منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

 مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي    مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة يناير 05, 2024 8:11 pm

 مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ ابن العربي مع شرح ست العجم بنت النفيس البغدادية

 مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية 
مفتتح الشيخ ابن العربي
أشهدني الحق بمشهد نور الألوهية وطلوع نجم “ لا “ . 
فلم تسعها العبارة وقصرت عنها الإشارة ، وزال النعت والوصف ، والاسم والرسم .
وقال وقلت . وائت ، وأقبل ، وأدبر ، وقم ، واقعد . 
وبدا لي كل شيء ، ولم أر شيئا . ورأيت الأشياء ، ولم أر رؤية . 
زال الخطاب وانعدمت الأسباب وذهب الحجاب ، ولم يبق إلّا البقاء ، وفني الفناء عن الفناء بأنا .
محيي الدين ابن العربي
 
 "6"
 
“ 7 “


مقدمة التحقيق ( 1 )
بسم الله الرحمن الرحيم

" اللهمّ إني أقدم إليك بين يدي كل نفس ، ولمحة ، ولحظة ، وطرفة يطرف بها أهل السماوات ، وأهل الأرض ، وكل شيء هو في علمك كائن ، أو قد كان . أقدم إليك بين يدي ذلك كله ، وقبل ذلك كله ، وبعد ذلك كله ، ومع ذلك كله ، وعند ذلك كله ، وفي ذلك كله :
اللهم لك الحمد حمدا دائما مع خلودك ، ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون مشيئتك ، ولك الحمد حمدا لا يزيد قائلها إلا رضاك ، ولك الحمد حمدا مليا عند كل طرفة عين وتنفس نفس . . ملء ما علم ، وعدد ما علم ، وزنة ما علم " . ثم .
" اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق ، والخاتم لما سبق ، ناصر الحق بالحق ، والهادي إلى صراطك المستقيم ، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم " . صلاة فائقة جميع صلوات خلق اللّه ، دائمة بدوام ملك اللّه ، مضروبة في كل عدد في علم اللّه ، بعدد كل ما في علم اللّه ، وعرّفنا بها إياه ، معرفة أبدية بمحض فضلك يا أللّه . ملء ما علم ، وعدد ما علم ، وزنة ما علم .
ثم أمّا بعد :
هذا كتاب في الكلام عن المشاهدات للأسرار القدسية ، له من الخصوصيات العظيمة لكاتبه وقارئه على السواء ، فالكتاب مليء بالأسرار ، كما أنه مليء أيضا بالإشارات والرموز ، ولا يصح في هذا المقام إلّا استخدام الإشارات والرموز ، لضرورة الستر ، فالستر أولى .
وابن العربي يعرف طبعا معنى التستر فستر الكثير والكثير من الأسرار ، وتبدى ذلك في وصاياه داخل الكتاب ، وحرصه الدائم على أن من يقع في يده مثل هذا الكتاب فعليه أن يبادر بأن يضعه عند أهله الذين يعرفون ماذا يجب
 
“ 8 “


عليهم أن يقدموا لنا . لأن الكتاب أمانة ، يقول ابن العربي أول الكتاب : " ولا سبيل إلى أن يقف على هذه المشاهد إلّا أربابها ، وهي أمانة بيد كل من حصلت عنده . فإن كان من أهلها حصل له مراده ، وإن كان من غير أهلها فليبحث عن أربابها وأهلها .
فإن اللّه تعالى يقول :
* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها “ 1 “
والعجيب أنه يختم الرسالة بنفس الأمر تقريبا فيقول : " ثم لتعلم أن لهذه الحضرات أسرارا ظاهرة وأسرارا باطنة . فالأسرار الظاهرة لأهل الاستدراج ، والباطنة لأهل الحقائق . فليس كل حكيم حكيما . بل الحكيم من حكمته الحكمة ، وقيدته بالوقوف عند فصل الخطاب ، ومنعته أن ينظر إلى سوى خالقه ، ولازم المراقبة على كل أحيانه فليس من نطق بالحكمة ولم تظهر آثارها عليه يسمى حكيما .
فالنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) قد قال : ( ربّ حامل فقه ليس بفقيه ) “ 2 “ .
إنما هي أمانة عنده ، يؤديها إلى غيره ، فإذا صدرت منك حكمة ، فانظرها في نفسك . فإن كنت قد تحليت بها ، فأنت صاحبها ، وإن رأيت نفسك عارية عنها فأنت لها حامل ومسؤول عنها . وتحقيق هذا أن تنظر إلى استقامتك على الطريق الأوضح ، والمهيع “ 3 “ السديد والميزان الأرجح في قولك وفعلك وقلبك " “ 4 “ .
ولذا كان لا بد لهذا الكتاب أن يكون من الكتب الشديدة الخصوصية بالذوق الصوفي ، ويطلب من الذين يحبون قراءته أن يكونوا ممن يعتقدون في هذا العلم وفي
.....................................................................................
( 1 ) الآية رقم ( 58 ) من سورة النساء .
( 2 ) حديث : ( رب حامل فقه ليس بفقيه ) : انظر تخريج الحديث نهاية هذا الكتاب .
( 3 ) ( المهيع ) : وطريق مهيع : واضح واسع بيّن ، وجمعه مهايع . وفي حديث عليّ ، رضي اللّه عنه :
اتّقوا البدع والزموا المهيع ؛ هو الطريق الواسع المنبسط ، انظر : لسان العرب لابن منظور ( مادة : هيع ) .
( 4 ) انظر خاتمة هذه الرسالة فلا يزال في هذه الإشارة بقية .
 
“ 9 “


أهله ، وأن يكونوا ممن يكثرون الذكر ، حتى تحدث مشاكلة بين أنوارهم وأنوار الكتاب ، ولا يكون العلم غريبا عنهم فيحكّمون فيه العقل فيضل ، ويضلوا معه . لأن هذا فوق طوق العقل ، فلا يدرك إلّا بذوق ، والذوق من عمل الروح ، والروح تسعد بالذكر ، وتهنأ بمشارب الأنوار فتستغرق فيها ، فيشعر العقل بعد ذلك بما تخلله ويعبر عنه ، كما يحدث للنائم . أقول كما . . . . . لأنهم يقظى ليسوا بنائمين ، فمشاهداتهم كلها يقظة ، وأين كل ذلك من مشاهدة الحبيب ( صلى اللّه عليه وسلم ) فإنهم يشاهدونه يقظة لا مناما ! 
 
“ 10 “

( 2 ) شرح عنوان الكتاب
لماذا سمّي هذا الكتاب بهذا الاسم (  ) وما معنى كل هذا ، وهل الكتاب يفي فعلا بهذا العنوان أم لا ؟ وماذا نفهم من هذه التفاصيل التي ربما اصطد منا بها لعدم فهمنا لها ؟ وماذا يمكننا أن نعمل لفهم هذا على حقيقته .
أسئلة كثيرة في الحقيقة تتبادر إلى ذهن كثير من الناس حينما يقدمون على قراءة عمل من أعمال سيدي محيي الدين بن عربي ( رضي اللّه عنه ) .
وخاصة إذا تميّز هذا العمل بشدة إبحاره في الرمز والإشارة ، وربما يغلق على كثيرين أيضا أسباب فهمه ، حتى بعد الشروح والتذييلات .
في البدء ينبغي أن يعلم القارئ - أيّ قارئ - أنه هو السبب الأول والرئيسي الذي وضع الكتاب من أجله ، وأنه هو أيضا السبب الأول والرئيسي الذي يتوقف عليه فهم الكتاب ، وعدم فهمه . فللكتاب أنوار ما في ذلك شك ، ولكل واحد من القرّاء الأعزاء نور مختلف أيضا ما في ذلك شك ، وهذا النور الخاص للقارئ ، هو الذي يفهم به هذا الكتاب من غيره ، بل يفهم به أصلا مسألة العلوم ، وتنوّعها . وهذا العلم - أي علم أهل اللّه كله - لا يمكن فهمه على حقيقته ، أو الدخول فيه ما لم تكن ذاكرا للّه تعالى ، بل مكثرا من الذكر ، بل يصير الذكر عندك أهم شيء في حياتك . فلا يعطيك كتاب ما أسراره كلها أو أهمها ما لم تهيئ نفسك لاستقبال هذه الأسرار ، على الوجه الذي يليق بها . فإن لم تر الأسرار نفسها أنك أهل لها ، أعطتك بعض نفسك ، وهواك في هذا الكتاب ، أو غيره . فتظن أن زادك وفير وهو غير ذلك وما قرأت على الحقيقة إلّا بعض أفكارك . أمّا إذا أردت حقيقة الأسرار ذاتها التي هي حقيقتها كما أراد اللّه لها فلا بد أن تدخل عليها باللّه ، وعلى قدر نورك تكشف لك الأسرار عن مكنونها . فلم تتهيأ الفرصة لنشر هذه الكتب وغيرها ، ولم ينشر العلم عموما إلّا لكي يستفيد الناس من



“ 11 “


هذه العلوم ، وغيرها . ويترتب على ذلك ثواب الناس في الأعمال عند اللّه سبحانه وتعالى ، ويشترك في هذا الثواب الجميع : الكاتب والقارئ ، والناشر ، والموزع ، والبائع ، والمهدي ، كل حسب نيته وقربه مع اللّه ، فمن طلب بهذا العمل علما ناله ، ومن طلب بها دنيا كذلك ، ومن طلب به قربا للّه فبخ بخ . فكل على حسب مطلوبه ، وهو الذي ينبني على النية الصادقة للعبد ، مع الأعمال طاعة للّه في المقام الأول لا شهوة للنفس ، وإن فاتنا شيء فلنستعيده بأجمل ما يكون ، ولنجدد فيه النية ونستغفره مما سلف . فكل عملك في الدنيا إمّا طاعة ، وإمّا معصية . فإذا أردت أن تنظر فيه ، فانظر كيف يرضى ربك عنك فيه ، واعلم أنه لا يقبل من العمل إلا جيده لقوله ( صلى اللّه عليه وسلم ) : ( إن اللّه يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) “ 1 “ . واعمل على قدر جهدك وطاقتك ، فهذا من أفضل الأعمال ؛ لأنه ذكر للّه تعالى .
وقد سئل " محمد بن خفيف “ 2 “ " ( رضي اللّه عنه ) عن الذكر فقال :
...........................
( 1 ) حديث : ( إن اللّه يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) .
عن عائشة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : ( إن اللّه يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) .
رواه أبو يعلى وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة وعن عاصم بن كليب عن أبيه أنه خرج مع أبيه إلى جنازة شهدها النبي صلى اللّه عليه وسلم وأنا غلام أعقل فقال النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : ( يحب اللّه العامل إذا عمل أن يتقن ) رواه الطبراني في الكبير ، وفيه قطبة بن العلاء ، وهو ضعيف .
وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به . وجماعة لم أعرفهم .
ابن حجر الهيتمي 1 / 41 ، 4 / 98 .
( 2 ) ( محمد بن خفيف ) هو : الشيخ الإمام العارف الفقيه القدوة ذو الفنون أبو عبد اللّه محمد بن خفيف بن اسفكشار الشيرازي شيخ الصوفية ، ولد قبل السبعين ومائتين وستين ، وحدث عن حماد بن مدرك وهو آخر أصحابه وعن محمد بن جعفر التمار والحسين المحاملي وجماعة ، وتفقه على أبي العباس بن سريج حدث عنه أبو الفضل الخزاعي والحسن بن حفص الأندلسي وإبراهيم بن الخضر الشياح والقاضي أبو بكر بن الباقلاني ومحمد بن عبد اللّه بن باكويه قال السلمي أقام بشيراز وأمه نيسابورية وهو اليوم شيخ المشايخ وتاريخ الزمان لم يبق للقوم أقدم منه ، ولا أتم حالا .
روى حديث :عن أبي ذر قال قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : ( إذا صنعت قدرا فأكثر من مرقها وانظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم بمعروف ) .



“ 12 “

- اعلموا أن المذكور واحد .
- والذكر مختلف .
- ومحل قلوب الذاكرين متفاوت .
- وأصل الذكر : إجابة الحق من حيث اللوازم ، لقوله ( صلى اللّه عليه وسلم ) : ( من أطاع اللّه فقد ذكره ، وإن قلت صلاته ، وصيامه ، وتلاوته للقرآن ، ومن عصى اللّه فلم يذكره ، وإن كثرت صلاته ، وصيامه ، وتلاوته للقرآن ) “ 1 “ .
زاد في رواية ، وصنيعه للخير ، قال القرطبي : هذا يؤذن بأن حقيقة الذكر طاعة اللّه في امتثال أمره وتجنب نهيه . وقال بعض العارفين : هذا يعملك بأن أصل الذكر إجابة الحق من حيث اللوازم . لأنه كالمستهزئ والمتهاون . وقال أبو عثمان النهدي : إني لأعلم الساعة التي يذكرنا اللّه فيها .
فقيل له : ومن أين تعلمها ؟ قال : يقول اللّه عز وجل : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ “ 2 “ .
وقال السدي : ليس من عبد يذكر اللّه إلا ذكره اللّه عز وجل ، ولا يذكره مؤمن إلّا ذكره اللّه برحمته ، ولا يذكره كافر إلا ذكره اللّه بعذاب .
وسئل أبو عثمان فقيل له : نذكر اللّه ولا نجد في قلوبنا حلاوة ؟ فقال : احمدوا اللّه تعالى على أن زيّن جارحة من جواركم بطاعته !
..............................................................
انظر : الذهبي سير أعلام النبلاء : 16 / 342 .
( 1 ) حديث : ( من أطاع اللّه فقد ذكره . . . ) .
عن واقد مولى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قال ( من أطاع اللّه - عز وجل - فقد ذكره وإن قلّت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ، ومن عصى اللّه لم يذكره وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ) رواه الطبراني في الكبير ، وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك . انظر ابن حجر الهيتمي : مجمع الزوائد 2 / 259 .
وانظر أيضا السيوطي : جامع الأحاديث : 6 / 104 الحديث رقم ( 20283 ) .
والبيهقي في شعب الإيمان ، 1 / 452 والزهد لابن المبارك 1 / 17 .
والديلمي : في الفردوس : 3 / 561 .
( 2 ) الآية رقم ( 152 ) من سورة البقرة .




ص “ 13 “

وقال ذو النون المصري “ 1 “ رحمه اللّه : " من ذكر اللّه تعالى على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شئ ، وحفظ اللّه عليه كل شيء ، وكان له عوضا من كل شيء " .
وأعتقد أنني هنا أشرت إلى جملة من هذه المعاني الخاصة بالذكر ، لمحاولة الدخول إلى فهم الكتاب وقراءته .
أمّا شرح هذا العنوان فهو :
المشاهد ، جمع : مشهد . والمشهد من المشاهدة .
والمشاهدة : هي رؤية الحق من غير تهمة ، ويطلق على رؤية الأشياء بدلائل التوحيد ، ويطلق بإزاء التوحيد ، ويطلق بإزاء رؤية الحق في الأشياء ويطلق بإزاء حقيقة اليقين من غير شك . وقد يفهم من قولهم في المشاهدة بأنها تطلق بإزاء اليقين أن اليقين هو الذي يقال له مشاهدة . وإنما المشاهدة إدراك بغير منازعة فهي أقوى من الإدراك اليقيني .
أمّا الشاهد : فهو ما تعطيه المشاهدة من الأثر في قلب المشاهد ، وهو على حقيقة ما يضبطه القلب من صورة المشهود . ولمّا كانت المشاهدة عندهم هي شهود الحق من غير تهمة فإن لفظ الشاهد على ما يشهد العبد ، وهو المراد بقولهم الشاهد هو ما تعطيه المشاهدة من الأثر في القلب ، أو في قلب المشاهد . فإنّ حال من شاهد الحق لا يكون حاله كمن لم يشاهده ولذلك أثر إما حصول علم لدني ، أو حصول وجد .
وهكذا فقد قالوا : علامة من شاهد الحق هو شاهده .
وشاهده هنا هذا العلم اللدني الذي يطل علينا خلال الألفاظ ، التي نتنقل بها كل
........................................
( 1 ) ( ذو النون المصري ) شيخ الديار المصرية ثوبان بن إبراهيم وقيل فيض بن أحمد وقيل فيض بن إبراهيم النوبي الإخميمي الغرماء أبا الفيض ويقال أبا الفياض ولد في أواخر أيام المنصور ، وروى عن مالك والليث وابن لهيعة وفضيل بن عياض وسليمان الخواص وسفيان بن عيينة وطائفة . وروى عنه أحمد بن صبيح الفيومي وربيعة بن محمد الطائي ورضوان بن محيميد وحسن بن مصعب والجنيد بن محمد الصاحب ومقدام بن داود الرعيني وآخرون كان عالما فصيحا حكيما توفي في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائتين . انظر : الذهبي : سير أعلام النبلاء : 11 / 532 .
 
