يقول الإمام الحسين {عليه السلام} :
سأله رجل عن معنى ( كهيعص ) فقال : " لو فسرتها لك لمشيت على الماء ،
إلا أنه لا يمكن التصريح بكل أسرارها لعدم الأفهام المستنيرة بنور الهداية ،
المستضيئة بمشكاة النور اليقين ، ولئلا يبدو سر الله للعامة فيكون سببا لفتنتهم وهلاكهم " .
ويقول الشيخ ابن عطاء الأدمي :
" الله تعالى كاف بالانتقام من أعدائه ، هاد لمن أخلص في عمله ،
عليم بحال من أشرك ومن لم يشرك ، صادق في ثوابه وعقابه ووعده ووعيده " .
ويقول الشيخ إبراهيم القرمسيني :
" الكاف : فالله الكافي لخلقه . والهاء : فالله الهادي لخلقه .
والياء : يد الله على خلقه بالعطف والرزق . والعين : فالله عالم بما يصلحهم .
والصاد : فالله صادق وعده " .
ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
" قيل : الكاف : معناه الكافي السائلين حوائجهم . والهاء : هادي الضالين .
والصاد : صادق فيما وعد المؤمنين .
وقيل : كريم بعفوه ، هاد بجوده ، عليم بمصالح عباده ، صادق فيما أخبر " .
ويقول الإمام القشيري :
" قوله جل ذكره :[ كهيعص ] تعريف للأحباب بأسرار معاني الخطاب ،
حروف خص الحق المخاطب بها بفهم معانيها ، وإذا كان للأخيار
سماعها وذكرها ، فللرسول فهمها وسرها .
ويقال : أشار بالكاف إلى أنه الكاف في الإنعام والانتقام ،
والرفع والوضع على ما سبق به القضاء والحكم .
ويقال : في الكاف تعريف بكونه مع أوليائه ، وتخويف بخفي مكره في بلائه .
ويقال : في الكاف إشارة إلى كتابته الرحمة على نفسه قبل كتابة الملائكة الزلة على عباده .
والهاء تشير إلى هدايته المؤمنين إلى عرفانه ، وتعريف خواصه باستحقاق جلال
سلطانه ، وما له من الحق بحكم إحسانه .
والياء إشارة إلى يُسر نعمه بعد عسر محنه . وإلى يده المبسوطة بالرحمة للمؤمنين من عباده .
والعين تشير إلى علمه بأحوال عبده في سره وجهره ، وقله وكثره ،
وحاله ومآله ، وقدر طاقته وحق فاقته .
وفي الصاد إلى أنه الصادق في وعده "
ويقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" كهيعص فلا يفهم المراد منها إلا بعد تفسير كل حرف على حدته .
فالكاف المفتوحة : وضعت للعبد . والفاء الساكنة : تحقيق لمعنى الفاء
المفتوحة ففيها ما في المفتوحة وزيادة التحقيق والتقرير .
ومعنى المفتوحة الشيء الذي لا يطاق ، فكأن الساكنة تقول وكونه
لا يطاق حق لا شك فيه . والهاء المفتوحة : وضعت لتدل على الرحمة
الطاهرة الصافية التي لا يخاطها كدر ولا غير . ويا : للنداء .
والعين المفتوحة : وضعت لتدل على الرحيل والانتقال من حال إلى حال .
والياء المسكنة : هنا تدل على الاشتباك والاختلاط .
والنون المسكنة : تحقيق لمعنى المفتوحة ومعنى المفتوحة الخير
الساكن في الذات الشامل فيها . والصاد المفتوحة : وضعت لتدل على الفراغ ...
أما المعنى المراد منها هنا : فهو إعلام من الله تعالى لجميع المخلوقات
بمكانة النبي وعظيم منزلته عند الله تعالى ... وأنه تعالى من على كافة المخلوقات
بأن جعل استمداد أنوارها من هذا النبي الكريم .
وبيان ذلك من التفسير السابق أن الكاف : دلت على أنه عبد ...
والهاء المفتوحة : دلت على أنه رحمة طاهرة صافية مطهرة لغيرها ...
ويا : نداء للعبد السابق والمنادى لأجله هو ما دلت عليه العين من الرحلة
المؤكدة بمعنى الياء الساكنة ، لأنها من حروف الإشارة ، وحروف الإشارة
للتأكيد كما سبق ، وتفيد مع ذلك لزوم الرحلة ، واشتباكها والمرحول به
هو معنى النون الساكنة ، وهو نور الوجود الذي تقوم به
الموجودات ، والمرحول إليه هو المعنى الذي أشير إليه بالصاد .
فمعنى الكلام حينئذٍ : يا هذا العبد العزيز عليَّ اذهب ذهاباً حتماً
لازماً إلى جميع من هو في حيز وفراغ بالأنوار التي تقوم بها وجوداتهم
ليستمدوا منك ، فإن مادة الجميع إنما هي منك " .
: