الباب الثاني والتسعون ومائة
في معرفة الحال
الحال مليهب الرحمن من مـنـح عناية منه لا كسب ولا طـلـب
تغير الوصف برهان عليه فـكـن على ثبات فإن الحال تنـقـلـب
ولا تـقـولـن أن الـحـال دائمة فإن قوماً إلى ما قلتـه ذهـبـوا
أبو عـقـال أمـام سـيد سـنـد في الحال كان له في حاله عجب
دامت عليه إلى وقت البدور من ال مئين أيامها ما أسدلـت حـجـب
وزاد ميقات موسى في أقامـتـه على المئين كذا جاءت به الكتـب
الحال عندالطائفة ما يرد على القلب من غير تعمل ولا اجتلاب
فتتغير صفات صاحبه له واختلف في دوامه
منهم من قال بدوامه ومنهم من منع دوامه
وأنه لا بقاء له سوى زمان وجوده كالعرض عند المتكلمين
ثم يعقبه الأمثال فيتخيل أنه دائم وليس كذلك وهو الصحيح
لكنه يتوالي من
غير أن
يتخلل الأمثال ما يخرجه عنه
فمنهم من أخذه من الحلولفقال بدوامه وجعله نعتاً دائماً غير زائل
فإذا زال لم يكن حالاً وهذا قول من يقول بدوامه
قال بعضهم ما أقامني الله منذ أربعين سنة في أمر فكرهته
قال الامام أشار إلى دوام الرضى وهو من جملة الأحوال
هذا الذي قاله بعضهم ما أقامني الله في ظاهره ولا في باطنه في طريق الله بعيد
وإنما الذي ينبغي أن يقال في قول هذا السيد أنه أقام أربعين سنة ما أقامه الله في ظاهره ولا في باطنه
في حال مذموم شرعاً بل لم تزل أوقاته عليه محفوظة بالطاعات
وما يرضى الله ولقد لقيت شخصاً صدوقاً صاحب حال على قدم أبي يزيد البسطامي
بل أمكن في شغله له أدلال في أدب فقال لي يوماً
خمسون سنة ما خطر لي في نفسي خاطر سوء يكرهه الشرع فهذه عصمة إلهية
فيكون كلام ذلك السيد من هذا القبيل والأحوال مواهب لا مكاسب
اعلم أن الحال نعت إلهي من حيث أفعاله وتوجهاته على كائنات
وإن كان واحد العين لا يعقل فيه زائد عليه
قال تعالى عن نفسه كل يوم هو في شأن
وأصغر الأيام الزمن الفرد الذي لا يقبل القسمة فهو فيه في شؤون
على عدد ما في الوجود من أجزاء العالم الذي لا ينقسم كل جزء منه بهذا الشرط
فهو في شأن مع كل جزء من العالم بأن يخلق فيه ما يبقيه سوى ما يحدثه
مما هو قائم بنفسه في كل زمان فرد
وتلك الشؤن أحوال المخلوقين وهم المحال لوجودها فيهم
فإنه نفيهم يخلق تلك الشؤن دائماً فلا يصح بقاء الحال زمانين
لأنه لو بقي زمانين لأنه لو بقي زمانين
لم يكن الحق في حق من بقي عليه الحال خلافاً ولا فقير إليه
وكان يتصف بالغنى عن الله وهذا محال
وما يؤدى إلى المحال محال
وهذا مثل قول القائلين بأن العرض لا يبقى زمانين
وهو الصحيح والأحوال اعراض
تعرض للكائنات من الله يخلفها فيهم عبر عنها بالشأن الذي هو فيه دنيا وآخر
هذا أصل الأحوال الذي يرجع إليه في الإلهيات
فإذا خلق الله الحال لم محل إلا الذي يخلقفه فيه
فيحل فيه زمان وجوده فلهذا اعتبره من الحلول وهو النزول في المحل
وقد وجد ثم أنه ليس من حقيقته أن يبقى زمانين
فلا بد أن ينعدم في الزمان الثاني من زمان وجوده لنفسه
لا ينعدم بفاعل يفعل فيه العدم لأن العدم لا ينفعل لأنه ليس شيأ وجودياً
ولا بانعدام شرط ولا بضد لما في ذلك كله من المحال
فلا بد أن ينعدم لنفسه أي العدم له في الزمان الثاني من زمان وجوده حكم لازم
والمحال لا بقاء له دونه أو مثله أو ضده
فيفتقر في كل زمان إلى ربه في بقائه فيوجد له الأمثال أو الأضداد
فإذا أوجد الأمثال يتخيل أن ذلك الأول على أصله باق وليس كذلك
وإذا كان الحق كل يوم في شأن وكل شأن
عن توجه إلهي والحق قد عرفنا بنفسه أنه يتنزل في
الصور فلكل شأن يخلقه صورة إلهية
فلهذا ظهر العالم على صورة الحق ومن هنا نقول أن الحق علم نفسه فعلم العالم
فمثل هذا اعتبر من اعتبر الحال من التحول والاستحالة فقال بعدم الدوام
فما يزال العالم مذ خلقه الله إلى غير نهاية في الآخرة
والوجود في الأحوال تتوالى عليه
الله خلقها دائماً بتوجيهات إدارية تصحبها كلمة الحضرة المعبر عنها بكن
فلا تزال الإدارة متعلقة وهو المتوجه ولا تزال كن ولا يزال التكوين
هكذا هو الأمر في نفسه حقاً وخلقاً وقد يطلقون الحال
ويريدون به ظهور العبد بصفة الحق في التكوين ووجود الآثار عن همته
وهو التشبه بالله المعبر عنه بالتخلق بالأٍماء
وهو الذي يريده أهل زماننا اليوم بالحال ونحن نقول به ولكن لا نقول بأثره
لكن نقول أنه يكون العبد متمكناً منه بحيث لو شاء ظهوره لظهر به
لكن الأدب يمنعه لكونه يريد أنيتحقق بعبوديته ويستتر بعبادته
فلا ينكر عليه أمر بحيث إذا رئ في غاية الضعف ذكر الله عند رؤيته
فذلك عندنا ولي الله فيكون في الكون مرحمة
وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم في أولياء الله
أنهم الذين إذا رؤوا ذكر الله من صبرهم على البلاء ومحنة الله
لهم الظاهرة فلا يرفعون رؤسهم لغير الله في أحواله
فإذا رئ منهم مثل هذه الصفة ذكر الله بكونه اختصهم
لنفسه ومن لا علم له بما قلنا ه يقول الولي صاحب الحال الذي إذ رئ ذكر الله
هو الذي يكون له التكوين والفعل باهمة والتحكم في العالم والقهر والسلطان
وهذه كلها أوصاف الحق فهؤلاء هم الذين إذا رؤوا ذكر الله
وهذا قول من لا علم له بالأمور
وإن مقصود الشارع إنما هو ما ذكرناه وأما هذا القول الآخر
فقد ينال التحكم في العالم بالهمة من لا وزن له عند الله ولا قيمة وليس بولي
وإنما سئل النبي وأجاب بهذا عن أولياء الله فقيل له من أولياء الله
فقال الذين إذا رؤوا ذكر الله لما طحنتهم البلايا وشملتهم الرزايا
فلا يتزلزلون ولا يلجؤن لغير الله رضى بما أجراه الله فيهم وأراده بهم
فإذا رأتهم العامة على مثل هذا الصبر والرضى وعدم الشكوى للمخلوقين ذكرت العامة الله
وعلمت أن الله بهم عناية وأصحاب الآثار قد يكونون أولياء
وقد تكون تلك الآثار التكوينية عن موازين معلومة عندنا
وعند من يعرف همم النفوس وقوتها وفعل إجرام العالم لها
ومن خالط العزابية ورأى ما هم عليه من عدم التوفيق
مع كونهم يقتلون بالهمة ويعزلون ويتحكمون لقوة هممهم
وأيضاً لما في العالم من خواص الاسماء التي تكون عنها الآثار التكوينيات
عند من يكون عنده علم ذلك مع كون ذلك الشخص مشركاً بالله
فما هو من خصائص أولياء الله تعالى التأثير في الكون فما بقي إلا ما ذكرناه