“ 14 “
 
لحظة من مشهد إلى مشهد ، ومن معنى جديد إلى آخر ، ومن عبارة حاسمة إلى أخرى .
وهناك تفاصيل أخرى “ 1 “ .
أمّا الأسرار القدسية : فالأسرار مفردها سرّ . والسّر : يعني به حصة كل موجود من الحق بالتوجه الإيجادي ، لأن السر يطلق على أمرين :
أحدهما : أمر خفي ضد العلانية .
والآخر : القلب ، وهذا من باب إطلاق لفظ الحال على المحل ؛ كإطلاق لفظ الخاطر الموضوع في الباب على محله ، فإن القلب محل السر . يقال ظهر سرّ قلبي . والسّرّ بالمعنى الثاني مختلف فيه ، فهو عند طائفة فوق الروح والقلب . وعند طائفة فوق القلب ودون الروح ، وعند المحققين أنه هو القلب ، وأن ما زعموه فوق الروح ، والقلب هو عين الروح المتجلي في النهاية بوصف غريب .
ويقال : السّرّ محل المشاهدة ، والروح محل المحبة .
وتوجد تفاصيل أخرى ففيه : سر العلم ، وسر السر ، وسر التجليات ، وسر العبادات ، وسر التقديس ، وسر القدر ، وسر الكمال والأكملية ، وسر الربوبية ، وسر سر الربوبية ، وغير ذلك . فالأسرار لا تنتهي .
أمّا وصف الأسرار بالقدسية ، فهذا راجع إلى ضرورة تقديس الحق .
عن العلوّين : وهما : العلوّ المكاني ، والعلو الرّتبي .
فالتقديس عن العلو المكاني : ظاهر بديهي لاستحالة تحيّزه سبحانه وتعالى .
أمّا التقديس عن العلو الرّتبي : وهو علو المكانة ، فذلك أنه مهما توهّم علوّ ثم أضيف إلى الحق ، كان الحق بلا أدنى شك أعلى من ذلك . وإليه الإشارة بقوله تعالى :سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى( 1 ) “ 2 “ . أي : عن كل علو والسر في ذلك أن الحق سبحانه وتعالى في كل متعين غير متعين به ، ومع كل شيء غير مشارك له في رتبته .
.....................................................
( 1 ) انظرها في : القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية 2 / 35 ، 306 بتحقيقنا ، طبعة دار الكتب المصرية .
( 2 ) الآية رقم ( 1 ) من سورة الأعلى .



“ 15 “
 
فالإشارة الحسية والعقلية في هذا منفيتان لاستحالة تقيده بمكانة مخصوصة . ولمن أراد الزيادة في هذه النقطة فلينظر هذه المصادر “ 1 “ .
أمّا مطالع الأنوار الإلهية : فالمطلع ( بتخفيف الطاء ) يعنون به : حضرة الجمال ، أو حضرة الجلال ، أو الحضرة الجامعة بينهما وهي حضرة الكمال ، كما أشار بذلك سيدي عمر بن الفارض “ 2 “ بقوله :ومطلع أنوار بطلعتك التي * لبهجتها كلّ البدور إستسرّت
ووصف كمال فيك أحسن صورة * وأقومها في الخلق منك استمدّت
ونعت جلال منك يعزب دونه * عذابي وتحلو عنده لي قتلتي
وسرّ جمال عنك كلّ ملاحة * به ظهرت في العالمين وتمّت
..........................................................................................
( 1 ) القاشاني : معجم المصطلحات والإشارات الصوفية . بتحقيقنا 2 / 14 ، 341 وما بعدها .
وانظر أيضا التهانوي : كشاف اصطلاحات الفنون باب الراء فصل السين .
( 2 ) ( عمر بن الفارض ) هو : عمر بن علي بن المرشد بن علي الحموي الأصل ، المصري ، المعروف بابن الفارض ، شرف الدين ، أبو حفص ، سلطان العاشقين ، الشاعر الصوفي الشهير صاحب التائية الكبرى والشعر الراقي الرائق الجميل . ولد ( رضي اللّه عنه ) بالقاهرة في الرابع من ذي القعدة سنة 576 ه - ونشأ بها واشتغل بفقه الشافعية ، وأخذ الحديث عن ابن عساكر ، وأخذ عنه الحافظ .
المنذري ، وغيره . ثم حبب إليه طريق السادة الصوفية ، فمضى في الطريق حتى بلغ فيه ما بلغ .
شهد له بذلك الكثيرون من علمائه وأولياء اللّه تعالى ، وشهد له نموذجه الفريد لهذه الأشعار العذبة الممتلئة ، بل والمكتنزة بالمعاني ، المشعة بالأنوار ، فضلا عن كراماته الشهيرة التي نقلها أهل زمانه .
ترك ديوانا من الشعر الرائق وتوفّي ، رحمه اللّه ، بالقاهرة سنة 632 ه - ودفن بالقرافة .
انظر : كحالة : معجم المؤلفين : 7 / 301 . ابن خلكان 1 / 483 .
ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة : 6 / 288 . د / محمد مصطفى حلمي : ابن الفارض والحب الإلهي . يوسف النبهاني : جامع كرامات الأولياء 2 / 218 .


“ 16 “

وحسن به تسبى النّهى دلّني على * هوى حسنت فيه لعزّك ذلّتي
ومعنى وراء الحسن فيك شهدته * به دقّ عن إدراك عين بصيرتي
لأنت منى قلبي وغاية مطلبي * وأقصى مرادي واختياري وخبرتي
وفي هذه الأبيات يتبدى الحسن ، والجمال ، والملاحة ، والرقّة ، والعذوبة ، وغير ذلك من مطالع الأنوار الإلهية التي ينالها المطّلع الذي يحصّل الترقي بحسب صفائه ، وبحسب رتبته ونصيبه ، من القرب إلى حضرة العلام ، فإن اللّه سبحانه وتعالى يمنح لكل قلب من الفهم في كلامه على قدر صفائه وقربه تعالى ، فيرفع له علم في العلم طلع منه لصفاء الفهم على دقيق المعنى ، وغامض السر . وليس كلّ ما يعرف يقال .
وتارة يعنون بالمطلع : موضوع طلوع شمس الحقيقة بأسمائها الذاتية ، وبمفاتيح .
أي : مراتب تعيناتها ، كمرتبة الغيب المغيب .
وتارة يعنون بالمطلع : موضع الطلوع في أقصى مراتب الظهور ، الذي هو عالم الشهادة ، المسمى بعالم الأجسام ، وعالم الحس .
فأمّا طلوع هذه المفاتح ، والأسماء الذاتية في المرتبة الأولى التي هي مرتبة الغيب المغيب فهي اجتلاء التجلي الذاتي الأحدي الجمعي في منصته ومجلاه ، الذي هو عين القابلية والبرزخية الكبرى في المرتبة الأولى .
وأمّا طلوعها ، وظهورها في عالم الشهادة المحسوس ، فهو ظهورها في المجلى ، إلى أن ظهرت هذه الحقيقة البرزخية في عالم الشهادة بصورتها التي هي الصورة المحمدية القابلة بقابلية قلبها التقي النقي المطهّر لمظهرية تلك البرزخية الكبرى .
وأمّا المطلع الثالث لهذه المفاتح : فهو صورة تلك الحقيقة التي هي قابلية قلب هذه الصورة المحمدية التي هي مظهرها في عالم الشهادة .
ويمكن أن تستمر في قراءة الكتاب على ضوء هذه المعاني . 
.

مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية Word
مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية PDF
مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية TXT
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية Word
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية PDF
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية TXT

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

 مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية ابن العربي شرح الشيخة ست العجم بنت النفيس     مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة يناير 05, 2024 8:12 pm

مقدمة شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية ابن العربي شرح الشيخة ست العجم بنت النفيس 

الشيخة الصالحة العالمة الزاهدة
ست العجم بنت النفيس بن أبي القاسم البغدادية
المتوفاة بعد سنة 852 ه‍

مقدمة التحقيق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه منح أولياءه جزيل عطائه ، ووهب أصفياءه جليل حبائه ، وتجلى لهم بمظهر من مظاهر أسمائه ، فتاهت عقولهم في مشاهدة عظمته وكبريائه ، وطافت أرواحهم هائمة في قدس سنائه ، وأفناهم عن أنفسهم فلم يشهدوا سواه في أرضه وسمائه .
وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له شهادة ندخرها ليوم لقائه ، ونستوجب بها جميل جزائه .
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل رسله وأنبيائه ، أفاض عليه مولاه من أنواع العلوم والمعارف ما تنوء الجبال الشم بحمل أعبائه ، صلى اللّه وسلم عليه صلاة وسلاما خالدين مع خلود الدهر باقين بعد فنائه ، ورضي اللّه عن آله الكرام حماة الدين الدافعين عنه بالسيف والبرهان حملات أعدائه ، وعن أصحابه الفخام ، والتابعين لهم بإحسان إلى قيام الساعة وساعة القيام .
أما بعد فهذا شرح عظيم نفيس للست عجم بنت النفيس ، المرأة الصالحة العابدة العامية الأمية قد أملي عليها من صاحب المشاهد القدسية سيد الأولياء وقطب زمانه سيدي محيي الدين بن عربي فأملته هي على اثنين من المريدين بمدد متصل ، فإذا انقطع الإملاء توقفت هي في الإملاء ، فما كان إلا تبليغ عن سيدي محيي الدين لما تحققت به من حس ظاهر وشهود باطن وتقول الشيخة عن نفسها :
إنني أقدمت على شرح هذه المشاهد بمشيئة اللّه تعالى واختياره لا بإرادتي ، واجترأت على فتح مغالقها بقوة اللّه وقهره لا بضعفي وذلتي ، ووجلت في تيار غوامضها باستمداد النجاة الناشئة عن الحي الذي لا يموت ، وفاجأني عند ابتدائي في هذا الشرح ناطق مصنع من الخارق قائلا ابدئي على اسم اللّه : إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً [ الفتح : 1 ] ، وكان هذا الخطاب بعد الوصية من شاهد هذا الكتاب ، وأنا في عالم الباطن ، فعند رجوعي اختار اللّه لي الابتداء في شرحه ، فابتدأت وشرحت من الرسالة المقدمة على المشاهد ما أشكل معناه على سبيل الالتقاط ، وألغيت ذكر ما هو ظاهر المعنى ، ثم شرعت في شرح المشاهد مبتدئة ببسم اللّه والحمدلة وعلى خبرته مستوفية لإظهار معاني ألفاظها المؤتلفة والمختلفة ،

  “ 4 “


ولم أدع من لفظها لفظا ولا حرفت لفظا علمت به وما لم أعلم ، ولا ما نقش بمسود على مبيض ، وأظهرت معانيها ولم أخف منها ما احتمل الظهور فكيف ما هو مهيأ للإيضاح متوقف على واسطة ، وحفظتها من التغير عملا بقوله تعالى : لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ [ يونس : 64 ] ، 
وأظهرت معاني كمياتها ولمياتها ومحال الشهود ، والمؤتلف ، وعينت أوقات بعض كشوفها وأعرضت عن البعض الآخر خوف التطويل ، هذا مع المبالغة في حصول المراد من إظهار أسرارها ، ولم أخف من معانيها علم اللّه سوى معنى واحد وهو لمّيّة وصفها على هذا النهج ، وإنما أخفيت ذلك لأن الشيخ رحمه اللّه تعالى قصد ذلك وعرفت مقصده فحذوت حذوه .
قلت : وكتاب المشاهد القدسية من أجلى كتب سيدي محيي الدين بل من أعظمها فهو وكتاب الإنزالات الوجودية لهم طابع خاص في علو الألفاظ ، ورقي المعاني إلى أعلى الدرجات ، وقد اعتنى به بعض المشايخ منهم سيدي ابن سويدكين تلميذ سيدي محيي الدين حيث وضع شرحا لبعض معانيها وهو مخطوط بحوزتي يسر اللّه لنا تحقيقه ، وكذلك الشيخ زين العابدين بن عبد الرؤوف المناوي له شرح على المشاهد في مجلدين ، وأما شرح الست عجم فقد أثنى عليه العلماء مثل الشيخ الشعراني رضي الله عنه والشيخ مصطفى البكري رضي الله عنه ومدحه مدحا طيبا في كتابه السيوف الحداد ، وإنما كان ذلك لدفع شبهة الاتحاد والحلول وقضية وحدة الوجود ، لمن يظن أن في هذه الألفاظ ومثل هذه المشاهدات وما كان على منوالها من ألفاظ الحقائق أنها يقصد بها هذه الأمور التي يرفضها ويذمها سيدي محيي الدين بن عربي كما في كتابه الفتوحات المكية آخر المنزل التاسع ، وغير ذلك في مواضع من رسائله العصماء .
ولذلك نقول : إن وحدة الشهود ووحدة الوجود يدعي الزنادقة أنهم لا يشهدون إلا اللّه ولا يثبتون كثرة أصلا ، ويزعمون أن وجوده المقدر المفروض المحدود ووجود هذه من أشياء من حيث هي أشياء مقدرة مفروضة ، وهي وجود الحق تعالى ، ولذلك دعا العلماء إلى تجنب التمسك بالألفاظ الموهمة بالاتحاد مثل الأنانيات : أنا الحق ، أنا هو وهو أنا وغيرها ، لأنها عبارات وقتية يتركها العارف عند الصحو ، وإن مراد أهل الحق إذا ما قالوا :
ما في الوجود إلا اللّه مثلا ، فمرادهم من حيث القيومية ، فإن به تعالى قيام كل شيء وهو القائم على كل نفس بما كسبت من حيث تجليه وإمداده فالمدد والتجلي الإلهي هما السبب في القول بوحدة الوجود ، وهذا يدرك ذوقا ، وتختلف فيه المشاهد والأذواق : من



“ 5 “


كان ذوقه صديقيا يقول : ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه قبله ، وهذا مشهد كامل ، حيث جمع بين شهود الحق والخلق في آن واحد .
لكن خرج عليه شهود الحق فرآه أولا ، ثم رأى الخلق ، فالعارف هو الذي يرى المشهدين الحق والخلق ، يرى ربه بعين ونفسه بعين ودنياه بعين وأخراه بعين ولا يخلط بين الحقائق أي : بين الوحدة والكثرة .
ومن كان مشهده فاروقيا يقول : ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه فيه إلا متجليا بقيومته عليه ، وهذا المشهد دون الأول وتتعدد المشاهد والأذواق بين عثماني ، وعلوي ، وغيره .
فالعارف يكون بين وحدة الشهود من العبد إلى الرب ، ووحدة وجود من الرب إلى الرب حيث يفنى العبد فالقول بوحدة الوجود على معناه المذكور يؤدي إلى القول بوحدة الأديان ، كما يقول الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي :
عقد الخلائق في الإله عقائدا * وأنا شهيد جميع ما اعتقدوه
فالدين واحد من آدم إلى سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ، والشرائع هي المتعددة ، ولذلك شروط أصولية معلومة .
ولذلك قد شرعنا في عمل كتاب شامل موسوعي في الرد عن الشيخ خاصة في مسألة الاتحاد والحلول ، جمعته من المطبوعات والمخطوطات .
وبالجملة : فمن قال بوحدة الوجود والحلول والاتحاد بمعنى أهل الزندقة والإلحاد فعن الحق قد حاد .



“ 6 “


وصف المخطوط ومنهج التحقيق قد اعتمد في أصل الكتاب وهو رسالة مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي على نسخة مصورة عن دار الكتب المصرية تقع في ثلاثين صفحة ذات وجه واحد ، وهي ضمن مجموع في التصوف ، مكتوبة بخط نسخي جيد مقروء كتبت في سنة 1321 ه على يد أحمد بن حمدي بن الشيخ حسن الأسطواني ، وقد قوبلت على نسخة من أصل نسخة الشيخ ، وقد كتبت هذه النسخة سنة 667 ه ، بمدينة فاس .
وأما نسخة شرح المشاهد فهي من مخطوطات دار الكتب المصرية أيضا تقع في 303 صفحة ذات وجه واحد ، وخطها نسخي جيد مقروء كتبت سنة 1290 ه ، كاتبها إبراهيم بن حسن الطباخ عن نسخة الأصل المكتوبة سنة 852 ه بحلب .


وأما منهج التحقيق فهو كالآتي :
أولا : نسخ الكتاب الأصل وهو المشاهد ، ثم نسخ شرح المشاهد نسخا علميا صحيحا مع مراعاة تفصيل النص وترقيمه وفصل المتن عن الشرح .
ثانيا : المقابلة والتصحيح من إصلاح تصحيف أو تحريف أو سقط وغير ذلك مما يجعل النص واضحا سليما صحيحا إن شاء اللّه تعالى .
ثالثا : عزو الآيات القرآنية إلى سورها مع أرقامها .
رابعا : التعليق بالتعريف لبعض ألفاظ الحقائق الواردة في الكتاب ، وكان ذلك مأخوذا من كلام العلامة الشيخ عبد الرازق القاشاني ، والشيخ ضياء الدين الكمشخانوي النقشبندي ، وغيرهما .
خامسا : عمل مقدمة تشمل التعريف بالكتاب ودراسة لأهميته ، وكذلك دفع شبهة الجاهل بعلم الحقائق وذلك على سبيل الإشارة ، ووضع ترجمة غير شاملة على التوسيع في التعريف بصاحب المشاهد وشارحته ، ووصف أصل الكتاب ومنهج التحقيق .
سادسا : أشرنا إلى ما في متن المشاهد ب ( ص ) ومعناه كلام المصنف ، وأشرنا إلى شرح الست عجم بالحرف ( ش ) ومعناه شرح كلام المصنف .
وآخرا أسأل اللّه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم مقبول عنده ، وأن يهدينا سواء

“ 7 “


السبيل ، ولا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لسيدي وشيخي الإمام القطب المربي المتحقق شيخ الشريعة والحقيقة حفظه اللّه تعالى ، وآخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
وكتبه أبو الحسن أحمد فريد المزيدي كلية أصول الدين - جامعة الأزهر - القاهرة

.

مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية Word
مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية PDF
مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية TXT
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية Word
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية PDF
شرح مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية TXT

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

 مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Empty
مُساهمةموضوع: ترجمة الشيخ ابن العربي .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي    مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة يناير 05, 2024 8:13 pm

 ترجمة الشيخ ابن العربي .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ ابن العربي مع شرح ست العجم بنت النفيس البغدادية

ترجمة المؤلف
هو : محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه ، الطائي ، الحاتمي ، المرسى ، المعروف بابن العربي ( محيي الدين ، الشيخ الأكبر ، الصوفي الشهير ) “ 1 “ . المولود في بلاد الأندلس سنة 560 ه - ، لينظر القارئ الكريم إلى شيوخه ، وتعليمه على أيديهم ، ولينظر أيضا إلى رحلاته العلمية ، التي يقول عنها الدكتور عثمان يحيى : " ولئن كانت دهشتنا بالغة فيما يتعلق بضخامة أعمال ابن العربي ، فإنها لدهشة بالغة كذلك أن نعرف أن هذه الأعمال لم تكن ثمرة لحياة هادئة نعم فيها ابن العربي بالوحدة ، ووجه كل اهتماماته فيها نحو الدرس والبحث ، بل كان ثمرة لحياة خصص فيها الجانب الأكبر للحياة الروحية : الخلوة ، والرياضة ، والتأمل ، والرحلات ، والأسفار . وها نحن نرى الشيخ يجوب أقطار المغرب والمشرق متعرفا على الأشياء ، وعلى الأشخاص ، وكأنه فراشة تتحرق شوقا إلى نور يهيم في سناه بيد أنها لا تحترق به أبدا " “ 2 “ . 
وربما يظهر من هذا الكلام التنبيه على أهمية هذه الرحلات ، والأسفار ، والتأمل في حياة الصوفي باعتبارها جزءا من ثقافته وخصوصياته التي لا بد لكل صوفي أن يفعل مثله . 
فالأمر عندنا ليس كذلك ، بل إن الجانب الروحي هو الشعلة والمدد ، للرحلات ولهذه الأعمال ، بل هو أساس هذه الأعمال ، ونستطيع أن نقول إن الجانب الروحي عند ابن العربي هو الذي يحركه ، لا يتحرك ليجمع الثقافة وغيرها ، وإنما يتحرك لأن الصوفي يعرف قيمة الوقت عملا بالقول المعروف عندهم : الصوفي ابن وقته . أي فيما أقامه اللّه في وقته اللحظي .
...........................................................
( 1 ) انظر : مصادر ترجمته في هذا الكتاب .
( 2 ) انظر : دكتور عثمان يحيى : مؤلفات ابن العربي تاريخها وتصنيفها .
ترجمه عن الفرنسية دكتور : أحمد محمد الطيب - سلسلة التراث - الهيئة المصرية العامة للكتاب 2002 ص ( 17 - 18 ) ط 2 وانظر : المجلد الأول من رسائل ابن العربي بتحقيقنا . ففيه ترجمة وافية لشيوخه ومؤلفاته الطبعة الأولى مؤسسة الانتشار العربي بيروت 2000 م ص 13 .

“ 18 “


ولو تأملنا حياته الحقيقية فهي رحلات روحية قبل أن تكون رحلات جسدية مقصورة على ثقافة العقل وحدها ، وبالرغم من أننا لا نستطيع أن نهمل دور العقل في حياة الصوفي إلّا أن الإفراط في الكلام عن العقل في حياته يضر به أكثر مما يفيد .
وذلك لأن الذوق الصوفي يخشى أن يهمله الناس في حياتهم ، فإن في إهماله ضررا بالغا على حياة الأفراد والمجتمع معا ، إذ هو حياة القلوب التي بدونها تصاب حياة الناس بالجفاف ، فيسقطون مثل الأشجار ذابلة دون ريّ أو ارتواء ، فتغيب ملامح الأرواح ، وتبقى كثافة الأشباح ، التي لا تعرف إلا المادة ، كما هو اليوم ، في كثير من الأقطار ، وعند كثير من الناس ، يلاحظ ذلك وترى الكثير منهم أيضا يبكون ويتباكون بعد ذلك أين إنسانية الإنسان ؟ التي ساهموا هم في إفسادها وتضييع معالمها ! فالحجب أصبحت كثيفة جدا ، وهي لم تعد تسمح بمرور شعاع النور من جديد ، وما بقي إلّا أن يأتي طارق شديد يهز بعمق النفوس لتتحرك هذه الكثافة فيفيقوا لإزاحتها وربما يستطيعون .
فابن العربي نموذج طيب جدا ، ومهم جدا أن ننظر إلى حياته الروحية ، ونوليها أهمية كبيرة ، وأظن أن الناس ربما يقتربون من ذلك .
كان نهاية مطاف ابن العربي ( رضي اللّه عنه ) بدمشق وتوفّي بها في الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر من سنة 638 ه - ، ودفن بسفح قاسيون ، وله قبر يزار هناك إلى اليوم .

“ 19 “


مؤلفاته
الحديث عن مؤلفات ابن العربي حديث ذو شجون كما يقول القائل ، وقد تحدثت عنها كثيرا جدا تقريبا في كل كتاب تقريبا قمت بتحقيقه ونشرته لابن العربي ، وأود هنا أن أحيل القارئ إلى المجلد الأول من رسائل ابن العربي طبعة مؤسسة الانتشار العربي ففيه رسالة بتحقيقنا داخل الكتاب بخط ابن العربي نفسه بمؤلفاته ، وشيوخه ، وأعتقد أنها تغني عن كثير ممن يريد أن يتحدث أو يعرّف عن المؤلفات الخاصة بابن العربي .
ونظرا لما لهذه المؤلفات من أهمية وربما لم توفر لدى الجميع هذه المجلدات أو فهارس الكتب لابن العربي فإنني أستطيع الآن تقديم عدد من هذه المؤلفات التي قمنا بتحقيقها ، بعضها نشر فعلا ، والبعض الآخر تحت التجهيز وقيد النشر إن شاء اللّه ، وهذه هي المؤلفات :
1 - فهرست مؤلفات ابن العربي وشيوخه ، الذي بعثه إلى بهاء الدين غازي سنة 632 هـ –
 . ويبدو أنه لم يكتب أيضا فيه كل كتبه ، وإنّما كتب ما تذكره وقت إرسال الكتاب .
2 - كتاب العظمة .
3 - مراتب علوم الوهب .
4 - الحروف الثلاثة .
5 - اللمعة الموسومة بكشف الغطا عن إخوان الصفا .
6 - منزل المنازل الفهوانية .
7 - رسالة في أسرار الذات الإلهية .
8 - القطب والإمامين والمدلجين .
9 - مقام القربة .
10 - المدخل على المقصد الأسمى في الإشارات .
11 - نسخة الحق .

“ 20 “


12 - شق الجيب بعلم الغيب .
13 - القطب والنقباء .
14 - عقلة المستوفز .
15 - رسالة في الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار .
16 - رسالة الدرة البيضاء .
17 - رسالة ابن العربي إلى الفخر الرازي .
18 - رسالة الجلال والجمال .
19 - تاج الرسائل ومنهاج الوسائل .
وهذا الكتاب يحتوي على مجموعة من الرسائل هي :
أ - الرسالة الإلهية .
ب - الرسالة القدسية .
ت - الرسالة الاتحادية .
ث - الرسالة الربانية .
ج - الرسالة المشهدية .
ح - الرسالة الفردوسية .
خ - الرسالة العذرية .
د - الرسالة الوجودية .
وكل رسالة من هذه الرسائل الثماني تناسب شوطا من أشواط الطواف حول الكعبة عدا الرسالة الأولى فهي الإلهية .
20 - التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية .
21 - الإعلام بإشارات أهل الإلهام .
22 - الكوكب الدري في مناقب ذي النون المصري .
23 - عنقاء مغرب .
24 - كتاب اليقين .
25 - كتاب المعرفة .

“ 21 “


26 - تاج التراجم .
27 - حلية الأبدال .
28 - الوصايا .
29 - القسم الإلهي .
30 - كتاب الياء . وهو كتاب " الهو " .
31 - كتاب الألف وهو كتاب الأحدية .
32 - كتاب أيام الشأن .
33 - كتاب الفناء في المشاهدة .
34 - مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم .
35 - مشاهد الأسرار القدسية ، وهو الكتاب الذي بين يديك .
36 - كتاب الحجب .
37 - كتاب شجرة الكون .
38 - كتاب الأزل .
39 - كتاب الباء .
40 - كتاب الياء .
41 - كتاب المبادئ الغايات في معاني الحروف والآيات .
42 - العقد المنظوم فيما تحويه الحروف من الأسرار والعلوم .
43 - نتائج الأذكار في المقربين والأبرار .
44 - الاتحاد الكوني .
45 - الموازنة لختم الأولياء .
46 - الجواب المستقيم فيما سأل عنه الترمذي الحكيم .
47 - رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات .
48 - رسالة التلقينات الأربع .
49 - رسالة التأييد والنصر .
50 - رسالة اللطائف والأسرار .

“ 22 “


51 - رسالة المعراج وتنزيل حرف الإدخال والإخراج .
52 - تفسير فاتحة الكتاب وبسم اللّه الرحمن الرحيم .
53 - فصوص الحكم . الفكوك في شرح الفصوص .
54 - التنزلات الليلية .
55 - التنزلات الموصلية .
56 - الإنزالات الوجودية .
57 - رسالة لطائف أسرار القلب واللسان .
58 - رسالة معقل العقول في انشقاق القبر عن الرسول .
59 - رسالة المناصفة في حقيقة المكاشفة .
60 - رسالة المقصود من الوصل المحمود .
61 - رسالة كشف المشاهدات في أقل الدرجات .
62 - رسالة الإفادة في الشهادة .
63 - رسالة ظهور الباني في السبع المثاني .
64 - رسالة مقدمة الإنصاف في الأوصاف .
65 - رسالة إشارة المنصف .
66 - رسالة الكلمات الإنجيلية الناطقة .
67 - رسالة حق الوقت والساعة ، وحفظ الحالة والطاعة .
68 - رسالة سطر الحرف والكلمات ، وشطر حسني الإدراك الموجب لتكملة السعادات .
69 - رسالة المقابلة النزولية .
70 - رسالة المقامات الصلبية القلبية ، والمقامات الظهرية العقلية .
هذه نماذج من مؤلفات محيي الدين بن عربي التي قمنا بتحقيقها - وللّه الحمد والمنة - بعضها نشر والبعض الآخر قيد النشر - من مؤلفات البحر الزخّار الممتلئ لحافته يفيض دائما ، ولا ينفد ، وكيف ينفد من أمده اللّه تعالى بمدده فمدد اللّه سبحانه وتعالى يقول فيه : قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ

“ 23 “
 
كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً” 1 “ مداد الكتابة لم ينفد ، فما بالك بالمكتوب عنه ! . 
إنك أمام ميراث محمدي عال ، فائق . إنك أمام إعجاز وأي إعجاز ! بكل المقاييس . للّه الفضل والمنة . 
إن الأمر - بحق - يحتاج إلى جهد كبير ، وإعادة النظر لدى أصحاب الثقافات العربية لمعرفة ما منّ اللّه به علينا من أمثال هؤلاء العلماء الأفذاذ . للوقوف على تراثهم الذي يحيي فينا روحا طيبا ساريا واحدا . . أحيا اللّه ذكرهم ، ورضي اللّه عنهم . إنه نعم المولى ونعم النصير . وهذه الأعمال المقصد من ورائها ابتغاء وجه اللّه وحده . 
.......................................................
( 1 ) ( المحقق ) الآية رقم ( 109 ) من سورة الكهف .

“ 24 “
 
مصادر ترجمة المؤلف 
لا بد وأن يدهشك كما أدهشني ذلك التراث الجم الوفير الذي يتوفر عليه طائفة كبيرة من العلماء تشرح ، وترصد ، وتنقب في ، وعن تراث سيدي محيي الدين بن عربي ذلك التراث الذي ما يزال يحتاج إلى كثير من أيدي وقلوب المخلصين من أبناء هذه الأمة ، وسوف أعرض لكم نماذج مما كان من المصادر التي عنيت بالحديث عن الشيخ الأكبر وعن مؤلفاته ، سواء منهم من كان معه أو ضده . 
والحديث عن المصادر هام جدا ، إذ بها مجمل تفاصيل الكلام قربا وبعدا عن ابن العربي ومؤلفاته التي ملأ بها الدنيا كلها بحثا وتنقيبا عن مراداته من هذه المؤلفات ، والحقيقة أنه لم يكن هناك مرادات للصوفي الكبير غير مراد اللّه ، لأنه تلقى هذه الكتب ذوقا وكشفا لا تأليفا ، يحتمل الظن والتخمين لكن تظل فكرة البحث عن حياته ، وحول أعماله فكرا وبحثا اختلافا واتفاقا تدل على أهمية هذه الأعمال ولا نختلف مطلقا على أن البحث في الكتابة الصوفية والعلم الصوفي يعد مهمة التفكير لأصحاب هذا العلم . 
1 - معجم المؤلفين / عمر رضا كحّالة : 11 / 40 
2 - الأعلام / خير الدين الزركلي 170 
3 - الذيل على الروضتين / تحقيق : محمد مصطفى 
4 - نفح الطيب / المقري 7 / 90 - 161 
5 - الوافي بالوفيات / الصفدي 4 / 173 - 178 
6 - البداية والنهاية / ابن كثير : 13 / 156 
7 - فوات الوفيات / ابن شاكر الكتبي : 12 / 241 - 243 
8 - لسان الميزان / ابن حجر العسقلاني : 
9 - النجوم الزاهرة / ابن تغري بردي : 6 / 339 - 340 
10 - مرآة الجنان / اليافعي : 4 / 100 - 101

“ 25 “
 
11 - ميزان الاعتدال / الذهبي : 3 / 108 - 109 
12 - طبقات المفسرين / السيوطي : 38 
13 - طبقات المفسرين / الداوودي محمد بن علي بن أحمد 2 / 240 
14 - طبقات القراء / ابن الجزري : 2 / 208 
15 - الإجازة بمؤلفاته للملك الغازي انظر الإشارة المقابلة لنشرها وهي بخطه ابن العربي كتبها بنفسه انظرها داخل المجلد الأول بتحقيقنا طبعة مؤسسة الانتشار العربي. 
16 - شذرات الذهب / ابن العماد : 5 / 190 - 202 
17 - كشف الظنون / حاجي خليفة : مواضع كثيرة 
18 - مفتاح السعادة / طاش كبرزاده : 1 - 187 
19 - روضات الجنات / الخوانساري : 192 
20 - فهرس الفهارس والإثبات / الكتاني : 1 / 233 
21 - كتاب المعرفة / لابن العربي بتحقيقنا 
22 - كتاب الفتوحات المكية / لابن العربي أيضا ، خاتمة الكتاب 
23 - فصوص الحكم / شرح أبو العلا عفيفي 
24 - فصوص الحكم / شرح عبد الرزاق القاشاني 
25 - كتاب اليقين / ابن العربي بتحقيقنا 
26 - في صحبة الشيخ الأكبر / الشيخ عبد الرحمن حسن محمود 
27 - التنزلات الموصلية / ابن العربي بتحقيق الشيخ عبد الرحمن 
28 - هدية العارفين / البغدادي : 2 / 114 - 121 
29 - الكبريت الأحمر / الشيخ عبد الوهاب الشعراني 
30 - اليواقيت والجواهر / الشيخ عبد الوهاب الشعراني 
31 - رسائل ابن العربي / بتحقيق : قاسم محمد عباس ، وحسين محمد عجيل

“ 26 “


32 - فهرس المخطوطات المصورة / لطفي عبد البديع مواضع كثيرة
33 - فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية / المجلد الأول
34 - سير أعلام النبلاء / الذهبي : مؤسسة الرسالة
35 - مؤلفات ابن العربي / دكتور عثمان يحيى : هيئة الكتاب مصر
36 - محيي الدين بن عربي / دكتور : محمود قاسم
37 - الطبقات الكبرى / عبد الوهاب الشعراني 1 / 163
38 - ديوان ابن العربي / قدم له محمد ركابي
39 - جامع كرامات الأولياء / يوسف بن إسماعيل النبهاني
40 - الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية / عبد الرؤوف المناوي : 2 / 159 المكتبة الأزهرية للتراث
41 - ترجمان الأشواق / طبعة دار صادر
42 - المجددون في الإسلام / الصعيدي
43 - تاريخ فلاسفة الإسلام / لطفي جمعة
44 - عقود الجوهر / جميل العظم
45 - البرهان الأزهر في مناقب الشيخ الأكبر / أحمد حمدي القادري
46 - تنبيه الغبي إلى تبرئة ابن العربي / السيوطي
47 - إيضاح المكنون / إسماعيل البغدادي مواضع كثيرة
48 - تاريخ الأدب العربي / بروكلمان الطبعة العربية .
ترجمة بإشراف أ . د . محمود فهمي حجازي

“ 27 “


كتاب مشاهد الأسرار القدسية
نسخ الكتاب الخطية
اعتمدت في تحقيقي لهذا الكتاب على نسختين : نسخة مخطوطة والأخرى مطبوعة ، وسأتكلم عن بعض مشكلات هذه المطبوعة ، حين التعرض لها .
رمزت للنسخة المخطوطة بالرمز ( خ ) ، ورمزت للمطبوعة بالرمز ( ط ) .
أولا : النسخة الأولى ( خ ) .
اعتمدت على نسخة ورقية لهذه المخطوطة ، التي قمت بتصويرها من مخطوطات دار الكتب المصرية تحت رقم ( 202 تصوف ) .
وهذه المخطوطة بياناتها كالتالي : تقع في ( 61 صفحة ) .
مكتوبة بخط نسخي .
عدد الكلمات في السطر الواحد من 11 - 8 كلمة .
عدد الأسطر في الصفحة الواحدة ( 51 ) سطرا .
مبين عليها تاريخ النسخ . وهو الرابع من شهر صفر الخير لسنة 1321 ه أي سنة : إحدى وعشرين وثلاثمائة وألف .
ومبين كذلك اسم الناسخ : أحمد حمدي بن الشيخ حسن الأسطواني .
تتميز هذه النسخة بمقابلتها على أصلها المخطوط أيضا
كما تتميز بأن النسخة المقابلة عليها مكتوب عليها بخط محيي الدين بن عربي ، بالرغم من وجود شك في هذا التاريخ ، إلّا أنه ربما كان المكتوب سبعة وثلاثين وستمائة .
مسجل العنوان على أول صفحة للكتاب .
وخاتمة الكتاب كذلك ، وخاتمة الناسخ بنفس الخط لكتاب كله .
انظر الصفحات المرفقة في ( صور ونماذج لمخطوطات الكتاب ) .

