قصة تلك الخريطة للكنز .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
قصة تلك الخريطة للكنز على مدونة عبدالله المسافر باللهحكاية الصوفي والقاضي المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
قصة تلك الخريطة للكنز التي تقول :
قف إلى جوار القبة متجها إلى القبلة وضع سهما في القوس . .
وألقه وحيثما يسقط . . . هناك كنز ! !
1915 - رأى في النوم ذات ليلة وأين منه النوم ، إن الوقائع تظهر بلا نوم للصوفى الصادق .
- " رأى " هاتفا قال له : يا من عانيت التعب ، أطلب رقعة مما يتمرن فيه الوراقون .
- خفية من ذلك الوراق الذي هو جارك ، مد يدك إلى جذاذات أوراقه .
- فهناك رقعة شكلها كذا ولونها كذا ، فاقرأها في خلوة أيها الحزين .
- وعندما تسرقها من الوراق يا بنى ، أخرج من الزحام والضوضاء والضجيج .
1920 - ثم اقرأها أنت في خلوة ، انتبه ، ولا تطلب شريكا في قراءتها ! !
- وإن انتشر أمرها أيضاً لا تحزن ، فلن يجد سواك منه مثقال ذرة .
- وإن استغرق الأمر طويلا ، انتبه ، وحذار ، " من اليأس " واجعل وردك لحظة بعد لحظة " لا تقنطوا " ! !
- قال هذا " الكلام " ووضع ذلك البشير يده على قلبه قائلا له " امض وجاهد " .
..............................................................
( 1 ) ج : 13 / 605 :
- وإذا كنت ميالا للغزو البس الدرع ، وإن كنت ميالا للأبنة فاعرض مؤخرتك .
« 184 »
- وعندما عاد إلى وعيه من غيبته ذلك الشاب ، كانت الدنيا لا تسعه من الفرح .
1925 - كانت مرارته تكاد تتمزق من القلق ، لو لم يكن هناك رفق الحق به وحفظه ولطفه ! !
- كان فرحه إنه من وراء ستمائة حجاب ، سمعت أذنه من الحضرة الجواب .
- « 1 » وعندما اخترق حس سمعه الحجب ، صار رافع الرأس ، وجاوز الفلك .
- فلعل حس بصره اعتبارا على هذا الأمر ، يكون له نفاذُ من حجب الغيب .
- وعندما تصبح حواسه نافذة من الحجاب ، تحدث له الرؤية والخطاب بشكل مستمر .
1930 - « 2 » وجاء صوب دكان الوراق ، وأخذ يبحث في أوراق تدريبه من ناحية إلى أخرى .
- ووضعت عينه سريعا على ذلك المكتوب ذي العلامات التي كان الهاتف قد وصفها له .
- فأخفاه تحت إبطه ، وقال " سعدت أيها السيد " سوف أعود بعد لحظة أيها الأستاذ .
- ومضى إلى ركن خال ، وقرأها ، ومن الحيرة بقي مندهشا والها .
..............................................................
( 1 ) ج : 13 : 618 :
- كان فرحه أنه قد تخلص من السؤال ، وسوف يحصل على ذلك الكنز الخاص .
( 2 ) ج : ص 13 : 618 :
- وعندما اختفى الزنجي الأسود من الورى ، والقت الشمس بسيفها وظهرت المخلوقات .
- فرح فرحة أن دعاءه لم يرد ، وأنه قد أستجيب لدعائه في النهاية .
« 185 »
- متسائلًا : كيف أن خريطة كنز لا تقدر بثمن ، قد سقطت هكذا بين نماذج " الوراق " ؟!
1935 - ثم قفزت تلك الفكرة إلى خاطره ، إن الله تعالى حافظ لكل شئ .
- وكيف يترك الحافظ لكل شئ في كنفه أن يأخذ أحد شيئاً ما اعتباطاً !!
- فإذا كانت الصحراء ممتلئة بالذهب والنقود ، لا يمكن لاحد أن يختطف حبة منها دون رضا الحق .
- وإذا قرأت مائة صفحة دون توقف ، فإن نكتة واحدة لا تبقى - دون قدر - في ذاكرتك .
- وإن قمت بالخدمة دون أن تقرأ أي كتاب ، فإنك تجد في حوزتك العلوم النادرة .
1940 - لقد صارت كف موسى مشعة بالضوء من جيبه ، بحيث فاقت في ضوئها قمر السماء .
- أي أن ذلك الذي كنت تبحث عنه من الفلك المهول ، قد أطل برأسه يا موسى من جيبك !!
- حتى تعلم أن السماوات السامية ، هي انعكاسات لمدركات الإنسان .
- أليست يد الله المجيد هي التي خلقت العقل قبل أن " يخلق " العالمان ؟!
- إن هذا الكلام واضح لكنه شديد الخفاء ، فلا تكون الذبابة مأذونة للعنقاء !
1945 - وعد ثانية إلى القصة يا بنى ، وواصل حكاية الكنز والفقير .
بقية قصة ذلك الفقير وعلامة مكان ذلك الكنز
- كان مكتوبا في تلك الرقعة ، اعلم أنه في خارج المدينة يوجد كنز مدفون .
« 186 »
- وهناك قبة كذا ويوجد فيها مزار ، ظهره إلى المدينة وبابه إلى الخلاء .
- فاجعل ظهرك إليه ووجهك إلى القبلة ، ثم أطلق سهما من القوس .
- وعندما يسقط السهم من القوس أيها المسعود ، إحفر في ذلك الموضع الذي سقط فيه السهم .
1950 - فأحضر الفتى قوسا قويا ، وأطلق السهم في قلب الفضاء .
- وجاء بطبر وفأس سريعاً وهو في غاية السرور، وحفر ذلك الموضع الذي سقط فيه السهم.
- وخارت قواه وفل الطبر والفأس ، لكنه لم ير أثرا للكنز المختفى .
- وهكذا أخذ كل يوم يطلق سهما ، لكنه لم يكتشف مكان الكنز .
- وما دوام على هذا العمل ، انتشر اللغط في المدينة وبين العوام .
شيوع خبر هذا الكنز وبلوغه سمع الملك
1955 - « 1 » ثم أخبروا السلطان بهذا الأمر ، تلك الجماعة التي كانت تراقب في السر .
- وعرض الأتباع هذا القول ، " وأسروا إليه " أن غلاما وجد خريطة كنز .
- وعندما سمع ذلك الشخص أن الأمر وصل إلى الملك ، لم يجد بدا من التسليم والرضا .
..............................................................
( 1 ) ج : 13 / 627 :
- وتحدث بهذا الأمر كل إنسان ، فمثل هذه اللعبة لا تبقى في الخفاء .
- وكل شخص يتحدث عن فساد ما ، ومن كل الأطراف نهض حاسد
« 187 »
- وقبل أن يتعرض للعذاب من ذلك الملك ، وضع ذلك الشخص الخريطة أمامه .
- وقال : منذ أن وجدت هذه الرقعة ، عانيت مشقة لا حد لها ولا كنز هناك .
1960 - ولم تظهر حبة واحدة من الكنز ، لكني تلويت كثيرا وكأني ثعبان .
- ولمدة شهر وأنا هكذا خائب المسعى ، بحيث حرم على نفعه وضره ! !
- فربما يكشف إقبالك الغطاء عن هذا المنجم ، أيها الملك المظفر في الوغى والفاتح للقلاع .
- ولمدة ستة شهور أو يزيد ، أخذ الملك يطلق السهام ويحفر الآبار .
- وحيثما كان قوس قوى وضع فيه السهم سريعا وأطلقه وبحث عن الكنز في كل موضع .
1965 - ولم يكن هناك غير الجلبة والحزن والانشغال ، كان الأمر كأمر العنقاء ، الاسم مشهور ، ولا ذات هناك ! !
يأس ذلك الملك من العثور على الكنز وملله من طلبه
- وعندما تأخر الأمر طولا وعرضا ، باخ حماس الملك بالنسبة لذلك الكنز ومل الأمر .
- لقد حفر ذلك الملك الصحارى آبارا ذراعا بذراع ، ثم القى إليه بالرقعة غاضباً « 1 » .
- وقال له : خذ هذه الرقعة فلا آثار لها ، وأنت أولى بها إذ لا عمل لها .
- وليس هذا بعمل من لديه عمل ، أن يحرق الورد ويمضى في أثر الشوك .
..............................................................
( 1 ) ج : 13 / 627 :
- لقد حفر ذلك الملك الصحارى آبارا ذراعا بذراع ، ولم يجد من الكنز إلا السخرية .
- ثم طلب ذلك الفقير المتألم ، وألقى إليه بالرقعة غاضبا .
« 188 »
- وهذا أمر نادر الحدوث . . . وأهل هذه الماليخوليا ينتظرون أن ينبت من الحديد نبات .
- وينبغي لهذا الأمر إنسان مصطبر مثلك ، ولك أنت مثل هذه الروح الثقيلة ، فابحث عن هذا " الكنز " .
- وإن لم تجده ، فلا حزن يحيق بك ، وإن وجدته فقد وهبته لك حلالا .
- فمتى يمضى العقل في طريق اليأس؟ ينبغي عشق، حتى يسرع إلى تلك الناحية على رأسه.
- فاللامبالاة للعشق وليست للعقل ، إن العقل يبحث عما يستفيد منه .
1975 - إنه مهاجم كالتركى ومذيب للجسد ولا يرعوى وهو في البلاء كحجر تحت طاحونة.
- إنه جرىء صفيق الوجه لا ظهر له قط ، وقد قتل الانتفاع داخل نفسه .
- وهو يقامر بطهر ولا يكون باحثا عن الأجر ، ذلك أنه يأخذ بطهر منه هو ؛ .
- فإن الحق يعطيه الوجود بلا علة ، فإنه يرد عليه بلا علة وهذه هي الفتوة ! !
- فالفتوة هي العطاء بلا علة ، واللعب بطهر خارج كل ملة .
1980 - ذلك أن الملة تبحث عن الفضل أو الخلاص ، واللاعبون بطهر ضحايا مخصوصون .
- فلا هم بالذين يمتحنون ربهم ، ولا هم يقرعون أبواب النفع والخسارة .
رد الملك خريطة الكنز للفقير قائلا : خذها لقد انصرفنا عن هذا الأمر
- عندما سلم الملك خريطة الكنز المليئة بالفتنة لذلك المكروب .
- صار آمنا من الخصوم ومن لزمهم ، فمضى وهو يطوى رغبته العارمة .
« 189 »
- وصادق هو العشق الذي يفكر في الألم ، ذلك أن الكلب يلعق جراح نفسه .
1985 - وليس للعشق في التفافه رفيق ، وليس في القرية من هو مسموح له به .
- وليس هناك من هو أكثر جنونا من العاشق ، والعقل من رغبته فيه أعمى وأصم .
- ذلك أن هذه الأمر ليس جنونا عاما ، وليس للطب إرشاد إلى هذه الأحكام .
- فلو أن طبيبا أصيب بهذا النوع من الجنون ، لمحا كتب الطب بالدم .
- فطب جملة العقول من نقشه ، ووجود كل الحسان قناع لوجهه .
1990 - فاتجه إلى نفسك يا متمذهبا بالعشق ، فليس لك من قريب أيها المفتون سوى نفسك .
- لقد جعل " ذلك الفقير " من القلب قبة ثم أخذ في الدعاء ، إذ ليس للإنسان إلا ما سعى .
- ذلك أنه قبل أن يستمع إلى جواب ، كان قد عكف سنوات على الدعاء .
- كان يعكف على الدعاء بلا إجابة ، وكان يسمع خفية لبيك من الكرم .
- وعندما كان يرقص بلا دف ذلك العليل ، اعتمادا على جود الخلاق الجليل .
1995 - ولم يتجه إليه هاتف أو رسول ، لكن أذن رجائه كانت مليئة بقول لبيك .
- كان رجاؤه يقول له بلا لسان : تعال ، وكانت تلك الدعوة تطرد من قلبه الملال .
- وتلك الحمامة التي ألفت سطح " منزلك " ، لا تدعها ، وازجرها دائما فجناحها مخيط .
- ويا ضياء الحق يا حسام الدين ، ازجرها ، فقد نمت روحها من ملاقاتك .
- وإنك إن زجرت طائر الروح عبثا ، فإنه يطوف أيضاً حول سطح منزلك .
« 190 »
2000 - إن طعامه ونقله دائما فوق سطح منزل ، وهو مرفرف بجناحه على الأوج الثمل لفخك ! !
- وإن أنكرت الروح لحظة أداء شكرك خلسة أيها الفتح والفتوح ؛
- فإن شرطة العشق يعاقبها على الدوام ، ويضع طستا مليئا بالنار على صدرها .
- قائلا لها : تعالى صوب القمر ودعك من التراب ، إن مليك عشقك ليستدعيك فعودى سريعاً .
- وحول هذا السطح وبرج الحمام ، لا زلت أنا أخفق كالحمامة بجناحي كما يفعل الثمل .
2005 - وأنا جبريل العشق وأنت سدرة منتهاى ، وأنا سقيم وأنت لي عيسى بن مريم .
- فاجعل هذا البحر الملىء بالجواهر يغلى ، وسلْ جيدا اليوم عن هذا المريض ! !
- فما دمت قد صرت له ، فالبحر له ، بالرغم من أن هذه اللحظة هي أو ان بحرانه .
- فهذا الأنين في حد ذاته هو الذي أظهر ما هو خفى ، فالأمان . . . يا رب .
- إن لنا كالناى فمين فصيحين ، وهناك فم آخر مختف في شفيته .
2010 - ففمٌ يجأر باشكوى تجاهك ، ألقى بصيحات وجده في الهواء .
- لكن كل من عنده نظر يعلم أن الصراخ وإن كان من هذه الناحية هو أيضاً من تلك الناحية .
- وإن أنين هذا الناى هو أيضاً من أنفاسه ، وضجيج الروح من ضجته .
- وإن لم يكن للناى سمر مع شفتيه ، لما ملأ الناى بوص الدنيا بالسكر .
« 191 »
- ترى مع من نمت وعلى أي جنب قمت ؟ ! فأنت ملىء بالجيشان به هكذا كالبحر ؟ !
2015 - أو أنك قرأت " أبيت عند ربى " فسقت النار في قلب البحر .
- ونداء " يا نار كونى برداً " صار عصمة لروحك أيها المقتدى .
- فيا ضياء الحق يا حسام الدين والقلب متى يمكن دهان الشمس بالطين ؟ !
- فقد قصدت هذه القطع من الطين إخفاء شمسك .
- وفي قلب الجبل ألوان الياقوت دلالة لك ، والبساتين من ضحكها ملأى بك .
2020 - فأين رستم ليكون مسموحا له برجولتك ، حتى أتحدث عن حبة واحدة من بيدرك ؟ !
- وعندما أريد أن اطلق آهة واحدة عن سرك ، أطأطىء برأسى في بئر مثل على ! !
- وما دام للإخوان قلوب حاقدة ، فأولى بيوسفى " أن يظل " في قاع البئر .
- لقد صرت ثملًا ، فلألق بنفسي بين الغوغاء ، وما ذا يكون البئر ؟ لأضرب خيمتى في الخلاء .
- فضع الشراب النارى على كفى ، وانظر آنذاك إلى كر السكارى وفرهم .
2025 - وقل لهذا الفقير أن يظل بلا كنز ، فإننا غارقون هذه اللحظة في عصير " الكرم " .
- وأطلب الملجأ من الله هذه اللحظة أيها الفقير ، ولا تطلب منى أنا الغريق العون .
- فلا اهتمام عندي بهذا الأستاذ ، ولا أنا حتى أذكر شاربي أو لحيتي .
- فمتى تستوعب العنجهية والكرامة في ذلك الشراب الذي لا يسع شعرة واحدة .
« 192 »
- فقدم أيها الساقي رطلا ثقيلا ، وخلص السيد لحظة واحدة من العنجهية والكبرياء .
2030 - إن كبرياءه لا يزال ينتفج علينا ، لكنه " في الواقع " يقتلع لحيته حسدا لنا .
- ألا فليخسأ . . . وليخسأ . . . وليخسأ . . . فإننا ندرك تماما تزويره واحتياله .
- وما يتأتى منه ولو بعد مائة عام ، يراه الشيخ عياناً بحذافيره .
- وما الذي يراه العامي في المرآة ، ولا يراه الشيخ في مدرة خالصة ! !
- وما لا يبصره الملتحى في منزله ، ظاهر بتفصيلاته للأجرد .
2035 - فامض إلى بحر ما فأنت وليد حوته ، فكيف سقطت هكذا في اللحى كأنك القذى ! !
- ولست بالقذى ، لا سمح الله ، إنك تزرى بالجواهر ، وأولى بك أن تكون في البحر وسط الأمواج .
- والبحر هو الوحدانية ، لا زوج فيه ولا شريك ، جوهره وسمكة ليس إلا الموج .
- ومحال ثم محال الإشراك به ، ليكن هذا بعيداً عن ذلك البحر وموجه الطاهر .
- فليس في البحر شرك والتواء ، لكن ما ذا أقول للأحول ؟ ! لا شئ قط .
2040 - وما دمنا نعاشر الحول يا عابد الصنم ، ينبغي أن تتحدث كما يتحدث المشركون .
- إن تلك الأحدية من تلك الجهة وصف وحال ، ولا يأتي إلا الاثنينية إلى ميدان المقال .
- فإما أن تتجرع كالأحول هذه الإثنينية ، أو خط فمك واصمت تماماً .
« 193 »
- أو كل بدوره ، حينما صمت وحينا كلام ، داوم على قرع الطبول كما يفعل الأحول ، والسلام .
- وعندما ترى مأذوناً له تحدث عن سر الروح ، وعندما ترى الورد غرد كالبلابل .
2045 - وعندما ترى القرية مليئة بالمكر والمجاز ، ضم شفتيك واجعل نفسك دنا .
- إنه عدو للماء فلا تتحرك أمامه ، وإلا كسرت حجارة جهله الدن ! !
- واصبر على العقوبات التي ينزلها بك الجاهل ، ودار جيداً بعقل لدني ! !
- والصبر على الخسيس جلاءٌ لمن هم أهل ، والصبر يصفى القلب في كل موضع .
- ونار النمرود كانت لإبراهيم في صقلها كصفاء المرآة .
2050 - وجور كفر قوم نوح وصبر نوح ، صارا لنوح جلاء لمرآة الروح .
حكاية مريد الشيخ أبى الحسن الخرقانى قدس الله سره
- ذهب درويش من مدينة الطالقان ، على صيت أبى الحسن الخرقانى .
- قطع الجبال والأودية الشاسعة ، من أجل رؤية الشيخ ذي الصدق والضراعة .
- وما رآه في الطريق من جهد وعنت بالرغم من أنه جدير بالذكر إلا أنني اختصره .
- وعندما وصل من الطريق إلى مقصده ذلك الشاب ، بحث عن عنوان منزل ذلك السلطان " للعارفين " .
2055 - وعندما قرع حلقة باب داره بكل احترام ، أخرجت امرأة رأسها من " خوخة " الباب .
« 194 »
- قائلة : ما ذا تريد ؟ قل يا ذا الكرم ، قال : جئت قاصداً الزيارة .
- فضحكت المرأة قائلة : مرحى . . . مرحى . . . أنظر إلى هذه اللحية . . . وانظر إلى هذا الشعر . . . وهذه المشقة ! !
- فلعل عملًا لا يشغلك في موطنك ذاك ، حتى عزمت على السفر في سبيل لا شيىء ! !
- أو لعل اشتهاءً لكي تخدع قد راودك ، أو غلب عليك الملل من وطنك ! !
2060 - أو أن الشيطان وضع في فمك خطاما ، ووسوس لك بالسفر .
- وقالت ما لا يليق من فحش وسب ، مما لا أستطيع أن أعيده « على مسامعكم » ! !
- وساقت من الأمثال الساخرة ما لا يدخل في حساب ، فسقط ذلك المريد من الغم في حفرة ( من اليأس ) ! !
سؤال ذلك القادم حرم الشيخ ، أين الشيخ ؟ وأين أطلبه ؟
وجواب الزوجة بفاحش القول
- وطفرت الدموع من عينيه وقال ، مع كل هذا ، أين ذلك السلطان حلو الاسم ؟ !
- قالت : ذلك المزور المحتال الفارغ ، شبكة الحمقى ، ووهق الضلالة ؟
2065 - إن مئات الآلاف من أمثالك من السذج ، قد سقطوا من جرائه في مائة عتو ! !
- فلو لم تره وعدت في أمان الله ، يكون خيرا لك ، ولا تضل وتغوى من جرائه .
- إنه يتفنج بالدين ، لاعق للأطباق آكل بالمجان ، وصيت طبله قد مضى إلى أطراف الديار .
- أهؤلاء القوم من قوم موسى عبدة العجل ، وإلا فلما ذا يتحسسون بأيديهم هذا
« 195 »
الثور ؟ !
- إنه جيفة الليل وبطال النهار ، كل من اغتر بهذا الشره الأكول ! !
2070 - لقد ترك هؤلاء القوم مائة علم وكمال، وتمسكوا بالمكر والتزوير، فما هذا الحال ؟!
- فأين آل موسى ؟ ! أسفى عليهم ، حتى يسفكون الآن دماء عبدة العجل ! !
- لقد ألقوا بالشرع والتقوى وراء ظهورهم ، فأين عمر ؟ وأين الأمر الحازم بالمعروف ؟
- لقد تفشت الإباحية من هذه الجماعة ، وصارت رخصة لكل مفسد محتال ! !
- فأين طريق الرسول وصحابته ؟ ! وأين صلاته وتسبيحه وآدابه ؟ !
جواب المريد وزجره لتلك الشتامة عن الكفر وعابث القول
2075 - فصاح بها الشاب ، وقال ، كفى ، إننا في ضوء النهار فمن أين جاء العسس ؟ !
- إن نور الرجال ملأ طباق الشرق والغرب ، فسجدت السماوات له دهشة .
- وشمس الحق سطعت من الحمل ، فتوارت شمس " الفلك " بالحجاب خجلًا .
- ومتى تحولنى ترهات شيطانة مثلك عن تراب هذه الدار ؟ !
- فأنا لم آت بريح كأنني سحاب ، حتى أعود من جراء غبار عن هذا الجناب .
2080 - إن العجل مع ذلك النور صار قبلة للكرم ، والقبلة بدون ذلك النور صارت كفراً ووثناً .
- إن الإباحة التي جاءت من الهوى تكون ضلالًا ، والإباحة التي جاءت من الهدى صارت كمالًا ! !
- لقد صار الكفر إيماناً وأسلم الشيطان ، في تلك الناحية التي سطع فيها النور
« 196 »
الذي بلا حد .
- إنه مظهر العزة والمحبوب بحق ، وحاز على كل الملائكة المقربين قصب السبق .
- والسجود لآدم بيان عن سبقه ، والقشر دائما ما يسجد للب ! !
2085 - إنك تنفخين في الشمع الإلهى أيتها العجوز ، وتحترقين أنت وباطنك يا نتنة الفم .
- فمتى يصير البحر نجساً من فم كلب ، ومتى تغيب الشمس من نفخة ؟ !
- وحتى أن كنت تحكمين بالظاهر ، أي شيىء أطهر من ذلك النور ؟ ! هيا ، قولي
- وكل الظواهر أمام هذا الظهور ، تكون في غاية النقص ومنتهى القصور
- وكل من ينفخ في الشمع الإلهى ، متى ينطفئ هذا الشمع ؟ إنه يحرق فمه ! !
2090 - وهناك خفافيش مثلك ترى كثيراً في النوم أن الدنيا قد تيتمت من الشمس ! !
- والأمواج المتلاطمة لبحار الروح ، هي مائة ضعف لما كان عليه طوفان نوح .
- لكن الشعر كان قد نبت في عيني كنعان ، فترك نوحاً وسفينته ، وآوى إلى الجبل .
- وجرفت نصف موجة الجبل وكنعان في تلك اللحظة حتى قاع المهانة .
- إن القمر يبسط نوره والكلاب تنبح ، ومتى يرتع الكلب في نور القمر ؟ !
2095 - والسراة يرافقون القمر في سيرهم ، ومتى يتركون سيرهم من نباح الكلاب ؟ !
- والجزء مسرع نحو الكل إسراع السهم ، وحتى يتوقف من أجل عجوز في
« 197 »
الغابرين ؟ !
- والعارف هو روح الشرع وهو روح التقوى ، والمعرفة هي محصول ما سلف من زهد .
- والزهد هو السعي في الزرع ، والمعرفة هي النمو لذلك الغراس .
- إذن فما دام الجهاد والاعتقاد بمثابة الجسد ، فإن روح هذا الغراس هو النمو والحصاد .
2100 - إنه هو المعروف وهو الأمر بالمعروف ، إنه كاشف الأسرار ، وهو الأسرار التي تكشف !
- إنه ملكنا اليوم وملكنا غدا ، والقشر عبد للبه العظيم دائما .
- وعندما قال الشيخ : أنا الحق ، وفرض كلامه ، ضغط على حلوق كل العميان .
- وعندما فنيت أنية العبد عن الوجود ، ما الذي يبقى اذن ؟ ! فكر أيها الجحود .
- وإن كانت لك عين ، افتحها وانظر ، ما الذي يتبقى بعد " لا " آخر الأمر ؟ !
2105 - ألا فلتقطع تلك الشفة والحلق والفم ، التي تبصق على القمر أو على السماء .
- فإن البصقة تعود إلى وجهها دون شك ، إذ لا تجد البصقة سبيلًا إلى الفلك .
- وحتى القيامة تنهمر عليها البصقات من الرب ، مثل " تبت " على روح أبى لهب .
- إن الطبول والرايات هي ملك السلطان ، وكلب ذلك الذي يدعوه شرها أكولًا .
- والسماوات عبيد لقمره ، والمشرق والمغرب كلاهما ، متقوت منه .
2110 - ذلك أن " لولاك " موجودة على توقيعه ، والناس جميعاً في انعامه
« 198 »
وتوزيعه .
- ولو لم يكن موجوداً لما دار الفلك ، ولما وجد النور ، ولما صار موضعاً للملائكة .
- ولو لم يكن موجودا لما وجدت البحار الهيبة والأسماك والدر الملكي
- ولو لم يوجد لما وجدت الأرض الكنوز في باطنها ، والياسمين على ظهرها « 1 »
- فالأرزاق نفسها طاعمة لرزقه ، والثمار ظمأى الشفاه لمطره .
2115 - انتبه فهذه العقدة معكوسة في أمرها ، إنه معط الصدقة لمن يهبه الصدقة .
- إن لك من الفقير كل هذا الذهب والحرير ، هيا أيها الفقير واعط الزكاة للغنى .
- أيكون عار مثلك زوجاً لمقبول الروح ، مثل تلك الزوجة الكافرة تحت نوح .
- ولو لم تكوني منسوبة إلى هذه الدار ، لمزقتك إربا في التو واللحظة .
2120 - لكني مع أهل " منزل " سلطان الزمن ، لا يتأتى هذا التعدي منى .
- اذهبي ، وداومى الدعاء، فأنت كلبة في هذا الموطن، وإلا لفعلت الآن ما ينبغي أن يفعل !!
عودة المريد من منزل الشيخ وسؤاله الناس حتى دلوه
على أن الشيخ ذهب إلى غابة كذا
- وبعد ذلك صار سائلًا كل إنسان ، وأخذ يبحث عن الشيخ كثيراً في كل صوب .
- ثم قال أحدهم « إن قطب الديار ، قد ذهب يحتطب في الجبل .
..............................................................
( 1 ) ج 14 / 50 : - ولو لم يكن موجوداً لما وجدت الجبال ، الذهب والياقوت والعقاقير دون سؤال .
- ولو لم يكن موجوداً لما وجدت الدنيا ، دون طلب منها الأرزاق التي لا حد لها .
« 199 »
- فذهب ذلك المريد ماض الفكر كذى الفقار سريعاً نحو الآجام في هوى الشيخ .
2125 - إن الشيطان لا يزال يوسوس في لب المرء حتى يختفى القمر في الغبار .
- " أخذ يتساءل " لماذا يتخذ شيخ الدين هذا مثل هذه المرأة رفيقاً وجليساً في الدار ؟ !
- ومن أين يكون إئتناس الضد مع الضد ؟ ! ومن أين يكون النسناس مع إمام الناس ؟ !
- ثم أخذ يردد الحولقة سريعاً قائلًا : اعتراضى عليه من قبل الكفر والحقد ! !
- فمن أكون أنا مع تصاريف الحق ؟ بحيث تأتى نفسي بالإشكالات والاعتراضات ؟ !
2130- وسريعاً ما كانت نفسه تهاجمه ، فيكون في قلبه مما عرف كدخان القش .
- قائلة : أية نسبة للشيطان مع جبريل ، بحيث يصير معه صاحباً ورفيقاً في القيلولة ؟ !
- وكيف يستطيع الخليل أن يأتلف مع النار ؟! وكيف يستطيع الدليل أن ينسجم مع قاطع الطريق ؟!
بلوغ المريد المراد ولقاؤه مع الشيخ بالقرب من تلك الأجمة
- كان مستغرقاً في هذه الأفكار عندما ظهر الشيخ الشهير سريعاً وقد امتطى أسداً .
- كان الأسد الهصور يحمل عنه حطبه ، وفوق الحطب ركب ذلك السعيد .
2135 - ومن شرفه كان سوطه ثعبان ، وقد أمسك به في يده كالخيزران .
- فاعلم دائما على سبيل اليقين أن كل شيخ موجود يمتطى الأسد الهائج ! !
