مراجعة لمقال تقريب البعيد في تفسير قوله تعالى"وقال قرينه هذا ما لدي عتيد"
الكاتب هو علي خالد ياسين المشهداني وموضوع البحث هو معنى القرين فى الآية فى سورة ق وقد ابتدأ بالمعنى اللغوى للقرين وهو الصاحب الملازم حيث قال :
"الفصل الاول:
قوله تعالى "وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ" كما بينه اهل اللغة:
المبحث الاول: تعريف القرين لغةً واصطلاحاً:
الفرع الاول: تعريف القرين لغة
• قيل: قرين (اسم): الجمع: قرناء، المؤنث: قرينة، و الجمع للمؤنث: قرينات و قرائن، قرين: مصاحب وملازم
أمثلة: قرينك سهمك يخطئ ويصيب، إياك وقرين السوء، يعرف المرء بقرينه، يضرب في وجوب الإغضاء عن هفوات الأصحاب، " قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِين. ٌ
وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا"
وقرين: زوج. مثال: خرجت مع قرينها
وقرين: نظير منقطع. مثال: هو قرينه في الوظيفة، إنه قرينه في الجد والمثابرة.
• ايضا: القرين: المقارن والمصاحب.
وفي التنزيل العزيز: "قالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ"والقرين البعير المقرون بآخر. والقرين الأسير. والجمع: قرناء .
• قيل ايضا: قرين: جمع: قرناء، قرائن. [ق ر ن].
استشارت قرينها: زوجها. ظلت قرينته وفية بعهده: زوجته. هو قرينه: رفيقه، مصاحبه .
• واخيرا: له قرين: مصاحب له لا يفارقه . (حتى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) "
وتناول المعنى الاصطلاحى حيث قال :
"الفرع الثاني: تعريف القرين اصطلاحاً:
هو الشيء الذي يلازم شيئا آخر أينما كان.
هو الذي يلازم الإنسان في حله وترحاله، وهو معلق به، وتكمن وظيفته الحقيقية بالإيحاء إلى الإنسان ولبسه.
ويعد حديث النفس من فعل القرين.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحدٍ إلّا وقد وُكّل به قرينه من الجنّ وقرينه من الملائكة!!، قالوا: وإيّاك يا رسول الله؟ قال: وإيّاي، ولكن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلّا بخير). وعرف البعض القرين بأنه شيطان مسلط على الإنسان بإذن الله تعالى يأمره بالفحشاء، وينهاه عن المعروف، ودليل ذلك قوله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ).
فإذا من الله تعالى على العبد بقلب سليم صادق، فإنه يقويه على قرينه، ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فكل إنسان له قرين من الملائكة وقرين من الشياطين، ولكل منهما لمة بالإنسان، وجاء ذلك في الحديث حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ""
والغلط فيما سبق هو وجود قرينيين ملاك داخل الإنسان وشيطان داخل الإنسان وهو ما يعارض كتاب الله فى أن الملائكة لا تنزل الأرض حتى تكون قرين أو غير هذا لقوله سبحانه " قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
وأما الشياطين فهم أنفسهم الناس والجن الكفار كما قال سبحانه :
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن "
فحتى الجن الذين يسمونهم شياطين تتم الوسوسة لهم كما قال سبحانه :
"من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس"
وما يروى عن النبى(ص) كذب لم يقل منه شىء وإنما الحقيقة أن الله خلق فى تركيب النفس شيئين متناقضين وهما العقل والشهوات فهذا يعهده عن الباطل والثانى يجذبه للباطل وبينهما تقف إرادة الإنسان التى تقرر أن تتبع العقل أو تتبع الشهوات التى هى ممثل الشيطان وهو الباطل فى النفس
وتناول معنى العتيد فى اللغة والاصطلاح حيث قال :
"المبحث الثاني: تعريف العتيد لغةً واصطلاحاً:
الفرع الاول: تعريف العتيد لغةً:
• العتيد: المهيأ والحاضر. وفي التنزيل العزيز: "مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"
اي: حاضر. والعتيدة: مؤنث العتيد.
• وايضا: العتيد: الحاضر المهيأ وقوله تعالى: "هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ" قيل: حاضر وقيل: قريب.
والمعتد كمكرم: المعد وأعد يعد إنمأ هو أعتد يعتد فأدغمو قيل: إنما هو من عين ودالين لقولهم أعددنا فيظهرون الدالين.
وقد عتد الشيء ككرم عتادة وعتادا بالفتح فيهما فهو عتيد: جسم.
