«وصل الناشئ والشادى في العقائد»
تابع مقدمة الكتاب كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
قال الشادى اجتمع أربعة نفر من العلماء في قبة أرين تحت خط الاستواء الواحد مغربي والثاني مشرقي والثالث شامي والرابع يمني.
فتجاروا في العلوم والفرق بين الأسماء والرسوم.
فقال كل واحد منهم لصاحبه لا خير في علم لا يعطي صاحبه سعادة الأبد ولا يقدس حامله عن تأثير الأمد فلنبحث في هذه العلوم التي بين أيدينا عن العلم الذي هو أعز ما يطلب وأفضل ما يكتسب وأسنى ما يدخر وأعظم ما به يفتخر.
فقال المغربي عندي من هذا العلم العلم بالحامل القائم
وقال المشرقي عندي منه العلم بالحامل المحمول اللازم
وقال الشامي عندي من هذا العلم علم الإبداع والتركيب
وقال اليمني عندي من هذا العلم علم التلخيص والترتيب
ثم قالوا ليظهر كل واحد منا ما وعاه وليكشف عن حقيقة ما ادعاه.
«الفصل الأول في معرفة الحامل القائم باللسان الغربي»
قام الإمام المغربي وقال لي التقدم من أجل مرتبة علمي فالحكم في الأوليات حكمي فقال له الحاضرون تكلم وأوجز وكن البليغ المعجز
[باب: الحادث له سبب]
فقال اعلموا أنه ما لم يكن ثم كان واستوت في حقه الأزمان أن المكون يلزمه في الآن
[باب: حكم ما لا يخلو عن الحوادث]
ثم قال كل ما لا يستغني عن أمر ما فحكمه حكم ذلك الأمر ولكن إذا كان من عالم الخلق والأمر فليصرف الطالب النظر إليه وليعول الباحث عليه
[باب: البقاء وعدم القديم]
ثم قال من كان الوجود يلزمه فإنه يستحيل عدمه والكائن ولم يكن يستحيل قدمه ولو لم يستحل عليه العدم لصحبة المقابل في القدم فإن كان المقابل لم يكن فالعجز في المقابل مستكن وإن كان كان يستحيل على هذا الآخر كان ومحال أن يزول بذاته لصحة الشرط وإحكام الربط
[باب: الكمون والظهور]
ثم قال وكل ما ظهر عينه ولم يوجب حكما فكونه ظاهرا محال فإنه لا يفيد علما
[باب: إبطال انتقال العرض وعدمه لنفسه]
ثم قال ومن المحال عليه تعمير المواطن لأن رحلته في الزمن الثاني من زمان وجوده لنفسه وليس بقاطن ولو جاز أن ينتقل لقام بنفسه واستغنى عن المحل ولا يعدمه ضد لاتصافه بالفقد ولا الفاعل فإن قولك فعل لا شيء لا يقول به عاقل
[باب: إبطال حوادث لا أول لها]
ثم قال من توقف وجوده على فناء شيء فلا وجود له حتى يفنى فإن وجد فقد فنى ذلك الشيء المتوقف عليه وحصل المعنى من تقدمه شيء فقد انحصر دونه وتقيد ولزمه هذا الوصف ولو تأبد فقد ثبت العين بلامين
[باب: القدم]
ثم قال ولو كان حكم المسند إليه حكم المسند لما تناهي العدد ولا صح وجود من وجد
[باب: ليس بجوهر]
ثم قال ولو كان ما أثبتناه يخلى ويملي لكان يبلى ولا يبلى
[باب: ليس بجسم]
ثم قال ولو كان يقبل التركيب لتحلل أو التأليف اضمحل وإذا وقع التماثل سقط التفاضل
[باب: ليس بعرض]
ثم قال ولو كان يستدعي وجوده سواه ليقوم به لم يكن ذلك السوي مستندا إليه وقد صح إليه استناده فباطل أن يتوفق عليه وجوده وقد قيده إيجاده ثم إنه وصف الوصف محال فلا سبيل إلى هذا العقد بحال
[باب: نفي الجهات]
ثم قال الكرة وإن كانت فانية فليست ذات ناحية إذا كانت الجهات إلي فحكمها علي وأنا منها خارج عنها وقد كان ولا أنا ففيم التشغيب والعناء
[باب: الاستواء]
ثم قال كل من استوطن موطنا جازت عنه رحلته وثبتت نقلته من حاذى بذاته شيئا فإن التثليث يحده ويقدره وهذا يناقض ما كان العقل من قبل يقرره
[باب: الاحدية]
ثم قال لو كان لا يوجد شيء إلا عن مستقلين اتفاقا واختلافا لما رأينا في الوجود افتراقا وائتلافا والمقدر حكمه حكم الواقع فاذن التقدير هنا للمنازع ليس بنافع
[باب: في الرؤية]
ثم قال إذا وجد الشيء في عينه جاز أن يراه ذو العين بعينه المقيدة بوجهه الظاهر وجفنة وما ثم علة توجب الرؤية في مذهب أكثر الأشعرية إلا الوجود بالبنية وغير البنية ولا بد من البنية ولو كانت الرؤية تؤثر في المرئي لأحلناها فقد بانت المطالب بأدلتها كما ذكرناها ثم صلى وسلم بعد ما حمد وقعد فشكره الحاضرون على إيجازه في العبارة واستيفائه المعاني في دقيق الإشارة.
«الفصل الثاني في معرفة الحامل المحمول اللازم باللسان المشرقي»
[باب: القدرة]
ثم قام المشرقي وقال تكوين الشيء من الشيء ميل وتكوينه لا من شيء اقتدار الأزل ومن لم يمتنع عنك فقدرتك نافذة فيه ولم تزل
[باب: العلم]
ثم قال إيجاد أحكام في محكم يثبت بحكمه وجود علم المحكم
[باب: الحياة]
ثم قال والحياة في العالم شرط لازم ووصف قائم
[باب: الإرادة]
ثم قال الشيء إذا قبل التقدم والمناص فلا بد من مخصص لوقوع الاختصاص وهذا هو عين الإرادة في حكم العقل والعادة
[باب: الإرادة الحادثة]
ثم قال ولو أراد المريد بما لم يكن لكان ما لم يكن مرادا بما لم يكن
[باب: إرادة لا في محل]
ثم قال من المحال أن توجب المعاني أحكامها في غير من قامت به فانتبه
[باب: الكلام]
ثم قال من تحدث في نفسه بما مضى فذلك الحديث ليس بإرادة به حكم الدليل على الكلام وقضى
[باب: قدم العلم]
ثم قال القديم لا يقبل الطارئ فلا تمار ولو أحدث في نفسه ما ليس منها لكان بعدم تلك الصفة ناقصا عنها ومن ثبت كماله بالعقل.
والنص فلا ينسب إليه النقص
[باب: السمع والبصر]
ثم قال لو لم يبصرك ولم يسمعك لجهل كثيرا منك ونسبة الجهل إليه محال فلا سبيل إلى نفي هاتين الصفتين عنه بحال ومن ارتكب القول بنفيهما ارتكب مخوفا لما يؤدي إلى كونه مئوفا
[باب: إثبات الصفات]
ثم قال من ضرورة الحكم أن يوجبه معنى كما من ضرورة المعنى الذي لا يقوم بنفسه استدعاء مغني فيا أيها المجادل كم ذا تتعنى ما ذاك إلا لخوفك من العدد .
وهذا لا يبطل حقيقة الواحد والأحد ولو علمت إن العدد هو الأحد ما شرعت في منازعة أحد فهذا قد أبنت عن الحامل المحمول العارض واللازم في تقاسيم هذه المعالم ثم قعد.
«الفصل الثالث في معرفة الإبداع والتركيب باللسان الشامي»
[باب: العالم خلق الله]
ثم قام الشامي وقال إذا تماثلت المحدثات وكان تعلق القدرة بها لمجرد الذات فبأي دليل يخرج منها بعض الممكنات
[باب: الكسب]
ثم قال لما كانت الإرادة تتعلق بمرادها حقيقة ولم تكن القدرة الحادثة مثلها لاختلال في الطريقة فذلك هو الكسب فكسب العبد وقدر الرب وتبيين ذلك بالحركة الاختيارية والرعدة الاضطرارية
[باب: الكسب مراد الله]
ثم قال القدرة من شرطها الإيجاد إذا ساعدها العلم والإرادة فإياك والعادة كل ما أدى إلى نقص الألوهة فهو مردود ومن جعل في الوجود الحادث ما ليس بمراد لله فهو من المعرفة مطرود وباب التوحيد في وجهه مسدود وقد يراد الأمر ولا يراد المأمور به وهو الصحيح وهذا غاية التصريح
[باب: لا يجب خلق العالم]
ثم قال من أوجب على الله أمرا فقد أوجب عليه حد الواجب وذلك على الله محال في صحيح المذاهب ومن قال بالوجوب لسبق العلم فقد خرج عن الحكم المعروف عند العلماء في الواجب وهو صحيح الحكم
[باب: تكليف ما لا يطاق]
ثم قال تكليف ما لا يطاق جائز عقلا وقد عاينا ذلك مشاهدة ونقلا
[باب: إيلام البريء ليس بظلم في حق الله]
ثم قال من لم يخرج شيء على الحقيقة عن ملكه فلا يتصف بالجور والظلم فيما يجريه من حكمه في ملكه
[باب: الحسن والقبح]
ثم قال من هو مختار فلا يجب عليه رعاية الأصلح وقد ثبت ذلك وصح التقبيح والتحسين بالشرع والغرض ومن قال إن الحسن والقبح لذات الحسن والقبيح فهو صاحب جهل عرض
[باب: وجوب معرفة الله]
ثم قال إذا كان وجوب معرفة الله وغير ذلك من شرطه ارتباط الضرر بتركه في المستقبل فلا يصح الوجوب بالعقل لأنه لا يعقل
[باب: بعثة الرسل]
ثم قال إذا كان العقل يستقل بنفسه في أمر وفي أمر لا يستقل فلا بد من موصل إليه مستقل فلم تستحل بعثة الرسل وأنهم أعلم الخلق بالغايات والسبل
[باب: إثبات رسالة رسول بعينه]
ثم قال لو جاز أن يجيء الكاذب بما جاء به الصادق لانقلبت الحقائق ولتبدلت القدرة بالعجز ولاستند الكذب إلى حضرة العز وهذا كله محال وغاية الضلال بما ثبت الواحد الأول يثبت الثاني في جميع الوجوه والمعاني.
«الفصل الرابع في معرفة التخليص والترتيب باللسان اليمني»
[باب: الاعادة]
ثم قام اليمني وقال من أفسد شيئا بعد ما أنشأه جاز أن يعيده كما بدأه
[باب: سؤال القبر وعذابه]
ثم قال إذا قامت اللطيفة الروحانية بجزء ما من الإنسان فقد صح عليه اسم الحيوان النائم يرى ما لا يراه اليقظان وهو إلى جانبه لاختلاف مذاهبه من قامت به الحياة جازت عليه اللذة والألم فما لك لا تلتزم
[باب: الميزان]
ثم قال البدل من الشيء يقوم مقامه ويوجب له أحكامه
[باب: الصراط]
ثم قال من قدر على إمساك الطير في الهواء وهي أجسام قدر على إمساك جميع الأجرام
[باب: خلق الجنة والنار]
ثم قال قد كملت النشأة واجتمعت أطراف الدائرة قبل حلول الدائرة
[باب: وجوب الامامة]
ثم قال إقامة الدين هو المطلوب ولا يصح إلا بالأمان فاتخاذ الإمام واجب في كل زمان
[باب: شروط الامامة]
ثم قال إذا تكاملت الشرائط صح العقد ولزم العالم الوفاء بالعهد وهي الذكورية والبلوغ والعقل والعلم والحرية والورع والنجدة والكفاية ونسب قريش وسلامة حاسة السمع والبصر وبهذا قال بعض أهل العلم والنظر
[باب: إذا تعارض إمامان]
ثم قال إذا تعارض إمامان فالعقد للاكثر اتباعه .
وإذا تعذر خلع إمام ناقص لتحقق وقوع فساد شامل فإبقاء العقد له واجب ولا يجوز إرداعه.
قال الشادى فوفى كل واحد من الأربعة ما اشترط وانتظم الوجود وارتبط