« 200 »
- فبالرغم من أن الأمر كان محسوساً عند ذاك وليس محسوساً عند هذا ، لكن هذا الأمر لا يلتبس على عين الروح .
- وهناك مئات الآلاف من الأسود تحت أفخاذهم ، ناظرة إلى المستقبل عالمة بالغيب حاملة للحطب .
- لكن الله جعل الأمر محسوساً لواحد بعد واحد ، حتى يراه أيضاً من ليس برجل " الطريق "
2140 - ورآه من على البعد وضحك ذلك العظيم وقال : لا تستمع إليها يا مفتونا بالشيطان .
- لقد علم ضميره أيضاً ذلك الجليل ، ومن نور القلب ، إنه نعم الدليل ! !
- تلا عليه ذو الفضائل ذاك ، ما حدث له بالتفصيل في الطريق وحتى تلك اللحظة .
- ثم انطلق في الحديث ذلك المتغنى بطلاوة ، عن مشكلة إنكاره للزوجة .
- وأن هذا التحمل ليس من هوى النفس ، هذا خيال نفسك أنت ، فلا تتوقف عنده .
2145 - وإن لم يكن صبري يتحمل ثقل امرأة، فمتى كان الأسد الهصور يكون مسخراً لي؟!
- إننا جمال ذات سنامين في سباق ، سكارى مجردون عن الذات تحت أثقال الحق ! !
- ولست أنا فيما يتصل بأمر الله وقضائه بنصف ساذج حتى أفكر في شنعة العوام .
- فأمره هو العالم والخاص بالنسبة لنا ، وأرواحنا مسرعة على وجوهها باحثة
« 201 »
عنه « 1 »
- وانفرادنا واقتراننا ليس من الهوى ، وأرواحنا ككعب النرد في يد الله
2150 - إننا نتحمل دلال تلك البلهاء ومائة مثلها ، لا عشقاً للونها ولا هياماً في رائحتها
- إن هذا القدر في حد ذاته درس لمريدينا ، فإلى أي مدى يكون كر ملحمتنا وفرها ؟ !
- إلى أين ؟ ! إلى الموضع الذي لا طريق له ، فليس ثم إلا سنا قمر برق الله !
- انه بعيد عن كل الأوهام والتصورات ، إنه نور في نور في نور .
- وإن كنت قد نزلت " بمستوى " القول من أجلك ، حتى تأتلف مع الرفيق سيىء الطبع .
2155 - حتى تحمل ضاحكا وسعيداً أحمال الحرج ، من أجل " الصبر مفتاح الفرج " ! !
- وعندما تأتلف مع خسة هؤلاء الأخساء ، تصبح وأصلا في نور السنن .
- فكثيراً ما ذاق الأنبياء إيذاء الأخساء ، وكثيراً ما تألموا من أمثال هذه الأفاعي .
- ولما كان مراد الإله الغفور وحكمه في القدم هو التجلي والظهور ! !
- فلا يمكن اظهار الضد دون ضده ، ولم يكن هناك ضد لذلك المليك الذي لا نظير له .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 68 :
- إنني بعيد عن استحسان الجميع وتشجيعهم ومفارق تكذيب الجميع وتصديقهم ! !
« 202 »
حكمة : إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
2160 - ثم إنه جعل خليفة صاحب صدر ، حتى يكون مرآة لملوكيته
- ثم وهبه صفاءً لا حدود له ، وحينذاك جعل له ضدا من الظلمة
- لقد رفع علمين ، أحدهما أبيض والآخر أسود ، أحدهما آدم والآخر إبليس الطريق .
- وبين هذين المعسكرين العظيمين ، نزاع وصراع ، وما جرى قد جرى .
- وكذلك في النوبة الثانية ظهر هابيل ، ثم ظهر قابيل ضدا لنوره الطاهر .
2165 - وهكذا علمان من العدل والجور ، حتى حل دور النمرود في الأدوار .
- صار ضدا لإبراهيم وخصما له ، وصار هناك عسكران متناحران متقاتلان .
- وعندما لم يرض سبحانه عن طول هذه الحرب ، كانت النار هي الفيصل بين هذين .
- فحكم النار وما تأتى من نكر ، حتى تحل مشكلة هذين الشخصين .
- ونوبة بعد نوبة وقرن بعد قرن لهذين الفريقين ، حتى نوبة فرعون مع موسى الشفيق .
2170 - لقد دارت الحرب بينهما لعدة سنوات ، وعندما جاوزت الحد ، وأخذ الملل يزداد .
- جعل الحق من ماء البحر حكما ، ليرى عن طريقه من يبقى ، ومن يسبق من هذين .
- وهكذا حتى دور المصطفى وطوره مع أبي جهل ، قائد جند الجفاء .
- كما جعل نكراً من أجل قوم ثمود ، الصيحة التي اختطفت أرواحهم .
- كما جعل نكرا من أجل قوم عاد ، الصرصر العاتية أي الريح .
« 203 »
2175 - كما جعل نكراً لقارون من حقده ، وأخفى غضبه في حلم هذه الأرض .
- حتى صار حلم الأرض بأجمعه غضباً ، فحملت قارون وكنزه حتى القاع .
- واللقمة التي هي عماد هذا الجسد ، والخبز الذي هو دفع لسيف الجوع كالمجن ،
- عندما يضع الحق قهراً في خبزك ، يقف ذلك الخبز في الحلقة كالخناق .
- وهذا اللباس الذي صار مجيراً من البرد ، يعطيه الحق مزاج الزمهرير .
2180 - حتى تصير تلك الجبة الثقيلة على جسدك باردة كالثلج واخزة كالبَرَد .
- حتى تهرب من الفراء وأيضاً من الحرير ، وتلجأ " هرباً " منها إلى الزمهرير .
- إنك لست بجرتى ماء ، إنك جرة واحدة ، وأنت غافل عن عذاب الظلة !
- لقد نزل أمر الحق إلى الدور والجدران في المدن والقرى : لا تمنحوا ظلا !
- لا تكونوا موانع للمطر والشمس ، حتى أهرعت الأمة إلى ذلك الرسول .
2185 - " صائحين " : لقد هلك أغلبنا ، الأمان ، أيها العظيم ، واقرأ بقيتها من كتب التفاسير .
- وكيف حول العصا إلى أفعى ذلك الماهر اليد ، وإن كان لك عقل تكفيك هذه النقطة .
- إن لك نظراً ، لكن لا إمعان فيه ، عين متجمدة وتوقفت ! !
– ومن هنا يقول مصور الفكر ، أمعن النظر أيها العبد ! !
- إنه لا يقصد قم بدق الحديد البارد ، لكنه يقصد القول : أيها الفولاذ طف حول داود .
2190 - فهل مات جسدك ؟! سقه نحو إسرافيل، وهل تجمد قلبك ؟! سقه نحو شمس الروح !!
« 204 »
- إنك من كثرة ما اكتسيت من خيال ، تصل الآن إلى السوفسطائى سئ الظن ! !
- لقد كان هو نفسه معزولًا عن لب العقل ، فصار محروماً من الحس ، معزولًا عن الوجود .
- هيا ، واهزل في الكلام ، فهذا أوان الهزل ، وإن تحدثت إلى الخلق ، فهذه فضيحة ! !
- فما هو الإمعان ؟ ! إنه جعل العين تجرى ، وعندما تخرج الروح من البدن تسمى بالفارسية " روان " أي جارية ! !
2195 - وذلك الحكيم الذي نجت روحه من قيد البدن ، وصارت منتزهة في الرياض ؛
- وضع اسمين لهذين للتفريق بينهما ، ليكن الثناء على روحه .
- وذلك عندما أراد أن يبين أن من يسير " مطيعاً " للأمر ، لو أراد الشوك ورداً ، يكون له .
معجزة هود عليه السلام في تخليص مؤمني الأمة عند نزول الريح
- إن المؤمنين في سطوة الريح العاتية ، جلسواً جميعاً في دائرة « 1 » .
- كانت الريح طوفاناً والسفينة لطفه ، فإن له إذن مثل هذه السفينة ومثل هذا الطوفان « 2 » .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 87 : - لقد رسم هود خطأ حول المؤمنين ، حتى لا يصيبهم أذى من الريح .
( 2 ) ج : 14 / 87 : - كانت الريح طوفاناً وهو سفينة الرجاء ، فهناك الكثير من أمثال هذا الطوفان وهذه السفينة ! !
« 205 »
2200 - إن الله سبحانه وتعالى يجعل من الملك سفينة ، حتى تصطف الجنود بناءً على حرصه .
- وليس قصد الملك أن يكون الخلق آمنين ، بل إن قصده أن يكون الملك راسخاً .
- إن حمار الطاحون يسرع وقصده الخلاص، وحتى يجد في تلك اللحظة مهرباً من الضرب.
- وليس قصده أن يسحب الماء ، أو أن يجعل السمسم بذلك " الاسراع " زيتا .
- والثور يسرع خوفاً من الضرب الموجع ، وليس من أجل " جر " العربة وحمل المتاع .
2205 - لكن الحق وهبها مثل ذلك الخوف من الألم ، حتى تتم المنافع تبعاً لذلك .
- وهكذا كل كاسب في حانوته ، أنه يسعى من أجل نفسه لا من أجل إصلاح العالم .
- إن كل ملىء بالألم يبحث عن مرهم ما ، ومن هنا قام هذا العالم تبعاً لذلك .
- لقد جعل الله عماد هذا العالم من الخوف ، وانهمك كل واحد في عمل ما خوفاً على روحه ! !
- والحمد لله أنه جعل من الخوف معمارا أو إصلاحاً للأرض على هذا النسق .
2210 - إن هؤلاء جميعاً خائفون من صالح وطالح ، ولا خائف قط يكون خائفاً من نفسه .
- إذن فهناك حاكم في الحقيقة على الجميع ، هو قريب وإن لم يكن محسوساً .
- إنه محسوس لا في مكان ، لكنه ليس محسوساً بحس هذه الدنيا بل هو حس
.
يتبع