الفقرة السادسة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة السادسة: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ أو باسم تنزيه. والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال. وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإنما أريد بالسؤال التلفظ به، فإنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد.
كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إلا في اللفظ، و أما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال.
فالذي يبعثك على حمد الله هو المقيد لك باسم فعل أو باسم تنزيه.
و الاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه و يشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال.
و إنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن الله فيهم سابقة قضاء.
(وأما القسم الثاني) من قسمي العطايا والمنح الظاهرة في الكون على حسب ما سبق ذكره (وهو)، أي هذا القسم الثاني (قولنا ومنها)، أي من العطايا والمنح (ما لا يكون)، أي يوجد (عن سؤال) أصلا (فالذي لا يكون صادرا عن سؤال) من العبد (فإنما أريد بالسؤال التلفظ) من السائل (به) بأن يسأل بلسانه أمرا من الأمور وإلا (فإنه في نفس الأمر لا بد من سؤال) يصدر من العبد حتى تحصل الإجابة ، وذلك السؤال المطلق (إما باللفظ) وهو معلوم (أو بالحال) بأن يكون لسان حاله سائلا ذلك الشيء كالنبات إذا قل عنه الماء، فإن لسان حاله طالب للماء.
قال الأعرابي:
صوح النبت فاسقه نهلة من سحائبك … وأغثنا فإننا في ترجي مواهبك
(أو بالاستعداد) بأن تهيأ للإجابة بحسب العادة، كالحبة إذا دفنت تحت الأرض فإنها مستعدة للإنبات لخروج السنبلة منها، والنواة كذلك مستعدة للإنبات لخروج النخلة منها، فهي سائلة بلسان استعدادها و مجلوبة من الله تعالى فيما سألت .
واعلم أن الله تعالي غني عن العالمين، ومن غناه عنهم كانت عطاياه لا بد لها من سابقة السؤال من الغير، فيعطي الماهيات المعلومة التي هي ليست بأشياء وجودة بسبب سؤالها ذلك منه باستعداد حالها.
حتى لو لم تستعد للموجود ولم تسأله ذلك باستعدادها له لم يعطيها وجودها وبعد وجودها، متى استعدت لحالة فقد سألت منه تلك الحالة باستعدادها لها فيعطيها ذلك أو بلسان حالها أو بلسان قالها . سواء كانت تلك الحالة خيرا لها أو شرا.
فإن الله تعالى يعطيها ذلك على حسب سؤالها، ولهذا جاءت نسبة الشرع جميع ما يصدر من المكلف إليه نسبة حقيقية.
لأنه وإن لم يفعل ذلك حقيقة فقد فعله الله تعالى له بطلبه هو لذلك استعدادا أو حالا أو قالا.
كما أوجده الله تعالى على هذه الكيفية، وهذه الصورة والحالة التي هو فيها بطلبه ذلك من الله تعالى طلبا استعداديا.
فأعطاه الله تعالى ذلك له على حسب طلبه، وإن كان استعداده ذلك بوضع الله تعالى على مقتضى ما سبقت به الإرادة القديمة وإلى الله ترجع الأمور.
فهو الذي أفقر إليه كل شيء وهو الذي أغنى بعطائه ?ل شيء.
(?ما)، أي مثل ما سبق من كون العطايا لا بد لها من سؤال (أنه)، أي الشأن (لا يصح حمد) الله تعالى (مطلق) عن قيود الأسباب ليس في مقابلة سبب داعی إليه (قط إلا في اللفظ) .
فنقول: الحمد لله وأنت نافي جميع الأغراض لك عن هذا الحمد، فالحمد المطلق عن ذلك إنما هو في لفظك فقط.
وإذا تأملت في معنى ذلك وجدت الحامل لك عليه استحقاق الله تعالى الحمد لا في مقابلة لشيء مطلقا، بل استحقاق ذاتي لأنه الكامل المطلق، فقد حملك عليه التنزيه الذي قام عندك لله سبحانه وتعالى، والتنزيه قيد فلم يخلو الحمد من قيد كما قال.
