قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: عشق جلال الدين الرومي_الكاتب : حسين الصديق الثلاثاء مارس 17, 2009 9:20 pm | |
| عشق جلال الدين الرومي جلال الدين الرومي أكبر شعراء الإنسانية على الإطلاق، ولد في بلخ من أعمال أفغانستان اليوم، وعاش في قونية. عشق جلال الدين الرومي الكاتب : حسين الصديق عشق جلال الدين الرومي 604- 672هـ يقول جلال الدين الرومي : - أدب العشق ترك الأدب تماماً. - العشق هو ترك الاختيار. العشق هو سعي النقص إلى الكمال، أو كما يقول التوحيدي:
"العشق تشوق إلى كمال ما بحركة دالة على صبوة ذي شكل إلى شكله". كل موجود في الوجود عاشق بالقوة لخيره الخاص به بحسب نسبته من الوجود. وأرقى موجود في الوجود هو الإنسان، وعشقه أرقى أنواع العشق لأن خيره وكماله إنما كانا من جهة النفخة الإلهية. وقد خلق الله العشق آلة في الإنسان تقوده إلى الله، وخلق الجمال محرضاً معرفياً، به يتمكن الإنسان من إخراج عشقه من وجوده القوة إلى الوجود بالفعل ، ليعود إلى الله. كذلك كان جلال الدين، وحتى عام 628هـ كان مهتماً أساساً بعلوم الظاهر، وكان مولعاً بالشعر العربي. وكان مهيأ ليخلف والده بهاء الدين ولد، سلطان العلماء، في التدريس، وبعد وفاة والده، تتلمذ على يد برهان الدين محقق الترمذي الذي جعل جلال الدين ينقطع في خلوات كثيرة للتأمل والعزلة، كانت تستمر الواحدة أربعين يوماً أحياناً. كما دفعه لزيارة سورية ليجدد ثقافته الصوفية. لقد كانت حياته لاتختلف عن كثير من العلماء المسلمين، وكان الإبداع الجمالي لديه سيبقى دفيناً لو أن نار العشق لم تحرق الحجب الداخلية والخارجية التي كانت تمنعه من الاتصال بالله المعشوق الأول، إذ على الرغم من أن غبار حوافر جيش التتار كانت تحجب شمس الحضارة الإسلامية، فإن لقاء جلال الدين بالدرويش المتجول شمس الدين التبريزي عام 642 هـ كان يمثل بزوغ شمس الإبداع والحب الإلهي فيه. كان هذا اللقاء بمثابة الولادة الحقيقية لجلال الدين. فقد كان مستعداً له في أعماق روحه. فالعشق فيه بالقوة، وقد بلغ مرحلة متقدمة من النضج الفكري والعلمي، ولكنه كان مايزال واعظاً، فقيهاً، حتى قيّض الله له ذلك اللقاء بجمال ذات ذلك الدرويش الجوّال شمس الدين التبريزي، فكُشفت عنه الحجب، بعد أن وجد فيه صورته فأصبح صوفياً شاعراً وحكيماً إنسانياً، هو بلا منازع واحد من عدد قليل من الرجال الذين استطاعوا صياغة فكر إنساني لاتقف أمامه حدود ولا يفقده الزمان توهجه وألقه. يذكر الرومي هذا التحول في إحدى رباعياته فيقول: " عندما اشتعلت نيران الحب في صدري، أحرق لهيبها كلّ ماكان في قلبي فازدريت العقل الدقيق والمدرسة والكتاب وعملت على اكتساب صناعة الشعر وتعلمت النظم". ألم يلتق شمس الدين برجال كثيرين، فلماذا لم يترك فيهم ماتركه في جلال الدين. ونحن وإن كنا لاندري من العاشق بينهما ومن المعشوق فإننا نعتقد أن استعداد جلال الدين لتلقي الفيض الإلهي كان هو الأصل في تلك العلاقة بين الاثنين، لقد كان لقاؤهما فريداً من نوعه، لأن العشق بينهما لم يكن ذلك الهيام المألوف بالجمال الإلهي في صورة شاب جميل، والمعروف بوصفه عامل إلهام في التصوف، بل لقاء صوفيين ناضجين ذوي قوة شخصية هائلة. فقد كان جلال الدين في الثامنة والثلاثين من عمره على حين أن شمس الدين كان في الستين. كان أثر شمس الدين كبيراً في جلال الدين فقد صرفه عن تلامذته وجعله يعرض عن الوعظ، وينصرف إلى حياة التأمل الصوفي، إلى درجة أن تلاميذه حقدوا على ذلك الدخيل الذي صرف عنهم أستاذهم، فاضطر شمس الدين إلى الرحيل مما أحزن الرومي كثيراً حتى اضطر ابنه سلطان ولد إلى البحث عنه وإحضاره من دمشق. إلا أن الأمر تكرر مما جعل التبريزي يرحل نهائياً ويختفي. والمعتقد أنه قتل على يد تلامذة جلال الدين عام 645. وقد تألم الرومي كثيراً، واستحال وجوده كله إلى الشعر والموسيقا، وغدت الموسيقا التعبير الوحيد عن مشاعره، ورغم أنه قد يكون استيقن أخيراً أن شمساً قد توفي على الصعيد الدنيوي فإنه لم يسلّم بذلك، وهتف من أعماقه قائلاً: " من ذا الذي قال إن شمس الروح الخالدة قد ماتت؟ ومن الذي تجرأ على القول بأن شمس الأمل قد تولت؟ إن هذا ليس إلا عدواً للشمس وقف على سطح وعصب كلتا عينيه ثم صاح: هاهي الشمس تموت" | |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: عشق جلال الدين الرومي_الكاتب : حسين الصديق الثلاثاء مارس 17, 2009 9:24 pm | |
| وتفجرت عبقرية الرومي إذ نظم ديواناً كاملاً سماه ديوان شمس تبريز ذكرى لصديقه، وجاءت بقية أعماله متأثرة بتلك الشمس التي غابت بعد أن كشفت الحجب عن شمسه الداخلية. ويبدو أن عبقرية الرومي كانت ماتزال بحاجة إلى محرض معرفي خارجي إذ تذكر الأخبار أنه تعلق بتلميذ له اسمه صلاح الدين زركوب. وحينما توفي هذا في عام 657هـ تحول حب جلال الدين إلى تلميذه حسام الدين الذي خلفه في رئاسة الطريقة المولوية بعد وفاته. وكان لحسام الدين أثر كبير في جلال الدين إذ حث أستاذه على كتابة المثنوي، فكان يكتب مايمليه عليه أستاذه.
لقد كانت مسألة تقابل العشق والعقل المنطقي موضوعاً محبباً لدى الصوفية. ولا يني الرومي من الاستغناء عن العقل إزاء العشق. فالعقل حمار أعرج والعشق معراج إلى سطح سلطان الجمال، وهو يعلّم في المثنوي قائلاً: "اذبح العقل قرباناً في عشق الحبيب" مثنوي 4/1424 ويقول : " ماأبعد العاقلين عن العاشقين؟ ماأبعد دخان الموقد عن الصبا ؟ " الديوان الكبير /172 وكثيرة هي المواضع في شعره التي يتكلم فيها على العقل إزاء العشق، وما يهمني في هذه الدراسة هو أن هذا الموقف من العقل إنما كان تحت تأثير ماعاناه الرومي في عشقه للتبريزي ومن بعده صلاح الدين وحسام الدين. إذ إن من الممكن أن نتصور مدى معاناته الداخلية إزاء ماكان يراه من مواقف تلامذته وأهله من علاقته بالتبريزي، وهي مواقف ثقافية اجتماعية تعكس نظرة الفقيه والمجتمع إلى علاقة رجل برجل، على الرغم من أن الاثنين كانا في سن متقدمة. إلا أن هذه النظرة هي التي تفسر مواقف تلامذته الرافضة لتلك العلاقة أو المستنكرة إياها، وهو استنكار أدى إلى مضايقة الرومي من جهة، ومقتل التبريزي من جهة أخرى. وما مقتل التبريزي على يد تلامذة الرومي إلا دليل على مقتل العشق بيد العقل. إن عشق الرومي إنما يدل على قوة الذات لديه، ومدى تجليها في ثقة كبيرة أظهرها الرومي في جرأته على الاستمرار في الخلوة بالتبريزي، على الرغم من معارضة كل من كان حوله. وهو بذلك يمثل الرجل العارف الواثق بأن مايفعله صادر عن القلب، ويتفق مع قوانين الزمان المطلق، فما كان يهتم بأحكام الناس الذين كانوا يصدرون في حكمهم عن قوانين الزمان المقيد، والحكم فرع عن التصوّر. لقد كان العشق، وما يزال، آلة المطلق في إعادة من يعيش في المقيد إليه، إنه قوة الذات الجوهر الإنساني في تلقي الفيض الإلهي أو العلم اللدني، ومحركها للعودة إليه. ومن يدرك هذه الحقيقة فإنه لن يتخلى عنها أمام أوهام العقل المقيد وقد أدرك الرومي هذا، فكان واثقاً بفعله من جهة القلب، يعرف أن أوهام العقل خاطئة، ولكن أصحابها معذورون لجهلهم فما كان يلومهم، لأنه في قرارة عقلة يعرف أنهم على حق فيما يصدرون من أحكام. إنه الصراع الأزلي بين العقل المكتسب والعشق المطلق الذي لايعترف بأحكام العقل لأنه آلة حكمها لايطال إلا مايقع تحت أدواتها الحسية. وتاريخ الناس الذين يحكمهم العقل يثبت أنهم ماكانوا يقبلون سلوك من كان يحتكم إلى القلب مركز الزمان المطلق. كان الرومي مطمئناً لما يفعله في العشق اطمئنان العبد الصالح مع موسى عليه السلام، والذي كان يردد في نهاية المطاف مخاطباً موسى: "وما فعلته عن أمري" ولو أنه كان يشعر بأي حرج أو يسلم بما كان يسمعه أو يعانيه ممن حوله لما كان قادراً على إبداع ذلك التراث الإنساني الضخم الذي تركه للإنسانية، ولو أنه استجاب للوم الناس وأحكامهم لكان غير صادق في عشقه، ولكان حرم الإنسانية من كنز عظيم. المسألة تكمن في مدى ثقة العارف بعشقه : أهو عشق على الحقيقة موجه نحو الذات الأولى والجمال المطلق بوساطة المعشوق أو لا. لقد كان الرومي عاشقاً على الحقيقة من الطراز الأول لم تعرف الإنسانية في تاريخها شبيهاً به، ولا يمكن أن يشك في هذا كل من قرأ مثنويه، على الأقل. " أيها الحبيب.. منذ أن دخلت قلبي تحطمت الأصنام فيه ولم يعد مسكناً لغيرك. وعندما يولي الناس وجوههم شطر البيت العتيق فإنني أولي وجهي شطر قلبي لأنك فيه " المصادر والمراجع : - المثنوي جلال الدين الرومي ترجمة . د. ابراهيم الدسوقي شتا القاهرة 1997. - جلال الدين الرومي والتصوف ايفادى فيتراى – ميروفيتش تر . د. عيسى العاكوب – طهران 1421 - الشمس المنتصرة دراسة آثار جلال الدين الرومي د. أنيماري شيمل تر / د. عيسى العاكوب- طهران 1421 | |
|