين أن يضاف إليها فعل) من الأفعال المذكورة على جهة الكسب والصنع، سيما إذا ظهر الرب فيها على جهة الفاعلية والتأثير في العين المخصوصة بالواجب القديم، (فكانت "راضية" بما يظهر فيها) من أفعال رها من جهة الخلق والاتحاد لرؤيتها كمال ربها وكمالها في ذلك، وبما يظهر (عنها من أفعال ربها) من جهة الصنع والكسب برؤيتها متصفة بصفة ربها من الفاعلية والتأثير ("مرضية" تلك الأفعال) الكائنة في العين له، أي: للرب من حيث نسبتها إليه، وإلى العين المحبوبة له، وهو الذي أعطاها الكسب والصنع والداعية والقدرة عليها.
وإنما كان الأرباب والأعيان راضية عن تلك الأفعال وإن كان فيها ما يذم عقلا وعرقا وشرعا؛ (لأن كل فاعل) من الأرباب (وصانع) من الأعيان (راض عن فعله وصنعته) وإن وقع مذموما، (فإنه وفي) الفاعل (فعله) حق ما هو عليه، وفي الصانع (وصنعته حق ما هي عليه)، وإن كان في ذلك نقص بالنظر إلى أرباب وأعيان أخرى، ولا يكون لها رضا في ذلك؛ لأنه أعطى كل شيء خلقه، "ثم هدى" [طه: 50] ما يتقدر بمقدار استعداده، ثم هدى و أهل الكمال لرؤية ذلك.
ولما كانت الهداية كثيرا ما تطلق على الإيصال إلى ما يحمد عرقا وعقلا و شرعا، فرها بقوله: (أي: بین) للكتمل (أنه أعطى كل شيء خلقه، فلا يقبل الزيادة ولا النقص)، وإن كان غير تلك الأعيان قابلها لأحدهما، فقال لهم في الذي خلق سبع موت طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفوت فارجع البصر هلن ترى من قطوره ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو يسير [الملك: 3، 4].
وذلك لعلا ينسب إليه الجهل والعجز والبخل والظلم، فمن هنا أفادت هذه الهداية لمن اهتدى بها الرضوان الكلي مع أن من شأن الكامل أن يرضى عمن أطلع على كمالاته، ونفى عنه النقائص.
ولذلك أحب كل واحد منا الحمد، وقد أحبه الله لنفسه فحمد نفسه في كتابه، فكيف لا يرضى بالرضا الكلي عمن عرف كمال كل اسم كلي وجزئي في ذاته وظهوراته، ونفى عنه الجهل والعجز والبخل والظلم في كل ما يفعله من خير وشر.
قال الشيخ رضي الله عنه : " فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. وكذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا ".
وكان إسماعيل عليه السلام  ممن اهتدى بذلك أكمل اهتداء لغلبة إشراق نور الذات عليه من حيث كونه وعاء للكمال المحمدي مع إشراق أنوار الأسماء والصفات، من حيث إنه سر أبيه إبراهيم الخليل -عليهما السلام،( فكان إسماعيل عليه السلام بعثوره) بطريق الكشف (على ما ذكرناه) من الكمال الذاتي والاسمي والفعلي، ونفي النقائص عنهم (عند ربه) الجامع (مرضيا) بالرضا الكلي.
ثم أشار إلى وجه الفرق بين إسماعيل المرضي و غیره برضا الكل مع أنه لم يتأثر بالأسماء القهرية، فقال: (وكذلك كل موجود عند ربه مرضي)؛ لكن الأرباب تتغاير باعتبار، وتتناسب باعتبار، (فلا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه) من أن الكل موجود برضا خاصا.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:51 am

الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الرابعة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
الكلّ مرضيّ ومحبوب عند ربّه
ثمّ إذا تقرّر أنّ الكلّ عند ربّه مرضيّ ، ( وكلّ مرضيّ محبوب ) لأنّ رضاه بإبقائه على الربوبيّة وتمكينه من الإتيان بفعله الذي هو عين المراد.
وكلّ ما يظهر منه المراد فهو محبوب - ( وكلّ ما يفعل المحبوب محبوب : فكلَّه مرضيّ ) فعلا كان أو عينا ( لأنّه لا فعل للعين ، بل الفعل لربّها فيها ، فاطمأنت العين أن يضاف إليها فعل ، فكانت راضية بما يظهر فيها وعنها ) باعتبار قربي الفرض والنفل ( من أفعال ربّها ، مرضيّة تلك الأفعال لأنّ كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته ، فإنّه وفّى فعله وصنعته حقّ ما هي عليه ) .
وذلك لأنّ كل فعل من الصانع الحكيم لا بدّ وأن تكون له غاية كماليّة تترتّب عليه ، فذلك الترتّب على الوجه الأتقن الأحكم هو التوفية المستلزمة للرضا عند عثور الصانع عليها ، فالعين إذا اطمأنّت عن إضافة ما ظهر فيها وعنها إليها وسكنت في مستقرّ عدميّتها : كانت راضية عن أفعال ربّها من حيث ظهورها عنها ، مرضية تلك الأفعال بالترتيب المذكور ، والعثور من حيث الإظهار .
وإلى ذينك الظهور والإظهار أشار قوله تعالى: ("أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ ثُمَّ هَدى" [ 20 / 50 ] ، أي بيّن أنّه أعطى كلّ شيء خلقه ) وأظهر وفاء بكمال الظهور والإظهار ، ( فلا يقبل ) خلق الأشياء كلَّها ( النقص ولا الزيادة ) لأنّه لو قبل شيئا منهما ما كان وافيا بتمام الخلق.
( فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه ) من أنّ الكل مرضي موفي حقّه ( عند ربّه مرضيّا ) بظهور آثاره الكماليّة فيه ، وهو العلم والعثور المذكور ، ( وكذا كلّ موجود عند ربّه مرضيّ ) بظهور أثره الخاص به منه ، فيكون الكلّ مرضيّا وسعيدا عند ربّه .
الشقيّ ومغضوب عليه
وإذ قد استشعر أن يقال : « فلا يكون للشقاوة والغضب حكم ، ولا يكون شقيّ ولا مغضوب أصلا » ، أشار إلى منشأ تلك التفرقة بقوله : ( ولا يلزم إذا كان كلّ موجود عند ربّه مرضيّا - على ما بيّناه - أن يكون مرضيّا عند ربّ عبد آخر ) ، فإنّ المرضيّ عند ربّ عبد الهادي ، غير مرضيّ عند ربّ عبد المضلّ ، وكذا السعيد عند عبد الرحيم شقيّ عند عبد القاهر .
إذ الأرباب متقابلة الأحكام والآثار.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  و كل مرضي محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإن وفى فعله و صنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شي ء خلقه، فلا يقبل النقص و لا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. )
قال رضي الله عنه : " وكل مرضي محبوب، وكل ما يفعل المحبوب محبوب. فله مرضي، لأنه لا فعل العين، بل اليعا ربها فيها فاطمأنت العين أن تضاف إليها فعل، فكانت راضية بما يظهر فيها وعنها من أفعال ربها، مضية ، تلك الأفعال لأن كل فاعل وصانع راضي عن فعله وضنعيه ، فإنه وفي فعله وضعته حق ما هي عليه "أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" [طه: 50] أي بين أنه أغني كل شيء ، فلا يقبل الله ولا الزيادة . فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا . وكذلك محل موجود عند "
يقول (وكل مرضي محبوبه) بالنسبة إلى من هو راضي عنه ومحب له (وكل ما يفعل المحبوب محبوب) للمحب فكل ما يفعل المرضي محبوب، ومعلوم أنه كما كان كل مرضي محبوب كذلك كل محبوب مرضى (فكله)، أي كل ما يفعل المحبوب (مرضی) وحيث كان تفرع هذه النتيجة على ما سبق لا يتم إلا بملاحظة المقدمة القائلة بأن كل محبوب مرضي وهي قد طوى البين فبقي في النتيجة نوع خثاء بينها بما يعمها وغيرها فقال : (لأنه لا فعل للعين) الممكنة (بل الفعل لربها فيها) فهي محل لظهور الفعل لا الفاعل (فاطمأنت)، أي سكنت .
(العين) الممكنة (عن أن يضاف إليها فعل) على وجه الفاعلية (فكانت راضية بما يظهر فيها وعنها من أفعال ربها) والمراد برضاها حسن قبولها لظهور تلك الأفعال وتمكينها ربها من إظهارها فيها وكذلك كانت (مرضية تلك الأفعال) للحق سبحانه (لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته فإنه وفي فعله وصنعته)، أي أعطاهما بالتمام والكمال
(حق ما هي عليه)، أي حق ما هذه الصنعة عليه عند تقدير الفاعل ومشيئته إياها من مراتب الثمامية والكمال، وحيث كان الفعل والصنعة أمرة واحدة أفرد الضمير وأنثه الإرجاعه إلى ما هو أقرب منها.
ثم أيد رضي الله عنه ما ادعاه من أن الحق سبحانه وفي فعله وصنعته حق ما هي عليه بقوله تعالى: (وأعطى كل شي ) بالمشيئة الوجودية ("خلقه")، أي ما قدر له من مرتبة مشيئته الثبوتية من الأحكام والآثار الكمالية.
("ثم هدى" [طه : 50] أي بين أنه أعطى كل شيء خلقه فلا يقبل) ذلك الشيء (النقص) عما قدر له (ولا الزيادة عليه (فكان إسماعيل عليه السلام بعثوره) واطلاعه على ما ذكرناه من كون الكل ذاتا وفعلا مرضيا لله تعالى وأنه في قوله : وصنعته حق ما هي عليه (عند ربه مرضيا) فإن ذلك العثور من جملة أو أن يقتضيها و يرتضيها  ربه فبه و بأمثاله كان عند ربه مرضيا  ، أي كما أن إسماعيل عليه السلام عند ربه مرضى

قال رضي الله عنه : (  وكذا كل موجود عند ربه مرضي.  ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا" فيكون عنده سعيدا.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:52 am

الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الخامسة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. ولهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. ولهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
(وكذا كل موجود) محسوس أو معقول (عند ربه) الذي نقله من عدم عينه إلى وجود ?ونه (مرضي) عنه (ولا يلزم إذا كان كل موجود) من المخلوقات ("عند ربه  مرضيا" على ما بيناه) من الكلام في هذا المقام (أن يكون) ذلك الموجود (مرضيا) [مريم: 55] أيضا (عند رب عبد)، أي موجود (آخر لأنه)، أي الرب من حيث هو موصوف بصفة ربوبيته (ما أخذ)، أي اتصف بصفة (الربوبية إلا من) جهة عبودية (كل)، أي كل واحد من جميع العبيد والموجودات إذ هو رب كل شيء (لا) آخذ الربوبية فاتصف بها (من) جهة عبودية عبد (واحد) وموجود واحد فقط حتى يكون ذلك العبد عند ربه مرضية فقط دون غيره بل الأمر عام في جميع العبيد والموجودات .
ولهذا ورد في الآية : "وكان عند ربه مرضيا" بضمير راجع إلى العبد إسماعيل عليه السلام ولم تكن الآية وكان عند الرب مرضية للإشارة إلى ما ذكر في هذه الحكمة (فما تعين)، أي ثبت وتحقق (له) سبحانه وتعالى (من الكل)، أي من ربوبية كل واحد من العبيد والموجودات (إلا ما يناسبه) تعالی فرب المهتدي متجلي عليه بالهداية فهو الهادي ورب الضال متجلي عليه بالضلالة فهو المضل.
وهكذا رب المنتفع نافع ورب المتضرر ضار ورب المنتقم منه منتقم ورب المرحوم رحمن (وما يناسبه استعداده)، أي استعداد ?ل عبد (فهو)، أي ذلك المناسب للعبد في تأثير صفته التي هو فيها (ربه) غير ذلك لا يكون (ولا يأخذه)، أي الرب سبحانه (أحد) من عبيده وموجوداته (من حيث) حضرة (أحديته)، أي ذاته العلية سبحانه أصلا بل من حيث حضرات صفاته وأسمائه كما ذكرنا.
(ولهذا)، أي لكون الأمر كذلك (منع أهل الله)، أي العارفون به (التجلي)، أي ان?شاف الحق تعالى (في) حضرة (الأحدية) التي له سبحانه ثم لما كان لأهل الله تعالی مقام الفناء في الوجود وفيه يقع التحقق بحضرة الأحدية ورد ذلك على كلامه فأجاب بمنع ?ون ذلك التحقق تجلية بالأحدية.
لأن التجلي يقتضي ثبوت متجلي ومتجلى له ومتجلی به والمتحقق بالأحدية في مقام الفناء ناظر إليه تعالی به سبحانه كما قال .
(فإنك) يا أيها العارف (إن نظرته) سبحانه في مقام الفناء (به) تعالى لا بنفسك فهو تعالى (الناظر نفسه) لا أنت ناظر إليه (فما زال) على ما هو عليه من قبل ومن بعد (ناظرا) جلا وعلا (نفسه بنفسه) فليس ذلك تجلية بأحديته على أحد ولا هو تجلی أصلا.
لأن التجلي هو الانكشاف للغير ولا أغيار ولا غير هنا فلا تجلى فهو بطون لا ظهور والتجلي ظهور لا بطون (وأن نظرته) سبحانه (بك)، أي بنفسك كان التجلي حينئذ (فزالت الأحذية بك)، أي بسبب نفسك فقد تجلى لك من حضرة الواحدية التي هي صفاته وأسماؤه لا الأحدية .
(وإن نظرته) سبحانه (به)، أي بنفسه (وبك)، أي بنفسك بأن تحققت في نفسك بالنزول الرباني كما ورد : ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا الحديث وهو الفرق الثاني مقام المقربين والورثة المحمديين (فزالت الأحدية) حينئذ (أيضا، لأن ضمير التاء) المثناة الفوقية (في) قولنا (نظرته ما هو عين المنظور) بل هو غيره (فلا بد) حينئذ (من وجود نسبة ما)، أي نوع من أنواع النسب الاعتبارية (اقتضت تلك النسبة (أمرين) ثابتين (ناظرة) وهو أنت (ومنظورة) وذلك هو (فزالت الأحدية) حيث ثبت ناظر و منظور (وإن كان) الرب سبحانه حينئذ (لم ير إلا نفسه) العلية (بنفسه) في باطن الأمر (ومعلوم أنه سبحانه (في هذا الوصف) حيث وجدت له تلك النسبة المقتضية للأمرين (ناظر) باعتبار (منظور) باعتبار آخر فقد زالت الأحدية على كل حال .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
فإذا بقي ربوبية الرب بوجود عبده كان العبد مرضيا عنده (وكل مرضي محبوب) للرب الراضي عنه .
(وكل ما يفعل المحبوب محبوب) يعني كما أن ذات المرضي محبوب ذاته لربه كذلك كل ما يفعله محبوب عند ربه .
فإذا كان كل ما يفعل المحبوب محبوبا (فكله) أي فكل ما صدر من المحبوب (مرضي) عند ربه وليس المراد من الحب و الرضاء من حيث أنهما نافعان لصاحبيهما ويصل العبد بسببيهما لدرجة القربة إلى الله تعالى .
وإنما المراد ?شف سريان الحب والرضا، في كل أحد حتى يعلم أن إسماعيل عليه السلام بأي حكمة كان عند ربه مرضيا .
وإنما كان فعل المحبوب مرضيا (لأنه) أي الشأن (لا فعل للعين بل الفعل لربها) يظهر (فيها فاطمانت العين من أن يضاف الفعل إليها فكانت) العين (راضية بما يظهر) أي بما يوجد (فيها وعنها) أي وبسبب ما يظهر عنها (من أفعال ربها) بيان لما (مرضية تلك الأفعال) .
أي العين كانت راضية بما يظهر بمرضية تلك الأفعال عند فاعلها وإنما كان الفعل مرضية عنه فاعله .
(لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته فإنه) أي الفاعل (وفي) بالتشديد (فعله وصنعته حق ما هي عليه) ويدل على ذلك قوله تعالى : ("أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ") [طه: 50].
أي بين وأخبر لنا بعد إعطائه كل شيء خلقه (أنه) أي الحق (أعطى كل شيء خلقه  فلا يقبل) ذلك الشيء (النقص) عن استعداده (ولا الزيادة) على استعداده لأن الله تعالی أعطى الخلق على حسب استعداد كل شيء فكان كل موجود عند ربه مرضيا (فكان إسماعيل عليه السلام بعثوره) أي باطلاعه (على ما ذكرناه عن ربه مرضيا) .
فتفرد إسماعيل عليه السلام بهذه المرضية عن غيره لورود النص في حقه دون غيره لأن هذا العلم مودع في روحه ويأخذ كل من علم هذا العلم من روحه عليه السلام ما عدا ختم الرسل .
(وكذا) أي وكـ إسماعيل عليه السلام (كل موجود مرضي عند ربه ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر).
فإن عبد المضل ليس مرضيا عند الهادي وبالعكس لعدم ظهور ربوبية كل منهما في عبد الآخر .
فلا يكون الأشقياء مرضيين عند رب السعداء حتى يدخلون دار السعداء معهم وإنما لم يكن ذلك العبد مرضيا عند رب عبد آخر .
(لأنه) أي لأن ذلك العبد (ما أخذ) أي لا يأخذ (الربوبية إلا من كل) بالأسماء (لا من واحد) أي لا من أحدي الذات، فإذا أخذ الربوبية من كل لا من واحد (فما تعين له) أي لا يتعين لذلك العبد (من الكل إلا ما يناسبه) أي إلا الذي يناسب ذلك العبد وما يناسب استعداده (فهو) أي ما تعين له من الكل (ربه) خاصة فلا يكون محلا لربوبية رب غير ذلك الرب حتى يرضي رب عبد آخر عنه فلا يكون مرضيا إلا عند ربه .
ولما كان في هذا المقام مظنة سؤال وهو أن يقال :
إن ما قلتم من أن العبد مرضي عند ربه غير مرضي عند رب آخر، بناء على أن كل عبد لا يأخذ الربوبية إلا عن كل ، فمسلم لأنه حينئذ يقتضي تميز الأرباب .
فلم لا يجوز الأخذ من حيث الأحدية ، فحينئذ لا تميز في الأرباب فمن كان مرضيا عند ربه كان مرضيا عند رب آخر لأن رب عبد عين رب عبد آخر .
فلزم حينئذ إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر أراد دفعه "إيضاحه" بقوله(ولا يأخذه أحد) أي لا يأخذ من مسمى الله ربا (من حيث احديته) حتى كان من كان عند ربه مرضيا ، مرضيا عند رب آخر.
(ولهذا) أي ولأجل عدم أخذ أحد ربا من حيث أحدية الحق (منع أهل الله التجلي في الأحدية) أي منع عن طلب النجلي الأحدي لعدم حصوله لأحد ، لئلا يضيع أوقات السالكين في طلب المحال .
وإنما لا يمكن حصول التجلي الأحدي (فإنك إن نظرته به) أي نظرت الحق بالحق وهو النظر مع انتفاء التعين (فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه) .
فما ظهر لك ذلك التجلي بل ظهر نفس الحق بنفسه (وأن نظرته بك) أي مع بقاء تعينك .
(فزالت الأحدية بك) أي لا أحدية حينئذ لوجود الاثنينية (وان نظرته به وبك) أي وإن جمعت في النظر إليه بينه وبينك (فزالت الأحدية) فلا أحدية .
(أيضا الأن ضمير التاء في نظرته ما هو عين المنظور) على كل التقادير الثلاث (فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرة ومنظورة فزالت الأحدية) لوجود الاثنينية في كل واحد من الوجوه كما يدل عليه قوله : (وإن كان لم ير) الحق (إلا نفسه بنفسه ومعلوم أنه) أي الشأن (في هذا الوصف) وهو رؤية الحق نفسه بنفسه (ناظر ومنظور)، وهو يوجب الاثنينية ، وإن كان اعتباريا.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : " و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور."
فقال: لأنك إذا نظرت الحق به فهو الذي نظر إلى نفسه بنفسه. قال: وإن نظرته بك فقد أثبت ذاتك معه، فوقعت الاثنينية فذهبت الأحدية.
قال: وكذلك إذا نظرته به وبك.
قال: لأن الضمير الذي هو التاء في قولك نظرته ما هو عين المنظور فلا بد إذن إذا ثبت الضمير من وجود نسبة بين شيئين وذلك ينافي الأحدية.
ثم عاد إلى معنى التوحيد فقال وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه، ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر و منظور معا.
ثم عاد إلى سياق كلامه الأول فقال: فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان فعله كله يرضاه الراضي وقد أجمل الشيخ الكلام هنا ويحتاج إلى البيان
ثم أخذ يبين فضل اسماعيل وألحق به كل نفس مطمئنة من كونها مرضية داخلة في جملة من اقتصر على زبه الذي هو عنه راض وهذا من مسال?ه التي انفرد بسلوكها، رضي الله عنه، ثم جعل العبد هو جنة ربه الذي يستره لأن الجنة مشتقة من الجن وهو الستر "
لكن قوله: يسترني كيف يجتمع مع قوله: فلا أعرف إلا بك وأكد ذلك بقوله: فمن عرفك عرفني فأين الستر
ثم غطي الجميع بقوله: فأنا لا أعرف فأنت لا تعرف، ويعني بكونه لا تعرف يعني بالعقل الفكري، وأما بالعقل الالقائي فيعرف وأما معرفته نفسه معرفة أخرى فهي معرفة كشف وشهود، والأولى كانت معرفة استدلال عرف فيها الحق بخلقه وهو قوله حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.
قال فيكون صاحب معرفتين: معرفة من حيث أنت وهذه معرفة العوام ومعرفة به" بك من حيث هو لا من حيث أنت وهذه معرفة الخواص.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال رضي الله عنه: " وكذا كلّ موجود عند ربّه مرضيّ ، ولا يلزم على ما بيّنّاه إذا كان كل موجود عند ربّه مرضيّاأن يكون مرضيّا عند ربّ عبد آخر ، لأنّه ما أخذ الربوبية إلَّا من كلّ ، لا من واحد ، فما تعيّن له من الكلّ إلَّا ما يناسبه ، فهو ربّه خاصّة ، ولا يأخذه أحد من حيث أحديته".
يعني رضي الله عنه: أنّ حصّة كل أحد من مطلق الربوبية وإن كانت معيّنة مخصوصة ، ولكنّها ما تعيّنت ولا تخصّصت إلَّا من الكلّ بحسب خصوصيته ، فناسب خصوص قابليته من مطلق الربوبية ما اقتضته ، فرضي كل واحد من الربّ والمربوب بصاحبه ، لمناسبة معه ، ولا يلزم أن يناسب تلك الربوبية المخصوصة بخصوصية عين أخرى ، هذا ما لا يكون له أبدا ، فإنّ الخصوصيات تميّز بعضها عن بعضها بما به المباينة والامتياز ، فلا يتشارك في الخصوصيات ، فتكون كل عين مرضيّة عند ربّها خاصّة ، فلو أخذت الربوبية من واحد معيّن ، وأخذ منه كذلك غيرها ، لكانت الربوبية المعيّنة المخصوصة مشتركة .
ولكنّ المخصوصة غير مشتركة ، فما أخذت كلّ عين عين إلَّا من كلّ فيه مجموع ما للكلّ بالقوّة ، فلا تظهر بالفعل إلَّا بما يعيّنها ، وما تعيّنها إلَّا خصوصيات الأعيان بحسبها .
قال رضي الله عنه: " ولهذا منع أهل الله التجلَّي في الأحدية ، فإنّك إن نظرته به فهو الناظر نفسه ، فما زال ناظرا نفسه بنفسه ، وإن نظرته بك فزالت الأحدية بك ، وإن نظرته به وبك فزالت الأحدية أيضا لأنّ ضمير التاء في « نظرته » ما هو عين المنظور ، فلا بدّ من وجود نسبة ما اقتضت أمرين : ناظرا ومنظورا ، فزالت الأحدية ، وإن كان لم ير نفسه إلَّا بنفسه ، ومعلوم أنّه في هذا الوصف ناظر ومنظور " .
يعني سلام الله عليه: إذا امتنعت التجلَّيات في الأحدية ، فلا يظهر التجلَّي أبدا من أحدية الذات ، فيه بكلّ ما تطلبه الاستعدادات ما يقتضيه ذاته ، لا غير ، فكل أحد مرضيّ عند ربّه لا مطلقا ، فلو كان مرضيّا مطلقا ، لظهر به وفيه وعليه جميع ما تطلبه الربوبية الكلَّية من الأفعال والأحوال والأخلاق والآثار ، وليس كل أحد بهذه المثابة ، ولكنّ الإنسان الكامل الذي فيه جميع المظهريات بالفعل .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال رضي الله عنه : "ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر ، لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد ، فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه فهو ربه " .
أي كل واحد من الأعيان أخذت من الربوبية المطلقة أي من الربوبية بجميع الأسماء ما يناسبها ويليق بها من ربوبية مختصة ، أي باسم خاص بها لا من واحد : أي ما أخذ الجميع من واحد معين حتى يلزم أنه إذا كان كل واحد مرضيا عند ربه كان مرضيا عند رب عبد آخر لأن الرب المطلق هو رب الأرباب ولكل رب خاص .
"" إضافة بالي زادة : فتفرد إسماعيل عليه السلام بهذه المرضية عن غيره ، لورود النص في حقه دون غيره ، لأن هذا العلم مودوع في روحه عليه الصلاة والسلام ، ويأخذ كل من علم هذا العلم من روحه ، وكذا أي كإسمعيل مرضى إلخ فإن عبد المضل ليس مرضيا عند الهادي وبالعكس لعدم ظهور ربوبية كل منهما في عبد الآخر ، فلا تكون الأشقياء مرضيين عند رب السعداء حتى يدخلوا دار السعداء معهم ، وإنما كان كذلك ( لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل ) بالأسماء ( لا من واحد ) أي لا من أحدى بالذات اهـ بالي زادة. ""

قال رضي الله عنه : ( ولا يأخذه أحد من حيث أحديته ، ولهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية لأن الأحدية الذاتية هي بعينها كل بالأسماء فلا يسعها إلا الكل ، ولا تتجلى بذاتها إلا لذاتها ( فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه ، فما زال ناظرا نفسه بنفسه ، وإن نظرته بك فزالت الأحدية بك ، وإن نظرته به وبك فزالت الأحدية أيضا . لأن ضمير التاء في نظرته ما هو عين المنظور فيه ، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه ومعلوم أنه في هذا الوقف ناظر ومنظور)
هذا دليل على أن التجلي يقتضي الكثرة لاقتضائه وجود المتجلى والمتجلى له لكونه أمرا نسبيا .
"" إضافة بالي زادة :  ( فإنك إن نظرته به ) أي نظرت الحق بالحق ، وهو النظر مع انتفاء التعين اهـ .
وأما إذا لم يظهر جميع أفعال الراضي في المرضى ، بل بعضه يظهر فيه وبعضه .
لم يظهر لظهوره في عبد رب آخر لم يكن المرضى مرضيا عند عدم ظهور ذلك البعض فلم يكن مرضيا مطلقا عند ربه ، فقد ثبت بالنص والكشف أنه عليه الصلاة والسلام مرضى مطلقا لظهور جميع فعل الراضي فيه ، فلما استوى كل موجود مع إسماعيل في كونه مرضيا عند ربه ، أراد أن يبين جهة امتيازه بقوله ففضل إسماعيل اهـ بالي زادة. ""
فكل واحد مرضى عند ربه الخاص لا مطلقا إلا الإنسان الكامل الذي له جميع صفات الراضي المطلق وأفعاله التي يظهر بها الرب المطلق فيكون الحق ناظرا ومنظورا في هذا الوصف راضيا مرضيا لا غير ، فيكون بهذا الإنسان هو الرب المطلق.
كقول الكامل " رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " – " رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ والأَرْضِ " ،  ( ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا ، وكذلك كل نفس مطمئنة ، قيل لها " ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ " - فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل " راضِيَةً مَرْضِيَّةً " ،  " فَادْخُلِي في عِبادِي " - من حيث ما لهم هذا المقام ، فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين لا بد من ذلك ) ظاهر .
"" إضافة بالي زادة : ( ولم ينظر إلى رب غيره ) كما لم ينظر ربه إلى عبد رب آخر ، فإن النظر إلى رب غيره من الجهل بربه ( مع أحدية العين ) أي مع أن ربه عين رب غيره في مقام أحدية الذات ، ومع ذلك ( لا بد من ذلك ) أي من عدم النظر إلى رب الغير ، فإن الأمر في نفسه على ذلك اهـ بالي زادة . ""
فإن الاطمئنان لا يكون إلا إذا أطاعت النفس ربها في جميع أوامره ونواهيه التي دعاها إليها فأجابته بها ، فتكون راضية مرضية عند ربها فتدخل في عباده من حيث أن لهم مقام الرضا ، فلم تنظر إلى رب غيرها من النفوس مع أحدية رب الكل بحسب الذات ، فإن عين جميع الأسماء ليست إلا ذاتا واحدة : " وادْخُلِي جَنَّتِي " - التي هي سترى.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال رضي الله عنه : (وكذا كل موجود عند ربه مرضى). أي، سواء كان سعيدا أو شقيا.
قال رضي الله عنه : (ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر). ليكون عبد (المضل) مرضيا عند عبد (الهادي) أو بالعكس.
وهذا جواب سؤال مقدر. وهو أنه إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا، فلم يحكم صاحب الشريعة بالسعادة والشقاوة. وهو ظاهر.
قال رضي الله عنه : (لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل، لا من واحد) أي، لأن إسماعيل ما
أخذ الربوبية إلا من كل مجموعي، وهو رب الأرباب، لا من واحد من تلك الأرباب.
(فما تعين له)، أي لإسماعيل.
(من الكل إلا ما يناسبه) وما يناسب استعداده. (فهو) أي، ذلك المتعين من حضرة الأسماء. (ربه خاصة.) ويجوز أن يرجع ضمير (لأنه) إلى (كل موجود). أي، لأن كل موجود مايأخذ الربوبية إلا من حضرة الكل، حسبما يتعين له من حضرته مما يناسب استعداده وقابليته، ولا يأخذ جميع أنواع الربوبية من واحد حقيقي الذي هو رب الأرباب، ليلزم إنه إذا رضى من رب، ينبغي أن يرضى منه رب آخر. ف
(الواحد) هنا بمعنى (الأحد) كما قال: (مسمى الله، أحدي الذات كل بالأسماء.) ويؤيد هذا المعنى قوله: (ولا يأخذه أحد من حيث أحديته). أي، لا يقبل أحد ربامن حيث أحدية الحق، بل من حيث إلهيته. (ولهذا) أي، ولأن كل واحد من الموجودات ما يأخذ من الرب المطلق إلا ما يناسبه ويقبله، ولا يأخذ من جميعأنواع الربوبية  (منع أهل الله التجلي في الأحدية). أي، طلب التجلي من مقام الأحدية.
قال رضي الله عنه : (فإنك أن نظرته به، فهو الناظر نفسه، فما زال ناظرا نفسه بنفسه). أي، لأنك إذا أدركت ذلك التجلي بالحق، فالحق مدرك نفسه لا أنت.
وقد كان مدركا نفسه عالما بها بنفسه أزلا.
(وإن نظرته بك، فزالت الأحدية). لأن الأحدية مع الإثنينية لا يمكن.
(وإن نظرته به وبك، فزالت الأحدية أيضا، لأن ضمير (التاء) في (نظرته) ماهو عين المنظور). أي، ليس عينه، بل هو عينك، فحصلت الإثنينية.
قال رضي الله عنه : (فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين: ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية) لوجود الثنوية.
قال رضي الله عنه : (وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه، ومعلوم أنه في هذا الوصف) أي الأحدية (ناظر ومنظور).
(إن) للمبالغة. أي، وإن كان لم يدرك نفسه ولم يشهد إياها إلابنفسه، فهو الناظر والمنظور، ولكن لا يخلو من النسب والاعتبارات في التجلي، وهو وجود المتجلي والمتجلى له.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال رضي الله عنه : "على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من الكل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية  فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا.
لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور."
قال رضي الله عنه : (أن يكون) لكل واحد منها (مرضيا عند رب عبد آخر)، كما لا يلزم ألا يكون مرضي واحد من الأرباب مرضا لبقية الأرباب، ففارق إسماعيل عليه السلام انت غيره من الموجودات.
(لأنه ما أخذ الربوبية) أي: ربا لنفسه (إلا من كل) من الذات والأسماء لإطلاعه بالكشف على كمالاتها في أنفسها، وظهوراتها مع أنه لا يكاشف أحد بما ليس فيه، (لا من واحد) وإن كان كل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة.
ولم يتأثر إسماعيل اللي بالأسماء القهرية، فلا بد في ربه أن يكون مطلقا بالنسبة إلى أرباب غيره تعينا بوجه مخصوص، (فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه) من الظهور ب?مالات تلك الأسماء وتأثيراتها، إذا أثر بالقهر فيمن كذبه، وذلك رقاب الخلائق لما بنی من الكعبة وضلل جماعة بما فيها من شبه عبادة الأصنام، عند الجاهلين، وقد غلطوا، فإنه إنما يتوجه إليها لا لكونها أحجارا مخصوصة، بل لاختصاصها بجهة مخصوصة، كان عليها الأرض التي هي الأصل الغالب على البدن، فتوجهه إليها موجب التوجه الروح إلى أصلها.
وليس كذلك في الأصنام، (فهو) أي: ما يناسبه من هذه الأسماء هو (ربه) لا تلك الأسماء كلها، فصدق في وجه أنه كلي، وأنه واحد من الأسماء خاص، وليس ذلك من جهة أحدية الكل حتى لا يبقى للخصوصية فيه وجه.
وذلك لأنه (لا يأخذه) أي: تعين الرب (أحد) الله تعالى (من حيث أحديته) سواء اعتبرت أحدية الذات أو أحدية الكل لمنافاتها اعتبار الكثرة من الخلق والخالق أيضا؛ لأن
كثرة الخلق أيضا منوطة بكثرة الأسماء، (ولهذا) أي: و لامتناع أخذ الربوبية من الأحدية (منع أهل الله التجلي في الأحدية) .
أي: أحدية كانت، مع أنه يجب جواز تجلي رب كل شيء عليه؛ وذلك لأن التجلي يقتضي إثنينية المتجلي والمتجلی له، والأحدية تنافي ذلك، (فإنك إن نظرته به فهو الناظر) الآن نفسه بنفسه، (فما زال ناظرا نفسه بنفسه).
""الأحدية: هي اعتبار الذات من حيث لا نسبة بينها وبين شيء أصلا ولا شيء إلى الذات نسبة
أصلا، ولهذا الاعتبار المسمى بالأحدية تقتضي الذات الغني عن العالمين، لأنها من هذه الحيثية لا نسبة بينها وبين شيء أصلا.
ومن هذا الوجه المسمى بالأحدية يقتضي أن لا تدرك الذات ولا يحاط بها بوجه من الوجوه لسقوط الاعتبارات عنها بالكلية، وهذا هو الاعتبار الذي به تسمی الذات أحدا كما عرفت، ومتعلقه بطون الذات وإطلاقها وأزليتها، ومنها أحدية الذات والصفات والأسماء والأفعال، وأحدية الجمع""
فلو صح أن يقال إنك ناظره الآن؛ لصح أن يقال: إنك ناظره قبل أن تنظره، بل الكل ناظر إليه، وإن كان من العوام أو المعدومات المحضة، (وإن نظرته بك) لا به حذفه؛ ليشعر بأنه وإن لم يصرح بنفيه فهو منفي لا محالة حصلت الإثنينية، (فزالت الأحدية بك)؛
لأنه موجب الفرق، (وإن نظرته به وبك) وزعمت أن بك لا يوجب الفرق حصلت الإثنينية أيضا، (فزالت الأحدية أيضا) باعتبار أن النظر منسوب إلى الفاعل والمفعول، وذلك (لأن ضمير التاء في نظرته) وهو المفعول الفاعل (ما هو عين المنظور)؛ لأن تعلق الفعل بأحدهما من جهة الصدور، وبالآخر من جهة الوقوع، (فلا بد من وجود نسبة ما) للفعل (اقتضت أمرين) حقيقة أو اعتبارا، (ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية) لوجوب اعتبار الإثنينية المنافية لاعتبار الأحدية، واعتبار إثنينية الناظر والمنظور هنا واجب، (وإن كان) الناظر (لم ير) حقيقة (إلا نفسه بنفسه).

وذلك لأنه (معلوم) بالضرورة (أنه) أي: الناظر نفسه بنفسه (في هذا الوصف) أي: النظر المقتضي للنسبة المتوقفة على المنتسبين المتغایرین حقيقة أو اعتبارا (ناظر ومنظور) بينهما فرق اعتباري ينافي الأحدية عند اتحادهما حقيقة، فكيف عند اتحادهما باعتبار من الاعتبارات، وإذا كان رضا الكل لا يحصل إلا عند أخذ الربوبية من الكل بما يتعين له مما يناسبه لا غير.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الخامسة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:53 am

الفقرة الخامسة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الخامسة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال رضي الله عنه : ( وكذا كلّ موجود عند ربّه مرضيّ ) بظهور أثره الخاص به منه ، فيكون الكلّ مرضيّا وسعيدا عند ربّه.
الشقيّ ومغضوب عليه
وإذ قد استشعر أن يقال : « فلا يكون للشقاوة والغضب حكم ، ولا يكون شقيّ ولا مغضوب أصلا » ، أشار إلى منشأ تلك التفرقة بقوله : ( ولا يلزم إذا كان كلّ موجود عند ربّه مرضيّا - على ما بيّناه - أن يكون مرضيّا عند ربّ عبد آخر ) ، فإنّ المرضيّ عند ربّ عبد الهادي ، غير مرضيّ عند ربّ عبد المضلّ ، وكذا السعيد عند عبد الرحيم شقيّ عند عبد القاهر .
إذ الأرباب متقابلة الأحكام والآثار ( لأنّه ) أي العبد ( ما أخذ الربوبيّة إلَّا من كلّ ) في حضرة تفرقة الأسماء ( لا من واحد ) في حضرة الجمعيّة ( فما تعيّن له ) - أي للعبد الذي أخذ رقيقة الربوبيّة أولا ( من الكلّ إلَّا ما يناسبه ) بحسب الأحكام والآثار فكلّ عبد يصدر منه حكم يناسب اسما من الأسماء المتقابلة ( فهو ربّه ) لأنّ العبد إنّما يأخذ الربّ من الكلّ ( ولا يأخذه أحد من حيث أحديّته ) .
( ولهذا منع أهل الله التجلَّي في الأحديّة ، فإنّك إن نظرته به ، فهو الناظر نفسه ، فما زال ناظرا نفسه بنفسه ، وإن نظرته بك ، فزالت الأحديّة بك ) لاستلزامه النسبة ، ( وإن نظرته به وبك ، فزالت الأحديّة أيضا ، لأنّ ضمير التاء في « نظرته » ما هو عين المنظور ) - الذي هو الهاء - ( فلا بدّ من وجود نسبة ما ، اقتضت أمرين : ناظرا ومنظورا فزالت الأحديّة ) هذا كلَّه إذا كان الناظر أنت ، ( وإن كان) الناظر هو و ( لم ير إلَّا نفسه بنفسه ، ومعلوم أنّه في هذا الوصف ناظر منظور ) معا ، مندمج حكم أحدهما في الآخر ، فلا يكون ناظرا ولا منظورا .
وإذا تبيّن أنّ الأحديّة مما لا يكاد يصلح لأن يكون موطن الناظريّة والمنظوريّة ، ولا غيرها من النسب ذات الثنوية والتقابل - كالراضي والمرضي - فلا يكون المرضي المطلق هو العبد الذي ينتسب إليها إلَّا بعد أن اطمأنّ عن الإضافة والتعمّل كما سبق .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذا كل موجود عند ربه مرضي. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه. ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا. لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.)
قال رضي الله عنه : "  وكذا كل موجود عند ربه مرضي.  ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من الكل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه.  ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ، فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا.  لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين " 
قال رضي الله عنه : (ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا)، فيكون عنده سعيدا (على ما بيناه أن يكون مرضية عند رب عبد آخر) وسعيدا عنده فلا يلزم أن يكون عبد المضل مرضيا وسعيدا عند رب عبد الهادي، أو بالعكس إذ كل واحد منها سعيد بالنسبة إلى ربه شقي بالنسبة إلى رب آخر.
ونیست هذه السعادة والشقاوة ما ح?مت به الشريعة فإن عبد الهادي سعيد مطلقا بحكمها وعبد المضل شقي مطلقة، وإنما قلنا لا يلزم أن يكون المرضي عند رب مرضية عند رب آخر (لأنه)، أي كل موجود (ما أخذ الربوبية إلا من كل) مجموعي وهو أحدية جمع أسماء الربوبية (لا من) اسم (واحد) بعينه ليلزم أن يكون المرضي عند ربه مرضية عند رب آخر لاتحاد ربیهما (فما تعين له)، أي لكل موجود (عن ذلك الكل) المجموعي (إلا ما يناسبه وما يناسب استعداده) من الأسماء المخصوصة.
(فهو)، أي ذلك المتعین (ربه ولا يأخذه)، أي الرب (أحد من حيث أحديته) الذاتية بل من حيث جمعيته الإلهية (ولهذا)، أي لعدم تعین الرب لكل أحد من مجموع الأسماء إلا ما يناسبه لا الذات من حيث أحديتها (منع أهل الله التجلي في الأحدية)، أي حكموا بامتناع التجني في مرتبة الأحدية ، فإن التجلي نسبة تقتضي النينية التجلي والمتجلى له المتغايرين ذاتا أو اعتبارا و هي تنافي الأحذية .
وهذا مجمل ما فصله رضي الله عنه بقوله (فإنك إن نظرته به) كما في قرب الفرائض بأن يرتفع المراد بضمير التاء وهو أنت عن البين، ولم يكن أحد طرفي نية التجلي (فهو الناظر نفسه فما زال ناظرة نفسه بنفسه وإن نظرنه بك) بأن تكون أنت الناظر كما في قرب النوافل.
(فزالت الأحدية بك وإن نظرته به وبك) بالجمع بين الاعتبارين كما في قربي الفرائض والنوافل معا.
(فزالت الأحدية) على هذا التقدير (أيضا)، وإنما زالت الأحدية في الصورتين الأخيرتين (لأن ضمير التاء في نظرته) يعني المراد به فيهما حيث لم ترتفع عن البين بالكلية
قال الشيخ رضي الله عنه : "المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.  "

(ما هو عين المنظور) المشار إليه بضمير البهاء، فإن الناظر فيهما العبد والمنظور الرب (فلا بد) في شيء من هذه الصور الثلاث (من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرة ومنظورة) مغايرين بالذات أو الاعتبار.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السادسة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:54 am

الفقرة السادسة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السادسة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية». «فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري. وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
(فالمرضي)، أي العبد الذي رضي ربه عنه (لا يصح أن يكون مرضيا عنه) من جهة ربه (مطلقا)، أي في كل حضرة من حضراته سبحانه حتى يكون مرضية عنه عند رب كل شيء (إلا إذا كان)، أي وجد (جميع ما يظهر به) ذلك العبد (من فعل الراضي) لا من فعله هو (فيه).
أي في ذلك العبد فحينئذ يصح أن يكون مرضية مطلقة لا في حضرة دون حضرة وذلك مثل قول الخضر عليه السلام ما فعلته عن أمري يعني بل عن أمر الله تعالى .
فالفعل أثر الأمر والأمر لله تعالی بخلاف ما لو كان الأمر للنفس كحال الغافل على معنى أن النفس مدعية له إن النفس لأمارة بالسوء وإلا فإن الأمر كله لله (ففضل إسماعيل) عليه السلام (غيره)، أي صار أفضل من غيره (من الأعيان)، أي العبيد الذين كل عند منهم مرضي عند ربه كما مر (بما نعته)، أي وصفه (الحق تعالی به من ?ونه"عند ربه ، مرضيا" [مريم: 55]، وربه رب كل شيء، لأنه قائم به لا بنفسه وأفعاله كلها عند أفعال ربه.
فهو بأمر ربه لا بأمر نفسه فنفسه مطمئنة لا أمارة ولا لوامة فهو مرضي عنه مطلقة من كل حضرة من حضرات ربه وبهذا فارق غيره من العبيد إلا من كان مثله.
(وكذلك)، أي كما فضل إسماعيل عليه السلام تفضل (كل نفس مطمئنة) أسلمت أمرها إلى ربها فقامت بأمر ربها فلم تدع أمره تعالى النازل إليها فليست أمارة ولا هي مترددة في ذلك فما هي لوامة (قيل)، أي قال قائل (لها) عند موتها الاختياري والاضطراري .
( أرجعي) عن كل شيء حتى عن نفسك وعن رجوعك ذلك (إلى ربك ) الذي أمره نازل إليك وقد تر?ت ادعاء أمره فإذا رجعت إليه ماتت من الدعاوی فزالت، وظهور ربها في مقامه ملتبسة بها (فما أمرها)، أي القائل (أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها) أو (فعرفته) بظهوره (من الكل)، أي كل العبيد فرب النفس المطمئنة أعظم من رب النفس الأمارة واللوامة .
ثم قال : ("راضيه") عنه  [الفجر: 28] منه (فادخلي في زمرة عبادي)، أي العارفين أصحاب النفوس المطمئنة (من حيث ما لهم في هذا المقام المذكور .
فالعباد المذكورون هنا في هذه الآية. (كل عبد عرف ربه تعالی) المعرفة التامة (واقتصر عليه) سبحانه من حيث هو متجلي عليه بصفة ربوبيته الخاصة (ولم ينظر)، أي ذلك العبد (إلى رب عبد غيره) من بقية العبيد (مع) معرفته وتحققه بحضرة
(أحدية العين)، أي الذات الإلهية المتجلية من حيث واحديتها دون أحديتها بصفة الربوبية لكل عبد لما يناسبه كما سبق (لا بد من ذلك)، أي من اعتبار ثبوت الأحدية له تعالی عند بصيرة ذلك العبد.
(وادخلي) يعني يا أيتها النفس المطمئنة (جنتي) والجنة مشتقة من الاجتنان وهو الاستتار سميت بذلك لأن أشجارها تستر أرضها من كثرتها ونضارتها (التي) نعت للجنة (هي)، أي جنتي (ستري)، أي ما يستر حقیقتي مع أسمائي وصفاتي
(وليست جنتي) المذكورة (سواك)، يا أيها العبد العارف بربه، لأنك ساتر حقیقتي بحقيقتك وأسمائي وصفاتي بأسمائك وصفاتك، فأنت حجابي عند الأجنبي وأنت جنتي عندك وعند أمثالك من العارفين فادخل ذلك وتنعم فيها بذاتي وبأسمائي وصفاتي .
(فأنت تسترني) عنك وعن غيرك (بذاتك) الإنسانية الكاملة (فلا أعرف)، بالبناء للمفعول، أي لا يعرفني أحد (إلا بك)، أي بواسطتك ومن عرفني فقد وجدت عنده فلا أوجد عندك وعند أحد إلا بك (كما أنك) يا أيها العارف الكامل (لا تكون)، أي لا توجد عندك وعند غيرك (إلا بي) من حيث إظهاري لك من عدمك الأصلي .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
فإذا علمت هذا (فالمرضي) عند ربه (لا يصح أن يكون) عند ربه الخاص (مرضيا مطلقا)، أي عاما في جميع الأوقات .
بحيث لا ينفك عنه كونه مرضيا عند ربه في حال أصلا كما أن النص الوارد في حق إسماعيل عليه السلام كذلك (إلا إذا كان جميع ما يظهر به) أي بسبب المرضي (من فعل الراضي) بيان لما (فيه) أي في المرضي .
وأما إذا لم يظهر جميع أفعال الراضي في المرضي بل بعضه يظهر فيه وبعضه لم يظهر لم يكن المرضي مرضيا عند عدم ظهور ذلك البعض فلم يكن مرضيا مطلقا عند ربه فقد ثبت بالنص والكشف أنه مرضي مطلقة لظهور جميع فعل الراضي فيه.
فلما استوى ?ل موجود مع إسماعيل عليه السلام في كونه مرضيا عند ربه .
أراد أن يبين جهة امتيازه بقوله(ففضل إسماعيل عليه السلام على غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها: "ارجعي إلى ربك" فما أمرها أن نرجع إلا إلى ربها الذي دعاها) .
أي إلا إلى الرب الله الذي دعى النفس المطمئنة إليه بالرجوع (فعرفته) أي فعرفت النفس المطمئنة ربها (من الكل) بسبب قبول دعوته (راضية) عن ربها (مرضية) عند ربها (" فادخلي في عبادي" من حيث ما) أي من الوجه الذي حصل (لهم هذا المقام) فأنت لائق مستحق بأن تدخل في زمرتهم بسبب كسبك هذا المقام
(فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالی) من الكل (واقتصر) نفسه (عليه) أي على ربه (ولم ينظر إلى رب غيره) كما لم ينظر ربه إلى عبد رب آخر .
فإن النظر إلى رب غيره لا يكون إلا من الجهل بربه (من أحدية العين) .
أي مع أن ربه عین رب غيره في مقام أحدية الذات ومع ذلك ( لا بد من ذلك).
أي من عدم النظر إلى رب الغير فإن الأمر في نفسه على ذلك ("وادخلي جنتي" التي هي سري) بكسر السين أي حجابي .
(وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك) فذاتك حجاب بيني وبينك فادخلي ذاتك بإفنائك في ذاتي حتى تشاهد ذاتي .
فكما أن رؤية الله تعالى لا يمكن في عالم الصورة إلا بدخول الجنة في عالم الآخرة. كذلك لا يشاهد الحق في عالم المعاني إلا بالدخول في الجنة المعنوية (فلا أعرف إلا بك) أي لا يظهر آثار ربوبيتي إلا بسببك لا بدونك .
(كما أنك لا تكون) أي لا توجد (إلا بې) أي بسببي فإنا لم أعرف إلا بك (فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف) إلا بك ، فأنت لا تعرف إلا بي.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال الشيخ رضي الله عنه : " فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية». «فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. "
ثم عاد إلى معنى التوحيد فقال وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه، ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر و منظور معا.
ثم عاد إلى سياق كلامه الأول فقال: فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان فعله كله يرضاه الراضي وقد أجمل الشيخ الكلام هنا ويحتاج إلى البيان
ثم أخذ يبين فضل اسماعيل وألحق به كل نفس مطمئنة من كونها مرضية داخلة في جملة من اقتصر على زبه الذي هو عنه راض وهذا من مسال?ه التي انفرد بسلوكها، رضي الله عنه، ثم جعل العبد هو جنة ربه الذي يستره لأن الجنة مشتقة من الجن وهو الستر "
لكن قوله: يسترني كيف يجتمع مع قوله: فلا أعرف إلا بك وأكد ذلك بقوله: فمن عرفك عرفني فأين الستر
ثم غطي الجميع بقوله: فأنا لا أعرف فأنت لا تعرف، ويعني بكونه لا تعرف يعني بالعقل الفكري، وأما بالعقل الالقائي فيعرف وأما معرفته نفسه معرفة أخرى فهي معرفة كشف وشهود، والأولى كانت معرفة استدلال عرف فيها الحق بخلقه وهو قوله حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.
قال فيكون صاحب معرفتين: معرفة من حيث أنت وهذه معرفة العوام ومعرفة به" بك من حيث هو لا من حيث أنت وهذه معرفة الخواص.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال الشيخ : "فالمرضيّ ما يصحّ أن يكون مرضيّا مطلقا إلَّا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه " .
يعني سلام الله عليه: إذا امتنعت التجلَّيات في الأحدية ، فلا يظهر التجلَّي أبدا من أحدية الذات ، فيه بكلّ ما تطلبه الاستعدادات ما يقتضيه ذاته ، لا غير ، فكل أحد مرضيّ عند ربّه لا مطلقا ، فلو كان مرضيّا مطلقا ، لظهر به وفيه وعليه جميع ما تطلبه الربوبية الكلَّية من الأفعال والأحوال والأخلاق والآثار ، وليس كل أحد بهذه المثابة ، ولكنّ الإنسان الكامل الذي فيه جميع المظهريات بالفعل .
قال رضي الله عنه: " ففضل " إسماعيل عليه السّلام غيره من الأعيان بما نعته الحقّ به من كونه عند ربّه مرضيّا ، وكذلك كلّ عين مطمئنّة قيل لها : " ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ " فما أمرها أن ترجع إلَّا إلى ربّها الذي دعاها فعرفته من الكلّ "راضِيَةً مَرْضِيَّةً . فَادْخُلِي في عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي " من حيث ما لهم هذا المقام . والعباد المذكورون هنا كلّ عبد عرف ربّه ، واقتصر عليه ، ولم ينظر إلى ربّ غيره مع أحدية العين لا بدّ من ذلك ، وهو ظاهر".
يعني رضي الله عنه: العباد الذين فيهم تدخل النفس المطمئنّة تحت أوامر ربّها ونواهيه وأفعاله ، إذا دعيت إلى ربّها ، فأجابت النداء راضية مرضيّة فلا بدّ أن تدخل فيهم ، فإنّ المقام بينها وبينهم لكونهم جميعا راضين مرضيّين مطمئنّين مدعوّين .
قال رضي الله عنه: « وادخلى جنّتى » التي بها ستري ، وليست جنّتي سواك ، فأنت تسترني بذاتك ، فلا أعرف إلَّا بك ، كما أنّك لا تكون إلَّا بي ".
فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت ، ومعرفة به بك من حيث هو ، لا من حيث أنت » .
قال العبد : اشتقاق الجنّة من الستر ، وكلّ جنّة تجنّ أرضها بما عليها من النبات والشجر ، وهي بالنسبة إلى الجنّة مقامات ومنازل تلائمهم كلّ الملاءمة ، فكلّ عبد مرضيّ عند ربّه يلائمه بكونه مظهرا له في جميع ما يحبّ ويرضى أن يظهر فيه وبه ، فهو جنّة ربّه حيث ظهر ، وستر هو في مظهريته .
فجعل العبد نفسه وقاية لربّه وجنّة له من الأفعال والآثار المذمومة عند من لا يرضاها من الأرباب والعبيد ، فأضاف إلى نفسه جميع المذامّ وهي بالأصالة أفعال وآثار لربّه فيه ، فصار وقاية ربّه عن ألسنة أهل الذمّ والمذامّ ، وهدفا لسهام الطعن والملام ، وجعل ربّه وقاية له في جميع المحابّ والمحامد.
فأضافها جميعا إلى ربّه جنّة له ، فلا تضاف المحامد إليه من حيث هو ، بل إلى ربّه ، واستتر هو بربّه عن إضافة المحامد ، كما ستر ربّه به عن المذامّ ، فكما أنّ العبد لا يكون موجودا إلَّا بربّه ، إذ هو كون .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال رضي الله عنه : "فالمرضى لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه "
هذا دليل على أن التجلي يقتضي الكثرة لاقتضائه وجود المتجلى والمتجلى له لكونه أمرا نسبيا .
"" إضافة بالي زادة :  ( فإنك إن نظرته به ) أي نظرت الحق بالحق ، وهو النظر مع انتفاء التعين اهـ .
وأما إذا لم يظهر جميع أفعال الراضي في المرضى ، بل بعضه يظهر فيه وبعضه .
لم يظهر لظهوره في عبد رب آخر لم يكن المرضى مرضيا عند عدم ظهور ذلك البعض فلم يكن مرضيا مطلقا عند ربه ، فقد ثبت بالنص والكشف أنه عليه الصلاة والسلام مرضى مطلقا لظهور جميع فعل الراضي فيه ، فلما استوى كل موجود مع إسماعيل في كونه مرضيا عند ربه ، أراد أن يبين جهة امتيازه بقوله ففضل إسماعيل اهـ بالي زادة. ""
فكل واحد مرضى عند ربه الخاص لا مطلقا إلا الإنسان الكامل الذي له جميع صفات الراضي المطلق وأفعاله التي يظهر بها الرب المطلق فيكون الحق ناظرا ومنظورا في هذا الوصف راضيا مرضيا لا غير ، فيكون بهذا الإنسان هو الرب المطلق.
كقول الكامل " رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " – " رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ والأَرْضِ " ،  ( ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا ، وكذلك كل نفس مطمئنة ، قيل لها " ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ " - فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل " راضِيَةً مَرْضِيَّةً " ،  " فَادْخُلِي في عِبادِي " - من حيث ما لهم هذا المقام ، فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين لا بد من ذلك ) ظاهر .
"" إضافة بالي زادة : ( ولم ينظر إلى رب غيره ) كما لم ينظر ربه إلى عبد رب آخر ، فإن النظر إلى رب غيره من الجهل بربه ( مع أحدية العين ) أي مع أن ربه عين رب غيره في مقام أحدية الذات ، ومع ذلك ( لا بد من ذلك ) أي من عدم النظر إلى رب الغير ، فإن الأمر في نفسه على ذلك اهـ بالي زادة . ""
فإن الاطمئنان لا يكون إلا إذا أطاعت النفس ربها في جميع أوامره ونواهيه التي دعاها إليها فأجابته بها ، فتكون راضية مرضية عند ربها فتدخل في عباده من حيث أن لهم مقام الرضا ، فلم تنظر إلى رب غيرها من النفوس مع أحدية رب الكل بحسب الذات ، فإن عين جميع الأسماء ليست إلا ذاتا واحدة : " وادْخُلِي جَنَّتِي " - التي هي سترى ، (وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك ) الجنة : المردة من الجن وهو الستر .
ولما كان العبد مظهرا لربه كان سترا له بكونه ، وكان ملائما ربه في مظهريته له وكون أفعاله أفعاله ، فيحبه ويحب أفعاله وهو جنة ربه ( فلا أعرف إلا بك ، كما أنك لا تكون إلا بي ) فكما لا يوجد العبد إلا بربه لأنه موجود بوجوده ، فكذلك لا يعرف الرب إلا بالعبد لأنه مظهره ومظهره كما قال تعالى :" سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّه الْحَقُّ " .
وقال عليه الصلاة والسلام « من عرف نفسه فقد عرف ربه ».

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال رضي الله عنه : (فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا) ليس جواب الشرط، بل نتيجة قوله: (فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه). أي، إذا كان الفعل المرضى صادرا من رب معين، يكون مرضيا بالنسبة إليه، لأنه فعله، ولا يكون مرضيا مطلقا.
قال رضي الله عنه : (إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه). أي، إلا إذا كان في المربوب الذي يظهر به الفعل المرضى استعداد فعل كل راض، ليظهر فيه ربهأ فعال الكل، فيكون الفعل حينئذ مرضيا مطلقا، لصدوره من مقام الجمع ومظهر الكمال المطلق.
كعين الإنسان الكامل القائل: (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ربنا رب السماوات والأرض).
وليس ذلك إلا رب الأرباب. ألاترى أن المؤمنين والكافرين كلهم كانوا راضين بأحكام النبي، صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وإن كان الكافر ينازع في نبوته.
(ففضل إسماعيل)، عليه السلام، غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه (عند ربه مرضيا) ظاهر. وكذلك كل نفس مطمئنة قبل لها: (إرجعي إلى ربك).
فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل (راضية مرضية).
أي، وكذلك كل نفس اطمأنت وتركت الهوى واللذة الفانية، فهي راضية من ربها مرضية عنده.
كما قال تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية).
فأمرها أن ترجع إلى ربها الذي دعاها، أي، طلبها من الحضرة الإلهية الجامعة أن يكون مظهرا لكماله ومجلى لأنواره ومحلا لظهور سلطنته وأفعاله.
فعرفت تلك النفس المطمئنة ربها من بين الأرباب، فصارت راضية منه ومن أفعاله مرضية عنده.
قال رضي الله عنه : (فادخلي في عبادي) من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا، كلعبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين لا بد منذلك).
(ما) في قوله: (من حيث ما لهم) زائدة. أي، فادخلي في زمرة عبادي الذين يعرفون أربابهم، وصاروا راضين مرضيين بهم وأفعالهم، واقتصروا على أربابهم، ولم ينظروا إلى غير أربابهم ولم يطلبوا إلا ما يفيض عليهم منهم مع أحدية الذات الإلهية الذي هو رب الأرباب كلها.
("وادخلي جنتي" التي هي ستري). بكسر السين.
أي، حجابي. وفي بعض النسخ: (بها سترى). بفتح السين.
واعلم، أن (الجنة) في اللغة عبارة عن أرض فيها أشجار كثيرة بحيث
يستر الأرض بظلها. مأخوذ من (الجن) وهو الستر. فالجنة مرة من (الجن) الذيهو (الستر).
وفي اصطلاح علماء الظاهر عبارة عن مقامات نزهة ومواطن محبوبة من الدار الآخرة، وهي جنة الأعمال والأفعال. وللعارفين جنات أخر غيرها.
وهي جنات الصفات، أعني، الاتصاف بصفات أرباب الكمال والتخلق بأخلاق ذي الجلال. وهي على مراتب، كما أن الأول على مراتب. ولهم جنات الذات.
وهي ظهور رب كل منهم عليهم واستتارهم عنده في أربابهم. هذه الجنات الثلاث للعبد.
وللحق أيضا جنات ثلاث، تقابلها، لذلك قال تعالى: (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي). فأضاف إلى نفسه.
فأول جناته، الأعيان الثابتة، لأنه بها يستر، فيشاهد ذاته بذاته من وراء أستار الأعيان الثابتة.
والثانية، استتاره في الأرواح بحيث لا يطلع عليه ملك مقرب ولا غيره.
والثالثة، استتاره في عالم الشهادة بالأكوان، ليشاهد عوالمه من وراء الاستتار بحيث لا يشعر عليه الأغيار.
وهذا بحسب استتار ذاته في الذوات في عوالمها، وكذلك استتاره بحسب الصفات والأفعال في صفاتها وأفعالها.
فالعارف إذا قيل له: (أدخل جنتي) لم يفهم منه إلا: أدخل ذاتك وعينك وحقيقتك، لتجدني فيها ويشاهدني بها. لأن مطلوبه الحق فقط. بخلاف غير العارف، فإن جنته ما فيه حظوظ نفسه من المشارب والمآكل والمناكح وما يتعلق بها.
لذلك قال رضي الله عنه مترجما عن الحق:
قال رضي الله عنه : (وليست جنتي سواك، فأنت تسترني بذاتك). وتكون وقايتي في ذاتي وصفاتي وأفعالي بذاتك وصفاتك وأفعالك.
قال رضي الله عنه : (فلا أعرف إلا بك، كما أنك لا تكون إلا بي.) أي، لا أظهر في الأكوان إلا بك.
فإنك مرآة ذاتي ومجلي صفاتي ومحل تصرفي وولايتي، كما أنك لا توجد إلا بي، لأنك من حيث أنت عدم محض.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال رضي الله عنه : (فالمرضي لا يصح أن يكون مرضا مطلقا) للذات والأسماء (إلا إذا كان جميع ما يظهر به) الحق في الخلق لا من كل جهة بل (من) جهة (فعل الراضي) من الذات والأسماء (فيه) بأن يظهر بصورها وفاعليتها لا بأثارها الموجبة لانفعالها، إذ هي جهة السفل، وجهة الرضا، جهة العلو والكمال.
قال رضي الله عنه :  ( ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية». «فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «وادخلي جنتي» التي بها ستري. )
وقد حصل ذلك في حق إسماعيل عليه السلام (ففضل إسماعيل غيره من الأعيان) التي رضي عنها أربابها (بما نعته الحق) الذي لا يليق بعظمته أن يصف بالرضا المطلق غير شيء، إلا إذا رضي بكليته بجهة خاصة عنه (من كونه عند ربه) وهو الكلي المخصوص (مرضيا) بالرضا الكلي مع اختصاص في جهته كالرب.
(وكذلك) أي: مثل إسماعيل النية في رضا الرب المأخوذ من الكل المتعين بما يناسب المربوب (كل نفس مطمئنة) لا تتحرك بغير الحق حتى صفت وصارت مائلة لصورته الكاملة المأثورة، (قيل لها: "ارجعي إلى ربك" الفجر: 28]) بظهور صورته الكاملة المؤثرة فيك؛ ليحصل رضاه الكلي عنك (فما أمرها أن ترجع) الطلب رضاه الكلي (إلا إلى ربها) إذ أضافه إلى ضميرها، وإن كان ربها مأخودا من الكل فأراد التغير من الكل بما يناسبها.
وهو الذي دعاها إلى معرفته لمناسبة بينها وبينه، إذ لا بد منها فيما بين المفيض والقابل؛ لكنه مأخوذ من الكل؛ (فعرفته من الكل) بظهور صورته الكاملة المؤثرة، أو لا يمكن لها الرجوع إلى غير من عرفته، فلما عرفته رجعت إليه راضية بأن تزينت بزينة ظهور الرب الكلي فيها بصورة التأثير لا الأثر الحاجب عنه، مرضية لذلك الرب الكلي، ولما في ضمنه من الذات وسائر الأسماء برؤيتها كمالاتها فيها. ثم قيل لها: "فادخلي في عبادي" [الفجر: 29]) .
بالتحقق بمقام العبودية بعد التصور بصورة الربوبية، والمراد الذين عبدوا الذات لا (من حيث) هي ذات، إذ لا يمكن معرفتها فكيف تتأتی عبادتها؛ بل من حيث (ما لهم هذا المقام) وهو أنهم راضون مرضيون لما ظهر فيهم من الصورة الكاملة المؤثرة لرب تعين لهم من الكل بما يناسبهم، دعاهم إلى معرفته فعرفوه من الكل فعبدوه، واختاروا مقام العبودية الكاملة من غير معرفة، (فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالی) المأخوذ من الكل المتعين بما يناسبه، (واقتصر عليه) في التوجه إليه بالعبادة، (ولم ينظر إلى رب غیره) بالاعتقاد.
وإن كان ربه متعينا له من الذات والأسماء كلها، ولو (مع أحدية العين) أي: أحذية ذات تلك الأسماء المانعة من التفرق من وجه آخر (لا بد من ذلك) .
أي: ترك النظر إلى غير ربه، ولو من وجه الأحدية فإن النظر إلى اسمين لشيء واحد مفرق للنظر والتفرقة منافية لكمال الصفاء، الموجب الكمال الظهور، الموجب لكمال رضا الكل على النهج المخصوص.
ولما صارت راضية مرضية بما ظهر فيها من صورة الرب الكاملة المؤثرة، وازداد كما؟ بلزوم العبودية، قيل لها: ("و ادخلى جئتی" [الفجر: 30] التي هي ستري) أي: باطني، وهذا بطريق الإشارة باعتبار الاشتقاق البعيد للجنة من الجن، وهو الستر.
قال رضي الله عنه : " وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك. فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي."  
ثم قال: (وليست جنتي سواك) أي: سوى عينك الثابتة، وذلك لأن الدخول في بطون الذات إنما يمكن بالدخول في الأعيان الثابتة التي نشأت من الباطن، ولا تقبل الظهور أصلا، (فأنت تسترني بذاتك) عند كمال ظهوري بصورتي الكاملة المؤثرة فيك، وإلا فالوجود نور من شأنه الظهور بنفسه، والإظهار لغيره، ولا يستر إلا بساتر، وليس ثم إلا الوجود والأعيان، وإذا كان ظهوري وبطوني مجتمعين فيك؛ (فلا أعرف) من حيث الجمع بينهما (إلا بك كما أنك لا تكون) موجودا (إلا ?ی) في مقام البقاء، وكذا فيما قبل ذلك.
لكن كنت تتوهم في مقام الفرق الأول أن لك وجودا مستقلا، وإذا كنت جامعة لظهور ظهوري وظهور بطوني.

"" أضاف الجامع : العالم محصور في علو وسفل فقال الشيخ في الفتوحات الباب السابع والثمانون وثلاثمائة:
 اعلم أن العالم محصور في علو وسفل ،والعلو والسفل له أمر إضافي نسبي.
فالعالي منه يسمى سماء والأسفل منه يسمى أرضا ، ولا يكون له هاتان النسبتان إلا بأمر وسط يكون بينهما .
ويكون ذلك الأمر في نفسه ذا جهات فما أظله فهو سماء وما أقله فهو أرض له .
وإن شئت قلت في الملأ الأعلى والملأ الأسفل ، أنه كل ما تكون من الطبيعة فهو الملأ الأسفل وكل ما تولد من النور فهو الملأ الأعلى .
وأكمل العالم من جمع بينهما وهو البرزخ الذي بجهاته ميزهما أو بجمعيته ميزهما بالعلو والسفل من حيث المؤثر ، والمؤثر فيه اسم فاعل واسم مفعول .  والحق تعالى بالنظر إلى نفسه لا يتصف بشيء مما يتصف به وجود العالم .
فالعظمة والكبرياء المنسوبان إليه في ألسنة الفهوانية ، أن الله لما نسب الكبرياء الذي له ما جعل محله إلا السموات والأرض فقال: " ولَهُ الْكِبْرِياءُ في السَّماواتِ والْأَرْضِ". ما قال في نفسه فالمحل هو الموصوف بالكبرياء الذي لله.
فالعالم إذا نظر إلى نفسه صغيرا ورأى موجدة منزها عما يليق به سمي ربه كبيرا وذا كبرياء لما كبر عنده بما له فيه من التأثير والقهر .
فلو لم يكن العالم مؤثرا فيه لله تعالى ما علم أنه صغير ولا أن ربه كبير .
وكذلك رأى لما قامت الحاجة به والفقر إلى غيره احتاج أن يعتقد ويعلم، أن الذي استند إليه في فقره له الغني فهو الغني سبحانه في نفس عبده.""
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السادسة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:54 am

الفقرة السادسة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السادسة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال رضي الله عنه : " فالمرضيّ لا يصحّ أن يكون مرضيّا مطلقا ، إلَّا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه " غير مشوب بشيء من آثاره الكونيّة التي تنصبغ بها أحكام الربّ ، وتلتبس وتختلط صرافة قابليّته الذاتيّة بتلك الآثار الخارجة ، فتصير حجابا له عن إدراك الأمر على ما عليه وهو إعطاء الربّ كلّ شيء خلقه وتبيينه - الذي هو الهداية .
كان إسماعيل عليه السّلام عند ربّه مرضيّا
( ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحقّ به  من كونه عند ربّه مرضيّا) فإنّه هو المرضي المطلق .
( وكذلك كلّ نفس مطمئنّة ) من التصرّف والتعمّل وكلّ ما يظهر بها من خوالص الأعمال والأفعال صافية عن شوائب الامتزاجات الكونيّة وتخلَّصت بذلك من مهاوي البعد إلى مدارج معارج القرب ، حيث وصلت إلى حريم المباسطة ، واستوفزت ببساط المخاطبة و ( قيل لها " ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ"  [ 89 / 27 ]فما أمرها أن ترجع إلَّا إلى ربّها الذي دعاها )
بقوله : " يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ " ، ( فعرفته ) بميامن تلك المقاربة والمخاطبة ربّها الذي دعاها ( من الكلّ " راضِيَةً مَرْضِيَّةً " [ 89 / 28 ] .
وأوّل ما يترتّب على ذلك الدخول في مواطن الخلَّص من المنتسبين إليه بأوثق النسب وأقرب الرقائق ، هو العرفان لربّه الخاصّ به ، فلذلك قال : (" فَادْخُلِي في عِبادِي ") [ 89 / 29 ] بإضافة العباد إلى الياء ، الدالّ على الخصوصيّة التي هي الموطن الأصلي للعبد .
ولذلك قال : (" ارْجِعِي ") ، وإليه أشار بقوله : ( من حيث ما لهم هذا المقام ) على ما هو مقتضى مفهوم الرجوع .
عبد الربّ
( فالعباد المذكورون هنالك كلّ عبد عرف ربّه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى ربّ غيره ، مع أحديّة العين لا بدّ من ذلك ) أي الاقتصار على ربّه الخاصّ ، مع أحديّة العين ، وذلك لأنّ مربط رقيقة العبوديّة والربوبيّة إنّما هو حضرة الكلّ - على ما بيّن - وذلك إنّما يقتضي التفرقة في عين الجمعيّة .
وفي لفظ « العبد » ما يلوّح على أنّ العبوديّة عرفان الربّ الخاص مقتصرا عليه ، فإنّ «داله» دالّ على « صاد » الخصوصيّة والاقتصار .
العبد يستر الربّ ويوجد به
ثمّ إنّ العبوديّة بهذا المعنى وإن كانت متضمّنة لعرفان الربّ ، ولكنّها مستلزمة لستره تعالى ، فلذلك قال : ( " وَادْخُلِي جَنَّتِي " التي هي ستري ) فإنّ الجنّة فعلة من « الجنّ » وهو الستر ( وليست جنّتي سواك ، فأنت تسترني بذاتك ) لأنّ المظهر من حيث أنّه مظهر ساتر للظاهر فيه بالذات ( فلا اعرف ) وأظهر ، ( إلَّا بك ، كما أنّك لا تكون ) وتوجد ( إلَّا بي ) .
والذي يلوّح عليه أنّ الثنويّة الفرقيّة الخطابيّة التي في الكاف ،  هي مبدأ الإظهار - كلاما كان أو كتابا - كما أنّ الوحدة الجمعيّة التكلَّميّة التي في الياء مبدأ الظهور والوجود ، ولا شك أنّ الأوّل متضمّن للثاني .



شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال رضي الله عنه :" فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه.  ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية" «فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه".
قال رضي الله عنه : "فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا" وسعيدا (مطلقا).
أي بالنسبة إلى جميع الأرباب بل يكون مرضيا وسعيدا بالنسبة إلى ربه فقط (إلا إذا كان جميع ما يظهر به)، أي المرضي (من فعل) الرب (الراضي)، أي رب كان من الأرباب بحيث لا يشذ شيء منها منحتنا (فيه). أي في المرضي ?لإنسان الكامل ، فإنه أحدية جمع مظهرات جميع الأرباب وأفعالها فيكون مرضيا وسعيدا على الإطلاق لا من وجه دون وجه.
(ففضل إسماعيل) عليه السلام (غيره من الأعيان) يعني أعيان الأناسي الكاملين وغيرهم (بما نعته الحق به) ونص عليه (من كونه عند ربه مرضيا)، أي مطلقا فإنه سبحانه ما نص على ذلك في أحد غيره.
(وكذلك كل نفس مطمئنة) مستمرة على اكتساب مراضي الحق فضلت غيرها من الأنفس بتنصيص الحق على كونها مرضية حيث (قيل لها): "يا أيتها النفس المطمئنه ارجعي إلى ربك راضيا مرضيا " الذي هو موطنك الأول فيكون ذهابك إليه رجعة (فما أمرها) الحق سبحانه في هذا القول.
(أن ترجع إلا إلى ربها الذي ناداها) بقوله : "يا أيتها النفس المطمئنه" و (و دعاها) بقوله : " ارجعي إلى ربك" (إليه) لتعرفه (فعرفته من الكل)، أي من كل الأرباب بما ظهر فيها من أفعاله وآثاره (" راضية مرضية" )، أي" ارجعي إلى ربك " راضية منه مرضية له ("فادخلي فى عبادي") المختصين بي بدلالة ياء الإضافة (من حيث ما لهم في هذا المقام)، أي مقام . العبودة المحضة
قال الشيخ رضي الله عنه : "تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «وادخلي جنتي» التي بها ستري. وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك. فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي."
قال رضي الله عنه : "فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالی واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره". وإلا لم يكن عبد محض تربة (مع أحدية العين)، أي أحدية عين الأرباب واتحادهم بالذات وقوله : رب غيره، إما بالإضافة على أن يكون الضمير راجعا إلى ربه
(لا بد من ذلك) المذكور من الأوصاف ليكون العبد مرضيا عند ربه، أو لا بد من أحدية العين مع تعدد الأرباب ("وادخلي جنتي" [الفجر :30] التي هي ستري) بكسر السين وهو ما تستر به.

وفي بعض النسخ التي بها ستري بفتح السين وإنما فسر الجنة بما فسر لأنها فعلة من الجن وهو الستر (وليست جنتي) التي هي ستري (سواك فأنت تسترني) من حيث إطلاقي بذاتك الإنسانية من حيث تعينك ، لأنه لا يمكن أن أعرف من حيث اطلاقي (فلا أعرف إلا بك) من حيث تقيدك (كما أنك لا تكون)، أي لا توجد (إلا بي) من حيث إطلاقي.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السادسة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:55 am

الفقرة السادسة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السادسة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال رضي الله عنه : " فالمرضيّ لا يصحّ أن يكون مرضيّا مطلقا ، إلَّا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه " غير مشوب بشيء من آثاره الكونيّة التي تنصبغ بها أحكام الربّ ، وتلتبس وتختلط صرافة قابليّته الذاتيّة بتلك الآثار الخارجة ، فتصير حجابا له عن إدراك الأمر على ما عليه وهو إعطاء الربّ كلّ شيء خلقه وتبيينه - الذي هو الهداية .
كان إسماعيل عليه السّلام عند ربّه مرضيّا
( ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحقّ به  من كونه عند ربّه مرضيّا) فإنّه هو المرضي المطلق .
( وكذلك كلّ نفس مطمئنّة ) من التصرّف والتعمّل وكلّ ما يظهر بها من خوالص الأعمال والأفعال صافية عن شوائب الامتزاجات الكونيّة وتخلَّصت بذلك من مهاوي البعد إلى مدارج معارج القرب ، حيث وصلت إلى حريم المباسطة ، واستوفزت ببساط المخاطبة و ( قيل لها " ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ"  [ 89 / 27 ]فما أمرها أن ترجع إلَّا إلى ربّها الذي دعاها )
بقوله : " يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ " ، ( فعرفته ) بميامن تلك المقاربة والمخاطبة ربّها الذي دعاها ( من الكلّ " راضِيَةً مَرْضِيَّةً " [ 89 / 28 ] .
وأوّل ما يترتّب على ذلك الدخول في مواطن الخلَّص من المنتسبين إليه بأوثق النسب وأقرب الرقائق ، هو العرفان لربّه الخاصّ به ، فلذلك قال : (" فَادْخُلِي في عِبادِي ") [ 89 / 29 ] بإضافة العباد إلى الياء ، الدالّ على الخصوصيّة التي هي الموطن الأصلي للعبد .
ولذلك قال : (" ارْجِعِي ") ، وإليه أشار بقوله : ( من حيث ما لهم هذا المقام ) على ما هو مقتضى مفهوم الرجوع .
عبد الربّ
( فالعباد المذكورون هنالك كلّ عبد عرف ربّه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى ربّ غيره ، مع أحديّة العين لا بدّ من ذلك ) أي الاقتصار على ربّه الخاصّ ، مع أحديّة العين ، وذلك لأنّ مربط رقيقة العبوديّة والربوبيّة إنّما هو حضرة الكلّ - على ما بيّن - وذلك إنّما يقتضي التفرقة في عين الجمعيّة .
وفي لفظ « العبد » ما يلوّح على أنّ العبوديّة عرفان الربّ الخاص مقتصرا عليه ، فإنّ «داله» دالّ على « صاد » الخصوصيّة والاقتصار .
العبد يستر الربّ ويوجد به
ثمّ إنّ العبوديّة بهذا المعنى وإن كانت متضمّنة لعرفان الربّ ، ولكنّها مستلزمة لستره تعالى ، فلذلك قال : ( " وَادْخُلِي جَنَّتِي " التي هي ستري ) فإنّ الجنّة فعلة من « الجنّ » وهو الستر ( وليست جنّتي سواك ، فأنت تسترني بذاتك ) لأنّ المظهر من حيث أنّه مظهر ساتر للظاهر فيه بالذات ( فلا اعرف ) وأظهر ، ( إلَّا بك ، كما أنّك لا تكون ) وتوجد ( إلَّا بي ) .
والذي يلوّح عليه أنّ الثنويّة الفرقيّة الخطابيّة التي في الكاف ،  هي مبدأ الإظهار - كلاما كان أو كتابا - كما أنّ الوحدة الجمعيّة التكلَّميّة التي في الياء مبدأ الظهور والوجود ، ولا شك أنّ الأوّل متضمّن للثاني .



شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه. ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه و لم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «و ادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك.  فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. )
قال رضي الله عنه :" فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه.  ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا. وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية" «فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه".
قال رضي الله عنه : "فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا" وسعيدا (مطلقا).
أي بالنسبة إلى جميع الأرباب بل يكون مرضيا وسعيدا بالنسبة إلى ربه فقط (إلا إذا كان جميع ما يظهر به)، أي المرضي (من فعل) الرب (الراضي)، أي رب كان من الأرباب بحيث لا يشذ شيء منها منحتنا (فيه). أي في المرضي ?لإنسان الكامل ، فإنه أحدية جمع مظهرات جميع الأرباب وأفعالها فيكون مرضيا وسعيدا على الإطلاق لا من وجه دون وجه.
(ففضل إسماعيل) عليه السلام (غيره من الأعيان) يعني أعيان الأناسي الكاملين وغيرهم (بما نعته الحق به) ونص عليه (من كونه عند ربه مرضيا)، أي مطلقا فإنه سبحانه ما نص على ذلك في أحد غيره.
(وكذلك كل نفس مطمئنة) مستمرة على اكتساب مراضي الحق فضلت غيرها من الأنفس بتنصيص الحق على كونها مرضية حيث (قيل لها): "يا أيتها النفس المطمئنه ارجعي إلى ربك راضيا مرضيا " الذي هو موطنك الأول فيكون ذهابك إليه رجعة (فما أمرها) الحق سبحانه في هذا القول.
(أن ترجع إلا إلى ربها الذي ناداها) بقوله : "يا أيتها النفس المطمئنه" و (و دعاها) بقوله : " ارجعي إلى ربك" (إليه) لتعرفه (فعرفته من الكل)، أي من كل الأرباب بما ظهر فيها من أفعاله وآثاره (" راضية مرضية" )، أي" ارجعي إلى ربك " راضية منه مرضية له ("فادخلي فى عبادي") المختصين بي بدلالة ياء الإضافة (من حيث ما لهم في هذا المقام)، أي مقام . العبودة المحضة
قال الشيخ رضي الله عنه : "تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «وادخلي جنتي» التي بها ستري. وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك. فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي."
قال رضي الله عنه : "فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالی واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره". وإلا لم يكن عبد محض تربة (مع أحدية العين)، أي أحدية عين الأرباب واتحادهم بالذات وقوله : رب غيره، إما بالإضافة على أن يكون الضمير راجعا إلى ربه
(لا بد من ذلك) المذكور من الأوصاف ليكون العبد مرضيا عند ربه، أو لا بد من أحدية العين مع تعدد الأرباب ("وادخلي جنتي" [الفجر :30] التي هي ستري) بكسر السين وهو ما تستر به.

وفي بعض النسخ التي بها ستري بفتح السين وإنما فسر الجنة بما فسر لأنها فعلة من الجن وهو الستر (وليست جنتي) التي هي ستري (سواك فأنت تسترني) من حيث إطلاقي بذاتك الإنسانية من حيث تعينك ، لأنه لا يمكن أن أعرف من حيث اطلاقي (فلا أعرف إلا بك) من حيث تقيدك (كما أنك لا تكون)، أي لا توجد (إلا بي) من حيث إطلاقي.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السابعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:56 am

الفقرة السابعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السابعة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت. فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
(فمن عرفك)، لأني ما ظهرت إلا بك (عرفني) على التحقيق (وأنا)، أي الحق سبحانه وتعالى (لا أعرف) بالبناء للمفعول، أي لا يمكن أن يعرفني أحد غيري كما أنا عليه في نفسي المعرفة التامة الذاتية (فأنت) أيضا يا أيها العارف (لا تعرف) بالبناء للمفعول، أي لا يعرفك أحد غيرك كما أنت عليه في نفسك المعرفة التامة الذاتية .
(فإذا دخلت) يا أيها العارف به (جنته) التي هي سترته وهي نفسك القائمة به تعالى فقد (دخلت نفسك) التي خلقك عليها ثابتة فيها بإثباته (فتعرف نفسك) حينئذ (معرفة أخرى) تامة ذاتية (غير المعرفة) الأولى الناقصة الصفاتية الأسمائية (التي عرفتها)، أي نفسك بها أولا (حين عرفت ربك بمعرفتك إياها) كما ورد في الأثر "من عرف نفسه فقد عرف ربه" (فتكون) حينئذ يا أيها العارف (صاحب معرفتين) بالله تعالى الأولى :
(معرفة به) سبحانه (من حيث أنت) وهي معرفته بصفاته وأسمائه المتوجهة على إيجادك وتكوينك (و) الثانية : (معرفة به) سبحانه (بك)، أي بنفسك (من حيث هو) قائم على كل نفس بما كسبت، لا من حيث كل نفس بل من حيث هو سبحانه، وهي المعرفة الذاتية.
ولهذا قال (لا من حيث أنت) موجود عنه سبحانه .
والحاصل أنك في المعرفة الأولى عرفت نفسك الوهمية الكونية، فعرفت ربك من حيث ما هو متجلي عليك .
وفي المعرفة الثانية عرفت نفسك الحقيقية المشار إليها بقوله تعالى في بعض الكتب المنزلة : «يا ابن آدم خلقتك من أجلي، وخلقت الأشياء كلها من أجلك» إلى آخره.
يعني خلقتك لأظهر بك عندك وعند غيرك فتكون مظهري فنفسك المخلوقة إلى غير نفسي الخالقة لك لكن معرفة نفسك المخلوقة لي موصلة إلى معرفة نفسي الخالقة لك، فإذا عرفت نفسي الخالقة لك بعد معرفة نفسك المخلوقة لي فقد عرفتني حق المعرفة وفي ذلك يقول رضي الله عنه .
(فأنت) یا صاحب المعرفتين حينئذ (عبد) من حيث معرفتك الأولى التي عرفت بها نفسك الوهمية فعرفت ربك المحقق، وعرفت ?ونا فعرفت عينا، وعرفت أثرة فعرفت مؤثرة.
(وأنت) أيضا (رب) من حيث معرفتك الثانية التي عرفت بها نفسك الحقيقية عرفت قيوما عليك فعرفت قديمة، وعرفت موجودة وما سواه، فان مضمحل فعرفت حقا، فأنت برسومك عبد وبلا رسومك رب، وأنت عبد وبلا أنت رب فأنت عبد (لمن)، أي للذي (له) خبر مقدم للمبتدأ الثاني (فيه) خبر مقدم أيضا للمبتدأ الأول، أي أنت ظاهر في وجوده بماهيتك المعدومة (أنت) مبتدأ أول (عبد) مبتدأ ثاني، أي أنت عبد لمن أنت فيه عبد له، وهو ربك الظاهر لك في معرفتك الأولى، المعرفة الصفاتية الأسمائية، وأنت رب أيضا لمن أنت فيه عبد له لأنك ارتقيت إلى المعرفة الثانية وهي المعرفة الذاتية، فأنت رب لمن كان ربك في المعرفة الأولى، فالذي تعرفه من الرب سبحانه أنت عبده وهو ربك في المعرفة الأولى.
فإذا تحققت بما لم تكن تعرفه في المعرفة الأولى وعرفته في المعرفة الثانية، فالذي تعرفه في المعرفة الثانية رب لمن كنت تعرفه في المعرفة الأولى، فإذا تحققت بهذه المعرفة الثانية رسخت فيها وعرفت الأمر على ما هو عليه فأنت ?امل.
(وأنت رب) من حيث نفسك الحقيقية .
(وأنت عبد) أيضا من حيث نفسك الوهمية فربوبيتك (لمن له في الخطاب عهد) وهو الذي قال : بلى لما قيل : ( ألست بربكم) وعبوديتك أيضا لمن له في الخطاب عهد وهو القائل "ألست بربكم".
والقائل :" ألست برب?م" هو القائل : "بلى" ولكن القول من هذه الحضرة غير القول من هذه الحضرة الأخرى.
وهذا كالقلب فإنه مخاطب اسم فاعل من حضرة ومخاطب اسم مفعول من حضرة أخرى، والقلب بمعنى المصدري هو سبب تسمية القلب الذي هو الحقيقة الإنسانية و "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع" [ق: 37].
وهو الذي وسع الحق دون سمواته وأرضه وإذا وسع الحق فما وسع إلا نفسه، والذي تعرفه بما تسميه قلبك هو في السموات وفي الأرض، فليس هو الذي وسع الحق تعالی فافهم.  وحيث كان الأمر كذلك.
(فكل عقد)، أي اعتقاد في معرفة الحق سبحانه ثابت (عليه)، أي على ذلك العقد (شخص) من الناس وقت من الأوقات (يحله)، أي يحل ذلك العقد ويبطله (من) شخص (سواه)، أي سوى ذلك الشخص الأول (عقد) آخر أي اعتقاد غير ذلك الاعتقاد مع وسع الحق تعالی وضيق الكون عن استيفاء معاني حضراته .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
فإنا لم أعرف إلا بك (فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف) إلا بك ، فأنت لا تعرف إلا بي.
كما قال عرفت الله بالأشياء وعرفت الأشياء بالله فتوقف معرفة كل منهما إلى الآخر .
الأولى مشاهدة المؤثر من الأثر والثاني مشاهدة الأثر من المؤثر وهو أتم من الأول معرفة ومعناه ، لا يعرفني عبد إلا أنت ولا يعرفك رب إلا أنا .
وجاز أن يكون معناه وأنا لا أعرف على البناء المعلوم إلا أنت فأنت لا نعرف إلا أنا إذ كل رب لا يعرفه إلا ما كان مظهر الربوبية .
كما أن كل عبد لا يعرف إلا ربه الخاص وقد انحصرت الأمر من الطرفين.
قال بعض الشراح وأنا لا أعرف بحسب الحقيقة وأنت لا تعرف بحسبها وإن كان له وجه لكنه لا يناسب المقام يظهر بأدني نأمل .
(فإذا دخلت نفسك دخلت جنته) فإذا دخلت جننه (فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها) أي عرفت نفسك بهذه المعرفة .
(حين عرفت ربك بمعرفتك إياها فتكون) بسبب دخولك جنته (صاحب معرفتين معرفة به) أي بالحق بك (من حيث) أنك (أنت ومعرفة به بك من حيث) أنك (هو لا من حيث أنك أنت) ولم تكن هاتين المعرفتين إلا لمن دخل جنة ربه الخاص.
(فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد)
و(شعر: فأنت عبد) من حيث التعين (وانت رب) من حيث الهوية (لمن له فيه أنت عبد) أي للذي أنت له في حقه عبد.
فالعبد رب لربه الخاص لا لغيره، كما أنه عبد له لا لغيره، فتعلق ربوبية العبد لمن تعلق عبوديته به.
و معنی ربوبية العبد ربه: قبول أحكامه وإظهار كمالاته فيه ، وهذا مجازاة بين العبد وبين ربه الخاص .
وأما بين العبد وبين رب الأرباب وهو قوله :
(وأنت رب وأنت عبد     ….. لمن له في الخطاب عهد)
وهو خطاب "ألست بربكم" والعهد قول المخاطبين قالوا:" بلى شهدنا"، فإن هذا الخطاب عن مقام الجمع فكان الكل عبيدا للكل بسبب ربهم الخاص بهم.
فكان الخطاب عاما والعهد عاما فيتنوع العهد الكلي بحسب القوابل إلى العهد الجزئي الذي بين العبد وبين ربه الخاص .وأما بينه وبين رب المطلق وهو عهد كلي.
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
فإذن يتنوع العهد (فكل عقد) أي فكل واحد من العهد (عليه) أي على ذلك العقد (شخص) من المخاطبين المعاهدين .
أي ثابت على ذلك العقد بحفظه دائما على النقض والحل (يحله) أي يحل ذلك العقد (من سواه عقد) أي من له عقد سوى ذلك.
فإن من له العهد بينه وبين الاسم الهادي يحل العقد الذي بين الاسم المضل وبين عبيده فكان كل واحد من العبيد يحفظ عقده ويحل عقد غيره.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قوله في الشعر: فأنت عبد وأنت رب  …. لمن له فيه أنت عبد
يعني فأنت عبد لمن أنت ربه، وأنت رب لمن أنت عبده، كأنه يقول: تارة تظهر الحقيقة عليك فينسبك هو إلى أنك ربه وبالعكس.
والبيت الثاني يترتب معناه على ما سبق،
والبيت الثالث هو في المعنى أيضا وتقديره إذا اعتقدت فيه الربوبية انحل عقد نسبتها إليك واتصفت أنت بالعبودية وبالعكس في حقك.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : "فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف ، فإذا دخلت جنّته ، دخلت نفسك ، فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربّك بمعرفتك إيّاها ".
فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت ، ومعرفة به بك من حيث هو ، لا من حيث أنت » .
قال العبد : اشتقاق الجنّة من الستر ، وكلّ جنّة تجنّ أرضها بما عليها من النبات والشجر ، وهي بالنسبة إلى الجنّة مقامات ومنازل تلائمهم كلّ الملاءمة ، فكلّ عبد مرضيّ عند ربّه يلائمه بكونه مظهرا له في جميع ما يحبّ ويرضى أن يظهر فيه وبه ، فهو جنّة ربّه حيث ظهر ، وستر هو في مظهريته .
فجعل العبد نفسه وقاية لربّه وجنّة له من الأفعال والآثار المذمومة عند من لا يرضاها من الأرباب والعبيد ، فأضاف إلى نفسه جميع المذامّ وهي بالأصالة أفعال وآثار لربّه فيه ، فصار وقاية ربّه عن ألسنة أهل الذمّ والمذامّ ، وهدفا لسهام الطعن والملام ، وجعل ربّه وقاية له في جميع المحابّ والمحامد.
فأضافها جميعا إلى ربّه جنّة له ، فلا تضاف المحامد إليه من حيث هو ، بل إلى ربّه ، واستتر هو بربّه عن إضافة المحامد ، كما ستر ربّه به عن المذامّ ، فكما أنّ العبد لا يكون موجودا إلَّا بربّه ، إذ هو كون .
فكذلك الربّ لا يكون ظاهرا متعيّنا في عينه إلَّا بالعبد ، فهو مظهر ومظهر ، والناظر فيه وبه ، فينظره فلا يعرف إلَّا به ، وإذ قد ثبت أنّ الله لا يعرف بالحقيقة ، فعبده الذي هو مظهره الأكمل لا يعرف بغيره .
فإذا نادى كلّ ربّ عبده إليه ، وأمره بالدخول في جنّة ربّه ، دخّل العارف نفسه ، فيعرف أنّه مظهره ومجلاه ، وهو عبده وهو مولاه ، وهو عرشه ومستواه ، ولا ينفكّ ربّه يحبّه ويرضاه ،
ولا يزال عبده يعرفه ويهواه ، فلا بدّ لكلّ منهما عن الآخر كما قلنا في هذا المقام ، شعر :
فما انفكّ يرضاني بكل محبّة .....   وما زلت أهواه بكلّ مودّة
فممتنع عنه انفصالي وواجب  ..... وصالي بلا إمكان بعد وقربة
فحينئذ يعرف العبد نفسه لربّه وبه غير المعرفة المعيّنة الأولى ، وفي هذه المعرفة يضاف إليه كلّ ما يضاف إلى ربّه من الكمالات ، ويضاف إلى ربّه كلّ ما يضاف إليه من المظهريات ، فيعرف نفسه بربّه بعد معرفته ربّه بنفسه طردا وعكسا ، جمعا وفرادى ، دائما أبدا ، فيعرف ربّه ونفسه من حيث ربّه لا من حيث هو ، وكان يعرف ربّه من حيث نفسه لا من حيث ربّه ، فحصل له الجمع بين المعرفتين ، والتحقّق بالحسنيين .
قال رضي الله عنه( « فأنت عبد وأنت ربّ"
لمن له فيه أنت عبد .....   وأنت ربّ وأنت عبد )
لمن له في الخطاب عهد »أنت عبد له من حيث ظهور سلطانه عليك ، وأنت ربّ له من حيث ظهور سلطانك به على من دونك وعليه أيضا من حيث إجابته لسؤالك ، فما أنت على كل حال إلَّا تعيّنا من تعيّناته وتجلَّيا من تجلَّياته ، وأنت ربّ أيضا من حيث ظهور الربوبية بك وفيك لربّ خاطبك بخطاب " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ".
فقلت : بلى بين العباد الراضين بربوبيته ، المرضيّين عنده حين قالوا ما قلت ، فنالوا ما نلت ، وما توجّه الخطاب من الأحديّ الذات إليك خاصّة .
قال رضي الله عنه: (فكلّ عقد عليه شخص يحلَّه من سواه عقدفإنّ عبد اللطيف والرؤوف على عقد وعزيمة يحلّ العقد والعزيمة التي عليه القهّار والمعذّب ، وعبد الظاهر على اعتقاد وعلم يحلَّه عبد الباطن ، وهكذا بين جميع المربوبين والأرباب من غير تخليط ولا تخبيط بين المقامات والعقائد) .
قال العبد أيّده الله به: حضرات الأرباب تقابل حضرات العباد تقابل الأمثال ، وذلك لأنّ كلّ واحدة من الحضرتين مرضيّة عند الأخرى راضية بها .
فالمثلية بين الحضرات تامّة ، فالتضادّ كذلك عامّ ، لتقابل إحداهما الأخرى تقابل الضدّ الضدّ ، إذ المثل الحقيقي كالضدّ ، لعدم اجتماعه مع ضدّه أي بمثله حقيقة ، إذ لا تميز لأيّهما فرضت عن الآخر ، وإذ لا تميّز فلا بينيّة ، وإذ لا بينية فلا اثنينية ، فلا ضدّية ، فلا مثلية ، فما ثمّ إلَّا واحد ، فهو هو لا غيره ، فالوجود حقيقة واحدة تعيّنت في مراتب متميّزة عقلا ، فما ثمّ عقلا إلَّا متميّز بخصوصه ، فما ثمّ مثل يوجب الاثنينية ، فالمظهر عين الظاهر ، والظاهر عين المظهر ، فانظر تشهد .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف ) وقد ثبت أن الله لا يعرف بالحقيقة ، إذ لا يعرفه إلا هو ، فعبده الأكمل الذي هو مظهر الحق الأعظم لا يعرفه فكيف غيره.
"" إضافة بالي زادة : فتوقفت معرفة كل منهما إلى الآخر ، الأول مشاهدة المؤثر من الأثر والثاني مشاهدة الأثر من المؤثر ، وهو أتم من الأول معرفة ، ومعناه : لا يعرفني عبد إلا أنت ولا يعرفك رب إلا أنا ، ويجوز أن يكون معناه ( وأنا لا أعرف ) على البناء المعلوم إلا أنت ( فأنت لا تعرف ) إلا أنا إذ كل رب لا يعرف إلا ما كان مظهرا لربوبيته ، كما أن كل عبد لا يعرف إلا ربه الخاص ، وقد انحصر الأمر من الطرفين اهـ . بالي زادة ""
قال رضي الله عنه : ( فإذا دخلت جنة دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها ) .
أي إذا أمرك بدخول جنته برضاه عنك دخلت نفسك فعرفتها معرفة غير المعرفة الأولى ، لأن المعرفة التي عرفته بها من معرفتك نفسك أفادتك معرفة أن النقائص والمذامّ من نفسك ، والكمالات والمحامد من ربك ، فجعلت نفسك جنة وسترا من إضافة النقائص والمذام إليه .
وجعلت ربك جنة وسترا لك من إضافة الكمالات والمحامد إلى نفسك وهذه المعرفة هي معرفة نفسك من ربك ، فعرفت بها أنك مظهره ومستواه وعرشه ومجلاه ولا فعل فيك وبك إلا له ، فتضيف في هذه المعرفة الشهودية جميع الكمالات التي أضفتها إلى ربك في تلك المعرفة الغيبية إلى نفسك من حيث أنها أفعال الله فيك وبك .
وكذا المظهريات ، ولا تضيف إلى المظهر فعلا ( فتكون صاحب معرفتين
قال رضي الله عنه : (معرفة به من حيث أنت ) أي من حيث نفسك وأحكام الإمكان التي تلزمها وهي المعرفة الأولى الاستدلالية .
قال رضي الله عنه : ( ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت ) أي ومعرفتك بذاتك بسببه من حيث هو ، وأحكام الوجوب التي هي له وهي المعرفة الثانية .
فالباء في به في المعرفة الأولى صلة المعرفة أي معرفتك به من حيث أنت غيره وفي المعرفة الثانية ليست الباء في به صلة لها بل في بك وفي به باء السببية .
"" إضافة بالي زادة : (صاحب معرفتين معرفة به ) أي بالحق بك ( من حيث ) أنك ( أنت ، ومعرفة به بك من حيث ) أنك ( هو لا من حيث ) أنك ( أنت ) ولم تكن هاتين المعرفتين إلا لمن دخل جنة ربه الخاص اهـ بالى  زادة . ""
أي معرفتك نفسك بسبب معرفتك ربك من حيث هو لا من حيث أنت أو الاستعانة كما في قولك : كتب بالقلم وفي الحقيقة هذه الثانية معرفته إياه بنفسه في صورتك فلا لك معرفة إذ الفعل له ، فيجوز أن تكون الباء الثانية أيضا صلة المعرفة وبك بدل من الضمير بتكرير العامل .
كقوله تعالى : "لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ " فتكون معرفتك بك معرفة به من حيث هو فيرجع المعنى إلى الوجه الأول في التحقيق .
"" إضافة بالي زادة :  ( فأنت عبد ) من حيث التعين ( وأنت رب ) من حيث الهوية ( لمن له فيه أنت عبد ) أي الذي أنت في حقه عبد ، فالعبد رب لربه الخاص لا لغيره كما أنه عبد له لا لغيره ، فتعلق ربوبية العبد لمن تعلق عبوديته ، ومعنى ربوبية العبد ربه بقبول أحكامه وإظهار كمالاته فيه ، وهذه مجازات بين العبد وربه الخاص ، وأما بين العبد ورب الأرباب ، وهو قوله : وأنت رب أهـ بالي زادة . ""
ويشهد به قوله :( فأنت عبد وأنت رب  لمن له فيه أنت عبد ) أنت عبد ، باعتبار المعرفة الأولى لظهور سلطانه عليك ، ومعرفته له بصفاته الفعلية من انفعالات نفسك ، كمعرفة غضبه ورضاه من خوفك ورجائك ، وأنت رب باعتبار المعرفة الثانية مطلقا للرب الخاص الذي أنت فيه عبد له ، لظهور سلطانك به عليه من حيث إجابته لسؤالك .
وعلى من دونك من الأرباب المعينة والعبيد :(وأنت رب وأنت عبد  لمن له في الخطاب عهد) وأنت رب لما ذكر باعتبار الفناء فيه والبقاء به بالمعرفة الثانية ، وأنت عبد لمن خاطبك بخطاب " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " .
"" إضافة بالي زادة :  ( وأنت رب وأنت عبد  لمن له في الخطاب عهد )وهو خطاب " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " والعهد قول المخاطبين بل فإن هذا الخطاب عن مقام الجمع ، فكان الكل عبيدا للكل بسبب  ربهم الخاص بهم ، فكان الخطاب عاما والعهد عاما ، فيتنوع العهد الكلى بحسب القوابل إلى المعهود ، وهو العهد الجزئي الذي بين العبد وربه الخاص ، وأما بينه وبين الرب المطلق وهو عهد كلى ، فإذن يتنوع العهد .أهـ بالي زادة ""

"" إضافة بالي زادة :  ( فكل عقد ) أي فكل واحد من العبد ( عليه شخص ) من المخاطبين ( يحله ) أي العقد ( من سواه عقد ) أي من له عقد سوى ذلك العقد ، فإن من له العهد بينه وبين الاسم الهادي يحل العقد الذي بين الاسم المضل وبين عبيده ، فكان كل واحد من العبيد يحفظ عقده ويحل عقد غيره ( فرضى الله ) أي كل بالأسماء ( عن عبيده ) فهم مرضيون ، لأن عبيد الأرباب عبيده ، ومرضى الأرباب مرضيه ( ورضوا عنه فهو مرضى ) فكان الأمر الذي بين العبد وربه الخاص بعينه .
ثابتا بينه وبين الرب المطلق ، فكل عبد مرضى عند الله بالأمر الإرادى ، وأما بالأمر التكليفي ، فبعضهم مرضى وبعضهم ليس بمرضى ، فالنجاة من النار جمع الأمرين في الرضا ، ولا ينفع الرضا بالأمرين الإرادى مجردا عن الرضا بالأمر التكليفي ( فقابلت الحضرتان ) هذا ارتفع الأضداد والأمثال بظهور وحدة الوجود فلم يبين إلا الحق اهـ بالي زادة ""
فقلت بلى :
( فكل عقد عليه شخص يحله من سواه عقد )  أي فكل ما يعتقده شخص يحله اعتقاد شخص آخر ، فإن عبد اللطيف على عقد يحله عبد القهار ، وعبد الظاهر على اعتقاد يحله عبد الباطن ، وهكذا كل واحد.



مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : (فمن عرفك عرفني). أي، من عرفك حق معرفتك، عرفني، فإن حقيقتك أنا. قال رضي الله عنه : (وأنا لا أعرف، فأنت لا تعرف). أي، لا يمكن لأحد أن يعرف حقيقتي وكنه ذاتي، فأنت لا تعرف في الحقيقة.
قال الشيخ رضي الله عنه  في قصيدة له:
(ولست أدرك من شئ حقيقته ....    وكيف أدركه وأنتم فيه)
(فإذا أدخلت نفسك) وفي بعض النسخ: (فإذا دخلت) (جنته، دخلت نفسك، فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.
فتكون صاحب معرفتين: معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بكمن حيث هو، لا من حيث أنت). أي، إذا دخلت جنته، دخلت نفسك وذاتك وشاهدت أسرارها وما فيها من أنوار الحق وذاته، فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. أي، أن العبد إذا عرف نفسه ثم عرف بمعرفته إياها ربه، يكون صاحب معرفة واحدة.
وهي عرفان كأنك عاجز فقير منبع للنقائص والشرور، وأن ربك قادر غنى معدن الكمالات والخيرات.
أو عرفت أنك موصوف بالكمالات المعارة عليك عمن هي لله بالأصالة، فعرفت أن ربك صاحب الكمالات الذاتية.
أما إذا عرف ربه وعرف ظهوراته في المظاهر ثم رجع وتوجه إلى معرفة نفسه بربه، يعرفها معرفة أخرى أتموأكمل من الأولى، لأنه عرفها أنها مظهر من مظاهر ربها.
كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين سئل: بم عرفت ربك: (عرفت الأشياء بالله.)
فيكون صاحب معرفتين:
إحديهما، معرفة بالرب والنفس من حيث نفسك، وثانيهما، معرفة بالرب والنفس من حيث ربك لا من حيث نفسك.
والثانية هي الأتم من الأولى.
فضمير (به) في الموضعين يعود إلى (الرب).
وكان الأنسب أن يقول:
معرفة به وبك من حيث أنت - أي بالرب والنفس كما قال في الثانية - ومعرفة به وبك من حيث هو. والظاهر أنه حذفه اعتمادا لفهم السامع من قوله: (فإذا دخلت نفسك، فتعرف نفسك معرفة أخرى).
و (الباء) في (به) في الموضعين للصلة،وفي (بك) للسببية. أي، عرفته لسبب مظهريتك، لا من حيث إنك مغائره، بل من حيث إنك هو. أو تكون في(بك) للصلة، وفي (به) للسببية. أي، عرفت نفسك من حيث هو بسببه.
قال رضي الله عنه : (فأنت عبد وأنت رب لمن له فيه أنك عبد)
أي، فأنت عبد للإسم الحاكم عليك والظاهر فيك الذي يربك من باطنك. وأنت رب لذلك الاسم الذي بعينه أنت عبد له وفي حكمه، تربه لقبول أحكامه وإظهار كمالاته فيك.
وذلك لأن لله تعالى ظاهرا وباطنا، والربوبية لهما ثابتة. فكما أن الباطن يرب الظاهر بإفاضة أنوار الغيب وإظهار أحكام الأسماء الإلهية الغيبية عليه.
كذلك الظاهر يرب الباطن باستفاضة تلك الأنوار وقبولها وإظهار تلك الأحكام في الأسماء الداخلة تحتها، وهي الموجودات العينية. فلكل من هذين الاسمين الجامعين ربوبية وعبودية، وكذلك للأسماء التي تحتهما ربوبية وعبودية. وما ثمة من يكون ربا على الإطلاق إلا الحضرة الإلهية من حيث وجوبها وغناها عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (وأنت رب وأنت عبد أي، أنت باعتبار الهوية الظاهرة فيك. وأنت عبد باعتبار تعينك وتقيدك. لمن له في الخطاب عهد) أي، لرب له عهد في الخطاب.
وهو قوله تعالى: (ألست بربكم؟ قالوا بلى.).
ولا بد أن تعلم أن العهد السابق بين العبد والرب كلي وجزئي. فالكلي هو العهد الذي بين الاسم الجامع الإلهي، وبين العباد بأنهم يعبدونه بالأمر التكليفي والأمر الإرادي بحسب كل اسم حاكم عليهم. والجزئي هو العهد الذي بين كل واحد من الأسماء، وبين كل من عبيدها.
وهذه العهود الجزئية لايمكن نقضها في الوجود، ولا الكلى الإرادي، وإن كان ينقض العهد الكلى التكليفي بالاحتجاب عن الفطرة الأصلية بالغواشي الطبيعية الموجبة للكفر والعصيان، وإن كان العبد فيه أيضا عابدا للإسم (المضل). كما قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه".
فالكل عباد الله ويعبدونه من حيث الأسماء الحاكمة عليهم.
قال رضي الله عنه : (فكل عقد عليه شخص يحله من سواء عقد)
(العقد) هنا بمعنى (العهد). كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود." أي، بالعهود السابقة. أي، لكل عقد عليه شخص من الأشخاص، وهو (العهد) الذي بينه وبين ربه الخاص به.
يحل ذلك العهد والعقد من له عهد معربه الخاص به، يخالف حكمه حكم ذلك الرب، كعبد (الرحيم) مثلا، فإنه يخالف عبد (القهار) و (المنتقم)، ويحل عقده.
فجاء بلفظ (الحل) مناسبةللعقد. أو بمعنى العقيدة. أي، كل شخص على عقيدة يخالفه من له عقيدة غيرها.
وفاعل (يحله) (من). أي، يحله من له عقيدة سواه. ويجوز أن يكون (عقد) فاعلا. أي، يحله عقد حاصل له من سواه. ف (من) مكسورة الميم حينئذ.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت. فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : " فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.
فتكون صاحب معرفتين: معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد . وأنت رب وأنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد "
قال رضي الله عنه : (فمن عرفك) بما تجلى فيك من الجمع بينهما، (عرفني) لدلالة الصورة الكاملة المؤثرة على ذي الصورة دلالة وافية؛ ولكن (أنا لا أعرف) بطريق النظر من حيث الجمع بينهما؛ بل هو موجب للحيرة، (فأنت لا تعرف) أيضا بطريق النظر إذ معرفتي لازمة لمعرفتك بمقتضى قوله عليه السلام : «من عرف نفسه فقد عرف ربه" .
وعدم اللازم يستلزم عدم الملزوم؛ ولكن إذا أمرت بدخول جنته بعد حصول المعرفة بظهور صورته الكاملة المؤثرة فيك؛ دل ذلك على إمكان الاطلاع على باطنه بظهوره في تعينك، (فإذا دخلت جنته)، وهي عينك الثابتة (دخلت نفسك)؛ فعرفت ظهور بطونه فيك بطريق الذوق؛ (فتعرف نفسك) الأن (معرفة أخرى)، وهي أنها صورة
كاملة لظاهر الحق وباطنه (غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها)، وهي أنها أثر لا بد له من مؤثر (فتكون صاحب معرفتين) في شأن الحق والنفس (معرفة به من حيث أنت) دال عليه دلالة الأثر على المؤثر، وهي السابقة (ومعرفة به) مستلزمة معرفة (بك من حيث هو) دال عليك دلالة المؤثر، وهي المسبوقة على ما تقرر في الفص الإبراهيمي.
وإذا حصلت لك المعرفتان من حيث دلالتك عليه ودلالته عليك؛ (فأنت) باعتبار المعرفة الأولى (عبد):
أولا: من حيث إنك أثر
وثانيا: (انت رب) أي: صورته لأن الدال يجب أن يكون على صورة المدلول؛ ولكن ربوبية غير مطلقة، بحيث تتصرف هذه الصور في الكل بل (لمن له فيه، أنت عبد): أي للعين الثابتة المخصوصة بك التي أنت فيها من حيث كونك أثرا فيه عبد، (فأنت رب) لها تتصرف فيها تصرف صورة الشمس في المرآة التي لم يتم جلاؤها بتنویر ظاهر سطحها، فلا تنطبع فيه صورتها بحيث تؤثر في تنویر الجدار المقابل لها، وأنت باعتبار المعرفة الثانية رب :
أولا: لأنه إنما استدل به عليك من حيث إنك صورته، وتفعل فعله كصورة الشمس في المرآة الحلوة على التمام تؤثر في الجدار المقابل لها.
وثانيا: (أنت عبد) لأنك وإن كنت صورته؛ فلا تقوم مقامه من كل وجه، فلا بد فيك من جهة تجعلك أثرا له؛ لكن هذا لا يمنع من كمال الصورة وتأثيرها؛ بل يصير بحيث لا يحجبه الحق عن الخلق، ولا الخلق عن الحق، وجهة الخلقية الانفعالات، وجهة الحقية الأفعال، وهذه المعرفة نسبة معرفة الميثاق الدال فيه الربوبية على العبودية، حيث قيل فيه: "ألست بربكم قالوا بلى " [الأعراف: 172] فلذلك كان عبدا (لمن له في الخطاب) أي خطاب وألست برب?م (عهد) هو عهد "بلی"، وهذه المعرفة لا تحصل إلا بالرجوع إلى صفاء الفطرة، وإذا كانت المعرفتان مرتبطتين بالنفس كان اعتقاد كل شخص بحسب ما عرف من نفسه.
(فكل عقد) أي: اعتقاد (عليه شخص) من هؤلاء الكل الذين ظهر فيهم الرب المأخوذ من الكل المتعين منه بحسب ما يناسبهم (يحله من) بال?سر (سواه عقد) فاعل يحل لاختلاف وجوه المناسبات، ويروى بالفتح على معنى يحله شخص سواه، له عقد فيحتاج إلى حذف الضمير المجرور، وهو ضعيف، ولا يعم لفظا ومعنى.

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:57 am

الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السابعة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
ولذلك قال : ( فمن عرفك عرفني ، وأنا لا اعرف) ما دام مستورا في الجنّة حتّى يدخل فيها ( فأنت لا تعرف ) لأنّك عين الجنّة التي إنّما تدخلها بي وبعبادتي ، ( فإذا دخلت جنّته ) على قدم عبوديّتك الإطلاقيّة القرآنيّة ولذلك أتى بضمير الغايب الدالّ على الهويّة  (دخلت نفسك ، فتعرف
نفسك معرفة أخرى ، غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربّك بمعرفتك إيّاها ) عندما دخلت في دار عبوديّتك الأصليّة ، قبل دخولك في جنّته الجمعيّة بقوله تعالى : " فَادْخُلِي في عِبادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي "  .
( فتكون ) بدخولك  جنّته ( صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت ) في مواقف عبوديّتك ، ( ومعرفة به ) مستعينا ( بك من حيث هو - لا من حيث أنت - ) في مواطن جنّته التي دخلتها .
النفس لمن
وقد استشعر صاحب المحبوب من هذه الآية الكريمة لطيفة لا يخلو التعرّض لها من فوائد ، وذلك أنّه نقل عن سهل بن عبد الله التستري قائلا :
قال سهل رحمة الله عليه حين سئل عن النفس : « ليس للمؤمن نفس ، نفس المؤمن دخلت في البيع » ، يعني في الصفقة التي باعها من الله عزّ وجلّ واشتراها منه ، وتلا هذه الآية : " إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ " [ 9 / 111 ] .
ثمّ قال : « دع النفس على ربّ النفس ، واعبد ربّ النفس بلا نفس ، واذكره به له عنده ، وفرّ منه به إليه ، واعتكف عنده بلا أنت ، فإذا اهتممت بالدواء عند المرض ، وبالخبز عند الجوع ، وبالشكوى عند الأذيّة : فنفسك باقية ، وأنت بها قائمة » .
قال المؤلَّف لهذه الكلمات والمدرج هذه الإشارات في هذه العبارات .
يعني صاحب المحبوب : « كلام صحيح في مرتبته وفي هيكله وقامته ، لمن انتهى أمره دون قيام قيامته ، والوصول إلى إدراك حقيقته عند بسط سعة ساعته ، فأمّا المؤمن الواصل إلى إدراك حقيقة إيمانه ، الذي سلَّم نفسه إلى الله عزّ وجلّ بنزول آيات الله إليه وبيّناته ، فالنفس له ، وليس لغيره نفس ، لأنّ من لم يسلم نفسه إلى الله سبحانه وتعالى بعد البيع والشراء .
فليست النفس له ، بل هو لنفسه ، ومن سلَّم نفسه إلى الله عزّ وجلّ بعد المبايعة بطيبة نفسه - كنبيّنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بمقتضى محبّته وصحّة إرادته واستقامة حالته ، ومن هو قريب المعنى من حالته وفعاله ومقالته ، فالنفس له ، لأنّ بالبيع والشراء وتسليم النفس إلى الله سبحانه وتعالى صارت النفس نفس الله فصارت الرحمة مكتوبة عليها .
فانصبغت النفس المضافة إلى الله بصبغته ، فصارت مفروغة في قالب فطرته ، وتحمّلت مقادير خطَّه وكتابته ، فظهرت بذلك ، وظهرت في ذلك ، وقربت هنالك وصارت نقيّة بيضاء ، مغسولة في أبحر نوره بماء الرحمة ، ساكنة ببرد اليقين ، مطمئنّة أمينة ، فأخذ الله إيّاها باليمين مطمئنّة معطرة بنفس روح القدس والروح الأمين ، أدرج الله سبحانه وتعالى فيها بهذه الحكمة .
الجنّة ، وجودها وقصورها وغلمانها وولدانها ومقامها الأمين ، وجعل بفضل رحمته وجهه تعالى في رضوانه على المدرج دليلا ، وفي المخرج والمدخل ظلا ممدودا وظلَّا ظليلا ، وكمّل نعمته فيها لعبده المؤمن قليلا قليلا وفتح له منهاجا وسبيلا ، وأدخله في عدن وهو مقصورة الرحمن ، الذي أجرى منها زنجبيلا وسلسبيلا ، وعند إكمال الله تعالى هذه النفس ، وإنزاله العكس ، ملَّكها للمؤمن - الذي هو ربّها - تمليكا صريحا صحيحا جزيلا .
وعند ذلك خاطب النفس وقال : " يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي في عِبادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي "  [ 89 / 30 - 27 ] .
وإنّي إنّما ذكرت هذه الكلمات ، ونقلت هذه الإشارات - على أنّي بمعزل عن حكايات الزبر السالفة ، وتسطير أساطيرها الماضية - تلميظا لأهل الذوق من الطالبين خصائص موائد المحبوب ، وتحريضا لهم في الاغتذاء منها والاحتظاء بها .
ثمّ إذا تقرّر أنّ العارف بالمعرفتين هو أنت - من حيث هو كانت ، أو من حيث أنت - قال بلسان الجمع والإجمال نظما :
( فأنت عبد ، وأنت ربّ   ..... لمن له فيه أنت عبد )
هذا بحسب المعرفة الأولى التي أنت ثابت في مواقف عبوديّتك ، وأمّا بحسب المعرفة الثانية ، التي أنت في مواطن جنّة ربوبيّته ، فقوله   :
( وأنت ربّ ، وأنت عبد  .... لمن له في الخطاب عهد )
وهو عهد " أَلَسْتُ بربكم " أعني عهد كمال الإظهار في الحضرة الأسمائيّة المترتّب على كمال الظهور ، على ما هو مؤدّى أمر " كُنْ " وهذه عقيدة اولي الألباب من أرباب الإطلاق .
فأمّا أرباب العقائد الجزئيّة :
( فكلّ عقد ) أي اعتقاد  (عليه شخص  .... يحلَّه من سواه) فهو (عقد)  أي قيد لا يرتجى انشراح الصدر من ذلك الاعتقاد ، ويمكن أن يجعل « من سواه » على تركيب الجار ومجروره ، فحينئذ يكون « العقد » فاعل « يحلَّه » ولا حاجة إلى التقدير .
وعلى التقديرين يلزم أن يكون صاحب الاعتقاد له جهتان في ذلك العقد إحداهما كونه حلَّا لعقد ذي اعتقاد آخر ، وأخرى كونه نفس العقد والأولى منهما بإزاء جهة الربوبيّة لأرباب الكشف والانشراح والثانية بإزاء جهة العبوديّة منهم فالعبد لا يخلو عن الجهتين قطَّ .

ما في الوجود غير حقيقة واحدة 
ثم إذ قد انساق الكلام إلى هذه الذوق الكمالي - الذي دون حيطته كل اعتقاد وذوق - عاد يتكلَّم في المبحث بمقتضاه مما يكشف عن تمام التوحيد المنبئ عن التشبيه والتنزيه معا فيما هو بصدد تبيينه ممّا يختصّ بنيله إسماعيل ، من الرضا وصدق الوعد - على ما أخبر عنه التنزيل - قائلا :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : "فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف.  فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.  فتكون صاحب معرفتين: معرفة به من حيث أنت،"  
قال رضي الله عنه : (فمن عرفك) حق المعرفة (عرفني) فإن حقیقتك ليست إلا أنه لا فرق بيني وبينك إلا بالإطلاق والتقييد (وأنا لا أعرف) فإن العقل والكشف قاصران عن كنه حقیقتي (فأنت لا تعرف) فإن حقیقتي مأخوذة في حقيقتك .
قال الشيخ رضي الله عنه :
ولست أعرف من شيء حقیقته    ….. وكيف أعرفه وأنتم فيه
وقال آخر):
هذا الوجود وإن تعدد ظاهرا   …… وحياتكم ما فيه إلا أنتم
حقيقة كل موجود بدا ووجود هذي الكائنات توهم (فإذا دخلت جنته)، وهي نفسك (دخلت نفسك وتعرف نفسك) فإن الدخول فيها ليس إلا بعد العلم والمعرفة.
وفي بعض النسخ : فإذا دخلت نفسك فتعرف نفسك (معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها)، أي نفسك بهذه المعرفة (حتى عرفت ربك بمعرفتك إياها فتكون صاحب معرفتین) بربك ،
قال رضي الله عنه : " ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت. فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد . وأنت رب وأنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد . فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد "
فالمعرفة الأولى (معرفة به من حيث أنت)، أي من حيث أنك موجود مغایر له متميز عنه موصوف بال?مالات المفاضة منه عليك، فهي لك على سبيل العارية وله بالأصالة ، ومن حيث أنك عاجز فقير منبع النقائص والشرور وربك قادر غني منبع الكمالات والخيرات.
(و) المعرفة الثابتة (معرفة به بك) أي بسببك لكن (من حيث هو)، أي من حيث عينه التي ظهرت بصورتك لتكون مظهرا من مظاهره التي ظهر بها (لا من حيث أنت)، أي من حيث أنك ممتاز عنه مغاير له كما في المعرفة الأولى.
(فأنت عبد وأنت رب لمن فيه أنت عبد)، أي لمن أنت عبد له فيه الضمير الأخير أبيضا للموصول فإن كل موجود متحقق في الوجود الحق ظاهر فيه لأنك كالمرآة له ، فكلما ثبت له أيضا ?العبودية وغيرها إنما تثبت له فيها وثبات الربوبية للعبد بالنسبة إلى الرب إنما هو باعتبار إبقاء الربوبية عليه.
(وأنت رب وأنت عبد ...... لمن له في الخطاب)
بعنی خطاب : "ألست بربكم " [الأعراف: 172] (عهد) منك إليه بالاعتراف بربوبيته كما يدل عليه حكاية الحق عن المخاطبين بقوله: قالوا أي (فكل عقد)، أي كل عهد وكل عقيدة (عليه شخص) يكون ذلك العقد بينه وبين ربه الخاص (يحله)، أي يحل ذلك العقد ويخائفه (من سواه عقد)، أي يخالفه عقد حال كون ذلك العقد صادرة من سوى ذلك الشخص، فإن لكل شخص عقدة مخصوصة بحسب أستعداده ، يخالفه وينا فيه عقد مخصوص آخر. وجعل بعض الشارحین لفظ أمن في قوله من سواه مفتوحة الميم على أن تكون موصولة .
وقال معناه فكل عقد، أي اعتقاد علیه شخص بحله من سواه فهو عند: أي قبل لا يرتجی انشراح الصدر منه ولما حكم رضي الله عنه فيما سبق بكون كل من الرب والمربوب راضيا مرضيا عنه كان محل أن يشير إلى معنى قوله تعالى : "رضي الله عنهم ورضوا عنه " [ المائدة : 119]، ذلك لمن خشي ربه .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:57 am

الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثامنة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشيء لا يضاد نفسه.)
(فرضي) الله تعالى (عن عبيده) الموصوفين بالعبودية لربوبيته القائمين له بالعبودية في قیومیته عليهم بالربوبية فرضاه عنهم رضاه عن نفسه، لأن ما هو صادر منهم مما يقتضي رضاه عين ما هو صادر منه فمقتضى رضاه منهم عين مقتضی رضاه منه (فهم)، أي عباده المذكورون (مرضيون) عنهم منه (ورضوا) أيضا هم (عنه) بما أعطاهم مما اقتضى رضاهم (فهو) سبحانه (مرضي) عنه منهم.
(فتقابلت الحضرتان) حيث صدر من أحدهما ما صدر من الأخرى فهو رضي وهم رضوا، وهو مرضي عنه، وهم مرضيون عنهم (تقابل)، أي مثل تقابل (الأمثال) الصدور الرضى من كل منهما في حق الآخر، ووقوعه في كل منهما على الآخر
(والأمثال أضداد، لأن المثلين) حقيقة كالبياض والبياض مثلا، والسواد والسواد (لا يجتمعان) أصلا فلو اجتمعا في حال اجتماعهما بقيا مثلين كما كانا أمكن أن يكون في مكان أحدهما ضده، فيجتمع الضدان وهو ممتنع، فلو اجتمع المثلان الكان مثلا واحدة لا مثلين، ولو اجتمع البياضان والسوادان في جرم واحد لكان بياضا واحدا أو سوادا واحدا كما هو مقدر في علم الكلام.
(إذ)، أي لأنهما يعني المثلين (لا يتميزان)، أي لا يتميز أحدهما عن الآخر لوجود ما لكل منهما للآخرة وهما المثلان حقيقة كما ذكر، ولو نقص أحدهما عن الآخر بأمر لم يكونا مثلين، التميز أحدهما عن الآخر بما نقص به أحدهما عن الآخر من ذلك الأمر.
(وما ثمة)، أي هناك، يعني في الوجود (إلا) موجود (متميز عن غيره من جميع الموجودات (فما ثمة)، أي هناك يعني في هذا الوجود (مثل) لغيره أصلا بل كل حقيقة مباينة للأخرى، وإن تقاربت بعض الحقائق مع بعض، فاقتضى ذلك التقارب المحبة، وتباعدت بعض الحقائق عن بعض، فاقتضى ذلك التباعد البغض والنفرة والعداوة .
(فما في) هذا الوجود (مثل) لكل شيء منه أصلا (فما في) هذا (الوجود ضد) لشيء منه أصلا، إذ لا بد من المماثلة من وجه، والمفارقة من وجه فالسواد والبياض ضدان في كون لون أحدهما مباينة للون آخر فقط، وهما مثلان في أن كل واحد منهما لون، وكل واحد منهما حادث، وكل واحد منهما عرض.
وكذلك المثلان ?البياض والبياض والسواد والسواد كل واحد منهما مماثل للآخر في أن هذا بياض، وهذا بياض وهذا سواد وهذا سواد، وهما ضدان في أن كل واحد منهما في جرم غیر جرم الآخر، وكل واحد منهما متصف به شيء غير الشيء المتصف بالآخر فلا مثل ولا ضد، لأن كلا منهما مثل وضد من وجهين .

(فإن الوجود) كله (حقيقة واحدة)، وإن اختلفت منه عليه شؤونه ومظاهره (والشيء) الواحد (لا يضاد نفسه)، أي لا يكون ضد لنفسه ولا يباين نفسه أصلا.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
(فرضي الله) أي كل بالأسماء (عن عبيدة نهم مرضيون) لأن عبيد الأرباب عبيده ومرضي الأرباب مرضيه
(ورضوا عنه فهو مرضي) فكان الأمر الذي بين العبد وربه الخاص بعينه ثابت بينه وبين رب المطلق .
فكل عبد مرضي عند الله بالأمر الإرادي.
وأما بالأمر التكليفي فبعضهم مرضي ?الأنبياء والأولياء ، وغيرهم من المؤمنين حسب مراتبهم.
وبعضهم ليس بمرضي كالكفار والعصاة .
فالنجاة من النار جمع الأمرين في الرضاء لا ينفع الرضاء بالأمر الإرادي مجردا عن الرضاء بالأمر التكليفي.
(فتقابلت الحضرتان) أي الربوبية والعبودية (تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان) المجتمعان والمثلان متميزان فلا يجتمعان (لا يتميزان فما ثمة) أي فما في العالم من حيث الوجود (إلا متميزا) واحد (فما ثمة) أي في العالم (مثل) لأن المثلية تقتضي الاثنينية.
(فما في الوجود مثل) إذ الوجود هو عين المتميز (فما في الوجود ضد فإن الوجود حقيقة واحدة والشيء لا يضاد نفسه) فإذا ارتفع الأضداد والامثال بظهور وحدة الوجود.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : "فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  "
قوله: فرضي الله عن عبيده إلى قوله: والشيء لا يضاد نفسه، معناه أن حضرات الربوبية وحضرات العبودية حصل بينهم التراضي من الأزل إلى الأبد والتضایف بينهما في حقيقة الوجود الواحد حاصل، لأنه ذاتي للواحد فكيف يضاد نفسه .
ثم ذكر البيتين اللتين بعد هذا في المعنى بعينه فما تحتاجان شرحا.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
قال رضي الله عنه: " فرضي الله عن عبيده ، فهم مرضيّون ، ورضوا عنه ، فهو مرضيّ ، فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال ، والأمثال أضداد ، لأنّ المثلين " يعني حقيقة " لا يجتمعان ، إذ لا يتميّزان ، وما ثمّ إلَّا متميّز ، فما ثمّ مثل ، فما في الوجود ضدّ ، فإنّ الوجود حقيقة واحدة ، والشيء لا يضادّ نفسه" .
قال العبد أيّده الله به: حضرات الأرباب تقابل حضرات العباد تقابل الأمثال ، وذلك لأنّ كلّ واحدة من الحضرتين مرضيّة عند الأخرى راضية بها .
فالمثلية بين الحضرات تامّة ، فالتضادّ كذلك عامّ ، لتقابل إحداهما الأخرى تقابل الضدّ الضدّ ، إذ المثل الحقيقي كالضدّ ، لعدم اجتماعه مع ضدّه أي بمثله حقيقة ، إذ لا تميز لأيّهما فرضت عن الآخر ، وإذ لا تميّز فلا بينيّة ، وإذ لا بينية فلا اثنينية ، فلا ضدّية ، فلا مثلية ، فما ثمّ إلَّا واحد ، فهو هو لا غيره ، فالوجود حقيقة واحدة تعيّنت في مراتب متميّزة عقلا ، فما ثمّ عقلا إلَّا متميّز بخصوصه ، فما ثمّ مثل يوجب الاثنينية ، فالمظهر عين الظاهر ، والظاهر عين المظهر ، فانظر تشهد .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
قال رضي الله عنه : ( فرضى الله عن عبيده ) لأنه بكل اسم من أسمائه رب لعبد رضي الله عنه ربه ، ورضى هو عن ربه ( فهم مرضيون ورضوا عنه ) كلهم ( فهو مرضى ، فتقابلت الحضرتان تقابلى الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين حقيقة لا يجتمعان إذ لا يتميزان ) أي تقابلت حضرات الأرباب وحضرات العبيد تقابل الأمثال ، لأن كل واحدة منهما راضية مرضية بالنسبة إلى الأخرى ، والأمثال من حيث هي ممتنع اجتماعهما أضداد ، لأن المثلين لا يجتمعان قط إذ لو اجتمعا لم يتميزا (وما ثم إلا متميز فما ثم مثل فما في الوجود مثل فما في الوجود ضد) . أي وما في الحضرة الإلهية إلا متميز به مع كون الجميع في الوجود الذي هو حقيقة واحدة فلا مثلية في الوجود فلا ضدية ، إذ لو كانت لكانت ضدية المثل ، إذ لا تضاد في الحقيقة الواحدة .
قال رضي الله عنه : ( فإن الوجود حقيقة واحدة والشيء لا يضاد نفسه ) فتلك الحقيقة تعينت في مراتب متميزة عقلا ، فالمظهر عين الظاهر وبالعكس ، لأن التعينات صفاتها وشئونها والعين واحدة .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
(فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون). لأنهم أظهروا مقتضيات أسمائه وأحكامها، فصاروا مرضيين عنده.
قال رضي الله عنه : (ورضوا عنه، فهو مرضى). أي، رضوا عن الله لإعطائه ما طلبوا منه من الإيجاد في العين وإظهار كمالاتهم التي كانت في كتم العدم مخفية عن أيدي الأسماء. فالحق مرضى منهم.
وقوله تعالى: (ولا يرضى لعباده الكفر). وعدم رضا الحق ونهيه من المعاصي إنما هو من حيث الأمر التكليفي: فإنه تعالى كلف عباده بالإيمان والطاعة، فلا يرضى الكفر والمعصية. وأما منحيث الإرادة، فالرضا حاصل، لأنهم أتوا بما أراد الله منهم.
قال رضي الله عنه : (فتقابلت الحضرتان، تقابل الأمثال، والأمثال أضداد، لأن المثلين حقيقة لايجتمعان، إذ لا يتميزان).
الحضرتان، هما حضرة الربوبية، وحضرة العبودية.
وإنما تقابلتا تقابل الأمثال، لأنهما يتشاركان في الوجود الإلهي، وفي الربوبية والعبودية، كما مر آنفا، ويختلفان في التعين والاعتبار.
وأيضا كل من الحضرتين في كونهما راضية مرضية مماثل للأخر، في تقابلهما تقابل الأمثال، وتقابل الأمثال عبارة عن تباينها وتمايزها مع اتحادها وتشاركها في حقيقة واحدة.
وإنما جعل الأمثال أضدادا، لأنها لا يجتمع كالأضداد، لأن المثلين من حيث تباينهما مع اشتراكهما في حقيقة جامعة لهما يصيران مثلين، فلا يجتمعان، إذلو اجتمعا، لكانا غير متميزين، لكن كل ما في الوجود من الأغيار متميزة عن غيره.
وإليه أشار بقوله: (وما ثمة إلا متميز.)
ولما أثبت أولا وجود الأمثال والأضداد باعتبار الكثرة، أراد أن ينفيها باعتبار الوحدة الذاتية والوحدة العرضية،
قال رضي الله عنه (فما ثم مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة، والشئ لا يضاد نفسه). أي، إذا كان ما في الوجود متميزا عن غيره بما هو هو، فليس في الخارج لشئ مثل من كل الوجوه وإذا لم يكنفي الخارج لشئ مثل، لا يكون في مطلق الوجود أيضا مثل، لأن ما في العقل أيضا ممتاز بتعينه المعنوي عن غيره.
وإذا لم يكن في العقل ولا في الخارج مثل، لا يكون فيهما أيضا ضد، إذ بتحققه يتحقق المثل، فإن كلا من الضدين مماثل للآخر في الضدية.
وأيضا، كل من الضدين بحسب الحقيقة يرجع إلى الوجود المطلق، وهو حقيقة واحدة، والضدان عبارة عن حقيقتين مختلفتين متساويتين في القوة والضعف، والحقيقة الواحدة لا يمكن أن يضاد لنفسه.
وتلخيصه أن الحضرتين المتقابلتين لهما اعتباران:
إعتبار الحقيقة الجامعة بينهما، واعتبار التغاير. فباعتبار وحدة حقيقتهما، لا تماثل بينهما ولا تضاد، فلا ربوبية ولا عبودية بينهما.
وباعتبار التغاير، بينهما تماثل وتضاد، فالربوبية والعبودية حاصلة، فالحكم بوجودهما باعتبار الكثرة صحيح، وبعد مهما باعتبار الوحدة صحيح.
والأول يناسب العالم،
والثاني يناسب الوجود الحق.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
قال رضي الله عنه : " فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، ورضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان  تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان وما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشيء لا يضاد نفسه."
وإذا كان اعتقاد كل شخص من هؤلاء الكل باعتبار ما ظهر في نفسه من صورة ظاهر الحق وباطنه، وهو كمال في الظهور (فرضي الله عن عبيده) الكل بالمعرفتين مع ما ذكروهم أصحاب الاعتقادات الصائبة، وإن اختلفت باختلاف المناسبات؛ (فهم مرضيون)، وإن قصرت اعتقاداتهم عن الإحاطة بكمالاته من جميع الوجوه، (ورضوا) أي هؤلاء العبيد الكمل (عنه) إذ صارت كمالاته كمالات لهم بانتقاشها بأنفسهم.
(فهو مرضي) عنه بما تفضل عليهم بهذا الظهور بظاهره وباطنه فيهم بعد كمال تصفيته إياهم، وتشبهوا بذلك بإسماعيل انتية بل بربهم كيف ومنشؤه ظهور صورته فيهم، وظهور صورهم فيه، وإذا كان رضا الرب عن النفس بظهور صورته فيها، ورضيت النفس عن الرب بظهور صورتها فيه.
(فتقابلت الحضرتان) حضرة النفس وحضرة الرب (تقابل الأمثال)؛ لأن صورة الشيء مثله وقد انعكست إليه بعدما انعكست عنه، وهي تفعل فعل الأصل (والأمثال أضداد) أي كالأضداد، فلا يجتمعان لا في مرآة الحق ولا في مرآة العبد؛ (لأن المثلين لا يجتمعان) في محل واحد كالضدين، (إذ لا يتميزان) في محل واحد (وما ثم) أي في الظهور (إلا) هو (متميز)، وإذا كان المثلان لا يتميزان؛ (فما ثم) في الظهور (مثل)، وإذا لم يكن في الظهور مثل والوجود منحصر في ظهور الرب في العبد وظهور العبد في الرب؛ (فما في الوجود مثل)، وإذا امتنع اجتماعه مع المثل فمع الضد أولی، (فما في الوجود ضد) وكيف يكون فيه ضد (فإن الوجود حقيقة واحدة والشيء لا يضاد نفسه).
وإنما الأمثال والأضداد في الماهيات التي لا تحقق لها؛ وإنما المتحقق فيها الوجود؛ (فلم يبق إلا الحق) الذي هو الوجود الحقيقي، (لم يبق ?ائن): أي حادث لا باعتبار الماهية؛ لأنها معدومة في ذاتها وما بالذات لا يزول بالغير، ولا باعتبار صورة الوجود؛ لأن
الصورة المنطبعة في المرآة الموجودة معدومة؛ فكيف في المرأة المعدومة؟
وإنما ترى فيها كما ترى الصورة في صورة المرأة المنطبعة في مرآة تقابلها.
.

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:58 am

الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثامنة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
قال رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده ) إذ عرفوا أربابهم خصوصيّاتهم الكماليّة وإتيانهم بمقتضاها ، ( فهم مرضيّون ورضوا عنه ) كلَّهم ( فهو مرضيّ فتقابلت الحضرتان ، تقابل الأمثال ) من حيث أنّهما راضيان مرضيّان ( والأمثال أضداد ، لأنّ المثلين ) حقيقة ( لا يجتمعان ) وهما وجوديان ، وإلَّا لم يكونا مثلين ، وكل أمرين شأنهما ذلك فهما ضدّان .
وإنّما قلنا « أنهما لا يجتمعان » ( إذ لا يتميّزان ، وما ثمّ إلَّا متميّز ) أي عند الاجتماع لا بدّ من التمييز ، وإلَّا يكون اتّحادا ، لا اجتماعا .
( فما ثمّ ) أي في الحضرات الإلهيّة والكيانيّة ( مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضدّ) سواء كان ذلك الضدّية على طريق المماثلة أو على سبيل المنافاة والمباينة ، فإنّك قد عرفت أنّ غاية البعد والمباينة إنّما تنتهي إلى المقاربة وعدم الامتياز ، بناء على الأصل الممهّد من تمام كلّ شيء في مقابله  .
( فإنّ الوجود حقيقة واحد ) على ما مرّ غير مرّة - عقلا وبرهانا ، ذوقا وعيانا - ( والشيء لا يضاد نفسه ) .
ولا ريب أنّه إذا كان الحضرتان المتماثلتان من العبيد - بالمعنى الذي بيّنه - والإله : هو موطن ذوق إسماعيل ومن تقرّبه من ذوي النفوس المطمئنّة ، وقد آلت المماثلة على ما حقّق أمرها إلى الوحدة الحقيقيّة التي لا مجال للثنويّة أصلا أن يحوم حول حماها :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان و ما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشي ء لا يضاد نفسه.  )
قال رضي الله عنه : "فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، ورضوا عنه فهو مرضي."
فقال رضي الله عنه : (فرضي الله) أحدية جميع الأسماء (عن عبيده) عن كل عبد ، عبد باعتبار الاسم الخاص الذي يربه (فهم)، أي العبيد (مرضيون)، أي كل عبد مرضي للاسم الخاص به، وذلك لا ينافي عدم كونه مرضية لاسم آخر كما يدل عليه قوله تعالى : "ولا يرضى لعباده الكفر" (ورضوا)، أي العبيد (عنه)، أي عن الله كل عن أسمه الخاص به يحسن قبوله ظهور آثاره وأحكامه (فهو)، أي الله (مرضي). لهم
قال رضي الله عنه : "  فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال و الأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان وما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشيء لا يضاد نفسه."
قال رضي الله عنه : (فتقابلت الحضرتان) : حضرة الربوبية وحضرة العبودية المفهومتان من قوله تعالى : "رضي الله عنهم ورضوا عنه" .
(تقابل الأمثال) فكل واحدة منهما تمائل الأخرى وتشابهها في كونها راضية مرضية (والأمثال أضداد) ولا ضد في الوجود في نظير شهود صاحب مقام الجمع، فلا مثل في الوجود في نظر شهوده فينتفي عنده التقابل، فلا يحكم كشفه به.
وإنما قال : الأمثال أضداد (لأن المثلين لا يجتمعان) في محل واحد (إذ) حيث يجتمعان فيه (لا يتمیزان)، لأن تمیز هما لا يكون إلا بتميز المحل (وما ثمة)، أي في مرتبة الأمثال (إلا متميز) فالمثلان متميزان فلا يجتمعان فهما ضدان (فما ثمة)، أي في حضرة الربوبية والعبودية (مثل فما في الوجود مثل لانحصار الوجود في تلك الحشرات وإذا لم يكن في الوجود مثل (فما في الوجود ضد)، لأن الأضداد أمثال تتماثلهما في الضدية وإن كان متفرعة على ما سبق، لكنه رضي الله عنه استدل عليه لزيادة التوضيح بقوله: (فإن الوجود حقيقة واحدة) نافية للكثرة (والشيء لا يضاد نفسه) لا في ضمن المماثلة ولا في غيرها وإذا ارتفعت الأمثال والأضداد،
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:59 am

الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة التاسعة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.)
قال رضي الله عنه : ( فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين   «ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.)
(فلم يبق) حينئذ حيث كانت الوجود كله حقيقة واحدة (إلا الحق) سبحانه وتعالى وحده (لم يبق) معه (?ائن)، أي مخلوق من مخلوقاته أصلا، لأن الوجود
واحد وقد ظهر من كل محسوس، وكل شيء معقول وصورة ?ل محسوس وكل معقول ظاهرة من نفس الوجود، ولا بقاء لها كما هو المشاهد بالتغير والزوال، فلا وجود لها وإن ظهرت ثم استترت ثم ظهرت، فإن الظهور لا يلزم منه الوجود كما أن ظهور الشيء بنور غيره لا يمنع من ظلمته في نفسه.
فقد ظهرت الأشياء بنور الشمس ولا نور لها في نفسها، وقد حققنا هذا في رسالتنا في وحدة الوجود، وإذا لم يكن مع الحق تعالی ?ائن أصلا (فما ثمة)، أي هناك (موصول) بالحق تعالی من ?ل محسوس ومعقول أصلا (وما ثمة)، أي هناك أيضا (بائن)، أي منفصل عن الحق تعالی أصلا من كل محسوس ومعقول ولا يتصور في الحق تعالی شيء في ذلك أصلا.
(بذا)، أي بهذا الأمر المذكور الذي هو انتفاء اتصال شيء بالحق تعالی وانتفاء انفصال شيء أيضا عن الحق تعالی (جاء) إلى قلوب العارفين بالحق تعالی (برهان)، أي دليل (العيان)، أي الكشف والشهود (فما أرى)، أي أشاهد (بعيني) تثنية عين أي غين القلب وعين الوجه والعينين اللتين هما في الوجه أو العين بمعنی الذات وثناهما باعتبار الذات الروحانية والذات الجسمانية والظاهرة والباطنة والغائبة والحاضرة (إلا عينه)، أي ذاته الظاهرة بصورة كل شيء معدوم ولا موجود غيرها، فلا تتغير أصلا، وإن ظهرت بصورة كل شيء كما قال سبحانه : كل شيء مالك إلا وجهه [القصص: 88]، أي إلا ذاته تعالى، وسميت وجها لتوجهها على تكوين كل شيء (إذ)، أي حين (أعاين) من المعاينة وهي الرؤية يعني كلما رأيت شيئا رأيت ذاته تعالى ولا شيء معها كما قال الصديق رضي الله عنه، ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه.
وفي الحديث : «ألا كل شيء ما خلا الله باطل» ، وقال الله تعالى مشيرة إلى الجنة (ذلك)، أي نعيم الآخرة إنما يكون (لمن)، أي للإنسان الذي (خشي)، أي خاف وهاب (ربه)، الذي خلقه وكونه من العدم (أن يكون هو)، أي يقول : أنا هو في نفسه أو يجد ذلك (لعلمه)، أي ذلك الخاشي من ربه (بالتمييز) بينه وبين ربه كما تقدم أنه لا مثل في الوجود فلا ضد، لأن الوجود حقيقة واحدة والشيء لا يضاد نفسه كما أنه لا يماثلها، فلا بد من التميز بالاعتبارات في تلك النفس الواحدة كما قال تعالى: ( "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" ) [النساء: 1]، الآية.
والنفس الواحدة هي نفس آدم عليه السلام وهي واحدة بالنص.
وكثرتها واختلافها بالعوارض الاعتبارية، فقد تميز بعضها عن بعض، ولا يتميز في نفس الأمر.
لأن النفس الواحدة لم تزل في ذاتها واحدة، كما أن النفس تلك النفس الآدمية وهي الحقيقة المحمدية كذلك، كما أن نفس تلك الحقيقة المحمدية وهي الحقيقة الأصلية الإلهية كذلك، ولما كثرت العوارض والاعتبارات على هذه النفوس الثلاثة اختلفت وتعددت بالعرض لا بالذات، ولا بالاعتبار العدمي، لا بأمر له حقيقة الوجود، إذ الوجود واحد لا يتكرر وذلك هو الجنة أمر متميز بالعرض والاعتبار، وكذلك من، فإنها كناية عن الإنسان، وكذلك خشي، فإنه فعل مشتق من الخشية وهي أمر متميز أيضا بالعرض والاعتبار، وكذلك ربه، فإن هذا الاسم ما أطلق على حقيقة الوجود إلا باعتبار أمر آخر.
ومع وجود هذا التمييز لا يكون اتحاد العين أصلا (لما)، أي حين (دلنا على ذلك)، أي وجود التمييز المذكور (جهل أعيان)، أي ذوات إنسانية كثيرة (في) هذا (الوجود) الحاضر (بما)، أي بالعلم الذي ( أتى به عالم).
وقال الخضر لموسى عليه السلام: «ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما أخذ هذا العصفور بفمه من ماء البحر» فجمع بينه وبينه في المشاركة في العلم الواحد. ثم قال له مرة أخرى: «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم علم?ه الله تعالى لا أعلمه أنا ». الحديث.
فميز بينه وبينه في ذلك العلم الواحد الذي هو كما أخذ العصفور من البحر (فقد وقع التمييز بين العبيد) من عدم التمييز بينهم في أصل الحقيقة، ولكن حيث تذكر القيود ?العبيد فلا بد من اعتبار التميز حتى لا يناقض الأمر (و) حيث وقع التمييز بين العبيد فقد وقع التميير أيضا (بين الأرباب) فرب الجاهل متميز بخصوص تجلي على الجاهل عن رب العالم، وهكذا فالكل متميزون عبيدا وأربابا ، فما في الوجود إلا متميز.
وهذا معنى قوله فيما سبق : فما ثم مثل فما في الوجود مثل.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.)
قال رضي الله عنه : (فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثمه موصول و ما ثم بائن)
(فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن) أي عالم الأكوان للفناء بها في الحق.
(فما ثمة) أي في الوجود (موصول ولا ثمة باين) أي لا موصول ولا واصل ولا مفارق لاستهلاك الكل في عين الوجود عند تجلي وحدة الوجود.
(بذا) أي بما ذكرنا من وحدة الوجود (جاء برهان العيان) وهو البرهان الكشفي (فما أرى بعيني) شيئا (إلا عينه) أي إلا ذات الحق لا غيره لاستهلاك جميع الأشياء في نظري في ذات الحق.
(إذ أعاين) أي إذ أشاهد معانيه حقيقة الأمر وهذا لمن لم يخشى ربه أن يكون هو لعدم علمه بالتميز فهو فوق مقام الخشية .
وأما قوله (ذلك) أي "رضي الله عنهم ورضوا عنه" فهو (لمن يخشى ربه أن يكون هو لعلمه بالتميز) بين الربوبية والعبودية (لما دلنا على ذلك) التميز.
(جهل أعبان في الوجود) يتعلق بجهل وكذا (بما أتي به عالم) يتعلق به والمراد بما أتى به عالم ما ذكره من وحدة الوجود في الأبيات.
فعالم بالله يثبت التميز في مقام ويثبت عدم التمييز في مقام.
وأما من لم يكن عالما بالله فلا يثبت إلا التميز، فدلنا على التميز عدم علمهم بعدم التميز.
(فقد وقع التمييز بين العبيد) فإذا وقع التمييز بين العبيد (فقد وقع التمييز بين الأرباب) ضرورة وجوب وجود العلة عند وجود المعلول لأن التمييز بين العبيد أثر حاصل من التمييز بين الأرباب.
ولما كان في هذا الدليل نوع خفاء عند العقل إذ يجوز للعقل أن يمنع الملازمة أورد.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.) 
أن حضرات الربوبية وحضرات العبودية حصل بينهم التراضي من الأزل إلى الأبد والتضایف بينهما في حقيقة الوجود الواحد حاصل، لأنه ذاتي للواحد فكيف يضاد نفسه ثم ذكر البيتين اللتين بعد هذا في المعنى بعينه فما تحتاجان شرحا
و قوله: "ذلك لمن خشي ربه" [البينة: 8] أن ی?ونه.
يعني ذلك الرضا المذكور هو لمن خشي أن يظهر عليه سلطان الوحدانية الإلهية، فيمحو التمييز مع أنه ثابت، فإن المعز لا يفسر بمعنى المذل، فاختلفت الأسماء و تمایزت الصفات وكذلك تمایزت العبوديات.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.)
قال رضي الله عنه: (فلم يبق إلَّا الحق لم يبق كائن  ..... فما ثمّ موصول وما ثمّ بائن )
قال رضي الله عنه : ( بذا جاء برهان العيان فلا أرى  .... بعينيّ إلَّا عينه إذ أعاين)
" ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّه ُ " أن يكونه لعلمه بالتمييز .
يعني رضي الله عنه : لمّا ثبت تميّز مرتبة الربّ عن مرتبة العبد ، خشي ربّه أن يكونه لعلمه بالتمييز فوقف على مركز عبدانيته مرضيّا عند ربّه ، لكونه راضيا بربوبيته له وعليه ، ورضي به ربّه له ، لرضاه بعبوديته وربوبيته ربّه وله وعليه وفيه ، فافهم .
قال رضي الله عنه: "« دلَّنا على ذلك » أي على التمييز « جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم ، فقد وقع التمييز بين العبيد » يعني بين العارف وغير العارف ).وهذا أقلّ ما في الباب.
قال رضي الله عنه: (« فقد وقع التمييز بين الأرباب"  .
يعني رضي الله عنه: أنّه يفسّر الاسم الواحد من جهة أحدية الذات بما يفسّر به غيره ضدّا كان أو ندّا ، لأنّه من حيث أحدية ذاته كلَّها ولا ضدّ له ولا ندّ ، والأسماء أضداد وأنداد ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.) 
قال رضي الله عنه : فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن  ... فما ثم موصول وما ثم باين
بذا جاء برهان العيان فما أرى ...   بعيني إلا عينه إذ أعاين .ذلك " خَشِيَ رَبَّه " - أن يكون لعلمه بالتمييز )
أي ذلك الرضا من الجانبين ، لمن خشي أن يكون الرب لعلمه بامتياز مرتبة العبد عن مرتبة الرب ، فوقف على مرتبة عبد أنيته مرضيا عند ربه راضيا بربوبيته لرضا ربه بعبوديته قضاء الحق التمييز مع كون الحقيقة واحدة .
لما ( دلنا على ذلك ) أي على التمييز ( جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم) ، فقد وقع التمييز بين العبيد ) أي بين العارف وبين غير العارف ( وقد وقع التمييز بين الأرباب ) لأن العبد لا يظهر إلا ما أعطاه الرب ، والرب ما يعطى إلا ما سأله العبد بلسان استعداد عينه ( ولو لم يقع التمييز ) أي بين الأرباب .

"" إضافة بالي زادة :  ( ذلك ) أي  (" رَضِيَ الله عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْه " ، فهو "لِمَنْ خَشِيَ رَبَّه "  أن يكون ) هو ، وقوله ( في الوجود ) وكذا قوله ( بما أتى به عالم ) يتعلق بجهل ، والمراد بما أتى به عالم ما ذكره من وحدة الوجود في الأبيات ، فعالم باللَّه يثبت التميز في مقام وعدمه في مقام ، وأما غير العالم فلا يثبت إلا التميز ، فدلنا على التميز عدم علمهم لعدم التمييز (فقد وقع التميز بين العبيد) ضرورة وجوب وجود العلة عند وجود المعلول ، لأن التميز بين العبيد أثر حاصل من التميز بين الأرباب . ولما كان في الدليل نوع جفاء أورد عليه قوله ولو لم يقع التميز اهـ بالي زادة  "".


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.) 
قال رضي الله عنه : (فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن فما ثم موصول ولا ثم بائن)
(بذا جاء برهان العيان فلا أرى بعيني إلا عينه إذ أعاين)
أي، إذا ارتفع الأمثال والأضداد وظهرت وحدة الوجود، فلم يبق إلا الحق، وفنى العالم فيه لاقتضائه الكثرة. فما ثم واصل ولا موصول ولا بائن، أي مفارق، لاستهلاك الكل في عين الوحدة الحقيقية. 
قوله: (بذا جاء) أي، بما ذكر يشهد برهان العيان والكشف. (فما أرى بعيني) أي، بعين البصر والبصيرة، أو بعيني البصر، إلا عين الحق وذاته حينأ عاين وأشاهد الموجودات في العقل وفي الخارج.
قال رضي الله عنه : ("ذلك لمن خشى ربه". أن يكون هو لعلمه بالتميز). تتميم الآية.
ولما تكلم (رض) في مقام الجمع، شرع يتكلم في مقام الفرق بعد الجمع، لأن المحقق هو الذي يعطى حق المقامات كلها، لتكون عقيدته هيولى الاعتقادات، ولا يقف في شئ منها وإلا يكون مقيدا.
فقوله: (ذلك) إشارة إلى قوله تعالى: "رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه".
أي، ذلك المقام، الذي هو مقام الرضا عنهم، لا يحصل إلا لمن خشي ربه وانقاد حكمه بقيامه في مقام عبوديته، لعلمه بتميز مقامه عن مقام ربه.
فإن (الخشية) هي التواضع والتذلل لعظمة الرب. ولا يظهر بمقام الربوبية، ليكون عين ربه، فيدعى أنه هو. كما ظهر به أرباب الشطح.
قال تعالى معاتبا للمسيح وتنبيها للعباد: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟) والفرق بين المحقق وبين أهل الشطح: إذا ظهر كل منهما مقام الربوبية، إن المحقق لا يظهر به إلا وقتا دون وقت، إعطاء لحق المقام لا عنغلبة حكم الوحدة عليه.
ولو قيل له عند ظهوره به: إنك عبد. يقربه ويرجع إليه عن مقام الربوبية. وأهل الشطح لكونهم مغلوبين بحكم المقام، لا يقدرونعلى الرجوع، فتأخذهم الغيرة بالقهر .
قال رضي الله عنه : (دلنا على ذلك، جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم) أي، دلنا على ذلك العلم بالتميز بين المقامين، جهل بعض أعيان الموجودات بما أتى به عين العلم بالله من التميز بين مقام الربوبية والعبودية تارة، والظهور بالربوبية أخرى، مع مراعاة الأدب.
وهذا كما يقال: (تعلمت الأدب ممن لا أدب له.) وفي بعض النسخ: (لما دلنا).
وجوابه: (فقد وقع التميز بين العبيد، فقد وقع التميز بين الأرباب).
فإن التميز بين العبيد معلول للتمييز بين الأرباب، و وجود المعلول يدل على وجود علته، فوقع التميز بين الأرباب وبين عبيدها أيضا،لأن العلل مغائرة لمعلولاتها.
(ولو لم يقع التميز، لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسربه الآخر. و (المعز) لا يفسر بتفسير (المذل)، إلى مثل ذلك). معناه ظاهر.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.)
قال رضي الله عنه : "فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن. بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين . «ذلك لمن خشي ربه أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب."
قال رضي الله عنه : (فما ثم): أي في الكائنات (موصول) مع الوجود الحق، (ولا ثم بائن)؛ لأن ذلك فرع تحقق المتواصلين والمتباينين (بذا) أي: بعدم بقاء ما سوى الحق، (جاء برهان العيان) أي: الكشف (فما أرى) في كل شيء (بعيني إلا عينه إذ أعاين) بنظر الكشف.
وهذا ما قاله الإمام الغزالي في الباب الثالث من كتاب التلاوة من «الإحياء»: «بل التوحيد الخالص ألا يرى العبد في كل شيء إلا الله»؛ وذلك لأن المرئي إما الوجود أو صورته في مرايا الأعيان وصور المرايا معدومة، سيما إذا كانت المرايا معدومة.
(ذلك) : أي القول ينفي ما سوى الحق لا باتحادهما، وإن رآهما غير متميزين في نظر الكشف "ولمن خشی ربه" [البينة: 8] أن يكون هو الرب، فينفي نفسه ويبقى الرب.
وفيه إيهام لطيف بأنه تفسير لقوله تعالى: "رضي الله عنهم ورضوا عنه" [التوبة: 100]. "ذلك لمن ځشي ربه"، بل لا يبعد أن يقصد ذلك بطريق الإشارة (لعلمه بالتمييز) بينهما في الواقع، وإن لم يحصل في نظر الكشف كما لا يتميز الخمر عن الزجاج في نظر الحس مع علمنا بتميزهما في الواقع، (دلنا على ذلك) التمييز بين العرب والعبد مع عدمه في نظر الكشف (جهل أعيان في الوجود) أي: الواقع (بما أنابه) أي بأمر علمه مختار (عالم) بذلك الأمر، وهذا العالم من الأعيان.
ولا شك أن الموجود واحد بالحقيقة، فلو اتحدت به الأعيان لكان فعل الواحد فعل الأخر، ولكان علم الواحد علم الآخر، وليس كذلك، مع أن الكل فعل الوجود الواحد وداخل تحت علمه، (فقد وقع التمييز بين العبيد) إذ لم يظهر في البعض عن الوجود من الأفعال والعلوم ما ظهر في الآخر، وذلك باختلاف التجلي.
(فقد وقع التمييز بين الأرباب) التي هي صور الوجود الواحد بحسب انتسابه إلى الأعيان المختلفة بذواتها، فاختلفت تجلياته وصوره فيها اختلاف نور الشمس وراء الزجاجات المختلفة الألوان، فاختلفت الأسماء الإلهية التي هي أرباب هذه الصور.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 7:59 am

الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة التاسعة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز. دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.) 
قال رضي الله عنه : ( فلم يبق ) في مطمح شهودهم ذلك ( إلا الحقّ ) الوجود الواحد .
( لم يبق ) في ذلك ( كائن ) من الكيان الإمكانيّة التي هي مبدأ التفرقة ومنشأ الكثرة .
( فما ثمّ موصول ، وما ثمّ بائن ) ضرورة أنّ تحقّقهما موقوف على وجود ثنويّة الحجب وتفرقة البعد والقرب .
( بذا جاء برهان العيان ) وحجج الذوق والوجدان ، لا برهان النظر ودلائل العقل والفكر ولذلك قال : ( فما أرى بعيني إلَّا عينه إذ أعاين) معا  إذ المعاينة هي مقابلة العين بالعين وإدراكه به ، وذلك بأن يدرك بالعين عين الشيء الذي منه يتقوّم ويتعيّن معناه ، لا كونه الذي به يتصوّر صورته .
رؤية الوحدة والكثرة في الوجود
ثمّ لما بيّن في مبحثه هذا طرف التشبيه والإجمال ، الذي هي إحدى كفّتي ميزان بيان التوحيد - على ما أنزل إليه جوامع الكلم الختميّة - لا بدّ وأن يعادله بطرف التنزيه والتفصيل ، معتصما في ذلك كلَّه لوثائق التنزيل الختمي وتأويله قائلا : ( " ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّه ُ " ) [ 98 / 8 ] .
أي ذلك المماثلة من الحضرتين - الكاشفة عن الوحدة الحقيقيّة الوجوديّة ، الرافعة للكثرة الحاجبة الكونيّة لمن خشي ربّه - ( أن يكونه ) فارقا في عين تلك الجمعيّة ، حتى يكون توحيده ذاتيّا ، وتحقّقه بالوحدة الحقيقيّة الذاتيّة ، لا الوحدة الرسميّة الوصفيّة - التي في مقابلتها الكثرة ، فلا يحيط بها ولا يجامعها ، بل يعاندها وينافيها .
وذلك الخشية والتفرقة ( لعلمه بالتمييز ) بين الأعيان وتفاوت أقدارهم في مراتب إدراكاتهم ونيّاتهم ( دلَّنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم . فقد وقع التمييز بين العبيد ) .
بذلك ( فقد وقع التمييز بين الأرباب ولو لم يقع التمييز ) بين الأرباب ، ويكون الكلّ في حضرة الأسماء واحدا.



شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين
«ذلك لمن خشي ربه» أن يكونه لعلمه بالتمييز.
دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب.)
قال رضي الله عنه : "فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن. بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين . «ذلك لمن خشي ربه أن يكونه لعلمه بالتمييز."
(فلم يبق) في الوجود (إلا) الواحد (الحق ?ائن) سواه فما ثم شيء (موصول) بشيء آخر بالمماثلة (ولا ثم) شيء (بائن) عن شيء آخر بالمضادة (بذا)، أي بما ذكرنا من الوحدة الصرفة (جاء برهان العيان) والكشف (فما أرى بعيني) البصريين أو البصر والبصيرة (إلا عينه) واحد بالوحدة الصرفة الغير المتكثر بالأمثال والأضداد (إذ أعاين) .
ولما نفى الشيخ رضي الله عنه وجود الأمثال وتقابلها المستلزم نفيها، نفی المتقابلين أعني الراضي والمرضي من الحق والخلق.
وكان ذلك النفي نظرة إلى شهود صاحب مقام الجمع أراد أن يثبتهما نظرة إلى شهود صاحب مقام الفرق بعد الجمع ، ويشير إلى أن في الآية أيضا إشارة إلى إثباتهما إنما هو بالنظر إليه لا مطلقا.
فقال : (ذلك)، أي إثبات التقابل والحكم بكون الرب راضيا والعبد مرضيا وبالعكس ("لمن خشي ربه " [البينة: 8] أن ی?ونه)، أي يتحد به لغلبة شهود الوحدة عليه ويرتفع التمييز بينهما في نظر شهوده فيختل أمر العبودية والربوبية وهذه الخشية إنما هي (لعلمه بالتمييز) بين الرب وعبیده و تضرر إيقاعه المفضي إلى عدم بلوغه إلى مرتبة الكمال
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:00 am

الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة العاشرة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك،
لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك،  لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولو لم يقع التمييز) بين الأرباب أيضا كما هو بين العبيد (لفسر) بالبناء للمفعول، أي فسر مفسر (الاسم الواحد الإلهي) بالاسم اللطيف مثلا (من جميع وجوهه)، لأنه قد يشاركه في بعض الوجوه الرحمن والرحيم والجبار، والمتكبر ونحو ذلك. .
ومع هذا لا يفسر بتفسيره (بما يفسر به) الاسم (الآخر) كالاسم المنتقم مثلا (و) الاسم (المعز لا يفسر)، أي لا يجوز تفسيره (بتفسير الاسم المذل)، لأنه على النقيض من معناه (إلى مثل ذلك) من بقية الأسماء الإلهية (لكنه)، أي الاسم الأول (هو)، أي الاسم الثاني.
فالمعز هو الاسم المذل وهكذا في جميع الأسماء (من وجه) حضرة (الأحدية) التي هي الذات العلية (كما تقول في كل اسم) إلهي (إنه)، أي ذلك الاسم (دليل على الذات) الإلهية من وجه (و) دليل أيضا (على حقيقته)، أي حقيقة ذلك الاسم (من حيث هو)، أي من حيث المعنى المفهوم من ذلك الاسم من وجه آخر غير الأول. (فالمسمى) بالأسماء كلها (واحد) من حيث الذات العلية وهو الله تعالى وكثير من حيث اعتبار معنى أسمائه الأزلية فيه.
(فالمعز) من الأسماء الإلهية (هو) الاسم (المذل من حيث) ذات (المسمى) بتلك الأسماء والاسم المعز (ليس هو) الاسم (المذل من حيث نفسه)، أي نفس ذلك الاسم (وحقيقته)، أي مقتضي معناه المفهوم من لفظه (فإن المعنى المفهوم يختلف) باختلاف ألفاظ الأسماء الإلهية (في الفهم في كل واحد منهما)، أي من الاسم المعز والاسم
المذل، وكذلك بقية الأسماء ويتفرع على ما تقدم من الكلام قوله في هذا النظام.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك،
لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم.)
على ذلك الدليل بقوله: (ولو لم يقع التمييز) بين الأرباب (لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر به الآخر والمعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك لكنه) أي لكن المعز (هو) المذل (من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم أنه دليل على الذات وعلى حقيقته) أي حقيقة ذلك الاسم.
(من حيث هو فالمسمى واحد فـ المعز هو المذل من حيث المسمى والمعز ليس المذل من حيث نفسه وحقيقته) وإنما لم يكن المعز هو المذل من حيث نفسه.
(فإن المفهوم مختلف في الفهم في كل واحد منهما) فدل اختلاف مفهومهما في الفهم على أن أحدهما ليس هو الآخر بحسب نفسه وحقيقته.
ولما بين في الأسماء جهة الاتحاد وجهة الاختلاف أراد أن يبين هذا المعنى بين الحق والخلق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك،
لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم.) 
يعني ذلك الرضا المذكور هو لمن خشي أن يظهر عليه سلطان الوحدانية الإلهية، فيمحو التمييز مع أنه ثابت، فإن المعز لا يفسر بمعنى المذل، فاختلفت الأسماء و تمایزت الصفات وكذلك تمایزت العبوديات.
قال: والذات واحدة والأسماء مختلفة والأبيات الباقية ظاهرة المعنى مما سبق۔
قوله: الثناء بصدق الوعد إلى قوله: طلب المرجح.
يعني أن اسماعیل صادق الوعد فأثنى الحق عليه بذلك فالحق أولى، والحضرة تطلب الثناء وهو بصدق الوعد لا يصدق الوعيد وهذا القدر مرجح لحصول الموعود به لا حصول المتوعد به، والأبيات تشرح ذلك وحاصلها أن أهل النار يتنعمون فيها، واشتقاق العذاب من العذوبة واللب الطيب لا يضر أن يكون له قشر غير طيب.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك،
لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم.)
قال رضي الله عنه : "ولو لم يقع التميّز لفسّر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسّر به الآخر ، و " المعزّ" لا يفسّر بتفسير "المذلّ " إلى مثل ذلك ، لكنّه هو من وجه "الأحدية " ).
يعني رضي الله عنه: أنّه يفسّر الاسم الواحد من جهة أحدية الذات بما يفسّر به غيره ضدّا كان أو ندّا ، لأنّه من حيث أحدية ذاته كلَّها ولا ضدّ له ولا ندّ ، والأسماء أضداد وأنداد ، فافهم .
قال رضي الله عنه: " كما تقول في كل اسم : إنّه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو ، فالمسمّى واحد ، فالمعزّ هو المذلّ من حيث المسمّى ، والمعزّ ليس المذلّ من حيث نفسه وحقيقته ، فإنّ المفهوم يختلف في الوهم من كل واحد منهما ".
قال العبد : تقرّر فيما مضى أنّ لكلّ اسم دلالتين : دلالة على الذات المسمّاة به ، ودلالة على حقيقة مخصوصة ، بها يمتاز عن غيره ، فـ بالأوّل هو المسمّى عينه فيوضع ويحمل عليه سائر الأسماء كما هو مذهب ابن قسيّوب الثاني هو غيره لتميّزه عنه بخصوصه ، وإن كان خصوصه فيه أيضا .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم).
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يقع التمييز يفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر ) أي به ، فحذف للعلم به (والمعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك ) من عدم تفسير كل اسم بتفسير مقابله كالنافع والضار والجليل والجميل.
ونحو ذلك ( لكنه هو من وجه الأحدية كما نقول في كل اسم إنه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو ، فالمسمى واحد ، فالمعز هو المذل من حيث المسمى ليس المذل من حيث نفسه وحقيقته ، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهما ) ظاهر ، ومعلوم مما مر .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم).
قال رضي الله عنه : (لكنه هو من وجه الأحدية، كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو، فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، والمعزليس المذل من حيث نفسه وحقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهما.)
أي، لكن (المعز) هو (المذل) من وجه أحدية ذات الحق، لأن كل اسم دال
على الذات الأحدية، إذ الاسم عبارة عن ذات مع صفة خاصة.
فالمسمى، الذي هو الذات، واحد في الكل، والصفات مختلفة، ومفهوم كل واحد من (المعز) و
(المذل) مختلف. لأنه إن اعتبر مجموع الذات والصفة في مفهوم كل من الأسماء، فقد وقع الاختلاف، وإن اعتبر الجزء الذي به يقع التميز، فقد وقع الاختلاف أيضا، وإن اعتبر الذات فقط، فمسمى الكل منهما عين مسمى الآخر.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك،
لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم.)
قال رضي الله عنه : " ولو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. والمعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، والمعز ليس المذل من حيث نفسه وحقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم" .
قال رضي الله عنه : (ولو لم يقع التمييز) بين الأرباب التي هي الصور الوجودية لم يقع بين أربابها التي هي الأسماء الإلهية، لكنه باطل إذ لو لم يقع التمييز بينهما. (لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه)، وهي وجه الذات ووجه المباينة مع سائر الأسماء، ووجه المشاركة باعتبار آخر وراء اعتبار أحدية الذات كاشتراك المنعم والمعز والحادي والنافع ( بما يفسر به الآخر) ليس كذلك، إذ (المعز) من أسماء الله (لا يفسر بتفسير المذل) منها.
وانظر (إلى مثل ذلك) في الأسماء، فإنه ?الهادي والمضل وكالمنعم والمنتقم، و كالضار والنافع، و?الجليل والجميل، و كالمحيي والمميت، و كالقابض والباسط، و كالخافض والرافع، و كالقهار والغفار، و كالحليم و سريع العقاب.
فإنه أي: المعز هو المذل (من وجه الأحدية) أي: أحدية الذات المسماة بهما، وهذا الاتحاد بين الأسماء القديمة المعنوية مع التمييز بينهما بحسب التجلي، كالاتحاد والتمييز بين ألفاظها باعتبار دلالتها على الذات الواحدة، وعلى معانيها المخصوصة.
كما تقول في كل اسم من الأسماء اللفظية بحسب مفهومه اللغوي (دليل على الذات)، فقد اتحدت الأسماء في هذه الدلالة، وتقول أيضا في كل اسم: إنه دليل (على حقيقته) أي: معناه المختص به (من حيث هو) اسم خاص يقتضي مفهوما خاصا وراء مفهوم الذات، وإلا كان من الأسماء المرادفة، وهو خلاف الأصل ولها الفائدة، فلا ينبغي أن يوجد في أسماء الله تعالى؛ (فالمسمى).
أي: مسمى المعز والمذل، وهو الذات سواء اعتبر من الأسماء القديمة المعنوية أو الألفاظ (واحد)، وإن اختلفت المعاني فيها باعتبار انتسابها إلى الأعيان.
(فالمعز هو المذل من حيث المسمى) أي: الذات من حيث هي ذات لا من حيث ما فيها من المعاني المختلفة، (والمعز ليس المذل من حيث نفسه).
أي: معناه الذي هو الذات مع المعنى المخصوص فيه، فإن المجموع من الذات مع معنى غير المجموع من الذات مع معنى آخر، كما أن المجموع من زید وعمرو غير المجموع من زيد و ب?ر.
(وحقيقته) أي: معناه للمخصوص به؛ (فإن المفهوم مختلف في كل واحد منهما) أي: من المعز والمذل سواء اعتبر المعنى الخاص أو المجموع من المشترك والخاص.


.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:01 am

الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة العاشرة : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم.)
قال رضي الله عنه : (ولو لم يقع التمييز) بين الأرباب التي هي الصور الوجودية لم يقع بين أربابها التي هي الأسماء الإلهية، لكنه باطل إذ لو لم يقع التمييز بينهما. (لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه)، وهي وجه الذات ووجه المباينة مع سائر الأسماء، ووجه المشاركة باعتبار آخر وراء اعتبار أحدية الذات كاشتراك المنعم والمعز والحادي والنافع ( بما يفسر به الآخر) ليس كذلك، إذ (المعز) من أسماء الله (لا يفسر بتفسير المذل) منها.
وانظر (إلى مثل ذلك) في الأسماء، فإنه ?الهادي والمضل وكالمنعم والمنتقم، و كالضار والنافع، و?الجليل والجميل، و كالمحيي والمميت، و كالقابض والباسط، و كالخافض والرافع، و كالقهار والغفار، و كالحليم و سريع العقاب.
فإنه أي: المعز هو المذل (من وجه الأحدية) أي: أحدية الذات المسماة بهما، وهذا الاتحاد بين الأسماء القديمة المعنوية مع التمييز بينهما بحسب التجلي، كالاتحاد والتمييز بين ألفاظها باعتبار دلالتها على الذات الواحدة، وعلى معانيها المخصوصة.
كما تقول في كل اسم من الأسماء اللفظية بحسب مفهومه اللغوي (دليل على الذات)، فقد اتحدت الأسماء في هذه الدلالة، وتقول أيضا في كل اسم: إنه دليل (على حقيقته) أي: معناه المختص به (من حيث هو) اسم خاص يقتضي مفهوما خاصا وراء مفهوم الذات، وإلا كان من الأسماء المرادفة، وهو خلاف الأصل ولها الفائدة، فلا ينبغي أن يوجد في أسماء الله تعالى؛ (فالمسمى).
أي: مسمى المعز والمذل، وهو الذات سواء اعتبر من الأسماء القديمة المعنوية أو الألفاظ (واحد)، وإن اختلفت المعاني فيها باعتبار انتسابها إلى الأعيان.
(فالمعز هو المذل من حيث المسمى) أي: الذات من حيث هي ذات لا من حيث ما فيها من المعاني المختلفة، (والمعز ليس المذل من حيث نفسه).
أي: معناه الذي هو الذات مع المعنى المخصوص فيه، فإن المجموع من الذات مع معنى غير المجموع من الذات مع معنى آخر، كما أن المجموع من زید وعمرو غير المجموع من زيد و ب?ر.
(وحقيقته) أي: معناه للمخصوص به؛ (فإن المفهوم مختلف في كل واحد منهما) أي: من المعز والمذل سواء اعتبر المعنى الخاص أو المجموع من المشترك والخاص.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :

قال الشيخ رضي الله عنه : ( و لو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و حقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم.)
قال رضي الله عنه : " دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم.  فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب. ولو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر.  والمعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو. فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، والمعز ليس المذل من حيث نفسه وحقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم. "
قال رضي الله عنه : (لما دلنا على ذلك) التمييز (جهل أعيان) ظاهرة (في الوجود).
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه لنا، أي حاصل معلوم لنا دالا على ذلك التمييز جها أعيان ظاهرة (بما أتى به)، أي خبر (عالم) فإن ذلك الاختلاف بالجهل والعلم يدل على التمييز بين الموصوفين بهما (فقد وقع التمييز بين العبيد فقد وقع التمييز بين الأرباب)، لأن اختلاف المعلومات يدل على اختلاف العلل وبين الأرباب وعبيدها أيضا لوجوب مغايرة العتل لمعلولاتها.
(ولو لم يقع التمييز) بين الأرباب التي هي الأسماء (لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما ينسر به الآخر والمعز لا يفسر بالمذل لكنه)، أي المعز (هو)، أي المذل (من وجه الأحدية)، أي أحدية الذات.
(كما نقول في كل اسم أنه دليل)، أي دال (على الذات) المطلقة (وعلى حقيقته)، أي حقيقة ذلك الاسم وخصوصيته المميزة له عن سائر الأسماء .
(من حيث هو) اسم خاص متميز عن ما عداه (فالمسمى) في جميع الأسماء (واحد)، وإن كانت الأسماء بحسب خصوصیاته ?ثيرة (فـ المعز هو المذل من حيث المسمى والمعز ليس المذل من حيث نفسه وحقيقته) التي هي مفهومه الخاص (فإن المفهوم يختلف في الفهم)، أي العقل( في كل واحد منهما)، أي من المعز والمذل و ان اتحدا في الخارج 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:02 am

الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الحادي عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ).
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق   و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق     تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا تنظر) يا أيها العارف بالله تعالى (إلى الحق) سبحانه وتعالى المتجلی علی قلبك بصور جميع ما تدركه من المحسوسات والمعقولات (وتعريه)، أي تجرده عز وجل (عن) ملابس صور (الخلق)، أي المخلوقات على اختلافها بأن تنظر إليه خالية عن صورة شيء من الأشياء، فإن هذا محال عند أهل المعرفة، فإنك إن خليته وجردته عن الصورة الحسية لما تقدر أن تخليه وتجرده عن الصور الخيالية والمعنوية وإن أخليته وجردته عن الكل فأنت معطل له وجاحد لوجوده، ومع ذلك فأنت مثبت له في ملابس الصور الكونية أيضا، فإن نفيه من ذلك كله معنى من المعاني وخيال من الخيالات الفكرية، فقد أثبت له ما نفيت عنه بمجرد نفيك وأنت لا تشعر .
(ولا تنظر) يا أيها العارف أيضا (إلى) شيء من (الخلق)، أي المخلوقات المحسوسة والمعقولة (وتكسوه)، أي تلبسه (سوی) وجود (الحق) سبحانه وتعالى فإن الخلق جميعهم من جهة أنفسهم معدومون، ولولا كسوة وجود الحق سبحانه لهم لما صح انتساب الوجود إليهم، والمراد عدم شهود انفكاك الحق عن الخلق والخلق عن الحق، ولا يلزم من ذلك ما يشكل في عقول القاصرين من لزوم الحلول أو الاتحاد أو الانحلال، لأن تصور الإمكان شيئا من ذلك موقوف على ثبوت وجودين مستقلين، كل واحد منهما قائم بنفسه حتى يتصور أن يحل أحدهما في الآخر أو يختلط به أو يتحد به أو ينحل عنه، ونحو ذلك من وساوس أصحاب الأفكار القاصرين عن درجات علماء الأنوار والأسرار.
وأما إذا كان الوجود حقيقة واحدة مستقلة وجميع ما عداها مما هو صادر عنها أمور عدمية في نفسها، ظهر فيها ذلك الوجود الواحد باعتبار أنه متوجه عليها، فالوجود الذي هو الثبوت والتحقق الظاهر لكل شيء محسوس أو معقول هو الوجود الواحد الذي هو عين تلك الحقيقة الواحدة والزائد عليه مما هو مسمي باسم كل شيء لا وجود له أصلا من نفسه، فلا يشكل عليه إشكال أصلا.
(ونزهه)، أي قل بتنزيهه سبحانه وتعالى وتبعيده و تقدیسه عن مشابهة كل شيء محسوس أو معقول، واعتقد ذلك في نفسك ولا تقتصر عليه فقط فيدخل التعطيل في اعتقادك كما ذكرنا (وشبهه) أيضا سبحانه وتعالى مع ذلك، أي قل واعتقد أنه عز وجل ظاهر بصورة كل شيء قد نزهته عنه من محسوس ومعقول، ولا تقتصر على ذلك وحده فتكون من المجسمة الضالة المضلة ، بل اجمع بينهما يخرج لك الحق منهما من بين فرث ودم لبنا خالصة سائغا للشاربين، ولا تظن أن هذا أمر متناقض.
لأنه تعالى إذا كان في نفسه على ما هو عليه منزه عن مشابهة كل شيء لا يمتنع مع ذلك أن يكون ظاهرة بصورة كل شيء، قد تنزه عنه ظهورة وهمية عند الحس والعقل، لأن جميع المخلوقات بالنسبة إليه تعالى أمور وهمية خيالية لا حقيقة لها ولا وجود لها أصلا في نفسها كما ذكرنا ، فإذا ظهر تعالى كما هو ظاهر كذلك بأي صورة شاء، أو بأي صور شاء.
أو لجميع الصور على حسب ما يشاء سبحانه، وذلك الظهور المصور بعضها عن بعض، فلا مانع من ذلك مع كمال تنزهه في نفسه تبارك وتعالى، وكمال تقدیسه عما تدركه العقول أو تعرفه العارفون، بل لا بد من ذلك عند أصحاب المعرفة وأرباب الحقائق القائمين بالبواطن والظواهر في الشرائع والطريق.
(وقم) أمر من الإقامة وهي اللزوم وعدم الانتقال (في مقعد)، أي موضع القعود (الصدق) وهذا ضد الكذب ويشمل الأقوال والأفعال والأحوال.
قال تعالى : "إني ألمتقين في جنات و نهر. في مقعد صدق عند مليك مقتدر" [القمر: 54 - 55].
فالجنات جمع جنة من الاجتنان وهو الستر، ولا شك أن الصور الحسية والعقلية أستار للحقيقة الإلهية كما ذكرنا في التشبيه .
والنهر: من النهر بالسكون وهو الشق وخرق حجاب الغفلة عن عين البصيرة، شق فهو نهر .
ومقعد الصدق دوام الاطلاع على شهود الغيب مع الرسوخ في أحكام الشهادة تقتضي الغيبة والاستغراق عن مشاهدة المحسوسات والمعقولات من جهة كونها محسوسات ومعقولات والمليك أبلغ من الملك، والعندية لزيادة الحرف فهو المستولي على جميع المحسوسات والمعقولات.
والمقتدر : الذي يخلق بأسباب وآلات، بخلاف القادر : فإنه الذي يخلق بلا سبب ولا آلة.
والحق تعالى وإن كان لا يتوقف فعله وتخليقه على سبب ولا آلة، ولكنه تعالی جرت عادته أن يخلق بأسباب وآلات مع عدم الاحتياج إليها أصلا، وقد خلق الموجود الأول من غير سبب ولا آلة، فذلك المخلوق الأول عبد القادر، وكل ما عداه من المخلوقات عبد المقتدر، وهذا جهة التنزيه ، لأنه إثبات المغيب ولاستيلائه على عالم الشهادة مع كمال اقتداره.
فمقعد الصدق : تنزیه وتشبيه، غيب وشهادة ، حق وخلق، أول وآخر، ظاهر وباطن، وهو بكل شيء عليم.
فعلمه لم ينفك عن كل شيء فهو ظاهر بكل شيء ولم يرد أنه تعالی عالم بذاته وصفاته وأسمائه على الخصوص في العلم غير مثل هذه الآية، لأنه إذا علم كل شيء فقد علم ذاته وصفاته وأسماؤه.
فكل شيء مخلوقه وكل شيء معلومه وهو الظاهر بكل شيء كما قال : وخلق كل شيء، وهو بكل شيء عليم، وإليه الإشارة بقوله سبحانه : " إنا كل شيء خلقته بقدر"  [القمر: 49]. في قراءة من رفع ?ل على أنه خبر إنا فهو التشبيه والتنزيه الذي أشار إليه الشيخ قدس سره .
(و?ن) يا أيها العارف (في) مقام (الجمع) بشهود الحق تعالی ولا شيء معه (إن شئت)، أي أردت ذلك (و) كن (إن شئت ففي) مقام (الفرق) بشهود الخلق فالجمع من اسمه تعالى الأول، والفرق من اسمه الآخر والجمع من اسمه الظاهر والفرق من اسمه الباطن.
(تحز) من حاز إذا جمع ونال (بال?ل)، أي بالجمع وبالفرق إذا كنت في هذا تارة وفي هذا تارة أخرى ولم تقتصر على أحدهما فقط، لأن كل واحد منهما مذموم شرعا إذا اقتصر عليه العبد، فالجمع وحده زندقة والفرق وحده شرك (إن كل)، أي كل واحد منهما.
(تبدی)، أي انكشف لك وظهر (قصب) مفعول تحز واحدها قصبة (السبق)، أي المسابقة، وكان العرب يغرزون قصبات في طرف الميدان و يتراكضون بالخيول، فكل من سبق أخذ تلك القصبات فحاز قصب السبق، وهو هنا استعارة للظفر والفوز بالمراتب العالية والمقامات السامية.
(فلا تفنى)، أي تنمحي وتضمحل فقط في الجمع، وتدوم على المحافظة في ذلك، فإنك تصل إلى الزندقة ونفي الشرائع وإلغاء الأحكام وتسفيه الخطابات الإلهية (ولا تبقى)، أي تثبت بنفسك موجودة على الاستقلال بالحركات والسكنات فقط أيضا في الفرق.
وتدوم على المحافظة في ذلك، فإنك تصل إلى الشرك بالله تعالی وادعاء التأثير في ملك الله تعالی و منازعة الربوبية في أحكامها على العباد .
(ولا تفني) بضم التاء المثناة فوق من أفناه متعدية إذا أعدمه و محقه، أي تعدم غيرك من كل محسوس ومعقول و تمحقه من عين البصيرة والبصر وتقف عند ذلك فقط، فإن فيه نفي ما يجب الإيمان به من الأنبياء والكتب والملائكة والآخرة وغير ذلك وهو كفر (ولا تبقي) بضم المثناة فوق أيضا من أبقاه إذا اعتقد بقاءه وثبوته ووجوده بنفسه.
أي لا تعتقد قيام شيء بنفسه وثبوته بحوله وقوته من دون ملاحظة القيومية الإلهية على كل شيء وتقف عند ذلك فقط، فإن ذلك شرك بالله تعالى وادعاء وجود إله آخر بل آلهة أخرى مع الله تعالى في ملكه، فإنه لا يقوم بنفسه إلا الإله لا المخلوق، واعتقاد ذلك في شيء من الأشياء كفر لا محالة، ولولا خفاء هذا المعنى في نفوس أهل الغفلة وإظهارهم الاعتراف بافتقار كل شيء إلى الحق سبحانه في كل لمحة بألسنتهم لحكم الشرع بكفرهم.
(ولا يلقي) بالبناء للمفعول، أي لا يلقي الله تعالى (عليك) يا أيها العارف. 
(الوحي)، أي الإلهام الفائض من حضرة القدس والجناب الإلهي (في غير) من الأغيار أصلا، إذ الأغيار بسبب رؤيتك الأشياء بعين الغفلة والاغترار ومع وجود الوحي الإلهامي لا غفلة ولا اغترار فلا أغيار (ولا تلقي) بضم التاء الفوقية، أي لا تلقي أنت الوحي الإلهامي والفيض الرحماني على غير من الأغيار أصلا، ومتى سمع كلامك أحد من الناس وكان عند نفسه غير من الأغيار بأن ?ان غافلا عن شهود الحق تعالى فإنه لا يفهم كلامك ولا ينتفع بما تلقي عليه من علومك وإن حفظ العبارات، فإنه بعيد عن فهم الإشارات
ثم قال من تتمة حكمة إسماعيل عليه السلام قوله:

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ).
(فلا تنظر إلى الحق   ….. وتعريه عن الخلق)
أي مع تعري الحق من الخلق من كل الوجوه بل اجعله معرى مستغنيا من حيث الذات عن الخلق واجعله متعلقة من حيث الصفات إلى الأكوان.
(ولا تنظر إلى الخلق    ….. وتكسوه سوى الحق)
من كل الوجوه بل تكسوه بالغيرية في مقام الكثرة وتكسوه بالحق في مقام الجمع وهو مقام تحققه بصفات الحق.
(ونزهه وشبهه ..... وقم في مقعد الصدق)
(ونزهه وشبهه) أي نزه الحق في مقام التنزيه وهو مقام استغناء ذاته تعالى عن العالمين .
وشبه الحق في مقام الصفات بإثباتك له بالصفات الكاملة كالحياة والعلم والسمع وغير ذلك :
(وقم في مقعد الصدق) يعني إذا علمت ذوق ما ذكرنا لك وعلمت به فقد أقمت في مقام الكاملين وهو مقام الجمع بين الكمالين التنزيه والتشبيه .
فإذا نزهت وشبهت وقمته في مقعد الصدق ولا يبالي لك بعد ذلك. 
(وكن في الجمع إن شئت     ….. وإن شئت ففي الفرق)
لأنك حينئذ نلت درجة المحققين والموحدين، فلا يضرك في أي مقام كنت من الفرق والجمع .
فإذا تحققت بما قلنا لك (تحز) أي تقابل وتساوي (بال?ل) أي بكل الناس في هذا الكمال (إن كل تبدی) أي أن قصد كل من الناس (قصب السبق) فلا يسبق عليك شيء منهم وأنت لا تسبق عليهم لأنه ليس وراء هذا المقام مقام آخر.
فقوله: إن كل شرط تحز جزاؤه والجملة الشرطية جواب الشرط محذوف كما ذكرنا الشرط المقدر .
(فلا تفنى ولا تبقى ... ولا تفني ولا تبقي)
فلما كان الأمر كما ذكرنا (فلا تفنى) من حيث حقیقتك في فني يفتي (ولا تبقى) من خلقيتك وتعينك لتبدل أحكام
الخلقة عليك (ولا تفني) الأشياء من جهة الحقية من أنني يفنى (ولا تبقى) من حيث التعينات من أبقي يبقى .
(ولا يلقى عليك الوحي ... في غير ولا تلقي )
(ولا يلقى) على البناء للمفعول. (عليك الوحي في غير ولا تلفي) أي لا يلقي الله الوحي عليك في حق غير بل يلقيه على نفسه .
فإنك هو من حيث هويتك وحقيقتك وأنت مرتبة من مراتب تفصيله هذا إن كان الحق باطنا والعبد ظاهرا أو ولا يلقي الوحي في حق غيرك بل يلقيه على نفسك .
فإن الحق أنت من حيث الحقيقة هذا إن كان الحق ظاهرا والعبد باطنا والوحي من جانب الحق كونه سببا لوجود العبد ولكل ما يحتاج العبد إليه ومن طرف العبد كونه سببة لظهور ?مالات الحق وأحكامه.
ولما بين أسرار الرضا شرع في بيان أسرار الثناء فإن كلا منهما مودع في كلمة إسماعيل عليه السلام.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل  إن كل ... تبدى  قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق تحز بالكل  إن كل ... تبدى قصب السبق فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي ).
هو لمن خشي أن يظهر عليه سلطان الوحدانية الإلهية، فيمحو التمييز مع أنه ثابت، فإن المعز لا يفسر بمعنى المذل، فاختلفت الأسماء و تمایزت الصفات وكذلك تمایزت العبوديات.
قال: والذات واحدة والأسماء مختلفة والأبيات الباقية ظاهرة المعنى مما سبق۔
قوله: الثناء بصدق الوعد إلى قوله: طلب المرجح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ). 
قال رضي الله عنه: (فلا تنظر إلى الحق  وتعريه عن الخلق )
يعني رضي الله عنه: أنّ الخلقية تستدعي الحقّيّة وتستلزمها لزوم المربوبين للأرباب واستلزام الأرباب للمربوبين ، فيجب على الناظر المحقّق أن يدقّق نظره ، ولا ينظر إلى الحق الخالق الربّ الإله بلا مخلوق مربوب مألوه من الخلق.
قال رضي الله عنه: (ولا تنظر إلى الخلق   .... وتكسوه سوى الحقّ )
يعني : أنّه إن نظرت إلى الخلق عريّا عن خلعة الوجود الحقّ ، رجع إلى عدميّته الأصلية ، فإنّ الخلق لفظ معترى على الحق ، فإذا عرّيته عن الحق ، لم يبق ما تسمّيه به ، وما الخلق إلَّا اختلاق ، فافهم .
وظهور الخلق في رأي العين وإن كان ظهور الآل " كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُه ُ الظَّمْآنُ ماءً " إنّما هو بخلعة تجلَّي وجوده في بعض مراتب شهوده .
فلو نظرت بخلع الخلع الوجودية الحقيّة عنه ، لم يبق شيئا ولم يكن شيئا " حَتَّى إِذا جاءَه ُ لَمْ يَجِدْه ُ شَيْئاً " ، فعند ذلك لو رزق الناظر بصرا حديدا ونظرا شديدا وعلما جديدا ، لـ " وَوَجَدَ الله عِنْدَه ُ فَوَفَّاه ُ حِسابَه ُ " أنّ الظهور والشهود والتعيّن والوجود له وحده ، عز  وجلّ أن يكون معه غيره في وجوده الذي هو هو .
قال رضي الله عنه: " ونزّهه وشبّهه .... وقم في مقعد الصدق 
وكن في الجمع إن شئت  ..... وإن شئت ففي الفرق
يعني رضي الله عنه: إذا أثبت عبدا وربّا ، فقد أشركتهما في الوجود ، وهذا عين التشبيه ، وإن قلت بوجودين خصيصين بالعبد والربّ على التعيين ، فقد ثنّيت وميّزت حقيقة والحقيقة واحدة ليست إلَّا هي ، وإن نزّهت الحق أن يكون معه غيره في الوجود مع وجودك فيه أو شهوده فيك ، أو قلت بهما معا دائما .
فقد نزّهت الحق حقّ التنزيه ، وتحقّقت بحقيقة التنزيه النزيه ، وشبّهت في موضع التشبيه بعين التنزيه ، وقمت إذن في مقعد الصدق ، وقعدت على المقام الحقّ ، وإذا عرفت أن لا وجود إلَّا لعين واحدة هو الحق ، فإن عدّدت فكنت في الفرق والخلق ، أو وحّدت فكنت في الجمع المطلق . وأنت إذن أنت ولك ذلك .
قال رضي الله عنه: ( تحز بالكلّإن كلّ   ..... تبدّى قصب السبق )
يعني رضي الله عنه إذا كنت في الجمع ، فقد أثبّت ما لكلّ منهما لكلّ منهما، .
فأثبت وجود الحق خلقا ، وأثبت وجود الخلق حقّا ، وشهدت أيضا الحق حقّا والخلق خلقا ، ولم يفتك إذ ذاك شهود ، فكنت أنت الحائز قصب السبق دونه ، فإنّ كل أحد ليس إلَّا هو وأنت تشهد الإنّيّات في الهويّات ، والهويات في الإنّيات جمعا وجمع جمع ، فأنت كما قال :
فلا تفنى ولا تبقى  .... ولا تفني ولا تبقي
ولا يلقى عليك الوحي  ..... في غير ولا تلقي
إذ لا غير ، بل منك من كونك هو ، إليك من كونك أنت ، وذلك أنّك إذا كنت في مقامي الحقّية والخلقية ، والربوبية والعبودية معا ، غير حاصر ولا محصور ، بل مطلقا مطلقا ، فلا تفنى من كونك أحدهما أو هما معا في الآخر ، ولا تبقى على إنّيّة مخصوصة معيّنة خلقية أو حقّية بلا خلقية أو حقية ، وكان شهودك إذن أنّه لا يفنى الخلق عن الحق ، ولا يبقى الحق دون الخلق ، بل أثبتّهما واحدا لا معا في وجود واحد ، فافهم .
وهذا غاية الحمد ، والحمد لله .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ). 
قال رضي الله عنه : ( فلا تنظر إلى الحق .... وتعريه عن الخلق )
أي الحقيقة تستلزم الخلقية استلزام الرب للمربوب والخالق للخلوق والإله للمألوه لما بينهما من التضايف ، فلا يلاحظ أحدهما بدون الآخر .
( ولا تنظر إلى الخلق ....   وتكسوه سوى الحق )
وكذا عكسه لأن الاستلزام في التضايف من الجانبين ، ولأن الخلق إذا نظرته من غير خلقه الحق بقي على عدمه الأصلي . لأنه لم يوجد إلا بوجوده :
( ونزهه وشبهه  ... وقم في مقعد الصدق )
ونزهه عن أن يكون متعينا بتعين فيشبه متعينا آخر فيلزم الشرك ، وشبهه بالخلق من حيث الحقيقة فيكون عين كل متعين إذ لا موجود سواه فهو هو ، أي فاجمع بين التنزيه والتشبيه بنفي ما سواه مطلقا ، فتقوم في مقعد الصدق ، في مقام التوحيد الذاتي ، والجمع بين المطلق والمقيد .
""  إضافة بالي زادة : ولما بين في الأسماء جهة الاتحاد وجهة الاختلاف ، أراد أن يبين هذا المعنى بين الحق والخلق فقال :( فلا تنظر إلى الحق وتعريه عن الخلق ) أي مع قعرى الحق من الخلق ، بل اجعله معرى مستغنيا من حيث الذات عن الخلق ، واجعله متعلقا من حيث الصفات إلى الأكوان، ( ولا تنظر إلى الخلق  تكسوه سوى الحق )من كل الوجوه بل تكسوه بالغيرية في مقام الكثرة وتكسوه بالحق في مقام الجمع ، وهو مقام تحققه بصفات الحق .
( ونزهه وشبهه ) أي نزه الحق في مقام التنزيه وهو مقام استغناء ذاته عن العالمين ، وشبهه في مقام الصفات باثباتك بالصفات الكاملة كالحياة والعلم وغير ذلك ( وقم في مقعد الصدق ) يعنى إذا علمت ذوقا ما ذكرنا لك وعلمت به فقد أقمت في مقام الكاملين وهو مقام الجمع بين الكمالين التنزيه والتشبيه ، فإذا كنت كذلك فلا يبالي لك بعد ذلك اهـ بالى زادة .  ""
( وكن في الجمع إن شئت   .... وإن شئت ففي الفرق)
وكن في الجمع ، فانظر إلى الحق بدون الخلق ، فإن الوجود ليس الإله بل هو هو ، وان شئت لاحظت الخلق بالحق ، بتعدد الواحد بالذات الكثير بالأسماء والتعينات ، فكنت في فرق باعتبار التعينات الخلقية واندراج هوية الحق في هذية الخلقية، تحز بالكل إن كل
تبدى قصب السبق )تحز جواب الشرط : أي إن كنت في الجمع وفي الفرق بعد الجمع بحسب المشيئة تجز قصب السبق بالكل منها ، إن كل منها تبدى لك بحيث لا تحتجب بأحدهما عن الآخر ، فتشهد الحق خلقا والخلق حقا والخلق خلقا ، فلا يحجبك أحد الشهودين عن الآخر ولم يفتك شهود. لأن الكل ليس إلا هو ولا يختلف إلا بالاعتبار :
( فلا تفنى ولا تبقى  ... ولا تفنى ولا تبقى )
فلا تفنى عند كونك حقا عن الخلقية ولا تبقى حقا بلا خلق ، فإن الحقيقة واحدة ، فلك أن تكون حقا بلا خلق أو خلقا بلا حق أو حقا وخلقا معا ، ولا تفتي الخلق عند تجلى الحق فإنه فان حقيقة في الأزل ، فكيف تفنيه ولا تبقى الحق فإنه باق لم يزل ، ولك أن تثبتهما واحدا في وجود واحد لا معا :
( ولا يلقى عليك الوحي   ... في غير ولا تلقى )
وإذا كان الوجود واحدا لا غير ، فإن كنت عبدا يلقى عليك الوحي منك فيك لا من غيرك ولا في غيرك ، وإن كنت ربا فلا تلقى .
""  إضافة بالي زادة :  ( وكن في الجمع إن شئت ... وإن شئت ففي الفرق )
لأنك حينئذ نلت درجة المحققين ، فلا يضرك في أي مقام كنت من الفرق والجمع ، فإذا تحققت بما قلناه لك ( تخر ) أي تقابل وتساو ( بالكل ) أي بكل الناس في هذا الكمال ( إن كل تبدى ) أي إن قصد كل من الناس ( قصب السبق ) فلا يسبق عليك شيء منهم وأنت لا تسبق عليهم ، لأنه ليس وراء هذا المقام مقام آخر ( فلا تفنى ) من حيث حقيقتك من فنى يفنى ( ولا تبقى ) من حيث خلقيتك وتعينك لتبدل أحكام الخلقية عليك ( ولا تفنى ) الأشياء من جهة الحقية من أفنى يفنى ( ولا تبقى ) من حيث التعينات ( ولا يلقى ) مجهول ( عليك الوحي في غير ) أي لا يلقى الله الوحي عليك في حق غير بل يلقيه على نفسه ، فإنك هو من حيث هويتك وحقيقتك ، وأنت مرتبة من مراتب تفصيله ، هذا إذا كان الحق باطنا والعبد ظاهرا ( ولا تلقى ) الوحي في حق غيرك بل تلقيه على نفسك ، فإن الحق أنت من حيث الحقيقة ، هذا إذا كان الحق ظاهرا والعبد باطنا ، والوحي من جانب الحق كونه سببا لوجود العبد ولكل ما يحتاج العبد إليه ، والوحي من طرف العبد كونه سببا لظهور كمالات الحق وأحكامه . أهـ بالي زادة  "".


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ).
(فلا تنظر إلى الحق  .... فتعريه عن الخلق)
هذا تفريع على قوله:  (لكنه هو من وجه الأحدية). أي، لا تنظر إلى الحق بأن تجعله موجودا خارجيا مجردا عن الأكوان منزها عن المظاهر الخلقية عاريا عنها وعن صفاتها.
(ولا تنظر إلى الخلق  .... وتكسوه سوى الحق)
بأن تجعل الخلق مجردا عن الحق مغائرا له من كل الوجوه، وتكسوه لباس الغيرية.
وقد قال تعالى: (وهو معكم أينما كنتم). بل أنظر إلى الحق في الخلق،
لترى الوحدة الذاتية في الكثرة الخلقية، وترى الكثرة الخلقية في الوحدة الذاتية.
(ونزهه وشبهه   ..... وقم في مقعد الصدق)
أي، نزه الحق الذي في الخلق بحسب مقام أحديته عن كل ما فيه شائبة الكثرة الإمكانية والنقصان. وشبهه أيضا بكل صفات كمالية، كالسمع والبصر والإرادة والقدرة.
فإنك إذا جمعت بين التنزيه والتشبيه، كما هو عادة الكاملين، فقد قمت مقام الصدق، وهو مقام الجمع بين الكمالين.
(وكن في الجمع إن شئت ......  وإن شئت ففي الفرق)
أي، إذا علمت وحدة الحقيقة الوجودية، وأن الخلق حق من وجه وأن الحق خلق من وجه بحكم مقام المعية، وأن الخلق خلق وأن الحق حق في مقام الفرق، وأن الكل حق بلا خلق في مقام الجمع المطلق، وأن الكل خلق بلا حق في مقام الفرق المطلق، وتحققت بهذه المقامات، فكن إن شئت في مقامات الجمع، وإن شئت في مقامات الفرق. فإنه لا يضرك حينئذ، وأنت مخلص موحد.
(تحز بالكل، إن كل  ..... تبدى قصب السبق)
أي، إذا كنت على ما وصفته لك، فحينئذ إن تبدى كل من العبيد وقصد قصب السبق، تحز كل كمالاتهم، فإنك مع كل من سبق حينئذ، ومع كل منلحق أيضا، لأنك قائل بكل المراتب عابد لله فيها جميعا.
فقوله: (تحز) جواب الشرط، وهو قوله: (إن كل تبدى). لذلك حذف (الواو).
فإنه من (حاز، يحوز) إذا جمع. ويجوز أن يكون تخرجوا بالأمر. أي،نزهه وشبهه، وقم في مقام الجمع الذي هو المقعد الصدق، وكن في مقام الجمع والفرق، فحز في كل الكمالات.
فجواب: (إن كل تبدى) محذوف. تقديره: إن كل تبدى قصب السبق، كن حائزا إياه.
(فلا تفنى ولا تبقى  ….. ولا تفنى ولا تبقى)
أي، إذا علمت أن الخلق حق في الحقية والحق لا يفنى أبدا، علمت أنك من جهة الحقية لا تفنى. وإذ علمت أن الحق له ظهورات في مراتبه المختلفة بحسب تنزلاته ومعارجه وبتلك الظهورات تحصل المظاهر الخلقية، وليس كل منها دائما، علمت أنك لا تبقى من حيث الخلقية، بل تتبدل إنياتك في كل آن بحسب المواطن التي تنزل إلى النشأة الدنياوية، وفيها وفي مواطن الآخرة أيضا، كما قال تعالى: "بل هم في لبس من خلق جديد".
وإذا علمت أن الحق أزلا وأبداظاهر في كل المراتب لا تفنى الأعيان الوجودية مطلقا لأنها مظاهره فيها، ولا تبقيها أيضا مطلقا لفنائها واستهلاكها دائما في عين الوجود الحق عند تجلى الواحد القهار يوم القيامة، كما قال تعالى: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار".
ولا تفنيها من حيث تعيناتها، فإنها فانية في الأزل ولا تفنيها من حيث حقيقتها، فإن الحق باق لميزل، لذلك قيل:
الفاني فان لم يزل  ….. والباقي باق في الأزل
(ولا يلقى عليك الوحي  ….. من غير ولا تلقى)
أي، إذا لم يكن في الوجود غير الله في الحقيقة، فالوحي الذي يلقى إليك من جهة عبوديتك لا يكون ملقى في حق الغير، بل يكون ملقى على نفسه من مقام جمعه على مقام تفصيله.
ولا تلقى أنت أيضا ذلك الوحي بربوبيتك، إلا في حق نفسك، فإن العباد كلها مظاهر حقيقتك، وأنت مقام جمعهم وهم تفاصيلك.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ).
قال رضي الله عنه : " فلا تنظر إلى الحق ... وتعريه عن الخلق . ولا تنظر إلى الخلق ... وتكسوه سوى الحق . ونزهه وشبهه ..... وقم في مقعد الصدق . وكن في الجمع إن شئت ... وإن شئت ففي الفرق . تحز بالكل إن كل ... تبدى قصب السبق . فلا تفنى ولا تبقى ... ولا تفني ولا تبقي . ولا يلقى عليك الوحي ... في غير ولا تلقي"
وإذا كان الحق عين الخلق في نظر الكشف مع وجوب التمييز بينهما في نظر العقل والنظران صحيحان.
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر إلى الحق) إذا رأيته في الظاهر (وتعريه عن الخلق)، وإن لم يمكنك التمييز بينهما في نظر الكشف، (ولا تنظر إلى الخلق وتكسوه سوى الحق)؛ لأن الخلق عار عن التحقق بدونه.
فإذا نظرت إليه من غير نظر إلى ما به تحققه فكأنك نظرت إلى عدمه الأصلي الذي يستحيل النظر إليه ونزه أي الحق عن كونه حالا في الحوادث أو محلا لها أو متحدا بها باعتبار التمييز وشبهه باعتبار رفع التمييز في نظر الكشف عند الظهور في المظاهر.
(وقم في مقعد الصدق) أي: مقام الصديقين بالتنزيه في مقامه، والتشبيه في مقامه، (وكن في الجمع) هو التنزيه والتشبه، فتقول: إنه في حال التنزيه مشبه، وفي حال التشبيه منزه (إن شئت، وإن شئت في الفرق) بينهما، فتقول: إنه منزه من مستقر عزه، ومشبه باعتبار ظهوره في المظاهر.
(تحز بال?ل) أي: بسبب حيازتك لكل من مقام الجمع بين التنزيه والتشبيه تارة، و مقام الفرق بينهما أخرى، إذ كل تبدي أي إن ظهر لك كل منهما، فلا يحجبك أحدهما عن الآخر، (قصب السبق) مفعول تحز أي مقام السابقين المقربين، وإذا لم يحجبك أحدهما عن الآخر (فلا تفنی) باعتبار الفرق بين التشبيه والتنزيه.
لأنه إنما يكون في التشبيه على ذلك التقدير عند ظهوره فيك، فلا بد من إثبات المظهر (ولا تبقی) باعتبار الجمع بينهما، إذ لا يخلو موجود من أحدهما، فإذا بقي بالحق لم يبق موجود سواه، (ولا تفني) أي لا تجعل الخلق فانيا في الحق باعتبار التمييز، (ولا تبقى) أي: لا تجعل الخلق باقيا باعتبار رفع التمييز في نظر الكشف.
ثم أشار إلى غاية شرف هذا المقام بقوله: (ولا يلقي عليك الوحی) أي: العلم الإلهامي من البريء عن توهم الغلط (في غير) أي غير هذا المقام؛ لأن الحجب إنما ترفع بتمامها في هذا المقام لا غير، (ولا تلقي ) أنت هذه العلوم عن قلبك إلى قلب غيرك بلا واسطة اللسان في غير هذا المقام؛ لاختصاصه بكمال التأثير في الغير مع كمال الاتحاد؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ولما ناسب صدق الوعد العلم الذاتي في اقتضاء الثناء المحمود بالذات، وقد قرن في حق إسماعيل عليه السلام بكونه مرضا، وهو من لوازم العلم الذاتي أورده عقيبه.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:03 am

الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الحادي عشر : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ).
قال رضي الله عنه : ( فلم يبق ) في مطمح شهودهم ذلك ( إلا الحقّ ) الوجود الواحد .
( لم يبق ) في ذلك ( كائن ) من الكيان الإمكانيّة التي هي مبدأ التفرقة ومنشأ الكثرة .
( فما ثمّ موصول ، وما ثمّ بائن ) ضرورة أنّ تحقّقهما موقوف على وجود ثنويّة الحجب وتفرقة البعد والقرب .
قال رضي الله عنه : ( بذا جاء برهان العيان ) وحجج الذوق والوجدان ، لا برهان النظر ودلائل العقل والفكر ولذلك قال : ( فما أرى بعيني إلَّا عينه إذ أعاين) معا  إذ المعاينة هي مقابلة العين بالعين وإدراكه به ، وذلك بأن يدرك بالعين عين الشيء الذي منه يتقوّم ويتعيّن معناه ، لا كونه الذي به يتصوّر صورته .
رؤية الوحدة والكثرة في الوجود
ثمّ لما بيّن في مبحثه هذا طرف التشبيه والإجمال ، الذي هي إحدى كفّتي ميزان بيان التوحيد - على ما أنزل إليه جوامع الكلم الختميّة - لا بدّ وأن يعادله بطرف التنزيه والتفصيل ، معتصما في ذلك كلَّه لوثائق التنزيل الختمي وتأويله قائلا : ( " ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّه ُ " ) [ 98 / 8 ] .
أي ذلك المماثلة من الحضرتين - الكاشفة عن الوحدة الحقيقيّة الوجوديّة ، الرافعة للكثرة الحاجبة الكونيّة لمن خشي ربّه - ( أن يكونه ) فارقا في عين تلك الجمعيّة ، حتى يكون توحيده ذاتيّا ، وتحقّقه بالوحدة الحقيقيّة الذاتيّة ، لا الوحدة الرسميّة الوصفيّة - التي في مقابلتها الكثرة ، فلا يحيط بها ولا يجامعها ، بل يعاندها وينافيها .
وذلك الخشية والتفرقة ( لعلمه بالتمييز ) بين الأعيان وتفاوت أقدارهم في مراتب إدراكاتهم ونيّاتهم ( دلَّنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم . فقد وقع التمييز بين العبيد ) .
بذلك ( فقد وقع التمييز بين الأرباب ولو لم يقع التمييز ) بين الأرباب ، ويكون الكلّ في حضرة الأسماء واحدا ( لفسّر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسّر به الآخر ) حيث لا تفرقة بينهما بوجه من تلك الوجوه ( والمعزّ لا يفسّر بتفسير المذلّ ) ولا الهادي بالمضلّ ( إلى مثل ذلك ) .
وهذه التفرقة والتفصيل بين كلّ اسم ومقابله إنّما هو في حضرة الكلّ الذي بها مربط رقيقة العبوديّة والربوبيّة ، ( ولكنّه هو من وجه الأحديّة ، كما يقول : كلّ اسم ، إنّه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو ) أي من حيث ذلك الاسم بعينه ، وهو ظرف اسميّته وخصوصيّته الممتازة بها عن مسمّاه .
فالكلّ من حيث دلالته على الذات المسمّاة واحد ، فإنّ الأسماء وإن تكثّرت في حضرة الكلّ باعتبار حقائقها من حيث هي ( فالمسمّى واحد فالمعزّ هو المذلّ من حيث المسمّى ، والمعزّ ليس المذلّ من حيث نفسه وحقيقته ) يعني من حيث ظاهر الاسم الذي به اسميّته ،وهو الصفة.
وإذ قد تقرّر أنّ مدرك الظاهر من كلّ شيء هو الفهم قال : ( فإنّ المفهوم يختلف في الفهم في كلّ واحد منهما ) ضرورة أنّ ما فهم من مصدر " الإعزاز " مخالف لما فهم من مصدر « الإذلال » ، وإن كان واحدا في الخارج والوجود كالضاحك والناطق للإنسان . 
محصّل الكلام في التوحيد
ثمّ إذا عرفت أنّ الأمر في التوحيد الختمي القرآني هو الجمع الأحدي :
( فلا تنظر إلى الحقّ  ..... وتعريه عن الخلق )
حتّى تشاهد ظاهريّته في عين الباطن .
( ولا تنظر إلى الخلق ....  وتكسوه سوى الحق)
حتّى تشاهد باطنيّته في عين الظاهر ، بناء على أنّ المنظور أوّلا هو الظاهر .
( ونزّهه وشبّهه و .....    قم في مقعد الصدق )
جامعا بين المتقابلين : نزّهه وشبّهه عقلا وعينا ، وقم في مقعد الصدق ذاتا وفعلا ، ثمّ فصّل ذلك بقوله :
( وكن في الجمع إن شئت  ..... وإن شئت ففي الفرق )
وكن في الجمع قاعدا في مقعد التشبيه قائما في معبد التنزيه .
ثمّ إن تكن في الموطن الجمعي القرآني قادرا على طرفيه بحسب مشيّتك سواء :
( تحز بالكلّ ، إن كلّ   .... تبدّى - قصب السبق )
أي تحز قصب السبق بالكلّ إن كلّ تبدّى لك ، بحيث لا تحتجب بأحدهما عن الآخر .
( فلا تفنى ) حينئذ عن نفسك - كما هو عقيدة الصوفيّة الرسميّة –
( ولا تبقى  بالبقاء الحقّي  .... ولا تفني غيرك بالإرشاد )
( ولا تبقي )
(ولا يلقى عليك الوحي   ..... في غير ) من غيرك
( ولا يلقى ) منك إلى الغير ، بل الأمر كلَّه منك إليك .
تحقيق في الوعد والوعيد الإلهي
ثمّ إنّ من جملة ما يختصّ به إسماعيل أنّه كان صادق الوعد ، فإذ قد فرغ من بحث الرضا ، أخذ فيه قائلا :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فلا تنظر إلى الحق ... و تعريه عن الخلق
و لا تنظر إلى الخلق ... و تكسوه سوى الحق
و نزهه و شبهه ... و قم في مقعد الصدق
و كن في الجمع إن شئت ... و إن شئت ففي الفرق
تحز بالكل- إن كل ... تبدى- قصب السبق
فلا تفنى و لا تبقى ... و لا تفني و لا تبقي
و لا يلقى عليك الوحي ... في غير و لا تلقي  ). 
قال رضي الله عنه : " فلا تنظر إلى الحق ... وتعريه عن الخلق . ولا تنظر إلى الخلق ... وتكسوه سوى الحق"
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر إلى الحق ... وتعريه)، أي تجرده (عن) لباس (الخلق) بأن يجعله موجودا خارجية مجردا عن التعينات الخلفية منزهة عن التقيدات المظهرية (ولا تنظر إلى الخلق ونكسوه سوى الحق)، أي تكسوه لباس الغيرية بأن نجعله مجرد عن الحق مغايرة له من كل الوجوه، بل انظر الحق في الخلق والخلق في الحق لترى الوحدة في الكثرة، والكثرة في الوحدة، ولم يكن شهود أحدهما مانعا عن شهود الآخر
قال رضي الله عنه : "  ونزهه وشبهه ..... وقم في مقعد الصدق . وكن في الجمع إن شئت ... وإن شئت ففي الفرق . تحز بالكل إن كل ... تبدى قصب السبق . فلا تفنى ولا تبقى ... ولا تفني ولا تبقي . ولا يلقى عليك الوحي ... في غير ولا تلقي "
قال رضي الله عنه : (ونزهه) في مقام أحديته وتجرده عن المظاهر (و شبهه) في مقام أحديته وتلبسه بالمظاهر (وقم) با تجمع بين التشبيه والتنزيه (في مقعد الصدق) الذي ليس فيه شائبة كذب .
فإن التنزيه المحض نیس ت?ذیبأ بمقام التشبيه وفي التشبيه الصرف تكذيب بمقام التنزيه ومقعد الصدق الذي ليس فيه شائبة كذب هو مقام الجمع بينهما (وكن في الجمع)، أيي و بعدها قدرت على شهود الوحدة في الكثرة وشهود الكثرة في الوحدة من غير أن يمتنع أحدهما عن الآخر فكن في الجمع وشهود الوحدة (إن شنت... وإن شئت في الفرق) وشهود الكثرة فإنه لا منافاة بينهما عندك (تحز بال?ل إن كل ... تبدي قصب السبق)، أي تحز و تجمع بسبب هذه المقامات وجمعيتها أن تبدی، أي ظهر وحصل لكل واحد منها قصب السبق على من لم تحصل له منه الجمعية.
فقوله : تحز مجزوم على أنه جواب الأمر .
وقوله : قصب السبق منصوب على أنه مفعول تحز (فلا تفني) بحسب حقیقتك التي هي الحق (ولا تبقي) بحسب تعیناتك اللاتي هن شؤون الحق وهو تعاني "كل يوم هو في شأن" [الرحمن : 29] (ولا تفني)، أي لا تحكم بفناء شيء من حيث تلك الحقيقة (ولا تبقى)، أي لا تحكم ببقائه من حيث تعیناتها إذ المعني على أنه لا تفني من الحق سبحانه بنفسك بل بتجلياته الجلالين ولا تبنى بعد فنائك فيه بنفسك بل بنجلیانه الجمالية.
فكذلك لا تفنى ولا توصل إلى الغناء فيه بنفسك ولا تبقى، أي لا توصل أحد إلى البعاد به بعد الفناء فيه بنفسك بال المهني والمبقي هو الله سبحانه بتجنباته الجلالية والجمالية.
(ولا يلقي عليك الوحي ... في غير)، أي في صورة تغاير الحق مطلقا بل تغايره من حيث الإطلاق والتغيير أو في صورة تغايرك مطلقا، فإن الحقيقة واحدة ولا مغايرة إلا بحسب التعينات (ولا تلقي) أيضا على غير أي في صورة تغاير الحق سبحانه مطلقة وتغايرك متلق على ما عرفت.

وكما أنني الحق سبحانه على اسماعيل عليه السلام بصدق الوعد أراد أن يبين في ح?منه أسراره.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثاني عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:03 am