(وأما في المعنی) باعتبار قصد الحامد (فلا بد أن يقيده الحال) الذي هو قائم بالحامد وإن لم يشعر به الحامد (فالذي يبعثك) أيها الحامد (على حمد الله ) تعالى في كل حمد صدر منك.
(هو المقيد لك باسم فعل) من أفعال الله تعالى ?الرزاق، والمعطي، والفاتح، والراحم، واللطيف، والحافظ ونحو ذلك.
فإذا فعل الله تعالی معك فعلا يلائمك أو لا يلائمك فحمدته على السراء والضراء فقد تقيد حمدك بالاسم المأخوذ من ذلك الفعل لله تعالى (أو باسم تنزيه) لله تعالی ?الواحد والأحد والقديم الذي لم يتخذ ولدا ولا شريك في الملك ونحو ذلك.
فإذا نزهت الله تعالى بمقتضى اسم من هذه الأسماء ثم حمدته أثر ذلك فقد تقيد حمدك به فليس حمدا مطلقا إلا في لفظك فقط دون المعنى.
وكذلك العطايا الإلهية لا بد لها من سؤال يصدر من العبد سابق عليها ، فإذا كانت من غير سؤال فهى من غير سؤال ملفوظ به، وإلا فلا بد لها من سؤال ولو بالحال أو بالاستعداد على ما بيناه.
والغنى عز وجل أعظم من أن يلتفت إلى إيجاد شيء أو إمداده من غير افتقار وسؤال وطلب من ذلك الشيء و "الله غني عن العلمين"97 سورة آل عمران.
(والاستعداد) الذي هو أخفى سؤال صادر (من العبد)، أي عبد كان (لا) يمكن أن يشعر به صاحبه من قبل نفسه لكونه خفيا، وإنما يكشف الله له عنه إن كان من أهل الإلهام والفيض كما ذكرناه فيما مر (و) يمكن أن (يشعر بالحال) الذي هو سؤال صادر منه (لأنه)، أي العبد (یعلم الباعث)، أي السؤال الذي في خلقته مقتضية لإجابته (وهو)، أي الباعث المذكور (الحال) القائم به في نفسه أو في بدنه (فالاستعداد) حينئذ (أخفي سؤال) يصدر من العبد للرب بما يقتضيه ذلك العبد مما هو مستعد له وليس هو حالة قائمة بالعبد حتى يمكن أن يشعر بها من نفسه وإنما هو مناسبة خفية جعلها الله تعالى في ذلك العبد لشيء آخر خفي في غيب السموات والأرض.
(وإنما) السبب الذي (يمنع هؤلاء)، أي أهل هذا القسم الذين عطاياهم من سؤال صدر منهم فيها (من السؤال) ويحملهم على تر?ه (علمهم بأن الله) تعالى "حكمة الله وقدره سر ساري" (فيهم) من الأزل (سابقة قضاء)، أي حكم وتقدير بما أراد سبحانه وتعالى أن يصيبهم من العطايا والمنح وما قضاه الله تعالى وقدره لا بد أن يكون سواء سأل العبد أو لم يسأل.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ أو باسم تنزيه.
والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال. وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء.)
قال رضي الله عنه : (وأما القسم الثاني وهو قولنا ومنها ما لا يكون عن سؤال) (فإنما أريد بالسؤال اللفظة به) أي التلفظ به (فإنه) أي الشأن (في نفس الأمر) أي في الواقع (لا بد) لكل وارد (من) وجود (سؤال إما باللفظ) كما بين.
(او بالحال أو بالاستعداد كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إلا في اللفظ وأما في المعنى فلا بد أن يقيده) أي الحمد (الحال فالذي يبعثك على حمد الله هو المفيد لك باسم فعل) ?حمدك على الله بالوهاب والرزاق ( أو باسم تنزیه) مثل سبوح قدوس. فإن قلت قد ثبت من قبل أن معرفة الاستعداد حاصل لصاحبه وقوله : (والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه) ينافي ذلك قلت: إن الشعور يستعمل في المحسوس المشاهد من غير توقف علمه على شيء آخر والاستعداد ليس كذلك بل توقف على الاطلاع بالأعيان الثابتة في علم الله تعالی فمعنى قوله : لا يشعر به صاحبه لا يعلمه بالشعور وإن كان يعلم بوجه آخر الشعور نوع من أنواع العلم وهو العلم بالحس فإن الشعور يتعلق بأجل المعلومات والاستعداد من أغمض المعلومات وأخفاها فلا يمكن تعلق العلم من حيث الشعور إليه بخلاف الحال فإنه أجل المعلومات لذلك قال : (ويشعر بالحال) أي وصاحب الحال يشعر بحاله (لأنه) أي صاحب الحال (یعلم الباعث) على السؤال بالحال بالبداهة وليس ذلك الباعث إلا (وهو الحال فإذا كان لا يشعر العبد استعداده (فالاستعداد) أي فسؤال الاستعداد (أخفى سؤال) لا يطلع عليه إلا من اطلع بعالم الأسماء والأعيان الثابتة.
فإن السؤال بلسان الاستعداد ما هو إلا سؤال الأسماء ظهور ?مالاتها وسؤال الأعيان وجوداتها فكان هنا صنف من أهل الحضور لا يسألون باللفظ .
ويرجع قوله : (وإنما يمنع هؤلاء من السؤال) أي المذكور ح?ما لأنه لما قال : ومنها ما لا يكون عن سؤال فقد ذكر حكمة غير السائلين وإنما منع غير السائلين عن السؤال اللفظي (وعلمهم بأن الله فيهم) أي في حقهم (سابقة قضاء) أي حكمة سابقة عليهم في علمه الأزلي.
فلا بد أن يصل إليهم هذا الحكم السابق عليهم فهم بذلك قد خلصوا عن قيد الطلب والامتثال وحجابه
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ أو باسم تنزيه.
والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال. وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء.)
قوله رضي الله عنه : "وأما القسم الثاني وهو قولنا: ومنها ما لا يكون عن سؤال فالذي لا يكون عن سؤال، فإنما أريد بالسؤال التلفظ به، فإنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد الله هو المقيد لك باسم فعل أو باسم تنزيه."
قلت: يعني أن السؤال إن كان باللفظ فظاهر وإن لم يكن باللفظ، فبالحال وذلك لأن الإنسان بل الأشياء كلها لا بد من افتقارها إلى أمر ما، فحالها ذلك يستدعي باستعداده ويسأل وهو أقوى من لسان المقال وكذلك الاستعداد هو سؤال وهو أقوى في الإجابة من سؤال الحال، فإن الحال إذا سأل ولا يكون هناك استعداد للإجابة فلا تحصل إجابة أصلا.
قوله: "كما أنه لا يصح حمد، إلى قوله: باسم تنزيه."
قلت: المراد بالحمد هنا هو حمد الله تعالى فإن المخلوق إذا أصبته محمودا فحمدته، فالمقتضي لحمده هو حال المحمود وأما حمدنا الله تعالى، فإنا متی أطلقنا لفظتي الحمد لله، فلا بد أن يكون عندنا مقتضى ذلك الحمد ويكون أمرا مقيدا.
فإن من أكل مثلا فشبع، فقال الحمد لله، فإنما أراد الحمد الذي هو بمعنی الشكر، فالحمد مقيد بمعنی الشكر.
إذا كان الشكر إنما يكون في مقابلة إحسان، وأيضا فما حمد الله إلا من حضرة الاسم الرازق، فإنه هو الذي رزقه ذلك الطعام وإذا كان حمده له من مرتبة الاسم الرازق يستحيل أن يكون ذلك الحمد بعينه من حضرة الاسم المانع.
وأما من لقي مثلا مخوفا فنجا منه، فقال: الحمد لله، فإنما حمده تعالى من مرتبة اسم الواقي، تبارك وتعالى، لا من حضرة الاسم المنتقم.
وكذلك كل حمد يصدر من العبد لربه، تبارك وتعالى، فلا بد وأن يكون مقيدا في نفس الأمر وإن أطلق اللفظ به ولم يقيده، فإن الحال قد قيده.
وأما قوله: باسم فعل، فمثل الرازق والمعطي والمنعم وبالجملة كل مصدر يمكن أن يشتق منه فعل ، فاسم الفاعل المشتق من ذلك المصدر " هو عنده اسم فعل
وأما قوله: اسم تنزيه، فمثل ما إذا هداه الله تعالى إلى معرفة أن الله تعالی لا يتصف بصفات خلقه فقال وهو فرح بتلك الهداية: "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي" (الأعراف: 43).
فإنما أشار بالحمد إلى اسمه السبوح القدوس، إذ ?لاهما من أسماء التنزيه وكان الاسم الهادي موصلا لحضرة التنزيه وله نصيب من هذا الحمد أيضا.
و قوله رضي الله عنه : "والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال، فالاستعداد أخفى سؤال وإنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن الله فيهم سابقة قضاء. "
فهم قد هيئوا محلهم لقبول ما يرد منه وقد غابوا عن نفوسهم وأغراضهم
قلت: يعني أن الشعور بالاستعداد يتعذر على الضعفاء وعلى الأكثرين غالبا وأما الحال، فللعبد به شعور لأنه" يشعر بما بعثه على الحمد إذ لا يحمد عبثا بل لا بد أن يكون عنده معلوما ما بعثه على الحمد. وباقي الكلام واضح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ أو باسم تنزيه.
والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال. وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : " وأمّا القسم الثاني وهو قولنا : « ومنها ما لا يكون عن سؤال » فالذي لا يكون عن سؤال فإنّما أريد بالسؤال التلفّظ به ، فإنّه في نفس الأمر لا بدّ من سؤال إمّا باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد ، كما أنّه لا يصحّ حمد مطلق قطَّ إلَّا في اللفظ ، وأمّا في المعنى فلا بدّ أن يقيّده الحال ، فالذي يبعثك على حمد الله هو المقيّد لك باسم فعل أو باسم تنزيه . والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ، ويشعر بالحال لأنّه يعلم الباعث وهو الحال " .
يريد : أنّ عطاء الله لمّا كان فيضا ذاتيا دائميا لا انقطاع له ، ولكن حصوله لأحد ووصوله بالحال من يد أحد إذ وغير ذلك إنّما هو بسؤال لسان الاستعداد .
أو بلسان الحال وإن لم يسأل يعني لفظا لأنّ السؤال بلسان الاستعداد.
والحال والمرتبة والذات غير دائم الوقوع ، ولهذا تتأخّر الإجابة ، فإذا وافق لسان القول لسان الاستعداد ، سرعت الإجابة ، ولذلك تحصل الأعطيات والمسؤولات بلا سؤال لفظي ، فيظنّ أنّه ليس عن سؤال أصلا ، وليس ذلك كذلك ، فتذكَّر .
فالسؤال الذاتي هو أنّ الذوات في ذاتياتها سائلة من الله ، وقابلة منه قيامها بذاته وبقاؤها منه .
وأمّا سؤالات ألسنة الاستعدادات فكالذي تتكامل أهليّته وقابليّته لحصول أمر من الله وفيض ، فإنّ ذلك لا يتأخّر أصلا .
وسؤال المرتبة كالنبوّة تسأل من الله بما به وفيه قيامها وقوامها من النبيّ الذي بوجوده دوامها .
وأمّا سؤال لسان الحال فكالجائع يطلب بجوعه الشبع والعطشان يطلب بعطشه الريّ .
وكما أنّ الحمد المطلق غير واقع لتقييد حال الحامد ووصفه ومقامه له حال الحمد
وإن أطلق لفظا ، فكذلك العطاء بلا سؤال غير واقع ، فإن لم يكن سؤال لفظي ، ووقعت الإجابة ، ووصلت الصلات والهبات ، وشملت الرحمة والبركة ، فاعلم أنّ الألسنة المذكورة هي التي استدعتها واقتضتها .
ولكنّ الاستعداد لا يشعر به صاحبه ، لغموضه ، ويشعر بالحال ، لكون الحال باعثا له على الطلب والسؤال ، فيعلم أنّ لسان حاله هو الباعث له على السؤال باللسان ، فافهم .
قال رضي الله عنه : " والاستعداد أخفى سؤال " .
يعني رضي الله عنه : لهذا لا يشعر به صاحبه ، لخفائه وكونه موقوفا على علم القدر المعلوم لأهل الكشف من العلم الإلهي القائم بالحق ، وهو أصعب العلوم وأعزّها منالا ، وأعلاها مثالا ، وأنفعها مآلا ، وأرفعها مقاما وحالا .
قال رضي الله عنه : " وإنّما يمنع هؤلاء " يعني الذين لا يسألون :" عن السؤال علمهم بأنّ لله فيهم سابقة قضاء ، فهم قد هيّأوا محلَّهم لقبول ما يرد منه ، وقد غابوا عن نفوسهم وأغراضهم " .
يعني : أوجب عليهم علمهم وتحقّقهم بأنّه لا بدّ من وقوع ما قدّر الله لهم وعليهم بلا تخلَّف بموجب علمه .
ومن العلماء بسابق علم الله وقضائه وقدره بجميع ما يجري عليهم صنف هم أكشفهم شهودا وأكملهم علما ووجودا بأنّ جميع أحواله وأفعاله وما يصل إليه من العطايا والمواهب الإلهية.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ أو باسم تنزيه.
والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال. وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء. )
قال رضي الله عنه : " وأما القسم الثاني : وهو قولنا ومنها ما لا يكون عن سؤال ، فالذي لا يكون عن سؤال فإنما أريد بالسؤال التلفظ به فإنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد ، كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إلا في اللفظ وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال فالذي يبعثك على حمد الله هو المقيد لك باسم فعل أو باسم تنزيه ، والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال ، فالاستعداد أخفى سؤال".
وأما القسم الثاني : هو الذي لا يكون عن سؤال ، ومنه تبين أن الأصناف الثلاثة كلها من القسم الأول كما ذكر ، وقد صرح بأن المراد بالسؤال في الأقسام كلها هو السؤال اللفظي.
فإنه على ثلاثة أقسام : لفظى كما مر - وحالى - واستعدادى
ولا بد في العطاء من سؤال الاستعداد ولا يتخلف عنه العطاء ، لأنه مقتضى الاستعداد في نفس الأمر ، أي ما قدر له حال عينه الثابتة قبل الوجود .
وأما الحال فهو الباعث على الطلب وهو أيضا من الاستعداد ، فلو لم يكن في الاستعداد الطلب لم تحصل الداعية .
ولكن لا يقتضي حصول المطلوب حال الطلب وإن اقتضاه في الجملة ، ثم شبه تقيد العطاء بالسؤال بتقيد الحمد بالسؤال .
فإن الحمد لا يكون مطلقا إلا في اللفظ كقولك الحمد لله .
وأما في المعنى فلا بد لك من باعث يبعثك على الحمد ، كما تتصور صحتك وسلامة بيتك فتحمد مطلقا .
وأنت تعلم أنت تحمده على حفظه إياك وخلقه لك بريئا من العاهات .
فقد قيد حمدك الباعث الذي هو تصور معنى صحتك وخلقتك السليمة ، باسم الباري الحافظ وهما اسما الفعل .
وكما تدرك ديموميته تعالى فتحمده ، فقد قيد الحال حمدك بالاسم الذي لم يزل ولا يزال وهو اسم تنزيه .
فكذلك العطاء فقد تستشرف نفسك إلى شيء فيرزقك ربك فذلك الاستشراف ، والطلب في النفس هو السؤال الحالي.
وقد يصل إليك العطايا من غير شعور منك به ولا استشراف في النفس ، كمن تصادف كنزا بغتة فذلك منى اقتضاء استعدادك.
ولذلك قال والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال ، والاستعداد أخفى سؤال وهو المشار إليه بقوله : " يَعْلَمُ السِّرَّ وأَخْفى ".
فإن الحال لا يعلمه غير صاحبه إلا الله ، والاستعداد هو الأخفى الذي لا يعلمه صاحبه أيضا فهو من غيب الغيوب ، الذي لا يعلمه إلا الله .
قوله: " وإنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن لله فيهم سابقة قضاء" ظاهر وهم أهل الرضا المريدون بإرادة الله ، لا يريدون إلا ما أراد الله .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ أو باسم تنزيه.
والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال. وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء. )
قال رضي الله عنه : "وأما القسم الثاني وهو قولنا: ومنها ما لا يكون عن سؤال، فالذي لا يكون عن سؤال، فإنما أريد بالسؤال التلفظ به، فإنه في نفس الأمر لا بد من سؤال، إما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد".
القسم الثاني وهو السؤال بلسان الحال والاستعداد، والأول كقيام الفقير بين يدي الغنى لطلب الدنيا، وسؤال الحيوان ما يحتاج إليه. لذلك قيل لسان الحال أفصح من لسان القال. وقال الشاعر:
وفي النفس حاجات وفيك فطانة ..... سكوتي بيان عندكم وخطاب
والسؤال بلسان الاستعداد، كسؤال الأسماء الإلهية ظهور كمالاتها و
سؤال الأعيان الثابتة وجوداتها الخارجية. ولو لا ذلك السؤال، ما كان يوجدموجود قط، لأن ذاته تعالى غنية عن العالمين.
قال رضي الله عنه : "كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد الله هو المقيد لك باسم فعل أو باسم تنزيه". أي، لا بدفي نفس الأمر من سؤال، وذلك السؤال لا يصح أن يكون مطلقا إلا في اللفظ، ﻛﻤﺎﻻ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺇﻻ ﻓﻴﻪ.
ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻳﻘﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺹ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻘﻴﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ.
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺑﺄﻥ ﻳﺘﻘﻴﺪ ﻭﻳﺤﻤﺪ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﺎﺳﻢ ﻓﻌﻞ ﻙ "ﺍﻟﻤﻌﻄﻰ" ﻭ "ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ" ﻭ "ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ"، ﺃﻭ ﺑﺎﺳﻢ ﺻﻔﺔ ﺗﻨﺰﻳﻬﻴﺔ ﻙ "ﺍﻟﻘﺪﻭﺱ" ﻭ "ﺍﻟﻐﻨﻰ" ﻭ "ﺍﻟﺼﻤﺪ"، ﺃﻭ ﺑﺎﺳﻢ ﺻﻔﺔ ﺇﺿﺎﻓﻴﺔ ﻙ "ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ" ﻭ "ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ" ﻭ "ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ"، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ، ﻟﻴﻘﻴﺪﻫﺎ ﺑﺄﺯﻣﻨﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ.
ﻭﺍﻋﻠﻢ، ﺃﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ "ﺍﻟﺤﻤﺪ"، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻫﻲ، ﻻ ﻟﺴﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﺣﻜﻢ، ﻭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻃﻼﻗﻬﺎ ﻭﻋﻤﻮﻣﻬﺎ، ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺤﻤﻮﺩﺓ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺒﺴﺎﻃﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ.
ﻭﻟﺴﺎﻧﻬﺎ ﻗﻮﻟﻨﺎ: "ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ". ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻴﺪﻫﺎ ﺑﺤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻘﻴﺪ ﺑﺎﺳﻢ ﻓﻌﻞ ﺃﻭ ﺻﻔﺔ ﺃﻭ ﺗﻨﺰﻳﻪ. "
ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺬﻟﻚ.
قال رضي الله عنه : "ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺎﻝ، ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ. ﻓﺎﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺃﺧﻔﻰ ﺳﺆﺍﻝ".
ﺃﻱ، ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﺍﻟﺠﺰﺋﻲ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﻟﻔﻴﻀﺎﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﺟﺰﺋﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺨﻔﺎﺋﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻜﻤﻞ، ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﻮﻥ ﻓﻴﻪ.
ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺤﺎﻟﻪ ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﻭﻣﻨﻪ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺃﻣﺮﺍ ﺧﻔﻴﺎ، ﻓﺴﺆﺍﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺧﻔﻰ ﻣﺜﻠﻪ. ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﺸﻌﻮﺭﺍ ﺑﻪ ﻟﻐﻴﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻛﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﺑﻔﻘﺮ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺝ.
ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻟﻼﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﺇﻻ ﻟﻠﻜﻤﻞ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻌﻴﻦ ﺑﺎﻷﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
قال رضي الله عنه : "ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻤﻨﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻗﻀﺎﺀ".
ﺃﻱ، ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﻥ ﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﻬﻢ ﺣﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ، ﻭﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺪﺭ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻝ، ﺍﺳﺘﺮﺍﺣﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻠﺐ، ﻭﻣﻨﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻳﺴﺄﻟﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﺍﺷﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﺘﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﻞ ﻋﻦ ﺩﺭﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻘﺎﺕ ﺑﺎﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﻭﻗﻄﻊ ﺍﻟﻌﻼﺋﻖ، ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﺮﺁﺓ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻃﺎﻫﺮﺓ ﻣﺠﻠﻮﺓ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭﻳﻘﺒﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻃﻬﺎﺭﺗﻪ ﻭﻻ ﻳﻨﺼﺒﻎ ﺑﺼﺒﻎ ﺍﻟﻤﺤﻞ، ﻓﻴﻔﻴﺪ ﻏﻴﺒﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻭﺃﻏﺮﺍﺿﻬﻢ، ﻓﻴﻔﻨﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻳﺒﻘﻮﺍ ﺑﺒﻘﺎﺋﻪ.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد. كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ أو باسم تنزيه.
والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. فالاستعداد أخفى سؤال. وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء. )
قال رضي الله عنه : "و أما القسم الثاني و هو قولنا: «و منها ما لا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإنما أريد بالسؤال التلفظ به، فإنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إما باللفظ أو بالحال أو بالاستعداد.
كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إلا في اللفظ، و أما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال.
فالذي يبعثك على حمد الله هو المقيد لك باسم فعل أو باسم تنزيه."
ثم أشار إلى دليل لتخصيص الأمر المطلق أقوى مما تقدم، وهو وجوب متابعته للنبي صلى الله عليه وسلم المأمور بمتابعة من تقدم من الأنبياء فيما لم ينسخ في شريعته الي بقوله: (فقد ابتلي أيوب وغيره، وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به)؛ لأن حالهم اقتضى أولا السكوت عنه؛ ليتحقق
منهم الصبر، (ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر) رفقا لما يتوهم من أنفسهم من إظهار التجلد في مقاومة القهر الإلهي (أن يسألوا رفع ذلك) البلاء، (فسألوا) عبودية لا عن عدم الصبر (فرفعه الله عنهم)، وإن كان في إبقاء ذلك البلاء زيادة في مراتبهم تحقيقا لوعد الإجابة عند الأمر بالدعاء.
ثم استشعر سؤالا بأنه تعالى أمر كل واحد بالدعاء، ووعدهم بالإجابة من غير شرط آخر، ومقتضاه إجابة كل واحد في كل دعاء، ونحن نرى أن دعوات البعض لا تستجاب أصلا، ودعوات البعض تستجاب تارة دون أخرى، فأشار إلى جوابه بأن كل من دعا الحق حاضر القلب صحيح المعرفة، فلا بد أن يستجاب دعاؤه بقوله تعالى: "لبيك عبدي".
وبإعطاء المسئول في وقته المقدر له فقال: (والتعجيل بالمسئول فيه) في حق بعض الأدعية (والابطاء) به في البعض الآخر (للقدر)، أي: الوقت (المعين له عند الله) فإن الحوادث مقدرة بأوقاتها.
والسؤال قد يقع عن الاستعجال الطبيعي قبل الوقت، ووعد الإجابة لم يقع على سبيل التعجيل بل في الجملة.
قال رضي الله عنه : (فإذا وافق السؤال الوقت) اتفاقا، أو لكون السائل واقفا من استعداده على القبول (أسرع بالإجابة) أي: بـ «لبيك» وبحصول المسئول فيه جميعا.
(وإذا تأخر الوقت) أي: وقت المسئول فيه عن وقت السؤال لوقوعه عن الاستعجال، (ما) كائنا ذلك الوقت (في الدنيا) بعد مدة مديدة، (وإما في الآخرة) إذا لم يكن للسائل استعداد القبول في أوقات الدنيا، وإنما ذكر ذلك؛ لأن بعض السائلين قد يموتون من غير حصول المسئول فيه فيتوهم أن النص منتقض به.
(تأخرت الإجابة) أي ، إجابة حصول (المسئول فيه) إلى ذلك الوقت في الدنيا، أو الأخرة.
(لا الإجابة التي هي: لبيك من الله) فإنها لا تتأخر عن وقت السؤال أصلا إذا صدر عن حاضر القلب صحيح المعرفة لما ورد في الحديث: "إن العبد إذا دعا ربه، يقول الله: لبيك عبدي".
وذلك لأن تأخيرها كالإعراض عن مثل ذلك العبد في وقت توجهه إليه (فافهم هذا) من وعد الإجابة في القرآن.
فإنها لا نهاية لشرفها بالقياس إلى إجابة حصول المسئول فيه مع أنها لا بد من حصولها، وإن تأخرت إلى الأخرة.
(وأما القسم الثاني، وهو قولنا: ومنها ما لا يكون عن سؤال) بينه لئلا يتوهم أنه ما يكون عن سؤال في غير معين، وقد أشار أولا إلى رفع هذا الوهم بعدم إعادة لفظة، ومنها هناك مع إعادتها في هذا القسم.
ولما كان ظاهره أنه لا سؤال شمة أصلا مع أنه لا بد منه؛ لتتحقق جهة القبول في القابل، كما لا بد من تحقق جهة الفعل في الفاعل.
وهو الاسم الإلهي قال: فالذي لا يكون عن سؤال ليس المراد به أنه لا يكون ثمة سؤال أصلا، كما أنه لا يراد بالعطاء الذاتي ما لا يكون بواسطة اسم الهي أصلا.
قال رضي الله عنه : (فإنما أريد بالسؤال) في قولنا، ومنها ما لا يكون عن سؤال (التلفظ به)، فهو المنفي دون سؤال الحال أو الاستعداد.
فإنه في نفس الأمر لا بد لكل عطاء (من سؤال إما باللفظ، أو بالحال، أو بالاستعداد) ضرورة أنه لو كان العطاء بدونه لوجب أن يحصل لكل شيء ما أمكن له في نظر العقل؛ لعموم الجود الإلهي: "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" [الملك: 3].
ثم استدل على ذلك بأن الله تعالى إنما فعل ما فعل لاستیجاب الحمد، وهو لا بد وأن يتقيد، فلو جاز العطاء من غير تقيد سؤال؛ لجاز الحمد من غير تقيد إذ هو مرتب عليه.
فقال: (كما أنه لا يصح حمد مطلق) غير مقيد باسم تنزيه أو اسم فعل (إلا في اللفظ) بأن يقول: الحمد لله فلا يصف اسم الله باسم آخر من أسماء التنزيه أو أسماء الأفعال، ولا يعلق الحمد بأحدهما.
""قال رضي الله عنه فى الفتوحات الباب 379 :اعلم أن الثناء على الله على نوعين مطلق ومقيد فالمطلق لا يكون إلا مع العجز مثل:
قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم "لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"
قال قائلهم:
[size=24