“ 28 “


ثانيا : النسخة الثانية : ( ط ) .
هذه النسخة التي تمت نشرتها الأولى بمجلة “ الكرمل “ في ملف خاص عن الصوفية ، وكان ذلك بالعدد رقم ( 62 ) شتاء سنة 2000 م .
وهي مجلة تهتم بالنصوص الأدبية ، ونشرها ، وإقامة الدرسات النقدية والتحليلية ، حول هذه النصوص وغيرها ، وبالتالي فإن المقام الأول الذي نشر من أجله هذا الكتاب فيها اعتباره بالدرجة الأولى نصا بليغا ، عالي البلاغة ، وإلّا ما تميز هذا النص عن غيره ، وإن يكن هناك أمر آخر فإنه الرمز الذي يتجلى في هذا النص ، تكتنز ألفاظه بالمعاني ، وتشع في كل اتجاه أردتها فيه . وهم في هذا لهم كل الحق ، في نشر بناء لغوي بهذا الجمال ، والدقة ، وحسن الصياغة ، وشفافية الجمل والكلمات . ويصح الوقوف عند بلاغة نص ما من النصوص الصوفية إعجابا ، وفرحا بهذا النص ، أو ذاك .
لكن يكون هذا الإعجاب ، والتمتع بجمال النص حجابا عن قيمة النص الحقيقية التي وضعت من أجله ، إذ الألفاظ حاملة للمعاني ، وأعرف أن بعض الأدباء يستطيع أن يتنبه إلى ذلك ، لكن منهم من جرفه تيار الألفاظ فحجبه عن كثير من القيم داخل النص ، وكذلك المعاني . فإن ذلك يؤدي إلى توجيه النص وجهة غير المراد له ، لأن الصوفية عندهم البلاغة أمر طبيعي وعادي في كتاباتهم ، بل إنها في كثير من الأحيان يهرب منها بعض الصوفية لإلباس هذه الألفاظ حلل غريبة عليها يبدو منها الإغراق في الرمز لا يفهمه إلا أصحابه المرادون له ، مثل ما فعل ابن العربي في كثير من كتبه وخاصة " عنقاء مغرب " حين تكلم عن بعض الأمور ثم قال أمّا مرادنا منها فقد بثثناه في الهواء يصل إلى من نريد له أن يصل إليه ، وهذا من أعجب الأسرار .
غاية الأمر أن الشكر لمن قام بنشر هذا العدد واجب ، ولن نتحدث عن قضايا التحقيق فالأمر بيّن لا يحتاج إلى وضوح ، ولذا فإن تحقيق الكتاب لم يقدم لكي يردّ على ما نشر في المجلة ، ولكن لكي يقدم نصا هاما لابن العربي في كتاب ، وليس في مجلة ، يمكن أن يكون كما أراد له مؤلفه .

“ 29 “


منهج الكتاب
قبل أن أعرض لمنهج هذا الكتاب لا بد من التوجه إلى القارئ بعدة أمور أهمها :
1 - أن هذا الكتاب له عدد من النسخ ، وكذلك عدد من الشروح الهامة مما يدل على أهميته العظمى ، شرحه أئمة في التصوف . وهم من القدامى .
2 - لم يتناول هذا الكتاب أحد من المحدثين بالدراسات كما حدث في رسائل كثيرة وكتب لابن العربي .
3 - قد يرجع ذلك لصعوبة النص ، وقد يكون صعوبة النشر في الوقت ذاته ، بالرغم من خفة هذه النقطة .
4 - لم يعرض أصحاب الفهارس والمكتبات الرئيسية المفيد في منهج هذا الكتاب . كما فعلوا ببعض مؤلفات ابن العربي . إلّا أن بروكلمان تحدث عن أنه ألّف الكتاب بعد زيارته لتونس سنة 950 ه “ 1 “ . تلبية لرغبة تلاميذ الشيخ عبد العزيز المهدوي ، وعلى وجه الخصوص ابن عمه علي بن عبد اللّه العربي .
5 - نبّه الدكتور عثمان يحيى ( رحمه اللّه ) على أن ابن العربي قد ألّف هذا الكتاب في المعرفة الحدسية الحاصلة من صور المشاهدات . هذا كل ما قاله !
6 - ثم قال الدكتور عثمان يحيى أيضا أنه ألّفه في سنة 760 ه في " قونية " بعد زيارة المؤلف لتونس . أي بعد أن جاء من زيارة تونس . ردا على بروكلمان .
أمّا شرّاح هذا الكتاب فهم كثيرون منهم “ 2 “ :
ست عجم بنت النفيس بن أبي القاسم البغدادية " فرغت من تأليفها سلخ شهر صفر سنة 684 ه - بحلب أو 687 ه - كما هو موجود في نسخة أيا صوفيا ،
.....................................................................
( 1 ) انظر بروكلمان الطبعة العربية ترجمة بإشراف الأستاذ الدكتور / محمود فهمي حجازي ج 4 / 17 / 389 .
( 2 ) انظر : الدكتور عثمان يحيى / مؤلفات ابن العربي طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب ترجمة أ . د / أحمد الطيب .

“ 30 “


وهناك تاريخ آخر هو : 852 ه - . ويبدو أنه تاريخ نسخة أخرى منه لأن المعروف أنها توفيت سنة 846 ه .
* ابن سودكين المتوفى سنة 466 ه .
* زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة 1031 ه .
* شرح لمؤلف مجهول كما ذكر بروكلمان ، وعثمان يحيي .
أمّا الشروح نفسها ، وأماكن وجودها في المكتبات فهي :
* شرح المشاهد القدسية على متن سيدي محيي الدين ابن العربي المسمى بالمشاهد تصوف تيمور عربي ( 15 ) ، ( 280 ) ورقة . ميكروفيلم ( 26313 ) .
* شرح المشاهد لمحيي الدين ابن العربي ( تصوف طلعت عربي 1446 ) .
* شرح على كتاب المشاهد . ( تصوف طلعت عربي 1360 ) .
* النجاة بمن حجب عن الاشتباه في شرح مشكل الفوايد من كتابي الأسرار والمشاهد لابن العربي ( تصوف طلعت عربي 1117 ) .
نسخة أخرى منه : ( تصوف طلعت أيضا تحت رقم 8621 ) .
* شرح المشاهد ( تصوف طلعت عربي 1298 ) .
* شرح مشاهد القدسية ( هكذا ! ) ( 235 ورقة ) الميكروفيلم تحت ( رقم ) ( 32584 ) ( تصوف عربي 214 ) .
* مشاهد الأسرار القدسية ( تصوف 202 ) وهي النسخة التي اعتمدناها في التحقيق كما سبق وأشرنا لذلك في الكلام عن النسخ .
أمّا عن المنهج الخاص بهذا الكتاب : فلم يؤلف ابن العربي هذا الكتاب التأليف المعهود في أذهان أصحاب الأفكار الاجتماعية أو الأدبية أو ، أو . . إنما هذه كتب تكتب فقط لأنها عبارة عن مشاهدات عظيمة لأصحاب الفتح الأكبر مثل سيدي محيي الدين ، وسيدي أحمد التجاني ، وسيدي صلاح الدين التجاني ، وكل من أكرمه اللّه سبحانه وتعالى بهذا الفتح ، فليس الأمر هنا متوقف على المعرفة الحدسية وغير الحدسية التي يظنها البعض ، إنما الأمر أكبر من هذا بكثير جدا جدا . فهو فقط قدم للكتاب

“ 31 “


بمقدمة تليق به من عالم جليل ، وصنع أربعة عشر مشهدا لخص فيها رحلة العروج والترقي في المنازل الإلهية ، والمشاهدات العظمى ، التي لم يذكرها ، ووصف فقط بعض النماذج ، أو قل الألفاظ التي تعبر عن شبه ما رأى لأن ما رآه أمرا خطيرا لا يتكرر ، إلّا لأصحاب العناية الإلهية . فنحن فقط في هذا الكتاب نحوم حول الألفاظ لعلها تحن علينا بمعنى خلف المبنى الكائن أمامنا .

“ 32 “
 
منهج التحقيق 
اتبعت في منهج تحقيق هذا الكتاب الطريقة التي أتعامل بها مع أحب النصوص إلى قلبي فقد وقفت عليه كلمة كلمة مراجعا ، ومدققا ، ومعلقا ، وشارحا أحيانا ، غير أنني لم أقدم على الشرح . لكني أعتقد أنني وضعت يد القارئ الكريم على أهم مفاتيح هذا الكتاب الهام من مؤلفات ابن العربي ، ثم وقفت على تخريج الآيات القرآنية ، والأحاديث ، وبعض الأشعار ، والأعلام ، والمصطلحات ، وغير ذلك . ثم قدمت له ، وللمؤلف ، وللمخطوطات الخاصة بالكتاب . 
ثم ناقشت كيفية قراءة مثل هذا النوع من الكتب الشديدة الرمزية وقد أثار المؤلف نفس الموضوع لأهميته في المقدمة . انظرها . 
ثم قمت بعمل فهارس ختامية للكتاب كما يتطلبها منهج التحقيق العلمي الحديث وهي : 
1 - فهرس للآيات القرآنية . 
2 - فهرس للأحاديث . 
3 - فهرس للأشعار . 
4 - فهرس للأعلام . 
5 - فهرس لبقية المتفرقات من الأماكن والبلدان وغيره . 
6 - فهرس للمراجع والمصادر التي أعانت التحقيق . 
7 - فهرس لمحتوى الكتاب كله . 
وبعد أرجو أن يتقبل اللّه العلي القدير كل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ، وأن يحسن ختامنا يوم اللقاء ، إنه ولي ذلك والقادر . 
والحمد للّه رب العالمين 
أولا وآخرا 
سعيد عبد الفتاح 
غرة المحرم سنة 1425 هـ
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

 مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Empty
مُساهمةموضوع: ترجمة الشيخ الأكبر صاحب المشاهد .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية ابن العربي شرح الشيخة ست العجم بنت النفيس     مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة يناير 05, 2024 8:14 pm

ترجمة الشيخ الأكبر صاحب المشاهد .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية ابن العربي شرح الشيخة ست العجم بنت النفيس 

الشيخة الصالحة العالمة الزاهدة
ست العجم بنت النفيس بن أبي القاسم البغدادية
المتوفاة بعد سنة 852 ه‍

ترجمة الشيخ الأكبر صاحب المشاهد
قال الشيخ الكتاني في كتابه جلاء القلوب :
هو الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر ذو المحاسن التي تأخذ القلوب وتبهر ، العالم العادل ، القدوة الكامل ، إمام الواصلين ، قرة عيون الكاملين ، فخر الأولياء والأقطاب العارفين ، وارث علوم الأنبياء والمرسلين ، قطب دائرة المحققين ، صفوة الصفوة من المقربين ، ذو المقامات الفاخرة والكرامات الظاهرة والأحوال [ 1 / 6 ] الباهرة ، سلطان أهل الحقيقة على الإطلاق ، وشيخ مشايخ أهل المعرفة بالاتفاق ، وكاشف الأسرار الإلهية ، الموصوف بختم الولاية الجامعة المحمدية ، الذي قيل فيه : إنه لا تسمع بمثله الدهور والأعصار ، ولا يأتي بقرينه الفلك الدوار ، الوارث المحمدي محيي الملة والحق والدين : أبو بكر وأبو عبد اللّه محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن العربي - بالألف واللام - على ما وجد بخطه ، وهو الموجود في عدة نسخ من فتوحاته وبخط جماعة من العلماء ، وذكر جماعة آخرون منهم صاحب القاموس : أن القاضي أبا بكر المالكي وهو محمد بن عبد اللّه المعافري الأندلسي ، دفين فاس وصاحب التصانيف المشهورة التي منها عارضة الأحوذي في شرح الترمذي يقال معرفا بالألف واللام ، وأن محيي الدين هذا يقال منكّرا بلا لام ، وهو اصطلاح اصطلح عليه الكثير وتداولوه ، وسمع أيضا من أفواه الثقات ، وكأنه للتفرقة بينهما ، حتى لا يلتبس أحدهما بالآخر .
وفي نفح الطيب كان في المغرب يعرف بابن العربي بالألف واللام ، واصطلح أهل المشرق على ذكره بغير ألف ولام فرقا بينه وبين القاضي أبي بكر بن العربي ، انتهى .
وكأنهم عرّفوا الثاني لمناسبة كونه ظاهريا أي : يميل إلى ظاهر الشريعة ، قال : والظاهر معروف .
ونكروا الأول لمناسبة كونه باطنيا أي : يميل إلى باطن الشريعة ، وهو الحقيقة ، والباطن غير مألوف .
الطائي نسبا ، من ذرية عبد اللّه بن حاتم الطائي أخي عدي بن حاتم ، وأما عدي فلم يعقب ، الظاهري مع الاجتهاد في شيء من الفروع مذهبا وتعبدا ، الصوفي مشربا وأدبا ، الأندلسي إقليما ، المرسي مولدا ، الدمشقي دارا ووفاة ومزارا ، فإني اقتبست كثيرا من فتوحاته البهية ، وتحليت بها ما أمكنني من فصوصه الشهية اللذين هما من آخر ما ألّف ، ولفضلهما تأنس بمطالعتهما [ 1 / 7 ] والاقتباس من أنوارهما كل من له ذوق وتألف .

“ 18 “


وقد علم من هذا أنه رضي الله عنه من أهل الأندلس الذين هم من أهل المغرب الأقصى في الفضائل المعروفة ظاهرا ونصّا .
وقد أقام بفاس مدة ، ولقي بها من الأفاضل عدة ، وكان له بها مسجد بعين الخيل منها يؤم فيه ، ولا زال كثير من أهل الخير إلى الآن يقصده يتبرك به ، وهذا المغرب الأقصى وخصوصا منه فاسا ونواحيها هو الذي خرجت منه الأولياء الجماهير ، والكبار المشاهير ، كالشيخ الأكبر هذا ، وكالإمام الشهير أبي عبد اللّه : محمد بن سليمان الجزولي مؤلف دلائل الخيرات ، والشيخ أبي الحسن الشاذلي شيخ الطريقة الشاذلية المشهورة شرقا وغربا ، والقطب سيدي أحمد البدوي دفين طنطا ، والقطب الغوث سيدي عبد العزيز بن مسعود الدّباغ ، والغوث الذي مكث جل عمره في الغوثانية سيدي علي الجمل ، وتلميذه مولاي العربي بن أحمد الدرقاوي شيخ الطريقة الشاذلية الدرقاوية وإمامها ، والقطب سيدي أحمد ابن إدريس العرايشي المشهور باليمن ، صاحب الأحزاب والصلوات ، والذي تفرعت عنه طرائق مختلفات ، وغيرهم ممن يكثر جدا ، ولكنه هاجر الكثير منهم إلى البلاد المشرقية ليعم النفع بهم سائر البرية ، ولأنها منبع الأنوار والحقائق بحلول سيد السادات بها وخير الخلائق صلى اللّه عليه وسلم وفي ذلك يقول صاحب الترجمة رضي الله عنه :
رأى البرق شرقيا فحنّ إلى الشرق * ولو لاح غربيا لحنّ إلى الغرب
إن غرامي بالبريق ولمعه * وليس غرامي بالأماكن والترب
ولد رضي الله عنه ليلة الاثنين سابع رمضان المعظم سنة ستين وخمسمائة بمرسية ، ثم انتقل منها لإشبيلية وللمرية ، وطاف وجال في البلاد [ 1 / 8 ] المغربية ، وكتب لبعض الولاة بالأندلس ، ثم ترك ذلك وخرج تائها في البراري إلى أن نزل في قبر فمكث فيه أياما ، ثم خرج يتكلم بهذه العلوم التي نقلت عنه ، ولم يزل سائحا في كل بلد بحسب اللذة ، ثم رحل منها ، ويخلف ما ألفه من الكتب فيها ، وارتحل إلى المشرق حاجّا فحج وزار ، وأقام بالحجاز مدة ، ودخل مصر وبغداد والموصل وبلاد الروم وسكنها مدة ، ولقي جماعة من العلماء والصلحاء وجهابذة الحديث ، وأخذ عنهم وأجازوه ، ولقيه هو جماعة من العلماء والمتعبدين وأخذوا عنه ، وكان آية من آيات اللّه علما وعملا ودينا ، وتقى وزهدا وتوكلا ويقينا ، وكان أعلم زمانه بحيث إنه كان في كل فن متبوعا لا تابعا لأحد من أقرانه ، وكان في الكشف والتصوف والتحقيق بحر لا يجارى وإماما لا يغالط ولا يبارى ، متضلعا بالحقيقة والشريعة ، متمسكا منهما بأقوى ذريعة ، وله في التوحيد القدم الراسخة ، وفي

“ 19 “


العلوم اللدنية والمعارف الإلهية الذروة الشامخة ، محيط بما في الكتاب والسنة من العلوم ، مستنبطا منهما ما تقف دون إدراكه أقدام الفهوم ، متصفا بالولاية العظمى والصديقية الكبرى ، وما له من المناقب والكرامات لا تحصره مجلدات .
وقد ذكر الشيخ أبو عبد اللّه القوري والشيخ أبو العباس زروق وغيرهما من الفحول العارفين بالفروع والأصول : أنه كان أعرف بكل فن من أهله وذويه ، وأتقن في كل علم ممن يحاوله وينتقيه .
قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في الكواكب الدرية : وإذا أطلق الشيخ الأكبر في عرف القوم فهو المراد ، هو في كلام بعضهم أنه أعطي نواطق أكثر أهل القرب والوداد ، ووصل في العلوم كلها إلى مرتبة الاجتهاد ، وسبب فتحه ومنة اللّه عليه كان بمحاماته لفقراء الصوفية ومدافعته عنهم وانتصاره لهم [ 1 / 9 ] كما في كتابه روح القدس في ترجمة شيخه أبي محمد المروزي : ولم أزل أبدا والحمد للّه أجاهد الفقهاء في حق الفقراء السادة حق الجهاد ، وأذب عنهم وأحمي ، وبهذا فتح لي ومن تعرض لذمهم والأخذ فيهم على التعيين ، وحمل من لم يعاشر على من عاشر ، فإنه لا خفاء لجهله ولا يفلح أبدا .
وقال في كتابه شرح الوصية اليوسفية :
[ قلت : وهو يعرف أيضا بشرح روحانية الشيخ علي الكردي ، بتحقيقنا ] .
ولقد رأيت - واللّه أعلم - رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في النوم أو بعض المعصومين فقال :
أتدري بم نلت ما نلت من اللّه تعالى ؟ قلت : لا . قال : باحترامك من يدعي أنه من أهل اللّه سواء كان ذلك في نفس الأمر كما ادعاه أم لا ، فراعى اللّه تعالى لك ذلك وشكره منك ، فأعطاك ما قد علمت .
ومن شيوخه وعمده في الطريق : الشيخ أبو جعفر العريني قدس سره لقيه بأشبيلية في أول دخوله في طريق القوم ، وكان الشيخ أبو جعفر هذا بدويا أميا لا يحسب ولا يكتب ، وإذا تكلم في علم التوحيد فحسبك أن تسمع .
ومنهم : الشيخ الإمام أبو يعقوب يوسف بن يخلف الكوفي العبسي من أصحاب شيخ المشايخ وسيد العارفين وقدوة السالكين أبي مدين شعيب بن الحسين المغربي البجادي دفين عباد تلمسان ، ولسان هذه الطريق ومحييها ببلاد المغرب قدس سره .
قال الشيخ : دخلت تحت أمره فربى وأدب ، فنعم المؤدب ونعم المربي . وقال وسمعته يقول : إذا شاء الشيخ أخذ بيد المريد من أسفل سافلين ، وألقاه في عليين في لحظة واحدة .

“ 20 “


قال : وجل ما أنا فيه من بركته وبركة أبي محمد المروزي يعني عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي من أصحاب الشيخ أبي مدين أيضا وأشياخ صاحب الترجمة .
قال رضي الله عنه : عاشرته معاشرة انتفعت به ، وأطلعني اللّه ليلة على المقامات ومشى بي عليها ، حتى وصلت مقام التوكل ، فرأيت شيخنا عبد اللّه المروزي في وسط ذلك المقام ، والمقام يدور عليه كدوران الرحى على قطبها وهو ثابت لا يتزلزل [ 1 / 10 ] فكتبت له بذلك .
ومنهم : الشيخ سيدي أبو مدين المذكور ، فإنه رضي الله عنه كان معاصرا له في حياته بإشبيلية ، والشيخ أبو مدين ببجاية وبينهما مسيرة خمسة وأربعين يوما ، وكان يريد الرحلة إليه شديد الرغبة في لقائه ، ويتمنى أن يجتمع به وقد سكن أبو مدين إذ ذاك عن الحركة فأتاه غيبا وأمده بروحانيته ، فاكتفى بذلك عن رؤية الحس ومصاحبته وصار يحليه بشيخنا وبسيدنا وبخلاصة الأبرار ، ويذكر أحواله ومآثره ، ويعظمه كثيرا ويحتج بكلامه ، وقد لقي كثيرا من أصحابه ، وأخذ من أخباره عنهم ما تضيق به العبارة .
وأرسل الشيخ سيدي أبو مدين مع بعضهم وهو الشيخ أبو عمران موسى السدراتي - وكان من الأبدال - يقول له : أما الاجتماع بالأرواح فقد صح بيني وبينك وثبت ، وأما الاجتماع بالأجسام في هذه الدار فقد أبي اللّه ذلك ، فسكن خاطري والموعد بيني وبينك عند اللّه في مستقر رحمته ، ذكر ذلك الشيخ في رسالته روح القدس .
والشيوخ الذين لقيهم وأخذ عنهم وانتفع بهم كثيرون ، وقد صرح بذكر الكثير منهم في بعض كتبه كالفتوحات ، ورسالة روح القدس ، وألف فيهم كتابا سماه الدرة الفاخرة في ذكر من انتفعت به في طريق الآخرة .
ومن أسباب فتحه أيضا دخول الخلوة ، قال العارف باللّه القطب سيدي عبد الوهاب ابن أحمد الشعراني قدس سره في كتابه الذي سماه ب “ الجوهر المصون ، والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والعلوم “ ، وهو كتاب ذكر فيه من علوم القرآن العظيم نحو ثلاثة آلاف علم .
قال في كتابه الميزان : لا مرقى لأحد من طلبة العلم الآن فيما نعلم إلى التسلق أي :
التسور إلى معرفة علم واحد منها بفكر وإمعان نظر في كتاب ، وإنما طريقنا الكشف الصحيح . انتهى من نصه .
ومنها - يعني من علوم الخلوة - أن يفتح عليه - أي : على المختلي - بما شاء من

“ 21 “


نواطق الأولياء كما وقع [ 1 / 11 ] لأخي الشيخ أبي العباس الحريثي قدس سره والشيخ عمر البجائي ففتح على الأول بناطقة الشيخ عبد القادر الجيلي قدس سره ، وفتح على الثاني بناطقة أبي الحسن الشاذلي قدس سره وسيدي علي بن وفا قدس سره ، ولم يكن يعهد منهما قبل الخلوة شيء من ذلك ، وكان خلوة أبي العباس أربعين يوما ، وخلوة الشيخ عمر البجائي قدس سره سبعة أيام كما أخبراني بذلك .
وأكمل من بلغني أنه أعطي نواطق غالب الصوفية الشيخ محيي الدين بن عربي رضي الله عنه وكانت خلوته ثلاثة أيام بلياليها في قبر مندرس ، ثم خرج بهذه العلوم التي انتشرت عنه في أقطار الأرض ، وكان موقعا يعني كاتب إنشاء عند بعض ملوك المغرب ، ولم يكن يعهد منه علم واحد مما أبداه في كتبه قبل تلك الخلوة ، كما ذكره الشيخ عز الدين ابن جماعة ، والشيخ مجد الدين الفيروزآبادي صاحب القاموس رضي الله عنه انتهى .
ويقال : إنه رضي الله عنه أول من بسط الكلام في الحقائق الإلهيات والمعارف الربانيات ، وصنّف الكتب الكثيرة في هذا الشأن تنشيطا وتمثيلا على أهل السلوك في طريق العرفان ، وكلامه أول دليل على مقامه الباطن .
وقد أخبر حسبما في فتوحاته وهو الصادق أنه دخل مقام القربة وتحقق به ، وذلك في شهر محرم سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، ومقام القربة هذا بين الصديقية والنبوة ، وهو مقام الخضر عليه السلام كما يأتي .
وقال في الباب الحادي عشر وثلاثمائة : ما أعرف اليوم في علمي من تحقق بمقام العبودية أكثر مني وإن كان ثم فهو مثلي فإني بلغت من العبودية غايتها ، فأنا العبد الممحض الخالص لا أعرف للربوبية طمعا . انتهى .
وذكر في الباب السادس والثلاثين : أن بدايته كانت عيسوية ، ثم نقل إلى الفتح الموسوي الشمسي ثم إلى هود ، ثم إلى جميع النبيين ، ثم إلى محمد [ 1 / 12 ] صلى اللّه عليه وسلم .
وفي الباب الثالث والستين وأربعمائة : أنه رأى جميع الرسل والأنبياء كلهم مشاهدة عين ، ورأى المؤمنين كلهم مشاهدة عين أيضا ، من كان منهم ومن يكون إلى يوم القيامة ، وصاحب من الرسل ، وانتفع به سوى محمد صلى اللّه عليه وسلم جماعة منهم إبراهيم الخليل عليه السلام قرأ عليه القرآن ، وعيسى تاب على يديه ، وموسى أعطاه علم الكشف والإيضاح وعلم تقليب الليل والنهار ، وهود سأله عن مسألة فعرفه بها ، فوقعت في الوجود كما عرفه ، وعاشر من الرسل محمدا صلى اللّه عليه وسلم وإبراهيم وموسى وعيسى وهود وداود ، وما بقي فرؤية لا صحبة .

“ 22 “


وقال أيضا في الكلام على حضرة الجمال من الباب الثامن والخمسين وخمسمائة :
وهنا سر نبوي إلهي خصصت به من حضرة النبوة مع كوني لست بنبي وإني لوارث ثم أنشد :
إني خصصت بسر ليس يعلمه * إلا أنا والذي في الشرع نتبعه
ذاك النبي رسول اللّه خير فتى * للّه نتبعه فيما يشرعه
وقال في الباب السادس والعشرين وخمسمائة : وقد ذكر كتابه مواقع النجوم الذي ألفه وهو في المرية بلاد الأندلس ما نصه ( ص 7 ) : وهو كتاب يقوم للطالب مقام الشيخ يأخذ بيده كلما عثر المريد ويهديه إلى المعرفة إذا هو ضل وتاه به . انتهى المراد منه .
وذكر الشعراني قدس سره في الأجوبة المرضية عنه أنه قال في باب الحج من الفتوحات المكية : إن الكعبة كلمته ، وكذلك الحجر الأسود ، وأنها طافت به ثم تلمذت له ، وطلبت منه ترقيتها إلى مقامات في طريق القوم فرقي بها ؟ وناشدها أشعارا وناشدته .
وقال تلميذه القونوي قدس سره : كان شيخنا ابن عربي متمكنا من الاجتماع بروح من شاء من الأنبياء والأولياء الماضين على ثلاثة أنحاء : إن شاء استنزل [ 1 / 13 ] روحانيته في هذا العالم ، وأدركه مجسدا في صورة مثالية شبيهة بصورته الحسية العنصرية التي كانت له في حياته الدنيوية ، وإن شاء أحضره في نومه ، وإن شاء انسلخ من هيكله واجتمع به ، وهذا معدود من كراماته رضي الله عنه .
وقد أشار في غير ما كتاب من كتبه نظما ونثرا إلى أنه خاتم الولاية المحمدية الخاصة ، وأقر ذلك عليه غير واحد من العارفين كسيدي علي الخواص وغيره كما يأتي ، وفي ذلك يقول :
بنا ختم اللّه الولاية فانتهت * إلينا فلا ختم يكون من بعدي
وما فاز بالإرث الذي لمحمد * من أمته في الكون إلا أنا وحدي
وعندما تحقق بمظهرية الذات والأسماء والصفات ، وصار خليفة للّه في خلقه أنشد لنفسه :
في كل عصر واحد يسمو به * وأنا لباقي العصر ذاك الواحد
ومن نظمه رضي الله عنه :
خصصت بعلم لم يخص بمثله * سواي من الرحمن ذي العرش

“ 23 “


وأشهدت من علم الغيوب عجائبا * تصان عن التذكار في عالم الحس
فيا عجبا إني أروح وأغتدي * غريبا وحيدا في الوجود بلا جنس
لقد أنكر الأقوام قولي وشنعوا * علي بعلم لا ألوم به نفسي
فلا هم مع الأحياء في نور ما أرى * ولا هم مع الأموات في ظلمة الرّمس
فسبحان من أحيا الفؤاد بنوره * وأفقدهم نور الهداية بالطمس
علوم لنا في عالم الكون قد سرت * من المغرب الأقصى إلى مطلع الشمس
تجلى بها من كان عقلا مجردا * عن الفكر والتخمين والظن والحدس
[ 1 / 14 ] وأصبحت في بيضاء مثلي * إماما وإن الناس فيها لفي لبس
ومن نظمه أيضا :
أنا المختار لا المختار غيري * على علم من اتباع الرسول
ودنت الهاشمي أخا قريش * بأوضح ما يكون من الدليل
أبايعه على الإسلام كشفا * وإيمانا لألحق بالرعيل
أقدم به وعنه إليه حتى * أبينه لأبناء السبيل
وقد كان بعض الأولياء من أهل المعرفة الإلهية يقول : أعطي الشيخ الأكبر التفصيل ، ونحن أعطينا التفصيل والإجمال ، فظن بعض الناس من هذا أن هذه زيادة على الشيخ الأكبر .
قال بعضهم : وأنا أقول ليس الأمر كذلك ، لأن اللّه تعالى يقول : وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا [ الإسراء : 12 ] ، فعلم اللّه كله مفصل ويستحيل عليه الإجمال ، والشيخ الأكبر كان كلما وجد الحق فصيّره إلى شيء أدركه تفصيلا من غير إجمال ، وهذا العارف كان العلم الذي يلقى إليه فيه التفصيل والإجمال ، فكان مقام الشيخ أعلى .
ومن كراماته رضي الله عنه :
ما حكاه صاحب القاموس في جواب له من أنه لما فرغ من تصنيف الفتوحات المكية وضعها على ظهر الكعبة ورقا مفرقا من غير وقاية عليه فمكث على ظهرها سنة ثم نزلها فوجدها كما وضعها ولم يمسسها مطر ، ولا أخذ منها الريح ورقة واحدة مع كثرة

“ 24 “


الرياح والأمطار وهذا من أعظم الكرامات وأكبر الآيات وهو مما يدل على إخلاصه في تأليفها ، وأنه بريء مما نسب إليه في تصنيفها ، وما أذن للناس في كتابتها وقراءتها إلا بعد ذلك .
ومنها أيضا : ما حكي عنه قدس سره من أنه مكث مرة ثلاثة أشهر على شيء واحد ، وأنه اقتات من أول المحرم إلى عيد الفطر [ 1 / 15 ] بلوزة واحدة .
ومنها : ما حكاه الشعراني في طبقاته قدس سره من أن شخصا من المنكرين عليه أتى بعد صلاة العشاء بنار يريد أن يحرق بها تابوته ، فخسف به دون القبر بتسعة أذرع ، وغاب في الأرض ، فلما علم أهله بالقصة جاءوا وحضروا فوجدوا رأسه ، فلما حفروا نزل وغار في الأرض إلى أن عجزوا وردموا عليه التراب .
وكراماته ومناقبه لا تحصرها مجلدات .
ومما اتفق له أنه لما أقام ببلاد الروم أمر له ملكها بدار تساوي مائة ألف درهم ، فلما نزل بها وأقام بها مر به في بعض الأيام سائل ، فقال له : شيء للّه ؟ فقال : ما لي غير هذه الدار ، خذها لك ، فتسلمها السائل وصارت له .
ولما حلّ دمشق حصلت له بها دنيا كثيرة ، فما ادخر منها شيئا .
وقيل : إن صاحب حمص رتّب له كل يوم مائة درهم ، والقاضي ابن الزكي كل يوم ثلاثين درهما ، فكان يتصدق بالجميع ، وكان يقول : أعرف اسم اللّه الأعظم ، وأعرف الكيمياء والسيمياء بطريق التنازل ، لا بطريق التكسب .
وحكى الشيخ عبد الغفار القوصي في كتاب الوحيد في أخبار أهل التوحيد قال [ 72 ق ] : حدثنا الشيخ عبد العزيز المنوفي قدس سره عن خادم الشيخ محيي الدين ابن العربي قدس اللّه سره قال : كان الشيخ يمشي وإنسان يسبه وهو ساكت لا يرد عليه ، فقلت يا سيدي ما تنظر إلى هذا ؟ قال : ولمن يقول ؟ قلت : يقول لك ؟ فقال : ما يسبني أنا ، قلت :
كيف ؟ قال : تصورت له صفات ذميمة وهو يسب تلك الصفات ، وما أنا موصوف بها انتهى .
وهذه فضيلة تدل على غاية الفضل والكمال ، وهي شبيهة بما ورد في
حديث أبي هريرة من قوله عليه السلام : “ ألا تعجبون كيف يصرف اللّه عنّي شتم قريش ولعنهم يشتمون مذمّما ويلعنون مذمّما وأنا محمّد “
رواه الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد [ 1 / 16 ] عن الأعرج عن أبي هريرة .

“ 25 “


وقد ترجمه غير واحد ممن عاصره أو تأخر عنه من الكبار ، كالشيخ الإمام العارف باللّه أستاذ الحقيقة وشيخ الطريقة صفي الدين حسين بن علي بن أبي المنصور الأزدي الأنصاري في رسالته الفريدة المحتوية على من رأى من سادات مشايخ عصره ، قال فيها :
“ رأيت في دمشق الشيخ الإمام الوحيد العالم العامل محيي الدين بن عربي وكان من أكبر علماء الطريق ، جمع بين سائر العلوم الكسبية وما وقر له من العلوم الوهبية ، ومنزلته شهيرة ، وتصانيفه كثيرة ، وكان غلب عليه التوحيد علما وخلقا وحالا ، لا يكترث بالوجود مقبلا كان أو معرضا ، وله أتباع علماء أرباب توحيد ، وتصانيف ، وكان بينه وبين سيدي أبي العباس الحذاء إخاء ورفقة في السياحات “ .
والشيخ الحافظ محب الدين ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد ، وقال فيه : “ كانت رحلته إلى المشرق ، وألف في التصوف وفي التفسير وغير ذلك تواليف لا يأخذها الحصر ، وله سعة وتصرف في الفنون من العلم وتقدم في الكلام والتصوف “ .
وقال أيضا : “ صحب الصوفية وأرباب القلوب ، وسلك طريق القوم ، وحج وجاور ، وصنف وكتب في علم القوم وفي أخبارهم ، وفي أخبار مشايخ المغرب وزهادهم ، وله أشعار حسنة وكلام مليح ، اجتمعت به في دمشق في رحلتي إليها ، وكتبت عنه شيئا من شعره ، ونعم الشيخ “ .
والشيخ صلاح الدين الصفدي في كتابه الجليل الذي وضعه في تاريخ علماء العالم ، وهو في مجلدات كثيرة ، وقال الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر : ممن أثنى عليه الشيخ صلاح الدين الصفدي في تاريخ علماء العصر وقال : من أراد أن ينظر إلى كلام أهل العلوم اللدنية فلينظر في كتب الشيخ محيي الدين ، انتهى .
والشيخ الإمام شمس الدين محمد بن مسدي في معجمه البديع المحتوي على ثلاث مجلدات ، فإنه ترجمه فيه [ 1 / 17 ] ترجمة عظيمة مطولة ، ومن جملتها قوله : وكان يلقب القشيري لقب غلب عليه ، لما كان يشتهر به من التصوف ، وكان جميل الجملة والتفصيل محصلا لفنون العلم أتم تحصيل ، وله في الأدب الشأن الذي لا يلحق ، والتقدم الذي لا يسبق .
وقوله أيضا : وكان ظاهري المذهب في العبادات ، باطني النظر في الاعتقادات ، خاض بحار تلك العبارات ، وتحقق بمحيا تلك الإشارات ، وتصانيفه تشهد له عند أولي النظر

“ 26 “


بالتقدم والإقدام ، ومواقف النهايات في مزالق الأقدام ، ولهذا ما ارتبت في أمره ، واللّه تعالى أعلم بسره ، انتهى .
والشيخ العلامة فريد زمانه ونادرة أوانه أبي العباس أحمد المقري وذلك في كتابه الذي سماه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب فإنه ترجمه فيه ترجمة حسنة طويلة ، ونقل فيها كلام غير واحد ممن ترجمه ، قال : “ وقد زرت قبره وتبركت به مرارا ، ورأيت لوائح الأنوار عليه ظاهرة ، ولا يحيد منصف محيد الإنكار ما يشاهد عند قبره من الأحوال الباهرة “ .
وغيرهم ممن يكثر جدا من أهل المشرق والمغرب ، ووصفه الكثير منهم بالولاية الكبرى والصلاح والعرفان والعلم والأدب وعزة الشأن .
وفي لسان الميزان للحافظ قال : قد اعتد بالمحتج ابن عربي أهل عصره ، فذكره ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد ، وابن نقطة في تكملة الإكمال ، وابن العديم في تاريخ حلب والزكي المنذري في الوفيات ، راجع كلامه .
وقد ذكر بعضهم أن شيخه الشيخ سيدي أبا مدين رضي الله عنه كان يلقبه بسلطان العارفين ، ويسميه بالشيخ الأكبر .
وسئل عنه الإمام القطب سعد الدين الحموي حين رجع من الشام إلى بلده : كيف وجدت ابن عربي ؟ فقال : وجدته في العلم والزهد والمعارف بحرا زاخرا لا ساحل له .
وحكى اليافعي في كتاب الإرشاد أن الشيخ رضي الله عنه اجتمع مع الشهاب السهروردي فأطرق كل منهما [ 1 / 18 ] ساعة ثم افترقا من غير كلام ، فقيل للشيخ : ما تقول في السهروردي ؟ فقال : مملوء سنة من قرنه إلى قدمه .
وقيل للسهروردي : ما تقول في الشيخ محيي الدين ؟ فقال : بحر الحقائق .
وكان الشيخ كمال الدين الزملكاني من أجل مشايخ الشام يقول : هو البحر الزاخر في المعارف الإلهية ، ويقول : ما أجهل هؤلاء ينكرون على الشيخ محيي الدين بن عربي من أجل كلمات وألفاظ وقعت في كتبه ، قد قصرت أفهامهم عن درك معانيها فليأتوني لأحل لهم مشكلاتها ، وأبين لهم مقاصدها بحيث يظهر لهم الحق ، ويزول عنهم الوهم .
وكان الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام سلطان العلماء يحط عليه كثيرا ، ويقول : إنه زنديق ، فلما صحب الشيخ أبا الحسن الشاذلي ، وعرف أحوال القوم وطريقهم صار يترجمه بالولاية والعرفان والقطبية ، حتى أنه سئل مرة عن القطب الفرد الغوث في

“ 27 “


زمانه ؟ فتبسم وقال : الشيخ محيي الدين بن العربي قدس اللّه سره .
ورفع سؤال في شأنه وفي شأن الكتب المنسوبة إليه كالفتوحات والفصوص هل تحل قراءتها وإقراؤها ومطالعتها إلى الإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزآبادي الصديقي قدس اللّه سره صاحب القاموس في اللغة فقال في جوابه وأنصف : الحمد للّه ، اللهم أنطقنا بما فيه رضاك ، الذي أعتقده في حال المسؤول عنه وأدين للّه به أنه كان شيخ الطريقة حالا وعلما ، وإمام الحقيقة حقيقة ورسما ، ومحيي رسوم المعارف فعلا واسما :
إذا تغلغل فكر المرء في طرف * من علمه غرقت فيه خواطره
عباب لا تكدره الدلاء ، وسحاب تتقاصر عنه الأنواء ، كانت دعوته تخترق السبع الطباق ، وتفرق بركاته فتملأ الآفاق ، وإني أصفه وهو يقينا فوق ما وصفته ، وناطق بما كتبته ، وغالب ظني أني ما أنصفته : [ 1 / 19 ]
وما عاش إذا ما قلت معتقدي * دع الجهول يظن الحق عدوانا
واللّه واللّه واللّه العظيم ومن * أفاقه حجة الدين برهانا
إن الذي قلت بعض من مناقبه * ما زدت إلا لعلي زدت نقصانا
قال : وأما كتبه ومصنفاته فالبحار الزواخر التي جواهرها وكثرتها لا يعرف لها أول ولا آخر ، ما وضع الواضعون مثله ، وإنما خص اللّه بمعرفة قدرها أهلها .
ومن خواص كتبه أن من واظب على مطالعتها والنظر فيها ، والتأمل لمبانيها انشرح صدره لحل المشكلات وفك المعضلات .
قال : وهذا الشأن لا يكون إلا لأنفاس من خصّه اللّه بالعلوم اللدنية الربانية . راجع كلامه ، وراجع أيضا رسالته التي خاطب بها سلطان زمانه ، وهي التي سماها بالاغتباط بمعالجة ابن الخياط ، وهو رجل من أهل اليمن اسمه : رضا الدين أبو بكر الخياط ، عرضت عليه فتوى مجد الدين المذكور ، فعارضها وخالفها ، وكتب مسائل في درج مشتملة على عقائد زائغة ومسائل خارقة للإجماع ، ونسبها للشيخ رضي الله عنه وأرسل إلى العلماء ببلاد الإسلام يسألهم عنها ، وكتب ذلك في كتاب ، فانتدب المجد لرد كلامه في هذا الكتاب ، وأطال في ذكر مناقب الشيخ رضي الله عنه وللمحقق المدقق العالم العامل شيخ الإسلام أحمد بن سليمان بن كمال باشا مفتي الدولة العثمانية فتوى أبدع فيها في مدحه ووصفه ، ثم قال بعد ذلك : وله مصنفات كثيرة منها فصوص حكمية وفتوحات مكية ، بعض مسائلها مفهوم النص

“ 28 “


والمعنى وموافق للأمر الإلهي والشرع النبوي وبعضها خفي عن إدراك أهل الظاهر دون أهل الكشف والباطن ، ومن لم يطلع على المعنى المرام يجب عليه السكوت في هذا المقام لقوله تعالى : وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ [ 1 / 20 ] كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا [ الإسراء : 36 ] .
وكان قاضي القضاة الشافعية في عصره الشيخ شمس الدين الخزرجي يخدمه خدمة العبيد .
وقاضي القضاة المالكية زوجه بابنته ، وترك القضاء وتبع طريقته بنظرة وقعت عليه منه .
وكان الشيخ مؤيد الدين يقول : ما سمعنا بأحد من أهل الطريق اطلع على ما اطلع عليه الشيخ محيي الدين .
وكذلك كان يقول الشيخ العارف صاحب عوارف المعارف المجمع على إمامته في العلوم الظاهرة والباطنة شهاب الدين السهروردي ، وكذا الشيخ كمال الدين الكاشي وقال فيه : إنه الكامل المحقق صاحب الكمالات والكرامات .
وكان الشيخ محمد المغربي الشاذلي شيخ السيوطي يترجمه بأنه مربي العارفين ، كما أن الجنيد مربي المريدين ويثني عليه بغير هذا من الكلام .
وممن أثنى عليه الشيخ الإمام العلامة الزاهد الورع الصوفي العارف باللّه تعالى عفيف الدين أبو محمد عبد اللّه بن أسعد اليمني اليافعي نزيل الحرمين ، وأحد الأئمة الشافعية والأولياء الكبار ، وصاحب المصنفات العديدة التي منها روض الرياحين وذلك في كتابه الإرشاد والتطريز في ذكر اللّه وتلاوة كتابه العزيز قال : وقد مدحه وعظمه طائفة كالنجم الأصبهاني والتاج ابن عطاء اللّه وغيرهما ، وتوقف فيه طائفة ، وطعن فيه آخرون ، وليس الطاعن بأعلم من الخضر عليه السلام إذ هو أحد شيوخه ، وله معه اجتماع كثير ، ثم قال :
وما ينسب إلى المشايخ له محامل ثم ذكرها .
وكذا ذكره وأثنى عليه في كتابه غاية المعتقد ونهاية المنتقد ، والشيخ الإمام العارف الهمام تاج الدين أبو العباس أحمد بن عطاء اللّه السكندري قدس اللّه سره في كتابه لطائف المنن .
قال السيوطي في تأييد الحقيقة وتشييد الطريقة الشاذلية : وهما - يعني اليافعي [ 1 / 21 ] وابن عطاء اللّه - شاهدا عدل مقبولان في تزكية مثل هذا ، فإنهما فقيهان

“ 29 “


صوفيان انتهى .
وأثنى عليه أيضا الشيخ عبد الرؤوف المناوي شارح الجامع الصغير ، والشعراني في ترجمته من طبقات الصوفية لهما ، وتكلم الثاني على علومه وأحواله في كتابه تنبيه الأغبياء على قطرة من بحر علوم الأولياء ، وكذا في كثير من كتبه ككتاب اليواقيت والجواهر فإنه ذكر فيه نبذة من أحواله ، وجماعة ممن مدحه وأثنى عليه من العلماء ، واعترف له بالفضل ، فليرجع إلى ذلك من أراده .
وممن أثنى عليه أيضا العارف باللّه سيدي مصطفى البكري قدس اللّه سره في كتابه السيوف الحداد في أعناق أهل الزندقة والإلحاد ، ونقل الثناء عليه من سيدي أبي مدين وغيره من العلماء والأولياء ، وذكر عباراتهم ، ثم نقل كلام صفي الدين أحمد القشاشي في آخر رسالته وحدة الوجود فيه وقوله : فلو استقصى إنسان وتتبع مناقبه التي تذكر بالسياق والتقريب في مصنفاته وفتوحاته لكان مجلدات ، وذكر من جملتها قوله في باب الحب بعد ما ذكر من ذاب منه وصار ماء بين يدي شيخه وإن حبه كان طبيعيا ولم يكن إلهيا ، وإلا لثبت ولم يذب ما نصه : واللّه ثم واللّه لقد أعطاني اللّه من هذه المحبة ما لو وضع جزء يسير منه على السماوات والأرض لذابتا ، ولكن اللّه تعالى قوّاني عليها .
ثم ذكر سيدي مصطفى أبياتا وقصائد مدحه بها ، فانظره .
وممن أثنى عليه الشهاب أحمد بن حجر الهيتمي المكي الشافعي في غير ما كتاب من كتبه المشهورة ، وقد قال في شرحه لهمزية الإمام البوصيري لدي قولها :
والكرامات منهم معجزات . . . البيت ، بعد ما ذكر أن من الكفر الصراح قول بعض الكرامية : إن الولي قد يبلغ درجة النبي ، وبعض جهلة المتصوفة : إن الولاية فوق رتبة [ 1 / 22 ] النبوة ، وإن الولي قد يبلغ حالة يسقط عنه فيها التكليف .
ونقل عن الغزالي أن قتل الواحد من هؤلاء خير من قتل مائة كافر ، لأن ضررهم في الدين أشد ما نصه : وليس من أولئك العارفان العالمان المحققان الوليان الكبيران المحيوي ابن العربي قدس اللّه سره والسراج بن الفارض قدس اللّه سره وأتباعهما بحق خلافا لمن زل منهم قدمه وطغى قلمه ، إلا أن يكون أراد بما قاله الذب عن اعتقاد ظواهر عباراتهم المتبادرة عند من لا يحيط باصطلاحهم انتهى .
وكتب القطب الحفني على قوله : وليس من أولئك . . . ما نصه : أشار بذلك للرد على ابن تيمية حيث جعلهما منهم ، حاشاهما وبئس من نسبهما إلى أدنى ضلالة رضي اللّه

“ 30 “


عنهما وتبعنا بهما ، انتهى .
وممن كان يثني عليه ويعتقده ويحبه المحبة البالغة ويعتقد أيضا تلميذه ابن الفارض ويحبه العلامة سراج الدين الهندي الحنفي أحد الأئمة الحنفية وقاضي قضاتها بالديار المصرية ، وصاحب التصانيف الجليلة كشرح الهداية وشرح المغني ، وورث عنه هذه المحبة تلميذه العلامة قاضي القضاة شمس الدين البساطي المالكي قدس اللّه سره شارح مختصر خليل وكل منهما له شرح على تائية ابن الفارض ، وواقعة البساطي هذا مع الشيخ علاء الدين البخاري الذي كان يبالغ في الإنكار على صاحب الترجمة المشهورة ، وهي تتضمن كرامة للإمام البساطي بسبب انتصاره لصاحب الترجمة .
وللشيخ سراج الدين المخزومي شيخ الإسلام بالشام قدس اللّه سره كتاب في الرد عنه سماه كشف الغطاء عن أسرار كلام الشيخ محيي الدين وقال : كيف يسوغ لأحد من أمثالنا الإنكار على ما لم يفهمه من كلامه في الفتوحات وغيرها ، وقد وقف على ما فيها نحو من ألف عالم وتلقوها بالقبول ، وأطال في هذا الكتاب في مدحه ومدح كتبه [ 1 / 23 ] ونقل الثناء عليه من غير ما واحد من العلماء المتبحرين كشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني والشيخ تقي الدين السبكي وذكر أنهما رجعا عن الإنكار عليه حين تحققا كلامه وتأويل مراده ، وندما على تفريطهما في حقه في البداية ، وسلما له الحال فيما أشكل عليهما عند النهاية .
وللحافظ السيوطي كتاب سماه : تنبيه الغبي على تنزيه ابن العربي ذكر فيه أن الناس افترقوا فيه فرقتين ، الفرقة المصيبة تعتقد ولايته ، والأخرى بخلافها ، ثم ارتضى هو اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه ، يعني على من لم يكن أهلا للنظر فيها ، بأن كان عاميا أو فقيها في حكمه لعدم مخالطته لأهل هذا الفن ، فمطالعته لها إنما هي بالحزر والظن والتخمين ، لا بالفتح والتمكين ، وحينئذ فإما أن يتأول الكلام على خلاف المراد فيضل ويضل ، أو يضيع العمر في تصفح تلك الكتب بلا فائدة ، أو يحمل الكلام على ظاهره فيسيء الظن بصاحبه ، وربما كفره أو بدّعه ، أو نسب إليه ما هو بريء منه .
ولذا نقل عن الشيخ أنه كان يقول : نحن قوم يحرم النظر في كتبنا لمن لم يعرف مذهبنا .
وفي لفظ : لمن لم يكن في مقامنا ، نقله الشعراني في الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية وغير واحد .



“ 31 “


وعن الشيخ أيضا أنه كان ينشد ويقول من جملة أبيات :
تركنا البحار الزاخرات وراءنا * فمن أين يدري الناس أين توجّهنا
وأما إن كان أهلا بأن كان مفتوحا عليه أو مشرفا على مقام الفتح ، أو كان يطالعها بحضرة شيخ عارف يفهمه إياها كما ينبغي فلا بأس ، وذو الفتح الصائب والبصيرة النافذة والعلم الراسخ يأخذ منها كل مأخذ ، وينال جميع ما يراد من الخير ، ويقصد فيزداد بها فتحا وإيمانا وقربا إلى اللّه وإيقانا ، وعلى [ 1 / 24 ] هذا القسم يحمل كلام العلماء الذين حثوا على مطالعتها ، والأولياء الذين كانوا يحضون بعض تلامذتهم وإخوانهم على معاناتها ، كالشيخ إسماعيل الجبرتي شيخ الشيخ سيدي عبد الكريم الجيلي وغيره ، لأن من كان مفتوحا عليه تقرب المسافة البعيدة إليه ، وتسهل الطريق الصعب لديه ، ولا ينافي هذا ما ذكروه من أن كتب الشيخ كتب فتح لا كتب سلوك ، لأن مرادهم أنه لا يسلك بها من كان عاميا أو في حكمه ، وتأمل ما مر عن المجد الفيروزآبادي : أن من خواص كتب الشيخ أن من واظب على مطالعتها انشرح صدره لحل المشكلات وفك المعضلات ، وفي نقل الشعراني عنه في كتاب اليواقيت والجواهر أن مطالعة كتبه قربة إلى اللّه تعالى ومن قال غير ذلك فهو جاهل زائغ عن طريق الحق . راجعه .
ومن قصيدة للشيخ سيدي عبد الغني النابلسي في مدحه رضي الله عنه ذكرها آخر كتابه الرد المتين :
كتبه النور لمن يبصرها * وهي تروي كل صادي القلب ري
من كتاب اللّه والسنة قد * خرجت تختال في أبهى حلي
وقد ألف السيوطي كتابا آخر سماه : قمع المعارض في نصرة ابن الفارض .
وللشيخ الإمام العارف سيدي عبد الغني النابلسي كتاب الرد المتين على منتقد العارف محيي الدين نقد فيها رسالة لبعض علماء الرسوم في الطعن على هذا القطب المكتوم ، وكشف فيها عن معاني العبارات المشكلة في كلامه ، وأفصح عن رفيع مقامه ، وناقش عبارات المعترضين فيها بصريح كلامه ، ثم ختمها بذكر من أثنى عليه من العلماء الأعلام ، وذكر من سئل عنه فأفتي فيه [ 1 / 25 ] بالخير من أئمة الإسلام .
وللكازروني شارح الفصوص كتاب بالفارسية سماه : الجانب الغربي رد به عن الشيخ مما اعترض به على كلامه ، كقوله : بإيمان فرعون ، وقد نقله إلى العربية عالم المدينة السيد محمد بن رسول البرزنجي وسماه الجاذب الغيبي .



“ 32 “


وللشيخ الإمام العارف المربي أبي الحسن علي بن ميمون شيخ الطريقة الميمونية رسالة في مدحه والثناء عليه والحط على المنكرين لديه .
وللإمام الأجل مفتي دمشق حامد بن علي العمادي رسالة سماها : قرة عين الحظ الأوفر في ترجمة الشيخ محيي الدين الأكبر .
والمثنون عليه لا يحصون كثرة وعددا ، وهم أوفر علما وأقوى مددا ، وقد أخذ عنه وتخرج به أئمة كبار ، منهم أخص تلاميذه الشيخ عبد اللّه بدر الحبشي والشيخ إسماعيل ابن سودكين ، والشيخ صدر الدين القونوي الرومي ربيبه ، والشيخ عمر بن الفارض .
وقد حكي في نفح الطيب عن المقريزي في ترجمة سيدي عمر بن الفارض أن صاحب الترجمة بعث إليه يستأذنه في شرح تائيته الكبرى فقال له : كتابك المسمى بالفتوحات شرح لها ، انتهى .
قال بعضهم : وهذا يؤذن بأنه كان يستمد في تائيته من فتوحات الشيخ ، وأن استمداده كان من فيض إمداده ، ويؤيد هذا ما ذكره النجم الغزي في الكواكب السائرة بمناقب أعيان المائة العاشرة في ترجمة القاضي زكريا الأنصاري قدس اللّه سره نقلا عن بعض إخوانه - أي : إخوان النجم - أنه سمعه يحكي أنه روي أن الشيخ محيي الدين ابن العربي كان يعرض عليه سيدي عمر بن الفارض فيقول : هو كلامنا لكنه أبرزه في قالب آخر .
وكان يقول : هو ما شطة كلامنا .
قال النجم الغزي : والذي يظهر من كلامهما أن ابن العربي أوسع في المعرفة ، وأن ابن الفارض أدخل في المحبة ، انتهى .
وله [ 1 / 26 ] رضي الله عنه مصنفات كثيرة ورسائل سارت بها الركبان ، منها ما هو كراسة واحدة ، ومنها ما يزيد على مائة مجلد وما بينهما ، وقد عد هو في إجازة كتبها للملك المظفر بهاء الدين غازي بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب نيفا وأربعمائة مصنف ، ومن عبارة لبعضهم أنها تقارب الألف ، منها تفسير القرآن العظيم المسمى بالجمع والتفصيل في أسرار معاني التنزيل وهو تفسيره الكبير في نيف وستين مجلدا ، بلغ فيه إلى قوله تعالى في سورة الكهف وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [ الكهف : 65 ] واستأثره اللّه فقبض روحه عند هذه الكلمة الشريفة ، فكان ذلك أعظم برهان وأتم دليل وبيان على ما أوتيه من كمال العلم ، واختص به من الأسرار البديعة والفهم ، وهذا التفسير كتاب عظيم ، كل سفر منه
.
يتبع

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

 مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي    مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة يناير 05, 2024 8:15 pm

ترجمة الشيخ الأكبر صاحب المشاهد .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية ابن العربي شرح الشيخة ست العجم بنت النفيس 

الشيخة الصالحة العالمة الزاهدة
ست العجم بنت النفيس بن أبي القاسم البغدادية
المتوفاة بعد سنة 852 ه‍

“ 33 “


بحر لا ساحل له ، ولا غرو فإنه صاحب الولاية العظمى والصديقية الكبرى .
ومنها فصوص الحكم وقد ذكر هو في أولها : أنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم وبيده الكريمة كتاب ، فقال له : هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس - يعني بهم ناس الخصوص - ينتفعون به . ثم قال : فلا ألقي إلا ما يلقى إلي ولا أنزل في هذا المسطور إلا ما ينزل علي ، ولست بنبي ولا رسول ، ولكني وارث ، ولآخرتي حارث .
وقد ذكروا أنه أودع فيه جميع علمه مع صغر حجمه ، وكشف فيه عن الحقيقة الإنسانية ، وبين مظاهرها النبوية ، وقال رضي الله عنه من معشراته :
فرصة قد أودعت علمي لديها * في كتاب وسمته بالفصوص
قال الشيخ صدر الدين القونوي في أول نصوصه : وهو خواتم منشآته [ 1 / 27 ] وأواخر تنزلاته ورد عن منبع المقام المحمدي والجمع الأحمدي ، فجاء مشتملا على زبدة ذوق نبينا ، انتهى .
وقال بعضهم : من أراد الاطلاع على أذواق مشارب الأنبياء فعليه بكتاب فصوص الحكم لأنه ذكر في فص كل نبي ذوقه ومشربه .
وفي معروضات المفتي أبي السعود الحنفي أنه تيقن أن بعض اليهود افترى عليه في كتابه هذا كلمات تباين الشريعة ، وأنه تكلف بعض المتصلقين - أي : المتكلفين - لإرجاعها إلى الشرع ، قال : فيجب الاحتياط بترك مطالعة تلك الكلمات ، انتهى .
قلت : إن صح هذا فهذه الكلمات لا تعرف الآن باليقين ، وإنما هي ظن وتخمين ، واللّه أعلم بالواقع .
وقد طعن في الشيخ رضي الله عنه بسبب كتابه هذا وغيره من كتبه كالفتوحات جماعة من علماء الرسول ممن لم يفهم مقاصده فيها ولا رموزه وإشاراته ، وحمل الكلام على أول احتمالاته ، كالشيخ سعد الدين التفتازاني ، والشيخ ملا علي القاري فألف كل منهما رسالة في الرد والتكفير ، وبالغ في التضليل والتنفير ، وأورد الثاني في رسالته نص كلامه في مواضع من الفصوص وهي بضع وعشرون موضعا ، وردها كلها بغاية الرد ، وألف رسالة أخرى سماها فرالعون ممن يدعي إيمان فرعون وما هذه بأول هفوة صدرت منه ، وللشيخ تقي الدين الفاسي المكي كتاب تحذير النبيه والغبي من الافتتان بابن العربي والمحققون والعلماء وأهل اللّه على خلاف كلامهم ، وعدم قبول ثلمهم ، وعده من هفواتهم ، وقبيح ما يؤثر من عثراتهم .


“ 34 “


وقد ذكروا أن الشيخ رضي الله عنه نهي أن يجمع بين كتابه هذا - أعني الفصوص - وبين غيره من الكتب في جلد واحد ، وإن كان من مؤلفاته ، لأنه من الإرث المحمدي وقد شرحه من [ 1 / 28 ] لا يحصى من العلماء ، كالشيخ مؤيد الدين الجندي والكازروني والكاشي والقيصري والقاشاني وكمال الدين الزملكاني وسعد الدين الفرغاني وعفيف الدين التلمساني والشيخ عبد الرحمن الجامي وعلي المهايمي والجلال محمد الدواني وعبد اللّه الرومي والشيخ بدر الدين ابن جماعة ، وعبد الغني النابلسي وغيرهم ممن يكثر .
ومنها كتاب الفتوحات المكية وقد قال عنه في الباب الثالث والستين وثلاثمائة منه :
واللّه ما كتبت منه حرفا إلا عن إملاء إلهي وإلقاء رباني أو نفث روحاني في روع كياني انتهى .
وقال في موضع آخر منه : وهذا الكتاب مع طوله وكثرة أبوابه وفصوله فما استوفينا فيه خاطرا واحدا من خواطرنا في الطريق .
قال الشيخ العارف باللّه الأستاذ سيدي مصطفى بن كمال الدين البكري في روضاته العرشية بعد نقله ما نصه [ 25 / ق ] : باب في النفس الواحد يدخل قلب العارف من الحكم والمعارف ما لا يدخل تحت حد ولا حساب لأنه عن فيض الوهاب انتهى .
وقال في الفصل الرابع عشر من الباب الثامن والتسعين ومائة في معرفة النفس ما نصه : وإنما نورد في كتابنا وجميع كتبنا ما يعطيه الكشف ويمليه الحق انتهى .
ومما أنشده بعضهم فيه رضي الله عنه :
هو الشيخ محيي الدين عارف وقته * وأفكار أهل الجهل عن علمه تقصر
وقد شاع إيماني بكل كلامه * فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
ومن أحسن ما مدح به قول القائل ، وهو الشيخ محمد بن سعد الكاشي كما ذكره في نفح الطيب مشيرا لتاريخ وفاته :
إنما الحاتمي في الكون فرض * وهو غوث وسيد وإمام
كم علوم أتى بها من غيوب * من بحار التوحيد يا مستهام [ 1 / 29 ]
إن سألتم متى توفي حميدا * قلت : أرخت مات قطب همام
ومجموع ذلك ستمائة وثمانية وثلاثون ، وهي سنة وفاته ، وكانت على التحقيق ليلة الجمعة سابع أو ثامن عشر ربيع الآخر منها بدمشق الشام ، ودفن بسفح جبل قاسيون


“ 35 “


بتربة القاضي ابن الزكي وقبره هناك مشهور تستجاب عنده الدعوات ، وتكشف الخطوب والأزمات ، وقد دفن عنده ولداه الإمامان محمد سعد الدين المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة ، ومحمد عماد الدين المتوفى سنة سبع وستين وستمائة ، وقد اعتنى بتربته بصالحية دمشق سلاطين بني عثمان ، وبنى عليه السلطان المرحوم سليم خان قبة وضريحا ، وهو الذي أظهره ولم يكن ظاهرا ، وبنى أيضا بجواره تكية وجامعا للخطبة ، ورتب له الأوقاف ، فجزاه اللّه على ذلك خيرا ، ومن قصيدة لسيدي عبد الغني النابلسي رضي الله عنه في مدحه ، ذكرها في آخر كتابه الرد المتين [ 11 / ق ] :
إن محيي الدين أحيا الدين قل * والمسمى غالبا طبق السّمي
زره واغنم فضل قبر ضمه * وانشق من نحوه طيب الشذا
وتوسل عند مولاك به * كلما نابك خطب يا أخي
فالذي يقصده فاز وما * خاب من يلجأ إلى ذاك الحمى
لم يزل رضوان ربي دائما * عنه ما حنّ اشتياقا ذو الهوى
وفي الطبقات الشعرانية قال ( 1 / 164 ) : أجمع المحققون من أهل اللّه عز وجل على جلالته في سائر العلوم ، كما تشهد لذلك كتبه ، وما أنكر من أنكر عليه إلا لدقة كلامه لا غير ، فأنكروا على من يطالع كلامه من غير سلوك طريق الرياضة خوفا من حصول شبهة في معتقده يموت عليها ، لا يهتدي لتأويلها على مراد [ 1 / 30 ] الشيخ انتهى .
قال الشيخ مولانا عبد الغني في شرحه للديوان الفارضي : ولقد أنصف الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن عبد الغفار رحمه اللّه تعالى في قوله في شأنه قدس سره :
حاشاك يا محيي الدين الذي اجتمعت * له الفضائل في علم وفي عمل
أن تقتضي غير ما جاء الكتاب به * أو تبتغي بدلا عن أشرف الملل
وأن تهد أساس الشرع معتقدا * فيه عقيدة أهل الزيغ والزلل
عمري لقد كذبوا في كل ما نسبوا * إليك من خطأ يضميك أو خطل
إن غرهم كلمات منك ظاهرها * يخالف الشرع في فهم لهم خبل
فذكرهم قول عبد اللّه حسبك أو * أبي هريرة أو قول الإمام علي


“ 36 “


أو ينشدوا شعر زين العابدين وإن * شاءوا فقصة موسى أوضح السبل
وقد أراد بعبد اللّه عبد اللّه بن عباس ، وسيأتي كلامه مع كلام أبي هريرة وعلي وكذا كلام زين العابدين ، وأراد بقصة موسى قصته مع الخضر عليهما الصلاة والسلام وهي معلومة .
وقال الشيخ مولانا عبد الغني أيضا في مدحه تعريبا لأبيات في ذلك باللغة التركية لبعض فضلاء الروم :
طيب محيي الدين مسك في الورى * فاح لكن كل أنف لا يشم
وعلوم خرجت من فيه * كل فهم بهداها ما لا يلسم
قوسه من ذا الذي يرمي به * غرض التحقيق يا قوس هلم
قلت : سبب الاعتراض والملام عدم فهم المراد - كما أشير إليه من الكلام - بسبب الجهل بما في كلامه من الرموز والروابط والإشارات والضوابط والحذف لمضافات ، هي في علمه وعلم أمثاله معلومات ، وما فيه من الألسن [ 1 / 31 ] المنوعة ، والطرائق المتنوعة ، والمناهج والاصطلاحات والمذاهب المختلفات ، فتارة تجده فقيها مقلدا ، وتارة إماما مجتهدا ، وتارة صوفيا كاملا ، وتارة بالحقيقة المغطاة عاملا ، وتارة بالمجردة قائلا ، وتارة لا يدري وجهه ومقصده ، وتارة يكون عن كشف وذوق وشهود وعيان خبره وشهده ، وهذه الألسن كلها طرائق ومسالك ومناطق ، ولكل طريق منها أنوار ، يدركها أرباب المعارف والأسرار ، وكلامه فيها هو كسبب مقتضى حاله ، وما يوقعه المولى تبارك وتعالى في قلبه وباله ، ثم له هو اصطلاح خاص سوى ما يتبعه من اصطلاح غيره من الصوفية الخواص ، فمن ثم يختلف على المطالع لكلامه الأمر أحيانا ، وحذّر الناصحون من مطالعته إلا ممن رسخ في العلم ، أو يدركه بالذوق إيقانا .
وقال بعض المحققين : ليس الشأن في فهم مرامه ، إنما الشأن في الجمع بين كلامه .
وفي الرحلة العياشية نقلا عن كثير من المشايخ من جملتهم شيخ الإسلام وإمام الأئمة الأعلام أبي محمد سيدي عبد القادر بن علي الفاسي [ 1 / 146 / ق ] : إنهم كانوا يقولون محكم كلامه يقضي على متشابه ، ومطلقه يرد إلى مقيده ، ومجمله إلى مبينه ، ومبهمه إلى صريحه ، كما هو شأن كل كلام ظهرت عدالة صاحبه .
وإذا علم هذا فليحذر القابل للنصيحة كل الحذر من التعرض للإنكار عليه وعلى أحد


“ 37 “


ممن ظهرت عدالته ، وثبت لدى أهل المعرفة والتوفيق فضله وكرامته ، فإن ذلك بالتجربة والمشاهدة والعيان سم قاتل ، ومجرّ إلى الطرد والمقت والخزي والهوان ، وليقدر كلام الأولياء قدره ، وليعظم شأنه وأمره ، وليلحظ باطن إشاراتهم ، ولا ينظر إلى ظاهر عباراتهم ، لأنه ليس مبنيا على العقول [ 1 / 32 ] والأذهان ، ولا على ترتيب النطق وفصاحة اللسان ، بل على نور القلب وقواعد العرفان ، فمن كان من أهل هذا الشأن فسيغنيه الشهود والعيان عن الدليل والبرهان ، وإلا فعليه بالتسليم والإذعان ، فإنه أولى بأهل التثبت والإيمان ، لئلا يقعوا في البعد والحرمان .
لا تكن قانتا في حكم أمور * لطوال الرجال لا للقصار
وإذا لم تر الهلال فسلم * لأناس رأوه بالأبصار
قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي الشافعي في كتابه إرغام أولياء الشيطان بذكر مناقب أولياء الرحمن : ولا زال أهل العلم والأخيار والأكابر يلتمسون لكلام هذه الطائفة أحسن المخارج ، لعلمهم أن كلامها يرتقي عن دائرة العقول ، ويشذ على ظواهر المنقول ، فإما تأويل حسن ، وإما ظن حسن .
وقال السيد الشريف مسعود بن حسن بن أبي بكر القباب الشافعي في شرحه للامية ابن الوردي لدى قوله :
لا تخض في سب سادات مضوا * إنهم ليسوا بأهل للزلل
ما نصه : وكذا يحرم التكلم في السادات الذين تكلموا في الطريق ، وأظهروا خوارق العادات ، كالسري السقطي وأبي القاسم الجنيد ، والحسين الحلاج ، وأشباههم من المتقدمين ، وكالشيخ محيي الدين ابن عربي وسيدي عمر بن الفارض ، وغيرهما من المتأخرين ، فهؤلاء السادات رضي اللّه عنهم وإن كانوا قد تاهوا وتكلموا بأشياء خارقة ، فلا يجوز سبهم ، ولا اعتراض عليهم بحال من الأحوال ، لأنهم ملازمون لقواعد الشرع ، فلا يصدر منهم قول ولا فعل مخالف للشرع ، وما أحسن قول بعضهم : من لم يعرف مصطلحنا لا يجوز له الخوض [ 1 / 33 ] في طريقتنا ، فيجب على كل مسلم أن يلزم الأجوبة الحسنة عن الأكابر المتقدمين من أنبياء وصحابة وتابعين ومجتهدين وعارفين .
انتهى منه بلفظه .
وقال الشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني في تنبيه العقول على تنزيه الصوفية عن اعتقاد التجسيم والعينية والاتحاد والحلول [ 3 / ق ] : قال الشيخ محيي الدين نفع اللّه به في كتاب

“ 38 “


الفناء في المشاهدة : ينبغي لمن وقع في يده كتاب في علم لا يعرفه ولا سلك طريقه أن لا يبدي فيه ولا يعيد ، وأن يرده إلى أهله ، ولا يؤمن به ولا يكفر ، ولا يخوض فيه البتة ، رب حامل فقه ليس بفقيه بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ [ يونس : 39 ] ، فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [ آل عمران :
66 ] ، فقد ورد فيهم الذم حيث تكلموا فيما لم يسلكوا طريقه .

قال : وإنما سقنا هذا كله لأن كتب أهل طريقتنا مشحونة من هذه الأسرار ، ويتسلط عليها أهل الأفكار بأفكارهم ، وأهل الظاهر بأول احتمالات الكلام ، فيقعون فيهم ، ولو سئلوا عن مجرد اصطلاح القوم الذي تواطئوا عليه في عباراتهم ما عرفوه ، فكيف ينبغي لهم أن يتكلموا فيما لم يحكموا أصله . انتهى منه بلفظه .
وقد نقل كلام الشيخ هذا أيضا الشيخ سيدي عبد الغني النابلسي في شرحه للطريقة المحمدية بعد أن صدره بقوله : وقال الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي قدس اللّه سره في رسالته التي صنعها في تحقيق مقام الفناء في الشهود : فينبغي . . . إلى آخره .
وقال أيضا في شرحه المذكور بعد ما نقل فيه عن بعضهم : إن من ولي هذا المنصب فارتقى عن مقام الولاية إلى مقام الوراثة عظمت عداوة الجهال له ما نصه : ومن هنا خوض السفلة ورعاع المتفقهة في حق الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي والشيخ شرف الدين ابن الفارض قدس اللّه سره ، والعفيف [ 1 / 34 ] التلمساني قدس اللّه سره وابن سبعين قدست أسراره ، ونحوهم مما لا يعرفه الفقيه المحجوب بحجب عالم الخلق عن أسرار عالم الأمر ، الذي هو كلمح البصر ، وخاضوا في فهم كلماتهم بما هم بريئون منه ، وافتروا عليهم في نسبة المعاني الفاسدة التي تخالف الشريعة إليهم ، وسووا بينهم وبين الباطنية والزنادقة والملحدين ، ولم يقدروا من كثرة جهلهم وشدة غباوتهم مع دعواهم العلم أن يفرقوا بين كلامهم وكلام الكفار ، فوسوسوا في صدور عامة المؤمنين الذين هم خير منهم ، وأفسدوا عليهم اعتقادهم في أولياء اللّه تعالى وحرموهم التماس بركاتهم ، وأوقعوهم في الإنكار عليهم ، وعرضوهم في أولياء اللّه تعالى وحرموهم التماس بركاتهم ، وأوقعوهم في الإنكار عليهم ، وعرضوهم لغضب اللّه تعالى وحرمانه ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم انتهى .
وقال أيضا فيه في موضع آخر ما نصه : ومن أجل الحكماء الإلهيين الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي والشرف ابن الفارض ، والعفيف التلمساني وابن سبعين ، وغيرهم رضي اللّه عنهم من العارفين المحققين ، فإن كلامهم أنفع للفقيه إذا سلك به في معرفة أسرار الفقه ، ولكن بعد اعتقادهم ومحبتهم ، ونبذ كلام من تكلم فيهم بسوء من أهل الجهل والغباوة


“ 39 “


الذين هم ليسوا على طريقهم ، ولا يعرفون اصطلاحهم ، فإن من جهل شيئا عاداه ، ولا عبرة بنقل المنكرين عليهم لكلامهم وزعمهم أنهم فهموه ، لأنهم إن فهموه لما ظهر من تقريرهم كفر أو إضلال بل كان يظهر إيمان وتوحيد ، ولكن كل إناء بالذي فيه ينضح ، وآنيتهم لما تنجست بكفر الإنكار على أولياء اللّه تعالى وبغضبهم والتعصب عليهم ، كان كل كلمة من كلام أهل اللّه تعالى إذا دخلت ذلك الإناء النجس تنجست به ، وكانت إيمانا في الآنية الطاهرة [ 1 / 35 ] فصارت كفرا في الآنية النجسة القذرة ، ويضل اللّه الظالمين ويفعل اللّه ما يشاء ، انتهى .
وفي رسالة الحافظ السيوطي المسماة ب “ تنبيه الغبي “ ( ص 16 ) : إن الصوفية تواطئوا على ألفاظ اصطلحوا عليها وأرادوا بها معاني غير المعاني المتعارفة منها بين الفقهاء ، فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة بين أهل العلم كفر أو كفّر ، نص على ذلك الغزالي في بعض كتبه ، وقال : إنه شبيه بالمتشابه في القرآن والسنة من أن حمله على ظاهره كفر ، وله معنى سوى المتعارف منه .
وفيها أيضا أنه سأل بعض أكابر العلماء بعض الصوفية في عصره : ما حملكم على أنكم اصطلحتم على هذه الألفاظ التي يستشكل ظاهرها ؟ فقال : غيرة على طريقنا هذا أن يدعيه من لا يحسنه ، ويدخل فيه من ليس من أهله .
وترجمة الشيخ رضي الله عنه طويلة جدا ، وهذا قليل من كثير ، للتبرك به وبذكره رزقنا اللّه محبته ومحبة أهل اللّه كلهم ورضاهم ، وجعلنا من جملتهم وفي زمرتهم وتحت لوائهم . . آمين .
قلت : وهذه إشارات على سبيل التعريف بالشيخ للعلامة الكتاني قدس اللّه سره ، وقد ذكرت أنني أعد كتابا موسعا يشتمل في الرد على الشيخ فيما اعترض عليه فيه ، وذلك بالدفاع عنه ، بنقل أقوال الأئمة الأعلام أهل الذوق والأفهام ، مع حرصنا الشديد في تحقيق ما تيسر لنا من كتبه ورسائله ، ونشر علمه الذي لا ينتهي ، والاجتهاد في ذلك قربة إلى اللّه ، في محبة صاحب الحقيقة المحمدية .
وأرى أن أفرد مصنفاته التي اشتهر بها ، ومن ضمنها ما تقدم في كلام الكتاني فأذكر بعضها وباللّه التوفيق :
1 - التنزلات الوجودية من الخزائن الجودية ، يسر اللّه لنا تحقيقه .
2 - التنزلات الموصلية .
3 - الشجرة النعمانية .


“ 40 “


4 - العبادلة .
5 - الفتوحات الملكية .
6 - المبادئ والغايات في معاني الحروف والآيات . بتحقيقنا .
7 - بلغة الغوص في الأكوان إلى معدن الإخلاص .
8 - الرسالة الإلهية .
9 - الرسالة القدسية .
10 - الرسالة الاتحادية .
11 - الرسالة السريانية .
12 - الرسالة المشهدية .
13 - الرسالة الفردوسية .
14 - الرسالة العذرية .
15 - الرسالة الوجودية .
16 - الصحف الناموسية والسجف الناوسية . بتحقيقنا .
17 - تحفة السفرة إلى حضرة البررة .
18 - تحفة واهب المواهب ومعه المضادة وشعب الإيمان .
19 - تنزل الأملاك من عالم الأرواح إلى عالم الأفلاك .
20 - ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق .
21 - رؤية اللّه .
22 - رد المتشابه إلى المحكم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية .
23 - كتاب الفناء في المشاهدة .
24 - كتاب الجلال والجمال .
25 - كتاب الألف وهو كتاب الأحدية .
26 - كتاب الشأن .
27 - كتاب القربة .
28 - كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام .
29 - كتاب الميم والواو والنون .
30 - رسالة القسم الإلهي .

“ 41 “


31 - كتاب الياء .
32 - كتاب الأزل .
33 - رسالة الأنوار .
34 - كتاب الإسرا إلى مقام الأسرى .
35 - رسالة في سؤال إسماعيل بن سويدكين .
36 - رسالة الشيخ إلى ما لا يعول عليه .
37 - مرآة المعاني في معرفة العالم الإنساني . بتحقيقنا .
38 - كتاب التراجم .
39 - كتاب منزل القطب ومقامه وحاله .
40 - رسالة الانتصار .
41 - كتاب الكتب .
42 - كتاب المسائل .
43 - كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار .
44 - كتاب الوصايا .
45 - كتاب حلية الأبدال .
46 - كتاب نقش الفصوص .
47 - كتاب الوصية .
48 - كتاب اصطلاح الصوفية .
49 - عين الأعيان .
50 - خروج الشخوص من بروج الخصوص .
51 - انخراق الجنود إلى الجلود وانغلاق الشهود إلى السجود .
52 - شرح رتبة الشيوخ .
53 - أحوال المريد مع الشيخ وما هو الصاحب والمصحوب والمحب والمحبوب .
54 - شرح سكان الارتباط والظاعنين من دائرة الاختلاط إلى نقطة الالتقاء .
55 - بحر الشكر في نهر النكر .
56 - فصل في شرح مبتدأ الطوفان .
57 - المقدار في نزول الجبار .

“ 42 “


58 - خاتمة المقدار في نزول الجبار .
59 - نشر البياض في روضة الرياض .
60 - الرد على اليهود .
61 - كشف سر الوعد وبيان علامة الوجد .
62 - التنزلات الليلية في الأحكام الإلهية .
63 - من كنوز أهل اللّه من رسالة الخرقة .
64 - تهذيب الأخلاق .
65 - الخلوة المطلقة .
66 - الموعظة الحسنة .
67 - الأنوار فيما يمنح صاحب الحسنة .
68 - الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار .
69 - تنبيهات على علو الحقيقة المحمدية العلية .
70 - كتاب الباء .
71 - كتاب أيام الشأن .
72 - كتاب الكنه فيما لابد للمريد منه .
73 - كتاب نفائس العرفان .
74 - الرسالة الوجودية في معنى قوله صلى اللّه عليه وسلم
“ من عرف نفسه عرف ربه “ .
75 - العاجلة .
76 - مشكاة المعقول . بتحقيقنا .
77 - كتاب الحق .
78 - كتاب نسخة الحق .
79 - كتاب مراتب علوم الوهب .
80 - كتاب العظمة .
81 - رسالة التأييد والنصر .
82 - حق الوقت والساعة وحظ الحالة والطاعة .
83 - حرف الكلمات وصرف الصلوات .
84 - الكلمات الإنجيلية الناطقة بأمور جلية .


“ 43 “


85 - المعراج وتنزيل حرف الإدخال والإخراج .
86 - إشارة المنصف .
87 - مقدمة الإنصاف في الأوصاف .
88 - ظهور الباني في السبع المثاني .
89 - الإفادة في الشهادة والصلاة في الإعادة .
90 - كشف المشاهدات في أقل الدرجات .
91 - المقصود من الوصل المحمود .
92 - اللطائف والأسرار .
93 - معقل العقول في انشقاق القبر عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم .
94 - المناصفة في حقيقة المكاشفة .
95 - مراتب ضرب الحق على لسان الخلق .
96 - الرسالة الشريفة .
97 - اللمعة الموسومة بكشف الغطاء عن إخوان الصفا .
98 - رسالة في أسرار الذات الإلهية .
99 - القطب والإمامين والمدلجين .
100 - المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات .
101 - القطب والنقباء .
102 - رسالة الاتحاد الكوني في حضرة الإشهاد العيني .
103 - الموازنة .
104 - مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية . بتحقيقنا .
105 - نتائج الأذكار في المقربين والأبرار . بتحقيقنا .
106 - كتاب الغايات فيما ورد من الغيب في تفسير بعض الآيات . بتحقيقنا .
107 - تفسير سورة الفاتحة .
108 - شجون المسجون وفنون المفتون .
109 - شرح الأجسام مع الدرر الغاليات .
110 - شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس .
111 - شرح كتاب خلع النعلين .

“ 44 “


112 - عنقا مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب .
113 - كتاب اليقين .
114 - كتاب الحجب ومعه شق الجيب .
115 - كتاب إنشاء الدوائر .
116 - كتاب محاضر الأبرار ومسامرة الأخبار .
117 - كشف المعنى عن سر أسماء اللّه الحسنى .
118 - كلمة اللّه .
119 - مجموعة ساعة الخبر .
120 - مختصر الدرة الفاخرة .
121 - مشكاة الأنوار فيما روى عن اللّه سبحانه وتعالى من الأخبار .
122 - مناجاة الرحمن بآيات القرآن .
123 - منزل المنازل الفهوانية .
124 - مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم .
125 - الكوكب الدري في مناقب ذي النون المصرية .
126 - نسبة الخرقة ضمن رسائل في لبس الخرقة .
127 - الجفر .
128 - تلقيح الأذهان ومفتاح معرفة الإنسان .
129 - المعرفة .
130 - المقنع في إيضاح السهل الممتنع .
131 - التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية .
132 - كشف البيان والران . بتحقيقنا .
133 - شرح روحانية الشيخ الكردي ، بتحقيقنا .
134 - المصباح في الجمع بين الصحاح .
135 - فهرست مؤلفاته . وغيرها كثير جدا .
136 - المنعش .
137 - سر المحبة .
138 - سجود القلب .


“ 45 “


139 - ساعة الخير .
140 - الألواح ، بتحقيقنا .
141 - الفتوة .
142 - الفتن .
143 - الفتوح والمطالعات .
144 - الفتوحات الفاسية .
145 - الفتوحات المصرية .
146 - مختصر المحلى لابن حزم .
وبعد هذه الحياة الحافلة بالأنوار ، وعظيم الأسرار ، والفتوحات الربانية ، توفي الشيخ قدس اللّه سره في ليلة الجمعة 28 من شهر ربيع الآخر سنة 368 ه 16 تشرين الثاني نوفمبر 1240 م عن عمر يناهز ال ( 78 عاما ) ، ودفن في تربة القاضي ابن الزكي عند سفح قاسيون شمال دمشق وترك بعد وفاته ولدين : أحدهما سعد الدين محمد ولد في رمضان ( سنة 618 ه ) في ملطية وسمع الحديث ودرس وقال الشعر وله ديوان شعر وتوفي في دمشق ( سنة 656 ه ) سنة دخول هولاكو بغداد وقتل الخليفة المستعصم ودفن بجوار والده .
والآخر هو عماد الدين أبو عبد اللّه محمد توفي بمدرسة الصالحية في دمشق ( سنة 667 ه ) ودفن أيضا بجوار والده وأخيه .
انظر في ترجمته :
1 - البداية والنهاية لابن كثير ( 13 / 156 ) .
2 - التكملة لوفيات النقلة للمنذري ( 3 / 555 ) .
3 - جامع كرامات الأولياء للنبهاني ( 1 / 198 ، 206 ) .
4 - سير أعلام النبلاء للذهبي ( 23 / 49 ، 48 ) .
5 - سير الأولياء في القرن السابع الهجري للأنصاري ( 126 ) .
6 - شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ( 3 / 190 ، 203 ) .
7 - الطبقات الكبرى للشعراني ( 1 / 162 ) .
8 - طبقات المفسرين للداودي ( 2 / 202 ، 208 ) .
9 - العبر في خبر من غبر للذهبي ( 5 / 158 ، 159 ) .

“ 46 “


10 - عنوان الدراية للغريني ( 158 / 160 ) .
11 - لسان الميزان لابن حجر العسقلاني ( 5 / 310 ، 313 ) .
12 - ميزان الاعتدال للذهبي ( 659 / 660 ) .
13 - النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ( 6 / 339 ) .
14 - نفح الطيب للمقري ( 2 / 361 ، 384 ) .
15 - الوافي بالوفيات للصفدي ( 4 / 179 ، 972 ) .
16 - الأعلام للزركلي ( 6 / 281 ) .
17 - مخطوطة جلاء القلوب للكتاني في المواضع المبينة في نقلنا لترجمته للشيخ .
18 - مؤلفات ابن عربي ليحيى عثمان .
* * *

ترجمة الشارحة الشيخة ست عجم بنت النفيس
هي العالمة العابدة الزاهدة المتصوفة الفاضلة ست عجم بنت النفيس ابن أبي القاسم ابن طرز البغدادية انتقلت من بغداد إلى حلب ، وبها ألفت شرح المشاهد القدسية التي فرغت من تأليفها في شهر صفر سنة 852 ه .
وتقول الشيخة المباركة عن نفسها في آخر شرحها لمشاهدتها : وأنا امرأة عامية أمية خالية من كل العلوم ما خلا العلم باللّه تعالى ، ولم أصبه بتعلم ولا قراءة من الكتب ولا من عارف موقف لكنه وهب من اللّه تعالى أخرجني من الجهل إلى العلم ، ووصفني به وصف تقمص بعد العراء عن كل ما يطلق عليه اسم العلم واللغات التي يفتقر إليها الشّارح والمصنفون لكنني عربية الأصل ، وها أنا قد أظهرته كما تراه كامل المعاني في كتاب مرقوم تشهده عبارات المتقدمين من العارفين واصطلاحات المتأخرين من العلماء بهذا الشأن الجليل ومجموع ما ذكرت فيه من الجمع بين النقيضين والضدين ، وأردت به ما هو محال في العقل ليس لأحد أن يتناوله ولا يتخيل على الجمع بينهما بالعقل .
فمن أراد أن يتخيل كيفية هذا الجمع ، فليتصور صورة شخص واحد كثير في آن واحد بشهود واحد وإدراك واحد ، وجميع ما ذكرت فيه من المقابلة لم أرد به التضاد ولا التناقض لكنني أردت به الموازاة والمحاذاة كقول الشيخ الفاضل أبي بكر بن دريد رحمه اللّه في مقصورته :
حتى إذا قابلها استعبر لا يملك * دمع العين من حيث جرى
قلت : لم تنصف الفاضلة في ترجمتها كغيرها من أهل العلم الكثيرين الذين لم يدون لهم التاريخ كثيرا عن حياتهم ومناقبهم ومصنفاتهم .
وانظر : الأعلام للزركلي ( 3 / 152 ) ، وكشف الظنون لحاجي خليفة ( 2 / 1691 ) .
* * *
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فهرس المحتويات .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» خطبة الشيخ ابن العربي .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» فصل في خاتمة الكتاب في تأييد هذه المكاشفات العلمية والمشاهد القدسية .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» المشهد الحادي عشر مشهد نور الألوهية بطلوع نجم “ لا “ .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» المشهد الأول مشهد نور الوجود بطلوع نجم العيان .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: