منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:23 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفص المحمدي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى :-                                              الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.
ولما كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه».
فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم.
فإنما حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.
و لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟
ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال  بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه.
فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل وامرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته.
فما وقع الحب إلا لمن تكون عنه، وقد كان حبه لمن تكون منه وهو الحق.
فلهذا قال «حبب» ولم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، ولذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.
فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله.
وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.
وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.
فمن أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا.
و كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه.
فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.
وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر.
ثم إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه.
فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.
وأما حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي.
وقد جعل الطيب- تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث.
فقال في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.
فتكرهه الملائكة بالذات، كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد و هي من الروائح الطيبة.
فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه و سر بالباطل: و هو قوله «و الذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» *. فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون:
فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه و هو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، و ليس الخبيث إلا ما يكره و لا الطيب إلا ما يحب.
والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.
وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث:
وكذلك بالعكس. وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».
وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.
ولما كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد.
فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.
ومن ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «و جعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له.
فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي.
ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.
وثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله، إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وكان الفراغ منه في عاشر شهر جمادي الآخرة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة أحسن الله عاقبتها بمحمد وآله آمين.   
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
27 - نقش فص حكمة فردية في كلمة محمدية
معجزته القرآن . والجمعية إعجاز على أمر واحد لما هو الإنسان عليه من الحقائق المختلفة . كالقرآن بالآيات المختلفة بما هو كلام الله مطلقاً . وبما هو كلام الله . وحكاية الله . فمن كونه كلام الله مطلقاً هو معجز . وهو الجمعية .
وعلى هذا يكون جمعية الهمة : " وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ " [التكوير : 22] .
فما بخل بشيءٍ مما هو لكم ولا " بِضَنِينٍ " .
أي ما يتهم في أنه بخل بشيءٍ من الله هو لكم .
الخوف مع الضلال قال : " مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " [النجم : 2] .
أي ما خاف في حيرته لأنه من علم أن الغاية في الحق هي الحيرة فقد اهتدى فهو صاحب هدىً وبيانٍ في إثبات الحيرة .
وصلى الله على على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم .
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
27 - فك ختم الفص المحمدي
1 / 27   - لقد لقب شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالحكمة الكلية والحكمة الفردية ، ولكل واحد من اللقبين سر ستعرفه من هذه القاعدة المنبه على سر الكمال المحمدي ومحتده وسر جمعيته وختميته ونسبة حظوظ الأنبياء وآياتهم الى آياته و حظه من الحق ، وبهذه القاعدة اختم الكلام على ختوم هذه الفصوص ان شاء الله تعالى .
 
2 / 27 - فأقول : اعلم ان كل شيء فإنه مظهر من مظاهر الحق ، لكن من جهة حيثية مخصوصة واعتبار معين ، فيتعين للحق من حيث ذلك الاعتبار وتلك الحيثية بما يوجد بهما من الممكنات اسم من شأنه ان لا يستند ذلك الموجود الى الحق الا من حيث ذلك الاعتبار وتلك الحيثية ، وهكذا هو شأن كل موجود مع الحق ، غير ان الفرق بين الأنبياء والأكابر من اهل الله وغيرهم :
ان الأنبياء والأكابر مظاهر الأسماء الكلية التي نسبتها الى الأسماء التي يستند إليها بقية الموجودات وعموم الناس ، نسبة الأجناس والأنواع الى الاشخاص ، ثم كما انه بين الأجناس والأنواع تفاوت في الحكم والحيطة ، كذلك هو الامر في مقام المفاضلة بين الأنبياء والأولياء ، واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة :
انه يجيء النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجلان ، والنبي ومعه الرجل الواحد ، والنبي وليس معه احد .
 
3 / 27 - والسر فيما أشرت اليه هو من أجل ان كل نبى وولى ما خلا نبينا صلى الله عليه وسلم والكمل من ورثته انما يستند الى الحق ويرتبط به من جهة حيثية معينة واعتبار مخصوص يسمى اسما من اسماء الحق ،
وذلك ان الحق من حيث اطلاق ذاته وصرافة وحدته ووحدة فيضه الذاتي لا يرتبط به شيء ولا يستند اليه موجود ما من الموجودات - كما سبقت الإشارة الى ذلك غير مرة - وقصارى الأكابر من اهل الله ان ينتهى ارتباطهم بالحق صعدا الى التعين الأول ، التالي للاحدية الذاتية الجامع للتعينات كلها المضافة الى الحق باعتبار وحدانيته من حيث انها مشرع الصفات والأسماء ، ويسميها بعضهم بأحكام الوجوب التي نتائج الحيثيات والاعتبارات .
 
4 / 27 - والمضافة ايضا الى مرتبة الإمكان من حيث احكام المعلومات الممكنة المعددة بتقيداتها الامكانية المتكثرة واستعداداتها المتفاوتة المختلفة للوجود الواحد الفائض من الحق بالوجود الذاتي المطلق الذي لا يتعين له موجب بتحققه احد من الأنبياء والأولياء الا الكمل منهم .

5 / 27 - وشأن نبينا صلى الله عليه وسلم والكمل من ورثته مع التعين الأول الذي قلت انه مشرع الصفات والأسماء مخالف لشأن غيرهم ، فان هذا التعين ليس هو غايتهم من كل وجه في معرفة الحق واستنادهم اليه ، بل هم متفردون بحال يخصهم لا يعرفه بعد الحق سواهم ولا يذكرونه لاحد الا لمن اطلعوا على ان ذلك الشخص لا بد له ان يصير إنسانا كاملا ، فينبهونه على هذا ومثله تربية له ، مع ان هذا ايضا انما يمكن وقوعه من كامل مكمل مقدر له تربية كامل مكمل على يديه وتربيته ، وهذا هو اكمل شئون الحق ، لكونه اكمل ما ظهر بإيجاده من أنشأه على صورة حضرته واستخلفه على خليقته ، فافهم .
 
6 / 27 - ثم أقول في إتمام ما التزمت كشف سره وبيانه : وقد أشرت فيما مر ان كل نبى هو مظهر اسم من اسماء الحق ، وان نبوته ورسالته انما يتعين ويستند الى الحق من حيثية ذلك الاسم .


7 / 27 - فاعلم ايضا ان آيات كل نبى ، متعددة كانت الآيات او واحدة ، فإنها عبارة عن احكام الحق الاسم الذي يستند اليه رسالته ونبوته ، وهذا سر من اطلعه الله عليه عرف سبب تفاوت درجات الأنبياء والأولياء ومراتبهم في الولاية والنبوة والرسالة ، وسر قوله تعالى : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة / 253 ] .
وان تلك المفاضلة وان ثبتت على انحاء فليست من حيث نفس الرسالة ، كما قال : " لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ من رُسُلِه " [ البقرة / 285 ] .
 
في صحة استنادها الى الحق لوحدة الرسالة من حيث حقيقتها ، وانما التفاوت في مشرعها واستنادها الى اى صفة او اسم يستند من صفات الحق وأسمائه ، ولا خفاء في تفاوت مراتب الصفات والأسماء في سعة الحكم والحيطة والتعلق وقوة التأثير - كما أشرت اليه في غير ما موضع ونبهت على ان الخالق والبارئ والمصور والقابض والباسط وأمثالها كالسدنة للاسم القادر ، وتأثير القادر مع احاطته بما ذكرنا من الأسماء فإنه تابع للمريد كتبعية المريد للعالم.
 
8 / 27 - فمراتب الأسماء كما نبهت عليها متفاوتة ، فبعضها كالاجناس وبعضها كالانواع وبعضها كالاشخاص على نحو ما مر ومتى فهمت هذه  القاعدة واستحضرتها :
عرفت ان كل نبى اتى باية يختص بأصل من اصول العالم ، فان استناد نبوته الى الحق ثابت من حيثية الاسم الذي يستند اليه ذلك الأصل ، كاختصاص نوح عليه السلام في الماء وإبراهيم عليه السلام بعمارة الكعبة وبالنار وبشهود كيفية التركيب المطلق الكلى العنصري ، فإنه يفضل غيره بسعة الدائرة والحكم ، لقرب نسبته من حضرة الجمعية الاحاطية التي انفرد بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، فالأقرب نسبة الى مقام جمعيته ، اعلا نبوة وأتم حيطة .
 
9 / 27  - وتدبر ايضا احكام نبوة موسى عليه السلام وآياته كالنار والعصا والشجر والماء والحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وسر انتهاء آياته في العدد التسع التي هي منتهى بسائط الاعداد بخلاف هود عليه السلام ، الذي كانت آيته الريح فقط .
 
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد أبريل 26, 2020 1:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 1:44 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السادسة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السادسة والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الثالث الّذي به كملت الفرديّة فالصّلاة . فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » لأنّها مشاهدة : وذلك لأنّها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال :فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ. وهي عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصّحيح عن اللّه تعالى أنّه قال : « قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل.يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 1 ) يقول اللّه : ذكرني عبدي . يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) يقول اللّه حمدني عبدي . يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 3 ) يقول اللّه : أثنى عليّ عبدي . يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) يقول اللّه : مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي . فهذا النّصف كلّه للّه تعالى خالص . ثمّ يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) يقول اللّه : هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فأوقع الاشتراك في هذه الآية . يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة : 1 - 7 ] يقول اللّه : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل . فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأوّل له تعالى . فعلم من هذا وجوب قراءةالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) . فمن لم يقرأها فما صلّى الصّلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده " ).
 
قال رضي الله عنه :  (وأما) الشيء (الثالث الذي به كملت الفردية) في الشيئين المذكورين : النساء والطيب ، فإنها موجودة في كل واحد بانفراده ، وعند انضمامهما تختفي بالزوجية ، فإذا ضم إليها هذا الشيء الثالث ظهرت تلك الفردية وتقررت (فالصلاة ، فقال) صلى اللّه عليه وسلم في الحديث المذكور
 
قال رضي الله عنه :  (وجعلت) بالبناء للمفعول (قرة عيني في الصلاة لأنها) ، أي الصلاة (مشاهدة) للحق تعالى فيها وبيان (ذلك لأنها) ، أي الصلاة (مناجاة )، أي مخاطبة في السر (بين اللّه) تعالى (وبين عبده) المؤمن كما قال تعالى في حصول معنى المفاعلة (فاذكروني) بالحضور (أذكركم) بالتجلي والظهور ، واذكروني بالوصول أذكركم بالقبول ، واذكروني بإزالة القيود أذكركم بكشف الوجود ، واذكروني بمراعاة حقوقي أذكركم بالحفظ في غروبي وشروقي ، واذكروني بالقلب واللسان أذكركم بإفاضة أنواع الإحسان .
 
قال رضي الله عنه :  (وهي) ، أي الصلاة (عبادة مقسومة بين اللّه) تعالى (وبين عبده) المؤمن (بنصفين فنصفها) الأوّل (للّه) تعالى باعتبار اشتمالها على الثناء والمجد للّه تعالى
 
قال رضي الله عنه :  (ونصفها) الثاني (للعبد) باعتبار اشتمالها على الدعاء والسؤال منه تعالى كما ورد هذا (في الخبر الصحيح) الذي تكلم به النبي صلى اللّه عليه وسلم (عن اللّه تعالى) أنه سبحانه (قال قسمت الصلاة ذات الركوع والسجود باعتبار قراءة الفاتحة فيها بيني وبين عبدي المصلي نصفين فنصفها الأوّل من كل ركعة منها لي ونصفها الثاني كذلك لعبدي ومع ذلك لعبدي ما سأل ، أي أجيبه في كل ما دعاني به فيها .
 
وبيان ذلك أنه (يقول العبد) في الصلاة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ  يقول اللّه") تعالى عند ذلك (ذكرني عبدي) فكل من غاب عن قوله ذلك بنفسه في الصلاة وشهد قيومية الحق تعالى عليه في جميع شؤونه تلك ،
سمع بأذن قلبه قول الحق تعالى : ذكرني عبدي ، فكشف له أن قوله هو عين قوله تعالى ، بزوال النسبة وانقلاب الشؤون كما قال سبحانه :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ[ الرحمن :29].
ثم خاطب عقل العبد وإيمانه بقوله تعالى :فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ( 13 ) [ الرحمن : 13 ] من التباس الحس عليكما وبعد الحقيقة عنكما .
 
وهكذا بقية أحوال الصلاة وقد أخبرني بعض من اجتمعت به أنه كان إذا صلى سمع الحق تعالى يقول ذلك من أوّله إلى آخره على طبق هذا الحديث . وكان رجلا من ضعف الحال رحمه اللّه تعالى .
قال رضي الله عنه :  (يقول العبد : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يقول اللّه) تعالى بعين قول عبده لذلك عند من يسمعه اللّه تعالى كما قال سبحانه:"واللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ"[ فاطر : 22 ] (حمدني عبدي) ، أي شكرني
قال رضي الله عنه :  (يقول العبد الرَّحْمنِ الرَّحِيم ) ِتعالى كذلك (أثنى علي عبدي) ، أي مدحني بالرحمة العامة والخاصة
قال رضي الله عنه :  (يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ") ، أي يوم القيامة (يقول اللّه) تعالى بذلك (مجدني) ، أي ذكر مجدي وفخري وجاهي (عبدي) أو يقول : (فوّض إلي عبدي) ، أي اتكل في جميع أموره على قدرتي وإرادتي (فهذا النصف) من الصلاة باعتبار قراءتها كما ذكرنا (كله للّه تعالى خالص) ليس فيه ذكر العبد أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم يقول العبد) في النصف الثاني ("إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" يقول اللّه) تعالى (هذه) ، أي المقالة (بيني وبين عبدي) ، لأن فيها ذكر اللّه تعالى بالخطاب وذكر العبد بالعبادة والاستعانة (ولعبدي ما سأل) ، أي من قبول عبادته والإعانة له (فأوقع) تعالى (الاشتراك في هذه الآية) بينه وبين عبده .


قال رضي الله عنه :  (يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) يقول اللّه) تعالى (هؤلاء) الكلمات كلهن (لعبدي) لأن فيهن طلب الهداية والوقاية من أحوال أهل الغواية (ولعبدي ما سأل) باستجابة دعائه فيما ذكر (فخلص) اللّه تعالى (هؤلاء) الكلمات المذكورات (لعبده) المصلي (كما خلص) الكلمات (الأولى له تعالى .)
 
والحديث في صحيح مسلم وموطأ مالك ومسند أبي داود والترمذي والنسائي بإسنادهم إلى أبي هريرة قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : قال اللّه عز وجل : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل " . وفي رواية : « فنصفها لي ونصفها لعبدي » ،
فإذا قال العبد : "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"( 2 ) قال اللّه عز وجل : حمدني عبدي .
وإذا قال :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 3 ) قال اللّه عز وجل : أثنى علي عبدي
وإذا قال :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) قال : مجدني عبدي وقال مرة : فوّض إليّ عبدي ،
وإذا قال :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل
فإذا قال :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة ] ،
قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل » . أخرج هذه الرواية مسلم ومالك والترمذي والنسائي .
وفي رواية لأبي داود والترمذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام » . قال أبو السائب مولى هشام بن زهرة قلت : يا أبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام قال : فغمز ذراعي .
ثم قال : اقرأها في نفسك يا فارسي وساق الحديث نحو ما تقدم .
وقال في آخرها : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل . انتهى .
أقول : وهذه الزيادة محمولة عند الحنفية على وجوب الفاتحة في الصلاة لا الفرضية ، فترك الواجب يقتضي النقصان لا البطلان ، وهو معنى الخداج ومعنى قوله غير تمام ،
وقوله : اقرأها في نفسك يا فارسي زيادة من فقه الراوي ، فإن مذهب أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى منع المقتدي عن القراءة بأحاديث أخرى صريحة في ذلك لا تحتمل التأويل ذكرناها في كتابنا في فقه الفروع المذهبية .
 
فعلم من هذا المذكور في هذا الحديث وجوب قراءة "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"( 2 ) إلى آخر الفاتحة في الصلاة فمن لم يقرأها في صلاته فما صلى الصلاة المقسومة ، كما ورد في هذا الحديث بين اللّه تعالى وبين عبده فهي صلاة ناقصة وليست بتامة ولا كاملة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة ) فقال ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وإنما جعلت الصلاة قرة عين المصلي ( لأنها مشاهدة ) أي سبب لمشاهدة العبد المصلي ربه ( وذلك ) أي بيان كون الصلاة مشاهدة ( لأنها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال فاذكروني أذكركم وهي ) أي الصلاة ( عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين فنصفها للَّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن اللّه تعالى أنه قال : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه تعالى : ذكرني عبدي يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
يقول اللّه حمدني عبدي يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه أثنى عليّ عبدي يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يقول اللّه مجدني عبدي فوّض إليّ عبدي فهذا النصف كله للَّه تعالى خالصا ثم يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
يقول اللّه هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فأوقع الاشتراك في هذه الآية
بقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَيقول اللّه فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل " فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى فعلم من هذا وجوب قراءة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده ) . ذكره الترمذي في سننه والبيهقي في السّنن الكبرى.
فعلم منه أن الصلاة مناجاة بين اللّه وبين عبده


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة. فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين: فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل. يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي. يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي. يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي. يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي. فهذا النصف كله له تعالى خالص. ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية. يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل. فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى. فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
 
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا الثالثة التي بها كملت الفردية فالصلاة ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » لأنّها مشاهدة ) .
يعني  رضي الله عنه  أنّ قرّة عين الحبيب بمشاهدة الحبيب .
 
قال رضي الله عنه  : ( وذلك لأنّها مناجاة بين الله وبين عبده » يعني الصلاة « كما قال :" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " وهي عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين ، فنصفها لله ونصفها للعبد ، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى : أنّه قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد :"بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " يقول الله : ذكرني عبدي.  يقول العبد : "الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " يقول الله : حمدني عبدي . يقول العبد :" الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " يقول الله : أثنى عليّ عبدي . يقول العبد :" مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " يقول الله : فوّض إليّ عبدي ، فهذا النصف كلَّه لله تعالى خالص . ثم يقول العبد :" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " يقول الله : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فأوقع الاشتراك في هذه الآية . يقول العبد :" اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " السورة يقول الله : هؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، فخلص هؤلاء لعبده ، كما خلص  الأولى له تعالى ، فعلم من هذا وجوب قراءة « الحمد لله ربّ العالمين » فمن لم يقرأها ، فما صلَّى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده ) .
 
قال العبد : لمّا ذكر الله تعالى على لسان رسوله الصادق صلَّى الله عليه وسلَّم في أوّل الحديث الصحيح نقلا وعقلا وكشفا : يقول العبد : " بسم الله الرحمن الرحيم " فهو دليل لنا وللشافعي رحمه الله أنّ « بسم الله الرحمن الرحيم » من الفاتحة ، ولا سيّما ويعضدنا في الاستدلال بذلك قوله عليه السّلام : « لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب » مع ما ذكر في هذا الحديث على لسان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي " .
 
ولمّا تمّم التقسيم في الفاتحة بل الفاتحة هي الصلاة المقسومة ومن لم يقرأها ، فلا صلاة له ، وأيضا لمّا كان الافتتاح شرعا في كل أمر إنّما هو بالبسملة ، ومن لم يبدأ بها في أمره ، فهو أبتر ، والفاتحة مبدأ كتاب الله ، فالأحق والأحرى عقلا أن يكون البسملة آية من الفاتحة بدأ بها الله أوّل هذه السورة التي افتتح بها كتابه الكريم ، وسمّاها فاتحة الكتاب . وفي ترجيح ما ذهبنا إليه دلائل شرعية ليس هذا موضع ذكرها ، نذكرها في كتاب الفقه إن شاء الله تعالى .
 
وأمّا الحق الذي قسم الصلاة بينه وبين عبده نصفين ، فهو الحق المعبود المعتقد في العقيدة الإسلاميّة وغيرها ، وذلك لأنّ الإله الذي في قبلة المصلَّي كما قال :" فَأَيْنَما تُوَلُّوا " هو الذي قسم الصلاة وهو الإله المعتقد وأنّ الله الذي هو ربّ العالمين غير منحصر في قبلة المصلَّي ، فإنّه كما قال :" فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله " و" هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " ، فانظر التثليث والفردية في أمّ الكتاب الذي خصّ به محمّد صلى الله عليه وسلم فإنّ القسم الأوّل منه يختصّ بالحق ، والأخير يختصّ بالكون أو العبد ،  وما بينهما مشترك بين الحق والعبد .
 
الرؤية والشهود والسماع من العبد المصلَّي للحق ، قد تكون ببصر الإيمان ، وقد تكون ببصر البصيرة والفهم ، وقد تكون بالرؤية البصرية ، فيتمثّل الحق متجلَّيا مشهودا له ، قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع هذه كلَّها للعبد الكامل أو الفرد النادر ، وقد ينفرد كلّ واحد منها بواحد واحد منها ، وهكذا في السمع ، والذي يجمع له بين الكلّ فهو أكمل الكلّ .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
 
قال رضي الله عنه :  (وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة ، فقال « وجعلت قرة عيني في الصلاة » لأنها مشاهدة ) لأن عين الحبيب إنما تكون بمشاهدة الحبيب ( وذلك لأنها ) أي الصلاة مناجاة بين الله وبين عبده كما قال الله تعالى :" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " وهي عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين فنصفها لله ونصفها للعبد ، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد : بسم الله الرحمن الرحيم ، يقول الله : ذكرني عبدي ، يقول العبد :
الحمد لله رب العالمين ، يقول الله حمدني عبدي ، يقول العبد : الرحمن الرحيم ، يقول الله أثنى على عبدي ، يقول العبد : مالك يوم الدين ، يقول الله : مجدنى عبدي فوض إلى عبدي فهذا النصف كله لله تعالى خالص ، ثم يقول العبد : إياك نعبد وإياك نستعين ، يقول الله هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل « فأوقع الاشتراك في هذه الآية » يقول العبد  اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين ، يقول الله : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول لله تعالى فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده )  
كما قال عليه الصلاة والسلام « لا صلاة إلا بالفاتحة الكتاب » وكذلك علم من هذا الحديث الصحيح أن البسملة جزء من الفاتحة ، بل من الصلاة لأن الفاتحة هي الصلاة المقسومة وقد عد البسملة قسما منها وقد بين الله في الفاتحة الفردية الأولى التي خص بها محمد صلى الله عليه وسلم وبنى الوجود عليها أعنى التثليث ، لأن القسم الأول مختص بالحق ، والأخير بالعبد ، وما بينهما مشترك بين الحق والعبد .
 
"" أضاف عبد الرحمن جامي :-
لأنها أي الصلاة إذا وقعت على وجه الكمال ، كما قال علي رضي الله عنه : لم أعبد ربا لا أراه مشاهدة ومشاهدة المحبوب تقر عين المحب ، وذلك : أي كونها مشاهدة لأنها مناجاة بين الله وبين عبده ، ولا بد في المناجاة من مشاهدة كل من الطرفين لمناجاة الآخر ، ولأن المناجاة ذكر ، والمناجى ذاكر لربه ، والذاكر جليس المذكور ، والجليس مشاهد للجليس الآخر ، وكون المناجاة بين الله وبين عبده ككون الذكر بينهما ، كما قال تعالى:" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ "   وهي : أي الصلاة عبادة مقسومة . أهـ عبد الرحمن جامي""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة . ) وفيه إيماء بقوله ،
صلى الله عليه وسلم : ( حبب إلى من دنياكم ثلاث : النساء ، والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .
تقديره : النساء والطيب والصلاة ، وجعلت قرة عيني في الصلاة . وحذف الثالث اكتفاء بذكر ما بعده .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال : "وجعلت قرة عيني في الصلاة" لأنها مشاهدة .) أي ، لأنها سبب المشاهدة ومشاهدة المحبوب قرة عين المحب .
"وذلك لأنها مناجاة بين الله وبين عبده كما قال تعالى : " فاذكروني أذكركم " أي ، لأن الصلاة مناجاة" .
 
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( المصلى يناجى ربه ما دام في الصلاة ، فهو في المناجاة ) . ولما كانت مستلزمة للذكر من الطرفين ، استشهد بقوله تعالى : "فاذكروني أذكركم".
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهي ) أي ، الصلاة عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين : فنصفها لله ، ونصفها للعبد ، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال : " قسمت الصلاة  بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل .
يقول العبد : "بسم الله الرحمن الرحيم" يقول الله : ذكرني عبدي .
يقول العبد : الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي . يقول العبد الرحمن الرحيم . يقول الله تعالى : أثنى على عبدي .
يقول العبد : "مالك يوم الدين" يقول الله : مجدني عبدي ، فوض إلى عبدي . فهذا النصف كله له تعالى خالص . ثم يقول العبد : "إياك نعبد وإياك نستعين"
يقول الله :  هذه بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل . فأوقع الاشتراك في هذه الآية .
يقول العبد : " إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم
ولا الضالين" يقول الله تعالى : فهؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل . فخلص هؤلاء لعبده
كما خلص الأول له تعالى . فعلم من هذا وجوب قراءة "الحمد لله رب العالمين" . فمن لم
يقرأها ، فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده . ) كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) . ولزم من هذا الحديث أيضا ( الفردية ) .
 
فإن القسم الأول خالص لله ، والثاني مشترك بين العبد وبين الله ، والثالث خالص للعبد . ولزم أيضا إن البسملة من ( الفاتحة ) .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 1:45 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة والعشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السادسة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السادسة والعشرون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الثالث الّذي به كملت الفرديّة فالصّلاة ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » ؛ لأنّها مشاهدة ، وذلك لأنّها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال :فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ،وهي عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصّحيح عن اللّه تعالى أنّه قال : « قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِيقول اللّه : ذكرني عبدي ، يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يقول اللّه : حمدني عبدي ، يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه : أثنى عليّ عبدي ، يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يقول اللّه : مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي . فهذا النّصف كلّه للّه تعالى خالص ، ثمّ يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يقول اللّه : هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فأوقع الاشتراك في هذه الآية ، يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ[ الفاتحة : 71 ] يقول اللّه :" فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل". رواه أحمد في المسند ، وابن حبان.  فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأوّل له تعالى ، فعلم من هذا وجوب قراءة " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فمن لم يقرأها فما صلّى الصّلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده ).

( وأما الثالث الذي كملت به الفردية ) ، أي : بها تمام الإلهية ، فإنه بالأسماء لغنى الذات عن العالمين ، والصفات بالنظر إلى الذات عينها ، وإنما تتميز بالأسماء الجامعة بينهما ، ( فالصلاة ) الموجبة محبة الأسماء عن مشاهدة الحق بصورها .


)قال صلّى اللّه عليه وسلّم : « وجعلت قرة عيني في الصلاة  ( ، وإنما كانت قرة عينه ؛ ( لأنها مشاهدة ) ، أي : مستلزمة لمشاهدة الحبيب الإلهي ، ( وذلك ) أي : استلزامها للمشاهدة ؛ ( لأنها مناجاة بين اللّه وبين عبده ) ، وهي ذكر وهو مستلزم للمجالسة بالحديث ، وهي مستلزمة للمشاهدة على ما يأتي بيانه ، وإنما كانت ذكرا لقوله تعالى :"وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي" [ طه : 14 ] ، وإنما كان الذكر مستلزما للمجالسة ؛ لاستلزامه ذكر العبد ذكر الحق ( كما قال :فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [ البقرة : 152 ] ، فلزم التشارك في الذكر ، وهو يستلزم التشارك في الصلاة ،

ولذلك ( عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده ) ، ومن شأن الشريكين في أمر اجتماعهما عنده ، وليس هذا المحل المنقسم مما لا يلتفت إليه أحد الشريكين لقلة نصيبه ، بل هو منقسم ( بنصفين ) ، وهذا النصف وإن كان في القراءة وحدها، فهي لما كانت أعظم مقاصدها وكانت كلها منقسمة .
( فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح ، فعن اللّه تعالى أنه قال :
"قسمت الصلاة " ) أي : بتقسيم القراءة المتضمنة المعاني جميعها ( « بيني وبين عبدي نصفين  ) رواه مسلم وابن حبان.

  ، ولم أترك هذا القسم منها وإن كنت أترك شركا في عمل أشرك فيه معي غيري ، ( " فنصفها لي ونصفها لعبدي" ) ، ولا أتغلب على العبد بأخذ نصفه كما هو شأن الجبابرة ، بل ( لعبدي ما سأل ) والسؤال بي ( يقول العبد:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" ،يقول اللّه : ذكرني عبدي ) بأخص أسماء ذاتي وصفاتي ، فكأنما جمع وجوه ذكري ، ( يقول العبد:"الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"،يقول اللّه : حمدني عبدي ) بجميع محامد العالمين يجعل الحمد عليهم حمدا عليّ ؛ لأنهم إنما استحقوا الحمد بتربيتي إياهم ، فهو حمدي مع الحمد الذي في ذاتي ،

فكأنما جمع وجوه محامدي ، ( يقول العبد:"الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"،يقول اللّه : أثني عليّ عبدي ) بعموم الجود وخصوصه ، ( يقول العبد :"مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ"، يقول اللّه : مجدني عبدي ، فوض إليّ عبدي ) ، فلم يوجب عليه شيئا ، إذ جعلني مالكا فلا يملك على أحد شيئا فيوجبه ، بل الجود بمحض التفضيل منّي ؛ (فهذا النصف ) من القدر المتميز ( كله للّه خالص ) ، وإن كان ذكر فيه العالمون ؛ لأن المقصود ذكر يختص بالربوبية .

( ثم ) بعد الفراغ من خالص ما يتعلق بالربوبية الواجب تقديمه على المشترك والمختص للعبد ، ( يقول العبد :"إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"،يقول اللّه : هذا بيني وبين عبدي ) من غير تميز ما يختص باللّه ، وما يختص بالعبد في اللفظ ، ( فأوقع الاشتراك في هذه الآية ) وإن كان المقصود منها بذلك العبد واستعانته ، فقد كان المقصود تخصيص الحق بالمعبودية والإعانة ، بدليل تقديم إِيَّاكَ، ( يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ( 7 )، يقول اللّه : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل » ) من هداية طريق المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين درجتهم من طريقة أهل الغضب من الكفار والفساق ، ومن طريقة أهل الضلال عن موجبات القرب ،

( فخلص هؤلاء لعبده ) وإن ذكر فيه الرب ، ( كما خلص الأول له تعالى ) وإن ذكر فيه العالمون ، إذ لا عبرة بغير المقصود ( فعلم من هذا ) الخبر الجاعل قراءة الفاتحة كل الصلاة في القسمة

( وجوب قراءة :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) لعله أشار إلى عدم وجوب البسملة كما هو مذهب مالك والشيخ منهم ، وإنما أوردرَبِّ الْعالَمِينَ ؛لئلا يتوهم قيام سورة الأنعام وغيرها مما ابتدأت بالحمد فيه مقامها ، كيف والمقصود من وضع الصلاة هذه القسمة ، ( فمن لم يقرأها ) في ( الصلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده ) ، فكأنما ضيع حق اللّه وحق نفسه ، فما حصلت له صلاة كاملة ولا ناقصة .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».  وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)

الصلاة
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الثالث الذي به كملت الفرديّة ) الختميّة ( فالصلاة ) التي هي الجامعة لأمر الإظهار ، والقائمة بتفصيل أحكامه كلَّها وإذ كان مرتبة الإظهار الكماليّ الفرديّ هي التي انبسط بها عين الحقيقة الختميّة بعد جعل من الخاتم عند وضعه الصور الكاشفة عن ذلك ( فقال « وجعلت قرّة عيني في الصلاة:").
وإنما خصّ انبساط عينه الختميّة بالصلاة ( لأنّها مشاهدة ) وذلك أنهى مراتب الإظهار ، المثبت للعبد المشاهد والحق المشهود ( وذلك لأنّها مناجاة بين الله وبين عبده ، كما قال : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " ، وما لم يتمّ ظهور الطرفين - كلّ منهما على الآخر - لا يتحقّق الإظهار بكماله .

الصلاة مقسومة بين العبد والمعبود
والصلاة هي العبادة الجامعة بين الظهورين ، المستتبع للإظهارين الكماليّين أعني إظهار العبد والحقّ في المرتبة الكلاميّة الذكريّة ، التي هي أنهى مدارج الإظهار وأتمّها

قال رضي الله عنه :  ( و ) ذلك لأنّها ( هي عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين : فنصفها لله ، ونصفها للعبد ) فإن الإظهار إنّما يتحقّق كذلك ، إذ لا بدّ له من مظهر وظاهر فالصلاة - التي هي الدعوة التامّة للحق ، والصورة الكاملة لإظهاره - لا بدّ وأن تكون منصّفة بنصفين .

قال رضي الله عنه :  (كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى إنّه قال : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل " ) فإنّ أمر الإظهار راجع إلى طلب العبد وسؤاله ، والصلاة هي غاية ذلك الطلب ، وقصارى قصده وحركته فللعبد زيادة نصيب وسهم في هذه القسمة ، حيث أنّه  قد اختصّ فيه بإجابة سؤاله وإنجاح مطلوبه .

هذا لسان الإجمال وأما لسان التفصيل في ذلك التقسيم ، فهو الكاشف عنه قوله : ( يقول العبد : " بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " . يقول الله : « ذكرني عبدي » ) فإنّه مشتمل على اسم الله الجامع ، مصرّحا فيه بالرحمتين - كما سبق بيانه - وهو غاية الإظهار الذكري .


قال رضي الله عنه :  ( يقول العبد " الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " يقول الله « حمدني عبدي » ) فإنّ الحمد تعريف للمحمود ، وأتمه ما هو بصفات الالوهيّة والربوبيّة في صورة العالمين ( يقول العبد "الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ "  يقول الله : « أثنى عليّ عبدي » ) فإنّ الثناء ما يذكر من المحامد ، فيثنّى حالا فحالا ذكره ، فهو إشاعة الحمد والتعريف وتكراره ، وبهذا الاعتبار تسمّى سور القرآن « مثاني » ، لأنّها تكرر وتثنّى على مرور الأيّام .

قال رضي الله عنه :  ( يقول العبد : " مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " يقول الله : « مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي » ) على ما هو مؤدّى المالكيّة ومقتضاها من العظمة والاختيار ، ( فهذا النصف كلَّه له خالصا ثمّ يقول العبد : " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " يقول الله : « هذا بيني وبين عبدي ")

لما قد تقرّر أن بين كلّ من المتقابلين لا بدّ أن يكون جامع يحويهما ، فهذه الآية من امّ الكتاب هو الجامع بين الله وعبده ، والأول مؤدّى الكاف ، والثاني مؤدّى النون ، وهو " كُنْ " الذي به ظهر ما ظهر - فلا تغفل عن تلويحه . وبيّن أنّ سائر مراتب الظهور - كيانيّة أو إلهيّة - إنّما هو على مقتضى سؤال العبد وطلبه - كما وقفت عليه غير مرّة –
وإليه أشار بقوله  :("ولعبدي ما سأل " فأوقع الاشتراك في هذه الآية ) فهو البرزخ الجامع كما عرفت .
" غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ " . ( يقول الله : " فهؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل " . فخلص هؤلاء لعبده ، كما خلص الأول له تعالى ) وجمع بينهما في الآية المشتركة في الوسط .


وبيّن أنّ صور العبادات التي وضعها الأنبياء مراقي للعباد ومراصد للمنتهجين إلى مسالك الرشاد ، أكملها وأتمّها نظما هو الذي طابق الجمعيّة الوجوديّة بمبدئها ومعادها ، حتّى يمكن أن يستكشف بتلك الصورة الجعليّة عن الجمعيّة الوجوديّة ويترتّب على الوضع المذكور ما هو غايته المطلوبة منها ، وهو الكشف عن كنه ما عليه الأمر مطلقا ، من المبدء إلى المعاد .

قال رضي الله عنه :   ( فعلم من هذا وجوب قراءة : " الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " ) في العبادة الكاملة ، يعني الصلاة الختميّة ، لما عرفت من المطابقة التي لها إلى مراتب الوجود ، من الإلهيّة المطلقة والعبديّة المطلقة والجامعة بينهما ، ( فمن لم يقرأها فما صلَّى - الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده ) .

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده.)

قال رضي الله عنه : ( وأمّا الثالث الّذي به كملت الفرديّة فالصّلاة .  فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » لأنّها مشاهدة : وذلك لأنّها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ.  وهي عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصّحيح عن اللّه تعالى أنّه قال : « قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل . يقول العبد : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( 1 ) يقول اللّه : ذكرني عبدي . يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ( 2 ) يقول اللّه حمدني عبدي . يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( 3 ) يقول ).

(وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة فقال : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » لأنها ) ، أي الصلاة إذا وقعت على وجه الكمال كما قال علي رضي اللّه عنه لم أعبد ربا لم أره ( مشاهدة ) ومشاهدة المحبوب تقر عين المحب

( وذلك ) ، أي كونها مشاهدة ، ( لأنها مناجاة بين اللّه وبين عبده ) ، ولا بد من المناجاة من مشاهدة كل من طرفي المناجاة للآخر ، أو لأن المناجاة ذكر والمناجي ذاكر والذاكر جليس المذكور والجليس يشاهد الجليس وكون المناجاة بين اللّه وعبده ككون الذاكر بينهما ( كما قال ) تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وهي ) ، أي الصلاة

( عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها له تعالى ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن اللّه تعالى : أنه قال : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 1 ) يقول اللّه : ذكرني عبدي يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) يقول اللّه : حمدني عبدي يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 3 ) ).


قال رضي الله عنه :  ( اللّه : أثنى عليّ عبدي . يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) يقول اللّه : مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي . فهذا النّصف كلّه للّه تعالى خالص . ثمّ يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) يقول اللّه : هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فأوقع الاشتراك في هذه الآية . يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ( 6 )صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة : 1 - 7 ] . يقول اللّه : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل .
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأوّل له تعالى . فعلم من هذا وجوب قراءة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) . فمن لم يقرأها فما صلّى الصّلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده »).

يقول اللّه : أثنى علي عبدي . يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) يقول اللّه : مجدني عبدي فوّض إلي عبدي فهذا النصف كله للّه تعالى خالص . ثم يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) يقول اللّه : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فأوقع الاشتراك في هذه الآية يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ( 6 )صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة ] يقول اللّه : هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل" .  رواه مسلم وابن خزيمة وابن حبان ورواه غيرهم .
( فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأولى له تعالى فعلم من هذا وجوب قراءة :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده )

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 1:45 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسه الحقّ . فإنّه صحّ في الخبر الإلهيّ أنّه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه . فهذه مشاهدة ورؤية . فإن لم يكن ذا بصر لم يره . فمن ههنا يعلم المصلّي رتبته هل يرى الحقّ هذه الرّؤية في هذه الصّلاة ، أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه فيخيّله في قبلته عند مناجاته ، ويلقي السّمع لما يرد به عليه من الحقّ . فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به وللملائكة المصلّين معه - فإنّ كلّ مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلّي خلف العبد ؛ إذا صلّى وحده كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرّسول في الصّلاة . وهي النّيابة عن اللّه . وإذا قال سمع اللّه لمن حمده. فيخبر نفسه ومن خلفه بإنّ اللّه قد سمعه .فتقول الملائكة والحاضرون ربّنا ولك الحمد. فإنّ اللّه قال على لسان عبده: سمع اللّه لمن حمده.)


قال رضي الله عنه :  (ولما كانت) الصلاة (مناجاة) بين اللّه تعالى وبين عبده (فهي ذكر للّه) تعالى بجميع الأعضاء على كيفيات مختلفة .
(و) كل (من ذكر الحق) تعالى (فقد جالس الحق) تعالى (وجالسه الحق) تعالى والمعنى حضر مع الحق تعالى كما أن الحق تعالى حاضر معه والحضور ضد الغيبة وهي الغفلة يعني زالت عنه الغفلة واشتغال الخاطر بغير اللّه تعالى فوجد اللّه تعالى ظاهرا بكل شيء حاضرا عند كل شيء غير غائب عن شيء (فإنه صح) ، أي ثبت وتحقق (في الخبر الإلهي) ،


أي الحديث القدسي (أنه تعالى قال : أنا جليس) ، أي مجالس كل (من ذكرني) ، لأنه تعالى حاضر لا يغيب أصلا وإنما العبد يغيب عنه لغفلته ويحضر بين يديه ليقظته فإذا ذكره ، أي تذكره وجده حاضرا ، فيكون اللّه تعالى جليسه .
قال رضي الله عنه :  (و) كل (من جالس من) ، أي أحدا (ذكره وهو) ، أي الذي يجالس (ذو) ، أي صاحب (بصر) بأن كان يرى وليس بأعمى (رأى جليسه) من غير شبهة أصلا والذي لا يرى فهو أعمى .
قال رضي الله عنه :  (فهذه) الحالة التي هي حالة الذكر (مشاهدة) للحق تعالى (ورؤية) له (فإن لم يكن) ذلك الذي جالس من ذكره (ذا بصر) فإنه (لم يره) ، أي لا يرى من يجالسه لكونه أعمى .

قال رضي الله عنه :  (فمن هنا يعلم المصلي رتبته) في الدين والمعرفة (هل يرى الحق) تعالى (هذه الرؤية) ، أي رؤية الجليس من يجالسه (في هذه الصلاة) التي صلاها (أم لا فإن لم يره) ، أي الحق تعالى وهو في صلاته (فليعبده) ، أي الحق تعالى (بالإيمان) له بالغيب في تلك الصلاة (كأنه) ، أي مثل الذي (يراه فيخيله) بعقله ، أي يتصوّر الحق تعالى (في قبلته عند مناجاته) كما ورد : « أن اللّه في قبلة أحدكم » .

 وهذا التصوّر لا يضره في اعتقاده إذا كان عارفا بقصوره وعجزه عنه تعالى ،
قال سبحانه :لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها[ البقرة : 286 ] (ويلقي) ، أي يهيىء (السمع) منه (لما يرد به عليه الحق) تعالى في نفسه من الإلهام (فإن كان إماما لعالمه) بفتح اللام (الخاص به) وهي أعضاؤه وجوارحه (وللملائكة) الحفظة وغيرهم (المصلين معه) ، (فإن كل مصل) وحده (فهو إمام بلا شك) لغيره (فإن الملائكة) عليهم السلام (تصلي) بالاقتداء (خلف العبد) المؤمن (إذا صلى وحده كما ورد في الخبر) ، أي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم .


وذكر السبكي من الشافعية : أن الجماعة تحصل بالملائكة ، وفرّع على ذلك :
لو صلى في قضاء بأذان وإقامة منفردا ، ثم حلف أنه صلى بالجماعة لم يحنث . وقد ورد في حديث أحمد بن حنبل عن ابن مسعود في قصة الجن وفيه : فلما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي أدركه شخصان منهم فقالا : يا رسول اللّه إنا نحب أن تؤمنا في صلاتنا . قال : فصفهما خلفه ثم صلى بهما ثم انصرف . ذكره في الأشباه والنظائر (فقد حصل له) ، أي للذي يصلي وحده (رتبة الرسول) صلى اللّه عليه وسلم (في الصلاة) ، فإنه كان الإمام المقدم فيها (وهي) ، أي تلك الرتبة (النيابة عن اللّه) تعالى في وجوب متابعته على المقتدين به ممن خلفه .

قال رضي الله عنه :  (وإذا قال) ذلك المصلي (سمع اللّه لمن حمده فيخبر نفسه ومن خلفه بأن اللّه ) تعالى (قد سمعه) في كل ما قال من سورة الحمد وغيرها من الثناء عليه تعالى (فتقول الملائكة) عليهم السلام عند ذلك (و) كذلك (الحاضرون) من المقتدين إن كانوا (ربنا) أي يا ربنا (ولك الحمد) وكان هذا القول عقيب سماعهم من الإمام قوله : سمع اللّه لمن حمده فحمدهم امتثال لما حثهم عليه من الحمد ( فإن اللّه قال على لسان عبده) المصلي (سمع اللّه لمن حمده) كما ورد في الحديث : " المصلي مظهر إلهي"  .

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

قال رضي الله عنه :  ( ولما كانت مناجاة فهي ) أي الصلاة ( ذكر ) الحق ( ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسة الحق فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال : أنا جليس من ذكرني ومن جالس من ذكره وهو ) أي والحال أن من جالس من ذكره ( ذو بصر رأى جليسه فهذه ) الصلاة ( مشاهدة ورؤية فإن لم يكن ) ذلك الجليس ( ذا بصر لم يره ) أي لم ير جليسه .


قال رضي الله عنه :  ( فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا فإن لم يره فليعبده بالايمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته ويلقي السمع لما يرد به عليه من الحق فإن كان إماما لعالمه الخاص به ) أي بالمصلي ( وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر ) قوله : ( فقد حصل له رتبة الرسول عليه السلام في الصلاة ) جواب لقوله : فإن كان فإن الإمامة مرتبة بالرسول .

قال رضي الله عنه :  ( وهي ) أي الإمامة ( النيابة عن اللّه إذا قال ) الامام ( سمع اللّه لمن حمده فيخبر نفسه ومن خلفه بأن اللّه قد سمعه فيقول الملائكة والحاضرون : ربنا لك الحمد فإن اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

قال رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية. فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا. فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله. إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

قال رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية. فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا. فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله. إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

 
قال العبد : الرؤية والشهود والسماع من العبد المصلَّي للحق ، قد تكون ببصر الإيمان ، وقد تكون ببصر البصيرة والفهم ، وقد تكون بالرؤية البصرية ، فيتمثّل الحق متجلَّيا مشهودا له ، قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع هذه كلَّها للعبد الكامل أو الفرد النادر ، وقد ينفرد كلّ واحد منها بواحد واحد منها ، وهكذا في السمع ، والذي يجمع له بين الكلّ فهو أكمل الكلّ .

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

قال رضي الله عنه :  ( ولما كانت الصلاة مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسة الحق ، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه فهذه مشاهدة ورؤية فإن لم يكن ذا بصر لم يره ، فمن هنا يعلم المصلى رتبته ، هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه متخيله في قبلته عند مناجاته ، ويلقى السمع لما يرد به عليه من الحق ، فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه ، فإن كل مصل فهو إمام بلا شك ، فإن الملائكة تصلى خلف العبد إذا صلى وحده ، كما ورد في الخبر )   ،
وكما بين في غير موضع أن كل جزء من العالم موجود في الإنسان إما بصورته كالعناصر ، وإما بحقيقته وعينه كالأفلاك وسائر الأشياء ، فيكون العالم فيه والملائكة قواه الطبيعية والنفسانية والروحانية ( فقد حصل له رتبة الرسول في الصلاة ، وهي النيابة عن الله تعالى ) فقوله قد حصل له جواب الشرط

قال رضي الله عنه :  ( وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فيخبر عن نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه ، فتقول الملائكة والحاضرون : ربنا لك الحمد ، فإن الله تعالى قال على لسان عبده :  سمع الله لمن حمده)
اعلم أن الرؤية والسماع والشهود من العبد المصلى للحق ، قد يكون بقوة الإيمان واليقين حتى يكون خاتمة اليقين منه بمثابة الإدراك البصري والسمعي ، أعنى في قوة الضروريات والمشاهدات ،
وقد يكون ببصر القلب : أي نور البصيرة والفهم ، أعنى بنور تجليات الصفات الإلهية للقلب حتى صار العلم عيانا ، وقد يكون بالرؤية البصرية فيتمثل له الحق متجليا مشهودا له قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع الله هذه كلها لعبده الكامل الأوحدي، وقد يختص كل واحد.

 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما كانت ) الصلاة ( مناجاة ، فهي ذكر ، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق . فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال : "أنا جليس من ذكرني" . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر )


كقوله رضي الله عنه  : ( فبصرك اليوم حديد ) ( رأى جليسه . فهذه ) أي ، الصلاة ( مشاهدة ورؤية ) أي ، يحصل للمصلى الشهود الروحي والرؤية العينية في مواد الأعيان الموجودة الروحانية والجسمانية .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن لم يكن ذا بصر ) وعرفان أنه هو المتجلي لكل شئ وهو المتجلي عن كل شئ . ( لم يره . فمن هناك يعلم المصلى رتبته : هل يرى الحق هذه الرؤية ) العيانية


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( في هذه الصلاة، أم لا. فإن لم يره، فليعبده بالإيمان كأنه يراه ) كالمؤمنين المحجوبين . ( فيخيله في قبلته عند مناجاته ، ويلقى السمع لما يرد به عليه من الحق ) من الواردات الروحانية والمعاني الغيبية ( فإن كان إماما لعالمه الخاص به ) أي ، للأناسي .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وللملائكة المصلين معه - فإن كل مصل فهو إمام بلا شك ، فإن الملائكة تصلى خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة . ) لأن إمامة الناس من مراتب الرسول .
وقوله رضي الله عنه  : ( فقد حصل ) جواب الشرط . أي ، فإن كان إماما للناس ، فقد حصل له رتبة الرسول .
ولما كانت الإمامة قياما بحقوق العباد وهي من جملة شؤون الحق ،

قال رضي الله عنه : ( وهي النيابة عن الله . وإذا قال : "سمع الله لمن حمده" ) فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه  أي ، يخبر الإمام نفسه لمن اقتداه بأن الله سمع حمد من حمده ومناجاة من ناجاه . وذلك لأنه مشاهد ربه وعالم بأنه سمع حمد الحامدين .

فتقول الملائكة والحاضرون : ربنا ولك الحمد . فإن الله تعالى قال على لسان عبده : "سمع الله لمن حمده ".  
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:08 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والعشرون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسه الحقّ ؛ فإنّه صحّ في الخبر الإلهيّ أنّه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » ) رواه ابن أبي شيبة في المصنف.
(ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه ، فهذه مشاهدة ورؤية ؛ فإن لم يكن ذا بصر لم يره ، فمن هاهنا يعلم المصلّي رتبته هل يرى الحقّ هذه الرؤية في هذه الصّلاة، أم لا؟
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه فيخيّله في قبلته عند مناجاته ، ويلقي السّمع لما يرد به عليه من الحقّ ).
 
ثم رجع إلى بيان ما أجمل من مقدمات كونها مشاهدة ، فقال : ( ولما كانت ) الصلاة ( مناجاة ) ، لما روي أنس عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال : « إن أحدكم إذ قام إلى الصلاة ، فإنما يناجي ربه ، وإن ربه بينه وبين القبلة ، فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ، ولكن عن يساره أو تحت قدمه ، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ، ثم رد بعضه على بعض ، فقال : أو يفعل هكذا » رواه البخاري ومسلم
 
( فهي ذكر ) إذ المناجاة مكالمة ، وقد قال تعالى :"وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي" [ طه : 14].
(ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق ، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه قال : « أنا جليس من ذكرني » ) ، والمراد ما يلازم المجالسة من الرؤية ، وذلك أن ( من جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه ) ، ولكن لا يمكن رؤية الحق بالبصر الظاهر في الدنيا ، ( فهذه ) الرؤية لذاكره ( مشاهدة ) قلبية ، ( ورؤية ) روحية إن كان لقلبه وروحه بصر ، ( فإن لم يكن ) الذاكر ( ذا بصر ) قلبي ولا روحي
 
( لم يره ) ، كما لا يبصر أعمي العين الظاهرة جليسه ، والمصلي ذاكر ، ( فمن هنا ) أي : من رؤية الذاكر البصير ، وعدم رؤية الذاكر الأعمى ( يعلم المصلي رتبته هل ) هي رتبة الذاكر البصير ، فهو ( يرى الحق هذه الرؤية ) القلبية أو الروحية ( في هذه الصلاة ) التي هي جامعة وجوه الذكر ، أو هي رتبة الذاكر الأعمال ، فهو لا يرى الحق هذه الرؤية .
 
(فإن لم يره هذه الرؤية فليعبده بالإيمان ) الموجب اعتقاد قربه كما يعتقد الجليس الأعمى قرب جليسه ، فتبلغ بذلك رتبة الإحسان ، فيصير ( كأنه يراه فتخيله في قبلته عند مناجاته ) كما ورد به الحديث المذكور آنفا ، ( ويلقي السمع ) في حالتي الرؤية والإحسان ( لما يرد عليه من الحق ) في معاني كلامه ، وفيما يأتي به من سائر الأفعال إذ يصير كأنه يسمع من اللّه تعالى على ما نقله الشيخ شهاب الدين السهروردي في الباب الثاني من « العوارف » عن الإمام جعفر الصادق : "أنه خرّ مغشيا عليه ، وهو في الصلاة ، فسئل عن ذلك ، فقال : ما زلت أردد الآية حتى سمعتها من المتكلم بها " .
 
قال رضي الله عنه :  (فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به وللملائكة المصلّين معه فإنّ كلّ مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلّي خلف العبد ؛ إذا صلّى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرّسول في الصّلاة ، وهي النّيابة عن اللّه ، وإذا قال : سمع اللّه لمن حمده ، فيخبر نفسه ومن خلفه بأنّ اللّه قد سمعه ، فتقول الملائكة والحاضرون : ربّنا ولك الحمد ؛ فإنّ اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده )
 
ثم قال الشيخ شهاب الدين رحمه اللّه : فالصوفي لما حالت له ناصية التوحيد ، وألقى سمعه عند سماع الوعد والوعيد ، وقلبه ضاق بالتخلص عما سوى اللّه صار بين يدي اللّه حاضرا شهيدا يرى لسانه ولسان غيره له في التلاوة كشجرة موسى عليه السّلام حيث أسمعه اللّه منها خطابه إياه :"إِنِّي أَنَا اللَّهُ "[ القصص : 30 ] ، ولكن إن لم يكن هذا إلماما لعالمه لم تحصل له رتبة الرسول مع هذا السماع من اللّه تعالى ، ( فإن كان إماما لعالمه الخاص وبه للملائكة المصلين معه ) قيد بذلك ؛ لأن إمامته للملائكة وحدهم لا تبلغه هذه الرتبة ، إذ لا تبلغ صلاتهم بسببه إلى خمس وعشرين صلاة أو سبع وعشرين ، بل هم يكملون صلاته ومع ذلك هو إمامهم ، ( فإن كل مصلّ ) إمام كان في الظاهر أو منفرد ( هو ) إمام لعالمه أو للملائكة ( بلا شك ) ،
 
( فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر ) ، وهو قوله عليه السّلام فيما رواه صاحب « قوت القلوب » و « العوارف » : « إن العبد إذا قام للصلاة ، رفع اللّه الحجاب بينه وبينه ، وواجهه بوجهه ، وقامت الملائكة من لدن منكبه إلى الهواء يصلون بصلاته ، ويؤمنون على دعائه » . ذكره ابن عجيبة في البحر المديد وأبو طالب المكي في  قوت القلوب.
 
( فقد حصل ) للمصلي عند كونه إماما لعالمه الخاص ( رتبة الرسول ) ، ( وهي النيابة عن اللّه ) في إيصال فيضه إلى الجماعة بما يجعل صلاتهم الواحدة خمسا وعشرين أو سبعا وعشرين ، وقد ناب عنه ( إذا قال : سمع اللّه لمن حمده ) ، كأنه سمع على لسانه من اللّه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.  ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
 
الحقّ بمرأى ومسمع المصلي
قال رضي الله عنه :  ( ولما كانت ) الصلاة المذكورة لقسمتها بين الله وبين العبد ( مناجاة ) - على ما ورد : « المصلي يناجي ربّه » - ( فهي ذكر ) ضرورة ، ( ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسة الحقّ ، فإنّه صحّ عن خبر إلهي أنّه تعالى قال : « أنا  جليس من ذكرني » ) وهو الحضور في مستقرّ التمكَّن على مجلى السمع والبصر .
أمّا الأول فظاهر ، لأنّ الذكر إنّما يتحقّق في السمع .
وأما الثاني : فلأنّ ( من جالس من ذكره - وهو ذو بصر - رأى جليسه ) بالضرورة ، وإلَّا لم يكن جليسه ( فهذه مشاهدة ) وهو الحضور بجوامع الحواسّ - ولهذا يسمّى عالم المحسوسات : عالم الشهادة - ( ورؤية ، فإن لم يكن ذو بصر لم يره ) وإن سمع كلامه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن هنا يعلم المصلَّي رتبته : هل يرى الحقّ هذه الرؤية في هذه الصلاة ، أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه ) وهو المسمّى بـ "الإحسان " وهو دون المشاهدة وأعلى من الإيمان الغيبي ، لأنّه مشبه بالرؤية ، وهو الصورة الخياليّة ، كما ورد في الحديث : « اعبد ربّك كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك »
 
قال رضي الله عنه :  ( فيخيّله في قبلته عند مناجاته ) ، فإنّ الصورة الخياليّة هي التي بمنزلة الصورة المبصرة هذا أقلّ ما للعبد في مجلى البصر في صلاته .
 
وأما السمع ، فقد ظهر أمره في الصلاة أيضا ( و ) ذلك لأنّه ( يلقي السمع لما يرد به عليه الحق ) ، فالصلاة الكاملة هي الجامعة بين المشهدين الكماليّين الختميّين ، على ما نبّهت عليه غير مرّة في معنى قوله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ".
 
 المصلَّي في مقام الرسالة  
هذا ما يتعلَّق بباطن الصلاة من أحكام الولاية ، وأمّا ما يتعلَّق بالظاهر منها : ( فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به ) من الأشخاص المشتركين معه في ذلك العالم - هذا إن كان إماما - ( وللملائكة المصلَّين معه ) إن لم يكن إماما لعالمه الخاصّ به ، ( فإنّ كل مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلَّى وحده - كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرسول في الصلاة ، وهي النيابة عن الله ) في الإنباء عمّا عليه الحقّ من الصفات الثبوتيّة
 
التي له عندما حمده الحامدون ، ( إذ قال : « سمع الله لمن حمده » ، فيخبر نفسه ومن خلفه ) - من أهل عالمه والملائكة المصلَّين معه - ( بأنّ الله قد سمعه ، فيقول الملائكة والحاضرون ) عندما بلغهم ذلك النبأ الكريم من المصلَّي : ( " ربّنا لك الحمد " ) تصديقا للمبلَّغ وإيمانا به ، ( فإنّ الله قال على لسان عبده : « سمع الله لمن حمده » ) فلسان العبد في هذا القرب آلة لقول الحقّ الذي به يفصل ، وهو المسمّى بقرب الفرائض .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.  ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )

قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسه الحقّ . فإنّه صحّ في الخبر الإلهيّ أنّه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه . )
( ولما كانت ) ، أي الصلاة ( مناجاة ) لما قال عليه السلام المصلي يناجي ربه ( فهي ) ، أي الصلاة ( ذكر ) للحق سبحانه لأنه لا بد في مناجاة الحق من ذكرنا ولو بمجرد خطوره وحضوره في القلب ( ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق . فإنه صح في الخبر الإلهي بأنه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » رواه ابن أبي شيبة  "الرجل يذكر اللّه وهو على الخلاء أو وهو يجامع" . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه .

قال رضي الله عنه :  ( فهذه مشاهدة ورؤية . فإن لم يكن ذا بصر لم يره . فمن ههنا يعلم المصلّي رتبته هل يرى الحقّ هذه الرّؤية في هذه الصّلاة ، أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه فيخيّله في قبلته عند مناجاته ، ويلقي السّمع لما يرد به عليه من الحقّ .
فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به وللملائكة المصلّين معه - فإنّ كلّ مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلّي خلف العبد ؛ إذا صلّى وحده كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرّسول في الصّلاة . وهي النّيابة عن اللّه . وإذا قال سمع اللّه لمن حمده . فيخبر نفسه ومن خلفه بإنّ اللّه قد سمعه . فتقول الملائكة والحاضرون ربّنا ولك الحمد . فإنّ اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده . ).
(فهذه ) الصلاة ( مشاهدة ) عيانية روحانية في المقام الجمعي ( ورؤية ) عينية بصرية في المظاهر الفرقية ( فإن لم يكن ذا بصر لم يره فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه ) ، وهو المسمى بالإحسان وهو المشاهدة وأعلى من الإيمان الغيبي ، لأنه مشبه بالرؤية وهي الصورة الخيالية ( فيخيله في قبلته عند مناجاته ويلقي السمع لما يرد به ) ، الباء للتعدية ، أي لما أورده عليه ( الحق ) من الواردات الروحانية والمعاني العينية .
 
( فإن كان إماما لعالمه الخاص به ) ، من الأشخاص المشاركين له في هذا العالم في الصلاة ( وللملائكة المصلين معه ) ، إن لم يكن إماما لعالمه الخاص به ( فإن كل مصل فهو إمام بلا شك ، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسول في الصلاة ) ،
فإن الإمامة للناس من مراتب الرسالة وقوله : فقد حصل له جواب الشرط ( و ) الصلاة ( هي النيابة عن اللّه . وإذا قال ) المصلي نيابة عن اللّه ( سمع اللّه لمن حمده)  فيخبر نفسه ومن خلفه بأنّ اللّه قد سمعه أي قبل حمد من حمده .
( فتقول الملائكة والحاضرين ) ، أي مع الحاضرين  ربنا ولك الحمد ، فإن اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:09 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثامنة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثامنة والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد. وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر علوّ رتبة الصّلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها . فمن لم يحصّل درجة الرّؤية في الصّلاة فما بلغ غايتها ولا كان له قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه . فإن لم يسمع ما يرد من الحقّ عليه فيها فما هو ممّن ألقى السّمع . ولا سمعه . ومن لم يحضر فيها مع ربّه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصلّ أصلا ، ولا هو ممّن ألقى السّمع وهو شهيد .  وما ثمّة عبادة تمنع من التّصرّف في غيرها - ما دامت - سوى الصّلاة . وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال . وقد ذكرنا صفة الرّجل الكامل في الصّلاة في الفتوحات المكيّة كيف تكون لأنّ اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ، لأنّه شرع للمصلّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له مصلّ .وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُيعني فيها : أي الذّكر الّذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثّناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء للّه تعالى . ولذلك قال :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ[ العنكبوت : 45 ] . وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ ق : 37 ] فإلقاؤه السّمع هو لما يكون من ذكر اللّه إيّاه فيها .)
 
قال رضي الله عنه :  (فانظر) يا أيها السالك (علو رتبة الصلاة) عند اللّه تعالى (وإلى أين تنتهي) ، أي تصل (بصاحبها) من مقامات القرب إلى اللّه تعالى .
 
قال رضي الله عنه :  (فمن لم يحصل) بتوفيق اللّه تعالى له (درجة الرؤية) الإلهية (في الصلاة فما بلغ غايتها) ، أي الصلاة (ولا كان له) ، أي لذلك المصلي (فيها) ، أي في الصلاة (قرة عين) برؤية المحبوب الحق لأنه لم ير من يناجيه لما في قلبه من العمى عنه .
 
قال تعالى :فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[ الحج : 46 ] .
وهذه فروع الإيمان الأربعة لكل واحد منها رتبة خاصة إلهية ، فالصلاة الرؤية الإلهية بقوله عليه السلام : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » .
 وللصوم لقاء اللّه تعالى لقوله عليه السلام : « للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه » . رواه مسلم و الترمذي في سننه ورواه غيرهما.
 وللزكاة طيب النفس ، لقوله عليه السلام في حديث : « صلوا خمسكم » إلى أن قال : « وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم » . رواه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة الباهلي ورواه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ، ترجمة يزيد بن مرثد .
 وللحج الزيارة إلى بيت اللّه تعالى ومصافحته سبحانه لقوله عليه السلام : " الحجر الأسود يمين اللّه في الأرض " . رواه عبد الرزاق في المصنف ورواه الديلمي في الفردوس .
 
 ، والشهادتان إخبار عن المعاينة والشهود والرؤية ، فهذه أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها ، فالإسلام أحوال قلبية لها في الظاهر الإشارة الفعلية ، وأصل هذا كله التصديق بالقلب ، وهو الإيمان ، فمن لم يتيقن الإيمان ويتحقق بالإيقان لم يتوصل إلى مقام الإسلام .
 
قال رضي الله عنه :  (وإن لم يسمع) هذا المصلي (ما يرد به الحق) تعالى (عليه) من المخاطبات الأنسية والمناجاة القدسية (فيها) ، أي في الصلاة (فما هو) ، أي ذلك المصلي (ممن ألقى) ، أي هيأ (السمع) لما يرد به الحق تعالى (ولا سمعه) ، أي ما يرد به الحق تعالى (ومن لم يحضر فيها) ، أي في الصلاة (مع ربه) تعالى باليقظة وزوال الغفلة عن قلبه (مع كونه) أيضا (لم يسمع) ما يرد به عليه ربه تعالى في صلاته كما مر (فليس بمصل أصلا) بل هو مشبه بالمصلي في أداء الأركان وقلبه فيما هو فيه من أحوال الدنيا كما كان (ولا هو) ، أي ذلك المصلي ممنأَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق  :37]. لصممه وعماه عمن يناجيه ويتجلى عليه بحسب ما يريد .
 
قال رضي الله عنه :  (وما ثم) ، أي هناك (عبادة) للّه تعالى (تمنع من التصرف في غيرها) من العبادات أو العادات (ما دامت) قائمة تلك العبادة (سوى الصلاة) فإنها خلوة شرعية وحظوة إلهية (وذكر اللّه) تعالى (فيها) ، أي في الصلاة (أكبر ما فيها) ، أي الصلاة من الأعمال .
قال تعالى :وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ[العنكبوت :45] ، والذكر شامل لقراءة القرآن وغيرها (لما تشتمل) ، أي الصلاة (عليه من أقوال وأفعال) وتجليات وأحوال ، وعلوم إلهية ، وإلهامات ربانية ، وإشارات لائحة ، وحقائق معارف فائحة (وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة) على أتمّ الوجوه (في) كتاب (الفتوحات المكية كيف يكون) في ظاهره وباطنه (لأن اللّه) تعالى يقول عن هذه الصلاة المذكورة إِنَّ الصَّلاةَ[ النّساء : 103 ] ،
 
أي الكاملة وهي لا تكون إلا من الكامل (" تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ")[ العنكبوت : 45 ] فتحفظ صاحبها مدة عمره من مهالك الدنيا والآخرة .
 
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إذا أراد اللّه بقوم عاهة نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم » . رواه ابن عدي والديلمي في مسند الفردوس وأهل المساجد هم المصلون (لأنه) ، أي الشأن (شرع) بالبناء للمفعول (للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة) التي هي الصلاة (ما دام) ذلك المصلي فيها ، أي في الصلاة (ويقال له) في الشرع (مصل) لإتيانه بأفعال الصلاة وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ[ العنكبوت : 45 ] .
 
كما قال تعالى (يعني فيها) أي في الصلاة وهو (الذكر الذي يكون من اللّه) تعالى (لعبده حين يجيبه) ، أي يجيب اللّه تعالى عبده (في سؤاله) ، أي دعائه وطلبه منه والثناء عليه كما سبق في الحديث (أكبر من ذكر العبد ربه) تعالى (فيها) ، أي في الصلاة (لأن) أكبر مشتق من الكبرياء ، أي العظمة وذلك (للّه تعالى) لا لغيره فهي لذكره لا لذكر غيره (ولذلك قال) تعالى ("يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ") [ العنكبوت : 45 ] .
 
أي لا يخفى عليه صنعكم ومنه ذكركم فهو دون ذكره (وقال) تعالى (" أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ" [ ق :37] فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه) تعالى (إياه) ، أي العبد (فيها) ، أي في الصلاة لعظمة الذكر .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر علوّ رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين لأنه لم ير من يناجيه فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى اسمع ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصلّ أصلا ولا هو ممنأَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) فكانت الفردية الثلاثة في الصلاة مرتبة الحضور وهي أدنى مرتبة للصلاة ومرتبة السمع ومرتبة الرؤية فمن صلى الصلاة خارجة عن أحد هذه الثلاثة لم يكن مصليا ( وما ثمة ) أي وما في جنس العبادة أو في العالم ( عبادة تمنع ) أي تمنع العابد .
 
قال رضي الله عنه :  ( من التصرف في غيرها ما دامت ) أي مدة بقائها ودوامها ( سوى الصلاة وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل ) الصلاة ( عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية ) فلا يكون في الصلاة فعل أو قول خارج عن أقوال الصلاة وأفعالها ( كيف يكون لأن اللّه تعالى يقول :"إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ" لأنه ) أي لأن الشأن ( شرع للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له مصل ولذكر اللّه أكبر يعني فيها ) أي في الصلاة .
 
قال رضي الله عنه :  ( أي الذكر الذي يكون من اللّه تعالى لعبده حين يجيبه في سؤاله والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها لأن الكبرياء للَّه تعالى ولذلك ) أي ولأجل أن ذكر اللّه فيها أكبر ( قال : واللّه يعلم ما تصنعون وقال : أو ألقى السمع وهو شهيد فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه إياه فيها).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )
 
قال رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها. فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه. ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله. والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى. ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد». فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
 
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )
 
قال رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها. فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه. ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد. )
 
قال العبد : الرؤية والشهود والسماع من العبد المصلَّي للحق ، قد تكون ببصر الإيمان ، وقد تكون ببصر البصيرة والفهم ، وقد تكون بالرؤية البصرية ، فيتمثّل الحق متجلَّيا مشهودا له ، قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع هذه كلَّها للعبد الكامل أو الفرد النادر ، وقد ينفرد كلّ واحد منها بواحد واحد منها ، وهكذا في السمع ، والذي يجمع له بين الكلّ فهو أكمل الكلّ .
 
قال رضي الله عنه : ( وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة. وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل. «و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله. والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى. ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد». فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
 
يقول العبد : يتحرّك الإنسان دوريا بالإرادة ، ولكنّه بالطبع يتحرّك في نموّه على استقامة قامته ، والحيوان يتحرّك في نشئه بالطبيعة أفقيا ، والنبات يتحرّك بطبيعته منكوسا بالعروق بالأصالة ، ثم يتحرّك حركة فرعية على عكس حركته الأصلية منكوسا أيضا ، فيظنّ أنّ له حركة مستقيمة وليس ذلك كذلك ، فإنّ حركته الأصلية منكوسة ، فإنّ أصله ثابت في الأرض وإن كان فرعه في ظاهر الأرض إلى السماء .
 
ثمّ اعلم : أنّ الوجود الكونيّ ، لمّا كان عن حركة معقولة من حقيقة العالم ، خرجت بها من العدم العيني إلى الشهود الوجودي ، فكانت حركة الوجود على ثلاثة أنحاء من الحركات المعقولة الأولى كما مرّ في سرّ الألف - : حركة تنزّل ونذل من الفوق إلى التحت وهي حركة منكوسة لإيجاد عالم السفل وهو الكون ، وحركة من التحت إلى الفوق وهي حركة مستقيمة لإيجاد عوالم الأسماء الإلهية والنسب ، فإنّها إنّما توجد بوجود الكون ويندرج فيه الحركة المعراجية لإيجاد الأرواح والأنفس ، والحركة الجمعية لإيجاد العالم الإنساني الجمعي .
 
هذا في صلاة الحق ، الخصيصة به وهو التجلَّي الإيجادي - وكذلك في صلاة العبد وهو الوصل والارتباط من قبل العبد بالحق ، فتمّت بهذه الحركات الثلاث القيام والركوع والسجود ، هذا في أفعاله ، وكذلك في أقواله . كما مرّ في الفاتحة ، فانظر سرّ الفردية والتثليث ساريا في هذا القسم الأخير الذي به تتمّ الفردية المحمدية ما أطفّها وما أشرفه لمن عقل .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )
 
قال رضي الله عنه : ( فانظره علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها ، فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين لأنه لم ير من يناجيه ، فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى السمع ، ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم يره فليس بمصلّ أصلا ، ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد )
اعلم أن الرؤية والسماع والشهود من العبد المصلى للحق ، قد يكون بقوة الإيمان واليقين حتى يكون خاتمة اليقين منه بمثابة الإدراك البصري والسمعي ، أعنى في قوة الضروريات والمشاهدات ،
وقد يكون ببصر القلب : أي نور البصيرة والفهم ، أعنى بنور تجليات الصفات الإلهية للقلب حتى صار العلم عيانا ،
وقد يكون بالرؤية البصرية فيتمثل له الحق متجليا مشهودا له قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع الله هذه كلها لعبده الكامل الأوحدي ،
وقد يختص كل واحد منهم ، اللهم اجعلنا من الجامعين الذين جمعت لهم كلمات الأولين والآخرين من المحمديين البالغين السابقين برحمتك يا أرحم الراحمين .
 
( وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) أي ما بقيت بمعنى ما ثبتت واستقرت ، وهي قوله :" ما دامَتِ السَّماواتُ والأَرْضُ " فتكون تامة لا ناقصة .
"" أضاف بالي زاده :-
فكانت الفردية الثلاثة في الصلاة مرتبة الحضور ، وهي أدنى مرتبة الصلاة ، ومرتبة السمع ، ومرتبة الرؤية وبدون هذه الثلاثة لا يتم أداء الصلاة  .أهـ بالى زاده ""



قال رضي الله عنه :  ( سوى الصلاة ، وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله يقول " إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ "لأنه شرع للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها ، ويقال له : مصل ، ولذكر الله أكبر ، يعنى فيها : أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها ، لأن الكبرياء لله تعالى ، ولذلك قال :" والله يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ " وقال :" أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ " وإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها ،)
 
المراد بالحركة المستقيمة ليس ما عدا المستديرة كما هو اصطلاح الحكماء ، بل التي تكون من جهة السفل إلى العلو على أحسن التقويم ، وهو ما يضاد المنكوسة .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتقول الملائكة والحاضرون : ربنا ولك الحمد . فإن الله تعالى قال على لسان عبده : "سمع الله لمن حمده ". فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها . فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة ، فما بلغ غايتها ، ولا كان له فيها قرة عين ، لأنه لم ير من يناجيه . فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها ) أي ، في الصلاة من الواردات الغيبية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو ممن ألقى سمعه . ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه ، لم يسمع ولم ير ، فليس بمصل أصلا ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد . ) أي ، أدنى مرتبة الصلاة الحضور مع الرب .
فمن لا يرى ربه فيها ولا يشهد شهودا روحانيا أو رؤية عيانية قلبية أو مثالية خيالية أو قريبا منه المعبر عنه بقوله ، عليه السلام : " أعبد الله كأنك تراه " .
ولا يسمع كلامه المطلق بغير واسطة الروحانيات وبواسطة منهم ولا يحصل له الحضور القلبي المعبر عنه : "فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك" . أي فاعلم أنه يراك ، فليس بمصلي . وصلاته أفادت له الخلاص من القتل ، لا غير .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما ثمة عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) أي ، ما بقيت وثبتت .
ف‍ ( ما دامت ) تامة لا ناقصة ، كقوله تعالى : ( خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض ) .
( سوى الصلاة ، وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل ) الصلاة ( عليه من أقوال وأفعال ) ( اللام ) في ( لما تشتمل ) ، مستعمل بمعنى ( من ) للبيان . أي ، مما يشتمل عليه الصلاة من الأقوال والأفعال .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوح المكية كيف يكون . )
هذا اعتراض وقع بين المدلول ودليله وهو قوله : ( لأن الله يقول : "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء" أي ، عن المناهي "والمنكر" . ) أي ، عن الاشتغال بغيره . سواء كان مباحا في غير الصلاة ، أو لم يكن . فالمنكر أعم من الفحشاء .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لأنه ) الضمير للشأن ( شرع للمصلى ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و ) ما دام ( يقال له مصل . ) هذا تعليل أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .
وبيان أن الإنسان إذا اشتغل في الصلاة بالقراءة والذكر والأفعال المخصوصة ، لا يمكن أن يشتغل بغير هذه الأشياء ، فبالضرورة ينتهى عما سواها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( "ولذكر الله أكبر" . يعنى فيها . ) من تتمة الدليل الأول على أن ذكر الله أكبر ما فيها .
ولما كان هذا القول أعلى ولذكر الله أكبر إشارة إلى معنيين ، أحدهما ذكر الحق العبد وثانيهما عكسه ، والأول من تتمة الدليل ، أراد أن يشير إلى المعنى الثاني ، لأن ذكر العبد ربه نتيجة ذكر الرب عبده ،
فقال رضي الله عنه  : ( أي ، الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها ، لأن الكبرياء لله تعالى . )
لما قال إن الذكر في الصلاة أكبر شئ فيها ، وكان الذكر من الطرفين ، قال الذكر الذي من طرف الحق هو أكبر من الذي من طرف العبد ، لأن الكبرياء حقيقة الحق سبحانه وتعالى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولذلك قال : "والله يعلم ما تصنعون" ) أي ، ولأجل أن الصلاة مشتملة على الأقوال والأفعال ، قال الله تعالى : ( والله يعلم ما تصنعون )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال :"أو ألقى السمع وهو شهيد" فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.) أي إلقاء السمع أن يسمع ذكر الله إياه في صلاته ، ويفهم المراد منه بسمع قلبه وفهم روحه .

 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:10 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثامنة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثامنة والعشرون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )

قال رضي الله عنه : ( فانظر علوّ رتبة الصّلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها ) رواه البخاري ومسلم .
فمن لم يحصّل درجة الرّؤية في الصّلاة فما بلغ غايتها ولا كان له قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه ، فإن لم يسمع ما يرد من الحقّ عليه فيها فما هو ممّن ألقى السّمع ، ولا سمعه ، ومن لم يحضر فيها مع ربّه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصلّ أصلا ، ولا هوأَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] ) .

 ( فيخير نفسه ومن خلفه ) من الناس والملائكة ، ( فإن اللّه قد سمعه ) فيصدقه المخبر لهم ما سمعوا على لسانه من قول اللّه ، ( فيقول ) المخبر لهم وهم ( الملائكة ) ، وإنما تسرون ربنا لك الحمد كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال : « إذا قال الإمام : سمع اللّه لمن حمده ، فقولوا : اللهم ( ربنا لك الحمد ) ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » .
وإلا فلا معنى لهذه الأخبار منه ، وهذا القول منهم عقيب قوله ، فتعين أن اللّه نزله منزلة الرسول الذي ينطق على لسانه ، كما أشار إليه بقوله : ( فإن اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده ) .

 كما ورد في قصة شعيب عليه السّلام : أنه نطق اللّه تعالى على لسانه كما نقله محيى السنة في تفسير قوله تعالى :"وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ" [ الإسراء : 4 ] من معالم التنزيل ، وإذا كان للمصلي رتبة رؤية الحق وسماع كلامه وإمامة الملائكة ، وقد يبلغ في ذلك رتبة الرسل ، ( فانظر علو رتبة الصلاة ، وإلى أين تنتهي بصاحبها ) من مراتب الرسل الذين ينطق على لسانهم الحق ، وذلك بمشاهدة الحق فيها ، وسماع كلامه منه فيها ، ( فمن لم تحصل له درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ) ، أي : المقصود منها ، ( ولا كان له ) فيها ( قرة عينه ) اللازمة لغايتها ؛ ( لأنه لم ير من يناجيه ) وهي غاية الصلاة .

( فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها ) من جواب قراءته ، وبيان معانيها الخفية ، وأشار أنها اللطيفة وسائر ما يتعلق بالأذكار والأفعال ، ( فما هو ممن ألقى السمع ) ، كما أنه ليس بصاحب الطيب الرائي ، ( ومن لم يحضر فيها مع ربه ) الذي يذكره كما هو شأن من يعبده بالإيمان ( مع كونه لم يسمع ولم ير ) ، أشار بذلك إلى أنه لا يطلب حضور الفاني في الحق والباقي به الرائي إياه ببصره ، والسامع منه بسمعه ، ( فليس بمصلّ أصلا ) عند اللّه ، وعند أصله في حكم الآخرة وإن كانت صلواته تمنع قتله ، وأفتى بصحتها فقهاء الدنيا ،
(ولا ) يقال : ( هو ممن ألقى السمع ) ، لكنه لم يسمع لعدم حضوره ؛ لأنا نقول لا يتصور إلقاء السمع من أحد إلا ( وهو شهيد ) ، وكيف لا يشرط الحضور في صحتها .

قال رضي الله عنه :  ( وما ثمّة عبادة تمنع من التّصرّف في غيرها ما دامت سوى الصّلاة ، وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال ، وقد ذكرنا صفة الرّجل الكامل في الصّلاة في « الفتوحات المكيّة » كيف تكون لأنّ اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ[ العنكبوت : 45 ] ، لأنّه شرع للمصلّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له : مصلّ ،وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ[ العنكبوت : 45 ] ، يعني فيها : أي الذّكر الّذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثّناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء للّه تعالى ، ولذلك قال :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ[ العنكبوت : 45 ] ، وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] فإلقاؤه السّمع هو لما يكون من ذكر اللّه إيّاه فيها ) .

( وما ثمة عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) باقية ( سوى الصلاة ) ، كما أن التصرف فيها شاغل عن الحضور فيها ، كيف والإخلال بالحضور إخلال مقصود الذكر ، ( وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما يشتمل عليه من أقوال وأفعال ) لا تقصد بعينها لذكر اللّه فيها ، فإذا أخل بمقصود الذكر ، فقد أخل بأكبر ما فيها وللتكبر حكم الكل ، ( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في « الفتوح المكية » كيف تكون ) في أقواله وأفعاله فيها مستحضرا لمعانيها ، منتظرا لما يرد عليه من الحق فيها ، والغفلة عنها من الفواحش المنافية للصلاة ؛ ( لأن اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [ العنكبوت : 45 ] ، وينعكس بعكس النقيض إلى أن كل ما لا ينهى عن الفحشاء والمنكر فليس بصلاة ، وإنما كانت الغفلة عنها من الفواحش ؛ ( لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها ) ؛ لأن التصرف في غيرها موجب للغفلة عنها ، وخلاف المشروع فاحشة ، وهذا التصرف وإن لم يكن فاحشة في سائر الأوقات في حق المصلي وغيره ، ولكنه فاحشة في حق المصلي ما دام ( يقال له : مصلّ ) ، وكيف لا يكون فاحشة في حقه ، وهو إعراض عن سماع ذكر اللّه إياه وقت قيامه بين يديه ؟ ! كما أشار إليه بقول :(" وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ") [ العنكبوت : 45 ] .

ولما توهم من إطلاقه أن اللّه تعالى ذاكر له في كل حين ، فيكون كل تصرف شغل عنه فاحشة ، لكن ليس كذلك بالاجتماع ، قال : ( يعني فيها ) ، بدليل أن ذكره تعالى مرتب على ذكر العبد في قوله :"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ" [ البقرة : 152 ] ،


ولما توهم جواز كونه من إضافة المصدر إلى المفعول والاسم المقصود ، قال ( أي : الذكر الذي يكون مع اللّه لعبده ) ، وأشار إلى وجه تخصيصه بحال الصلاة بقوله : ( حين يجيبه في سؤاله ، والثناء عليه ) على ما يدل عليه حديث قسمة الصلاة ( أكبر من ذكر العبد ربه فيها ) ، فهو وإن كان ذاكرا معرض عما هو أكبر ، فكأنه معرض مطلقا ، واستدل على أن المراد إضافة المصدر إلى الفاعل بقوله : ( لأن الكبرياء للّه ) ، ولو كان ذكر اللّه أكبر ، لكان له الكبرياء وهو باطل ؛ ( ولذلك ) أي : ولكبر هذا الذكر ذكر الحق المعرض بالوعيد الشديد ، والمقبل بالمدح ، إذ هم ( قال ) تعالى في حق المعرض :( "وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ") [ العنكبوت : 45 ] .

( وقال ) في حق المقبل :("أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ ق : 37 ] ) ، فألحقه بصاحب القلب ، والآية وإن لم تنزل في حق المصلي خاصة ، فهو داخل فيها ، ( فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه إياه فيها ) وهو ثابت بالنص ، فلا يكون من جملة تخيلاته ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم  

 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.

وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )


المصلَّي إذا لم يحصل الدرجة المطلوبة
قال رضي الله عنه :  ( فانظر علوّ رتبة الصلاة ) ظاهرا وباطنا ( وإلى أين تنتهي بصاحبها ) ، حيث أنّه قد أوصله في مواطن الولاية بمشهدي السمع والبصر ، الذي هو أنهى مدارج الكمّل في التقرّب بقرب النوافل ، وفي مواقف النبوّة برتبة الرسالة ، المنطوية على إبلاغ قربي الفرائض والنوافل حقّهما .

أمّا الأول فلما مرّ . وأمّا الثاني فإليه أشار بقوله : ( فمن لم يحصّل درجة الرؤية في الصلاة ) تحصيل جعل منه واختيار ( فما بلغ غايتها ) المطلوبة منها ( ولا كان له فيها قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه ، فإن لم يسمع ما يردّ به الحقّ عليه فيها ) - أي في الصلاة من الكلام عند القربين المذكورين - ( فما هو ممن ألقى السمع ومن لم يحضر فيها مع ربّه ) بالمشاهدة الحسّية التي هي مواطن القرب ، وأقلَّها الموطن الخيالي ، المعبّر عنه ب « الإحسان » ، وهو المشهد الذي يحضر فيها العبد مع ربّه ( مع كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصلّ أصلا ) ، لعدم وصوله إلى المشهد الخيالي ، المعبّر عنه بقوله : « كأنّك تراه » ، ( ولا هو ممّن ألقى السمع وهو شهيد ) .

الصلاة هي العبادة الكاملة الجامعة
فعلم من هذا أنّ الصلاة - هذه - هي الجامعة في العبادات بين قربي النوافل والفرائض ، ( و ) لذلك تراه ( ما ثمّ عبادة تمنع من التصرّف في غيرها ما دامت ، سوى الصلاة ) التي لا يسع بالقرب الوقتيّ الذي هي تنطوي عليه في الباطن ملك مقرّب ، ولا في الظاهر نبيّ مرسل .

قال رضي الله عنه :  ( وذكر الله فيها ) - وهو الذي قال الله به على لسان عبده المسمى بقرب الفرائض - ( أكبر ما فيها ) من القربات النافلة التي للعبد ، ( لما يشتمل عليه ) الذكر ( من أقوال ) في الذكر اللفظيّ ( وأفعال ) في الذكر الذي يتعلَّق بباقي الجوارح ، باطنة وظاهرة والعبادة الكاملة هي الجامعة بين الأقوال والأفعال باطنة وظاهرة ، على ما عليه الصلاة ، كما حقّق أمره في الرسالة المعمولة في أسرارها .

قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكيّة ، كيف يكون لأنّ الله يقول : " إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ " لأنّه شرع للمصلَّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ، ويقال له : مصلّ ) ،
فالصلاة بين العبادات هي الحاصرة للعبد أن لا يتصرّف فعلا ولا قولا في غير ما شرّع فيها من الأذكار ، فهو أكبر العبادات ، ما انفكَّت شريعة منها ، وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع ، "إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً " ،

قال رضي الله عنه :  ( " وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ " يعني ما فيها ) من العبادات والقربات المودعة فيها ( أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء لله تعالى ) إذ العلوّ له في ذاته ، ( ولذلك قال : " وَالله يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ " ) ، وروح الذكر هو العلم ، فإنّ الصورة العلميّة هي أصله المقوّمة له ، وبيّن أنّ الذكر القائم بروحه العلميّ أكبر من الذكر الذي لا روح له .

ثمّ إنّه كما لا يتمّ وجوده إلَّا بعد العلم القائم بالمتكلَّم ، فلا يمكن أيضا إلَّا بعد إلقاء السمع القائم بالسامع ، ( و ) من ثمّة ( قال ) : " إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " يعلم - فإنّه مصدر العلم الكماليّ الذي يختص بالإنسان - ( " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " ) ، فوقع إلقاء السمع في مقابلة العلم ، فهو أيضا روحه وغايته الكماليّة ( وإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إيّاه فيها ) .

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.   )

قال رضي الله عنه :  ( فانظر علوّ رتبة الصّلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها . فمن لم يحصّل درجة الرّؤية في الصّلاة فما بلغ غايتها ولا كان له قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه .)
( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها ، فمن لم يحصل درجة الرؤية قي الصلاة فما بلغ غايتها ) ، المطلوبة منها ( ولا كان له فيها قرة عين لأنه لم ير من يناجيه) .

قال رضي الله عنه :  ( فإن لم يسمع ما يرد من الحقّ عليه فيها فما هو ممّن ألقى السّمع . ولا سمعه .  ومن لم يحضر فيها مع ربّه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصلّ أصلا ، ولا هو ممّن ألقى السّمع وهو شهيد . وما ثمّة عبادة تمنع من التّصرّف في غيرها - ما دامت - سوى الصّلاة . وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال . وقد ذكرنا صفة الرّجل الكامل في الصّلاة في الفتوحات المكيّة كيف تكون لأنّ اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ، لأنّه شرع للمصلّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له مصلّ .)

(فإن لم يسمع ما يرد به الحق عليه فيها ) ، أي في الصلاة ( فما هو ممن ألقى السمع ولا سمعه . ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصل أصلا ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد . وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) ، أي ما بقيت وثبتت ، فما دامت تامة ، ويحتمل أن تكون ناقصة والخبر محذوف ، أي ما دامت كائنة قائمة
( سوى الصلاة وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها ) ، وإنما ثبتت الأكبرية لذكر اللّه فيها لما تشتمل ، أي لأجل ما تشتمل الصلاة عليه من أقوال متعددة وأفعال كثيرة ومستحقرة بالنسبة إلى ذكره تعالى .
وقيل : معناه ذكر اللّه أكبر فيها ( لما تشتمل ) الذكر ( عليه من أقوال ) في الذكر اللفظي ( وأفعال ) في الذكر الفعلي الذي يتعلق بباقي الجوارح باطنة وظاهرة .

( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية ) في باب طويل من المجلد الأول .
( كيف يكون ) ، أي كيف ينبغي أن يكون الرجل الكامل في الصلاة وإنما ذكرنا صفة ذلك الرجل ، ( لأن اللّه يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [ العنكبوت : 45 ] فيبنبغي أن نبين المراد بالفحشاء والمنكر حتى يجتنب عنهما المصلي ويكون من الرجال الكاملين في صلاتهم ، فكل أمر يغاير الصلاة فاشتغال المصلي به حين هو مصل من قبيل الفحشاء والمنكر

( لأنه شرع للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و ) ما دام ( يقال له ) هو ( مصل ) فإذا تصرف في غيرها على خلاف ما شرع له فذلك التصرف منه من قبيل الفحشاء والمنكر ، وفي الفتوحات أن معناه بحسب الظاهر أن المصلي ما دام في الصلاة ما يتمكن من فعل الفحشاء والمنكر بقدرها .
وبحسب الباطن أن العبادة الحقيقية تنهى عن الفحشاء والمنكر اللذين هما بمعنى الغير ورؤية نفس السالك المتوجه إلى اللّه ، فإن هذا هو الفحشاء والمنكر المنهي عنهما لا غيره ولما كان ذكر اللّه يحتمل معنيين :
أحدهما : أن يكون من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول
والثاني : أن يكون من قبيل إضافته إلى الفاعل .

قال رضي الله عنه :  ( وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر ُيعني فيها : أي الذّكر الّذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثّناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء للّه تعالى .  ولذلك قال :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ[ العنكبوت : 45 ] . وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] فإلقاؤه السّمع هو لما يكون من ذكر اللّه إيّاه فيها. )

( ولذكر اللّه أكبر يعني فيها أي : الذكر الذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله و ) في ( الثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها ) ، أي في الصلاة ( لأن الكبرياء ) ، أي العلو ( للّه تعالى ) في ذاته وصفاته وأفعاله ( ولذلك ) ، أي لأجل أن المراد بالذكر ذكر اللّه في مقابلة ما يصنع العبد من السؤال والثناء ( قال تعالى :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) [ العنكبوت : 45 ] ،
يعني في سلامتكم من الأقوال والأفعال .
 
( وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه إياه فيها). ومن ذلك المذكور من الحقائق المودعة في الصلاة .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:10 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌


موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة التاسعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة التاسعة والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمّت الصّلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلّي ، وحركة منكوسة ؛ وهي حال سجوده فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقيّة وحركة النّبات منكوسة ؛ وليس للجماد حركة من ذاته : فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره . وأمّا قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » - ولم ينسب الجعل إلى نفسه - فإنّ تجلّي الحقّ للمصلّي إنّما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلّي . فإنّه لو لم يذكر هذه الصّفة عن نفسه لأمره بالصّلاة على غير تجلّ منه له . )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن ذلك) ، أي عظمة ذكره تعالى (أن) هذا (الوجود لما كان) صادرا (عن حركة) فلكية ملكية (معقولة) من المدبرات أمرا (نقلت العالم) كله (من العدم) الذي هو ثابت فيه غير منفي (إلى الوجود) في كل لمحة (عمت الصلاة) لكونها جامعة أنواع العبادات كجمعية الوجود أنواع المخلوقات جميع أقسام الحركات وهي ، أي الحركات ثلاث الأولى حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي واقفا على قدميه في الصلاة (و) الثانية (حركة أفقيه) ، أي في الأفق بين السماء والأرض (وهي) حركة في
 
قال رضي الله عنه :   (حال ركوع المصلي) في الصلاة (و) الثالثة (حركة منكوسة وهي) الحركة في (حال سجوده) ، أي المصلي (فحركة الإنسان مستقيمة) ، لأنه يمشي على قدميه مستقيم القامة (وحركة الحيوان أفقية) لأنها بين السماء والأرض (وحركة النبات منكوسة) ، أي في الأرض أي كل ما ينبت من الأرض فيتحرك نابتا فيها (وليس للجماد حركة من ذاته) أصلا لأنه ساكن خلقة ( فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره) كإنسان يحركه أو ريح أو نحو ذلك .
 
قال رضي الله عنه :   (وأما قوله) صلى اللّه عليه وسلم (وجعلت) بالبناء للمفعول (قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل) المذكور (إلى نفسه) صلى اللّه عليه وسلم فيقول : حبب إلى من دنياكم ثلاث النساء والطيب و "جعلت قرة عينى فى الصلاة " . مسند أحمد، والنسائى، وابن سعد، وأبو يعلى، والحاكم ووافقه الذهبى والألباني، والبيهقى، وسمويه الإصفهاني، والضياء في المختارة عن أنس.
 
قال رضي الله عنه :   (فإنّ تجلي) ، أي انكشاف (الحق) تعالى (للمصلي) في صلاته بحيث يراه يتمتع برؤيته (إنما هو راجع إليه تعالى) فهو الذي يتجلى إذا أراد (لا إلى المصلي) إذ ليس للمصلي شيء من أمره  فإنه صلى اللّه عليه وسلم لو لم يذكر هذه الصفة وهي جعل الصلاة قرة عينه (عن نفسه) عليه السلام .
 
قال رضي الله عنه :   (لأمره) ، أي اللّه تعالى (بالصلاة على غير تجل) ، أي انكشاف وظهور (منه) تعالى (له) عليه السلام .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن ذلك ) أي ومن اشتمال الصلاة الأمور العجيبة ( أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم ) أي من أعيان العلمية ( إلى الوجود ) العيني ( عمت ) جواب لما ( الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي وحركة أفقية وهي حال الركوع المصلي وحركة منكوسة وهي حال سجوده فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقية وحركات النبات منكوسة وليس للجماد حركة من ذاته فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره وأما قوله : وجعلت قرّة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه ) كما لم ينسب الحب إلى نفسه.
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن تجلى الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي ) وإنما كان تجلي الحق للمصلي من اللّه تعالى من لا المصلي ( فإنه لو لم يذكر ) الحق تعالى ( هذه الصفة عن نفسه ) بأن يقول للرسول عليه السلام : جعلت أنا قرّة عينك في الصلاة ولم يذكر الحق بلسان نبيه ( لأمره ) أي الرسول عليه السلام ( بالصلاة على غير تجل منه ) أي من الحق ( له ) أي للرسول.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
 
قال رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده. فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.  وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
 
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
 
قال رضي الله عنه : ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان من حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود ، عمّت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلَّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلَّي ، وحركة منكوسة وهي حال سجوده ، فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة وليس للجماد حركة من ذاته ، فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره .)
 
يقول العبد : يتحرّك الإنسان دوريا بالإرادة ، ولكنّه بالطبع يتحرّك في نموّه على استقامة قامته ، والحيوان يتحرّك في نشئه بالطبيعة أفقيا ، والنبات يتحرّك بطبيعته منكوسا بالعروق بالأصالة ، ثم يتحرّك حركة فرعية على عكس حركته الأصلية منكوسا أيضا ، فيظنّ أنّ له حركة مستقيمة وليس ذلك كذلك ، فإنّ حركته الأصلية منكوسة ، فإنّ أصله ثابت في الأرض وإن كان فرعه في ظاهر الأرض إلى السماء .
 
ثمّ اعلم : أنّ الوجود الكونيّ ، لمّا كان عن حركة معقولة من حقيقة العالم ، خرجت بها من العدم العيني إلى الشهود الوجودي ، فكانت حركة الوجود على ثلاثة أنحاء من الحركات المعقولة الأولى كما مرّ في سرّ الألف - : حركة تنزّل ونذل من الفوق إلى التحت وهي حركة منكوسة لإيجاد عالم السفل وهو الكون ، وحركة من التحت إلى الفوق وهي حركة مستقيمة لإيجاد عوالم الأسماء الإلهية والنسب ، فإنّها إنّما توجد بوجود الكون ويندرج فيه الحركة المعراجية لإيجاد الأرواح والأنفس ، والحركة الجمعية لإيجاد العالم الإنساني الجمعي .
 
هذا في صلاة الحق ، الخصيصة به - وهو التجلَّي الإيجادي - وكذلك في صلاة العبد وهو الوصل والارتباط من قبل العبد بالحق ، فتمّت بهذه الحركات الثلاث القيام والركوع والسجود ، هذا في أفعاله ، وكذلك في أقواله . كما مرّ في الفاتحة ، فانظر سرّ الفردية والتثليث ساريا في هذا القسم الأخير الذي به تتمّ الفردية المحمدية ما أطفّها وما أشرفه لمن عقل .
 
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا قوله : " وجعلت قرّة عيني في الصلاة" ولم ينسب الجعل إلى نفسه ، فإنّ تجلَّي الحق للمصلَّي إنّما هو راجع إليه - تعالى - لا إلى المصلَّي فإنّه لو لم يذكره بهذه الصفة عن نفسه ، لأمره بالصلاة على غير تجلّ منه له )
 
يعني  رضي الله عنه  : في شيء موجود ، فعلَّقت المشيّة بوجوده من قولهم : كل شيء بشيئيّته أي بمشيئته . و « غير شيء » ما لم يتعلَّق به المشيّة من النسب .
وقوله : « من الاستقرار » لطيفة ، وذلك أنّ العبد إنّما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه ، لقرار عينه بعين الحق حين المشاهدة ، فلا يشاهد سواه ، ويفنى هو عن نفسه وعن كل ما يسمّى سوى الحق في هذا الشهود ، وعلى هذا القرار يثبت .
وتقرّ بفتح القاف - إذا ابتهج برؤية ما يسرّه . وقرّ يقرّ - بكسر القاف - إذا ثبت ، وإنّما يقرّ عين المحبّ إذا ثبت لمشاهدته محبوبه ببقاء عين الحق وفناء عين العبد فيه عن حجابية تعيّن غيريته واتّحاد بقائه ببقاء الحق ، وهذا الشهود فوق اللقاء المنتظر الموعود ، لأنّ اللقاء يقتضي الاثنينيّة ، وهذا الشهود يقتضي أحدية العين ، فافهم .
   
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاثة : مستقيمة ، وهي حال قيام المصلى ) .
 
المراد بالحركة المستقيمة ليس ما عدا المستديرة كما هو اصطلاح الحكماء ، بل التي تكون من جهة السفل إلى العلو على أحسن التقويم ، وهو ما يضاد المنكوسة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلى وحركة منكوسة وهي حال سجوده ، فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة وليس للجماد حركة من ذاته فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره )
والمراد بهذه الحركات ، الحركات الطبيعية المحسوسة : أي التوجه من الشيء في حركته إلى جهته ، وإلا فقد يتحرك الإنسان بالإرادة حركة دورية لكنه ليس يتحرك بالطبع في نموه إلا على استقامة قامته بحيث يصعد رأسه إلى السماء كالحركة المعراجية ، والحيوان يتحرك في نموه بالطبع إلى جهة الأفق ، والنبات يتحرك بطبعه في نموه منكوسا ، فإن أصل النبات هو أصله الذي يوجهه نحو السفل ضد المستقيمة ، فحركات العالم في وجوده لا تكون إلا على هذه الأنحاء الثلاثة ،
وكذلك حركات الوجود الكوني المعقولة من حقيقة العالم التي خرجت بها من الغيب إلى الشهادة على هذه الأنحاء ، وهي الحركة الإرادية من الحق بالتوجه إلى العالم السفلى لإيجاده وهو التكوين بالحركة المنكوسة وبالتوجه إلى العالم العلوي لإيجاد عوالم الأسماء الإلهية والنسب ، وهو الإبداع بالحركة المستقيمة وتندرج فيه الحركة الإرادية لإيجاد الأرواح والأنفس ،
 
وبالتوجه إلى الأجرام السماوية المتوسطة بينهما من الأفق إلى الأفق ، فإنها على هيئة الركوع حركة أفقية هذا في صلاة الحق المختصة به في التجلي الإيجاد ، وكذا في الصلاة العبد باتصاله وارتباطه بالحق بهذه الحركات الثلاث ، أي القيام والركوع والسجود هذا في أفعاله ، وأما في أقواله فقد مر في الفاتحة فانظر إلى سريان سر الفردية المحمدية بالتثليث في كل تطلع على عجائب :
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله « وجعلت قرة عيني في الصلاة » ولم ينسب الجعل إلى نفسه ، فإن تجلى الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلى ، فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له )
 
يعنى في شيء موجود تعلقت المشيئة بوجوده من قولهم ، كل شيء بمشيئة الله تعالى أي بمشيئته وغير شيء ما تتعلق به المشيئة من الأعيان والنسب والتجليات ، وإنما أخذ القرة من الاستقرار : أي القرار ، لأن من شاهد حبيبه استقرت عينه : أي ثبتت وقرت من القرار فلا تلتفت إلى غيره ، ولهذا يقال : قرير العين بمعنى المسرور ، فإن كل مسرور فسروره إنما هو بوصول مطلوبه فلا بد تولى غيره ،
 
وقيل : من القر أي البرد ، لأن السرور تبرد عينه والمغموم تسخن عينه ، لأن برودتها إنما يكون بسكونها وقرارها بالنظر إلى ما يسره وسخونها لحركتها واضطرابها في طلب ما يسره فهو لما ذكر تعليل الحركة بالخوف ،
 
وفي الأصل معللة بالحب لكن المحجوب عند السبب القريب ، وأهل الكشف يذهبون إلى الأصل بخرق الحجب ، فالعبد إنما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه لقرار عينه بوجه الحق فلا يشاهد سواه ، ويفنى عن نفسه وعن كل ما يسمى سوى الحق في هذا الشهود فتقر عينه وتثبت ،
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن ذلك ) أي ، ومما يشتمل عليه الصلاة من الأسرار ( أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم ) الإضافي ( إلى الوجود ) الخارجي ( عمت الصلاة جميع الحركات . وهي ثلاث :
حركة مستقيمة ، وهي حال قيام المصلى ،
وحركة أفقية ، وهي حال ركوع المصلى ،
وحركة منكوسة ، وهي حال سجوده .
فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة وليس للجماد حركة محسوسة من ذاته : فإذا تحرك حجر ، فإنما يتحرك بغيره).
لما كان الإنسان متحركا بحركة طبيعية عند نموه إلى جهة العلو ، وحركة الحيوان إلى الأفق ، أي جهة رأسه ، وحركة النبات إلى السفل ، فإن رأسه هو الأصل الذي في الأرض ، جعل حركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة ، وإن كانت حركة النبات من وجه آخر إلى السماء مستقيمة ، وحركة الانسان والحيوان عند الإرادة قد تكون دورية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله : "وجعلت قرة عيني في الصلاة" . ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلى الحق للمصلى إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلى ) لأنه من عنايته الأزلية في حق بعض عباده ، وما يرجع إلى العبد فيه هو الاستعداد .
وذلك أيضا راجع إلى الله تعالى وفيضه الأقدس . كما مر في الفص الأول .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه ، لأمره بالصلاة على غير تجلى منه له . )
أي ، فإن الحق سبحانه لو لم يخبر عن نفسه بلسان نبيه ، صلى الله عليه وسلم ، بأنه يقر عينه في الصلاة بالمشاهدة ولم يكن له ذلك ، لكان أمر الله بالصلاة واقعا مع عدم التجلي من الله لنبيه ، عليه السلام ، لأن الصلاة مما فرضه الله على عباده ، فهي واجبة على العبد ، والتجلي منه ليس بواجب ، بل موقوف على عنايته تعالى .

 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:12 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة التاسعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة التاسعة والعشرون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )

قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمّت الصّلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلّي ، وحركة منكوسة ؛ وهي حال سجوده فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقيّة وحركة النّبات منكوسة ؛ وليس للجماد حركة من ذاته : فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره).


( ومن ذلك ) أي : ومن علو رتبة الصلاة أنها اشتملت على أنواع الحركات الاختيارية ، والمشبهة بها مما تطلب بها الكمالات ، وتحترز عن النقائص ، وهي التي أخرجت العالم عن غاية النقص إلى غاية الكمال ، وذلك ( أن الوجود ) أي : وجود العالم ( لما كان عن حركة معقولة ) للعالم ( نقلب العالم ) والقدم الذي هو غاية النقص ، ( إلى الوجود ) الذي هو غاية الكمال ، ( عمت الصلاة ) التي تطلب بها الكمالات ، وتهرب بها عن النقائص ( جميع الحركات ) الاختيارية وما أشبهها في السير إلى الجهات المختلفة ،

( وهي ثلاثة : حركة مستقيمة ) يصير بها المتحرك كالخط المستقيم ، ( وهي حال قيام المصلي ، وحركة أفقية ) يتوجه بها المتحرك إلى الأفق الذي هو الدوائر المتوهمة بين النصف الظاهر من الفلك والنصف الباطن منه ، ( وهي حال ركوع المصلي ، وحركة منكوسة ) بجعل أعلى المتحرك أسفله وأسفله أعلاه ، ( وهي حالة سجوده ) ، فجمعت الصلاة هذه الحركات المتفرقة على المواليد التي هي منتهى كمالات العالم مما يتحرك بالاختبار أو بما يشبهه .

( فحركة الإنسان ) من القعود والوقوف إلى القيام ( مستقيمة ) بجعله كالخط المستقيم ، ( وحركة الحيوان أفقية ) إذ وجهه إلى الأفق فيها ، ( وحركة النبات ) في نشر عروقها التي بها قوامها ( منكوسة ) ولا عبر بسائر حركاتها كسائر حركات الإنسان والحيوان ، وهذه الحركة النباتية نسبة الاختيارية في أخذ الجهات المختلفة ،


( وليس للجماد ) وإن كان من المواليد حركة ( من ذاته ) باختيار أو بما يشبهه ، وإلا لتحرك مع كونه في مركزه كالإنسان والحيوان والنبات ، ( فإذا تحرك ) حجر في مركزه بالزحزحة مثلا ، فإنما يتحرك ( بغيره ) فليس بها طالبا للكمال لنفسه حتى يعتد بحركته ، فإذا جمعت الصلاة هذه الحركات الكمالية لما هي منتهى كمالات العالم مما يتحرك لطلب الكمال والهرب من النقائص ، كانت الصلاة كذلك بمجرد صور هذه الحركات ، فأين ما يقصد من معانيها ومعاني ما يتلى فيها .

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة »  ، ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإنّ تجلّي الحقّ للمصلّي إنّما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلّي ، فإنّه لو لم يذكر هذه الصّفة عن نفسه لأمره بالصّلاة على غير تجلّ منه له)
ثم أشار إلى أن أعظم ما فيها قرة العين ، وهي من المواهب دون المكاسب ، فقال :

 وأما قوله : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » ، فنسب الجعل إلى اللّه تعالى ؛ ليشير إلى أن هذه القرة من جملة المواهب ، وإن كانت مسنده إلى عين العبد ، ولكن ( لم ينسب الجعل إلى نفسه ) التي لها التصرف في عينه ، إذ لا مدخل للكسب فيها ، وهي وإن كانت من الصلاة فهي متوقفة على التجلي ولا فعل للمصلي فيه ، ( فإن تجلي الحق للمصلي ، إنما هو راجع إلى اللّه لا إلى المصلي ) وإن فرض جريان السنة بحصوله عند الصلاة ، والمشاهدة من لوازمه ، والقرة من لوازم المشاهدة ، وإذا لم يكن للعبد قدرة على الملزوم ، لم يكن له قدرة على اللازم ، علمنا أن له قدرة على القرة والمشاهدة من حيث أنهما من فعله ، لكنهما إذا كانا مقدورين كانا مورين ؛ لأنهما من جملة الكمالات سيما في الصلاة ، بل كانا المقصود من الصلاة ولا يمكن الأمر بهما عند التجلي لحصولهما عنده ولا يؤمر بتحصيل الحاصل ، فلا يمكن الأمر بالصلاة عند التجلي ،

وإليه الإشارة بقوله : ( فإنه ) أي : الحق ( لو لم يذكر هذه الصفة ) ، أي : إفادة القرة والمشاهدة ( عن نفسه ) ، بل جعلها من كسب نبيه عليه السّلام ( لأمره بالصلاة ) إذا كان ( على غير تجلّ منه ) ، لكنه مأمور بالصلاة عند التجلي وعدمه بالاتفاق ، فإنه لا يسقطها سوى زوال العقل مع أنهما يتوقفان على التجلي ، فيكون الأمر بهما أمرا بالتجلي الذي لا يقدر على تحصيله ، فلا يؤمر به حين عدم التجلي ؛ لعدم القدرة عليه ولا حين التجلي ؛ لأنه أمر بتحصيل الحاصل ، فعلم أن القرة والمشاهدة غير مقدورة للعبد ، فلا يؤمر بهما ، بل يمن بهما على العبد كالتجلي ،


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )

شمول الصلاة لجميع أقسام الحركات
قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك ) الوجوه الدالَّة على كمال الصلاة بين سائر العبادات ( أنّ الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود ) والحركات منحصرة حصرا عقليّا - من حيث ما إليه الحركة الوجوديّة التي هي المركز – إلى ثلاث حركات ، وذلك لأنّها إمّا أن يكون منه أو إليه أو عليه - لا مزيد على ذلك عقلا –

( عمّت الصلاة جميع الحركات ) ، تطبيقا لها بأصل الوجود عند سريانه في المراتب ، وتوفيقا بين الصورة الإظهاريّة الختميّة وبين الصورة الوجوديّة الظهوريّة .

قال رضي الله عنه :  ( وهي ثلاث : حركة مستقيمة ، وهي حال قيام المصلَّي وحركة افقيّة :  وهي حال ركوع المصلَّي وحركة منكوسة ، وهي حال سجوده ) .
( فحركة الإنسان مستقيمة ) ولذلك ترى الشارع قد طوّل فيه وأوجب قراءة الفاتحة المنبئة عن الصلاة الحقيقيّة والسبع المثاني في هذا الركن ، ( وحركة الحيوان افقيّة ) ، وهو أنزل رتبة من الإنسان الذي هو المصلَّي ، إلَّا أنّها أجمع وأعظم ظهورا ، لوقوعها برزخا بينهما ، ولذلك شرّع فيه التسبيح بـ « سبحان ربي العظيم » ، ( وحركة النبات ) أيضا كذلك ( منكوسة ) إنما يختصّ بما هو أنزل رتبة من المصلَّي وهي أقصى نهاية لتلك الحركة المنزلة ، وهو الأسفل مطلقا ، ولذلك شرّع فيه ذلك التسبيح بما يفصح عن أنّه الأعلى .

ثمّ إنّ قيام الإنسان بلوازم هذين المرتبتين اللتين ليستا له ، إنما هو لاشتمال نشأته عليهما وقيامها بهما من حيث أنّهما الجزءان المحاطان لصورته الاعتداليّة الكماليّة ، كما عرفت في غير هذا المجال ولذلك ترى كلا من تينك الحركتين في الوضع الختميّ متخلَّلا بين الحركة المستقيمة الاعتداليّة التي للمصلَّي بالذات ،
وهي محيطة بكلّ منهما - إحاطة الكلّ بالأجزاء - ولهذا البحث مباد كثيرة طويلة الأذناب ، قد بيّن شطر منها في الرسالة المعمولة في أسرار الصلاة .

الحركة الطبيعيّة والقسريّة
ثمّ إنّ الحركة التي تنقسم بهذه الحركات الثلاث ، هو الحركة الطبيعيّة الأصليّة التي هي مادّة الكلّ ، لأنّ هذه الأقسام كلَّها هي صورة تنوّعات تلك الحركة ، فإنّ كل نوع من الأنواع الكماليّة مختصّ بقسم من تلك الأقسام الحاصرة .
ومما يدلّ على أنّ هذه الحركة من الطبيعة الأصليّة وينبوع إطلاقها أنّ المتحرك بها جمع نوعين من الحركة ، مختلفتين بالحقيقة : أحدهما من مقولة الكمّ والآخر من مقولة الأين . أما الأول فظاهر وأمّا الثاني فلأنّ المتحرّك بتلك الحركة في الزمان السابق جزء للمتحرّك بها في الزمان اللاحق ، وبيّن أنّ مكان الكلّ مغاير لمكان الجزء بالضرورة ، فحصل له بها نقلة مكانيّة .

قال رضي الله عنه :  ( و ) ظهر من هذا أنّه ( ليس للجماد حركة من ذاته ) يختصّ به ، فإنّ حركته في الجسد الإنساني إنما هو الحركة إلى المركز ، فإنّ الغالب عليه هو الثقيلان وذلك هو الحركة المنكوسة التي للنبات .
وأيضا فإنّ المتحرك بذاته إنما يقال لما يتحرّك إذا خلَّي وطبعه بدون طريان حالة غريبة ، أو سنوح أمر خارج عن ذاته ، وبيّن أنّ تينك الحركتين اللتين من الجماد ، أحدهما من المركز للخفيفين ، والآخر إليه للثقيلين ، وهما اللتان سمّيتا بالحركة الطبيعيّة في صناعة الحكمة الرسميّة - ليستا كذلك فإنّ الأجسام الجماديّة المذكورة إنما تتحرّك بتينك الحركتين إذا أخرجت عن أحيازها بقسر ، وعرض لها هذه الحالة الغريبة .

فظهر أنّ تسمية هذه الحركة التي نحن نتكلَّم عليها بالطبيعة أولى من ذلك ، فإنّ تلك الحركة إنّما عرض لها باعتبار حالة غريبة ، خارجة عن طبيعته وإليه أشار بقوله : ( فإذا تحرّك حجر ، فإنّما يتحرك بغيره ) ، فإنّ الحركة الطبيعيّة الأصليّة منحصرة في الصور الثلاث ، وهذا أيضا من سريان سرّ الفرديّة الختميّة - فتأمّل .


رجوع إلى تفسير قوله صلَّى الله عليه وآله : وجعلت قرة عيني في الصلاة
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » ولم ينسب الجعل إلى نفسه - فإنّ تجلَّى الحقّ للمصلَّي إنّما هو راجع إليه تعالى ، لا إلى المصلَّي ) ولذلك قيل له : « المصلَّي » ، إذ الحقّ في ذلك المضمار هو السابق ( فإنّه لو لم يذكر هذه الصفة ) الكاشفة له عن تجلَّي الحقّ - وهو الذكر الذي من الله أكبر - ( عن نفسه ، لأمره بالصلاة على غير تجل منه ) - أي من الله


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )

قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمّت الصّلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلّي ، وحركة منكوسة ؛ وهي حال سجوده وقد أشار فيما سبق إلى المعنى الأول أراد أن يشير إلى المعنى الثاني فقال : )

( ومن ذلك ) المذكور من الحقائق المودعة في الصلاة ( أن الموجود لما كان عن حركة معقولة ) ، لا محسوسة ( نقلت العالم من العدم ) ، أي الثبوت العلمي مع عدم اتصافه بالوجود العيني ( إلى الوجود ) العيني
( عمت الصلاة جميع الحركات ) الوجودية الطبيعية لأن الإرادية ( وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي ) ، فإنه لا يتحقق القيام إلا بالحركة من السفل إلى العلو على الاستقامة .
فالمراد بالحركة المستقيمة ما يكون من جهة السفل إلى العلو وهو ما يضاد المنكوسة لا المستديرة كما هو مصطلح الحكيم ( وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي ) فإنه لا يتيسر إلا بتحريك رأسه ( وحركة منكوسة وهي حال سجوده ) فإنه لا يتحقق إلا بالانتكاس .

قال رضي الله عنه :  ( فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقيّة وحركة النّبات منكوسة ؛ وليس للجماد حركة من ذاته : فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره . وأمّا قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » - ولم ينسب الجعل إلى نفسه - فإنّ تجلّي الحقّ للمصلّي إنّما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلّي . فإنّه لو لم يذكر هذه الصّفة عن نفسه لأمره بالصّلاة على غير تجلّ منه له . ).


( فحركة الإنسان مستقيمة ) ، فإنه لا يتحرك بالطبع في نموه حركة أظهر مما سواها إلا على استقامة قامته كأنه يصعد رأسه إلى السماء ( وحركة الحيوان ) ما عدا الإنسان ( أفقية ) ، فإنه يتحرك في نموه حركة أظهر مما سواها نحو الأفق ( وحركة النبات منكوسة ) ،
فإن رأس النبات هو أصله الذي به يتغذى فجعل حركتها منكوسة

أن يقال : انتكاس حركته إنما هو باعتبار عروقه النابتة في الأرض فله حركتان : حركة مستقيمة وحركة منكوسة .
ولو جعلت العبارة المستقيمة عبارة عن الحركة من القدم إلى الرأس والحركة المنكوسة عبارة عن الحركة من الرأس إلى القدم لاستقام الكلام من غير تكلف

( وليس للجماد ) إذا خلي وطبعه من غير أن أخرجه قاصر من حيزه ( حركة من ذاته ) ولهذا انحصرت الحركات الطبيعية في الثلاث ( فإذا تحرك حجر ) إما بتحريك قاسر عن حيزه أو مثلا إما بحركته إلى حيزها ، بعد ذلك التحريك ( فإنما يتحرك بغيره ) لا بذاته .


ثم اعلم أن الحركات الثلاث التي للمصلي في صلاته إنما هي إشارة إلى حركات الوجود الساري في حقائق العالم ، إما لنقلها من العدم إلى الوجود وذلك حركة منكوسة من أعلى عليين أعني التعبير الأول من أسفل سافلين أعني وجود الإنسان بصورته العنصرية ،
وإما لإيصالها وإرجاعها إلى انتشائه ولا يتصور ذلك إلا في الإنسان فإن في استعداده الرجوع إلى ما ابتدأ عنه وذلك حركة مستقيمة من أسفل سافلين إلى أعلا عليين ،
وإما لإيصال كل حقيقة من الحقائق الآفاقية إلى كمالها اللائق بها وذلك حركة أفقية عرضية لا طولية ولا يبعد أن يجعل

قول الشيخ رضي اللّه عنه : وليس للجماد حركة إيماء إلى أن القعدة الأخيرة من الصلاة التي لا حركة فيها المنطوية على التشهد إشارة إلى أعلا مراتب الشهود الذي هو مستقر الكمل حيث لا يتحركون عنها ولا يفارقونها أبد الآبدين واللّه تعالى أعلم .
( وأما قوله ) ، أي حكمة قوله : ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، حيث أتى بصيغة الفعل المبني للمفعول ( ولم ينسب الجعل إلى نفسه فأن تجلي الحق ) بفتح الهمزة جواب أما أي الحكمة فيه أن تجلى الحق ( للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي فإنه ) ، أي الحق سبحانه

( لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه ) ، ولم يظهر بها والمراد بها ذكره للعبد بتجليه عليه عند سؤاله والثناء عليه ( لأمره بالصلاة من غير تجل فلما كان منه ذلك ) ، أي ذكره للعبد بالتجلي.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:12 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثلاثون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( لمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال : وجعلت قرّة عيني في الصّلاة . وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء . ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه . بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ( 15 ) [ القيامة : 14 - 15 ] فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله فإنّ حاله له ذوقيّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (فلما كان منه) تعالى (ذلك) ، أي التجلي في الصلاة (بطريق الامتنان) على النبي صلى اللّه عليه وسلم كما قال تعالى :وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً[ النساء : 113 ] . (كانت المشاهدة بطريق الامتنان فقال) صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك : (« وجعلت قرة عيني في الصلاة ») من باب التحدث بالنعمة شكرا لها . قال تعالى :وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ( 11 ) [ الضحى : 11].
 
قال رضي الله عنه :  (وليست) قرة العين في الصلاة (إلا مشاهدة المحبوب) الحق سبحانه في الصلاة بحضور القلب (التي) نعت للمشاهدة (تقرّ بها) ، أي بالمشاهدة (عين المحبوب) له مشتق ذلك (من الاستقرار فتستقرّ العين) ، أي عين المحب (عند رؤيته) ، أي المحبوب (فلا ينظر) ، أي المحب بعينه أو بقلبه (معه) ، أي مع المحبوب (إلى شيء) آخر (غيره في) سبب (شيء) ، أي أمر ضروري داع إلى ذلك النظر (وفي غير شيء) أيضا ، أي من غير حاجة ولا غرض صحيح (ولذلك) ، أي لأجل ما ذكر (نهي) بالبناء للمفعول (عن الالتفات) بعينه أو بقلبه قال رضي الله عنه :  (في الصلاة) إلى شيء مطلقا (فإن الالتفات شيء يختلسه) ، أي يسرقه (الشيطان) بخفية من حيث لا يشعر به المصلي (من صلاة العبد) فتنقص صلاته .
 
والحديث في صحيح البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " .
وفي رواية الطبراني : « لا تلتفتوا في صلاتكم فإنه لا صلاة للملتفت » .
 
قال رضي الله عنه :  (فيحرمه) ، أي الشيطان يحرم العبد لذلك (مشاهدة محبوبه) الحق سبحانه (بل لو كان) الحق تعالى (محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه) ، أي وجه صورته في الظاهر ووجه قلبه في الباطن ، فإن الكعبة قبلة الظاهر والحضرة الإلهية قبلة الباطن (والإنسان يعلم حاله) الذي هو عليه (في نفسه هل هو بهذه المثابة) ، أي المرتبة المذكورة في الحضور في صلاته وزوال الغفلة عن قلبه (في هذه العبادة الخاصة أم لا) ، أي ليس هو كذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (فإن الإنسان على نفسه بصيرة) ، أي يعرف نفسه أكثر من معرفة غيره به (ولو ألقى) ، أي هيأ وأعد للغير (معاذيره) ، أي أعذاره في كل حال من أحواله ، فإنه لا يغتر بما يظهر له من غيره في حقه فإن الغير لا يتكلم إلا بمقدار ما يعلم (فهو) ، أي الإنسان (يعرف كذبه) ، أي كذب نفسه في الصلاة وغيرها (من صدقه في نفسه) بذلك (لأن الشيء لا يجهل حاله) الذي هو فيه (فإن حاله) ، أي حال الشيء (له) ، أي للشيء (ذوقي) ، أي مكشوف له ذوقا فهو يحس بما هو فيه ما لا يحس منه غيره وقد يستولي عليه الجهل والغباوة فلا يعرف نفسه فيغتر بمدح الناس له فيهلك من حيث لا يشعر .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما كان منه ) أي من الحق ( ذلك ) التجلي ( بطريق الامتنان ) لا بطريق كسب العبد ( كانت المشاهدة ) التي تحصل للنبي عليه السلام من التجلي الامتناني ( بطريق الامتنان ) من اللّه ( فقال ) لأجل ذلك ( وجعلت قرّة عيني في الصلاة ) على البناء للمفعول ( وليس ) قرة العين ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقرّ بها ) بهذه المشاهدة ( عين المحب ) والقرّة مأخوذة ( من الاستقرار فيستقر العين عند رؤيته ) أي رؤية المحبوب في شيء في التجلي الصفاتي وفي غير شيء في التجلي الذاتي فإنه بلا واسطة شيء وإن كان لا يخلو عن صورة ما لكن هذه الصورة التي تقع فيها تجلي الذاتي ليست من الأمور الموجودة في الخارج وإنما قلنا لا يخلو عن صورة ما لأن مشاهدة الحق لا يمكن مجردة عن المراد ( فلا ينظر ) المحب ( معه ) أي مع المحبوب ( إلى شيء غيره ) أي غير المحبوب ( في شيء ) كما في التجلي الصفاتي أي موجود في الخارج .
 
قال رضي الله عنه :  ( وفي غير شيء ) كما في التجلي الذاتي أي معدوم في الخارج يعني لا يجمع بينهما في النظر في شيء والمقصود أن النظر في المحبوب لا يسع منه غيره لاستقرار العين عند مشاهدة محبوبه فالرؤية والنظر تنازعا في شيء وغير شيء فاعملنا النظر وقدّرنا مفعول الرؤية كما عرفت
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن المحب لا ينظر مع محبوبه إلى شيء غيره ( نهى عن الالتفات في الصلاة فإن الالتفات ) في الصلاة إلى الغير ( شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه ) أي فيحرم الشيطان العبد عن ( مشاهدة محبوبه بل لو كان ) الحق ( محبوب هذا الملتفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه ) وإنما قال بوجهه ولم يقبل بعينه مع أن الالتفات للعين لا للوجه إشارة إلى أن الوجه حيث ما التفت إليه البصر فمن التفت بوجهه في الصلاة إلى غير قبلته فقد حرم عليه مشاهدة ربه والالتفات بالوجه يعم وجه القلب ووجه الصوري
 
قال رضي الله عنه :  ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ) أي هل يصلي صلاته على هذا الوجه المذكور أم لا ( فإن الإنسان على نفسه بصيرة لو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ) والكذب كناية عن الصلاة التي يلتفت فيها إلى غير القبلة والصدق بخلافه ( لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة. وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه. بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه. والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره». فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال رضي الله عنه : ( فلمّا كان ذلك منه بطريق الامتنان ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » وليست إلَّا مشاهدة المحجوب ، التي تقرّ بها عين المحبّ - من الاستقرار - فيستقرّ العين عند رؤيته ، فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ) .
يعني  رضي الله عنه  : في شيء موجود ، فعلَّقت المشيّة بوجوده من قولهم : كل شيء بشيئيّته أي بمشيئته . و « غير شيء » ما لم يتعلَّق به المشيّة من النسب .
وقوله : « من الاستقرار » لطيفة ، وذلك أنّ العبد إنّما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه ، لقرار عينه بعين الحق حين المشاهدة ، فلا يشاهد سواه ، ويفنى هو عن نفسه وعن كل ما يسمّى سوى الحق في هذا الشهود ، وعلى هذا القرار يثبت .
وتقرّ بفتح القاف - إذا ابتهج برؤية ما يسرّه . وقرّ يقرّ - بكسر القاف - إذا ثبت ، وإنّما يقرّ عين المحبّ إذا ثبت لمشاهدته محبوبه ببقاء عين الحق وفناء عين العبد فيه عن حجابية تعيّن غيريته واتّحاد بقائه ببقاء الحق ، وهذا الشهود فوق اللقاء المنتظر الموعود ، لأنّ اللقاء يقتضي الاثنينيّة ، وهذا الشهود يقتضي أحدية العين ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة ، فإنّ الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت إلى غير قبلته بوجهه ) .
يعني  رضي الله عنه  : إن وقع التفات بعينه في جهة القبلة من غير ليّ لوجهه إلى جهة غير القبلة ، فإنّ الحق قد يعفو عنه ، إذا هو في قبلته ولم يلتفت معرضا عن القبلة إلى غيرها .
 
قال رضي الله عنه  : ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ؟ فإنّ "الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه ِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ُ " فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشيء لا يجهل حاله ، فإنّ حاله له ذوقيّ . )
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ المصلَّي هو التابع للمجلي ، وهو عبارة عن كون التجلَّي بحسب المتجلَّى له ، فإنّ تعيّن الوجود الحق وظهوره في تجلَّيه إنّما يكون بحسب خصوص قابليّة المتجلَّى له ، كما أشار إليه الأستاذ بقوله : « لون الماء لون إنائه » يعني ليس للحق صورة معيّنة تسمّى ، فتميّزه عن صورة أخرى ، كالماء لا لون له ، ولكنّ لون  الماء يتلوّن بحسب لون إنائه ، فإنّ الحق لذاته يقتضي القبول لكل نعت والظهور بكل وصف بحسب الواصف والحاكم والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزئي نسبي ، ظهر في معتقدة ، ومن لا حسبان له في علمه بالله ، بحسب عقد معيّن ولم يتقيّد في معرفته وشهوده بعقيدة معيّنه دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته بالله وشهوده له إحاطته بالجميع بحيث لا يشذّ عنه صورة إلا وعنده له وجه حقيقة ، وسع الحق وغمره بتجلَّيه وأنانيّته
 
 كما قال رضي الله عنه  :
عقد الخلائق في الإله عقائدا ....  وأنا شهدت جميع ما اعتقدوا
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له يخرج الماء إلى ذلك اللون ويكسبه ما ليس له إلَّا فيه لا في نفسه ، وفي قوله رحمة الله عليه دلالة على أنّ سائله لم يكنّ إلَّا صاحب عقد معيّن ، فأجابه الجنيد بجواب كلَّي يفيد الكلّ معرفة بالمعرفة بالله ، فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإنّ من كان على ما ذكرنا لا لون له ، فيظهر الحق بحسبه ، كما هو تعالى في نفسه ، ولقد أشرت إلى هذا المقام بأبيات وردت عقيب شهود كلَّي وفناء حقيقي ، اتّفق في عشر ذي الحجّة ، خلوت بالحق في بيت الخلوة الذي للجنيد عليه السّلام بمحروسة « دار السلام » ، وهي كثيرة منها في المقام ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال رضي الله عنه : ( فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان كانت المشاهدة بطريق الامتنان ، فقال « جعلت قرة عيني في الصلاة » وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب من الاستقرار فتستقر العين عند رؤيته فلا ينظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ).
 
 يعنى في شيء موجود تعلقت المشيئة بوجوده من قولهم ، كل شيء بمشيئة الله تعالى أي بمشيئته وغير شيء ما تتعلق به المشيئة من الأعيان والنسب والتجليات ، وإنما أخذ القرة من الاستقرار : أي القرار ، لأن من شاهد حبيبه استقرت عينه : أي ثبتت وقرت من القرار فلا تلتفت إلى غيره ، ولهذا يقال : قرير العين بمعنى المسرور ، فإن كل مسرور فسروره إنما هو بوصول مطلوبه فلا بد تولى غيره ،
 
وقيل : من القر أي البرد ، لأن السرور تبرد عينه والمغموم تسخن عينه ، لأن برودتها إنما يكون بسكونها وقرارها بالنظر إلى ما يسره وسخونها لحركتها واضطرابها في طلب ما يسره فهو لما ذكر تعليل الحركة بالخوف ، وفي الأصل معللة بالحب لكن المحجوب عند السبب القريب ، وأهل الكشف يذهبون إلى الأصل بخرق الحجب ، فالعبد إنما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه لقرار عينه بوجه الحق فلا يشاهد سواه ، ويفنى عن نفسه وعن كل ما يسمى سوى الحق في هذا الشهود فتقر عينه وتثبت ،
وإنما يقال : قرت عينه تقر بفتح القاف إذا ابتهج برؤية ما يسره ، وقرير بكسر القاف إذا ثبت الفرق ، وهذا الشهود فوق اللقاء منتظر الموعود لأن اللقاء يقتضي الإثنينية وهذا يقتضي أحدية العين والله الأحد ، وأما تغيير النظم عن الأسلوب الطبيعي ، ولم يعطف الثالث وسلك طريقة أسلوب الحكيم وهو صلى الله عليه وسلم أفصح العرب ، تنبيهات على أن الثالث أعظم من الباقيين وهو المقصود بالقصد الأول ، فإن أجل المطلوب شهود المحبوب .
"" أضاف بالي زاده :-
لأنه لو لم يذكر الحق هذه الصفة عن نفسه بأن يقول الرسول : جعلت أنا قرة عينك في الصلاة ، ولم يذكر الحق بلسان نبيه لأمر الرسول بالصلاة على غير تجل منه ، أي من الحق للرسول  .أهـ بالى زاده
 
عن وجود العبد أي لا تظهر هذه الصلاة منه إلا بعد وجود العبد كما تتأخر رحمته عن شفاعة الشافعين في الآخرة  .أهـ بالى زاده ""
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان الحق محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه )
البتة : يعنى لما كانت القبلة في الحقيقة وجه المحبوب ، والمحبوب ينبغي أن يتجليه في سمت قبلته لم يجز الالتفات في الصلاة إلى غير قبلته ، فإن وقع منه الالتفات في جهة القبلة من غير توجهه إلى جهة غير القبلة ، فإن الحق قد يعفو عنه لأنه في قبلته .
 
قال رضي الله عنه :  ( والإنسان يعلم حاله في نفسه ، هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ، فإن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه لأن الإنسان لا يجهل حاله فإن حاله ذوقي )
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال :"وجعلت قرة عيني في الصلاة ".) أي ، فلما حصل ذلك التجلي من الله لنبيه على طريق الامتنان عليه ، كانت المشاهدة من جانب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أيضا بطريق الامتنان من الله ، إذ لولا توفيقه لتلك المشاهدة ، ما كانت حاصلة .
 
فلذلك قال رضي الله عنه  : ( جعلت ) على المبنى للمفعول ، ولم يقل : جعلت . على المبنى للفاعل .
( ليس ) قرة عينه ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقربها عين المحب من الاستقرار ، فيستقر العين عند رؤيته ، فلا ينظر معه إلى شئ غيره ) قوله : ( تقر ) بفتح ( القاف ) وبكسرها  والأول للسرور ، والثاني للقرار .
 
وقوله  رضي الله عنه  : ( من الاستقرار ) أي ، مأخوذة من الاستقرار ، لأن عين المحب الطالب إذا رأت محبوبه ومطلوبه ، تستقر ولا تلتفت إلى غيره ، ويكون صاحبه مسرورا قرير العين .
ولو كانت ( القرة ) من ( القر ) بمعنى ( البرد ) ، كانت أيضا دليلة على المسرة ، فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه فيما وجده ، وعين المغموم تسخن لاضطراب باطنه وحصول الحركة فيه إلى رفع ما يجده .
 
وقوله رضي الله عنه  : ( في شئ وغير شئ . ) متعلق ب‍ ( الرؤية ) . أي تستقر عين المحب عند رؤية محبوبه في صورة من صور المجالي ، كما تجلى لموسى ، عليه السلام ، في صورة النار ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ، في صورة أمرد - كما جاء في الخبر الصحيح .
وفي غير صورة ، كالتجلي الذاتي الذي لا يرى المتجلى له فيه شيئا إلا صورته لا غير . كما مر في الفص الثاني . فلا يتوهم أنه متعلق بقوله : ( فلا ينظر ) .
ويجوز أن يكون متعلقا بقوله : ( فلا ينظر ) . أي ، فلا ينظر معه في شئ موجود تعلقت المشية بوجوده ، وغير شئ أي ، فيما لم يتعلق بوجوده المشية من الأعيان والنسب إلى شئ غيره ، أي ، إلى جهة الغيرية . وفيه نظر
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، وأن الالتفات شئ يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه) الشيطان ، أو الالتفات ( مشاهدة محبوبه . ) سواء كان الالتفات قلبيا ، أو حسيا .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . )
بل لو كان الحق محبوب هذا الملتفت إلى الغير وكان هو محبا له ، ما التفت في صلاته إلى غيره ، لأن وجه المحبوب مشاهده في قبلته ، فالإعراض عنه حرام .
واعلم ، أن الالتفات قد يكون بالوجه ، وقد يكون بالعين والوجه إلى القبلة . ولما كان الإعراض بالوجه أشد كراهة ، قال : ( بوجهه ) ، ولم يقل : بعينه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة ، أم لا . فإن "الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره" فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأن الشئ لا يجهل حاله ، فإن حال له ذوقي . ) أي ، وجداني .

 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:13 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثلاثون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال رضي الله عنه : ( فلمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان ؛ فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » ، وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ) .
 
وإليه الإشارة بقوله : ( فلما كان منه ) ، أي : من الحق ( ذلك ) التجلي ( بطريق الامتنان ) ، إذ لا فعل للعبد فيه أصلا ( كانت المشاهدة ) من حيث لزومها له ( بطريق الامتنان ) ، وإن كانت من فعل العبد ، وكذا لازمها التي هي القرة .
( فقال : « وجعلت قرة عيني في الصلاة »  ) ، وإذا كانت من المشاهدة في الصلاة ، فليس موجبها ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب ) .
""أضاف المحقق :
القرة إما من المقر يعني البرد فتكون قرة عينه كناية عن المسرة ؛ فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه وعين المهموم تسخن لاضطراب باطنه ، وإما من القرار فيكون المراد بقرة العين ما تستقر عليه العين . عبد الرحمن الجامي ""
 فإن القرة ( من الاستقرار ) ، واستقرار عين المحب برؤية المحبوب لانتهاء طلبها لمرئي آخر عند رؤيته ، ( فتستقر العين عند رؤيته ) عن طلب مرئي آخر ، بل يخاف أن يشارك رؤيته رؤية المحبوب ، ففوته التلذذ بالمحبوب بقدر ما انصرف عن رؤيته إلى الغير ، ( فلا ينظر معه إلى شيء غيره ) سواء رأى المحبوب ( في شيء وفي غير شيء ) ، وهي الرؤية في غير المظاهر كما في الآخرة ، فلا تشغله رؤية الشيء عند رؤية المحبوب فيه ، إذ لا يراه أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يحتلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه ، والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ "الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ" [ القيامة:14-15 ]. فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله ؛ فإنّ حاله له ذوقيّ ) .
 
( ولذلك ) أي : ولكون عين المحب لا ينظر عند رؤية المحبوب إلى شيء آخر ( نهى عن الالتفات ) الموجب لرؤية الغير ( في الصلاة ) التي فيها مشاهدة المحبوب ، كيف وهو مانع
عن مشاهدة المحبوب ،
 
( فإن الالتفات شيء يختلسه ) ، أي : يختلس بسببه ( الشيطان ) المشاهدة ( من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل ) يسلب عنه محبته ، إذ ( لو كان محبوب هذا المتلفت ) ( في صلاته ) الموجبة لمشاهدته ( إلى غير قبلته ) التي يشاهد فيها محبوبه على ما أشار إليه الحديث السابق ( بوجهه ) الذي به مشاهدته ، والمقصود من هذا النهي : النهي عن الالتفات إلى غير الحق سواء تخيله في جهة القبلة أم لا ، فيجب الانتهاء عنه ، فيجب على العبد صرف نفسه بالكلية إلى الحق بحيث لا يلتفت إلى غيره ( في هذه العبادة الخاصة ) التي يضيع هو بالكلية بتضييعها عن تضييع التوجه الكلي إلى الحق فيها ( أم لا ، فإنالْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) [ القيامة : 14 ، 15 ] .
 
بأنه من الدقائق التي فاتته ، وأن حضور نفسه ليس من مقدوراته ، ( فهو يعرف كذبه من صدقه ) ، إذا كانا في نفسه ؛ ( لأن الشيء لا يجهل حاله ) ، وإن دقّ فإن ( حاله له ذوقي ) ، والذوقي في الضروري ، وإن صعب بيانه ، وهذه المشاهدة كانت من مجالسه المصلي مع الحق لاجتماعهما على الصلاة التي انقسمت بينهما .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( له ، فلما كان منه ذلك ) التجلَّي ( بطريق الامتنان كانت المشاهدة ) - المعبّر عنها بقرّة العين - ( بطريق الامتنان ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » )
وما قال : " جعلت " ، ليدلّ أنّ المشاهدة مجعولة بطريق الامتنان في حقّه ، وإن كانت الصلاة من موضوعات النبيّ ومجعولاته ، لأنّ النبيّ من حيث أنّه نبيّ جعلها .
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس ) تلك القرّة ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقرّ بها عين المحبّ - من الاستقرار - فتستقرّ العين عند رؤيته ) استقرار تمكَّن ، وأصل ذلك من القرّ ، وهو البرد ، لأن البرد يقتضي السكون ، كما أنّ الحرارة تقتضي الحركة ، ومنه قوله تعالى : " هَبْ لَنا من أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ " وهي ما يسكَّن به العين ، فلا يطمح إلى غيره وكذلك فيما نحن فيه .
 
الملتفت إلى غير الحقّ في الصلاة لا صلاة له
قال رضي الله عنه :  ( فلا ينظر معه إلى شيء غيره في شيء ، وفي غير شيء ) - أي سواء كان في مظهر موجود مما يتعلَّق به المشيئة ، أو في غير ذلك من النسب الاعتباريّة الكونيّة .
 
وبالجملة فالغير في صلاة المشاهدة غير منظور مع المحبوب في مظهر عينيّ تشبيهيّ ، أو في غيره من المواطن الغيبيّة التنزيهيّة ، فإنّ النظر إنّما يقع في الكلّ على المحبوب فقط ، ( ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، فإنّ الالتفات شيء يختلسه الشيطان ) - الذي هو مادّة البعد والتفرقة ( من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ) في صلاة المناجاة والمناداة مع الحقّ .
 
فإنّ المحبوب - بما هو محبوب - لا يمكن أن ينحرف عنه نظر التفات المحبّ ، فإذا التفت العبد إلى غير الحقّ في صلاته لا يكون الحقّ محبوب هذا العبد الملتفت ضرورة ( بل لو كان محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته ) الكاشفة عن النسبة الجمعيّة الاتحاديّة ( إلى غير قبلته ) بوجهة قلبه المعبّر عنها ( بوجهه ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( والإنسان ) وإن يظهر حاله عند الناس على أحسن وضع وأتمّ نظم ، ولم يزل يلقى معاذيره فيما ظهر لديهم من الذنوب ، ولكن ( يعلم حاله في نفسه :
هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة ) الجامعة لفنون العبادات وصنوف أركانها جملة - من الصوم الذي هو الإمساك ، والزكاة التي هي عبارة عن التطهير والحجّ الذي هو توجّه القبلة ، والجهاد الذي هو القيام بمخالفة الهوى والشيطان فيما يأمران به
وذلك هو المعبّر عنه في الشريعة بالجهاد الأكبر وبيّن أنّ كلّ أحد يعرف من نفسه عندما خلَّي وإيّاها أنّ له من هذه الصورة الجامعة حظَّ الجمعيّة الكماليّة .
 
قال رضي الله عنه :  ( أم لا ؟ فإنّ " الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه ِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ُ " فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشيء لا يجهل حاله ) بناء على الأصل الممهّد : " إنّ العلم يلازم الوجود ، ولا يفارقه أصلا " .
فكل شيء له علم بحسب مدارج دركه ومداركه المختصّة به ، ولذلك يجهل الآخر عن وجه ظهور العلم فيه وإظهاره منه ، كما نصّ عليه قوله تعالى : " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ".
 
وبيّن أنّ مدرجة الذوق من كلّ شيء هي جهة خصوصيّته التي له إلى أصله، ولذلك يرتبط به اليقين، وإليه أشار بقوله : (فإنّ حاله له ذوقي) 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )


قال رضي الله عنه :  ( فلمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال : وجعلت قرّة عيني في الصّلاة . وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار ).


( كان منه ذلك ) ، أي ذكره للعبد بالتجلي ( بطريق الامتنان كانت المشاهدة ) ، المترتبة عليه أيضا ( بطريق الامتنان فقال : وجعلت قرة عيني في الصلاة )
من غير أن يكون لنفسه دخل في هذا الجعل سوى استعداده الراجع إلى الفيض الأقدس ( وليس ) ، أي قرة العين ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب ) ، والقرة إما من المقر يعني البرد فتكون قرة عينه كناية عن المسرة فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه وعين المهموم تسخن لاضطراب باطنه .
وإما من القرار فيكون المراد بقرة العين ما تستقر عليه العين .
 
ولما كان المشهور أن قرة العين مأخوذة من القر بمعنى البرد كما ذكرنا أراد رضي اللّه عنه أن يشير إلى جواز أخذها من القرار فإنه أنسب بالمقام وألطف فقال : ( من الاستقرار)
 
قال رضي الله عنه :  ( فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء .  ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه . بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ( 15 ) [ القيامة : 14 - 15 ] فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله فإنّ حاله له ذوقيّ . )
 
 
(فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره ) ، سواء كانت تلك الرؤية ( في شيء ) من المجالي الصورية كما تجلى لموسى عليه السلام في صورة النار ولنبينا صلى اللّه عليه وسلم في صورة شاب أمرد ( وفي غير شيء ) من تلك المجالي كما في التجليات الذاتية الذوقية المعنوية .
 
(ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة فإن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه ) الشيطان ( مشاهدة محبوبه ) في زمان الالتفات ( بل لو كان ) الحق ( محبوب هذا ) المصلي ( الملتفت ) على صيغة اسم الفاعل ( ما التفت ) في صلاته ( إلى غير قبلته بوجهه ) الباء متعلقة بالالتفات أي ما التفت بوجهه ولا صرفه إلى غير قبلته التي هي مشاهدة محبوبه إذ ليس من شأن المحب أن يصرف نظره عن مشاهدة محبوبه عند تيسرها .
 
( والإنسان ) وإن لم يزل يظهر حاله عند الناس على أحسن وجه ويلقى معاذيره فيما يظهر لديهم من النقائص لكنه ( يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ؟ فإن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ) ، عندما يظهر حاله إلى الناس
 
( لأن الشيء ) ، أي شيء كان ( لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي ) ، أي إدراك حاله له ذوقي وجداني لا حاجة فيه إلى أمر خارج عنه فكيف يفارقه ، وهذا التعميم بناء على أن العلم لازم للوجود ، فكل ما اتصف بالوجود اتصف بالعلم لكن بحسب استعداده.

 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:14 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الحادية والثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الحادية والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الحادية والثلاثون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّ مسمّى الصّلاة له قسمة أخرى ؛ فإنّه تعالى أمرنا أن نصلّي له وأخبرنا أنّه يصلّي علينا . فالصّلاة منّا ومنه . فإذا كان هو المصلّي فأنّما يصلّي باسمه الآخر ، فيتأخّر عن وجود العبد : وهو عين الحقّ الّذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ أو بتقليده وهو الإله المعتقد . ويتنوّع بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والمعارف . فقال لون الماء لون إنائه . . وهو جواب سادّ أخبر عن الأمر بما هو عليه . )

قال رضي الله عنه :  (ثم إن مسمى الصلاة) ، أي ما يسمى صلاة من الفعل المخصوص (له قسمة أخرى) غير قسمته بين اللّه تعالى وعبده كما مر في الحديث (فإنه تعالى أمرنا) معشر المكلفين أن نصلي له بقوله تعالى :وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ[ البقرة :110] ، وقوله :وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [ البقرة : 238 ] .

قال رضي الله عنه :  (وأخبرنا) سبحانه (أنه يصلي علينا) بقوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ[ الأحزاب : 43 ] .
(فالصلاة) حاصلة (منا ومنه) تعالى أيضا (فإذا كان تعالى هو المصلي فإنما يصلي) متجليا (باسمه) تعالى (الآخر فيتأخر) ظهوره تعالى (عن وجود العبد) ، لأن العبد مظهره ، والظاهر بالمظهر متأخر الظهور عن وجود المظهر (وهو) ، أي ذلك المتجلي باسمه الآخر (عين الحق الذي يخلقه) ، أي يقدر صورته (العبد في قبلته) ، كما ورد أن اللّه في قبلة أحدكم (بنظره الفكري) وخياله العقلي (أو بتقليده) لغيره من أصحاب العقائد (وهو) ، أي الحق المذكور (إله) ، أي معبود (المعتقد) بصيغة اسم المفعول ، أي الاعتقاد .

قال رضي الله عنه :  (ويتنوّع) إلى أنواع كثيرة (بحسب ما قام بذلك المحل) ، أي اعتقاد الإنسان (من الاستعداد) ، أي القوّة النورانية الكشفية وضعفها .
وهذا أمر لازم في اعتقاد كل معتقد من الناس في الكاملين والقاصرين ، وما بينهما من المراتب في طبقات العقلاء ، وصاحب هذا الإله المذكور إن عرف إطلاق الإله الحق عن جميع القيود والصور في حال تجليه بتلك القيود كلها والصور فهو من العارفين ، وإن جهل الإطلاق وحصر الحق تعالى في إله المعتقد المذكور ونفى ما عداه ، خصوصا إذا ظن أن ذلك التحديد والتقييد الذي في خياله وعقله إطلاق للحق تعالى ، فهو جاهل به تعالى ، وليس بعارف .

قال رضي الله عنه :  (كما قال) أبو القاسم (الجنيد) رضي اللّه عنه (حين سئل) ، أي سأله سائل (عن المعرفة باللّه) تعالى ما هي (و) عن (العارف) باللّه تعالى ما هو (فقال) :أي الجنيد رحمه اللّه تعالى في الجواب (لون الماء لون إنائه) يعني أن

المعرفة باللّه تعالى : هي أن تعرف أنه تعالى مطلق لا صورة له في الحس ولا في العقل والخيال أصلا ، ولكن العارف به هو الذي يكشف عما في حسه وعقله وخياله ، فيرى الحق تعالى المطلق ظاهرا له بحسب استعداده في الحس والعقل والخيال في جميع تلك الصور ظهورا باعتبار الرائي والمرئي ، لأن المرئي على ما هو عليه لم يتغير ، والرائي يتغير بالأطوار والأحوال ، فتتنوع عليه المعرفة ، ويختلف عليه تجلي المعروف الحق سبحانه على الأبد في الدنيا والآخرة .

فالماء من حيث هو ماء مطلقا لا لون له أصلا ولا صورة له ، ومن حيث هو في الأواني المختلفة فلونه لون الإناء وصورته صورة الإناء ، ولا تفهم الحلول في هذا المثال ، فإن الأواني لها وجود في نفسها مع الماء المتلون بألوانها ، وليس وجود الأواني تابعا لوجود الماء بحيث يكون صادرا عنه ، بل كل واحد من الماء والأواني موجود بوجود آخر مستقل ، واللّه تعالى الموجود الحق بوجود مستقل يستحيل عقلا وشرعا أن يكون معه شيء آخر غيره من محسوس أو معقول أو موهوم ، موجود أيضا مثله بوجود آخر مستقل غير تابع له تعالى في الإيجاد حتى يلزم ما يفهم القاصر من الحلول في هذا المثال ، فإن الماء حل في الإناء ، لأن الإناء له وجود مستقل ليس صادرا عن توجه قدرة الماء ، ولأجل هذا ثبت الحلول في كون الماء في الإناء .

وأما جميع المخلوقات الصادرة عن قدرة اللّه تعالى وتوجه أمره القديم الواحد سبحانه ، فإنها لا وجود لها من نفسها أصلا ، وإلا لاستغنت عن اللّه تعالى وقامت بنفسها وبطل وصف القيومية للّه تعالى ، وذلك ممتنع لثبوت القيومية له تعالى في الشرع ،
فكما أنه تعالى خالق لكل شيء ، فهو قيوم على كل شيء ، فكل شيء لولا توجه أمر اللّه تعالى عليه في كل طرفة عين بالإيجاد لما وجد ، فكل شيء موجود بإيجاد اللّه تعالى على الدوام في الكليات والجزئيات ، والأشياء كلها في أنفسها مع قطع النظر عن إيجاد اللّه تعالى لها معدومة بالعدم الأصلي ، لا وجود لها ولا شمت رائحة الوجود أصلا ،

ثم إنك إذا اعتبرتها كذلك معدومة بالعدم الأصلي ، وأردت أن تعرف كيف أوجدها اللّه تعالى ، فاعتبر أنها أواني مقدرة مختلفة ، وأن وجود الحق تعالى الواحد المطلق بإطلاقه الحقيقي ظهر في تلك الأواني المعدومة المقدرة ،

فكان لونه لونها وصورته صورتها من غير أن يحل هو فيها ، لأن الوجود لا يحل في العدم من غير أن يتحد معها أيضا ، فأين الحادث ممن له وصف القدم بل هو في تلك الحالة غيرها وهي غيره ،
ولكن شدة القرب بينهما أوجبت الالتباس على عقول الناس ، فهلك بالجهل منهم كثيرون ، وحار كثيرون فتوقفوا ولم يهتدوا ، وتحقق كثيرون ومن لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور ( وهو ) ، أي قول الجنيد قدس اللّه سره (جواب ساد) ، أي قوي (أخبر عن الأمر) الإلهي المسؤول عنه (بما هو) ، أي ذلك الأمر (عليه) في نفسه .
 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ) بين اللّه وبين عباده ( فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا ) في كلامه المجيد ( أنه يصلي علينا ) فإذا كان كذلك ( فالصلاة منا ومنه فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر فيتأخر ) ظهور الحق بهذا الاعتبار ( عن وجود العبد ) أي لا يظهر هذه الصلاة منه إلا بعد وجود العبد كما يتأخر رحمته للمذنبين في اليوم الآخر عن شفاعة الشافعين .

قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي الحق المصلي علينا ( عين الحق الذي يخلقه العبد ) أي يتصوره ( في قلبه بنظره الفكري ) ويعتقد أن الحق في نفسه على تصوره قوله : بنظره يتعلق بقوله يخلقه وكذلك ( أو بتقليده وهو إله المعتقد ) بكسر القاف ( ويتنوع ) الحق ( بحسب ما قام بذلك المحل ) قوله : ( من الاستعداد ) بيان لما أي يتنوع بحسب الاستعداد فالحق بنفسه تعالى عن التنوع فالتنوع للاستعداد لا للحق ( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والعارف لون الماء لون إنائه ) فنزه الحق من كل قيد ( وهو جواب ساد ) أي محكم مطابق للواقع ( أخبر عن الأمر بما هو عليه فهذا ) أي الإله المتنوع بحسب الاعتقادات.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

 
قال رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه. فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد. ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه

  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

قال رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه. فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد. ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. فهذا هو الله الذي يصلَّي علينا )

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ المصلَّي هو التابع للمجلي ، وهو عبارة عن كون التجلَّي بحسب المتجلَّى له ، فإنّ تعيّن الوجود الحق وظهوره في تجلَّيه إنّما يكون بحسب خصوص قابليّة المتجلَّى له ، كما أشار إليه الأستاذ بقوله : « لون الماء لون إنائه » يعني ليس للحق صورة معيّنة تسمّى ، فتميّزه عن صورة أخرى ، كالماء لا لون له ، ولكنّ لون  الماء يتلوّن بحسب لون إنائه ، فإنّ الحق لذاته يقتضي القبول لكل نعت والظهور بكل وصف بحسب الواصف والحاكم والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزئي نسبي ، ظهر في معتقدة ، ومن لا حسبان له في علمه بالله ، بحسب عقد معيّن ولم يتقيّد في معرفته وشهوده بعقيدة معيّنه دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته بالله وشهوده له إحاطته بالجميع بحيث لا يشذّ عنه صورة إلا وعنده له وجه حقيقة ، وسع الحق وغمره بتجلَّيه وأنانيّته

كما قال رضي الله عنه  :
عقد الخلائق في الإله عقائدا ....  وأنا شهدت جميع ما اعتقدوا

فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له يخرج الماء إلى ذلك اللون ويكسبه ما ليس له إلَّا فيه لا في نفسه ، وفي قوله رحمة الله عليه دلالة على أنّ سائله لم يكنّ إلَّا صاحب عقد معيّن ، فأجابه الجنيد بجواب كلَّي يفيد الكلّ معرفة بالمعرفة بالله ، فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإنّ من كان على ما ذكرنا لا لون له ، فيظهر الحق بحسبه ، كما هو تعالى في نفسه ، ولقد أشرت إلى هذا المقام بأبيات وردت عقيب شهود كلَّي وفناء حقيقي ، اتّفق في عشر ذي الحجّة ، خلوت بالحق في بيت الخلوة الذي للجنيد عليه السّلام بمحروسة « دار السلام » ، وهي كثيرة منها في المقام ،

 
شعر :
حرام على عيني معاينة السوي  .... وحلّ دمي إن كان غيرك في عيني
لقد كنت عيني حيث كنت ولم أكن   .... وكنت عن الأغيار في عزة الصون .
فكن لك بي لا لي كما كنت دائما   .... أكن لك عين الكلّ فيك بلا كوني
فلا أين يحويني ولا كيف حاصري   .... ولا في هيولى الكلّ منحصر عيني
يقولون : 
لون الماء لون إنائه   .... أنا الآن من ماء إناء بلا لون.
والله الموفّق المؤيّد للمؤيّد الموفّق

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلى علينا فالصلاة منا ومنه ، فإذا كان هو المصلى فإنما يصلى باسمه الآخر فيتأخر عن وجود العبد ، وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قبلته بنظره الفكري أو بتقليده وهو إله المعتقد )
وفي نسخة الإله المعتقد بفتح القاف ، وهو أنسب لما بعده والمعنى واحد .

قال رضي الله عنه :  ( ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد ، كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللَّه والعارف فقال : لون الماء لون إنائه ، فهو جواب ساد أخبر عن الأمر بما هو عليه فهذا هو الله الذي يصلى علينا ) المصلى هو التابع للمجلى إلى السابق ، وهو إشارة إلى أن التجلي بحسب المتجلى له ، فإن تعين الوجود الحق وظهوره في تجليه إنما يكون بحسب خصوص قابلية المتجلى له ،

كما أشار إليه الجنيد رضي الله عنه بقوله : لون الماء لون إنائه ، يعنى ليس للحق صورة معينة تسمى ، فيميزه السامع عن صورة أخرى كالماء لا لون له ، ولكن يتلون بحسب إنائه ، فإن الحق لذاته يقتضي الظهور بكل وصف ، والقبول لكل نعت بحسب الواصف والناعت والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزوي ظهر معتقده بحسب عقد معين ، ولم يتقيد في معرفته بحسبه فهو بالنسبة إلى كل اعتقاد على حكم معتقده ،

ومن لم يكن في علمه باللَّه بحسب عقد معين ، ولم يتقيد في معرفته وشهوده بعقيدة معينة دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته باللَّه وشهوده مطلقة بحيث لا شيء ولا صورة إلا وهو يرى للحق وجها فيه حقيقة بتجليه له في ذلك الشيء وتلك الصورة ، ويرى وجهه الوجود المطلق ،

كما قال قدس سره :
عقد الخلائق للإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له فيستحيل الماء : أي ذلك اللون ، ويكسبه ما ليس له إلا فيه لا في نفسه ،
وقول الجنيد رضي الله عنه مشعر أن سائله لم يكن إلا صاحب عقد معين ، فأجابه بجواب كلى يفيد الكل معرفته بالمعرفة باللَّه فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإن من كان على ذكر صافيا لا لون له ظهر الحق له بحسبه كما هو تعالى في نفسه


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.

فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم ، إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له ، وأخبرنا أنه يصلى علينا . ) بقوله : ( هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما) .

 
قوله رضي الله عنه  : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ) ليس أنه معنى واحد ينقسم إلى معنيين ، كما أن معنى الكلمة ينقسم إلى اسم وفعل وحرف ، وهو في كل منها موجود . بل معناه : أن الصلاة لها مسمى ، وهو الأفعال المخصوصة ، ولها مسمى آخر ، وهو التجلي والإيجاد والرحمة . كما قيل : ( إن الصلاة من الله الرحمة . . . ) .
فصدق أن مسمى الصلاة منقسم ، أي متعدد . ( فالصلاة منا ومنه . )

ولما كان ( المصلى ) لغة يطلق على الفرس التابع للمجلى ، وهو الفرس السابق في حلبة السباق قال : ( فإذا كان هو المصلى ، فإنما يصلى باسمه " الآخر" ) أي ، فإذا كان الحق هو المصلى ، أي المتجلي لنا بصور استعداداتنا ، فإنما يصلى ويتجلى لنا باسمه ( الآخر ) ، لأن الآخرية مستفادة منه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيتأخر ) الحق ( عن وجود العبد ، وهو عين الحق الذي يتخيله العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده وهو إله المعتقد . ) وفي بعض النسخ : ( وهو الإله المعتقد ) . الأول بكسر ( القاف ) ، والثاني بفتحها . ولا شك أن الاعتقاد تابع لوجود المعتقد ، فيتأخر عن وجوده .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد ، كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله والعارف ، فقال : "لون الماء لون إنائه" . وهو جواب ساد أخبر عن الأمر بما هو عليه . ) أي وتتنوع صور إله الاعتقادات بحسب الاستعدادات القائمة بمحالها وأعيانها ، لأن الحق المطلق لا تعين له ولا تقيد أصلا ، بلا اسم له ولا نعت ولا صفة من هذه الحيثية ، وكل ما ينسب ويضاف إليه فهو عينه .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:15 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الحادية والثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الحادية والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الحادية والثلاثون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّ مسمّى الصّلاة له قسمة أخرى ؛ فإنّه تعالى أمرنا أن نصلّي له وأخبرنا أنّه يصلّي علينا ؛ فالصّلاة منّا ومنه ، فإذا كان هو المصلّي فإنما يصلّي باسمه الآخر ، فيتأخّر عن وجود العبد : وهو عين الحقّ الّذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ أو بتقليده وهو الإله المعتقد ، ويتنوّع بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والمعارف ؛ فقال : لون الماء لون إنائه ، وهو جواب سادّ أخبر عن الأمر بما هو عليه )

""أضاف المحقق :
أي : المتنزل إلى رتبة من هو دونه ، وهذا التنزل هو ظهوره بصور الأشياء لإظهار كمالاته ؛ فهو ناظر إلى الحمد ، والغفور أي : الساتر هذا التنزل كما هو مقتضى التنزيه والتسبيح . عبد الرحمن الجامي . ""

( ثم إن مسمى الصلاة ) ، أي : مفهوم لفظها ( له قسمة أخرى ) باعتبار اشتراكها اللفظي بين المعنى القائم بنا ، والمعنى القائم بالحق ، ( فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له ) بقوله :
"وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ "[ البقرة : 43 ] ( أخبرنا أنه يصلي علينا ) بقوله :"هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ"[ الأحزاب : 43 ] ،

( فالصلاة ) منها شيء هو الجامع للأذكار والأفعال المخصوصة ، ومنها شيء آخر هو سبب الإخراج من الظلمات إلى النور ، وليس عين الأفعال والأذكار إذ لا يتنافي عنه ، ولا يليق بجنابه ، فهو شيء من تجلياته على المصلي يصدق عليه اسم المصلي ببعض المعاني ، وقد وجدنا المصلي يطلق على الفرس المتأخر من السابق في الحلبة ، فيكون تجليه على المصلي منها بما يناسب هذا المعنى ،
( فإذا كان الحق هو المصلي ، فإنما يصلي باسمه الآخر ) ، وليس هذا الاسم الآخر هو الذي تجلى به على العبد فوجد العبد به ؛ لأنه سبب لإخراج العبد بعد وجوده من الظلمات إلى النور .


( فيتأخر عن وجود العبد ) ، وهذا المتجلي بالاسم الآخر في الصلاة ، المتأخر عن وجود العبد ( هو عين الحق ) الذي يتصوره العبد في قبلته ، والتصوير من فعل العبد ، فهو ( الذي يخلقه العبد في قلبه ) ، وكيف لا وهو يقيده ( بنظره الفكري ، أو بتقليده ) للمتكلمين القائلين بالتنزيه المحض مع أن كونه في قبلته ينافي ذلك ، وإنما هو بالظهور منه مع أنه غير مقيد بذلك الظهور ولا بتنزيه المتكلمين ، ( وهو ) أنه ( المعتقد ) الذي يعتقد تقيده بمعتقده يخرجه من الظلمات إلى النور بحسب اعتقاده .

ولما كان الاعتقاد بحسب استعداد المعتقد ، فهو ( يتنوع ) مع تنزهه في اعتقادات هؤلاء ( بحسب ما قام بذلك المحل ) ، أي : محل الاعتقاد ) من الاستعداد ) لتصوير تنزيهه ، فهذه الصور التنزيهية المتنوعة بحسب تنوع استعدادات محل الاعتقاد من المعتقدين
( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه ، والعارف ، فقال : "لون الماء لون إنائه " ، فإنه لا لون للماء ، وإنما هو للإناء ، لكن يرى في الماء لون الإناء ) ، فكذا الحق منزه عما يقيده المعتقدون فيه وإن قالوا بالتنزيه ، لكن تتقيد صور اعتقاداتهم بحسب ما قام بمحلها من الاستعدادات .
( وهو جواب ساد ) قل من أجاب به ، ولكنه ( أخبر عن الأمر ) ، أي : أمر المعرفة ( بما هو عليه ) ، فإن الحق لا يتقيد بما يتصور العبد إلا في اعتقاده ، وإذا كان الفيض الإلهي في الإخراج من الظلمات إلى النور بحسب الصورة الاعتقادية للعبد

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

 
الصلاة لها قسم آخر
ثمّ إنّ هذا الكلام في حقيقة الصلاة ذات الأركان ، واسم الصلاة قد يطلق عليها وعلى غيرها بحسب تخالف الأوضاع ، والكلّ مسمى الصلاة ، ولذلك قال : ( ثمّ إنّ مسمّى الصلاة له قسمة أخرى ، فإنّه تعالى أمرنا أن نصلَّي له ، وأخبرنا أنّه يصلَّي علينا ) ، وخبره صدق وكلامه حقّ ، ( فالصلاة منّا ومنه ) ، ولا بد من تحقيق الصلاتين وتبيين أمرها في الطرفين .


قال رضي الله عنه :  ( فإذا كان هو المصلَّي ، فإنّما يصلَّي باسمه الآخر ) الذي هو من أسمائه الكليّة التي تحقّقت بها الهويّة الإطلاقيّة ، ( فيتأخّر عن وجود العبد ) عندما يكون مسمّى ذلك الاسم ضرورة ، لأنّه إضافة ونسبة ، وما ثمّ غير الحقّ والعبد ، والمتأخّر

قال رضي الله عنه :  ( هو عين الحقّ الذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ ) - إن كان ذا رأي ونظر ( أو بتقليده ) إن لم يكن له ذلك الرتبة ، وكأنّك قد اطَّلعت فيما تقدّم على تحقيق من هذا الكلام وزيادة بسط فيه ، فلا يحتاج إلى الإعادة .
( وهو الإله المعتقد ) الذي يختلف صورة بحسب استعداد المعتقد ومبلغ كماله ( ويتنوع ) صورة ذلك المعتقد ( بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد ) تنوّع صورة الماء مثلا بحسب ما قام بمحلَّه من الأعراض المحسوسة التي أجلاها اللون .

قال رضي الله عنه :  ( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللَّه والعارف ) يعني عن النسبة التي بينهما وإذ كان النسبة المسؤول عنها إنّما هي ما بين الصورة المعتقدة والمعتقد لها ، قال : « عن المعرفة باللَّه » ، لا " عن الله " ، إشعارا بذلك المعنى ( فقال : « لون الماء لون إنائه » وهو جواب سادّ ) حيث طابق النسبة المسؤول عنها بطرفيها سالما عن خلل النقص والزيادة ، كاشفا عن أمر النسبة وتبيين حالها بما لا مزيد عليه ،
مشيرا إلى ذلك بقوله : ( أخبر عن الأمر بما هو عليه ) حيث خصّص بالإله المعتقد على ما هو رتبة السائل ، وعمّم ذلك بحيث يشمل جميع المعتقدات ،

كما قال الشيخ نظما :
عقد الخلائق في الإله عقائدا  .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
وهذا كلَّه موطن أرباب العقائد - تقليديّة كانت ، أو فكريّة برهانيّة - وصاحب الذوق الإحاطيّ له في هذا الموطن رتبة الجمع ، والسابق في تلك الرتبة هو الحقّ ، والعبد هو المصلَّي ، كما قيل :

يقولون :
لون الماء لون إنائه  .... أنا الآن من ماء إناء بلا لون
كما أنّ العبد في الأولى له رتبة التقدّم ،

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّ مسمّى الصّلاة له قسمة أخرى ؛ فإنّه تعالى أمرنا أن نصلّي له وأخبرنا أنّه يصلّي علينا . فالصّلاة منّا ومنه .  فإذا كان هو المصلّي فأنّما يصلّي باسمه الآخر ، فيتأخّر عن وجود العبد : وهو عين الحقّ الّذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ أو بتقليده وهو الإله المعتقد . ويتنوّع بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والمعارف . فقال لون الماء لون إنائه . . وهو جواب سادّ أخبر عن الأمر بما هو عليه .)

( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ) ، فالمراد بمسمى الصلاة ما يسمى صلاة ، فالمعنى المشترك بين الانقسام هو هذا لا المفهوم العامي كما يقال مسمى ، أي ما يسمى بهذا الاسم إما ذهب أو عين جارية أو ذات قائمة بنفسها أو غير ذلك ، وهكذا كل مشترك لفظي يصح انقسامه بهذا التأويل . ( فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا بأنه يصلي علينا ) ، بقوله : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ[ الأحزاب : 43 ]

( فالصلاة ) منقسمة بالصلاة ( منا و ) بالصلاة ( منه فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر ) ، فإن المصلي هو الفرس التابع المتأخر عن المجلى وهو السباق في حلبة السابق ( فيتأخر ) ، أي الحق ( عن وجود العبد وهو ) ، أي الحق المتأخر ( عين الحق الذي يخلقه العبد في قبلته بنظره الفكري ) إن كان ذا رأي وفكر ( أو بتقليده لغيره ) إن لم يكن ذا رأي وفكر ( وهو الإله المعتقد ) ولا شك أن الاعتقاد تابع لوجود المعتقد فيتأخر عن وجوده .

( ويتنوع ) الإله المعتقد ( بحسب ما قام بذلك المحل ) القائم بهذه الصورة الاعتقادية به ( من الاستعداد ) للصور تنوع الماء بحسب ما قام بمحله أعني الإناء من الأعراض المحسوسة التي أجلاها اللون ( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والعارف فقال : لون الماء لون إنائه ) ، يعني حال المعرفة في مراتبها التقييدية إنما هي بحسب حال العارف في استعداداتها المتفاوتة للمعرفة ، كما أن الماء له لون في حد ذاته ويتلون بألوان ظرفه ، وإن كان ظرفه مما لا لون له فلا يتلون بلون بل يبقى على عدم لون لونيته

( وهو ) ، أي ما قاله الجنيد ( جواب ساد ) ، أي سديد صائب مستقيم أخبر ( أخبر عن الأمر بما هو عليه ) ، وإن كان العارف من أصحاب الاعتقادات التقييدية فكرية كانت أو تقليدية ، فحاله كحال الماء المتلون بلون إنائه المتلون ،
وإن كان هيولاني الوصف قابلا لجميع صور الاعتقادات تابعا للتجليات الإلهية الأسمائية من غير تقييد ببعضها فحاله ما قيل : يقول لون الماء لون إنائه ، أنا الآن من ماءنا بلا لون..

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:16 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثانية والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثانية والثلاثون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )
 
قال رضي الله عنه :  (  فهذا هو اللّه الّذي يصلّي علينا . وإذا صلّينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلّا بصورة ما جئناه بها فإنّ المصلّي هو المتأخّر عن السّابق في الحلبة . وقوله تعالى :كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [ النور : 41 ] أي رتبته في التّأخّر في عبادته ربّه ، وتسبيحه الّذي يعطيه من التّنزيه استعداده . فما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور . ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التّفصيل واحدا واحدا . )
 
قال رضي الله عنه :  (فهذا)، أي إله المعتقدات المختلفة الظاهر لنا بصورنا ، وهو على ما هو عليه ، ونحن على ما نحن عليه (هو اللّه) تعالى (الذي يصلي علينا) كما أخبر في الآية المذكورة سابقا (وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر) أيضا الذي كان له تعالى لما صلى علينا كما مر (فكنا) نحن حينئذ (فيه) ، أي في باطن هذا الاسم بحيث يظهر هذا الاسم بنا (كما ذكرناه) قريبا (في حال من له هذا الاسم) الآخر وهو الحق تعالى ، فإن هذا الاسم له سبحانه ، وحاله إذا كان هو المصلي تعالى أن يظهر بهذا الاسم فيتأخر عن وجود العبد ليتحقق له الاسم الآخر ، وإن كان لنا هذا الاسم نتأخر نحن في الظهور عنه تعالى كذلك ليتحقق لنا اسم الآخر .
 
قال رضي الله عنه :  (فنكون) نحن (عنده) تعالى (بحسب حالنا) الذي نحن عليه في حضرة علمه القديم وتقديره الأزلي (فلا ينظر) سبحانه حين اتصافنا بالاسم الآخر (إلينا إلا بصورة ما جئناه) تعالى في عدمنا إلى الوجود (بها) ، أي بتلك الصورة لأن لنا الاسم الآخر عنه سبحانه به (فإن المصلي) منا ومنه (هو المتأخر) على كل حال (عن السابق في الحلبة) بالفتح ، أي الميدان ،
لأن من أسماء الخيل في السابق:
المجلّي وهو السابق في الحلبة ثم يليه المصلي ، لأن رأسه عند صلوي المجلّي تثنية صلى وهو ما من يمين الذنب وشماله من الظهر ثم يليه المسلي ثم التالي ثم المرتاح ثم الخطى ، ثم العاطف ، ثم المؤمل ثم اللطيم ثم السكيت ويقال له : الفسكل والناشور
، فهذه عشرة أنواع من الخيل كانت العرب تعتد بها ولا يعتدون بالجائي بعد ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (وقوله تعالى) :أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ( كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)[ النور : 41 ] ، واللّه عليم بما يفعلون فصلاته (أي رتبته في التأخر عن عبادة ربه) تعالى يعني قصوره عن السبق فيها بإتيان ما يستطيع فيها ، فإن الإتيان بالمستطاع كشف للتأخر عن غير المستطاع وبيان لمقدار الاستعداد القابل لذلك
 
قال رضي الله عنه :  (وتسبيحه) هو المقدار (الذي يعطيه من التنزيه) للحق تعالى عما لا يليق به (استعداده) فاعل يعطيه (فما من شيء) محسوس أو معقول أو موهوم (إلا وهو) ، أي ذلك الشيء (يسبح بحمد ربه) تعالى (الحليم الغفور) كما قال عز وجل :"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً"[ الإسراء : 44 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك) رأى لكونه تعالى حليما يحلم علينا فلا يعجل يتنفيذ مراده فينا ، غفورا أي ستارا يسترنا عن المؤاخذة أو يسترها عنا (لا نفقه) ، أي لا نفهم (تسبيح العالم) كله (على التفصيل واحدا واحدا) فالحلم يقتضي التأني بنا فيورثنا الغباوة وقلة الفهم ، والغفر كذلك ، لأنه ستر لنا وهو الحجاب يحجب بصائرنا عن المعرفة ، وذلك من كمال الرحمة بنا كالمطر الذي ينزل من السماء فتحيا به الأرض بعد موتها ، فإذا زاد أغرق فكان سببا لموت الأرض وعدم إنباتها النبات المختلف ، وليس ذلك منه تعالى لنا إلا على حسب استعدادنا لقبول ذلك ، فهو عدل منه تعالى لأنه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ[ طه : 50 ] فأعطانا خلقنا ،
 
فكان ذلك عدم فهم منا لتفصيل ذلك التسبيح العام من كل شيء ، وأخبرنا تعالى أن سبب ذلك تجلي اسمه تعالى الحليم واسمه الغفور علينا ، وهما اسمان جميلان ولكن اقتضيا ظهور الجلال فينا لأجل استعدادنا لظهور ذلك ، فانقلبا في حقنا اسمين جميلين لإظهارهما الجلال فينا نظير قوله تعالى :يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً[ البقرة : 26 ] ، أي بالقرآن العظيم مع أنه حق كله وهو واحد ، وكمن ظهر عند كل أحد بمقتضى استعداده ، فكان أساطير الأولين وإفكا افتراه وأعانه عليه قوم آخرون عند طائفة من الناس ، وكان قرآنا عظيما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد عند طائفة أخرى من الناس .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )
قال رضي الله عنه :  ( هو اللّه الذي يصلي علينا ) وهذا بيان لنزول الحق في الصلاة فينا وهو بعينه نزول الحق في السماء الدنيا في الثلاث الأخير من الليل فوجود الحق أي ظهوره إلينا من حيث النزول يتأخر عن وجودنا ووجود السماء والليل فلا إشكال في مثل هذه الكلمات ( وإذا صلينا نحن له كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه ) أي في تصليتنا الحق ( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) وهو الاسم الآخر يعني فكما إذا كان هو المصلي يتأخر عن وجودنا في ظهور بصور استعدادنا إذ المتنوع يتأخر عن ما به التنوع فإذا صلينا نحن له كنا بمنزلة الحق إذا صلى علينا ( فتكون عنده بحسب حالنا ) واعتقادنا ( فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها ) .
 
قوله بصورة يتعلق بينظر قوله بها يتعلق بجئنا أي ينظر الحق إلينا بصورة ما جئنا الحق بهذه الصورة ما زائدة لتأكيد النظر بهذه الصورة وجاز لتأكيد عموم النكرة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلية وقوله "كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ "أي ) علم ( رتبته في التأخر و ) علم رتبته ( في عبادته ربه و)  علم رتبته ( في تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ) الضمير المنصوب في يعطيه يرجع إلى الحق واستعداده فاعل يعطيه والضمير يرجع إلى كل ( فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم ) الذي لا يعجل بالعقوبة للمذنبين ( الغفور ) الذي يستر ذنوب العباد فكان لكل شيء تسبيحا خاصا لربه الخاص الحليم الغفور له ( ولذلك ) أي ولأجل أن لكل شيء تسبيحا ( لا نفقة ) أي لا نطلع ( تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا ) لامتناع إحاطتنا ما في العالم فردا فردا.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )
 
قال رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا. وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة. وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور. ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه  


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )
 
قال رضي الله عنه  : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا ، فإذا صلَّينا نحن ، كان لنا الاسم « الآخر » فكنّا فيه ما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا فلا ينظر إلينا إلَّا بصورة ما جئناه بها ، فإنّ المصلَّي هو المتأخّر عن السابق في الحلبة ) .
 
وذلك لأنّ مرآة الحق تظهرنا على ما نحن عليه ، فما نكون عنده إلَّا بحسب حالنا في صلاتنا ، ولو كنّا فيها بحسبه ، فقد كملت صلاتنا كصلاة أهل الكمال والرسوخ .
 
قال رضي الله عنه : ( وقوله :" كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَه ُ وَتَسْبِيحَه " أي رتبته في التأخّر في عبادة ربّه وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ، فما من شيء إلَّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور ) .
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ للأشياء - في تأخّر وجودها عن ربّها بمظهريّاتها له أو ظهورها فيه - حكمين :
أحدهما ثبوتي والآخر سلبي فالسلبي هو الذي يسلب وينفى به عن الحق ما هي عليه من التقيّد والنقائص ونقائض الكمالات ، وهو تنزيهها للحق وتسبيحها من النقائص التي هي عليها .
والحكم الآخر : إثبات الكمالات التي هي عليها للحق على الوجه الأكمل الأليق بجنابه - تعالى - على ما مرّ مرارا .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا)
يعني  رضي الله عنه  : لمّا كان كلّ شيء كما ذكرنا مشتملا على محامد وكمالات خصيصة به ، ولا تظهر تلك المحامد على الوجه الذي ظهرت فيه إلَّا منه وبه لا من غيره وفي سواه ، مستوعبا أيضا لكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو يحمد عين  وجوده الظاهر فيه بتلك الكمالات ، بل يحمد بوجوده الخاصّ به عينه الثابتة وحقيقته التي هذه المحامد نسبها ولوازمها ، كانت كامنة في عينها الغيبي ، فأظهرها الوجود الحق لها ووصفها وعرّفها بها فيه أوله.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرناه في حال من هو له هذا الاسم فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها ، فإن المصلى هو المتأخر عن السابق في الحلبة ) وذلك لأن مرآة الحق تظهرنا على ما نحن عليه فما نكون عنده إلا بحسب حالنا في صلاتنا ، ولو كنا فيه بحسبه فقد كملت صلاتنا كصلاة أهل الكمال الراسخين في العلم.
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو قوله تعالى :" كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَه وتَسْبِيحَه " أي رتبته في التأخر في عبادة ربه وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور ) .
أي كل شيء قد علم رتبته في تأخر وجوده عن ربه بمظهريته له التي هي عبادته لربه ، وتسبيحه الخاص به بتنزيهه عما يخصه من الكمالات الإلهية ربه عن نقصه الذاتي لكل ممكن ، ونقصه الخاص به بمقتضى عينه وهو تقييده بأحكام عينه ، وقصور استعداده عن قبول جميع كمالات الوجود إلا ما يخصه من النقائص ،
وبحمده بما يظهر من الكمالات الثبوتية التي يقبلها من ربه الحليم الذي لا يعجل بعقوبة نقائصه ، الغفور الذي يستر نقائصه وظلمته الإمكانية وسيئات تقصيره عن قبول سائر الكمالات بنور وجوبه ، ووجود تجليات صفاته التي يظهر بما فيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأن لكل شيء تسبيحا يخصه ( لا نفقة تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا (
 يعنى : ثم إن في وجود كل شيء مرتبة فيها يعود الضمير في بحمده إلى العبد المسيح ، وذلك لأن لكل موجود مرتبة في الوجود المطلق ، والمقيد هو المطلق مع التعين الذي يقيده فله كمالات ومحامد مختصة به وكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو بالقسم الأول يحمد نفسه : أي هوية الحق المقيدة بقيد تعين ، وينزه عن النقائص التي يقابلها لأن تلك المحامد لا تظهر على الوجه الذي ظهرت فيه إلا منه وله لا من غيره ،
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )
 
كما قال أمير المؤمنين كرم الله وجهه : ( كمال الإخلاص نفى الصفات عنه ) . وعند التجلي يتجلى بحسب استعداد المتجلى له على صورة عقيدته - كما يدل عليه حديث ( التحول ) - يوم القيامة .
 
لذلك أجاب الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله والعارف بقوله : ( لون الماء لون إنائه ) . أي ، تجلى الحق بصورة المعرفة ، إنما هو بحسب استعداد المتجلى له . وهو جواب محكم مطابق لما في نفس الأمر : فإن الماء لا لون له ويتلون بألوان ظروفه ، فكذلك الحق لا تعين له يحصره ويتعين على حسب من يتجلى له .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهذا هو الله الذي يصلى علينا . ) أي ، هذا المتجلي بصور الاستعدادات في العقائد هو الذي يصلى علينا ويتأخر عنا . كما جاء في الآية المذكورة على لسان المتجلي بصور الاعتقادات .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا صلينا نحن ، كان لنا الاسم "الآخر" ) أي ، كنا نحن المتحقق بالآخرية حينئذ فلنا الاسم ( الآخر ) .
( فكنا فيه ) أي ، في هذا المقام والتجلي ( آخرا ) . ( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) من أنه يتأخر عن وجود العبد .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتكون عنده ) أي ، عند الحق ( بحسب حالنا . ) وصفاتنا التي فينا ( فلا ينظر إلينا ) ولا يتجلى لنا ( إلا بصورة ما جئناه بها ) كمالا ونقصا . ( فإن المصلى هو المتأخر عن السابق في الحلبة . ) أي ، وإذا صلينا نحن ، كان لنا الاسم "الآخر" ، فإن المصلى متأخر عن المجلى في ميدان السباق .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقوله تعالى : "كل قد علم صلاته وتسبيحه " . أي ، رتبته في التأخر في عبادة ربه ، وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده . ) لما فسر المصلى بالمتأخر ، جعل صلاته رتبته في التأخر في العبادة .
أي ، كل منا ومن الحق الظاهر بصور عقائدنا ( قد علم صلاته ) أي ، مرتبته في التأخر وتسبيحه لربه :
أما صلاتنا له وتسبيحنا إياه وتحميدنا وثنائنا عليه بالوجه المشروع لنا وتنزيهنا إياه عما لا يليق بحضرته .
وأما صلاته لنا وتسبيحه إيانا فتكميله إيانا وجعله لنا موصوفا بالصفات الجمالية والجلالية وتطهرنا عن دنس النقائص ورين الحجب الإمكانية .
هذا لسان إشارته ، وهو لسان الباطن المعرب عن مطلع الآية .
 
وأما لسان عبارته الذي هو لسان الظاهر ، معناه : كل من الأعيان الموجودة وقد علم رتبته في عبادة ربه وتسبيحه الذي يعطيه استعداده ، وهو تنزيه كل من الأعيان ربه على حسب استعداده من النقائص اللازمة لعينه ، وعلم أن رتبة عبادته متأخرة عن صلاة ربه ، فإنه لولا صلاته ورحمته الوجودية وإخراجه للأعيان من ظلمات العدم إلى نور الوجود وظلمات الضلالة إلى نور الهداية ، ما كان أحد منهم يصلى .
 
فقوله رضي الله عنه   : ( في عبادة ) متعلق ب‍ ( رتبته ) لا ب‍ ( التأخر ) . أي ، علم رتبته في عبادة ربه . وضمير ( يعطيه ) عائد إلى ( كل ) وفاعله ( استعداده ) .
وفي بعض النسخ : ( عن عبادته ربه ) . فحينئذ يكون متعلقا ب‍ ( التأخر ) .
وفي بعض النسخ أيضا : ( عن عبادة ربه ) . فمعناه : كل قد علم صلاته ، أي رتبته في عبادته ، أنها متأخرة عن صلاة ربه له ، وعبادة ربه إياه بالإيجاد والإيصال إلى الكمال والرحمة والمغفرة . كما قال في مواضع أخر : (فيعبدني وأعبده) .
لكن الأولين أنسب إلى الأدب بين يدي الله تعالى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما من شئ إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.) أي ، الذي لا يعاجل بالعقوبة ويعفو عن كثير من السيئات ، الغفور الذي يستر ذنوب الذوات وقد يجعلها للمحبوبين من الحسنات .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.) أي ، ولأجل أن لكل شئ تسبيحا خاصا ونحن لا نقدر على الاطلاع على تفاصيل الوجود وأسراره كلها ، لا نفقه تسبيح العالم كله .

 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:16 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثانية والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثانية والثلاثون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور. ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )

قال رضي الله عنه : (  فهذا هو اللّه الّذي يصلّي علينا ، وإذا صلّينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلّا بصورة ما جئناه بها فإنّ المصلّي هو المتأخّر عن السّابق في الحلبة ، وقوله تعالى :"كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ"[ النور : 41 ] أي : رتبته في التّأخّر في عبادته ربّه ، وتسبيحه الّذي يعطيه من التّنزيه استعداده ، فما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور .)

( فهذا هو اللّه الذي يصلي علينا ) ، فيفيض علينا بحسب صور اعتقاداتنا المختلفة ، وإن اتفقت في كونها تنزيهية ، لكنها تختلف كمالا ونقصا ، وإذا كان تجلي الحق علينا بالاسم الآخر في الصلاة ، فالمعطي من حيث هو مصلّ مظهر هذا الاسم ، ( فإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر ) يظهر به في مرآة الحق عند مشاهدتنا إياه ، ( فكنا فيه ) ، أي : في الحق يعني في مرآته على صور اعتقاداتنا في اللّه ( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) المتجلي به فينا حال الصلاة ، أنه يكون بحسب استعدادات محل اعتقاداتنا ، ( فيكون عنده ) من غير حلول فيه كمال حلول له فينا عند ظهوره بمرآتنا ( بحسب حالنا ) من تجليه بهذا الاسم فينا ، وإذا كانت هذه صورتنا في نفوسنا ، وفي مرآتنا .

( فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها ) ، ويكون فيضه بحسب هذه الصورة ، وإنما كان تجلي الحق على المصلي بالاسم الآخر ؛ لصدق معنى المتأخر على من صدق عليه اسم المصلي كصدق معنى العابد عليه ، ( فإن المصلي ) من فرس المسابقة ( هو المتأخر عن السابق في الحلبة )

أي : الميدان ، وقد تقرر إطلاق اسم العابد على مع أن للعابد إنما يسمي مصليا ؛ لتأخر رتبة العبدية عن رتبة الربوبية ، فتعين أن يكون إطلاق اسم المصلي عليه باعتبار تجليه بالاسم الآخر ، وهو ظهوره للعبد بصورة اعتقاده ، وهو أي : الدليل على أن الصلاة بمعنى التأخر أنها قد جاءت في حق العباد بهذا المعنى ، فكيف لا يكون في حق اللّه تعالى بهذا المعنى ( قوله تعالى :كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) [ النور : 41 ] .
 
فإنه من المعلوم أنه لا يصلي كل طير ودابة الصلاة التي هي ذات الأذكار والأفعال المخصوصة ، فلابد له من تأويل ، وأحسن التأويلات ما بين معنى العبادة اللازمة لصلاتنا ، وبين معنى التأخير المفهوم من الصلاة في الجملة اللازم للعبادة ،

وهو الذي أشار إليه قوله :
( أي : رتبة في التأخير ) عن درجة ربه عرف تنزيهه عن رتبة نفسه ، وعرف أيضا ( تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه ) الكلي الإلهي ( استعداده ) ، فإنه لا يصل أحد إلى كنه تنزيهه الكلي ، وإنما يصل إلى مقدار ما يتنزه في نفسه ، فالملائكة أكثر تنزيها من عامة البشر ، وهم أكثر من الدواب حتى ينتهي تنزيه بعضهم إلى أنه لا يكون عين ذاته لا غير "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" [ الإسراء : 44 ] في عدم مؤاخذته من لم ينزهه حتى تنزيهه ، كيف وقد تجلي عليهم بالاسم الغفور السائر كنه تنزيهه عليهم .
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التّفصيل واحدا واحدا )

( ولذلك ) أي : ولكون تسبيح الكل بما يعطيه استعداده ، ولكل واحد من الموجودات غير المتناهية استعدادات خاصة تخالف استعداد كل واحد استعداد غيره بوجه من الوجوه ، ولا يمكن لنا الاطلاع على تفاصيلها ( لا نفقه تسبيح العالم ) ، وإن علمنا إجمالا اتفاقهم في تنزيه الحق ( على التفصيل واحدا ) بعد ( واحد ) ، وهذا مبني على أن الضمير في قوله : "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ " يعود إلى اللّه تعالى.


"" أضاف المحقق :
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في مرتبة صلاة العبد ؛ فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو العبد . عبد الرحمن الجامي  ""


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )

ولذلك قال : ( فهذا هو الله الذي يصلَّي علينا ) في صورة اسمه الآخر ، ( وإذا صلَّينا نحن كان لنا الاسم الآخر ) وهو الأول ، ( فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) كما ظهر أمره في الصورة الأولى ، ( فنكون ) نحن ( عنده بحسب حالنا ) التي نتحوّل عليها في طيّ الأطوار والأدوار ، ( فلا ينظر ) الحقّ ( إلينا إلَّا بصورة ما جئناه بها ) في كلّ لحظة ولمحة من تلك الأحوال السريعة الزوال .


ثمّ هاهنا نكتة خفيّة لا بدّ من الاطلاع عليها ، وهي أنّ مقتضى العبوديّة والتقيّة الأسمائي هو الحصر في صورة معيّنة ، كما أنّ مقتضى الالوهيّة والإطلاق الذاتي إنّما هو عدم الحصر في صورة والتقيّد بحال .

إذا عرفت هذا ، فإذا كان الحقّ هو المصلَّي والسابق ، إنّما يكون العبد حينئذ لا بدّ وأن يكون قبلة التوجّه في تلك الصلاة ، صورة عقديّة عقليّة معيّنة - كما سبق بيانه .
وإذا كان العبد هو المصلَّي ، يكون السابق حينئذ الحقّ لا غير ، فيكون قبلة التوجه في تلك الصلاة صورة علميّة انشراحيّة غير معيّنة بحال ، ولا محصورة في صورة .

وقد أشار في طيّ عبارته إلى هذه الدقيقة إشارة خفيّة ، إنّما يتفطَّن لها اللبيب من قوله : « بحسب حالنا » وقوله : « جئناه بها » ، أي بتلك الصور المتحوّلة التي جاء العبد حقيقة معها ، فإنّ السابق في مثل تلك الصور المتحوّلة إنّما هو الحق ، والمصلَّي هو العبد .

قال رضي الله عنه :  ( فإنّ المصلَّي هو المتأخّر عن السابق في الحلبة ) فصلاة العبد هو الذي لكل واحد من الصور المتحوّل عليها العبد في كلّ وقت ، مما هو من أصل الإطلاق الذاتيّ ، وذلك أولا وبالذات للحقّ ، وثانيا وبالعرض للعبد وما للعبد بحسب ذاته هو ما يعطيه استعداده الأصليّ من التنزيه الصرف الثابت ، الذي لا تحوّل فيه ولا تغيّر عنه بحال .

قال رضي الله عنه :  ( وقوله تعالى : " كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَه ُ وَتَسْبِيحَه ُ " ) إشارة إلى تينك المرتبتين فإنّ قوله : " صَلاتَه ُ " ( أي رتبته في التأخّر عن عبادة ربّه ) عند التحوّل معه في شؤونه فإنّ العبد تلويحه كاشف عن أنّه هو العين الدائر بربّه فيما هو فيه من الشؤون في كلّ يوم .

قال رضي الله عنه :  ( وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ) ، فإنّ أصل الاستعداد إنما يعطي التنزيه ، فإن كان ذلك الاستعداد متوقّفا عند الرسوم ، ما يعطي إلَّا التنزيه الرسمي ، وإن كان من السالكين مسالك الحقيقة فتنزيهه تنزيه حقيقيّ - كما عرفت .

ثمّ إنّ لكلّ من الموجودات علمين : أحدهما وجوديّ إطلاقيّ ، وهو الذي يتعلَّق بحاله المتحوّلة بها لحظة فلحظة ، وهو الذي به يصلَّي ويحمد.

 والآخر عدميّ نسبيّ ، وهو الذي يتعلَّق بخصوصيّته الخاصّة الثابتة التي يعطيها أصل استعداده ، وهو الذي به يسبّح وبيّن أنّ هذه الخصوصيّة أيضا من جملة تلك الأحوال عند التحقيق .


ما من شيء إلا وهو مسبّح لربّه
قال رضي الله عنه :  ( فما من شيء إلَّا وهو يسبّح بحمد ربّه ) أي تنزّهه عن الخصوصيّة التي أظهره بتلك الخصوصيّة تعيّن تلك الخصوصيّة ، على ما هو حقّ التسبيح والتنزيه ، يعني التسبيح بعين الحمد والتنزيه في نفس التشبيه . هذا إذا أعيد ضمير بحمده إلى « الرب » ، أي بحمد ربّه .

( الحليم ) وهو الذي تنزل إلى رتبة من دونه في القدر ، وهو مقتضى الحمد الذي هو ظهور الحقّ بصور الأشياء وإظهارها له ، فإنّ الحمد إنّما هو الإظهار والتعريف .
( الغفور ) وهو الذي يستر ذلك التنزّل ، كما هو مقتضى التنزيه والتسبيح .

ثمّ إنّك قد عرفت أنّ مبدأ ذينك الحمد والتسبيح هو الخصوصيّة من كلّ أحد ، إذ بها يسبّح بالحمد ، كما لا يخفى على الواقف بالأصول الممهّدة قبل ، ( ولذلك لا يفقه تسبيح العالم واحدا واحدا ) على التفصيل فإنّ خصوصيّة كلّ أحد لا دخل للآخر فيه ، وإلَّا لا يكون خصوصيّة له .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور. ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.  )

قال رضي الله عنه :  ( فهذا هو اللّه الّذي يصلّي علينا . وإذا صلّينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلّا بصورة ما جئناه بها فإنّ المصلّي هو المتأخّر عن السّابق في الحلبة . وقوله تعالى :كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [ النور : 41 ] أي رتبته في التّأخّر في عبادته ربّه ، وتسبيحه الّذي يعطيه من التّنزيه استعداده . فما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور . ولذلك لا نفقه تسبيح )

( فهذا ) ، أي الإله المعتقد ( هو اللّه الذي يصلي علينا ) ، كما جاء في الآية المذكور ، أي يتجلى علينا بصورة اسمه الآخر ( وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر ) ، وهو الأول ( فكنا فيه بنا ) ، أي في مقام صلاتنا له متأخرين عنه

( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) ، وهو الإله المعتقد الذي له الاسم الآخر ، فكما أن في صورة صلاته علينا له الاسم الآخر وله الاسم الأول ( فنكون ) نحن ( عنده بحسب حالنا ) ، أي بحسب أحوالنا التي نتحول فيها بحسب تقلبه في الشؤون والأفعال ( فلا ينظر ) الحق ( إلينا ) ، أي لا يتجلى علينا ( إلا بصورة ما جئناه بها ) ، في كل لحظة ولمحة من تلك الأحوال التابعة لتقلبه في شؤونه وأفعاله ، فباعتبار هذه التبعية نحن مصلون له متأخرون عنه وباعتبار تجليه علينا بحسب استعداداتنا هو مصل علينا ( فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة ) فيصح التعبير به عن كل من الحق والعبد .

والحاصل أن للحق سبحانه تجليين :
أحدهما : تجليه بصور استعدادات العبد من حيث تقلبه في الشؤون والأفعال ، فاستعدادات العبد في هذا التجلي تابعة لتقلبه في الشؤون والأفعال .
والثاني : تجليه عليه بحسب تلك الاستعدادات ، فهو سبحانه في هذا التجلي تابع للاستعدادات ،
فباعتبار الأول : نحن نصلي له ،
أو باعتبار الثاني : هو يصلي علينا ، أو بالنظر إلى هذين الاعتبارين حمل صاحب اللمعات قول الجنيد تارة على لون معنى المحبوب لون محبه ، وتارة على معنى لون المحب لون محبوبه .
( وقوله تعالى : كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) [ النور : 41 ] ، أي كل منا ومن الحق فالعبد علم صلاته ( أي رتبته في التأخر عن عبادة ربه وتسبيحه ) ، أي ( الذي يعطيه من التنزيه استعداده ) الفطري الأصلي

فإن أصل الاستعداد إنما يعطى التنزيه ، وكذلك الحق على صلاته ، أي رتبة تأخره عن العبد فيما ذكرنا ، وتسبيحه : أي تطهيره العبد عن دنس النقائص الإمكانية ( فما من شيء إلا ويسبح ربه الحليم ) ، أي المتنزل إلى رتبة من هو دونه وهذا التنزل هو ظهوره بصور الأشياء لإظهار كمالاته فهو ناظر إلى الحمد ( الغفور ) ، أي الساتر هذا التنزل كما هو مقتضى التنزيه والتسبيح ( ولذلك ) ، أي لعموم تسبيح كل شيء ( لا نفقه تسبيح ) أفراد.

قال رضي الله عنه :  ( العالم على التّفصيل واحدا واحدا)
( العالم على التفصيل واحدا واحدا ) ، لأنا لا نقدر على الاطلاع على تفاصيل الوجود وأسرارها بل لا نفقه على سبيل التفصيل إلا تسبيح بعضها ، وأما تسبيح الكل فلا نفقهه إلا على سبيل الإجمال .
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في مرتبة صلاة العبد فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو العبد

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:17 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثالثة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثالثة والثلاثون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
 
قال رضي الله عنه :  ( وثمّة مرتبة يعود الضّمير على العبد المسبّح فيها في قوله :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي بحمد ذلك الشّيء . فالضّمير الّذي في قوله"بِحَمْدِهِ"[الإسراء:44]
يعود على الشّيء أي بالثّناء الّذي يكون عليه . كما قلنا في المعتقد إنّه إنّما يثني على الإله الّذي في معتقده وربط به نفسه ، وما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصّنعة فإنّما مدح الصّانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها . وإله   المعتقد مصنوع للنّاظر فيه ، فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه . ولهذا يذم معتقد غيره ، ولو أنصف لم يكن له ذلك . إلّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه . )
 
قال رضي الله عنه :  (وثم) بالفتح ، أي هناك (مرتبة) أخرى (يعود الضمير) وهو الهاء في قوله بحمده (على العبد) ، أي الشيء كما قال تعالى أن :إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً[ مريم : 93 ] فالأشياء كلها عبيد اللّه تعالى (المسبّح فيها) ، أي في تلك المرتبة في قوله تعالى : ("وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ")[ الإسراء : 44 ] ، أي يسبح (بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله) تعالى (بحمده يعود على الشيء) المذكور في قوله وإن من شيء (أي) يسبح (بالثناء الذي يكون عليه) ذلك الشيء ، أي مقدار استعداده ، أي ثنائه على اللّه تعالى
 
قال رضي الله عنه :  (كما قلنا) قريبا (في) حق الإنسان (المعتقد) بصيغة اسم الفاعل ، أي الذي يعتقد الألوهية في ربه تعالى وباقي حضراته سبحانه (إنه) ، أي ذلك المعتقد (إنما يثني على الإله الذي في معتقده) بصيغة اسم المفعول ، أي اعتقاده بحسب استعداده في معرفته به (فيربط) ذلك المعتقد (نفسه) في تصويره له على أكمل ما تقدر من أنوع الكمال ، ولا يترك من جهده شيئا في تحسين ذلك (به) ، أي بالذي اعتقد أنه إلهه الحق تعالى .
قال رضي الله عنه :  (وما كان من عمله) في الطاعات واجتناب المنهيات (فهو راجع إليه) ، أي إلى ذلك الذي اعتقد أنه إلهه الحق سبحانه (فما أثنى) في حقيقة الأمر (إلا على نفسه) ، إن عرف من نفسه ذلك فإنه ، أي الشأن (من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع) لها (بلا شك) في ذلك فإنّ حسنها ، أي الصنعة (وعدم حسنها) ، أي الصنعة (راجع) بحسب مقتضى ذلك من المدح أو الذم إلى (صانعها) ، أي تلك الصنعة والإله المعتقد بصيغة اسم المفعول مصنوع للناظر فيه يعتقده في نفسه .
 
قال رضي الله عنه :  (فهو) من حيث الصورة القائمة بخيال المعتقد له (صنعته) ، أي صنعة ذلك المعتقد له ، صنعه بفكره وعقله ليصرف إليه جميع أعماله باعتبار الضرورة اللازمة في ذلك ، لأنه لو نفاه لعطل الإله الحق وأنكره من الوجود وهو كفر ، فلهذا جاء الشرع بقبول هذا الإله المصنوع في الاعتقادات عند الكل ، إذ هو مما لا يمكن الامتناع منه فإثباته في النفس فرض على كل مكلف ، ولكن مع معرفة العجز عن معرفة الحق المطلق بالإطلاق الحقيقي الذي هذا الإله المصنوع في النفس مقدار الاستعداد من معرفته ، فذلك لا يعرف من حيث هو أصلا ،
 
وإنما يعرف من حيث هذا الإله المصنوع في النفس كيفما كان ، وكل من حصر الحق المطلق بالإطلاق الحقيقي في هذا المصنوع عنده في نفسه فقد جهل وخرج عن المعرفة الإلهية الصحيحة الواردة في الكتاب والسنة ، وكان من المجسمين المشبهين المبتدعة الخارجين عن مذهب أهل السنة والجماعة ولا يكفر لتأويله نصوص الإطلاق الحقيقي بالإطلاق المجازي العقلي كقوله تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[ الشورى : 11 ] ، أي شيء من هذه المحسوسات ونحو ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (فثناؤه) ، أي ذلك المعتقد (على ما اعتقده) في نفسه أنه إلهه الحق (ثناؤه على نفسه) التي صورت فيها هذا الاعتقاد المذكور (ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك يذمّ ذلك المعتقد بصيغة اسم الفاعل (معتقد) بصيغة اسم المفعول ، أي ما يعتقده (غيره) من الناس (ولو انصف) ذلك المعتقد الذام (لم يكن له ذلك) ، أي الذم لمعتقد غيره ، لأن كل المعتقدات سواء من جهة كونها مخلوقة للّه تعالى بواسطة المعتقدين لها ، وكونها غير مطابقة للحق تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي ، فلا معنى لترجيح بعضها على بعض في حسن أو قبح ، وإنما الترجيح بمعرفة أنها مقدار استعداد كل معتقد من الناس ، وأن الإله الحق المطلق بالإطلاق الحقيقي غيب أبدا معجوز عن معرفته للكل من وجه ما هو عليه في نفسه .
 
قال تعالى :وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ[ المطففين : 26 ] ، وإياك أن تظن أن هذا الكلام يقتضي إثبات إلهين اثنين ، فتكون افتريت علينا وعلى المصنف قدس اللّه سره بما لا تفهمه بعقلك ولا أنت من أهله ، واللّه على ما نقول وكيل (إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص) الذي ضبطه في نفسه بصورة خيالية منسوبة عنده إلى الحق تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي ، محكوم عليه تعالى أنه هكذا كما اعتقده خصوصا مع اعتقاده أنه تعالى لا تتصوّره العقول والأفكار ، حيث جزم بما عنده وحكم بالخطأ فيما عند غيره من ذلك (جاهل بلا شك) أصلا (في ذلك) ، أي في جهله المذكور لاعتراضه على غيره ، أي إنكاره ما يعتقده غيره مما هو مقتضى استعداد ذلك الغير (فيما) ، أي في الاعتقاد الذي (اعتقده في) حق (اللّه) تعالى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
 
قال رضي الله عنه :  ( وثمة ) أي وفي مقام التسبيح ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها ) الضمير في قوله فيها يعود إلى المرتبة ( في قوله وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله بحمده يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه ) أي يكون العبد على ذلك الثناء وفي قوله :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍيتعلق بالمقدّر أي الضمير كان في قولهوَإِنْ مِنْ شَيْءٍ( كما قلناه ) أي هذا المذكور ( في المعتقد ) بكسر القاف ( أنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه وما كان من عمله ) أي من عمل العبد المعتقد ( فهو راجع إليه ) لا إلى الحق ( فما أثنى ) ذلك المعتقد ( إلا على نفسه فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك فإن حسنها وعدم حسنها ) أي الصنعة ( راجع إلى صانعها وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه فهو ) أي ذلك الإله .
 
قال رضي الله عنه :  ( صنعته ) أي صنعة الناظر ( فثناؤه ( أي ثناء الناظر ( على ما اعتقده ) أي اعتقد أنه إله ( ثناؤه على نفسه ) واللّه تعالى في حدّ ذاته منزه عن الثناء على هذا الحد وعن هذا الاعتقاد لكن اللّه تعالى يقبل ثناء عبده واعتقاده كرما ولطفا منه إذ لا وسعة لكل أحد أن ينظر الحق على إطلاقه ويثني عليه فكان ذلك المعتقد يعين الحق ويقيده على حسب اعتقاده ( ولهذا ) أي ولأجل تعيين الحق وحصره على ما اعتقده ( يذم معتقد غيره ولو أنصف ) ذلك المعتقد ( لم يكن له ذلك ) الذم لما أنه مثله أيضا فهو محمود عند صاحبه ( إلا ) استثناء منقطع ( أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل لا شك في ذلك ) أي في ثنائه على نفسه ولا يشعر أن ثناءه على نفسه وظن أنه يثني على اللّه تعالى
قال رضي الله عنه :  ( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في ) حق ( اللّه ) تعالى.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
 
قال رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء. فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.  وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها. وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه : فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه. ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك. إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في) .
 
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
 
قال رضي الله عنه :  ( وثمّ قرينة بعود الضمير فيها على العبد المسبّح في قوله :"وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه" أي بحمد ذلك الشيء ، فالضمير الذي في قوله : «بحمده» يعود على «الشيء» أو بـ " لثناء" الذي يكون عليه ) .
 
يعني  رضي الله عنه  : لمّا كان كلّ شيء كما ذكرنا مشتملا على محامد وكمالات خصيصة به ، ولا تظهر تلك المحامد على الوجه الذي ظهرت فيه إلَّا منه وبه لا من غيره وفي سواه ، مستوعبا أيضا لكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو يحمد عين  وجوده الظاهر فيه بتلك الكمالات ، بل يحمد بوجوده الخاصّ به عينه الثابتة وحقيقته التي هذه المحامد نسبها ولوازمها ، كانت كامنة في عينها الغيبي ، فأظهرها الوجود الحق لها ووصفها وعرّفها بها فيه أوله ، فإذن لم يحمد كلّ شيء بذاته ووجوده إلَّا نفسه ، فإليه يعود الضمير في قوله :" يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ ".
 
وأمّا تسبيحه وهو تنزيهه عن نقائص كونيّة فيكون بمعنى نفي النقص مطلقا ، أي كل ما ظهر به النقائص النسبيّة المتوهّمة كمالات حقّيّة خفيّة نسبية للوجود والعين بالنسبة إلى ذلك ، فينزّه وجوده وحقيقته جمعا وفرادى عمّا توهّمه متوهّم النقص فيه ،
إذ لا نقص إلَّا بالنسبة والإضافة ، ولكن ظهور الوجود في حقيقة الشيء هو كذلك ، وذلك درجة أو مرتبة لتجلَّي الوجود أو ظهور تلك العين والحقيقة في الوجود الحق بحسبه كذلك ليس إلَّا على هذا الوجه ، ولكنّ الناظر بنظره الوهمي يرى ذلك بالنسبة إلى ظهور آخر في مظهر ومرآة أخرى - نقصا ، فليس في الوجود نقص حقيقي ، بل بالنسبة والإضافة في وهم المتوهّم أو في التخيّل أو التعقّل لا غير ، ومقتضى التحقيق أنّه لمّا كان للوجود الحق صلاحية الظهور بتلك المحامد التي ذلك الشيء عليها ، وقبول الظهور لتلك الأحكام - التي توهم النقص من حيث التعيّن والظهور ، ذاتيّا ، كانت المحامد والمذامّ المتوهّمة عائدة على الوجود الحق بالأصالة في الحقيقة ، فاحتمل الضمير في قوله :"يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " الوجهين معا ، فافهم .
 
 
قال رضي الله عنه  : ( كما قلنا في المعتقد : إنّه إنّما يثني على الإله الذي في معتقده وربطه به نفسه ، وما كان - من عمل - فهو راجع إليه فما أثنى إلَّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصنعة فإنّما يمدح الصانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ، وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه ، فهو صنعته ، فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ، ولهذا يذمّ معتقد غيره ، ولو أنصف ، لم يكن له ذلك إلَّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك ، لاعتراضه على غيره ، فما اعتقده في الله ،)
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الضمير في قوله : « بحمده » من " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " الراجع إلى المسبّح المعتقد لا يصلح أن يكون راجعا إلى الله إلَّا من حيث الوجه المحقّق الذي ذكرنا و لا إلى ما اعتقده ، فإنّ صورة معتقده مصنوعة له ومخلوقة له كذلك ، وليست لموجد الأشياء الذي يجب له التسبيح ، فإنّ الله أخبر عن نفسه بأنّه "سُبْحانَه ُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ "  فإنّ كل معتقد خاصّ فإنّما يصفه بصفة كمال هو عليه لا غير ،
إذ لا يعرف غير ذلك الوصف ، وأخبر أنّه " لا يُحِيطُونَ به عِلْماً " وكلّ ذي اعتقاد فإنّه محيط بصورة معتقدة ، وأخبر تعالى أيضا في كتابه الذي "لا يَأْتِيه ِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْه ِ وَلا من خَلْفِه " على خلاف ما هو عليه معتقده ، وذلك لأنّ المنزّة بالتنزيه العقلي صوّر في اعتقاده صورة ليست بجسم ولا جوهر ولا غرض ولا كذا ولا كذا ،
وكذلك المشبّه حصره فيما شبّههه به وهو محيط بما صوّره ، لأنّه مصنوعه ، وصورة معتقد كلّ منهما محدودة بما يباين الآخر ويتميّز عنه ، وكل متميّز عن غيره متناهي الحدود إلى ذلك الغير ، ومحدود بما به يخصّص ويميّز ، فالإله الذي يعبده في زعمه هو ما صنعه في خياله ووهمه ، فما حمده به يرجع إليه ، فما حمد إلَّا نفسه ، لأنّه موجد تلك الصورة الذهنية في ذهنه ، فما سبّح الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ،
فإنّه غير محدود بحدّ ، ولا محصور في حكم ، ولا محاط به عقلا ، فإنّه هو المحيط بالعقل وبكلّ شيء بالذات إحاطة ذاتية ، كما علمت ، فسبحانه وتعالى  عمّا يقولون علوّا كبيرا .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله :" وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه " أي بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله بحمده يعود على الشيء : أي بالثناء الذي يكون عليه ) .
يعنى : ثم إن في وجود كل شيء مرتبة فيها يعود الضمير في بحمده إلى العبد المسيح ، وذلك لأن لكل موجود مرتبة في الوجود المطلق ، والمقيد هو المطلق مع التعين الذي يقيده فله كمالات ومحامد مختصة به وكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو بالقسم الأول يحمد نفسه : أي هوية الحق المقيدة بقيد تعين ، وينزه عن النقائص التي يقابلها لأن تلك المحامد لا تظهر على الوجه الذي ظهرت فيه إلا منه وله لا من غيره ،
كما أنه بالقسم الثاني يحمد ربه : أي الهوية المطلقة فهو بلسان مرتبته يحمده بكمالاته المختصة عين وجوده الظاهر هو به ، بل يحمد بوجوده الخاص به عينه الثابتة التي هذه المحامد خواصها فيها فأظهرها الوجود الحق لها ووصفها به كما أنه بلسان هويته المطلقة يحمد ربها ، فليس الحمد والثناء إلا لله ومن الله في الحالين ، وكذلك في تسبيحه نزه نفسه عن النقائص الكونية المخصوصة بما عداه من الأشياء معينة
 
"" أضاف بالي زاده :-
الضمير المنصوب في يعطيه يرجع إلى الحق ، واستعداده ، فاعل يعطيه ، وضميره يرجع إلى الكل يحمد ربه ، الحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة المذنبين ، الغفور الذي يستر ذنوب العباد ، فكان لكل شيء تسبيح خاص لربه الخاص الحليم الغفور له  .أهـ بالى زاده ""
 
قال رضي الله عنه :  ( كما قلناه في المعتقد أنه إنما يثنى على الإله الذي في معتقده وربط نفسه به ، وما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلا على نفسه ، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك ، فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ، وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ، ولهذا يذم معتقد غيره ولو أنصف لم يكن له ذلك ، إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله)
هذا تشبيه بحمد الشيء نفسه : أي في وجوده الخاص بلسان المرتبة بحمد المعتقد الإله الذي يعتقده ، فإن ذلك الحمد يرجع إلى نفسه لأن ذلك الإله من عمله وصنعته لأنه تخيله فهو مصنوع له والثناء على  الصنع ثناء على الصانع فهو يثنى على نفسه بذلك الثناء ،
إلا أن الأشياء بالطبع مثنية على أنفسها حامدة لها ولا تذم غيرها فهي عالمة بإلهها الذي تعين بأعيانها فهي عالمة بصلاتها وتسبيحها ، بخلاف الجاهل فإنه لاستحسانه صنعته ومحبته إياه يذم معتقد غيره ، وذلك لأن مصنوعه يلائمه ، ومصنوع غيره لا يلائمه فيذمه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله).


قال الشيخ رضي الله عنه :  (وثم مرتبة يعود الضمير) أي ، ضمير (بحمده) . (على العبد المسبح فيها) أي ، في تلك المرتبة .
ويجوز أن يعود ضمير ( فيها ) إلى ( الصلاة ) . وهي : ( في قوله : "وإن من شئ إلا يسبح بحمده ".) أي ، بحمد ذلك الشئ .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالضمير الذي في قوله : "بحمده" يعود على "الشئ" أي ، بالثناء الذي يكون عليه) أي ، كما أن كل شئ يسبح ربه المطلق ويحمده ، كذلك في مرتبة أخرى يسبح نفسه ويحمده ، فتنزيهه لربه تنزيه لنفسه وحمده له حمد لنفسه .
فيعود ضمير ( بحمده ) إلى نفس الشئ المسبح . وذلك لأن الهوية الأحدية كما هي ظاهرة بالمرتبة الإلهية وصارت معبودة للكل ، كذلك ظاهرة في المراتب الكونية ، فحينئذ إذا سبح شئ من الأكوان نفسه ، يسبح الهوية الظاهرة على صورته ، وهي عينه ، فهو المسبح المسبح ، وهو الحامد والمحمود .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما قلناه في المعتقد إنه إنما يثنى على الإله الذي في معتقده ويربط به نفسه ).
ولكن ( ما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلا على نفسه . فإنه من مدح الصنعة ، فإنما مدح الصانع بلا شك ، فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها . وإلى المعتقد مصنوع للناظر فيه ، فهو صنعه ، فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه . )
شبه ثناء الأشياء على أنفسها بالثناء على ما هو مجعول لها . أي ، الإنسان يثنى على الإله الذي هو في اعتقاده إله ، وهو في الحقيقة مجعول له مصنوع ، وهو جاعله وصانعه . لأن الإله المطلق لا ينحصر بتعين خاص ولا بعقد معين .
فكل ثناء يثنى عليه فهو ثناء على نفسه ، وهو لا يشعر بذلك . لأن كل من أثنى على الصنعة ، أثنى على صانعها . لأن حسنها وعدم حسنها راجع إليه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا يذم معتقد غيره . ولو أنصف ، لم يكن له ذلك ) أي ، ولأجل أنه يعينه فيما أدركه ، يذم ما عين غيره ، وجعل معتقد نفسه محمودا . ولو أنصف ، لم يكن له أن يذم معتقد غيره ، فإنه أيضا مثله .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك ، لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله . ) أي ، فثناؤه على ما اعتقده ثناء على نفسه ، إلا أنه جاهل لا يشعر بذلك . ولو كان له شعور به ، لما اعترض على غيره فيما اعتقده ، وأثنى عليه .
 
لأنه لو علم أن معبوده مجعول لنفسه ، وهو يثنى على نفسه ، لعلم أن ما جعله غيره أيضا مجعول له وثناؤه عائد إليه . والذوات مجبولة على الثناء على أنفسها .
ولو علم أن معبوده المعين هو الإله المطلق الذي تجلى في قلبه وتعين بحسب استعداده ، لعلم هذا المعنى في إله غيره أيضا ، فلم ينكر عليه .

 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:18 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثالثة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثالثة والثلاثون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.  وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )

قال رضي الله عنه : ( وثمّة مرتبة يعود الضّمير على العبد المسبّح فيها في قوله :"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" [ الإسراء :44] ، أي : بحمد ذلك الشّيء ، فالضّمير الّذي في قوله "بِحَمْدِهِ" [ الإسراء : 44 ] ، يعود على الشّيء أي بالثّناء الّذي يكون عليه ،

كما قلنا في المعتقد : إنّه إنّما يثني على الإله الّذي في معتقده وربط به نفسه ، وما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصّنعة فإنّما مدح الصّانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ، وإله المعتقد مصنوع للنّاظر فيه ، فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ) .

 
"" أضاف المحقق :
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في مرتبة صلاة العبد ؛ فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو العبد . عبد الرحمن الجامي  ""
( وثمة ) أي : في الواقع ( مرتبة ) كشفية ( يعود الضمير إلى العبد ) لمن نظر ( فيها ) ، أي : في تلك المرتبة
( في قوله :" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" أي : بحمد ذلك الشيء ) ؛ لأنه أقرب المذكورين ، واللّه تعالى أبعدهما في ( الضمير الذي في قوله :بِحَمْدِهِ يعود على الشيء )، أي : وإن لم يقصد حمد نفسه ، بل حمده اللّه تعالى ( بالثناء الذي يكون عليه ) ؛ لأنه إنما يسبح بقدر استعداده ، فهو إنما يثني على من يتصور منزها بقدر استعداده ، فصار ثناؤه عليه ( كما قلنا في المعتقد ) المقيد معبوده ، بل أدى إليه نظره الفكري أو تقليده للمتكلمين ، ( أنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده ) ، وكيف لا يكون ثناؤه عليه ، وقد زين نفسه به ، فزعم أنه خالق نفسه ، ( وربط به ) ( ما كان من عمله ، فهو ) أي : ثناؤه على اللّه ( راجع إليه ) ، أي : إلى معتقده الذي بصورة من فعله هو صنعته .

( فما أثنى ) في ثنائه على اللّه ( إلا على نفسه ، فإنه من مدح الصنعة ) ، فإنه مدح الصانع بلا شك ؛ لأن مدح الصنعة ( إنما ) كان فعل ( الصانع ) ورعايته ما ينبغي فيها ، فهو وإن كان قبيحا في سائر الاعتبارات كان ممدوحا باعتبار الصنعة ،

( فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ) ، والمعتقد اسم الفاعل صانع لما يتصوره من الإله في قلبه ، إذ ( إله المعتقد مصنوع للناظر فيه ) بنظر الحقيقة ، وإن زعم المعتقد إن ذلك الإله في اعتقاده صانعه ، وفي المصنوع أثر صنعة الصانع التي يمدح الصانع من أجلها ،

( فهو ) أي : إله المعتقد من حيث اشتماله على أثر صنعة الصانع المعتقد المصور له صنعة ، فثناؤه على ما اعتقده على أثر ( صنعته ) فيه ، وهو ثناء على صنعته والصنعة من الصانع ، فهو ( ثناؤه على نفسه ) .

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا يذمّ معتقد غيره ، ولو أنصف لم يكن له ذلك ، إلّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه )

( ولهذا ) أي : ولكون إله المعتقد من صنعته ( يذم معتقد غيره ) كما يذم بعض الصناع صنعة غيره إذا لم ينصف ، ( ولو أنصف لم يكن له ذلك ) ؛ لأنهما في اعتقاد أصل التنزيه على السوية ، إلا أن الأشعري يزعم أنه إنما ينزه عن النقائص لو ثبتت له صفات زائدة من الحياة والعلم ، والإرادة والقدرة ، والسمع والبصر والكلام والمعتزلي يزعم أنه إنما ينزه عن الكثرة لو كانت الصفات عين الذات ، ولو اتصف العلماء أن كلا منهما مصيب من وجه مخطئ من وجه ، فهو منزه عن كثرة الصفات باعتبار استقراره في مقر غيره ، وله صفات باعتبار تعلقه بالعالم ،
( إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص ) لا يتأتى له ذلك ، والإنصاف ؛ لأنه ( جاهل ) بالجهل المركب ، فزعم أنه عالم ( بلا شك في ذلك ) المعتقد ؛ ( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه ) .
ولو لم يكن جهله مركبا لم يعترض عليه ، بل قال مثل قول المحققين ،
وإليه الإشارة بقوله : إذ لو عرف ما قال الجنيد : " لون الماء لون إنائه " ، لسلم كل ذي اعتقاد.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها. وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله)

إله المعتقد مصنوع معتقده  
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في صلاة العبد ، فأمّا إذا أخذا على ما هو في صلاة الحقّ ، فالضمير المذكور حينئذ إنّما يعود إلى الشيء ، وإلي ذلك أشار بقوله : ( وثمّ مرتبة يعود الضمير إلى العبد المسبّح فيها ) ، أي في تلك المرتبة ، فإنّ أصل التسبيح في صلاة الحقّ إنّما هو للعبد والحقّ فيها تابع مصلّ وذلك الضمير هو الذي

قال رضي الله عنه :  ( في قوله : " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " أي بحمد ذلك الشيء ، فالضمير الذي في قوله : " بِحَمْدِه ِ " يعود على الشيء ، أي بالثناء الذي يكون عليه ) فإنّ الحمد هو الثناء بالجميل ، وبيّن أنّ كلّ أحد إنّما يحمد ويثنى الصورة الاعتقاديّة التي جعلها إلها لنفسه ،

قال رضي الله عنه :  ( كما قلنا في المعتقد إنّه إنّما يثنى على الإله الذي في معتقده ) عندما يصلَّي بالصلاة العبدانيّة ، ( فتربط به نفسه ) ربط العبيد بالإله ، والفروع بالأصل وبيّن أنّ تلك الرابطة لقرب المربطين وثيقة جدّا ، فإنّ تلك الصورة عمل المعتقد ، ( وما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلَّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصنعة فإنّما مدح الصانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ) والمدح والذمّ راجعان إليه .

قال رضي الله عنه :  ( والإله المعتقد مصنوع للناظر فيه ) إن كان ذا نظر ، وأمّا المقلَّد فهو إنما يقلَّد ذا نظر ، فإلهه أيضا مصنوع للناظر فيه ( وهو صنعته ) المعمولة بيدي مقدّمتيه ، ( فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ، ولهذا يذمّ معتقد غيره )
فإنّه على خلاف ما صنعه ، ( ولو أنصف ) إنصاف عارف بالأمر ( لم يكن له ذلك ) فإنّ الكلّ مجالي صور المعبود الحقّ .
قال رضي الله عنه :  ( إلَّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك ) ضرورة أنّ نظره إنّما هو على الخصوصيّة المصنوعة المعمولة ( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله ) الجامع لجميع الأسماء بحقيقته الكليّة الجمعيّة الأحديّة ،


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.  وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك. إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله)

قال رضي الله عنه :  وثمّة مرتبة يعود الضّمير على العبد المسبّح فيها في قوله :"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" أي بحمد ذلك الشّيء . فالضّمير الّذي في قوله بِحَمْدِهِ [ الإسراء : 44 ] يعود على الشّيء أي بالثّناء الّذي يكون عليه. كما قلنا في المعتقد إنّه إنّما يثني على الإله الّذي في معتقده وربط به نفسه ، وما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصّنعة فإنّما مدح الصّانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها . وإله المعتقد مصنوع للنّاظر فيه ، فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه . ولهذا يذمّ معتقد غيره ، ولو أنصف لم يكن له ذلك .  إلّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك لاعتراضه على.)

( وثم مرتبة ) ، أي وهي مرتبة صلاة الحق على العبد ، فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو الحق وحينئذ ( يعود الضمير على العبد المسبح ) ، على أنه لسان من ألسنة الحق يسبح ويحمد به ( فيها ) ، أي في تلك المرتبة وذلك الضمير هو الضمير المجرور الذي ( في قوله :" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" [ العنكبوت : 44 ] ،

أي بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله بحمده يعود على الشيء ) ، أي يسبح ( بالثناء الذي يكون عليه ) ، فإن الحمد هو الثناء وثناء الحق على الشيء بما هو عليه مما يثنى به ثناء الحق على نفسه ، فإن العبد مصنوع له تعالى وثناء الصنع راجع إلى الصانع ( كما قلنا في المعتقد إنه إنما أثنى ) ، في صلاته التي هي صلاة العبد للحق ( على الإله ) المجعول (الذي في معتقده فيربط به نفسه ) .

ربط العبد بآلاته الغير المجعول ( و ) لكن ( ما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلا على نفسه فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ) .

والمدح والذم راجعان إليهما ( والإله المعتقد مصنوع للناظر فيه ) ، إن كان ذا نظر ، وأما المقلد فهو إنما يقلد ذا نظر فإلهه أيضا مصنوع للناظر فيه ( فهو صنعته ) المعمولة له ( فثناؤه على ما اعتقده ثناء على نفسه ولهذا يذم معتقد غيره ) ، فإنه على خلاف ما صنعه ( ولو أنصف ) إنصاف عارف بالأمر ( لم يكن له ذلك ) الذم لمعتقد غيره لحضرة الحق في صورة اعتقاده المعمول له.
( إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل ) لا إنصاف به ( بلا شك في ذلك ) ،

قال رضي الله عنه :  ( غيره فيما اعتقده في اللّه) .
 ( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه ) الجامع لجميع الأسماء بحقيقته المطلقة الجمعية الأحدية.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:18 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة والثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الرابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الرابعة والثلاثون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه :  ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلّم لكلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف اللّه في كلّ صورة وكلّ معتقد .  فهو ظان ليس بعالم ، فلذلك قال : «أنا عند ظنّ عبدي بي» أي لا أظهر له إلّا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق وإن شاء قيّد . فإلّه المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الّذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء وعين نفسه : والشّيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ[ الأحزاب : 4 ] .

قال رضي الله عنه :  (إذ) ، أي لأنه (لو عرف) ذلك المعترض على غيره (ما قال) ، أي قول (الجنيد) رضي اللّه عنه السابق ذكره لون الماء لون إنائه كما قدمنا بيانه قريبا لسلّم لكل ذي اعتقاد في اللّه تعالى ما اعتقده ، لأن الكل مخلوق في النفوس فهو سواه ، والاختلاف في ذلك إنما هو بحسب استعداد كل أحد في قوّة بصيرته ، والحق تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي غيب عن الكل ، مطلقا على حسب ما هو عليه في الأزل (وعرف اللّه) تعالى ظاهرا متجليا له في كل صورة حسية أو عقلية أو )و( همية وفي (كل معتقد) بصيغة اسم المفعول أي ما يعتقده كل أحد على حسب ما قررنا سابقا .

) قال رضي الله عنه :  فهو( ، أي ذلك المعترض على غيره في الاعتقاد ظان ، أي صاحب ظن في اللّه تعالى كما قال سبحانه :وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا[ الأحزاب :10].، وقال تعالى :إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ[ الأنعام : 116 ] وإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً[ يونس :36].

، ثم قال تعالى بعد ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا[ النجم : 29 ] ، أي من حيث الإطلاق الحقيقي ليس ذلك بعالم باللّه تعالى أصلا لعدم عجزه بالذوق والوجدان عن ذلك الغيب المطلق .

قال رضي الله عنه :  (فلذلك) ، أي لأجله (قال) تعالى كما ورد في الحديث القدسي (" أنا عند ظن عبدي بي") فليظن بي ما شاء » . رواه الطبراني والحاكم عن واثلة بن الأسقع.
وفي رواية : " أنا عند ظن عبدي بي فإن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله " . رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة .

قال رضي الله عنه :  (أي لا أظهر له) ، أي لذلك العبد (إلا في صورة معتقده) ، أي ما يعتقده في حق اللّه تعالى (فإن شاء أطلق) في معتقده من حيث ما يدري ذلك العبد من عدم التخصيص بصورة في نفسه ، وهو الإطلاق المجازي العقلي لا الإطلاق الحقيقي ، الذي هو عليه الحق تعالى في نفسه ، لأن ذلك ليس بإطلاق أحد (وإن شاء قيد) في معتقده صورة خاصة ولكنه لا يبقي ما عداها لئلا يفتري على غيره فيفتري الغير عليه ظاهرا أو باطنا أو بلسان الحال (فإله المعتقدات) ،

أي الذي في الاعتقادات المختلفة على حسب استعداد كل استعداد منها تأخذه الحدود ، أي المقادير والصور والهيئات بحسب العقول المختلفة (وهو الإله الذي) ورد في الحديث القدسي أنه قال رضي الله عنه :  (وسعه قلب عبده) المؤمن في قول النبي صلى اللّه عليه وسلم عن اللّه تعالى : " وما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن " .  والعبد المؤمن هو كل من في السماوات والأرض .
قال تعالى :إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً[ مريم : 93 ]
لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ( 94 ) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً( 95 ) [ مريم : 94 - 95 ].

قال رضي الله عنه :  (فإن الإله) الحق (المطلق) بالإطلاق الحقيقي (لا يسعه شيء) أصلا ، فإن الأشياء كلها بالنسبة إليه عدم صرف وهو الوجود الحق الحقيقي (لأنه) ، أي الإله المطلق (عين الأشياء) كلها المحسوسة المعقولة والموهومة من حيث التجلي والانكشاف بالوجود الحق المطلق ، لا من حيث الصور الممكنة العدمية الظاهرة بذلك التجلي الإلهي والانكشاف الرباني


قال رضي الله عنه :  (و) هو أيضا تعالى من تلك الحيثية المذكورة (عين نفسه) ، أي ذاته (والشيء لا يقال فيه) ، أي في حقه أنه (يسع نفسه) إذ لا مغايرة بينه وبين نفسه ولا يقال فيه أيضا (أنه لا يسعها) ، أي نفسه لأن النفي مرتب على الإثبات ، فإذا لم يمكن الإثبات في أمر فلا معنى لاعتبار النفي فيه حينئذ .

قال رضي الله عنه :  (فافهم) يا أيها السالك جميع ما ذكرناه لك في هذا الكتاب مفصلا ومجملا (واللّه سبحانه يقول الحق ) بلسان عبده المؤمن (وهو) تعالى الذي ("يَهْدِي السَّبِيلَ")، أي الطريق المستقيم والدين المحمدي القويم لا هادي سواه ولا إله إلا اللّه .

وقال شارحه سامحه اللّه تعالى : وهذا آخر ما يسره اللّه تعالى لنا من الشرح على كتاب فصوص الحكم ، الذي ناوله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي رضي اللّه عنه في منامه المشتمل على رؤيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحق الصدق ،
الذي من رآه في منامه فقد رآه حقا كما ورد عنه صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الشريف .
وقال له : " اخرج به إلى الناس ينتفعون به " .

فخرج به رضي اللّه عنه في بلادنا هذه دمشق الشام المحروسة إن شاء اللّه تعالى من كل سوء على مدى الأيام ، وانتفع الناس به كما قال صلى اللّه عليه وسلم ، "وما تضرر به إلا من غلبت عليه الحيوانية ، وضعفت إنسانيته فليس من الناس إلا في الصورة دون المعنى " .

وقد سبق بيان هذه الرؤيا المبشرة في أوّل هذا الكتاب تلطيف ذلك الكلام المستطاب ، واللّه تعالى قد تفضل الآن بإتمام شرحنا هذا الذي خدمنا به ألفاظ المتن بحسب فتوح الوقت من غير مراجعة شرح من شروحه أصلا من أوّله إلى آخره، واتكلنا فيه على معونة اللّه تعالى لنا وحسن توفيقه.
وقد كشفنا فيه عن العبارات المغلقة وحررنا ما يحتاج إليه في بيان ما أشكل من معانيه التي هي عند كثير من الناس مغلقة ، وكان هذا التحرير من أوّله إلى آخره في بلادنا هذه دمشق الشام ، التي كان تصنيف المتن فيها بمعونة الملك العلام .

وقد فرغنا منه بعد صلاة الجمعة بالجامع الأموي نهار الجمعة الخامس والعشرين من شعبان المبارك من شهور سنة ست وتسعين بعد الألف .
قال هذا مصنفه العبد الحقير والعاجز الفقير عبد الغني بن إسماعيل بن النابلسي

عفا اللّه تعالى عنه ولطف به في الدارين ، وختم له بالحسنى وجعله من خير الفريقين .
وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والحمد للّه رب العالمين ، ورضوان اللّه تعالى على جميع الصحابة والتابعين إلى يوم الدين ، والحمد للّه رب العالمين .

قال شارحه سامحه اللّه تعالى وقد أحببنا هذا الشرح المبارك بأبيات ثلاثة عشر ، نظمناها بعد فراغنا من تصنيفه بيومين ، تشتمل في آخرها على تاريخ إتمام هذا الشرح إذا حسبت الجملة الواقعة بعد قولي : " أرخت " وهي : « صار شرح الفصوص » .

وذلك قولي :
بعلوم حوى كتاب الفصوص  ... تنتهي قلوب أهل الخصوص
نور حي مؤيد هو فينا   ... من كتاب وسنة بالنصوص
لكن الحق باطل بالتعامي   ... عنه ممن في دينهم كاللصوص
ويرى المؤمن الأذى من سواه   ... ولو انحاز عنه في أفحوص
"" أفحوص : مشتق من فحصت القطاة والدجاجة إذا بحثت في التراب موضعا تبيض فيه ، والأفحوص مبيض القطا وعش الطائر ( لسان العرب )""

إن هذا الكتاب للّه باب   ... يا هنا أهل بيته المخصوص
فيه دين الإله أحياه محيي ال   ... دين بحر الكمال روض الخلوص
كيف لا والرسول ناوله ذا   ... وله قال في مساق الشخوص
خذه واخرج به إلى الناس حتى   ... يقتفوا نفعه بزجر القلوص

"" القلوص : كل أنثى من الإبل ، الشّابة أو الباقية على السير ( القاموس المحيط ) .""
عصبة الحق في معانيه قاموا   ... كبناء عن الهوى مرصوص
والجهول الذي له حرمان   ... من بداه بحظه المنقوص
أذهب العمر منكرا بجناح   ... عن نهوض إلى العلى مقصوص
وفق اللّه حيث قمنا بنصر   ... للهدى في مراده المنصوص
وعليه لنا تيسر شرح   ... فيه أرخت صار شرح الفصوص

* * *

تم الفص المحمدي


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه :  ( إذ لو عرف ) ذلك العابد للمعبود الخاص ( ما قال الجنيد لون الماء لو إنائه ) وما مفعول عرف ( لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف اللّه في كل صورة و ) في ( كل معتقد ) فإذا لم يعرف اللّه في كل صورة.

قال رضي الله عنه :  ( فهو ظان ليس بعالم فلذلك قال تعالى : أنا عند ظن عبدي بي أي لا أظهر له إلا في صورة معتقده فإن شاء أطلق وإن شاء قيد ) إذ لا بد من القيد بالإطلاق أو بغيره ( فإله المعتقدات ) بكسر القاف ( تأخذه الحدود ) لتقيده بحسب استعداد المعتقد ( وهو الإله الذي وسعه قلب عبده فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء ) بحسب الحقيقة لا بحسب الأسماء والصفات .

قال رضي الله عنه :  ( وعين نفسه ) إذ لا شيء في مرتبة الإطلاق غيره ( والشيء لا يقال فيه ) أي في حقه ( يسع نفسه ولا لا يسعها ) فظهور الحق في قلب عبده غير ظهوره في مرتبة إطلاقه فالحق واحد حقيقي والتعدد بحسب الأسماء والصفات
ففي مرتبة يقال : الإله المطلق وفي مرتبة الإله المحدود وغير ذلك من المراتب فالأمر واحد ( فافهم "وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ") .

خاتمة الكتاب
تمّ الكتاب بعون اللّه الملك الجليل
حمدا لمن اطلع شمس المعرفة في سماء قلوب كمل أوليائه ، وفجر منها ينابيع الحكمة ، فقاموا على قدم الخدمة ، شكرا لآلائه ، ومحى فضلا نقطة الغين فعاينوا وحدة وجوده ، وأثبت العين فتملوا بمشاهدة جماله وشهوده ، وحباهم حبه فهم مصونون صفاء طبعهم فاض يقينا ، راضون شذا شكرهم دام ينمو يمينا ، عارفون باللّه حقا مشاهدون الوحدة في الكثرة صدقا ، والصلاة والسلام على عين الوجود سر الجمع المفرد .

علة كل موجود سيدنا ومولانا محمد ، صلى اللّه عليه وعلى آله وأصحابه ، وتابعيه وأنصاره وأحبابه ما لاح بارق ، وذر شارق ، وسلم تسليما كثيرا .
وأما بعد فإن من أجل مؤلفات سيدنا قطب الوجود ، حاتمي الأصل والعلم معدن الفضل والجود ، الامام الرباني الشيخ الأكبر ، الغوث الفرد الصمد أبي الكبريت الأحمر ، سيدي ومولاي ووسيلتي ومنتماي أبي عبد اللّه محمد محيي الدين بن عليّ بن العربي ، الحاتمي الطائي الأندلسي قدس اللّه سره وروحه ، ونور مرقده وضريحه كتابه الموسوم بفصوص الحكم ، بيد أنه كنز مغلق مطلسم ، جليّ العبارة خفيّ الإشارة ، قد انتدب الجم الغفير لفتح كنوزه ، وحل مشكلات رموزه .

وكان من جملة من أتى بالشرح المفيد ، وذكر ما ليس عليه مزيد ، بشر زمانه ، وجنيد عصره وأوانه ، العلامة الفاضل ، الفهامة الكامل ، الشيخ بالي أفندي عليه رحمة المعيد المبدي المكنى بخليفة الصوفية المتوفى 960 تسعمائة وستين كما نقله في كتاب كشف الظنون ، فلعمري أنه الشرح الكافي الكافل الوافي بحال ما فيه من المشاكل .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد. فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد. فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه وهذا آخر الكتاب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. 
تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.
  

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه : (  إذ لو عرف ما قال الجنيد : « لون الماء لون إنائه » لسلَّم كلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف الله في كل صورة وكلّ معتقد » . )

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الضمير في قوله : « بحمده » من " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " الراجع إلى المسبّح المعتقد لا يصلح أن يكون راجعا إلى الله إلَّا من حيث الوجه المحقّق الذي ذكرنا و لا إلى ما اعتقده ، فإنّ صورة معتقده مصنوعة له ومخلوقة له كذلك ، وليست لموجد الأشياء الذي يجب له التسبيح ، فإنّ الله أخبر عن نفسه بأنّه "سُبْحانَه ُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ "  فإنّ كل معتقد خاصّ فإنّما يصفه بصفة كمال هو عليه لا غير ،

إذ لا يعرف غير ذلك الوصف ، وأخبر أنّه " لا يُحِيطُونَ به عِلْماً " وكلّ ذي اعتقاد فإنّه محيط بصورة معتقدة ، وأخبر تعالى أيضا في كتابه الذي "لا يَأْتِيه ِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْه ِ وَلا من خَلْفِه " على خلاف ما هو عليه معتقده ، وذلك لأنّ المنزّة بالتنزيه العقلي صوّر في اعتقاده صورة ليست بجسم ولا جوهر ولا غرض ولا كذا ولا كذا ،

وكذلك المشبّه حصره فيما شبّههه به وهو محيط بما صوّره ، لأنّه مصنوعه ، وصورة معتقد كلّ منهما محدودة بما يباين الآخر ويتميّز عنه ، وكل متميّز عن غيره متناهي الحدود إلى ذلك الغير ، ومحدود بما به يخصّص ويميّز ، فالإله الذي يعبده في زعمه هو ما صنعه في خياله ووهمه ، فما حمده به يرجع إليه ، فما حمد إلَّا نفسه ، لأنّه موجد تلك الصورة الذهنية في ذهنه ، فما سبّح الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ،

فإنّه غير محدود بحدّ ، ولا محصور في حكم ، ولا محاط به عقلا ، فإنّه هو المحيط بالعقل وبكلّ شيء بالذات إحاطة ذاتية ، كما علمت ، فسبحانه وتعالى  عمّا يقولون علوّا كبيرا .

قال رضي الله عنه  : ( فهو ظانّ ليس بعالم ، فلذلك قال : " أنا عند ظنّ عبدي بي " أي لا أظهر له إلَّا في صورة معتقدة ، فإن شاء أطلق ، وإن شاء قيّد ، فإله المعتقدات تأخذه الحدود ، وهو الإله الذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء ، لأنّه عين الأشياء وعين نفسه ، والشيء لا يقال فيه : يسع نفسه ، ولا : لا يسعها ، فافهم والله يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل).


 يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الأحدية الذاتية تستهلك ما يسمّى غيره ، فما ثمّ إلَّا هو هو ، حتى أنّ الأحدية ليست نعتا له ، بل الأحدية في هذا المقام عين الواحد الأحد ، فلا اثنينيّة ، فما ثمّ من يسعه سواه ، فآلهة الاعتقادات صور وهميّة تعقّلها المعتقدون من حيث إنّ اعتقاد كلّ معتقد على التعيين يخالف اعتقاد مخالفه ، وقد ميّز كل منهم معتقده عن معتقد مخالفه ، فحدّده بما به ميّزه وعقده ، وحصر الحق الذي في زعمه في صورة اعتقاده ، وعقد عليه عقده ، واعتقد عقيدة ، وأنكر الحق الذي في معتقد غيره وجحد ،

لكنّ الله الواحد الأحد محيط بكلّ ما توحّد فتأحّد ، وما تعدّد فتحدّد ، لا تقدح في أحديته كثرة ما يتعدّد في مراتب العدد ، ولا في إطلاقه تقيّد ما تعيّن وتقيّد ، فتحدّد ، فيتنوّع التجلَّي من ينبوع تعيناته في منصّات تجلَّياته ومجالي تعيناته بحسب خصوصيات شؤون ذاته ،

فيقبل كلّ ذلك لنفسه من نفسه باقتضاء له ذاتيّ فوسع الكلّ ، ولم يسعه الكلّ ، فالذي وسعه قلب عبده هو الإله الذي اعتقده ، فوسع قلبه وملأه ، فلا يسع معه غيره .
ولكنّ هاهنا تحقيقا لمن آتاه الله نظرا دقيقا ولطفا في الإدراك وتدقيقا وهو أنّ الله لمّا كان بوجوده عيّن ما ظهر وعيّن ما بطن واستتر ،

فهذه الصور الاعتقادية تكون من جملة ظهوراته وتعيّناته في مراتب الأذهان والأوهام والأفهام والبصائر والعقول والقلوب والشهود والوجود ، فقد وسع الحق هذه الصور كلَّها ، فإنّها صورة في تلك  المراتب الخصيصة بها .

ولا يقال : إنّه من حيث ظهوره في صورة عين ما ظهر بصورة أخرى : فإنّه - من حيث ظهوره في صورة ما - متعيّن فيها بحسبها ، محدود بحدّها .
ولا يقال أيضا : إنّه من كونه عين الكلّ هو هذا على التعيين ، فإنّ هذا هذا لا غير ، ليس ذاك وهو عين الكلّ ، والكل صورته وهو هوية الكل فمن لم يحصره في صورة معينة دون غيره فقد عرف الحق على ما هو عليه في نفسه ، فإنّه في نفسه مطلق عن كل قيد وحصر وهو المحيط غير المحاط ، من كونه هو هو هو هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ،

وما ثمّ إلَّا ظاهر أو باطن أو أوّل أو آخر ، فمن كونه عينا في غيب عينه باطن أوّل لا اطَّلاع عليه من هذا الوجه أصلا ورأسا ، وهو من كونه عين ما ظهر من كل صورة حسّيّة جسميّة طبيعية أو عنصرية أو غير حسيّة بل عقلية أو وهمية أو خيالية عين الكلّ من غير حصر في صورة ما منها على التعيين ، ولا في الجميع ولا في الإطلاق عن الجمع والجميع وعن كل قيد وحصر .

وقوله  رضي الله عنه  : ( الذي وسعه القلب هو الإله المعتقد  يريد بذلك الاعتقادات الجزئية التقييدية من تنزيه أو تشبيه أو غير ذلك سوى الذي وسعه قلب الكامل ، فإنّ قلب الإنسان الكامل - المشاهد للأمر على ما هو عليه في نفسه - منقلب مع الحق أوله في صور شؤونه الذاتية أبدا دائما ، فهو مطلق لا قيد له في عقد ، فما له معتقد معيّن ، لحصر الحق فيه ولا يكون صورا اعتقادية ، بل هو مع الحق في صور شؤونه التي فيه ، يتقلَّب ويتحوّل فيها لمقتضى ذاته وقد وسعه ، لأنّ قلبه أحديّة جمع جميع الشؤون الذاتية ، وهو عين الأعيان الغيبيّة العينيّة ، وهو قلب الوجود ، ولبّ الشاهد والمشهود والشهود ، لأنّه صورة التعين الأوّل الذاتي ، وهو قلب الحق المطلق والخلق المقيّد ،
فافهم إن كان لك قلب يسع الحق على ما هو عليه الحق في نفسه ،
وإلَّا فألق السمع إلى الحق الذي أنزل القرآن على رسوله ، ونطق على لسان هذا الرسول بالحق ، فإنّه "ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ".

 فليؤمن بما أنزل الله من الكتاب كلَّه وبجميع ما نطق به على السنة أنبيائه ورسله وأوليائه ، من غير تأويل نفسيّ أو تحكيم عقلي ورأي من عنده ظنّيّ أو حدسيّ أو علمي في زعمه فكريّ فعساه يكون من أهل النجاة والرشاد والسّداد ، ولله ولَّي التوفيق والإرشاد والإسعاد ، واهب الاستعداد أبد الآباد .

والحمد لله الأوّل الآخر الباطن الظاهر ، منتهى الأعداد ، ومبلغ الأمداد ، ومداد الإمداد ، وغاية الدهور والآماد ، ملء السماوات والأرضين وما بينهما وما فوقهما وما تحتهما وما أحاط بهما ، عدد خلقه وزنة عرشه ورضى نفسه ومداد كلماته .

وصلَّى الله على خاتم الرسل والأنبياء ووارثه الأكمل في خصوص ختميته ، خاتم الأولياء المحمديين ، وخاتم الولاية العامّة المطلقة ، روح الله وكلمته وخاتم الأولياء أجمعين ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلاته وسلامه على محمد وآله أجمعين الطَّيبين الطاهرين .
تمّ بتوفيق الله في أوائل ذي القعدة الحرام لسنة خمس وسبعين وثمانمائة الهجرية 875 اللهمّ اغفر وارحم لكاتبه ولجميع المؤمنين ، آمين .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه :  ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه ، لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف الله في كل صورة وفي كل معتقد )
هذا تشبيه بحمد الشيء نفسه : أي في وجوده الخاص بلسان المرتبة بحمد المعتقد الإله الذي يعتقده ، فإن ذلك الحمد يرجع إلى نفسه لأن ذلك الإله من عمله وصنعته لأنه تخيله فهو مصنوع له والثناء على  الصنع ثناء على الصانع فهو يثنى على نفسه بذلك الثناء ،
إلا أن الأشياء بالطبع مثنية على أنفسها حامدة لها ولا تذم غيرها فهي عالمة بإلهها الذي تعين بأعيانها فهي عالمة بصلاتها وتسبيحها ، بخلاف الجاهل فإنه لاستحسانه صنعته ومحبته إياه يذم معتقد غيره ، وذلك لأن مصنوعه يلائمه ، ومصنوع غيره لا يلائمه فيذمه .


قال رضي الله عنه :  ( فهو ظان ليس بعالم فلذلك قال تعالى أنا عند ظن عبدي بي أي لا أظهر له إلا في صورة معتقده فإن شاء أطلق وإن شاء قيد ، قاله المعتقدات تأخذه الحدود فهو الإله الذي وسعه قلب عبده ، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه، الشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم ، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ) .

إنما قال تعالى أنا عند ظن عبدي لأنه بكل شيء محيط بأحديته المطلقة فلا بد أن يحيط بجميع الصور الحسية والخيالية والوهمية أو بالعقلية الظنية والعلمية ، فعلى أي وجه يكون ظن العبد في معتقده من تشبيه حسى أو خيالي أو وهمى أو تنزيه عقلي ، فاللَّه هو الظاهر بصورة معتقده ذلك ، ولا يظهر له إلا بتلك الصورة أطلق أو قيد ، والإطلاق ليس من شأن العقل وما دونه من المدركات لأن العقل مقيد إلا المقيد بقيد الإطلاق ، فإنه أيضا مقيد لا مطلق من حيث هو بالحقيقة ، فلا بد لإله المعتقدات أن تأخذه الحدود المميز بعضها عن بعض ، فهو الذي وسعه قلب العبد المؤمن بالإيمان العيني ، فإن المعتقد لا يكون إلا في القلب ، وأما الإله المطلق الذي هو عين كل شيء فلا يسعه شيء إلا قلب العارف الذي هو عين الكل ، فإنه متقلب مع الحق في إطلاقه وتقيده لتجرده عن تعينه ، وتعينه لفنائه في الحق وبقائه ، فهو قلب الحق متعين بالتعين الأول الحقي الذي يستهلك جميع التعينات فيه ، وأما قوله : الشيء لا يقال ومع نفسه ولا لا يسعها ، فالمراد أنه لا يقال إنه عرف بحسب الحس ، وأما بحسب العلم فقد يسع نفسه فإن الله يقول :" وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً " وعن قول الملائكة  "رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً " ولا شك أنه تعالى عالم بذاته فهو يسع نفسه علما وكيفا ،

"" أضاف بالي زاده :-
فظهور الحق في قلب عبده غير ظهوره في مرتبة إطلاقه ، فالحق واحد حقيقي والتعدد بحسب الأسماء والصفات في مرتبة يقال الإله المطلق وفي مرتبة الإله المحدود وغير ذلك من المراتب فالأمر واحد فافهم   .أهـ بالى زاده ""


وقال الشيخ في الفص الإسحاقي بهذه العبارة لو أن ما لا يتناهى وجوده إلى آخر ما قال ، ومثله أجل وأعلى منصبا من أن يكون في كلامه تناقض حاشاه من ذلك فهو محمول على أن الأمر تنزيه وتشبيه ،
والله تعالى لا يكون مشهودا بالبصر من حيث التنزيه كما ذكر في قوله تعالى -   "لا تُدْرِكُه الأَبْصارُ " بل يكون معلوما بالقلب ويكون مشهودا بالبصر من حيث التشبيه ، والظاهر في صورة المعتقد لا يكون إلا مشهودا ،

فمن ثم قال : هو الذي يسعه عبده المؤمن : أي من حيث الشهود ولا يسعه شيء من حيث الإطلاق ، وأعنى بالتشبيه والتنزيه الإطلاق والتقييد ، وقد مر مثل هذا التنزيه والتشبيه في شرح قوله : " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " .

وليكن هذا آخر ما أردنا إيراده ، والله تعالى هو البالغ أمره ومراده ، اللهم اعصمنا من الخطأ والزلل في الإيراد ، ووفقنا في العلم والقول والعمل للحق والصواب والسداد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
بحمد الله تعالى قد تم طبع كتاب : شرح الأستاذ الفاضل والعالم الكامل الشيخ عبد الرزاق القاشاني على فصوص الحكم
 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:19 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة والثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الرابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الرابعة والثلاثون :-                                                 الجزء الثاني

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إذ لو عرف ما قال الجنيد : "لون الماء لون إنائه" . لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد . ) أي ، إذ لو عرف أن الحق هو الذي يتجلى بصور الأعيان وصور الأذهان بحسب الاستعدادات وقابلياتها ، يسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف الله في كل صورة يظهر بها ، وآمن بالحق فيها ، وكان من أصحاب السعادة العظمى .

وقوله : ( وكل معتقد ) بالاعتقاد الخاص ( فهو ظان ، ليس بعالم . ) إذ لو كان عالما عارفا ، لعرف الله في كل الصور والعقائد . ف‍ ( كل ) مبتدأ ، ( فهو ظان ) خبره .
ويجوز أن يكون معطوفا على قوله : ( في كل صورة ) . أي عرف الله في كل صورة وكل عقيدة . فيفتح ( القاف ) .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلذلك قال تعالى : "أنا عند ظن عبدي بي" . أي ، لا أظهر له إلا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق . ) وعبد الإله المطلق الظاهر في كل المظاهر والمجالي .
(وإن شاء قيد ) بصورة معينة يعطيها استعدادها . ( فإله المعتقدات تأخذه الحدود . ) لأنه مقيد معين .

 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهو الإله الذي وسعه قلب عبده ، فإن الإله المطلق لا يسعه شئ ، لأنه عين الأشياء وعين نفسه ، والشئ لا يقال فيه يسع نفسه ، ولا لا يسعها . فافهم ذلك . والله يقول الحق وهو يهدى السبيل . )

أي ، القلب لما كان معينا مقيدا مكتنفا بعوارض تعينه وحدود تشخصه ، لا يدرك إلا مثله ، ولا يسعه إلا ما هو معين محدود مثله . والإله المطلق جل عن الحدود وعز عن الإحاطة ، فلا يسعه شئ .
فكيف يسعه وهو عين الأشياء ، ولا شئ غيره ؟ ولا يوصف الشئ بأنه يسع لنفسه ، ولا بأنه لا يسعها . فافهم ترشد .

لا يقال قوله : ( فإن الإله المطلق لا يسعه شئ ) . يناقض ما ذكره من قبل من أن قلب العارف يسع الحق . لأن ذلك بحسب التجلي ، والتجلي أبدا لا يكون إلا على قدر استعداد المتجلى له ، والمتجلى له عين مقيد ، فلا يمكن أن يتجلى له الحق المطلق من حيث إطلاقه ، إذ هذا النوع من التجلي لا يبقى للمتجلى له وجودا وتعينا ، للمنافاة بينهما .

ولا يمكن أن يتجلى لشئ بجميع أسمائه وصفاته دفعة وهذا هو المراد وإن كان قلب الكامل العارف قابلا لجميع التجليات الأسمائية ، لكن لا يتجلى له الحق دفعة بالجميع ، ولا له قابلية ذلك .
والله يقول الحق بلسان الكاملين، ويهدى سبيله للمتوجهين إليه والطالبين، وهو الموفق للرشاد، ومنه المبدأ وإليه المعاد. وهذا آخر ما أردنا بيانه.
والحمد لله على التوفيق والشكر لولى الحقائق.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلّم لكلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف اللّه في كلّ صورة وكلّ معتقد ، فهو ظان ليس بعالم ).

ولو لم يكن جهله مركبا لم يعترض عليه ، بل قال مثل قول المحققين ،
وإليه الإشارة بقوله : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد : " لون الماء لون إنائه " ، لسلم كل ذي اعتقاد ) من أهل التنزيه ، والجامع بين التنزيه والتشبيه باعتبار استقراره في مقر غيره ، وتعلقه بالعالم ( ما اعتقده ، وعرف اللّه ) ظاهرا ( في كل صورة ) من صور العالم ، ولم ينكر على الصوفية القائلين بظهوره في العالم بصور المحدثات ، فإنه وإن لم يكن له صور في ذاته ، فلا يبعد أن يتصور عند ظهوره في حقائق الأشياء ، كما أنه لا لون لنور الشمس ، وهو يتلون بألوان الزجاجات إذا أشرق عليها فيما يحبها ، وإذا كان ( كل معتقد ) من الأشاعرة والمعتزلة مصيبا من وجه ومخطئا من وجه ، فكل معتقد يقيده ، ( فهو ظانّ ) في الحق "وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً " [ النجم : 28 ] ( ليس بعالم ) .

قال رضي الله عنه :  ( فلذلك قال : « أنا عند ظنّ عبدي بي » . رواه البخاري  ومسلم  
أي : لا أظهر له إلّا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق وإن شاء قيّد ، فإلّه المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الّذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء وعين نفسه ، والشّيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [ الأحزاب : 4] .)

(ولذلك ) أي : ولكون كل معتقد ظانّا ( قال ) اللّه تعالى : ( « أنا عند ظن عبدي بي » ) ، ولم يقل : عند علم عبدي بي ، ( أي : لا أظهر له ) في الدنيا والآخرة ( إلا في صورة معتقده ) ما دام اعتقاده باقيا على ما مر ، فإذا ظهر في صورة أخرى أنكره ، ( فإن شاء أطلق ) فلا يتقيد بتنزيه في كل موضع ولا بتشبيه في الكل ، فإن التنزيه المحض نقص ، والتشبيه المحض كفر ، ( وإن شاء قيد ) وأخطأ بالنقص أو بالكفر أو البدعة ، قال : ( المعتقدات ) ما حد ( الحدود ) المانعة من دخول معتقد الغير فيه ، فالمنزه يمنع من التشبيه في الظهور أيضا ، والمشبه يمنع من التنزيه والمبتدع يمنع من التنزيه عن النقائص بعدم الصفات ، واللّه تعالى ليس بمحدود .

ثم أشار إلى أن المتصور في الإله شيئا من الإفراد بالتنزيه أو التشبيه أو الجمع بينهما ، فإلهه أيضا محدود وإن بلغ حد الكشف بقوله ، ( وهو ) أي : المحدود هو ( الإله الذي وسعه قلب عبده ) دون المطلق ، ( فإن الإله المطلق لا يسعه شيء ؛ لأنه ) باعتبار الظهور ( عين الأشياء ) التي من جملتها قلب هذا العبد ، وباعتبار البطون ( عين نفسه ) ، وليس وسعه القلب باعتبار بطونه ، إذ هو باعتبار التجلي له ، فتعين أن يكون باعتبار الظهور ، ولكنه ليس على الإطلاق في الظهور بحيث يشمل القلب ؛

لأن ( الشيء لا يقال ) أنه ( يسع نفسه ، ولا يسعها ) ذو فهم يعني قوله عزّ وجل : « وسعني قلب عبدي المؤمن » . ؛ فإنه إنما وسعه ما يتصوره ، وإن كان أقرب إلى مطابقة ما عليه الحق في نفسه بالنظر إلى متصرفه من دونه لا في نفس الأمر ،("وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ") [ الأحزاب : 4 ] .

والحمد للّه عدد كل حرف ملء السماوات والأرض ، وملء مالا يدرك له طرق على ما وفقني فيه للتوفيق بين ظاهر الشرع في كل أصل وفرع يظنه المسمى بالحقيقة ،
فأخرجته من ظلمات إنكار المنكرين عن سوء الفهم ، وإقرار من يعترف به مع ما فهم فيه من مخالفة الشرع ، إذ لم يكن له من التوفيق بينهم ، فكانت كلتا الفرقتين في درك مقاصده في ذلك ضلال الهاوية " تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ " [ الغاشية : 4 ، 5 ] .
إلى يوم الهداية الجامعة بين أسرار الحقيقة ، وأنوار الشريعة بعون اللّه تعالى "فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ " [ الحاقة : 22 ] .

لا تسمع فيها من مخالفة الشرع والعقل " لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً " [ الغاشية : 11 ] ، فقيل لأربابها : " كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ " [ الحاقة : 24 ]
قُطُوفُها من فوائد الكتاب "دانِيَةٌ" [ الحاقة : 23 ] ،
ومن لطائف نكات العلم "عَيْنٌ جارِيَةٌ " [ الغاشية : 12 ] ،
ومن تمهيدات قواعده " سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ " [ الغاشية : 13 ] ،
ومن التقريبات إلى العقل بنقيضه من الكتاب والسنة ، أو قدماء الصوفية ، أو البراهين العقلية "وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ " [ الغاشية : 14].
وقلع أى رفع الشبه ، وأوهام الكفر والبدعة والخشوع "وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ " [ الغاشية : 15 ، 16 ] ،
والحمد للّه الذي نجانا من القوم الظالمين ، وأحلنا برحمته في عباده المؤمنين ،
والحمد للّه الذي هدانا لهذا التحقيق ، وما كنا لنهتدي لهذا التدقيق لولا أن هدانا اللّه بانتهاء أنواع التوفيق ، وقد أضل كثيرا من الشارحين ، فجعلهم "فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ" [ الشعراء : 225 ] ، وفي مواضع الإشارة بعضهم " فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ" [ البقرة : 15].
وصلّ اللّه على سيدنا ، بل سيد الرسل والأنبياء محمد ،
وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ، والملائكة المقربين ،
وأهل السماوات والأرضين من عباده المؤمنين .



شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه :  ( إذ لو عرف ما قال الجنيد - « لون الماء لون إنائه » - لسلَّم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده ) فإنّ اللون الذي اكتسبه الحقّ في ذلك المعتقد عين لون الحقّ ، وتلك الصورة صورة الحقّ ، ( وعرف الله في كل صورة وكل معتقد فهو ظانّ ، ليس بعالم ) ضرورة أن صاحب الاعتقاد فيما عقده عليه ما وصل إلى مرتبة العلم اليقيني والانشراح الصدري ، فإنّه بعد في مرتبة العقد العقلي ، فهو داخل في مرتبة الظنّ

قال رضي الله عنه :  ( فلذلك قال ) : تطمينا لجميع أرباب العقائد : ( « أنا عند ظنّ عبدي بي » أي لا أظهر له ) ظهور ما تبيّن عند الشخص ( إلَّا في صورة معتقده ، فإن شاء أطلق ) في سائر الصور الاعتقاديّة ، كما هو عند أهل الذوق والكشف ، ( وإن شاء قيّد ) بصورة خاصّة فيها على ما هو عند أصحاب النظر والتقليد . وبيّن أنّ الحقيقة ما لم تكن محصورة تحت انضباط الصورة لا يقبل الحدّ أصلا ، على ما لا يخفى عند الواقف بأساليب طريق العقل وميزانه ، وإليه أشار بقوله : ( وإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده )

باعتبار إحاطته إيّاه وحصره صورته المحصورة به وفيه ، ( فإن الإله المطلق ) من حيث أنّه مطلق ( لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء ، وعين نفسه ، والشيء لا يقال فيه : « يسع نفسه » ، ولا « لا يسعه » ) فإنّك قد نبّهت من قبل في المقدّمة أنّ من شأن الهويّة الإطلاقيّة جمعيّة الأضداد وتعانق الأطراف وبيّن أنّ صدق الضدين معا يستلزم كذبهما معا ، فهو قد آثر صورة النفي هاهنا في التعبير عن هذه اللطيفة لما في النفي من المناسبة إلى الإطلاق .

 
قال رضي الله عنه :  ( فافهم ) فإنّه من فهم هذه الدقيقة فهو على أبين السبل وأقرب الطرق من فهم الإطلاق الذاتي .
( والله يقول الحق ) بالقول الثابت القرآنيّ الختميّ ( وهو يهدي السبيل ) إلى مدارك لطائفه الختميّة .

فبلطائف نقوش الختم انختم الكتاب ونجز التعليقات عليه في يوم الجمعة ، عشرين من الصفر ، ختم بالخير والظفر ، بسنة أربع عشر وثمان مائة حامدا لله ومصليّا على الخاتم والسلام .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )

قال رضي الله عنه :  ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلّم لكلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف اللّه في كلّ صورة وكلّ معتقد . فهو ظان ليس بعالم ، فلذلك قال : « أنا عند ظنّ عبدي بي » أي لا أظهر له إلّا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق وإن شاء قيّد. فإلّه المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الّذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء وعين نفسه : والشّيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا أنه لا يسعها فافهم ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [ الأحزاب : 4 ] .)

( إذ لو عرف ما قاله الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف اللّه في كل صورة ) .

قال رضي اللّه عنه :
عقد الخلائق في الإله عقائدا  .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
( وكل معتقد فهو ظان ) ، ظنا غير مطابق للواقع باعتبار حصره في صورة معتقده وإن كان صادقا باعتبار أنه من صوره فهو ( ليس بعالم ) بالأمر على ما هو عليه ( ولذلك ) ، أي لأجل أن كل معتقد ظان
( قال تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، أي لا أظهر له إلا في صورة معتقده فإن شاء ) الأمر على ما هو عليه ( أطلق ) وشاهد الحق في جميع الصور الاعتقادية وغيرها .

( وإن شاء قيد ببعضها ) على ما هو عند أصحاب النظر والتقليد ( فإله المعتقدات ) ، أي الإله الذي له نسبة إلى صورة خاصة من الصور المعتقدة بالنسبة إلى كل معتقد ( تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده فإن الإله المطلق ) من حيث إطلاقه ( لا يسعه شيء) ، لأنه عين الأشياء ( وعين نفسه ) فالوجود كله عينه ونفسه ( والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا أنه لا يسعها فافهم ) .

فإن ذلك معنى إطلاقه الذاتي هذا هو القول الحق الذي لا سبيل إليه إلا من خلص من المقيد بالاعتقادات الجزئية الفكرية أو التقليدية ( واللّه يقول الحق ) بلسان العبد (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) إليه وينصب الدليل عليه .

قال مؤلفه رحمة اللّه عليه : لقد وفق للفراغ عن فك ختام هذه الفصوص ، وكشف إيهام هذه النصوص ، العبد المتذلل بالشخوص بين يدي عموم أهل الخصوص عبد الرحمن بن أحمد الجامي ، تجاوز اللّه سبحانه عن مزال أقدامه ومزالق أقلامه ، غرة جمادى الأولى المنتظمة في سلك شهور سنة ست وتسعين وثمانمائة ، واللّه أعلم .
تمّ  الفص المحمدي
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:20 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الخامسة والثلاثون ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الخامسة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الخامسة والثلاثون :-        

نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
27 – شرح نقش فص حكمة فردية في كلمة محمدية

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( معجزته القرآن . والجمعية إعجاز على أمر واحد لما هو الإنسان عليه ).

إنّما خصّت الكلمة المحمّدية بالحكمة الفردية لأنّه صلّى الله عليه و سلم أوّل التعيّنات الذي تعيّن به الذات الأحدية قبل كل تعيّن تظهر به من التعيّنات الغير المتناهية. وهذه التعيّنات مترتّبة ترتّب الأجناس و الأنواع و الأصناف والأشخاص، مندرج بعضها تحت بعض. فهو يشمل جميع التعيّنات.

فهو واحد فرد في الوجود، لا نظير له، إذ لا تعيّن يساويه في المرتبة، و ليس فوقه إلّا الذات الأحدية المطلقة المنزّهة عن كلّ تعيّن وصفة و اسم و رسم و حدّ و نعت.
فله الفردية مطلقا. وأيضا أوّل ما حصل به الفردية إنّما هو بعينه الثابتة، لأنّ أوّل ما فاض بالفيض الأقدس من الأعيان هو عينه الثابتة.
فحصل بالذات الأحدية والمرتبة الإلهية وعينه الثابتة الفردية الأولى.
و توصيف هذه الحكمة ب «الكلية»، كما وقع في بعض نسخ الفصوص، لشمول التعيّن الأوّل- الذي هو حقيقته عليه السلام- كلّ التعيّنات.

اعلم أنّ الحقائق العلمية إن كانت معتبرة لا بأحوالها، تسمّى "حروفا غيبية"، و مع أحوالها، «كلمات غيبية»، والوجودية بلا أحوالها، "حروفا وجودية"، ومعها، «كلمات وجودية»، فالدالّة منهما على جملة مفيدة، "آية"، والبعض الجامع لتلك الجمل، «سورة»، ومجموع المقولات أو الموجودات باعتبار التفصيل، "فرقانا"، و باعتبار الجمع، «قرآنا».
ولجمعيتها في الإنسان الكامل سمّى نفسه أيضا «قرآنا»، وعبارتها الواردة عليه من الحق أيضا "قرآنا".

إذا عرفت هذا، فنقول، (معجزته) الدالّة على نبوّته صلّى الله عليه و سلم هي القرآن، الذي هو نفسه و حقيقته باعتبار جمعيتها الحقائق كلها، أو العبارة الدالّة على تلك الجمعية الواردة عليه صلّى الله عليه وسلم من الحق سبحانه.

وأيّا ما كان، فهو معجز، فانّه ليس لحقيقة من الحقائق هذه الجمعية، لأنّ الحقائق كلها داخلة تحت الحقيقة المحمّدية دخول الجزء تحت الكل، ولا لكتاب من الكتب الدلالة على تلك الجمعية، فانّ القرآن أحدية جمع جميع الكتب الإلهية.
وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنّه قال، «أنزل الله مائة و أربع كتب من السماء.


قال الشيخ رضي الله عنه :  (من الحقائق المختلفة . كالقرآن بالآيات المختلفة بما هو كلام الله مطلقاً . وبما هو كلام الله . وحكاية الله . فمن كونه كلام الله مطلقاً هو معجز . وهو الجمعية .
وعلى هذا يكون جمعية الهمة : " وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ " [التكوير : 22] .
فما بخل بشيءٍ).

فأودع علوم المائة في الأربع، وهي التورية والإنجيل والزبور والفرقان.
ثمّ أودع علوم هذه الأربع في القرآن. ثمّ أودع علوم القرآن في المفصّل من سوره.
ثمّ أودع علوم المفصّل في الفاتحة. فمن علم تفسير الفاتحة، علم تفسير جميع كتب الله المنزلة. ومن قرأها، كأنّما قرأ التورية والإنجيل والزبور والفرقان.  اورده السيوطي الدر المنثور

و لمّا كانت جمعية الهمّة من بعض بطون معنى القرآن- كما وقعت الإشارة إليه في الفص الموسوي- أراد رضى الله عنه أن ينبّه على أنّ تلك الجمعية أيضا إعجاز، فقال، (والجمعية اعجاز على أمر واحد) ، أي جمعية الهمّة على أمر واحد إعجاز، (لما هو الإنسان عليه من الحقائق المختلفة) و القوى المتعدّدة المتكثّرة الروحانية أو الجسمانية.

و لكل من تلك الحقائق و القوى اقتضاء خاصّ و حكم متعيّن يغاير أحكام ما عداه.
فالجمعية التي هي استهلاك تلك الكثرة في الوحدة أمر خارق لعادة الجمهور، فهو إعجاز.

والإنسان المتكثّر بحقائقها المختلفة (كالقرآن) المتكثّر (بالآيات المختلفة)، أي المنقسم، ( بما هو كلام الله‏ مطلقا)، أي من غير أن يكون حكاية عن كلام أحد حكاية لفظية، (و بما هو كلام الله) من حيث أنّه سبحانه تكلّم به، و لكنّه في الحقيقة ليس كلام الله، بل (حكاية الله) عن كلام متكلّم آخر. حكاية لفظية.

(فمن كونه)، أي فالقرآن من حيث كونه، (كلام الله مطلقا هو معجز)، لا من حيث أنّ بعضه كلام متكلّم آخر حكاه الله سبحانه بلفظه، فانّه ليس يلزم أن يثبت له الاعجاز من هذه الحيثية.
(وهو)، أي كون القرآن المتكثّر بآياتها المختلفة متّحدا في كونه كلام الله هو، (الجمعية)، التي تستلزم الاعجاز.
(و على هذا)، أي على طريق تلك الجمعية، يكون جمعية الهمة للإنسان بحقائقها المختلفة. فكما أنّ تلك الجمعية إعجاز، فكذلك جمعية الهمّة، لما عرفت.
قال تعالى، «وَ ما صاحِبُكُمْ»، يعنى محمّدا صلّى الله عليه و سلم، «بِمَجْنُونٍ»،
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مما هو لكم ولا " بِضَنِينٍ " . أي ما يتهم في أنه بخل بشيءٍ من الله هو لكم . الخوف مع الضلال قال : " مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " [النجم : 2] . )

من «الجنون» بمعنى الستر، (أي ما ستر عنه شي‏ء)، إذ "لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض" و لا في السماء من حيث حقّيّته،

وإن كان يقول، «أنتم أعلم بأمور دنياكم» من حيث بشريته. رواه مسلم
وذلك لأنّ الحقيقة المحمّدية- التي هي صورة الاسم الجامع الإلهي- هي التي تربّ صور العالم كلها بالربّ الظاهر فيها الذي هو ربّ الأرباب.

فلا بدّ لها من الاتّصاف بالصفات الإلهية كلها من العلم الشامل و القدرة الكاملة و غيرهما، ليتصرّف بها في أعيان العالم على حسب استعداداتها، ولكنّ ذلك إنّما هو من جهة حقّيّتها، لا من جهة بشريتها، فانّها من تلك الجهة عبد مربوب محتاج إلى ربّها، كما نبّه سبحانه على هذه الجهة بقوله، قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى‏ إِلَيَّ، وعلى الجهة الأولى بقوله، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ الله رَمى‏، فأسند رميه إلى الله.

والحاصل أنّ ربوبيته للعالم بالصفات الإلهية التي له من حيث مرتبته، وعجزه و مسكنته وجميع ما يلزمه من النقائص الامكانية من حيث بشريته، الحاصلة من التقيّد والتنزّل إلى العالم السفلى، ليحيط بظاهره بخواصّ العالم الظاهر وبباطنه بخواصّ العالم الباطن، فيصير مجمع البحرين ومظهر العالمين.


فنزوله أيضا كماله، كما أنّ عروجه إلى مقامه الأصلي كماله. فالنقائص أيضا كمالات باعتبار آخر يعرفها من تنوّر قلبه بالنور الإلهي.

"ولا بضنين"، من «الضنّ» وهو البخل أي ليس‏  صاحبكم صلّى الله عليه و سلم ببخيل،
(فما بخل بشي‏ء مما هو لكم) ، أي بشي‏ء يكون من جملة ما ينبغي لكم و يقتضيه استعداداتكم.
(و لا بظنين)، من "الظنّ" بمعنى التهمة، كما وقع في بعض القراآت، (أي ما يتهم في أنه بخل بشي‏ء ) حاصل لديه (من) عند (الله هو لكم)، لأنّه صلّى الله عليه و سلم بربوبيته المذكورة أعطى كل ذى حق حقّه و أفاض عليه جميع ما احتاج إليه و استحقّه.


ثمّ إنّه (لما كان الخوف) لا يتحقّق إلّا (مع الضلال)، الذي هو الحيرة- فانّ الخوف عبارة عن انسلاخ القلب عن طمأنينة الأمن لتوقّع مكروه ممكن الحصول، و لا شكّ أنّ توقّع المكروه من غير جزم به حيرة و تردّد- فحيث أراد الله تعالى نفى الخوف عنه صلّى الله عليه و سلم، حكم بنفي الضلال عنه، كما (قال سبحانه، «ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏» [النجم : 2].

و لكن ينبغي أن تعلم أنّ للضلال ثلاث مراتب: بداية و وسط و نهاية. و الضلال المنفي عنه صلّى الله عليه و سلم هو ما عدا المرتبة الأخيرة، فإنّ المرتبة الأخيرة هي مقامه صلّى الله عليه و سلم الذي طلب المزيد فيه بقوله، «ربّ زدني فيك تحيّرا»، كما أشار إليه رضى الله عنه بقوله،


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أي ما خاف في حيرته لأنه من علم أن الغاية في الحق هي الحيرة فقد اهتدى فهو صاحب هدىً وبيانٍ في إثبات الحيرة .)
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم .

(أي ما خاف في حيرته)، التي هي المرتبة الأخيرة التي يتمنّاها الكمّل ولا يتعدّونها أبد الآباد.
وإنّما لم يخف صلّى الله عليه وسلم في هذه المرتبة  (لأنه)، أي لأنّ الشأن أنّه صلّى الله عليه و سلم علم أنّ الغاية القصوى في معرفة الحق هي الحيرة، و(من علم أن الغاية القصوى في) معرفة (الحق سبحانه هي الحيرة، فقد اهتدى) في حيرته إلى أنّها هي الغاية. و من اهتدى في حيرته إلى ذلك، (فهو صاحب هدى و بيان في اثبات الحيرة). و إنّها هي الغاية، فكيف يخاف فيها.

اعلم أنّ المرتبة الأولى من الضلال تختصّ بحيرة أهل البدايات من جمهور الناس، و حكم الثانية يظهر في المتوسّطين من أهل الكشف و الحجاب، و حكم الثالثة مختصّ بأكابر المحقّقين.

أمّا سبب  الحيرة الأولى العامّة، فهو كون الإنسان فقيرا طالبا بالذات، فلا يمرّ عليه نفس يخلو فيه من الطلب.
وذلك الطلب متعلّقه في نفس الأمر الكمال الذي هو غاية الطالب.
والغايات تتعيّن بالهمم و المقاصد و المناسبات الداعية الجاذبة. فما لم يتعيّن للإنسان وجهة يرجّحها أو مذهب أو اعتقاد يتقيّد به، بقي حائرا قلقا.
وأوّل مزيل لهذه الحيرة تعيّن المطلب المرجّح، ثمّ معرفة الطريق الموصل، ثمّ السبب المحصّل، ثمّ ما يمكن الاستعانة به في تحصيل الغرض، ثمّ معرفة العوائق و كيفية إزالتها. فإذا تعيّنت هذه الأمور، تزول هذه الحيرة.

ثمّ إنّ حال الإنسان بعد أن يتعيّن له وجهة، و يرجّح أمرا ما يراه الغاية، على ضربين: إمّا يستوعبه ذلك الأمر بحيث لا يبقى فيه فضلة يطلب بها المزيد، كما هو حال أهل الاعتقادات والنحل غالبا، أو يبقى فيه فضلة من صحو، فتراه مع ركونه إلى حال معيّن وأمر مخصوص يفحص أحيانا و يتلمّح، عساه يجد ما هو أتمّ ممّا أدرك. فان وجد ما أقلقه ونبّهه، انتقل إلى دائرة المرتبة الثانية.

 

وحاله في المرتبة الثانية كحاله فيما تقدّم من أنّه لا يخلو إمّا أن يكون في كلّ ما يحصل له مطمئنّا فاترا عن طلب المزيد، أو قد بقيت فيه فضلة تمنعه من الاستقرار، وسيّما إذا رأى المتوسّطين: قد تفرّقوا شيعا، وكل منهم يرى أنّه المصيب ومن وافقه و أنّ الغير في ضلالة.


ويرى مأخذ كل طائفة و متمسّكها، فلا يجده يقوم على ساق.
ويرى الاحتمال متطرّقا و النقوض واردة، فانّه يحار و لا يدرى أيّ المعتقدات أصوب في نفس الأمر.
فلا يزال حائرا حتّى يغلب عليه آخر الأمر حكم مقام ما من المقامات التي يستند إليه بعض أهل العقائد، فينجذب إليه و يطمئنّ، أو يفتّق له بالعناية أو بها وبصدقه في طلبه وجدّه في عزيمته وبذله المجهود الحجاب، فيصير من أهل الكشف.

و حاله في أوّل هذا المقام كحاله فيما سبق من أنّه إذا سمع المخاطبات العلية و عاين المشاهدات السنية و رأى حسن معاملة الحق معه و ما فاز به ممّا فات أكثر العالمين، هل يستعبده بعض ذلك أو كلّه، أو يبقى فيه بقية من غلّة الطلب.
فينظر في قوله تعالى:" وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ". [الشورى : 51]

وفي‏ أمثاله من الإشارات الربّانية والتنبيهات النبوية، فيتنبّه إلى أنّ كلّ ما اتّصل بالحجاب أو تعيّن بالواسطة، فللحجاب و الواسطة فيه حكم، لا محالة، فلم يبق على طهارته الأصلية.
فيتطرّق إليه الاحتمال، و سيّما إذا عرف سرّ الحال و المقام الذي هو فيه و الوصف الغالب عليه، و أنّ لكلّ ممّا ذكر أثرا فيما يبدو له و يصل إليه.
فلا يطمئنّ، و لا تبقى له في حضرة الحقّ من جهة معيّنة و اعتبار مخصوص رغبة، و يتعدّى مراتب الأسماء و الصفات و ما ينضاف إليها من الأحكام و الآثار و التجليّات.

فلم يتعيّن له الحقّ سبحانه في جهة معنوية أو محسوسة من حيث الظاهر أو الباطن بحسب العلوم والمدارك والعقائد والمشاهد والأخبار والأوصاف، لشعوره بعزّة الحقّ سبحانه وعدم انحصاره في كل ذلك أو في شي‏ء منه، ولعدم امتلائه ووقوف همّته عند غاية من الغايات التي وقف فيها أهل المواقف وإن كانوا على حق ووقفوا بالحق له فيه بل أدرك بالفطرة الأصلية دون تردّد أنّ له مستندا في وجوده، وأقبل عليه بأجلّ ما فيه، بل بكليته،

وجعل حضوره في توجّهه إليه سبحانه على نحو ما يعلم سبحانه نفسه في نفسه بنفسه، لا على نحو ما يعلم نفسه في غيره، أو يعلمه غيره، ولا بحسب علومه الموهوبة أو المكتسبة.

وهذه الحالة أوّل أحوال أهل الحيرة الأخيرة التي يتمنّاها الأكابر ولا يتعدّونها، بل يرتقون فيها أبد الآباد دنيا وبرزخا وآخرة.
ليست لهم وجهة معيّنة في الظاهر أو الباطن، لأنّه لم يتعيّن للحق عندهم رتبة يتقيّد بها في بواطنهم و ظواهرهم، فيتميّز عن مطلوب آخر.
بل قد أشهدهم إحاطته بهم من جميع جهاتهم الخفية والجلية وتجلّى لهم فيهم، لا في شي‏ء ولا جهة ولا اسم ولا مرتبة.
فحصلوا من شهوده في بيداء التيه، فكانت حيرتهم منه وبه وفيه.
وليكن هذا آخر ما أريد إيراده في هذا الكتاب و الله هو المرجع وإليه المآب.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:22 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السادسة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السادسة والثلاثون :-                                                الجزء الأول

كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
الفص السابع والعشرون حكمة فردية في كلمة محمدي

(1) حكمة فردية في كلمة محمدية «الكلمة المحمدية».
(1) شاع من أوائل عهد الإسلام القول بأزلية محمد عليه السلام، أو بعبارة أدق بأزلية «النور المحمدي».
و هو قول ظهر بين الشيعة أولًا و لم يلبث أهل السنة أن أخذوا به، و استند الكل في دعواهم إلى أحاديث يظهر أن أكثرها موضوع. من ذلك أن النبي (صلى اللَّه عليه و سلم) قال: «أنا أول الناس في الخلق» و منها: «أول ما خلق اللَّه نوري»،
و منها: «كنت نبياً و آدم بين الماء و الطين» و غير ذلك من الأحاديث التي استنتجوا منها أنه كان لمحمد عليه السلام وجود قبل وجود الخلق، و قبل وجوده الزماني في صورة النبي المرسل، و أن هذا الوجود قديم غير حادث، و عبروا عنه بالنور المحمدي.
و قد أفاضت الشيعة في وصف هذا النور المحمدي، فقالوا إنه ينتقل في الزمان من جيل إلى جيل، و أنه هو الذي ظهر بصورة آدم و نوح و إبراهيم و موسى و غيرهم من الأنبياء ثم ظهر أخيراً بصورة خاتم النبيين محمد عليه السلام.
و بهذا أرجعوا جميع الأنبياء من آدم إلى محمد، و كذلك ورثة محمد إلى أصل واحد.
و هو قول نجد له صدى في الغنوصية المسيحية.
يقول الأب كليمنت الاسكندري: «ليس في الوجود إلا نبي واحد و هو الإنسان الذي خلقه اللَّه على صورته، و الذي يحل فيه روح القدس، و الذي يظهر منذ الأزل في كل زمان بصورة جديدة».
نجد لكل هذا الكلام نظيراً في كتب ابن العربي فيما يسميه الكلمة المحمدية أو الحقيقة المحمدية أو النور المحمدي.
فهو لا يقصد بالكلمة المحمدية في هذا الفص محمداً الرسول، و إنما يقصد الحقيقة المحمدية التي يعتبرها أكمل مجلىً خَلْقِيّ ظهر فيه الحق، بل يعتبره الإنسان الكامل و الخليفة الكامل بأخص معانيه.
و إذا كان كل واحد من الموجودات مجلى خاصاً لبعض الأسماء الإلهية التي هي أرباب له، فإن محمداً قد انفرد بأنه مجلى للاسم الجامع لجميع تلك الأسماء، و هو الاسم الأعظم الذي هو «اللَّه».

و لهذا كانت له مرتبة الجمعية المطلقة، و مرتبة التعين الأول الذي تعينت به الذات الأحدية، إذ ليس فوقه إلا هذه الذات المنزّهة في نفسها عن كل تعين و كل صفة و اسم و رسم.
و لهذه الحقيقة المحمدية التي هي أول التعينات- و إن شئت فقل أول المخلوقات- وظائف أخرى ينسبها إليها ابن العربي.
فهي من ناحية صلتها بالعالم مبدأ خلق العالم، إذ هي النور الذي خلقه اللَّه قبل كل شيء و خلق منه كل شيء.
أو هي العقل الإلهي الذي تجلى الحق فيه لنفسه في حالة الأحدية المطلقة، فكان هذا التجلي بمثابة أول مرحلة من مراحل التنزّل الإلهي في صور الوجود.
فلما انكشفت له حقيقة ذاته و كمالاتها، و ما فيها من أعيان الممكنات التي لا تحصى، أحب إظهار كمالاته في صور تكون له بمثابة المرايا التي يرى فيها نفسه، فكانت أعيان الممكنات الخارجية تلك المرايا.

و من ناحية صلة الحقيقة المحمدية بالإنسان، يعتبرها ابن العربي صورة كاملة للإنسان الكامل الذي يجمع في نفسه جميع حقائق الوجود، و لذلك يسميها آدم الحقيقي، و الحقيقة الانسانية.
و يعدها من الناحية الصوفية مصدر العلم الباطن، و منبعه، و قطب الأقطابقارن كذلك الفص الشيثي للمؤلف، و طاسين السراج من كتاب الطواسين للحسين بن منصور الحلاج.
في هذا الوصف الاجمالي لما يسميه ابن العربي «الكلمة المحمدية»، أو الحقيقة المحمدية، عناصر مختلفة مستمدة من الفلسفة الأفلاطونية الحديثة، و الفلسفة المسيحية و اليهودية، مضافاً إلى ذلك بعض أفكار من مذهب الاسماعيلية الباطنية و القرامطة.
مزج جميع تلك العناصر على طريقته الخاصة، فضيع بذلك معالم الأصول التي أخذ عنها، و خرج على العالم بنظرية في طبيعة الحقيقة المحمدية، لا تقل في خطرها و أهميتها في تاريخ الأديان عن النظريات التي وضعها المسيحيون في طبيعة المسيح، أو النظريات اليهودية أو الرواقية، أو اليونانية التي تأثرت بها النظرية المسيحية.


هذا هو ما يقصده ابن العربي بالكلمة المحمدية، و هي شيء يختلف تمام الاختلاف عن شخصية النبي محمد صلى اللَّه عليه و سلم، بل ليس بينهما من الصلة إلا ما بين الحقيقة المحمدية و أي نبي من الأنبياء أو رسول من الرسل أو ولي من الأولياء.
فالكلمة المحمدية إذن شيء ميتافيزيقي محض خارج عن حدود الزمان و المكان.
أو قل إن شئت هي الحق ذاته ظاهراً لنفسه في أول تعين من تعيناته في صورة العقل الحاوي لكل شيء، المتجلي في كل كائن عاقل.
و ليس هذا الاختصاص لغير الكلمة المحمدية، و من هنا كانت فردية الحكمة المحمدية كما يشير إلى ذلك عنوان الفص.
و قد وردت تسمية هذه الحكمة بالحكمة الكلية أيضاً في بعض النسخ، و ليس لها معنى إلا ما ذكرنا.

(2) «و لهذا بدى ء به الأمر و ختم».
(2) يدل كلام المؤلف الآتي بعد ذلك مباشرة على أن المراد بكلمة «الأمر» هنا أمر الرسالة، لأنه يقول: فكان نبياً و آدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
ولكن الأوْلى أن نفهم من قوله «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين» الإشارة إلى أسبقية وجود آدم، لا من حيث نبوته، بل من حيث مطلق ووجوده.
أي أن المراد الإشارة إلى أن الروح المحمدي أول موجود. وبذلك يكون معنى قوله بدىء به الأمر و ختم، بدى ء به أمر الوجود وختم به أمر الرسالة.
هذا، و قد شاع بين جمهور الصوفية الاستدلال بالحديث: «كنت نبياً و آدم بين الماء والطين» على أزلية محمد (الحقيقة المحمدية)، و لكن الغزالي يخالفهم في ذلك قائلًا إن المراد من الحديث النص على أن النبي عليه السلام قد قدر له أزلًا أن يكون نبياً قبل أن يخلق اللَّه آدم أو أي مخلوق آخر. و تفسير الغزالي لا يبين جهة الاختصاص في حالة النبي عليه السلام، لأن كل نبي آخر قد قدر له أزلًا أن يكون نبياً قبل خلق آدم.

 
(3) «وأول الأفراد الثَلاثةُ ...... إلى قوله و الدليل دليل لنفسه».
(3) أول الأعداد الفردية هو الثلاثة لا الواحد، لأن الواحد عندهم ليس بعدد و إنما هو أصل الأعداد.
وما زاد على الثلاثة من الأعداد الفردية فهو متفرع عنها، كالخمسة المتفرعة عن الثلاثة بإضافة جزئين منها إلا نفسها، و التسعة المتفرعة عن الثلاثة بضربها في نفسها وهكذا.
وعلى أساس هذه الفكرة العددية بنى ابن العربي فكرة ميتافيزيقية موازية لها، لا فيما يذكره عن «محمد» باعتباره مظهراً للاسم الإلهي «الفرد»، بل في كل ما يقوله عن عملية الخلق التي يرجعها إلى الفردية الثلاثة.
فأول صورة تعينت فيها الذات الإلهية كانت ثلاثية، لأن التعين كان في صورة العلم حيث العلم و العالِم و المعلوم حقيقة واحدة. و قد كان هذا التعين الأول تعيناً حُبيًّا أيضاً، حيث الحب و المحب و المحبوب حقيقة واحدة، و إلى هذا أشار ابن العربي في قوله:

تثلث محبوبي و قد كان واحداً .....  كما صيروا الأقنام بالذات أقنما. راجع ترجمان الأشواق ط. بيروت 1312 هـ ص 42. قارن الفتوحات ج 3 ص 171.
وأول حضرة إلهية ظهر عنها العالم ثلاثية أيضاً، لأنها حضرة الذات الإلهية المتصفة بجميع الأسماء و الصفات، وهي التي تسمى في اصطلاح القوم «حقيقة الحقائق» و «البرزخ الجامع» وغير ذلك من الأسماء. وعملية الخلق أيضاً ثلاثية، لأنها تقتضي
وجود الذات الإلهية و الإرادة و قول كن. قال تعالى: «إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».  راجع الفص 12، التعليق الثالث.
و هذا يقتضي وجود فردية ثلاثية في الشيء المخلوق لكي يتم خلقه، لأنه يقتضي شيئية الشيء المخلوق و سماعه أمر التكوين و امتثاله ذلك الأمر.
هكذا ينظر ابن العربي إلى التثليث، و يعتبره المحور الذي تدور حوله رحى الوجود، و الأساس الذي ينبني عليه الخلق و الإنتاج أياً كان نوعه، أي سواء أ كان في العالم المادي أم في العالم الروحي أم في عالم المعاني.

ولذلك ذكر الدليل المنطقي- وهو القياس- و قال إنه ينتج لأنه ثلاثي التركيب، فإنه لا بد فيه من ثلاثة حدود هي الحد الأكبر والحد الأصغر والحد الأوسط، وثلاث قضايا هي المقدمة الكبرى والمقدمة الصغرى والنتيجة.
ولما كان الدليل ثلاثي التركيب، وكانت دلالته على مدلوله ذاتية مباشِرَةً من غير حاجة إلى شيء آخر خارج عنه، وهو المراد بقوله: «و الدليل دليل لنفسه»، شَبَّه الحقيقة المحمدية المثلثة الأركان، من حيث دلالتها على ربها، بالدليل المنطقي المثلث الأركان، من حيث دلالته على مدلوله.
والحقيقة المحمدية أول دليل على ربها، لأنها المظهر المعقول الجامع لجميع حقائق الأسماء الإلهية، الظاهرة في الجنس البشري، بل في العالم أجمع.
وإذا كان كل موجود دليلًا على ربه من حيث هو مظهر خارجي تتجلى فيه كمالات ربه، فمحمد أول دليل على ربه، لأنه الصورة الجامعة التي تتجلى فيها كل هذه الكمالات.

قال تعالى: «وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها» (البقرة آية 30): ومعنى علمه الأسماء كلها في عرف ابن العربي أظهر فيه معاني الأسماء الإلهية كلها.
أما محمد (الحقيقة المحمدية) فقد أعطي حقائق تلك الأسماء، و هي التي يشير إليها ابن العربي بجوامع الكلم.

فإذا كان آدم هو الإنسان الظاهر المتعين بالوجود الخارجي في صور أفراده، فمحمد هو الإنسان الباطن المتعين في العالم المعقول.
و قد اختلف شراح الفصوص في تفسير قوله: «و الدليل دليل لنفسه». ف
يقول القيصري (ص 293) «اللام في الدليل للعهد، أي هذا الدليل الذي هو الروح المحمدي هو دليل على نفسه في الحقيقة، ليس بينه و بين ربه امتياز إلا بالاعتبار و التعين.
فلا غير ليكون الدليل دليلًا له»: أي أن الحقيقة المحمدية ليست دليلًا على ربها، بل هي دليل على نفسها، لأنها هي و الحق حقيقة واحدة لا فرق بينهما إلا بالاعتبار.
و يذهب «بالي» إلى أن اللام في كلمة «الدليل» للاستغراق لا للعهد، أي فكل فرد من أفراد الدليل أو نوع من أنواعه دليل على الرب من حيث هو دليل على النفس.
و بهذا نفهم معنى الحديث «من عرف نفسه فقد عرف ربه» (بالي ص 420 - 421).
أما «جامي» فيفسرها بقوله «و الدليل- أي دليل كان- فإنما هو دليل لنفسه، أي دلالته على مدلوله ذاتية لا يُحتاج فيها إلى ما سواه، و كذلك دلالته صلى اللَّه عليه و سلم ذاتية لا احتياج له فيها إلى غيره بخلاف سائر الموجودات».
و هذا هو التفسير الذي أخذت به. (راجع شرح جامي على الفصوص ج 2 ص 336).


(4) «و معرفة الإنسان بنفسه مقدَّمة على معرفته بربه ... إلى قوله فافهم».
(4) مقدَّمة معناها متقدمة سابقة على معرفته بربه. و قد ذاع بين الصوفية الاستشهاد بما ادعوا أنه حديث نبوي، و هو قوله عليه السلام «من عرف نفسه فقد عرف ربه»، و أكثروا القول فيه و التعليق عليه.
أما ابن العربي فيفهم هذا الحديث فهماً خاصاً يتمشى مع مذهبه في وحدة الوجود. فليست معرفة الإنسان بنفسه وسيلة لمعرفته بربه من حيث إنه يدرك قدرة اللَّه و عظمته عن طريق إدراكه لنفسه، و ما أودع اللَّه فيها من أسرار الخلق و عجائبه.
بل إنه يعرف ربه بمعرفته نفسه، و يجهل من ربه بمقدار ما يجهل من نفسه، لأن نفسه هي المظهر الخارجي لربه، أو هي المرآة التي يتجلى فيها ربه فيراه و يدركه.
و المراد بالرب هنا الحق المتجلي بالأسماء الإلهية في صور أعيان الممكنات لا الحق من حيث هو في ذاته بعيداً عن كل تعين، و كل نسبة، أو إضافة إلى العالم، فإنه من هذه الناحية غني عن العالمين، منزه عن كل معرفة و إدراك.
أما الحق الذي يعرف و يدرك فهو الحق الظاهر، و ليس الحق الظاهر سوى العالم: و نفس الإنسان جزء من العالم بل أكمل جزء فيه. فمن عرف نفسه عرف ربه على هذا المذهب معناه عرف الحق الظاهر في نفسه.
و لكن هل يعرف الإنسان نفسه على وجه الحقيقة؟
إذا كان الجواب بالإيجاب، قلنا بإمكان معرفة الإنسان ربه، و إذا كان بالسلب، لاستحالة معرفة حقيقة النفس و كنهها، قلنا بامتناع معرفة اللَّه.
والسبب في أن كل موجود يعرف ربه بمقدار ما يعرف من نفسه، أن لكل جزء من أجزاء العالم «أصلًا» من الذات الإلهية: هذا الأصل هو ربه، وهو الاسم الإلهي الخاص الذي يظهر فيه أثره، فهو يعرف ربه أي يعرف ذلك في الأصل نفسه.
وهو يعبد ربه، أي يعبد ذلك الاسم الإلهي الخاص المتجلي في نفسه. وهو دليل واضح على ربه، لأنه مجلاه و مظهره.


(5) «فإنما حُبِّبَ إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه. فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق».
(5) قال عليه السلام: «حُبِّبَ إليَّ من دنياكم ثلاث: النساء و الطيب، و جعلت قرة عيني في الصلاة».
يستغرق شرح هذا الحديث الجزء الأكبر من الفص، و يتخذ ابن العربي من مسائله الثلاث:
أعني حب النبي النساء، و الطيب، و الصلاة، أساساً لكثير من أمهات المسائل الفلسفية و الصوفية التي يعرض لها. و أولى هذه المسائل مسألة الحب الإلهي.
لا عجب في نظر ابن العربي أن أحب النبي النساء، لأن المرأة جزء من الرجل، و الأصل يحن إلى فرعه، و الكل يحن إلى جزئه.
وليس حب النبي النساء إلا مثالًا جزئياً يوضح مبدأً عاماً يسير عليه الوجود بأسره، وهو الحب الإلهي الذي هو حنين الحق إلى الخلق.
ولكن الفرع يحن إلى أَصله أيضاً، و الجزء إلى كله: ومن هنا جاء حنين الخلق إلى الحق، وإن كان في الحقيقة حنيناً للحق إلى نفسه في صورة الخلق المتعين.
وسنشرح ذلك في شيء من التفصيل فيما بعد.
لمسألة الحب الإلهي ناحيتان: ناحية شوق الحق إلى الخلق، و ناحية شوق الخلق إلى الحق.
أما شوق الحق إلى الخلق، فهو شوق الكل إلى أجزائه (و الكل و الأجزاء مستعملان هنا على سبيل المجاز).

وقد ظهر في صورتين: الأولى في حنين الذات الإلهية إلى الظهور على مسرح الوجود الخارجيّ، ذلك الحنين الذي كان علة الخلق، وإليه الإشارة في الحديث القدسي بقوله تعالى: «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبه عرفوني».
و الصورة الثانية هي حنين الحق المتجلي في صور الوجود إلى الرجوع إلى نفسه: أي حنين الكل المتعين بصورة الجزء إلى الرجوع إلى الكل العام. و هذا بعينه حنين الخلق إلى الحق، لأن المشتاق عين المشتاق إليه في الحقيقة، و إن كان غيره بالتعين.
قال تعالى يخاطب داود عليه السلام: «يا داود إني أشد شوقاً إليهم»، أي إلى المشتاقين إليه. فالخلق يشتاق إلى الحق و يلاقيه بأن يعود الجزء إلى كله.

و لكنه «لقاء خاص» كما يقول ابن العربي، لأنه ليس من قبيل لقاء الشيئين المختلفين، بل من قبيل الشيء الواحد يلاقي نفسه. و إذا كان شوق الحق إلى الخلق علة ظهور الوجود في صوره الخارجية، فإن شوق الخلق إلى الحق علة عودة تلك الصور إلى الوجود الواحد العام.
أما أن شوق الحق إلى الخلق أشد من شوقهم إليه، فذلك لأن الخلق يشتاق إلى الحق من حيثية واحدة: أي من حيث هم صور تحن إلى الرجوع إلى الذات الإلهية المقومة لها.
أما الحق فيشتاق إلى الخلق من حيثيتين مختلفتين، لأنه من حيث إنه متعين بصورة العبد المشتاق، يشتاق إلى نفسه، ومن حيث إنه الأصل، يشتاق إلى نفسه في مرتبة التقييد التي هي مرتبة العبد.

فالحب موجود على الدوام متبادَل بين الحق و الخلق. و الشوق و الحنين و اللقاء موجودة على الدوام أيضاً، لأن الحق دائم الظهور في صور الخلق، يدفعه إلى ذلك الحبُّ الكامن فيه نحو ذلك الظهور.
والخلق دائم الفناء يدفعه إلى ذلك الحبُّ الكامن فيه نحو التحلل من الصور والرجوع إلى الأصل. هذه هي دائرة الوجود، أولها حب و فراق، وآخرها حب وتلاق، ومحور الدائرة «الحق» ومحيطها ما لا يحصى عدده من مجالي الوجود: كلٌّ يخرج من المركز، وكل يرجع إليه.
ولكن للقاء الحق معنى يفهمه كل منا بحسب منزلته و استعداده الروحي.

فهو بالنسبة إلى أهل الشهود من المؤمنين لقاء يتحقق في هذه الدنيا، لأنهم قوم ماتوا عن إنّيّاتهم وتعيناتهم في هذه الدار، وتجردوا عن طبائعهم وخلعُوا هيئاتهم النفسانية والطبيعية فأحياهم اللَّه بحياته، و شاهدوا جمال وجهه الباقي في كل شيء.
وهؤلاء لا يشتاقون إلى اللقاء، لأنهم متحققون به في عين القرب من اللَّه، و الشوق لا يكون إلا للمحروم البعيد، حيث الفراق و دوام الحجاب.
ولكنهم يشتاقون إلى دوام اللقاء: أي يشتاقون إلى مشاهدة نور الجمال الحق يطلع في كل لحظة في صورة جديدة من صور الوجود، وهو شوق لا ينتهي، وظمأ لا ينقع.
وإلى هذا المعنى أشار أبو يزيد البسطامي في البيت الآتي المنسوب إليه:
شربت الحب كأساً بعد كأس  ..... فما نفد الشراب و ما رويت
أما المحجوبون فهم أبداً مشتاقون إلى لقاء الحق، و هم لا يصلون إلى بغيتهم إلا بعد ارتفاع حجابهم البدني، و زوال الغواشي الطبيعية عنهم.
وهذا لا يكون إلا بالموت الحقيقي: إذ بالموت تنحل الصورة البدنية و يعود الفرع إلى أصله.

و لكن الموت موتان:
موت طبيعي وهو لجميع الخلق بلا استثناء، و فيه يلقى العبد ربه برجوع عينه إلى الذات الإلهية الواحدة، كما يعود النهر إلى البحر الذي خرج منه.
و موت أهل الكشف والوجد وهو الفناء الصوفي، وفيه يلقى العبد ربه بتحققه أنه عينه، ومشاهدته إياه في جميع مجالي الوجود.
ويسمى هذا الموتُ الموتَ الإرادي، وهو مقام الفناء عند الصوفية، أي فناء الصوفي عن نفسه وكل ما يتصل بها مما يقوم حجاباً بينه وبين ربه.

(6) «فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه ... إلى قوله فيما كان به الإنسان إنساناً»
(6) يشرح في هذه الفقرة الطبيعة المزدوجة للإنسان مستنداً إلى قوله تعالى في خلق آدم: «فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» * (سورة الحجر آية 29، سورة ص آية 72).
فلآدم (الجنس البشري) جسم طبيعي عنصري مؤلَّف من الأركان الأربعة، أو من الأخلاط على حد قوله، لأن الأركان لا تصير أعضاءً في البدن إلا بعد أن تتحوَّل أخلاطاً. و في الإنسان أيضاً روح يدبر جسمه، و هو النفس الإلهي الذي نفخه اللَّه في صورة آدم.
فالنَّفس هنا (المعبر عنه بالنفخ) كناية عن الروح الإلهي المنفوخ به في آدم.
و لكن النَّفَس الإلهي أو الروح الإلهي نوراني، فلما نفخ به في آدم، تحوَّل إلى نار بسبب ما في الجسم الانساني العنصري من الرطوبة.
و لهذا ظهر الروح الإلهي في الإنسان في صورة النار لا في صورة النور، و عنه ظهر فيه الروح الحيواني الذي من خصائصه الحياة و النمو و الحركة و الحس إلخ. و لكن الروح الإلهي له مظهر آخر في الإنسان و هو النطق، لأن الإنسان ليس كائناً حياً حساساً فحسب، بل هو كائن ناطق أيضاً.

و خلاصة القول :
أن حقيقة الإنسان من حيث هو إنسان حقيقة نورية إلهية، و لكن طبيعته نارية من حيث هو جسم قَبِلَ الروح الإلهي المنفوخ فيه.
و الطبيعة الأولى خفية باطنة، و هذا معنى قوله: «فبطن نَفَسُ الحق فيما كان الإنسان به إنساناً» و أما معنى قوله: «فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نوراً»، فالمراد بالنشأة الطبيعية النشأةُ غير العنصرية كنشأة الأفلاك و الملائكة. فلو كان جسم آدم من هذا النوع لكان روحه نوراً لا ناراً .


(7) «و الصورة أعظم مناسبة، و أجلها، و أكملها، فإنها زوج أي شفعت وجود الحق».
(7) ذكر في الفص الأول الحكمة في خلق آدم، فقال إن الحق سبحانه لما شاء أن يرى عينه في كون جامع يحصر في نفسه جميع معاني الوجود، و يكون مجلىً شاملًا لكل الأسماء الإلهية، خلق آدم فكان تلك المرآةَ التي نظر الحق فيها إلى صورته، و العقلَ الذي أدرك به كمال وجوده.
فآدم (الجنس البشري) هو الخليفة الحق عن اللَّه، و هو الصورة الإلهية المشار إليها في الحديث «2» القائل:
«خلق اللَّه آدم على صورته»: أعني على صورة اللَّه. و لصورة أي شيء معنى غير المعنى الذي للشيء نفسه.
فإنها فوق كونها تشبه الشيء و تظهر كل ما فيه من كمال أو نقص تؤكد وجوده، إذ تضيف إلى وجوده الأصلي وجوداً ثانياً.
ثم هي من ناحية أخرى تكون لصاحبها بمثابة المرآة التي يرى فيها نفسه، و رؤية الشيء نَفْسَه في نفسه ليست كرؤيته نفسه في شيء يكون له بمثابة المرآة.
و كل شيء واحدٌ في ذاته، زوج في صورته، لأن الصورة تشفع وجوده كما أسلفنا. و كذلك شفعت الصورة الإلهية المسماة «آدم» وجود الحق، و شفعت المرأة التي هي صورة الرجل وجود الرجل و صيرته زوجاً بعد أن كان فرداً.
 

(8) «و لما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة ... إلى قوله إذ لا يكون إلا ذلك».
(8) شرح في الفقرة السابقة أن الرجل يحب المرأة لأنها جزء منه كما أحب اللَّه الإنسان لأنه صورته، و أن الرجل في حبه المرأة إنما يحب في الحقيقة ربه لتعلق حبه بربه لا بأي شيء آخر أياً كان ذلك الشيء.
و تكلَّم في هذه الفقرة عن الوصلة التي في المحبة و ما يصاحبها من عموم الشهوة و فناء الرجل في المرأة و وجوب الاغتسال بعد ذلك.
و قد استعمل في الفقرتين لغة الرمز و الإشارة فتعقدت بذلك عباراته و صعب اقتناص معانيه. و من الغريب أن أحداً من شراح الفصوص لم يشر إلى هذه الرمزية و لم يحاول صرف الفص عن ظاهره، مع أنه يكاد يكون من المستحيل فهم النص على ظاهره إلا إذا اتهمنا ابن العربي بمادية شنيعة لا تتفق مع روح مذهبه.
و الذي أعتقده أنه يستعمل كلمة «المرأة» هنا رمزاً للدلالة على أي موضوع محبوب، و «الشهوة» رمزاً على الرغبة الملحة في الحصول على المطلوب، و «وصلة النكاح» رمزاً على الاتحاد الصوفي، و «الاغتسال» رمزاً على الطهارة الروحية.

و إذا كان الحق هو عين كل محب و محبوب، و كانت غاية كل محب الاتصال بمحبوبه و الفناءَ فيه و التلذذ بقربه، لزم أن يكون الحق هو المحبوب على الإطلاق، و المتلذذ به على الإطلاق، و لزم ألّا يفنى محب إلا فيه، و ألّا تطلب «وصلة النكاح» إلا به.

أما أولئك المحجوبون الذين يقولون بوجود الغير و السوي، فينظرون إلى المرأة و إلى كل ما هو موضع للذة و الشهوة، على أنها مصادر مستقلة للذاتهم.
و لهذا أُمر الإنسان بالاغتسال بعد الجماع، أي أُمر بتطهير نفسه من كل شوائب الغيرية بعد الجماع البدني، لتكون نفسه أكثر قبولًا و أعظم استعداداً للجماع الروحي، و التحقق بوحدة المحب و المحبوب، و الفناء في المحبوب الواحد مهما تعددت صوره و مجاليه:

ذلك الفناء الذي أشار إليه بعضهم بقوله:
صح عند الناس أني عاشق غير أن لم يعرفوا عشقي لمن و مفتاح الرمزية في هذه الفقرة قول ابن العربي «فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره»: أي أن الحق يأبى أن يُحَبَّ شيء إلا إذا كان هو عينَ ذلك المحبوب، كما يأبى أن يعبد شيء إلا إذا كان هو عين ذلك المعبود: أي أنه استأثر بالحب و العبادة لنفسه.

و كيف لا يستأثر بهما و ما سواه شيء، و ما غيره محبوب و لا معبود على الحقيقة؟ أما قوله: «إذ لا يكون إلا ذلك»، فقد يكون معناه إذ لا يكون إلا الحق مصدراً للذة و منبعاً للحب، أو إذ لا يكون للإنسان إلا أن يرجع إلى الحق في كل شيء يحبه و يفنى فيه فيشاهد الحق في كل محبوب و كل متلذَّذٍ به.


(9) «فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة ... إلى قوله: من حيث هو منفعل خاصة».
(9) الرجل فاعل و المرأة منفعلة، إما لأن المرأة مخلوقة من الرجل، و الفرع محل الانفعال و الأصل محل الفعل، أو لأن الأمر كذلك في حالة المواقعة.
و الرجل و المرأة صورتان للحق، فلا بد أن يوصف الحق بأنه فاعل و منفعل أيضاً.
فإذا شاهد الرجل الحقَّ في المرأة من حيث ظهور المرأة عنه، شاهده في صورة منفعل، و إذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه، شاهده في فاعل.
و إذا شاهده في نفسه من غير نظر إلى ظهور المرأة عنه، أي شاهده في نفسه من حيث ظهوره هو عن الحق، شاهد الحق في صورة منفعل من غير واسطة.
و بذلك يكون المنفعل على نوعين: نوع يظهر عن الحق بلا واسطة، أو يظهر اللَّه فيه مباشرة و ذلك كالرجل. و نوع يظهر عن اللَّه بواسطة، أو يظهر اللَّه فيه بواسطة منفعل آخر، و ذلك كالمرأة التي ظهرت عن الحق بواسطة الرجل.
هذه هي الأنواع الثلاثة التي ذكرها لمشاهدة الرجل للحق، و لكنه يقول بعد ذلك إن شهود الرجل للحق في المرأة أتم و أكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل.
فلا بد أن تكون هذه المشاهدة في حال المواقعة كما يفهمها چامي، لأن المرأة يمكن اعتبارها في هذه الحال فاعلة منفعلة من حيث إنها تؤثر في الرجل و تتأثر به، و إلا ناقض ما ذكره سابقاً من أن المرأة من حيث ظهورها عن الرجل إنما هي صورة للحق من حيث هو منفعل فقط.

وعلى هذا فنحن نشاهد الحق في صورة الفاعل تارة، وصورة المنفعل تارة، كما نشاهده في صورة الفاعل و المنفعل معاً في المجلى الواحد.
والحقيقة أنه لا مجال للتحدث عن الفعل والانفعال إلا في عالم الكثرة و التعدد، و هو عالم المحجوبين الذين لا يدركون الوحدة الوجودية بين العلل و المعلولات، فيقولون هذا منفعل وذلك فاعل، ولا يدركون ذوقاً أن الفاعل والمنفعل عين واحدة فرَّقت بينهما المراتب.

ولكن إذا كان لا بد لنا أن نتكلَّم بلسان الكثرة الذي هو لسان العقل- لا الذوق- و إذا كان لا بد أن نتحدث عن مشاهدة الحق في الصور، و هو «لا يشاهَدُ مجرداً عن المادة أبداً»، إذ تستحيل مشاهدة ذاته. فيصح أن نقول إن الحق يشاهَدُ في الوجود بصورة الفاعل وبصورة المنفعل، كما يشاهَدُ بصورة الفاعل المنفعل وهو أكمل مشهد له.

 

(10) «وأعظم الوصلة النكاح وهو نظير التوجّه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه».
(10) أعظم اتصال جسماني بين الرجل والمرأة هو النكاح، وفيه يتوجه الرجل لإيجاد ولد يكون على صورته و يخلفه من بعده. ولذلك شبّه به توجه اللَّه إلى خلق آدم ونفخه فيه من روحه ليكون على صورته ويخلفه و يرى فيه نفسه.
و لكن هذا التشبيه يصدق أيضاً على توجُّه الحق أزلًا إلى الظهور بمظهر الخلق في صورة العالم الخارجي. فالإنسان حق و خلق، و العالم حق و خلق و الحق في كل منهما هو الروح المدبر لصورته، و الخلق هو تلك الصورة التي يدبرها الروح.
و إلى ذلك الإشارة بقوله تعالى «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ»: أي من أعلى مراتب الوجود إلى أسفلها، لأن الأرض أسفل عالم العناصر.

ففي كل مرتبة من مراتب الوجود يدبر الحقُّ الخلقَ: أو الباطنُ الظاهِرَ، و إن كانت الحقيقة أنه هو الحق الخلق و الظاهر الباطن، لأن التنزلات في مراتب الوجود ليست إلا تعينات و شئوناً للذات الإلهية الواحدة.
و لما فسر النكاح على هذا النحو، أي على أنه ازدواج شيئين لإنتاج ثالث، أو توجُّه نحو الإنتاج أيّاً كان نوع ذلك التوجه، ظهرت صلة النكاح بالتثليث الذي ذكره من قبل، و تبين أن النكاح ليس إلا التثليث معبراً عنه بعبارة أخرى، و أنه، كالتثليث، أساس كل خلق و كل إيجاد، و أنه هو المسمى نكاحاً في عالم الصور العنصرية، و همةً في عالم الأرواح، و ترتيب مقدمات في عالم المعاني.
فالنكاح في عالم العناصر هو الاتصال بين ذكر وأنثى لإنتاج النسل، وقد يصدق على اتحاد عنصرين أيّاً كانا لإنتاج عنصر ثالث.
والنكاح في عالم الأرواح هو التوجه الإلهي نحو الطبيعة وفتح صور العالم فيها: والنكاح في عالم المعاني هو الإنتاج العقلي، أو توليد النتيجة من المقدمات في القياس المنطقي.

كل ذلك في الفردية الأولى: أي في أول الأعداد الفردية الذي هو الثلاثة، فإن التثليث مبدأ الخلق ومبدأ الفيض الوجودي، كما هو مبدأ الإنتاج في كل عالم من العوالم.
ولكن التثليث في ذاته عاجز عن الفعل، و هو لا يفعل إلا إذا وجدت حركة بين عنصرين من عناصره لإنتاج العنصر الثالث، وهذه الحركة هي التي سماها نكاحاً.

 
(11) «و كما نزلت المرأة عن درجة الرجل ... نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأة على صورته».
(11) استمر في تشبيه الصلة بين الحق و الخلق بالصلة بين الرجل و المرأة، لأن كلًّا منهما مظهر للصلة بين الأصل و فرعه. و المرأة أقل درجة من الرجل. قال تعالى: «وَ لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ» (سورة البقرة آية 228).
و كذلك الخلق الظاهر بصورة الحق أقل درجة من الحق في ذاته. و الظاهر أنه لا يريد «بالمخلوق على الصورة» الانسانَ الذي قال إن اللَّه خلقه على صورته، بل العالم الأكبر.
فبالرغم من أن العالم صورة كاملة يتجلى فيها الحق بجميع كمالاته الأسمائية و الصفاتية، لا يزال في المرتبة، لا في الحقيقة، دون الحق متميزاً عنه.
فإن الحق من حيث ذاته واجب الوجود لذاته غني عن العالمين، أي غني عن كل صلة و كل إضافة إلى الوجود الخارجي، في حين أن العالم الذي هو ظل الحق مفتقر إليه في وجوده، و في كل ما هو ظاهر فيه من صفات.

و الغني له الأولوية على الفقير، كما أن له صفة الفاعلية، و للمفتقر المفعولية. و قد سبق أن قال: إن المؤثر بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو اللَّه، و إن المؤثَّر فيه بكل وجه، و على كل حال، و في كل حضرة هو العالمراجع الفص الثاني و العشرين، التعليق الخامس.

و إذا كان لنا أن ننسب إلى العالم صفة الفاعلية استناداً إلى ما ندركه فيه من العلل و المعلولات، فلا بد من وصف فاعليته بأنها فاعلية ثانوية، تمييزاً لها عن الفاعلية الأولية التي للحق وحده.

(12) «فأعطى كلَّ ذي حق حقه كلٌ عارف».
(12) قد تفهم هذه الجملة بمعنى أن العارف باللَّه، الواقف على أسرار حقيقة الوجود، يعطي كلًّا من الحق و الخلق حقه، و يميز بينهما على نحو ما بيناه في التعليق السابق: أي يميز بين ما له وجوب الوجود و الغنى المطلق عن العالمين، و ما له إمكان الوجود و الافتقار المطلق.
و قد تفهم بمعنى أن العارف يعطي كل موجود من الموجودات نصيبه من الحق كما يعطيه نصيبه من الخلق، أي يدرك في كل موجود أنه حق و خلق معاً: حق من حيث عينه و أصله، و خلق من حيث صورته.

(13) «و ليست الطبيعة على الحقيقة إلا النَّفَس الرحماني ... إلى قوله: سريان آخر».
(13) سبق أن ذكرنا في الفص العيسوي أن الطبيعة نسبتها إلى النَّفَس الرحماني، نسبة الصور النوعية إلى الشيء الظاهرة فيه.
و قوله «على الحقيقة» إشارة إلى أن العقل و إن كان يميز بين الشيء و صورته النوعية، إلا أنها في الحقيقة عين ذلك الشيء.
و النَّفَس الرحماني (أو الطبيعية) على هذا التفسير، هو الجوهر الذي تفتحت فيه صور الوجود المادي و الروحي: سماه النَّفَس الرحماني، من قوله تعالى: «وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» .
والنفخ خروج النَّفَس من النافخ، فكأنه أخذ ما ذكر في القرآن عن خلق آدم، رمزاً على خلق العالم بأسره.
وسماه «طبيعة» إشارة إلى أنه هو الموجود بالفعل في العالم المادي و الروحي.
وقد تفتحت في الطبيعة صور العالم بواسطة النفخ الإلهي الذي سرى في الوجود، فظهرت الأجسام الطبيعية في العالم المادي، عند ما سرى النفخ في الجوهر الهيولاني القابل للصور الجسمانية.
وكذلك ظهرت الأرواح النورية التي هي المجردات، بسريان النفخة في الجواهر الروحانية كلها، وظهرت الأعراض- التي يظهر أنه يقصد بها الصفات بسريان النفخة الإلهية في الطبيعة العرضية التي هي مظهر التجلي الإلهي.

وهو يفرق بين نوعين من السريان:
سريان النفخة الإلهية في عالم الأجسام، و سريانها في عالم الأرواح و الأعراض، لأن الأول يعمل في جوهر هيولاني مادي، و الثاني في جوهر غير مادي.


(14) «ثم إنه عليه السلام غلَّب في هذا الخبر التأنيث على التذكير ... إلى قوله: و العلة مؤنثة».
(14) في هذه الفقرة الطويلة يحاول ابن العربي أن يثبت أهمية التأنيث و منزلته في الوجود بطرق مختلفة، بعضها لفظي و بعضها غير لفظي.
وليس دفاعه عن التأنيث في الحقيقة دفاعاً عن النبي الذي روي عنه حبه للنساء، و لا تبريراً لقوله «ثلاث» بدلًا من «ثلاثة» في الحديث «حبب إليَّ من دنياكم ثلاث»،
و إنما هو دفاع عن أفكاره التي أخذ في شرحها منذ ابتداء الفص: أعني المرأة من حيث هي صورة للرجل مشابهة للإنسان الذي هو صورة الحق، و المرأة من حيث هي أكمل مجلى للحق، و المرأة من حيث هي رمز لكل محبوب إلخ إلخ.
أما ما يذكره في هذه الفقرة فليس إلا مماحكات لفظية لا طائل تحتها في ذاتها، و إن كانت لها دلالتها على المعاني التي أسلفنا ذكرها.
و هاك خلاصة ما قال: قال النبي عليه الصلاة و السلام «حبِّب إليَّ من دنياكم ثلاث: النساء و الطيب و جعلت قرة عيني في الصلاة».
لم يقل ثلاثة مع أنه ذكر الطيب و هو مذكر، و من عادة العرب تغليب المذكر على المؤنث مهما يكن عدد الذكور.
فكان المنتظر أن يقول «ثلاثة» و يغلب المذكر على المؤنث، فيأتي بتمييز للعدد على عكس المعدود.
و لكنه لم يفعل، بل غلب التأنيث على التذكير لحكمة أرادها.

و يرى ابن العربي أن النبي عليه الصلاة و السلام أشار بذلك إلى أهمية التأنيث، و أنه أصل كل شيء، و العلة في وجود كل شيء.
ألا ترى أنه مهما كانت وجهة نظرك في خلق العالم، فإنك منتهٍ لا محالة إلى لفظ مؤنث يفسر لك أصله و سبب وجوده؟
فإن قلت إن أصل الوجود «الذات الإلهية»، أو أن الظاهر في الوجود «الصفات الإلهية»، أو أن الذي أظهر الوجود «القدرة الإلهية»، أو وصفت اللَّه بأنه «علة الوجود» و«حقيقته» و ما إلى ذلك، فإنك تستعمل في كل حالة كلمة مؤنثة.

ويشير ابن العربي بمجموعة الألفاظ المؤنثة التي أوردها إلى رأي الأشاعرة القائلين بأن سبب وجود الخلق «القدرة الإلهية» ناظرين إلى القدرة، و سائر الصفات على أنها أمور مغايرة للذات الإلهية، و إلى مذهب الحكماء الذين اتبعهم المعتزلة في قولهم ان الذات عين الصفة، وإلى مذهب من يرى أن الذات الإلهية من حيث هي:
أي من غير اعتبار لأية صفة: هي علة وجود العالم.
و مهما يكن المذهب الذي تأخذ به في أصل الوجود و خلقه، فإن الكلمات التي تعبر بها عن ذلك مؤنثة.

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:23 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السادسة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السادسة والثلاثون :-                                                الجزء الثاني

تابع  كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :

(15) «ولما خُلق عبداً بالأصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة .... فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس».
(15) أي و لما خلق محمد عليه السلام (أو بالأحرى الروح المحمدي) وقف من الحق موقف العبودية المحضة، أي موقف الانفعال المحض لأنه الصورة الأولى للحق، و الصورة محل الانفعال كما أسلفنا.
و لكنه أُعْطِيَ القوة على الفعل لما أوجد اللَّه من روحه جميع الأرواح و مظاهرها، كما جاء في الحديث الذي يروونه من «أن اللَّه لما خلق العقل قال: أقبل فأقبل، ثم قال: أدبر فأدبر، فقال و عزتي و جلالي، بك آخذ و بك أعطي و بك أمنع و بك أعاقب إلخ».

هكذا يقول القيصري (شرح الفصوص ص 305). و معناه أن ابن العربي يقصد بالروح المحمدي العقل الذي اعتبره أفلوطين أول الفيوضات التي ظهرت عن «الواحد»، أو شيئاً قريباً من ذلك. و نحن نعلم أن كلًّا من الفيوضات الأفلوطينية له ناحيتان: ناحية الانفعال (و هي التي عبر عنها ابن العربي بالعبودية) من حيث صلته بما فوقه الذي فاض عنه، و ناحية الفعل من حيث صلته بما تحته مما فاض عنه.

إلا أن ابن العربي لا يدين بمذهب الفيوضات كما يدين أفلوطين، فإن العقل الأول و النفس الكلية و ما إلى ذلك من الفيوضات ليست وجودات مستقلة كل منها عن الآخر و عن الواحد الحق، لا يلحق آخرها بأولها و لا يتصل به.
و لكنه بالرغم من استعمال اصطلاحات أفلوطين، يفهم هذه الفيوضات، على أنها مجالي مختلفة للحقيقة الوجودية الواحدة، منظوراً إليها من جهات تختلف كل منها عن الأخرى. فالعقل الأول أو الروح المحمدي هو الحق ذاته متجلياً في صورة خاصة، و كذلك النفس الكلية. بل كذلك كل مظهر من مظاهر الوجود.

وكل واحد من هذه المجالي أو المظاهر له صفة العبودية: أي صفة الخلق والانفعال، وله أيضاً صفة الربوبية، أي صفة الحق والفعل.
أما قوله فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس، فإما أن يكون المقصود به أنه خلق من روحه جميع الأرواح الأخرى فعبر عن الأرواح بالأنفاس، أو يكون معناه أن بواسطته خلق جميع الكلمات الوجودية. وعبَّر عن «الكلمات» بالأنفاس لأن الكلمات مظاهر الأنفاس.


وقد غلب على ابن العربي استعمال كلمة «الكلمات» مرادفة لكلمة «الموجودات» استناداً إلى قوله تعالى: «قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً» (الكهف آية 109)، كما غلب عليه تسمية الوجود في صورته الأولى قبل أن تنفتح فيه أعيان الممكنات، بالنَّفَس الرحماني.
و كثيراً ما سمى العالم بالعرش و عبَّر عن ظهور الحق في صورة العالم باستواء الرحمن على العرش.

وهو لا يقصد بالرحمن إلا معطي الوجود، و لا بالرحمة إلا الوجود الذي فاض من واهب الوجود على جميع الخلق. راجع ما ذكرناه في الرحمة و في قوله تعالى «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ» في الفص السادس عشر، التعليق الثالث، والفص الحادي والعشرين، التعليقين الثاني والثالث.

 

(16) «و قد جعل الطيِّب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال الخبيثات للخبيثين ... و الطيِّبات للطيِّبين».
(16) ذكر «الطيِّب» و هو ثاني الأشياء الثلاثة التي حبِّبت إلى النبي، و فسره بأنه عَرْف الوجود، رائحة التكوين.
ولكنه كعادته في الانتقال من مسألة إلى أخرى لمناسبة لفْظية بين المسئلتين، ترك «الطيِّب» و أخذ يتكلم عن الطيِّب الذي هو ضد الخبيث.
بل استعمل الكلمتين على سبيل الترادف. قال إن اللَّه ذكر الطيِّب (و لا يقصد به إلا مادة ط ي ب) في قصة عائشة و براءتها، عند ما أشار إلى الالتحام النكاحي بين الرجل و المرأة.
وإن اللَّه هيّأه بحيث يكون بين الطَّيِّبات و الطيِّبين و الخبيثات و الخبيثين. فقوله «جعل الطيب» أي استعمله أو ذكره، و قوله «في الالتحام النكاحي» صفة للطيب، و قوله في براءة عائشة مفعول ثان لجعل.
ولما كان النبي صلى اللَّه عليه و سلم أطيب الطيِّبين، لزم طيب من اختص به في الالتحام النكاحي، و انتفاء الخبث عنها بشهادة اللَّه ببراءتها.
والظاهر أنه يعتقد صلة بين الطيِّب (الذي هو ضد الخبيث) و الطيِّب الذي هو الرائحة، على أساس أن الطَّيِّب صفة للذات، و الذات الطيِّبة لا يصدر عنها إلا الطَّيِّب من الأقوال.
والأقوال أنفاس و الأنفاس روائح أو الروائح أنفاس.

وهذه صلة بعيدة جداً، و لكنها تمثِّل التواء ابن العربي أحياناً في معالجة المسائل.
والحقيقة أنه أراد أن ينتقل من الكلام عن الطيِّب إلى الكلام عن الطَّيِّب
من الأشياء و الأفعال، أي الكلام في مسألة الحسن و القبح، و الخير و الشر، فربط المسئلتين بهذا الرباط اللفظي السقيم.


(17) «فما حُبِّب إلى رسول اللَّه إلا الطَّيِّب من كل شيء، و ما ثم إلا هو».
(17) صرح هنا بأنه يستعمل كلمة الطيِّب مرادفة لكلمة الطَّيب لأنه بصدد الكلام عن مسألة الخير و الشر، و ما يحمد و ما يذم من الأشياء و الأفعال.
فالذي حُبِّب إلى رسول اللَّه لم يكن طيِّب الروائح، بل طيِّب الأخلاق والأفعال والأشياء.
أما قوله: «و ما ثم إلا هو» فإشارة إلى مذهبه في طبيعة الوجود وأنه خيرٌ على الإطلاق.
وخلاصة هذا المذهب أن الوجود من حيث هو، خير لا شر فيه، وحسنٌ لا قبح فيه.
وأننا لا نصف الأشياء والأفعال بالشر والقبح و الذم وما إلى ذلك من الأوصاف، إلا لأمر عرضي.
وقد حصر هذه الأمور العرضية في خمسة هي: أن يكون الوصف بالشر أو القبح أو الذم من قبيل العرف والاصطلاح، أو يكون لمخالفة الموصوف بهذه الصفات للطبع، أو لعدم موافقته للغرض، أو الشرع، أو لقصوره عن درجة كمال مطلوب.
فالأشياء في ذاتها لا توصف بهذه الأوصاف، و إنما تلحق بها لأمور عارضة، خارجة عن ذاتها. كالثوم الذي ذكره: فإنه في ذاته لا يوصف بأنه مكروه أو مذموم، و إنما يكرهه و يذمه من يتأذى برائحته.

فحبِّب إلى الرسول الطيِّب: أي الطَّيِّب من كل شيء، و لكن ما ثم في الوجود الا الطَّيِّب، أي ما ثم في الوجود الا الخير: لأن الوجود نَفَس الرحمن الذي هو الخير في ذاته، و لأن الخير مرادف للوجود، و الشر مرادف للعدم، فيلزم أن كل ما هو متحقق بالوجود خيرٌ.


(18) «و هل يتصوَّر أن يوجد في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب ... فإنَّا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه و هو الحق».
(18) ذكرنا في التعليق السابق رأيه في أن الوجود بأسره خيرٌ في ذاته: فإن حكم على شيء فيه بأنه شر، فذاك من قبيل العرض الصرف.
و ذكرنا أن المستويات التي يحكم على الأشياء بأنها شر بالقياس إليها، هي العرف و الطبع و الغرض و الشرع و درجة من الكمال مطلوبة.
و كل هذه أمور متغلغلة في العالم، في نظامه الطبيعي و الاجتماعي. فلا عجب إذن ألا يوجد موجود لا يعرف إلا الخير، و لا يجد إلا الطَّيِّب في كل شيء لأنه لا محالة واجد شيئاً لا يلائم طبعه أو غرضه، أو لا يتفق مع عرفه أو شرعه.
بل إن الأصل الذي ظهر عنه العالم- و هو الحق- يعرف الخير كما يعرف الشر، و يدرك الطَّيِّب كما يدرك الخبيث.
فليست طبيعته قاصرة على إدراك الخير وحده، و لا على اعتبار الوجود بأسره خيراً لا شر فيه.
يدل على ذلك أنه وصف نفسه بأنه يحب و يكره و يعذِّب و يثيب: أي يفرق بين الطَّيب و الخبيث، إذ ليس الطَّيِّب إلا ما يحب و ليس الخبيث إلا ما يكره.
وقد يبدو لأول وهلة أن هناك تعارضاً بين هذا القول و بين ما ذكرناه في التعليق السابق، من أن الوجود في ذاته خيرٌ محض في نظر الحق.
والواقع أنه لا تعارض بينهما، لأن الحق الذي يحب ويكره، ويعذب و يثيب، هو الحق من حيث صلته بالعالم، لا الحق من حيث هو في ذاته، فإنه من هذه الحيثية الأخيرة خيرٌ محض، لا يرى في الوجود إلا خيراً.
أما من الحيثية الأولى فقد ظهر برحمته في كل شيء، لا فرق في ذلك بين الخبيث و الطَّيِّب، و هما معنيان يدركهما العباد في الوجود فيخاطبهم الحق بهما حسب إدراكهم.
و العالم على صورة الحق، فلا بد له من أن يحب و يكره كذلك:
أي يدرك الخير و الشر. أما من يدعي من الناس أنه لا يدرك إلا الخير، فذلك لأنه شغل بالخير عما عداه، فظن أنه لا يوجد في الوجود إلا هو.


(19) «و أما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة ... إلى قوله: في الفتوحات المكية».
(19) لعل من الغريب أن يتكلم في الصلاة رجل يقول بوحدة الوجود، أو أن يتكلم في أي نوع آخر من أنواع العبادة تتمثل فيه الصلة بين العبد و ربه.
ولكن ذلك ليس بغريب على ابن العربي الذي لم يفقد عاطفته الدينية، على الرغم من قوله الصريح بوحدة الحق و الخلق، والرب والعبد، و إن كان يكيف العبادة تكييفاً آخر يخرج بها عن مألوف معناها، وينتهي بها إلى حال عميق من أحوال الاتصال الصوفي باللَّه.
وفيما يذكره عن الصلاة في هذا الفص مثال رائع لإظهار العاطفة الدينية التي لم تتمكن وحدة الوجود من إطفاء جذوتها في قلب ذلك الرجل، و لكيفية فهمه العبادة فهماً صوفياً.
أخص جزء من الصلاة في نظره ذكر اللَّه، بل ذكر اللَّه على نحو خاص: أي المناجاة بين الحق و بين العبد الذي هو مجلاه و مظهره. قال تعالى: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» (العنكبوت آية 45).

يقول ابن العربي: و لذكر اللَّه أكبر، أي أكبر ما في الصلاة باعتباره جزءاً منها.
و لكن الذكر في الصلاة ليس قاصراً على ذكر العبد لربه، بل يشمل ذكر اللَّه للعبد أيضاً، و ذلك بإجابته سؤال العبد.
و قد ذكر هذا المعنى فيما بعد بقوله: «وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ يعني فيها (أي في الصلاة) أي الذكر الذي يكون من اللَّه لعبده حين يجيبه في سؤاله».
يأخذ بعد ذلك في شرح هذه المناجاة بين العبد و ربه و هي لا تعدو التأمل في صفات الحق و الخلق، و إعطاء كل منهما حقه: فإن للرب صفات يختلف بها عن العبد، و للعبد صفات تميز بينه و بين الرب.
و لذا قسم «فاتحة الكتاب» التي يعدها أعظم جزء من أجزاء الصلاة إلى ثلاثة أقسام: الأول خاص باللَّه، و الثالث خاص بالعبد، و الثاني مشترك بينهما.

و فسر هذه السورة على أنها مناجاة بين المحب و المحبوب، أولها مجالسة و حديث مع الحق، و وسطها تخيل له في قبلة المصلى، و آخرها شهود و رؤية للحق في عين قلب عبده، و سماعه صوت الحق يدوي في كل مكان، و استيلاء المحبوب على قلب المحب بحيث لا يرى و لا يسمع غيره كما يقول بعضهم:
إذا ما تجلى لي فكلي نواظر    ..... و إن هو ناجاني فكلي مسامع


فالقسم الأول من «الفاتحة» مجموعة صفات خاصة، يتصف بها الحق وحده:
أي الحق من حيث هو معبود، لا من حيث هو في ذاته. فهو اللَّه، الرحمن الرحيم، رب العالمين، مالك يوم الدين.
و العبد إذ يقرؤها يذكر اسم اللَّه و يحمده، و يثني عليه و يمجده، و يفوض الأمر إليه، و يعترف بافتقاره إليه.
و القسم الثاني قوله: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ. وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ».
يقول ابن العربي إن اللَّه يقول عند سماع هذه الآية من العبد «هذه بيني و بين عبدي» أي مشتركة بيني و بين عبدي، إذ العبادة مشاركة و اتصال بين العابد و المعبود: لأنها ليست فعلًا من جانب واحد، بل هي حال، بالمعنى الصوفي، يتحقق فيها العابد بوحدته الذاتية بمعبوده، فيكون فيها العابد معبوداً و المعبود عابداً.
و لعل هذه الحال هي التي أشار إليها ابن العربي في قوله:
فيحمدني و أحمده و يعبدني و أعبده . راجع الفص الخامس.

والقسم الثالث هو من قوله تعالى: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» إلى آخر السورة.
وهو يعبر عن صفة العبودية المحضة الخاصة بالعبد، أي افتقاره إلى الهداية إلى الصراط المستقيم.
وإذا فسرنا الصراط المستقيم كما فسره في فص هود و غيره بأنه صراط الوجود الذي يسير عليه كل شيء، ظهر معنى العبودية و الافتقار، لا في الإنسان وحده، بل في الخلق أجمع.
إذ الخلق من حيث إن له صفة الإمكان مفتقر إلى الحق الذي يمنحه الوجود، فكأنه يتوجه إليه على الدوام، و يسأله بلسان حال افتقاره أن يمنحه الوجود و يهديه إلى صراطه.

 فإذا انتهت هذه المناجاة و صدق فيها العبد و كان حاضر القلب مع ربه، رآه: أي تجلى له في قلبه. فإن من لم يظفر برؤيته في عين بصيرته يحاول أن يتمثله في قبلته عند مناجاته.
قال عليه السلام: «اعبد اللَّه كأنك تراه».
و من لم يظفر برؤية الحق في صلاته لم يبلغ الغاية منها، و لا كانت له قرة العين التي أشار إليها النبي في حديثه: «و جعلت قرة عيني في الصلاة».
و من لم يحضر في الصلاة مع ربه، فليس بمصلّ أصلًا.
فأكمل أنواع الصلاة ما كان فيها حضور للعبد مع ربه، و حصلت له فيها الرؤية و السمع، فكان صاحبها ممن «أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ».
وإذا وصل العبد إلى هذا المقام غاب عن نفسه، و عن كل ما سوى اللَّه، و ذلك هو الفناء الصوفي.
وإلى هذا المعنى أشار بقوله: «و ما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها سوى الصلاة».

وهو أيضاً المقام الذي لا تصدر فيه عن العبد فاحشة: أي ما يسمى فاحشة، لأن العبد في مقام لا يخاطف فيه بالتكاليف التي تفرق بين الطاعة و المعصية، إذ يتحقق العابد في هذا المقام بأن الأفعال كلها للَّه و أنه ليس له من الأمر شيء، بل ليس له من الوجود حظ.
وهذا هو تأويل أصحاب وحدة الوجود لقوله تعالى: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ» (العنكبوت آية 45).


(20) «و ليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب: من الاستقرار إلخ».
(20) قرت العين تَقَر بالفتح و الكسر قُرة و قروراً بردت و انقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوقة إليه، وقر بالمكان يَقِرَ بالفتح و الكسر أيضاً قراراً و قروراً و تقرّة ثبت و سكن به كاستقر.
و قولهم كذا من الأشياء قرة العين مراعى فيه المعنى الأول دون الثاني. و لكن ابن العربي فسر كلمة «قرة» الواردة في الحديث: «و جعلت قرة عيني في الصلاة» بالمعنى الثاني أي من الاستقرار، فأصبح معنى الحديث: و جعلت عيني مستقرة في الصلاة لا تتحول عن المحبوب الذي أشاهده فيها و لا ترى غيره لانتفاء وجود ذلك الغير.
و قوله: «فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء، و في غير شيء» معناه فلا ترى العين غيره في أي وجود آخر، متعيناً كان ذلك الوجود (و هو ما يسميه شيئاً) أو غير متعين (غير شيء).


(21) «ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ... إلى قوله: هو المتأخر عن السابق في الحلبة».
(21) يريد بذلك أن كلمة «الصلاة» تقال بالاشتراك على أكثر من معنى واحد ككلمة «العين» التي تطلق على العين المبصرة، و عين الماء و الذهب، و غير ذلك.
و قد ذكر أحد معاني الصلاة في الفقرات السابقة، و يريد الآن شرح معنى آخر (و هو الذي يسميه قسمة أخرى) هو صلاة اللَّه على العبد.
فإن اللَّه تعالى أخبرنا أنه يصلي علينا في قوله: «هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» (الأحزاب آية 43).
و هنا يتلاعب ابن العربي بالألفاظ مرة أخرى، فيستعمل كلمة «المصلي» بمعنى المتأخر عن السابق، كما تصف الجواد المتأخر في السباق بأنه المصلي، و تصف الأول الفائز بأنه المجلي. فيقول إن اللَّه يصلي عليكم (على الخلق) أي يتجلى لكم باسمه الآخر، فيتأخر وجوده من حيث هو إله مخلوق في اعتقاد العبد عن وجود العبد نفسه.
فالحق المصلي علينا هو الحق المتأخر في الوجود، أي الإله المعتقد فيه الذي يتجلى في قلوب العباد فيما لا يتناهى من الصور بحسب استعداداتهم.

فإذ صلَّينا نحن كان لنا الاسم «الآخر»، أي فإذا نظرنا إلى الحق اعتبرنا وجودنا متأخراً عن وجوده، و اتصفنا بالاسم الآخر الذي وصفناه به في الاعتبار الأول.
و يلاحظ هنا أيضاً أنه يستعمل كلمة «المجلي» المقابلة للمصلي بمعنى المتجلي، أي الظاهر، فيزيد الأمر تعقيداً. و لكن خلاصة كلامه أننا إذا نظرنا إلى أنفسنا أولًا، و إلى الحق ثانياً، أتى الحق متأخراً في الوجود عن وجودنا، لأنه يأتي لنا في صور اعتقاداتنا، فننظر إليه في مرآة نفوسنا. و هذا معنى كونه مصلياً، و معنى تجليه لنا بالاسم الآخر.
و لكنا إذا نظرنا إليه أولًا، و إلى أنفسنا ثانياً، كانت نظرتنا إليه من حيث هو ذات واحدة مطلقة، متجلية في كل صورة من صور الوجود- و هذا هو الإله الحقيقي.
و الأول الإله المخلوق في الاعتقاد. في هذه الحالة نكون نحن المصلين أي المتأخرين في الوجود، و يحق لنا الاتصاف بالاسم الآخر.


(22) «و قوله: «كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ» أي رتبته في التأخر».
(22) ذكرنا في التعليق السابق ما يقصده من تأخر العبد في الصلاة.
و لما أراد أن يجد لأفكاره مستنداً من القرآن ذكر الآية: «كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ» (سورة النور آية 41). أما الصلاة فقد عرفنا رأيه فيها، و أما التسبيح فيقصد به تنزيه الحق عن صفات الخلق.
و لكن لما كان الحق المنزه هو الحق المخلوق في الاعتقاد، و كان تنزيهه متوقفاً على درجة استعداد كل فرد، لأن كل فرد يسبح الحق و ينزهه بمقتضى الصورة الخاصة التي تجلى له فيها في قلبه، اختلفت درجات التنزيه اختلافاً بيناً باختلاف أصحاب المعتقدات و اختلاف صور الاعتقاد. و لهذا يذم بعضهم بعضاً، و ينكر بعضهم إله بعض.
و لو عرفوا أن الحق المخلوق في الاعتقاد يتلون بلون المعتقد كما يتلون الماء بلون إنائه، و هو ما أشار إليه الجنيد عند ما سئل عن المعرفة باللَّه.
لو عرفوا ذلك لأقروا جميع صور الاعتقاد من حيث إنها صور للواحد الحق المتجلي فيها جميعاً. قال ابن العربي يشير إلى هذا المعنى:
عقد الخلائق في الإله عقائداً   ..... و أنا شهدت جميع ما اعتقدوه

و إذا كان الأمر كذلك:
أي إذا كان كل فرد ينزه إله معتقده و يسبحه، و إله الاعتقاد من صنع المعتقد كما ذكرنا، و إذا كان الثناء على الصنعة ثناء في الحقيقة على الصانع: أقول إذا كان كل هذا، لزم أن يكون تسبيح العبد لربه تسبيحاً لنفسه.
و إلى هذا أشار فيما بعد بقوله: «و ثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله: «وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ» أي بحمد ذلك الشيء.
هذه جرأة غريبة في فهم القرآن، و لكنها نتيجة منطقية لمذهب رجل يقول بوحدة الوجود.
إن الحق الذي ينَزَّه و يشَبَّه، و يوصف بكيت و كيت من الصفات، و يُعلَم و يُجْهَل، و يعرف و ينكر، ليس هو الحق في ذاته، و إنما هو حقيقة معقولة حققها كل منا في نفسه، بحسب استعداده، و بحسب تكوينه العقلي و الروحي.

أما الحق في ذاته فيتعالى عن كل تنزيه و تشبيه و وصف و معرفة.
و يختم ابن العربي هذا الفص، كما يختم كتابه كله، بهذه العبارة القصيرة التي تلخص هذه المسألة، بل تلخص مذهبه بأكمله وهي: «فإن إله المعتقدات تأخذه الحدود (أي يمكن حده و تعريفه وتصوره ومعرفته).
وهو الإله الذي في قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه». 

 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:24 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والثلاثون :-                                                الجزء الأول

شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
 * * * * *
………………………………...
1 - المناسبة
أنتقل هنا ما جاء في كتاب الننبيهات المنسوب إلى الشيخ رضي الله عنه حيث يقول في التنبيه السادس عشر :
إنما كانت حكمة فردية لانفراده صلى الله عليه وسلم بمقام الجمعية الإلهية الدي ما فوقه إلا مرتبة الذات الأحدية ، لأنه صلى  مظهر الاسم الله الأعظم . الجامع للأسماء كلها .
 ولأن أول ما فاض بالفيض الأقدس من الأعيان عينه الذاتية . وأول ما وجد بالفيت الأقدس من الأكوان روحه الشريفة ، فحصل بالذات الأحدية والمرتبة الإلهية وعينه الثابتة الفردية الأولى ، واعلم أن أول الأفراد الثلاثة ، وما زاد عليها فهو صادر منها . وهذه الثلاثة المشار إليها في الموجودات هي الذات الأحدية . والمرتبة الإلهية. والحقيقة المحمدية ، المسماة بالعقل الأول : ولما كانت تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشء، قال صلى الله عليه وسلم : حبب إلي من دنياكم ثلات . 
بما فيه من التثليث : وجعات المحبة التي هي أصل الوجود ظاهرة فيه . 
فقدم ذكر النساء ثم الطيب ثم قال وجعلت قرة عيني في الصلاة ، وإنما حبب النساء إليه صلى  لكمال شهود الحق فيهن ، إد لا يشاهد الحق تعالی مجردة عن المواد أبدا ، فإن الله تعالى بالذان غني عن العالمين. 
ولا نسبة بينه وبين شيء من هذا الوجه أصلا ، فلا يسكن شهوده تعالی مجردة عن المواد ، فإذا كان الأمر من هذا الوجه مستنعا ولم تكن المشاهدة إلا في مادة ، فنهود الحق تعالى في النساء أعظم الشهود وأكمله ، في حال النكاح الموجب لفناء المحب في المحبوب ، وأعظم الوصلة الجماع ، وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه ، فسرى فيه مثال صورته ، وكذلك النكاح يتوجه لإيجاد ولد على صورته ، ينفخ بعض روحه فيه ، يعني النطفة ، نیشاهد علتيته في مرآة ابنه ، ويخلفه من بعده ، فصار النكاح المشهور نظير النكاح الأصلي الأزلي . 
فصارت صورة الإنسان خلقة موصوفة بالعبودية ، وباطنه حق لأنه من روح الله الذي يدبر ظاهره . 
ويديه ، إذ هو الظاهر بصورة الروحانية ، والله سبحانه وتعالى أعلم
 
ص 423
 

قال الشيخ رضي الله عنه : ( إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، "2"
ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين"3"
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من  )
………………………………...
2 - الفردية
كان الإيجاد بالفردية لا بالأحدية خلافا لمن يقول إنه ما صدر إلا واحد فإنه عن واحد . 
فهو قول صحيح لا أنه واقع ، نم جاء الكشف النبوي و الإخبار الإلهي بقوله عن ذات تسمى إلها : إذا أراد شيئا ، فهذان أمران ، قال له كن ، فهذا أمر ثاني ، والنلاثة أول الأفراد ، فظهر التكوين عن الفرد لا عن الواحد ، وهذه كلها راجعة إلى عين واحدة ، ومرتبة الإنسان الكامل من العالم مرتبة النفس الناطقة من الإنسان ، فهو الكامل الذي لا أكمل منه ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم فهو الإنسان الكامل الذي ساد العالم في الكمال . سيد الناس يوم القيامة . 
الفتوحات ج 3 / 186 ، 331 - ج 4 / 89 
 
3 - «كنت نبيا و آدم بين الماء والطين » – الحديث
اعلم أن للإنسان حالا قبل أخذ الميثاق عليه ، وهو الحال الذي كان فيها صلى حين عرف بنبوته قبل خلق آدم عليه السلام ، فكان له التعريف في تلك الحالة ، وذلك أن هذه النشأة الإنسانية كانت مبثوثة في العناصر ، ومراتبها إلى حين موتها التي تكون عليها في وجود أعيان أجسامها معلومة معينة في الأمر المودع في السموات ، لكل حالة من أحواله التي نتقاب فيها في الدنيا صورة في الفلك على تلك الحالة . 
قد أخذ الله بأبصار الملائكة عن شهودها ، مكتنفة عند الله في غيبه ، معينة له سبحانه لا يعلم السوات بها مع كونها فيها ، وفد جعل الله وجود عينها في عالم الدنيا في حركات تلك الأفلاك ، فمن الناس من أعطي في ذلك الموطن شهود نفسه ومرنبته . إما على غاياتها بكمالها ، وإما ينهد صورة ما من صوره . 
وهو عين تلك المرتبة له في الحياة الدنيا ، فيعلمها فيحكم على نفسه بها ، وهنا شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبوته ، ولا ندري هل شهد صورة جميع أحواله أم لا ؟ فالله أعلم ، 
فكان قوله صلى الله عليه وسلم « کنت نبيا و آدم بين الماء والطين » إنما كان هذا القول بلسان تلك الصورة التي هي فيها
 
ص 424
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي )
………………………………..
من جملة صور المراتب ، فترجم لنا في هذه الدار عن تلك الصورة ، فهذا من أحوال الخلق .
ولما خلق الله الأرواح المحصورة المدبرة للأجسام بالزمان عند وجود حركة الفلك لتعيين المدة المعلومة عند الله ، وكان عند أول خلق الزمان بحركته ، خلق الروح المدبرة روح محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم صدرت الأرواح عند الحركات ، فكان لها وجود في عالم الغيب دون عالم الشهادة ، وأعلمه الله بنبوته وبشره بها وآدم لم يكن إلا كما قال بين الماء والطين ، وانتهى الزمان بالاسم الباطن في حق محمد صلى الله عليه وسلم إلى وجود جسمه و ارتباط الروح به اتقل حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر ، فظهر محمد صلى الله عليه وسلم بذاته جسما وروحا ، فكان الحكم له باطنا أولا في جميع ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء والرسل سلام الله عليهم أجمعين ، فكان روح محمد صلى الله عليه وسلم هو الممد لجميع الأنبياء والرسل والأقطاب من حين النشء الإنسائي إلى يوم القيامة، 
تم صار الحكم له ظاهرا فنسخ كل شرع أبرزه الاسم الباطن بحكم الاسم الظاهر ، البيان اختلاف حكم الاسمين ، وإن كان المشرع واحدة ، وهو صاحب الشرع ، فإنه قال « كنت نبيا » وما قال « کنت إنسانا ، ولا «کنت موجودة » وليست النبوة إلا بالشرع المقرر عليه من عند الله ، فأخبر أنه صاحب النبوة قبل وجود الأنبياء الذين هم نوابه في هذه الدنيا ، وكان تأثيره صلى الله عليه وسلم بظهور جسمه أقوى في بعثه منه إذ كان نبيا و آدم بين الماء والطين ، فإنه نسخ بصورة بعثته جميع الشرائع كلها ، ولم يبق الشريعة حكم سوى ما أبقى هو منها ، من حيث هي شرع له ، لا من حيث ما هي شرع فقط ، فكانت استدارته انتهاء دورته بالاسم الباطن وابتداء دورة أخرى بالاسم الظاهر ، فقال إن الزمان استدار كهيئته يوم خلقه الله ، في نسبة الحكم لنا ظاهرا ، كما كان في الدورة الأولى منسوبة إلينا باطنة ، أي إلى محمد وفي الظاهر منسوبة إلى من نسبة إليه من شرع إبراهيم وموسى وعيسى وجميع الأنبياء والرسل ، ولما كانت العرب تنسا الشهور ، فلهذا قال في اللسان الظاهر « إن الزمان قد استدار
 
ص 425
 
 
* * * * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
کهيئته يوم خلقه الله ، كذلك استدار الزمان فأظهر محمدا صلى الله عليه وسلم جسما وروحا بالاسم الظاهر حسا ، فنسخ من شرعه المتقدم ما أراد الله أن ينسخ منه، وابقى ما أراد الله أن يقي منه ، وذلك من الأحكام الخاصة لا الأصول ، 
فالأنبياء عليهم السلام حجبة محمد صلى الله عليه وسلم من آدم عليه السلام إلى آخر نبي ورسول ، 
وإنما قلنا إنهم حجبته لقوله صلى الله عليه وسلم « آدم فمن دونه تحت لوائي » فهم نوابه في عالم الخلق - وهو روح مجرد عارف بذلك قبل نشأة جسمه ، قيل له « متى كنت نبيا » 
فقال « کنت نبيا و آدم بين الماء والطين » أي لم يوجد آدم بعد ، إلى أن وصل زمان ظهور جسده المطهر مع ، فلم يبق حکم لنائب من نوابه ، وهم الرسل ، فقرر من شرعهم ما شاء بإذن سيده ومرسله ، ورفع من شرعهم ما أمر برفعه و نسخه ، 
 
وربما قال من لا علم له بهذا الأمر « إن موسى عليه السلام كان مستقلا مثل محمد بشرعه » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  « لو كان موسی حیا ما وسعه إلا أن يتبعني »، وصدق صلى الله عليه وسلم فإن أول إنسان أنشأه الله هو آدم من حيث النشأة الترابية ومن حيث المقام ، 
فآدم ومن دونه إنما هو وارث محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين ، لم يكن بعد موجودة ، 
فالنبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا آدم - والصورة الآدمية الطبيعية الإنسانية لآدم - ولا صورة لمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى آدم وعلى جميع النبيين ، فآدم أبو الأجسام الإنسانية ،
 ومحمد صلى الله عليه وسلم أبو الورثة من آدم إلى خاتم الأمر من الورثة ، ولهذا أوتي جوامع الكلم، ومنها علم الله آدم الأسماء كلها، فظهر حكم الكل في الصورة الآدمية والصورة المحمدية ، فهي في آدم أسماء وفي محمد صلى الله عليه وسلم كلم ، 
فكان قوله صلى الله عليه وسلم  « كنت تبية و آدم بين الماء والطين » يريد على علم بذلك ، 
فأخبره الله تعالی مرتبته وهو روح قبل إيجاده الأجسام الإنسانية ، كما أخذ الميثاق من بني آدم قبل إيجاد أجسامهم ، واستصحبه ذلك إلى أن وجد جسمه - في بلد لم يكن فيه موحد الله - ولم يزل على توحيد الله لم يشرك كما أشرك أهله وقومه إلى أن أرسله الله إلى الناس كافة ، فكان يذكر الله على كل أحيانه كما ذكرت عنه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، وقال صلى الله عليه وسلم 
 
ص 426
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، "4" والدليل دليل لنفسه.
ولما كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ،"5"
 لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات  "6" «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه».
فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف )
………………………………………………….
عن نفسه ، وهو الصادق ، إنه تنام عينه ولا ينام قلبه ، فأخبر عن قلبه أنه لا ينام عند نوم عينه عن حسه ، فكذلك موته إنما مات حسا كما نام حسا ، وكما أنه لم بنم قلبه لم يمت قلبه ، فاستصحبته الحياة من حين خلقه الله ، وحياته إنما هي مشاهدة خالقه دائما لا تنقطع ، فكان محمد صلى الله عليه وسلم عين سابقة النبوة البشرية بقوله معرفة إيانا « کنت نبيا وآدم بين الماء والطين » وهو عين خاتم النبيين بقوله تعالی " ولكن رسول الله وخاتم النبيين " فبه بدء الأمر وختم ، فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ، والطين ما خمرت طينته وما علم ، وأخرت طينته صلى الله عليه وسلم إلى أن جاءت دورة الميزان الذي عدل حين حكم ، فهو واضع الشرائع ورافعها روحا ونفسا وعقلا وحسا ، خط ذلك كله في اللوح المحفوظ القلم . 
الفتوحات ج 1 / 134 ، 143 ، 145 ، 109، 151 ، 243 ، 244 - ج 2 / 108 ، 168 ، 387 ،  - ج 3 / 413 ، 456 ، 457 ، 495 ، 497 ، 513 ، 22 - ج 4 / 331 
 
4 - يريد أن الدليل يتكون من مقدمتين ورابطة فهذه ثلاثة 
 
5 -  يريد إنشاء اسمه صلى الله عليه وسلم من ثلاثة أحرف من غير تكرار وهي الميم والحاء والدال.
راجع فص حكمة داودية فص 17، رقم 3، ص 276.

"" 3 - حروف اسم داود عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم - فص 17، رقم 3، ص 276.
لما كان داود عليه السلام في دلالة اسمه عليه أشبه بني آدم با دم في دلالة اسمه عليه ، صرح الله بخلافته في القرآن في الأرض كما صرح بخلافة آدم في الأرض ، فإن حروف آدم غير متصلة بعضها ببعض ، وحروف داود كذلك ، إلا أن آدم فرق بينه وبين داود بحرف الميم ، الذي يقبل الاتصال القبلي والبعدي ، فأتى الله به آخرا حتى لا يتصل به حرف سواه ، وجعل قلبه واحدا من الحروف الستة التي لا تقبل الاتصال البعدي ، فأخذ داود من آدم ثلثي مرتبته في الأسماء ، وأخذ محمد صلى الله عليه وسلم  ثلثيه أيضا وهو الميم والدال ، غير أن محمدا متصل كله ، والحرف الذي لا يقبل الاتصال البعدي جعل آخرة ، حتى يتصل به ، ولا يتصل هو بشيء بعده .
فناسب محمد آدم عليهما الصلاة والسلام من وجهين : 
الأول مناسبة النقيض بالاتصال بادم و آدم له الانفصال كداود ، والميم من آدم کالدال من محمد فجاءتا آخرا لذلك ، أعني في آخر الاسم منهما . 
والثاني مناسبة النظير التي بين آدم ومحمد. في كون الحق علم آدم الأسماء كلها ، وأعطى محمدا من جوامع الكلم ، وعمت رسالته كما عم التناسل من آدم في ذريته.
 فالناس بنو آدم ، والناس أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، من تقدم منهم ومن تأخر.
فتوحات ج 4 / 100 ""

6 - المحبة التي هي أصل الموجودات 
راجع فص 1 ، رقم 2، ص 25

""2 - محاضرة الأسماء و تحاورها فص 1 ، رقم 2، ص 20
اجتماع الأسماء في حضرة المسمى وظهور أحكامها
إن الأسماء اجتمعت بحضرة المسمى ، ونظرت في حقائقها ومعانيها ، فطلبت ظهور أحكامها حتى تتميز أعيانها بآثارها.
فإن الخالق الذي هو المقدر والعالم والمدبر والمفصل والبارئ والمصور والرزاق والمحيني والميت والوارث والشکور .
وجميع الأسماء الإلهية نظروا في ذواتهم ولم يروا مخلوقا ولا مدبرا ولا مفصلا ، ولا مصورا ولا مرزوقا.
فقالوا كيف العمل حتى تظهر هذه الأعيان التي تظهر أحكامنا فيها فيظهر سلطاننا ؟ فلجأت الأسماء الإلهية التي تطلبها بعض حقائق العالم بعد ظهور عينه إلى الاسم البارئ فقالوا له : " عسى أن توجد هذه الأعيان لتظهر أحكامنا وينبت سلطاننا إذ الحضرة التي نحن فيها لا تقبل تأثيرنا " .
فقال الباريء : « ذلك راجع إلى الاسم القادر فإني تحت حيطته ».
وكان أصل هذا أن الممكنات في حلل نعدمها سألت الأسماء الإلهية سؤال حال ذلة وافتقار .
وقالت لها : إن العدم قد أعمانا عن إدراك بعضنا بعضا وعن معرفة مايجب لكم من الحق علينا، فلو أنكم أظهرتم أعیاننا و کسوتمونا حلة الوجود أنعمتم علينا بذلك وقمنا بما ينبغي لكم من الجلال والتعظيم ، وأنتم أيضا كانت السلطنة تصح لكم في ظهورنا بالفعل ، واليوم .أتم علينا.
سلاطين بالقوة والصلاحية، فهذا الذي نطلبه منكم. هو في حقكم أكثر منه في حقنا.
فقالت الأسماء : إن هذا الذي ذكرته الممكنات صحیح فتحركوا في طلب ذلك ، فلما لجأوا إلى الاسم القادر .
قال القادر : أنا تحت حيطة المزيد فالا أوجد عينا منكم إلا باختصاصه ، ولا يمكنني الممكن من نفسه إلا أن يأتيه أمر الأمر من ربه ، فإذا أمره بالتكوين وقال له کن مکنني من نفسه و تعلقت بإيجاده فكونته من حينه.
فلجأوا إلى الاسم المريد ، فقالوا له : إن الاسم القادر سألناه في إيجاد أعيانبا فأوقف أمر ذلك عليك فما ترسم ؟
وقال المريد صدق القادر. ولكن ما عندي خبر ما حكم الأمم العالم فيكم ، هل سبق علمه بإيجادکم فنخصص أو لم يسبق؟
فأنا تحت حيطة الاسم العالم ، فسيروا إليه واذكروا له قضيتكم.
فساروا إلى الاسم العالم وذكروا ما قاله الأسم المريد .
فقال العالم : صدق المريد وقد سبق علمي بإيجادكم ؛ ولكن الأدب أولى :" فإن لنا حضرة مهيمنة علينا وهي الاسم الله .
فلابد من حضورنا عنده ، فإنها حضرة الجمع ، فاجتمعت الاسماء كلها في حضرة الله .
فقال : ما بالكم ؟
فذكروا له الخبر .
فقال : أنا اسم جامع لحقائقكم وإني دليل على مسمى وهو ذات مقدسة له نعوت الكمال والتنزيه، فقفوا حتى أدخل على مدلولي ، فدخل على مدلوله فقال له ما قالته الممكنات وما تحاورت فيه الأسماء.
 فقال : اخرج وقل لكل واحد من الأسماء يتعلق بما تقتضيه حقیقته في الممكنات فإني الواحد لنفسي من حيث نفسي ، والممكنات إنما تطلب مرتبتي وتطلبها مرتبتي، والأسماء الإلهية كلها للمرتبة لا لي إلا الواحد خاصة فهو اسم خصيص بي لا يشاركني في حقيقته من كل وجه أحد. لا من الأسماء ولا من المراتب ولا من الممكنات.
فخرج الاسم الله ومعه الاسم المتكلم يترجم عنه للممکنات والأسماء، فذكر لهم ما ذكره المسمى ، فتعلق العالم والمريد والقائل والقادر .
فظهر الممكن الأول من الممكنات بتخصيص المريد وحكم العالم ، فلما ظهرت الأعيان والآثار في الأكوان ، وتسلط بعضها على بعض ، وقهر بعضها بعضا ، بحسب ما تستند إليه من الأسماء ، فادي إلى منازعة وخصام.
فقالوا : إنا نخاف علينا، أن يفسد نظامنا وتلحق بالعدم الذي كنا فيه .
فنبهت الممكنات الأسماء بما ألقى إليها الأسم العلم والمدبر.
وقالوا : أنتم أيها الأسماء لو كان حكمكم على ميزان معلوم وحد مرسوم بإمام ترجعون إليه يحفظ علينا وجودا وتحفظ عليكم تأثيراتكم فينا ، لكان أصلح لنا ولكم ، فالجأوا إلى الله عسى يقدم من يحد لكم حدا تقفون عنده وإلا، هلكنا وتعطلتم .
فقالوا : هذا عين المصلحة وعين الرأي ، ففعلوا ذلك .
فقالوا : إن الاسم المدبر هو ينهي أمركم ، فأنهوا الى المدبر الأمر .
فقال : أنا لها ، فلخل وخرج بأمر الحق إلى الاسم الرب .
وقال له : افعل ما تقتضيه المصلحة في بقاء أعيان هذه الممكنات .
فاتخذ: وزیرین یعیناته على ما أمر به ، الوزير الواحد الاسم المدبر ،والوزير الآخر المفصل.
قال تعالى : يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربکم توقنون، الذي هو الإمام، فانظر ما أحكم کلام الله تعالى ، حيث جاء بلفظ مطابق للحال الذي ينبغي أن يكون الأمر عليه ، فحد الاسم الرب لهم الحدود ووضع لهم المراسم لإصلاح المملكة ليبلوكم أيهم أحسن عملا .
محاضرة الأسماء في حضرة الذات ... دليل على الماضي دليل على الآتي
أقول بها والكون يعطي وجودها ...   لوجدان آلام ووجدان لذات
فلولا وجود المحو ما صح عندنا ... ولا عند من يدري وجود لأثبات
ويقول في موطن آخر :
اعلم أن السدنة من الأسماء الإلهية لما كانت بأيديهم مقاليد السموات والأرض ، ولا سماء ولا أرض ، بقي كل سادن بمقلاده لا يجد ما يفتح .
فقالوا : يا للعجب خزان بمفاتيح مخازن لا تعرف مخزنا موجودا ، فما نصنع بهذه المقاليد ، فأجمعوا أمرهم وقالوا «لابد لنا من أئمتنا السبعة الذين أعطونا هذه المقاليد ولم يعرفونا المخازن التي تكون عليها ، فقاموا على أبواب الأمة ، على باب الإمام المخصص والإمام المنعم والإمام المقسط ، فأخبرهم الأمر ، فقالوا: صدقتم ، الخبر عندنا ، و سنعينها لكم إن شاء الله تعالى ، ولكن تعالوا نصل إلى من بقي من الأئمة ونجتمع على باب حضرة الإمام الإلهي إمام الأئمة ، فاجتمع الكل وهم بالإضافة إلى الإمام.
المعروف « بالله » سدنة ، فوقف الجميع ببابه فبرز لهم.
 وقال : ما الذي جاء بكم ؟
فذكروا له الأمر وأنهم طالبون وجود السموات والأرض حتى يضعوا كل مقلاد على بابه ، فقال : أين الإمام المخصص ؟
 فبادر إليه المريد ، فقال له : أليس الخبر عندك وعند العليم ؟
فقال له نعم ، قال : فإن كان فأرح هؤلاء مما هم فيه من تعلق الخاطر وشغل البال ، فقال العليم والمريد : أيها الإمام الأكمل .
 قل الإمام القادر يساعدنا والقائل ، فإنه لا تقوم به بأنفسنا إلا أربعتنا ، فنادى الله تعالى القادر والقائل ، وقال لهما : أعينا أخويكما فيما هما بسبيله.
فقالا « نعم » فدخلا حضرة الجواد .
فقالا للجواد : عزمنا على إيجاد الأكوان وعالم الحدثان ، وإخراجهم من العدم إلى الوجود، وهذا من حضرتك حضرة الجود.
فادفع لنا من الجود ما تبرزهم به ، فدفع لهم الجود المطلق ، فخرجوا به من عنده ، وتعلقوا بالعالم فأبرزوه على غاية الإحكام والإتقان ، فلم يبق في الإمكان أبدع منه ، فإنه ص در عن الجود المطلق .
ولو بقي أبدع منه لكان الجواد قد بخل بما لم يعط وأبقاه عنده من الكمال ، ولم يصح عليه إطلاق اسم الجواد وفيه شيء من البخل .
فليس اسم الجواد عليه فيما أعطى بأولى من اسم البخيل عليه فيما أمسك ، وبطلت الحقائق ، وقد ثبت أن اسم البخيل عليه محال ، فكونه أبقى عنده ما هو أكمل منه محال ، وما ظهر الإمام المقسط إلا بعد نزول الشرائع.
راجع فتوحات ج 1 / 323 – ج 2 / 556  , كتاب إنشاء الجداول والدوائر. ""


ص 427
 

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ربك. "7"
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل )
…………………………………….
7 - «من عرف نفسه عرف ربه » - الحديث
جاء صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بمن، وهي نكرة فعم كل عارف، وعلق المعرفة بالرب، فالعلم به تعالی موقوف على العلم بنا ، أي أن المعرفة بالله ما لها طريق إلا المعرفة بالنفس ، فجعلك دليلا ، أي جعل معرفتك بك دليلا على معرفتك به ، أو جعلك دليلا عليه فعلمته ، فإما بطريقة ما وصفك بما وصف به نفسه من ذات وصفات ، وجعله إياك خليفة نائبا عنه في أرضه ، وإما بما أنت عليه من الافتقار إليه في وجودك ، وإما الأمران معا ، لابد من ذلك ، 
فإنك لو علمت نفسك علمت ربك ، كما أن ربك علمك وعلم العالم بعلمه بنفسه ، وأنت صورته فلابد أن تشاركه في العلم ، فتعلمه من علمك بنفسك ، إذ كان الأمر في علم الحق بالعالم علمه بنفسه ، وجعلنا دليلا عليه فقدم معرفة الإنسان نفسه لأنه عين الدليل ، ولابد أن يكون العلم بالدليل مقدما على العلم بالمدلول ، فجعل صلى الله عليه وسلم نفس العارف إذا عرفها العارف دليلا على معرفة الله ، 
فعلمنا به فرع عن علمنا بنا ، إذ نحن عين الدليل ، فمن عرف نفسه خلقا موجودا عرف الحق خالقا موجدا ، فإن الحق تعالی انتسب إلينا إيجادا واتسبنا إليه وجودا ، ومن عرف أنه لم تزل عينه في مكانها عرف ربه بأنه الموجود في الوجود ، ومن عرف التغييرات الظاهرة في الوجود أنها أحكام استعداد الممکنات عرف ربه بأنه عين مظهرها ، ومن عرف نفسه بأنه لا يماثله الحق عرف ربه فإنه لا يماثله الخلق ، فيعرف نفسه معرفة ذوق ، فلا يجد في نفسه للألوهة مدخلا ، فيعلم بالضرورة أن الله لو أشبهه أو كان مثلا له لعرفه في نفسه ، وعلم بافتقاره أني ثم من يفتقر إليه ولا يمكن أن يشبهه ، فعرف ربه أنه ليس مثله
وقد تكون المعرفة بالله الحاصلة بعد المعرفة بالنفس علما بالعجز عن البلوغ إلى ذلك فيحصل العلم بأنه ثم من لا يعلم ، فعند العارفين ، الشرع أغلق في هذا القول باب العلم بالله لعلمه بأنه لا يصل أحد إلى معرفة نفسه ، فإن النفس لا تعقل مجردة عن علاقتها بهيكل تدبره ، منورا كان أو مظلمة ، فلا تعقل إلا كونها مدبرة ، ماهيتها
 
ص 428
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( على أصله الذي هو ربه فافهم"8"
فإنما حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه،"9"
 فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق )
……………………………………..
لا تعقل ولا تشهد مجردة عن هذه العلاقة ، ولذلك الله لا يعقل إلا إلها ، غير إله لا يعقل ، فلا يتمكن في العلم به تجريده عن العالم المربوب ، وإذا لم يعقل مجردة عن العالم لا تعقل ذاته، ولا شهدت من حيث هي ، فأشبه الغلم به العلم بالنفس، والجامع عدم التجريد وتخليص حقيقة ذاته من العلاقة التي بين الله وبين العالم والعلاقة التي بين نفسك وبين بدنها ، وكل من قال بتجريد النفس عن تدبير هيكل ما فما عنده خبر بماهية النفس ، فما أظن والله أعلم أنه أمرنا بمعرفته وأحالنا على نفوسنافي تحصيلها ، إلا لعلمه أنا لا ندرك ولا نعلم حقيقة نفوسنا ونعجز عن معرفتنا بنا فنعلم أنا به أعجز فيكون ذلك معرفة به لا معرفة ، فمن عجز عن معرفة نفسه عجز عن معرفة ربه ، وقد تكون المعرفة بالشيء العجز عن المعرفة به ، فيعرف العارف أن هذا المطلوب لا يعرف . 
الفتوحات ج 1 / 63 ، 95 ، 112 ، 331 ، 328 ، 347 ، 353 ، 399 ، 472 ، 383 ، 591 ، 661 ، 695 .
ج 2 / 176 ، 153 ، 225 ، 243 ، 256 ، 298 ، 429 ، 470 ، 472 ، 479 ، 500 ، .
ج 3 /  / 44 ، 101 ، 109 ، 289 ، 301 ، 315 ، 363 ، 391 ، 401 ، 401 ، 404 ، 412 ، 503 ، 536 ، 544 ، 553 ، 556 ، 557 .
ج 4 / 91 ، 147 ، 423 ، 432 ، 416 ، 455 
 
8 - وله في كل شيء آية تدل على أنه واحد
راجع کتابنا شرح كلمات الصوفية ص 141 

"" وله في كل شيء آية تدل على أنه واحد  - کتابنا شرح كلمات الصوفية ص 141 
فإن الحق هو المشهود بكل عين في نفس الأمر، ولا يعلم ذلك إلا آحاد من أهل اللّه،
وهو مثل قول الصديق: ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه قبله فعرفته؛
فإذا ظهر ذلك الشيء لعينه المقيد، وقد رأى اللّه قبله، ميزه في ذلك الشيء، وعلم أن ذلك الشيء ملبس من ملابس الحق، ظهر فيه للزينة، فتلك زينة اللّه التي تزين بها لعباده، هذا مقام الصديق، فلا يتميز أهل اللّه من غيرهم إلا بالعلم بذلك، لأن الأمر في نفسه على ذلك، وعند العامة لا يكون ذلك إلا لأهل العناية المتحققين بالحق، وغيرهم هو عندهم خلق بلا حق.
(فتوحات ج 1/ 607 - ج 3/ 147).
قال اللّه تعالى لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ فإن قدّم صاحب الشهود نظره للّه على نظره لنفسه، فهو مقام الصديق «ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه قبله»
وإن قدّم نظره في نفسه على نظره في ربه، كما قال صلى اللّه عليه وسلم «من عرف نفسه عرف ربه» وهو مقام من قال: ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه بعده؛ أي ما رأيت شيئا إلا وكان لي دليلا على اللّه.
(فتوحات ج 1/ 483)


ونحن نعلم قطعا أن ذوق الرسل فوق ذوق الأتباع بما لا يتقارب، فلا تظن أن سؤال موسى رؤية ربه، أنه فاقد للرؤية التي كانت حالة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه في قوله:
ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه قبله؛ هذه الرؤية ما هي الرؤية التي طلبها موسى من ربه، فإنها رؤية حاصلة له لعلو مرتبته، فإن ذوق الصادق ما هو ذوق الصديق، فالرؤية ثابتة بلا شك ذوقا ونقلا لا عقلا، فإن رؤية اللّه تعالى من محارات العقول، ومما يوقف عندها، ولا يقطع عندها بحكم من أحكامها الثلاثة . الأحكام الثلاثة الوجوب والإمكان والمحال.

إذ ليس للأنبياء ولا للأولياء من أهل اللّه علم باللّه يكون عن فكر، قد طهرهم اللّه عن ذلك، بل لهم فتوح المكاشفة بالحق، فمن الناس من يفتح له بالإيمان العام، وهو مطالعة الحقيقة كأبي بكر، ومنهم من يفتح له بالإنباء العام الذي لا شرع فيه، وهذان الفتحان باقيان في هذه الأمة إلى يوم القيامة.
(فتوحات ج 3/ 116، 153) ""


9 - حنين الرجل إلى المراة
المرأة والرجل وإن اجتمعا في الإنسانية ولكن يتميزا بأمر عارض عرض لهما وهو الذكورية للرجل والأنوثة للمرأة ، وخلقت منفصلة عنه ليحن إليها حنين من ظهرت سيادته بها ، فهو يحبها محبة من أعطاه درجة السيادة ، وهي تحن إليه حنين الجزء إلى الكل ، وهو حنين الوطن لأنه وطنها ، مع ما يضاف إلى ذلك من کون کل واحد موضعا لشهوته والتذاذه . 
الفتوحات ج 1 / 679 
 
ص 429
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.
و لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا "10"  )
 
……………………………………………..
10 - نسبة الشوق إلى الحق تعالی
هذا خبر لا علم لي بصحته ، فإنه لا علم لي به لا من الكشف ولا من رواية صحيحة ، إلا أنه مذکور مشهور ، فإن صح الخبر فإنه شوق كما يليق بجلاله ، وهو أن ينيلهم الراحة بلقاء من اشتاقوا إليه ، والوقت المقدر الذي لم يتبدل لم يصل ، فلابد من تأخر ما وقع الشوق الإلهي إليه .
والحنين للاشتياق ، والأنين للهيمان ، ولقاء الأحبة وفراقها مرتبط بسبق العلم وحلول الوقت وكرور الدور .
أبدا  تحن إليكم  الأرواح ….     ووصالكم ريحانها والراح 
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم …… وإلی زمان لقاكمو ترتاح 
وارحمنا للعاشقين تحملوا  …… ثقل المحبة والهوى فضاح
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم …..   وكذا دماء البائحين تباح 
الفتوحات ج 2 / 173 ، 364 - الأعلاق - المسامرات .
 
ص 430

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:26 am

 السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والثلاثون :-                                                الجزء الثاني

ص 430
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟
ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال  بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا. "11"
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنساناثم اشتق )
……………………………………...
11 - الأرواح المدبرة *
يراجع الباب الأول والثاني من كتاب التدبيرات الإلهية
التحقيق عندنا أن الأرواح المدبرة للصور كانت موجودة في حضرة الإجمال غير مفصلة لأعيانها ، مفصلة عند الله في علمه ، فكانت في حضرة الإجمال كالحروف الموجودة بالقوة في المداد ، فلم تتميز لأنفسها وإن كانت متميزة عند الله ، مفصلة في حال إجمالها ، فلما سوى الله صور العالم ، أي عالم شاء ، كان الروح الكلي كالقلم واليمين الكاتبة ، والأرواح كالمداد في القنم ، والصور منازل الحروف في اللوح . 
فنفخ الروح في صور العالم فظهرت الأرواح متميزة بصورها ، فقيل هذا زيد وهذا عمرو ، وهذا فرس وهذا فيل وهذه حية ، وكل ذی روح ، وما ثم إلا ذو روح ، لكنه مدرك وغير مدرك ، فمن الناس من قال إن الأرواح في اصل وجودها متولدة من مزاج الصورة ، ومن الناس من منع من ذلك ، والطريقة الوسطى ما ذهبنا إليه .  الفتوحات ج 3 / 12
ويظهر في هذه الفقرة الالتباس الذي وقع لكاتبها بين النفس والروح ، فری ذلك من كلام الشيخ رضي الله عنه حيث يقول في الأرواح في . الفتوحات ج 2 / 67.
 
اعلم أن أول ما خلق الله العقل وهو الذي ظهرت منه هذه العقول بوساطة هذه النفوس الطبيعية ، وسماه الله في كتابه العزيز الروح وأضافه إليه فقال في حق النفوس الطبيعية وحق هذا الروح وحق هذه الأرواح الجزئية التي لكل نفس طبیعية « فإذا سويته و نفخت فيه من روحي » وهو هذا العقل الأكبر .
 
ص 431


قال الشيخ رضي الله عنه : (منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى )
………………………………………….
أما عن النفس بسكون الفاء فيقول في. الفتوحات ج 2 / 568.
 أول البرازخ في الأعيان وجود النفس الكلية ، فإنها وجدت عن العقل والموجد الله فلها وجه إلى سببها ، ولها وجه إلى الله فهي أول البرازخ ، 
فإذا علمت هذا ، فالنفس التي هي لطيفة العبد المدبرة هذا الجسم لم يظهر لها عين إلا عند تسوية هذا الجسد وتعديله ، فحينئذ نفخ فيه الحق من روحه ، فظهرت النفس بين النفخ الإلهي والجسد المسوي ، ولهذا كان المزاج يؤثر فيها ، وتفاضلت النفوس ، فإنه من حيث النفخ الإلهي لا تفاضل ، وإنما التفاضل في القوابل ، فلها وجه إلى الطبيعة ووجه إلى الروح الإلهي .
ويقول في الفتوحات ج 3/ 125: النفوس عن الطبيعة كانت ، فهي أمها وأبوها الروح 
ويقول في الفتوحات ج 2 / 503 : سمیت حقيقة الإنسان لطيفة لأنها ظهرت بالنفخ عند تسوية البدن للتدبير من الروح المضاف إلى الله في قوله « فإذا سويته ونفخت فيه من روحي » وهو النفس الإلهي ، فهو سر إلهي لطيف ينسب إلى الله على الإجمال من غير تكييف .
أما ما جاء في هذه الفترة من قوله " فلو كانت نشأته طبيعية "، فلا يصح نسبة هذا إلى الشيخ إذ هو القائل في الفتوحات ج 1 / 723  « عن الطبيعة ظهر كل جسم وجسد وجسماني في عالم الأجسام العلوي والسفلي »۰
وكيف أن ينسب إلى الشيخ قوله « فكان روح الإنسان نارا » وهو القائل في الفتوحات ج 2 / 354 :  الإنسان مجموع الطبع والنور ، فالطبع يطلبه والنور يطلبه ، وكلف النور أن يغتبن ويترك كثيرا مما ينبغي له وتطلبه حقیقته ، لما يطابه الطبع من المصالح ، وأمر النور الذي هو الروح أن يوفيه حقه ، وهو قوله صلى  لمن قال له من أبر ؟ 
قال « أمك » ثلاث مرات ، ثم قال له في الرابعة « ثم أباك » فرجح بر الأم على بر الأب ، والطبيعة الأم ۰۰۰ 
فهذا كله من حقوق الأم التي هي طبيعة الإنسان ، وأبوه هو الروح الإلهي وهو النور ، فإذا ترك أمورا كثيرا من محابه من حيث نوريته ، فإنه يتصف بأنه مضرور وهو مأمور بالصبر . 
راجع فص 15 هامش 19 - الطبيعة
 
ص 432
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. "12"
فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ،"13" . كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، "14"
فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته.
فما وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق.
فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة )
…………………………………………….
ومعلوم لدى الشيخ رضي الله عنه وغيره من العلماء أن النور والنار ينسب إلى الأجسام لا إلى الأرواح ولا النفوس ، فيقال أجسام نارية وأجسام نورية ذات أرواح ، وأما التعليل بقوله " ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها" ، فلا يصح نسبته أيضا إلى الشيخ .
راجع في ذلك فص 25 هامش 45
كل ما قدمنا يقطع بعدم صحة ما جاء في هذه الفقرة إلى الشيخ رضي الله عنده.
 
12 - «وجعل بينكم مودة ورحمة » الآية
الرحمة المجعولة هي ما يجده كل واحد من الزوجين من الحنان إلى صاحبه ؛ فيحن إليه ويسكن ، فمن حيث المرأة حنين الجزء إلى كله والفرع إلى أصله ، والغريب إلى وطنه ، وحنين الرجل إلى زوجته حنين الكل إلى جزئه لأنه به يصح عليه اسم الكل ، وبزواله لا يثبت له هذا الاسم ، وحنين الأصل إلى الفرع ، لأنه يمده ، فبالمودة والرحمة طلب الكل جزأه والجزء كله . الفتوحات ج 3 / 18.
 
13 - الظاهر في المظاهر موضوع المرايا فص 2، رقم 6، ص 45
وشفعت وجود الحق القديم بالوجود الحادث.
 
14 - نفس المعنى هامش 22 ، ص 442
 
ص 433
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، "15" 
و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
……………………………………………...
15 ، 17 - حب النساء
ما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوله « حبب » ولم يذكر من حبه إلا لمعنى ، فإنه لم يقل أحببت ، فذلك محبب إليه لا أنه أحبه من نفسه ، فكلامنا من كونه حبب إليه ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان نبيا و آدم بين الماء والطين ، فكان منقطعة إلى ربه لا ينظر معه إلى كون من الأكوان لشغله بالله عنه ، فإن النبي مشغول بالتلقي من الله ومراعاة الأدب فلا يتفرغ إلى شيء دونه ، فحبب إليه النساء فكان أكثر الأنبياء نكاحا ، وما ورد قط عن نبي من الأنبياء أنه حبب إليه النساء إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، وإن كانوا قد رزقوا منهن کتیرا کسليمان عليه السلام وغيره ، فأحبهن عناية من الله بهن ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبهن بكون الله حببهن إليه ، 
فكان من سنته صلى الله عليه وسلم النكاح لا التبتل ، وجعل النكاح عبادة ، للسر الإلهي الذي أودع فيه ، وليس إلا في النساء ، وذلك ظهور الأعيان عن الإنتاج ، فإن أعظم نعمة تكون النكاح لما فيه من إيجاد أعيان الأمثال ، فإن ذلك إيجاد النعم الموجدة للسكر ، ولذلك حبب الله إليه صلى الله عليه وسلم النساء وقواه على النكاح وأثنى على التبعل وذم التبتل ، ولما كان النساء محل التكوين و كان الإنسان بالصورة ( أي الصورة التي خلق عليها ) يقتضي أن يكون فعالا ، 
ولابد له من محل يفعل فيه ، ويريد لكماله أن لا يصدر عنه إلا الكمال ، كما كان في الأصل الذي أعطى كل شيء خلقه ، وهو كمال ذلك الشيء ، ولا أكمل من وجود الإنسان ولا يكون ذلك إلا في النساء اللاتي جعلهن الله محلا ، 
والمرأة جزء من الرجل بالانفعال الذي انفعلت عنه ، فحبب إلى الكامل النساء ، ولما كانت المرأة كما ذكرت عين ضلع الرجل ، فما كان محل تكوين ما كون فيها إلا نفسه ، فما ظهر عنه مثله إلا في عينه ونفسه ، فحبب إليه صلى الله عليه وسلم النساء لأنهن محل الانفعال لتكوين أتم الصور وهي الصورة الإنسانية التي لا صورة أكمل منها ، فما كل محل انفعال له هذا الكمال الخاص ، فلذلك كان حب النساء مما امتن الله به على رسوله ج ، حيث حببهن
 
ص 434
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه )
………………………………………………………………..
إليه مع قلة أولاده صلى الله عليه وسلم ، فإنهن محل الانفعال والتكوين لظهور أعيان الأمثال في كل نوع ، ولا شك أن الله ما أحب أعيان العالم في حال عدم العالم إلا لكون تلك الأعيان محل الانفعال ، فلما توجه عليها من كونه مريدا قال لها «کن» فكانت فظهر ملکه بها في الوجود ، وأعطت تلك الأعيان له حقه في ألوهنه فكان إلها فعبدته بعالی . وإذا أحب المرأة لما ذكرناه فقد رده حبها إلى الله تعالی .
 
وحب النساء في هذا الحديث من الحب المطلق للنساء لا المقيد بشخص : وسبب الحب المطلق للنساء أن المرأة في الأصل خلقت من الرجل من ضلعه القصيری، فينزلها من نفسه منزلة الصورة التي خلق الله الإنسان الكامل عليها ، وهي صورة الحق ، فجعلها الحق مجلى له ، وإذا كان الشيء مجلي للناظر فلا برى الناظر في تلك الصورة إلا نفسه ، فإذا رأى في هذه المرأة نفسه افتند حبه فيها وميله إليها ، لأنها صورته ، وقد تبين لك أن صورته صورة الحق التي أوجده عليها ، 
فما رأى إلا الحق ، ولكن بشهوة حب والتذاذ وصلة يفنى فيها فناء حق بحب صدق ، وقابلها بذاته مقابلة المثلية ، ولذلك فني فيها ، فما من جزء فيه إلا وهو فيها ، والمحبة قد سرت في جميع أجزائه فتعلق کله بها ، 
فلذلك فني في مثله الفناء الكلي بخلاف حبه غيره ، وأما تعلقه صلى الله عليه وسلم امرأة خاصة في ذلك دون غيرها ، وهو الحب المقيد ، وإن كانت هذه الحقائق التي ذكرناها سارية في كل امرأة فذلك لمناسبة روحانية بينه و بينها في أصل النشأة والمزاج الطبيعي والنظر الروحي . 
فكان صلى الله عليه وسلم يحب عائشة رضي الله عنها أكتر من حبه جميع نسائه ، وهذه هي المناسبات الثواني التي تعين الأشخاص ، والسبب الأول هو الحب المطلق .
فحب النساء فريضة اقتداء برسول الله مع ، فحنين الكامل إليهن حنين الكل إلى جزئه كاستيحاش المنازل إلى ساكنيها التي بهم حياتها ، ولأن المكان الذي في الرجل الذي استخرجت منه المرأة عمره الله بالميل إليها ، فحنينه إلى المرأة حنين الكبير وحنوه على الصغير ، فحبهن من شفقة الإنسان على نفسه ، ولأنهن محل
 
ص 435


قال الشيخ رضي الله عنه : (فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك"16"
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه- شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا )

………………………………………………...

التكوين الصورة الكمال . 
أترى حبب الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ما يبعده عن ربه ، لا والله ، بل حبب إليه ما يقربه من ربه . ولقد فهمت عائشة

أم المؤمنين ما أخذ النساء من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خيرهن ، فاختارته ، ولقد أبقى الله ملك اليمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة به بعد أن قال له «لا يحل لك النساء من بعد » لما جعل في قلبه من حب النساء ، وهذه من أشق آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن عرف فدر النساء وسرهن لم يزهد في حبهن ، بل من كمال العارف حبهن ، فإنه میراث نبوي وحب إلهي ، فإنه قال صلى الله عليه وسلم « حبب إلي » فلم ينسب حبه فيهن إلا إلى الله تعالى ، ومن أحب النساء حب النبي صلى الله عليه وسلم لهن فقد أحب الله ، فإن الله حبب النساء لنبيه صلى الله عليه وسلم ، فما أحبهن طبعا ولكنه أحبهن بنحبيب الله إليه ، فهو عن تحبب لا عن حب طبيعي ، وما يعلم قدر النساء إلا من علم وفهم عن الله ما قاله في حق زوجتي رسول الله و عندما تعاونتا عليه وخرجتا عليه . 
الفتوحات ج 1 / 145 ، 444 - ج 2 / 49 ، 167 ، 190 ، 330 

الفتوحات ج 3 / 501 ، 503 ، 504 ، 55 - ج 4 / 84 ، 243 ، 269 ، 454 


16 - الاغتسال من الجنابة
الفناء يؤدي إلى عموم الطهارة ، فالغسل طهر يعم ، الغيبتك الكلية عن علم نكاح الصورتين المثلية العقلية والمثلية الشرعية ، « ليس كمثله شيء » مثلية عقلية ، « خلق الله آدم على صورته » مثلية شرعية .
راجع كتاب النزلات الموصلية


ص 436


قال الشيخ رضي الله عنه : (في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله.
وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه "17"
فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.
وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.
فمن أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ،) 

……………………………………...

17 - راجع هامش 15
 

 18 - النكاح
النكاح أصل في الأشياء ، فله الإحاطة والفضل والتقدم ، ولهذا سرى النكاح في المعاني والمحسوسات ، فالمحيل أب ، والمستحيل أم . 
والاستحالة نكاح : والذي استحال إليها این ، فكل أب علوي فإنه مؤثر ، وكل أم سفلية فإنها مؤثر فيها ، وكل نسبة بينهما معينة نكاح وتوجه ، وكل نتيجة ابن ، فأول الآباء العلوية معلوم. وأول الأمهات السفلية شيئية المعدوم المسكن، وأول نکاح القصد بالأمر ، وأول ابن موجود عين تلك القيئية التي ذكرنا ، فهذا أب سار الأبوة ، وتلك أم سارية الأمومة : ودلك نکاح سار في كل شيء ، والنتيجة دائمة لا تنقطع في حق كل ظاهر العين ، فهدا يسمى عندنا النكاح الساري في جميع الذراري . يقول الله تعالى في الدليل على ما قلناه « إنما قولنا لشيء إذا أدرناه أن تقول له كن فيكون » ولنا فيه کتاب شریف،


ص 437


قال الشيخ رضي الله عنه : (ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا.
و كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» "19"
نزل المخلوق )
………………………………………….
منيع الحمي ، البصير فيه أعمى ، فكيف من حل به العمي ، فالحق أوجد العالم عن ذات موصوفة بالقدرة والإرادة . فتعلقت الإرادة بإيجاد موجود ما وهو التوجه . متل اجتماع الزوجين ، فنفذ الاقدار ، فأوجد ما أراد ، فعين الممكن يسي أهلا . والتوجه الإرادي الحبي نكاحا ، والإنتاج إيجادة في عين ذلك الممكن وجودا ، والنكاح الغيبي هو نكاح المعاني والأرواح فأشبهت المقدمات النكاح من الزوجين بالوقاع ليكون منه الإنتاج .
الفتوحات  ج 1 / 39 - ج 2 / 167 ، 412 ، 413 ، 656 - ج 3 / 365 ، 516 .

 

19 - وللرجال عليهن درجة - « الآية »
لم يكن للرجال على النساء درجة من حيث الإنسانية ، ففضل الذكور على الإناث مفاضله عرضية لا ذاتية. وإنما الدرجة هي أن حواء منفعلة عن آدم مستخرجة متكونة من الضلع القصير ، والمنفعل لا يقوى قوة الفاعل ، ففصرت بذلك أن تلحق بدرجة من انفعلت عنه ، فلا تعلم من مرتبة الرجل إلا حد ما خلقت منه ، وهو الضلع، فقصر إدراكها عن حقيقة الرجل، فبهذا القدر يمتاز الرجال على النساء وقد تبلغ المرأة من الكمال درجة الرجل غير أن الغالب فضل عقل الرجل على عقل المراة ، لأنه عقل عن الله قبل عقل المرأة لأنه تقدمها في الوجود ، والأمر الإلهي لا ينكرر . 
فالمشهد الذي حصل للمتقدم لا سبيل أن يحصل للمتأخر ، فآدم أصل الحواء . \
فصح للأب الأول الدرجة عليها ، لكونه أصلا لها ، فالدرجة درجة الانفعال، فإنها لما انفعلت عنه كان له عليها درجة السبق ، فالمرأة محل الانفعال والرجل ليس كذلك ، ومحل الانفعال لا يكون له رتبة أن يفعل فلها النقص . 
الفتوحات ج 1 / 136 ، 679 - ج 2 / 471 - ج 3 / 353 


ص 438


قال الشيخ رضي الله عنه : (على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف. "20" 
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل) 
…………………………………...
20 - إثبات وجه جامع بين الواجب واتمكن محال *
إضافة إلى ما سبق من الفعل والانفعال الصورة قد تكون في اللسان الأمر والشأن . 
فقوله إن الله حلق آدم علی صورته أي على أمره وشأنه . 
فيدلك ذلك على أنه ما أراد بالصورة النشأة وإنما أراد الأمر والحكم ، فأظهر الحق في الوجود صورتين متماتلتين . كصورة النار في المرآة ، ما هي عينه ولا هي غيره . فظهر المقدار والشكل الذي لا يقبله الواجب الوجود لنفسه وهو الناظر في المرآة . فهو من حیب حقائفه هو هو . ومن دیب مقداره وشكله ما هو هو . وإنما هو من أثر حضرة الإمكان فيه الذي هو المراد . فالإنسان يوازن بصورته حضرة موجده . ذاتا وصفة وفعلا . 
ولا يلزم من الورن الاشتراك في حقيقة الموزونين ، فإن الذي يوزن به الذهب المسكوك هو منجه حديد ، فليس يشبهه في ذاته ولا صفنه ولا عدده ، فليعلم الإنسان أن لا يوزد بالصورة الإنسانية إلا ما تطلبه الصورة بجميع ما تحوي عليه بالأسماء الإلهية الي توجهت على إيجاده ، وأظهرت آتارها فيه ، وكما لم نكن مسنجة الحديد نوازد الذهب في حد ولا حقيقة ولا صورة عين ، كذلك العبد وإن خلفه الله على صورته ، فلا يجتمع معه في حد ولا حقيقة ، إذ لا حد لذاته . 
والإنسان محدود بحد ذاتي الا رسمي ولا لفظي، وكل مخلوق على هذا الحد، والإنسان أكمل المخلوقات واجمعها من حيث نشأته ومرتبته ، فيجب أن يزول عنه ما ينوهمه في الصورة من أنه ذات وأنت ذات ، وأنك موصوف بالحي العالم وسائر الصفات ، وهو كذلك ، فليس المراد بالصورة هذا ، فإن الله الخالق وأنت العبد المخلوق ، وكيف للصنعة أن نكون تعلم صانعها ، وإنما تطلب الصنعة من الصانع صورة علمه بها لا صورة ذاته ، وأنت


ص 439
قال الشيخ رضي الله عنه : ( شيء خلقه» و هو عين حقه.
فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.
وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم )
………………………………………………...
صنعة خالقك ، فصورت مطابقة لصورة علمه بك ، وهكذا كل مخلوق . ولو لم يكن الأمر كذلك وكان يجمعكما حد وحقيقة ، كما يجمع زيدا وعمرا لكنت أنت إلها . ويكون هو مألوها ، حتى يجمعكما حد واحد ، والأمر على خلاف ذلك . 
ولا تصح العبودية المحضة التي لا يشوبها ربوبية أصلا إلا للإنسان الكامل وحده ، ولا تصح ربوبية أصلا لا تشوبها عبودية بوجه من الوجوه إلا الله تعالى ، فالإنسان على صورة الحق من التنزيه والتقديس عن السوب في حقيقته . 

فهو المألوه المطلق ، والحق هو الإله المطلق ، وأعني بهذا الإنسان الكامل ، وما ينفصل الإنسان الكامل عن غير الكامل إلا برقيقة واحدة ، وهي أن لا يشوب عبوديته ربوبية أصلا.
أما عن أولية الحق فيقول الشيخ رضي الله عنه في قوله تعالى « هو الأول والآخر والظاهر والباطن » - الآية - اعلم أن الأزل عبارة عن نفي الأولية لمن يوصف به ؛ وهو وصف الله تعالى من كونه إلها . 

وإذا انتفت الأولية عنه من كونه إلها ، فهو المسی بكل اسم سسی به نفسه أزلا ، ولم يزل مسسي بهذه الأسماء ، وانتفت عنه أولية التقييد ، فسمع المسموع وأبصر البصر إلى غير ذلك وأعيان المسموعات منا والمبصرات معدومة غير موجوده، وهو يراها أزلا كما يعلمها أزلا، ويميزها ويفصلها از لا ولا عين لها في الوجود النفسي العيني . بل هي أعيان ثابتة في رتبة الإمكان ، فالإمكانية لها أزلا كما هي لها حالا وأبدا ، لم تكن قط واجبة لنفسها ثم عادت مسكنة ، ولا محالا ثم عادت ممكنة ، بل كان الوجوب الذاتي لله تعالى ازلا ، كذلك وجوب الإمكان للعالم أزلاء ، فالله في مرتبته بأسمائه الحسنى يسی منعوتأ وموصوفا بها ، فعين نسبة الأول له نسبة الآخر والظاهر والباطن ، لا يقال هو أول بنسبة كذا و آخر بنسبة كذا ، فإن الممكن مرتبط بواجب الوجود في وجوده وعدمه ارتباط 


ص 440
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:26 am

 السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والثلاثون الجزء الثالث ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والثلاثون :-                                                الجزء الثالث

ص 440
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الأجرام خاصة. "21"
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر.
ثم إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم )
………………………………………...
افتقار إليه في وجوده ، فإن أوجده لم يزل في مكانه ، وإن عدم لم يزل عن إمكانه ، فكما لم يدخل على الممكن في وجود عينه بعد أن كان معدوما صفة تزيله عن إمكانه ، كذلك لم يدخل على الخالق الواجب الوجود في إيجاده العالم وصف يزيله عن وجوب وجوده لنفسه ، فلا يعقل الحق إلا هكذا ولا يعقل الممكن إلا هكذا ، فأولية العالم وآخرته أمر إضافي ، فالأول من العالم بالنسبة إلى ما يخلق بعده ، والآخر من العالم بالنسبة إلى ما يخلق قبله ، وليس كذلك معقولية الاسم الله الأول والآخر والظاهر والباطن ، فإن العالم يتعدد والحق واحد لا يتعدد ، ولا يصح أن يكون أولا لنا ، بل كان ينطلق علينا اسم الثاني لأوليته ولسنا بثان له تعالى عن ذلك ، فليس هو بأول لنا ، فلهذا كان عين أوليته عين آخريته ، فإن الله تعالى هو الأول الذي لا أولية لشيء قبله ، ولا أولية التي يكون قائمة به أو غير قائم به معه ، فهو الواحد سبحانه في أوليته فلا شيء واجب الوجود لنفسه إلا هو . 
الفتوحات ج 1 / 189 .

راجع فص 19، هامش 6، ص 256
"" 6 -  قوله تعالى « هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم » - فص 19، هامش 6، ص 256
اعلم أن الذات الأزلية لا توصف بالأولية ، وإنما يوصف بها الله تعالى ، فقوله : و هو "الأول " الضمير يعود على الله من « الله » في الآية السابقة ، والأول خبر الضمير الذي هو المبتدأ ، وهو في موضع الصفة لله ، ومسمى الله إنما هو من حيث المرتبة ، فهو الأول له منزلة الأولية الإلهية ، ومن هذه الأولية صدر ابتداء الكون ، ومنه تستمد كلها ، وهو الحاكم فيها ، وهي الجارية على حكمه وتفي السبب عنه ، فإن أولية الحق تمد أولية العبد، فإن الابتداء الأكوان شواهد فيها أنها لم تكن لأنفسها ثم كانت ، فمعقولية الأولية للواجب المطلق نسية وضعية لا يعقل لها العقل سوی استناد الممكن إليه ، فيكون أولا بهذا الاعتبار ،

ولو قدر أن لا وجود لممكن قوة وفعلا لاتفت النسبة الأولية إذ لا تجد متعلقا ، فلما كان أول مخلوق ظهر هو العقل أو القلم الإلهي كان الله الأول بالمرتبة فهو الأول بأولية الأجناس وأولية الأشخاص و « الآخر » فهو الآخر آخرية الأجناس لا آخرية الأشخاص ، فإليه يعود الأمر كله ، وقال « وإليه ترجعون » 
وقال « ألا إلى الله تصير الأمور » فهو الآخر كما هو الأول وكل مقام إلهي يتأخر عن مقام کوني فهو من الاسم الآخر مثل قوله تعالى : « فاذكروني أذكركم » 
وقوله : « من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم » وقوله : « من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا » 
وقوله صلى الله عليه وسلم  : « فاتبعوني يحببكم الله » فالأمر يتردد بين الاسمين الإلهيين الأول والآخر ، وعين العبد مظهر لحكم هذين الاسمين فهو تعالى « الأول » بالوجود « والآخر» في الشهود .
فالأول الحق بالوجود  …. والآخر الحق بالشهود 
إليه عادت أمور کونی ….  فإنما الرب بالعبيد
فكل ما أنت فيه  …. حق ولم تزل في مزيد 
وهو الإله الظاهر والباطن ، فإنه لما كان العالم له الظهور والبطون ، كان هو سبحانه الظاهر لنسبة ما ظهر منه ، والباطن لنسبة ما بطن منه ، وهو تعالى « الظاهر » لنفسه لا لخلقه فلا یدر که سواه أصلا ، وأما ما ظهر فإنما هو ظهور أحكام أسمائه الحسنی ، وظهور أحكام أعياننا في وجود الحق ، وهو من وراء ما ظهر ، فلا أعياننا تدرك رؤية ، ولا عين الحق تدرك رؤية ، ولا أعيان أسمائه تدرك رؤبة : ونحن لا نشك أنا قد أدركنا أمرا ما رؤية ، وهو الذي تشهده الأبصار منا، فما ذلك إلا الأحكام التي لأعياننا ظهرت لنا في وجود الحق ، فكان مظهرا لها ، فظهرت أعياننا ظهور الصور في المرائي ، ما هي عين الرائي ، ولا هي عين المجلى ، « والباطن » البطون الذي يختص بنا كما يختص به الظهور ، وإن كان له البطون فليس هو باطن لنفسه ولا عن نفسه ، كما أنه ليس ظاهرا لنا ،

فالبطون الذي وصف نفسه به إنما هو في حقنا ، فلا يزال باطنا عن إدراكنا إياه حسا ومعنى ، فإنه ليس كمثله شيء ، ولا تدرك إلا الأمثال ، ولما كان التجلي عبارة عن ظهوره لمن تجلى له في ذلك المجلى وهو الاسم الظاهر ، فالظاهر للصور والباطن للعين ، فالعين غيب أبدا ، والصورة شهادة أبدا ، وكل زيادة في العلم أي علم كان لا تكون إلا عن التجلي الإلهي ، فالتجلي الصوري يدرك بعالم الحس في برزخ التمثل الظاهر النفس ، وإذا وفع التجلي بالاسم الظاهر الباطن النفس وقع الإدراك بالبصيرة في عالم الحقائق والمعاني المجردة عن المواد ، وهو المعبر عنها بالنصوص ،

فالحق هو الظاهر الذي نشهده العيون والباطن الذي تشهده العقول ، فهو مشهود للبصائر والأبصار ، غير أنه لا يلزم من الشهود العلم بأنه هو ذلك المطلوب إلا بإعلام الله ،
فتجلي الحق لكل من تجلى له من أي عالم كان من عالم الغيب والشهادة إنما هو من الاسم الظاهر ،

وأما الاسم الباطن فمن حقيقة هذه النسبة أن لا يقع فيها تجل أبدا ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فأحوال العالم مع الله على ثلاث مراتب ، مرتبة يظهر فيها تعالى بالاسم الظاهر فلا يبطن عن العالم شيء من الأمر ، وذلك في موطن مخصوص ، وهو في العموم موطن القيامة ، ومرتبة يظهر فيها الحق في العالم في الباطن فتشهده القلوب دون الأبصار ،

ولهذا يرجع الأمر إليه ، ويجد كل موجود في فطرته الاستناد إليه والإقرار به من غير علم به ولا نظر في دليل ، فهذا من حكم نجليه سبحانه في الباطن ومرتبة ثالثة له فيها تجل في الظاهر والباطن ، فيدرك منه في الظاهر قدر ما تجلى به ويدرك منه في الباطن قدر ما تجلى به ، فله تعالى التجلي الدائم العام في العالم على الدوام وتختلف مراتب العالم فيه لاختلاف مراتب العالم في نفسها فهو يتجلى بحسب استعدادهم ، فهو عند العارفين اليوم في الدنيا على حكم تجليه في القيامة ، فيشهده العارفون في صور الممكنات المحدثات الوجود . 
وينكره المحجوبون من علماء الرسوم ، ولهذا يسمى بالظاهر في حق هؤلاء العارفين والباطن في حق هؤلاء المحجوبين ، وليس إلا هو سبحانه : فأهل الله الذين هم أهله لم يزالوا ولا يزالود دنیا وآخرة في مشاهدة عينية دائمة وإن اختلفت الصور فلا يقدح ذلك عندهم .
راجع فتوحات ج 1 / 46 ، 166 ، 175 - ج 2 / 31 ، 56 ، 95 - ج 3 / 161 ، 178 ، 484 ، 541 - ج 4 / 299 ، 301 - ديوان. أهـ ""

من هذا يتضح عدم صحة ما جاء في هذه الفقرة « نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته ، وقوله " فإن الصورة فاعل ثان ، فما له الأولية التي للحق "، فإنه القائل « إثبات وجه جامع بين الواجب والممكن محال » - 

راجع کتابنا الرد على ابن تيمية من ص 43 إلى ص 48 .
فمن يقول ما أثبتناه هناك لا يمكن أن يقول أن المخلوق أنزل مرتبة من الخالق .