وعتدته تعتيدا واعتدته: هيأته ليوم ، ومنه قوله تعالى "واعْتَدَتْ لهُنَّ متكأا"
• واخيرا: أعتد الشيء أعده، قال الله عز وجل "وأَعتدَت لهن مُتَّكَأً" أي هيأت وأعدت
وحكى يعقوب أن تاء أعتدته بدل من دال أعددته، يقال أعتدت الشيء وأعددته فهو معتد وعتيد، وقد عتده تعتيدا.
وفي التنزيل "إِنا أَعْتَدْنا للظالمين ناراً" ...
وقال الشاعر: أَعْتَدْتُ للغُرَماءِ كَلْباً ضارِياً عِنْدي وفَضْلَ هِراوَةٍ مِن أَزرَقِ.
وشيء عَتِيدٌ مُعَدٌّ حاضِرٌ، وعَتُدَ الشيءُ عَتادَةً فهو عَتِيدٌ حاضر.
الفرع الثاني: تعريف العتيد اصطلاحاً:
لتعريف الكلمة وجهان:
- أنه الحاضر الذي لا يغيب.
- أنه الحافظ المعد، إما للحفظ، وإما للشهادة. المبحث الثالث: اعراب الاية الكريمة:
_ الواو: عاطفة.
_ ما: اسم موصول في محل رفع بدل من ذا.
_ لدي: ظرف مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بمحذوف صلة (ما).
_ عتيد: خبر المبتدأ (هذا).
_ وجملة: (قال قرينه ... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة القول المقدّرة.
_ وجملة: (هذا ... عتيد) في محلّ نصب مقول القول ."
والعتيد المقصود به فى الآية الكتاب الجاهز وهو الكتاب المنشور الذى فيه حياة الإنسان بالصوت والصورة
وتناول التفسير اللغوى للآية وهو تفسير مغلوط لأن كتب اللغة لم تؤلف إلا بعد نزول القرآن بقرون وليس من المعقول أن يتم تحكيم شىء لاحق فى شىء سابق عليه وإنما القرآن يفسر نفسه بنفسه
والتفسير اللغوى قال فيه :
"المبحث الرابع: التفسير اللغوي:
- قال يحيى بن زياد الفراء: (وقوله: {هذا ما لدي عتيد ... }. رفعت العتيد على أن جعلته خبرا صلته لما، وإن شئت جعلته مستأنفا على مثل قوله: {هذا بعلي شيخ}. ولو كان نصبا كان صوابا؛ لأن (هذا، وما) معرفتان، فيقطع العتيد منهما).
- قال عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري: {وقال قرينه} يعني: الملك. {هذا ما لدي عتيد} يعني: ما كتبه من عمله، حاضر عندي.
- قال إبراهيم بن السري الزجاج: وقوله: {وقال قرينه هذا ما لدي عتيد}
{ما} رفع بهذا و {عتيد} صفة لـ {ما} فيمن جعل {ما} في مذهب النكرة، المعنى هذا شيء لدي عتيد. ويجوز أن يكون رفعه على وجهين غير هذا الوجه، على أن يرفع {عتيد} بإضمار، كأنك قلت: هذا شيء لديّ هو عتيد. ويجوز أن يكون رفعه على وجهين غير هذا الوجه، على أن يرفع {عتيد} بإضمار، كأنك قلت: هذا شيء لديّ هو عتيد.
ويجوز أن ترفعه على أنه خبر بعد خبر، كما تقول هذا حلو حامض، فيكون المعنى هذا شيء لديّ عتيد.
ويجوز أن يكون رفعه على البدل من {ما}، فيكون المعنى هذا عتيد .
قال مكي بن أبي طالب القيسي: {ما لدي عتيد} أي ما عندي حاضر .
قال سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر: وأما {هذا ما لدي عتيد} فرفعه على وجهين، على (شيء لدي عتيد)، وعلى هذا (بعلي شيخٌ)
وفى الفصل التالى جمع الباحث بعضا من تفسيرات المفسرين للقرين حاكيا عنهم تفسيرات مختلفة مدعيا أنها ليست متعارضة حيث قال :
" الفصل الثاني:
جملة من اقوال السلف الصالح في تفسير الاية الكريمة
بين أهل السنة ـ خاصة ابن تيمية والزركشي والسيوطي ـ أن السلف لم يختلفوا في تفسير القرآن الكريم. ولما قرروا هذا الأصل راحوا يوضحون أن اختلافهم في تفسير آية من آيات الذكر الحكيم ليس اختلاف تضاد بل هو اختلاف تنوع، وفي ذلك يقول الزركشي: " يكثر في معنى الآية أقوالهم واختلافهم، ويحكيه المصنفون للتفسير بعبارات متبانية الألفاظ، ويظن من لا فهم عنده أن في ذلك اختلافا فيحكيه أقوالا وليس كذلك، بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى ظهر من الآية، وإنما اقتصر عليه لأنه أظهر عند ذلك القائل، أو لكونه أليق بحال السائل ... الى اخر كلامه .
وفي تفسير هذه الاية الكريمة -كما سنرى- انقسمت اقوال العلماء الى اقوال: • قال أحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني {وقال قرينه} هو الشيطان الذي قيض له.
• وقال جلال الدين السيوطي: وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {قال قرينه} قال: الشيطان.
• وعن مجاهد بن حبر قال: "وقال قرينه"، هو الشيطان الذي قيض له.
• وقال عبد الحق بن غالب بن عطية الاندلسي: قوله (وقال قرينه) يقتضي أن الضمير إنما يعود على أقرب مذكور، وهو الذي يقال له (فبصرك اليوم حديد)
ولفظ القرين: اسم جنس، فسائقه قرين، وصاحبه من الزبانية قرين، وكاتب سيئاته في الدنيا قرين وتحتمله هذه الآية، أي هذا الذي أحصيته عليه عتيد لدي، وهو موجب عذابه، ومماشي الإنسان في طريقه قرين
وقال الشاعر [عدي بن زيد العبادي]:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي
والقرين الذي في هذه الآية، غير القرين الذي في قوله (ربنا ما أطغيته )، إذ المقارنة تكون على أنواع، وقال بعض العلماء: (قرينه) في هذه الآية: عمله قلباً وجارحاً .
• وقال الزمخشري: (وقال قرينه) هو الشيطان الذي قيض له في قوله: نقيض له شيطانً فهو له قرين يشهد له، وقوله تعالى: (قال قرينه) ربنا ما أطغيته (هذا ما لدي عتيد) هذا شيء لدي وفي ملكتي عتيد الجهنم. والمعنى: أن ملكا يسوقه وآخر يشهد عليه وشيطانًا مقرونًا به يقول: قد اعتدته الجهنم وهيئته لها بإغوائي وإضلالي."
إذا التفسير الأول للقرين فى الآية هو الشيطان وأما التفسير الثانى عند بعض أخر فهو الملاك وعنه قال :
"المبحث الثاني: قولهم رحمهم الله في تفسير القرين على انه (ملك)
• قالَ جلال الدين السيوطي: وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وقال قرينه} قال: ملكه، {هذا ما لدي عتيد} قال: الذي عندي عتيد للإنسان حفظته حتى جئت به.
• وعن الضحاك: "وقال قرينه" قال: يعني الملك الموكل به.
• وقال مقاتل: هو ملكه الذي كان يكتب عمله السئ في دار الدنيا.
• وذكر السعدي في تفسيره: قال تعالى: {وَقَالَ قَرِينُهُ} أي: قرين هذا المكذب المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم الله على حفظه، وحفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة ويحضر أعماله ويقول: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} أي: قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه، وحفظ عمله، فيجازى بعمله.
• قال محمد بن جرير الطبري: يقول تعالى ذكره: وقال قرين هذا الانسان الذي جاء به يوم القيامة معه سائق وشهيد.
وقوله: "هَذَا مَا لَدى عَتِيد"، يقول تعالى ذكره مخبرا عن قول قرين هذا الانسان عند موافاته ربه به، رب هذا ما لدي عتيد: يقول: هذا الذي هو عندي معد محفوظ.
• وقال ابن كثير: {قال قرينه} قال ابن عباس رضي الله عنهما هو الشيطان الذي وُكِّل به.
يقول تعالى مخبرا عن الملك الموكل بعمل ابن آدم: أنه يشهد عليه يوم القيامة بما فعل ويقول: (هذا ما لدي عتيد) أي: معتد محضر بلا زيادة ولا نقصان• وقال ابي محمد بن مسعود البغوي: (وقال قرينه) الملك الموكل به (هذا ما لدي عتيد) معد محضر، وقيل: " ما " بمعنى (من)
قال مجاهد: يقول هذا الذي وكلتني به من ابن آدم حاضر عندي قد أحضرته وأحضرت ديوان أعماله.
وأما التفسير الثالث عند البعض الثالث فهو أن المقصود بالقرين صاحبه البشرى وعنه قال :
"المبحث الثالث: قول ابن زيد بان القرين هو صاحبه من الإنس:
كما قرأنا في المباحث السابقة، فان اهل العلم بشكل عام انقسموا الى قسمين، قسم قال ان القرين ملك، وقسم اخر قال ان القرين شيطان. لكن اثناء بحثي وجدت قولاً ثالثاً استفرد به -حسب علمي وبحثي في المواقع والكتب- ابن زيد ، فقد ذكر في تفسير الطبري انه قال: قرينه صاحبه من الإنس، أي الذي كان قرينه في الدنيا."
وقام الكاتب بالترجيح بين الآراء فاختار تفسير الملاك حيث قال :
" الفصل الثالث:
استنباط وشرح القول الارجح في تفسير كلمة "القرين" في الاية الكريمة.
بسبب هذا الاختلاف بمعنى القرين، نجد ان تفسير قوله تعالى "هذا ما لدي عتيد" سيختلف ايضا، فلو قلنا ان القرين هو ملك، فان الاشارة هنا تكون الى العذاب الموكل به هذا الملك، وان قلنا ان القرين هو انسان او شيطان، فاما ان تكون الاشارة هنا الى العذاب كما ذكرت سابقا، او ان تكون عائدة على الضمير الغائب في قوله تعالى "قرينه"، والذي يكون في نفس الكافر، فيصبح المعنى: هذا الذي معي، اي صاحبه الذي يؤنسه ويحدثه، والدليل على هذا ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز عن الكافر الذي كان له قرين من المؤمنين في الدنيا، وكيف يتحسر على اختلاف حاله يوم القيامة عن صاحبه المؤمن، قال تعالى: "قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين ... الاية"، لذا: قوله "هذا ما لدي عتيد" يدل على حسرته واشفاقه لانه يرى نصيب قرينه من الاجر والثواب، ونصيبه من العذاب المجهز له، فكلمة عتيد تعني: مجهز ومهيأ.
وبناءاً على الادلة المذكورة والتفاسير، وحسب بحثي وفهمي للاية الكريمة، اقول والله الموفق: ان القول الارجح في تفسير كلمة "القرين" في الاية الكريمة "وقال قرينه هذا ما لدي عتيد" هو ان معناه (الملك)، وتوصلت الى هذا الرأي اعتماداً على قوله تعالى: "وجائت كل نفس معها سائق وشهيد"، فقد قال أبي عيسى: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب، فقرأ هذه الآية (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) قال: السائق يسوقها إلى أمر الله، والشهيد يشهد عليها بما عملت
وقد قال مثل هذا القول ابن عباس ومجاهد وقتادة ايضاً كذلك اعتمدت على تفسير قوله تعالى: "ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد".
حيث يقول الشوكاني في تفسيره لهذه الآية: ما يتكلم من كلام فيلفظه ويرميه من فيه إلا لديه، أي ذلك اللافظ، رقيب، أي ملك يرقب قوله ويكتبه، والرقيب الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله من خير وشر، فكاتب
الخير هو ملك اليمين، وكاتب الشر ملك الشمال.
وقد وافقه في قوله الطنطاوي في تفسيره تقريب البعيد، في تفسير قوله تعالى:
"وقال قرينه هذا ما لدي عتيد""
وكما سبق الكلام لا يمكن أن يكون المقصود الملاك لأن الملائكة لا تنزل الأرض مع البشر لخوفها وعدم اطمئنانها كما قال سبحانه :
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
والقرين هنا يتعلق بشىء ليس فى الدنيا لأن الكلام عن ألآخرة ومن ثم القرين هنا شىء مخالف تماما للتفاسير وهو :
أنه الكتاب المنشور الذى يلازم صاحب فى يده فى القيامة حتى يدخل الجنة أو يدخل النار وفى هذا قال سبحانه :
"يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرا محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه"
فهنا العمل المحضر هو خير وشر الإنسان وهو معنى عتيد وهو ماكرره قوله :
"ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا"
فهنا العمل عتيد أى حاضر فى الكتاب وكون الكتاب فى اليد اليمنى أو اليسرى معناه أنه ملازم لصاحبه حتى يدخل الجنة أو يدخل النار كما قال سبحانه :
"يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه"
وقال أيضا:
"وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه"
فقرين الإنسان العتيد هو كتاب عمله قولا وفعلا