الفقرة الثاني عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثاني عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : " الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده. بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح. "
(الثناء)، أي المدح إنما يكون (بصدق)، أي إنجاز (الوعد) وهو مخصوص بالثواب والخير يقال: وعده وعدة جازاه بالخير (لا) الثناء والمدح (بصدق)، أي إنجاز (الوعيد) وهو مخصوص بالعقاب والشر يقال و عده وعیدا جازاه بالشر.
قال الشاعر من الحماسة:
وإني وإن أوعدته أو وعدته  ….. لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فقد مدح نفسه وأثنى عليها بأنه إن توعد أحدة بوعيد في الشر أخلفه ولم يوفي به، وإن وعد أحدا بوعد في الخير أنجزه و وفی به. وهذا من أخلاق الكرام وصفات الأكابر العظام.
(والحضرة الإلهية) حضرة الحق تعالی (تطلب) من العباد أو بحسب رتبتها وهو الكمال المطلق الذاتي (الثناء)، أي المدح (المحمود)، أي الثناء الجميل بما هو أهل له (بالذات) متعلق بتطلب ، أي طلبها ذلك طلبة ذاتية، لأنه مقتضی الألوهية والربوبية بالنظر إلى المألوه والمربوب (فیثنی) بالبناء للمفعول.
أي يثنی المثنى من الخلق (عليها)، أي على الحضرة الإلهية (بصدق الوعد)، أي إنجازه والوفاء لأهله (لا) يثني عليها (بصدق الوعيد) في الشر وإنجازه لأهله ولا يلزم من ذلك وقوع الكذب في خبر الله تعالى .
وقد قال الله تعالى : "ومن أصدق من الله قيلا" [النساء: 122]، لأن الصدق والكذب من صفات الخبر.
والوعد والوعيد من قبيل الإنشاءات، لأن المراد بهما الإيقاع في المستقبل لا الإخبار بالوقوع فيه، وإن ورد في النصوص بصيغة الخبر فبقي الوعد والوعيد على احتمال الوقوع وعدمه وصاحبه مخير في ذلك على السواء، لكن لما كان إنجاز الوعد في الخير ثناء محمودة امتنع عدمه لاقتضاء الحضرة الإلهية للثناء المحمود، وكان إنجاز الوعيد في الشر ليس ثناء محمودة فلم يمتنع عدمه وأمكن جوازه، ولئن كان إخبارة عن الإيقاع في المستقبل، فلا يقبح من الله تعالى شيء أصلا كما لا يقبح الإضلال فإنه تعالى يضل من يشاء خصوصا، وعدم الصدق في الوعيد خير وكرم كما مر.
(بل) يثني عليها، أي على الحضرة الإلهية (بالتجاوز) والعفو والصفح عن الذنوب. قال تعالى في صدق الوعد ("فلا تحسبن") یا محمد صلى الله عليه وسلم ("الله") تعالى الذي وعد رسله بالنصر على الأعداء ("مخلف" )، أي غير منجز (" وعده") في الخير والجزاء الحسن ("رسله") [إبراهيم: 47] الذين أرسلهم الله إلى الخلق (ولم يقل) سبحانه وتعالى بعد قوله وعده (و وعیده)، فلا نص في عدم خلف الوعيد وإنما النص في عدم خلف الوعد (بل قال تعالى) في خلف الوعيد وفي التجاوز والعفو (ونتجاوز)، أي نصفح (عن سيئاتهم)، أي ذنوبهم فضلا و?رما (مع أنه) تعالی (توعد)، أي جاء الوعيد بالشر منه سبحانه (على ذلك)، أي فعل السيئات، فهذا النص في خلف الوعيد.
(فأثنى) سبحانه وتعالى (على إسماعيل) عليه السلام، أي مدحه تعالی با (" إنه كان صادق")، أي صادقا في (الوعد) كما قال تعالى عنه عليه السلام : " إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " [مريم: 54] وهو ثناء منه تعالی على مخلوق من مخلوقاته، وهو تعالی أحق بهذا الثناء من كل مخلوق، وهو أولى بالتجاوز والكرم.
ولا شك أن الذي أثنى عليه تعالى بأنه صادق الوعد عبد مم?ن حادث قائم برب واجب قدیم (وقد زال)، أي فني واضمحل (الإمكان) وهو الصورة العبدية المسماة من حيث الظاهر بذلك الاسم (في حق)، أي شأن (الحق سبحانه) وتعالى الذي كان قائمة على تلك النفس بما كسبت (لما)، أي لأجل ما (فيه)، أي في الإمكان (من طلب المرجح)، أي الفاعل والعلة، وذلك أمر زائد في الوجود وحينئذ.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
ولما بين أسرار الرضا شرع في بيان أسرار الثناء فإن كلا منهما مودع في كلمة إسماعيل عليه السلام بقوله: (الثناء) ی?ون (بصدق الوعد لا بصدق الوعيد) بخلاف الرضا فإنه يكون بصدق والوعيد كما أثبت (والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات) من كان عبدا سعيدا كان أو شقيا فلا بد وقوع مطلوب الحق من كل عبد.
فلا بد صدق الوعيد والتجاوز من الحق في حق كل عبد على حسب ما يليق بذواتهم حتى يحصل له الثناء المحمود من كل عبد حسب مراتبهم.
(فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد) أي لما طلب الذات الإلهية بذاته الثناء المحمود لا يثني عليها إلا بصدق، وعده بالتجاوز عن سيئاتهم وأداء الثناء المحمود لا يكون إلا بصدق الوعد لا بصدق الوعيد.
(بل) يثني عليها (بالتجاوز) عن وعيده بالعفو .
يدل على ذلك قوله تعالى: ("فلا تحسبن الله" مخلف وعده رسله ولم يقل ووعيده) لعدم الثناء المحمود بصدق الوعيد (بل قال "ونتجاوز عن سيئاتهم" مع أنه) أي الحق (توعد على ذلك) أي على الشيء .
فدلت هذه الآية على أن الله تعالى يطلب بذاته عن عباده الثناء المحمود وإن هذا الثناء لا يحصل إلا بصدق وعده عباده و بالتجاوز عن سيئاتهم .
فعم التجاوز الخالدين في النار أبدأ بحصول النعيم الممتزج بالعذاب لهم فيثنون بذلك على الله تعالی فعم الثناء المطلوب.
فإذا كان الثناء في حق الحق بصدق الوعد (فأثني على إسماعيل عليه السلام بأنه كان صادق الوعد) فالثناء المحمود سواء كان من العبد على الحق أو من الحق على العبد لا يكون إلا بصدق الوعد .
(وقد زال الإمكان) أي وقد زال بدلالة النص إمكان وقوع الوعيد على الأبد (في حق الحق لما فيه) أي وقوع الإمكان (من طلب مرجح) والطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب وذلك يرتفع بوعده تعالى تعالى بقوله: "ونتجاوز عن سيئاتهم" [الأحقاف: 16] فإن وعده واجب الوقوع في كل عبد فزال ونوع الوعيد وقت ونوع التجاوز وليس التجاوز في حق الكفار التخليص عن ألم النار ، بل المراد بالتجاوز حصول الرحمة الممتزجة بألم النار .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال الشيخ : " الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده. بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح."
اختلفت الأسماء و تمایزت الصفات وكذلك تمایزت العبوديات.
قال: والذات واحدة والأسماء مختلفة والأبيات الباقية ظاهرة المعنى مما سبق۔
قوله: الثناء بصدق الوعد إلى قوله: طلب المرجح.
يعني أن اسماعیل صادق الوعد فأثنى الحق عليه بذلك فالحق أولى، والحضرة تطلب الثناء وهو بصدق الوعد لا يصدق الوعيد وهذا القدر مرجح لحصول الموعود به لا حصول المتوعد به، والأبيات تشرح ذلك وحاصلها أن أهل النار يتنعمون فيها، واشتقاق العذاب من العذوبة واللب الطيب لا يضر أن يكون له قشر غير طيب.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال سلام الله عليه: (" الثناء بصدق الوعد، لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات ").
يعني رضي الله عنه :  لمّا كان الثناء هو تعريف المثنى عليه بما هو عليه من النعوت ، فيصدق أن يكون التعريف بالمذموم أو بالمحمود ، ولكنّ الإلهية من كونها أحدية جمع جميع الكمالات لها مرتبة تطلب الكمال بالذات ، فتطلب الثناء بالمحمود في الوعد ، إذ لا يحمد موعد أو متوعّد على وعيده أو إيعاده .
قال رضي الله عنه: (" فيثنى على الحضرة الإلهية " بصدق الوعد لا بصدق الوعيد ، بل بالتجاوز " فَلا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِه ِ رُسُلَه ُ " ، لم يقل : ووعيده ، بل
قال:  " وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ " مع أنّه توعّد على ذلك ، فأثنى على إسماعيل بأنّه كان صادق الوعد ، وقد زال الإمكان في حق الحق " ).
يعني سلام الله عليه: زال إمكان تحقيق وعيد بتحقّق تحقيق وعده .
قال رضي الله عنه: ( " لما فيه من طلب المرجّح " ) .
لأنّ إسماعيل إذا أثنى الحق عليه بصدق الوعد ومن جملة ما وعد الحق هو التجاوز وعدم تنفيذ الوعيد " وَما نُرْسِلُ بِالآياتِ " آيات الوعيد " إِلَّا تَخْوِيفاً " ، ولعلَّهم يتّقون ، فما المرجّح إذن لإيقاع الوعيد وإيجاد عين الإيعاد مع سلامة المعارض النافي لذلك وأن لا يثنى على الحق بصدق وعده مع صدق الثناء على إسماعيل الذي هو من جملة صدق وعد الحق ، بل الثناء على الله ولله في الوجهين لمن فهم ، والله الملهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : " الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد ، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات" لما كان الكمال المطلق للحضرة الإلهية الموصوفة بالجلال والعظمة والجمال والألوهية ذاتيا ، والثناء إنما يكون بذكر تلك النعوت فهي طالبة للثناء والحمد بالذات ، وللثناء لا يتوجه بصدق الوعيد أصلا بل بصدق الوعد ، لزم أن يكون صادق الوعد ( فيثنى عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد بل بالتجاوز – " فَلا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِه رُسُلَه " .
لم يقل ووعيده ، بل قال " ونَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ " فوعد التجاوز (مع أنه توعد على ذلك ، فأثنى على إسماعيل بأنه صادق الوعد) ، وقد زال الإمكان في حق الحق ) يعنى لما أثنى الله تعالى على إسماعيل بصدق الوعد توجه الثناء والحضرة الإلهية طالبة للثناء ، فلزم أن يكون الله صادق الوعد على سبيل الوجوب لا الإمكان ( لما فيه من طلب المرجح ) أي لما في الإمكان من طلب المرجح ، ولا يتوقف صفة ما من صفات الله على شيء فتحقق وجوب صدق وعده ، وقد وعد التجاوز لكونه من جملة وعده.
"" إضافة بالي زادة  ولما بين أسرار الرضا شرع في بيان أسرار الثناء فإنهما مودع في كلمة إسماعيل .  قوله ( تطلب الثناء ) من كل عبد سعيدا أو شقيا فلا بد من وقوع مطلوب الحق من كل عبد ، فلا بد من صدق الوعد والنجا وزمن الحق في حق كل عبد على حسب ما يليق بذواتهم حتى يحصل له الثناء المحمود من كل عبد على حسب مراتبهم اهـ
( فيثنى عليها بصدق الوعد ) أي لما طلب الذات الإلهية بذاته الثناء المحمود لا يثنى عليها إلا بصدق وعده وهو ( بالتجاوز ) عن سيئاتهم يدل على ذلك قوله تعالى - فَلا تَحْسَبَنَّ الله مخلف وعده"  اهـ بالي زادة .
( ولم يقل ووعيده ) لعدم الثناء المحمود بذلك مع أنه اهـ بالى .زادة
( مع أنه توعد ذلك ) أي على الشيء ، فدلت هذه الآية على أن الله يطلب بذاته من عباده الثناء المحمود ، وأن ذلك لا يحصل إلا بصدق وعده عباده وبالتجاوز عن سيئاتهم ، فعم التجاوز للخالدين في النار أبدا بحصول النعيم الممتزج بالعذاب لهم فيثنون على الله بذلك ، فعم الثناء المطلوب ( فأثنى على إسماعيل ) فالثناء المحمود سواء كان من العبد على الحق أو من الحق إلى العبد لا يكون إلا بصدق الوعد ( وقد زال الإمكان ) أي زال بدلالة النص إمكان وقوع الوعيد على الأبد ( في حق الحق لما فيه ) أي في وقوع الإمكان ( من طلب مرجح ) وطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب ، وذلك يرتفع بوعده تعالى بالتجاوز ، فإن وعده واجب الوقوع في كل فزال وقوع الوعيد وقت وقوع التجاوز ، والتجاوز في حق الكفار حصول الرحمة الممتزجة بألم النار بحيث لا ينقص عن الألم الأول ، فإذا زال صدق الوعيد. أهـ بالي زادة ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : (الثناء بصدق الوعد، لا بصدق الوعيد. والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات، فيثنى عليها بصدق الوعد، لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز).
لما أثنى الحق على إسماعيل، عليه السلام، بصدق الوعد، شرع يبين في حكمه وأسراره، كما بين أسرار (الرضا).
والثناء عقلا وعادة لا يكون إلا في مقابلة خيرات المثنى عليه، لا في مقابلة الشرور، إذ لا يثنى على من يحصل منه الضرر النقم، بل على من يحصل منه النفع والنعم.
فمن وعد بالخير وأنجز وعده، يثنى عليه بذلك. ومن أوعد، فلا يثنى عليه بذلك الإيعاد، إلا إذا عفا وتجاوز عن إيعاده. والذات الإلهية لكونها منبع الخيرات ومعدن المسرات، تطلب بالذات الثناء من العبيد، حيث أخرجهم من العدم إلى الوجود، وكساهم بحلل الكمالات، وجعلهم مظاهر الأسماء والصفات. والشرور أمور إضافية لكونها عبارة عن عدم ملائمتها للطبائع.
فكون الشر شرا ليس بالنسبة إلى الذات، كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في دعائه: قال رضي الله عنه : (والخير كله إليك، والشر ليس إليك).
قال الله تعالى: "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك". بل بالنسبة إلى ذاته تعالى كلها خير، لأنها وجودات خاصة، ظهرت فيهذه المظاهر. لذلك أردفه بقوله تعالى: "قل كل من عند الله".
أي، الحسنات المنسوبة إلى الله والسيئات المضافة إلى نفسك، كلها صادرة من عند الله.
فهي خيرات في أنفسها، لذلك صارت مقتضى أسماء الله، وإن كان بعضها شرورا بالنسبة إليك.
قال رضي الله عنه : (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله). ولم يقل: ووعيده.
بل قال: (ويتجاوز عن سيئاتهم). مع أنه توعد على ذلك).
وهذا (التجاوز) عام بالنسبة إلى أهل الجنة والنار. أما بالنسبة إلى أهل الجنة، فظاهر: حيث تجاوز عن ذنوب وجوداتهم وصفاتهم وأفعالهم.
كما قال رضي الله عنه : (فقلت: وما أذنبت؟ قالت مجيبة: وجودك ذنب لايقاس به ذنب). وأما بالنسبة إلى أهل النار من المؤمنين، فـ بالإخراج بشفاعة الشافعين.
وبالنسبة إلى الكافرين يجعل العذاب لهم عذبا: أو برفعه مطلقا، كماجاء في الحديث: (ينبت في قعر جهنم الجرجير).
وإن كانوا خالدين فيها. أو بإعطائهم صبرا على ما هم عليه من البلايا والمحن، في تألفوا به، فلا يتألمون منهبعد ذلك - على ما سيأتي آنفا إنشاء الله تعالى.
قال رضي الله عنه : (فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد). وذلك لوفائه على العهود السابقة بإبراز الكمالات المودعة فيه وبعبادة ربه بحيث صار مرضيا عنده.
قال رضي الله عنه : (وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح). أي، وقد زال فيحق الحق إمكان وقوع الوعيد، إذ لا شك أن الحق تعالى وعد بالتجاوز فقال: (ويتجاوز عن سيئاتهم).
وقال: "إن الله يغفر الذنوب جميعا".، "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".
(ويعفوا عن كثير) من السيئات. وأمثال ذلك. ووقوع وعده واجب، وهو التجاوز والعفو والغفران. فزال إمكان وقوع الوعيد، لأن وقوع أحد طرفي الممكن لا يمكن إلا بمرجح، وما ثم ما يطلب الوعيد إلا الذنب، وهو يرتفع بالتجاوز، فزال سبب وقوع الوعيد، وعدم العلة موجب لعدم المعلول. والوعيد إنما كان للتخويف والاتقاء ولإيصال كل منهم إلى كما لهم، لذلك قال تعالى: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ولعلهم يتقون".
وقال بعض أهل الكمال:
وإني إذا أوعدته أو وعدته .... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
إذ لا يثنى بالوفاء بالإيعاد، بل بالتجاوز عنه، ويثني بالوفاء بالوعد. وحضره الحق تعالى طالب الثناء، فوجب إتيانه بما وعده من العفو والمغفرة والتجاوز، وانتفى إمكان وقوع ما أوعد به. وفيه أقول:
يا من بلطف جماله خلق الورى  .... حاشاك أن ترضى بنار تحرق
أنت الرحيم بكل من أوجدته  ..... ولأجل رحمتك العميمة تخلق
إن كنت منتقما فأنت مؤدب .....  ومعذبا إن كنت أنت المشفق
فاجعل عذابك للعباد عذوبة  ..... وارحم برحمتك التي قد تسبق
وإنما قال: (في حق الحق) ولم يقل: في حق الخلق، لأن زوال الإمكان إنما هو بسبب التجاوز والعفو، وهو من طرف الحق لا الخلق.
فإن اختلج في قلبك أن الشرك لا يغفر، فيجب وقوع ما أوعده، فضلا عن إمكانه، فسيأتي بما يتبين عندك الحق بعد شرح الأبيات.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده، بل قال «ونتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. ).
فقال رضي الله عنه : (الثناء) أي: المحمود بالذات بقرينة فأبعده أطلق لعدم اعتداده بغيره لزواله بأدني معارض، والزوال موجب للذم (بصدق الوعد)، أي: يتعلق بصدق الوعد، وهو التزام فعل الخير في المستقبل، وهو محمود بالذات (لا بصدق الوعيد) التزام فعل الشر في المستقبل، وليس بمحمود بالذات، بل بما يعارض له من المصلحة العامة، ولذلك قد يثني على التجاوز والحضرة الإلهية لعلوها الذاتي (تطلب الثناء المحمود بالذات) دائما.
وأما الثناء المحمود بعارض فقد تطلبه وقد لا تطلبه، (فيثني عليها بصدق الوعد) بكل حال (لا بصدق الوعيد) بكل حال، (بل) قال: يحمد (بالتجاوز) يدل عليه قوله تعالى: ("ولا تحسبن الله مخلف وعده، رسله" [إبراهيم: 47] ولم يقل ووعيده)، وإن كان الموضع موضع الوعيد؛ ولذلك قال عقيبه: "إن الله عزيز ذو انتقام" [إبراهيم: 47] .
وكأنه تعالى حيث صدق الوعيد، فلقنه صدق الوعد وعد الرسل إهلاك أعدائهم، وهكذا تصديقه وعيد أهل الكفر والمعاصي؛ لتضمن هذا الوعيد إصلاح العامة، ولا يتم ما لم يجزموا بإبقائها، وذلك تصديقه بإتيان مقتضاه.
(بل قال) في حق أهل الوعيد: ("ونتجاوز عن سيئاتهم" [الأحقاف:16] مع أنه توعد على ذلك)، فقال: "وجزاء سيئة سيئة مثلها" [الشورى:40]، وقال: "ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها" [الأنعام: 160].
ولو كان صدق الوعيد يثني عليه بالذات لكان ضده مذموما، ولا يلزم بذلك الكذب في إخباره تعالى؛ لأنه مخصص بالدليل المنفصل، ولما كان الثناء في حق الحق بصدق الوعد بالذات، وبصدق الوعيد بالإمكان، بحيث لا يترجح أحد طرفيه إلا بمرجح عارض، ويزاول بمعارض، والكامل من تشبه بالحق في الكمالات الذاتية.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثاني عشر الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:04 am

الفقرة الثاني عشر الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثاني عشر : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد ، لا بصدق الوعيد ) وذلك أنّ الثناء المحمود إنّما تقتضي الظهور والانبساط واللطف - على ما لا يخفى على الواقف لما سلف في تحقيق معنى الحمد - وصدق الوعيد إنّما يستدعي الخفاء والانقباض والقهر .
( والحضرة الإلهيّة تطلب الثناء المحمود بالذات ) فإنّ الإله ما لم يظهر ويعبد لم يكن إلها ،
( فيثنى عليها بصدق الوعد - لا بصدق الوعيد - بل بالتجاوز ) .
حيث قال : ( " فَلا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِه ِ رُسُلَه " [ 14 / 47 ] ولم يقل : « ووعيده » ، بل قال فيه : ( " وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ "  [ 46 / 16 ] ) .
مع أنّه توعّد على ذلك .
( فأثنى على إسماعيل ) جريا على ما عليه الكمال الإلهي الوجودي( بـ " إِنَّه ُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ " ) [ 19 / 54 ] مع إمكان عينه وما يطلبه بالذات من الأوصاف العدميّة المذمومة ( وقد زال الإمكان في حقّ الحقّ لما فيه من طلب المرجّح) .
فلم يبق إلَّا صادق الوعد وحده فإنّ صدق الوعيد ينفيه  الثناء المحمود الذي هو مقتضى الوجوب الذاتي.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : "الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود"
فقال رضي الله عنه : (الثناء) إنما يتحقق (بصدق الوعد) وإتيان الوعد بالموعود (لا بصدق الوعيد) وإتيان المتوعد بما توعد به إذ لا يثني عقلا وعرف على من نصدر منه الآفات والمضرات بل على من تصدر منه الخيرات والمبرات.
(والحضرة الإلهية تطلب) من العبيد حيث أخرجهم من العلم إلى الوجود وجعلهم مظاهر أسمائه وصفاته الجميلة .
قال رضي الله عنه : (  بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده، بل قال «ونتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه :  (الثناء المحمود بالذات) وقوله : المحمود إما صفة كاشفة للثناء أو مقيدة بناء على أن يطلق الثناء على إثبات الصفات مطلقا (فيثني عليها)، أي على الحضرة الإلهية (بصدق الوعد)، وإتيانها بالموعود (لا بصدق الوعيد) وإتيانها بما توعدت به (بل بالتجاوز) والعفو عما يوجب الوعيد فإن قلت : التجاوز والعفو يستلزم كذب الخبر الدال على الوعيد والحضرة الإلهية منزهة عن ذلك.
قلت : لعل الشيخ رضي الله عنه ذهب إلى أن الوعيد ليس بخير حقيقة، بل هو تهدید و زجر إذ قد تقرر في العربية أن الكلام الخبر كي يجيء لمعان كثيرة غير الإعلام والأخبار كالتلهف والتحسر والدعاء وغير ذلك، ثم استشهد رضي الله عنه إلى أن الثناء لا يكون إلا بصدق الوعد لا بصدق الوعيد .
بقوله تعالى: ("فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ") [إبراهيم: 47] حيث خص نفي إخلاف الوعد بالذكر في مقام الثناء (ولم يقل) مخلف وعد رسله (ووعیده) ولم ينف إخلاف الوعيد أيضا، ولا يخفى على الفطن أن هذه العبارة لا تقتضي وقوع الوعيد بالنسبة إلى الرسل فضلا عن أن يكون في القرآن حتى برد ما أورده بعض الفضلاء من أنه لم يجيء في القرآن المجيد وعيد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.
ويدل على أنه رضي الله عنه لم يقصد وقوع الوعيد بالنسبة إلى الرسل قوله : (بل قال: "ونتجاوز عن سيئاتهم") [الأحقاف: 19] .
ضمير الجماعة ليس عائدة إلى الرسل فهو سبحانه وعد بالتجاوز عن السيئات (مع أنه توعد على ذلك)، أي على اقتراف السيئات وهو لا يخلف وعده فيتجاوز عن السيئات فلزم إخلاف الوعيد على اقترافها
قال رضي الله عنه :  (فأثنى على إسماعيل عليه السلام بأنه "كان صادق الوعد" ?ه فقد زال الإمكان) [مریم: 54]، أي إمكان وقوع الوعيد (في حق الحق سبحانه لما فيه)، أي في الإمكان (من طلب المرجح) يعني ما يرجح جانب الوقوع على أن لا وقوع ولا مرجح ههنا.
فإن المرجح هو السيئات وهي متجاوز عنها فإن قلت : دخول بعض عصاة المؤمنين النار وخلود الكافرين كما يشهد به القرآن، وصرح به الشيخ رضي الله عنه أيضا يدل على وقوع الوعيد، فكيف يصح الحكم بزوال إمكانه .
قلت : الوعيد حقيقة الإخبار بهول التعذيب بالنار لا التعذيب مطلقا، فإن التعذيب
الزائل في الحقيقة تطهير وتزكية للمعذب عن موانع اللطف والرحمة فالإخبار به في الحقيقة وعد لا وعيد بخلاف التعذيب الغير الزائل فإنه لا خير فيه بالنسبة إليه :

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:06 am

الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثالث عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين . و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين . نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين .  يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
(فلم يبق) في الوجود (إلا صادق الوعد) من قوله تعالى : ولا "كان صادق الوعد" (وحده)، وزال كان لأنها زمانية والزمان عرض مم?ن واسمها المستتر وهو ضمیر إسماعيل عليه السلام، لأنه ممكن أيضا.
وقد زال الممكن وبقي الواجب وهو الله تعالى، فكان ثناء منه تعالى على نفسه سبحانه بأنه "صادق الوعد" (وما لوعيد الحق) تعالى في الشر (عين)، أي حقيقة (تعاين) بالبناء للمفعول من المعاينة وهي التحقق، أي ليس الوعيد بأمر محقق بل هو موهوم كأحوال أهل الوعيد في الدنيا فإنهم في التباس من الحق تعالی، واشتغال بالباطل الموهوم فجزاؤهم في الآخرة كذلك، لأنه عين أعمالهم كما قال عليه السلام: «إن هي إلا أعمالكم تحصى لكم فترد عليكم».
فالنار والعذاب والزبانية والحميم والحيات والعقارب والسلاسل والأغلال، كل ذلك كائن إلى أبد الآبدين في حق الكافرين وإلى أمد معلوم في حق عصاة المؤمنين.
ولكن كل ذلك نظير أحوالهم في الدنيا وأعمالهم وما التبس عليهم واشتغلوا به من الأباطيل؛ ولهذا يبقون فيه ولا يفنون ولا ينمحقون، فالقوة الواهمة هي المستولية عليهم في الحياة الدنيا .
وفي الآخرة بالعكس من أهل الجنة، فإن الوهم ليس له استيلاء على أحد من أهل الجنة في الدنيا ولا في الآخرة لملازمة التحقيق ومتابعة الحق والمداومة في الصدق، فجزاؤهم هوالحق على ما عملوا من الحق.
(وإن دخلوا)، أي أهل الوعید (دار الشقاء) في يوم القيامة وهي جهنم (فإنهم) يبقون فيها كما ورد في حقهم من أنواع العذاب، ولكنهم بعد ذهاب استيلاء الوهم
عليهم وتحققهم في أنفسهم بوضع الجبار قدمه كما ورد في الحديث: «لا تزال النار يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع الجبار قدمه فيها فتقول قط قط " إلى آخره، أي يكفي يكفي (على لذة فيها)، أي في دار الشقاء لموافقة أمزجتهم لذلك وهو (نعیم) آخر (مباین)، أي مخالف (نعیم جنات)، أي جنات (الخلد) فلكل قوم نعيم يليق بهم ويذوقونه دون الآخرين.
(فالأمر) الإلهي (واحد) في أهل النار وفي أهل الجنة وعند الفريقين لذة ونعيم باعتبار شهود الأمر الواحد والممد الواحد الذي قال : "كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا "  [الإسراء: 20] .
(وبینهما)، أي بين نعيم أهل النار ونعيم أهل الجنة (عند التجلي) على أهل النار الذي ?ني عنه بوضع القدم كما مر في الحديث (تباين) أي تباعد، فنعيم أهل النار صورته صورة عذاب ونكال وحميم وسلاسل وأغلال، ونعيم أهل الجنة صورته صورة تمتع بالحور والولدان والقصور وأنواع اللذائذ، فنعيم أهل النار نعیم روحاني، ونعيم أهل الجنة نعیم جسماني، وذلك بعد استغاثتهم من العذاب وقولهم: يا مالك ليقض علينا ربك، من كثرة استيلاء الأوهام على نفوسهم كما كانوا في الدنيا جزاء وفاقا .
فإذا تحققوا بوضع القدم زال ذلك عنهم وانطبقت عليهم جهنم، وتلذذوا بالعذاب حيث كان معروفا عندهم على التحقيق أنه صادر من المحبوب الحقيقي الذي هو رب الأرباب، فإن لذة أهل الجنة في تعذيب المحبوب لهم، وتعذيبه يرونه عذبة ولا يحسون بالألم فيه.
وكذلك أهل النار إذا كشف عنهم الحجاب فالعذاب بمعنى الألم، والعقوبة إنما هو في الحقيقة نفس الحجاب الذي كانوا محجوبین به وذلك في الدنيا، وفي القيامة فقط .
كما قال تعالى :"إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" [المطففين : 15]، أي في يوم القيامة، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار انقضى يوم القيامة، وجاء يوم الخلود .
كما قال تعالى: " ذلك يوم الخلود"  [ق: 34]، فإذا زال الحجاب بالتجلي على أهل النار، المكنى عنه في الحديث بوضع القدم، والمشار إليه في قوله تعالى : "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " [الحديد: 13] الآية.
فالباطن الذي فيه الرحمة هو التجلي، والعذاب في الظاهر، فعند ذلك ينقلب العذاب عذوبة لهم مع بقائه كما كان على الأبد.
ولهذا قال:
(یسمی)، أي ذلك العذاب عذاب أهل النار (عذابا ) مشتقا (من) العذوبة وهي الحلاوة لأجل (عذوبة طعمه) في أذواقهم وإن بقيت عينه في الظاهر معاقبة وإيجاعا (وذاك)، أي ما هو في الظاهر من صورة المعاقبة (له)، أي لما في الباطن من اللذة والعذوبة.
(كالقشر) الذي يكون للبوب والحبوب (والقشر صائن)، أي حافظ ساتر لما في داخله من اللب، وذلك بعد استيفاء مدة ما هم فيه من استيلاء الأوهام على خیالاتهم الفاسدة حتى يتحققوا بالواحد الحق في كل ما التبس عليهم فيه، ويشهدونه في الظواهر والبواطن، ويرجعون إلى ما كانوا فيه من البواطن .
وهذه المسألة من الأسرار ولا طريق إليها من جانب أهل العقول والأفكار، وليس فيها مصادمة شيء من ظواهر أحكام الشريعة، ولا مخالفة لما عند علماء الظاهر بحسب الظاهر أن أسرار البواطن مستورة عن المقيد بأغلال الطبيعة .
تم فص الحكمة الإسماعيلية.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
والطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب وذلك يرتفع بوعده تعالى تعالى بقوله: "ونتجاوز عن سيئاتهم" [الأحقاف: 16] فإن وعده واجب الوقوع في كل عبد فزال ونوع الوعيد وقت ونوع التجاوز وليس التجاوز في حق الكفار التخليص عن ألم النار ، بل المراد بالتجاوز حصول الرحمة الممتزجة بألم النار .
فإذا زال صدق الوعيد شعر:
(فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين)
(فلم يبق إلا صادق الوعد وحده وما) أي ليس (لوعيد الحق عين تعاين) على البناء للمفعول أي شخص تعین له العذاب الخالص عن الرحمة على الأبد بالنصر (وإن دخلوا) أي الأشقياء (دار الشفاء فإنهم على لذة فيها) أي في تلك الدار (نعيم مباین) خبر مبتدأ محذوف (نعيم) منصوب بمباین
(جنان الخلد فالأمر) أي نعيم جنات الخلد ونعيم دار الشفاء (واحد وبينهما) أي بين النعيمين (عند التجلي) أي عند الظهور (تباين) لأن نعيم الجنان رحمة خالصة عن العذاب ونعيم دار الشقاء رحمة ممتزجة لا يخلو عن العذاب أصلا.
فكانا عند التحقيق واحدة داخلا في حد النعم ومتباينان عند التجلي فهذا هو معنى قوله في الأمر واحد بينهما عند التجلي تباین.
(یسمی) نعيم دار الشقاء (عذابا من عذوبة طعمه) أي لأجل عذوبة طعم هذا النعيم لأهله،  يعني كما أن العذاب الاصطلاحي متحقق في الكفار في دار جهنم .
كذلك العذاب اللغوي وهو اللذة متحقق فيهم فكانوا جامعين بينهما ومنحققين بهما على الأبد.
يدل على ذلك : (وذاك) أي عذابهم (له) أي لنعيمهم (كالقشر والقشر صائن) أي حافظ للبه ، فلا يزال العذاب صائنا للبه وهو نعيمهم .
فلا يزال العذاب الاصطلاحي عنهم أبدا كما هو مذهب أهل السنة فإن المصنف قسم الرحمة إلى رحمة ممتزجة بالعذاب وإلى رحمة خالصة من العذاب .
ثم قال لا يكون هذه الرحمة في الدار الآخرة إلا لأهل الجنان ثم أثبت النعيم المباين لأهل الشقاء.
فالنعيم هو عين الرحمة عنده وعند سائر أهل الله .
فالنعيم منه نعیم خالص مختص بأهل الجنان ومنه نعيم ممتزج بالعذاب مختص بأهل جهنم .
وبعض الشارحين حمل كلامه على خلافه مراده ، وقال في شرح كلامه في هذه المسألة أن العذاب منقطع مطلقا عن الكفار .
ومن ذلك ظن بعض الناس السوء على الشيخ وعلى أهل الله الذي على طريقته في العلم بالله تعالى .
وسنطلع حقيقة هذا المقام في آخر الفص الهودي إن شاء الله تعالی.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال الشيخ :" فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند  التجلي تباين يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
الذات واحدة والأسماء مختلفة والأبيات الباقية ظاهرة المعنى مما سبق۔
قوله: الثناء بصدق الوعد إلى قوله: طلب المرجح.
يعني أن اسماعیل صادق الوعد فأثنى الحق عليه بذلك فالحق أولى، والحضرة تطلب الثناء وهو بصدق الوعد لا يصدق الوعيد وهذا القدر مرجح لحصول الموعود به لا حصول المتوعد به، والأبيات تشرح ذلك وحاصلها أن أهل النار يتنعمون فيها، واشتقاق العذاب من العذوبة واللب الطيب لا يضر أن يكون له قشر غير طيب.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه: " فلم يبق إلَّا صادق الوعد وحده .  وما لوعيد الحق عين تعاين وإن دخلوا دار الشقاء فإنّهم  ... على لذّة فيها نعيم مباين نعيم جنان الخلد والأمر واحد ...  وبينهما عند التجلَّي تباين يسمّى عذابا من عذوبة طعمه.... وذاك له كالقشر والقشر صائن "
قال العبد أيّده الله به: قرّررضي الله عنهأنّ مواعيد الله لعبيده لا بدّ من تصديقه ، فإنّ الله يحقّق مواعيده بخلاف إيعاده وتهديده ، فإنّ الله يعفو ويتجاوز ولا يؤاخذ بما أوعد وتوعّد ، كما قال بعض التراجم في مقام العفو .
شعر :
« وإنّي إذا أوعدته أو وعدته   .... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي »
وبعد أن قرّر ما تقرّر بيّن وعيّن أنّ العبيد وإن استحقّوا العقاب ودخلوا دار الشقاء وهي جهنّم فلا بدّ أن تسبق رحمته غضبه في الأخير ، فينقلب العذاب عذابا عند أهل النار ، وأنّ عواقب أهل العقاب ، لا بدّ أن تئول إلى الرحمة بعد الأحقاب ، وذلك
لأنّ أهل النار الذين هم أهلها إذا أدخلوا كانوا على أحوال ثلاث :
فالأولى : يسلَّط فيها العذاب على ظواهرهم وبواطنهم ، فيكفّر بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، ومأواهم النار ، وما لهم من ناصرين ، فيقول الضعفاء للذين استكبروا " رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً من النَّارِ ".
وقالوا " أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوه ُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ " وقالوا " إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً من النَّارِ " و " قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ".
وأمثال هذه المخاصمات والمحاكمات والمجاوبات في المخاطبات والمعاتبات التي يختصم بها أهل النار في النار والعذاب ، قد أحاط بهم سرادق ناره وتسلَّط على ظواهرهم وبواطنهم بشراره .
والحالة الثانية وهي الوسطى: لمّا يئسوا أن يخفّف عنهم العذاب ، وأسمعهم " اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ " الخطاب ، فمكَّنوا أنفسهم أن لا بدّ من أن تعبر عليهم بالعذاب والعقاب الأحقاب ، فطفق بعضهم يعتذر إلى البعض ، ويقيم كلّ منهم أعذار الآخرة فيتحاللون ويقولون " سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا من مَحِيصٍ " وقالوا " بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ " وهم قد رضوا بالعذاب ، ووطَّنوا نفوسهم على الصبر على العقاب ، وأراح الله عند ذلك بواطنهم عن العذاب الشديد و" نارُ الله الْمُوقَدَةُ . الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ " ورفع العذاب عن قلوبهم .
ثمّ الحالة الثالثة وهي الأخيرة وذلك بعد مضيّ الأحقاب ، إنّهم يتعوّدون بالعذاب ، وبالغون تعاقب العقاب ، حتى لا يحسّوا بحدّته ، ولا يتألَّموا بشدّته وطول مدّته ، ويلقي الله على أعضائهم وجلودهم الخدر ، حتى لا يحسّوا به ، ووضعهم في هذه الحالة ، كما قال الله تعالى: " لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى " ، ثم يزداد تألَّفهم وإلفهم بذلك.
حتى أنّهم يتغذّون به ولا يتعذّبون ، بل يعذب لهم عذابها ، فيلتذّون ويستعذبون بحيث لو هبّ عليهم نفحة من صوب الجنّة وفوحة من نعيم الرحمة ، لعذّبوا وتألَّموا وسئموا ذلك وتبرّموا كالجعل وتعوده وتغذّيه بالقاذورات وتعوّذه وتعذّبه برائحة الورد.
فهذا لهم نعيم يباين نعيم أهل الجنان والحقيقة واحدة ، فإنّ التذاذه استعذاب ، وارتفاع الآلام عذاب وعقاب ، فأهل النار في النار على نعيم يباين نعيم أهل الجنان وإن وجدنا عند نسبة بعض التجلَّيات إلى البعضبين النعيمين بونا عظيما وتفاوتا بيّنا عميما .
فإنّ نعيم أهل النار من رحمة أرحم الراحمين بعد مآل العذاب إلى النعيم ، والغضب إلى الرحمة ، ونعيم أهل الجنان نعيم محض ولذّة خالصة ورحمة صافية من حضرة الرحمن الرحيم ، وعين الامتنان الجسيم ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه : (فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين)
( فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ) أي لا صادق الوعيد لوجوب صدق وعده بالتجاوز ، وعدم تنفيذ الوعيد لقوله – " وما نُرْسِلُ بِالآياتِ " - أي آيات الوعيد " إِلَّا تَخْوِيفاً " .
ولعلهم يتقون ولأن الثناء لا يتوجه بالوعيد والحضرة الإلهية طالبة للثناء كما ذكر ، فثبت أن الإيعاد إنما يكون للتخويف لإيقاع الوعيد الزائل إمكان تحقيقه بتحقق تحقيق الوعد بالتجاوز والمنافاة ، وتحقيق الوعد للثناء
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين 
( مع أنه توعد ذلك ) أي على الشيء ، فدلت هذه الآية على أن الله يطلب بذاته من عباده الثناء المحمود ، وأن ذلك لا يحصل إلا بصدق وعده عباده وبالتجاوز عن سيئاتهم ، فعم التجاوز للخالدين في النار أبدا بحصول النعيم الممتزج بالعذاب لهم فيثنون على الله بذلك ، فعم الثناء المطلوب ( فأثنى على إسماعيل ) فالثناء المحمود سواء كان من العبد على الحق أو من الحق إلى العبد لا يكون إلا بصدق الوعد ( وقد زال الإمكان ) أي زال بدلالة النص إمكان وقوع الوعيد على الأبد ( في حق الحق لما فيه ) أي في وقوع الإمكان ( من طلب مرجح ) وطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب ، وذلك يرتفع بوعده تعالى بالتجاوز ، فإن وعده واجب الوقوع في كل فزال وقوع الوعيد وقت وقوع التجاوز ، والتجاوز في حق الكفار حصول الرحمة الممتزجة بألم النار بحيث لا ينقص عن الألم الأول ، فإذا زال صدق الوعيد .
( فلم يبق إلا صادق الوعد وحده عين تعاين ) على البناء للمفعول أي شخص تعاين العذاب الخالص عن الرحمة على الأبد ( نعيم مباين ) خبر مبتدإ محذوف ( نعيم ) منصوب بمباين ( جنان الخلد فالأمر ) أي نعيم جنان الخلد ونعيم دار الشقاء واحد ( وبينهما ) بين النعيمين ( عند التجلي ) عند الظهور ( تباين ) لأن نعيم الجنان رحمة خالصة عن العذاب ، ونعيم دار الشقاء رحمة ممتزجة لا تخلو عن العذاب أصلا ، فكانا عند التحقيق واحدا داخلا في حد النعمة ومتباينان عند التجلي ( يسمى ) نعيم دار الشقاء ( عذابا من عذوبة طعمه ) لأهله ، يعنى كما أن العذاب الاصطلاحي متحقق في الكفار في دار جهنم كذلك العذاب اللغوي وهو اللذة ، فكانوا جامعين بينهما ( وذاك ) أي عذابهم .
""  إضافة بالي زادة    الوعد والنجا وزمن الحق في حق كل عبد على حسب ما يليق بذواتهم حتى يحصل له الثناء المحمود من كل عبد على حسب مراتبهم اهـ
( فيثنى عليها بصدق الوعد ) أي لما طلب الذات الإلهية بذاته الثناء المحمود لا يثنى عليها إلا بصدق وعده وهو ( بالتجاوز ) عن سيئاتهم يدل على ذلك قوله تعالى - فَلا تَحْسَبَنَّ الله "  اهـ بالي زادة .
( ولم يقل ووعيده ) لعدم الثناء المحمود بذلك مع أنه .اهـ بالى زادة  ""

( له ) أي لنعيمهم ( كالقشر والقشر صاين ) أي حافظ اليه ، فلا يزال العذاب صاينا للبه وهو
لما تقرر أن المواعيد لا بد من تحققها والإيعاد قد يجاوز عنه ولا يوجد بما أوعد عليه ، قال بعض التراجم فيه :وإني إذا أوعدته أو وعدته
لمخلف إيعادى ومنجز موعدي قال : وإن دخلوا دار الشقاء وهي جهنم لاستحقاق العقاب فلا بد أن يؤول أمرهم إلى الرحمة ، لقوله « سبقت رحمتي غضبى » فينقلب العذاب في العاقبة عذبا ، وذلك أن أهل النار إذا دخلوها وتسلط عليهم العذاب بظواهرهم وبواطنهم هلكهم الجزع والاضطرار ، فيكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا متخاصمين متقاولين .
كما نطق به كلام الله في مواضع :
وقد  "أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها "  فطلبوا أن يخفف عنهم العذاب أو أن يقضى عليهم ، كما حكى الله عنهم بقوله ليقض علينا ربك أو أن يرجعوا إلى الدنيا فلم يجابوا إلى طلباتهم .
هل أخبروا بقوله : " لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ " ؟
وخوطبوا بمثل قوله : " إِنَّكُمْ ماكِثُونَ " ، " اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ "  فلما يئسوا وظنوا أنفسهم على العذاب والمكث على ممر السنين والأحقاب ، وتغللوا بالأغلال ومالوا إلى الاضطراب. 
وقالوا : " سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا من مَحِيصٍ "  .
فعند ذلك دفع الله العذاب عن بواطنهم وخبت نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، ثم إذا تعودوا بالعذاب بعد مضى الأحقاب ألفوه ولم يتعذبوا بشدته بعد طول مدته ولم يتألموا به وإن عظم .
ثم آل أمرهم إلى أن يتلذذوا به ويستعذبوه حتى لو هب عليهم نسيم من الجنة استكرهوا وتعذبوا به كالجعل وتأذيه برائحة الورد لتألفه بنتن الأرواث ، والتناسب الحادث بين طباعه والقاذورات.
فذلك نعيمهم الذي تباين نعيم أهل الجنان والأمر واحد ، أي أمر الالتذاذ والتنعم بينهم وبين أهل الجنان واحد ، واشمئزازهم عن نعيم الجنان كاشمئزاز أهل الجنة عن عذاب النيران ، وبينهما أي بين نعيم أهل الجنة ونعيم أهل النار عند تجلى الحق في صورة الرحمن بون بعيد .
ولهذا ورد في الحديث « سينبت في قعر جهنم الجرجير ولا ينبت الورد والفرفير » .
فإن نعيم أهل النار من رحمة أرحم الراحمين لحدوثه بعد الغضب والعذاب ، ونعيم أهل الجنة من حضرة الرحمن الرحيم ، والامتنان الجسيم ، فإذا آل العذاب إلى نعيم يسمى عذابا من عذوبة طعمه ، فيكون الأمر بينهم نعيمهم ، فلا يزال العذاب الاصطلاحي عنهم أبدا كما هو مذهب أهل السنة ، فإن الشيخ قسم الرحمة إلى رحمة ممتزجة بالعذاب ، وإلى رحمة خالصة من العذاب اهـ.
اعلم أن الشيخ قدس سره قسم الرحمة إلى رحمة ممتزجة بالعذاب ، وإلى رحمة خالصة من العذاب .
ثم قال : ( لا تكون هذه الرحمة في الدار الآخرة إلا لأهل الجنان ثم أثبت النعيم المباين لأهل الشقاء ، فالنعيم هو عين الرحمة عنده وعند سائر أهل الله ، فالنعيم منه نعيم خالص مختص بأهل الجنان ، ومنه نعيم ممتزج بالعذاب مختص بأهل جهنم ، وبعض الشارحين حمل كلامه على خلاف مراده ).
وقال في شرح هذه المسألة : إن العذاب منقطع مطلقا عن الكفار ، ومن ذلك ظن بعض الناس السوء على الشيخ رضي الله عنه وعلى أهل الله ، وستطلع حقيقة هذا المقام في آخر الفص الهودى إن شاء الله تعالى اهـ.
يعقوب عليه السلام تزوج ليا بنت لايان بن تنويل ابن باخور أخي إبراهيم عليه السلام ، فولدت له روبيل وشمعون ولاوى ويهوذا ، ثم تزوج عليها أختها راحيل  وبين أهل الجنة في العذوبة واللذة واحدا .
وذلك أي نعيم أهل النار كنعيم أهل الجنة كالقشر لكثافة ذلك ولطافة هذا ، كالتبن والنخالة للحمار والبقر ، ولباب البر للإنسان والبشر ، والقشر صاين أي حافظ اللب .
فكذا أهل النار محامل يتحملون المشاق لعمارة العالم ، وأهل الجنة مظاهر يتحققون المعارف والحقائق لعمارة الآخرة ، فيحفظونهم عن الشدائد ويفرغونهم لملازمة المعابد .
انتهي الفص الإسماعيلي


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه : (فلم يبق إلا صادق الوعد وحده  ..... وما لوعيد الحق عين تعاين)
أي، إذا زال سبب الوعيد، فلم يبق إلا تحقق الوعد وحده، لأنه صادق في وعده.
وما بقى لوعيد الحق (عين تعاين) على البناء للمفعول لزوالها بالمغفرة والعفو فيحق العاصين. وأما في حق الكافرين والمنافقين، لانقلاب عذابهم بنعيم يناسبهم.
كما قال : (وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم على لذة فيها) أي في تلك الدار (نعيم مبائن) أي، لنعيم الجنان.
فإن نعيم النفوس الطيبة لا يكون إلا بالطيبات، ونعيم النفوس الخبيثة لا يكون إلا بالخبيثات. كالتذاذ الجعل بالقاذورات وتألمه بالطيبات.
قال تعالى: "الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات."
(نعيم جنان الخلد فالأمر واحد  ..... وبينهما عند التجلي تباين)
(نعيم) منصوب على أنه مفعول (المبائن). أي، مبائن لنعيم جنات الخلد.
قوله: (فالأمر واحد) - إلخ إشارة إلى أن التجلي الإلهي على السعداء والأشقياءفي الأصل ليس إلا واحد، كقوله: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر).
والتعدد والتباين إنما يقع بحسب القوابل، وكل منها يأخذ بحسب استعداده وقابليته، كماء واحد نزل من السماء فصار في موضع سكرا وفي موضع حنظلا.
(يسمى عذابا من عذوبة طعمه  .... وذلك له كالقشر والقشر صائن)
أي، يسمى ذلك النعيم الذي لأهل الشقاء عذابا، لعذوبة طعمه بالنسبة إليهم.
فإن (العذاب) مأخوذ من (العذب) في الأصل، وذاك، أي لفظ العذاب، له،أي للعذب، كالقشر، والقشر صائن للبه من الآفات.
فلفظ (العذاب) يصون معناه عن إدراك المحجوبين الغافلين عن حقائق الأشياء.
أو يكون (ذاك) إشارةإلى نعيم أهل النار، أي، ذلك النعيم كالقشر لنعيم أهل الجنة، إذ (الجنة حفت بالمكاره).
ألا ترى أن التبن نعيم الحيوان والبر المحفوظ به نعيم الإنسان.
وبعد أن فرعنا من حل تركيبه وبيان معناه، فلنشرع في تحقيقه ومبناه، لأنهمن أهم المهمات، وقليل من يعرف أصول هذه المقامات. فنقول:
اعلم، أن المقامات الكلية الجامعة لجميع العباد في الآخرة ثلاث وإن كان كل منها مشتملا على مراتب كثيرة لا تحصى : وهي الجنة، والنار، والأعراف الذي بينهما.
على ما نطق به الكلام الإلهي. ولكل منها اسم حاكم عليه، يطلب بذاته أهل ذلك المقام، لأنهم رعاياه وعمارة ذلك الملك بهم. و (الوعد) شامل للكل، إذ وعده في الحقيقة عبارة عن إيصال كل واحد منا إلى كماله المعين له أزلا.
فكما أن الجنة موعود بها، كذلك النار والأعراف موعودان بهما. والإيعاد أيضا شامل للكل، فإن أهل الجنة يدخلون الجنة بالجاذب والسائق.
قال تعالى: "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد". والجاذب المناسبة الجامعة بينهما بواسطة الأنبياء والأولياء.
والسائق الرحمن بالإيعاد والابتلاء بأنواع المصائب والمحن والبلاء. كما أن الجاذب إلى النار المناسبة الجامعة بينهما وبين أهلها، والسائق الشيطان، فعين الجحيم (موعود) لهم، لا (متوعد) بها. و (الوعيد) هو العذاب الذي يتعلق بالاسم (المنتقم). وتظهر أحكامه في خمس طوائف لا غير، لأنأهل النار إما مشرك، أو كافر، أو منافق، أو عاص من المؤمنين - وهو ينقسم بالموحد العارف الغير العامل والمحجوب.
وعند تسلط سلطان المنتقم عليهم، يتعذبون بنيران الجحيم، كما قال تعالى: "أحاط بهم سرادقها ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ولا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون".
وقال: (إنكم ماكثون اخسئوا فيها ولا تكلمون). فلما مر عليهم السنون والأحقاب واعتادوا بالنيران ونسوا نعيم الرضوان، قالوا: "سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص".
فعند ذلك تعلقت الرحمة بهم ورفع عنهم العذاب، مع أن العذاب بالنسبة إلى العارف الذي دخل فيها، بسبب الأعمال التي تناسبها، عذب منوجه، وإن كان عذابا من وجه آخر.
كما قيل: وتعذيبكم عذب وسخطكم رضى وقطعكم وصل وجوركم عدل لأنه يشاهد المعذب في تعذيبه، فيصير التعذيب سببا لشهود الحق، وهو أعلى ما يمكن من النعيم حينئذ في حقه.
وبالنسبة إلى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقية أيضا عذب من وجه.
كما جاء في الحديث: (إن بعض أهل النار يتلاعبون فيها بالنار).
والملاعبة لا ينفك عن التلذذ وإن كان معذبا، لعدم وجدانه أنه ما أمن به من جنة الأعمال التي هي الحور والقصور.
وبالنسبة إلى قوم يطلب استعدادهم البعد من الحق والقرب من النار، وهذا المعنى بجهنم أيضا عذب، وإن كان في نفس الأمر عذابا. كما يشاهد هنا ممن يقطع سواعدهم ويرمى أنفسهم من القلاع، مثل بعض الملاحدة.
ولقد شاهدت رجلا سمر في أصول أصابع إحدى يديه خمسة مسامير غلظ، كل مسمار مثل غلظ القلم، واجتهد المسمر ليخرجه من يده، فما رضى بذلك وكان يفتخر به، وبقى على حاله إلى أن أدركه الأجل.
وبالنسبة إلى المنافقين الذين لهم استعداد الكمال واستعداد النقص، وإن كان أليما لإدراكهم الكمال أو عدم إمكان وصولهم إليه، لكن لما كان استعداد نقصهم أغلب، رضوا بنقصانهم، وزال عنهم تألمهم بعد انتقام المنتقم منهم بتعذيبهم، وانقلب العذاب عذابا.
كما نشاهد ممن لا يرضى بأمر خسيس أولا،ثم إذا وقع فيه وابتلى به وتكرر صدوره منه، تألف به واعتاد، فصار يفتخر به بعدأن كان يستقبحه.
وبالنسبة إلى المشركين الذين يعبدون غير الله من الموجودات، فينتقم منهم المنتقم، لكونهم حصروا الحق فيما عبدوه وجعلوا الإله المطلق مقيدا.
وأما من حيث إن معبودهم عين الوجود الحق الظاهر في تلك الصورة، فما يعبدون إلا الله، فرضي الله عنهم من هذا الوجه، فينقلب عذابهم عذابا في حقهم.
وبالنسبة إلى الكافرين أيضا وإن كان العذاب عظيما، لكنهم لم يتعذبوا به، لرضاهم بما هم فيه، فإن استعدادهم يطلب ذلك، كآلأتوني الذي يفتخر بما هوفيه. وعظم عذابه بالنسبة إلى من يعرف أن وراء مرتبتهم مرتبة، وأن ما هم فيه عذاب بالنسبة إليها.
وأنواع العذاب غير مخلد على أهله من حيث إنه عذاب، لانقطاعه بشفاعة الشافعين.
وآخر من يشفع وهو أرحم الراحمين.
كما جاء في الحديث الصحيح: "لذلك ينبت الجرجير في قعر جهنم".
لانقطاع النار وارتفاع العذاب، وبمقتضى (سبقت رحمتي غضبي). فظاهر الآيات التي جاء في حقهم التعذيب كلها حق.
وكلام الشيخ رضي الله عنه: لا ينافي ذلك، لأن كون الشئ من وجه عذابا لا ينافي كونه من وجه آخر عذبا.
وإنما بسطت الكلام هنا، لئلا ينكر علىهذا الخاتم المحمدي، صلى الله عليه وسلم، فيما أخبر.
فإن الأولياء، رضوان الله عليهم، ما يخبرون إلا عما يشاهدون يقينا من أحوال الاستعدادات
في الحضرة العلمية وعوالم الأرواح والأجساد، لعلمهم بالحقائق وصورها في كل عالم.
والله علم بالحقائق.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه : " بأنه كان صادق الوعد. وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح. فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين. و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين. نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين. يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين  ".
(فأثنى على إسماعيل عليه السلام" إنه كان صادق الوعد" [مريم: 54])، ولم يشن عليه بأنه كان صادق الوعيد، وإن كان قد يثني على الحق بأنه "شديد المحال " [الرعد: 13] "سريع العقاب" ، "وإن الله عزیژ ذو انتقام" [إبراهيم: 47].
لأنه (قد زال الإمكان في حق الحق)، حيث عارض الوعيد وعد التجاوز في حق البعض، فلم يبق كلا يفيد ظهوره في المظاهر الكاملة، وتمدح تلك المظاهر بذلك، وإنما زال (لما فيه) أي: في الإمكان (من طلب المرجح)، فإنه شأن المم?نات، والمرجح الخارجي لا يقاوم المعارض القوي، وهو وعد التجاوز المثني عليه بالذات.
(فلم يبق) في موضع عارض فيه الوعد الوعيد (إلا صادق الوعد وحده)، فلا بد من التجاوز في شأنهم، (وما لوعيد الحق) حيث لم يعارضه الوعد، ولم ينف عنه معارضته الوعد بالكلية كأهل الشرك حيث قال: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغير ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء: 48].
فإن الترجيح هناك لصدق الوعيد؛ لأن الشرك لما كان ظلما عظيما كان إهمال العقوبة عليه مخلا بالحكمة "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون" [المؤمنون: 115] .
كيف وفيه تسوية المحسن بالمسيء "أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أن نجعل المتقين كالفجار" [ص: 28] .
إن دخلوا أي: أرباب الوعيد الذين لم ينف عنهم معارضة الوعد (دار الشقاء) لعارض يقتضي صدق الوعيد مدة، فلا بدعة من صدق الوعد أيضا الوارد في عامة المؤمنين، وهو أنه يخرج من النار كل من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، وقد قال تعالى: [siz
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:07 am

الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الثالث عشر : الجزء الثاني

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه : ( فلم يبق إلَّا صادق الوعد وحده ) فإنّ صدق الوعيد ينفيه  الثناء المحمود الذي هو مقتضى الوجوب الذاتي.
( وما لوعيد الحقّ عين تعاين ) على ما ينادي عليه النصوص الجليّة كقوله : " ذلِكَ يُخَوِّفُ الله به عِبادَه ُ " [ 39 / 16 ] ، " وَما نُرْسِلُ بِالآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً " [ 17 / 59 ] - إلى غير ذلك - مؤيّدة بالبراهين العقليّة الذوقيّة .
وما قيل هاهنا : - « إنّه بحسب ما يؤول إليه الأمر ، فإنّ أهل النار إذا دخلوها وتسلَّط العذاب على ظواهرهم وبواطنهم ملكهم الجزع والاضطراب ، فيكفّر بعضهم بعضا ، ويلعن بعضهم بعضا ، متخاصمين متقاولين - كما نطق به كلام الله في مواضع - وقد " أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها " [ 18 / 29 ] ]  وطلبوا أن يخفّف عنهم العذاب - كما حكى الله عنهم بقولهم : " يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ " [ 43 / 77 ] .
أو أن يرجعوا إلى الدنيا - فلم يجابوا إلى طلباتهم ، بل أخبروا بقوله : " لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ " [ 3 / 88 ] ، وخوطبوا بمثل  قوله :" إِنَّكُمْ ماكِثُونَ " [ 43 / 77 ] ، " اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ " [ 23 / 108 ] فلمّا يئسوا ووطَّنوا أنفسهم على العذاب والمكث على مرّ السنين والأحقاب ، فعند ذلك رفع العذاب عن بواطنهم » - فكلام من ليس له ذائقة إدراك الحقائق كما هي .
فإنّ ذلك التكفير والاضطراب والملاعنة والمخاطبة كلَّها موائد استلذاذهم الخاصّة ، التي ليس لأحد أن يحوم حولها ، أو يروم نيلها ، كما قال أبو يزيد فيه  :
فكلّ مآربي قد نلت منها   ..... سوى ملذوذ وجدي بالعقاب
وإليه أشار شرف الدين ابن الفارض بقوله :
وإن فتن النسّاك بعض محاسن   ...... لديك ، فكلّ منك موضع فتنة
وكذلك سؤالهم المالك " لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ " [ 43 / 77 ] وعدم جوابهم تارة وإخبارهم بعدم التخفيف عنهم أخرى وخطابهم بالمكث والخساء ، كل ذلك نعم يتنعّمون بها ، كما قال الشيباني :  جوروا وصدّوا واهجروا مضناكم   ..... وتباعدوا ما شئتم وتجنّبوا
فالجور عدل منكم ، وصدودكم ......   وصل ، وبعدكم لديّ تقرّب
وإنّما يعرف هذا من خلصت له مشارب عبوديّته عن شوائب التعمّلات الإمكانيّة ، والتسبّبات الكيانيّة ، وحصلت له بذلك نسبة المحبّة المشعرة لإدراك ذلك ووجده وذوقه :
فقل لقتيل الحبّ ، وفّيت حقّه  .... وللمدعي هيهات ما الكحل الكحل
والذي أوهم البعض أنّها ليست بنعيم : أنّ صورتها مباينة لصور نعيم الجنان ، الذي قصر مدارك  استلذاذهم عليها ، وإلى دفع ذلك أشار بقوله :
فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... وما لوجود الحق عين تعاين
فإن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ...   ... وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... ...  وذاك له كالقشر والقشر صاين
بحسب مدارك الأقوام ومراتب أفهامهم ( تباين ) حيث أنّ كلَّا منهم لا يدرك نعيم الآخر .
ولذلك يسمّى الأوّل بالنعيم والآخر بالعذاب ، إبانة لحكم تلك المباينة الموهومة ولكنّ الأمر في نفسه واحد ، فإنّ العذاب أيضا نعيم يستلذّ به أهله .
من حيث أنّه مبدأ اللذة ......     وبينهما عند التجلَّي
(يسمّى عذابا من عذوبة طعمه وذاك ) التخصيص والتسمية الموهمة للاختلاف ( له ) أي لنعيم دار الشقاء ( كالقشر ، والقشر صائن ) يصونه عن غير أهله .
وعن أن يوصل إليه ويدرك مغزاه في غير أوانه ، فإنّه إنّما يصل إلى ذلك أولو الألباب في أوان ظهورها للأفهام ، وبروزها عن الأكمام يوم تبلى السرائر ، وأمّا الظاهريّون من أهل القشر وذويه ، فليس لهم منه غير معنى التعذيب والتأليم ، الذي هو ظاهر اسمه .
تمهيد للفصّ الآتي
ثمّ ليعلم أنّ مادة الروح بجواهر حروفها  تدلّ على مبدأ الانبساط ومصدر اللطف والانتشار - كالروح والروح والريح والراح .
وإذ قد كان الكلمة اليعقوبيّة بين آباء هذه السلسلة هي مبدأ الانبساط الزائد الاثني عشري واللطف الكمالي اليوسفي :  خصّصها بالحكمة الروحيّة قائلا :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه : " فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين. و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين . نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين . يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... وذاك له كالقشر و القشر صاين"
قال رضي الله عنه : (فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... وما لوعيد الحق)
أي لما توعد به الحق وهو التعذيب الغير الزائل (عين تعاين ... وإن دخلوا)، أي أهل الوعيد (دار الشفاء) التي هي النار (فإنهم) بالآخرة واقعون (على لذة) كائن (فيها)، أي في تلك اللذة (نعیم مباین... نعيم جنات الخلد).
فقوله : نعيم مباین مبتدأ خبره قوله : فيها المقدم عليه .
وقوله : نعيم جنات الخلد مفعول للمباین (فالأمر) في النعيمين من حيث كون كل واحد منهما نعیم يلتذ به (واحد... وبينهما)، أي بين النعيمين (عند النجلي) الواقع بحسب استعدادات المنجلي لهم (تباين في الصورة فإن نعيم أهل الجنة إنما يظهر بصورة الحور والغلمان والولدان وغيرها.
ونعيم أهل النار بصورة النيران فإنهم يتلذذون بها وإن كان بعد تطاول الأزمان (يسمی) نعيم أهل النار (عذابا من عذوبة طعمه...) أخرة (وذاك)، أي تسمينه عذابا (له كالقشر والقشر صائن) للبه من تطرق الآفة فالآفة إليه .
فكما أن القشر يصون لبه عن الآفات كذلك لفظ العذاب يصون معناه عن إدراك المحجوبين عن حقائق الأشياء، اعلم أن لأهل النار الخالدين فيها كما يظهر من كلام الشيخ رضي الله عنه وتابعيه حالات ثلاث.
الأولى : أنهم إذا دخلوا تسلط العذاب على ظواهرهم وبواطنهم وملكهم الجزع والاضطراب ، فطلبوا أن يخفف عنهم العذاب أو أن يقضي عليهم أو أن يرجعوا إلى الدنيا فلم يجابوا إلى طلباتهم
والثانية : أنهم إذا لم يجابوا إلى طلباتهم وطنوا أنفسهم على العذاب فعند ذلك رفع الله العذاب عن بواطنهم وخبت "نار الله الموقدة  التي تتطلع على الأفئدة" [الهمزة :
6 - 7 ]
والثالثة : أنهم بعد مضي الأحفاب ألفوا العذاب وتوعدوا به ولم يتعذبوا بشدته بعد طول مدته ، ولم يتألموا به و إن عظم إلى أن آل أمرهم إلى أن يتلذذوا به ويستعذبونه، حتى لو هب عليهم نسيم من الجنة استكرهوه وتعذبوا به ?الجعل و تأذيه برائحة الورد، عافانا الله وجميع المسلمين من ذلك .
تم الفص الإسماعيلي
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الرابعة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:08 am

الفقرة الرابعة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الرابعة عشر:
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
07 -  نقش فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
وجود العالم - الذي لم يكن، ثم كان - يستدعي نسبة كثيرة في موجده سبحانه ، أو أسماء - ما شئت. فقل، لا بد من ذلك. و بالمجموع يكون وجود العالم.
إنما خصت الكلمة الإسماعيلية بالحكمة العلية لما شرف الله سبحانه إسماعيل عليه السلام بقوله : "وجعلنا لهم لسان صدق عليا" [مريم: 50]؛ ولأنه كان صادقا في الوعد - وذلك دليل على علو الهمة في الفعل والقول.
وأيضا كان كالوعاء الحامل لسر الكمال المحمدي الذي نسبه إلى ذات الحق أتم، كما أن إسحاق كان وعاء لأسرار الأسماء التي كان الأنبياء مظاهرها.
والإشارة إلى ذلك من القرآن العزيز قوله تعالى في سورة العنكبوت في قصة الخليل عليه السلام :"ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب" [العنكبوت : 27].
فكل نبي هو مظهر اسم من الأسماء، "والكتب" [العنكبوت: 27] ههنا الأمر الجامع للشرائع.
وانفرد إسماعيل بنبينا عليهما السلام الجامع لخواص الأسماء بشريعة جامعة لأحكام الشرائع.
فكان له علو بالنسبة إلى بقية أولاد الخليل عليهم السلام.
فقال مبتدئا بما يفضي إلى بيانهما، (وجود العالم، الذي لم يكن)، كما قال : «كان الله، ولم يكن معه شيء»، (ثم كان)، أي وجد بتكوين الحق إياه وإيجاده له، (يستدعي) بحسب ما فيه من الأعيان والحقائق القابلة للتجلي الوجودي والفيض الجودي (نسبا كثيرة) متعقلة (في موجده) سبحانه، (أو أسماء) أو صفات أو غير ذلك، (ما شئت) من العبارات.
(فقل)، إذ لا مشاحة فيها، (لا بد) في وجود العالم (من ذلك)، أي من تحقق الكثرة الأسمائية في موجده سبحانه .
(و بالمجموع) أي بمجموع تلك النسب والأسماء وأحدية كثرتها، (ی?ون وجود العالم)، لا باعتبار أحدية الذات، لأن الواحد من حيث هو واحد لا يكون منبعا للكثرة من حيث هي كثرة، إذ لا يصح أن يظهر من شيء .
كان ما كان - ما يضاده من حيث الحقيقة.
ولا خفاء في منافاة الوحدة للكثرة والواحد للكثير .

(فالعالم موجود عن أحدي الذات منسوب إليها أحدية الكثرة من حيث)
فتعذر صدور أحدهما عن الآخر من الوجه المنافي.
لكن للواحد والوحدة نسب متعددة، وللكثرة أحدية ثابتة.
فمتى ارتبطت إحداهما بالأخرى أو أثرت، فـ بالجامع المذكور.
وصورته فيما نروم بيانه أن للواحد ح?مین :
أحدهما كونه واحدة لنفسه فحسب، من غير تعقل أن الوحدة صفة له أو اسم أو تعت أو ح?م ثابت أو عارض أو لازم، بل بمعنى كونه هو لنفسه هو.
وثانيهما هو كونه يعلم نفسه بنفسه ويعلم أنه يعلم ذلك ويعلم وحدته ومرتبته وكون الوحدة نسبة ثابتة له أو حكمة أو لازمة أو صفة لا يشارك فيها، ولا تصح السواه . وهذه النسبة هي حكم الواحد من حيث نسبه .
ومن هذه النسبة انتشت الكثرة من الواحد بموجب هذا التعدد النسبي الثابت من حيث أن معقولية نسبة كونه يعلم نفسه بنفسه وكونه واحدة لذاته لا شريك له في وجوده مغايرة لحكم الوحدة الصرفة .
فالتعدد بالكثرة النسبية أظهر التعدد العيني.
وإذ قد نبهنا على مرتبة الوحدة، فلننبه على مرتبة الكثرة أيضا، فنقول، الكثرة على قسمين:

أحدهما كثرة الأجزاء والمقومات التي تلتئم منها الذات، كجزئي المادة والصورة أو الجوهر والعرض بالنسبة إلى الجسم على اختلاف المذهبين، وكالأجناس والفصول بالنسبة إلى الأنواع الحاصلة منهما؛ وبالجملة، كثرة يفتقر إليها أولا ليتصور حصول الشيء منها ثانية.

والقسم الثاني كثرة لوازم الشيء. وهو أن يكون الشيء الواحد في نفسه الوحدة الحقيقية أو المركب من أجزاء أو مقومات تلزمه بعد وجوده - ?یف ما كان - معان وأوصاف في ذاته، ولا تكون ذاته ملتئمة منها، سواء كان في نفسه ملتئمة من غيرها أو لم يكن .
بل تتبع ذاته ضرورة ووجودة بحيث لا يتصور وجود ذلك الشيء أو تعقله إلا ويلزمة تلك المعاني، كالستة مثلا.
التي لا يتصور وجودها إلا أن تكون زوجا - لا أن الزوجية جزء من أجزاء الستة، بل هي لازمة لها لزوم اضطرار وتأخر في الرتبة - وتتضمن أيضا معقولية النصف والثلث.
ومن هنا يتنبه الفطن الذي لم يبلغ درج التحقيق لمعرفة سر الإحاطة مع كون المحيط ليس ظرفا للمحاط به، ولا المحاط به جزء من أجزاء المحيط، وكون الصفات اللازمة غير قادحة في أحديته ، وغير ذلك.
(فالعالم) ب?ثرته الحقيقية ووحدته النسبية (موجود) صادر (عن) موجد (أحدي الذات)، أي واحد بالوحدة الحقيقية الذاتية، (منسوب إليها أحدية الكثرة) النسبية .
(الأسماء، لأن حقائق العالم تطلب ذلك منه .  ثم إن العالم إن لم يكن ممكنة، فما هو قابل للوجود. فما وجد العالم إلا عن أمرين : عن اقتدار إلهي منسوب إليه ما ذكرناه وعن قبول، فإن المحال لا يقبل التكوين.
ولهذا قال تعالى عند قوله ، ، «?ن»، «فيكون». فنسب التكوين إلى العالم من حيث قبوله.)
وجمعيتها (من حيث الأسماء) والصفات، (لأن حقائق العالم تطلب ذلك) المذكور من أحدية الكثرة الأسمائية وجمعيتها (منه)، أي من موجده سبحانه. وذلك لأن الموجودات كلها، وإن كانت تحت ربوبية الاسم «الله» وإلهينه - والله هو رب الأرباب . ولكن كل جنس جنس و نوع نوع و شخص شخص له حصة خاصة من مطلق ربوبية الله به بها، ولا يصلح لتربيته إلا هي.

(ثم إن العالم) ليس بواجب، فهو ممكن، لأنه (إن لم يكن مم?نا)، فهو ممتنع ؛ وإذا كان ممتنعة، (فما هو قابل للوجود)؛ لكنه قابل للوجود، فهو ممكن. والممكن نسبتا طرفي الوجود والعدم إليه متساويتان .
فلا بد في وجوده من فاعل يرجح جانب وجوده على عدمه ومن قابلية من جانبه . (فما وجد العالم) - الذي ثبت إمكانه - (إلا عن أمرين : عن اقتدار إلهي منسوب إليه)، أي إلى موصوفه - يعني الذات الإلهية - (ما ذكرناه) من أحدية كثرة الأسماء والصفات، ليرجح جانب وجوده على عدمه، (وعن قبول) لصفة الوجود من جانبه؛ فإنه لو لم يكن قابلا للوجود، لم يكن ممكنا، فلا يتمكن الفاعل الموجد من تكوينه ، (فإن المحال لا يقبل التكوين) من الموجد تعالی.
(ولهذا)، أي لكون العالم بحيث لم يوجد إلا عن الأمرين المذكورين، (قال تعالی عند قوله : «?ن») الدال على تعلق صفة الاقتدار بالشيء المراد، (قال «فيكون)، مقول القوله: «قال».
وذلك في مثل قوله تعالى: "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون"[يس: 82]،
أي فلم يلبث أن يمتثل الأمر، فكان عقيب الأمر. (فنسب التكوين)، أي التكون ۔ على أن يكون المصدر مبنية للمفعول، أو يكون اللمبالغة في الكون، ?ـ «التقتيل» للمبالغة في «القتل» - (إلى العالم من حيث قبوله) للكون واستعداده له، فإن الكون كان كامنة فيه معدوم العين، ولكنه مستعد لذلك الكون بالأمر.
فلما أمر، وتعلقت إرادة الموجد بذلك، واتصل في رأي العين أمژه به ، ظهر الكوثر الكامن فيه بالقوة إلى الفعل ، فالمظهر لكونه الحق، والكائن القابل للكون.

فلولا قبوله واستعداده للكون، لما كان.
فما كونه إلا عينه الثابتة في العلم باستعداده الذاتي الغير المجعول وقابليته للكون وصلاحيته لسماع قول: «?ن» وأهليته لقبول الامتثال .
فما أوجده إلا هو، ولكن بالحق وفيه .
وقال بعضهم: ذات الاسم "الباطن" هو بعينه ذات الاسم «الظاهر».
والقابل بعينه هو الفاعل. فالعين الغير المجعولة عينه تعالى.
والفعل والقبول له يدان. فهو الفاعل بإحدى يديه والقابل بالأخرى.
والذات واحدة ؛ والكثرة نقوش. فصخ أنه ما أوجد الشيء إلا نفسه، وليس إلا ظهوره".
فلا تضيق صدرك مما سمعت واحمد ربك على ما فهمت.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة الخامسة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:09 am

الفقرة الخامسة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الخامسة عشر:
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :

الفص السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
(1) فص الحكمة العلية في الكلمة الإسماعيلية
(1) يشرح هذا الفص بعض نواحي العلاقة بين الحق و الخلق- أو بين الواحد و الكثير- و هو الموضوع الذي أشار إليه المؤلف في أواخر الفص السابق.
و لكنه يزيده هنا تفصيلًا بالإضافة إلى الأسماء الإلهية التي يطلق عليها اسم الأرباب، و ما يقابل هذه الأسماء من مظاهر العالم الخارجي، و هي ما يطلق عليه اسم العبيد. و في خلال مناقشته لهذا الموضوع يشير المؤلف- لا سيما في الأبيات الواردة في آخر الفص- إلى بعض آرائه الهامة في مسألة الثواب و العقاب و النعيم و الشقاء في الدار الآخرة.
إن الموجود الذي نطلق عليه اسم «اللَّه» أحديٌّ بذاته كلٌ بأسمائه: أعني أننا إذا نظرنا إليه من حيث ذاته حكمنا بواحديته و وحدته، و إذا نظرنا إليه من ناحية ظهوره في الموجودات بصورة الأسماء، حكمنا بكثرته. و هذا هو معنى «كل» إذ الكل هو المجموع المؤلف: أي الواحد الذي يحتوي الكثرة.
و قد سبق أن ذكرنا أن كل موجود إنما هو مجلى أو مظهر من مظاهر الحق في صور اسم أو أكثر من اسم من الأسماء الإلهية، بل ذكرنا أن العالم الذي هو جماع الموجودات كلها هو عين الأسماء التي سمَّى اللَّه بها نفسه و سميناه نحن بها.
و نزيد هنا أن كل اسم خاص من الأسماء التي تظهر في موجود من الموجودات هو «ربّ» هذا الموجود.
و لكنا قلنا إن كل اسم إلهي هو في الوقت نفسه عين الذات الإلهية لا غيرها، و على هذا كان كل موجود مظهراً لربه الخاص (الذي هو الاسم الإلهي) و مظهراً للذات الإلهية المسماة بهذا الاسم. و يستحيل أن يكون أي موجود من الموجودات المتعينة المتكثرة مظهراً للحق الذي هو «الكل» أو مظهراً لجميع الأسماء الإلهية (الأرباب). و لهذا قال «و كل موجود فما له من اللَّه إلا ربُّه خاصةً: يستحيل أن يكون له «الكل».


(2) «فأحديته مجموع كله بالقوة».
(2) الضمير في كله عائد إلى «مسمَّى اللَّه»: أي فأحدية مسمى اللَّه هي عبارة عن كونه مجموع الأسماء الإلهية كلها المتعينة فيه بالقوة. و قلنا المتعينة فيه بالقوة دون الفعل لأنها كالكليات لا تتعين بالفعل إلا في مظاهرها الخارجية التي هي الموجودات.
فهي موجودة في الذات الإلهية بالقوة و الإجمال و في العالم الواقعي بالفعل و التفصيل و إليه الإشارة بقول القائل:
كل الجمال غذاء وجهك  ..... مجملًا لكنه في العالمين مفصل
و في استعمال كلمة الأحدية بالنسبة لمسمى اللَّه الجامع لجميع الأسماء خروج على الاصطلاح الذي جرى عليه المؤلف في مواضع أخرى، إذ أنه يقصر صفة «الأحدية» على وحدة الذات المجردة عن جميع الأسماء و الصفات، و يستعمل «الواحدية» لوصف الذات المتصفة بالأسماء و الصفات، و يتكلم عن حضرتين: حضرة الأحدية و حضرة الواحدية. 
و حضرة الواحدية هذه هي أيضاً حضرة الأعيان الثابتة التي تجلى فيها الحق لنفسه في صور أعيان هذه هي أيضاً حضرة الأعيان الثابتة التي تجلى فيها الحق لنفسه في صور أعيان الممكنات الثابتة: و هي التجلي العلمي و الفيض الأقدس الذي أشرنا إليه (قارن الفص الأول).
و مما يدل على أنه يقصر الوصف بالأحدية على الذات الإلهية قوله في الجملة السابقة «و أما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم لأنه لا يقال لواحد منها شي ء و لآخر منها شي ء لأنها لا تقبل التبعيض». فالحق من حيث ذاته لا يوجد على سبيل التجزئة و التبعيض في أي شي ء لأن هذا يتنافى مع وحدته المطلقة.


(3) «و لهذا قال سهْل إن للربوبية سراً و هو «أنت»، يخاطب كل عين، لو ظهر لبطلت الربوبية».
(3) كلمة ظهر هنا بمعنى زال لا بمعنى وضح أو برز أو خرج إلى الوجود. و للكلمة هذا المعنى في اللغة العربية كما أن لها المعنى الثاني.
قال الشاعر:
و عيَّرها الواشون أني أحبها و تلك ....  شكاة ظاهر عنك عارها أي زائل.
قارن شرح القيصري (ص 153 - 154) و بالي (ص 130).
و المراد «بأنت» عالم الخلق إذ «أنت» ضمير المخاطب و هو إشارة إلى الظاهر: و لذلك رمزوا لعالم الغيب بهو الذي هو ضمير الغائب. و يصح أن يكون المراد ب «أنت» الأعيان الثابت للموجودات. و سواء أريد عالم الخلق الظاهر أو أعيان الموجودات الثابتة، فالربوبية صفة تزول عن الحق إذا زال أثرها و هو المربوبون. و قد سبق أن قلنا إن الأسماء الإلهية هي الأرباب المتجلية في الأشياء.
فالربوبية إذن هي حضرة الأفعال: أو المجال الذي تظهر فيه آثار الأسماء الإلهية.
فهي قائمة ما قامت الموجودات أو ما قامت أعيانها الثابتة، كما أن العلة قائمة ما قام معلولها: فإن زال المعلول زالت علته (على فرض عدم وجود علة غيرها).
و لكن أعيان الموجودات الثابتة لا تزول عن الوجود أبداً و إن زالت صورها الخارجية العارضة. إذن لن تزول الربوبية عن الحق.
و قد أشار ابن العربي  إلى هذا المعنى في الفص الخامس عشر في قوله:
فلولاه و لولانا ..... لما كان الذي كانا
أي فلو لا الحق الذي هو علة وجودنا، و لولانا أي لو لا أعياننا التي هي علة ظهوره لما وُجد هذا النظام الكوني على النحو الذي وُجد عليه، و لما سمي الحق حقاً و لا رباً.


(4) «و كذا كل موجود عند ربه مرضي»
(4) كل موجود- من حيث هو مظهر لاسم من الأسماء الإلهية (رب من الأرباب) مرضي عند ذلك الرب، و كيف لا يكون مرضياً عند ربه و هو سر ربوبيته؟
و لا فرق في ذلك بين من يظهر بصور العاصي و من يظهر بصورة المطيع، و من يظهر بصورة الكافر و من يظهر بصورة المؤمن، لأن للَّه نوعين من الصفات:
صفات الجمال و صفات الجلال. فللعصاة و الكفار و نحوهم أربابُهم كالجبار و القهار و المضل و المعذب و هي ظاهرة فيهم. 
و للطائعين و المؤمنين و نحوهم أربابهم كالهادي و الرحيم و الودود و هي ظاهرة فيهم.
يجب إذن أن نفرّق بين كون العبد مرضياً عند ربه، و كونه مرضياً في نظر الدين أو الأخلاق، لأنه يكفي في الرضا الأول أن يكون فعل العبد مظهراً من المظاهر التي يتحقق فيها معنى اسم من الأسماء الإلهية مهما كان ذلك الفعل. و يلزم للرضا الثاني أن يأتي فعل العبد مطابقاً لأمر من أمور الدين أو قانون من قوانين الأخلاق. 
و لا تناقض بين الاثنين في رأي المؤلف: أي لا تناقض بين أن يكون العاصي مرضياً عند ربه الخاص و غير مرضي عنه في نظر الدين أو العرف أو الأخلاق.
و قد شرحنا وجهاً من وجوه هذه النظرية في كلامنا عن نظرية ابن العربي  في جبرية الأفعال و ما ذكره عن الأمر التكويني و الأمر التكليفي (الفص الخامس التعليق السابع) و سيأتي تفصيل ذلك في الفص السابع عشر.
و من ناحية أخرى لا تعارض بين أن يكون العبد مرضياً عند ربّ من الأرباب غير مرضي عند ربّ آخر، لأن كل موجود يأخذ مربوبيته من الكل الأسمائي بحسب ما يناسبه و يلائم طبيعته و استعداده. 
و لذلك تظهر الأسماء الإلهية في الموجودات بحسب ما تقتضيه طبيعة أعيان الموجودات ذاتها.


(5) «و لهذا منع أهل اللَّه التجلي في الأحدية».
(5) كل ما هو موجود في عالم الظواهر إنما هو مجلى أو مظهر للواحد الحق: أي هو صورة جزئية للكل المطلق.
و لذا لا يقال في أي موجود إنه الحق إطلاقاً و إنما يقال إن الحق تجلى فيه في صورة من صوره التي لا تحصى. أما الأحدية الذاتية فلا يقع فيها التجلي أبداً: أي أن الحق لا يظهر بأحديته في أي شي ء. بل إن من التناقض أن تقول إنني شاهدت الحق في أحديته، لأن المشاهدة نسبة بين طرفين:
مشاهِد و مشاهَد، و هذه النسبة تتنافى مع الوحدة. فما دام للأنا وجود فالاثنينية- لا الأحدية- موجودة. و لهذا كله ينكر ابن العربي  إدراك الوحدة الوجودية في هذا العالم، و من الحمق في نظره أن نقول إن العبد في حال الفناء يصير «حقاً» لأنه لا صيرورة في مذهبه إذ الصيرورة تقتضي الاثنينية و الاثنينية تناقض الوحدة.
فمذهب وحدة الوجود الذي يقول به ابن العربي  إذن دعوى تؤيدها فطرة العقل أكثر مما يؤيدها الذوق الصوفي. هو لا يقول إن الوجود وحدة لأن ذلك ينكشف له في حاله، فقد رأينا أنه يقرر استحالة تجلي الحق في الوحدة، و إنما يعتبر القول بالوحدة الوجودية أولية من أوليات العقل غنية عن الدليل. 
أما التجربة الصوفية فحال تتحقق فيها ذوقاً بوحدتك الذاتية مع الحق. فالقضية الأولى و الأساسية في مذهبه هي أن الوجود كله واحد و هو وجود الحق. أما إذا ذكرت أنك تشاهد الحق أو تتحد به أو تفنى عن نفسك فيه، أو ما شاكل ذلك من العبارات، فإنك واقع لا محالة في الاثنينية. 
و ما دام الناس يتكلمون عن الحق و يصفونه، و يتكلمون عن أنفسهم و عن إدراكهم للحق، فهم اثنينيون، و لكن الشعور باثنينية الذات المدركة و الموضوع المدرَك شي ء، و القول باثنينيتهما شي ء آخر. و ابن العربي  إن سلّم بالأول لا يسلم بالثاني.
ثم هو يوضح استحالة تجلي الحق في الأحدية بما لا مزيد عليه في العبارة التالية فيقول: إن نظرت الحق به أي إن اعتبرت وجودك هو وجود الحق و أسقطت وجودك الخاص، كان الحق هو الناظر لنفسه و كان حكمك لا معنى له. و إن اعتبرت الوجودين- و هو معنى قوله و إن نظرته بك- زالت الأحدية. 
و كذلك إذا اعتبرت الوجودين- وجوده و وجودك- و قلت إنك نظرته بك، ثم به (في حال فنائك فيه) و هو معنى قوله: «و إن نظرته به و بك» زالت الأحدية أيضاً.
قارن ذلك بالتعليق الثاني عشر في الفص الأول، و التعليق العاشر في الفص السادس.

(6) «فَفَضَل اسماعيل غيره من الأعيان ... إلى قوله جنتي التي بها سِتْري».
(6) لم يفضل اسماعيل غيره من أعيان الموجودات إلا بأن اللَّه تعالى نص على أنه مرضيٌ عند ربه في قوله: «وَ كانَ يَامُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا» (س 19 آية 56) و إلا فكل موجود مرضي عند ربه كما قدمنا.
و كل نفس مطمئنةٌ راضية بربها مرضية عنده. و إذن لا يخاطب اللَّه تعالى في قوله «يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً» نفساً دون نفس، و إنما يخاطب النفوس جميعاً، بل الموجودات جميعاً. 
ألم يأمرها أن ترجع إلى ربها الخاص الظاهر فيها لا إلى اللَّه الذي هو الكل؟ 
و أ ليس ربها هذا هو الذي دعاها فلبته و عرفته من الكل؟ 
ثم قال لها: «فَادْخُلِي فِي عِبادِي» أي عبادي الذين عرفوا أربابهم فصاروا راضين بهم مرضيين عندهم بأفعالهم، و لم يطلبوا إلا ما يفيض عليهم من هؤلاء الأرباب. 
و قال: «وَ ادْخُلِي جَنَّتِي». يقول ابن العربي  «جنتي التي بها سِتري» فيأخذ كلمة الجنة على أنها مشتقة من «جَنَّ» بمعنى ستر.
فجنة الحق في كل متعيّن من الموجودات هي الصورة التي تختفي فيها ذاته و تستتر.
و لهذا قال «و ليس جنتي سواك، فأنت تسترني بذاتك».
و قد أمر اللَّه كل نفس مطمئنة- و هي النفس التي تعلم نسبتها إليه و نسبته إليها على وجه الحقيقة- أن تدخل جنته: أي أمرها أن تعود إلى صورتها فتنظر فيها و تتأمل ما فيها من الحق الذي تخفيه و تستره، فتحقق انها الصورة التي تجلت فيها صفات الحق و أسماؤه. و هذا معنى قولهم: «مَن عرف نفسه فقد عرف ربه»، و معنى الحديث «خلق اللَّه آدم على صورته».
هذه هي الجنة في عرف ابن العربي : هي السعادة العظمى التي يدركها الإنسان عند ما ينزل إلى أعماق نفسه و يتأمل صورته فتنكشف له وحدة الحق و الخلق. 
هي إدراك القديم من خلال الحادث، و الخالد من خلال المتغير الفاني. هي إدراك عظمة الوجود و جماله و كماله خلال النظر إلى صورة المرآة. و لكنها جنة العارف لا جنة المؤمن لأن نعيمها عقلي روحي صرف، راجع إلى معرفة العارف بمدى قربه من
الحق، لا: بل إلى تحققه بالوحدة الذاتية بينه و بين الحق.

(7) «فلا أُعرَف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي ... - إلى قوله- من حيث أنت»
(7) لا يعرف الحق سبحانه من حيث ذاته، فهي الكنز المخفي الذي أشرنا إليه مراراً، و انما يعرف من حيث صفاته و أسماؤه متجلية في صفحة الوجود، فلا يعرف أحد من اللَّه إلا بقدر ما يعرف من الوجود، و يجهل كل واحد من اللَّه بقدر ما يجهل من الوجود.
فمعرفة الحق إذن متوقفة على العارف، و وجود العارف متوقف على الحق. فالخلق إذن معروف، و لكنه من ناحية أخرى مجهول لا يُعرف و لا يمكن أن يُعرَف و تلك الناحية هي ذاته التي هي ذات الحق. و في هذا يقول: «و أنا لا أعرف، فأنت لا تعرف».
أما المعرفتان اللتان يشير إليهما فهما:
أولًا: معرفة الحق عن طريق الخلق- و هي التي يسميها المؤلف «معرفة به من حيث أنت» و هذه هي معرفة الفلاسفة و النظار المتكلمين.
ثانياً: معرفة الحق عن طريق الخلق في الحق- و هي التي يسميها «معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت» و هي معرفة أهل الكشف و الذوق من الصوفية.
ففي الأولى يتأمل الإنسان في نفسه من حيث هو موجود ممكن الوجود، فيقف على صفاتها التي هي الحدوث و الفناء و الافتقار و التغير و نحو ذلك. 
و بمقابلة هذه الصفات بما يجب أن يتصف به الحق واجب الوجود من الصفات، يستنتج هذه الصفات و ينسبها إلى الحق. 
فالوجود الإنساني ممكن، إذن يلزم أن يكون وجود الحق واجباً لذاته. و وجود الإنسان متغير فانٍ، إذن يلزم أن يكون وجود الحق أزلياً غير متغير. 
و النفس الإنسانية مصدر الشر، إذن يجب أن تكون طبيعة الحق خيراً محضاً و هكذا. 
و لكن هذا هو العلم الأدنى باللَّه، و العلم الذي لا يشبع عاطفة و لا يرضي روحاً متعطشة و إن أقنع العقل من بعض الوجوه. 
بل إنه لا يقنع العقل و لا يبعث الطمأنينة في القلب لأنه سلسلة من صفات السلب، و المعرفة السلبية معرفة بلا شيء.
أما المعرفة الثانية فهي أكمل المعرفتين إذ هي وليدة النظر في النفس و استكناه صفاتها، ثم التحقق بأنها صورة خاصة أو مجلى خاص من مجالي الحق، و أن فيها- من هذه الحيثية- قد تجلت كل الصفات الكمالية للحق.
فالمعرفة الأولى هي معرفة الإنسان بالحق عن طريق معرفته بنفسه، و الثانية هي معرفة الإنسان بالحق عن طريق معرفته بنفسه التي يتجلى فيها الحق. 
و في الأولى يعرف الإنسان نفسه على أنها خلق فقط. أما في الثانية فيعرفها على أنها خلق و حق معاً.


(8) «فأنت عبد و أنت رب» الأبيات.
(8) هذه نتيجة لازمة لما سبق. لكل موجود- بما في ذلك الإنسان- ناحيتان:
ناحية العبودية و ناحية الربوبية. فهو عبد بمعنى أنه المحل الذي يظهر فيه حكم رب من الأرباب (الأسماء الإلهية). و يعرف كل عبد ربه الخاص بالنظر إلى ذاته الخاصة و التأمل في صفاتها. و هذه هي المعرفة الأولى التي أشرنا إليها سابقاً.
و لكنه من ناحية أخرى رب لربه: و هذا معنى قوله: «و أنت رب لمن له فيه أنت عبد». 
و ذلك لظهور حكم العبد في الرب - أي في الاسم الإلهي المتجلي فيه. 
هذا إذا فهمنا كلمة «رب» بالمعنى الذي يستعملها فيه ابن العربي  غالباً و هو أي اسم من الأسماء الإلهية. 
و لكن هناك معنى آخر به نستطيع أن نسمي الإنسان أو أي موجود من الموجودات عبداً و رباً معاً. 
و يظهر أن هذا المعنى هو المشار إليه في البيتين الباقيين. 
الإنسان رب من حيث هويته التي هي إحدى تعينات هوية الحق، و هو عبد من حيث انه مخاطب بلسان الشرع: و هو المشار إليه بخطاب العهد في قوله تعالى: «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى!» (قرآن س 7 آية 171).
فمن وجهة نظر أصحاب وحدة الوجود كل إنسان- بل كل موجود «رب»: و من جهة نظر الشرع كل موجود سوى اللَّه «عبد».
أما قوله «فكل عقد عليه شخص يحله من سواه عقد» فمعناه أن كل عبد يعتقد اعتقاداً خاصاً في ربه يستمده من النظر في نفسه، و بذلك اختلفت الاعتقادات في الأرباب كما اختلفت الأرباب. و لكن الاعتقادات كلها صور من معتقد واحد: كما أن الأرباب كلها صور في مرآة رب الأرباب. قال ابن العربي  يشير إلى العقيدة الصحيحة التي يعتبرها أساساً لكل العقائد:
عقد الخلائق في الإله عقائداً .... و أنا اعتقدت جميع ما عقدوه


(9) «فتقابلت الحضرتان تقابل الأمثال و الأمثال أضداد».
(9) المراد بالحضرتين حضرتا العبودية و الربوبية. و قد تقابلتا تقابل الأمثال من حيث أنهما اشتركتا في الوجود الإلهي و إن اختلفتا بالتعين و الاعتبار و كذلك اشتركتا في أن كلا منهما راضية مرضية.
أما قوله «و الأمثال أضداد» فمعناه أن المثلين لا يمكن أن يتفقا في جميع الصفات و إلا كانا شيئاً واحداً، بل لا بد من تغايرهما من وجه من الوجوه. فكل مثلين إذن متحدان من ناحية، متغايران من ناحية أخرى، و هذا هو معنى تقابلهما بالتضاد. و لذلك لم نقل إن العبد رب و إن الرب عبد إطلاقاً، بل بينا جهة الاعتبار و وضحنا جانب العبودية و جانب الربوبية في كل حالة.
و لكنه بعد أن أثبت وجود الأمثال و الأضداد في عالم الكثرة أراد أن ينفيهما في عالم الوحدة، فقال «فما ثم مثل» أي فما توجد مماثلة حقيقية بين حضرتي الربوبية و العبودية لتمايزهما.
و لما كان الوجود منحصراً في هاتين الحضرتين قال فما في الوجود مثل: أي فما في الوجود الحقيقي مماثلة، كما أنه ليس فيه تضاد لأن التضاد نوع من التماثل لاشتراك الضدين في الضدية. و خلص من ذلك كله إلى أن الوجود كله حقيقة واحدة و الحقيقة الواحدة لا تضاد فيها.
و لهذا قال: فلم يبق إلا «الحق» لم يبق كائن فما ثم موصول و ما ثم بائن بذا جاء برهان العيان فما أرى بعيني إلا عينه إذ أعاين أي لم يبق إلا «الواحد الحق» الذي لا كثرة فيه و كل كائن سواه لا وجود له. و لذا قال لا شي ء موصول بآخر بالمماثلة، و لا شي ء بائن (مختلف) عن غيره بالمغايرة. هذا هو الذي يؤيده الشهود القلبي و تعاينه عين البصيرة. أما الذي يبقى على التمييز بين العبد و الرب، و يقول بالمغايرة بينهما، فهو الجاهل بحقيقة الأمر المحجوب عن مشاهدة الوحدة، الخائف من أن يكون هو الحق:
و هو معنى قوله: "ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ" أن يكونه لعلمه بالتمييز».

(10) «و لا يُلقَى عليك الوحي في غير و لا تلقِي».
(10) إذا كان الوجود واحداً لا فرق بين حقه و خلقه و لا بين ربه و عبده فما معنى الثنوية في الوحي؟
أي ما معنى قولنا ان الوحي ينزل من الحق إلى الخلق أو من الرب إلى العبد؟ 
لا نزول و لا وساطة في النزول في مذهب ابن العربي ، فما يلقَى الوحي في غير ذات الحق و لا من غير ذات الحق، أو كما يقولون، لا يلقى الوحي إلا من مقام الجمع إلى مقام التفصيل. الوحي إذن انبعاث من ذات النفس الإنسانية و كشف عن أعماقها، أو هو فيض من الروح الكلي الساري في جميع النفوس الجزئية المتحد بها على الدوام.
و ليس ابن العربي  أقل حرصاً في تشبثه بوحدة عالم الروح من أفلوطين (راجع تساعيات أفلوطين ترجمة ما كِنَّا مجلد 3 ص 13 - 14). بل هو أقوى من سلفه في القول بهذا المعنى و أبعد من التناقض لأنه لا يقرر وحدة النفوس فحسب، بل وحدة الوجود كله.
و قد كان ابن العربي أشد ما يكون صراحة عند ما نفى الوحي- بل كل المعارف الباطنية- بطريق الوساطة في قوله في الفص الشيثي «فأي صاحب كشف شاهد صورة تلقى إليه ما لم يكن عنده من المعارف، و تمنحه ما لم يكن قبل ذلك في يده، فتلك الصورة عينه لا غيره: فمن شجرة نفسه جنى ثمرة غرسه، كالصورة الظاهرة منه في مقابلة الجسم الصقيل ليس غيره، إلا أن المحل أو الحضرة التي رأى فيها صورة نفسه تلقى إليه، ينقلب من وجه لحقيقة تلك الحضرة».
و كان كذلك اشد ما يكون جرأة عند ما فسر ظهور جبريل للنبي صلى اللَّه عليه و سلم بأنه لم يكن سوى تصوير و خلق من خيال النبي، كما يصور خيال المحب و يجسد أمامه محبوبه فيخاطبه و يناجيه و يسمع كلامه، و هو في الحقيقة لا يخاطب إلا نفسه و لا يسمع إلا كلامه. قال في الفتوحات المكية (في الجزء الثاني ص 429) «و لقد بلغ بي قوة الخيال أن كان حبي يجسد لي محبوبي من خارج لعيني، كما كان يتجسد جبريل لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، فلا أقدر أنظر إليه، و يخاطبني و أصغي إليه و أفهم عنه».


(11) «قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح» إلى آخر الأبيات.
(11) في القرآن آيات كثيرة تدل على الوعد و الوعيد على السواء. فقد وعد اللَّه عباده المتقين نعيم الجنة.
و وعد الكفار و العاصين عذاب جهنم. فإمكان وفائه تعالى بوعيده مساو تماماً لإمكان وفائه بوعده.
و لكن ابن العربي يذهب إلى أن الممكن هو الوفاء بالوعد دون الوعيد: لأنه لكي يتحقق أي أمر ممكن لا بد من وجود مرجح- إذ الممكنُ وجودُه و عدمُه سواء.
فإذا وجد فلا بد من وجود مرجح لوجوده على عدم وجوده. و ليس للوفاء بالوعيد مرجح إلا المعصية:
و لكن اللَّه قد غفر لعباده جميع معاصيهم في قوله: «وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ»، و قوله: «يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً» (س 39 آية 54) و نحوهما.
و إذا زال المرجح الوحيد لإمكان الوفاء بالوعيد زال ذلك الإمكان نفسه.
و لهذا قال: فلم يبق إلا صادق الوعد وحده و ما لوعيد الحق عين تُعَايَنُ نعم سيكون في الدار الآخرة جنة و نار، و لكن مآل الجميع فيهما إلى النعيم، و إن اختلف نعيم دار الشقاء عن نعيم دار السعادة بحسب تجلي الحق لأهل كل من الدارين (و قد ذكرنا معنى الجنة و معنى تجلي الحق فيها فيما مضى: راجع التعليق السادس من هذا الفص).
ستكون النار إذن برداً و سلاماً كنار إبراهيم، و سيكون عذابها عذوبة كما يقول، و سيكون حظ أهل النار نوعاً من أنواع النعيم.
و لكن أمراً واحداً يجب أن نلتفت إليه و هو أن ابن العربي  مع قوله بالسعادة الأبدية لكل إنسان، يفرق بين درجات هذه السعادة و بين طبقات المنعمين بها على حسب درجات معرفتهم باللَّه. فأهل النار مع ما هم فيه من النعيم معذبون بآلام الحجاب.
و أهل الجنة في أرقى درجات النعيم لمعرفتهم الكاملة باللَّه. و جنة كل إنسان و ناره درجته من هذه المعرفة.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السادسة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:10 am

الفقرة السادسة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السادسة عشر :
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمد محمود الغراب 1405 هـ:

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية  
أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. "2"  وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها
_________________________________________
1 - المناسبة
معلوم أن الشيخ رضي الله عنه يراعي أدنى مناسبة رابطة والمناسبة في هذا الفص هي في قوله تعالی عن إسماعيل عليه السلام "وكان عند ربه مرضيا" ، والمقصود من الفص هو توحيد الربوبية.
فيقول رضي الله عنه في الفتوحات « الرب، لا يعقل إلا مضافا ، ولذلك ما جاء في القرآن قط مطلقا من غير إضافة ، وإن اختلفت إضافاته ، فتارة يضاف إلى أسماء مضمرة وتارة يضاف إلى أعيان وتارة يضاف إلى أحوال ، وجاء مضافا لاحتياج العالم إليه أكثر من غيره من الأسماء لأنه اسم لجميع المصالح .
وهو من الأسماء الثلاثة الأمهات ، فجاء : ربكم ، ورب آبائكم ، ورب السموات والأرض ، ورب المشارق ، والمشرقين ، ورب المغرب ، والمغارب ، والمغربين ، وهو المتخذ وكيلا ، فهو رب العالمين ، أي : مربيهم ومغذيهم والعالمين عبارة عن كل ما سوى الله تعالی .
والمناسبة الثانية هي وصفه تعالى لإسماعيل عليه السلام بأنه صادق الوعد فكانت المناسبة هي صدق الوعد ونسبة ذلك إلى الحق بما يؤول إلى شمول الرحمة كما سنوضحه في شرح هذا الفص من كلام الشيخ ، فكان العلو في المناسبة الأولى بشرف الإضافة في قوله : « عند ربه ، وفي المناسبة الثانية بصدق الوعد ، وهي من أعلى وأشرف الصفات .
الفتوحات ج 1 / 133 ، ج 2 / 442 .


2 -  لكل عبد اسم هو ربه  
لولا العصر والمعاصر ، و الجاهل والخابر ، ما عرف أحد معنى اسمه الأول والآخر ، ولا الباطن والظاهر ، وإن كانت أسماؤه الحسنى ، على هذا الطريق الأسنى ،

ص 105


قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شي ء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته
______________________________
ولكن بينها تباين في المنازل ، يتبين ذلك عندما تتخذ وسائل لحلول النوازل ، فليس عبد الحليم هو عبد الكريم ، وليس عبد الغفور هو عبد الش?ور ، فكل عبد له اسم هو ربه ، وهو جسم ذلك الاسم قلبه .
ويقول رضي الله عنه :
فقد أنشأ سبحانه الحقائق على عدد أسماء حقه ، وأظهر ملائكة التسخير على عدد خلقه ، فجعل لكل حقيقة اسما من أسمائه تعبده وتعلمه ، وجعل لكل سر حقيقة ملكا يخدمه ويلزمه .
فمن الحقائق من حجبته رؤية نفسه عن اسمه، فخرج عن تكليفه وحكمه ، فكان له من الجاحدين ، ومنهم من ثبت الله أقدامه واتخذ اسمه أمامه ، وحقق بينه وبينه العلامة وجعله إمامه ، فكان له من الساجدین .
اعلم علمك الله سرائر الحكم ووهبك من جوامع الكلم ، أن الأسماء الحسنى التي تبلغ فوق أسماء الإحصاء عددا ، وتنزل دون أسماء الإحصاء سعادة ، هي المؤثرة في هذه العالم ، وهي المفاتح الأولى التي لا يعلمها إلا هو ، وأن لكل حقيقة اسما ما يخصها من الأسماء ، وأعني بالحقيقة حقيقة تجمع جنسا من الحقائق ، رب تلك الحقيقة ذلك الاسم .
وتلك الحقيقة عابدته و تحت تكليفه ليس غير ذلك - وإن جمع لك شيء ما أشياء كثيرة فليس الأمر على ما توهمته ، فإنك إن نظرت إلى ذلك الشيء وجدت له من الوجوه ما يقابل به تلك الأسماء التي تدل عليها وهي الحقائق التي ذكرناها .
مثال ذلك ، ما ثبت لك في العلم الذي في ظاهر العقول وتحت حكمها في حق موجود ما فرد لا ينقسم ، مثل الجوهر الفرد الجزء الذي لا ينقسم ، فإن فيه حقائق متعددة تطلب أسماء إلهية على عددها ، فحقيقة إيجاده يطلب الاسم القادر ووجه أحكامه يطلب الاسم العالم .
ووجه اختصاصه يطلب الاسم المريد ، ووجه ظهوره يطلب الاسم البصير والرائي إلى غير ذلك ، فهذا وإن كان فردا فله هذه الوجوه وغيرها مما لم نذكرها.
ولكل وجه وجوه متعددة تطلب من الأسماء بحسبها ، وتلك الوجوه هي الحقائق عندنا الثواني والوقوف عليها عسير وتحصيلها من طريق

ص 106
مجموع كله بالقوة.   والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد. "3"  ولهذا قال
_________________________________

الكشف أعسر - واعلم وفقك الله أن كل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء كلها وأن كل اسم ينعت بجميع الأسماء في أفقه .
فكل اسم حي قادر سميع بصير متكلم في أفقه وفي علمه ، وإلا فكيف يصح أن يكون ربا لعابده ، هيهات هيهات.
فكل اسم جامع لما جمعت الأسماء من الحقائق ، ولكل عين من أعيان الممكنات اسم إلهي خاص ينظر إليه ، وهو يعطيه وجهه الخاص الذي يمتاز به عن غيره ، والممكنات غير متناهية فالأسماء غير متناهية ، لأنها تحدث النسب بحدوث الممكن ، ولذلك فالحضرات الإلهية تكاد لا تنحصر لأنها نسب ، ومعنی توجه اسم معين على إيجاد موجود معين هو كون ذلك الاسم هو الأغلب عليه وحكمه أمضى فيه ، مع أنه ما من ممكن يوجد إلا و للأسماء المتعلقة بالأكوان فيه أثر .

ولكن بعضها أقوى من بعض في ذلك الممكن المعين وأكثر حكما ، فلهذا ننسبه إليه ، فالحضرة الإلهية اسم لذات وصفات وأفعال ، وإن شئت قلت صفة فعل وصفة تنزيه ، وهذه الأفعال تكون عن الصفات والأفعال أسماء لا بد ، فالحضرات الإلهية كني عنها بالأسماء الحسنى ، وكل حضرة لها عبد ?ما لها اسم إلهي ، وكل متخلق باسم من الأسماء يسمى عبد كذا ، مثل عبد الرحمن ، وعبد الملك ، وعبد القدوس الفتوحات  ج 1 / 2 ،4 ، 99 ج 2 / 468 ج 4 / 196 ، 204 ، 208 ، 288 ، 318 .

3 - الاسم الرب

قال تعالى: " ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه" ، وهذا هو توحيد الرب بالاسم الخالق وهو توحيد الهوية ، فهذا توحید الوجود لا توحید التقدير ، فإنه أمر بالعبادة ولا يباء مثر بالعبادة إلا من هو موصوف بالوجود ، وجعل الوجود للرب ، فجعل ذلك الاسم بين الله وبين التهليل ، وجعله مضاف إلينا إضافة
خاصة الى الرب ، فهي إضافة خصوص لنوحده في سيادته ومجده وفي وجوب وجوده ، فلا يقبل العدم ?یا يقبله الممكن ، فإنه الثابت وجوده لنفسه ، ويوجد أيضا


ص 107

...............
____________________________
في ملكه بإقرارنا بالرق له ، و لنوحده توحيد المنعم لما أنعم به علينا من تغذيته إيانا في ظلم الأرحام وفي الحياة الدنيا ، و لنوحده أيضا فيما أوجده من المصالح التي بها قوامنا من إقامة النواميس ووضع النواميس ومبايعة الأئمة القائمة بالدين ، وهذه الفصول كلها أعطاها الاسم الرب فوحدناه و نفينا ربوبية ما سواه .
وقال تعالى : « اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو » ففي التوحيد السابق الاسم الرب عم إضافة جميعنا إليه ، وهنا خصص به الداعي .
وقال تعالى : « فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم » - « فقل حسبي الله » أي في الله تعالى الكفاية «لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ، فإذا كان رب العرش ، والعرش محیط بعالم الأجسام ، وأنت من حيث جسميتك أقل الأجسام ، فاستكفي بالله الذي هو رب مثل هذا العرش ۰
وقال تعالى : « وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب » فهم لا ينكرون الرب ، ولما كان الرحمن له النفس ، وبالنفس حياتهم ، فسره بالرب ، لأنه المغذي و بالغذاء حياتهم ، فلا يتفرقون من الرب ويفرقون من الله ، فتلطف لهم بالعبارة بالاسم الرب ليرجعوا فهو أقرب مناسبة بالرحمن .
قوله تعالى : « فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم » ۰
لا إله إلا هو من نعت الحق ، فالأمر الذي ظهر فيه وجود العالم هو الحق ، وما ظهر إلا في نفس الرحمن وهو العماء ، فهو الحق رب العرش الذي أعطاه الشكل الإحاطي ، لكونه بكل شيء محيط ، فالأصل الذي ظهر فيه صور العالم بكل شيء من عالم الأجسام محيط ، وليس إلا الحق المخلوق به ، فكان لهذا القبول كالظرف يبرز منه وجود ما يحوي عليه ، طبقا عن طبق ، عينا بعد عين ، على الترتيب الحكمي ، فأبرز ما كان فيه غيبا ليشهده فيوحده مع صدوره عنه ، فيحار إن عدده فما ثم


ص 108

سهل إن للربوبية سرا وهو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر لبطلت الربوبية. "4"
فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع ، وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه  لا وجود لعين إلا بربه.
والعين موجودة دائما فالربوبية لا تبطل دائما. وكل مرضي محبوب، وكل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين أن يضاف إليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها وعنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل وصانع راض عن فعله وصنعته، فإن وفى فعله وصنعته حق ما عليه «أعطى كل شي ء خلقه ثم هدى» أي بين أنه أعطى كل شيء خلقه، فلا يقبل النقص ولا الزيادة. فكان إسماعيل بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضيا. وكذا كل موجود عند ربه مرضي. "5"
ولا يلزم إذا
____________________________________________
غيره ، وإن وحده فيرى أن عينه ليس هو ، فأوجد طرفين وواسطة التميز الأعيان في العين الواحدة ، فتعددت الصور وهذه الصورة ما هي هذه الصورة ، وليس ثم شيء زائد ، فلا أقدر على إنكار التمييز ولا أقدر أثبت سوی عين واحدة ، فلا إله إلا هو رب العرش الكريم •
توحيد الربوبية / جاء في كتاب التجليات تحت رقم 66 فإن لكل أسم توحيدا وجمعا.
- راجع الفتوحات  ج 2 / 408 .


4 - قول سهل « إن الربوبية سرالو ظهر لبطلت الربوبية »
ظهر هنا بمعنی زال كما يقال ظهروا عن البلد أي ارتفعوا عنه ، والكون مرتبط بالله ارتباطا لا يمكن الانفكاك عنه لأنه وصف ذاتي للكون ، فلو تجلى الحق للعبد في هذا الارتباط ، وعرف من هذا التجلي وجوبه به وأنه لا تثبت المطلوبه وهو الحق هذه الرتبة إلا به .
وأنه سرها الذي لو بطل لبطلت الربوبية ، فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء الإلهية من ظهور آثارها في العالم ، فكان فيه بقاؤها ونعيمها وروحها وسرورها ، وأول مرزوق في الوجود الأسماء ، فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها الذي به غذاؤها وبقاء الأسماء عليها ، وهذا معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية .
الفتوحات ج 2 / 154 ، 462 .
5 -  راجع هامش رقم 2

ص 109

كان كل موجود عند ربه مرضيا على ما بيناه أن يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إلا من الكل لا من واحد. فما تعين له من الكل إلا ما يناسبه، فهو ربه.
ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل الله التجلي في الأحدية ،"6" فإنك إن نظرته به فهو الناظر نفسه فما زال ناظرا نفسه بنفسه، و إن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إن نظرته به و بك فزالت الأحدية أيضا.
لأن ضمير التاء في «نظرته» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظرا ومنظورا، فزالت الأحدية وإن كان لم ير إلا نفسه بنفسه. ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور.
فالمرضي لا يصح أن يكون مرضيا مطلقا إلا إذا كان جميع ما يظهر به من فعل الراضي فيه.
ففضل إسماعيل غيره من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضيا.
وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارجعي إلى ربك» فما أمرها أن ترجع إلا إلى ربها الذي دعاها فعرفته من الكل، «راضية مرضية».
«فادخلي في عبادي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إلى رب غيره مع أحدية العين: "7" لا بد من ذلك «وادخلي جنتي» التي بها ستري.
وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك. فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي. فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف. "8"
فإذا دخلت جنته دخلت
_______________________________________
6 - التجلي في الأحدية
لا يتجلى الحق في الاسم الأحد، ولا يصح التجلي فيه ، ولا في الاسم الله ، وما عدا هذين الاسمين من الأسماء المعلومات لنا فإن التجلي يقع فيها ، فإن التجلي الإلهي لا يكون إلا للإله وللرب ، لا يكون له أبدا ، فإن الله هو الغني .
الفتوحات ج 3 / 178 ، 180 .

7 -  راجع هامش رقم 2

8 - من عرف نفسه عرف ربه
جاء صلى الله عليه وسلم بمن وهي نكرة فعم كل عارف ، وعلق المعرفة بالربوبية ، فالعلم به تعالی موقوف على العلم بنا ، أي أن المعرفة بالله ما لها طريق لا المعرفة بالنفس ، فجعلك دليلا ، أي جعل معرفتك بك دليلا على معرفتك به ، أو جعلك دليلا عليه ، فعلمته فإما بطريقة ما وصفك بما وصف به نفسه من ذات وصفات ، وجعله إياك خليفة نائبا عنه في أرضه ، وإما بما أنت عليه من الافتقار إليه في وجودك ، وإما


ص 110

نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. ____________________________________
الأمران معا ، لابد من ذلك ، فإنك لو علمت نفسك علمت ربك كما أن ربك علمك وعلم العالم بعلمه بنفسه ، وأنت صورته ، فلا بد أن تشاركه في العلم ، فتعلمه من عليك بنفسك ، إذ كان الأمر في علم الحق بالعالم علمه بنفسه.
وكان قوله صلى الله عليه وسلم من عرف نفسه عرف ربه لما جعلنا دليلا عليه ، فقدم معرفة الإنسان نفسه لأنه عين الدليل، ولابد أن يكون العلم بالدليل مقدما على العلم بالمدلول ، فجعل صلى الله عليه وسلم  نفس العارف إذا عرفها العارف دليلا على معرفة الله .
فعلمنا به فرع عن علمنا بنا، إذ نحن عين الدليل ، فمن عرف نفسه خلقا موجودا عرف الحق خالقا موجدا ، فإن الحق تعالی اتنسب إلينا إيجادا وانتسبنا إليه وجودا ، ومن عرف نفسه أنه لم تزل عينه في إمكانها عرف ربه بأنه الموجود في الوجود، ومن عرف التغييرات الظاهرة في الوجود أنها أحكام استعداد الممكنات عرف ربه بأنه عين مظهرها ، ومن عرف نفسه بأنه لا يماثله الخق عرف ربه فإنه لا يماثله الخلق ، فيعرف نفسه معرفة ذوق فلا يجد في نفسه للألوهة مدخلا .
فيعلم بالضرورة أن الله لو أشبهه أو كان مثلا له لعرفه في نفسه ، وعلم بافتقاره أن ثم من يفتقر إليه ولا يمكن أن يشبهه فعرف ربه أنه ليس مثله ، وإن كان الله قد أقامه خليفة و أوجده على الصورة فيخاف ويرجى و يطاع ويعصي .
واعلم أن الله تعالى قال : « سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق » والنفس بحر لا ساحل له لا يتناهى النظر فيها دنيا وآخرة ، وهي الدليل الأغرب ، فكلما ازداد نظرا ازداد علما بها ،وكلما ازداد علما بها ازداد علما بربه. فما علمنا أن لنا امرأ يحركنا ويسكننا ويحكم فينا بما شاء فى نظرنا في نفوسنا ورأينا أن صورة الجسم مع بقائها تزول عنها أحكام كنا نشاهدها من الجسم وصورته، من إدراك المحسوسات والمعاني .
فعلمنا أن وراء الجسم معنى آخر هو الذي أعطى أحكام الإدراكات فيه ، فسمينا ذلك المعنى روحا لهذا الجسم ، فلما نظرنا هذا النظر في نفوسنا عرفنا ربنا ، وقد تكون المعرفة بالله الحاصلة بعد المعرفة بالنفس.
علما بالعجز


ص 111

…………..
________________
عن البلوغ إلى ذلك ، فيحصل العلم بأنه ثم من لا يعلم ، وقد تكون المعرفة به من ?ونه إلها ، فيعلم ما تستحقه المرتبة ، فيجعل ذلك صفة لمن قامت به تلك المرتبة وظهر فيها .
فيكون العلم بما تقتضيه الرتبة علما بصاحبها ، إذ هو المنعوت بها ، فهو المنعوت بكل ما ينبغي لها أن توصف به ، وعلى الحقيقة يعلم أن هذا علم بالمرتبة لا به ، لكن يعلم أنه ما في وسع الممكن أكثر من هذا في باب النظر وإقامة الأدلة ، فعند العارفين الشرع أغلق في هذا القول باب العلم بالله.
لعلمه بأنه لا يصل أحد إلى معرفة نفسه ، فإن النفس لا تعقل مجردة عن علاقتها بهيكل تدبره ، منورا كان أو مظلما .
فلا تعقل إلا كونها مدبرة ، ماهيتها لا تعقل ولا تشهد مجردة عن هذه العلاقة ، ولذلك الله لا يعقل إلا إلها غير إله لا يعقل ، فلا يتمكن في العلم به تجريده عن العالم المربوب ، وإذ لم يعقل مجردة عن العالم فلم تعقل ذاته ولا شهدت من حيث هي ، فأشبه العلم به العلم بالنفس .
والجامع عدم التجريد وتخليص حقيقة ذاته من العلاقة التي بين الله وبين العالم والعلاقة التي بين نفسك وبين بدنها ، وكل من قال بتجريد النفس عن تدبير هيكل ما فما عنده خبر بماهية النفس ، فما أظن والله أعلم أنه أمرنا بمعرفته وأحالنا على نفوسنا في تحصيلها إلا لعلمه أنا لا ندرك ولا نعلم حقيقة نفوسنا ونعجز عن معرفتنا بنا، فنعلم أنا به أعجز .
فيكون ذلك معرفة به لا معرفة ، فمن عجز عن معرفة نفسه عجز عن معرفة ربه ، وقد تكون المعرفة بالشيء العجز عن المعرفة به ، فيعرف العارف أن هذا المطلوب لا يعرف ، والغرض من المعرفة بالشيء أن يميز عن غيره .
فإنك إذا أخذت تفصل حدود أعيان الموجودات وجدتها بالتفصيل فسبا و بالجموع أمرا وجوديا ، لا يمكن لمخلوق أن يعلم صورة الأمر فيها .
فلا علم لمخلوق مما سوى الله ولا العقل الأول أن يعقل كيفية اجتماع نسب يكون عن اجتماعها عين وجودية مستقلة في الظهور ، غير مستقلة في الغني ، مفتقرة بالإمكان المحكوم عليها به ، وهذا علم لا يعلمه إلا الله تعالى ، وليس في الإمكان أن

ص 112

فتكون صاحب معرفتين: معرفة به من حيث أنت"9"، ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت."10"
فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد
_________________________________
يعلمه غير الله تعالى ولا يقبل التعليم ، أعني أن يعلمه الله من شاء من عباده ، فأشبه العلم به العلم بذات الحق ، والعلم بذات الحق محال حصوله لغير الله ، فمن المحال حصول العلم بالعالم أو بالإنسان نفسه ، أو بنفس كل شيء لنفسه لغير الله ، فلما جل الله تعالى في نفسه أن يعرفه عبده واستحال ذلك.
فلم يبق لنا معلوم نطلبه إلا النسب خاصة أو أعيان الممكنات وما ينسب إليها ، فالمعرفة تتعلق بأعيان الذوات من الممكنات والعلوم تتعلق بما ينسب إليها ، فإن الإنسان المدرك لا يتمكن له أن يدرك شيئا أبدا إلا ومثله موجود فيه ، ولولا ذلك ما أدركه البتة.ولا عرفه.
فإذا لم يعرف شيئا إلا وفيه مثل ذلك الشيء المعروف ، فما عرف إلا ما يشبهه ویشا?له ، والباري تعالی لا يشبه شيئا ولا في شيء مثله فلا يعرف أبدا ، وليس من الله في أحد شيء ، ولا يجوز ذلك عليه بوجه من الوجوه ، فلا يعرفه أحد من نفسه وفكره .
الفتوحات:  ج1 / 63 ،95 ، 112 ، 331 ، 328 ، 347 ، 353 ، 399 ، 472 ، 591 ، 661 ، 695 .
ج 2 / 153 ، 176 ، 225 ، 243 ، 256 ، 298 ، 429 ، 470 ، 472 ، 479 ، 500 .
ج 3 / 44 ، 101 ، 189 ، 289 ، 301 ، 315 ، 363 ، 391 ، 401 ، 404 ، 412 ، 503 ، 536 ، 544 ، 553 ، 556 ، 557 .
ج 4 / 91 ، 147 ، 416 ، 423 ، 432 ، 455 .

9 ، 10  - " معرفة به من حيث أنت"  ، أي ما تعرف من الحق إلا ما أنت عليه  "ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت " أي أنت لا تعرف على الحقيقة فهو لا يدرك على الحقيقة ، وهو ما سبق أن أشار إليه الشيخ في شرح « من عرف نفسه عرف ربه ».

ص 113

وأنت رب وأنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد "11"
فرضي الله عن عبيده، فهم مرضيون، ورضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان  تقابل الأمثال و الأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان إذ لا يتميزان وما ثم إلا متميز فما ثم مثل، فما في الوجود مثل، فما في الوجود ضد"12"، فإن الوجود حقيقة واحدة و الشيء لا يضاد نفسه.
___________________________________
11 - شرح الأبيات
البيت الأول :
« فأنت عبد » للاسم الإلهي « عبد الرحمن » « عبد الغفار ، إلى غير ذلك من الأسماء « وأنت رب » بقبولك أثر هذا الاسم من حيث أنت غذاؤه فأنت المغذي له « لمن له فيه أنت عبد » إشارة للاسم المضاف إليه .
البيت الثاني :
« وأنت رب ، كما أنك رب من حيث أنك سيد ومصلح ومرب ومالك لمن هو تحت سلطانك « وأنت عبد » بالحال من حيث أنك مسخر له بالحال « لمن له في الخطاب عهد» وهو المخلوق •
البيت الثالث :
« فكل عقد عليه شخص » وهو كل شخص عرف الاسم الإلهي الذي هو ربه « يحله من سواه عقد » أي يخالفه اسم إلهي لشخص آخر ذلك الاسم هو ربه فإن الأسماء الإلهية متباينة المعني وإن دلت على ذات واحدة .

12 - تقابل الحضرتين
« فتقابلت الحضرتان » حضرة الخلق وحضرة الحق ، وإن شئت قلت حضرة الرب وحضرة العبد « تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين لا يجتمعان » في الحد والحقيقة من جميع الوجوه « إذ لا يتميزان » إذ لو اجتمعا من جميع الوجوه لما تميزا ولكانا أمرا واحدا « وما ثم إلا متميز فما ثم مثل » مثلية عقلية « فما في الوجود مثل فما في الوجود ضد » لأنه لا مثل من جميع الوجوه .

ص 114

فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول و ما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى ... بعيني إلا عينه إذ أعاين  "13"
«ذلك لمن خشي ربه أن يكونه لعلمه بالتمييز.  دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم.  فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز بين الأرباب. "14"
ولو لم يقع التمييز لفسر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر.
والمعز لا يفسر بتفسير المذل إلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية كما تقول في كل اسم إنه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو.
فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، والمعز ليس المذل من حيث نفسه وحقيقته، فإن المفهوم يختلف في الفهم في كل واحد منهم:
فلا تنظر إلى الحق ... وتعريه عن الخلق
ولا تنظر إلى الخلق ... وتكسوه سوى الحق
ونزهه وشبهه ..... وقم في مقعد الصدق
وكن في الجمع إن شئت ... وإن شئت ففي الفرق
تحز بالكل إن كل ... تبدى قصب السبق
فلا تفنى ولا تبقى ... ولا تفني ولا تبقي
ولا يلقى عليك الوحي ... في غير ولا تلقي "15"
__________________________________
13 - وحدة الوجود راجع فص 2 رقم 9 ص 45
وهو أنه الظاهر في المظاهر أو ما ظهر في الوجود إلا أحكام أعيان الممكنات.

14 - « ذلك لمن خشي ربه » أي الاسم الخاص به « ان يكونه » من حيث الوجود « لعلمه بالتمييز بين اسم واسم فإنما يخشى الله من عباده العلماء « دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود » أي دلنا جهلهم « بما أتی به عالم » فوقع التمييز بين الجاهل والعالم ، فقد وقع التمييز بين العبيد ، فليس عبد الغفور هو عبد الش?ور.
« فقد وقع التمييز بين الأرباب » وهي الأسماء الإلهية .

15 - شرح الأبيات
البيت الأول معناه :
لا تنظر إلى الأسماء الإلهية معراة عن الارتباط بالخلق.
البيت الثاني :
إشارة إلى ما سبق شرحه من ظهور الخلق في مرآة الوجود الحق ، أو ظهور الحق بما هي عليه أحكام أعيان الممكنات .

ص 115

الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز."16" «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله»
___________________________________
البيت الثالث :
نزهه عن الحدوث وشبهه بما أثبت لنفسه من صفات المحدثاته وقم في مقعد الصدق ، بالتصديق في الحالين أنه على ما أخبر به عن نفسه .
البيت الرابع :
يقصد بالجمع الجمع بين التنزه والتشبيه ، ويقصد بالفرق أحدهما
البيت الخامس :
يقصد بالكل الجمع بين التنزيه والتشبيه .
البيت السادس :
فلا تفنى نفسك عن نسبة العدم المطلق ، ولا تبقى في نسبة واجب الوجود ، ولا تفن الحق عن التشبيه الذي أثبته لنفسه ، ولا تبق الحق على التنزيه العقلي فقط .
البيت السابع :
أي خذ عن الله تعالی « واتقوا الله ويعلمكم الله » « وعلمناه من لدنا علما » « ولا تلق » شيئا مما تأخذه فهو حق كله .

16 - صدق الوعد
الفتوحات الجزء الثاني - الفصل السابع والأربعون ص 474
اعلم أن هذا الباب مما نفس الله به عن عباده ، وهو نفس الرحمن ، فإن الخبر الصدق إذا لم يكن حكما لا يدخله نسخ ، وقد ورد بطريق الخبر الوعد والوعيد ، فجاء نفس الرحمن بثبوت الوعد وتفوذه ، والتوقف في نفوذ الوعيد في حق شخص شخص ، وذلك لكون الشريعة نزلت بلسان قوم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فخاطبهم بحسب ما تواطؤوا عليه ، فمما تواطؤوا عليه في حق المنعوت بالكرم والكمال إنفاذ الوعد وإزالة حكم الوعيد ، فقال أهل اللسان في ذلك على طريق المدح:
وإني إذا أوعدته أو وعدته   ….. لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وقد ورد في الصحيح ليس شيء أحب إلى الله من أن يمدح ، والمدح بالتجاوز عن المسيء غاية المدح .
فالله أولى به تعالى ، والصدق في الوعد مما يمتدح به قال

ص 116

لم يقل و وعيده، بل قال «ونتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.
فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين "17"
__________________________________________
تعالى : « فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ، فذكر الوعد ، وأخبر عن الإيعاد في تمام الآية بقوله : « إن الله عزيز ذو انتقام » .
وقال في الوعيد بالمشيئة وفي الوعد بنفوذه ولابد ولم يعلقه بالمشيئة في حق المحسن ، لكن في حق المسيء علق المشيئة بالمغفرة والعذاب ، فيعتمد على وعد الله ، فلا ظهور له إلا بوجود ما وعد به ، وهو بعد ما وجد، والاعتماد عليه لا بد منه لما يعطيه التواطؤ في اللسان وصدق الخبر الإلهي بالدليل ، والله عند ظن عبده به فليظن به خيرا ، والظن هنا ينبغي أن يخرج مخرج العلم .
قال أهل اللسان في ذلك « فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج » أي تيقنوا واعلموا ، والظن فيه ترجيح ولابد إما إلى جانب الخير وإما إلى جانب الشر ، والله عند ظن عبده به ، لكن ما وقف هنا لأن رحمته سبقت غضبه.
فقال معلما « فليظن بي خيرا » على جهة الأمر ، فمن لم يظن به خيرا فقد عصى أمر الله وجهل ما يقتضيه الكرم الإلهي ، والله يجعلنا من أهل العلم وإن قضي علينا بالظن ، فنظن الخير بالله ، والله أكرم أن ينسب إليه نفاذ الوعيد بل ينسب إليه المشيئة وترجيح الكرم .
الفتوحات ج 1 / 535  - ج 3 / 474


17 ۔ شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب
من اختصاص البسملة في أول كل سورة تويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها منه كعلامة السلطان على مناشيره، وسورة التوبة والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بالفصل فقد سماها سورة التوبة ، أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد ، فما هو غضب أبد لكنه


ص 117

...........................
______________

غضب أمد ، والله هو التواب ، فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم لضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه ?ما ذكرنا ، والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن الله ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة » أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .
خلق الله الخلق قبضتين فقال هؤلاء للنار ولا أبالي ، وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي .
فمن كرمه تعالی لم يقل هؤلاء للعذاب ولا أبالي وهؤلاء إلى النعيم ولا أبالي وإنما أضافهم إلى الدارين ليعمروها ، فإنه ورد في الخبر الصحيح أن الله لما خلق الجنة والنار قال لكل واحدة منهما لها علي" ملؤها ، أي أملؤها سكانا ، فيستروح من هذا عموم الرحمة في الدارين وشمولها حيث ذكرهما ولم يتعرض لذكر الآلام وقال بامتلائهما وما تعرض لشيء من ذلك .
فكان معنى « ولا أبالي » في الحالتين لأنهما في المال إلى الرحمة ، فلذلك لا يبالي فيهما ، ولو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له من عدم المبالاة.
ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف الله نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ، وقد قيل في أهل التقوى إن الجنة أعدت للمتقين ، وقال في أهل التقاء « وأعد لهم عذابا أليما » فلولا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .
فما أعظم رحمة الله بعباده وهم لا يشعرون ، فإن الرحمة الإلهية وسعت كل شيء ، فما ثم شيء لا يكون في هذه الرحمة « إن ربك واسع المغفرة » فلا تحجروا واسعا فإنه لا يقبل التحجير ، ولقد رأيت جماعة ممن ينازعون في اتساع رحمة الله وأنها مقصورة على طائفة خاصة ، فحجروا وضيقوا ما وسع الله ، فلو أن الله لا يرحم


ص 118
………….
______________________________

أحدا من خلقه لحرم رحمته من يقول بهذا ، ولكن أبي الله تعالى إلا شمول الرحمة ، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » ، وما خص مؤمنا من غيره ، والله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه ، وقد وجدنا من نفوسنا ، وممن جبلهم الله على الرحمة انهم يرحمون جميع العباد ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم ، بما تمكن حكم الرحمة من قلوبهم ، وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه أنه أرحم الراحمين ، فلا شك أنه أرحم منا بخلقه ، و نحن قد عرفنا من تفوسنا هذه المبالغة في الرحمة .
فكيف يتسرمد، عليهم العذاب وهو بهذه الصفة العامة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، ولا سيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعات، ولا تضره المخالفات، وان كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه.
وأن الخلق مجبورون في اختيارهم ، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح « يا عبادي » فأضافهم إلى نفسه ، وما أضاف الله قط العباد لنفسه إلا من سبقت له الرحمة ألا يؤبد عليهم الشقاء وإن دخلوا النار .
فقال : « يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا » .
وهذه مسألة المكاشف لها قليل ، والمؤمن بها أقل ، وهو سر عجيب ، ما رأينا أحدا نبه عليه من خلق الله ، وإن كانوا قد علموه بلا شك ، وما صانوه والله أعلم إلا صيانة لأنفسهم ورحمة بالخلق .
لأن الإنكار يسرع إليه من السامعين ، ووالله ما نبهت عليه هنا إلا لغلبة الرحمة عليه في هذا الوقت ، فمن فهم سعد ومن لم يفهم لم يشق بعدم فهمه وإن كان محروما ، فقد أظهرت أمرا في هذه المسألة لم يكن باختياري ، ولكن حق القول الإلهي بإظهاره ، فكنت فيه كالمجبور في اختياره ، والله ينفع به من يشاء لا إله إلا هو .
الفتوحات : ج2 / 148 ، 244 ، 674 - ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 383 .
ج 4 / 163 .


ص 119


يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين  "18"
_______________________________
18 - لم سمي العذاب عذابا
العذاب إنما سماه الله بهذا الاسم إيثارا للمؤمن ، فإنه يستعذب ما يقوم بأعداء الله من الآلام ، فهو عذاب بالنظر الى هؤلاء .
ومن وجه آخر سمي عذابا ما يقع به الآلام بشرى من الله لعباده أن الذي تألمون به لابد إذا شملتكم الرحمة أن تستعذبوه وأنتم في النار ، كما يستعذب المقرور حرارة النار ، والمحرور برودة الزمهرير .

ولهذا جمعت جهنم النار والزمهرير لاختلاف المزاج ، فما يقع به الألم المزاج مخصوص يقع به النعيم في مزاج آخر يضاده ، فلا تتعطل الحكمة، ويبقي الله على أهل جهنم الزمهرير على المحرورين ، والنار على المقرورين فينعمون في جهنم ، فهم على مزاج لو دخلوا به الجنة تعذبوا بها لاعتدالها ، فسمى العذاب عذابا لأن المال إلى استعذابه لمن قام به بعد شمول الرحمة.
كما يستحلي الجرب من يحكه ، فإذا حكه . من غير جرب أو حاجة من بوسة تطرأ على بعض بدنه تألم من حكه .
الفتوحات : ج 2 / 136 ، 207 - ج 3 / 463 .


ص 120
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: الفقرة السابعة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالسبت مايو 11, 2019 8:11 am

الفقرة السابعة عشر السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السابعة عشر :
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
المرتبة 07 : لفص حكمة علية في كلمة اسماعيلية
من الاسم المحيط والعرش وحرف القاف ومولة الذراع من برج الجوزاء
غاية الشكر العجز عن الشكر لقوله تعالى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) (النحل، 18) .
وآخر الإحصاء من الأسماء:
المحيط حسب ما ذكره الشيخ في حضرة الإحصاء من الباب 558 من الفتوحات.
قال تعالى قارنا بينهما و وأحاط بما لديهم (وأحصى كل شيء عددا ) (الجن، 28) فغاية الشكر من المخلوق عدم الإحاطة لقوله تعالى: ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) (البقرة، 255)
وله تعالى وحده الإحاطة لقوله: ( وكان الله بكل شيء محيطا ) النساء، 126)
النسب الحق الثمانية وهي :
الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر وإدراك الأذواق بالصفة اللائقة به عز وجل.
وصور حملته الأربعة هي أن:
لأولهم صورة إنسان وهو الذي علم بقية الحملة ذكر "لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" فاستطاعوا بذكره حمله .
والثاني له صورة الأسد
والثالث على صورة النسر
والرابع على صورة النور وهو الذي رآه السامري فتخيل أنه إله موسى فصنع لقومه العجل إلى آخر قصته). انتهى.
وأنسب الأنبياء للعرش العلي هو إسماعيل عليه السلام لعلاقته بالأسماء المتوجهة على إيجاد العرش والمنجلية فيه وهي: المحيط المحصي القابض الرحمن المهيمن.
فالإحاطة العرشية لها الهيمنة على كل المراتب التي في قبضتها.
ولهذا نجد الشيخ في كتاب (العبادلة) يخصص بابا ينسب فيه إسماعيل إلى عبد المهيمن وبابا آخر بنسبه فيه إلى عبد المحصي. وبابا آخر ينسبه فيه إلى عبد القابض.
ولفظة إسماعيل قريبة جدا من كلمة "إسمائیل" و "ئيل" تعني الله تعالى، فكأنها تعني (أسماء الله التي قال عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة) .
فاقترن المحمي - أخر المحيط - بالأسماء الظاهرة في إسماعيل...
فحكمته علية لعلو الأسماء الحسنى ولأنه كان عند ربه مرضيا.
والعندية عند الرب بوصف الرضا دليل على علو المقام، ولهذا بدأ هذا النص بالكلام على الربوبية الراضية عن مربوها، والرضا من آثار الرحمن المستوي على العرش.
ولاسماعيل علاقة أخرى بالعرش وبالعلم. فهو الذي بني الكعبة مع أبيه.
وقبره في حجرها، والكعبة هي مثال العرش في الأرض وهي قبلة السجود الذي يسبح فيه العبد ربه بقوله
(سبحان ربي الأعلى وبحمده) فاقترن التسبيح بالعلو وبالاسم الرب.

(انظر مقارنة الكعبة بالعرش في الباب 1 : 72 ص 667 وفصل الطواف ص 702).
وكلام الشيخ على الأحدية في هذا الفص مرجعه لأحدية الكلمة الإلهية في العرش. وكلامه عن الرضا راجع للرحمن المستوي على العرش.
وكلامه عن صدق الوعد والمنة راجع لكون العرش سقف الجنة...
وختم الفص بالتمهيد لفص الكرسي اليعقوبي الموالي بذكره للثناء وللقدمين:
قدم الوعد وقدم الوعيد أي القدمين المتدليتين للكرسي.
وبذكره للثناء يشير للاسم: الشكور المتوجه على إيجاد الكرسي كما سبق ذكره في فص يعقوب السابق


07: سورة فص إسماعيل عليه السلام
أول شكل الأول جسم الأول صورة ظهرت في الهباء هو شكل العرش المحيط المستدير، وفيه ظهرت الأحكام الأولى للطبيعة. فالعرش هو فجر الأجسام، وشكله فجر الأشكال، وصورته فجر الصور، وطبيعته فجر الطبائع.

ولهذا نجد الشيخ في الفتوحات الباب:295 : المخصوص بمنزل سورة الفجر يتكلم بإسهاب عن العرش وعن الحرف المناسب لمرتبته وهو القاف
فسورة هذا الفص هي: "الفجر" وقد شرح الشيخ أيتها الأخيرة في وسطه " يا أيتها النفس المطمئنه  ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي [الفجر، 27-30]  ومدار الفص حول هذا الرضا.
وقد تكرر الاسم "الرب" في الفجر "8 مرات" ولا ظهور لاسم إلهي آخر فيها، ولهذا أكثر الشيخ في هذا الفص من ذكر الرب الراضي والمربوب المرضي عنه فتكررت مشتقات "الرب" فيه نحو "26" مرة.
وإنما تكلم الشيخ في هذا الفص عن الرضا لأن هذا النص السابع مناسب للمرتبة الكونية السابعة أي العرش المتوجه على إيجاده الاسم "المحيط".
وما استوى على العرش إلا الرحمن، فإحاطة الرحمة به تبشر بأن مآل الكل للرضا. وكثيرا ما أكد الشيخ على هذه الحقيقة

كقوله في الفصل الثاني من الباب " 371 الفتوحات" : 
"... فانقسمت الكلمة الواحدة التي هي في العرش واحدة. فهي في العرش رحمة واحدة إليها مآل كل شيء، وانقسمت في الكرسي إلى رحمة وغضب مشوب برحمة...".
فالوتر الواحد للعرش والشفع للكرسي. وقد تكلم الشيخ في هذا الفص عن الأحد والواحد من الآية 3 "والشفع والوتر."
والواحد هو عشر العشرة التي أشار إليها في الأبيات التي افتتح با مترل سورة الفجر في الباب "295" فتوحات  وهي عشرة أبيات أولها:
تفجرت الأنهار من ذات أحجار ..... وغاصت بأرضي في خزائن أسراري
فعشر من العلم اللدني ظاهر ..... وما كتمت منه فتسعة أعشار
تطالبني نفسي بمثنى وجودها ..... ويطلبني وترى المصاب بأوتار
فحصنت نفسي في مدينة سيد ..... بناها من الماء المركب والنار
فلم ير حصن مثله في ارتفاعه ..... تحصنت فيه خلف سبعة أسوار
مكانتها ما بين ذل وعزة ..... يعاملني فيها على حد مقداري
إلى أن يكون النفخ في صور حسه ..... إلى صور تخييل ببرزخ أغياري
ويبقى دوام الأمر فيه مخلدا ..... إلى أن يكون البعث من قبر أفكاري
فأشهده علما وعينا وحالة ..... بمشهد أنوار ومشهد أسراري
منوعة تلك المظاهر عندنا ..... برؤية أفكار ورؤية أبصار

يشير إلى الآية: "وليال عشر"
علاقة سورة هذا الفص بسابقيه ولاحقه
العلاقة الثلاثية "إبراهيم - إسحاق - إسماعيل" هي كعلاقة مراتب فصوصهم "جسم كل - شكل كل - عرش" أو كعلاقة سورهم "البينة - التين - الفجر".
ولهذا ذكر في فص إسماعيل آية من سورة فص إبراهيم (119)
وهي "روضي الله عنهم ورضوا عنه" ، وهو الرضا الذي اختتمت به سورة الفجر: " يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)" سورة الفجر
وهؤلاء العباد هم الموصوفون في سورة التين الآية (6) بـ :
" إلا الذين أمنوا وعملوا الصلحت فلهم أجر غير ممنون".

وختم الفص بالكلام عن الوعد والوعيد كتمهيد لفص يعقوب الموالي الذي له مرتبة الكرسي محل قدمي الوعد والوعيد.
والعاقبة هي إنجاز الوعد خاصة لسبق الرحمة الغضب من آخر آية في سورة الفص الموالي أي "ولا يخاف عقباها" من "والشمس وضحاها " [سورة الشمس: 1]
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الحادي عشر فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: