قصة آكلي ولد الفيل من الحرص .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
قصة آكلي ولد الفيل من الحرص على مدونة عبدالله المسافر باللهقصة آكلي ولد الفيل من الحرص المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثالث ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
قصة آكلي ولد الفيل من الحرص وترك نصيحة الناصح
- هل سمعت أن أحد العلماء رأي في الهند جماعة من الأصدقاء .
70 - كانوا جياعا عراة بلا زاد ، وصلوا من سفر طويل .
- ففاض العالم محبة لهم ، وهش لهم وبش وتهلل وجهه كروضة الورد .
- وقال : “ أعلم أن المتاعب قد تجمعت عليكم من الجوع ومن وعثاء الطريق في هذه المفازة المهلكة “ “ 2 “ .
- لكن ناشدتكم الله . . . ناشدتكم الله أيها الأجلاء ، ألا يكون قوتكم من وليد الفيل .
- فهناك فيلة في هذه الناحية التي تسيرون إليها فلا تذبحوا وليد الفيل . . .
واسمعوا .
75 - إن جراء الفيلة في طريقكم ، وصيدها محبب جدا إلي قلوبكم .
- وهي شديدة الضعف واللطف والسمنة ، لكن لها أما تترصدكم في مكمنها .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 101 : ويبُعد من كل هذه النعم ، ولا يستطيع أن يأكل إلا الدم .
والطمع عندك في لذة هذه الدنيا ، صار حجاباً على تلك اللذة الخالدة
- والطمع في هذه الحياة المليئة بالغرور ، أبعدك عن حياتك الحقيقية . . .
فاعلم أن الطمع يجعلك أعمى ، ويخفى عنك اليقين بلا شك : ويبدي لك الحق الباطل ومن الطمع ، يصير عماك مائة عمى ، فضق من الطمع مثل الصادقين
- حتى تضع قدمك هذه العتبة - فعندما تدخل من هذا الباب تنجو وتخرج من الحزن والسرور . تضاء عين روجك فترى الحق ، ويصبح نور الدين خاليا من طلام الكفر فاستمع إلى نصيحة المشايخ بإخلاص - حتى تنجو من الخوف وتصبح في أمان
- واسمع الان إلى قصة مثلا حتى تجد في الحقيقة نور الحبيب .
( 2 ) حرفيا : في كريلاء هذه .
“ 33 “
- وهي في سبيل وليدها تقطع طريقا يبلغ مائة فرسخ ، وهي في تأوه وحنين .
- ومن خرطومها ينطلق الدخان والنار ، . . . فحذار من وليدها البريء هذا . .
حذار .
- والأولياء هم أطفال الحق يا بني ، وهم علي علم به في الغيبة والحضور .
80 - فلا تظنن أن الغيبة من نقص فيهم ، إنه ينتقم من أجل أرواحهم .
- لقد قال : إن هؤلاء الأولياء هم أطفالي ، وهم في غربتهم منفردون خالون من الأبهة والعظمة ( الظاهرة ) .
- وهم أذلاء يتامى ابتلاء لهم ، لكنهم داخل سري أصدقاء ندماء .
- إن ألوان عصمتي ظهير لهم جميعا ، وكأنهم أنفسهم أجزاء منى .
- فانتبهوا جيدا ، إن لابسي الخرقة الذين يخصونني ، هم مئات الألوف “ عددا “ لكنهم وجود واحد .
85 - وإلا متي يتأتي لموسي بقطعة من الخشب ذات الفضل أن يجعل عالي فرعون سافله ؟ .
- وإلا متي كان يتأتى لنوح أن يجعل الشرق والغرب غريقا في طرفانه بلعنة واحدة ؟
- ولما اقتلع دعاء من لوط العظيم ، مدينة بأكملها من المحرومين ( من رحمه الله ) ؟ !
- فصارت مدينتهم التي تشبه الفردوس نهرا من الماء الأسود ، فأذهب وانظر إلي الآثار .
- هذه الآثار وهذه الدلائل ناحية الشام ، تراها وأنت مار في الطريق إلي القدس .
90 - ومئات الآلاف من الأنبياء عبدة الحق كانوا في حد ذاتهم عقوبة في كل قرن .
“ 34 “
- ولو تحدثت عنهم لطال هذا البيان ، فأي شيء يكون الكبد “ الذي يتحمل “ والجبال تصير دما .
- تصير الجبال دما وتتجمد ، وأنت لا تري تحولها إلي دم عمي ونكرانا .
- فما أعجبه من أعمي بعيد النظر حاد البصر ، لكنه لا يري من الجمل سوي الوبر .
- والإنسي يري كل الأمور شعرة بشعرة محض الحرص ، لكنه يرقص بلا هدف كأنه الدب “ 1 “ .
95 - فارقص حيثما تحطم نفسك “ التي بين جنبيك “ ، وتنفض القطن عن جرح الشهوة .
- إنهم يرقصون ويجولون في الميدان ، لكن الرجال يرقصون في دماء ذواتهم .
- وعندما يتخلصون من سيطرة ذواتهم عليهم يصفقون ، وعندما يبرءون من نقائص “ النفس “ يرقصون .
- ومطربوهم من الداخل ينقرون علي الدفوف، وترغي البحار وتزيد وجداً معهم “2”.
- إنك لا تري “ هذا “ لكن إنصاتا لهم ، حتى الأوراق علي الأغصان تقوم بالتصفيق .
100 - إنك لا تري تصفيق الأوراق ، إذ يلزمك أذن القلب لا إذن البدن هذه .
- فسد أذنيك اللتين في رأسك عن الهزل والباطل ، حتى تبصر مدينة الروح ذات ضياء “ 3 “ .
- وإن أذن “ محمد “ لتجذب السر ( مما وراء ) الكلام ، ومن أجل هذا يقول الحق في القرآن “ هو أذن “ .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 136 : والانسان يرى الأمور شعره بشعره من من حرصه ، ورقصه خال من الخير ملىء بالشر .
( 2 ) ج / 6 - 136 : وأنك لا ترى الأوراق مع الأغصان راقصة من تحريك الصبا .
( 3 ) ج / 6 - 136 : - هيا وسد فمك عن الهزل يا عماه ، ولا تتحدث إلا عن وجهه .
“ 35 “
- فهذا النبي كله أذن وعين ، هو حاضنة لنا متهللة الوجه ونحن الصبيان .
- وهذا الكلام لا نهاية له ، فسق ثانية إلي أهل الفيل وعودا علي بدء .
بقية قصة المعتدين على جراء الفيلة
105 - إن الفيل يشم كل فم ، ويحوم حول معدة كل إنسان .
- وما إن يجد رائحة شواء وليده في مكان ما ، حتى يبدي انتقامه وقوته .
- إنك تأكل لحوم عبيد الله وتغتابهم ، لا بد أن تنال الجزاء .
- فحذار إن الذي يشم رائحة أفواهكم هو الخالق ، فمن الذي ينجو بروحه إلا من هو صادق ؟
- وويلاه لذلك المخدوع الذي يكون من يشم رائحته في القبر منكر ونكير .
110 - فلا قدرة علي إخفاء الفم عن هذين العظيمين ، ولا إمكان أيضا علي تغيير رائحة الفم بأي معالجين .
- فلا عطاء هناك للمداهنة والرياء ، وليس للعقل والفهم من طريق إلي الحيلة .
- فكثيرا ما تسقط ضربات مقامعهم علي رأس كل عابث مهذار وعلي دبره .
- فانظر إلي اثار مقامع عزرائيل ، وإن لم تر خشبا أو حديدا مصهورا .
- بل إنه يظهر بصورته في بعض الأحيان ، ومن هنا فإن المريض يكون علي وعي به .
115 - ويقول هذا المريض : أيها الأصدقاء ما هذا السيف الذي يعمل فوق مفرقي ؟ “ 1 “ .
- ونحن لا نري فتقول : ربما يكون خيالا ، أي خيال هذا ؟ إنه ارتحال .
- أي خيال هذا فإن هذا الفلك المتقلب ، صار مرتعدا الآن رعبا من هذا الخيال .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 153 : - وعندما لا يرى أحد من رفاقه يجيبون قائلين : يا عماه ! !
“ 36 “
- لقد صارت المقامع والسيوف محسوسة أمام المريض فنكست رأسه .
- إنه يري أن هذا “ الأمر “ من أجله هو ، وانغلقت عين العدو عن هذا وعين الصديق .
120 - لقد ذهب عنه حرص الدنيا وقوي بصره ، واستضاءت عيناه فقد أن أوان سفك الدم .
- وصارت عينه طائرا مغردا في غير أوان نتيجة لكبريائه وغضبه .
- ومن الواجب إذن قطع رأس ذلك الطائر الذي يؤذن في غير أوان .
- وفي كل لحظة يكون النزع لجزء من روحك ، فانظر إلي نزع روح إيمانك .
- وعمرك شبيه بكيسة الذهب ، والليل والنهار شبيهان بمن يعد الدنانير .
125 - إنهما يعدان الدنانير وينفقانها بلا توقف ، حتى يخلو الكيس ويحل الخسوف .
- ولو أنك تأخذ من جبل دون أن تحفظ “ ما تأخذه “ في موضع ما ، فإن هذا الجبل يخسر من هذا العطاء .
- إذن فعليك أن تضع عوض كل لحظة في مكانه ، حتى تجد الغرض من قوله تعالي :وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ.
- ولا تكن كثير السعي هكذا في كل الأمور ، لا تسع إلا في أمر يكون في سبيل الدين .
- وإلا فإنك سوف تمضي في النهاية ناقصا ، أعمالك بتراء وخبزك لم ينضح بعد .
130 - وعمارة القبر واللحد لا تكون بالحجارة ولا بالخشب والبرص الكثير .
- بل عليك أن تحفر قبرا لنفسك في الصفاء ، وتقوم بدفن أنيتك في أنيته .
“ 37 “
- تصير ترابا مدفونا في الاهتمام به ، حتى يجد نفسك الإمدادات من نفسه .
- فالمقابر والقباب والشرف ، لا تتأتي كلها من أصحاب المعني .
- وانظر الآن إلي الحي الذي يلبس الديباج ، فهل يوجد ديباج يأخذ بيد الفهم ؟
135 - إن روحه تلك تكون في عذاب بئيس ، وعقرب الغم “ تلدغ “ قلبه الذي هو وعاء للغم .
- وعلي ظاهره من الخارج زينة ونقوش ، لكن أفكاره في الباطن في ألم مقيم .
- أما ذلك الذي تبصره في الخرقة القديمة ، فهو في فكر حلو كسكر النبات وحديثه كالشهد .
عودة إلى حكاية الفيل
- قال الناصح : استمعوا إلي نصيحتي هذه ، حتى لا تمتحن قلوبكم وأرواحكم .
- اقنعوا بالأعشاب وأوراق “ الأشجار “ والهويني في صيد جراء الفيلة .
140 - لقد وضعت عن كاهلي دين النصح ، ومتي كانت عاقبة النصح إلا السعادة ؟
- لقد أتيت فحسب لإبلاغ الرسالة ، حتى أنجيكم من الندم .
- فحذار أن يقطع الطمع طريقكم ، ويقلعكم الجشع في الزاد من جذوركم .
- هكذا قال وتمني لهم الخير ومضي في سبيله ، فاشتد القحط والجوع في طريقهم .
- وفجاة رأوا علي جانب من الطريق ، جرو فيل سمين حديث الميلاد .
“ 38 “
145 - فهجموا عليه كالذئاب الهائجة ، وأتوا عليه ثم غسلوا أيديهم .
- لكن واحدا منهم لم يأكل وقدم إليهم النصح ، فقد كان يتذكر حديث لدرويش .
- ومنعه ذلك للحديث من أكل الشواء ، فإن الإقبال الجديد يهبك عقلا محنكا مجربا .
- ثم سقطوا جميعا نياما بينما بقي ذلك الجوعان كراع في قطيع .
- فرأي فيلا ضخما يقترب منهم ، وبادر الحارس فأسرع إليه .
150 - وأخذ يتشمم فمه ثلاث مرات ، فوجد أن فمه لا يفوح برائحة غير محببة ( إليه ) .
- فطاف حوله عدة مرات ومضي في سبيله ، ولم يؤذه ذلك الفيل الضخم ، المهلول .
- وتشمم فم كل نائم ، وكانت الرائحة تفوح منه .
- إذ كان قد أكل من شواء وليد الفيل ، فمزقه الفيل وقتله علي وجه السرعة .
- وفي برهة من الزمان أخذ يمزق تلك الجماعة فردا فردا دون أن يلقي إلي أحد منها بالا .
155 - أخذ يقذف بكل واحد منهم في الهواء غير عابيء به ، وعندما كان يصل إلي الأرض كان ينشطر شطرين .
- فيا شارب دماء الخلق ارجع عن هذا الطريق ، حتى لا تأتي بك دماؤهم إلي الوطيس .
- فاعلم أن مالهم هو دمهم علي وجه اليقين ، ذلك أنهم يحصلون علي المال بشق الأنفس .
- إن أم وليد الفيل ذاك تشعر بالحقد ، فتقتل أكل وليدها عقابا له .
- وأنت تأكل وليد الفيل يا أكل الرشوة ، فإن خصمك الفيل يوردك موارد الدمار .
“ 39 “
160 - إن الرائحة قد فضحت ذلك الذي يفكر في المكر ، والفيل يعرف رائحة وليده .
- وذلك الذي يشم رائحة الحق من اليمن ، كيف لا يشم رائحة الباطل مني ؟
- وكيف شم المصطفى الرائحة من الطريق البعيد ولا يشم رائحة البخر من أفواهنا ؟
- إنه يشمها لكنه يستر علينا ، والرائحة الطيبة والسيئة كلتاهما تصعدان إلي السماء .
- إنك تنام لكن رائحة ذلك الحرام تفوح فوق السماوات الزرقاء .
165 - إنما تصاحب أنفاسك السيئة حتى تمضى إلي أولئك الذين يشمون الرائحة فوق الفلك .
- ورائحة الكبر ورائحة الحرص ورائحة الطمع ، تفوح عن الحديث كأنها البصل .
- وحتى إذا أقسمت قائلا : متي أكلت هذا “ البصل “ ؟ لقد تجنبت البصل والثوم .
- فإن هذا القسم نفسه ينم عليك ، ويفوح أمام أنوف جلسائك .
- ومن هنا لا يستجاب الدعاء من رائحته ، ويبدو خبث القلب على اللسان .
170 - ويستجاب الدعاء منه بكلمة “ اخسئوا “ ، وتكون عصا الطرد جوابا لكل خبيث .
- وإذا كان حديثك معوجا وكان معناه صادقا ، فإن اعوجاج اللفظ يكون مقبولا عند الله “ 1 “ .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 1172 : وإن كان المعنى معوجا واللفظ حسنا ، فاعلم أن ذلك المعنى لا يساوى ربع دائق .
“ 40 “
“ بيان أن خطأ المحبين يكون أفضل عند المحبوب
من فصاحة الغرباء “
- كان بلال الصدق ذاك عند الأذان ، ينطق كلمة “ حي “ “ هي “ مخبتا .
- فقالوا : “ أيها الرسول : ليس هذا الخطأ من المستحسن الآن ونحن في أول البناء .
- يا نبي الله ويا رسول الخالق ، ائت لنا بمؤذن أكثر فصاحة .
175 - فمن العيب في أول الدين والصلاح ، أن ينطق لفظ “ حي علي الفلاح “ “ لحنا “ .
- فغضب الرسول غضبا شديدا ، وقال رمزا أو رمزين من العنايات الخفية .
- أيها الأخساء إن “ هي “ بلال عند الله ، أفضل من مائة “ حي “ و “ خى “ وتفاصح منكم .
- لا تعكروا صفوي وإلا أفشيت أسراركم “ وحدثتكم “ عن مبدئكم ومنتهاكم .
- وإذا لم يكن لديك نفس حسن في الدعاء ، فإذهب وداوم علي طلب الدعاء من إخوان الصفاء .
“ أمر الحق لموسى : ادعني بفم لم تذنب به “
“ 1 “
180 - قال : يا موسي الجأ إلي داعيا بفم لم تذنب به .
- قال موسي : أنني لا أملك هذا الفم قال : ادعني بأفواه الآخرين .
- فمتي تكون قد أذنبت بأفواه الآخرين ، تضرع بألسنة الآخرين قائلا :
يا الله .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 199 : من أجل هذا قال الله لموسى عليه السلام ، وقت حاجة القلب في الدعاء به .
“ 41 “
- وهكذا فافعل حتى تدعو لك الأفواه في الليل والنهار .
- “ ليكن ذلك إذن “ من الفم الذي لم ترتكب به ذنبا ، واعتذر بذلك اللسان الذي هو لسان الغير .
185 - وإلا فطهر فمك ، وانض عن روحك أثقالها .
- فذكر الحق طاهر وعندما يحل الطاهر ، يجمع الدنس حوائجه وينصرف خارجا .
- فإن الأضداد تفر من الأضداد ، ويفر الليل عندما يبزغ الضياء .
- وعندما يحل الاسم الطاهر في الأفواه ، لا الدنس يبقي ولا الذنوب .
“ بيان أن قول المتضرع يا الله هو عين قول الحق لبيك “
- كان أحدهم يهتف يا الله ذات ليلة ، حتى يحلى شفتيه بذكره .
190 - فقال له الشيطان : أخر الأمر أيها الثرثار . . أين ( لبيك ) لكل هذا التضرع بيا الله “ 1 “ .
- إنه لا يتأتي جواب من أمام العرش ، وأنت لا زلت تكرر يا الله ، يا الله بوجه ملحاح ؟ .
- فانكسر قلبه وطأطأ رأسه ، فرأي في منامه الخضر يتمشي في الخضرة .
- فقال له : “ انتبه ! ! كيف انصرفت عن الذكر ، وكيف ندمت علي دعائك ؟ “ .
- فقال : لا يأتي جواب بلبيكم ، ومن هنا أخاف أن أكون مردودا عن الباب “ 2 “ .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 203 : لقد قلت الله كثيرا من العتو أين لبيك لنداء واحد منك .
( 2 ) ج / 6 - 203 : قال له : لقد قال لي الله ، اذهب إليه وقل ، أيها الممتحن .
“ 42 “
195 - قال : “ إن الله “ منك هي نفسها “ لبيك “ منا ، وتضرعك وألمك وحرقتك هي الرسول إلينا “ 1 “ .
- وإن جهدك وسعيك جذب لنا ، وهما “ في الوقت نفسه “ فك لقدميك .
- وليست روح الجاهل إلا بعيدة عن هذا الدعاء فليس عنده الإذن بأن يقول : “ يا رب “ .
- وعلي فمه وفوق قلبه قفل وقيد ، حتى لا يشكو أمام الله عندما يحل به أذي .
200 - لقد وهب فرعون مئات من الأملاك والأموال ، بحيث ادعي العز والجلال .
- لكنه لم يشك طوال حياته صداعا ، حتى لا يتضرع أمام الله ذلك السييء الأصل .
- لقد أعطاه تلك الدنيا بأسرها ، ولم يهبه الحق الألم والتعب والهموم .
- فالألم أفضل من ملك الدنيا ، وذلك حتى تدعو الله في السر .
- ودعاء الله بلا ألم من موت القلب ، ودعاؤه بألم من عبودية القلب .
205 - وإن وضع الهمس تحت اللسان ، هو تعريف للمبدأ والبداية .
- وهكذا صار الصوت صافيا وحزينا ، عندما يقول : يا اللّه ويا مستغاث ويا معين .
- وأنين القلب في طريقة ليس خاليا من الجذبة ، وذلك أن كل راغب أسير لمانع .
- مثل كلب أهل الكهف الذي تخلص من الجيفة ، فجلس في صدر موائد الملوك .
- وحتى القيامة يشرب أمام الغار ، ماء الرحمة كالصوفية بلا كأس .
210 - وما أكثر من يرتدون جلود الكلاب ولا أسماء لهم ، لكنهم وراء الحجاب لم يحرموا من تلك الكأس .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 203 : وألست أنا الذي أدخلتك في هذا الامر ، وألست أنا الذي جعلتك مشغولا بالذكر .
“ 43 “
- فضح بروحك من أجل تلك الكأس يا بني ، فمتي يكون ظفر بلا جهاد .
- أو اصبر ولا حرج في الصبر من أجل هذا ، فاصبر فإن الصبر مفتاح الفرج .
- وبلا صبر وحزم لم ينج أحد من هذا الكمين ، فالصبر هو يد الحزم وقدمه .
- كن حازما عن الطعام فهو نبات مسموم ، والحزم هو قوة الأنبياء ونورهم .
215 - ويكون قشة ذلك الذي يقفز عند كل ريح ، ومتي يعطي الجبل للرياح وزنا ؟
- وفي كل ناحية هناك غول يناديك قائلا : “ يا أخ تريد طريقا . . هيا تعال “ .
- “ إنني أدلك علي الطريق وأكون لك رفيقا ، فأنا المرشد في هذا الطريق الدقيق “ .
- ولا هو بالمرشد ولا هو بالذي يعرف الطريق ، فيا يوسف قلل الذهاب نحو من فيه طبيعة الذئب ذاك .
- والحزم هو ألا يخدعنك دسم هذه الدار ولا عسلها ولا فخاخها .
220 - فلا دسم لديها ولا عسل عندها ، إنها تتلو سحرا وتنفثه في أذنيه .
- قائلة : “ تعالي يا ضيفنا يا أيها النور ، الدار دارك وأنت لنا “ .
- والحزم هو أن تقول “ إنني متخم . . أو إنني ملول سقيم في هذا القبر “ :
- أو قل “ إن رأسي تؤلمني فعالج صداعي ، أو : لقد دعاني من قبل ابن الخال “ .
- ذلك أنها تعطيك جرعة من العسل مع كثير من الوخز ، وعسلها يغرس فيك الجراح .
“ 44 “
225 - وعندما تعطيك الذهب سواء أعطتك خمسين أو ستين ، فإنها تضع لك اللحم في الشص أيتها السمكة .
- وإذا أعطت ، فأي شيء تعطيه لك كثيرة الاحتيال هذي ، إن قول الخبيث جوز متعفن .
- وصوت كسر ( ذلك الجوز المتعفن ) يسلب لبك ، ولا يعتبر مئات الآلاف من العقول “ في قيمة “ عقل واحد .
- إن صديقك هو عيبتك وكيسك ، فإن كنت “ رامين “ فلا تبحث إلا عن “ ويس “ الخاص بك .
- و “ ويس “ المعشوق الخاص بك هو ذاتك ، وكل ما هو خارجك فهو افات لك .
230 - إن الحزم أنهم عندما يدعونك هو ألا تقول : “ إنهم مفتونون بي عاشقون لي “ .
- واعلم أن دعوتهم هي بمثابة الصفير للطائر ، يقوم به الصياد وهو مترصد في مكمنه .
- يضع أمامه طائرا ميتا علي أنه هو الذي يغرد ، ويطلق هذا الصوت والحنين .
- فيظن الطائر أنه من جنسه ، فيتجمع حوله فيقوم الصياد بسلخ جلده .
- هذا فيما عدا الطائر الذي وهبه الله الحزم ، بحيث لا ينخدع بهذا الحب والملق .
235 - وعدم الحزم هو الندم يقينا ، واستمع إلي هذه الحكاية في شرح هذا المعني “ 1 “ .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 205 : - ذلك أن عدم الحزم يفضى إلى الشقاء ، يفقد الإنسان الدين ويصيبه بالصداع
- واستمع إلى هذه الحكاية في شرح هذا ، حتى تصبح حازما من أجل حفظ الدين .
“ 45 “
“ خداع الريفي للحضرى ودعوته له بضراعة وإلحاح شديدين “
- فيما مضى ، كان هناك يا أخي حضرى قد تعرف علي ريفى .
- وعندما كان الريفي يأتي إلي المدينة ، كان يحط رحاله في الحي الذي يسكن فيه ذلك الحضري .
- كان ينزل عليه ضيفا شهرين وثلاثة شهور ، كان ملازما لمتجره ولمائدته .
- وكلما كانت تعن له حاجة في ذلك الزمان ، كان الحضري يقضيها له بالمجان .
240 - فالتفت إلي الحضري وقال : “ أيها السيد ، ألن تأتي إلي القرية أبدا متنزها ؟
- بالله ، هلا أتيت بكل أبنائك في هذا الوقت الذي تكون فيه الرياض في بداية الربيع .
- أو تعال في الصيف أوان الثمر ، حتى أعقد الحزام في خدمتك .
- أقبل بخيلك وولدك وأهلك ، وامكث في قريتنا ثلاثة شهور أو أربعة .
- ففي أوقات الربيع تكون القرية جميلة ، والمزارع وزهور الشقائق تشرح الصدر .
245 - وكان الحضري يعده تهدئة لحاله ، حتى مر علي الوعد ثماني سنين .
- كان كل عام يقول له : “ متى تتحرك فإن الشتاء “ 1 “ قد حل “ ؟ .
- فكان الحضري يتعلل قائلا : “ هذا العام سوف يأتينا ضيف من مكان كذا “ .
- وفي العام المقبل إذا فرغنا مما يهمنا ، فسوف نسرع إلي ذلك المكان “ .
- قال “ القروي “ : إن أهلي في انتظار أبنائك يا أهل البر “ “ 2 “ .
250 - ثم يعود في كل عام كطائر اللقلق لكي يقيم في قبة “ مسجد “ المدينة .
..............................................................
( 1 ) حرفيا شهر ديماه وهو من الشهور الإيرانيه ويوافق ديسمبر ويناير .
( 2 ) ج / 6 - 231 : ثم كان يعود إليه في كل عام طامعا ، ويضرب خيمتة في منزل الحضري .
“ 46 “
- وكان السيد في كل عام ينفق عليه من ذهبه ومن ماله ويبسط عليه جناحيه .
- وفي المرة الأخيرة مدله هذا الجواد الموائد لثلاثة شهور في الإصباح والإمساء .
- ومن الخجل كرر “ الريفي القول للسيد “ حتام الوعد ؟ وحتام التعلل ؟ .
- فقال السيد : إن جسدي وروحي طالبان للوصل ، لكن كل حركة في حكمه سبحانه وتعالي .
255 - والإنسان كأنه السفينة والشراع ، والرياح توجه الشراع حيثما تشاء .
- ثم أقسم عليه ثانية قائلا : أيها الكريم هات ابناءك وتعال ، فانظر النعيم .
- فأخذ بيديه ثلاث مرات معاهدا وقائلا : ناشدتك الله أن تسعي وتأتي سريعا “ 1 “ .
- وعلى هذا المنوال مرت عشر سنوات ، وكل سنة “ تتكرر “ مثل هذه التضرعات والوعود الحلوة .
- فقال أبناء السيد له : يا أبانا إن القمر والسحاب والظلال تسافر أيضا .
260 - لقد أثبت عليك الحقوق ، وتحملت أنت كثيرا من المشاق في سبيل أعماله .
- وهو يريد أن يؤدي بعض حقوقك عليه عندما تنزل عليه ضيفا .
- وكم أوصانا هو في الخفاء قائلا : “ اجذبوه إلي القرية بإلحاحكم “ .
- فأجاب : “ كل هذا حق لكن يا من أنت في فصاحة سيبويه اتق شر من أحسنت إليه “ .
- إن الصداقة هي بذرة النفس الأخير ، وأخشي ما أخشاه عليها الفساد .
..................................................................
( 1 ) . . .
“ 47 “
265 - فهناك صحبة كأنها السيف البتار ، وكأنها زمهرير “ 1 “ الشتاء في البساتين والحقول .
- وهناك صحبة كأنها فصل الربيع ، منها العمران والدخل الذي لا يحصى ولا يعد .
- والحزم هو سوء الظن ، حتى تفر وتنجو من السوء .
- الحزم هو سوء الظن ، هكذا قال الرسول ، فاعتبر كل خطوة فخا أيها الفضولي .
- ووجه الصحراء ممهد وواسع ، وكل قدم فيها فخ فقلل الانطلاق بتهور .
270 - وذلك الماعز الجبلي يسرع قائلا : أين الفخ ؟ وعندما يجري يأخذ الشراك بحلقه .
- هذا هو ما كنت تتساءل عن مكانه فانظر إليه ، كنت تري الصحراء ولا تري الكمين .
- وبلا كمين أو شبكة أو صياد أيها العيار ، متي يكون الدسم موضوعا وسط المزرعة ؟
- وأولئك الذين ساروا علي الأرض مرحا انظر إلي عظامهم وجماجمهم .
- وعندما تمضى إلي الجبانة أيها المرتضي ، اسأل عظامهم عما مضى .
275 - حتى تري رأي العين كيف سقط هؤلاء السكاري العميان في بئر الغرور .
- فإذا كانت لك عين لا تمش كالعميان ، وإذا لم تكن لك “ عين “ فامسك بيدك عصا .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : شهر ديماه .
“ 48 “
- وهذه العصا هي الحزم والاستدلال ، اجعلها لك دليلا علي الدوام إن لم تكن مبصرا .
- وإذا لم تكن عصا الحزم والاستدلال ، لا تقف علي مفترق كل طريق بلا صاحب عصا .
- وأخط كما يخطو الأعمي ، حتى تخلص قدميك من الكلب ومن البئر .
280 - إنه يسير مرتعشا بخوف وبحذر حتى لا يتخبط .
- يا من فررت من دخان فسقطت في نار ، وبحثت عن لقمة فصرت فريسة لحية .
قصة أهل سبأ وكفرانهم النعمة
- إنك لم تقرأ قصة سبأ ، أو أنك قرأتها ولم تدرك منها إلا ظاهرها .
- إن ذلك الجبل لا علم له بالصوت ذاته ، فلا طريق للب الجبل إلي المعني .
- إنه يردد الصوت بلا أذن ولا عقل ، وعندما تصمت يصمت هو أيضا .
285 - لقد وهب الله أهل سبأ كثيرا من الرفاهية ، مئات الآلاف من القصور والإيوانات والبساتين .
- لكن هؤلاء الأشرار لم يؤدوا حق شكرها ، وكانوا في الوفاء أقل من الكلاب .
- فالكلب عندما تصله لقمة خبز من باب ما ، يلزم خدمة هذا الباب “ 1 “ .
- يصبح حارسا علي الباب وخفيرا ، مهما جري عليه من جور وشدة .
- يصير ذلك الباب مقره ومستقره ، ويري اختيار غيره من قبيل الكفر .
290 - وإذا أتي كلب غريب في ليل أو نهار ، فإن تلك الكلاب تأدبه في التو واللحظة .
- قائلة : اذهب إلي ذلك المكان الذي هو منزلك الأول ، فهي مقيمة بقلوبها علي حق تلك النعمة .
..............................................................
( 1 ) . . .
“ 49 “
- إنها تعضه قائلة : اذهب إلي مكانك ، وكفاك نكرانا لحق تلك النعمة .
- وطالما شربت أنت ، من باب القلوب وأهل القلوب ، ماء الحياة وتفتحت عيناك .
- وكثيرا ما تناولت غذاء السكر والوحد والانسلاخ عن الذات من باب أهل القلوب .
295 - ثم تركت هذا الباب من الحرص ، وأخذت تطوف أمام دكان كدب “ اللاعب بالدب “ .
- وعلى أبواب أولئك المنعمين المترفين ، تسرع من أجل الثريد الذي لا قيمة له .
- فاعتبر المكان الذي تربي فيه الروح هو “ موضع “ الدسم ومن الخير هنا أمر القانط .
“ تجمع أصحاب العاهات كل صباح علي باب صومعة
عيسى عليه السلام هادفين طلب الشفاء بدعائه “
- إن صومعة عيسى هي مائدة أهل القلوب ، فانتبه أيها المبتلي ولا تترك هذا الباب .
- كان الخلق يجتمعون من كل صوب ، من ضرير وأعرج ومشلول وفقير .
300 - كانوا يجتمعون علي باب صومعة عيسى كل صباح ، حتى يخلصهم بأنفاسهم من الجُناح .
- عندما كان يفرغ من أوراده ، كان يخرج في الضحى إليهم ذلك الطيب المذهب .
- فكان يري جماعة من المبتلين المساكين ، قد جلسوا علي بابه في رجاء وانتظار .
“ 50 “
- فيقول : يا أصحاب الآفة ، إن حاجتكم جميعا مقضية من الله سبحانه وتعالي .
- هيا سيروا بلا ألم وعناء ، إلي غفران الله وإكرامه .
305 - وجميعهم كالإبل التي عقلت قوائمها ، ثم يفك العقال عن رُكَبِها ،
- كانوا يسيرون مسرعين مسرورين نحو منازلهم ، يعدون علي أقدامهم “ ببركة “ دعائه “ 1 “ .
- لقد عانيت أنت أفاتك كثيرا ، وظفرت بالعافية من ملوك الدين هؤلاء .
- وكم صار عرجك إسراعا في السير ، وكم صارت روحك بلا حزن أو أذى .
- فيا أيها المغفل اعقد خيطا علي قدمك ، حتى لا تضل عن نفسك أيضا أيها الغوي .
310 - ذلك أن جحودك ونسيانك ، لا يذكرانك بشربك العسل .
- فلا جرم أن أغلق هذا الطريق أمامك ، عندما تعبت قلوب أصحاب القلوب منك .
- فالحق بهم سريعا واستغفر لذنبك ، وابك نائحا كأنك السحاب .
- حتى تتفتح رياضهم أمامك ، وتتساقط الثمار الناضجة عليك .
- وطف أيضا حول ذلك الباب ، ولتكن أقل من كلب ، إذا كنت قد أصبحت تابعا لكلب لأهل الكهف .
315 - وهذا مثل الكلاب التي تنصح الكلاب الأخري بأن تلزم قلوبها المنزل الأول .
- فذلك الباب الأول الذي أكلت منه العظام ، تمسك به جيدا وابق مؤديا لحقه .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 250 : كانوا جميعا بلا وجع أو ألم أو تعب ، أصحاء مسرورين محترمين ،
- يسرعون إلى بيوتهم ، من النفس الميمون لذلك السلطان .
“ 51 “
- إنها تعضه حتى يذهب أدبا إلي ذلك المكان ، ويصير مفلحا في مقامه الأول .
- تعضه قائلة : أيها الكلب الجحود امض ولا تبغ علي ولي نعمتك .
- وكن ملازما لذلك الباب كأنك حلقته ، وكن حارسا جلدا متحفزا .
320 - ولا تكن صورة لنقض الوفاء عندنا ، ولا تفش الغدر دون داع .
- ولما كان الوفاء شعارا للكلاب ، امض ولا تجلب العار وسوء السمعة للكلاب .
- ولما كان الغدر عارا علي الكلاب ، فكيف تجيز أنت الغدر وتبديه ؟
- لقد فخر الله سبحانه وتعالي بالوفاء فقال : “ من أوفي بعهده من الله “ .
- واعتبر الوفاء للغادر نقضا لوفاء الحق ، ولا يسبق “ حق “ أحد حقوق الحق “ 1 “ .
325 - وقد صار حق الأم في المقام الثاني ، لأن ذلك الكريم يحملها غرم كونك جنينا .
- وصورك داخل جسدها ، وأعطاها السكينة في الحمل والتعود عليه .
- فرأتك كجزء متصل بها ، وجعل تدبيره المتصل منفصلا .
- لقد صنع الحق ألافا من الصنائع والفنون ، حتى شملتك الأم بحنانها .
- ومن هنا فحق الله سابق علي حق الأم ، وكل من لا يعرف ذلك الحق فهو حمار .
330 - فهو الذي خلق الأم والثدي واللبن ، وجعلها قرينة للأب فلا تفترض أن هذا منها هي .
..............................................................
( 1 ) ج / 6 - 251 : وكن نورا مع النور وناراً مع النار وكن وردا في موضع الورد وشوكا في موضع الشوك .
“ 52 “
- فيا إلهي يا قديما إحسانك ، إن ما أعلمه وما لا أعلمه هو لك .
- لقد أمرت بأن أكر الحق ، قائلا : إن حقي لا يصير قديما .
- فاذكر اللطف الذي أبديته ذلك الصباح ، عندما حفظتكم في سفينة نوح .
- وقد أعطيت نطف أجدادكم ذلك الزمان الأمان من الطوفان .
335 - كان ماء ناري الطبع قد أحاط بالأرض ، وكان موجه يختطف قمم الجبال .
- وقد حفظتكم في وجود أجداد أجدادكم ، ولم أطردكم “ عن بابي “ .
- فكيف أضربك علي قدميك عندما صرت رأسا ؟ وكيف أضيع صنعي ؟
- وكيف تصير ضحية للغادرين ، وتمضي من ظنك السييء إلي الوجهة الأخري ؟
- وأنا بريء من السهو ومن الغدر ، ثم تأتى نحوى وأنت تظن في السوء ؟
340 - فاحمل ظن السوء إلي ذلك المكان الذي تتقدم فيه إلى عاجز منحنٍ مثلك .
- وكثيرا ما اتخذت أصدقاء ورفاق سوء ، وإذا سألتك أين هم قلت : لقد تولوا .
- لقد مضى رفيقك الطيب فوق الفلك الأعلي ، وذهب صديق فسقك إلي قاع الأرض .
- أما أنت فقد بقيت بينهما كنار بقيت من قافلة ولا تجد المدد .
- فتشبث بطرف ردائه أيها الصديق الهمام ، فهو منزه عن الفوق والتحت .
345 - فهو ليس مثل عيسى الذي يسمو إلي الفلك ، ولا مثل قارون الذي تميد به الأرض .
.
يتبع