قصة ذلك الملك اليهودي الذي كان يقتل النصارى للزيت المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
قصة ذلك الملك اليهودي الذي كان على منتدى عبدالله المسافر باللهقصة ذلك الملك اليهودي الذي كان يقتل النصارى الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
قيام الوزير بمكر آخر في إضلال القوم « 3 »
- ودبر مكيدة أخرى ذلك الوزير من تلقاء نفسه ، فلقد ترك الوعظ وأقام في الخلوة .- وألقى الحرقة في مريديه من الشوق إليه ، إذا استمرت خلوته خمسة وأربعين يوما . 555 - وجن الخلق شوقا إليه ، ومن افتقادهم لأحواله وأقواله ومواجيده .- فأخذوا يتضرعون إليه في خلوته ، قد صار من الرياضة محدودب الظهر .- وقالوا له : لا نور لنا بدونك ، كيف تكون أحوال الأعمى دون من يصحبه ؟- وكرما منك وبحق الله ، لا تبعدنا عنك أكثر من هذا .- إننا كالأطفال وأنت بمثابة الحاضنة لنا ، فابسط علينا ظل عنايتك ................................................................( 1 ) ج / 1 - 251 : - وهو الذي يخفي الكنوز في الخرابات ، كما يجعل الأشواك ورودا والأجساد أرواحا .( 2 ) ج / 1 - 252 : وأنا حائر من أسباب ألطافه ، وحائراً يضا من أسباب إحراقه .( 3 ) ج / 1 - 263 : - وعندما اعتقد الوزير الفاسد ، أنه بدل بفساده دين عيسى . « 84 » 560 - قال : إن روحي ليست بعيدة عن محبيي ، لكن لا إذن لي بالخروج .- فبدأ أولئك الأمراء في الشفاعة لديه ، وبدأ أولئك المريدون يظهرون في حال شنيعة .- قائلين : أي شؤم هذا أيها الكريم ، لقد أصبحنا بدونك يتامى القلب والدين .- إنك تتعلل ونحن ألما ، نطلق من حرقة القلب آهات حزينة .- لقد تعودنا على كلامك الحلو ، ورضعنا من عصارة حكمتك . 565 - بالله عليك ، بالله عليك ، لا تعاملنا بهذا الجفاء ، وعجل بخيرك ، اليوم وليس غداء .- وألا ينبؤك قلبك أن هؤلاء الذين سلبت قلوبهم ، أصبحوا ممن لا نفع لهم بدونك ؟- وأنهم جميعا يتقلبون كالأسماك على اليابسة ، فارفع السد من مجرى الجدول ، وافتح الماء .- يا من ليس مثلك في الزمان أحد ، بالله عليك ، بالله عليك ، أغث الخلق . رد الوزير على المريدين
- قال : حذار ، أيها الخاضعين " لسحر " القول والحديث ، وأيها الباحثين عن الوعظ وأقوال اللسان " وحظ " الآذان . 570 - وضعوا القطن في آذان الحس الدنية ، وأزيلوا سد الحس من أمام أبصاركم - إن أذن الرأس بمثابة القطنة في أذن السر ، وما لم تُصم أذن الحس ، يبقى ذلك الباطن أصم .- فكونوا بلا حس ولا فكر ولا أذن ، حتى تسمعوا نداء " إرجعي " .- فما دمت منغمسا في أحاديث اليقظة ، متى تشم رائحة من أحاديث النوم ؟ « 85 » - وأقوالنا وأفعالنا بمثابة السير الخارجي ، والسير الباطني يكون فوق السماء . 575 - والحس قد رأى اليابسة فقد ولد منها ، وعيسى الروح يخطو فوق البحر .- وسير الجسد المتيبس يكون فوق اليابسة ، وسير الروح خطا في قلب البحر .- وما دام عمرٌ قد مر على طرق اليابسة ، حينا في الجبل وحينا في البحر وحينا في الوالد ؛- من أين ستجد ماء الحيوان ؟ وأنى لك أن تشق موج البحر ؟- والموج الترابي هو أوهامنا وأفهامنا وفكرنا ، والموج المائي هو محونا وسكرنا وفناؤنا . 580 - وما دمت في هذا السكر فأنت بعيد عن ذاك السكر ، وما دمت ثملا منه فأنت أعمى عن تلك الكأس .- والأحاديث الظاهرة كأنها الغبار ، فتعود فترة على الصمت ، وكن صاحب وعي تكرار المريدين قولهم : إنه الخلوة
- قالوا جميعا : أيها الحكيم الباحث عن الذرائع ، لا تتحدث معنا بهذا الخداع وهذا الجفاء « 1 »- وضع على الدابة حملا بقدر طاقتها ، وكلف الضعفاء بأعمال في وسعهم .- والحبة التي يلتقطها كل طائر بقدر حجمه ، ومتى كان التين طعاما لكل طائر ؟ 585 - ولو أنك أعطيت الرضيع الخبز بدلا من اللبن ، فاعتبر الطفل المسكين ميتا من هذا الخبز...............................................................( 1 ) ج / 1 - 269 : - ونحن اسرى فحتام هذا الخداع ، ونحن بلا قلوب أو أرواح وهذا الجفاء زائد . - وما دمت قد قبلتنا من البداية ، فارحمنا هكذا حتى النهاية . - ولقد علمت ضعفنا وعجزنا وفقرنا ، . . كما عرفت الدواء لالامنا . « 86 » - وعندما تنبت له أسنان بعد ذلك ، تصبح معدته من تلقاء نفسها طالبة للخبز .- والطائر الذي لم ينبت له جناح كيف يصبح محلقا ، إنه يصبح فريسة لكل قط شره - وعندما ينبت له جناح يطير من تلقاء نفسه بلا تكلف وبلا صفير حسن أو قبيح .- وإن نطقك ليصيب الشيطان بالخرس ، وقولك يمنح آذاننا الوعي . 590 - تصير آذاننا وعيا عندما تتحدث ، ويصير برنا بحرا لأنك أنت البحر .- ومعك تصبح الأرض أفضل من الفلك ، يا من نور منك الكون من الأرض إلى السماك .- وبدونك تكتتفنا الظلمة ولو كنا فوق الفلك ، ومعك أيها القمر متى يكون هذا الفلك ثقلا . « 1 »- إن صورة الرفعة تكون للأفلاك ، لكن معنى الرفعة يكون للروح الطاهرة .- وصورة الرفعة تكون للأجساد ، والأجساد إذا قيست بالمعنى تكون مجرد أسماء . « 2 » جواب الوزير : لن أنهي الخلوة
595 - قال : أقصروا من حججكم ، وأجعلوا لنصيحتى طريقا إلى قلوبكم وأرواحكم .- فإن كنت أمينا ، فالأمين لا يكون متهما ، حتى وإن قلت أن السماء أرض ................................................................( 1 ) ج / 1 - 270 :- الشطرة الثانية : ومعك أيها القمر متى تكون الأرض مظلمة وبعده بيتان زائدان :- ومتى يكون الليل مظلما مع قمر وجهك ، والنهار بدون نورك ظلام .- ومعك تفوقنا على الفلك ونحن على الأرض ، وفوق السماء دون نورك كأننا التراب الوضيع . ( 2 ) ج / 1 - 270 : - بحق الله : بحق الله ، ألق علينا نظرة ، " لا تقنطنا فقد طال الحزن " . « 87 » - وإن كنت كما لا فأي إنكار يكون مع الكمال ؟ وإن لم أكن . . فما هذا الأذى ؟ وما هذه المضايفة ؟ .- ولن أخرج من هذه الخلوة ، فأنا مشغول بأحوال الباطن اعتراض المريدين على خلوة الوزير
- قالوا جميعا : أيها الوزير ليس " ما نقول " إنكارا ، ولا يشبه قولنا قول الأغيار 600 - فدموع الأعين جارية من فراقك ، والآهات لا تفتأ نتطلق من أعماق الروح .- والطفل لا يجادل حاضنته ، لكنه يبكي ، مع أنه لا يعرف خيرا أو شرا .- ونحن كالصنج وأنت تعزف عليه بريشتك ، وليس النواح منا ، بل أنت الذي تنوح .- ونحن كالناى ، والأنغام داخلنا منك ، ونحن كالجبال ، وفينا يتردد منك الصدى .- ونحن مثل قطع الشطرنج نوضع حيث ننقل ، ونقلنا ووضعنا منك يا حسن الصفات . 605 - ومن نكون نحن ؟ يا من أنت لنا روح الروح ، حتى يكون لنا وجود مع وجودك ! !- نحن عدم ، ووجودنا أنت ، ذلك أنك وجود مطلق يبدو فانيا .- ونحن كلنا أسود لكن أسود العلم ، يكون هجومها من الريح لحظة بلحظة .- وهجومها ظاهر ، لكن الرياح ليست ظاهرة ، فلا جعل الله مفقودا ذلك الذي ليس بظاهر .- وإن رياحنا ووجودنا من عطيتك ، ووجودنا بأجمعه من إبداعك . 610 - لقد أظهرت للعدم لذة الوجود ، وكنت قد جعلت العدم عاشقا لك . « 88 » - فلا تسترد منا لذة إنعامك ، ولا تسترد منا نُقلك وخمرك وكأسك .- وإن أخذتها ، فمن ذا الذي يجادلك ؟ وكيف للنقش أن يطامن بقوته النقاش ؟ ! - فلا تنظر إلينا ، لا تطل إلينا النظر ، وانظر إلى إكرامك وسخائك .- ذلك أنا لم نكن بعد ولم تكن مطالبنا ، ولطفك كان يستمع إلى ما لم نتلفظ به . 615 - والنقش يكون أمام النقاش والقلم ، عاجزا معقود اللسان كالجنين في الرحم .- وأمام القدرة ، الخلق جميعا لا يزالون في الأرحام ، عاجزون كآلة النساج أمام الإبرة " التي تحركها "- حينا ترسم عليها شيطانا وحينا إنسانا ، حينا تنقش صورة للسرور ، وحينا للغم .- فلا يد لها تحركها بالرفض ، ولا نطق حتى تتبس بنفع أو ضر .- وأعد من القرآن تفسير البيت ، في قوله تعالى "ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ" . 620 - فإن أطلقنا السهم فليس هذا منا ، فنحن القوس ، والرامي هو الله .- وهذا ليس جبرا لكنه معنى الجبارية ، وذكر الجبارية " يعن " عند ذكر العجز والمسكنة .- وصراخنا ونواحنا دليل على الاضطرار ، وخجلنا صار دليلا على الاختيار .- فإن لم يكن إختيار ، فما هذا الخجل ؟ ! ما هذا الأسف وهذا الندم ؟ !- ولما ذا يعاقب الأساتذة تلاميذهم ؟ ولما ذا يكون تحويل الخواطر عن تدابيرها ؟ 625 - وإذا قلت أنه آنذاك يكون غافلا عن جبره ، وأن قمر الحقيقة قد إختفى خلف سحابه ؛- فإن لي على هذا الاعتراض جوابا حسنا ، إن استمعت إليه ، تترك الكفر وتدخل في الدين « 89 » - فالحسرة والضراعة تكون عند المرض ، وأوان المرض كله يقظة .- وأنت عندما تسقط مريضا ، تقوم بالاستغفار عن جرمك .- ويبدو في داخلك قبح الذنب ، وتنوى قائلا : سوف ارجع إلى الطريق القويم ، 630 - وتأخذ على نفسك العهود والمواثيق وتقول : لا يكون لي إختيار من بعد في الأمور إلا الطاعة .- ومن ثم صار من المؤكد أن مرضك يهبك الوعي واليقظة .- فاعلم هذا الأصل إذن يا باحثا عن الأصول ، إن كل من أحس بالألم ظفر برائحة " تقوده إليه "- وكل من هو أكثر يقظة يكون أكثر ألما ، وكل من هو أكثر وعيا يكون أكثر شحوبا .- فإن كنت منتبها إلى جبره فما ضراعتك ؟ وأين رؤيتك لغل الجبارية الحديدي ؟ 635 - وكيف يفرح المقيد بالغل الحديدى ؟ ! وكيف يزاول نزيل السجن الحرية ؟- وإن كنت ترى أن قدمك قد قيدت ، وأن عسكر الملك قد وقفوا على رأسك ؛- لا تزاول إذن مع العاجزين ما يفعله العسكر ، فليس هذا من طبع العاجز أو من شيمه .- فإذا كنت لا ترى جبره ، لا تتحدث عنه ، وإذا كنت تراه ، فأين دليل الرؤية ؟- وفي كل أمر تكون ميالا إليه ، لا تفتأ ترى قدرتك عيانا . 640 - وما لا ميل لك فيه أو رغبة ، تجعل نفسك جبريا ، وتقول أنه من الله .- فالأنبياء جبريون في أمور الدنيا ، والكفار جبريون في أمور العقبى .- وللأنبياء اختيار في أمور العقبى ، وللجهال اختيار في أمور الدنيا . « 90 » - ذلك أن كل طائر يطير صوب جنسه ، وتتقدمه روحه في أثره .- ولما كان الكفار من جنس سجين ، طابت نفوسهم بجسن الدنيا . 645 - ولما كان الأنبياء من جنس عليين ، فهم مهرعون صوب عليين بالقلب والروح . « 1 » - وهذا الكلام لا نهاية له ، ولنكرر القول في تمام هذه القصة."2 " إيئاس الوزير المريدين في رفض الخلوة
- وصاح بهم ذلك الوزير من الداخل قائلا : أيها المريدين ، ليكن هذا معلوما عنى ؛ - أن عيسى هكذا قد أرسل إلى وقال : إبتعد عن كل رفاقك وأقاربك .- ولتوجه وجهك إلى الجدار ولتجلس وحيدا ، ولتختر الخلوة حتى عن وجودك . 650 - ومن بعد ليس لدى الإذن بالكلام ، ولا شأن لي بالحديث .- الوداع أيها الرفاق ، فلقد مت ، ونقلت متاعي إلى الفلك الرابع .- حتى لا أحترق تحت هذا الفلك النارى كالحطب في عناء وفي عطب .- ولأجلس من الآن فصاعدا إلى جوار عيسى فوق السماء الرابعة . جعل الوزير كل أمير وليا للعهد في غيبة عن بقية الأمراء
- ثم استدعى أولئك الأمراء واحدا بعد الآخر ، وتحدث مع كل واحد منهم على حدة...............................................................( 1 ) ج / 1 - 275 : - وكيف يفرح المقيد بالغل الحديدى ؟ وكيف يجعل من خشبة مهترئة عمادا ؟ - وكيف يزاول نزيل السجن الحرية ؟ وكيف يبدي المبتلى الفرح والسرور ؟ .( 2 ) ج / 1 - 276 : - فيا إلهي أبد للروح هذا المقام ، الذي يجرى فيه بلا ألفاظ الكلام . « 91 » 655 - وقال لكل واحد منهم : إنك النائب الحق على دين عيسى ، وأنت خليفتي .- والأمراء الآخرون تبع لك ، وقد جعلهم عيسى كلهم شيعة لك .- وكل أمير يعصاك إقبض عليه واقتله ، أو إجعله أسيرا في قبضتك .- لكن لا تبح بهذا ما دمت أنا حيا ، ولا تطلب هذه الرئاسة قبل موتي .- وما لم أمت لا تظهر هذا الأمر ، ولا تدع الملوكية والسيطرة . 660 - وهاك هذا القرطاس بأحكام المسيح ، إقرأه بالتفصيل على الأمة " بلسان " فصيح .- وقال لكل أمير هذا الأمر على حدة ، لا نائب سواك في دين الله .- وجعل كل واحد منهم على حدة العزيز " المختار " وما قاله لذاك ، قاله لهذا .- وأعطي لكل واحد منهم قرطاسا من القراطيس ، كان كل منها يناقض الآخر ، وهذا هو المراد .- لقد كانت متون هذه القراطيس مختلفة تماما ، كالاختلاف بين الحروف من الألف إلى الياء . 665 - كانت أحكام هذا القرطاس ضد أحكام ذاك ، ولقد بينا من قبل تفاصيل هذا التضاد قتل الوزير لنفسه في الخلوة
- وبعد ذلك أغلق الباب على نفسه أربعين يوم أخرى ، ثم قتل نفسه وتخلص من حياته .- وعندما علم الخلق بموته ، قامت قيامة " منهم " على قبره .- واجتمع خلق كثيرون على ذلك القبر ، نائحين ممزقين ثيابهم حدادا عليه . « 92 » - عدد لا يحصيه إلا الله تعالى من عرب ومن ترك ومن روم ومن كرد . 670 - أخذوا يحثون تراب قبره على رؤوسهم ، واعتبروا الألم في سبيله موضع الدواء لهم .- ولمدة شهر قام هؤلاء الخلق علي قبره ، يسوقون من مآقيهم طريقا من الدمع .«1» سؤال أمة عيسى الأمراء : أيكم ولى العهد ؟
- وبعد شهر قال الخلق : أيها العظماء من من الأمراء قد حل محله ؟- حتى نعترف به إماما يخلفه ، ونسلم إليه أيدينا وأطراف ثيابنا . « 2 »- فإذا كانت الشمس قد غابت ووسمتنا بالجراح ، فلا محيص من أن يقوم في مقامها مصباح . 675 - وما دام وصل الحبيب قد غاب عن العين ، ينبغي أن يبقى نائب عنه تذكارا لنا .- وما دام موسم الورود قد انقضى وصارت الروضة خرابا ، من أين نلتمس شذى الورود ؟ من الجلاب .- وما دام الله - جل شأنه - لا تدركه الأبصار ، فهم نواب الحق أولئك الرسل .- لا ، لقد أخطأت ، فإن ظننت أنهما اثنان - النائب ومن أنابه - يكون أمرا قبيحا وليس طيبا ................................................................( 1 ) ج / 1 - 321 : - كان الجميع في صراخ ألما من فراقه ، الملوك والعوام والكبار والصغار .( 2 ) ج / 1 - 321 : - حتى نعترف به إماما يخلفه ، وحتى تتم أمورنا به . - وننقاد جميعا إلى اختياره ، ونمسك بطرف ردائه وتكون أيدينا في يده .« 93 » - لا ، إنهما اثنان ما دمت عابدا للصورة ، وهما أمام من نجا من الصورة واحد . 680 - وعندما تنظر إلى الصورة فأنت تنظر بعينين ، فانظر إلى النور الذي انبعث من العينين « 1 »- فلا يمكن التمييز بين نور إحدى العينين ونور الأخرى ، عندما يلقي المرء بنظرة إلى النور .- وعندما تحضر عشرة مصابيح إلى مكان ما ويكون كل منها في شكله مختلفا عن الآخر ؛- فإنك لا تستطيع أن تميز بين نور كل منها ، عندما تتجه إلى نورها بلا شك ولا ريب « 2 »- وإنك إن أتيت بمائة ثمرة من التفاح أو السفرجل ، فإنها لا تظل مائة عندما تقوم بعصرها . 685 - وليس في المعاني قسمة أو أعداد ، وليس في المعاني تجزئة ولا إفراد .- واتحاد الحبيب بالأحبة أمر طيب ، ولتمسك بقدم المعنى فالصورة متمردة .- والصورة المتمردة أذبها بالألم ، حتى ترى الوحدة تحتها كأنها الكنز .- وإن لم تذبها أنت فإن عناياته - جل شأنه - تذيبها ، يا من قلبي غلام له .- إنه هو الذي يبدي نفسه للقلوب ، وهو الذي يرتق خرقة الدرويش ................................................................( 1 ) ج / 1 - 321 : - عندما تنظر إلى الصورة فأنت تنظر بعينين ، فانظر إلى نوره فهو طية واحدة . - ولا جرم أن البصر عندما يقع على الواحد ، يكون واحدا ولا يتأتى له اثنان .( 2 ) ج / 1 - 325 : - أطلب المعنى من القرآن وقل " لا نفرق بين أحد من الرسل " .« 94 » 690 - لقد كنا جوهرا واحدا ساريا في العالم ، كنا بلا بداية ولا نهاية وهو المبدأ للجميع .- كنا جوهرا واحدا وكأننا الشمس ، كنا بلا عقد ، نتميز بالصفاء كالماء .- وعندما تصور ذلك النور الصافي ، صار عددا ، كأنه ظلال الشرفة .- فحطم الشرفة بالمنجنيق ، حتى تمضي الفروق عن هذا الفريق .- وكان عليّ أن أفسر هذا الأمر نتيجة للمراء والجدل ، لكني أخاف أن تنزلق خواطر الناس . 695 - فالنكات " الدقيقة " حادة كأنها السيف الفولاذى ، وإن لم يكن لديك ترس تقهقر هاربا .- ولا تواجه هذا السيف القاطع كالماس بلا ترس ، إذ لا حياء للسيف عند القطع .- ولهذا السبب وضعت سيف القول في غمده ، حتى لا يقرأه معوج القراءة خلافا " لقصدى " .- ولقد وصلنا إلى تمام القصة ، وإلى وفاء جمع الصادقين .- أولئك الذين نهضوا بعد ذلك المقتدى ، وأخذوا يطالبون بنائب في مقامه تنازع الأمراء على ولاية العهد
700 - وتقدم أمير من هؤلاء الأمراء ، وامتثل أمام أولئك القوم الأوفياء .- وقال : الآن أنا نائب لذلك الرجل ، ونائب لعيسى في هذا الزمان .- وإليكم هذا القرطاس وهو برهاني على أن النيابة من بعده لي .- وخرج ذلك الأمير الآخر من مكمنه ، وادعى نفس الادعاء في الخلافة .- وأبدى بدوره قرطاسا من تحت إبطه ، حتى اشتعل كل منهما بغضب كغضب اليهود .« 95 » 705 - وأولئك الأمراء الآخرون واحدا واحدا وفي صف مرصوص ، سل كل منهم السيف البتار .- كان مع كلّ منهم قرطاس وسيف ، واشتبك كل منهم بالآخر كالفيلة الهائجة . « 1 » - وقتل مئات الآلاف من النصارى ، حتى تشكل تل من الرؤوس المقطوعة .- وجرى الدم من يمين ومن شمال كأنه السيل ، ومن غبار " المعركة " ظهرت الجبال في الهواء .- وبذور الفتنة التي كان قد غرسها ، صارت وبالأعلى رؤوسهم . 710 - لقد تحطمت ثمار الجوز ، وذلك الذي كان لديه لب ، كانت له بعد القتل روح طاهرة . .- والقتل والموت اللذان يجريان على الجسد ، كأنهما كسر لثمار الرمان والتفاح .- فما هو حلو ، أسفر عن حبات الرمان ، وما هو مهترى ، لم يكن غير صوت.«2» - وما كان ذا معنى يبدو طيبا حلوا ، وما لا معنى له فضيحة في حد ذاته .- فامض ، وجاهد في المعنى يا عابد الصورة ، ذلك أن المعنى بمثابة الجناح على جسد الصورة . 715 - وكن جليسا لأهل المعنى ، حتى تجد العطاء ، كما تكون فتى .- فالروح الخالية من المعنى ، هي بلا شك في هذا الجسد ، كأنها السيف الخشبي في الغمد ................................................................( 1 ) ج / 1 - 333 : - كان عند كل واحد من الأمراء خيل لا حصر له ، وسلوا السيوف في ذلك الزمان .( 2 ) ج / 1 - 333 : - وما هو مليء باللب طاهر كالمسك ، وما هو مهترىء ، لا يكون سوى تراب . « 96 » - ما دام في غمده يكون ذا قيمة ، وعندما يخرج من غلافه يورد صاحبه موارد الهلاك .- فلا تحمل السيف الخشبي في معمعة القتال ، وانظر من البداية ، حتى لا يسوء الأمر .- فإن كان خشبيا ، امض واطلب غيره ، وإن كان بتارا فتقدم فرحا . 720 - والسيف " الحق " موجود في خزانة سلاح الأولياء ، ورؤيتهم بالنسبة لك كيمياء ،- وكل العلماء قد قالوا نفس القول ، والعالم يكون " رحمة للعالمين " .- وإن اشتريت رمانا فاشتر المتشقق " الضاحك " حتى تنبئ ضحكته عما فيه من حب .- فيا لها من ضحكة مباركة ، إذ تبدى القلب من الفم ، كالدر من درج الروح .- وضحكة تلك الزهرة المسماة شقائق النعمان غير مباركة ، إذ تبدى سواد القلب من فمها . 725 - والرمان الضاحك يجعل البستان ضاحكا ، وصحبة الرجال تجعلك من الرجال . « 1 »- فإن كنت صخرة أو حجر مرمر ، عندما تلحق بصاحب قلب تصبح جوهرا ................................................................( 1 ) ج / 1 - 334 : - إن لحظة واحدة من صحبة الأولياء ، أفضل من مائة سنة من الطاعة بلا رياء .« 97 » - فاغرس حب الأطهار في سويداء الروح ، ولا تمنح القلب إلا لودهم الذي يرضي الروح .- ولا تمض نحو حي اليأس فهناك آمال ، ولا تمض صوب الظلمة ، فهناك شموس .- والقلب يجذبك نحو حي أهل القلب ، والجسد يجذبك نحو سجن الماء والطين . 730 - فهيا ، أمدد القلب بالغذاء من شريك في القلب . . وإمض واطلب الإقبال من أحد المقبلين . « 1 » تعظيم نعت المصطفى صلى الله عليه وسلم المذكور في الإنجيل
- كان اسم المصطفى موجودا في الإنجيل ، ذلك الزعيم للأنبياء وبحر الصفاء .- كان ذكر حليته وشمائله موجودا ، وكان موجودا أيضا ذكر غزوه وصومه وأكله .- وكانت طائفة من النصارى جلبا للثواب ، عندما كانوا يصلون إلى هذا الاسم والخطاب ؛- كانوا يقبلون هذا الاسم الشريف ، وكانوا ينشرحون من ذلك الوصف اللطيف . 735 - وفي هذه الفتنة التي ذكرناها ، كانت تلك الجماعة آمنة من الفتنة والاضطراب .- كانت آمنة من شر الأمراء والوزير ، وكانت تستجير في حمى اسم أحمد ................................................................( 1 ) ج / 1 - 334 : - وتشبث بطرف رداء صاحب إقبال ، حتى تجد الرفعة من أفضاله ، فصحبة الصالح تجعلك صالحا ، وصحبة الطالح تجعلك طالحا . « 98 » - وتلك الجماعة الأخرى من النصارى ، كانت تستهين باسم أحمد .- فصاروا مهانين أذلاء من الفتن ، من الوزير مشئوم الرأي ، مشئوم الحيل . . 740 - كان دينهم متخبطا وشرائعهم ، من اتباعهم للقراطيس معوجة البيان .- وهكذا يقوم اسم أحمد بإسداء العون ، فما بالك بنوره كيف يقوم بالحفظ ؟- لقد صار اسم أحمد كالحصن الحصين ، فما بالك بذات ذلك الروح الأمين ؟.