""رد ما قاله ابن تيمية من أن الشيخ الأكبر يجعل وجود المحدث عين وجود القديم:   کتاب الرد على ابن تيمية
أما المثال الذي أورده ابن تيمية في القديم والمحدث، مستدلا به على أن الشيخ الأكبر يذم الإمام الجنيد، فإن هذا الكلام غير موجود لا في الفتوحات المكية ولا في فصوص الحكم، ولا شك أن الإمام ابن تيمية دخل بين إمامين في علم الكشف والأذواق، وأقحم نفسه في علم لا يعرفه وليس له فيه قدم،
وإن كان الإمام من شيوخ الاسلام وإماما في الفقه، فلا أظن أن الإمام يعتقد في نفسه أنه إمام في كل فن وفي كل علم، ولو حاول هو ذلك بكلامه عن التصوف، والدليل على ذلك أن ابن تيمية يرد قول الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي فيما نسبة إلى الإمام الجنيد،
ويشرح فهمه من ذلك، وهو أن الشيخ الأكبر يقول: إن وجود المحدث هو عين وجود القديم؛ ويقول: إن الشيخ الأكبر ينكر التمييز بين القديم والمحدث وبين الخالق والمخلوق؛ وإليه ما يقوله الشيخ الأكبر في ذلك إن كان لم يعثر عليه، وهو في الفتوحات المكية.
 
الجزء الأول الصفحة 41: لا يصح أن يجتمع الخلق والحق في وجه أبدا من حيث الذات، لكن من حيث أن هذه الذات منعوتة الألوهة، فهذا حكم آخر تستقل العقول بإدراكه.
وفي الصفحة نفسها يقول: إثبات وجه جامع بين الواجب والممكن محال، فإن وجوه الممكن تابعة له، وهو في نفسه يجوز عليه العدم، فتوابعه أحرى وأحق بهذا الحكم، ويثبت للممكن ما ثبت للواجب بالذات من ذلك الوجه الجامع، وما ثم شيء ثبت للممكن من حيث ما هو ثابت للواجب بالذات، فوجود وجه جامع بين الممكن والواجب بالذات محال.
 
وفي الصفحة 46: أعلم الممكنات لا يعلم موجده إلا من حيث هو، فنفسه علم ومن هو موجود عنه، غير ذلك لا يصح، لأن العلم بالشيء يؤذن بالإحاطة به والفراغ منه، وهذا في ذلك الجناب محال، فالعلم به محال، ولا يصح أن يعلم منه لأنه لا يتبعض، فلم يبق العلم إلا بما يكون منه، وما يكون منه هو أنت، فأنت المعلوم - لو علمته لم يكون هو، ولو جهلك لم تكن أنت، فبعلمه أوجدك، وبعجزك عبدته، فهو هو لهو لا لك، وأنت أنت لأنت وله، فأنت مرتبط به، ما هو مرتبط بك.
 
وفي الصفحة 366: فكما لا يكون الرب عبدا، كذلك لا يكون العبد ربا، لأنه لنفسه هو عبد، كما أن الرب لذاته هو رب، فلا يتصف العبد بشيء من صفات الحق بالمعنى الذي اتصف بها الحق، ولا الحق يتصف بما هو حقيقة للعبد. . (إلى أن يقول). . وينبغي للعبد أن لا تظهر عليه إلا العبادة المحضة. . (إلى أن يقول). . . واللّه ما عرف اللّه إلا اللّه، فلا تتعب نفسك يا صاحب النظر، ودر مع الحق كيفما دار، وخذ منه ما يعرفك به من نفسه، ولا تقس فتفتلس، لا بل تبتئس.
 
الجزء الثاني الصفحة 166: الإجماع هو ما أجمع عليه الرب والمربوب، في أن اللّه خالق والعبد مخلوق.
 
الجزء الثالث الصفحة 224: فمن كان من أهل هذه الأرض الواسعة، حيل بينه وبين الصورة التي خلق عليها، فكان عبدا محضا، شاهدا بشاهد الحق في عين ذاته، فالشهود له دائم، والحكم له لازم، وهؤلاء هم المسودون « أي لهم السيادة »،  
الوجه « الوجه: وجه الشيء ذاته، أي لهم السيادة الذاتية، بمجرد نظر الناس إليهم في الدنيا، وفي الآخرة يعرفون أن هؤلاء هم السادة.»
في الدنيا والآخرة، إذا علمت ذلك، فالرب رب والعبد عبد، فلا تغالط ولا تخالط.
 
الجزء الثالث الصفحة 231: فما الأمر إلا عبد ورب، فما هو إلا أنت وهو، فالطائع مهتد، والعاصي حائر بين ما أريد منه وما أمر به.
 
الجزء الثالث الصفحة 371: كل ضدين وإن تقابلا أو مختلفين من العالم، فلا بد من جامع يجتمعان فيه، إلا العبد والرب، فإن كل واحد لا يجتمع مع الآخر في أمر ما من الأمور جملة واحدة، فالعبد من لا يكون فيه من الربوبية وجه، والرب من لا يكون فيه من العبودية وجه، فلا يجتمع الرب والعبد أبدا، وغاية صاحب الوهم أن يجمع بين الرب والعبد في الوجود، وذلك ليس بجامع، فإني لا أعني بالجامع إطلاق الألفاظ، وإنما أعني بالجامع نسبة المعنى إلى كل واحد على حد نسبته إلى الآخر، وهذا غير موجود في الوجود المنسوب إلى الرب والوجود المنسوب إلى العبد، فإن وجود الرب عينه، ووجود العبد حكم يحكم به على العبد، ومن حيث عينه قد يكون موجودا وغير موجود، والحد في الحالين على السواء في عينه، فإذا ليس وجوده عينه، ووجود الرب عينه، فينبغي للعبد أن لا يقوم في مقام يشم منه فيه روائح ربوبية، فإن ذلك زور وعين جهل.
وهذا الكلام الصريح من الشيخ الأكبر رضي اللّه عنه في هذه الأسطر البيّنة، يرد ما جاء في قول الإمام ابن تيمية من أن الشيخ الأكبر أنكر التمييز بين القديم والمحدث، وبين الخالق والمخلوق، ويرد فهم ابن تيمية بأن الشيخ الأكبر يعني أن وجود المحدث هو عين وجود القديم.
 
وفي الجزء نفسه الصفحة 374: وقد رميت بك على الطريق لتعلم ما الأمر عليه، فتعلم من أنت ومن الحق، فيتميز الرب من العبد.
 
وفي الصفحة 378 يقول: فلا يجتمع الخلق والحق أبدا في وجه من الوجوه، فالعبد عبد لنفسه، والرب رب لنفسه، فالعبودية لا تصح إلا لمن يعرفها، فيعلم أنه ليس فيها من الربوبية شيء، والربوبية لا تصح إلا لمن يعرفها، فيعرف أنه ليس فيها من العبودية شيء، وإنا نعلم قطعا أن الأسماء الإلهية التي بأيدينا، تطلق على اللّه وتطلق علينا، ونعلم قطعا بعلمنا برتبتنا وبعلمنا برتبة الحق، أن نسبة تلك الأسماء - التي وقع في الظاهر الاشتراك في اللفظ بها - إلى اللّه غير نسبتها إلينا، فما انفصل عنا إلا بربوبيته، وما انفصلنا عنه إلا بعبوديتنا، فمن لزم رتبته منا فما جنى على نفسه، بل أعطى الأمر حقه.
 
وفي الجزء الثالث الصفحة 408: اعلم أن الحكمة في الأشياء كلها والأمور أجمعها، إنما هو للمراتب لا للأعيان، وأعظم المراتب الألوهية، وأنزل المراتب العبودية، فما ثمّ إلا مرتبتان، فما ثمّ إلا رب وعبد، لكن للألوهة أحكام، كل حكم منها يقتضي رتبة،
فإما يقوم ذلك الحكم بالإله، فيكون هو الذي حكم على نفسه، وهو حكم المرتبة في المعنى، ولا يحكم بذلك الحكم إلا صاحب المرتبة، لأن المرتبة ليست وجود عين، وإنما هي أمر معقول، ونسبة معلومة محكوم بها، ولها الأحكام، وهذا من أعجب الأمور، تأثير المعدوم، وإما أن يقوم ذلك الحكم بغيره في الموجود،
إما أمرا وجوديا وإما نسبة، فلا تؤثر إلا المراتب، وكذلك للعبودة أحكام، كل حكم منها رتبة، فإما يقوم ذلك الحكم بنفس العبد، فما حكم عليه سوى نفسه، فكأنه نائب عن المرتبة التي أوجبت له هذا الحكم، أو يحكم على مثله أو على غيره،
وما ثمّ إلا مثل أو غير في حق العبد، وأما في الإله فما ثمّ إلا غير لا مثل، فإنه لا مثل له،
 
فأما الأحكام التي تعود عليه من أحكام الرتبة: وجوب وجوده لذاته، والحكم بغنائه عن العالم، وإيجابه على نفسه بنصر المؤمنين بالرحمة، ونعوت الجلال كلها التي تقتضي التنزيه، ونفي المماثلة،
وأما الأحكام التي تقتضي بذاتها طلب الغير: فمثل نعوت الخلق كلها، وهي نعوت الكرم والإفضال والجود والإيجاد، فلا بد فيمن؟ وعلى من؟ فلا بد من الغير، وليس إلا العبد،
وما منها أثر يطلب العبد، إلا ولا بد أن يكون له أصل في الإله، أوجبته المرتبة، لابد من ذلك، ويختص تعالى بأحكام من هذه المرتبة لا تطلب الخلق كما قررنا، ومرتبة العبد تطلب من كونه عبدا أحكاما، لا تقوم إلا بالعبد من كونه عبدا خاصا، فهي عامة في كل عبد لذاته، ثم لها أحكام تطلب تلك الأحكام وجود الأمثال، ووجود الحق.
 
الجزء الثالث الصفحة 356: فثبت أنه ما ثمّ إلا حق لحق وحق لخلق، فحق الحق ربوبيته، وحق الخلق عبوديته، فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته، وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا، فإن النعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة، ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا.
 
الجزء الثالث الصفحة 397: إن كل ما سوى الحق عرض زائل وغرض ماثل، وإنه وإن اتصف بالوجود - وهو بهذه المثابة في نفسه - في حكم المعدوم، فلا بد من حافظ يحفظ عليه الوجود، وليس إلا اللّه تعالى، ولو كان العالم أعني وجوده لذات الحق لا للنسب، لكان العالم مساوقا للحق في الوجود، وليس كذلك، فالنسب حكم للّه أزلا، وهي تطلب تأخر وجود العالم عن وجود الحق، فيصح حدوث العالم، وليس ذلك إلا لنسبة المشيئة وسبق العلم بوجوده، فكان وجود العالم مرجحا على عدمه، والوجود المرجح لا يساوق الوجود الذاتي الذي لا يتصف بالترجيح.
 
ويقول في الجزء الثالث الصفحة 443: راجع قول الإمام ابن تيمية عن الحق والخلق ص 96.
 
الجزء الثالث الصفحة 506: تقدم حديث العماء وأن فيه انفتحت صور العالم، والذي يقوم عليه الدليل، أن كل شيء سوى اللّه حادث ولم يكن ثم كان، فينفي الدليل كون ما سوى اللّه، في كينونة الحق الواجب الوجود لذاته.
 
الجزء الثالث الصفحة 566: إن الأمر واحد في نفسه، فقد يتخيل العبد أن عينه الثابتة في العدم، ربما حصل لها الوجود، لما رآه من حكم عينها في وجود الحق، حتى انطلق عليه اسم هذا العين، وما علم أن الوجود وجود الحق، والحكم حكم الممكن، مع ثبوته في عدمه، فلما تخيل بعض الممكنات هذا التخيل، من اتصافه بالوجود، حكم بأنه قد شارك الحق في الوجود، وهو قد جهل في إمكانه نفسه، وأن جميع الممكنات مثله في هذا الحكم، فما ثمّ إلا أحدية مجردة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، فالأسماء والأحكام للممكنات، والوجود للحق تعالى.
 
الجزء الرابع الصفحة 226: اعلم أن الوجود قد انقسم في ذاته، إلى ما له أول وهو الحادث، وإلى ما لا أول له وهو القديم، فالقديم منه هو الذي له التقدم، ومن له التقدم له الرفعة، والحدوث له التأخر، ومن تأخر فله الانخفاض عن الرفعة، التي يستحقها القديم لتقدمه «ألا يكفي هذا النص الإمام ابن تيمية في تعريف الحادث والقديم».
 
الجزء الرابع الصفحة 314: فإنه (يعني الحق) لا يحمد ولا يمجد إلا بأسمائه، ولا تعقل مدلولات أسمائه إلا بنا، فلو زلنا نحن ذهنا ووجودا، لما كان ثمّ ثناء ولا مثن ولا مثنى عليه، فبي وبه كان الأمر وكمل، ومع هذا فهو غني عن العالمين، إذا لم يطلب كمال الأمر، فهو الكامل لنفسه وعينه وكونه، لأنه واجب الوجود لنفسه، لا تعلق له بالعالم لذاته،
وإنما كان التعلق من حيث أعيان الممكنات، لأنها تطلب نسبا تظهر بها عينها، وما ثمّ موجود تستند إليه هذه النسب إلا واحد، وهو اللّه الواجب الوجود لنفسه تعالى، فافتقرت إليه إضافات النسب، وافتقرت الممكنات إلى النسب، فافتقرت إليه، فهي أشد فقرا من النسب، فصح غناه عن العالم لذاته وعينه،
ولذلك نقول في التقسيم العقلي: إن الوجود طلب الكمال، والمعرفة طلبت الكمال، ولم تجد من بيده مطلوبها إلا الحق سبحانه، فافتقرت إليه في ذلك، فأوجد الحادث الذي هو عين الممكن، فكمل الوجود، أي كمل أقسام الوجود في العقل، وكذلك تعرّف إلى العالم فعرفوه بمعرفة حادثة، فكملت المعرفة به في التقسيم العقلي.
 
الجزء الرابع الصفحة 438: الوجود منقسم بينك وبينه، لأنه مقسوم بين رب وعبد، فالقديم الرب والحادث العبد، والوجود أمر جامع لنا.
وجاء في كتاب التراجم للشيخ الأكبر رضي اللّه عنه في ترجمة الكثيب.
ما ثمّ إلا حق وخلق، كل ما أقبلت على شيء أعرضت عن أمر آخر.
وجاء في كتاب المسائل للشيخ رضي اللّه عنه: لا يصح أن يجتمع الحق والخلق في وجه أبدا من حيث الذات.
وفيه يقول - وكيف للممكن أن يصل إلى معرفة الواجب بالذات، وما من وجه للممكن إلا ويجوز عليه العدم والدثور، فلو جمع بين الحق الواجب لذاته وبين العالم وجه، لجاز على الحق ما جاز على العالم من ذلك الوجه من الدثور، وهذا محال، فإثبات وجه جامع بين الحق والعالم محال.
وفيه أيضا يقول: ومن هنا زلت أقدام طائفة عن مجرى التحقيق،
فقالت: ما ثمّ إلا ما ترى، فجعلت العالم هو اللّه، واللّه نفس العالم ليس أمرا آخر، وسببه هذا المشهد لكونهم ما تحققوا به تحقق أهله، فلو تحققوا به ما قالوا بذلك، وأثبتوا كل حق في موطنه، علما وكشفا، فاترك تأويل الأخبار الواردة بالتشبيه لمن وصف بها نفسه، إذا لم تكن من أهل هذا الكشف والتحقيق، ولا تحمله عليك أصلا، فإنك تبطل أصلك، حيث تعتقد نفي التشبيه وما زلت منه، ولكن تركت التشبيه بالمخلوق المركب وأثبته بالمخلوق المعقول، وأنّى للممكن أن يجتمع مع الواجب بالذات في حكم أبدا.
ويقول في كتاب التراجم، ترجمة الإجابة:
معرفة الحق في وهبه، ولك التلقي، فبينك وبين الوهب مناسبة الكون، فمن الحق تعرف الحق لا من الخلق، وبالحق تعرف الحق لا بك، فالزم الحق للحق تجد الحق، فلا تطلب الحق من الطرق، فما ثمّ طريق إليه، لارتفاع الارتباط بين الحدوث والقدم.
 
ويقول في باب ترجمة الوجود من كتاب التراجم:
شأن القدم والحدوث ضدان، فإن سعدت فاشكر اللّه، وإن شقيت فلم نفسك أدبا.
وقد أوردت هذه النصوص، تأكيدا على أن فهم الإمام ابن تيمية من كلام الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي، أن وجود المحدث هو عين وجود القديم، ليس مقصودا لكلام الشيخ الأكبر، ولولا مخافة التطويل لأوردت من النصوص ما يحدد معنى وحدة الوجود، التي يخبط فيها الكثير خبط عشواء، ولا يفهمون لها معنى، ولا ماذا قصد القائلون بها، ولعل هذه النصوص تعطي بعض الضوء على معنى وحدة الوجود ، التي هي أم المشاكل عند كثير ممن يتهمون الشيخ الأكبر وأمثاله بالحلول والاتحاد، فلا هم فهموا القول ولا هم سلموه لقائله . أهـ. ""

21 - هو المراد بالنكاح هامش 18، ص 437
الطبيعة نفس الرحمن - فص 15، رقم 19، ص 237

ص 441


قال الشيخ رضي الله عنه : ( وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه.
فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي. "22"
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا"23"
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.
وأما حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كونفأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمنفبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا )
…………………………………………..
22 - هو ما ذكره في هامش 14 ص 433


23 - التذكير والتأنيث في الإلهيات
الإيجاد الإلهي بالقول وهو مذكر ، والإرادة وهي مؤنثة ، فأوجد العالم عن قول وإرادة ، فظهر عن اسم مذکر و مؤنث ، فقال « إنما قولنا لشيء » وشيء أنكر النكرات ، والقول مذکر "إذا أردناه" ، والإرادة مؤنثة ، «أن نقول له کن فیکون» فظهر التكوين في الإرادة عن القول ، والعين واحدة بلا شك.
الفتوحات ج 2 / 289 


ص 442

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. "27"
فقال في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر )     
……………………………………………………...
27 - افعال الله كلها حسنة
إن الأفعال كلها لله سواء تعلق بذلك الفعل ذم أو حمد ، فلا حكم لذلك التعلق بالتأثير فيما يعطيه العلم الصحيح ، فكل ما ينسب إلى المخلوق من الأفعال فهو فيه نائب عن الله ، فإن وقع محمودا نسب إلى الله لأجل المدح. 

فإن الله يحب أن يمدح ، كذا ورد في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن تعلق به ذم أو لحق به عيب لم ننسبه إلى الله ، فإن من الأفعال ما علق الله الذم بفاعله والغضب عليه واللعنة وأمثال ذلك ، ومن الأفعال ما علق الله المدح والحمد بفاعله ، ووصف نفسه بأنه يحب المتصفین بها، كما أنه لا يحب الموصوفين بالأفعال التي علق الذم بفاعلها ، مع قوله « والله خلقكم وما تعملون » "والأمر كله لله" ، وقال « الا له الخلق والأمر » فالأدب من العلماء بالله أن تكون مع الله في جميع القرآن ، وما صح عندك أنه قول الله في خبر وارد صحيح ، فما نسب إلى نفسه بالإجمال نسبناه مجملا لا نفصله ، وما نسبه مفصلا نسبناه مفصلا وعيناه بتفصيل ما فصل فيه ، لا تزيد عليه ، وما أطلق لنا التصرف فيه تصرفنا فيه لنكون عبيدا واقفين عند حدود سیدنا و مراسمه ، وأعمال السعادة علاماتها أن يستعمل الإنسان في الحضور مع الله في جميع حركاته وسكنانه ، وأن تكون مشاهدة نسبة الأفعال إلى الله تعالى من حيث الإيجاد والارتباط المحمود ،

لارتباط المذموم منها ، فإن نسبه إلى الله فقد أساء الأدب وجهل علم التكليف من تعلق ومن المكلف الذي قيل له افعل ، إذ لو لم يكن للمكلف نسبة إلى الفعل بوجه ما ، لما قيل له افعل ، وكانت الشريعة كلها عبثا ، وهي حق في نفسها ، فالاقتدار الإلهي إذا تجلى في العبيد وظهرت الأفعال عن الخلق ، فهو وإن كان بالاقتدار الإلهي ولكن يختلف الحكم لأنه بواسطة هذا المجلى الذي كان مثل المرآة لتجليه ، وإذا كان الأمر بين الشمس والبدر من الخفاء أن لا يعلمه كل أحد، فما ظنك بالأمر الإلهي في هذه المسألة مع الخلق أخفى وأخفي ، فمن وقف على هذا العلم فهو من أعلى


ص 444



قال الشيخ رضي الله عنه : ( منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه"28"
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث "29" 
ووصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال )
………………………………………………...
علامات السعادة ، وفقد مثل هذا من علامات الشقاء ، وأريد بهذا سعادة الأرواح وشقاوتها المعنوية ، وأما السعادة الحسية والشقاوة فعلاماتها الأعمال المشروعة بشروطها وهو الإخلاص.
فالأعمال خلق الله مع كونها منسوبة إلينا ، فلم ينسبها إليه من جميع الوجوه ، قال تعالى « والله خلقكم وما تعملون » فخلق الله الأفعال كلها ، ثم قسمها إلى محمود ومذموم ، فانظر حيث يقيمك، 

"" فإن أقامك في مذموم فاعلم أنك في الوقت ممقوت، فاستدرك بالإزالة والتفرغ والإنابة، وإذا أقامك في محمود فاعلم أنك في الوقت محبوب. 
فإن فعلت ما لا يرضي الحق منك فارجع على نفسك بالمذمة والتقصير، فأنت مأجور في هذه الشركة، بل هو حقيقة التوحيد، فإن توحيدا بغير أدب ليس بتوحيد، فإن لم تر العيب من نفسك، ولا رجعت عليها بالذم، ولا ندمت على فعلك، لم يصح لك توبة، وإذا لم تتب لم تكن محبوبا ولا تنفعك تلك الحقيقة في الدنيا ولا في الآخرة.""
الفتوحات ج 1 / 348 - مواقع النجوم - رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات


28 - طهارة الأعيان
الأحكام لا تعلق بأعيان الأشياء ، وإنما تعلق بأعمال المكلفين . 
ولا أحكم بنجاسة المحرمات إلا أن ينص الشارع على نجاستها على الإطلاق ، وليس النص بالاجتناب نصا في كل حال ، فإن اجتنبناه فما أجتنبناه لنجاسته ، فإن كونه نجاسة حکم شرعي ، وقد يكون غير مستقذر عقلا ولا مستخبث ، فالنجاسات عوارض نسب ، والنسب أمور عدمية ، فلا أصل للنجاسة في الأعيان إذ الأعيان طاهرة بالأصل. 
إيجاز البيان - الفتوحات ج 1 / 381 ، 282 

 
29 - الطيب
لا يستعمل الطيب إلا لرائحته فهو من مدارك الأنفاس الرحمانية ، فيدفع التكريات ويرفع الهموم ويزيل الضيق والحرج ، ويؤدي إلى السعة والسراح والجولان في المعارف الإلهية ، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، فالطيب محبوب لذاته، فأشبه الكمال ، وشرع الطيب للإحرام والإحلال فجعل الطيب في الحالين تنببها على طيب الأفعال .
الفتوحات ج 1 / 721 ، 743

ص 445


قال الشيخ رضي الله عنه : ( من حمإ مسنون أي متغير الريحفتكرهه الملائكة بالذات، "30"
 كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد و هي من الروائح الطيبة.
فليس الورد عند الجعل بريح طيبة."31"
و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه و سر بالباطل: و هو قوله «و الذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» *. فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون:
فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه و هو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، و ليس الخبيث إلا ما يكره و لا الطيب إلا ما يحب.
والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. "32"
وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح)
………………………………………..
30 - تأذي الملائكة بالروائح الخبيثة
اعلم أن الخلوف "خلوف فم الصائم " ليس للإنسان وإنما هو أمر تقتضيه الطبيعة للتعفين الذي يكون فيما يبقى في المعدة من فضول الطعام ، والملائكة ورجال الله لا يتأذون في مجالسة الصائم من خلوف فمه ، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ، ورد ذلك في روائح الثوم وأمثاله ، لا في خلوف فم الصائم.
الفتوحات ج 1 / 654
أما قوله "فتكرهه الملائكة بالذات" ، فالضمير في تكرهه يعود على الخبيث فإنه يستحيل أن يكون القصد منه العود على الإنسان.


31 - راجع طيب كل شيء بعده. هامش 32 التالى


32 - طيب كل شيء *
جاء في الحديث أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، ولا أدري هل أعطى الله أحدا إدراك تساوي الروائح بحيث أن لا يكون عنده خبث رائحة أم لا، هذا ما ذقناه من أنفسنا ولا ثقل إلينا أن أحدا أدرك ذلك بل المنقول


ص 446

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث:
وكذلك بالعكس. وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم»"33"
وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين: فنصفها لله  )
……………………………………………..
عن الكمل من الناس وعن الملائكة التأذي بهذه الروائح الخبيثة ، وما انفرد بإدراك دلك طيبا إلا الحق ، هذا هو المنقول ، ولا أدري أيضا شأن الحيوان من غير الإنسان في ذلك ما هو ، لأني ما أقامني الحق في صورة حيوان غير إنسان . 
كما أقامني في أوقات في صورة الملائكة .
الفتوحات ج 1 / 603 .
هذا يخالف تماما ما جاء هنا وفي الهامش 31

33 - وجعلت قرة عيني في الصلاة « الحديث »
حبب إليه صلى الله عليه وسلم الصلاة لما فيها من الجمع بين الشهود والكلام ، لأنه مناج مع اختلاف الحالات المحصورة من قیام و رکوع وسجود وجلوس بقوله « وجعلت قرة عيني في الصلاة ، وما تعرض لسمعه ولا للكلام ، لأن ذلك معروف في العموم أن الصلاة مناجاة بقوله يقول العبد « كذا » فيقول الله « كذا » وأنها مقسمة بين الله وعبده المصلي نصفين ، كما ورد في الحديث ، وما كانت الصلاة كبيرة إلا على غير المساهد ، وعلى من لم يسمع قول الحق مجيبا لما يقوله العبد في صلاته ، فهو صلى الله عليه وسلم مصل عن شهود من وقف يناجيه بين يديه من حضرة التمثيل وموطنه ، لأن فيه خطابا وردا وقبولا ، ولا يكون ذلك إلا في شهود التمثيل ، فإنه موطن يجمع بين الشهود والكلام ، فإن الله في قبلة المصلي ، وقد قال « اعبد الله كأنك تراه ، ومن أعظم المقامات مقام النيابة عن الحق تعالى ، ولما كان المصلي نائبا عن الحق في قوله « سمع الله لمن حمده » الذي لا يكون إلا في الصلاة ، كانت مرتبة الصلاة عظيمة ، فحبيت إليه صلى الله عليه وسلم ، وما حبب إليه صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة " النساء والطيب والصلاة "، إلا للمناسبة بينه وبينها ، فإن المناسبات تقتضي ميل المناسب إلى المناسب . 
المراجع - هي نفسها في هامش 15
الفتوحات ج 1 / 145 ، 444 - ج 2 / 49 ، 167 ، 190 ، 330 
الفتوحات ج 3 / 501 ، 503 ، 504 ، 55 - ج 4 / 84 ، 243 ، 269 ، 454 


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:27 am

 السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والثلاثون الجزء الرابع ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والثلاثون :-                                                الجزء الرابع

ص 447

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.
ولما كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به )
…………………………………….
34 - قراءة الفاتحة في الصلاة

الصلاة جامعة بين الله والعبد في قراءة فاتحة الكتاب ، ومن هنا يؤخذ الدليل اتها على المصلي في الصلاة ، فمن لم يقرأها في الصلاة فما صلي الصلاة التي ، بينه وبين عبده ، فإنه ما قال قسمت الفاتحة ، وإنما قال قسمت الصلاة اللام اللتين للعهد والتعريف ، فلما فسر الصلاة المعهودة بالتقسيم جعل قسمة قراءة الفاتحة ، وهذا أقوى دليل يوجاء في فرض قراءة الحمد في ة ، والذي أذهب إليه وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة وإن تركها لم تجزه ه ، فقراءة أم القرآن في الصلاة واجبة إن حفظها ، وما عداها من القرآن ما فيه .
الفتوحات ج 1 / 413 - ج 3 / 173 
راجع وجعلت قرة عيني في الصلاة هامش 33


ص 448 

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.
ولما كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به )
………………………………….
34 - قراءة الفاتحة في الصلاة
الصلاة جامعة بين اللّه والعبد في قراءة فاتحة الكتاب، ومن هنا يؤخذ الدليل بفرضيتها على المصلي في الصلاة، فمن لم يقرأها في الصلاة فما صلى الصلاة التي قسمها اللّه بينه وبين عبده، فإنه ما قال قسمت الفاتحة وإنما قال قسمت الصلاة بالألف واللام اللتين للعهد والتعريف، فلما فسر الصلاة المعهودة بالتقسيم جعل محل القسمة قراءة الفاتحة، وهذا أقوى دليل يوجد في فرض قراءة الحمد في الصلاة، والذي أذهب إليه وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة وإن تركها لم تجزه صلاته، فقراءة أم القرآن في الصلاة واجبة إن حفظها، وما عداها "من القرآن" ما فيه توقيت.
عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاث غير تمام».
الفتوحات ج 1 / 413 - ج 3 / 173 
راجع وجعلت قرة عيني في الصلاة هامش 33

ص 449

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ما دامت- سوى الصلاةوذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال )
…………………………………………………..
و « أثنى علي عبدي » إلا أهل الحضور معه عند التلاوة ، بأنه مناج نفسه بفعله ، والمناجي بإحاطته وذاته ، وأهل التدبر والتذكر لما أودع في كتابه العزيز من الأسرار والعلوم ، يفهم كل عبد على قدر مقامه وذوقه وكشفه ، بل أقول إن كل من قعد على منهج الاستقامة ، وكان حيلته الطاعة ، وكان اللسان صامتا عند تلاوة القرآن فإنه حامد لله بحاله ، شاكرا له بأفعاله ، 

ويقول الله فيه « حمدني عبدي » فإذا كان اللسان يقول « الحمد لله ، والقلب في الدكان أو في الدار أو في عرض من الأعراض ، متى عرف من هذه صفته أن يحمد الله ، وكيف ذلك والقلب غافل بما هو عليه عما جری به لسانه ، فإذا وفقك الله وتريد أن يسمع الحق جل اسسه منك تلاوتك ، ويرسمك في ديوان التالين ، ويقول لك على الكلمات و حمادني عبدي » فاعلم منازل التلاوة ومواطنها ، وكم التالين منك ، وذلك أن تعلم إن على اللسان تلاوة ، وعلى الجسم بجميع أعضائه تلاوة ، وعلى النفس تلاوة ، وعلى القلب تلاوة ، وعلى الروح تلاوة ، وعلى السر تلاوة ، وعلى سر السر تلاوة ، فتلاوة اللسان ترتيل الكلمات على الحد الذي رتب المكلف له ، وتلاوة الجسم المعاملات على تفصيلها في الأعضاء التي على سطحه ، وتلاوة النفس التخلق بالأسماء والصفات ، وتلاوة القلب الإخلاص والفكر والتدبر ، وتلاوة الروح التوحيد ، وتلاوة السر الاتحاد، راجع مفهوم الاتحاد عند الشيخ في كتابنا شرح كلمات الصوفية ص 99 - 107
وتلاوة سر السر الأدب ، وهو التنزيه الوارد عليه في الإلقاء منه جل وعلا ، فمن قام بين يدي سیده بهذه الأوصاف كلها فلم ير جزءا منه إلا مستغرقا فيه على ما يرضاه منه ، كان عبدا كليا ، 

وقال له الحق تعالی إذ ذاك « حمدني عبدي » أو ما يقول على حسب ما ينطق به العبد قولا أو حالا ، فإن كان فيه بعض هذه الأوصاف وتعلقت غفاة ببعض التالين فليس بعبد کلیه ، ولا يكون فيه للحق تعالى من عبودية الاختصاص إلا على قدر ما اتصفت به ذاته ، فثم عبد يكون الله فيه السدس ولهواه ما بقى ، ولله  




ص 450
* * * * *
………………………………………………..
فيه الخمس ولهواه ما بقي، والربع والثلث والنصف ، على قدر ما يحضر منه مع الحق تعالی :
يقول العبد « إياك نعبد وإياك نستعين » فوحد بحرف الخطاب فجعله مواجها لا على جهة التحديد ولكن امتثالا لقول الشارع . 
قال صلى الله عليه وسلم للسائل عن الإحسان « آن تعبد الله كأنك تراه » فلابد أن تواجهه بحرف الخطاب وهو الكاف ، وإنما وحده ولم يجمعه لأن المعبود واحد ، وجمع نفسه بنون الجميع في العبادة والعون المطلوب ، لأن العابدين من العبد كثيرون ، وكل واحد من العابدين يطلب العون ، والمقصود بالعبادات واحد ، فعلى العين عبادة وعلى السمع عبادة ، وعلى البصر واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب ، فلهذا قال « نعبد » و « نستعين » بالنون ، فإذا نظر العالم إلى تفاصيل عالمه وأن الصلاة قد عم حكمها جميع حالاته ظاهرا وباطنا ، 

لم ينفرد بذلك جزء عن آخر ، فجميع عالمه قد اجتمع على عبادة ربه وطلب العون منه على عبادته ، فجاء بنون الجماعة في « نعبد » و « نستعين » فنرجم اللسان عن الجماعة كما يتكلم الواحد من الوفد بحضورهم بين يدي الملك . فعلم العبد من الحق لما أنزل عليه هذه الآية بإفراده نفسه أن لا يعبد إلا إياه ، ولما قيد العبد بالنون ، أنه يريد منه أن يعبده بكله ظاهرا وباطنا من فوی وجوارح ، ويستعين على ذلك الحد ، ومتى لم يكن المصلي بهذه المثابة من جمع عالمه على عبادة ربه لم يصدق في قوله « إياك نعبد وإياك نستعين » وهو مشغول في الالتفات ببصره والإصغاء إلى حديث الآخرين ، كان كاذبا في قراءته ، فإن الله ينظر إليه فيراه منلفا في صلاته أو مشغولا بخاطره وقلبه في دكانه وتجارته ، وهو مع هذا يقول « نعبد » فيقول الله له « كذبت » أين صدقك في قولك نعبد ؟ 
فيحضر العارف هذا كله في خاطره ويستحي أن يقول إياك نعبد لئلا يقول له كذبت ، فلابد أن يجتمع من هذه تلاوته على عبادة ربه حتى يقول له : صدقت في عبادني وطلب معوتني .


ص 451

قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأفعال "39"
وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى."40"
ولذلك قال: «والله )
………………………………………...
ولاختلاف أحوال الذاکرین أعني البواعث لذكرهم ، فذاكر نبعثه الرغبة ، وذاكر تبعنه الرهبة ، وذاكر يبعثه التعظيم والإجلال ، أجاب الحق على أدنى مراتب العالم ، وهو الذي يتلو بلسانه ولا يفهم بقلبه لأنه لم يتدبر ما قاله - إذا كان التالي عالمة باللسان - ولا ما ذكره . فإن تدبر تلاوته أو ذكره كانت إجابة الحق له بحسب ما حصل في نفسه من العلم بما تلاه ، فتدبر ما نصصناه لك.
الفتوحات ج 1 / 416 ، 423 - مواقع النجوم .


39 - تكبيرة الإحرام في الصلاة
سميت التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام ، أي يحرم على العبد في ص لاته أن يتصرف بعضو من أعضائه فيما ليس من الصلاة ، وكل ما أبيح له من الفعل فيها فهو من الصلاة ، ولكن لا من صلاة كل مصل إلا لمصل عرض له في صلاته من ذلك شيء تفعله مثل قتل العقرب والحية في الصلاة ، وهي الأمور المنصوص عليها ، وكل فعل يجوز أن يفعل في الصلاة فهو صلاة لأن الشارع عينها فلا تبطل الصلاة بفعل شيء منها ، وجعل الله أفضل أفعال الصلاة السجود وأفضل أقوالها ذكر الله بالقرآن.
الفتوحات ج 1 / 410 ، 443 - ج 3 / 503 .


40 - « إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اکبر» - الآية
« إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر » يعني بصورتها ، فإن التكبيرة الأولى تحریمها والسلام منها تحليلها ، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، هكذا أخبر تعالی انباء عن حقيقة لأجل ما فيها من الإحرام ، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر بسبب تكبيرة الإحرام ، فإنه حرم على المصلي التصرف في غير الصلاة ما دام في الصلاة ، فذلك الإحرام نهاه عن الفحشاء والمنكر ، فإن الإحرام المنع من التصرف


ص 452
 

قال الشيخ رضي الله عنه : ( يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها."41"
ومن ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة،"42" 
وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما )
……………………………………………..
في شيء مما يغاير كونه مصليا ، فانتهى المصلي . فصح له أجر من عمل بأمر الله وطاعه وأجر من انهي عن محارم الله في نفس الصلاة، وإن كان لم بنو دلك. فانظر ما أرى الصلاة كيف أعطت هذه المسألة العجيبة .
"ولذكر الله أكبر"، يعني القول فيها أشرف أفعال المكلف . فإنها نشتمل على أفعال وأقوال أي « ولذكر الله » فيها « أكبر » أعمالها وأكبر أحوالها . 

أي ذكر الله أكبر ما فيها ، فهو أكبر من جملة أفعالها فإنها تشتمل على أقوال وأفعال . فذكر الله في الصلاة أكبر أحوال الصلاة ، قال تعالى « اذكروني أذكركم » فذكر الله في الصلاه أكبر من جميع أفعالها وأقوالها ، فإنك إن ذكرن الله فيها كان جليسك في باك العبادة ، فإنه أخبر أنه جليس من ذكره « فيذكر الله الذاكر له أيضا ».
 

41 - « او القى السمع وهو شهيد» - الآية
« أو ألقى السمع » لخطاب الحق لما قيل له وعرف به . فالدي ينبغي للعبد أن يصغي إلى الحق ويخلي سمعه لكلامه ، حتى يكون الحق هو الذي يسلوه بلسانه ويسمعه ويتولى شرح کلامه ويترجم للعبد عن معناه ، فيأخذ العلم منه لا من فكره واعتباره . وإنما ألقى السمع لما يقوله الحق له « يا عبدي أردت بهده الآية كذا وكذا وبهذه الآية الأخرى كذا وكذا ».
الفتوحات ج 1 / 239 - ج 3 / 471 ، 484

42 - الحركات الثلاث
اعتبر العلماء الجهات بوجود الإنسان ، وجعلوا الاستقامة في نشأته وحركته إلى جهة رأسه فسموا حركته مستقيمة ، وكل حركة تقابل حركة الإنسان على سستها تسمى منكوسة فالنبات الذي لا حس له وله النمو حرکته كلها منكوسة ، وإذا كانت

ص 453
قال الشيخ رضي الله عنه : ( يتحرك بغيره.
وأما قوله «و جعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له.
فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء."43"
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي.
ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: "44" )
……………………………………….
الحركة بين الحركة المنكوسة والمستقيمة يقابل المتحرك برأسه الأفق كانت حركته أفقية كالحيوان ۰الفتوحات ج 2 / 464.
فالصلاة تعم جميع المقامات الخصوصية بروحانية أهل السموات ، وحبيت بجميع الحركات . المستقيمة في الإنسانيات عند القرآن ، والأفقيات في الحيوانات عند الركوع للأذكار العظيمات، والمنكوسة في النباتات عند السجود لابتغاء القربات.
راجع كتاب التنزلان الموصلية.
 
43 - راجع حبب إلي من دنياكم ثلاث ص 434 - حب النساء
 
44 - الصلاة
اعلم أيدك الله بروح القدس ، أن مسي الصلاة يضاف إلى ثلاثة وإلى رابع" هو الحق تعالی" ثلاثة بمعنيين ، بمعنی شامل ، وبمعني غير شامل ، فتضاف الصلاة إلى الحق بالمعنى الشامل ، والمعنى الشامل هو الرحمة ، قال تعالى « هو الذي يصلي عليكم » فوصف نفسه بأنه يصلي أي يرحمكم بأن يخرجكم من الظلمات إلى النور ، يقول من الضلالة
 
ص 454
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد. "45"
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد )
………………………………………………..
إلى الهدى ، ومن الشقاوة إلى السعادة ، وتضاف الصلاة إلى الملائكة بسعني الرحمة والاستغفار والدعاء ، وتضاف الصلاة إلى البشر بمعنى الرحمة والدعاء والأفعال المخصوصة المعلومة شرعا. وتضاف الصلاة إلى كل ما سوى الله من جميع المخلوقات ملك وإنسان وحيوان ونبات ومعدن بحسب ما فرضت عليه وعينت له ، قال تعالى « ألم تر أن الله يسبح له من في السوان ومن في الأرض والطير صافات ، كل قد علم صلاته وسبيحه » فأضاف الصلاة إلى الكل . والصلاة لغة مشتقة من المصلي في الخيل وهو الذي يلي السابق في الحلبة . 
لذا كان السابق في القواعد ( حديث بني الإسلام على خمس ) الشهادة والمصلي هي الصلاه . وأخبرنا أنه يصلي علينا . والمفهوم من هذا أمران . 
الأمر الواحد أنه يصلي علينا فينبغي لنا أن نذكره بالمدح والثناء و نصلي له بكرة وأصيلا ، والأمر الآخر أنكم إذا صايم وذكرتم الله فإنه يصلي عليكم ، فإنه لما أمرنا بالذكر والصلاة فال « هو الذي بصلي عليكم » فصلاتنا وذكرنا له سبحانه بين صلاتين من الله تعالی . صلي علينا فصايا فصلى علينا ، فمن صلاته الأولى صلينا له ، ومن صلاته التانية علينا كانت السعادة لنا بأن جنينا ثمرة صلاتنا له وذكرنا ، لذلك جاءت إقامة الصلاة المفروضة بالفعل الماضي «فد قامت الصلاة » أراد قيام الصلاة من الله على العبد. ليقوم العبد إلى الصلاة فيقيم بقيامه نشأتها.
الفتوحات ج 1 / 386 ، 387 ، 539 .
أما من ناحية الاسم الإلهي الأول والاسم الآخر فليراجع التنزلات الموصلية في معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة.
 
45 - إله المعتقد
في هذا المقام يقول العارف « أما أنا فعرفته وما بقي إلا أن يعرفني » عسر هذا الكلام على أكثر أهل الأفهام من السادات الأعلام ، وما علم المنكر أن لكل معتقد ربا في قلبه أوجده فاعتقده ، وهم أصحاب العلامة يوم القيامة ، فما اعتقدوا إلا
 
ص 455
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه.  "46" فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه )
…………………………...
ما نحتوا، ولذلك لما تجلى لهم في غير تلك الصوره بهتوا ، فهم عرفوا ما اعتقدوا ، والدي اعتقدوه ما عرفهم لأنهم أوجدوه ، والأمر الجامع أن المصنوع لا يعرف الصانع ، الدار لا تعرف من بناها ولا من عدلها فسواها . 
الفتوحات ج 4 / 391
 
46 - « نون الماء لون إنائه »
اعلم أنه لما لم يتقيد أمر الإله ولا انضبط ، وجهل الأمر ، وتبين أنه لم يكن معلوما في وفت الاعتقاد بأنه كان معلوما لنا ، ولم بحصل في العلم به أمر ثبوني بل سلب محقق ونسبة معقولة ، أعطتها الآثار الموجودة في الأعيان ، فلا كيف ولا این ولا مني ولا وضع ولا إضافة ولا عرض ولا جوهر ولا كم وهو المقدار ، وما بقي من العشرة إلا انفعال محقق وفاعل معين ، أو فعل ظاهر من فاعل مجهول يرى أثره ولا يعرف خبره ولا يعلم عينه ولا يجهل كونه ، فإنه ما تم من يقع عليه عين ، ولا يضبطه خیال ، ولا من يحدده زمان . 
ولا من تعدده صفات وأحكام . ولا من تكيفه أحوال ، ولا من يمیزه أوضاع . 
ولا من تظهره إضافة ، فهو لا يقبل الصفات ، والعلم يرفع الخيال . 
فالذي يحفظه الإنسان إنما هو اعتقاده في قلبه ، فذلك الذي وسعه عن ربه . 
فاعلم أنك ما زلت عنك ، ولا عرفت سوى ذاتك ، فالحادث لا يتعلق إلا بالمناسب . 
وهو ما عندك منه ، وما عندك حادت ، فما برحت من جنسك ، وما عبدت على الحقيقة سوى ما نصبته في نفسك ، ولهذا اختلفت المقالات في الله ، وتغيرت الأحوال ، فقالت طائفة في العلم به « لون الماء لون إنائه » .
الفتوحات ج 2 / 211
 
ص 456
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الحليم  الغفور. "47"
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا"48"
وثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها )
……………………………………………..
47 - «كل قد علم صلاته وتسبيحه » - الآية
الضمير يعود على الله من قوله صلاته ، أي صلاة الله عليه بنفس وجوده ورحمته به في ذلك وأضاف الله الصلاة في هذه الآية إلى الكل « وتسبيحه و الضمير يعود في تسبيحه على كل ، أي ما يسبح ربه به ، قال تعالی د تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن » « وإن من شيء إلا يسبح بحمده » فان الله ما خلق الأشياء من أجل الأشياء ، وإنما خلقها ليسبحه كل جنس من الممكنات بما يليق به من صلاة وتسبيح ، لتسري عظمته في جميع الأكوان وأجناس الممكنات وأنواعها وأشخاصها ، فالكل له تعالى ملك ، وباعادة الضمير في صلاته على الله ، وصف الحق نفسه بالصلاة وما وصف نفسه بالتسبيح ، فعم بهذه الآية العالم الأعلى والأسفل وما بينهما برحمته ، فإن صلاة الله هي رحمته ، والتسبيح تنزيه . 
الفتوحات ج 1 / 540 ، 386 - ج 2 / 200 - ج 3 / 555.
 
48 - « ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا » - الآية
فقوله تعالى " يسبح بحمده " تسبیح نطق يليق بذلك الشيء ، لا تسبیح حال، ولهذا قال « ولكن لا تفقهون تسبيحهم » لاختلاف ما يسبحون به إلا لمن سمعه ، فهذا التسبيح لا يفقه بالنظر العقلي من جهة الفكر والنظر ، إلا أن يمن الله على بعض عباده بعلم ذلك "إنه كان حليما" ، فلم يعجل عليكم بالعقوبة وأمهلكم حيث لم يؤاخذكم سريعة بما رددتم من ذلك وقلتم إنه تسبيح حال ، فلم يؤاخذ مع القدرة « غفورا » حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه ، فكان غفورا أي ساترة نطقهم عن أن تتعاق به الأسماع إلا لمن خرق الله له العادة ، فإذا أراد العبد نجاة نفسه
 
ص 457
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله، إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده،"49"  فإن الإله )
…………………………………...
وتحصيل أسباب سعادته فلا يحمد الله إلا بحمده كان ما كان على علم الله في ذلك من غير تعيين ، وهذه الآية إخبار من الحق عن الأشياء أنها تنزه بحمده أي بالثناء عليه، والتنزيه البعد، وما ذكر الله أنه أمرهم بتسبيحه بل أخبر أنهم يسبحون بحمده. الفتوحات ج 1 / 247 ، 398 - ج 2 / 510 - ج 3 / 375 ، 393
 
49 - رؤية الحق في كل اعتقاد
ورد في الحديث أن الله يتجلى يوم القيامة لهذه الأمة وفيها منافقوها ، فيقول : أنا ربكم فيستعيذون منه ، لا يجدون له تعظيمة وينكرونه لجهلهم به ، فإذا تجلى لهم في العلامة التي يعرفونه بها أنه ربهم حينئذ يجدون عظمته ، وحديث التجلي في الصور أخرجه مسلم في صحيحه ، فالحق سبحانه يتحول في الصور وهو سبحانه لا غيره ، فأنكر في صورة وأقر به في صورة ، والعين واحدة والصور مختلفة ، ولو لم يكن من شرف العلم إلا في تجلي الحق في صورة تنكر ثم تحوله في صورة تعرف [ وهو هو في الأولى والثانية ، وان موطن تلك المشاهدة لا يتمكن في نفس الأمر إلا أن تكون مقيدة ، لأن الذي يشهد وهو عين العبد مقید بامكانه ، فلا يمكن له شهود الإطلاق. ولا بد من الشهود ، فظهر له المشهود مقيدا بالصورة : مقيدا بالتحول في الصور ] فأعطى التحول الإنسان علما لم يكن عنده ، فعلم عند ذلك أن الأمر لا يتناهى ، وما لا يتناهى لا يدخل تحت القيد ، ويريد بذلك ارتفاع الشك في أنه المرئي تعالی لا غيره .
 
ص 458
 
 
* * * * *
……………………………………………...
والعالم والعارف أن الحق وإن احتجب ، فهو في تجل لا يعرفه كل عارف إلا من أحاط علما بما أحاط به الكامل من المعارف ، ألا ترى الحق يتجلى في القيامة في غير الصورة التي يعرفونها والعلامة، فينكرون ربوبيته ومنها يتعوذون وبها يتعوذون، ولكن لا يشعرون ، ولكنهم يقولون لذلك المتجلي نعوذ بالله منك ، وها نحن لربنا متنظرون ، فيخرج الحق عليهم في الصورة التي لديهم فيقرون له بالربوبية وعلى أنفسهم بالعبودية ، فهم لعلامتهم عابدون وللصورة التي تقررت عندهم مشاهدون ، فمن قال إنه عبد الله كيف يصح عندما يتجلى له أن ينكره ، فمن قيده بصورة دون سورة فتخيله عبد ، وهو الحقيقة الممكنة في قلبه المستورة ، فهو يتخيل أنه يعبده وهو يجحده ، والعارفون ليس في الإمكان خفاؤه عن أبصارهم ، لأنهم غابوا عن الخلق وعن أسرارهم ، فلا يظهر لهم عندهم إلا الحق ، ولا يعقلون من الموجودات سوى أسمائه .
فالرؤية يوم الزيارة تابعة للاعتقادات في الدنيا ، فمن اعتقد في ربه ما أعطاه النظر وما أعطاه الكشف وما أعطاه تقليد رسوله ، فإنه يرى ربه في صورة وجه كل اعتقاد ربط عليه ، إلا أنه في تقليد نبيه يراه بصورة نبيه من حيث ما أعلمه ذلك الرسول فما أوحى به إليه في معرفته بربه ، فلمثل هذا ثلاث تجليات بثلاثة أعين في الآن الواحد ، وكذلك حكم صاحب النظر وحده أو صاحب الكشف وحده أو صاحب التقليد وحده ، والعارف الكامل يعرفه في كل صورة يتجلى بها ، وفي كل صورة ينزل فيها ، وغير العارف لا يعرفه إلا في صورة معتقده وينكره إذا تجلى له في غيرها.
عقد الخلائق في الإله عقائدا   ….. وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
لا بدا صورة لهم متحولا    ….. قالوا بما شهدوا وما جحدوه 
ذاك الذي أجني عليهم خلفهم  ….. بجميع ما قالوه واعتقدوه 
إن أفردوه عن الشريك فقد نحوا …..     في ملكه ربا كما شهدوه
 
ص 459
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: "50"
والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا.
وكان الفراغ منه في عاشر شهر جمادي الآخرة سنة تسع و ثلاثين و ثمانمائة أحسن الله عاقبتها بمحمد و آله آمين)
…………………………………………….
قد أعذر الشرع الموحد وحده    …. والمشركون شقوا وإن عبدوه 
وكذالك أهل الشك أخسر منهم  …. والجاحدون وجود من وجدوه 
والقائلون بنفيه أيضا شقوا      ….. مثل الثلاثة حين لم يجدوه 
أجني عليهم من تأله حين ما    ….. أهل السعادة بالهدى عبدوه
لو وافق الأقوام إذ أغواهم      ….. وتنزهوا عن غيه طردوه 
 
الفتوحات ج 2 / 85 - ج 3 / 132
 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:28 am

 السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والثلاثون الجزء الخامس ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والثلاثون :-                                                الجزء الخامس

لا يتجلى الحق لعبد إلا في صورة نفسه - فص 12 ، هامش 9، ص 192
""9 – أ -  التجلي الإلهي :
لما كان العلم الأول في المعرفة هو العلم بالحقائق وهو العلم بالأسماء الإلهية كان العلم الثاني من علوم المعرفة هو علم التجلي ، وهو أن التجلي الإلهي دائم لا حجاب عليه ، ولكن لا يعرف أنه هو ، فإن الحضرة الإلهية متجلية على الدوام لا يتصور في حقها حجاب عناء .
واعلم أن الحق له نسبتان في الوجود :
نسبة الوجود النفسي الواجب له .
ونسبة الوجود الصوري ، وهو الذي يتجلى فيه لخلقه .
إذ من المحال أن يتجلى في الوجود النفسي الواجب له ، فالتجلي الذاتي منوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر ، لأنه لا عين لنا ندر که بها، إذ نحن في حال عدمنا ووجودنا مرجحون ، لم يزل عنا حكم الإمكان ، فلا تراه إلا بنا من حيث ما تعطيه حقائقنا ، لأن التجلي على ما هو المتجلي عليه في نفسه محال حصوله لأحد ، فلا يقع التجلي إلا من دون ذلك مما يليق بمن يتجلى له .
فعلمنا قطعا أن الذات لا تتجلى أبدا من حيث هي ، وإنما تتجلى من حيث صفة ما معتلية ، والتجلي الإلهي لا يكون إلا للإله والرب، لا يكون الله أبدا فإن الله هو الغني .
كما لا يتجلى في الاسم الأحد ولا في الاسم الله ولا يصح النجلي فيه ، فإنه لا يعرف معناه ، ولا يسكن وقتا ما في معناه .
و بهذا السر تميز الإله من المألوه ، والرب من المربوب ، وما عدا هذين الأسمين من الأسماء المعلومات لنا فإن التجلي يقع فيها ، كما أن حضرة الجلال لها السبحات المحرقة، ولهذا لا يتجلى في جلاله أبدا ، ولكن يتجلى في جلال جماله لعباده ، فبه يقع التجلي .
إذا علمت هذا فلابد أن يكون تجلي الحق في الوجود الصوري ، وهو التجلي في المظاهر ، وهو التجلي في صور المعتقدات كائنة بلا خلاف ، والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف ، وهما تجلي الاعتبارات ، لأن هذه المظاهر سواء كانت صورالمعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم.
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمر لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم ، وليس وراء ذلك العلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا، وأما التجلي في الأفعال أعني نسبة ظهور الكائنات والمظاهر عن الذات التي تتكون عنها الكائنات وتظهر عنها المظاهر ، فالحق سبحانه قرر في اعتقادات قوم وقوع ذلك ، وقرر في اعتقادات قوم منع وقوع ذلك .
فالتجلي الصوري هو الذي يقبل التحول والتبدل ، فتارة يوصف به الممكن الذي يختلع به ، وتارة يظهر به الحق في تجليه ، فإن للألوهية أحكاما وإن كانت حکما ، وفي صورة هذه الأحكام يقع التجلي في الدار الآخرة حيث كان ، فإنه قد اختلف في رؤية النبي مع ربه كما ذكر ، وقد جاء حديث النور الأعظم من رفرف الدر والياقوت وغير ذلك .
واعلم أن الله تجليين ، تجليا عاما إحاطيا ، وتجليا خاصا شخصيا، فالتجلي العام تجل رحماني ، وهو قوله تعالى « الرحمن على العرش استوى » والتجلي الخاص هو ما لكل شخص شخص من العلم بالله .
فتوحات ج 1 / 41 ، 91 - ج 2 / 303 ، 542 ، 606 - ج 3 / 101 ، 178 ، 180 ، 516.
ذخائر الأعلاق - التنزلات الموصلية .


9 - ب - حظ العارف من العلوم في التجلي:
لما كانت العلوم تعلو وتتضع بحسب المعلوم لذلك تعلقت الهمم بالعلوم الشريفة العالية التي إذا اتصف بها الإنسان زکت نفسه وعظمت مرتبته .
فأعلاها مرتبة العلم بالله ، وأعلى الطرق إلى العلم بالله علم التجليات ودونها علم النظر ، وليس دون النظر علم إلهي وإنما هي عقائد في عموم الخلق لا علوم، التجلي أشرف الطرق إلى تحصيل العلوم ، فأول مقام للعارف هو أن يتجلى له الحق في غير مادة ، لأن العارف أو العالم
في حضرة الفكر والعقل ، فيعلم من الله على قدر ما كان ذلك التجلي ولا يقدر أحد على تعيين ما تجلى له من الحق ، إلا أنه تجلى في غير مادة لا غير .
وسبب ذلك أن الله يتجلى لكل عبد من العالم في حقيقة ما هي عين ما تجلى بها لعبد آخر ، ولا هي عين ما يتجلى له بها في مجلى آخر .
فلذلك لا يتعين ما تجلى فيه ولا ينقال ، فإذا رجع العبد من هذا المقام إلى عالم نفسه عالم المواد صحبه تجلي الحق ، فما من حضرة يدخلها من الحشرات لها حكم إلا ويرى الحق قد تحول بحكم تلك الحضرة ، والعبد قد ضبط منه أولا ما ضبط ، فيعلم أنه قد تحول في أمر آخر ، فلا يجهله بعد ذلك أبدا ولا ينحجب عنه .
فإن الله ما تجلى لأحد فاتحجب عنه بعد ذلك ، فإنه غير ممكن أصلا ، فإذا نزل العبد إلى عالم خیاله وقد عرف الأمور على ما هي عليه مشاهدة وقد كان قبل ذلك عرفها علما و إيمانا ، رأى الحق في حضرة الخيال صورة جسدية ، فلم ينكره وأنكره العابر والأجانب .
ثم نزل من عالم الخيال إلى عالم الحس والمحسوس فنزل الحق معه لنزوله فإنه لا يفارقه ، فيشاهده صورة كل ما شاهده من العالم ، لا يخص به صورة دون صورة من الأجسام والأعراض ، ويراه عين نفسه ، ويعلم أنه ما هو عين نفسه ولا عين العالم.
ولا يحار في ذلك لما حصل له من التحقيق بصحبة الحق في نزوله معه من المقام الذي يستحقه ، وهذا مشهد عزیز .
ما رأيت من يقول به من غير شهود إلا في عالم الأجسام و الأجساد ، وسبب ذلك عدم الصحبة مع الحق لما نزل من المقام الذي يستحقه ، وما رأيت واحدا من أهل هذا المقام ذوقا .
إلا أنه أخبرتني أهلي مريم بنت عبدون أنها أبصرت واحدا وصفت لي حاله ، فعلمت أنه من أهل هذا الشهود إلا أنها ذكرت عنه أحوالا تدل على عدم قوته فيه وضعفه مع تحققه بهذا الحال .
ورد في الخبر الصحيح في تجابه سبحانه في موطن التلبيس ، وهو تجليه في غير صور الاعتقادات من حضرة الاعتقادات ، فلا يبقى أحد يقبله ولا يقر به ، بل يقولون
إذا قال لهم « أنا ربكم » « نعوذ بالله منك » فالعارف في ذلك المقام يعرفه ، غير أنه قد علم منه بما أعلمه أنه لا يريد أن يعرفه في تلك الحضرة من كان هنا مقيد المعرفة بصورة خاصة يعبده فيها .
فمن أدب العارف أن يوافقهم في الإنكار ولكن لا يتلفظ بما تلفظوا به من الاستعاذة منه ، فإنه يعرفه ، فإذا قال لهم الحق في تلك الحضرة عند تلك النظرة « هل كان بينكم وبينه علامة تعرفونه بها» فيقولون « نعم » فيتحول لهم سبحانه في تلك العلامة ، مع اختلاف العلامات .
فإذا رأوها وهي الصورة التي كانوا يعبدونه فيها ، حينئذ اعترفوا به ، ووافقهم العارف بذلك في اعترافهم ، أدبا منه مع الله وحقيقة ، وأقر له بما أقرت الجماعة .
راجع كتابنا الخيال ص 15 ، 24، وكتابنا ترجمة حياة الشيخ ص 171.
فتوحات ج 1/ 166 - ج 2 / 609 - ج 3 / 234 ، 235.
 
9 - ج - التجلي الإلهي للحس والبواطن من الاسم الإلهي الظاهر
إن الله جعل لكل شيء ونفس الإنسان من جملة الأشياء ظاهرا وباطنا.
فهي تدرك بالظاهر أمورا تسمى عينا، وتدرك بالباطن أمورا تسمى علما، والحق سبحانه هو الظاهر والباطن، فبه يقع الإدراك.
فإنه ليس في قدرة كل ما سوى الله أن يدرك شيئا بنفسه ، وإنما أدر که بما جعل الله فيه (راجع « كنت سمعه و بصره » الفص 10  ص 146 ) .
و تجلي الحق لكل من تجلى له من أي عالم كان من عالم الغيب والشهادة إنما هو من الاسم الظاهر ، وأما الاسم الباطن فمن حقيقة هذه النسبة أنه لا يقع فيها تجل أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة . 
إذ كان التجلي عبارة عن ظهوره لمن تجلى له في ذلك المجلي ، وهو الاسم الظاهر ، فإن معقولية النسب لا تتبدل وإن لم يكن لها وجود عيني لكن لها الوجود العقلي ، فهي معقولة ، فإذا تجلى الحق إما منة أو إجابة لسؤال فيه ، فتجلى لظاهر النفس ، وقع الإدراك بالحس في الصورة في برزخ التمثل ، فوقعت الزيادة عند المتجلى له في علوم
الأحكام إن كان من علماء السريعة، ومن علوم موازين المعاني إن كان منطقيا، ومن علم میزان الكلام إن كان نحويا.
وكذلك صاحب کل علم من علوم الأكوان وغير الأكوان تقع له الزيادة في نفسه من علمه الذي هو بصدده، فأهل هذه الطريقة يعلمون أن هذه الزيادة إنما كانت من ذلك التجلي الإلهي لهؤلاء الأصناف.
فإنهم لا يقدرون على إنكار ما کشف لهم، وغير العارفين يحسون بالزبادة وينسبون ذلك إلى أفكارهم، وغير هذين يجدون من الزيادة ولا يعلمون أنهم استزادوا شيئا فهم في المثل کمثل الحمار يحمل أسفارا.
وإذا وقع التجلي أيضا بالاسم الظاهر الباطن النفس وقع الإدراك بالبصيرة في عالم الحقائق والمعاني المجردة عن المواد، وهي المعبر عنها بالنصوص. 
إذ النص ما لا إشكال فيه ولا احتمال بوجه من الوجوه، وليس ذلك إلا في المعاني، فيكون صاحب المعاني مستريحا من تعب الفكر، فتقع الزيادة عند التجلي في العلوم الإلهية وعلوم الأسرار وعلوم الباطن وما يتعلق بالآخرة، وهذا مخصوص بأهل طريقنا. 
فتوحات ج 1 / 166 . 

9 - د - التجلي لكل مخلوق من الوجه الخاص
اعلم أنه ما من موجود في العالم إلا وله وجه خاص إلى موجده إذا كان من عالم الخلق، وإن كان من عالم الأمر فما له سوى ذلك الوجه الخاص.
وأن الله يتجلى لكل موجود من ذلك الوجه الخاص فيعطيه من العلم به ما لا يعلمه منه إلا ذلك الموجود.
وسواء علم ذلك الموجود أو لم يعلمه، أعني أن له وجها خاصا، وأن له من الله علما من حيث ذلك الوجه، لا علم للعقل به، فإنه سر الله الذي بينه وبين كل مخلوق لا تعرف نسبته. 
ولا يدخل تحت عبارة، ولا يقدر مخلوق على إنكار وجوده، فهو المعلوم المجهول وما فضل أهل الله إلا بعلمهم بذاك الوجه، ثم يتفاضل أهل الله في ذلك.
فمنهم من يعلم العلم الذي يحصل له من التجلي، ومنهم من لا يعلمه، أعني على التعيين .
وما أعني بالعلم إلا متعلق العلم هل هو كون أو هو الله من حيث أمر ما.
 
فتوحات ج 2 / 304 - ج 4 / 222 .

9  - هـ - أنواع التجلي الإلهي
اعلم أن التجلي الإلهي لكل مخلوق من الوجه الخاص هو التجلي في الأشياء المبقي أعيانها .
وأما التجلي للاشياء فهو تجل يفني أحوالا ويعطي أحوالا في المتجلی له .
ومن هذا التجلي توجد الأعراض والأحوال في كل ما سوى الله ، ثم له تجل في مجموع الأسماء فيعطي في هذا التجلي في العالم المقادير والأوزان والأمكنة والأزمان والشرائع وما يليق بعالم الأجسام وعالم الأرواح والحروف اللفظية والرقمية وعالم الخيال .
ثم له تجل آخر من أسماء الإضافة خاصة ، كالخالق وما أشبهه من الأسماء ، فيظهر في العالم التوالد والتناسل والانفعالات والاستحالات والأنساب ، وهذه كلها حجب على أعيان الذوات الحاملات لهذه الحجب عن إدراك ذلك التجلي الذي لهذه الحجب الموجد أعيانها في أعيان الذوات . و بهذا القدر تنسب الأفعال للأسباب . 
ولولاها لكان الكشف فلا يجهل ، فـ بالتجلي تغير الحال على الأعيان الثابتة من الثبوت إلى الوجود ، وبه ظهر الانتقال من حال إلى حال في الموجودات، وهو خشوع تحت سلطان التجلي .
فله النقيضان يمحو ويثبت ، ويوجد ويعدم ، فالله متجلي على الدوام لأن التغييرات مشهودة على الدوام في الظواهر والبواطن ، والغيب والشهادة والمحسوس والمعقول ، فشأنه التجلي وشأن الموجودان التغيير بالانتقال من حال إلى حال ، فمنا من يعرفه ، ومنا من لا يعرفه . 
فمن عرفه عبده في كل حال ومن لم يعرفه أنكره في كل حال.
 فتوحات ج 2 / 303 ، 304 .


9  - و - الموانع من إدراك التجلي
القلوب أبدا لا تزال مفطورة على الجلاء مصقولة صافية ، فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر ، الذي هو التجلي الذاتي ( هذا اصطلاح ليس المقصود منه تجلي الذات على ما هي عليه ) .
فذلك قلب المشاهد المكمل العالم الذي لا أحد فوقه في تجلي من التجليات ، ودونه تجلي الصفات ، ودونهما تجلي الأفعال ، ولكن من كونها من الحضرة الإلهية .
ومن لم تتجلى له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن الله تعالى المطرود من قرب الله تعالى .
فانظر وفقك الله في القلب على حد ما ذكرناه ، وإن اشتغل القلب بعلم الأسباب عن العلم بالله ، كان تعلقه بغير الله صدأ على وجه القلب لأنه المانع من تجلي الحق إلى هذا القلب .
فما يجده عالم الطبيعة من الحجب المانعة عن إدراك الأنوار من العلوم والتجليات بکدورات الشهوات والشبهات الشرعية وعدم الورع في اللسان والنظر والسماع والمطعم والمشرب والملبس والمركب والمنكح ، و کدورات الشهوات بالانكباب عليها والاستفراغ فيها وإن كانت حلالا .
وإنما لم يمنع نيل الشهوات في الآخرة وهي أعظم من شهوات الدنيا من التجلي ، لأن التجلي هناك على الأبصار ، وليست الأبصار محل الشهوات .
والتجلي هنا في الدنيا إنما هو على البصائر والبواطن دون الظاهر ، والبواطن محل الشهوات .
ولا يجتمع التجلي والشهوة في محل واحد ، فلهذا جنح العارفون والزهاد في الدنيا إلى التقليل من نيل شهواتها والشغل بكسب حطامها .
ومن أحدث في نفسه ربوبية فقد انتقص من عبوديته بقدر ما أحدث ، وإذا انتقص من عبوديته بقدر ذلك ينتقص من تجلي الحق له ، وإذا انتقص من تجلي الحق له اتنقص علمه بربه ، وإذا انتقص علمه بربه جهل منه سبحانه وتعالى بقدر ما نقصه فتوحات ج 1 / 91 ، 154 ، 343.
 
 9 - ز - الإستعداد للتجلي
اعلم أن نور التجلي المنفهق يسري في زوايا الجسم فيبهت العقل وبهره ، فلا يظهر للمتجلي له تصريف ولا حركة لا ظاهرة ولا باطنة.
فإذا أراد الله أن يبقي العبد أرسل على القلب سحابة كون ما تحول بين النور المنفهق من التجلي وبين القلب .
فيتشر النور إليها منعکسا وتشرح الأرواح والجوارح ، وذلك هو التثبيت ، فيبقى العبد مشاهدا من وراء تلك السحابة ، لبقاء الرسم ، وبقي التجلي دائما لا يزول أبدا ، ولهذا يقول كثير إن الحق ما تجلى لشيء قط ثم انحجب عنه بعد ذلك ، ولكن تختلف الصفات .
 
واعلم أيدنا الله وإياك ، أن الأمر في التجلي قد يكون بخلاف ترتيب الحكمة التي عهدت ، وذلك أنا قد بينا استعداد القوابل .
وأن هناك ليس منع بل فيض دائم وعطاء غير محظور [ فلو لم يكن المتجلى له على استعداد ، أظهر له ذلك الاستعداد هذا المسمى تجليا ، ما صح أن يكون هذا التجلي ، فكان ينبغي له أن لا يقوم به دك ولا صعق ، هذا قول المعترض علينا ] .
قلنا له يا هذا : 
الذي قلناه من الاستعداد ، نحن على ذلك ، الحق متجلي دائما والقابل لإدراك هذا التجلي لا يكون إلا باستعداد خاص ، وقد صح له ذلك الاستعداد فوقع التجلي في حقه ، فلا يخلو أن يكون له أيضا استعداد البقاء عند التجلي أو لا يكون له ذلك .
فإن كان له ذلك فلابد أن يبقى ، وإن لم يكن له فكان له استعداد قبول التجلي ولم يكن له استعداد البقاء .
ولا يصح أن يكون له فإنه لابد من اندكاك أو صعق أو فناء أو غيبة أو غنية ، فإنه لا يبقى له مع النهود غير ما شهد فلا تطمع في غير مطمع.
 
إذا تجلى لمن تجلى ... أصعقه ذلك التجلي
وإن تولى عمن تولى ... أهلكه ذلك التولي
وإن تدلى بمن تدلى ... نوره ذلك التدلي
قلت الذي قدسمعتموه ... بالله يا سيدي فقل لي
لما رأيت الذي تجلى ... اشهدني فيه عين ظلي
من لي إذا لم أكن سواه ... وليس عيني قل لي فمن لي
الله لا ظاهر سواه ... في كل ضد وكل مثل
وكل جنس وكل نوع ... وكل وصل وكل فصل
وكل حس وكل عقل ... وكل جسم وكل شكل
فليس التفاضل ولا الفضل في التجلي ، وإنما التفاضل والفضل فيما يعطي الله لهذا المتجلى له من الاستعداد .
وعين حصول التجلي عين حصول العلم لا يعقل بينهما بون ، کوجه الدليل في الدليل سواء ، بل هذا أتم وأسرع في الحكم ، ولا يدل تعدد التجليات ولا كثرتها على الأشرفية، وإنما الأشرف من له المقام الأعم، وأما التجلي الذي يكون معه البقاء والعقل والالتذاذ والخطاب والقبول فذلك التجلي الصوري.
ولابد مع التجلي من تعريف إلهي، إما بصفاء الإلهام أو بما شاء الحق من أنواع التعريف، ومن لم ير غير التجلي الصوري ربما حكم على التجلي بذلك مطلقا من غير تقييد، والذي ذاق الأمرين فرق ولابد.
الفتوحات ج 1 / 295 - ج 2 / 541 - ج 4 / 191 ، 192 - کتاب التدبيرات الإلهية . 
9 - ح - التجلي الإلهي في الصور في حضرة الخيال المطلق
الحقائق لا تنقلب فاللطف محال أن يرجع كثافة، ولكن اللطيف يرجع کثیفا کالحار يرجع باردا أو البارد حارا.
من هذا الباب يظهر تجلي الحق في الصور التي ينكر فيها أو يرى في النوم، فيرى الحق في صورة الخلق بسبب حضرة الخيال.
فإن الحضرات تحكم على النازل فيها وتكسوه من خلعها ما تشاء، أين هذا التجلي من « ليس كمثله شيء» ومن « سبحان ربك رب العزة عما يصفون » .
فالحكم للحضرة والموطن لأن الحكم للحقائق، والمعاني توجب أحكامها لمن قامت به ، فإن الله إذا تجلي في صورة البشر كما ورد فإنه يظهر بصورتها حسا ومعنی ، وهو اتصافه بالأوصاف الطبيعية من تغير الأحوال في الغضب والرضى والفرح والنزول والهرولة .
فإذا تجلى الحق للإنسان في المنام في صورته أو غيره في أي صورة تجلی، فلينظر فيما يلزم تلك الصورة المتجلي فيها من الأحكام فيحكم على الحق بها في ذاك الموطن ؛ فإن مراد الله فيها ذلك الحكم ولابد ، ولهذا نجلى فيها على الخصوص دون غيرها، ويتحول الحكم بتحول الصور .
فكما أن کل موجود هو إما محدث وهو الخلق وإما محدث اسم فاعل وهو الخالق فكذلك الصورة تقبل القدم والحدوث.
ولذلك يتجلى الحق لعباده على ما شاءه من صفاته، ولهذا ينكره قوم في الدار الآخرة لأنه تعالی تجلى لهم في غير الصورة والصفة التي عرفوها منه. 
ويتجلى للعارفين على قلوبهم وعلى ذواتهم في الآخرة عموما ، وعلى التحقيق الذي لا خفاء به عندنا أن حقائق الذات هي المتجلية للصنفين في الدارين أن عقل أو فهم من الله تعالى ، المرئي في الدنيا بالقلوب والأبصار ، مع أنه سبحانه النبيء عن عجز العباد عن درك كنهه .
فقال « لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير » لطيف بعباده بتجليه لهم على قدر طاقتهم « خبير » ضعفهم عن حمل تجليه الأقدس على ما نعطيه الألوهية ، إذ لا طاقة للتحدث على حمل القديم.
الفتوحات ج 1 /  77 - ج 2 / 472 - ج 3 / 280 ، 286 - ج 4 / 289 .
 
واعلم أن الله تعالی ما تجلى لك إلا في صورة علمه بك ولا كان عالما بك إلا منك. وأنت بذاتك أعطيته العلم بك، فإن الصورة تنقلب عليك إلى ما لا نهاية له، وتتقلب فيها أنت ، وتظهر بها إلى ما لا نهاية فيه .
ولكن حالا بعد حال ، انتقالا لا يزول؛ وقد علمك تعالى في هذه الصور على عدم تناهيها ، فيتجلى لك في صورة لم يبلغ وقت ظهورك بها .
لأنك مقيد وهو غير مقيد ، بل قيده إطلاقه ، وإنما يفعل هذا مع عباده ليظهر لهم في حال النكرة ، ولهذا ينكرون .
إلا العارفون بهذا المقام فإنهم لاينكرونه في أي صورة ظهر فإنهم قد حفظوا الأصل وهو أنه ما يتجلى لمخلوق إلا في صورة المخلوق ، إما التي هو عليها في الحال فيعرفه أو ما يكون عليه بعد ذلك فينكره.
حتى يرى تلك الصورة قد دخل فيها فحينئذ يعرفه ، فإن الله عليه وعام ما يؤول إليه ، والمخلوق لا يعلم من أحواله إلا ما هو عليه في الوقت ، و من عباد الله من يعلم ذلك إذا رأى الحق في صورة لا يعرفها .
علم بحكم الوطن وما عنده من القبول أنه ما تجلى له إلا في صورة هي له وما وصل وقتها ، فعلمها قبل أن يدخل فيها ، فهذا من الزيادة في العلم التي زادها الله ، فشكر الله الذي عرفه من موحان الإنكار . 
الفتوحات ج 4 / 109 ، 110 
وصاحب الرؤيا إذا رأى ربه تعالی کفاحا في منامه في أي صورة يراه يقول رأيت ربي في صورة كذا وكذا و يصدق ، ويصدق مع قوله تعالی «لیس کمثله شيء » .
 
فنفى عنه المماثلة في قبوله التجلي في الصور كلها التي لا نهاية لها لنفسه .
فإن كل من سواه تعالی ممن له التجلي في الصور لا يتجلى في شيء منها لنفسه ، وإنما يتجلى فيها بمشيئة خالقه وتكوينه ، فيقول للصورة التي يدخل فيها من هذه صفته کن فتكون الصورة فيظهر بها من له هذا القبول إذا شاء الحق .
قال تعالى : " في أي صورة ما شاء ركبك "، فجعل التركيب الله لا له ، وفي نسبة الصورة لله تعالى يقال في أي صورة شاء ظهر من غير جعل جاعل ، فلا يلتبس عليك الأمر في ذلك .
ولما لم يكن له تعالی ظهور إلى خلقه إلا في صورة ، وصوره مختلفة في كل تجل ، لا تتكرر صورة ، فإنه سبحانه لا يتجلى في صورة مرتين ، ولا في صورة واحدة لشخصين.
فإن الآية من كتاب الله ترد واحدة العين على الأسماع ، فسامع يفهم منها أمرا وسامع آخر لا يفهم منها ذلك الأمر ويفهم منها أمرا آخر .
وآخر يفهم منها أمورا كثيرة ، ولهذا يستشهد كل واحد من الناظرين فيها بها لاختلاف استعداد الأفهام .
وهكذا في التجليات الإلهية ، فالمتجلي من حيث هو في نفسه واحد العين ، واختلفت التجليات أعني صورها بحسب استعدادات المتجلى لهم .
ولما كان الأمر كذلك لم ينضبط للعقل ولا للعين على ما هو الأمر عليه ، وهذا هو التوسع الإلهي الذي لا ينحصر ولا يدخل تحت الحد فیضبطه الفكر .
ولا يمكن للعقل تقييده بصورة ما من تلك الصور ، فإنه ينتقض له ذلك الأمر في التجلي الآخر بالصورة الأخرى ، وهو الله في ذلك كله .
لا يشك ولا يرتاب ، إلا إذا تجلى له في غير معتقده فإنه يتعوذ منه كما ورد في صحيح الأخبار .
فيعلم أن ثم في نفس الأمر عينا تقبل الظهور في هذه الصور المختلفة لا يعرف لها ماهية أصلا ولا كيفية ، وإذا حكم ولابد بكيفية فيقول : الكيفية ظهورها فيما شاء من الصور فتكون الصور مشاءة .
فالعارفون أهل الله علموا أن الله لا يتجلى في صورة واحدة لشخصين ولا في صورة واحدة مرتين.
فلم ينضبط لهم الأمر، لما كان لكل شخص تجلي يخصه ، ورآه
الإنسان من نفسه ، فإنه إذا تجلى له في صورة ثم تجلى له في صورة غيرها ، فعلم من هذا التجلي ما لم يعلمه من هذا التجلي الآخر من الحق ، هكذا دائما في كل تجلي.
علم أن الأمر في نفسه كذلك في حقه وحق غيره ، فلا يقدر أن يعين في ذلك اصطلاحا تقع به الفائدة بين المتخاطبين ، فهم يعلمون ولا ينقال ما يعلمون .
ولا في قوة أصحاب هذا المقام الأبهج الذي لا مقام في الممكنات أعلى منه .
أن يضع عليه لفظا يدل على ما علمه منه ، إلا ما أوقعه تعالى وهو قوله تعالى: « ليس كمثله شيء » فنفى المماثلة .
فما صورة يتجلى فيها لأحد تماثل صورة أخرى . 
فتوحات ج 1 / 287 - ج 3 / 384 - ج 4 / 19 - کتاب التنزلات الموصلية .


9 - ط۔ - خلاصة بحث التجلي:
يقول الشيخ في مشاهدة مشهد البيعة الإلهية على لسان الحق :
إني وإن احتجبت فهو تجل لا يعرفه كل عارف ، إلا من أحاط علما بما أحطت به من المعارف .
ألا تراني أتجلى لهم في القيامة في غير الصورة التي يعرفونها والعلامة فينكرون ربوبيتي ومنها يتعوذون و بها يتعوذون ، ولكن لا يشعرون .
ولكنهم يقولون لذلك المتجلي « نعوذ بالله منك وها نحن لربنا منتظرون » .
فحينئذ أخرج عليهم في الصورة التي لديهم ، فيقرون لي بالربوبية ، وعلى أنفسهم بالعبودية.
فهم لعلامتهم عابدون، وللصورة التي تقررت عندهم مشاهدون، فمن قال منهم انه عبدني فقوله زور وقد باهتني (يعني بقوله نعوذ بالله منك).
وكيف يصح منه ذلك وعندها تجلیت له أنكرني ، فمن قيدني بصورة دون صورة، فتخيله عبد وهو الحقيقة الممكنة في قلبه المستورة .
فهو يتخيل أنه يعبدني وهو يجحدني، والعارفون ليس في الإمكان خفائي عن أبصارهم ، لأنهم غابوا عن الخلق وعن أسرارهم ، فلا يظهر لهم عندهم سوائي، ولا يعقلون من الموجودات سوى أسمائي ، فكل شيء ظهر لهم وتجلى 
قالوا أنت المسبح الأعلى .
فتوحات ج 1 / 49  ""


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:36 am

 السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة والثلاثون الجزء السادس ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة السابعة والثلاثون :-                                                الجزء السادس

50 - وحدة الوجود
راجع الظاهر في المظاهر - فص 5، هامش 10، ص 87 

"" 6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر - فص 5، هامش 6 - 10، ص 87 
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .

فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .

ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.

وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.

والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .

ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال ، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم ، فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.

فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
 الفتوحات ج1 / 694  , ج2 / 40,42,99,160,435,606

"" أضاف الجامع :
يقول الدكتور أبو العلا عفيفي:
" وحدة الوجود التي يقول بها ابن العربي الطائي الحاتمي ليست وحدة وجود مادية تنكر الألوهية ولوازمها أو تنكر القيم الروحية ،
بل العكس هو الصحيح : أي أنها وحدة وجود تنكر العالم الظاهر ، ولا تعترف بالوجود الحقيقي إلا لله - الحق . أما الخلق فظل للوجود الحق ولا وجود له في ذاته ".

تقول د. سعاد الحكيم في وحدة الوجود عند الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
إن عبارة وحدة الوجود لا تدخل ضمن مصطلحات ابن العربي ، إذ أنها من ناحية لم ترد عنده مطلقا ،
ومن ناحية ثانية هي تشكل تيارا فكريا له جذوره البعيدة في تأريخ النظريات الفلسفية ،
ولكننا لم نستطع أن نتغافل عن بحثها بحجة أنها تدخل ضمن نظريات شيخنا الأكبر بالنظر لأهميتها عنده ، إذ فيها تتبلور مصطلحاته وتتكشف ، ويتجلى وجه ابن العربي الطائي الحاتمي الحقيقي ، فنلمس فيه الفكر والمنطق إلى جانب الشهود والتصوف ".

إن عبارة وحدة الوجود ابتدعها دارسو ابن العربي الطائي الحاتمي ،
أو بالأحرى صنفوه في زمرة لقائلين بها . إذ أن الباحث لا يلتقط فكر مفكر إلا بتحليله إلى عناصره البسيطة ، وإعادة تركيبه تركيبا يتلاءم وينضبط مع التيارات الفكرية المعروفة . وبالتالي استدل الملتمس وجه ابن العربي الطائي الحاتمي من جمل أمثال :
الوجود كله واحد ) ، ( ما ثمة إلا الله ) ، ( ما في الوجود إلا الله ) ، إلى القول بأنه من وحدة الوجود ، وحدة تفارق وحدة الماديين بتغليب الجانب الإلهي فيها .
ولكن ما حقيقة موقف ابن العربي الطائي الحاتمي من الوحدة الوجودية ؟
وما نسبة التفكير النظري إلى الشهود الصوفي فيها ؟
وحدة وجود ) أم ( وحدة شهود ) ؟
كثيرا ما يتوقف الباحث أمام نتائج ابن العربي الطائي الحاتمي متسائلا :
أوحدة وجود عنده أم وحدة شهود ؟
ثم لا يلبث ان يقرر انها وحدة وجود ، من حيث أنها لم تبرز في صيحة وجد ، بل كانت نتيجة باردة لتفكير نظري .
ويعود تردد الباحث بين الوحدتين إلى أنهما يتطابقان في النتيجة ، فكلتاهما ترى :
إن الوجود الحقيقي واحد وهو الله .
ولكن صاحب وحدة الشهود يقولها في غمرة الحال ، على حين يدافع عنها ابن العربي الطائي الحاتمي في صحو العلماء وبرود النظريين .
والحقيقة أن وحدة ابن العربي الطائي الحاتمي تختلف عن وحدة شهود غيره بسبب جوهري ، وهو أن الشيخ الاكبر لم يقطفها ثمرة فيض فناء في الحق ، فناء افناه عن رؤية كل ما سوى الحق .

ولم يقل بعدم كل ما سواه ، إن ابن العربي  يرى الكثرة ، وشهوده يعطيه الكثرة ، وبصره يقع على الكثرة . إذن الكثرة عنده موجودة .
وهنا نستطيع ان نقول : أن ( وحدته ) على النقيض من وحدة الشهود ، تعطي : كثرة شهودية . فالنظر يقع على كثرة عنده . وهذا ما لا يمكن أن ينطبق على وحدة الشهود .
ولكن ابن العربي الطائي الحاتمي لا يقف مع الكثرة الشهودية أو بتعبير أدق المشهودة ، بل يجعلها ( كثرة معقولة ) لا وجود حقيقي لها .
وهي - إذا امكن التعبير بلغتنا - خداع بصر . وبلغة ابن العربي الطائي الحاتمي : خيال . ""

راجع وحدة الوجود فص 2، هامش 6، ص 45

"" 6 - وحدة الوجود - المرايا        - فص 2، هامش 6، ص 45
اعلم أن المعلومات ثلاثة لا رابع لها :
وهي الوجود المطلق الذي لا يتقيد وهو وجود الله تعالى الواجب الوجود لنفسه ، والمعلوم الآخر العام المطلق الذي هو عدم لنفسه وهو الذي لا يتقيد أصلا وهو المحال ،
والعلوم الثالث هو البرزخ الذي بين الوجود المطلق والعدم المطلق وهو الممكن، وسبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته.
 وذلك أن العدم المطلق قام للوجود المطلق كالمرآة فرأي الوجود فيه صورته فكانت تلك الصورة عين الممكن ، فلهذا كان للممكن عين ثابتة وشيئية في حال عدمه ولهذا خرج على صورة الوجود المطلق .
ولهذا أيضا اتصف بعدم التناهي فقيل فيه إنه لا يتناهی ، وكان أيضا الوجود المطلق كالمرآة للعدم المطلق فرأى العدم المطلق في مرآة الحق نفسه .

فكانت صورته التي رأي في هذه المرأة هو عين العدم الذي اتصف به هذا الممكن ، وهو موصوف بأنه لا يتناهی كما أن العدم المطلق لا يتناهی ، فاتصف الممکن بأنه معدوم ، فهو كالصورة الظاهرة بين الرائي والمرأة ، لا هي عين الرائي ولا غيره
وقد علمنا أن العالم ما هو عين الحق وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق ، إذ لو كان عين الحق ما صح كونه بديعا ، كما تحدث صورة المرئي في المرآة ، ينظر الناظر فيها، فهو بذلك النظر كأنه أبدعها مع كونه لا تعمل له في أسبابها، ولا يدري ما يحدث فيها .
ولكن بمجرد النظر في المرآة ظهرت صور ، هذا أعطاه الحال ، فما لك في ذلك من التعمل إلا قصدك النظر في المرآة .
ونظرك فيها مثل قوله « إنما قولنا لشيء إذا أردناه » وهو قصدك النظر « أن نقول له کن » وهو بمنزلة النظر « فیکون » وهو بمنزلة الصورة التي تدركها عند نظرك في المرآة ،.

ثم إن تلك الصورة ما هي عينك الحكم صفة المرآة فيها من الكبر والصغر والطول والعرض ، ولا حكم لصورة المرآة فيك فما هي عينك ولا عين ما ظهر ممن ليس أنت من الموجودات الموازية لنظرك في المرآة ، ولا تلك الصورة غيرك ، لما لك فيها من الحكم .
فإنك لا تشك أنك رأيت وجهك ، ورأيت كل ما في وجهك ظهر لك بنظرك في المرآة من حيث عين ذلك لا من حيث ما طرأ عليه من صفة المرآة ، فما هو المرئي غيرك ولا عينك ، كذلك الأمر في وجود العالم الحق .

أي شيء جعلت مرآة أعني حضرة الأعيان الثابتة أو وجود الحق، فإما أن تكون الأعيان الثابتة الله مظاهر ، فهو حكم المرآة في صورة الرائي ، فهو عينه وهو الموصوف بحكم المرآة ، فهو الظاهر في المظاهر بصورة المظاهر.
أو يكون الوجود الحق هو عين المرآة ، فترى الأعيان الثابتة من وجود الحق ما يقابلها منه ، فترى صورتها في تلك المرآة و يترائي بعضها البعض ، ولا ترى ما ترى من حيث ما هي المرآة عليه ، وإنما ترى ما ترى من حيث ما هي عليه من غير زيادة ولا نقصان .
وكما لا يشك الناظر وجهه في المرآة أن وجهه رأي ، وبما للمرآة في ذلك من الحكم يعلم أن وجهه ما رأى .
فهكذا الأمر فانسب بعد ذلك ما شئت كيف شئت ، فإن الوجود للعين الممكنة كالصورة التي في المرآة ، ما هي عين الرائي ولا غير الرائي ، ولكن المحل المرئي فيه به و بالناظر المتجلي فيه ظهرت هذه الصورة ، فهي مرآة من حيث ذاتها والناظر ناظر من حيث ذاته والصورة الظاهرة تتنوع بتنوع العين الظاهرة فيها .

کالمرأة إذا كانت تأخذ طولا ترى الصورة على طولها والناظر في نفسه على غير تلك الصورة من وجه ، وعلى صورته من وجه ، فلما رأينا المرآة لها حكم في الصورة بذاتها ورأينا الناظر يخالف تلك الصورة من وجه .
علمنا أن الناظر في ذاته ما أثرت فيه ذات المرآة ، ولما لم يتأثر ولم تكن تلك الصورة هي عين المرأة ولا عين الناظر ، وإنما ظهرت من حكم التجلي للمرآة ، علمنا الفرق بين الناظر وبين المراة وبين الصورة الظاهرة في المرآة التي هي غيب فيها ، ولهذا إذا رؤي الناظر يبعد عن المرآة يرى تلك الصورة تبعد في باطن المرآة ، وإذا قرب قربت .

وإذا كانت في سطحها على الاعتدال ورفع الناظر يده اليمنى رفعت الصورة اليد اليسرى ، تعرفه إني وإن كنت من تجليك وعلى صورتك فما أنت أنا ولا أنا أنت ، فإن عقلت ما نبهناك عليه فقد علمت من أين اتصف العبد بالوجود، ومن هو الموجود، ومن أين اتصف بالعدم، ومن هو المعدوم ومن خاطب ومن سمع ومن عمل ومن كلف .
وعلمت من أنت ومن ربك وأين منزلتك ، وأنك المفتقر إليه سبحانه وهو الغني عنك بذاته.
فسبحان من ضرب الأمثال وأبرز الأعيان دلالة عليه أنه لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا ، وليس في الوجود إلا هو ، ولا يستفاد الوجود إلا منه، ولا يظهر الموجود عين إلا بتجليه.

فالمرأة حضرة الإمكان والحق الناظر فيها والصورة أنت بحسب إمكانيتك ، فإما ملك وإما فلك وإما إنسان وإما فرس ، مثل الصورة في المرآة بحسب ذات المرآة من الهيئة في الطول والعرض والاستدارة واختلاف أشكالها مع كونها مرآة في كل حال .

كذلك الممكنات مثل الأشكال في الإمكان والتجلي الإلهي يكسب الممكنات الوجود والمرآة تكسبها الأشكال ، فيظهر الملك و الجوهر والجسم والعرض ، والإمكان هو هو لا يخرج عن حقیقته ، وأوضح من هذا البيان في هذه المسألة لا يمكن إلا بالتصريح ، فقل في العالم ما تشاء و انسبه إلى من تشاء بعد وقوفك على هذه الحقيقة كشفة وعلما .
راجع الفتوحات ج3/ 46 , 80 , 352 . - ج4/ 316.

"" أضاف الجامع :
يقول الدكتور أبو العلا عفيفي:
" وحدة الوجود التي يقول بها ابن العربي الطائي الحاتمي ليست وحدة وجود مادية تنكر الألوهية ولوازمها أو تنكر القيم الروحية ،
بل العكس هو الصحيح : أي أنها وحدة وجود تنكر العالم الظاهر ، ولا تعترف بالوجود الحقيقي إلا لله - الحق . أما الخلق فظل للوجود الحق ولا وجود له في ذاته ".

تقول د. سعاد الحكيم في وحدة الوجود عند الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
إن عبارة وحدة الوجود لا تدخل ضمن مصطلحات ابن العربي ، إذ أنها من ناحية لم ترد عنده مطلقا ،
ومن ناحية ثانية هي تشكل تيارا فكريا له جذوره البعيدة في تأريخ النظريات الفلسفية ،
ولكننا لم نستطع أن نتغافل عن بحثها بحجة أنها تدخل ضمن نظريات شيخنا الأكبر بالنظر لأهميتها عنده ، إذ فيها تتبلور مصطلحاته وتتكشف ، ويتجلى وجه ابن العربي الطائي الحاتمي الحقيقي ، فنلمس فيه الفكر والمنطق إلى جانب الشهود والتصوف ".

إن عبارة وحدة الوجود ابتدعها دارسو ابن العربي الطائي الحاتمي ،
أو بالأحرى صنفوه في زمرة لقائلين بها . إذ أن الباحث لا يلتقط فكر مفكر إلا بتحليله إلى عناصره البسيطة ، وإعادة تركيبه تركيبا يتلاءم وينضبط مع التيارات الفكرية المعروفة . وبالتالي استدل الملتمس وجه ابن العربي الطائي الحاتمي من جمل أمثال :
الوجود كله واحد ) ، ( ما ثمة إلا الله ) ، ( ما في الوجود إلا الله ) ، إلى القول بأنه من وحدة الوجود ، وحدة تفارق وحدة الماديين بتغليب الجانب الإلهي فيها .
ولكن ما حقيقة موقف ابن العربي الطائي الحاتمي من الوحدة الوجودية ؟
وما نسبة التفكير النظري إلى الشهود الصوفي فيها ؟
وحدة وجود ) أم ( وحدة شهود ) ؟
كثيرا ما يتوقف الباحث أمام نتائج ابن العربي الطائي الحاتمي متسائلا :
أوحدة وجود عنده أم وحدة شهود ؟
ثم لا يلبث ان يقرر انها وحدة وجود ، من حيث أنها لم تبرز في صيحة وجد ، بل كانت نتيجة باردة لتفكير نظري .
ويعود تردد الباحث بين الوحدتين إلى أنهما يتطابقان في النتيجة ، فكلتاهما ترى :
إن الوجود الحقيقي واحد وهو الله .
ولكن صاحب وحدة الشهود يقولها في غمرة الحال ، على حين يدافع عنها ابن العربي الطائي الحاتمي في صحو العلماء وبرود النظريين .

والحقيقة أن وحدة ابن العربي الطائي الحاتمي تختلف عن وحدة شهود غيره بسبب جوهري ، وهو أن الشيخ الاكبر لم يقطفها ثمرة فيض فناء في الحق ، فناء افناه عن رؤية كل ما سوى الحق .
ولم يقل بعدم كل ما سواه ، إن ابن العربي  يرى الكثرة ، وشهوده يعطيه الكثرة ، وبصره يقع على الكثرة . إذن الكثرة عنده موجودة .
وهنا نستطيع ان نقول : أن ( وحدته ) على النقيض من وحدة الشهود ، تعطي : كثرة شهودية . فالنظر يقع على كثرة عنده . وهذا ما لا يمكن أن ينطبق على وحدة الشهود .
ولكن ابن العربي الطائي الحاتمي لا يقف مع الكثرة الشهودية أو بتعبير أدق المشهودة ، بل يجعلها ( كثرة معقولة ) لا وجود حقيقي لها .
وهي - إذا امكن التعبير بلغتنا - خداع بصر . وبلغة ابن العربي الطائي الحاتمي : خيال . ""

ص 460

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:37 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة والثلاثون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ 

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثامنة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثامنة والثلاثون :-                                       الجزء الأول

كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
المرتبة 27 : لفص حكمة فردية في كلمة محمدية من الاسم الجامع ومرتبة الإنسان وحرف الميم ومنزلة الفرع المؤخر من برج الحوت
 كمال ظهور الاسم رفيع الدرجات لا يتم إلا في حضرة جامعة لكل الدرجات بحيث تكون تلك الدرجات مرتبطة مع بعضها البعض ومرتبة في تناسق وتكامل .
وهذا يستلزم ظهور الاسم الإلهي الجامع ومظهره هو الإنسان .
ومجلاه الأكمل هو سيدنا محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وله حرف الجمعية أي الميم الذي له العدد 40 وهو عدد تمام النشأة .
ولهذا فان لهذه المرتبة السابعة والعشرين الاسم الجامع المتوجه على إيجاد الإنسان وحرف الميم وله ( فص حكمة فردية في كلمة محمدية ) للفردية الإنسانية وللفردية المحمدية وجمعيتهما . فللإنسان الجمعية الوجودية ، ولسيدنا محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم الجمعية الإنسانية لأنه هو الإنسان الكامل بالأصالة وغيره من الكمل مظاهره .
وقد ورد الاسم " الجامع " في القرآن مرتين مرتبطا هو ومشتقاته بالإنسان والناس كقوله تعالى :إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ( آل عمران ، 9 ) .إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً( النساء ، 140 ) .وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً( الكهف ، 99 ) .
ولفردية الإنسان مظاهر منها أنه هو المتفرد بأن خلقه اللّه بيديه وعلى صورته ، وتفرد بحمله الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها ، وتفرد بالخلافة العظمى ، وتفرد بسر اسم الذات الأعظم " اللّه " ، وتفرد بجمعه للصورتين الحقية والخلقية وعلمه بالأسماء كلها ، وتفرد بأن سخر اللّه له ما في السماوات والأرض جميعا منه ، إلى غير ذلك من خصوصياته التي فصلها الشيخ في فص آدم عليه السلام وفي كتبه الأخرى . . .
 
يقول الشيخ في الفصل 37 من الباب 198 المختص بهذه المرتبة:
 ( . . . في الاسم الإلهي الجامع وتوجهه على إيجاد الإنسان وله من الحروف حرف الميم وله من المنازل المقدرة الفرع المؤخر .
والاسم الجامع هو : اللّه ولهذا جمع اللّه لنشأة جسد آدم بين يديه فقال : (لما خلقت بيدي) وأما خلق اللّه السماء بأيد فتلك القوة . فان الأيد القوة.
قال تعالى : ( داود ذا الأيد ) أي صاحب القوة ما هو جمع يد ( . . . ) فلما أراد اللّه كمال هذه النشأة الإنسانية جمع لها بين يديه وأعطاها جميع حقائق العالم وتجلى لها في الأسماء كلها فحازت الصورة الإلهية والصورة الكونية وجعلها روحا للعالم وجعل أصناف العالم له كالأعضاء من الجسم للروح المدبر له فلو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم ( . . . ) فلما كان له هذا الاسم الجامع قابل الحضرتين بذاته فصحت له الخلافة وتدبير العالم وتفصيله ( . . . ) وكلامنا في الإنسان الكامل ( . . . ) وأعطي المؤخر لأنه آخر نوع ظهر فأوليته حق وآخريته خلق فهو الأول من حيث الصورة الإلهية والآخر من حيث الصورة الكونية والظاهر بالصورتين والباطن عن الصورة الكونية بما عنده من الصورة الإلهية ( . . . ) واستخدم اللّه له العالم كله فما من حقيقة صورية في العالم الأعلى والأسفل إلا وهي ناظرة إليه نظر كمال ، أمينة على سر أودعها اللّه إياه لتوصله إليه ( . . . ) فإنه حاز العماء كله ولهذا كان له حرف الميم من حيث صورته وهو آخر الحروف وليس بعده إلا الواو الذي هو للمراتب فيدخل فيه الحق والخلق لعموم الرتبة) .
 
وعلاقة الفص المحمدي بالجامع والفردية مشهورة وشرحها الشيخ في الكثير من مكتوباته وفي أبواب متفرقة من الفتوحات منها الأبواب : 6 / 12 / 14 / 337 : منزل سورة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم / 338 منزل سورة الأحقاف / 360 منزل سورة النور / 361 منزل سورة المؤمنون / 371 منزل سورة الرعد / 379 منزل سورة المائدة / الخ . . .
 
ومن أجوبته على أسئلة الترمذي في الباب 73 الأجوبة :
73 / 74 / 76 / 77 / 78 / 79 / 144 / 145 / 148 / 150 / 151 / 154 / 155 / . . .  وفي البابين 360 و 361 توسع الشيخ في تفاصيل مكانة الإنسان الكامل
وفي الباب 361 سمى سيدنا محمدا صلى اللّه عليه وآله وسلم الإنسان الكل الكبير الأصلي فقال : ( فجعل الإنسان الكامل خليفة عن الإنسان الكل الكبير الذي هو ظل اللّه في خلقه من خلقه فعن ذلك هو خليفة ولذلك هم خلفاء عن مستخلف واحد فهم ظلاله للأنوار الإلهية التي تقابل الإنسان الأصلي وتلك أنوار التجلي تختلف عليه من كل جانب فيظهر له ظلالات متعددة على قدر أعداد التجلي ) .
 
فتفرد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم في كون نوره الأصلي هو أول الأنوار التي أظهر اللّه منها كل شيء قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ( الزخرف ، 81 ) . وتفرد بإرساله رحمة لجميع العالمين :وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ( الأنبياء ، 107)
وتفرد في كونه كان نبيا وآدم بين الماء والطين وتفرد في كونه خاتم المرسلين المبعوث لجميع الخلق وتفرد بالقرآن الجامع والسبع المثاني وتفرد بلواء الحمد والمقام المحمود وفتح باب الشفاعة إلى غير ذلك من خصوصياته الفردية صلى اللّه عليه وآله وسلم . ولهذا نسب الشيخ كلمته إلى الحكمة الفردية وجعل مدده من الاسم الجامع .

صرح بهذا في الباب 270 الذي هو منزل القطب والإمامين من سورة ( الناس ) فقال :
( كموسى صلى اللّه عليه وسلم اسمه عبد الشكور وداود عليه السلام اسمه الخاص به عبد الملك ومحمد صلى اللّه عليه وسلم اسمه عبد الجامع وما من قطب إلا وله اسم يخصه زائد على الاسم العام الذي له ، الذي هو : عبد اللّه ) .
ثم إن عدد هذه المرتبة يدل على تمام الفردية ، وهو العدد 27 الناتج من ضرب الثلاثة في نفسها ثلاث مرات ( 3 3 3 - 27 ) أي سريان سر التثليث في حضرات الذات والصفات والأفعال أو في الظهور والبطون والبرزخ الجامع بينهما .
والثلاثة عند الشيخ هي أول الأفراد ولها حضرة الإيجاد الجامعة لوتر الواحد الفاعل ولشفع الزوج المنفعل ، ونور حقيقة سيدنا محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم هي عين هذه المرتبة الفردية الثلاثية لأنه هو البرزخ الجامع بين وترية الحق تعالى وشفعية الخلق .
وللثلاثة حرف الجيم - وهو الحرف الوحيد الخارج عن القبضة كما ذكره الشيخ في جوابه عن السؤال 120 من أسئلة الترمذي - وهو مفتاح الاسم :
جامع لجمعيته للمظهرين :
جيم الاسم جليل جبار وجيم الاسم : جميل جواد فله الثلاثة : الجلال والجمال والكمال : جمال الطيب وله الصفات ، وجلال الصلاة ولها الأفعال ، وكمال النكاح وله الذات . . .
وفي كل من هذه الثلاثة ثلاثة :
فالطيب صلة بين الشام والمشموم ، والصلاة صلة بين المصلي والحق تعالى ، والنكاح صلة بين فاعل ومنفعل . . . وفي أفعال الصلاة الحركات الثلاثة التي ذكرها الشيخ في هذا الفص : فالوقوف للحركة المستقيمة وهي تناسب عالم الإنسان وركن النار وحركة الفتح بحرف الألف ، والركوع للحركة الأفقية ، وعالم الحيوان وركن الماء وحركة الرفع بحرف الواو ، وللسجود الحركة المنكوسة وعالم النبات وحركة الخفض بحرف الياء وركن التراب ، وللمجموع الحرف الهاوي الذي منه يستمد مقام سقيط الرفرف بن ساقط العرش صاحب آية : ( والنجم إذا هو ى ) - 01 النجم - التي فيها ذكر معراج الرسول صلى اللّه عليه وسلم . والهوي هنا هو الرجوع للخلق بعد العروج للحق على البراق وعلى الرفرف الأحمدي في الصلاة الدائمة .
 
ومجموع أعداد تلك الحروف أو الحركات الثلاثة ( أ + و + ي - 1 + 6 + 10 - 17 ) هو عدد ركعات الصلاة المفروضة كل يوم وهو عدد صفات الحروف . ومع ركعات وتر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي عددها 11 يكون المجموع 17 + 11 - 28 عدد كل المراتب
( ينظر ما ذكره الشيخ عن سقيط الرفرف بن ساقط العرش في الباب 73 ( ج ص 14 ) والباب : 351 ( ج3  ص 228 ) .
ولهذا المجموع الهاوي ركن الهواء الحامل للحروف والحركات مثل نفس الرحمن الحامل لألف الملكوت الأعلى وواو الجبروت الأوسط وياء الملك الأسفل .
فالألف من اسم أحمد لها القيام والحاء لها الركوع والميم لها السجود وللدال الجلوس المشير إلى ديمومة الصلاة ويناسبه من المولدات عالم المعادن والجمادات التي يتجسد فيها - كما يقول الشيخ - كمال العبودية .
 
( لاحظ أن عدد " أحمد " - 17 بالجمل الصغير هو عدد ركعات الصلوات المفروضة في كل يوم ) . ومن تأمل أسرار الصلاة وجدها جامعة لكل شيء محمود .
( أنظر ذلك في كتاب " التنزلات الموصلية " للشيخ والباب 69 من الفتوحات )
وقد تفردت الأمة المحمدية تبعا لنبيها وقرآنها بكمال الجمعية فاختصت بيوم الجمعة وبليلة الجمع أي ليلة القدر وبالعبادات الجامعة وبيت اللّه العتيق الجامع الذي ببكة مباركا وهدى للعالمين . . . وبهذا كان لها الهيمنة على جميع باقي الأمم .
 
وفي هذا المعني يقول الشيخ في حضرة الاسم المهيمن من الباب ( 559 ) من الفتوحات :
(واعلم أنه من هذه الحضرة نزل هذا الكتاب المسمى قرآنا خاصة دون سائر الكتب والصحف المنزلة .
وما خلق اللّه من أمة من أمم نبي ورسول من هذه الحضرة إلا هذه الأمة المحمدية وهي خير أمة أخرجت للناس ولهذا أنزل اللّه في القرآن في حق هذه الأمة :لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً( البقرة ، 143 ) فنأتي يوم القيامة يقدمنا القرآن ونحن نقدم سائر أهل الموقف . . . الخ . . . ) .

فكلام الشيخ في هذا الفص على الجماع وجوامع الكلم وجمعية الصلاة والفاتحة يستمد من الاسم : الجامع .
وكلامه على النساء والرجل والمرأة والإنسان يستمد من المرتبة الظاهرة بتوجه الجامع أي الإنسان .
وكلامه عن التأخير والنسأة كقوله : ( فابتدأ بذكر النساء وأخر الصلاة ) وقوله :
( فراعى تأخرهن في الوجود عنه فان النسأة هي التأخير . . . ) الخ . . .
يناسب المنزلة الفلكية المناسبة لهذه المرتبة السابعة والعشرين وهي " الفرع المؤخر " وقد تكررت كلمة فرع في الفص عدة مرات . . .

وأما كلامه على الوسع والرحمة فمرجعه أيضا لوسع قلب الإنسان ولرحمة الرحم . . .
ثم إن مرجعية كل ذلك إلى السورة التي يستمد منها هذا الفص الجامع المحمدي وهي - كما سنفصله لاحقا - السورة المحمدية الجامعة التي سمّى الشيخ منزلها في الباب 383 من الفتوحات : " منزل العظمة الجامعة للعظمات وهو من الحضرة المحمدية الاختصاصية " .


واختصره في الباب 559 في فقرة تحت عنوان : " الحضرة الجامعة للأمور النافعة " ،
وهي سورة أم الكتاب التي يقول الشيخ عنها في جوابه عن آخر سؤال من أسئلة الترمذي : ما تأويل أم الكتاب فقال :
الأم هي الجامعة ( . . . ) وكان محمد صلى اللّه عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم فشرعه تضمن جميع الشرائع ( . . . ) وأعطاه أم الكتاب فتضمنت جميع الصحف والكتب وظهر بها فينا مختصرة سبع آيات تحتوي على جميع الآيات كما كانت السبع الصفات الإلهية تتضمن جميع الأسماء الإلهية ( . . . ) فادخرها له ولهذه الأمة ليتميز على الأنبياء بالتقدم وأنه الإمام الأكبر وأمته التي ظهر فيها خير أمة أخرجت للناس لظهوره بصورته فيهم . . . ) الخ . . .
وقد أشار الشيخ في أواخر فص خالد السابق لهذا الفص إلى هذه الجمعية الظاهرة في الفص المحمدي حيث ذكر كلمة الجماعة مرتين وكلمة جمعوا مرة وختم الباب ب " مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين " . . .
والفاتحة هي الجامعة بين الحق والخلق وهي روح الصلاة ، فنصفها الأول خالص للّه تعالى والنصف الآخر للعبد ووسطها الفردي الثالث مشترك جامع :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .


27 : سورة فص سيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم
إنها فاتحة الكتاب السبع المثاني :
العلاقة المتميزة بين الفاتحة وسيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم معروفة . فقد ورد في الحديث أنه اختص بها وحده دون سائر الرسل ونزلت من كنز تحت العرش وهي المقصودة بقوله له تعالى :وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ( الحجر ، 87 ) .
وقد أكد الشيخ الأكبر هذه العلاقة في كثير من مكتوباته كما أكد على علاقة المقام المحمدي بالبسملة وبحرف الباء منها في كتابه حول حرف " الباء "
وفي الباب الخامس من الفتوحات الذي موضوعه البسملة والفاتحة حيث يقول عنها : " . . . أنت لنا السبع المثاني التي خص بها سيدنا دون مين "

وفي باب " مناجاة أسرار مبادى السور " من كتاب " الإسراء " يقول :
" وليس لهم - أي للرسل - في الفاتحة نصيب ، ولارموا فيها بسهم مصيب فاختص بها محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الرسل الكرام فهي قوله : متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الماء والطين .
فكان مفتاح النبيين فصح له الوجود أجمع واختص بالمحل الأمنع : أوتيت جوامع الكلم . . . "

ولهذا فتح الشيخ هذا الفص بقوله : " . . . فكان نبيا وآدم بين الماء والطين " إشارة إلى فاتحته صلى اللّه عليه وسلم واختصاصه بكمال الجمعية لأن حقيقته هي أم كتاب الوجود كما أن الفاتحة أم القرآن وإلى جمعية الفاتحة يشير الشيخ حين جعل عنوان منزلها في الفتوحات أي عنوان الباب :
" 383 " منزل العظمة الجامعة للعظمات المحمدية " أي جامعة لما تفرق في سور الفرقان التي عددها " " 114 وهو عدد الاسم " جامع " الحاكم على هذا الفص .

كما جعل عنوانها في فقرات الباب " 55 " 9 تحت عنوان " : الحضرة الجامعة للأمور النافعة - جIVص 406 - وراجع ما ذكره الشيخ حول هذه الجمعية في جوابه عن السؤال " 134 " من أسئلة الترمذي الذي نصه : "ما تأويل أم الكتاب فإنه ادخرها عن جميع الرسل له ولهذه الأمة "

وافتتح الشيخ الفص بكلامه عن الفردية الثلاثية لأن للفاتحة ثلاثة أقسام كثيرا ما أكد عليها الشيخ : فنصفها الأول للّه تعالى ونصفها الثاني للعبد وواسطة النصفين إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( الفاتحة ، 5 ) يقول الشيخ في الباب الخامس من الفتوحات : " . . . وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الصفات ظهرت في الوجود في واحد وواحد فحضرة تفرد وحضرة تجمع فمن البسملة إلى الدين إفراد وكذلك من إهدنا إلى الضالين وقوله :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ تشمل . . .

" وكذلك في باب " معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة " من كتاب"  التنزلات الموصلية " يقول الشيخ : " . . . اعلم أن للفاتحة طرفين وواسطة ومقدمتين ورابطة " وإلى هذه الثلاثة يشير أيضا في بداية كتابه " إشارة القرآن في عالم الإنسان "

فيقول" :سرى بي في الزمان الآن حتى أنزلني في الآن فقيل لي : تأمل .
فرأيت الأسماء الإلهية في الماضي ، والأسماء الكونية في المستقبل ، فطلبت الحال فوجدت نفسي فيه وأنا أساله العون واستهديه .
فجمعت بواسطتي طرفي كوني وعيني وكان في ذلك عوني وصوني . . . "
وحيث أن فاتحة الفاتحة هي بسملتها فهي أيضا مثلثة لاحتوائها على الأسماء الثلاثة الأمهات " اللّه رحمن رحيم " ومفتاح البسملة " بسم " ثلاثة حروف أولها حرف " ب " عدده : 3 - 2 + 1 .

وقد أكد الشيخ في الباب الخامس من الفتوحات على ثلاثية البسملة فقال مثلا : " . . .
أي باسم اللّه الرحمن الرحيم ظهر العالم واختص الثلاثة الأسماء لأن الحقائق تعطي ذلك . . . وتم العالم بهذه الثلاثة الأسماء جملة في الاسم " اللّه " وتفصيلا في الاسمين "الرحمن الرحيم "  . . . " .

فصار في الباء الأنواع الثلاثة :
شكل الباء والنقطة والحركة للعوالم الثلاثة .
فكما في العالم الوسط توهم ما كذلك في نقطة الباء .
فالباء ملكوتية والنقطة جبروتية والحركة شهادية ملكية . . . "

وقد شرحنا هذه العبارات في مبحث خاص طويل حول البسملة والفاتحة عند الشيخ الأكبر . . . وقال أيضا : . . " ثم اعلم أن كل حرف من بسم مثلث على طبقات العوالم . . . "


ثم بدأ الشيخ في تفصيل الحديث :
" حبب إلي من دنياكم ثلاث ، أي النساء والطيب والصلاة . " فالنساء للاسم " الرحيم " من البسملة لاختصاصهن بالرحم و " الرحيم " آخر البسملة
وإلى هذا التأخر أشار بقوله : " فراعى تأخرهن في الوجود عنه فإن النسأة هي التأخير " ثم شبههن بالطبيعة الكلية لأنها هي الرحم الكبرى للكون كله كما بيناه في مبحث خاص حول " الطبيعة عند الشيخ الأكبر " .
وفي قول الشيخ: " . . . فكان عليه السلام أدل دليل على ربه ، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم ، فأشبه الدليل في تثليثه " . . . "
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه فان معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه " إشارة إلى علاقة الاسم " الرحيم " بسيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم من جهة وبالنساء من جهة أخرى .
وكثيرا ما يقرن الشيخ بين النفس التي بمعرفتها يعرف العبد ربه والمرأة .

فهو مثلا يقول في الباب " 69 من الفتوحات " ج  ص 408 :
"المرأة هي النفس والخواطر النفسية كلها عورة "فقدم ذكر النساء رغم تأخرهن لأن معرفة النفس مقدمة لمعرفة الرب كتقدم الدليل على المدلول .
وأدل دليل على ربه هو سيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم فنفسه هي النفس الكلية الجامعة وعقله هو العقل الأول أول مبدع وعابد للّه تعالى .

قال تعالى خطابا له صلى اللّه عليه وآله وسلم : قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ " ( الزخرف ، 81 ) فانظر كيف قرن الولد بالرحمن لتعلقه بالرحم ولتلك العلاقة بين النفس المحمدية الكلية ومظارها في النفوس الجزئية المشار إليها بالنساء قال الشيخ : " فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه . . . " .


فكلام الشيخ حول النساء في هذا الفص كله مستمد من الاسم " الرحيم " في البسملة .
وكذلك كلامه عن آدم عليه السلام مرجعه للبسملة كما ذكره الشيخ في الباب الخامس من الفتوحات حيث يقول :  الرحيم صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم قال تعالى :بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ( التوبة ، 128 ) وبه كمال الوجود وبالرحيم تمت البسملة وبتمامها تم العالم خلقا وإبداعا وكان عليه السلام مبتدأ وجود العالم عقلا ونفسا . . .
فالرحيم هو محمد صلى اللّه عليه وسلم وبسم هو أبونا آدم . . . وذلك أن آدم عليه السلام هو حامل الأسماء قال تعالى :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها( البقرة ، 31 )
ومحمد صلى اللّه عليه وسلم حامل معاني تلك الأسماء التي حملها آدم عليه السلام وهي الكلم قال صلى اللّه عليه وسلم : " أوتيت جوامع الكلم " .

وفي قول الشيخ : " . . . فظهرت الثلاثة حق ورجل وامرأة . . . " إشارة أخرى إلى الأسماء الثلاثة في البسملة : " اللّه " للحق ، و " الرحمن " للرجل لأن اللّه خلق آدم على صورة الرحمن ، و " الرحيم " للمرأة صاحبة الرحم .
وكلام الشيخ حول الفعل والانفعال والتوجه الإرادي الفعال مرجعه لفاعلية البسملة في التكوين ، فهي كما يقول الشيخ في العديد من مكتوباته ، للعارف بمنزلة " كن " للحق تعالى لا سيما بسملة الفاتحة ،

ففي جوابه عن السؤال " 154 " من أسئلة الترمذي يقول عنها :
" . . . وهي آية من فاتحة الكتاب ومن هناك تفعل لا من بسملة سائر السور وما عند الناس من ذلك خبر والبسملة التي تنفعل عنها الكائنات على الإطلاق هي بسملة الفاتحة وأما بسملة سائر السور فهي لأمور خاصة " .

وذكر الشيخ المثال : " الفواطم وزيد خرجوا " . فاسم " الفواطم " جمع " فاطمة " يشير إلى علاقة رمزية بين بنته صلى اللّه عليه وسلم " فاطمة الزهراء " التي كان يكنيها بـ " أم أبيها " وبين مقام الرحم الكونية الكبرى أي الطبيعة الكلية أي أم الصور الوجودية ومجلى النفس الرحماني وعنصر الحقيقة المحمدية المرموزة في نقطة باء البسملة .

وللشيخ الأكبر علاقة أصيلة مع فاطمة الأم الكبرى .
أشار إلى ذلك في آخر منزل الفاتحة في الباب " 383 " من الفتوحات بقوله :
" وهو منزل غريب عجيب أوله يتضمن كله وكله يتضمن جميع المنازل كلها وما رأيت أحدا تحقق به سوى شخص واحد مكمل في ولايته لقيته بإشبيلية وصحبته وهو في هذا المنزل وما زال عليه إلى أن مات رحمه اللّه انتهى . " .   

فهذا الشخص هو فاطمة بنت ابن المثنى التي كانت تتصرف بفاتحة الكتاب وكانت تقول له :
" أنا أمك الروحانية " وهي بنت ابن المثنى كالفاتحة السبع المثاني وهي من ورثة مقام فاطمة أم أبيها عليهما السلام الأم الكلية الجامعة كمريم أم روح اللّه وكلمته عليهما السلام .

ولهذا نجد الشيخ في بداية كلامه حول الفاتحة بالباب الخامس من الفتوحات يقول :
" . . . وهي أم القرآن لأن الأم محل الإيجاد والموجود فيها هو القرآن والموجد الفاعل في الأم . فالأم هي الجامعة الكلية وهي أم الكتاب الذي عنده في قوله تعالى : " وعنده أم الكتاب " فانظر عيسى ومريم عليهما السلام وفاعل الإيجاد يخرج لك عكس ما بدا لحسك فالأم عيسى والابن الذي هو الكتاب العندي أم القرآن مريم عليهما السلام فافهم ".
ولما انتهى الشيخ من الكلام حول النساء استمدادا من " الرحيم " انتقل للطيب استمدادا من " الرحمن " فذكر نسبية الطيب والخبث لأن الرحمن يستغرق أهل اليمين الطيبين وأهل الشمال الخبثاء فرحمته وسعت كل شيء خلافا للاسم الرحيم المخصوص بالسعداء .
ثم انتقل الشيخ إلى الصلاة قرة العين استمدادا من الاسم الثالث الجامع " اللّه "
فأشار إليه بقوله " ولذكر اللّه أكبر" يعني فيها  أي في الصلاة .
وذكر الشيخ الحركات الثلاثة :
المستقيمة للإنسان ويناسبها الاسم " اللّه " ،
والأفقية للحيوان ويناسبها " الرحمن " لاستوائه على العرش المبسوط على الماء ،
والمنكوسة للنبات ويناسبها " الرحيم " المنعطف برحمته نحو الأسفل . . .
وختم الشيخ الفص بالكلام عن الحمد إذ الفاتحة هي سورة الحمد المخصوصة بأحمد صاحب المقام المحمود وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( يونس ، 10 ) .
وكلام الشيخ في هذا الفص الخاتم عن آدم الفاتح ، يشير إلى انعطاف نهاية دائرة الفصوص على بدايتها . فلفص آدم عليه السلام العقل الأول

ولهذا الفص المحمدي مرتبة الإنسان وعنهما يقول الشيخ في الباب السابع من الفتوحات :
" فكان ابتداء الدائرة وجود العقل الأول . . . وانتهى الخلق إلى الجنس الإنساني فكملت الدائرة ، واتصل الإنسان بالعقل كما يتصل آخر الدائرة بأوله فكانت دائرة . وما بين طرفي الدائرة جميع ما خلق اللّه . . . " .


تناسب أنبياء الفصوص والبروج والشهور وفاتحة الكتاب
كما أن هناك مناسبة بين الأنبياء ومنازل الفلك ، فكذلك توجد مناسبة بينهم وبين البروج الاثني عشر ،    

ذكرها الشيخ في جوابه عن السؤال 144 من أسئلة الحكيم الترمذي فقال:
عن الحديث الشريف " ليتمنين اثنا عشر نبيا أن يكونوا من أمتي : فهؤلاء الاثنا عشر نبيا ولدوا ليلا وصاموا إلى أن ماتوا وما أفطروا نهارا مع طول أعمارهم سؤالا ورغبة ورجاء أن يكونوا من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم
فلهم ما تمنوا وجعلهم اللّه اثني عشر كما جعل الفلك الأقصى اثني عشر برجا ،

كل برج منها طالع نبي من هؤلاء الاثني عشر لتكون جميع المراتب تتمنى أن تكون من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم من الاسم الظاهر ليجمعوا بينه وبين ما حصل لهم من اسمه الباطن " انتهى .

وقد خصص الشيخ الباب 463 من الفتوحات لمعرفة الاثني عشر قطبا الذين عليهم مدار العالم ومدار الأمة المحمدية .
كل قطب له برج معين وهو على قدم نبي مناسب لمقامه وله سورة منها مدده فلنذكر هؤلاء الأنبياء ونجعل بين قوسين سورة أقطابهم :
لنوح " يس " والقطب الذي على قلبه هو الإمام المهدي الظاهر في آخر الزمان .
ولإبراهيم " الإخلاص "
ولموسى " النصر " .
ولعيسى " الكافرون " .
ولداود " الزلزلة " .
ولسليمان " الواقعة والمجادلة " .
ولأيوب " البقرة " .
ولإلياس " آل عمران " .
ولوط له " الكهف " والقطب الذي على قلبه يدرك عيسى عند نزوله وهو الذي يقتله الدجال في زعمه وهو الخضر يظهر له على هيئة فتى ممتلئ شبابا .
ولهود " الأنعام " .
ولصالح " طه " والقطب الذي على قلبه هو أشرف الأقطاب لأن سورته أشرف السور في العالم السعيد ويقرؤها الحق تعالى على عباده في الجنة بلا واسطة .
ولشعيب " الملك " . .
وللعلاقة بين البروج والشهور توجد أيضا نسبة بين الأنبياء والشهور القمرية



فيقول في الباب 90 :
" فإن أفضل الشهور عندنا رمضان ثم شهر ربيع الأول ثم شهر رجب ثم شعبان ثم ذو الحجة ثم شوال ثم ذو القعدة ثم المحرم .
وإلى هنا انتهى علمي في فضيلة الشهور القمرية .
" وفي الباب 12 يقول : " وفي الأنبياء من الزمان أربعة حرم : هود وصالح وشعيب سلام اللّه عليهم ومحمد صلى اللّه عليه وسلم وعينها من الزمان ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب " .

 

ويقول الشيخ عن تلك البروج في الفصل الثالث من الباب 371 :
" وأسكن كل برج منها ملكا هم لأهل الجنة كالعناصر لأهل الدنيا فهم ما بين مائي وترابي وهوائي وناري وعن هؤلاء يتكون في الجنة ما يتكون " . . . "
ومن هنا قالت الإمامية بالاثني عشر إماما فإن هؤلاء الملائكة أئمة العالم الذي تحت إحاطتهم .
ومن كون هؤلاء الاثني عشر لا يتغيرون عن منازلهم لذلك قالت الإمامية بعصمة الأئمة لكنهم لا يشعرون أن الإمداد يأتي إليهم من هذا المكان وإذا سعدوا سرت أرواحهم في هذه المعارج بعد الفصل والقضاء النافذ بهم إلى هذا الفلك تنتهي لا تتعداه لإنها لم تعتقد سواه .   

وإن كانوا اثني عشر فهم على أربع مراتب لأن العرش على أربع قوائم والمنازل ثلاثة دنيا وبرزخ وآخرة .
وما ثم رابع ولكل منزل من هذه المنازل أربعة لا بد منهم ، لهم الحكم في أهل هذه المنازل فإذا ضربت ثلاثة في أربعة كان الخارج من هذا الضرب اثني عشر فلذلك كانوا اثني عشر برجا " انتهى .

وفي الباب 361 من الفتوحات المتعلق بسورة " المؤمنون " يقول :
فلما قضى اللّه أن يكون لهذه البروج أثر في العالم الذي تحت حيطة سماء هذه البروج جعل اللّه في نشأة هذا الإنسان " اثني عشر قابلا يقبل بها هذه الآثار فيظهر الإنسان الكامل بها " ثم فصل الشيخ تفصيلا وافيا تلك الآثار .

ثم إن هذه الآثار وأولئك الأئمة الأقطاب لهم علاقة بمفاتيح الكنوز الاثني عشر التي ذكرها الشيخ في الباب 379 من الفتوحات المخصوص بمنزل سورة المائدة التي فيها الآية :
" ولقد أخذ اللّه ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا " الآية فذكر أسماء اثني عشر رجلا روحانيا ينشئهم اللّه تعالى من ركعات وتر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، لكل ركعة رجل .

يقول الشيخ عنهم ما خلاصته :
اعلم أن الاثني عشر منتهى البسايط من الأعداد : فالأصابع منها تسعة والعقد ثلاثة .
ولكل واحد مشهد الهي لا يكون لسواه ، ولكل واحد رجل من عباد اللّه له حكم ذلك العدد .
فالواحد منهم ليس من العدد . ولهذا كان وتر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إحدى عشرة ركعة كل ركعة منها نشأ رجل من أمته يكون قلب ذلك الرجل على صورة قلب النبي صلى اللّه عليه وسلم في تلك الركعة وأما الثاني عشر فهو الجامع لهم وهو حق كله في الظاهر والباطن يعلم ولا يعلم وهو الواحد الأول .

وهؤلاء الاثنا عشر هم الذين يستخرجون كنوز المعارف المكنوزة في صور العالم فيستخرجونها بالواحد الأول فهم أعلم الناس بالتوحيد والعبادة ولهم المناجاة الدائمة مع اللّه الذاتية المستصحبة استصحاب الواحد للأعداد .

وربما صورهم هي التي جعلت النبي صلى اللّه عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة لأن صورهم منه في باطنه فإنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين فلما ظهر بجسده استصحبته تلك الصور المعنوية فأقامت جسده ليلا لمناسبة الغيب فحكمت على ظاهره بإحدى عشرة ركعة كان يوتر بها فهي الحاكمة المحكومة له فمنه صلى اللّه عليه وسلم " انتشؤوا وفيه ظهروا وعليه حكموا بوجهين مختلفين " إلى آخر ما فصله .

فعدد ركعات يوم كامل هو مجموع الركعات المفروضة في الصلوات الخمس أي 17 ركعة مع عدد ركعات الوتر أي 11 ركعة فمجموعها : 28 لكل ركعة مناسبة خاصة مع نبي من أنبياء الفصوص ومرتبته الوجودية .
وبتأمل أسمائهم نجدها نابعة من الأسماء الحسنى التي عليها مدار أم الكتاب المخصوصة به في مقام " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " ونزلت إليه من كنز تحت العرش .   


.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالخميس مايو 07, 2020 2:37 am

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة والثلاثون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثامنة والثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثامنة والثلاثون :-                                       الجزء الثاني

فلنذكر أسماءهم مع ما يناسبها من الفاتحة :
عبد الكبير " اللّه أكبر "بِسْمِ اللَّهِ.   عبد الحميد الْحَمْدُ لِلَّهِ ، / عبد الرحمن وعبد الرحيم الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ/ ،  عبد المعطي وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ/ ،  عبد المؤمن الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ/ ، عبد الملك مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ/ ، عبد الهادي اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ / ، عبد ربه رَبِّ الْعالَمِينَ/ ، عبد الفرد إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ/  ، عبد اللّه " بسم اللّه الحمد للّه " / ، عبد المجيب " أمين " . /

وفي عدة مواضع من كتبه يتكلم الشيخ عن الصلة الأصيلة بين القرآن والإنسان الكامل وبين الخاتم المحمدي وأم القرآن فاتحة الكتاب التي ذكرها الشيخ في آخر الفص الآدمي الأول قائلا:
" فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب " .
فالفصوص تفصيل لبعض حقائقها .


وفي الباب 383 من الفتوحات المخصوص بمنزل الفاتحة يبين أن بحقائقها يحفظ اللّه الوجود ، 
وعدد أحكام تلك الحقائق أربعة عشر ناتجة عن ضرب السبعة في الاثنين ، لأنها هي السبع المثاني والقرآن العظيم ، لكل حكم رجل هو مظهر ذلك الحكم في كل زمان ، ومجموعهم يتألف من القطب والإمامين والأوتاد الأربعة والأبدال السبعة ، لكل بدل إقليم ، ولكل وتد جهة ، وللإمامين عالمي الغيب والشهادة ، وبالقطب يحفظ الجميع ، وهم على قلب 14 نبيا هم آدم وإدريس ونوح وإبراهيم ويوسف وهود وصالح وموسى وداود وسليمان ويحيى وهارون وعيسى ومحمد سلام اللّه عليهم ،
ولهم من الأسماء الإلهية اللّه والرب والهادي والرحيم والرحمن والشافي والقاهر والمميت والمحيي والجميل والقادر والخالق والجواد والمقسط

كل اسم إلهي من هذه ينظر إلى قلب نبي وكل نبي يفيض على كل وارث من أولئك الأربعة عشر ولهم من الحروف الأربعة عشر حرفا من أوائل السور المذكورة سابقا ،

وهي مجموعة كلها في الفاتحة المؤلفة من 21 حرفا مع لام ألف وعدد كلماتها : 25 وهو عدد الأنبياء المذكورة أسماؤهم في القرآن وهو حاصل ضرب الخمسة في نفسها والخمسة هو العدد الحافظ لنفسه ولغيره حسب تعبير الشيخ ومع البسملة فعدد كلماتها 29 على عدد المنازل أو الحروف مع لام ألف .

ملاحظة :
عدد البسملة بالحساب المغربي الكبير - باعتبار ألف المد في اللّه والرحمان - يساوي:
1028 وهو عدد له أهمية كبرى عند الشيخ وكثيرا ما يشير إليه إذ هو عدد الصور في إزار "العظمة "
راجع جوابه عن السؤال الأول من أسئلة الترمدي :
" أو عدد مواقع النجوم أي عدد أقسام دائرة فلك المنازل مع السماوات السبعة "
" 71021 + " وهو عدد كل مخارج الحروف في عالم الحيوان راجع  عقلة المستوفز " .
وهو يساوي مجموع العددين " 281000 + " أي آخر المراتب العددية وآخر المراتب الحرفية ، حيث أن عدد آخر حرف هو : 1000 وهو عدد سجدات الصلوات الخمس مع الوتر خلال شهر قمري مع اعتبار أن لصلاة الجمعة ركعتين فقط :

ففي كل يوم 18 ركعة أي 36 سجدة على عدد وجوه البروج أو مقامات المشاهدة وفي الشهر :
1044 - 29 36 ينقص منه السجدات الناقصة في صلاة الجمعة خلال شهر :
16 - 4 4 فيبقى عدد صور إزار العظمة : 1028 .

وإنما ذكرنا هذا لعلاقة الصلاة بحفظ مراتب الوجود المناسبة لأبواب الفصوص :
فالصلاة حافظة للدين اذ هي عموده ، والدين حافظ للوجود لقوله تعالى : " ولو اتبع الحق أهواء هم لفسدت السماوات والأرض " والحافظ للصلاة هو المصلي الكامل .
فبصلاة الكامل تحفظ مراتب الوجود ولهذا قرنها الحق تعالى بالحفظ فقال : " حافظوا على الصلوات " .
ولهذا ختم الشيخ الفص المحمدي الخاتم الذي هو قطب الفصوص بالكلام على الصلاة .
ومن لطيف الاتفاق أن عدد الاسم  " الحفيظ " هو : 1029 وهو العدد الذي يعتبر عوض 1028 أحيانا لأقسام مواقع النجوم كما أن المنازل تعتبر أحيانا 29 .
عوض : 28 . . . وأما عدده الصغير بالحساب المغربي فهو " حفيظ - 25 " أي 5 5 والخمسة هو عدد الحفظ كما سبق ذكره ، أو عدد كلمات الفاتحة أو عدد الأنبياء المذكورين في القرآن بأسمائهم .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7397
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالإثنين مارس 21, 2022 6:13 pm

899 899
555
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7397
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  - صفحة 2 Emptyالسبت مايو 13, 2023 4:45 pm

988
999
787
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
 
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: