منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:09 am

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد على مدونة عبدالله المسافر بالله

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

قول الشيطان لقريش : تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم
واستنفر قبيلتى للعون وهروبه عند لقاء السصفين
“ 1 “
- إن هذا علي مثال الشيطان ، صار “ كأنه قائد “ للجيش ، ووسوس لهم قائلا : “ إنني جار لكم “ .
 
4040 - وعندما تجهزت قريش اعتمادا علي قوله ، والتقي الجيشان .
- رأي الشيطان جيشا من الملائكة في الطريق إلي صف المؤمنين .
- وأولئك الذين ورد ذكرهم في الآية الكريمة جُنُوداً لَمْ تَرَوْها *قد اطفوا ، استعرت النيران في روحه خوفا .
- فأخذ في التقهقر قائلا : إنني أري جيشا عجبا ! !
- إني أخاف اللّه ما لي منه عون ، اذهبوا إني أري ما لا ترون “ “ 2 “ .
..............................................................
( 1 ) ج / 8 - 584 : مثل الشيطان من وسوستة لقريش ، لقد وسوس لهم قائلا : تعالوا بالجيش 
- حتى نوقع الهزيمة بأحمد ، ونقتلع جذوره من الأرض . 
وعندما تجمعت الجيوش ، تحدث معها بالحيلة . قائلا : سوف أتي بقبيلتي ، حتى أكون ظهيرا لكم في الهيجاء ، وأقوم لكم بالعون والمساعدة ، حتى أهزم جيش عدوكم .
( 2 ) بالعربية في المتن .
 
“ 346 “ 
 
4045 - قال الحارث : يا من أنت علي شكل سراقة انتبه ، لماذا لم تكن تقول هذا بالأمس ؟
- قال : إني أري الهلاك الآن ، قال “ الحارث “ : تري أيضا حقراء العرب .
- ولا تري غير هذا لكن يا من أنت عار ، كان ذلك وقت النفاج والآن وقت القتال .
- كنت تقول بالأمس : ما دمت قد صرت قائد الجيش ، فإن النصر لكم والفتح “ تحت راياتكم “ قدما بقدم .
- وبالأمس كنت قائد الجيش أيها اللعين ، والآن لست برجل ولست بشيء بل أنت مهين .
 
4050 - حتى نجرعنا خديعتك وأتينا فمضيت بنا إلي الأتون ، وصرنا نحن حطبا .
- وعندما توجه الحارث إلي سراقة بهذا الخطاب ، استشاط اللعين غضبا من هذا اللوم والعتاب .
- وسحب يده بغضب من يده ، فقد كان الألم شديدا في قلبه من هذا الحديث .
- ووكزه الشيطان في صدره ، وانطلق هاربا ، وسفكت دماء كثير من المساكين من مكره .
- مثلما ألحق الخراب بعوالم لا حصر لها ، ثم “ نكص منها “ قائلا إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ.
 
4055 - وكزه في صدره فألقي به أرضا، وركن إلى الفرار عندما أخذ منه الخوف كا مأخذ.
- والنفس والشيطان كلاهما كانا جسدا واحدا ، لكنهما ظهرا في صورتين .
- مثل الملاك والعقل كانا “ في الأصل “ كيانا واحدا ، ثم صار لحكمة
 
“ 347 “
 
يعلمها - جل شأنه - صورتين .
- وعدو كهذا كامن لك في سرك ، هو حائل دون العقل وخصم للروح والدين .
- إنه يحمل عليك دفعة واحدة كما يحمل الضب ، ثم يفر هاربا إلي جحره .
 
4060 - وقد صار له الآن في القلب جحور وجحور ، إنه يطل برأسه من كل جحر منها .
- لقد صار اسم الشيطان “ الخناس “ ، لاختفائه هكذا داخل النفوس وكونه في ذلك الجحر .
- فإن خنوسه مثل خنوس القنفذ ، فهو كرأس القنفذ يظهر ويختفي .
- ولقد سمي اللّه تعالي ذلك الشيطان بالخناس ، لأنه يشبه رأس هذا القنفذ .
- فذلك القنفذ يخفي رأسه لحظة بلحظة خوفا من الصياد والقط .
 
4065 - وعندما يجد الفرصة يطل برأسه ، ومع مثل مكره هذا تكون الحية ضعيفة أمامه .
- وإن لم تكن النفس قد قطعت عليك الطريق من الداخل ، فمتي كان لقطاع الطريق يد طولي عليك ؟
- من قبيل ذلك ، ذلك الشيطان الملحاح المسمي بالشهوة ، إنه يجعل القلب أسيرا للحرص والطمع والآفة .
- ومن ذلك الشيطان الخفي صرت لصا فاسدا ، حتى وجدت بقية الشياطين طريقا إلي قهرك .
- فاستمع من الخبر النبوي الشريف إلي هذه النصيحة الطيبة : “ بين جنبيكم لكم أعدي عدو “ “ 1 “ .
..............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .
 
“ 348 “ 
 
4070 - فلا تستمع إلي جعجعة هذا العدو ، وجد في الفرار منه ، فهو مثل إبليس في لجاج وخصومة .
- لقد سهل عليك ذلك العذاب السرمدي من أجل الدنيا وبهرجها وزينتها .
- فأي عجب أن جعل عليك الموت سهلا ، إنه بسحره يفعل أضعاف أضعاف ذلك .
- إن السحر يجعل القشة بفنه جبلا ، ثم يجعل الجبل يبدو كأنه القشة .
- ويقلب القبائح كلها إلي محاس بفنه ، ويقلب المحاسن كلها إلي قبائح بظنه .
 
4075 - وهذا هو عمل السحر عندما يتنفس ، إنه يقلب الحقائق في كل نفس .
- إنه يبدي الإنسان حمارا في لحظة ، ويجعل الحمار بشرا أية للناس .
- ومثل هذا الساحر موجود في داخك وفي سرك ، “إن في الوسواس سحرا مستترا“ “1“.
- وفي هذا العالم الذي يوجد فيه هذا السحر ، هناك سحرة لكنهم يبطلون هذا السحر .
- وتلك الصحراء التي تحتوي علي السم الزعاف ، تحتوي أيضاً علي الترياق يا بني .
 
4080 - ويناديك الترياق قائلا : “ لذ بي واطلب وجاء مني ، فأنا أقرب إليك من السم “ .
- إن كلام “ ذلك الشيطان “ سحر وعدو لك ، وكلامي أيضا سحر لكنه دفع لذلك السحر .
..............................................................
( 1 ) . . .
 
“ 349 “ 


تكرار العاذلين النصيحة لضيف ذلك المسجد القاتل للضيوف
 
- لقد قال الرسول عليه السلام : إن من البيان لسحرا ، وحقا قاله ذلك البطل العظيم “ 1 “ .
- هيا لا تتظاهر بالشجاعة وامض يا أبا الكرم ، ولا تلق علينا أو علي مسجدنا بالتهم .
- فسوف يتحدث كاشح نقلا عن كاشح ، ويضرم بيننا نار “ الغيبة “ أحد الأدنياء .
 
4085 - وسوف يقولون : إن مجرما قد قام بخنقه ، والمسجد مجرد ذريعة والرجل كان صحيح الجسم .
- وإنهم يضعون التهمة علي المسجد ، ما دام المسجد سيىء السمعة ، وبهذا ينجو القاتل المجرم .
- فلا تضع التهم علي كواهلنا أيها العنيد ، فلسنا بالآمنين من مكر الأعداء .
- وهيا لا تتظاهر بالشجاعة ، ولا تضخم في نفسك الأماني ، فلا يمكن قياس “ كوكب “ عطارد بالذراع .
- فمثلك كثيرون قد تشدقوا عن الحظ ، فاقتلعوا لحيهم قبضة قبضة .
 
4090 - هيا امض ، وكف عن هذا القيل والقال ، ولا تلق بنفسك وبنا في الوبال .
..............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .
 
“ 350 “


جواب الضيف عليهم وضربه المثل بدارس المزرعة
الذي دفع بصوت الدف الجمل الذي كانوا يدقون عليه
طبول السلطان محمود
 
- قال : أيها الرفاق ، لست من أولئك الشياطين ، بحيث تهن قدمي من الحوقلة .
- لقد كان هناك طفل يحرس مزرعة ، وكان يدق طبله صغيرة لزجر الطيور .
- وكانت الطيور تفر من المزرعة من صوت تلك الطبلة الصغيرة ، فأصبحت المزرعة امنة من طيور السوء .
- وعندما مر السلطان محمود الكريم بتلك الناحية ، وضرب معسكرا كبيرا .
 
4095 - وكان معه جيش كنجوم الأثير لجب ومظفر وشاق للصفوف ومستول علي الملك .
- وكان معه أيضا جمل يحمل الطبول ، كان جملا ذا سنامين متبخترا يمشي كالديك .
- كانوا يدقون عليه الكوسات والطبول ليل نهار ، في الرواح والغدو وعند تجميع الجند .
- ودخل ذلك الجمل تلك المزرعة ، فدق ذلك الطفل تلك الطبلة الصغيرة لكي يحافظ علي قمحة .
- فقال له أحد العقلاء : لا تقرع هذه الطبلة الصغيرة فهو متمرس علي الطبول معتاد عليها .
 
4100 - وما ذا يكون لوحاك هذان بالنسبة له أيها الطفل ؟ إنه يحمل طبل السلطان التي تبلغ أضعاف أضعاف طبلتك .
 
“ 351 “ 
 
- وكذلك أيضا العلم والفنون والحرف، يبقي في هواها ما لم يجد شيئا يزيد عليها في الشرف.
- وما لم يكن هناك أفضل من الروح تظل الروح عزيزة ، وإن وجد ما هو أفضل منها تنقلب إلي شيء لا قيمة له.
- إن اللعبة الميتة تكون بمثابة الروح عند الطفلة ، طالما لم تكبر وتصير هي نفسها ولودا للأطفال.
 
4115 - وكل هذه الصور والخيالات بمثابة اللعبة ، وأنت بحاجة إليها طالما ظللت طفلا .
- وعندما تنجو الروح من الطفولة فإنها تصير في وصال ، فارغة من التصور والحس والخيال .
- وليس ثم مسموح له وإلا تحدثت بلا مواربة ، ومن هنا أسلم والله أعلم بالوفاق .
- فالمال والجسد بمثابة الثلج المتساقط نحو الفناء ، والحق مشتريهما مصداقا لقوله إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى.
- والثلج يبدو لك أفضل من الثمن ، لأنك لا تزال في شك ولا يقين لديك .
 
4120 - وهذا الظن عجيب فيك أيها المهين ، فهو لا يحلق “ بك “ نحو بستان اليقين .
- وكل ظن ظمان لليقين يا بني يضرب بجناحيه وقوادمه بشكل متزايد .
- وعندما يصل إلي العلم يصير الجناح قدما ، ويصير علمه هذا مدركا لليقين .
- ذلك أنه في طريق المفتون يكون العلم أقل من اليقين لكنه فوق الظن .
- فاعلم أن العلم يكون باحثا عن اليقين ، وذلك اليقين يكون باحثا عن الرؤية والعيان .
 
“ 352 “ 
 
- “ قال الضيف “ : إنني عاشق قتيل فداء “ لا . . إله إلا اللّه “ وروحي هي موضع نوبة طبول البلاء .
- أما الطبلة الصغيرة فهي هذه التهديدات ، وطالما أبصرتها العيون من قبل .
- أيها الرفاق ، إنني لست من أولئك النفر ، بحيث أقف في هذا الطريق من أوهام .
- إنني من “ الإسماعيلية “ ليس عندي ذرة من حذر ، لا ، بل أن مثل إسماعيل عليه السلام فارغ من رأسي .
 
4105 - إنني فارغ من الطنطنة والهباء ، لقد قال : “ قل تعالوا “ ولقد نادي روحي قائلا لها “ تعالي “ .
- وقال الرسول عليه السلام “ لقد جاد في السلف بالعطية من تيقن بالخلف “ “ 1 “ .
- وكل من يري في العطاء مائة عوض ، يغامر بالعطاء سريعا لهذا الغرض .
- وكل الناس لهذا السبب قبعوا في الأسواق، لكي يقدموا أموالهم إن كان ثم كسب “من ورائها“.
- لقد جلسوا منتظرين والذهب في أكياسهم، حتى يبذلوه عن طيب خاطر إن عنَّ لهم كسب منه.
 
4110 - فعندما يري “ أحدكم “ بضاعة ذات ربح أكثر ، يقل عنده عشق البضاعة التي بين يديه .
- لقد بقي في هوي بضاعته طالما أنه لم ير عليها ربحا ولم ير فيها مزيدا .
..............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .
 
" 353  "
 
4125 - فابحث الآن عن هذا المعني فيأَلْهاكُمُ، واقرأ من “ بعدها “كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ.
- فالعلم يفضى إلي الرؤية أيها العليم ، فإن تيقنت اقرأ بعدها “ ترون الجحيم “ .
- ذلك أن الرؤية تتولد من اليقين بلا إمهال ، كما أن الخيال يتولد من الظن .
- وانظر فيأَلْهاكُمُإلي تفسير هذا الأمر ، إن علم اليقين يصير هو نفسه عين اليقين .
- وأنا أعلي من الظن وأعلي من اليقين ، ومن الملام لا “ أرجع “ عما في رأسي .
 
4130 - وعندما تذوق فمي طعم حلواه ، صرت مجلو البصر ناظرا دوما إليه .
- فأخطو حيثما أخطو بجرأة كأنني ذاهب إلى منزلي ، ولا ترتعد قدماي إذ لا أمشي بعمى .
- وما قاله الحق للورد وجعله ، ضاحكا ، قد أسر به إلي قلبي وجعله أضعاف ما يكون “ الورد “ عليه .
- وما جعله للسرور وجعل قده ممشوقا به ، ما غذى به زهور النرجس والنسرين .
- وما جعل به البوص حلو القلب والروح، وما خلق به من التراب صور حسان مدينة “شكل“.
 
4135 - وما جعل به الحاجب فاتنا إلي هذا الحد، وجعل الوجه في لون الورد وزهر الرمان.
- وما أعطى به اللسان مائة نوع من السحر ، وأعطي به للمنجم الذهب النضار “ 1 “ .
..............................................................
( 1 ) حرفيا الحيفرى .
 
“ 354 “ 
 
- إنه عندما انفتح باب خزانة السلاح ، صارت نظرات العين رامية بالسهام .
- لقد أصمي قلبي بسهم وجعلني مفتونا ، وجعلني عاشقا للشكر قاضما للسكر .
- إنني عاشق لذلك الذي كل أن له ، والعقل والروح حبة واحدة من جوهره “ 1 “ .
 
4140 - وأنا لا أتقول، وإن تقولت فأنا كالماء، ليس عندي أدني اضطراب من وضعي في النار.
- وكيف أسرق وهو على هذا المخزن حفيظ ؟ ولماذا لا أكون جريئا مصرا وهو ظهيري ؟
- وكل من يكون له من الشمس ظهير ونصير ، يكون مصرا وملحا فلا خوف يطرأ عليه ولا خجل .
- فهو مثل وجه الشمس لا يأبه بشئ ، وقد صار وجهه محرقا للخصم ممزقا للحجب .
- وقد كان كل رسول مصرا في هذه الدنيا، وهجم نسيج وحدة في الميدان على جيوش الملوك.
 
4145 - لم يحول وجهه من خوف أو من حزن ، بل هاجم وحده عالما .
- والحجر يكون صلب الوجه جريء العين ، ولا يخاف من عالم ملىء بالمدر .
- فإن ذلك المدر قد صار قطعة واحدة بفعل ضارب الطوب ، أما الحجر فقد صار صلبا من صنع الله .
- والخراف وإن كانوا عديدين فلا حساب لهم ولا شأن ، ومتي يخاف ذلك القصاب من كثرة عددهم ؟
..............................................................
( 1 ) رواية نيكلسون ( ص 23 ) : العقل والروح حارسان لحبة واحدة من كتوزه .
 
“ 355 “ 
 
- كلكم راع ، والنبي بمثابة الراعي ، والخلق كالقطيع وهو الساعي “ في خيرهم “ .
 
4150 - والراعي لا يخاف من القطيع عند الوغي ، لكنه حافظ لهم من الحر والبرد .
- والراعي إذا صاح بغضب على القطيع ، فاعلم أن هذا يكون من الحب الذي يكنه للجميع .
- وفي كل لحظة يهمس لي الإقبال المتجدد ، إنني أنا الذي أجعلك حزينا فلا تحزن .
- إنني أجعلك حزينا باكيا حتى أخفيك عن عيون الأشرار .
- أجعل طبعك مرا من الأحزان ، حتى تتحول عنك عين السوء .
 
4155 - ألست أنت صيادا طالبا إياي ، ألست عبدا تابعا لرأيي ؟
- ولا تفتأ تحتال حتى تصل في ، ومن فراقك إياي بلا أهل وبلا أنيس .
- والمك في أثري باحث عن علاج ، وليلة الأمس كنت أستمع إلي اهاتك الحزينة .
- وأستطيع - بدون هذا الانتظار منك - أن أبدي الطريق وأن أدلك على طريق العبور .
- حتى تنجو من هذه الدوامة الدوارة ، وتضع قدمك على رأس كنز وصالي .
 
4160 - لكن لذائذ المقر وحلاوته ، تكون علي قدر تعب السفر .
- إنك تتمتع بمدينتك وأهلك حين تكون قد قاسيت من الغربة الآلام والمحن “ 1 “ .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 78 : ( محمد تقي جعفري : تفسير ونقد وتحليل فتوي جلال الدين محمد بلخي 
- قسمت چهارم از دفتر سوم وقسمت أول از دفتر چهارم . ط 11
- طهران 1366 هـ . ش فيما بعد ج / 39 وكل ما وجدته بسهولة تمنحة بسهولة ، وتضع على الروح الألم الذي يدرك المشاكل .
 
“ 356 “ 
تمثيل هرب المؤمن وعدم صبره على البلاء باضطراب
الحمص والحوائج الآخرى وقلقها في غليان القدر
وإسراعها للخروج منه “ 1 “
 
- انظر إلي حبة الحمص في القدر كيف تهرب إلى أعلي ؟ لقد صارت في أذي من النار .
- وفي كل لحظة ترتفع حبة الحمص وقت الغليان إلي حافة القدر وتصرخ كثيرا قائلة :
- لماذا تضرمين النيران في ؟ وكيف قمت بشرائي ثم تغلينني هكذا ؟
 
4165 - فتمد السيدة مغرفتها قائلة : لا ، اغلي جيدا ، ولا تنفري من واقد النار .
- إني لا أغليك لأنك مكروهة لدي ، بل لكي تكتسبي لذة وطعما .
- لكي تتحولى إلي غذاء وتمتزجي بالروح ، وليس هذا الامتحان من أجل إذلالك .
- كنت ترتوين خضراء نضرة في البستان ، كان ذلك الري من أجل هذه النار .
- لقد سبقت رحمته غضبه ، وذلك حتى يجعل من رحمته أهل الامتحان .
 
4170 - ولقد سبقت رحمته غضبه ، حتى يمكن الحصول على رأسمال
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 90 : استمع إلى هذا المثل وأعرف قدر نفسك ، ولا تحول وجهك عن البلايا أيها الفتى .
 
“ 357 “
 
“ 1 “ الوجود .
- وذلك أنه بلا لذة لا ينمو لحم أو جلد ، وكيف لا ينمو إذن ؟ وماذا يذيب عشق الحبيب ؟
- ومن ذلك الطلب يتأتي القهر ألوانا ، وذلك حتى تؤثره برأس المال ذاك 
- ثم يأتي اللطف تعويضا عن ذلك القهر ، أي : أنك قد اغتسلت ووثبت من النهر .
- وتقول السيدة : يا حبة الحمص لقد تغذيت في الربيع ، وقد نزل عليك الألم ضيفا فأكرميه !
 
4175 - حتى يعود الضيف من عندك شاكرا ، ويقص للملك عما وجده من إيثارك .
- حتى يعوضك المنعم عن نعمتك “ التي أثرت غيرك بها “ ، فتحسدك على ذلك كل النعم .
- إنني كالخليل وأنت ابني أمام السكين ، فضعي رأسك : إني أراني أذبحك .
- طأطئي الرأس أمام القهر والقلب مطمئن ، حتى أذبحك وأقطع حلقك كإسماعيل .
- أقطع الرأس ، لكن الرأس الذي أقطع هو ذلك الرأس الذي لا يصيبه قطع أو موت .
 
4180 - ذلك أن المقصود منذ الأزل هو تسليمك ، فاطلب التسليم إذن أيها المسلم .
- ويا حبة الحمص داومي على الغليان في الابتلاء حتى لا يبقي لك وجود أو ذات .
..............................................................
( 1 ) رواية نيكلسون ( ص 23 ) : العقل والروح حارسان لحبة واحدة من كنوزه .
 
“ 358 “ 
 
- وإذا كنت ضاحكة في ذلك البستان ، فأنت “ الآن “ زهرة بستان الروح والبصر .
- وإذا صرت منفصلة عن بستان الماء والطين ذاك ، فقد تحولت إلي لقمة ودخلت إلي “ عالم “ الأحياء .
- فتحولي إلى غذاء وقوة وفكر ، لقد كنت عصارة ، فتحولي إلي أسد في الغابات .
 
4185 - ولقد نبت من صفاته - والله - منذ البداية ، فعودي إلي صفاته مسرعة متجلدة .
- لقد جئت من السحاب والشمس والفلك ، ثم تحولت إلي صفات وصعدت إلي الفلك .
- جئت في صورة مطر وحرارة ، وتمضين في الصفات التي تستطاب وتستحسن .
- كنت جزءا من هالة الشمس والسحاب والأنجم ، فصرت نفسا وفعلا وقولا وأفكارا .
- لقد صار وجود الحيوان من موت النبات ، وصدقت “ قوله القائل “ “ اقتلوني يا ثقات “ .
 
4190 - وما دمت قد كسبت هكذا بعد الممات، فقد صدقت القولة الثانية “ إن في قتلي حياة“.
- وقد صار الفعل والقول والصدق قوتا للملك ، حتى عرج بها إلي “ أوج “ الفلك .
- مثلما صارت مادتك غذاء للبشر ، فتسامي عن مرحلة الجمادية وصار حيا .
- إن لهذا الكلام تفسيرا مفصلا فانتبه ، فإنه سوف يأتي في موضع اخر .
- وإن القافلة تصل تباعا من الفلك ، تقوم هنا بالتجارة ثم تعود “ إلي حيث جاءت “ .
 
“ 359 “
 
4195 - إذن فامض سعيدا مرحاً ، امض طوعا ، لا كرها ولا مرارة كما يمضي اللص .
- إنني أحدثك بهذا الحديث المر ، كي أغسل قلبك من المرارة “ الكامنة فيه “ .
- فالعنب المتجمد يخلص من الماء البارد ، وتنتفي عنه البرودة والتجمد .
- وعندما تجعل القلب داميا من المرارة ، تخرج منه كل أنواع المرارة “ 1 “ .
 
تمثيل صبر المؤمن عندما يصير واقفا على
سر البلاء وخيره
 
- من ليس بكلب صيد لا يكون علي عنقه طوق ، وليس الساذج ومن لم ينضج إلا بلا ذوق .
 
4200 - قالت حبة الحمص : ما دام الأمر هكذا يا سيدتي، فلأغل جيدا، وساعديني بصدق.
- إنك في هذا الإنضاج بمثابة المعمار لي ، قلبيني إذن بالمغرفة ، فما أجمل تقليبك !
- إنني كالفيل فاضربيني علي رأسي ، قومي بوسمي بالميسم ، حتى لا أحلم ثانية بالهند أو الرياض .
- حتى أعطي نفسي “ كلية “ للغليان ، وحتى أجد النجاة في أحضان ذلك الغليان .
- ذلك أن الإنسان يطغي في الغني ، ويتمرد كما يتمرد الفيل الحالم “ بموطنه القديم “ .
 
4205 - وعندما يري الفيل الهند في الأحلام ، فإنه لا يسمع صوت الفيال ويحزن “ علي الدوام “
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 91 : وفي ذلك الزمان تصبح حلوا كالعسل ، فارغا ( من الهم ) وإن صبوا فوقك الخل 
- وكل من لم يصبح صابرا في البلاد ، لم يصبح مقبلا علي هذه العتبة الفاخرة .
 
“ 360 “
اعتذار السيدة لحبة الحمص وحكمة غلى السيدة لها
 
- تقول تلك السيدة لها : لقد كنت مثلك قبلا من أجزاء الأرض .
- وعندما احتسيت “ شراب “ الجهاد الناري ، صرت قابلة “ للسمو “ جديرة به .
- فغليت فترة في الأرض ، وغليت فترة أخري داخل قدر الجسد .
- ومن هذين الغليانين اكتسبت قوة الأحاسيس ، ثم صرت روحا ومن بعدها صرت سيدة لك .
 
4210 - وكنت أقول في “ مرحلة “ الجمادية : إنك ستعبرينها مسرعة ، لكي تتحولي إلي عدم وصفات معنوية .
- وعندما أصير روحا يكون لي غليان آخر ، أعبر به مرحلة الحيوانية .
- فداومي على الدعاء إلي الله حتى لا تضلي عن هذا السير ، وحتى تصلي إلي المنتهي .
- ذلك أن كثيرا من الناس قد ضلوا من “ تحيرهم في “ القران ! ، ومن ذلك الحبل المتين سقط قوم في البئر .
- وليس للحبل المتين ذنب أيها العنود ، فلم تكن لديك الرغبة في رفع الرأس والترقي والصعود ! “ 1 “
 
بقية قصة ضيف ذلك المسجد القاتل للضيوف وثباته وصدقه
 
4215 - قال ذلك الغريب عن المدينة والذي هو بأجمعه طلب : سوف أنام في هذا المسجد ليلا .
- أيها المسجد : لو صرت لي كما كانت كربلاء “ بالنسبة للحسين “ ، فإنك أنذاك تصبح كعبتي قاضية الحاجات .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 99 : فسق نحو ذلك العاشق الغائب عن نفسه ، ماذا فعل في ذلك المسجد من الامتحان ! ! .


“ 361 “
 
- هيا علقيني أيتها المشنقة المختارة “ 1 “ حتى أتلاعب بالجبال “ كما فعل المنصور “ .
- وإن صار جبريل ناصحا لك ، فإن الخليل لن يطلب الغوث وهو في لهب النار .
- فامض يا جبريل ، فأنا في حرقة ولهيب ، ومن الأفضل لي أن أحترق كالعنبر والعود .
 
4220 - ويا جبريل ، إنك وإن كنت تقدم العون لي ، وإن كنت حافظا لي كالأخ الشفيق .
- فأنا مسرع إلي النار أيها الأخ ، لا . . . ليس أنا “ الذي يسرع إليها “ بل تلك الروح التي تقبل الزيادة والنقصان .
- إن الروح الحيوانية تتزايد من الغذاء ، إنها نارية ومن هنا فإنها قد تلفت كالحطب .
- وإن لم تتحول إلي حطب لكانت مثمرة ، وكانت معمورة وعامرة إلي الأبد .
- فاعلم أن هذه النار “ مجرد “ ريح محرقة ، إنها ضوء تلك النار وليست تلك النار بذاتها .
 
4225 - والنار الحقيقية موجودة في الأثير يقينا ، وهذه التي فوق الأرض ضوؤها وظلها .
- فلا جرم أن الضياء لا يثبت من الاضطراب ، بل يعود إلي أصله علي عجل وفي إسراع .
- فاجعل قامتك في حالة ثبات ، سوف تجد ظلك قصيرا حينا وطويلا حينا آخر .
..............................................................
( 1 ) ترجم المولوي ( ص 540 من مجلد 3 ) والأنقروي ( 700 مجلد 3 ) ونيكلسونiii ) ( P . 235دار هنا بمعني دار وهي فارسية بمعني المشنقة ورأيتها أنسب للسياق .
 
“ 362 “
 
- ذلك أن أحدا لا يجد في الشعاع الثبات ، فقد ارتدت الصور إلي الأمهات .
- انتبه وأغلق فمك ، فقد بدأت الفتنة في الحديث ، وانته من هذا والله أعلم بالرشاد “ 1 “ .
 
ذكر سوء ظن قاصرى الفهم
 
4230 - قبل أن تصل هذه القصة إلي نهايتها ، هب دخان نتن من أهل الحسد .
- وأنا لست ضائقا ، لكن هذه الرفسة ، تشوش خواطر امرئ قد يكون ساذج القلب .
- وما أحسن ما بيّنه ذلك الحكيم الغزنوي ، من أجل “ التعبير “ عن المحجوبين عن المثال المعنوي .
- إذا كانوا لم يبصروا من القرآن إلا المقال ، فليس هذا بعجيب من أصحاب الضلال .
- فمن شعاع الشمس الفياض بالضياء ، لا تدرك عين الأعمي إلا “ لفح “ الحرارة .
 
4235 - لقد أطل أحمق كبير البطن “ 2 “ ، كالمرأة العيابة فجأة من حظيرة الحمر .
- قائلا : إن هذا كلام دني - يقصد المثنوي - ، إنه “ مجرد “ سيرة للرسول ، وهو مقلد فيه .
- وليس فيه ذكر لتحقيقات أو أسرار عالية ، حتى يسوق الأولياء جيادهم إلي تلك الناحية .
- “ وليس فيه شئ “ من مقامات التبتل حتى الفناء درجة درجة حتى لقاء الله سبحانه وتعالي .
- و “ لا يحتوي “ علي شرح كل مقام ومنزل وحديهما ، بحيث يحلق صاحب قلب بجناح منه .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 105 : لقد تولدت الفتنة وخربت العالم ، واضطرب فيها الشرق والغرب 
- وعندما تضاعفت ضاقت بها القلوب ، وتقاتل كل منها مع الآخر ولقد كثر النقاش فصمت ، ونظمت القضية واستلمت ، وإذا سألت ما سبب الفتنة لأعد فيها القول فأستمع فقد زاد الحزن .
( 2 ) حرفيا : خربط وهو طائر مائي كبير غير متناسق الجسم .


 “ 363 “
 
4240 - وعندما نزل كتاب الله ، هكذا طعن فيه أولئك الكفار .
- قالوا : إنه أساطير الأولين وخرافاتهم ، وليس فيه عمق أو تحقيقات عالية .
- إن الأطفال الصغار يفهمونه، إنه لا يحتوي إلا علي أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر “1“.
- وذكر يوسف وذكر جديلته المتثنية ، وذكر يعقوب وحزنه وزليخا وهيامها “ 2 “ .
- إنه سطحي يفهمه كل إنسان ، فأين ذلك البيان الذي يحار فيه العقل ؟
 
4245 - فكان الرد : إذا كان القرآن يبدو لك سهلا هكذا ، فأت بسورة من ذلك الذي يبدو لك سهلا إلي هذا الحد !
- وقل لجنكم وإنسكم وأصحاب الفنون عندكم ، هاتو آية واحدة من هذا “ البيان “ السهل !
 
تفسير هذا الخبر عن المصطفى صلّى اللّه عليه وسلم وهو :
أن للقرآن ظهرا وبطنا ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن
 
- اعلم أن حروف القرآن وألفاظه ظاهرة ، وتحت كل ظاهر باطن شديد القهر .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 111 : لقد ذكر آدم والحنطة وإبليس والحية ، وذكر هود والريح وإبراهيم والنار ، وذكر نوح والسفينة وطوفان الجسد ، وذكر كنعان وعصيانه .
( 2 ) ج / 9 - 111 - 112 : وذكر إسماعيل والذبح وجبريل ، وذكر قصة الكعبة وأصحاب الفيل ، وذكر داود بلقيس وسليمان وسبأ ، وذكر داود والزبور وأوريا وذكر طالوت وشعيب وخوفه ، وذكر يونس وذكر لوط وقومه ، وذكر حمل مريم والنخل والمخاض ، وذكر زكريا ويحيي والرياض وذكر صالح والناقة وقسمة الماء ، وذكر إدريس والمناجاة والجواب .
وذكر إلياس وعزير وموته ، وذكر قارون وخسفه وذكر أيوب وصبره في البلاء وذكر بني إسرائيل في تيه النفي وذكر موسى والسحرة والشجرة والطور والعصا وخلع النعلين والخطابات والعطاء وذكر عيسى وعروجه في السماء ، وذكر ذي القرنين والخضر واورمياء وذكر فضل أحمد والخلق العظيم : الذي شطر القمر نصفين بمعجزة منه .
“ 364 “
 
- وتحت هذا الباطن باطن ثالث ، تتوه فيه العقول بأجمعها .
- والبطن الرابع من القرآن لم يدركه شخص قط ، ولا يعلمه إلا الله الذي لا نظير له ولا ند .
 
4250 - فلا تنظر يا بني من القرآن إلي ظاهره ، فإن الشيطان لا يري من آدم إلا أنه من طين .
- والقران مثل شخص الإنسان ، صورته ظاهرة لكن روحه شديدة الخفاء .
- ويكون المرء للمرء عما وخالا لمائة سنة ، لكنه لا يري من أحواله مثقال ذرة "1" .
 
بيان إن ذهاب الأنبياء والأولياء عليهم السلام إلى الجبال والمغارات
ليس من أجل إخفاء أنفسهم وليس خوفا من إزعاج الخلق ،
بل من أجل إرشاد الخلق والدعوة إلى
الانقطاع عن الدنيا بقدر الإمكان
 
- هناك من يقول إن الأولياء قد لجأوا إلي الجبال ، حتى يختفوا عن أنظار الخلق!!
- إنهم وهم بين الخلق أعلي من مائة جبل ، إنهم يخطون بأقدامهم فوق الفلك السابع .
 
4255 - إذن لماذا يختفون ويطلبون اللجوء إلي الجبال، وهم “مستترون“ خلف مائة جبل وبحر .
- ولا حاجة بهم إلي الهروب إلي الجبل ، ومن اقتفاء آثارهم أهلكت كرة الفلك مائة نعل !
..............................................................
( 1 ) حرفيا : مثقال طرف شعرة .
 
“ 365 “
 
- لقد دار الفلك ولم ير غبار الحبيب ، والسماء من ذلك قد ارتدت ملابس الحداد “الزرقاء“.
- وبالرغم من أن الجني خفي في الظاهر ، فإن الإنسان أكثر خفاء في الحقيقة من الجني! 
- والعاقل يري أن الإنسان أكثر استتارا من هذا الجني الذي “ يوصف “ بأنه مستتر!
 
4260 - وإذا كان الإنسان ، في رأي العاقل - خفيا، فكيف بآدم الذي هو صفي له في الغيب؟
 
تشبيه صورة الأولياء وصورة كلام الأولياء بصورة عصا موسى
وصورة دعاء عيسى عليهما السلام
 
- فمثل الإنسان مثل عصا موسى ، ومثل الإنسان مثل رقية عيسى .
- وفي كف الحق من أجل العدل ومن أجل الزين ، يكون قلب المؤمن بين إصبعين .
- إنها في ظاهرها “مجرد“ عصا، لكن الكون كله أمامها بمثابة لقمة واحدة عندما تفتح فمها!!
- ولا تنظر من رقية عيسى إلي الألفاظ أو الصوت ، بل انظر منها إلي “ فعلها “ وهو هروب الموت .
 
4265 - لا تنظر من دعائه إلي هذه اللهجات الدنية ، لكن انظر إلي أن الميت قد هب منها “ حيا “ وجلس .
- ولا تنظر إلي أن هذه العصا سهلة الصنع ، بل انظر إلي أنها قد فلقت البحر .
- لقد رأيت من علي البعد مظلة سوداء ، فتقدم خطوة وانظر إلي الجند .
 
“ 366 “
  
- إذ لا تري من بعد إلا الغبار ، فتقدم قليلا لتري الرجال بين الغبار .
- وإن غبارهم ليجلون بصر العيون ، وتقتلع رجولتهم “ رواسخ “ الجبال .
 
4270 - ذلك أن موسي عندما جاء من أقصي الصحراء ، صار طور سيناء راقصا في مقدمه .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:10 am

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد على مدونة عبدالله المسافر بالله

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

قول الشيطان لقريش : تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم
واستنفر قبيلتى للعون وهروبه عند لقاء السصفين
تفسير يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ
- كان وجه داود نضرا من عظمته ، وكانت الجبال في أنين تحت خطوه .
- وصار الجبل رفيقا لداود ، كلاهما مطرب ثمل في عشق المليك .
- وجاء الأمر بيا جِبالُ أَوِّبِي، فَتوحَّد كلاهما صوتا ولحنا .
- وقال : يا داود : لقد عانيت الهجرة ، ومن أجلي انفصلت عن القرناء .
 
4275 - ويا أيها الغريب الفرد الذي صرت بلا مؤنس، واندلع لهيب نيران الشوق في قلبك.
- تريد المطربين والقوالين والندماء ، فيأتي ذلك القديم بالجبل إليك .
- فيغني ويقول وينفخ في النفير ، ويرجع أمامك “ الغناء ترجيعا “ .
- حتى تعلم أنه ما دام الأنين قد جاز علي الجبل ، يكون للولي أيضا أنين بلا شفاه أو أفواه!
- وأنغام أعضاء ذلك الصافي الجسد ، تصل كل لحظة إلي أذن حِسَّه
 
4280 - إن الجلساء لا يسمعونها لكنه يسمعها، فما أسعد تلك الروح التي تنجذب إلي غيبه!!
- إنه ينظر في نفسه إلي مائة قيل وقال ، بينما لم يدرك جليسه منها النذر اليسير .
 
“ 367 “
  
- وهناك مائة سؤال ومائة جواب في قلبك ، وهي تصل من اللامكان إلي منزلك .
- تسمعها أنت ولا تسمعها تلك الآذان ، حتى إن كانت تلك الآذان قريبة منك !
- ولنفرض أيها الأصم أنك لا تسمعها فكيف لا تؤمن “ بالولي “ حين تري أمثالها ؟
 
جواب على الطاعن في المثنوى من قصور فهمه
 
4285 - أيها الكلب الطاعن إنك تنبح ، وتجعل طعنك هذا من قبيل الطعن في القرآن .
- وليس هذا بذلك الأسد الذي تتخلص روح منه ، أو تؤمن خوفا من مخالب قهره .
- وحتى القيامة لا يفتأ القرآن مناديا “ قائلا “ يا جماعة قد سقطت ضحايا الجهل .
- لقد كنتم تظنوني أساطير الأولين ، وتبذرون بذور الكفر والشقاق .
- ورأيتم أنفسكم يا من كنتم تطعنون ، أنكم كنتم فانين وكنتم أساطير .
 
4290 - إنني كلام الحق قائم بذاتي ، أنا قوت روح الروح وياقوت الزكاة .
- إنني نور الشمس قد سطعت عليكم لكن دون أن أنفصل عن تلك الشمس .
- ألست أنا نبع ماء الحياة ذاك ، أخلص العاشقين من الموت ؟
- ولو لم يثركم هكذا عفن حرصكم ، لصب الله جرعة منه فوق قبوركم .
- لا ، لأتمسك بقول ذلك الحكيم ووعظه ، ولا أجعلن قلبي سقيما بكل طعن .
 
“ 368 “ 
ضرب المثال من جفول المهر من الشرب
بسبب تصفير السايسين
 
4295 - إن ما قاله ذلك الحكيم “ 1 “ في خطابه ، إن المهر وأمه كانا يشربان الماء .
- وكان ذلك النفر يصفرون للجياد كل لحظة قائلين : هيا ، هيا ، اشربوا .
- وكان المهر يسمع ذلك الصفير ، فيرفع رأسه ويجفل عن الشرب .
- فسألته أمه : أيها المهر لماذا تجفل كل لحظة وتكف عن الشرب ؟
- قال المهر : إن هذه الجماعة تقوم بالصفير ، ومن مجموع أصواتهم يصيبني الخوف .
 
4300 - فيرتعد قلبي ويطير شعاعا ، ومن مجموع هذا الصياح يصيبني الخوف .
- قالت الأم : منذ أن كانت الدنيا دنيا ، والمزايدون في الأعمال موجودون فوق الأرض .
- فهيا قم بعملك سريعا أيها العزيز ، فهم إنما يقتلعون شعور لحِيِّهم .
- فالوقت ضيق ، والماء الوفير يمضي ، هيا قبل أن تصير ممزقا من الهجر .
- هناك قناة شهيرة ملأي بماء الحياة ، فاشرب حتى ينبثق منك النبات .
 
4305 - وإنك تشرب ماء الخضر من نطق الأولياء ، فقال أيها الظمآن الغافل .
- وإذا كنت لا تري الماء من عماك ، فأحضر الإناء نحو الجدول بفن وألق به فيه !
- وما دمت قد سمعت أن في الجدول ماء ، ينبغي للأعمي أن يقوم بالأمر تقليدا .
..............................................................
( 1 ) يقصد سنائى .
 
“ 369 “ 
 
- وضع القربة “ يا من “ تفكر في الماء في الجدول ، حتى تري قربتك ثقيلة “ من الماء “
- وعندما تراها ثقيلة تصير مستدلا ، وينجو القلب أنذاك من التقليد الأعمي .
 
4310 - وإذا كان الأعمي لا يرى ماء الجدول عيانا ، فإنه يعلم عندما يري القربة ثقيلة .
- “ ويعلم “ أن الماء قد انتقل من الجدول إلي القربة ، لقد كانت خفيفة ثم صارت ثقيلة منتفخة من الماء .
- “ وسوف تقول “ : لقد كانت كل ريح تتخطفني ولن تتخطفني الريح الآن فقد صرت ثقيلة .
- فالسفهاء هم الذين تختطفهم كل ريح ، ذلك إنه ليس لديهم ثقل في القوي .
- والشرير سفينة بلا مرسي ، لا يجد الأمان من كل ريح غير مواتية .
 
4315 - ومرسي العقل أمان للعاقل ، فتسول مرسي من العقلاء .
- وعندما اختطف العقل إمداداته من خزينة در بحر الجود ذاك .
- صار القلب من إمداد مثل ذاك مليئا بالفنون ، وتقفز تلك الفنون من القلب وتستضاء بها العيون .
- ذلك أن النور حط من القلب علي هذه العين، وإذا انتهي القلب فيك فقد صارت العين عاطلة.
- وعندما يحصل القلب علي الأنوار العقلية ، فإنه يعطي نصيبا منها للعينين .
 
4320 - ومن ثم أعلم أن الماء المبارك من السماء ، وهو وحي القلوب وصدق البيان .
 
“ 370 “ 
 
- ونحن مثل ذلك المهر نشرب من ماء الجدول ، ولا نأبه بذلك الوسواس الخناس .
- ويا تابع الأنبياء اطو الطريق ، واعتبر أن طعن الخلق مجرد هباء .
- وأولئك السادة الذين طووا الطريق ، متي أعطوا اذانهم لنباح الكلاب ؟
 
بقية ذكر ذلك الضيف على المسجد قاتل الضيوف
 
- أعيد القول إذن : إن ذلك الرجل الضيغم المقامر بطهر، ماذا ظهر له في المسجد وماذا فعل؟
 
4325 - لقد نام في المسجد ، لكن من أين له النوم ؟ وكيف ينام المرء وهو غريق في النبع ؟
- إن نوم العشاق تحت ماء الحزن الغريق ، كنوم الطيور والأسماك تحت الماء .
- وفي منتصف الليل سمع صوتا مهيبا صائحا : إنني أت ، أت إليك يا طالب النفع ! ! 
- وأخذ ذلك الصوت الأجش يتكرر خمس مرات ، فتمزق القلب إربا “ من الرعب “ .
 
تفسير آية أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ
 
- إنك عندما تعزم في طريق الدين باجتهاد ، يصيح بك الشيطان في داخلك .
 
4330 - قائلا لك : “ لا تمض نحو هذا الصوب وفكر أيها الغوى ، إنك سوف تصير أسيرا للألم والفقر .
- ستصير مسكينا مقطوعا عن الأصدقاء ، وتصبح ذليلا ، تعض بنان الندم “ .
- وخوفا من نداء ذلك الشيطان اللعين ، تفر إلي الضلالة من اليقين .
  
“ 371 “ 
 
- وتقول لنفسك : دعك من هذا ، أمامنا الغد وما بعد الغد ، ثم أسير في طريق الدين فالمهلة أمامنا .
- ثم تري الموت ذات اليسار وذات اليمين ، يقتل جارك ، “ ويميته “ ، حتى نفخ الصور .
 
4335 - فتتجه ثانية نحو الدين خوفا علي روحك ، وتجعل من نفسك رجلا ولكن للحظة واحدة .
- وتتسلح بسلاح من العلم والحكمة قائلا لنفسك : لن أتقهقر خطوة واحدة خوفا من أي شئ .
- لكنه يصيح بك ثانية من مكره “ قائلا “ لك : خف ، وارجع عن سيف الفقر .
- فتهرب ثانية من طريق النور ، وتلقي بذلك السلاح ، سلاح العلم والفضل .
- وتظل سنين عبدا له بصيحة واحدة ، وقد ألقيت عصاك في هذه الظلمة “ 1 “ .
 
4340 - فالخوف من نداء الشياطين قد قيد الخلق وأخذ منهم بالحلوق .
- بحيث تصير أرواحهم قانطة من النور ، مثلما يئس الكفار من أصحاب القبور .
- وهذا هو الخوف من صياح ذلك الملعون ، فكيف يكون الخوف من الصيحة الإلهية ؟
- وهيبة البازي تكون “ موجهة “ للقطا الأصيلة ، وليس للذباب نصيب من هذه الهيبة .
- ذلك أن البازي لا يكون صيادا للذباب ، فالعناكب هي التي تصيد الذباب فحسب .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : ألقيت بلبادك
 
“ 372 “ 
 
4345 - وعنكبوت الشيطان ذو كر وفر علي أمثالك من الذباب لا علي القطا أو العقاب .
- وأصوات الشياطين هي راعية الأشقياء ، لكن صوت السلطان حارس للأولياء .
- حذار حتى لا تمتزج بهذين الصوتين البعيدين ، قطرة من البحر الفرات بالبحر الأجاج .
 
وصول صوت طلسم في منتصف الليل إلى ضيف المسجد
 
- استمع الآن إلي قصة ذلك الصوت المهول ، الذي لم يهتز منه ذلك المقبل السعيد .
- لقد قال : من أي شئ أخاف ؟ هذا طبل عيد ، إن الطبل هو الذي يخاف مني فهو الذي يتلقي الضرب .
 
4350 - أيتها الطبول الفارغة الجوفاء إن قسمتكم من العيد هي ضربات العصا .
- لقد صارت القيامة عيدا وصار الكفار طبولا ، ونحن كالمحتفلين بالعيد ضاحكون كالوردة .
- استمع الآن ، عندما صاحت تلك الطبلة ، وكيف يطبخ قدر حساء الحظ ؟
- عندما سمع رجل البصيرة ذاك ذلك الطبل ، قال : كيف يخاف قلبي من طبل العيد ؟
- وحدث نفسه قائلا : انتبه ولا تجعل للرعدة سبيلا إلي قلبك من هذا ، فلقد ماتت أرواح الجبناء الذين بلا يقين .
 
4355 - لقد حان الوقت لأستولي علي الملك كحيدر ، أو أضحي بالبدن .
 
“ 373 “ 
 
- فنهض صائحا : أيها العظيم ، إنني علي استعداد “ للنزال “ فإن كنت رجلا فتعال! 
- وفي التو واللحظة بطل الطلسم من صوته، وأخذ الذهب يتساقط من كل صوب، قسما قسما.
- وسقط ذهب كثير بحيث خاف ذلك الفتي أن يسد الذهب طريق الباب 
- ونهض ذلك الأسد العنيد ، وأخذ حتى الفجر ينقل الذهب .
 
4360 - كان يدفنه ثم يعود مرة ثانية بالجوال والخرج مليئين بالذهب .
- أخفي كنوزه ذلك المقامر بروحه ، بسبب عمي أولئك المتقهقرين وخوفهم .
- لقد طاف هذا الذهب الظاهر بخاطر كل أعمي مبعد عابد للذهب .
- إن الأطفال يحطمون الفخار ويسمونه ذهبا ويضعونه في حجورهم .
- وفي تلك اللعبة ، عندما تذكر اسم الذهب ، فإن ما يطوف بخاطر الأطفال هو هذا الفخار .
 
4365 - بل إن الذهب “ الحقيقي “ هو المسكوك بالضرب الإلهي ، إنه لا يكسد أبدا بل يكون سرمديا .
- إنه الذهب الذي وجد الذهب لمعانه منه ، ووجدت الجواهر فيه تألقها وبريقها .
- إنه ذلك الذهب الذي يثري به القلب ، ويتغلب علي القمر في ضيائه .
- كان ذلك المسجد شمعا وكان هو فراشة ، وقامر بنفسه ذلك المتطبع بطبع الفراش .
- لقد أحرق الجناح ، لكنه صنعه ، وكانت فدائيته تلك كثيرة البركة .
 
4370 - كان كموسي ذلك المقبل ، إذ رأي نارا ناحية تلك الشجرة .
  
“ 374 “ 
 
- ولما كانت العناية موفورة له ، كان يظنها نارا ، وكانت هي عين النور .
- وعندما تري نار حق يا بني ، لا تظنن بها ظنك بنار البشر .
- إنك تستمد معني الأمر في نفسك وما هو فيك ، فالنار والشوك ظن باطل في هذا المقام .
- إنها شجرة موسي تفيض بالضياء ، سمه نورا ولا تسمه نارا وأقبل إليها مرة ! .
 
4375 - ألم يبد الفطام عن هذه الدنيا نارا ؟ لقد مضي فيه السالكون فكان عين النور .
- إذن فاعلم أن شمع الدين في سمو ، وليس مثل الشموع التي “ تحتوي “ علي النيران .
- إن الشموع العادية تبدي النور لكنها تحرق الصديق ، وشمع الدين نار في صورته لكنه ورد للزوار .
- وشمع “ الدنيا “ يبدو صافيا لكنه محرق ، لكن “ شمع الدين “ عند الوصال مضئ للقلب .
- وإن شعلة النور الطاهر الخلاق نور للحضور ، لكنها كالنار للمبعدين “ 1 “ .
 
لقاء ذلك العاشق مع صدر جهان
 
4380 - لقد ألقي ذلك البخاري بنفسه علي الشمع أيضا ، كان ذلك الكبد قد هان عليه من العشق .
- لقد تصاعدت أهاته الحري نحو الفلك ، فتحركت الرحمة في قلب صدر جهان .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 142 : إن الحاضرين أسعد حالا من الغائبين ، وليس للغائبين توفيق الخير ، وليس لهذا الكلام من نهاية ظاهرة . فتحدث عن العاشق والصدر المجيد .
 
“ 375 “ 
 
- وحدث نفسه في الفجر “ مناجيا “ : يا أحد . . . كيف حال شريدنا ذاك ؟
- لقد إذنب ، وعلمنا ذلك عنه ، لكنه لم يكن يعلم رحمتنا جيدا ؟
- إن خاطر المجرم يكون في خوف وهم ، لكن كثيرا “1“ من الآمال تكون في خوفه هذا!!
 
4385 - إنني أخيف الوقح المهذار، لكن أي تخويف مني لذلك الذي يخاف في الأصل؟
- والنار خليقة بالقدر البارد ، لا بذلك القدر الذي يطف حتى حافته من الغليان .
- إنني أخوف الآمنين بالعلم ، لكني أخوف الخائفين بالحلم .
- إنني أرقع ، أضع كل رقعة في موضعها ، وأعطي كل امرئ ما يصلح له من شراب .
- وسر المرء كجذر الشجرة ، تنمو أوراقها من الخشب اليابس .
 
4390 - ولقد نمت الأوراق بما يليق بهذه الجذور ، وهذا الأمر سواء في الشجر أو في النفوس أو في النهي .
- وعلي الفلك أوراق من “ أشجار “ الوفاء ، أصلها ثابت وفرعها في السماء .
- وعندما نبتت أوراق من العشق فوق السماء، كيف لا تنمو إذن في قلب صدر جهان؟
- وأخذ العفو عن الذنب يتموج في قلبه ، ذلك أن هناك كوة من القلب إلي القلب .
- من القلب إلي القلب كوة علي وجه اليقين ، ليست منفصلة أو بعيدة مثلما يكون الجسدان .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : مائة أمل .
  
“ 376 “ 
 
4395 - وقاعدتا مصباحين لا تلتقيان ، لكن نورهما يمتزج في مجاله .
- ولا يوجد عاشق قط يكون باحثا عن الوصل ، ولا يكون معشوقه باحثا عنه .
- لكن عشق العاشقين يصيب الجسد بالنحول ، وعشق المعشوقين يجعل المرء سعيدا ممتلئا .
- وعندما لمع في هذا القلب برقُ حب الحبيب ، أعلم أن الحب موجود علي وجه اليقين في ذلك اللقب .
- وعندما صار حب الحق في قلبك زائدا ، فعند الحق بلا شك الحب لك .
 
4400 - فلا يتأتي تصفيق منك أبدا من يد واحدة دون اليد الآخري .
- إن الظمآن يجأر بالشكوي قائلا : أين الماء العذب؟ والماء يشكو أيضا قائلا : أين الشارب؟.
- إنه جذب الماء ذلك العطش الموجود في أرواحنا ، إنه لنا ونحن أيضا له .
- وكلمة الحق في القضاء والقدر ، قد جعلت كلا منا عاشقا للآخر .
- وكل أجزاء الدنيا من ذلك الحكم السابق ، صارت أزواجا كل عاشق لزوجه .
 
4405 - وكل جزء من العالم طالب لزوجه ، تماما كما “ يجذب “ الكهرمان قطع القش .
- وتقول السماء للأرض : مرحبا ، إنني معك “ كما يكون “ حجر المغناطيس وبرادة الحديد .
- فالسماء هي الرجل وهي المرأة في نظر العقل ، وكل ما تلقيه السماء تربيه الأرض .
- وعندما لا تبقي فيها حرارة ترسلها إليها وعندما لا يبقي فيها رطوبة أو ماء تعطيها إياها .
 
“ 377 “
  
- والبرج الترابي مدد لتراب الأرض ، والبرج المائي يبث فيها الرطوبة .
 
4410 - والبرج الهوائي يحمل إليها السحاب ، حتى يجذب منها الأبخرة الوخمة .
- وحرارة الشمس من البرج الناري ، وهو كالمقلاة الحمراء من النار ظهرا ووجها .
- والفلك دوار حول الأرض ، مثل الرجال حول ( الكدح ) من أجل النساء .
- وهذه الأرض تقوم بالتدبير ، وتتكفل بأمور الولادة والرضاع .
- فأعلم إذن أن الأرض والفلك من العقلاء ، فهما يقومان بأعمال العقلاء .
 
4415 - وإن لم يكن هذان الحبيبان يستمع كل منهما بالآخر، فلماذا إذن يتداخلان كالأزواج؟
- وبدون الأرض متي ينمو الورد والأقحوان ؟ وماذا يتولد إذن من ماء السماء وحرارتها ؟
- ومن أجل هذا يكون الميل في الأنثي إلي الذكر ، حتى يكمل كل منهما الآخر .
- لقد وضع الحق الميل في الرجل والمرأة ، حتى تجد الدنيا البقاء من الاتحاد .
- ويضع أيضا الميل في كل جزء إلى جزء ، ومن اتحادهما معا يوجد ميلاد .
 
4420 - والليل هكذا مع النهار في اعتناق ، إنهما مختلفان في الصورة لكنهما في اتفاق .
- والليل والنهار وهما في الظاهر ضدان وعدوان ، ينسجان كلاهما حقيقة واحدة
 
“ 378 “ 
 
- كلاهما طالب للآخر مريد له لنفسه ، وهذا من أجل إكمال فعله تعالي وأمره .
- ذلك أنه إن كان لا ليل لا يكون هناك دخل للطبع ، وماذا ينفق إذن خلال النهار ؟
 
جذب كل عنصر لجنسه المحتبس في تركيب
الإنسان مع غير جنسه
 
- يقول التراب لتراب الجسد : عد ، اترك الروح وأقبل نحونا كالغبار .
 
4425 - إنك من جنسنا وأولي بك أن تكون عندنا ، وأفضل لك أن تنجو من الجسد ، ومن تلك الرطوبة “ التي فيه “ .
- فيقول : لبيك ، لكني مقيد القدم ، بالرغم من أنني في ألم من الهجران مثلك .
- ويطلب الماء رطوبة الجسد قائلا لها : أيتها الرطوبة عودي إلينا من الغربة .
- ويستدعي الأثير حرارة الجسد قائلا لها : أنت من نار فعودي إلي أصلك .
- وهناك سبعون واثنتان من العلل في الجسد ، فاقدة للزمام من جذب العناصر .
 
4430 - وتأتي العلة حتى تفتت البدن ، وحتى تترك العناصر بعضها البعض الآخر .
- وهذه العناصر طيور أربعة مقيدة القدم ، والموت والمرض والعلة هي التي تفك قيد القدم .
- وعندما تفك قيودها بشرع طائر كل عنصر في الطيران علي وجه اليقين .
 
“ 379 “
  
- وجذب هذه الأصول لفروعها يضع في كل لحظة ألما علي أجسادنا .
- فتمتزق كل هذه التراكيب ، ويعود طائر كل عنصر محلقا إلي أصله .
 
4435 - وحكمة الحق هي التي تمنع حدوث هذا الأمر علي عجل ، وتجمع هذه العناصر بالصحة حتى يحين الأجل .
- قائلة : أيتها الأجزاء ليس الأجل مشهودا ، ولا نفع لكم في الطيران قبل أن يحين الأجل .
- ولما كان كل يبحث عن اللحاق برفيقه ، فكيف تكون الروح الغريبة من الفراق ؟
 
انجذاب الروح أيضا إلى عالم الأرواح وطلبها لمقرها وميلها إليه
وانقطاعها عن أعضاء الأجسام التي هي بمثابة
القيد في قدم بازى الروح
 
- تقول الروح : يا أجزائي الأرضية الدنية ، إن غربتي أكثر مرارة فأنا من العرش .
- فميل الجسد إلي الخضرة والماء الجاري ، وذلك لأن أصله منها .
 
4440 - وميل الروح إلي الحياة وإلي الحي ، ذلك أن أصلها هو روح اللامكان .
- وميل الروح إلي الحكمة وإلى العلوم ، وميل الجسد إلي البستان والرياض والكروم .
- وميل الروح إلي الترقي والشرف ، وميل الجسد إلي الكسب وأسباب العلف .
- وميل ذلك الشرف وعشقة أيضا موجه إلي الروح ، وأعلم أنه “ يحب “ و “ يحبون “ أيضا من نفس هذا المجال .
 
“ 380 “ 
 
- والخلاصة أن كل من يكون طالبا لشئ تكون روح مطلوبه راغبة فيه .
 
4445 - ولو شرحت هذا الأمر لطال الكلام إلي ما لا حد ، ولصار المثنوي ثمانين مجلدا .
- والإنسان والحيوان والنبات والجماد ، كلها مرادات عاشقة لمن لا مراد له .
- ومن لا مراد لهم ينسجون حول مراد وتلك المرادات تجذبهم إليها .
- لكن ميل العاشقين يصيب بالنحول ، وميل المعشوقين طيب ويسبب العافية والامتلاء .
- لقد أشعل عشق المعشوقين النار في الوجنتين ، لكن عشق العاشق قد أحرق روحه .
 
4450 - وكهرباء العشق مستمرة بشكل لا انقطاع فيه ، والقش لا يزال يجاهد في ذلك الطريق الطويل .
- ودعك من هذا ، فعشق ذلك الظمأن الشفة ، قد اشتعل في صدر “ صدر جهان “ .
- ونفذ دخان ذلك العشق وزفرات معبد نار “ قلبه “ إلي السيد فصار مشفقا .
- لكنه كان خجلا في طلبه إياه ، من حوله وطوله وكرامته .
- صارت رحمته مشتاقة لذلك المسكين ، لكن سلطته كانت حائلا دون إبداء هذا اللطف .
 
4455 - والعقل في حيرة “ متسائلا “ : عجبا ، أيجذبه هذا ، أم أن الجذب جاء من تلك الناحية إليه .
- فاترك التذاكي فلست واقفا علي “سر“ هذا الأمر ، وأصمت فالله تعالي أعلم بالخفي “1“.
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 162 : انني اضم شفتي كل لحظة عن مثل هذا الكلام ، وأتوب كل لحظة مائة مرة
 
“ 381 “ 
 
- ولأخف هذا الكلام بعد الآن ، فذلك الجاذب يجذبني وما ذا أفعل .
- ومن ذلك الذي يجذبك أيها المعتني ؟ إنه هو الذي لا يدعك تتحدث بهذا النفس .
- إنك تعزم مائة مرة علي السفر ، لكنه يجذبك إلي مكان آخر .
 
4460 - ويسوق ذلك الزمام إلي كل ناحية ، حتى يجد الجواد الساذج خبرا عن الفارس .
- والجواد الذكي مبارك الخطي ، يعلم أن الفارس ممتط صهوته .
- لقد علق قلبك بمائتي شهوة ، ثم ردك خائبا وكسر القلب .
- وما دام هو قد حطم قوادم الرأي الأول ، فكيف لم يثبت لك الوجود المحطم للقوادم ؟
- وما دام قضاؤه قد جعل غزل تدبيرك أنكاثا ، فكيف لم يثبت لك أن قضاءه قد جري عليك ؟
 
فسخ العزائم ونقضها من أجل إعلام الإنسان أنه هو المالك والقاهر
وعدم فسخ العزائم بين الآن والآخر وإنفاذها لكي يطمعه على العزم
حتى ينقض عزمه ثانية ، وحتى يكون هناك تنبيه بعد تنبيه
 
4465 - إن العزائم والمقاصد في الحوادث ، تصح لك بين الحين والآخر .
- حتى يلوي قلبك طمعا ، فيحطم قلبك مرة أخرى .
- ذلك أنه إن جعلك بلا مراد كلية ، لصرت قانط القلب ، فمتي غرست غرس الأمل ؟
- فهو وإن كان ينقش الأمل في قلب الإنسان ، فمتي كان قهره يبدو عليه من انتفاء هذا الأمل ؟
- لقد صار العشاق من صدهم عن مرادهم عارفين بمولاهم .
 
“ 382 “ 
 
4470 - وصارت الخيبة دليلا إلي الجنة ، فاستمع إلي “ حفت الجنة “ يا حسن الجبلة .
- وكل مراداتك كسيرة القدم ، ومن ثم يلزمك شخص ، موفق الخطي .
- ومن ثم صار هؤلاء الصادقون كسيرين ، لكن أين هو انكسار العاشقين .
- وإن العقلاء كسيرون له اضطرارا ، لكن العشاق كسيرون له بمائة اختيار .
- والعقلاء عنده عبيد مقيدون لكن العشاق ممزوجون بالسكر .
 
4475 - “ ائتيا كرها “ هي مهار العاقلين ، و “ ائتيا طوعا “ هي ربيع مسلوبي القلوب .
 
نظر الرسول عليه السلام إلى الأسرى وتبسمه وقوله :
عجيب من قوم يجرون إلى الجنة بالسلاسل والأغلال
 
- رأي الرسول عليه السلام جماعة من الأسري ، كانوا يصحبونهم في ضجة وصخب .
- رآهم ذلك الأسد اليقظ وهم في القيد ، وكانوا يسترقون إليه النظر .
- كان كل منهم يصر علي أسنانه وشفتيه غضبا علي رسول الصدق .
- لكنهم لم يجرءوا مع هذا الغضب علي الحديث ، ذلك أنهم كانوا في قيد الغضب الثقيل “ 1 “ .
 
4480 - كان حارس يسوقهم نحو المدينة ، كان يحملهم من ديار الكفر قهرا .
- كانوا يحدثون أنفسهم “ إنه لا يقبل فداء أو مالا ، ولا شفاعة من عظيم تؤثر فيه .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : الذي يزن عشرة أمنان . 
 
“ 383 “
 
- إنهم يقولون إنه رحمة للعالمين ، بينما هو في الحقيقة يذبح عالما “ .
- أخذوا يسيرون في الطريق مع آلاف من أنواع الإنكار ، وهم يعببون همسا علي أمر المليك .
- “ ويقولون “ لقد احتلنا كثيرا ولا حيلة لنا هنا ، إن قلب هذا الرجل ليس أقل “ قسوة “ من حجر الصوان .
 
4485 - إننا آلاف من الرجال أسد الوغي “ كألب أرسلان “ . هكذا في أسر اثنين أو ثلاثة من العراة المتهافتين .
- وهكذا أسقط في أيدينا ، أمن سيرنا المعوج ؟ أو سوء الطالع ؟ أو لعله سحر .
- لقد مزق إقباله إقبالنا ، وانقلب عرشنا من “ تأثير “ عرشه .
- فإذا كان أمره قد أرتفع من جراء السحر ، لقد قمنا نحن أيضا بالسحر فكيف لم يجد فتيلا ؟
 

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:11 am

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد على مدونة عبدالله المسافر بالله  

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

قول الشيطان لقريش : تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم
واستنفر قبيلتى للعون وهروبه عند لقاء السصفين
تفسير هذه الآية : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ إلى آخره .
أيها الطاعنون كنتم تقولون انصر من على الحق منا ، حتى يظن
أنكم طلاب حق بلا غرض والآن نصرنا محمدا
حتى تعلموا من هو صاحب الحق .
- لقد دعونا الأصنام ودعونا الله قائلين : اقض علينا إن كنا علي غير الحق .
 
4490 - وانصر من يكون علي الحق منا ، وأيده بالظفر “ من لدنك “ .
- لقد دعونا هذا الدعاء كثيرا وصلينا أمام اللات والعزي ومنات .
- قائلين : إن كان هو علي الحق فأظهره ، وإن لم يكن علي الحق فاجعله مغلوبا لنا .
 
“ 384 “
 
- ولما رأينا أنه المنصور ، كنا جميعا ظلمة ، وكان هو النور .
- وهذا هو جواب دعائنا قد ظهر ، وهو يقول لنا : إنكم كنتم علي غير الحق .
 
4495 - لقد أخذوا يبعدون هذه الفكرة عن عقولهم ويمتنعون عن ذكرها .
- قائلين : لقد عنت لنا هذه الفكرة من هزيمتنا ، بحيث وقر في قلوبنا أنه علي الحق .
- وماذا في الأمر إن غلب هو عدة مرات ؟ إن الأيام تجعل كل امرئ غالبا !
- لقد كنا أيضا موفقين منذ أيام ، وانتصرنا عليه عدة مرات .
- ثم أخذوا يقولون : إنه وإن هزم فليست هزيمته كهزيمتنا ، إن هزيمتنا هذه قبيحة ومنكرة .
 
4500 - ذلك أن إقباله قد وضع تحت يده - حتى في الهزيمة - كثيرا من السرور الخفي .
- إنه لم يكن يشبه مهزوما قط ، فلم يكن لديه من الهزيمة - حزن أو قلق .
- وبالرغم من أن أمارة المؤمنين النصر ، فإن المؤمن سعيد أيضا في الهزيمة .
- فلو أنك تفتق المسك والعنبر ، فإنك تجعل عالما مليئا بأريج الريحان .
- ولو كسرت فجأة بعر الحمار ، تمتلئ المنازل بالعفن حتى سطوحها “ 1 “ .
 
4505 - ذلك أنه عندما عاد من الحديبية بذل ، دقت دولةإِنَّا فَتَحْناله الطبول .
..............................................................
( 1 ) ج / 9 - 174 : من الذي يقيس المسك الملك بالبعر ؟ ! ومن الذي يقيس الماء بالبول والأطلس بالخرقة البالية ؟ ! 
وعندما كان رسول الله عائدا من الحديبية ، كان مثقلا ملولا حزينا .
 
“ 385 “
 
السر في أن الله تعالى سمى عودة الرسول عليه السلام من الحديبية فتحا ،
ونزلت إِنَّا فَتَحْنا أي أنها كانت هزيمة بالصورة وفتحا بالمعنى
كما أن تفتيق المسك هو في الظاهر كسر له وبالمعنى تحقيق المسكية فيه
وإكمال فوائده
 
- لقد بلغت رسالة من الدولة “ الإلهية “ أن : امض ولا تكن حزينا من منع هذا الظفر .
- ففي هذه الذلة الحاضرة فتوح لك ، والآن فإن قلعة كذا وقلعة كذا هي لك .
- فانظر في النهاية أنه عندما عاد حزينا ، ماذا حدث لبني قريظة وبني النضير منه ؟ .
- لقد سلمت له قلاع حول هاتين البقعتين ، وغنم من الغنائم الفوائد الكثيرة .
 
4510 - وإن لم يكن الأمر هكذا ، فانظر إلي هذا الفريق “ من المؤمنين “ ، إنهم ممتلئون حزنا وغما ولكنهم مفتونون عاشقون .
- إنهم يقضمون سم الذلة كأنه السكر ، ويرعون أشواك الغم كالجمال .
- وهذا من أجل الحزن في حد ذاته لا من أجل “ انتظار “ الفرج ، فهذا النزول عندهم كالدرج .
- إنهم سعداء في قعر الجب بحيث يخافون من العرش والتاج .
- وحينما يكون الحبيب حبيبا ، فالمكان فوق ذري الفلك لا تحت الأرض .
 
تفسير الخبر أن المصطفى عليه السلام قال :
لا تفضلوني على يونس بن متى
 
4515 - قال الرسول عليه السلام : إنه ليس لمعراجي فضل علي معراج يونس بن متي .
 
“ 386 “ 
 
- إن كان معراجي علي الفلك وكان معراجه تحت الأرض ، ذلك أن قرب الحق خارج عن الحساب .
- وليس القرب هو الذهاب إلي أعلي أو إلي أسفل ، إن قرب الحق هو الخلاص من حبس الوجود .
- فأي مكان للغالي والسافل في ، “ عالم “ العدم ، وليس فيه عجلة ، أو بعد أو تأخير .
- إن مصنع الحق وكنزه في “ عالم “ العدم، وأنت مغرور بالوجود فما الذي تدريه عن العدم؟ .
 
4520 - “ أخذوا يقولون “ : الخلاصة أن هزيمتهم هذه أيها العظيم لا تشبه أبدا هزيمتنا .
- إنهم سعداء في وقت الذل والتلف ، كما نكون نحن في وقت العز والشرف .
- إن القدرة علي الاستغناء هي إقطاعهم ، والفقر والذل فخر لهم وعلو .
- وقال أحدهم : لو أن هذا الخصم كما يقولون فكيف ضحك هكذا عندما رآنا مغلوبين ؟
- وإذا كان قد بدل “ من الصفات الذميمة “ ، أليس فرحه إذن من وقوعنا في الأسر بينما هو حر ؟
 
5425 - وكيف فرح إذن بقهر الأعداء ، وكيف امتلاء هكذا بالكبرياء من هذا الفتح ؟
- نعم ، لقد فرحت روحه إذ وجد النصرة واليد الطولي والظفر علي أسد الوغي ! !
- إذن فقد علمنا أنه ليس مبرأ “ من صفات الخلق “ ، وليس راضيا ولا سعيدا إلا بالدنيا .
 
“ 387 “
  
- وإلا فلماذا الضحك ؟ إن أهل الآخرة يكونون مشفقين حنونين علي الطيب والشرير ! !
- كان هؤلاء الأسري يغمغمون بهذا الكلام عند مناقشتهم لهذا الأمر معا .
 
4530 - قائلين “ حذار حتى لا يسمع الحارس ويحمل علينا ، وينتقل هذا الكلام إلي أذن ذلك السلطان “ !
 
علم الرسول عليه السلام بعذلهم إياه على شماتته
 
- بالرغم من أن ذلك الحارس لم يسمع هذا الحديث ، فإنه قد بلغ تلك الأذن التي كانت من لدنحَكِيمٍ خَبِيرٍ.
- فلم يشم رائحة قميص يوسف من كان يحمله وشمها يعقوب .
- وأولئك الشياطين فوق عنان السماء لا يسمعون ذلك السر المكتوب في لوح علام الغيوب .
- أما محمد عليه السلام الذي يكون نائما متكئا ، يجئ ذلك السر ويطوف حوله .
 
4535 - إنما يأكل الحلوي من تكون رزقا له ، لا ذلك الذي يكون طويل اليد .
- ولقد صار النجم الثاقب حارسا يطرد الشيطان قائلا له : انصرف أيها اللص ، وخذ السر من أحمد .
- ويا أيها العزيز المهرع خوفا نحو الدكان منذ الفجر ، انتبه واذهب إلي المسجد واطلب الرزق - أولا - من الله .
- لقد فهم الرسول قولهم هذا ، فقال عليه السلام : لم يكن ضحكي ذاك من “ انتصاري “ في المعركة .
 
“ 388 “
 
- لقد ماتوا واهترأوا في الفناء ، وليس من الرجولة في عرفنا أن نقتل الموتى .
 
4540 - ومن يكونون هم ؟ والقمر ينشر عندما أثبت في ميدان القتال .
- وعندما كنتم أحرارا ومتمكنين ، كنت أراكم أيضا هكذا مغلولين .
- فيا من أنت مدل بالملك والنسب ، إنك في عرف العاقل جمل علي قناة .
- فمنذ أن صارت صورة الجسد هذه مفتضحة في الدنيا “ 1 “ ، صار أمام عيني كل أت حاضرا .
- أنظر إلي الحصرم فأري الخمر عيانا ، وأنظر إلي العدم فأري الشيء عيانا .
 
4545 - وأنظر إلي السر فأري عالما خفيا ، وأدم وحواء لم يظهرا بعد في الدنيا .
- وقد رأيتكم يوم “ الست “ مغلولي الأقدام ناكسي رءوسكم أذلاء ! 
- ومنذ خلق السماء التي بلا عمد ، ما علمته حدث دون زيادة أو نقصان .
- كنت أراكم ناكسي رءوسكم ، قبل أن أصور من الماء والطين .
- وليست رؤيتي لكم هكذا بالأمر الجديد حتى أفرح بها ، إنه هو ما كنت أراه أوان إقبالكم .
 
4550 - كنتم مقيدين بالقهر الخفي وأي قهر هو ، كنتم تأكلون السكر وقد امتزج بالسم .
- ولو يشرب العدو مثل هذا السكر الممزوج بالسم ، فأي حسد يأتيك له ؟ .
- كنتم تشربون ذلك السم بسرور ، والموت أخذ بكلتا أذنيكم خفية .
- إنني لم أكن أغزو من أجل هذا ، أي من أجل أن أحصل علي الظفر وأستوي علي “ عرش “ الدنيا .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : سقط طست صورة الجسد من السقف .
 
“ 389 “
  
- فهذه الدنيا جيفة وميتة ورخيصة ، فكيف أكون حريصا علي هذه الميتة ؟
 
4555 - ولست بالكلب حتى أمزق أكفان الموتى ، إنني عيسى أتي لكي أحييهم .
- ولذلك فأنا أشق صفوف القتال ، حتى أخلصكم من الهلاك و “ الوبال “ .
- ولست أمزق حلوق البشر ، لكي يكون لي مجد “ وحشمة وأبهة “ .
- بل أمزق حلوق عدد من الناس ، حتى يتحرر عالم من تلك الحلوق .
- لأنكم كالفراش من جهلكم ، تتهافتون علي النيران بهجومكم هذا .
 
4560 - وأنا أحول بينكم وبين السقوط في النيران كالثمل بكلتا يدي .
- والذي كنتم تظنونه نصرا وظفرا لكم ، هو في الحقيقة أنكم كنتم تبذرون بذور شؤمكم .
- كنتم تنادون بعضكم بعضا : جد جد ، وتسوقون خيولكم نحو أفواه التنانين .
- كنتم تنتصرون وفي نفس هذا النصر ، كنتم أنفسكم مقهورين بقهر أسد الدهر .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: رد: قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:22 am

شرح قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا


مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   



قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد على مدونة عبدالله المسافر بالله

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا


شرح قول الشيطان لقريش : تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم
واستنفر قبيلتى للعون وهروبه عند لقاء السصفين
( 4039 - 4055 ) إن المنافق يضل في الحرب . . يتشدق بالشجاعة ثم يكسر الصفوف ، وهذا ما فعله الشيطان مع الكفار في بدر عندما ظهر لهم في صورة سراقة ابن مالك ووعدهم بالعون ورغبهم في قتال المسلمين وقد وردت في تفسيرات الآية الكريمةوَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ( الأنفال / 48 ) وواضح بالطبع أن مولانا قد اعتمد في هذه الأبيات على رواية المفسرين تماما بعد أن اكسبها بعض التجديد عن طريق الحوار الحي .
 
( 4056 - 4065 ) إن النفس الإنسانية هي والشيطان من أصل واحد كما أن الملاك والعقل الباحث عن المعرفة كانا من أصل واحد ، وتجليا في صورتين
 
“ 599 “
 
( انظر شرح الأبيات 3195 - 3200 ) . والنفس في داخلك عدو يقف للعقل كل مرصد ، ويسد عليه طريق المعرفة ، وليس لها جحر واحد بل لها جحور عديدة ، إن لها مئات المداخل إلى الإنسان ، وهي العدو الموجود معك في إهاب واحد وعلى ذلك فهو يعرف أنواع ضعفك ، ويعرف نقاط الضعف عندك ، ويعلم مداخلها أنها كالضب يقوم بهجومه ثم يفر إلى جحره . وجحور النفس عديدة ، ومن ثم فقد سميت “ الخناس “ من “ خنوسها “ والخنوس هو اختفاء الرأس داخل الجسد ، فكأن الرأس ؟ عندما تختفى تبدأ - بالوسوسة ، إنها تخشى أن تطل برأسها من العقاب الإلهى ، لكنها أن وجدت الفرصة تستطيع أن تخدع الحية نفسها ، ولنا أن نتخيل خطر هذا العدو الذي يأتي من الداخل ، الذي يعرف كل مواطن الضعف فيك ، الذي يصاحبك نفسا بنفس وخطوة بخطوة ، ينتهز فرصة ليدخل إليك فيها وليفسد قلبك فيها ، لا يكف عن الوسوسة ، ولا يكف عن الهجوم ، وقد تكون غافلا عنه فلا تجاهده الجهاد الأكبر .
 
( 4066 - 4072 ) لا يزال مولانا يتحدث عن أن كل عوامل الضلال فينا تنبع من داخلنا ، إنها تدمر من الداخل ، فيكون التدمير من الخارج سهلا ، وعندما تدمر من الداخل يستطيع الموكلون من قطاع الطرق ، أو من “ عمال الحكومة وشرطتها “ التغلب عليك كأن مولانا كان يعلم أساليب السيطرة على عقل المتهم وعلى نفسه وأساليب إضعاف الروح المعنوية بحيث يستسلم “ المتهم “ داخليا قبل أن يعلن استسلامه ، ويكتب كل ما يملى عليه من “ اعترافات “ . إن الهزيمة تأتى من الداخل تقطع عليك النفس الطريق فتشعر بالخوف والهلع . فتصير فريسة سهلة لقطاع الطريق من الخارج ، تسيطر عليك شهوتك من الداخل فتجعلك


“ 600 “
 
أسيرا للحرص والطمع والآفة ، وشيطان الداخل أي النفس يسلمك إلى شيطان الخارج من عسس وجلادين وشرطة فتصير لصا واثما وفاسقا ( لأمراض النفس التي تسلم إلى أمراض البدن ولقبض النفس الذي يسلم إلى قبض الشرطة - انظر أيضا التعليقات على الأبيات ( 348 - 393 ) . ومن هنا مصداق الحديث النبوي الشريف “ أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك “ ، أليس من عداوتها أنها تشغلك كل هذا الشغل بنعيم الدنيا وزخرفها بحيث يبدو العقاب الإلهى في الآخرة سهلا ميسورا في نظرك ؟ إن النفس من سحرها لتبدى لك الموت نفسه سهلا .
 
( 4073 - 4082 ) يواصل مولانا الحديث عن حيل النفس ، ومن هو أقدر من الطبيب النفساني للمريد أي المرشد على الحديث عن هذه الأمور ، إن سحر النفس داخل الإنسان من أخطر ما يتعرض له المريد ، فإن النفس من حيلها لتجعل الصعب سهلا ميسورا والسهل صعبا ، وتقلب الحسن قبيحا والقبيح حسنا ، وتزين الشر والفسوق والمعصية ، وتقبح الخير وتجعله مكروها . . هذا هو السحر الذي يقلب الأعيان والأشكال ، إن فيه سرا مستترا ، إن تزيينات النفس هي من قبيل تزيينات الشيطانوَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ *. لكن إياك والناس فكما يوجد السم يوجد الترياق ، وكما توجد النفس والشيطان يوجد رجال الحق أطباء النفوس الذين يستطيعون تتبع “ تزييناتها “ وإبطال سحرها إن هذا الحديث الطويل عن النفس يريد به مولانا أن يبين أن في مقابل عالم العشق والتضحية والتحليق في الآفاق العليا يكون عالم النفس قبيحا ، ولأن النفس حجر عثرة أمام العشق فإن العشق هو الذي يستطيع أن يقضى عليها ، والبيت 4082 إشارة إلى الحديث النبوي ، “ إن من البيان لسحرا “ .
 
“ 601 “
 
( 4091 - 4100 ) القصة الواردة في هذه الأبيات فيما يراه فروزانفر لم ترد قبل مولانا ، وإن وردت بعده في بعض المصادر نقلا عنه ( ماخذ ص / 124 - ص 125 ) .
 
( 4101 - 4105 ) يواصل ضيف المسجد حديثه ، والحديث في الحقيقة هو حديث مولانا : إنني عاشق لأسرار الغيب ، لقد ضحيت بالوجود المادي “ لا “ في سبيل الوجود المعنوي “ إلا “ أن هذه التهديدات ما هي إلا من قبيل طبلة الطفل الصغيرة ، بينما تصيرت هي مثل تلك الطبلة الكبيرة التي يحملها الجمل للسلطان محمود . إنني أضحى بالروح كما كان الإسماعيلية أتباع الحسن بن الصباح - شيخ الموت الذين كانوا يقومون بكل ما يكلفه به شيخهم من أعمال انتحارية طمعا في جنة أبداها لهم وهم في غيبوبة المخدر كما في الروايات ، أو طاعة كاملة للشيخ كما هو في الحقيقة ( انظر برنارد لويس : “ فدائيان إسماعيلى “ ) ( الترجمة العربية تحت عنوان الحشاشون لمحمد العزب موسى ) .
أو إنني إسماعيل - عليه السلام - الذي كان مستعدا لأن يكون قربانا في طريق الحق - سبحانه وتعالى - ، إنني أقوم بما أقوم به لا طمعا في الشهرة في الدنيا ، ولا تظاهرا بالبطولة أو رياء ، لقد ناداني الحق ، وهأنذا ألبي النداء ( قل تعالوا ) استفتاح الآية الكريمة 151 من سورة الأنعام .
 
( 4106 - 4117 ) الحديث المذكور في البيت الأول هو في الحقيقة من نهج البلاغة “ من أيقن بالخلف جاد بالعطية “ ( استعلامى 3 / 399 ) . والمضمون من
 
“ 602 “
 
الآية الكريمةمَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها( الأنعام / 160 ) وعلى هذا يعيش الناس ومن أجل هذا يعلمون وسوق الدنيا كله قائم على هذا .
كل أعمالك في الدنيا وحرفك وتجارتك قائمه على التنفع ، فلماذا عندما يأتي ذكر الآخرة والربح فيها تنسى ديدنك ؟ ألأن الآخرة أمر معنوي ؟ إذن فما علمك في الدنيا وما فنونك إلا متاع يعرض في سوق الدنيا .
أليست من الأمور المعنوية ومع ذلك تريد بها الجاه والشرف والحيثية والمناصب ؟
هيا فلنقس بهذا القياس : الروح عزيزة ما لم يوجد أعز منها ؟ فإن وجد ما هو أعز منها أصبحت الروح بالقياس إليه شيئا واهيا حقيرا لا قيمة له .
إن الدمية هي للطفلة شئ غال عزيز المنال ، لكنها بمجرد أن تكبر وتصير ولودا للأطفال “ يبرد “ حب الدمية في قلبها والتعبير من حديقة سنائى ، وهكذا حالك ما دمت متعلقا بالدنيا فأنت طفل ، خيالاتك وتصوراتك ومعتقداتك ومقاييسك ومعاييرك نابعة من هذه الطفولة ، وعندما تكبر ما تفكر فيه هو وصال الحق الذي تعتبر دنياك كلها إلى جواره شيئا حقيرا وواعيا ، إنني لا أستطيع أن أتحدث بصراحة أكثر فليس هناك من هو جدير بأن أتحدث معه عن الوفاق مع الله .
 
( 4118 - 4128 ) يشير مولانا إلى ما ورد في سورة التوبةإِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ( الآية / 111 )
فانظر إلى قيمة البضاعة الفانية بالنظر إلى الثمن الخالد الباقي . لكنك بشكك وعدم إيمانك وضعف يقينك لا زلت تنظر إلى البضاعة ولا تنظر إلى الثمن ، وإليك إذن مراتب معرفة البشر : إنها الظن والعلم واليقين : فالظن هو العلم المبنى على المحسوسات ، هو علم الحياة المادية والعلم هو المعرفة القائمة على الطلب
 
“ 603 “
 
والعقيدة ، وطاعة المرشد ، ثم اليقين وهو الإدراك الذي لا أثر فيه لشك أو استدلال هو كما يقول العارفون ، “ مشاهدة الغيب بعد الكشف عن طريق القلب “ وفيه ثلاث مراتب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ، وهكذا يقول مولانا : إنه حتى أولئك الذين هم في مرتبة الظن يرغبون في معرفة قائمة على اليقين في القلب . ونفس هذه الرغبة توصلهم إلى مرتبة “ العلم “ وإليها يخلدون قليلا وبدلا من الطيران يسيرون ، وهذا العلم مرتبة أعلى من الظن لكنه أقل من اليقين وهذا في الطريق الذي جريه رجال الحق وقطعوه ، ومن ثم فإن من لديه اليقين يرى الحقائق بعين الباطن عيانا فهو “ يبحث عن الدليل “ ، وإنك إن كنت في شك من هذه المعاني فاقرأ صورة التكاثركَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ( 5 - 7 التكاثر ) .
إن محبي الدنيا يسيرون من الظن إلى العلم ومن العلم إلى اليقين على ما قاله الله سبحانه وتعالى في سورة التكاثر : أي أنهم عندما يرون الجحيم يعلمون أنه حقيقة ماثلة ، إننا نحصل على البصيرة الباطنية عندما نتيقن بحقائق عالم الغيب. إن هذا التطور ماثل في سورة التكاثر.
 
( 4129 - 4143 ) القائل هو ضيف المسجد في الظاهر وفي الحقيقة هو مولانا : إن الإنسان الواصل والكامل لا يتحدث عن الظن والعلم واليقين ولا يتحول عن طريقة من لوم اللائمين ، لقد “ أكل من حلواه “ أي صار ذا نصيب من المعرفة بعالم الغيب ومعرفة الحقائق ، إن هذا الطريق الذي أسير فيه هو عودة إلى مبدأ الوجود ، لقد تجلى الجمال في قلبي ، كما تجلى في ضحك الورود ، وتجلى في امتشاق قامة السرو ، وتجلى في حلاوة السكر في قلب البوص ، وتجلى في
 
“ 604 “
 
جمال الحسان الموجودات في مدينة شكل ( إحدى مدن التركستان ) تجليا جعل من الجسم المادي منبعا للجمال ، وجعل حاجب الحسان سالبا للب ، وجعل اللسان ينفث سحرا ( إن من البيان لسحرا ) . لقد فتح خزانة الأسرار وتجليات عالم الغيب ، أصمى قلبي بسهم من سهام العشق ، فجعل ألم هذا السهم شكرا له وسكرا في فمي ، ومن هنا فكل لحظاتى وأحوالي هي من أجله ، وعقل روحي ، أي عقلي الباحث عن الحق متوجه إليه في كل حال ، والعقل والروح حارسان لجوهرته اليتيمة “ العشق “ . . إنني لا أتقول هذا ، وإن كنت تظن أنني لا أصف ما في نفسي حقيقة فانظر إلى ماء وجودي قد أخمد نار العلائق النفسانية فِىّ فلا خوف ولا اضطراب لدىّ ، إنني لا أستطيع أن أتقول فإن مخزن الأسرار هو في يده سبحانه وتعالى ، ولهذا فأنا صامد لأننى في اعتماد على الحق ، ومن في عناية الله إنما يقضون على أعداء طريق الحق ويفضحونهم كما تفضح الشمس كل ما هو في الخفاء .
 
( 4144 - 4151 ) لقد صمد الأنبياء ، وكل نبي كان وحده ، كان فارس ميدانه هجم على جيوش الملوك ، وبثباته الذي يشبه الحجر الصلد دك هذه الجيوش التي كانت أمامه كأنها المدر ، إنه الصامد بعون الله وتأييده ، وبينما الآخرون من ملوك وجيوش يستمدون صلاتهم من عوامل دنيوية فسرعان ما يتحطمون ، وهل يضير القصاب كثرة الخراف ؟ وهل للخراف أية قيمة بدون حفظ الراعي وسعيه في خيرهم “ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته “ والنبي راع من الرعاية والحفظ لا من الرعى ، يرعاهم حبا حتى ولو أغلظ عليهم ، إنما غلظته عليهم من أجل شفقته بهم ( تمهيد لموضوع قادم في أن البلاء من الله تعالى صهر للمؤمنين وإنضاج لهم ) .
 
“ 605 “
 
( 4152 - 4161 ) لا شجاعة ولا صمود ما لم يكن هناك أمل في النصر ينبع من الداخل والباطن ، وهكذا لا ينى مولانا ينبه إلى أن عالم الإنسان بكل ضعفه وقوته وهزيمته ونصره وتسامية وسقوطه إنما ينبع من داخله هو . . . إن هناك هاتفا يهتف داخل ضيف المسجد ( أو مولانا جلال الدين ) ، إن العناية تهتف به : إنني أنا الذي أبتليك فاعتبر البلوى نعمة ، إنني أحزنك حتى أبعد عنك من السوء ، إنني أصهرك داخل هذا الأتون لأعرف معدنك إنني أستطيع أن أوصلك إلى هدفك دون تعب ودون طريق ، لكنك لن تجد للهدف آنذاك مذاقا حلوا ، إنني أعبر بك الدوامات والزوابع ، لكي تصل بعدها إلى الكنز ، وبقدر تعبك تكون راحتك ، وبقدر تشردك تكون اللذة في الاستقرار ، وبقدر غربتك يكون تمتعك بأهلك وسكنك .
 
( 4162 - 4188 ) بينما يحلق جلال الدين في سماوات عرفانه ، لا يزال ينظر في زوايا الحياة اليومية والواقع المعاش ، إنه يريد أن يقرب الفكرة إلى مريديه على جميع مستوياتهم ، ألم يكن فيهم الأمى والعامي ؟ بكل تأكيد ، وها هو ذا لكي يقرب فكرة أن البلاء هو إنضاج للإنسان وتسام به وتربية لوجوده يقدم صورة من الواقع المعاش صورة “ الحمص والبقول الأخرى “ تُطْهى في قدر ، ويصور حركتها عند غليان الماء وصعودها إلى أعلى القدر بأنها تحاول الخلاص منه والهرب ، ويتصور مولانا حوارا بينها وبين السيدة التي تغليها ، ويخرج مولانا من صورة حبة الحمص . إلى صورة المؤمن الذي يبتليه الله بالقهر لكي
 
“ 606 “
 
يعرف لذة اللطف ، ثم يعود إلى حبة الحمص في تواصل بين الصور كيف أن الإنسان يسمو من البلاء ، وتسمو حبة الحمص من نبات في البستان إلى غذاء يمتزج بروح الإنسان فيصير فهما ونطقا وفكرا . إن الرحمة قد سبقت الغضب “ رحمتي سبقت غضبى “ ولذلك فإن كل ما يراه الإنسان غضبا من الله سبحانه وتعالى هو رحمة به وهو سبحانه وتعالى لا يريد منه سوى التسليم ، وكما تكون حبة الحمص في الحقل والبستان ، ويكون الإنسان في الدنيا ، وعندما يفنى كما تفنى حبة الحمص في القدر فإنه يسمو، وينجو من صفاته المادية، ويعود إلى عالمه الأصلي ناجيا من تأثير النجوم والأفلاك.
 
( 4189 - 4198 ) يعود مولانا إلى الفكرة التي تسيطر عليه كل هذا الكتاب من المثنوى وتنظمه في سلك واحد ، إن كل فناء يستوجب بقاء أعلى منه في المرتبة ( انظر تعليقات الأبيات 3903 - 3908 ) وينقل بيت الحلاج ( اقتلونى اقتلونى يا ثقات ) ففي هذا القتل تكون الحياة الأبدية الخالدة ( انظر 3841 ) هكذا يكون الكسب بعد الممات ، إن الملائكة تتقرب إلى الله بالأفعال والأقوال الصادقة وعلى نفس النسق فإن المواد الغذائية تجد في أجسادنا تعاليها وتساميها ، وتبدأ المرحلة الثانية من حياتها وهي الحياة الحيوانية ، ثم ينص مولانا على أن هذا البحث لا ينتهى ، فهو دائما ما يوكله إلى فرصة أخرى ليقدم شرحا أكثر تفصيلا . إن القوافل التي تأتى على الدوام من الفلك هي اثار الخليقة ومظاهرها من نبات وحيوان تفعل فعلها في الحياة المادية ثم تعود إلى مبدأئها ومنشئها ، هكذا سنة الحياة فاقبل أنت أيضا الذهاب عن هذه الدنيا واعتبره “ لذيذا وحلوا “


“ 607 “
 
بمحض إرادتك ، فهذه هي إرادة الله ، والله لا يريد إلا ما هو خيرك فامض سعيدا لا كاللص الذي يفتقر إلى الصدق أمام الله ، ويجعل الدنيا كل همه ( انظر 4199 وما بعدها ) . إنك إن فكرت في عاقبة مشاق طريق الحق لن تجدها من قبيل المشاق . إن هذه المشاق من قبيل العنب المتجمد الذي يحفظ في أوانه في الثلج لكي يؤكل في غير أوانه ، وصب الماء البارد عليه لكي يخرج من حالة التجمد .
 
( 4199 - 4205 ) عندما يقف المؤمن المدرب بالرياضة الناضج على حقيقة الأمر فإنه يقبل البلاء ، ويقبل هداية المرشد وتأديبه ، وها هي ذي حبة الحمص تقتنع بهذه الأفكار وتطلب من السيدة أن تداوم على تقليبها ، إن في هذا عمرانها ، هيا إياك أن تجعلينى في هدوء وسكون كالفيل ، أحلم بالأرض القديمة ، وأرتكس وأحزن عن طريق الحق وأجعل كل همى الدنيا ، اجعلينى دائما في حاجة إلى السمو ذلك ( إن الإنسان ليطغى أن راه استغنى ) .
 
( 4206 - 4214 ) تتحدث السيدة إلى حبة الحمص مشجعة إياها ، والواقع أن المرشد هو الذي يتحدث ويقص تجربته للمريد ، كي يشجعه على الرياضة والمجاهدة : إنني عندما ذقت لذة المجاهدة صرت قابلا لها وجعلت نفسي قابلا إياها ، وأنا أيضا قطعت مراحل الوجود من الجمادية إلى الآدمية ( انظر من 3903 - 3908 ) وذلك قبل أن تدخل الروح قالب الجسد ، وبعد فترة في قالب الجسد ، وبعد “ الغليان “ في هذه المراحل صرت أحاسيس قوية أي استطعت أن أجعل أحاسيسى قادرة على إدراك العالم المعنوي ثم نسيت حياة الجسد وصرت
 
“ 608 “
 
روحا وصرت مرشدا لك ، وحتى عندما كنت في مرحلة الجمادية كنت أفكر في الاتصال بعالم المعنى ، فالجماد له روح والروح تود أن تتجاوز مرحلة الحيوانية ، ففكر أنت أيضا في نهاية الطريق الذي هو الوصال بعالم المعنى والفناء في الوجود المطلق ، وإن كلام الحق يؤثر في الإنسان بقدر قابليته وجدارته ، انظر إلى القران الكريم إنهيُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ( 26 البقرة ) “ وليست المشكلة في تعاليم الأديان أو إرشاد المرشدين ، ينبغي أن يكون المريد جديرا لا عنودا ، لديه الرغبة في السمو والرقى إلى العوالم العليا والنضج المعنوي .
 
( 4215 - 4229 ) يعود مولانا إلى قصة ضيف المسجد تلك القصة التي بدأها في البيت 3924 ، وأورد جزءا منها من البيت 4082 وما بعده وها هو ذا يعود إليها ، يخاطب الضيف الذي هو كله باحثا عن الكمال المسجد قائلا : لتكن ميدان قتال “ كربلاء “ لي . . أجل فإن كربلاء هي التي صنعت سيد الشهداء الحسين بن علىّ - رضي الله عنه - ، لتكن مشنقة لي فإنني سوف أتجلى على المشنقة كما تجلى عليها الحسين ابن منصور الحلاج وكما كان يسعى إليها ( في ترجمة لفريد الدين العطار عن الحلاج تذكرة ص 589 ) .
 إن الشهادة هي التي تصنع الشهيد ، تجعل منه بطلا وتحييه وتجعله خالدا ، حتى ولو كنت أيها المسجد نارا فسوف أصير كالخليل لا أطلب الغوث حتى من جبريل فسوف أقول لك عندما تسألني : ألك حاجة ؟ أما إليك فلا ، ولن أحترق ، أما إذا احترقت فإن احتراقى سوف يملأ العالم بالعبق كاحتراق الند والعود ، ( ودماء الشهداء اللون لون الدم والريح ريح المسك ) ، أجل إنني أسرع إلى النار فهي حياة لي وليست


“ 609 “
 
موتا . إن الروح الحيوانية منى كانت في إثر المادة ، ولما كانت جديرة بالاحتراق فلتحترق ، ولو كانت ذات اهتمام بعالم المعنى لأفادت واستفادت ، لعمرت وعمرت ، إن النار التي تحرق حقيقة هي نار العشق ، أما تلك النار التي نراها في الألم فهي انعكاس لها وأثر منها ، إن النار الغيبية هي نار العشق التي تسرى في عالم الملكوت ومنها خلق الملائكة ، وما دام الإنسان على علاقته بالدنيا فإنه لا يرى تلك النار الكلية أي نار العشق ( من هنا تتضح الصلة بين هذه الحكاية وبين الحكاية التي وردت بداخلها حكاية صدر جهان فكلاهما يدور حول العشق ، والحكاية هنا أشبه باللحن الداخلي داخل عمل موسيقى كبير ) ، ولأننا متعلقون بالدنيا فإن انعكاس هذه النار أي نار العشق لا يبقى فينا طويلا ، إنه بقدر قامة المرء في الزوايا المختلفة لانعكاس النور ، فالقامة هي القامة ، ونار العشق هي نار العشق ، لكنها مرتبطة باستعداد الروح وقدرتها على السمو ، ولأن هذه الانعكاسات لا تجد ثباتا فإنها تعود إلى أصلها ومعدنها ( الأمهات ) سريعا ، ثم يجد مولانا نفسه قد تعمق في الحديث ودخل إلى المرحلة التي ينبغي أن يصمت عندها ، فيقول لنفسه : انتبه لئلا تحدث الفتنة أي مثلا تحدث تأثيرا منحرفا فإن هذا الكلام يضل من ليسوا بأهل له ، وانته من هذا واجعل عين الكلام جافة فالله أعلم بالرشاد .
 
( 4230 - 4246 ) يترك مولانا القصة ليرد على العيابين في المثنوى ، وما أكثرهم على مر التاريخ والأزمنة . إن هؤلاء العيابين لا يهجوننى ، لكنهم قد يؤثرون في المريدين ، ثم ينتقل على مولانا سنائى في شأن أولئك الذين لا يرون من الكلام إلا ظاهره وحجبوا عن حقائقه ومعانيه ، والأبيات المذكورة مقتبسة من
 
“ 610 “
 
بيت شعر لمولانا سنائى :
ليس عجبا ألا يكون نصيبك من القران إلا حروفه * فإن الأعمى لا يرى من الشمس إلا حرارتها ( كليات سنائى ص 52 ) كما ورد في نفس المعنى في الحديقة ( أنظر الترجمة العربية للبيتين ( 1980 - 1981 ) إنهم يقولون :
إن هذا المثنوى لا يحتوى على مقامات الفناء ولا سير فيه إلى الله على ما دأب عليه المشايخ من قبل ، ويرد مولانا : إن أمر المثنوى سهل لقد أنكر كثيرون القرآن الكريم وقالوا :إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ *( الأنفال / 31 ) وليس فيه بيان يعجز العقل فيه ، إنه يحتوى على الشريعة ، ويرد عليهم مولاناقُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً( الإسراء / 88 ) .
 
( 4247 - 4252 ) يعتمد مولانا في هذا الجزء على حديث نبوي ( إن للقرآن ظهرا وبطنا ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن ( انظر 1899 ) . كما جاء الحديث في شروح المثنوى ( للقرآن ظاهر وباطن وحد ومطلع ) ، وقد فسرها ابن عربى بأنها التفسير والتأويل وما يصل إليه فهم الإنسان وفسر الحد والمطلع بأنهما المعاني والمدركات التي هي أعلى من التفسير والتأويل ولا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ( استعلامى 3 / 407 ) . وبالرغم من أن مولانا قد تحدث عن سبعة أبطن
 
“ 611 “
 
إلا أنه لم يتجاوز البطن الرابع بالحديث ، ويرى كما يرى محيي الدين أن ما فوق هذا لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى . ويخلص مولانا أنه إذا نظرت إلى القران الكريم بظاهره فحسب ، فكأنك إبليس الذي اعتبر ادم حفنة من التراب ولم ينظر إلى النفخة الإلهية ، وإياك أن تحكم من الظاهر فإنك لا تعرف عن أقرب الناس إليك إلا مقدار شعرة ، ولسنائى الغزنوي تفضيل اخر في هذا المجال موجود في حديقة الحقيقة حيث خصص فصلا للحديث عن القران الكريم ( انظر الترجمة العربية الحديقة الحقيقة ص ص 93 - 100 ) .
 
( 4253 - 4284 ) إن الأنبياء لم يعتزلوا الناس هربا بل تعليما ، فأي جبل هذا الذي يستطيع الولي أن يختفى خلفه ، ومن هذا الذي تحسده الأفلاك على قربه ويختفى ؟ إنه مختف في عوالم روحه التي لا نهاية لها ، وهكذا الإنسان فإنه وجود محجوب وغامض لا يستطيع العقل أن يسبر أغوار عمقه ، وإذا كان هذا هو حال الإنسان العادي ، فما بالك بادم صاحب النفخة الإلهية ؟ وما بالك بالأنبياء ذوى المعجزات مع أنهم بشر ، ألم يستطيعوا أن يأتوا بالمعجزات ؟ وما عصا موسى ؟ وما رقية عيسى التي كانت تحيى الموتى ؟ ولم لا ؟ أليس قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن ؟ ( انظر 2779 ) ، وكما أنك تخطىء كثيرا إن اعتبرت عصا موسى مجرد قطعة من الخشب ، واعتبرت رقية عيسى مجرد كلام عادى ، فإنك تخطىء كثيرا إذا اعتبرت الإنسان مجرد هذه البضعة من اللحم والعظام . هذه المظلة السوداء تقدم قليلا لترى الروح الوثابة القادرة على التحليق في الملأ الأعلى ، تقدم قليلا لترى اثار تربية الرجال ، وترى “ همة الرجال تقتلع الجبال “ ، وتجعل الجبال ترقص من هممهم “ انظر 15 ، 16 من هذا الكتاب و 25 ،
“ 612 “
 
26 من الكتاب الأول “ وهي هي ذي نفسها تلك الهمة التي تجعل الجبال تئوب لداود وتغنى معه ، ومصداقا لهذا فإن رجال الحق أيضا هم مثل داود لهم أنين ويسمعون أصواتا لا يسمعها كل إنسان ، وإن نغمة هذا الصافي الجسد أي الجبل تصل إلى أذن رجل الحق وحده مهما كان معه جلساء وليست كل أذن مهيأة لسماع تسبيح الجمادات التي تصل من اللامكان ، أي عالم الغيب ، وحتى إن كنت لم تسمعها فينبغي أن تصدق بوجودها لأن “ الولي “ يسمعها .
 
( 4285 - 4294 ) يعود مولانا إلى توبيخ الطاعنين في المثنوى قائلا : إنك أيضا تطعن في القران الكريم ، وماذا يكون المثنوى إلى جوار القران ، إنك تريد أن تطعن في القران ولا تجد سبيلا إلى ذلك فتطعن في المثنوى الذي هو قبس من نور القران وهو في هذا المعنى يقتبس من مولانا سنائى :
إذا طعن فيه هذا الجهول فقل له : أطعن ، إنه ليس أفضل من القران ( حديقة الحقيقة البيت 11780 ) إنه كلام الحق ومن يقع فيه فإن القهر الأعلى يستولى على روحه وعلى إيمانه ، إن القران سوف يخاطب هذه الفئة يوم القيامة قائلا :
لقد كنتم تطعنون فىّ قائلين : إنني أساطير الأولين ، وها أنتم أولاء أنفسكم قد رأيتم أنكم أنتم الذين صرتم أسطورة بينما أنا وجود مطلق وغذاء معنوي وعيني وجوهر لا زيف فيه ولا غش . . ثم يتحدث مولانا عن نفسه وعن المثنوى : إنني منبع هذه المعاني أمنح العاشقين الحياة الخالدة ، وإن عفن الحرص هو الذي جعل الحق لا يصب جرعة من هذه المعاني على وجودكم الميت ، أي أن العيب فيكم أنتم يا من لا تتقبلون المعاني ولو كانت فيكم قابلية لها لفهمتموها ، فإن العطايا بقدر
 
“ 613 “
 
القابليات ويستمد مولانا العون من سنائى الغزنوي ، ويصرح بأن هذا الطعن لن يقعده عن عمله ورسالته .
 
( 4295 - 4312 ) ينقل مولانا حكاية أخرى عن سنائى :
قال ذلك المهر لأمه : لماذا يصفرون هم بينما نشرب نحن الماء قال الفرس للمهر : امض لا تتحدث عبثا قم بعملك فإنهم يقتلعون لحيهم عبثا .
 
( ديوان سنائى 162 ) ويضيف مولانا على لسان الأم : إن هذا هو عمل المزايدين ، أولئك الذين لا تخلو منهم الأرض ، فكما يوجد العاملون الذين يعملون في صمت يوجد أيضا المزايدون الذين لا يجدون ما يفعلون سوى عرقلة أعمال العاملين ، وما على العاملين إلا أن يقوموا بأعمالهم دون النظر إليهم أو الاهتمام بهم ، ومن ثم فإن ماء النهر هو معرفة الحق ، وصوت السائسين هم أولئك الجهلة الذين يطعنون في رجال الحق ولا ينبغي الاهتمام بهم ، فإنهم إنما يقتلعون لحيهم فهيا أيها المريد إن الحقائق التي تفيض من رجال الحق هطالة وفيرة ، هيا قبل أن يمزقك الهجر والبعد والحرمان من هذه الحقائق ، وحتى لا تظل شجرة وجودك بلا ثمر ، فإن كلام الأولياء هو منبع ماء الحياة والحياة الخالدة ، هيا وحتى وإن لم تكن لك بصيرة مهيأة لإدراك الحقائق ، فجرب ، وكن كالأعمى الذي لا يرى الماء ويدلى بدلوه في الماء تقليدا للآخرين ( انظر لفكرة التقليد الذي يوصل الحقيقة الكتاب الثاني - هيا إذن وضع القربة التي تفكر في الماء ( مفكرا في الماء ) في الجدول ( أول العمل فكر ) .
 
“ 614 “
 
( 4313 - 4323 ) يستنتج مولانا من مثل الأعمى والقدر وماء الجدول نتيجة أخرى قائلا : إن السفهاء يشبهون هذا الأعمى بقدره الفارغ ، ولأنهم غير ممتلئين بالمعرفة الإلهية فإنهم يجذبون نحو كل صوب ، إن الخفة التي في وجودهم وانعدام “ الثقل “ تجعل كل ريح تختطفهم ، فلا مرسى لهم ، والمرسى هو العقل الباحث عن الحق الطامح إلى المعرفة الذي يحول دون الضلال ويمنح الثبات و “ الوجهة “ والهدف ، فإن لم تكن تملكه فاطلبه من الشيوخ والمرشدين فإنهم هم الذين يستمدون من بحر الجود الإلهى ، وهذه الإمدادات الإلهية هي التي تجعل القلب واعيا وتضئ بصيرة القلب ، وفي انعكاس نور القلب يصير البصر كالقلب ، والبصر بلا قلب عاطل ولا يستطيع أن يبصر الحقائق ، لكن دعك الآن من ماء المعرفة ، وعد إلى الماء المبارك الذي أنزل من السماءوَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً( ق 9 ) إننا مشغولون بهذا الماء دون أن نلقى بالا إلى طعن الطاعنين كالمهر الذي يشرب الماء زلالا دون اهتمام بصفير السائسين .
 
( 4324 - 4329 ) عودة إلى قصة ضيف المسجد ( الذي يقدم دون أن يلقى بالا إلى طعن الطاعنين ولوم اللائمين ) : ها هو ذا في سبيل الكشف عن الحقيقة مثل غريق في الماء لا ينام ، نومه كنوم الطيور والأسماك “ أي لا نوم “ وفجأة يسمع صوتا مهولا يهتف به ، إنه صوت يمزق القلب إربا ، وعند هذه النقطة يترك مولانا سياق الحكاية وتسلسل الحوادث فيها وكأنه يريد أن يستغل تشوق السامع لنهاية القصة ، وبالطبع يجدها فرصة للانتقال من الخاص ( سياق الحكاية ) إلى العام ( التعاليم الصوفية ) .
“ 615 “
 
( 4330 - 4347 ) إن هذا الصوت المهول هو من قبيل وسوسة الشيطان والعنوان إشارة إلى الآية 64 من سورة الإسراءوَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً( الإسراء 64 ) والخطاب من الله سبحانه وتعالى إلى إبليس الذي توعد بإغواء أبناء ادم ، وهكذا فإن الشيطان يجرى في بنى ادم مجرى الدم ، يقف للإنسان كل مرصد ، يخوفه من طريق الجهاد . يخوف بالفقر والذل والغربة والانقطاع عن الأصدقاء وهكذا فمن تأثيره تسوف في طريق الدين ، وتؤجل البدء بالجهاد ناسيا أن الموت لك بالمرصاد وعليك أن تأخذ قدرا من العلم والحكمة ، وتعزم على ألا تترك طريق الجهاد خوفا من الخسران في الدنيا ، فيقعد لك مرة ثانية ويصيح بك ويخوفك الفقر ، فتترك الطريق من تخويفك ، وتركن إلى هذا المضل ، ومن هنا فقد أخذ الخوف من صياح الشيطان بحلوق الخلق ، ولا نتيجة إلا اليأس من وصول النوركَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ( الممتحنة / 13 ) .
فإذا كنت تخاف هكذا من صياح الشيطان بك فأولى بك أن تخاف من الصيحة الإلهية . إن الخوف من الشيطان لضعاف الإيمان كخوف الذباب من العنكبوت ، لكن الخوف من الله هو ديدن الرجال ، والصيحتان صيحة الحق وصيحة الشيطان هما من أجل التفرقة بين الخير والشر وبين الصالح والطالح ، وهما لا يجتمعان في انسان ، فالذي يخشى الصيحة الإلهية لا يلقى بالا إلى تهديد الشيطان .
 
“ 616 “
 
( 4348 - 4367 ) إن هذا الصوت المهول لم يلق الرعب في قلب ذلك الضيف الهمام الشجاع ، إنه لم يعتبره إلا كالطبل الأجوف ، إنه مجرد صوت دون أن يوجد ما يدل عليه ، فيقف للصوت داعيا إياه للمواجهة ( كما حدث في ألف ليلة وليلة مع علىّ المصري تماما ) . وفي الحال يبطل طلسم ويتساقط الذهب ويظفر الشجاع الهمام بالذهب ، لكن إياك أن تظن أن الذهب المقصود هنا هو هذا الذهب المعروف ، لا . . . فهكذا يفكر عميان القلوب ، وتفكيره هذا لا يعدو تفكير الأطفال الذين يكسرون قطع الفخار ويضعونها في حجورهم ويسمعونها ذهبا : ( ينظر كليات ديوان شمس تبريزى ص 525 - غزلية 1353 ) .
حتام نحن كالأطفال في عالم التراب * نملأ حجورنا بالتراب والحصى وقطع الفخار فلنرفع الأيدي عن التراب ولنحلق في السماء * ولنهرب من الطفولة نحو محفل الرجال فالذهب هنا ليس ذلك المعدن المعروف ، إنه الذهب الذي ضرب في دار السكة الإلهية أي المعرفة بالله التي لا تنهب ولا تسرق ولا تنتهى ، إن قيم هذه الدنيا انعكاس لقيم ذلك العالم . إن ذهب الدنيا ما هو إلا انعكاس لذهب المعرفة الإلهية الذي إن وصل إليه الباحث أغناه عن كل ذهب الدنيا ، إنه غنى النفس المذكور في الحديث ( ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ) ( استعلامى 3 / 411 ) .
 
“ 617 “
 
( 4368 - 4379 ) إن ضيف المسجد كان باحثا عن الحقيقة ، كان كالفراشة التي تحوم حول النار ولا تبالى باحتراق بدنها ، وكان المسجد كالشمعة أي يحكى الحقيقة الإلهية ومن ثم كان سقوطه فيه نصرا له وفتحا عليه . إياك أن تظن العشق نارا إنه نور ، رآها موسى عليه السلام نارا لكنها كانت عليه نور كانت العناية الإلهية قد حولتها إلى نور ، وانظر إلى الانقطاع عن الدنيا ألا يبدو نارا في حين أن رجال الله قد وجدوه نورا ، وهكذا الولي . إن تعليماته تبدو لك نارا لكنها في الحقيقة نور ، وهكذا كان يبدو صدر جهان للوكيل نارا ، وكان اللائمون والمثبطون يخوفونه من لقائه ، لكنه كان لوكيله عين النور . لقد ساق جلال إذن هذه الحكاية الطويلة بكل ما تخللها من معان لا كانتقال من موضوع إلى موضوع كما فسر أغلب مفسري المثنوى ، بل إن قصة المسجد هي من قبيل المثل أو المثال المحسوس قدم لبعض المريدين من ذوى المستوى المحدود لشرح قصة عشق وكيل صدر بخارى ( وهي قصة لمن خبروا مبادئ العشق ) .
 
( 4380 - 4388 ) عودة إلى وكيل صدر جهان : ها هو ذا وكيل صدر جهان يطوف حول صدر جهان كالفراشة تطوف حول الشمعة : فمهما رآها الآخرون نارا فهي ليست بالنسبة لها إلا نور ، ولا يتحمل هذه المقاساة إلا العاشق ، والألم من العاشق يقابله الرحمة من المعشوق ( انظر الأبيات 3918 - 3920 ) . ويتحدث مولانا عن رحمة المعشوق وهو في الحقيقة يتحدث عن رحمة المعشوق الكلى الواحد ، إن العاصي والمجرم عندما يخاف فكأنه يعترف ويقر بالذنب ، وهذا
 
“ 618 “
 
الاعتراف والإقرار أول أبواب التوبة ، فكان في خوفه الأمل في النجاة . إن الوقح المهذار المتجرىء بالذنب المفاخر به هو الجدير بأن يخيفه الله تعالى ، لكن أي خوف يكون الخائف بالفعل في حاجة إليه ؟ إن أولئك الذين يأنسون مكر الله تعالى وعقابه هو أجدر بالتخويف ، لكن الخائفين أجدر بالحلم والعفو . إن تخويف الخائف أشبه بإشعال النار تحت القدر الذي يغلى في حين أن النار أولى بالقدر البارد ، وقد خاض الصوفية في أفضلية مقام الخوف على مقام الرجاء مما يطول شرحه ( انظر كشف المحجوب ) .
 
( 4389 - 4405 ) إن باطن كل الإنسان كأنه جذع الشجرة ، يطرح ما في الباطن على الجذور والأوراق والثمار ، وباطن رجل الحق هو منبع للفيض بالرغم من أن ظاهره يكون جافا مثل الخشب اليابس ، وهكذا في كل أمر يؤثر الباطن على الظاهر سواء على الأشجار أو في الأنفس أو في العقول . . وإن الوفاء والحب أشبه بشجرة فروعها وأوراقها مشمخرة إلى السماءأَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ( إبراهيم / 24 ) وفي معارف بهاء ولد “ ثم فكرت بيني وبين نفسي في أن روحي تعظم الله سبحانه وتعالى وتتفكر في أمر الله وترتاض حتى تزداد محبة الله فيها ولابد وبأي وجه كان . إن هذه الأحوال لا ترضى الله تعالى أو إنها ليست من إلهامه جل شأنه ، فلا يمكن أن تكون المحبة من جانب واحد “ ( معارف 1 / 24 ) ، وإذا كانت أوراق الحنان والوفاء صعدت من شجرة إلى السماء كيف لا ينمو الحب في قلب صدر جهان ؟ لقد أخذ العفو يتموج في قلبه “ والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف “ وهناك طريق من القلب إلى القلب .
إن ندم الوكيل قد أثمر الرحمة في قلب صدر جهان ، وهكذا تكون العلاقة بين أهل
 
“ 619 “
 
الباطن .
إن الترابط بين القلوب مثل امتزاج أنوار المصابيح ، فالمصابيح متفرقة لكن الأنوار ممتزجة وفي حين أن العشق يصيب العاشق بالنحول ، فإنه عند المعشوق ( لإحساسه بأنه معشوق ) جالب للسرور والرضا . وهكذا فاعلم أن حب الحق يستوجب حبا من الحق للعبد . هكذا فقد قرن يحبهم بيحبونه إنه أمر مزدوج كالتصفيق لا يمكن أن يتأتى من يد واحدة ، فكما يحن الظمأن إلى الماء يكون الماء أيضا في حاجة إلى الشارب ، إنها حكمة الله تعالى في خلقه لكي تتجاذب الأشياء وتأتلف ، يعتبرها بعضهم قضاء من الله ومشيئة إلهية ، ويعتبرها بعضهم من أفعالنا نحن .
 
( 4406 - 4423 ) يواصل مولانا الحديث عن “ العشق “ كسر لتواصل الخليقة ، فكل جزء من أجزاء العالم طالب لقرينه أو أليفه ، والأرض والسماء زوجان من اتصالهما تبدو الخليقة ، وكان القدماء يعتقدون أن الأرض معلقة في الفضاء تحت تأثير جاذبية السماء ، ويردد مولانا اعتقاد علماء الفلك الأقدمين باعتبار الكواكب السيارة “ اباء الخليقة “ ( أي الآباء العلويون ) والعناصر الأربعة التراب والماء والهواء والنار “ أمهات “ الخليقة ، ويتحدث مولانا عن الأبراج الأربعة أو العناصر الأربعة على أساس أن القدماء كانوا يعتبرون الأبراج الفلكية الاثني عشر في مدار الشمس مخلوقات ذات طبع ومزاج فالثور والسنبلة والجدى أبراج ترابية طبعها بارد جاف أو سوداوى ، والسرطان والعقرب والحوت أبراج مائية وطبعها بارد رطب ، والجوزاء والميزان والدلو أبراج هوائية طبعها حار رطب ، والحمل والأسد والقوس أبراج نارية وطبعها جاف حار . ويريد مولانا أن يقول :
إن هذه الأبراج مؤثرة بحكمة الله تعالى في أحوال العالم الأرضي ، وتوجد في كل
 
“ 620 “
 
زمان وفصل ظروفا بمقتضى الحكمة والمشيئة ، بل إن الأرض والسماء زوجان حقيقيان يتمتعان بهذا الاتصال وإلا فلماذا تقع الأرض بين أحضان السماء ؟ ومن هذه الحكمة الإلهية يسكن الزوج إلى زوجته حتى يقع الميلاد ، ومن ثم فكل جزء في الخليقة يحن إلى الجزء الآخر ، لكي تحدث الخليقة فإياك أن تظن أن هناك تنافرا فهذا التنافر لا يوجد حتى بين الليل والنهار فكل منهما يطلب الآخر ، ففي الليل تدخر المخلوقات لكي تنفق بالنهار “ من القوة والاستعداد للغد “ والفكرة هنا من طريق التحقيق لسنائى ( مثنويات حكيم سنائى ص 112 والترجمة العربية لطريق التحقيق لأحمد فتحى شتا ) .
 
( 4424 - 4450 ) وينتقل مولانا إلى مرحلة أخرى من علاقة العناصر والأمهات والآباء العلويين ، عندما تتفتت هذه العلاقة ويعود كل عنصر إلى “ أبيه “ أي إلى أصله السماوي ، فكل برج يجذب من الجسد “ الأخلاط “ و “ الأمزجة “ المناسبة له ، وليست الأمراض العديدة إلا نتيجة أن كل عنصر يريد أن يجذب الجزء الخاص به من الجسد ، ويبقيها الله تعالى إلى أجلها . وعندما يجذب كل جزء من الجسد إلى الأصل الخاص به فإن الروح تتألم من فراقها لعالم الأرواح ، وأن وجودنا الصوري ما هو إلا تركيب من أجزاء عنصرية تبقيها الروح حية ، وفي الوقت نفسه فإن كل جزء من هذه الاجزاء يساعد على حفظ هذا التركيب ، وهذا التركيب هو سجن للروح ومن ثم فالروح تحن دوما إلى أصلها ، وكما أن قوت كل عضو من أصله ، فإن قوت الأرواح هو من الحكمة والعلوم والرغبة في الترقي والشرف الذي هو في نفس الوقت سير إلى عالم الغيب والوجود المطلق فهي باحثة عن الحق والحق باحث عنها مصداقا لقوله تعالى :يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
 
“ 621 “
 
( المائدة / 54 ) . ليس العشق من العاشق فحسب لكنه من المعشوق أيضا . إن المعشوق في بحث عن العاشق كما يبحث عنه العاشق ، وهو يبدو ظاهرا بلا حاجة لكنه في الباطن ذو ميل وجذب .
 
( 4451 - 4464 ) يعود مولانا إلى قصة وكيل صدر جهان : لقد كان صدر جهان أيضا يشتاق إليه ، لكن مظاهر السلطة كانت تمنعه من إظهار هذا الشوق . وليس هذا الأمر قابلا للإدراك ، أكان ميل الوكيل هو الذي يجذبه إلى بخارى أو أن مجىء الوكيل هو الذي أوجد الجذب في قلب صدر جهان ؟ لكن إياك أن تتحدث في هذا ، واترك المراء والتذاكى في هذا الأمر ، إنني لن أواصل في هذا الموضوع فإن تلك القوة غير المرئية ( الإلهام - الوحي الإلهى ) تأمرني بألا أقول فكيف أقول ؟ إن الأمر ليس بيدي فمهما عزمت ومهما نويت فإن عزم الله هو الذي يكون وما قدره نافذ . إن الأمر أشبه بالجواد والفارس يمسك الفارس بزمام الجواد الذي يجمح في كل ناحية ويوجهه إلى حيث يشاء ، وخير للجواد أن يكون ذكيا وأن يعلم أنه في يد الفارس يوجهه في أي اتجاه شاء . وهكذا فإن قدرة الله تعالى تبدو في فسخ العزائم ونقضها مصداقا لما ورد في حديث علىّ رضي الله عنه “ عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحل العقود ونقض الهمم “ ( استعلامى 3 / 415 ) .
 
( 4465 - 4475 ) يحلل مولانا فكرة فسخ العزائم ونقضها وخلاصة ما يذهب إليه مولانا أن الله سبحانه وتعالى يدفعنا إلى العزم في الأمور ثم ينقض هذا العزم حتى نحس بقدرته دائما ونحس أننا خاضعون لقدرة الحق . وهناك

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: شرح قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:22 am

شرح قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد على مدونة عبدالله المسافر بالله

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح قول الشيطان لقريش : تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم
واستنفر قبيلتى للعون وهروبه عند لقاء الصفين
“ 622 “
 
صنفان من الناس في التسليم لقدرة الله تعالى : العاشقون والصادقون أو العاشقون والعاقلون ، والعشاق يعرفون مولاهم بصدهم عن الوصول لآمالهم .
وإن لم تصدق فاقرأ “ حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات “ . إن انكسار الصادقين العاملين لا يشبه انكسار العاشقين ، فأولئك منكسرون جبرا أما العاشقون فمنكسرون اختيارا ، أولئك عبيد مقيدون ، وهؤلاء في رضا الحق كأنهم يستحلبون السكر ، إن العقلاء هم مصداق “ ائتيا كرها “ أما العشاق فإنهم مصداق “ ائتيا طوعا “ طبقا لما ورد في الآية الكريمةثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ( فصلت / 11 ) .
 
( 4476 - 4488 ) يحضر مولانا رواية من السيرة النبوية عن أولئك الذين يستسلمون للمشيئة الإلهية “ كرها “ وفي الحديث الشريف “ عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل وهم كارهون “ وفي مناسبة الحديث روايات فمن قائل : إنه قيل يوم بدر “ فروزانفر ماخذ / 125 - 126 ) ومن قائل إنه قيل في أسارى قريظة وبنى النضير ( مولوى 3 / 573 أنقروى 3 / 744 ) والرواية الأولى أصح لارتباطها بما يلي من آيات . والب أرسلان هو ثاني سلاطين السلاجفة العظام حكم ما بين 455 - 465 ه - ( جلبنارلى 30 / 462 ) .
 
( 4489 - 4505 ) ما ورد في العنوان جزء من الآية 19 من سورة الأنفال ، ويستمر مولانا في رواية حديث الكافرين وهم يساقون أسارى ، وهنا إشارة إلى ما دعاه أبو جهل قبل وقعة بدر قائلا : اللهم انصر أحب الفئتين ، فالنصر هو لمحمد - ، - حتى في الحديبية التي اعتبرها المؤمنون هزيمة كانت نصرا وبعدها نزلت سورة الفتح ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) ( الفتح / 1 ) .
 
“ 623 “
 
( 4506 - 4514 ) ذكر هزيمة بني قريظة وبنى النضير هنا خطأ تاريخي ، فالانتصار على بنى النضير وبني قريظة سابق لهذا التاريخ ، وكان الانتصار هنا على يهود خيبر ، على كل حل كان مولانا يقصد الانتصارات التي حققها الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - بعد الحديبية التي كانت تبدو كهزيمة ، ويقصد مولانا أنه حتى إن لم تتحقق هذه الانتصارات فإن المؤمن في هزيمته كما هو في نصره تماما إنه يستقبل الهزيمة “ البلاء “ كما يتقبل النصر ، فالبلاء في نظر المؤمن “ صعود “ ليس “ هبوطا “ والمهم هو العناية الإلهية .
 
( 4515 - 4532 ) ومصداقا لهذا يفسر مولانا حديثا منسوبا إلى الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - “ لا تفضلوني على يونس بن متى فإن معراجى إلى السماء ومعراجه إلى الماء “ والحديث ورد في مقالات شمس ( ص 256 ) بتفسير أقرب إلى تفسير مولانا ، فاللقاء ليس بالمكان وإنما بالعناية والرعاية ، فليس المعراج بمقاييس الأرض وليس هو الصعود أو الهبوط بل هو التخلص من سجن الوجود ومن قيود المكان وأسر الحياة المادية ، إنه أمر يتصل بالفناء أو كما يعبر عنه مولانا متصل بالعدم الذي تختلف مقاييسه عن مقاييسنا . ومن هنا فإن هزيمة المؤمن لا تشبه بحال من الأحوال هزيمة الكافر ، فالكافر في هزيمتة ساخط والمؤمن راض ، والقدرة على الاستغناء هي اقطاع خاص بهم ، والفقر فخرهم ( إشارة إلى حديث نبوي الفقر فخرى وبه أفتخر ) . وعلى هذا النسق فإن تفسير الكفار لا بتسامة الرسول - ، - بأنها افتخار بالدنيا وعجب بالنظر ، هو تفسير نابع من تفكيرهم هم .
 
“ 624 “
 
( 4531 - 4538 ) إن الحارس لم يسمع كلام الكفار الأسرى بالرغم من أنه كان يمشى إلى جوارهم ، بينما وصلت هذه الهمهمة إلى أذن الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - من لدن الحكيم الخبير ، فالقابلية عند الرسول لتلقى الوحي ، وهذا يتكرر كثيرا في حياة الأنبياء فذلك الذي كان يحمل قميص يوسف إلى يعقوب عليهما السلام لم يكن يشم منه ريح يوسف ، لأن الريح خاص بيعقوب ، وهكذا فإن الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - يوحى إليه وهو نائم مصداقا لقوله عليه السلام “ تنام عيناي ولا ينام قلبي “ ، وإدراك عوالم الغيب بمعايير هذا العالم غير متيسر بل لابد من وجود العناية الإلهية ، ومحمد - صلّى اللّه عليه وسلم - مشمول بالعناية الإلهية ، بحيث إن النجم الثاقب الذي يطارد الشياطين التي تسترق السمع يأمرها بأن تأخذ الأسرار منه عليه السلام إذ تصل إليه مباشرة من لدن الحكيم الخبير ، وهي رزقه لا بحوله أو بطوله . وهكذا العطايا أرزاق ولا تتدخل فيها القوة فاذهب إلى الدكان واسع في سبيل الرزق ، لكن إياك أيضا أن تنسى الذهاب إلى المسجد وطلب الرزق من الله .
 
( 4539 - 4552 ) يواصل الرسول - ، - الحديث إلى الأسرى من الكفار : إن ضحكى ليس من انتصارى عليكم في المعركة ، وأي ضحك عندي من أناس ماتوا واهترأوا في الفناء سواء عاشوا أو ماتوا فهم أموات ، وأي لذة عندي من انتصار على بضعة من الرمم المهترئة والقمر ينشق عندما أثبت في المعركة ، ثم إن الأمر لم يتغير عندي : هكذا كنتم أراكم من كوة الغيب مهزومين أسارى حتى وأنتم أحرار ، إن سلاحكم الذي تعتمدون عليه في هذه الدنيا لا محالة يؤدى إلى الهزيمة ، فالاعتماد على المال والحسب شأنه كما يوجد جمل على قناة ( لا يتأتى منه نفع ولا يحسن التصرف ) ، وهكذا فإنني منذ أن تخلصت من صورة الجسد
 
“ 625 “
 
وعلمت أنها صورة مفتضحة ، كنت على علم بكل ما هو أت ، بل إني أعلم عاقبة كل موجود قبل أن يظهر في عالم الجسد ( كنت نبيا وادم بنى الماء والطين ) ( استعلامى 3 / 418 ) ، ومن أنتم فقد رأيتكم منذ الأزل ومنذ يوم الميثاق وأنتم مغلولون مقيدون ، إذن لماذا أضحك ؟ كنت أضحك لأنى أرى اللطف في القهر ، أرى أن الله سبحانه وتعالى بقهره إياكم إنما يسوقكم نحو لطفه ( المناسبة مناسبة الحكاية لحكاية صد وكيل صدر جهان ) ، كنتم تأكلون سكرا ممتزجا بالسم ( اللطف الممتزج بالقهر ) كنتم تأكلونه وأنتم لا تسمعون كلام الله ولا تدركون قصده من إذلالكم .
 
( 4553 - 4563 ) يواصل الرسول جوابه لأسرى الكفار : تراكم ظننتم أنني غزوت من أجل الدنيا ؟ إن هذه الدنيا ما هي إلا جيفة وطلابها كلاب “ حديث منسوب إلى الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - وفي بعض الروايات إلى الإمام زين العابدين السجاد رضي الله عنه “ ، إنني أغزو لأحيى موتى الكفر الذين يظنون أنفسهم أحياء ، وأسوقهم من قهر الله إلى لطفه ، ولكي يتحرر العالم من طغيان الكفر ومن فساده ، إنكم كالفراش المتهافت على النار وأنا أقف بينكم وبين هذه النار ، وإن نصركم إذا انتصرتم هو هلاك لكم ، كنتم تجدون إلى النار وكنت أحول بينكم وبينها ، كنتم تسرعون بنصركم هذا إلى براثن قدرة الحق ، وكنت أهزمكم لكي أحول بينكم وبين هذا النصر المدمر .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: شرح قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:23 am

شرح قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد على مدونة عبدالله المسافر بالله

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح قول الشيطان لقريش : تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم
واستنفر قبيلتى للعون وهروبه عند لقاء الصفين
“ 622 “
 
صنفان من الناس في التسليم لقدرة الله تعالى : العاشقون والصادقون أو العاشقون والعاقلون ، والعشاق يعرفون مولاهم بصدهم عن الوصول لآمالهم .
وإن لم تصدق فاقرأ “ حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات “ . إن انكسار الصادقين العاملين لا يشبه انكسار العاشقين ، فأولئك منكسرون جبرا أما العاشقون فمنكسرون اختيارا ، أولئك عبيد مقيدون ، وهؤلاء في رضا الحق كأنهم يستحلبون السكر ، إن العقلاء هم مصداق “ ائتيا كرها “ أما العشاق فإنهم مصداق “ ائتيا طوعا “ طبقا لما ورد في الآية الكريمةثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ( فصلت / 11 ) .
 
( 4476 - 4488 ) يحضر مولانا رواية من السيرة النبوية عن أولئك الذين يستسلمون للمشيئة الإلهية “ كرها “ وفي الحديث الشريف “ عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل وهم كارهون “ وفي مناسبة الحديث روايات فمن قائل : إنه قيل يوم بدر “ فروزانفر ماخذ / 125 - 126 ) ومن قائل إنه قيل في أسارى قريظة وبنى النضير ( مولوى 3 / 573 أنقروى 3 / 744 ) والرواية الأولى أصح لارتباطها بما يلي من آيات . والب أرسلان هو ثاني سلاطين السلاجفة العظام حكم ما بين 455 - 465 ه - ( جلبنارلى 30 / 462 ) .
 
( 4489 - 4505 ) ما ورد في العنوان جزء من الآية 19 من سورة الأنفال ، ويستمر مولانا في رواية حديث الكافرين وهم يساقون أسارى ، وهنا إشارة إلى ما دعاه أبو جهل قبل وقعة بدر قائلا : اللهم انصر أحب الفئتين ، فالنصر هو لمحمد - ، - حتى في الحديبية التي اعتبرها المؤمنون هزيمة كانت نصرا وبعدها نزلت سورة الفتح ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) ( الفتح / 1 ) .
 
“ 623 “
 
( 4506 - 4514 ) ذكر هزيمة بني قريظة وبنى النضير هنا خطأ تاريخي ، فالانتصار على بنى النضير وبني قريظة سابق لهذا التاريخ ، وكان الانتصار هنا على يهود خيبر ، على كل حل كان مولانا يقصد الانتصارات التي حققها الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - بعد الحديبية التي كانت تبدو كهزيمة ، ويقصد مولانا أنه حتى إن لم تتحقق هذه الانتصارات فإن المؤمن في هزيمته كما هو في نصره تماما إنه يستقبل الهزيمة “ البلاء “ كما يتقبل النصر ، فالبلاء في نظر المؤمن “ صعود “ ليس “ هبوطا “ والمهم هو العناية الإلهية .
 
( 4515 - 4532 ) ومصداقا لهذا يفسر مولانا حديثا منسوبا إلى الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - “ لا تفضلوني على يونس بن متى فإن معراجى إلى السماء ومعراجه إلى الماء “ والحديث ورد في مقالات شمس ( ص 256 ) بتفسير أقرب إلى تفسير مولانا ، فاللقاء ليس بالمكان وإنما بالعناية والرعاية ، فليس المعراج بمقاييس الأرض وليس هو الصعود أو الهبوط بل هو التخلص من سجن الوجود ومن قيود المكان وأسر الحياة المادية ، إنه أمر يتصل بالفناء أو كما يعبر عنه مولانا متصل بالعدم الذي تختلف مقاييسه عن مقاييسنا . ومن هنا فإن هزيمة المؤمن لا تشبه بحال من الأحوال هزيمة الكافر ، فالكافر في هزيمتة ساخط والمؤمن راض ، والقدرة على الاستغناء هي اقطاع خاص بهم ، والفقر فخرهم ( إشارة إلى حديث نبوي الفقر فخرى وبه أفتخر ) . وعلى هذا النسق فإن تفسير الكفار لا بتسامة الرسول - ، - بأنها افتخار بالدنيا وعجب بالنظر ، هو تفسير نابع من تفكيرهم هم .
 
“ 624 “
 
( 4531 - 4538 ) إن الحارس لم يسمع كلام الكفار الأسرى بالرغم من أنه كان يمشى إلى جوارهم ، بينما وصلت هذه الهمهمة إلى أذن الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - من لدن الحكيم الخبير ، فالقابلية عند الرسول لتلقى الوحي ، وهذا يتكرر كثيرا في حياة الأنبياء فذلك الذي كان يحمل قميص يوسف إلى يعقوب عليهما السلام لم يكن يشم منه ريح يوسف ، لأن الريح خاص بيعقوب ، وهكذا فإن الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - يوحى إليه وهو نائم مصداقا لقوله عليه السلام “ تنام عيناي ولا ينام قلبي “ ، وإدراك عوالم الغيب بمعايير هذا العالم غير متيسر بل لابد من وجود العناية الإلهية ، ومحمد - صلّى اللّه عليه وسلم - مشمول بالعناية الإلهية ، بحيث إن النجم الثاقب الذي يطارد الشياطين التي تسترق السمع يأمرها بأن تأخذ الأسرار منه عليه السلام إذ تصل إليه مباشرة من لدن الحكيم الخبير ، وهي رزقه لا بحوله أو بطوله . وهكذا العطايا أرزاق ولا تتدخل فيها القوة فاذهب إلى الدكان واسع في سبيل الرزق ، لكن إياك أيضا أن تنسى الذهاب إلى المسجد وطلب الرزق من الله .
 
( 4539 - 4552 ) يواصل الرسول - ، - الحديث إلى الأسرى من الكفار : إن ضحكى ليس من انتصارى عليكم في المعركة ، وأي ضحك عندي من أناس ماتوا واهترأوا في الفناء سواء عاشوا أو ماتوا فهم أموات ، وأي لذة عندي من انتصار على بضعة من الرمم المهترئة والقمر ينشق عندما أثبت في المعركة ، ثم إن الأمر لم يتغير عندي : هكذا كنتم أراكم من كوة الغيب مهزومين أسارى حتى وأنتم أحرار ، إن سلاحكم الذي تعتمدون عليه في هذه الدنيا لا محالة يؤدى إلى الهزيمة ، فالاعتماد على المال والحسب شأنه كما يوجد جمل على قناة ( لا يتأتى منه نفع ولا يحسن التصرف ) ، وهكذا فإنني منذ أن تخلصت من صورة الجسد
 
“ 625 “
 
وعلمت أنها صورة مفتضحة ، كنت على علم بكل ما هو أت ، بل إني أعلم عاقبة كل موجود قبل أن يظهر في عالم الجسد ( كنت نبيا وادم بنى الماء والطين ) ( استعلامى 3 / 418 ) ، ومن أنتم فقد رأيتكم منذ الأزل ومنذ يوم الميثاق وأنتم مغلولون مقيدون ، إذن لماذا أضحك ؟ كنت أضحك لأنى أرى اللطف في القهر ، أرى أن الله سبحانه وتعالى بقهره إياكم إنما يسوقكم نحو لطفه ( المناسبة مناسبة الحكاية لحكاية صد وكيل صدر جهان ) ، كنتم تأكلون سكرا ممتزجا بالسم ( اللطف الممتزج بالقهر ) كنتم تأكلونه وأنتم لا تسمعون كلام الله ولا تدركون قصده من إذلالكم .
 
( 4553 - 4563 ) يواصل الرسول جوابه لأسرى الكفار : تراكم ظننتم أنني غزوت من أجل الدنيا ؟ إن هذه الدنيا ما هي إلا جيفة وطلابها كلاب “ حديث منسوب إلى الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - وفي بعض الروايات إلى الإمام زين العابدين السجاد رضي الله عنه “ ، إنني أغزو لأحيى موتى الكفر الذين يظنون أنفسهم أحياء ، وأسوقهم من قهر الله إلى لطفه ، ولكي يتحرر العالم من طغيان الكفر ومن فساده ، إنكم كالفراش المتهافت على النار وأنا أقف بينكم وبين هذه النار ، وإن نصركم إذا انتصرتم هو هلاك لكم ، كنتم تجدون إلى النار وكنت أحول بينكم وبينها ، كنتم تسرعون بنصركم هذا إلى براثن قدرة الحق ، وكنت أهزمكم لكي أحول بينكم وبين هذا النصر المدمر .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: شرح قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالسبت سبتمبر 19, 2020 8:24 am

شرح قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )   

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد على مدونة عبدالله المسافر بالله

قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح قول الشيطان لقريش : تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم
واستنفر قبيلتى للعون وهروبه عند لقاء الصفين
“ 622 “
 
صنفان من الناس في التسليم لقدرة الله تعالى : العاشقون والصادقون أو العاشقون والعاقلون ، والعشاق يعرفون مولاهم بصدهم عن الوصول لآمالهم .
وإن لم تصدق فاقرأ “ حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات “ . إن انكسار الصادقين العاملين لا يشبه انكسار العاشقين ، فأولئك منكسرون جبرا أما العاشقون فمنكسرون اختيارا ، أولئك عبيد مقيدون ، وهؤلاء في رضا الحق كأنهم يستحلبون السكر ، إن العقلاء هم مصداق “ ائتيا كرها “ أما العشاق فإنهم مصداق “ ائتيا طوعا “ طبقا لما ورد في الآية الكريمةثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ( فصلت / 11 ) .
 
( 4476 - 4488 ) يحضر مولانا رواية من السيرة النبوية عن أولئك الذين يستسلمون للمشيئة الإلهية “ كرها “ وفي الحديث الشريف “ عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل وهم كارهون “ وفي مناسبة الحديث روايات فمن قائل : إنه قيل يوم بدر “ فروزانفر ماخذ / 125 - 126 ) ومن قائل إنه قيل في أسارى قريظة وبنى النضير ( مولوى 3 / 573 أنقروى 3 / 744 ) والرواية الأولى أصح لارتباطها بما يلي من آيات . والب أرسلان هو ثاني سلاطين السلاجفة العظام حكم ما بين 455 - 465 ه - ( جلبنارلى 30 / 462 ) .
 
( 4489 - 4505 ) ما ورد في العنوان جزء من الآية 19 من سورة الأنفال ، ويستمر مولانا في رواية حديث الكافرين وهم يساقون أسارى ، وهنا إشارة إلى ما دعاه أبو جهل قبل وقعة بدر قائلا : اللهم انصر أحب الفئتين ، فالنصر هو لمحمد - ، - حتى في الحديبية التي اعتبرها المؤمنون هزيمة كانت نصرا وبعدها نزلت سورة الفتح ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) ( الفتح / 1 ) .
 
“ 623 “
 
( 4506 - 4514 ) ذكر هزيمة بني قريظة وبنى النضير هنا خطأ تاريخي ، فالانتصار على بنى النضير وبني قريظة سابق لهذا التاريخ ، وكان الانتصار هنا على يهود خيبر ، على كل حل كان مولانا يقصد الانتصارات التي حققها الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - بعد الحديبية التي كانت تبدو كهزيمة ، ويقصد مولانا أنه حتى إن لم تتحقق هذه الانتصارات فإن المؤمن في هزيمته كما هو في نصره تماما إنه يستقبل الهزيمة “ البلاء “ كما يتقبل النصر ، فالبلاء في نظر المؤمن “ صعود “ ليس “ هبوطا “ والمهم هو العناية الإلهية .
 
( 4515 - 4532 ) ومصداقا لهذا يفسر مولانا حديثا منسوبا إلى الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - “ لا تفضلوني على يونس بن متى فإن معراجى إلى السماء ومعراجه إلى الماء “ والحديث ورد في مقالات شمس ( ص 256 ) بتفسير أقرب إلى تفسير مولانا ، فاللقاء ليس بالمكان وإنما بالعناية والرعاية ، فليس المعراج بمقاييس الأرض وليس هو الصعود أو الهبوط بل هو التخلص من سجن الوجود ومن قيود المكان وأسر الحياة المادية ، إنه أمر يتصل بالفناء أو كما يعبر عنه مولانا متصل بالعدم الذي تختلف مقاييسه عن مقاييسنا . ومن هنا فإن هزيمة المؤمن لا تشبه بحال من الأحوال هزيمة الكافر ، فالكافر في هزيمتة ساخط والمؤمن راض ، والقدرة على الاستغناء هي اقطاع خاص بهم ، والفقر فخرهم ( إشارة إلى حديث نبوي الفقر فخرى وبه أفتخر ) . وعلى هذا النسق فإن تفسير الكفار لا بتسامة الرسول - ، - بأنها افتخار بالدنيا وعجب بالنظر ، هو تفسير نابع من تفكيرهم هم .
 
“ 624 “
 
( 4531 - 4538 ) إن الحارس لم يسمع كلام الكفار الأسرى بالرغم من أنه كان يمشى إلى جوارهم ، بينما وصلت هذه الهمهمة إلى أذن الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - من لدن الحكيم الخبير ، فالقابلية عند الرسول لتلقى الوحي ، وهذا يتكرر كثيرا في حياة الأنبياء فذلك الذي كان يحمل قميص يوسف إلى يعقوب عليهما السلام لم يكن يشم منه ريح يوسف ، لأن الريح خاص بيعقوب ، وهكذا فإن الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - يوحى إليه وهو نائم مصداقا لقوله عليه السلام “ تنام عيناي ولا ينام قلبي “ ، وإدراك عوالم الغيب بمعايير هذا العالم غير متيسر بل لابد من وجود العناية الإلهية ، ومحمد - صلّى اللّه عليه وسلم - مشمول بالعناية الإلهية ، بحيث إن النجم الثاقب الذي يطارد الشياطين التي تسترق السمع يأمرها بأن تأخذ الأسرار منه عليه السلام إذ تصل إليه مباشرة من لدن الحكيم الخبير ، وهي رزقه لا بحوله أو بطوله . وهكذا العطايا أرزاق ولا تتدخل فيها القوة فاذهب إلى الدكان واسع في سبيل الرزق ، لكن إياك أيضا أن تنسى الذهاب إلى المسجد وطلب الرزق من الله .
 
( 4539 - 4552 ) يواصل الرسول - ، - الحديث إلى الأسرى من الكفار : إن ضحكى ليس من انتصارى عليكم في المعركة ، وأي ضحك عندي من أناس ماتوا واهترأوا في الفناء سواء عاشوا أو ماتوا فهم أموات ، وأي لذة عندي من انتصار على بضعة من الرمم المهترئة والقمر ينشق عندما أثبت في المعركة ، ثم إن الأمر لم يتغير عندي : هكذا كنتم أراكم من كوة الغيب مهزومين أسارى حتى وأنتم أحرار ، إن سلاحكم الذي تعتمدون عليه في هذه الدنيا لا محالة يؤدى إلى الهزيمة ، فالاعتماد على المال والحسب شأنه كما يوجد جمل على قناة ( لا يتأتى منه نفع ولا يحسن التصرف ) ، وهكذا فإنني منذ أن تخلصت من صورة الجسد
 
“ 625 “
 
وعلمت أنها صورة مفتضحة ، كنت على علم بكل ما هو أت ، بل إني أعلم عاقبة كل موجود قبل أن يظهر في عالم الجسد ( كنت نبيا وادم بنى الماء والطين ) ( استعلامى 3 / 418 ) ، ومن أنتم فقد رأيتكم منذ الأزل ومنذ يوم الميثاق وأنتم مغلولون مقيدون ، إذن لماذا أضحك ؟ كنت أضحك لأنى أرى اللطف في القهر ، أرى أن الله سبحانه وتعالى بقهره إياكم إنما يسوقكم نحو لطفه ( المناسبة مناسبة الحكاية لحكاية صد وكيل صدر جهان ) ، كنتم تأكلون سكرا ممتزجا بالسم ( اللطف الممتزج بالقهر ) كنتم تأكلونه وأنتم لا تسمعون كلام الله ولا تدركون قصده من إذلالكم .
 
( 4553 - 4563 ) يواصل الرسول جوابه لأسرى الكفار : تراكم ظننتم أنني غزوت من أجل الدنيا ؟ إن هذه الدنيا ما هي إلا جيفة وطلابها كلاب “ حديث منسوب إلى الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - وفي بعض الروايات إلى الإمام زين العابدين السجاد رضي الله عنه “ ، إنني أغزو لأحيى موتى الكفر الذين يظنون أنفسهم أحياء ، وأسوقهم من قهر الله إلى لطفه ، ولكي يتحرر العالم من طغيان الكفر ومن فساده ، إنكم كالفراش المتهافت على النار وأنا أقف بينكم وبين هذه النار ، وإن نصركم إذا انتصرتم هو هلاك لكم ، كنتم تجدون إلى النار وكنت أحول بينكم وبينها ، كنتم تسرعون بنصركم هذا إلى براثن قدرة الحق ، وكنت أهزمكم لكي أحول بينكم وبين هذا النصر المدمر .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قول الشيطان لقريش تعالوا لقتال أحمد فسوف أساعدكم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ديباجة مولانا الدفتر الثالث المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» الهوامش والشروح 01 - 4814 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» قصة آكلي ولد الفيل من الحرص .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: