حكاية الملك اليهودي الآخر الذي سعى في هلاك دين عيسى المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
حكاية الملك اليهودي الآخر على منتدى عبدالله المسافر باللهحكاية الملك اليهودي الآخر الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
حكاية الملك اليهودي الآخر الذي سعى في هلاك دين عيسى
- بعد هذه المذبحة التي لا تقبل العلاج ، والتي وقعت من بلاء ذلك الوزير ؛ - قصد ملك آخر من نسل ذلك اليهودي ، هلاك قوم عيسى .745 - وإذا كنت تريد خبرا عن هذا الخروج الآخر ، إقرأ آيةوَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ- والسنة السيئة التي سنها ذلك الملك الأول ، اتبعها بدوره ذلك الملك الآخر .- وكل من سن سنة سيئة ، تنزل عليه اللعنة في كل لحظة .- ولقد ذهب الطيبون وبقي ما سنوه من سنن ، وبقي عن اللئام الظلم واللعنات .- وحتى القيامة ، كل من يأتي من جنس أولئك اللئام إلى الوجود تكون وجهته إليهم .750 - وعروق هذا الماء العذب وهذا الماء الملح تجرى في الخلق حتى نفخ الصور .- فللطيبين ميراث من الماء العذب ، وأي ميراث ذاك ؟ إنه « أورثنا الكتاب » .- فصارت حاجة الطيبين إن أمعنت النظر ، قبسات من جوهر النبوة .« 99 » - والقبسات تكون دائرة مع الجواهر والأصول " التي تصدر عنها " ، والقبس يمضي نحو ذلك الجانب الذي هو منه .- والنور المنبعث من الكوة يمضي حول الدار ، ذلك أن الشمس تمضي من برج إلى برج .755 - وكل من له اتصال بكوكب من الكواكب ، تكون حركته مع كوكبه المتصل به - فإن كان طالعه الزهرة ، يكون ميله الكلي إلى الطرب والعشق والطلب .- وإن كان متصلا بالمريخ فهو ذو طبع سفاك ، وهو باحث عن الحرب والبهتان والخصومة .- وهناك كواكب أخرى وراء هذه الكواكب ، لا يحل بها نحس أو احتراق .- وكلها سيارة في سماوات أخرى ، غير هذه السماوات السبع المعروفة .760 - والراسخون في أشعة أنوار الإله ، لا هم متصلون بها ولا هم منفصلون عنها .- وكل من يكون طالعه من تلك النجوم فإن أنفاسه تحرق الكفار برجومها .- ولا يكون غضبه من قبيل الغضب المريخي ، فهو يسير سيرا عكسيا ، هو غالب ، لكنه في طبع المغلوب .- والنور الغالب آمن من النقص و " ظلمة " الغسق ، فهو بين إصبعين من نور الحق .- والحق يرش هذا النور على الأرواح ، والمقبلون فتحوا له حجورهم . 765 - وذلك الذي أصاب من رش النور ، قد أعرض بوجهه عما سوى الله .- وكل من لم يكن له حجر ثوب من العشق ، صار بلا نصيب من رش النور ذاك .« 100 »- والأجزاء متجهة بوجوهها صوب الكل ، كما تكون البلابل عاشقة لصفحة الورود .- ولون البقرة يكون من ظاهرها ، أما الرجل ، فاطلب لونه من باطنه ، أحمر أو أصفر .- والألوان الطيبة تكون من دون الصفاء ، وألوان القبحاء من صبغة الجفاء السوداء . 770 - وصبغة الله هي اسم ذلك اللون اللطيف ، ولعنة الله هي نتن ذلك اللون القذر .- وما هو من البحر يمضي إلى البحر ، أي يمضي إلى المكان الذي جاء منه .- ومن قمة الجبل " تنزل " السيول المسرعة في سيرها ، ومن أجسادنا تنطلق الروح ممزوجة بالعشق . إضرام ملك اليهود للنار ووضعه صنما إلى جوارها قائلا :
كل من سجد للصنم نجا من النار
- فانظر إلى هذا اليهودي الكلب أي كيد كاده ، لقد نصب صنما إلى جوار النار .- وقال : من سجد للصنم نجا ، وإلا فهو ملقى في النار . 775 - وعندما لم يجاز صنم النفس بما يستحق ، تولد من صنم نفسه صنم آخر .- وإن صنم نفوسكم يعد أم الأصنام ، فالصنم حية ، لكن صنم النفس تنين .- والنفس حديد وحجر والصنم شرر ، والشرر ينطفئ من الماء . « 1 »- ومتى يسكن الحديد والحجر من الماء ؟ ومتى يكون الإنسان آمنا منهما ؟..............................................................( 1 ) ج / 1 - 357 : - والحديد والحجر النار بداخلهما ، ومن ثم لا يمد الماء بماء . - وعندما تطفاً النار الظاهرة بالماء ، متى يمضي الماء داخل الحديد والحجر . - والحديد والحجر أصل النار والدخان ، وفروعها الكفر والنصرانية واليهودية .« 101 »- والصنم ماء كدر مختف في الإناء ، أما النفس فاعتبرها منبع الماء الكدر .780 - وذلك الصنم المنحوت كأنه السيل الأسود ، والنفس ناحتة " الأصنام " عين ماء في مجرى الماء « 1 »- وقطعة من الحجر تكسر مائة من الجرار ، لكن ماء العين يسيل بلا انقطاع . « 2 »- وكسر الصنم سهل بل وفي غاية السهولة ، لكن اعتبار النفس أمر سهل ، جهل وأي جهل .- وإذا كنت تبحث عن صورة للنفس يا بنى ، فاقرأ قصة النار ذات الأبواب السبعة - فلها في كل نفس مكر ، وفي كل مكر ، يغرق مائة فرعون مع أتباعه .785 - فاهرب إلى إله موسى وإلى موسى ، ولا ترق ماء الإيمان من فرعونيتك .- ولتتشبث بالأحد وبأحمد ، وانج يا أخي من أبي جهل الجسد .تحدث طفل من بين النار وتحريضه الخلق على الوقوع فيها
- وأتي ذلك اليهودي بامرأة ورضيعها أمام النار ، وكانت النار متأججة . « 3 »- وأخذ منها الطفل وألقى به في النار ، فخافت المرأة وتزلزل إيمانها ................................................................( 1 ) ج / 1 - 357 : - والصنم الموجود داخل الإناء كأنه الماء الجاري ، ونفسك الشؤم هي منبعه أيها المصر .( 2 ) ج / 1 - 357 : - فإذا كان ماء الدن والإناء فانيا ، فإن ماء النبع متجدد وباق .( 3 ) ج / 1 - 357 : - وقال : أيتها المرأة ، أسجدى أمام الصنم ، وإلا احترقت في النار دون كلام . - كانت تلك المرأة مؤمنة طاهرة الدين ، ولم تسجد لذلك الصنم تلك الموقنة .« 102 »- وهمت بالسجود للصنم ، فصاح بها ذلك الطفل " إني لم أمت " « 1 »790 - أدخلي يا أمي ، إني سعيد هنا بالغم ، مع أني صوريا داخل النار .- والعين مغمضة والنار من أجل الحجاب ، ورحمة تلك التي أطلت برأسها من الحبيب .- ادخلي يا أمي وانظري برهان الحق ، حتى تري مجالس أنس خواص الحق .- أدخلي وانظري ماءا على شكل النار ، من عالم ناره على مثال الماء .- أدخلي وانظري أسرار إبراهيم ، الذي وجد في النار السرو والياسمين .795 - لقد كنت أرى أو ان ميلادي منك موتا ، وأصابني خوف شديد عند سقوطي منك .- وعندما ولدت نجوت من السجن الضيق ، في عالم حسن الهواء جميل اللون .- والآن أرى الدنيا كأنها الرحم ، عندما رأيت في النار هذه الطمأنينة .- لقد رأيت عالما في هذه النار ، في كل ذرة منه صاحب نفس كعيسى .- فعالم العدم الآن له في ذاته شكل الوجود ، بينما عالمكم ذو شكل لا ثبات له .800 - أدخلي يا أمي بحق الأمومة ، وشاهدي هذه النار التي ليس فيها طبع النار .- أدخلي يا أمي فقد جاء الإقبال ، أدخلي يا أمي ولا تفرطي في هذه الدولة .- لقد رأيت قدرة هذا الكلب ، فادخلي حتى تري قدرة الله .- وأنا أجر قدمك إليها رحمة بك ، فمن السعادة لا التفات مني إليك أصلا .- فادخلي واستدعي الآخرين أيضا ، ففي النار قد مد المليك الموائد .805 - وادخلوا أيها المسلمين جميعا ، فكل ما سوى عذب الدين عذاب ................................................................( 1 ) بالعربية في المتن .« 103 » - أدخلوا جميعا وكأنكم الفراش ، في هذه المتعة التي تحتوى على مائة ربيع . « 1 » - وأخذ يصيح وسط هذه الجماعة ، وامتلأت أرواح كل الخلق عظمة ومجدا « 2 »- فأخذ الخلق جميعا - من رجال ونساء - ودون أن يحسوا يلقون بأنفسهم في النار .- وذلك دون جلاد ودون جر ، من عشق الحبيب ، إذ به ينقلب إلى حلو كل مر .810 - بحيث أن الحرس أخذوا يمنعون الخلق صائحين بهم : لا تلقوا بأنفسكم إلى النار .- وصار ذلك اليهودي أسود الوجه خجلا ، ولذلك ندم وصار مريض القلب .- ففي الإيمان ، صار الناس أكثر عشقا ، وصاروا أكثر صدقا في فناء الجسد .- وارتد مكر الشيطان إليه والشكر لله ، وافتضح أمر الشيطان والشكر لله .- وكل ما كان يدهن به وجوه الناس ، اجتمع وتراكم على وجه ذلك الخسيس .815 - وذلك الذي كان يمزق ثياب الناس بجد ، صار ثوبه ممزقا ، بينما صلحت ثيابهمبقاء فم ذلك الرجل الذي كان ينطق اسم الرسول
صلى الله عليه وسلم ساخرا . . معوجاً
- لقد قوس أحدهم فمه ، ونطق اسم محمد ساخرا ، فبقى فمه معوجا ..............................................................( 1 ) ج / 1 - 365 : - أدخلوا وانظروا كيف صارت باردة تلك النار الحامية المهينة . - أدخلوا يا من أنتم جميعا ثملون مهمومون ، أدخلوا يا من أنتم عين الملامة . - أدخلوا في هذا البحر العميق ، حتى تصبح الروح صافية رقيقة . - وألقت الأم بنفسها عليه ، فأمسك بيدها ذلك الطفل المجبول على الحنان . - دخلت النار أم ذلك الطفل الصغير ، وفي النار اختطفت كرة سبق الإقبال . - وبدأت الأم تتحدث على هذا النسق ، وبدأت ثقب الدر في وصف ألطاف الحق .....................................................................................
( 2 ) ج / 1 - 365 : - أخذت تصيح بالخلق : أيها الناس ، أنظروا في النار إلى هذا البستان .« 104 »- فعاد إليه قائلا : يا محمد أعفُ عني ، يا من لك الألطاف والعلم من لدنه .- لقد كنت أسخر منك جهلا . . ذلك أني أهل للسخرية منسوب لها .- وعندما يريد الله أن يهتك ستر أحد ، يجعل ميله إلى الطعن في الأطهار .820 - وإذا أراد الله أن يستر عيب أحد ، فإنه قليلا ما يتحدث عن عيوب من بهم عيوب .- وعندما يريد الله أن يمد إلينا يد العون ، ويجعل ميلنا نحو الضراعة .- فما أسعدها تلك العين التي تكون باكية له ، وما أعظمه ذلك القلب الذي يكون محترقا به .- وإن آخر كل بكاء يكون ضحكا ، والرجل الناظر إلى العاقبة عبد مبارك .- وحيثما يكون ماء جار تكون خضرة ، وحيثما يكون دمع جار تكون رحمة .825 - فكن كالساقية آنا دامع العين ، حتى تنمو الخضرة في ساحة روحك . « 1 »- فإن كنت تريد الدمع ، إرحم الدامعين ، وإن كنت تريد الرحمة ، إرحم الضعفاء .لوم ذلك الملك اليهودي للنار
- اتجه الملك إلى النار قائلا : يا حادة الطبع ، أين طبعك الجبلي المحرق للعالم ؟ !- كيف لا تحرقين ؟ ! وإلى أين مضت خاصيتك ؟ ! أو أن نيتك قد تغيرت من سوء حظنا ؟- إنك لا تغفرين لعابدك ، فكيف نجا منك من لا يعبدك ؟...............................................................( 1 ) ج / 1 - 378 : لقد رحمه السيد وعفا عنه ، لأن ذلك المصفر الوجه قد تاب عن جرأته .« 105 »830 - إنك لا تصبرين أبدا أيتها النار ، فكيف لا تحرقين ؟ ! تراك غير قادرة ؟ ! .- أهو إغماض للعيون - وآسفاه - أو قيد على العقل ، كيف لا تحرق تلك النار التي يرتفع لهيبها ؟- هل سحرك أحد ؟ أو تراه مارس عليك السيمياء ؟ أو أن مخالفتك لطبعك من سوء حظنا ؟ ! - قالت النار : إنني كما أنا أيها الوثني ، فتعال إلي حتى ترى حرارتي .- إن طبعي لم يتغير أو عنصرى ، فأنا سيف الحق ، أقطع لكن بالأمر .835 - وعلى باب المخيم تهز كلاب التركمان ذيولها وتتملق الضيفان .- وإن مر بالمخيم وجه غريب عليها ، يرى منها هجوما كأنه هجوم الأسود .- ولست أن أقل من الكلب عبودية ، وليس الله - جل وعلا - بأقل من التركماني في هذه الحياة .- فإن جعل مليك الدين نار طبعك حزينة مغتمة ، يجعل إحراقها بالأمر .- ولو منح نار طبعك السرور ، فإن مليك الدين يضع فيها السرور .840 - فإن أحسست بحزن ، استغفر ، فلقد نزل بك بأمر الخالق ، فاعمل .- ولو يشاء لجعل من عين الغم سرورا ، ولصارت الأغلال في الأقدام عين الحرية .- والهواء والتراب والماء والنار كلها عبيد ، وهي بالنسبة لي ولك ميتة ، لكنها حية مع الحق .- فالنار دائما أمام الحق في قيام ، تطوف دائما ليل نهار كالعاشق .- إنك تضرب الحجر بالحديد فتنطلق منه ، وتخرج منه بأمر الحق .845 - فلا تضرب حديد الظلم بحجره لأنهما معا يلدان ، كالرجل والمرأة .« 106 »- فالحديد والنار مجرد سبب ، لكن أنظر إلى أعلى أيها الرجل الطيب .- فإن ذلك السبب أحدث هذا السبب ، فمتى صار سبب من نفسه دون مسبب ؟ ! - وتلك الأسباب المرشدة للأنبياء ، أعلى من هذه الأسباب الموجودة هنا .- فإن ذلك السبب يجعل هذا السبب فاعلا ، ثم يجعله أحيانا عاطلا بلا أثر .850 - والعقول مسموح لها " بإدراك " هذا السبب ، والأنبياء مسموح لهم بذلك السبب .- وماذا يكون هذا السبب ؟ قل بالعربية إنه الرسن ، وهذا الرسن - أي الحبل - نزل في البئر بفن .- ودوران العجلة علة للرسن ، لكن عدم رؤية من يدير العجلة زلة .- وهذه الحبال أسباب في الدنيا ، وحذار حذار ، لا تعتبرها من هذه العجلة الدوارة " الفلك " .- حتى لا تبقى صفر اليدين ، حائرا كالفلك ، وحتى لا تحترق في انعدام اللب كعود المرخ .855 - والهواء يأكل النار بأمر الحق ، وكلاهما ثمل بخمر الحق .- وماء الحلم ونار الغضب يا بني ، تراهما أيضا من الحق ، إن فتحت عينيك .- ولو لم تكن روح الريح عارفة بالحق ، فكيف كان لها أن تميز بين قوم عاد . ؟[ حكاية الريح التي أهلكت عادا في زمن هود عليه السلام ]- لقد رسم هود - عليه السلام - دائرة حول المؤمنين ، وكانت الريح ترق عندما تصل إليها .- وكل من كان خارج خط هذه الدائرة ، كانت الريح تمزقه إربا في الهواء .860 - مثل شيبان الراعي ، كان يخط خطا حول قطيعه ؛« 107 »- وذلك عندما كان يذهب إلى صلاة الجمعة ، حتى لا يجرؤ الذئب علي الهجوم عليه بغارة تركيّة .- فلم يكن ذئب قط يدخل فيها ، كما لم يكن خروف يخرج عن ذلك الخط .- لقد كانت دائرة رجل الله قيدا على ريح حرص الذئب وحرص الغنم على السواء- وهكذا ريح الأجل مع العارفين ، رقيقة طيبة كأنها ريح أمثال يوسف .865 - إن النار لم تمس إبراهيم عليه السلام بأسنانها ، إنه مختار من الحق ، فكيف تعضه . ؟- وأهل الدين لا يحترقون بنار الشهوة ، أما غيرهم فقد حملتهم إلى باطن الأرض- وموج البحر عندما هجم بأمر الحق ، ميز بين قوم موسى وآل فرعون .- والأرض عندما تلقت الأمر ، حملت قارون إلى قعرها بذهبه وعرشه .- والماء والطين عندما رعيا من أنفاس عيسى عليه السلام ، صارا طيرا ، فتح الجناح والقوادم وحلق وطار .870 - وإن تسبيحك يكون بخارا حاويا للماء والطين ، لكنه صار طيرا من طيور الجنة بنفحة صدق القلب- والطور صار راقصا من نور موسى عليه السلام ، صار صوفيا كاملا وخلص من النقص .- وأي عجب أن يصبح الجبل صوفيا أيها العزيز ، لقد كان جسد موسى أيضا من المدرسخرية ملك اليهود وعدم قبوله نصيحة خاصته
- لقد رأى ملك اليهود تلك العجائب ، فلم يكن منه إلا الانكار والسخرية« 108 »- وقال له الناصحون : كفاك حثا لمطية العناد ، ولا تجاوز الحد . 875 - فقيد أيديهم بالأغلال وسجنهم ، وجعل الظلم متصلا بالظلم .- فجاء النداء عندما وصل الأمر إلى هذا الحد ، توقف أيها الكلب ، فقد حل قهرنا .- وبعد أن أضرمت النار وبلغ " ارتفاعها " أربعين ذراعا ، رسم حولها حلقة ، وأحرق أولئك اليهود .- كان أصلهم من النار منذ البداية ، وفي النهاية مضوا صوب أصلهم .- كانت تلك الجماعة قد ولدت من النار ، وللأجزاء طريق صوب الكل " الخاص بها " . « 1 »880 - كانوا نارا تحرق المؤمنين فحسب ، وأحرقتهم النار وكأنهم القذى .- وكل من كانت الهاوية أما له ، تكون الهاوية زاوية له .- والأم تكون باحثة عن ابنها ، والأصول تسعى في أثر الفروع .- والمياه إن كانت حبيسة في الحوض ، فإن الرياح تجففها لأنها أيضا من الأركان- إنها تخلصها وتحملها إلى أصلها رويدا رويدا بحيث لا ترى حملها إياها .885 - وكذلك أيضا هذا النفس ، يسرق أرواحنا قليلا قليلا من سجن الدنيا .- " فإليه يصعد أطياب الكلم ، صاعدا منا إلى حيث علم - ترتقي أنفاسنا بالمنتقى ، متحفا منا إلى دار البقا - ثم تأتينا مكافاة المقال ، ضعف ذاك رحمة من ذي الجلال...............................................................( 1 ) ج / 1 - 401 : - كان هؤلاء الأخساء مولودين من النار ، فهم يتحدثون عن النار والدخان .« 109 »- ثم يلجينا إلى أمثالها ، كي ينال العبد مما نالها 890 - هكذا تعرج وتنزل دائما ، لا فلا زلت عليه قائما " « 1 »- ولنتحدث بالفارسية : أعني أن هذا الجذب ، يأتي من ذلك الطرف الذي جاءت منه اللذة .- ولقد تركزت أبصار كل جماعة على جهة ما ، فقد جاءت منها ذات يوم لذة ما .- ولذة الشيء تتأتى من جنسه يقينا ، ولذة الجزء تكون من الكل " الذي ينتمي إليه " .- أو من ذلك الذي يكون قابلا للتجانس ، وعندما اتصل به صار من جنسه .895 - مثل الماء والخبز وهما ليسا من جنسنا ، صارا من جنسنا وزادا فينا .- وليس للماء والخبز التجانس معنا في الصورة ، فاعلم أنه من جنسنا لاعتبار آخر .- وإن كانت لذتنا نابعة من غير جنسنا ، ربما تكون مما يشبه جنسنا .- وذلك الأمر الذي يكون شبيها يكون عارية ، والعارية لا تبقى في آخر الأمر .- والطائر - وإن شعر بلذة من الصفير - عندما لا يجده صادرا من جنسه ، ينفر منه900 - والظمآن إن شعر بلذة من السراب ، عندما يصل إليه ، يفر ويبحث عن الماء .- والمفلسون يطيبون نفسا بالذهب المزيف ، لكنه يصير مفتضحا في دار السكة .- وحتى لا يضللك " الزائف " المطلي بالذهب ، وحتى لا يلقي بك الخيال المعوج في البئر ؛- فتش من كليله " ودمنه " عن تلك الحكاية ، واطلب حصتك من تلك القصة ................................................................( 1 ) بالعربية في النص ..